المقدمة
دقات الطبول تناغمت برتمها البطئ مع همهمات الراقصين حول النيران فى حلقات يمارسون طقوسهم الشيطانية التى مهما حاول العلماء فهمها ينتهى بهم الحال بحوادث بشعة .. إزداد إيقاع الطبول سرعة وحلقات الراقصين المزينين بالرسوم الغريبة وجلود الحيوانات يحفرون الرمال بأقدامهم فى ضربات متناسقة وكأنهم فطروا من أجل هذه الرقصة .. علت الأصوات بالترانيم الفودية أكثر لينقلب الحر ثقيعا موحشا .. وقفت بعيدا كاهنتهم تحمل فى يدها جمجمة شبيه بجماجم البشر لكن أصغر حجما وفي يدها الأخرى طفلة لا تكاد تتعدى الشهور من عمرها .. إزداد إيقاع الطبول قوة لترد عليه صيحات الغابة السوداء .. والنيران تزداد أشتعالا .. تتشكل فيها أرواح الأجداد الذين باعوا أرواحهم للفودو .
أقتربت الكاهنة بخطواتها الحثيثة وتمتمتها الغامضة .. لتتسع دائرة الراقصين صانعين الممر للكاهنة الأم .. ليسرع خادمها بأخذ الجمجمة منها وإعطائها نابا لأفعى.. إرتفع صوتها فاجأة فإنقلبت عينيها لحفرتين تسيل دمائا على وجنتيها وصوت تمتمتها يزداد وضوحا بطلاسم تنادى بها أطياف سكنت أشجارهم وأرواحهم لتسلمهم أضحيتها .. مزق ذلك الخادم الفستان الرقيق الذى كانت ترتديه الصغيرة .. لتبدأ الكاهنة رسم رموز إستدعاء أطيافها على جلد الصغيرة الرقيق ليعلو صياحها مع ترانيم القبيلة وتمتمات الكاهنة صابغا البدر بدماءٍ حمراء .. لتقذف فاجأة بالصغيرة فوق النيران.. وتصمت الطبول ويعم الظلام .. لا يضيئه إلا البدر الدموى .
(بعد 26 سنة )
- مـــهـــــــــــاب .. حقتلك يا سافل .
خرجت كلماتها العاصفة وهى تسرع إلى خزانة الأسلحة بغرفة مكتب جدها مخرجة منها بندقية الصيد لتعلو صرخاتها :
- نهايتك على إيدى النهاردة .
أسرع مهاب يقتحم خلوة الجد محتميا به كالعادة :
- جدى .. جدى إلحقنى زيزى إتجنت .
نظر الجد بملل لمهاب ليسأله السؤال المعتاد :
- عملتلها إيه المرادى ؟! .
وقبل أن يتفوه مهاب بكلمة .. كانت صوت الرصاص المنطلق من فوهة البندقية مخترقا المزهرية بجوار مهاب يصم الآذان مما جعله يختبئ خلف مقعد الجد صرخا :
- كفاية بقى يا زيزى .. مش كل يوم جنان وأنا عملت إيه يعنى .
- فيه إيه النهاردة يا إيزيس ؟!
تأفأفت إيزيس من ثقل البندقية لتتعالى نبرة صوتها بإنفعال :
- السافل .. قليل الأدب .. حاول .......حاول ......
تابع الجد كلامها بحرص .. ليلتفت للمختبئ خلف مقعده وعينيه تلتمع بنظرة نارية :
- حاولت إيه إنطق .
تسارعت الكلمات من فم مهاب مدافعا :
- والله ياجدى معملتش حاجة .
دارت إيزيس حول مقعد جدها مباغته مهاب من الخلف وأشهرت فوهه البندقية فى رأسه .. لتسرع يدا مهاب فى رفع فوهتها للأعلى .. لتنطلق رصاصة مخترقة السقف محدثة فجوة .. تأنس وحدة باقى الفجوات .. ليباغتها مهاب بضربة فى قدميها أفقدتها توازنها لتسقط أرضا وأتبعتها بضربه مماثلة له ليسقط هو أيضا أرضا يأن من الوجع لتهجم عليه .. ثانية ذراعيه خلف ظهره ووصدره للأرض ضاغطه عليه بكل قوتها .. كان الجد يتابع ما يراه بإستمتع فهذه إحدى الحلقات الأسبوعية لمسلسل مهاب وزيزى .. ليتعالى صوتها مرة أخرى :
- قول تانى أنك معمتلش حاجة .. أنا هعلمك الأدب .
- والله العظيم معملت حاجة .
أسرع مهاب يدافع عن نفسه .. لا يريد أن يعاملها بخشونة ولذلك يتركها تفعل ما تريد .. لكن بداخلها تعلم جيدا أنه ليس بالخصم الضعيف المستضعف .. لتقاطعة :
- متحلفش بربنا أنت .............
- أخرسوا أنتو الأتنين . علا صوت الجد قاطعا جدالهم الطفولى ثم ركز أنظاره على المستلقى على الأرض :
- وأنت يا زفت قولى حصل إيه ؟! لتتلوها نظرة تحذيرية لإيزيس ألا تقاطعه :
- والله يا جدى محصل حاجة .
رد الجد بعد أن أنتابه الملل :
- خلصنا من الجزء دا إلى بعده .
- حاضر يا جدى .. طلعت أنادى زيزى علشان نروح موقع الحفريات زى ما أتفقنا .. لقيت باب أوضتها مفتوح وبتعمل يوجا .. وقفت أكلمها منطقتش .. حاولت ألفت انتباها ولا كأنى موجود .. فقربت منها أوى يمكن تبعد ولا حاجة ولا حتى ضحكت .. فحاولت أقلد وقفتها .. فقدت توازنى لقيت نفسى فوقها على الأرض .. فالهانم صرخت قال إيه بحاول أبوسها دا إلى حصل .
وبحركة واحدة أنتفض جسد مهاب محررا ذراعية من يد إيزيس .. ليجلس بجوارها وعينيه تخاطبها بصدق :
- والله دا إلى حصل .. أنا مش هخون ثقتك يا جدى فيا أنك فاتحلى بيتك .. وبعدين زيزى دى زى واحد صاحبى .. حد يبوس واحد صاحبه .
أنتفضت إيزيس غاضبة تلكم له اللكمات فى كتفه :
- أنا واحد صاحبك .. صحيح معندكش نظر .
رجعت روح التسلية تدب فى الموقف ليقف الجد مشرف عليهم :
- يعنى إيه الحل دلوقتى أنتى بتقولى أنه حاول وهو بيقول أنه وقع وأنك واحد صاحبه ..
لتقاطه إيزيس كلمات جدها غاضبه :
- بس هو فعلا حاول يا جدى .
إلتمع المكر فى عينى الجد قائلا بصوته القوى :
- لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى تراق على جوانبه الدم .. وأكيد مش هنقتله يبقى خلاص أتجوزها يا مهاب .
إزدات إبتسامة مهاب وزينتها بسمة الإنتصار مؤيدا كلام الجد :
- وأنا موافق .. أهو أكسب فيها ثواب ^_^ .
لتسرع إيزيس بالخروج من الغرفة مسرعة كأن الشياطين تعدو خلفها تتمتم بغضب :
- والله أنتو الأتنين متطاقوش ... عايشة فى مورستان أنا مش فى بيت . . أنا أقتله أحسن قال أتجوزه قال .
....................................