عرض مشاركة واحدة
قديم 15-06-14, 04:25 PM   #113

أمة الله

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة في القسم الأدبي ورسام فضي وحكواتي روايتي

 
الصورة الرمزية أمة الله

? العضوٌ??? » 83210
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,820
?  مُ?إني » حيث يقودني القدر ..!
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond reputeأمة الله has a reputation beyond repute
?? ??? ~
فهي لم تكن تملك في مقابلة عالم التفاهة الذي يحيط بها, إلا سلاحًا واحدًا, الكتب!----ميلان كونديرا
20 ~ إِفكٌ أوّل ~

مساؤكم ضحكات تعانق ثغوركم ..



حقيقة كنت أنوي ترك تنزيل الفصول لما بعد رمضان .. في أحبّكِ مرتعشة، إستعجلت بالنهاية لظنّي أنّ الرسالة ستأخذ حيّزا كبيرا من وقتي لكن ولـ الله الحمد، مجهوداتي في الفترة الفارطة لاقت إستحسانا وبذلك صرت أتمتّع بحريّة أكبر .. معها كتبت بعضا من الفصول .. وقبلها تمكّنت في لحظة صفاء من أن أنسج خيوط الحبكة جيّدا هذه المرّة .. لا شخصيات ستظهر في النصف .. ولا أحداث ستتسارع .. كلّه سيكون بعون الله محكم ومدروس ^_^

سأضع اليوم بين أيديكم فصلين .. سيوضحان أكثر شخوص الرواية والعلاقة بينهم ..
أريد ردود ولايكات .. لن أقبل قراءة صامتة ^^
لديّ موعد مع صديقاتي .. أعود مساءا لأجد ردودا كثيرة إن شاء الله أو سأتوقف عن تنزيل الفصول >> تهديدات صريحة ..



**

~ إِفكٌ أوّل ~



النظرات تقتل كما تفعل البنادق ..
والكلمات تسيح دماءا لا تُرى ..
فرفقا بـِ رهيفي القلوب التي تكاد تذبل ..




~~
حينما تكون أضغاث الأحلام من رحم الواقع ..
يكون الموت ..




حفيف أشجار الصنوبر العالية، غيوم السماء المكفهرّة وأصوات الريح العاتية، لم تكن تشجّع على جولة بين البراري .. ومع ذلك كان فريق من الشباب مستمتعا بجولته .. ضحكاتهم العالية تارة وسخرياتهم إزاء كلّ تصويبة خاطئة تارة أخرى كانت تصف إستمتاعهم ..

ثنائيات فرضها نوع الصيد الذي يبحثون عنهم، إنقسموا لفرق صغيرة كلّ له غاية .. بأحذيتهم الكبيرة يتقدّمون، وقد توقّف أغلبهم عن الثرثرة، لينصت بإنتباه لنبضات غزال بريّ فار .. حقائبهم الممتلئة بقوتهم وخيامهم لم تكن تزعج تقدّمهم رغم ثقلها .. علب الماء التي تكاد تفرغ، فارقت أيديهم من بعد أن لفح الطقس الحارّ منذ الصباح، وجوههم وألهب حلقهم .. لم يظنّوا وهم يغادرون منطقة تخييمهم البارحة أنّ شمس الصباح الحارقة قد تختفي وأنّ الهواء الحارّ قد يستبدل بريح شماليّة باردة .. تغيّرُ الطقس ليس في صالحهم، فإن أمطرت هنا قد يجرفهم الوادي القريب منهم .. منطقة وعرة، تتباين فيها نسب الخطورة وأقصاها الأرضية الرمليّة .. إنزلاق قد يودي بحياتهم .. لكنّها منطقة صيد جذّابة، روح الشباب فيهم جذبتها هذه المغامرة .. رغبوا في صيد وفير وها هو القدر يعاندهم فلا أحد فيهم صاد شيئا منذ ساعات الفجر الأولى ..
عناد شبابيّ أصيل يدفعهم للتقدّم وتجاهل الطقس الذي يغازلهم .. روح التحدّي تنبع دون توقّف ..


يمسح جبينه، رافعا عينيه إلى السماء فيزفر مستاءا .. بعيونه الحادّة يواصل تركيزه على أمكان قد تحوي الهدف .. هضبة صغيرة حولها بقايا حفر بأظافر، عادة ما تكون موطنا لكلّ غزال .. يختبئ بينها عن أعين متلصّصة ويحتمي فيها من طقس جافّ .. يمرّر يديه على صدره، يمسح العرق المتراكم فيهما .. ليس كغيره من رفاقه، محترف صيد .. لم تكن له تلك الهالة من الهدوء والقدرة على الصبر، التي يستوجب أن يتمتّع بها كلّ صيّاد .. سرعان ما يثور وسرعان ما يتوتّر ويفقد تركيزه فلا يقدر على إطلاق رصاصات قاتلة نحو هدفه .. رغم كونه هدّافا بارعا ، عُرِف عنه إيجادة التصويب .. هذا الهدوء يستفزّه وصوت الريح لا يساعده على الإسترخاء .. يعود لمسح عرق جبينه .. يده اليسرى تضغط على زناد البندقيّة .. بندقيّة صيد كلاسيكيّة من النوع الأمريكي، خفيفة حمل وتصيب هدفا على بعد ثمانين مترا .. هذا كان مبتغاه حينما قرّر الإلتحاق بأصدقائه للصيد .. لم يكن الصيد هدفه، كان شيئا آخر ..

طلقة أفزعت الحمام، أصابت جذع شجرة فإستقرّت بها .. ينتفض على إثرها غزال صغير ليركض بسرعة نحو الأشجار المتراصة فيختفي طيفه بينها .. يشتم صاحب الطلقة حظّه، يلتفت له يتمعّن فيه شاردا في تفاصيل خطّة وليدة اللحظة ..
إنسياب قطرات المطر الخفيفة، جعلت الجميع يضع معطفه الواقي ويرمي بقبّعته على رأسه .. ويواصل البحث عن الغزلان الشاردة ..

طآآآآف ..

أجنحة الحمام المرفرفة الفارّة من الخطر ملأت السماء المغيّمة .. عاد الصمت لينتشر في المكان .. إلتفاتة الكلّ الذاهلة نحو الهدف ثمّ صائد الهدف، لم ينتبه لها وهو يشاركهم الذهول وعيونه لا تفارق ضحيّته ..


طاآآآآق ..


بفزع يفتح جفونه، أطراف جسمه ترتعش كمصاب بلمس كهربائي .. نصف غائب عن الوعي، يلتفت يمينا وشمالا يستكشف مكانه .. ليصله صوتها وهي تسمّي بـ الله ويداها تمسحان العرق عن وجهه ..

" بسم الله عليكِ .. أفق حبيبي أسفة أوقعت كوب الماء .. أفزعتكَ بنيّ .. "

يلهث بأنفاسه الحارّة، كأنّ به يحاول اللحاق على بقايا حلمه المخيف .. تقع عيناه على وجه أمّه الخائف فترتسم إبتسامة على وجهه لا تكاد تُرى وشفتاه تنطقان حروفا متلعثمة ..

" لا عليكِ .. "

يعود للإسترخاء ويدا والدته تلفّان الغطاء حول جسمه، يغمض عينين يعلم أنّهما لن تناما .. فقط لإراحة بالها يغمضهما حتّى يختفي طيفها ليعود لفتحهما والتحديق في سقف غرفته ..

ليت أمرا يحدث فيبعد عنه هذا التفكير المتعب ..
وكأنّ به دعا فأستجاب الله لدعائه .. صوت هاتفه رنّ ليردّ بهدوء ..

" نعم سيّد فيصل .. "

صمت من قبله وصوت يصل لأذنيه يردّد أوامره .. ليردف بعدها ..

" حسنا أنا قادم .. "

يقفز من سريره ممتنّا لهذه المكالمة .. سيستطيع الإبتعاد عن كوابيسه .. خير له أن يظلّ مستيقظا من النوم المتذبذب .. يرتدي بدلته السوداء بسرعة، يتفقّد محفظته، هاتفه ومفاتيح سيّارته .. يبتعد مغادرا البيت بهدوء ..



~~
قلوب ترتجف من حكايا على الطريق ..
تنتظرها دقّاتها لتُحيي نبضاتها ..



صباحا .. على مشارف الساعة التاسعة..

مكتب راقٍ في عمارة راقية، عُلّقت على مدخله لافتة سُطِّرَ عليها بخطّ عريض .. مكتب المحامية غُزًّى بدر شاكر فوران ..

تمسك حقيبة عملها، لتغادر مكتبها وهي تحمل هموم قضيّة اليوم التي تعلم مسبقا أنّها لن تمرّ سالمة دون ضجّة. تخرج من المبنى الفخم الذي يتوسّط شوارع العاصمة، كلّما غادرته تبتسم لكونها من المحظوظين الذين تمكّنوا من الحصول على مكتب فيه، أو لتكن صادقة فلولا مكانة والدها الدبلوماسي المشهور ما كانت لتحظى به. ما يزعجها أنّها طالما إستأت من تدخّلات أبيها ونادت بإستقلاليتها، رغبة منها في تكوين نفسها بطريقة عصاميّة، لترقص فرحا وهي ترى نفسها تترأّس مكتبا فخما في وسط بغداد.

بخطى رشيقة تتّجه نحو سيّارتها الصغيرة التي يطلق عليها جميع أفراد عائلتها بـ "الخردة"، لكونها تكاد تفقد أحد دواليبها وتشكّ أحيانا إن كانت بها فراميل فكثيرا ما تقف دون أن تضغط عليها وأحيانا تستميت ضغطا عليها فتعاندها وترفض التوقّف لتسير بها إلى ما لا ترغب. ورغم كلّ هذه النقائص إلاّ أنّها تحبّها وتعتزّ بها كثيرا. ترمي بحقيبتها السوداء على المقعد المجاور، لتُنزل المرآة التي أمامها وتتفقّد أناقتها، يهمّها كثيرا أن تظهر بكامل أبّهتها، فهي كأيّ فتاة تستمدّ شجاعتها من مظهرها الخارجيّ، لإقتناعها الشديد بأنّ كلّ رجل سيقيّم ملابسها ويعطي رأيه بها قبل أن يكتشف ما في عقلها من مراجع ومقالات وكتب ودراسات ظلّت منكبّة عليها تحفظها وتدرسها لتصبح ما هي عليه الآن.

تربط حزام الأمان بعد أن أعادت مرآتها إلى وضعها السابق وتأكّدت من أنّ وجنتيها مشرقتين وأنّ اللون الزهريّ على شفاهها لازال كما وضعته صباحا وأنّ الكحل في عينيها لم يسل ليجعلها كغجريّة الأرمن، وأنّ شعرها الملتفّ خلفها لم تغادر خصلاته البنّية مكانها.

تشغّل سيّارتها لتنطلق نحو هدف سيكون لها معه موعد اليوم بين أروقة المحكمة. ما إن وصلت حتى هاجمتها غفور الصحافة التي تنتظرها منذ ساعات الصباح الأولى. تخرج زفرة راحة وهي ترى الفرامل تعمل جيّدا لتتوقّف بها عند المكان المناسب لركن السيّارة. تبتسم وهي تثني عليها " أحسنتِ سيّارتي الجميلة " لتتراجع عن ثنائها ذاك في لحظة غضب وهي تحاول فكّ حزامها فتعاندها السيّارة كعادتها. ويزداد إرتباكها أمام الغفر الذي ينتظر بفضول نزولها.

وأخيرا كان الفرج..!

تمسك حقيبتها ثمّ بهدوء تغادر سيّارتها لتستقبلها فلاشات الكاميرات وهي تصوّرها وتنزل الأسئلة على رأسها نزول المطر على غفلة من البحّارة. " أنسة فوران هل ستنشرين تهديداتكِ اليوم كما صرّحتِ في أخر لقاءاتكِ ؟ " .. " أنسة غُزًّى فوران ألست خائفة من الوقوف في وجه عائلة عزمي " .. " أنسة فوران سمعنا أنّ آل عزمي يهدّدونكِ بـ... "

تخرج تنهيدة إرتياح كبرى وهي تدخل مبنى المحكمة لتهدأ ضجّة الأسئلة التي يلوكها الصحافيون دون ملل كلّما رأوها. لتتغيّر ملامحها إلى الإمتعاض وكأنّ بالراحة لا ترغب بها اليوم، تراه يقترب منها وإبتسامة بغيضة ترتسم على شفتيه. تحاول إمساك أعصابها، حفاظا على هيبتها وإحتراما لمهنتها.
" محامية الفضائح، كنت أظنّك عاقلة لتنسحبي اليوم لكن يالـ الخسارة ها إنّني أراكِ حمقاء كعادتكِ دوما " تتقدّم خطوات إليه بعد أن أحسّت بأنّ توقّفها في مكانها ستكون نقطة لصالحه ودليل واضح على خوفها لتقول بلهجة تحبّها كثير رغم أنّ التشبيه الوحيد الذي يناسبها هو فحيح الأفعى " أتعلم آدم أظنّني سأرفع عليكَ شكوى اليوم بما أنّنا في المحكمة، أتّهمكَ فيها بشتمي وسيكون الشهود هاذين الجميلين " ترفع يديها وهي تشير إلى رجلي الأمن الذين يقفان على باب القاعة. تبتعد عنه بعد أن تأكّدت من تغيّر لون وجهه إلى إحمرار شديد.

تدخل القاعة لتتّجه إلى الكرسيّ المخصّص لها وتفتح حقيبتها تخرج ملابس المحاماة لتضعها على كتفيها وترتّب أوراقها فوق الطاولة. تجلس على كرسيّها وتضغط بأسنانها على القلم الذي تمسكه، تعلم أنّها منذ قبلت هذه القضيّة أنّ خيرا لن يكون من وراءها، كيف سيكون وهي منذ أن تسلّمتها وأرجاء الإعلام إهتزّ بإشاعاته المعتادة حول هذه النوعيّة من القضايا لتطال كلّ من الطرفين ولم تسلم هي أيضا من تلك الإشاعات لتفتح عينيها صبيحة يوم الأحد الفارط على خبر علاقتها الغراميّة بالمتّهم من عائلة آل عزمي الذي لم يتسنّى لها يوما مقابلته. حينها إتّصلت بها والدتها من سيول توبّخها على الخبر الذي لا دخل لها فيه لتختمها بوعيدها إن لم تسحب الدعوة وتجمع أشيائها وتوافيها إلى هناك، ستأتي هي لتفعل هذا نيابة عنها، إلاّ أنّ والدتها لم تفعل وهي كذلك لم تفعل.

ترفع عينيها عن أوراقها ما إن وصلها صوتها " صباح الخير أنسة فوران " تقف لتضع يدها في يدها الممدودة فتصلها برودتها ممّا يوحي بتوتّرها. تخرج إبتسامة تلتها عبارات أرادت بها طمأنتها " سيّدة أمال سيكون كلّ شيء بخير " تومئ لها برأسها شاكرة كلماتها لتتجه نحو مقعدها. تعود ثانية إلى أوراقها وهي تفكّر كيف لسيّدة مثلها تملك من الجمال الكثير أن تتزوّج عرفيّا .. بل وترفع قضيّة ستكون هي الخاسرة الأولى فيها، حتّى إن كسبتها قضائيّا.. ستأخذ من سمعتها الكثير .. لكن روحها جانحة فإضافة إلى كونها لبنانية الأصل فقد عرفت مؤخّرا منها أنّ لها أصولا فرنسيّة وهو ما يفسّر تلك الروح البعيدة عن الشرق وأيضا قامتها الرشيقة ولون عينيها الأزرق اللامع ..

هذه المرّة ترفع عينيها لتقعا على محام الخصم وهو يمدّ بيده إليها لتقف وتضع يدها في يده، تشعر بالإرتباك وهو يضغط على يدها ويرفض تركها ليقول بلهجة باردة " أرجو أن لا تتهوّري ". يصمت قليلا ليرميها بنظرات التهديد ثمّ يحرّر يدها ويتّجه إلى مكانه. بقيت تلملم بقايا قلبها الذي تناثر رعبا، لتأخذ شهيقا عاليا أعاد بعضا من ثقتها وشجاعتها التي طالما أُتّسمت بها.

تعود بذاكرتها إلى سنة مضت، إلى أحلامها التي رسمتها بتلال القضايا التي ستأتيها ما إن تفتتح مكتبها، لتستيقظ على واقع معاكس، لا أحد تجاوز عتبة المكتب سواها أو سكرتيرتها. ملل الإنتظار دفعها للإتّصال بأحد زملاء المهنة تسأله هل إنتهت قضايا القتل، السرقة وخصومات الإرث في البلاد. ليصدمها بواقع لم تتصوّره وهي تدرس الحقوق في أرقى الجامعات. رفضت إقتراحه لتعود إلى إنتظارها لزبون تستفتح به مهنة حلمت بها طويلا. غير أنّها أعادت التفكير فيما قاله لتغادر مكتبها متّجهة نحو المحكمة لتتسوّل زبونا. كانت تقف يوميّا على باب المحكمة تسأل كلّ داخل إن كان يحتاج محاميا لتتقاتل أحيانا مع محاميين آخرين حول من إلتقط الزبون أوّلا، يشبهون في قتالهم ذاك بائعي سوق الصفافير الشعبيّة حينما يلمحون أحد السيّاح الأجانب ممن تظهر عليهم علامات البذخ ليتوسّله الدخول فيأتي أخر ويبدأ مزايدة عكسيّة ليحظى بالزبون وفي آخر المطاف يبتعد الأخير تاركا إيّاهم في شجار طرفه الأهمّ إنسحب. وكثيرا ما يحصل هذا معهم في شجارات المحامين.

لتتحوّل حياتها ما إن أقحمت نفسها في قضيّة من النوع الثقيل، مع عائلة لها سيطها الواسع في هذا البلد. قضيّة كانت تحتاجها ليلمع إسمها ويصدح بين وسائل الإعلام.
تلتفت إلى المسؤول عن الجلسة حينما بدأ بإعلانه عن دخول القاضي لتنظر نحو الخصم وهي تستغرب ألا يأتي المعنيّ بالأمر. تعود إلى القاضي الذي دخل وخلفه مساعديه ليضرب بمطرقته مفتتحا الجلسة.

ما إن ناداها لإلقاء مرافعتها حتى أخذت الملفّ الذي جهّزته مسبقا لتضعه أمامه وتقول بلهجة حاولت أن تجعل منها باردة قدر إستطاعتها وأن تخلو من بعض دقات الخوف التي تصمّ أذناها " هذه شهادة من السيّد أمين حاج محمّد يدلي فيها بأنّه حضر عقد زواج موكّلتي بالسيّد عاصم عزمي في تاريخ 15 يونيو 2013.. لذلك أدين إنكاره الإرتباط بها عرفيّا .. وألزمه بإيفاءها حقّها المادّي وكذلك ......... "

تعود إلى مقعدها، تمشي رافعة رأسها كطاووس يفتخر بريشه ونشوة الفرحة تقفز أمامها وهي تنتظر تلعثم خصمها. بضغطة يد تهنّئ نفسها بفوزها القادم في قضيّة ستكون فاتحة لقضايا أهمّ لتستفيق من نشوتها بصفعة لم تتوقّعها جعلتها تفتح فاها دهشة، حينما تقدّم خصمها يحمل أوراقه ليوجّه كلامه مخاطبا القاضي " سيّدي القاضي هذه نسخة من جواز سفر السيّد عاصم عزمي فيه تاريخ خروجه من بغداد متوجّها إلى لندن يوم 7 يونيو من سنة 2013 وعودته إليها يوم 31 يونيو 2013 وبالتالي فإنّه حسب شهادة الخصم الزواج تمّ دون حضور موكّلي .. أعتقد أنّ السيّدة تزوّجت ظلّ موكلي .. أريد أن يتمّ إعتبار هذه القضيّة تشويها لسمعته وبهذا أنا أطعن في شهادة المعترف وأطالب بتطبيق الفصل رقم 314 من القانون المدني وبالتالي طلب تعويض مادي ومعنوي ".

تلفّ روب المحاماة لترمي به في حقيبتها وهي تنفث هواءا غاضبا، تلتفت إلى موكّلتها حينما سمعتها تخرج كحّة صغيرة تريد بها الإعلان عن وجودها بجانبها لتقول " سيّدة أمال، لم تكوني صريحة معي" تغلق حقيبتها وتلتفت إليها لتضع يداها على خصرها وتنظر مباشرة إلى عينيها ثمّ تردف " أنتِ تخاطرين بمهنتي .. وهذا شيء مقرف .. " إقتربت أكثر إليها حينما لمحتها تتلعثم تبحث عن إجابة لتقول " أنسة فوران أرجوكِ قدّري موقفي .. أنا كنت أحتاج .." أمام صمتها واصلت بدلا عنها وهي تحاول كبت غضبها من أن ينفجر " كنتِ تحتاجين لفضيحة ما تزلزله ويعود إليكِ وكنتُ أنا الوسيلة لتحريك خيوط هذه المهزلة " تمسك حقيبتها، تغادر منهية حديثها. لتقف حينما شعرت بيدها تمسك ساعدها الأيمن وتسمعها تترجى بهمس " أرجوكِ أحتاج إلى مساعدتكِ ". لا تعلم كم ظلّت تنظر إلى عينيها تفكّر ما سبب ذاك الحزن الذي يملؤهما لتهزّ رأسها موافقة.




~~
القلب وما يهوى ..
وهواه لا يصيب أبدا ..



ما أجمل العلم من أجل العلم .. تثق بأنّها أمل هذا البلد .. وحتّى لو ما نجحت في أن تكون أمله .. واثقة أنّها ستكون أملا لـ ذاتها .. بعلمها ستعلو وستكتب قدرا أوفر حظّا من سابقاتها .. تحتاج إستقلاليتها ولا غير العلم قد يكفلها لها .. لذلك لا تبارح مكانها بين أروقة مكتبة الجامعة .. تغادر منزلها صباحا باكرا ولا تعود إليه حتّى المساء .. دوام يوميّ وإن كانت بعض أيّامها فارغة من المحاضرات .. ما يجعلها مستمتعة، لا تملّ جلوسها هو هذا الكمّ من الكتب التي إشترتها الجامعة مؤخّرا وتتحدّث عن آخر المستجدات في عالم الهندسة الصناعيّة .. لم تكن لتحظى بهذا الشرف، فتحصل على ما تريد من الكتب، لو لا تدخّل أستاذتها، التي أثنت عليها فسُمح لها بحريّة مطلقة ..

تلتهم الكتاب بتركيز كبير .. تبحث عن دفترها لتدوّن بعضا من الملاحظات الهامّة التي خرجت بها من جمع الكتب التي تراجعها منذ ساعتين .. تضع يدها على رقبتها تحاول تمسيدها وقد تفاقم ألمها نتيجة الإنحاء المتواصل ..

" أنا أكثر من مستعدّ لتمسيدها .. بإشارة من إصبعك أحلى تمسيد لأحلى جيجي .. "

يقول كلماته ليقفز متجاوزا الطاولة ويقف ناصبا طوله أمامها .. ترفع عينيها إليه وإبتسامة خفيفة تزيّن ثغرها الصغير ..

يتمعّن في ملامح وجهها، بدءا من عينيها الكبيرتين بسوادهما المثير، مرورا بأنفها الصغير وشفتيها المكتنزتين وقد زادهما أحمر الشفاه بهاءا .. وصولا إلى شعرها البنيّ الملفوف بقلم يستفزّه لنزعه وجعل تلك الخصلات تسترسل بحريّة كما يحبّها .. وجهها رائع التفاصيل .. بلوزتها البيضاء تضغط على تفاصيل جسمها العلوي بجمالية تفتقدها بعض الفتيات .. يحني رأسه بفضول، يمدّ رقبته نحو كرسيها، لتصله بعض من ملامح تنّورتها ذات اللون اللبني ..

" هل أنهيت تفحّصكَ ..؟ "

تقول حروفها وهي تعود للتدوين وإنهاء عملها .. لتكمل بعد ثوانٍ ..

" أستغرب كيف أتيت باكرا اليوم للجامعة .. "

يهزّ كرسيّا بكلّ مشاكسة ليأتي صريره حادّا مزعجا جعلها تضع يديها على أذنيها ونظرات غاضبة تحدجه مهدّدة .. غير عابئ بها يجيبها ..

" لدي محاضرة هامّة .. "

بسخرية تردف ..

" ها حقّا .. ومنذ متى أصبحت تهتمّ بالمحاضرات ..؟ فعلا أستغرب كيف تأتي يوميّا للجامعة وأنت لا تداوم أبدا .. "

يضع يده على خدّه بملل ويضيف بلهجة مالّة ..

" من الملل الذي أجده في البيت .. حسنا أنا آتي للجامعة من أجلكِ يا حمقاء .. "

يقترب منها ليمسك القلم ويفلته فتتناثر خصلات شعرها على أكتافها .. ترفع عينيها الغاضبتين إليه وقبلها سبقها إصبعها مهدّدة ..

" سواد أقسم إن فعلتها ثانية لأسببّن لكَ عاهة .. "

يدير القلم بين يديه .. يمطّ شفتيه تذمّرا ..

" لا أعلم كيف يحبّ رجل أنثى خارقة .. أشكّ أحيانا أنّكِ أنثى .. أنتِ مخيفة جدا .. "

تحدجه بنظرات لم تتخلّى عن غضبها .. يضيف معها ..

" جاهدة تعلمين أنّني أحبّكِ .. وصعب على الرجل أن يرى من يحبّها أمامه دون أن يفعل شيئا .. "

تقاطعه مستنكرة ..

" ماذا تريد أن تفعل سواد ..؟ "

"أنتِ تمنعينني من الإقتراب منكِ .. من أن ألمس شعركِ، ألعب به ..أن أقبّلكِ .. أن أمسك يدكِ .. أنتِ قاسية .. قاسية .. أنا أختنق وأنتِ لا تحسّين بي .. "

فعلا الحبّ صعب في زمن أبيحت فيه الفضيلة .. فغدى القرب بين الجنسين حقّ متداول .. ما عادت الأخلاق تستنكر ذلك ولا عاد الخجل يقف دونه .. الحبّ صعب حين يكون تقليدا لا غير .. حين يكون قد إبتعد أميالا عن حقيقته الجميلة .. الحبّ صعب في زمن الإفك ..
بتحدّ يوجّه نظراته إليها ..
تتخلّى عن دفاترها وتنظر إليه معاتبة لتقول بهدوء ..

" سواد أنا أعطيتكَ حلّا لكلّ ذلك .. "

يقاطعها مستاءا ..

" جاهدة لا تعيدي حديث إكمال دراستي والعمل .. أخبرتكِ أنني مستعدّ للتقدّم إليكِ الآن .. لكنكِ ترفضين ذلك .. "

ينفخ متذمّرا .. يدير رأسه نحو مدخل المكتبة .. يسمعها تقول ..

" سواد اَنهي دراستكَ وجد وظيفة وتقدّم لي حينها سأكون حلالا لكَ .. لاعب شعري، اَمسك يدي مثلما تريد .. غيره ليس لديّ ما أقوله .."

يتنهّد وعيونه لم تفارق المدخل ..

" جاهدة أنا وأنتِ نعلم جيّدا أنني فرضا لو تخرّجت ووجدت وظيفة .. ستخلقين سببا آخرا حتّى تؤجلي فكرة إرتباطنا .."

تحاول الإبتعاد عن موضوع تعلم أنّه لن يرسو سوى على مشاجرة بينهما كعادتهما دوما ..

" لم تخبرني لما أتيت باكرا اليوم إلى الجامعة .. "

يلتفت إليها وإبتسامة خفيفة ترتسم على شفتيه متخلّيا عن مزاجه العكر منذ قليل ..

" لم أنم بالبيت البارحة .. "

كطفل إكتشف أمرا، ولا يستطيع صبرا حتّى يصل عند والدته فيحدّثها عنه بكلّ فخر، فرح ودهشة .. كان سواد ينتظر أن يطلق عنانه للحديث بإشارة منها لكن لم يلقى ردّة فعل قد تنبئ بإهتمامها ..

صمت إنتشر في المكان، يراها وقد عادت لعملها، يلكزها بالقلم وبنبرة مرحة يضيف ..

" اِسأليني أين نمت البارحة ..؟ "

دون أن ترفع عينيها عن كتابها تقول بدون إهتمام..

" أين ..؟ "

يعيد لكزها بالقلم وهو يقول ذابلا أجفانه ..

" نمت عند صديقة لي .. "

تعود لخفض عينيها إلى دفترها غير مهتمّة بما خرج من حنجرته منذ قليل ..
تسمعه يتنهّد مللا ..

" أنا واثق أنّكِ لست أنثى عادية ..أخبركِ أنّني خنتكِ البارحة وأنتِ غير مبالية .. هاي أنتِ .."

تنفخ وهي تجيبه ..

" سواد .. ماذا تنتظر منّي ..؟ "

" أن تسألي من هي ..؟ "

تهزّ رأسها أسفا لتقول ..

" ولما قد أسأل عنها .. لا يهمّني .. ما تفعله سيعود عليكَ .. هل تظنّني سأبكي أو سأهجم عليكَ أو عليها.. "

يضع يده على خدّه مستسلما .. وبنبرة مغتاظة ..

" فعلا أشتهي أن أراكِ تشدّين شعر أخرى .. تتشاجران من أجلي .. "

تخرج ضحكة مستمتعة، يبتسم على إثرها وعيونه تبرق بحبّ ..

" سواد أنتَ مغرور .. ومسكين جدا .. للأسف ما تشتهيه لن يكون .. "

يضع القلم جانبا ليخطف كتابها من بين يديها ويغلقه بقوّة ويضيف ..

" أنا جائع .."

تتنهّد وهي تقول ..

" سواد دع كتبي .. لديّ عمل كثير .. أنتَ جائع وماذا تنتظر منّي ..؟ "

يقف ليقول بمرح ..

" هيّا .. سنفطر سويّة .. "

يمدّ يده إليها .. تظلّ تنظر إليها لتتجاهلها وتعود لجمع كتبها .. وتسأله ..

" إلى أين سنذهب ..؟ ما رأيكَ بـ المقهى الإيطالي القريب من الجامعة .. "

ينظر إليها مفكّرا ليردف وهو يضغط بأسنانه على شفته السفلى ..

" لكنّني مفلس .. "

تتوقّف عن جمع أغراضها لتنظر إليه وإبتسامة واسعة ترتسم على شفتيها ..

" حسنا أنا من ستدفع .. أدعوكَ على حسابي .. "

يرفع إصبعه ليديره يمنا ويسارا ..

" لا عزيزتي .. أنا رجل .. "

تضع حقيبتها على الطاولة وتقف مواجهة له .. لتردف بحدّة ..

" والمعنى ..؟ "

" لا تدفع أنثى حسابي .. هذا لا يليق بالرجل .. "

تضغط على أصابع يديهاـ تفرغ غضبها لتأتي كلمتها باردة ..

" إذا ..؟ "

" مثل ما يقولون إخواننا المصريين ( جيب السبع ما يخلاش ) .. معي بعض الدنانير .. سنذهب لأكل الذرة المشوية .. "

تضع حقيبتها على ظهرها، تتقدّمه حيث يشير بيده ..


في كلّ مرّة يدعوها لأكل الذرة المشويّة .. لا يملّها، يعشق أن يضع رجليه لتتأرجحا على سور نهر دجلة ويلتهم أربع ذرات .. ثمّ يلتفت لنصيبها فيسألها مبتسما إن لم تستطع إكمالها سينهيها بدلا عنها وفعلا تعطيه أغلب نصيبها .. وفي الفترة الأخيرة أصبحت تعطيه كله فما عادت تطيق الذرة ..

بهدوء تسير إلى جواره، تراه يبتسم لبعض الطالبات .. لا تغار ولا تزورها الغيرة .. رغم أنّ سواد من الرجال الذين يجذبون الأنثى، أسمر طويل، ملامحه حادّة ومريحة .. صاحب عيون دعجاء وشعر بنّي كثيف .. لحية خفيفة زادته بهاءا ..هندامه دوما مرتّب، يتّبع الموضة .. أكثر ما يروقها فيه أنّه دائم الإبتسام مهما ساءت الأحوال .. لاهٍ دوما وإذا تتطلّب الأمر، يكون متّزنا قادرا على حسن التصرّف لكنّه يتغاضى عن ذلك بالإختفاء وراء مرحه وهذا يثير غيضها ..
تثق به، وهذا ما يجعلها لا تغار ..

" سواد أسنسير على الأقدام ..؟ "

يتوقّف ليلتفت إليها فجأة وإبتسامة واسعة ترتسم على محياه ..

" اِعترفي أنّكِ تخافين عاكف .. "

يكمل رافعا يديه إلى السماء يدعو بصوت عالٍ ..

" يا ربّ نلتقي بـ عاكف الآن .. يا ربّ إنّي دعوتكَ فـ اِستجب .. يارب نجد عاكف واقفا أمامنا .. "

تتجاوزه مكملة بسخرية ..

" أتظنّ إن لمحني عاكف معكَ، سأتأذّى أنا .؟ أقسم أن يرديكَ أرضا مصابا بكسور وقد يقتلكَ أيضا .. لا مزاح معه في هذه الأمور .. "

يركض للحاق بها ..

" هاي وما ذنبي أنا ..؟ سأخبره أنّني ترجيّتكِ لأتقدّم لكِ ورفضتني .. فلا عتب عليّ .. "

تنزع حقيبتها عن ظهرها وقد أتعبها ثقلها، ترمي بها بين يدي مرافقها وتقول ..

" أنا لا أخاف عاكف.. ثق أنّني سأفعل ما أراه مناسبا دون أن أهاب أحدا .."

يحمل الحقيبة متقبّلا إيّاها بكلّ رحابة صدر ويكمل ..

" ألم أخبركم أنّني أحبّ أنثى خارقة .. أتصوّر أنّهم في هوليود يبحثون عن شبيه لكِ .. نفس مواصفاتكِ .. قرأت الخبر في جريدة اليوم .. سارعي لتسجّلي .. سأشاهدكِ تقضين على مستر إكس بقبضة واحدة من يدكِ .. "

تضع يدها على جبينها، تزمّ شفتيها وتتقدّم صامتة ..



يضع رجليه على السور، تجلس بجانبه بهدوء .. تقضم بعضا من الذرة في حين تسمعه يبدي إستمتاعه بلذّتها ويثني عليها كأنّه يتذوّقها لأوّل مرّة .. نفس الإنبهار لا يتغيّر ..
يضيف ..

" جيجي سأسافر لـ كندا ..؟ "

تواصل مراقبتها لجريان المياه .. تسأله بخفوت ..

" لما ..؟ "

" لأنهي دراستي .. "

تلتفت إليه لتقول بإستهزاء ..

" سواد اَنهها هنا أوّلا ثمّ فكّر بإنهائها في كندا .. "

ينفض يديه عن بقايا الذرة ليقول مستنكرا ..

" أتسمّين ما ندرسه دراسة ..؟ جامعاتنا متخلّفة قرونا كثيرة عن الغرب .. هناكَ العلم الصحيح .. ما حاجتي أن أملأ رأسي بأشياء فارغة .. "

ترفع يديها لتلفّ شعرها وتجمعه على شكل ذيل حصان .. تجيبه بهدوء ..

" لا أعلم لما لا تحبّ هذا البلد .. كأنّكَ لست بـ عراقيّ .. "

بهدوء مشابه يجيبها ..

" لأنّني أختنق هنا .. أختنق .. "


يخفض رأسه ليدخل هدوءه المعتاد، يظلّ لساعات صامتا يرفض فتح أيّ حديث معها مهما حاولت ذلك .. لتهمّ في كلّ مرّة بالإبتعاد عنه وتركه لكنّها تتراجع فتظلّ معه تحدّق به تارة وتارة أخرى تنظر للفراغ الواسع أمامها ..



~~
نظرات تستكين في حضرة الـ أنا ..
وروح تحتلّها أخرى ما إن يدقّ بابها الـ هوى ..



يجوب أرجاء المعمل الضخم الذي يمتلكونه، يراقب دوران الأليات وهي تقوم بتركيب إطارات السيّارات الخارجي، يبتسم للشخص الذي ما إن لمحه حتّى إتّجه نحوه وإبتسامة كبرى تزيّن شفتيه ليقول..

" سيّد عاصم دورتك التفقديّة ليست اليوم .. لو كنت أعلم أنّكَ ستزورنا، كنت إستقبلتكَ بنفسي " ..

يخرج ضحكة رجوليّة هادئة ليمدّ يده يصافح العامل بحرارة إعتادها في كلّ علاقاته بعمّاله ..

" تعلم أنّني أحبّ المفاجآت "

يتقدّم مكملا دورته التفقديّة، دون أن تغيب عنه ثرثرة الذي بجواره وهو يخبره عن تفاصيل العمل والكميّات التي سيتمّ تسليمها قريبا، ليقف ما إن وصله صوت هاتفه، يبحث عنه في جيب بنطاله ليرفعه إلى مجال ناظريه، بسخريّة يجيب..

" كمال .. هل أفهم أنّكَ إشتقت إليّ أخيرا وتنازلت لتتّصل معبّرا عن إشتياقكَ "

يفتح الذي بجانبه عيناه وهو يراه يضحك ضحكات متتالية لا تنوي التوقّف. يستغرب أن يتخلّى رئيسه عن صلابته وضحكته التي تكاد لا تسمع أحيانا ليغدو أكثر حيويّة وعفويّة. يبتعد عنه تاركا له المجال للتحدّث بحريّة ليتوجّه نحو العاملَيْنِ الذين من وقفتهما يتبيّن أنّهما يعانيان من مشكل كبير. يقترب إليهما ليسألهما " هل هناك خطب ؟ " مواصلا أسئلته وثرثرته المعتادة " لا أتصوّر لو تضعونها هكذا طولا ستمرّ .... ".

يغلق هاتفه وهو يتوجّه بخطواته الرزينة نحو كافتيريا المعمل، التي دائما ما يكون لها نصيب من جولته التفقديّة الأسبوعيّة، يهمّه كثيرا أن يشعر عمّاله بالراحة وأن تتواجد ظروف عمل مريحة وأكل صحيّ، هذه إحدى أساسياته التي يعلم أنّها ستساهم في إنتاج أفضل وها هي نجاحاتهم المتتالية تثبت ذلك.

يجول بعينيه بين الطاولات النظيفة والمرتّبة بشكل جميل، ليصل بهما إلى العامل الذي يحاول رفع أحد أكياس الأرزّ الثقيلة ليتقدّم نحوه بخطوات سريعة، يساعده على رفعها ووضعها على ظهره، يسمعه يشكره دون أن يلتفت إليه. يعود إلى تفقّد المكان بعينيه ليستدير ما إن وصلت أذنيه زفرة إستغراب تلتها إعتذارات " آسف سيدي لم أكن أعلم أنّكَ هنا، عندما ساعدتني ظننتكَ أحد العاملين في المعمل .. آسف " يربّت على كتفه مبتسما ليقول " لا عليكَ، حاول ألا تحمل أشياء ثقيلة دون مساعدة، هذا سيؤثّر على ظهركَ مستقبلا " يبتعد وهو يسمع كلمات الشكر المتتالية الخارجة من شفتي العامل.

يتوجّه نحو سيّارته البنتلي، ليدخلها بخفّة وهو يلوّح لرئيس العمّال مودّعا.



بإبتسامة صغيرة يحيّ رجلي الأمن الذين يقفان على عتبة مبناهم الفخم في منطقة " سنتر فيل " ليتقدّم بخطوات رشيقة نحو المصعد، يشير بيده إلى موظّف الإستقبال بالجلوس حينما لمحه يقف إحتراما له.

يدخل مكتبه، تتبعه سكرتيرته تمشي بخفّة ببدلتها السوداء الأنيقة، تحمل بين يديها تقارير، يسمعها تقول " سيدي إتّصل المحامي، أخبرني أنّ القضيّة حُكِمت لصالحنا " تضع الملفات فوق المكتب لتكمل " الصحافة نشرت خبرا حول القضيّة مفاده أنّ العائلة تهدّد المحامية الشابّة التي وكّلتها السيّدة أمال " دون أن يهتمّ يواصل تدقيقه في الملفّ الذي أمامه. يسألها بهدوء ليوقف سيل كلماتها " سيّدة منى أيمكنكِ الإتّصال بمكتبنا بفيينا أخبريهم أنّ السيّارات جاهزة للمعرض لذلك أنتظر منهم بذل مجهود أكبر لتجهيزه وشكرا لكِ " يرفع رأسه منهيا حديثه بإبتسامة عريضة، لتبادله أخرى وتتّجه بنفس خطواتها الرشيقة إلى مكتبها.


ما إن يخطو عتبة مكتبه، حتّى يضع قناعا يختلف عنه كليّا .. فيتخلّى عن نظراته اللاهية لكلّ أنثى تمرّ به أو عن إبتسامته الساخرة ولامبالاته .. هنا يكون عاصما عن كلّ تلك الأشياء .. هنا قسوة رجال الأعمال هي ما تغلّفه .. هنا دماء آل عزمي هي ما تنبض به عروقه .. لا للتساهل .. لا للمرح ولا للعفو .. وجه آخر لـ قصي عزمي يظهر في داخله ويكبر يوما عن يوم .. مبتعدا عن سماحة كمال أخيه الذي سعى لغرسها فيه لكن للقدر تدابيره ..




~~
حينما تضعف الأنثى ..
تغرس مخالبها دون إنتباه ..
فتؤذي هذا وذاك ..




تعلّق سترتها، لتلتفت إلى الباب ما إن وصلتها طرقات خفيفة. تقول ببحّة خاصّة بها لطالما أثنى الجميع عليها ما إن تستهلّ أوّل حديث معهم..

" تفضّل "..

تبتسم وهي تلمحها تطلّ بقامتها المعتدلة وملامحها الهادئة لتردف..

" مساء الخير شيماء "

تقترب نحوها لتضع قبلة على وجنتيها وتقول بهدوء غريب عنها..

" مساء الخير غُزًّى أتمنّى أن لا تكوني مشغولة "..

تشير لها بيدها للجلوس وهي تحرّك رأسها نفيا ذات اليمين وذات الشمال، لتجلس على كرسيّ مقابل لها. تراقب وضعها العنيف لحقيبتها على الطاولة ومن ثمّ زفرتها الحادّة وتتمعّن أكثر في تقاسيم وجهها لتلحظ ذبول عينيها وكأنّ بها لم يغمض لها جفن البارحة، لتأكّد تخميناتها بكلماتها ..

" غُزًّى أنا البارحة لم أنم غمضة واحدة "

تضع يديها على خدّها لتسألها وهي تخمّن السبب الذي جعلها مستيقظة البارحة وعصبيّة اليوم..

" لماذا شيماء؟ ما الأمر ؟ "

تزمّ شفتيها قبل أن تبدأ لائحة شكواها..

" ليلة البارحة كنت في عرس لإحدى قريباتي، كنت أمنّي نفسي بسهرة رائعة لكن كانت سهرة فضيعة أحرقت جميع أعصابي .. "

تصمت قليلا لتخرج زفيرا حادّا وتكمل..

" صُمّت أذناي من همساتهم الوقحة، ما إن أقترب حتى يصمتوا جميعا، وإذا ما إبتعدت العيون كلّها تراقبني .. همساتهم تقتلني تصوّري ماذا يقولون - تزوّجها وهي تكبره بأربع سنوات .. أكيد أنّه مغصوب عليها لدرأ فضيحة ما - وأخرى تقول - لابدّ أنّها سحرته، لا شيء غير السحر يجعله يرتبط بواحدة أكبر منه وبنات العشرينيات كثر .. - لو كانت باهرة الجمال حينها ربّما نعذره لكنّها عادية وأقلّ من عاديّة .. بل بشعة .. "

تراها تمسح على شعرها بتوتّر لتردف بحرقة ..

" تعبت غُزًّى أنا تعبت، البارحة كنت عصبيّة وصرخت في أمي رغم أنّها لم تفعل شيئا يستحقّ الصراخ .. فاتحتني في حديث العودة إليه .. هو لم يتوقّف عن المجيء إلينا لإرضائي.. تصوّري حياتي أصبحت تخنقني .. كلّما لمحته أشعر أنّني أظلمه .. وأنّه ظلمني .. لما تزوّجني وهو يحبّها ولما أنا تزوّجته .. لما وافقت ..؟ "

تواصل صمتها، فطبيعتها تجعلها فاشلة في إختيار عبارات التنميق والكذب، فإمّا أن تخرج ما في قلبها صراحة فتكون لوما حيث أنّها كانت أوّل معارضة لها في قرار إرتباطها بجهاد، بحكم علاقتها القويّة بهما كانت تعي جيّدا أنّ شيماء ستجعل من حياتها جحيما إذا نغّص عليها أمر ما وألسنة مجتمع شرقي لن تصمت أبدا وخاصّة إذا وجدت موضوعا جذّابا كهذا، أو تظلّ صامتة. وكما تعلم جيّدا صفاتها، فإنّ شيماء تعلم أنّها لن تواسيها ولن تنتفض معها على وضعها المؤلم لذلك قالت ما إن رأت صمتها قد طال..

" أعلم غُزًّى أنّكِ لن تنصحينني بشيء وربّما ستقولين لي تحمّلي تبعات قراركِ الذي أصريتِ عليه .. أنا فقط كنت أحتاج الحديث ولا أجد غيركِ قد تنصت لي .. "

تخرج عن صمتها لتجيبها..

" شيماء كوني فقط واثقة من نفسكِ، قد أكون رافضة لزواجكِ سابقا لأنّي بصراحة لا أوافق هكذا زيجات لكنّكِ الآن تزوّجت من جهاد، كنت تعلمين أنّ قلبه لغيركِ وأنّ الناس ستتحدّث عنكما .. دافعي عن زواجكِ ما دمتِ مقتنعة به، أنا عن نفسي إذا كنت مقتنعة بأمر ما لن أهتمّ لـ كلمات مبتذلة وسأحظى بقلبه ولو كان غصبا .. "

تنظر إلى عينيها مباشرة، تخرج تنهيدة تلتها كلماتها الهامسة..

" ليتني أملك ثقتكِ أو تماسككِ، أحسدكِ على حياتكِ الهانئة .. "

تقاطعها وهي تقف لتدور حول مكتبها تبحث عن الجريدة التي إشترتها صباحا..

" شيماء أنتِ قويّة لكن لا تدرين مقدار قوّتكِ تلك لو كنت ضعيفة ما قبلتِ الزواج من جهاد "

تتصفّح الجريدة تبحث عن خبر يخصّها لتقف عليه وتمدّ بها إليها، لتكمل ..

" تفضّلي حياتي جدا هانئة "

تردف ما إن رفعت إحدى حاجبيها تسألها عن الجريدة ..

" اِقرئي "

تسمعها تردّد بصوتها عنوان الخبر وإبتسامة سخريّة تزيّن شفتيها..

" المحامية الشابّة غُزًّى فوران تحصل على لقب محامية الفضائح .. "

ترفع عينيها إليها، تدعوها لتكملة الخبر لتعود بهما إلى الجريدة وتواصل قراءتها ..

" وقد قامت عائلة عزمي برفع قضيّة تشهير عليها بسبب آخر مرافعة واجهتهم فيها بعد أن وكّلتها السيّدة أمال .....، وبعد تقصّينا لحياتها الشخصيّة تبيّن أنّ والدها الدبلوماسي المعروف بدر شاكر فوران كان وراء تحصّلها على شهادة عمل كمحامية في العراق مزوّرة وهي من تحصّلت على شهادتها في جامعة الحقوق كونكوراد في كاليفورنيا ولا يحقّ لها مزاولة العمل بعد أن تمّ رفض معاملة المعادلة .... "

تردف وهي تجلس على كرسيها ..

" ثقي أنّني الليلة سأحظى بمحاكمة قد تودي بحياتي .. سيكون القاضي والجلاّد فيها عاكف.. ".




~~
ما أصعب غدرهم ..
وقد كانوا لنا زهور الحياة ..




بأصابع ثابتة تدير المفتاح في الباب الحديديّ ..تدفعه قليلا، لتتقدم بخطوات سريعة وقد لفحها الحرّ ..ترفع شعرها المسترسل لتجمعه في شكل ضفيرة وترمي به نحو الخلف ..تنفخ متذمّرة من التعب الذي تجلبه مأساة تدعى الدراسة .. كيف خطر ببالها يوما أن تنهي الجامعة وهي تعلم أنّها لم تكن أبدا من محبّي الدوامات الممتدّة والمتعبة ..

تخرج إبتسامة واسعة وهي تلمح طيف جهاد يجلس على الأريكة يتّكئ برأسه على حافتها، ودلائل التفكير العميق تغزو وجهه .. ترمي بدفاترها على الطاولة التي قابلتها وتركض نحوه لتخرج حروفا مرحّبة ..

" الملك الحزين في بيتنا .. يالـ هذ الشرف العظيم .. "

يرفع عينيه إليها وإبتسامة خفيفة تجد طريقها إلى شفتيه .. يجيبها بهدوء ..

" كيف حالكِ تيماء ..؟ "

تقترب إليه لترتمي بجانبه متذمّرة ..

" لست بخير .. أكاد أجنّ من دوامات الجامعة التي لا تريد أن تنتهي .. "

يلتفت إليها وقد تغيّرت ملامح وجهه، ليحلّ بدل الهدوء المرتسم منذ قليل، برودا صاقعا .. وبنبرة تشابه برود ملامحه يقول ..

" ألستِ أنتِ من تماطلين في الدراسة لا تريدينها أن تنتهي .. إلى متى يا تيماء ..؟ "

تتغيّر ملامحها أيضا وببرود تجيبه ..

" لست أماطل .. هي تتطلّب جهدا وأنا غير قادرة على التركيز .. "

" وهو غير قادر على الإنتظار .. يريد الزواج .. "

تصمت أمام لهجته الحادّة .. ملّت هذا الحوار .. ماعادت شفتاه تنطق غيره، تدافع عن حقّها في الإختيار ولا بادرة تفهّم من قبلهم .. لا جدوى من الكلام وإعادته ..

" تيماء سأحدّد موعد الزواج معه .. سيكون خلال هذه الصائفة .. لن ننتظر أكثر .. "

تقف وقد غلبها التوتّر .. تلتفت إليه وعيونها تتحدّاه ..

" جهاد أنا أحترمكَ جدا فلا تجعلني أقلّل من إحترامكَ .. لا دخل لكَ في الأمر .. هذه حياتي .. الأولى أن تهتمّ بأختكَ المراهقة بدلا من أن تسمع كلامها وتأتي لتغصبني شيئا لا أريده .. "


" رائع .. لا تقلّلين إحترامه .. من يسمعكِ يقول كم أنتِ محترمة للغير .. "

صوت أنثوي جذّاب يأتي من خلفها .. دون أن تلتفت إليها، تزمّ شفتيها وهي تردّد ..

" أنا لم أقلّل إحترام أحد .."

صوت حذائها العالي يصدر أصواتا متناغمة مع تقدّمها، رائحة عطر بدأت تنتشر في المكان .. بقامتها المثيرة والتي أبدع الخالق في رسمها تتقدّم نحوهما فتجلس بهدوء مستفزّ على كرسيّ بذراعين .. وتكمل موشحها ..

" لا أنتِ فقط نعتني بـ مراهقة .. "

تكتّف يديها وهي تخاطبها متمعّنة في تقاسيم وجهها ..

" أنا أقول الحقيقة .. ثمّ إذا أردتني أن لا أهتمّ بك لا تملئي رأس جهاد بما يخصّني .. "

" تتخاصمان أمامي هذا رائع .. "

يصفّق بيديه وعلامات الإستياء ترتسم على وجهه ..
الحوار يعيد نفسه، في كلّ لقاء بين ثلاثتهم، لابدّ وأن يمرّوا بشجار حول أمور كلتيهما .. يضعانه حَكَما لا ينطق حُكْما .. في كلّ مرّة يهدّد ويتوعّد .. لكن لا نتيجة تذكر ..

" أنا فعلا أحترم كليكما .. لكن أنتظر إحتراما منكما لشخصي .. أنا من تقرّر مصير حياتي .. فأرجوكما قدّرا ذلك .. "

بهدوء يخاطبها ..

" عزيزتي تيماء الأمور أحيانا تتطلب قرارا سريعا .. مضى على كتابة قرانكِ سنتان وهذا كثير .. إحترم رغبتكِ بإنهاء دراستكِ الجامعيّة رغم أنّه لم يكن ليمنعكِ وأنتِ في منزله .. أنتِ أخبرتنا أنّها عامين فقط وها أنتِ تعيدين السنة ثلاث مرّات .. أليس هذا عبث .. "

" توقّف عن سلاستكَ جهاد فهي لا تأتي سوى بالغصب .. تيماء أنتِ ستتزوّجين هذه الصائفة أحببتِ أم كرهتِ .. "

تأخذ نفسا عميقا وقد ضاقت ذرعا بهذا الموضوع .. تقول موجّهة حديثها نحو الجالس مقابلا لها، متجاهلة الأخرى ..

" جهاد أحيانا أشعر أنّك تعيش إنفصاما في الشخصيّة .. كيف أنتَ الذي أحببتَ يوما تفرض عليّ أن أتزوّج غصبا .. أنتَ من ترى التقبّل والحبّ أمران أساسيان ترغمني على زواج لا أريده .. أليس هذا يعتبر تذبذبا في شخصيتكَ .. "

بنظرات ثاقبة يتمعّن في تفاصيلها .. يقول وفكره يعيد ذكريات أليمة ..

" تيماء الحبّ شيء والزواج شيء آخر .. أنا أحببت وتزوّجت بأخرى .. "

" لو لا الظروف ما كنت لتتركها .. أرجوكَ اِفهمني .. "

تَخرُجُ ضحكة سخرية من فم الجالسة تضع ساقا فوق أخرى وتهزّهما مستفزّة من بجوارها ..
تسمعه يردف ..

" أنتِ من قبلتِ به .. وعقدتِ قرانكِ .. نحن لا نمزح لنتراجع الآن .. كان لكِ أن ترفضي منذ الأوّل ... "

تمسح وجهها المتوتّر بيدها .. هي نفسها تجهل كيف قبلت به وعقدت قرانها .. لا تتذكّر من يومها غير صوت الزغاريد الخارجة من حنجرة والدتها .. متى وقّعت على العقد أو كيف ..؟ أمور تجهلها .. تجزم أنّها يومها كانت غائبة عن وعيها .. وإلاّ كيف تفعلها ..؟ كيف ترتبط به وهي تحبّ حتّى الموت آخر .. كيف ..؟

تهزّ رأسها بيدها وقد بدأ الألم يتسرّب لها .. تستأذن مبتعدة عنهما .. ليلتفت ما إن غاب طيفها، إلى أخته متذمّرا ..

" ماذا تفعلين أيلول ..؟ ماذا تقصد تيماء بمراهقتكِ ..؟ "

ترفع يديها لتغرسها في شعرها، فيرتفع معها طنين الأساور الذهبيّة التي تزيّن معصمها .. تبتسم له وهي تجيب بدلال ..

" جهاد لا تهتمّ لـ حاقدة مثل تيماء .. اَخبرني متى ستعيد شيماء ..؟ "

أظلم وجهه، كتّف يديه ودخل قوقعة الصمت التي يختفي فيها عن سؤلات أخته .. ذكيّة هذه الـ أيلول كلّما أرادت الهرب من أمور تخصّها ترميه بـ سؤلاها حول شيماء وحول أموره .. قادرة على إستغلال صمته للإبتعاد عن محاسبتها ..

،،
،،
،

/
إنتهى فصلنا الأوّل.


أمة الله غير متواجد حالياً  
التوقيع
،،
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

رد مع اقتباس