10:00 صباحاً
محاصره .. هذا هو شعوري الان .. لا اعلم .. كيف انجو من بين فكي الكماشه .. التي تفرض علي وجوده بحياتي .. من عملي .. الى منزلي .. وجوده اصبح امراً مسلم به .. وهذا لا يريحني .. وان سألتموني ما سر عدم الراحه تلك .. اخبرتكم اني لا اعلم ... فقط انه موجود .. يسبب لي .. حيره .. وافكاري تتخذ شكل دومات كبيره .. تتلاحق خلف بعضها .. مكونه اعصار جبار .. داخل رأسي .. اود لو اقتلعه من تفكيري .. كم اود ذلك .. منك لله يا غتت بيه .. لو لم يضعه في طريقي .. ما كنت بهذا الوضع الان ... اليس هناك خيار مسح الذاكره المؤقت كافيلم men in black .. مسح اليومين المنصرمين من ذاكرتي .. هو كل غايتي ...
احوال المكتب تبدو هادئه .. سهام نقلت الي مكتب مختار .. لكم ان تتخيلوا مدى سعادتي .. اعلم يقيناً انها لا تطيقه .. وهو اعمى البصر و البصيره .. سيحاول اغواءها .. واغراءها بانه العريس المتتظر .. وقتها .. ستقام الحرب الضروس بينهما .. وكم اتشوق لرؤيتها .. علها تشفي غليلي منهما معاً ... والاخر .. نضال الرغاي .. نقل لمكتب مدام كوثر .. لمن لا يعلم من هي مدام كوثر .. هي الشخصيه الاكثر هدوءاً في المكتب .. تتحدث في المناسبات العامه فقط .. اذكر مره واحده تحدثت دون مناسبه .. اقيمت الافراح في المكتب .. وما لا تعلمونه ايضاً .. هي الشخصيه الاكثر صرامه في المكتب .. اعتقد بإن استاذ غتت بنفسه يخافها .. اتذكرون فيلم ( شركة المرعبون المتحده ) .. كانت هناك شخصيه في العمل تخيف ( كرتي البوعبوع ) وجملتها الشهيره ..( انا مرقباك .. وهراقبك .. وبراقبك ) ... ( مدام روز)…. تلك هي شبيه مدام كوثر ... يلا محدش بياكلها بساهل ..
"صباح الخير يا ندوش .. اخبار النص يوم ايه .. ناس لها نص يوم .. وناس تتدعك شغل لاخر اليوم .."..
" صباح القر يا قرده .. النص يوم كان جميل .. مش هتصدقي من هنا .. اقصد عندنا في البيت .."..
" مين ؟.."..
" سونه .. حبيبك القديم .. "..
" خالك المز .. هارتي الصغير .. عامل ايه والنبي .. والحيزبونه مراته .. لسه على ذمته .. ولا قلبها ..عشان اجي ازوره واجيبله ورد والشيكولاته الي بيحبها .."..
" لا .. تعالي .. بس من غير ورد .. لسه على ذمته .. ومعاهم حلا .. حاجه كده .. ياخراشي يا هند .. تتاكل .."..
" اكيد طالعه لسونه .. مراته اكيد وحشه ..صح .."..
" اه وحشه جداً .. وحشه خالص .. وحشه لدرجة اننا جنبها غفر ..."..
" انت عاوزه تقهريني .. وبعدين انتي غفر .. انا مزه والف من يتمناني .. بس هي النفس .."..
" اه صح .. بدليل طابور العرسان الي وصل لاخر مصر .. حوشي يا اوختي الجمال الرباني .."..
" انت بتتريقي ... ماشي .. لما نشوف اخرتك .. بكره تتجوزي تؤم مؤنس .. وتمشي تشيلي في كرشك وكرشه .. قادر يا كريم .."..
" انا .. ابداً .. يغور الجواز لو فيها مؤنس .. ال مؤنس ال .."..
" مش امبارح .. بعد ما مشيتي .. المز جيه على طول .."..
" هند الله يكرمك .. بلاش السيره دي .. "..
" طيب ليه .. الواد قــــمــــر .. وضابط .. وعنده عربيته .. وشقته .. وجاهــ.."..
" انت بتتكلمي على انه عريس بجد .. انت هتصدقي الكدبه انت كمان .. كان شغل عاااادي وخلص .. متزهنيقش انت كمان .."..
" ليه ؟.. مين غيري شاكك .. طنط صح ... سوسو دي توقعتها متخيبش ابداً .. وبكره تقولي .."..
" انت عارفه انو صاحب حسن .. ال و حسن عاوز نمرة الاستاذ عشان يجيب نمرته .. وانا المرسال .."..
" بتهزري .. احنا اكيد نعرفه .. مش كان بيجي مع اصحاب حسن زمان .. يبقى اكيد هنفتكره .. "..
" لا مجاش عندنا .. كان في شله تانيه غير الي كانوا بيجوا عندنا .. معتقدش شفناه قبل كده .. وبعدين متفرقش .. شفناه .. مشفناهوش .. شيليه من دماغك الله يخليكي .."..
" انا قولت حاجه .. انا ساكته اهو .. "..
" تصدقي فعلا .. يا شيخه دا انتي قلبتي نضال خالص .."..
" اخص عليكي .. انا تشبهيني بده .. زعلت منك على فكره .."..
" بطلي رغي .. وانا اسحب منك اللقب ده .."..
" طيب هتعملي ايه .. هتجيبي رقم الاستاذ الخاص ازاي ؟.."..
" عادي هطلبه منه .. وهشرحله الوضع .. مش ناقصه لبس هي .. ليفكرني معجبه بيه .. تبقى مصيبه .."..
" متخيله .. مدام غتت نمبر توو .."..
" وجع يا شيخه .. اتلهي بقى ورانا شغل .."..
احدى اهم مكاسبي من الامس هو انني ليس لدي عمل بالخارج اليوم .. كنوع من العقاب .. وزع الاستاذ غتت مهامي على جوز الغربان .. اذاً منذ زمن بعيد .. اليوم هو عمل مكتبي فقط .. غادرت هند منذ دقائق لانهاء مهامها .. وعكفت انا على احدى القضايا التي اعمل عليها ... مغدقه عليها كل تفكيري .. يجب انهاء دراستها .. واعداد ملف بحيثيتها .. لاسلمها للاستاذ اليوم .. لان موعد جلستها غداً .. واثناء انغماسي في الدراسه .. قاطعتني عده طرقات على باب المكتب المغلق .. لاذن بالدخول .. فكان عم احمد هو الطارق ..
" صباح الخير يا استاذه .. البيه عاوز حضرتك في مكتبه .."..
" شكرا ياعم احمد .. انا هروح حالاً .."..
اغلقت الملفات .. وحملت ما هو بحاجه اليه .. وتوجهت الي مكتب الاستاذ .. مررت خلالها بمكتب مختار .. متجاهله الالتفات اليه بالداخل .. ومنه الي باب مكتب الاستاذ .. اعدت ضبط بدلتي .. وحجابي .. رطبت حلقي .. واجليت حنجرتي .. طرقات صغيره متتاليه .. ثم اذن بالدخول ...
" اتفضل .."..
" صباح الخير يا استاذ منير .."..
"صباح النور يا استاذه .. اتفضلي .."..
" الملف بتاع قضيه الشيكات .. خلصته يا فندم .. لو تحب حضرتك تطلع عليه .. لو فيه ملاحظات .. انا لسه ها راجعه مره اخيره .. اتفضل حضرتك.."..
" تمام .. انت اخبارك ايه؟ .. و ازي الوالد؟ .."..
انا يسألني عن والدي .. غريبه .. نفس المؤشر ذاته .. هناك امر مريب .. يحدث من دون معرفتي .. اعمل بالمكتب هنا منذ ثلاث سنوات .. لم يسبق للاستاذ ان سأل عن والدي ابداً .. بل لم يسبق له ان اعطى احداً نصف يوم عمل .. الا في اشد الاوقات .. رقته وطيبته المفاجأه معي ... تؤكد اتجاه المؤشر .. موضوع ما مريب .. يحاك من خلف ظهري ..
" الوالد الحمد لله بخير .. شكراً للسؤال عنه .."..
" لا شكر ولا حاجه .. الراجل الي يبربي بنت زيك .. لازم الواحد يتشرف بمعرفته .."..
" دا من زوق حضرتك يا استاذ .."..
صمت مريب .. ودقات xxxxب الساعه تزيد من توتري .. وبطني تصدر اصوات من شدده توترها .. يارب .. لا اعلم لما استنجد بك .. الا انه ليس لدي سواك الان ... طرقات خفيفه على باب المكتب ... تبعها امر من الاستاذ بالدخول .. ثم دخول طاغي .. الغرفه الواسعه .. ذات النوافذ العاليه .. والمكتب الاثري .. والمكتبه التاريخيه .. والاستاذ منير بحد ذاته .. اختفوا جميعاً .. لا يوجد سواه وانا .. ورائحه عطره التي تملكت كل ذرات الهواء .. لتخترق رئتاي بكل عنف .. ونظراته المثبته على .. اضاءة المكان من حولنا .. والارض الصلبه التي كنت اقف عليها .. تحولت الي غيامه هشه رقيقه .. نقف عليها .. لتتطوف جزيئتها بين قدمينا .. اخرجني من خيالي الخصب صوت الاستاذ منير .. مخاطبا ً ضيفه .. الذي علمتم بالتأكيد هويته .. اسامه .. لا اعلم بأي عالم كنت منذ لحظات .. ولا ادرك ما كنت عدت منه الى الان ام لا .. شعوري الان غريب .. لم يسبق لي ان شعرت به .. وحالتي النفسيه .. اصبحت اسوء .. شكوكي تزداد .. وقلق رهيب محيط بي .. خير . بأذن الله خير ..
" ها يا استاذه معانا ولا ايه .."..
" انا اسفه يا فندم .. معلش مكنتش مركزه .."..
" لا .. دا اسامه كان بيشكر في مجهودك .. واخلاصك في الشغل .. قلتله انك تربية مكتبي .. لازم تبقي بالشطاره والتفاني ده .."..
" تمام يا فندم .. كله من خير حضرتك .. بعد اذنكم انا هراجع الملف .. واجيبه لحضرتك .. بالاذن .."..
" بعد اذنك يا استاذ منير .. انا كنت محتاج الاستاذه ندا في استشاره بخصوص العقود .. بعد اذنك طبعاً .."..
" وماله اتفضلوا على مكتب الاستاذه .. اتفضلوا انتوا .. انا عندي شغل ضروري .."..
لاااااا .. لا اريد .. اي استشاره تلك التي يريدني بها .. عمك امامك .. وداهيه قانونيه .. اسأله هو .. ما دخلي انا .. انت تتلذذ بعذابي .. تعلم ما يثير حنقي وتفعله .. من سلطك علي .. من اذيت يوماً .. لاقع فريسه تحت فكك .. ارحمني رجاءاً.. وصلنا مكتبي .. وبتأفف واضح .. طلبت منه الجلوس .. تاركة باب المكتب مشرع على اخره .. ليجلس بكبر وخيلاء .. واضعا ساق فوق الاخرى .. وينقر بأطراف اصابعه الرفيعه الطويله على سطح مكتبي .. حتى اصابعك .. تفحصتها .. منك لله يا اخ .. انت تحملني ذنوب بسببك ...
" اتفضل .. اامرني .. محتاج ايه بالضبط في العقود .."..
" هو مش عقد بالضبط .. هي خطبه صغيره فاشله .. اتقالي فيها بالضبط ( انا في حالك وانت في حالي) .. وانا بصراحه .. جاي اوثق الجمله دي .. ينفع .. لاني عاوز اطمن على حالي عندك .."..
" استاذ اسامه .. انت جاي تهزر .. وانا معنديش وقت للكلام الفارغ ده .. ارجوك احترم عمك .. ونفسك .. ومتتعرضليش تاني .. ارجوك .."..
" انا متعرضتش ليكِ .. انا جاي اطمن عليكي .."..
" لو سمحت .. انا مليش في الكلام الفارغ ده .. ومبحبش الاسلوب ده في الكلام .. اتفضل لو سمحت انا عندي شغل .."..
" ولا انا ليا فيه .. انا جاي من باب البيت زي ما بيقولوا .. بس مينفعش ادخل .. غير لما تديني الاذن .."..
" استاذ اسامه .. الكلام ده .. مبيبقتش كده .. ولا هنا .."..
" طيب خلاص اتفقنا .. انا هكلم السيد الوالد .. ونتفق على معاد للزياره .. تمام كده .."..
" بابا .. زياره .. انت بتقول ايه .."..
" بقول نجي نتقدم ليكي في البيت .. ولا انت عندك مانع .."..
" اه .. عندي .. عندي مانع .. و.. و مش موافقه على حضرتك .. و كمان .. و انت جرئ .. ازاي .. طيب انا ... انا مش .. مش مستعده لارتباط .. وصغيره .. والشغل .. وخالو .."..
" طيب .. اهدي وركزي .. "..
" انت صاحب خالي .. حسن المنصوري .. يبقى خالي .. وصاحبك .."..
" طيب شوفتي .. كل الطرق بتؤدي لروما ... ملكيش حجه بقى .."..
" ليه ؟!.."..
" هو ايه الي ليه .."..
" ليه انا .. مش اي بنت تانيه .. "..
" هو حد بيسأل النصيب ليه .. "..
" وانت بقى نصيبي .."..
" والله .. اتمنى .."..
" انا .. انا مش عارفه .. مش فاهمه .. كل حاجه كده لخبطتني .. وبصراحه .. معنديش رد دلوقتي .."..
" تمام .. هسيبك تفكري .. يومين كويسين .. اه .. يا ريت تديني رقم حسن .."..
" ليه .."..
" عادي ،. صاحبي .. ولا دي كمان تلخبطك .."..
" لا ابدا .. ثواني اطلع المويبل .. عشان مش حافظه الرقم .."..
فتحت حقيبتي .. لاخرج منها هاتفي المحمول .. وعيناه لم تفارق تحركاتي .. اخضع اثناء وجوده .. لمراقبه رهيبه .. كأنني لصا ما .. لمحت ابتسامته بطرف عيني .. حين برزت حافظه النقود .. لابتسم تباعاً .. متذكره المحاضره التي القيتها على مسماعه .. حين لمح حافظتي لاول مره .. تاريخي الحواري معه سئ للغايه .. ولا اعلم ما هي مستقبلية حوارنا هذا .. كل ما اريده بالفعل .. ان يأخذ الرقم ويرحل في الحال .. اريد الاختلاء بأفكاري .. التي زادت اضطرابتها بعد طلبه الصريح .. هند وسوسو .. توقعاتهم لم تخب .. انا من كنت غبيه لاقرا جيدا مابين السطور .. الي فيه الخير يقدمه الله .....
|