عرض مشاركة واحدة
قديم 28-07-14, 03:30 AM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

حيث تقف سيارات الأجرة ,لم يكن هناك سوى رجل واحد ينتظر , ورأت ايرينا تلك الكتفين العريضتين وذلك الظهر الطويل المستقيم ,وغاص قلبها بين جنبيها ,ها هو ذا مرة أخرى .
قال دانيال ببشاشة :"إذا لم تكن الطرق مزدحمة , فسنصل إلي شقتنا بظرف ساعة ,ولكن ذلك قد يستغرق ساعتين إذا كانت مزدحمة , هل أنت متعبة يا صغيرة؟انك شديدة الشحوب ."
" بل أنا بخير."
قالت ذلك وسيارة أجرة تقترب فيخطو ذلك الرجل نحوها ليأخذها ,نظر إليه دانيال لحظة وما لبث أن هتف بعدها :" استيبان "
فالتفت الرجل بنفور واضح ,ودون أن يظهر أية دهشة ما جعل ايرينا تدرك انه كان قد رأى دانيال منذ فترة قال له :"مرحبا دانيال ."
فقال دانيال : لم ألحظك من قبل ."
هز الرجل كتفيه :"لا باس , فالديك ما يشغلك ." وتحولت عيناه لحظة خاطفة نحو ايرينا , فبدت أسنان دانيال الناصعة البياض بابتسامة واسعة :"كنت فعلا كذلك."ونقل نظراته بينهما :"ايرينا,أقدم إليك استيبان سيباستيان . مدير التسويق في سنتنال و وهو أيضا,من أهل بلدك .....أن ايرينا يا استيبان , قادمة للعمل في قسم الترجمة لفترة الصيف .ومن غرابة الصدف أنها اسبانية هي أيضا."
ادى استيبان لها شبه انحناءة وهو يقول بالانكليزية بأدب بالغ البرودة:" تشرفنا."
فتمتمت بكلام غير مفهوم دون أن تقابل عينيه تماما.
وضع سائق سيارة الأجرة حقيبة استيبان داخل السيارة ,ثم صعد إلي خلف عجلة القيادة وهو ينظر إليهما قائلا :"حسنا ,من منكم سيأتي معي ؟"
فصعد استيبان إلي العربة , ثم نظر إلي خلفه يسألهما باقتضاب :" أتحبان أن تشاركاني السيارة ؟"
ولحسن الحظ , كانت سيارة أجرة أخرى تقترب منهما في هذه الأثناء , فرمق دانيال ايرينا بنظرة سريعة رأى فيه التعبير الذي بدا علي وجهها ما جعله يجيبه قائلا :" شكرا ,يا استيبان ,ولكننا سنأخذ السيارة الثانية ,إذ لم نجد فرصة نتحدث فيها بعد ."
قال استيبان لأويا شفتيه " طبعا إلي اللقاء في المكتب ." وانطلقت به السيارة فتنهدت ايرينا بارتياح ,وبينما كانت تصعد إلي المقعد الخلفي , كان دانيال يناول سائق السيارة حقيبتها .
قال لها وهو يجلس بجانبها :" هل افهم من تصرفك انك لم تنسجمي مع استيبان ؟"
فقالت متلعثمة :"انه غير ودود تماما."لم تشأ أن تخبر دانيال عن تلك الحادثة السخيفة في الطائرة ,أو أنها تشعر بان استيبان شعر بالنفور منها,كانت بعض الأشياء من الغموض بحيث لا يستطيع المرء شرحها ,وإذ كان دانيال رجلا منطقيا واقعيا,فهو سيعتبر مشاعرها مجرد تخيلات .
قال لها دانيال رافعا حاجبيه :" لا أرى لديك سوى حقيبة واحدة ,ألا تحتاجين إلي أكثر من حقيبة ملابس إذا كنت ستمضين هنا عدة أسابيع ؟أنني اعلم أن روز كانت ستحتاج إلي سيارة فان محملة بالملابس لو كانت مكانك ."
قالت له وقد احمر وجهها :" لا املك ملابس غير هذه."
نظر دانيال إليها غير مصدق :"يا له من اعتراف من امرأة تعيش في باريس , حسنا , سنرى ما يمكن أن نفعله بهذا الشأن أثناء وجودك هنا,أن هذا سيدفع روز إلي أخذك للتسوق ,فلندن هي أيضا مركز للموضة , خصوصا بالنسبة للملابس الانكليزية التقليدية ."
بدا الذعر علي ايرينا , وتمتمت بحرج :"أرجوك ألا تذكر ذلك لروز , فانا لا استطيع أنفاق كل نقودي علي الملابس ,وعلي كل حال,فان لدي كل ما احتاجه ."
نظر إلي الطقم الفيروزي اللون الذي ترتديه ,وقد بدا الإعجاب في عينيه , ثم قال :" ثوبك هذا جميل للغاية ,من أين اشتريته ؟"
" لقد صنعته بنفسي."
" أحقا ؟" وعاد يتأملها من جديد بإعجاب واضح :"انك فتاة ماهرة تماما ."
فاحمر وجهها :" أنني أخيط اغلب ملابسي بنفسي علي آلة خياطة اشتريتها مستعملة من سوق البضائع المستعملة ."
وكانت قد اشترت القماش من التنزيلات بنصف الثمن ووضعت تصميمه بنفسها ,أيضا,فكان بهذا ارخص كثيرا من ثوب جاهز تشتريه من المتجر.
كان زحام السير خفيفا هذا النهار ,وهكذا استغرق وصولهما إلي الشقة ساعة فقط,والتي كانت في بناية جديدة قريبة من نهر التايمس , وعلي بعد مسافة قريبة من مجمع باربري وارف . أشار دانيال إلي المجمع هذا يريها إياه فأخذت تحدق إليه وقد اتسعت عيناها.
كان زجاج النوافذ المغشى بالسواد يلتمع في أشعة الشمس ,بينما المبنى المثمن الأضلاع ينعكس شكله في مياه النهر بجانبه,كان ثمة شيء وحشي في بنائه ,لمحة في شكل الحصان ,أو شيء يتوارى خلف جدران عاليه ,بعث قشعريرة في جسم ايرينا .
ألقى دانيال عليها نظرة جانبيه ماكرة ,وهو يقول :"لا تدعي الذعر يتملكك لمظهر المجمع هذا ,إذ سرعان ما ستشعرين وكأنك في بيتك ."
فقالت بصوت ضعيف :" هذا ما ارجوه ."أي فرق هنا سوى أعجبها العمل هنا أو لم يعجبها؟ كانت بحاجة إلي النقود ومن حسن حظها أن وجدت هذا العمل .
بعد ذلك بدقائق , أنزلتهما السيارة عند باب المبنى الحديث والذي كان بني حوالي نفس وقت بناء باربري وارف . واستقلا المصعد إلي الطابق الثالث , فتح هو الباب الأمامي ووقف جانبا لكي يدعها تدخل أولا , ومن ثم تبعها حاملا الحقيبة .
قال لها :" فلنذهب أولا ونرى الغرفة التي ستقيمين فيها ."وسار أمامها في الممر الضيق , يريها كل غرفه كان يمران بها , كانت غرفتها في نهاية الممر , ففتح بابها لتقف هي علي العتبة تحدق حولها ,وقد تملكها السرور لرؤية هذه الغرفة الفسيحة المضيئة , والتي كانت مؤثثة بشكل بسيط وعصري .
كانت الجدران مدهونة باللون الأبيض , والسجاد والستائر بلون أشعة الشمس ,بينما الأثاث كان من خشب الصنوبر ذهبي اللون ,وكانت هناك نوافذ بالغة الاتساع ,كانت تطل علي منظر النهر , وكان ثمة خزانه للثياب محفورة في
الجدار ذات باب انزلاقي وهو شيء لم تره ايرينا قط من قبل ,كما كان هناك مقعد بذراعين يواجهه جهاز هاتفي وصف من الكتب علي رف بجانب السرير."
قالت ايرينا لاهثة :" أنها رائعة ."
فابتسم دانيال :"أنا مسرور لأنها أعجبتك سأتركك الآن لتنظيم أمتعتك والتعود علي بيتك الجديد , فإذا احتجتني فسأكون في المطبخ , أن روز لن تتأخر . آه ,بالمناسبة أننا سنتناول عشاءنا في الخارج هذه الليلة , في مطعم بيير قرب باربري وارف ,انه سيعجبك جدا ."سكت لحظة ثم عاد يقول برقة :" هناك شيء آخر , أنني اعرف أن من الأسهل علينا التحدث باللغة الفرنسية , ولكن من الآن فصاعدا عليك أن تتدربي علي التحدث باللغة الانكليزية , كما تعلمين , فهذه لندن , وهذا هو السبب في وجودك هنا,لكي تحسني لغتك الانكليزية ."
احمر وجهها و أومأت وهي تقول بالانكليزية بحذر :"اعلم ذلك ,وسأتكلم الانكليزية من الآن فصاعدا ."
" هذا حسن ."ابتسم لها,ثم أغلق الباب تاركا إياها وحدها .
تنهدت بعمق ثم اتجهت نحو النافذة تنظر منها وهي لا تكاد تصدق ما ترى...
كان نهر التايمس يجري هادئا أمامها كان يقوم مجموعة مبان مرتفعة ذات سطوح رمادية مدببة كانت تمثل ناحية من عظمة لندن ,وبدا لها ذلك من الغرابة والبعد عن المألوف بحيث تمنت لو تعود إلي باريس ,أنها لن تنسجم أبدا مع مكان كهذا .
في هذه اللحظة كانت جينا تيريل تقف عند نافذة مكتبها الكائن في مجمع باربري وارف ,تنظر إلي أشعة شمس الأصيل المنعكسة علي مياه النهر,هي , أيضا , بينما كانت تتحدث من فوق كتفها.
" نعم ,لماذا لا تدعينها إلي حفلة زفافك يا هيزل ؟أن هذا سيسر روز,وأنا واثقة من انك ستحبين ايرينا , فهي حلوه وخجول...."
قال هيزل ضاحكة :" أنها لا تشبه روز إذن ؟"
فضحكت جينا :"لا أظن روز يعجبها أن توصف بأنها حلوة خجول ,علي كل حال ,
كلا, لا يمكنك أبدا أن تتكهني بأنهما من والد واحد ,حتى أن ايرينا لا تشبه والدها ,وأظنها تشبه والدتها."
"أتريد أن تصبح مراسلة هي أيضا؟"
كانت هيزل تتكلم بينما تنظم الملفات في أماكنها,فهزت جينا كتفيها,
قائلة :" ليس لدي فكرة عن ذلك ,ولكنني لا أظنها من ذلك النوع ,أنها بالغة الحساسية ,كما تبدو,ولكنها ماهرة في اللغات مثل روز ديسموند,
وهذا ما تدرسه في جامعة السوربون في باريس ,ولكنها ستسر كثيرا بحضور عرس انكليزي ,ومن اللطف البالغ أن تفكري في ذلك ,يا هزل."
"حسنا ,أظنها ستشعر بالإهمال إذا أنا لم ادعها,حيث أن روز و دانيال سيكونان موجودين ."
" الم ينته صنع ثوب الزفاف بعد ؟"
"القياس الأخير له سيكون الأسبوع القادم ." وفي تلك اللحظة ,تناهى إلي سمعهما صوت باب يصفق ,فرفعت جينا رأسها بحدة ,ثم تبادلت و هيزل النظرات .
"لقد عاد"
كان نيكولاس كاسبيان مشتركا في اجتماع طويل مع واحد من رؤساء اتحاد الطابعين ,ومن الضجة التي أحدثتها عودته كان ظاهرا انه في مزاج سيء ,و أن لم يكن هذا غريبا عنه,فقد كان مستغرقا في المشاكل مع أكثر الاتحادات البريطانية وذلك منذ استلامه صحيفة سنتنال . من ناحية لأنه كان يحاول تحديد ساعات العمل والأجور,وذلك لكي تسير علي نفس الخط المعمول به في صحفه الأخرى في أوروبا ,ومن ناحية أخرى لان العمال الانكليز لم يكونوا يثقون بتصرفات أصحاب العمل,فهم يناضلون ضدهم كلما و أينما استطاعوا ذلك .
أسرعت جينا نحو مكتبها لتجمع حاجياتها,فقد كان المكتب للسيد جورج تيريل جد زوجها جايمس تيريل والذي كان توفي منذ ست سنوات , وعندما انتقلت صحيفة سنتنال من شارع فليت ستريت إلي مجمع باربري وارف, كان هذا المكتب الأثري المكسو سطحه بالجلد في مكتب السير جورج ,ولكن عندما مات واستلم نيكولاس كاسبيان الصحيفة ,استلم أيضا مكتب السير جورج , وشعرت جينا بالمرارة لجلوس نيكولاس خلف ذلك المكتب ,فقد كانت اعتبرت نيكولاس كاسبيان مسؤولا عن وفاة الرجل العجوز ,إذ انه لو لم يحول السيطرة الكاملة علي الصحيفة ,ربما كان السير جورج مازال علي قيد الحياة ,وكانت رؤيتها له خلف ذلك المكتب دليلا ساطعا علي انتصاره,
وعلي انهزام الرجل العجوز وموته .
علي كل حال,عندما أقنعها نيكولاس بالبقاء في الصحيفة ,نقل هذا المكتب إلي غرفة مكتبها ......وكانت هذه لفته ذكية منه خففت من قلة ثقتها به,
فقد كان نيكولاس يعرف شعورها,وكان هذا شيئا يثير ضيقها لأنها لم تكن تريد أن يعرف نيكولاس كاسبيان الكثير عنها .
قالت بصوت اجش وقد شحب وجهها :"أنني ذاهبة ."لقد كانت تتجنب مقابلة نيكولاس قدر بإمكانها وكان ذلك سهلا عليها أكثر أيام السنة ,لأنه كان يمضي أياما طويلة خارج لندن فقد كانت مؤسسته الدولية للنشر تملك صحفا في كل عاصمة أوروبية ,وعندما يكون في الخارج في أحدى صحفه ,كانت تمضي أسابيع دون أن تراه , ولكنه الآن في لندن منذ أسبوعين ما جعل التوتر يتملكها فقد كان له تأثير مدمر علي أعصابها ,كما أنها حاليا ,
كانت تشعر بتعب بالغ ما يجعلها غير قادرة علي مواجهته وهو في أحدى نوبات غضبه هذه.
لكن وقت الهرب قد فاتها ,فما أن كانت علي وشك الخروج ,حتى دخل نيكولاس كاسبيان إلي المكتب ,فشمل جينا بنظرة شاملة , كان وجهه تكسوه البرودة ,ولكن كان في عينية سؤال عرفته جينا,فصرفت بأسنانها .
قال ساخرا :" أراك تراقبين الساعة ؟"
" لدي موعد هذا المساء ."
فتوتر فمه :"مع من؟ فيليب ؟"
"نعم ."تمتمت تجيب بذلك بينما أهدابها مسبلة تخفي عينيها الخضراوين اللوزيتي الشكل ,حاولت أن لا تنظر إليه ,ولكن صورته دوما لا تبارح ذهنها,
ولكن عينيها كانتا ترمقانه بسرعة ,تارة ثم تبتعدان تارة أخرى .
كان نيكولاس في منتصف الثلاثينات من عمره ,قوي البنية ,ذا جسم رشيق مرن .
لم تكن جينا قد عرفت شيئا بعد عنه أو عن أسرته ,حتى ولا مسقط رأسه أو مكان نشأته,لقد حاولت صحف أخرى أن تجري تحقيقا ,ولكنها لم تخرج بسوى شيء قليل جدا , رغم أنها جينا قد قرأت مره أن والده زاكاري كاسبيان ,
كان ميتا ,لم يكن نيكولاس يتحدث قط عن نفسه أو ماضية , ومن كان يلقي عليه مثل هذه الأسئلة كان يقابل بالبرودة والصمت .
كان ثمة شيء وحيد واضح ,وهو أن لون بشرته كانت تنبئ بأنه من عنصر لاتيني ,فقد كانت سمراء اللون,ورغم ذلك كان من المدهش أن عينيه كانتا ذات لون ازرق فاتح ,وكانتا في تلك اللحظة ,تلتمعان غضبا.
"حسنا,أريد كلمة معك قبل خروجك ....فهل لك أن تدخلي إلي مكتبي ؟"قال ذلك بصوت أجش ,ثم نظر إلي هيزل :"هل تلك الرسائل جاهزة لتوقيعي ؟"
" نعم ,جميعها ."أجابته بذلك بصوتها الهادئ كالعادة ,حاملة ملفا يحتوي علي رسائل سبق وطبعتها.
تناولها نيكولاس بصبر فارغ ثم استدار عائدا إلي مكتبة ,نظرت جينا و هيزل إلي بعضهما البعض بعبوس ,ثم تبعته جينا مغلقه الباب خلفها.
كان نيكولاس جالسا خلف مكتبه يوقع الرسائل بحركات سريعة من قلمه الذهبي .
سألته جينا وهي تقف في الناحية الأخرى من الغرفة ,قرب الباب:"أنني مستعجلة فهل الأمر هام ؟"
لكن رأسه لم يرتفع , ولا كف قلمه عن الحركة , وإنما قال ببرودة:"نعم,لن أتأخر أكثر من لحظة , أريد أن انهي التوقيع علي هذه لكي نستطيع إرسالها ببريد هذا النهار."
أخذت جينا تنظر حولها إلي الجدران المبطنة بخشب السنديان المذهب و أشعة شمس الأصيل تومض فوقه,وإذا بها تلحظ فجأة أن صورة والد السير جورج تيريل قد نقلت من مكانها المعتاد بين النافذتين ووضع مكانها صورة رجل قصير القامة إلي حد بدا معه وكأنه كان قزما , أو بما كان ذلك نتيجة الوضع الذي كان جالسا فيه علي الكرسي , محني الكتفين ,بينما عيناه شاردتان في مكان بعيد ,كان اسمر البشرة والعينين ,رمادي الشعر خفيفة ,وقد سرح إلي الوراء .
كان نيكولاس قد انتهى من توقيع رسائله ورفع عينيه بنظر إليها وهي تحدق إلي اللوحة ,فقال باختصار :" انه والدي ."
" آه."وألقت جينا عليه نظرة سريعة ,إذن فهذا هو زاكاري كاسبيان؟أن نيكولاس لا يشبهه , وعادت تنظر إلي اللوحة ,فقال نيكولاس بصوت كئيب:" أنها أفضل صورة له,وقد علقتها والدتي في منزلها,في سان فرنسيسكو سنوات طويلة ,ولم أكن أظن علي الإطلاق أن من الممكن أن تنفصل عنها,ولكنها قد أرسلتها إلي لتوها."
" هل تعيش والدتك في أمريكا ؟" ولم تكن جينا تعرف هذا,حتى أنها لم تكن تعرف ما إذا كانت والدته ما تزال حيه .
فأومأ برأسه وهو ينقر علي سطح المكتب بأصابعه كعادته حين يكون غاضبا أو فارغ الصبر , وتابع يقول :" هذا ما أريد أن أتحدث إليك عنه,أنني أفكر في اتخاذ منحى جديد في الولايات المتحدة ,وذلك بالذهاب إلي الساحل الغربي لأرى الوضع هناك , أنني سآخذ معي هيئه من المديرين لدراسة الوضع ورؤية أن كان ثمة إمكانيات جيدة أم لا , وأريدك أن تكوني ضمن الهيئة تلك .
شعرت جينا بالتوتر يتملكها ,فقالت ببطء وقد بدا الحذر في عينيها كقطة خائفة :" أتريدني أن اذهب إلي كاليفورنيا ؟ليس من ورائي فائدة بالنسبة إلي دراسة الإمكانيات هناك , فانا لست خبيرة بمثل هذا الأمر."
" لكنك دوما تصرين علي أن تكوني شريكة في السلطة ,وان تعرفي كل ما يدور ,ولماذا تصدر القرارات ,لن يكون بإمكانك المشاركة في الإدارة إذا كنت لا تغادرين لندن , أو تعرفين ما يحصل في بقية المؤسسة ."
فقالت بحدة :"أن مؤسسة كاسبيان لا علاقة لها بي . أنني من مؤسسة تيريل ."
فتمتم غاضبا :" انك تزوجت من آل تيريل , هذا صحيح,ولكنه ,لا يجعلك منهم"
حدقت إليه باستياء ومرارة ,وقد التهبت عيناها ,كان هذا صحيحا بالطبع,
ولكنها مع ذلك ,تشعر بأنها من أسرة تيريل ,فقد كانت تعلم أن السير جورج كان يعتبرها من أفراد أسرته .....وكان هذا هو السبب في انه أورثها أسهمه وأوصاها بان تتابع مسيرته بعد وفاته .
" لقد أصبحت من أسرة تيريل بعد زواجي من جايمس ."
ألقت إليه بهذا الجواب , فهب واقفا ,واستقام جسمها واستيقظت أحاسيسها , ربما كانت تكره وتحتقر نيكولاس كاسبيان ولكن وجودهما معا في نفس الغرفة كان له وقع الكارثة عليها حتى أنها لم تعد تسيطر علي مشاعرها .
فتمتمت تقول بصوت أبح وهي تجاهد في سبيل التظاهر بالهدوء :"أنني لا أريد الحديث عن ذلك ,فكل ما يهمني هو ما يحدث في سنتنال ,فلا تحاول أشراكي في أعمال مؤسسة كاسبيان ."
استدارت نحو الباب وهو لا تكاد ترى ما أمامها ,ولكن نيكولاس كان قد أصبح خلفها يمسك بذراعها بقبضة من حديد .
" لا تتركيني بهذا الشكل يا جينا."
لقد شعرت بخوف حقيقي هذه المرة , ولكنها جاهدت في سبيل إخفائه وذلك بقولها بحدة :"كم مرة قلت لك أنني اكره أن تلمسني ؟"
" لقد وصلت إلي حد لم اعد ابالي معه ."تمتم بذلك وهو يحدق في وجهها بشكل أخذت معه ترتجف وهي تبادله التحديق , متنفسه بصعوبة.....وعند ذلك تصاعد رنين الهاتف الموضوع علي المكتب فأجفلت جينا بعنف .
وقف نيكولاس لحظة طويلة لا يحول عينيه عن وجهها الشاحب ,ثم ما لبث أن ترك ذراعها واستدار عائدا إلي المكتب حيث انتزع السماعة من مكانها.
ثم سال بحدة :" نعم ؟" ثم اخذ يستمع ,وظهره إلي جينا التي كانت من الارتجاف بحيث لم تستطع الخروج من الغرفة ,فقد كان قلبها يخفق بعنف ما جعلها تشعر بالغثيان كما أصبحت ساقاها برخاوة الماء.
" ماذا ؟"قال نيكولاس ذلك بخشونة , فنظرت هي إليه كما التفت هو يحدق فيها أثناء استماعه إلي ما كان يقال له خلال الهاتف .
تملك جينا حدس جعلها تبقى , محدقة في وجه نيكولاس الخشن ,كان الشحوب يكسو وجهه وقد قطب حاجبيه , وأظلمت عيناه,ما الذي حدث؟ اهو خبر سيء ؟ولكن ما هو نوع ذلك الخبر؟أتراه متعلقا بالعمل ,أم هو شخصي؟
سال نيكولاس :"هل أنت واثق من أنها موجودة علي متنها ؟"وعندما سمع الجواب قطب جبينه :" نعم ,فهمت ,كلا,ستأحدث إليها بنفسي,فقط ابقى هناك , وأعلمني علي الفور بكل ما يحصل ."
وضع السماعة , ثم استدار ينظر إلي جينا ,ولكنه لم يقل شيئا للحظة طويلة وقد عض شفته وكأنه يفكر بما عليه أن يقول,أو كيف يقوله .
سألته جينا وقد تملكها الانزعاج والحيرة :"ماذا حدث ؟"
تنهد نيكولاس :" أنها روز ."
فشهقت جينا :"روز؟لقد عادت من روما منذ ساعات ....وكانت تستقبل ايرينا في المطار....."
فقاطعها بهدوء :"لقد تأخرت طائرة روما,فقد كانوا تلقوا إنذارا بوجود قنبلة فيها,فبقوا ساعات يفتشون الطائرة ولكنهم لم يجدوا شيئا, وهكذا انطلقت الطائرة متأخرة أربع ساعات ."
كانت جينا ترتجف وقد شحب وجهها , وأخذت مخيلتها تقفز مذعورة إلي النتائج , متصورة ما لم يكن بإمكانها احتماله :" آه,كلا...كلا...ليست روز..."
فقال نيكولاس بسرعة :"أنها لم تمت , يا جينا ,فلم يكن هناك قنبلة ."
تنهدت بارتياح , ثم عادت عيناها الخضراوان تتسمران علي وجهه بعنف :
" ماذا ....إذن ؟"
فتنهد قائلا : لقد كان التحذير باللغة الانكليزية ولا بد أن عامل التلغراف لم يفهمه جيدا , لم يكن هناك قنبلة ,وإنما إرهابيون داخل الطائرة "
" إرهابيون!" عضت جينا شفتها بعنف شعرت معه بطعم الدم في فمها.
" لقد اختطفوا الطائرة وهم يرغمون الطيار علي التوجه الآن نحو قبرص."
كان الذي يحدثني بن وينتر احد مراسلينا وكان وصل لتوه إلي مطار نيقوسيا من لندن ,لقضاء عطلة أسبوعين , وكان يقف في الصف ليوقع علي استئجار سيارة كان قد حجزها , عندما امتلأ المكان فجأة بالجنود ورجال الشرطة آمرين الجميع بالخروج وترك المنطقة في الحال . وطبعا, رفض بن الخروج مخرجا بطاقته كصحافي , وهكذا حصل علي القصة قبل أي شخص آخر,
قال أن من الصعب أن يعرف بالضبط من هم أو ما الذي يحدث ,ولكن يبدو أن هناك اثنين أو ثلاثة من الإرهابيين ,وعندما اكتشف أن الطائرة قادمة من روما إلي لندن , تذكر أن دانييل اخبره بان روز قادمة من روما اليوم ."





Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس