آخر 10 مشاركات
عِـشـقٌ في حَضرَةِ الـكِـبريآء *مميزة مكتملة* (الكاتـب : ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          حطام أنثى-قلوب زائرة- للكاتبة المبدعة*منة الله مجدي**مكتملة & الروابط* (الكاتـب : منة مجدي - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          أصعب سؤال ... للكاتبة بسمه براءة ، مكتملة (الكاتـب : هبة - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          موعد مع القدر "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : athenadelta - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          221 - مدللة - جيسيكا هارت (الكاتـب : Fairey Angel - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-10, 02:06 PM   #11

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء الثامن

وقف حُسين مصدوماً و هو يستمع لحديث حبيب لسميرة .. كم شعر أنه حشرة سامة تحوم حول سميرة الرقيقة النقية الطاهرة .. ود لو يهجم عليه و يقتله .. راودته هذه الفكرة بإلحاح ..
(( سأقتلك يا حبيب ! سأقتلك ! سأقتلك ! سأقتلك ! ))
لم ينتبه لنداءات العم طاهر له ..رفع رأسه بسرعة و أجاب :" نعم "
ابتسم العم طاهر و ربت على كتفه قائلاً :" تعال لنتكلم في الحديقة "
زفر حُسين و نظر لحبيب و هو يقف بجانب سميرة و كم أزعجه استسلام سميرة له و عدم ايقافه عند حده ..
عاد ينظر للعم طاهر و ترك كوب الشاي جانباً و قال :" هيا "
مشى العم طاهر مع حُسين إلى الحديقة .. و جلسا على المقاعد البلاستكية و الرياح الخفيفة تحرك ملابسهما و قبعة العم طاهر و شعر حُسين ..
ابتسم العم طاهر و هو يتأمل حُسين ثم همس بحنان :" قل لي ما قصتك يا حُسين ؟ "
شعر حُسين بوغزة بقلبه و كل خوفه بأن العم طاهر علم بالقصة !! .. همس بارتباك :" أية قصة ؟! "
ابتسم العم طاهر :" لمَ لم تتزوج إلى حد الآن ؟! "
عقد حُسين حاجبيه ثم قال بانزعاج :" لستُ الوحيد الغير متزوج .. سميرة و حبيب لم يتزوجا بعد أليس كذلك ؟"
ابتسم العم طاهر و قال :" سميرة لم يأتها نصيبها و ذلك ليس بيدها و حبيب كان متزوجاً و انفصل عن زوجته و لهذا فهو يتريث قليلاً ليتزوج مرة أخرى "
و نظر لحُسين نظرة عميقة ذات معنى :" و أنت لماذا لم تتزوج لحد الآن ؟ أظنك بلغت الثلاثين "
أُصيب حُسين بالوتر الحساس و لم يجد جواباً لهذا السؤال فارتبك و أشاح بوجهه قائلاً :
" مالي و الزواج ؟! "
همس العم طاهر بجدية :" أتواجه مشكلة يا حُسين ؟!! "
نظر له حُسين و قلبه يقرع كطبل افريقي مجنون .. عاد يشيح وجهه و الرياح تحرك شعره الأسود الفاحم .. فقال العم طاهر :" أخبرني بالمشكلة ربما أستطيع حلها يا حُسين و لا تضيع عمرك سُدى "
أغمض حُسين عينيه بانزعاج ثم قال بحدة :" لا أواجه أية مشكلة و لا ينقصني أي شيء "
" إذاً فلتتزوج يا حُسين .. أنت مهندس ناجح .. شاب وسيم .. خلوق و متزن ..يمكنك بناء حياتك الزوجية على أساس قوي "
عض حسين على شفتيه و نهض ثائراً .. و تامله العم طاهر و هو يغادر .. و همس بينه و بين نفسه
(( حسين ، ما الذي تخفيه ؟))
--
بعد يومين يقف السيد عبد الوهاب على مقربة من غرفة تقوم سميرة بإعدادها و تنسيقها .. ابتسم و هو يفتح الباب بهدوء فيرى سميرة مشغولة بالكنس و التنظيف و هي ترفع شعرها الأملس .. لم يحب أن يباغتها .. فابتعد عن الغرفة بضعة أمتار و تنحنح حتى اقترب مجدداً و طرق الباب ..
ارتدت خمارها على عجل و قالت :"تفضــل "
فتح الباب مبتسماً و همس :" مرحباً سميرة "
ابتسمت ابتسامة واسعة و هي تدلك ذراعيها بإرهاق :" أهلاً سيد عبد الوهاب "
اقترب قليلاً و قال :" لماذا هذا العمل من الصباح الباكر يا سميرة ؟"
" المستأجر الجديد سيأتي الليلة "
هزّ رأسه قائلاً :" الله المعين !! أخشى فعلاً أن يكون ثقيل ظل .. "
ابتسمت فقال :" سميرة أأسألك سؤال خاص ؟"
" تفضل "
اقترب اكثر و اتكئ على السرير هامساً :" لو تقدم لك أحد ليخطبك .. و أمرك بترك عملك .. هل ستوافقين ؟!"
ابتسمت مندهشة من نوعية السؤال ثم قالت و هي تفكر :" ممم ، ربما ! .. لكني سأحاول أقنعه بحبي لعملي"
هنا جاء صوت العم طاهر :" سميــره ! تعالي "
أسرعت بالخروج من الغرفة و عبد الوهاب يشيعها بناظريه ..
--
وقف حبيب أمام المرآة يسرح شعره المجعد .. ثم يمسح بقليل من العطر خلف أذنيه .. ابتسم بمرح و خرج من غرفته ليرى حسين الذي يمشي بهدوء بمعطفه الطويل الأسود و هو يلف السكاف حول رقبته .. فتح الباب ليخرج ... فأسرع حبيب بارتداء حذاءه ليلحقه ..
و في الطريق .. يمشي حُسين سارحاً على الرصيف .. ثم انتبه على صوت حبيب يناديه :
" حُسين .. "
استدار حُسين فرأى حبيب و هو يقترب منه و ابتسامة واسعة على شفتيه .. عقد حاجبيه بانزعاج فأقبل حبيب يقول :" إلى أين يا حُسين ؟"
نظر له حُسين بنفور و همس :" إلى الحلاق "
و مضى في طريقه .. فأسرع إليه حبيب قائلاً :" سآتي معك"
و مشيا في الطريق الطويل ، حبيب نظر لابن خالته و ملامح الانزعاج على وجهه .. و كان يقول بينه و بين نفسه :" آهٍ منك .. كيف أدعك تعذرني ؟! "
همس :" حُسين ! إلى متى ستظل تعاملني هكذا ، أنا أعتبرك أهلي الذين تشتتوا ..أرجوك "
نظر له حُسين بنظرة باردة و مشى .. فقبض حبيب بيده على زنده و همس و هو يتلفت حوله :
" أنا كنت مراهقاً .. لم أكن واعياً .. لقد تهيأت لي أشياء كثيرة في ذلك الوقت .. بعد أن شاهدت ذلك الفيلم اللعين .. لم أستطع المقاومة .. "
نظر حُسين له بحدة و همس بعصبية :" لا تقل لي أنك كنت مراهقاً .. كنت مُقبل على العشرين ..فكيف لم تتمكن من ضبط نفسك"
و مضى مسرعاً .. فاحتار حبيب ما يرد ثم ركض خلفه و صاح :" حُسين "
توقف حُسين متنهداً .. فوقف حبيب أمامه مباشرة و راح يتأمله ..ثم همس :
" أنها غلطة خارجة عن إرادتي صدقني .. لدرجة أني لم أميز إذ كنت أنا أعرفك أم لا .. لم أميز أنك ذكر أم أنثى .. لم أميز أنك حي أم ميت .. لم أميز أي شيء .. كنت غارقاً آنذاك .. "
أبعده حُسين بيده و مضى فشده حبيب من قميصه بعصبية صائحاً :" ماذا تريدني أن أفعل لتغفر لي ؟!!!!! "
تأمله حُسين طويلاً ثم أبعد يده عن قميصه و همس :" لستُ أنتظر منك أن تفعل شيئاً .. لكـن .."
و ركز بعينيه السوداوتين في عين حبيب ثم همس :" إذا مارست قذارتك مجدداً مع أي أحد كان .. حتى لو مع قط .. فأني قاتلك "
تسمر حبيب مصعوقا و تمتم بخوف :
" حُسين .. كانت أول مرة و آخر مرة صدقني .. لم أرتكب شيء كهذا أبداً ... أنها غلطة واحدة .. "
لم يصدق حسين ما يقوله حبيب .. بل كان موقناً أنه شخص استغلالي منحط .. مملوء بالشهوات المحرمة ..
تذكر حُسين سميرة .. و كم خاف عليها من سموم حبيب .. ..
--
"حياكِ الله يا (( صبوحة )) "
ابتسمت صباح بارهاق و هي تحمل طفلها الصغير بين يديها .. فاقتربت سميرة و باشرت بحمله و هي تهمس بانفعال :" ما شاء الله !!!! تبارك الرحمن .. ماذا أسميتيه؟! "
ابتسمت صباح قائلة :"عبد الله .."
قالت سهى و هي تقترب ضاحكة :" بصراحة اشتقنا إليك صباح "
هنا دخل العم طاهر معه شاب صغير السن يبدو في عمره الواحد و العشرين تقريباً .. كان يرتدي بنطال واسع و قميص ضيق رُسم فوقه العديد من الرسومات .. أسمر البشرة و شعره كأشعة الشمس حيث ملأه بالجل و الكريم و ثبته جيداً ليبدو كأشعة الشمس تماماً .. لحيته اتخذت شكلاً غريباً للغاية .. و حول رقبته سلسة طويلة .. أما معصمه فكان يحوي العديد من الأساور التي تحمل الجماجم و الأشكال الغريبة الأخرى ..
و قد طبع وشماً واضحاً برقبته .. بينما ملأ وجهه بالحلق .. الذي غرسه في حاجبيه أو أسفل شفتيه ..
لكم كان غريباً !!!!
و سهى و سميرة و صباح يرمقانه بصدمة و لم تستطع سهى كبت ابتسامتها الساخرة .. فقال العم طاهر مخاطباً سميرة :" هذا هو وائل المستأجر الجديد "
ابتسمت سميرة و هي ترمقه ثم قالت :" حياكَ الله يا وائل البيت بيتك "
و أشارت له ناحية غرفته :" تفضل لتفقد غرفتك "
ابتسم ابتسامة عريضة و هو يتبعها بينما نظرت له صباح باشمئزاز ..و هي تضم طفلها لصدرها ..


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:07 PM   #12

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء التاسع

حول مائدة العشاء .. جلس السيد عبد الوهاب هامساً :" هل أتى المستأجر الجديد ؟"
ضحك صباح و هي تضم طفلها و همست :" نعم ، مضحك جداً "
علقت سُهى :" هذه الموضة يا جماعة ! "
همست سميرة :" ششش "
حيث أقبل وائل ذلك الشاب بابتسامته العريضة .. و جلس بالقرب من صباح التي ضمت طفلها لصدرها و ظلت تسمي عليه باسم الله ..
هنا انتبه الجميع لدخول حبيب و حُسين .. حيتهما سميرة مبتسمة :" أهلاً .. أهلاً نعيماً "
ضحك حبيب الذي حلق شاربه و ذقنه كاملاً .. و نظر حُسين لهم بنظرة جامدة كالعادة .. لفت نظره تواجد وائل .. فابتسم العم طاهر و هو يربت على كتف وائل :
" هذا وائل .. مستأجرنا الجديد و بإذن الله أخ عزيز و صديق وفي "
و أشار لحبيب قائلاً :" و هذا حبيب ، "
ضحك حبيب فأشار العم طاهر لحُسين مبتسماً لوائل :" و هذا حُسين .. "
عقد حُسين حاجبيه و هو يتفحص هيئة وائل الذي ابتسم ابتسامة عريضة :" تشرفنا "
ابتسمت سميرة :" تفضلا لتناول العشاء "
جلس حبيب بمرح فقال حُسين مخاطباً سميرة :" لدي عمل لذا لا أريد عشاءاً "
و اتجه ناحية غرفته ..فقال السيد عبد الوهاب بهمس :" ألا ترون معي أن هذا الرجل غريب الأطوار قليلاً ؟"
رفعت سُهى عينيها و قال حبيب مباشرة :" لمَ ؟! حُسين يتصرف بشكل طبيعي و لا شيء غريب "
صمت العم طاهر و كذلك سميرة .. و قالت صباح :" أؤيدك يا عبد الوهاب .. و أشعر بغموض ناحية هذا الشاب لا أدري ما سببه .. أحياناً أشعر أنه يخبئ جثة في حقيبته"
و ضحك الجميع عدا عن حبيب الذي يشعر بالذنب ..
كان وائل يراقب الجميع صامتاً .. هنا شاهد الجميع حُسين و هو يخرج من غرفته و يمشي خارجاً من المنزل حاملاً حاسوبه الصغير ..
نهضت سُهى قائلة :" شبعت "
تأملتها سميرة جيداً و هي تخرج ناحية الحديقة ! ..
--
يجلس حُسين على المقعد البلاستيكي و هو يعمل بانهماك في الحاسوب ..
" حُسين ! "
رفع رأسه إلى سُهى و هي تقف أمامه بابتسامة خجولة .. همست :" أتسمح لي بالجلوس "
هزّ رأسه ايجابياً .. فجلست بجواره و هي تصوب عينيها ناحية شاشة الحاسوب ثم نظرت له و هو لم يعيرها أدنى اهتمام ..
ابتسمت قائلة :" تعلم .. الشخص الغريب الأطوار دائماً ما يكون جذاباً أليس كذلك ؟"
لم يجب و كان يعتبرها تثرثر فقط لتمضية الوقت بينما كان مشغولاً بعمله .. ابتسمت و هي تتأمله بينما كانت تعبث بتنورتها .. ثم همست :
" السنة الماضية لعبت أنا و صديقاتي لعبة لن أنساها مهما حييت "
قال ببرود :" ما هي ؟"
ابتسمت خجلة ثم قالت :" أن ترسم كل واحدة منا فارس أحلامها و توقعاتها له .. فرسمت أنا .. شاب يشبهك"
تسمر و عينيه معلقتان في شاشة الحاسوب ثم نظر لها لبرهة فكانت تنكس رأسها بخجل ..
حُسين شاب لانطوائه الشديد على نفسه فأنه لم يحظى بفرصة أن يعجب بفتاة أو تُعجب به .. و لم يجرب هذا الشعور قط .. لم يدري لماذا شعر بالصدق يخرج من شفتي سُهى .. بل و التمس شغفها الشديد ناحيته بنظراتها و ابتسامتها و همساتها ..
و رغماً عنــه ، ابتسم لها ..
--
و مرت الأيام ، سميرة لا تزال كفراشة مرحة في ذلك المنزل .. حبيب ينظر لها و قلبه يقول .. أنها مُلهمتي .. أنها كوني .. و لا يزال حبيب يلاحق حُسين يراضيه و يستعطفه .. بينما ذكريات حُسين لا تزال محفورة بعمق تزج له الكوابيس كل ليلة .. و لكن من ناحية أخرى فحسين يكون عاجزاً أمام دلع سُهى .. التي دفعته دفعاً للاهتمام بأمرها .. سُهى التي تهمل دراستها و صباح تصرخ بها كل يوم تأنيباً على هذا الاهمال .. بينما كان وائل يحاول التأقلم مع الجميع .. يلقى السخرية من سهى و صباح .. و يلقى الصد و التجاهل من حسين .. و يلقى الاحتقار من السيد عبد الوهاب ..و يلقى النصح و التناصح كل يوم من العم طاهر لكنه يلقى الابتسامة من حبيب و اللطف من سميرة ..
و يظل عبد الوهاب يحاول جاهداً التلميح لشيء ما لسميرة .. بينما كانت تتجاهله و تتجاهل تلميحاته .. و كان له حبيب بالمرصاد ..
--
تقف سميرة تتأمل سُهى و حُسين يمشيان في الحديقة فيزيد قلقها ..بينما كانت سُهى تفكر كيف لها أن تصرح لحسين بحبها و هي الفتاة .. من المفترض أن يكون هو الملهوف لا هي .. و فكرت بعمل حركة معينة تأسر قلبه ..
انتبهت سميرة على صوت السيد عبد الوهاب .. ابتسم لها و يقترب هامساً :" لديّ أمر أريد قوله لكِ يا سميرة"
نظرت له و دعته للجلوس قائلة :" تفضل"
جلس أمامها و همس :" هو موضوع حساس لا أعلم مدى تقبلك له .."
و زفر بقوة بينما كانت سميرة ترمقه بقلق فأتمم :
"علي الاعتراف أنك مميزة و جَذبتني منذ اللحظة الأولى التي التقيت بك فيها "
ارتجف قلبها و هي تحاول أن تحافظ على ابتسامتها حيث أكمل :" قررت قراراً راجعته مراراً و تكراراً و لكني مقتنع به "
رفعت عينيها بحذر قائلة :" ما هو ؟! "
تأملها مطولاً و همس :" أريد أن أتزوجك يا سميرة "
جاء صوت صراخ سهى قوياً شتت الجميع .. نهضت سميرة ناسية موضوع السيد عبد الوهاب و اسرعت بإزاحة الستارة لترى حُسين قد هجم على سُهى بضرب شنيع !!!!! ..


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:08 PM   #13

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء العاشر

جلست سُهى قريبة من حُسين و هي تتأمله بجرأة ثم ربتت على كتفه هامسة :" هل تريدني أن أقول شيئا حفظته بقلبي منذ أن رأيتك ؟"
نظر لها عاقداً حاجبيه و همس :" ما هو "
افترسته بنظراتها الجريئة حتى أشاح بوجهه عنها ..
همست بأذنه :" أُحبك "
ازدرد ريقه دون أن يرمقها .. فابتسمت بمكر ثم طبعت قبلة جريئة على خده ...
لم تتوقع ابداً ردة فعله .. في داخل حُسين انفجرت حمم بركانية .. هذه القُبلة أعادت له تلك الذكريات المريعة .. نظر لها بعينين حمراوتين مخيفتين و هو يتذكر حبيب الذي وزع قبلاته الممزوجة برائحة كريهة من فمه و لعاب قذر .. كان كالحيوان تماماً ..
و كذلك بدت له سُهى .. بدت له كحيوان قذر يسيل من فمه اللعاب .. جددت له آلامه و أوجاعه .. جددت له الماضي القذر بحركة وضيعة منها .. شعر بنيران تلهب أحشاءه و هو يسمع صوت الموت يقترب و يقترب.. و صوب نظراته لسُهى التي شعرت بالخطر و ابتعدت بحذر ..
لم يشعر بنفسه و هو ينهال عليها بضربٍ شنيع .. كما لو كان يفرغ غضبه من حبيب عليها ..
--
خرجت سميرة خلفها عبد الوهاب و تبعهما وائل و حبيب و البقية لايقاف جنون حُسين .. أسرع وائل و شد قميص حُسين ناحيته و صرخ :" يا مجنون ماذا تفعل ؟!! "
نظر له حُسين بنظرات مخيفة .. كان مخيفاً فعلاً تحول لأسد يريد الانقضاض على فريسته مهما يكن .. زمجر به و هو يبعد يديه :" ابتعد عن وجهي "
خافت سميرة و هي ترى حبيب يمسك بقوة بذراع حُسين و هو يصيح :" حُسين ! اهدأ .. ما بك "
بينما كانت سُهى ترتجف خوفاً بشعرها المنكوش ... والعم طاهر يقف يراقب الوضع بقلق .. خصوصاً عندما نظر حُسين لحبيب بحقد دفين .. ثم همس :" لا تلمسني يا قذر "
صاح وائل و هو يشدد القبض على قميص حُسين الذي يكاد يتمزق :" سُهى أهربي "
نظر حسين له بمقت و همس :" أتركني "
استشاط وائل غضباً و سدد قبضة يده ناحية بطن حُسين .. الذي أمسك ببطنه متوجعاً ثم رفع عينيه ناحية وائل مغتاظاً ..
ركضت سُهى مسرعة ناحية المنزل .. و اقترب العم طاهر هامساً :" حسين .. كن هادئا"
نظر له حُسين و هو يتنهد بضيق ثم زمجر :" اتركوني و حسب "
تركه حبيب ببطء و كذلك فعل وائل .. فمضى داخل المنزل و هو يقطب حاجبيه بضيق ..
--
" أنه مجنون .. كيف يضرب فتاة ؟!! "
قال وائل ذلك مستاءاً ثم أتمم :" لماذا ضربها أصلاً ؟"
تأمله العم طاهر و رفع السيد عبد الوهاب كتفيه قائلاً :" لا نعلم ! مع أنهما كانا صديقين قريبين منذ بضعة أيام "
في الجانب الآخر تستلقي سُهى على سريرها سارحة بجانبها صباح التي تلح بسؤالها :
" لماذا ضربك حُسين ؟!! ما به هذا المعتوه ؟!! "
زفرت سُهى :" أنتِ قلتها .. معتوه ! "
تنهدت صباح قائلة :" مؤكد أن هنالك سبب .. أخبريني به هيا "
اعتدلت سهى و همست :" ظننته فارس أحلامي "
فتحت صباح عينيها بدهشة فأكملت سُهى ..:" كان لطيفاً في الأيام الفائتة و لكني ما إن صرحت بحبي له و .... "
و قالت بارتباك شديد :" و قبلته "
شهقت صباح مصدومة !!!!! و صاحت مستنكرة :" ماذا ؟! "
نكست الأخرى رأسها بضيق قائلة :" نعم .. قبلته .. فكنت مغرمة به و لم أتوقع أبداً ردة فعله الغريبة الهمجية هذه "
و قالت عاقدة حاجبيها :" أهناك رجل يرفض قبلة ؟! "
عضت صباح شفتيها :" قليلة أدب !!!!!! "
زفرت سُهى هامسة :" هذا ما حصل .. يا له من عنيف و مخيف و معقد "
--
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .. سميرة تستلقي على سريرها تفكر فيما قاله لها السيد عبد الوهاب .. وضعت يدها فوق صدرها و هي تبتسم (( يريد الزواج بي ؟!!! ))
لكنها سرعان ما تذكرت أنه رجل تخطى الأربعين منفصل لديه ولدين ..لكنها عادت تفكر ..
و ماذا يعني لو كان تخطى الأربعين فهي أيضاً تبلغ السبعة و العشرين و في غمضة عين سترى نفسها في الثلاثين .. و الفرق تقريباً عشر سنوات فقط ..
تذكرت أنه منفصل و لديه ولدين .. و عادت تخاطب نفسها ..
(( منفصل ؟!! و هل كنت أنتظر شاب لم يتزوج أبداً ؟ و أنا بعمري هذا و بمستواي التعليمي البسيط؟ و حتى لو كان لديه ولدين .. علي ألا أظن انني مرغوبة ))
و تذكرت أنها و لطالما انزعجت من بعض تصرفاته .. و فكرت (( كان ذلك في الماضي يا سميرة و لا تنكري أنه لبق في معاملتكِ و محترم ))
حارت كثيراً و فضلت النوم ..
--
بينما طرق العم طاهر باب غرفة حُسين بهدوء شديد .. و هو يحمل القرآن الكريم .. كان حُسين قد انتهى لتوه من الاستحمام و كم كان مرهقاً و ليس مستعداً لعتاب هذا و مسائلة ذاك .. كانت نفسيته متأزمة .. قال بارهاق و هو يعقد أزرار قميص النوم القطني ..:" مـن ؟"
" أنا طاهر يا حُسين .. أأدخل ؟"
تنهد حُسين و استلقى على سريره بضيق قائلاً :" نعم "
فتح العم طاهر الباب بابتسامته الحنونة و هو يتأمل حُسين المستلقي على السرير .. جلس على مقربة و خاطبه بهمس :" ما بك ؟"
نظر حُسين للعم طاهر بنفور ثم أشاح بوجهه .. ابتسم طاهر و هو يمسح غرته الرطبة التي على جبينه بعناية شديدة ثم همس :" لمَ آذيت سُهى ؟ هذه ليست أخلاقك يا حُسين "
تنهد الآخر و قال بحدة :" عم طاهر .. أنا متعب .. أخذت حقنة المهدئ منذ قليل "
تأمله العم طاهر ثم فتح القرآن الكريم قائلاً :" ألا بذكر الله تطمئن القلوب .. سأقرأ لك بعض السور لتهدئ ... فلا مهدئات و لا حقن كافية لطمئنتك "
و بدأ العم يقرأ بعض سور القرآن بصوت رخيم تهتز له القلوب .. فارتخت ملامح حسين شيئا فشيئا و سرح بفكره بعيدا .. و عاد شريط ذكرياته التعيس يعرض نفسه .. لقطات مريعة تكاد تخمد أنفاسه حتى الموت..
توقف العم طاهر بصدمة عن تلاوة القرآن و هو يتأمل دمعة وحيدة تسيل من عين حُسين بسكون .. دمعة مثقلة بآهات الماضي و صراعات الحاضر و وحوش المستقبل ..
كم شعر العم طاهر بأن حسين يكبت مصائب مفجعة بقلبه ..فدموع الرجال نادرة ..تفتت الصخر ..
" حُسيـــن "
بالكاد التفت حُسين للعم طاهر الذي همس :" يا وَلدي لا تعذب نفسك .. أخبرني بما يحزنك .. "
تنهد حُسين و هو موقن تماماً أن بوحه لسره سوف يؤجج عذاباته فما أقسى أن ينظر لك الناس كشخص عجز عن الدفاع عن شرفه و عرضه و رجولته ..
شعر بالضيق الشديد فرفع يديه و ضغط بقوة على رأسه مغمضاً عينيه كأنه يحاول استخراج الذكريات التي سكنت رأسه منذ سنين طويلة ..
--
صباح اليوم التالي .. يجتمع الجميع على مائدة الافطار و تفتقد سميرة السيد عبد الوهاب !! كانت ستحمل له الفطور لغرفته لكـنها تراجعت.. بينما يجلس وائل بجانب حُسين و سهى تتناول فطورها منكسة راسها .. و العم طاهر يداري حسين و يمازحه و يحاول اضحاكه باهتمام بالغ أثار غضب وائل ..
قالت سميرة و هي تلاطف حُسين :" اليوم يومك يا حسين .. العم طاهر يطلب رضاك فقط "
ضحك الجميع و ابتسم حسين ابتسامة باهتة و قال حبيب و هو ينهض قائلاً :" و أنا أيضاً أطلب رضا حُسين علي فلو حصل ذلك سأكون أسعد شخص في هذه الدنيا "
كان حُسين الوحيد الذي فهم قصد حبيب الذي أقبل ناحيته و انحنى يقبل رأسه ثم قال :" رضيت يا حسين ؟"
نظر حُسين لحبيب نظرة عميقة و قال :" لا "
ضحك الجميع بعضهم يعلق و بعضهم يسخر .. بينما كان حبيب و حسين يتأملان بعضهما بنظرات عميقة للغاية ..
و وائل يشتعل غضباً .. حيث قال بغيرة واضحة :
" الجميع يطلب رضا حُسين ؟ و من يكون ؟ هل الجنة تحت أقدامه مثلا ؟"
انفجر الجميع ضحكاً و صاحت سميرة :" ربما .."
بينما كان حبيب يعض على شفتيه غضباً و هو يخاطب نفسه :" لا ؟!!! مفهوم التسامح محذوف عندك يا ابن خالتي الحقود "


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:09 PM   #14

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الحادي عشر

يقف حُسين أمام سيارته حاملاً حقيبة عملية وضع فيها الحاسوب المحمول ..مرتدياً قميص أسود قد شمر أكمامه .. فتح سيارته الزرقاء فاستوقفه صوت حبيب ..
" حُسين "
هبت رياح شمالية حركت شعر حُسين الأسود الناعم .. لم ينظر لحبيب أبداً .. فما هذا القلب الحجري يا حسين .. وقف حبيب على مقربة و همس :" سأقترح عليك أمرا "
تنهد حُسين و همس بضيق :" قل ما لديك "
ربت حبيب على كتفه بلطف و قال بارتباك و تردد :"ما رأيك أن تقابل شخصاً .. تتكلم معه عن ما يؤرقك و يحزنك .. أقصد ما رأيك أن تقابل طبيب مختص .. "
فتح حُسين عينيه بصدمة و التفت ناحية حبيب هامساً :" أعد ما قلت "
زفر حبيب و همس :" نعم يا حسين أنت بحاجة لطبيب نفسي .. عليك أن تعيش بقية حياتك ناسياً......"
رمى حُسين بحقيبته و قبض على قميص حبيب بغضب :" اخرس ! أنت من يجب أن يعالج من أمراضه العقلية .. أنت شخص مريض عقلك ملوث و نفسك قذرة .. أنت المريض و لست أنا أفهمت ؟!! "
و حمل حقيبته صاعداً سيارته متنهداً ..
--
في الطرف الآخر كان سميرة تقف أمام النافذة تشاهد ما حدث بين حبيب و حُسين و زفرت .. ثم نظرت للعم طاهر قائلة :" يبدو أن ما قلته أنت و حبيب صحيح"
هز العم طاهر رأسه قائلاً :" نعم .. حُسين مريض نفسياً .. يجب أن نأخذه لمشفى نفسي باسرع وقت .. حتى لو اضطررنا لجبره على ذلك "
تنهدت سميرة ثم التفتت للعم طاهر قائلة بهمس :" تعلم ؟ السيد عبد الوهاب طلبني للزواج "
فتح الآخر عينيه بصدمة ثم توسعت ابتسامته قائلاً :" أحقاً ؟"
ابتسمت سميرة بخجل :"نعم .. و .. و لكني لازلت أفكر .."
--
" نعم يا حبيب .. عبد الوهاب تقدم لخطبة سميرة "
حبيب الذي عاد من عمله مرهقاً لم يتوقع أن تهبط عليه صاعقة كهذه !!!! ..نظر لسُهى بصدمة و قال :
" كاذبة "
رفعت سهى حاجبيها مندهشة و هي ترى حبيب يركض مسرعاً للمطبخ ..أغلق الباب خلفه و هو يرى سميرة تقطع البطاطا و هي تغني بمزاج عالي .. اقترب و همس :
" سميرة !! هل تقدم لخطبتكِ عبد الوهاب ؟!! "
رفعت سميرة رأسها و شتتت أنظارها بارتباك قائلة :" نعم لكني لم أرد عليه لحد الآن "
باغتها :" أرفضيه!!!"
رفعت رأسها عاقدة حاجبيها باستنكار :" أنا حرة بقراري "
اقترب و ضرب الطاولة بكلتا يديه صائحاً :" أنا أحبكِ يا سميرة !!! أنا من سيتزوجكِ و لا أحد غيري أفهمتِ؟"
نظرت له بقلق ثم همست :" لا تتدخل في شؤوني "
و دارت بينهما نظرات نارية فخرج حبيب خائباً .. كم شعر بالقهر الشديد لذا ركض مسرعاً لغرفة عبد الوهاب .. طرق الباب بقوة .. ففتح له عبد الوهاب صائحاً :" ألن تتعلم كيف تطرق الباب بأدب ؟"
لهث حبيب بغضب و همس :" عبد الوهاب .. اسمع .. سميرة محبوبتي أنا .. سمعت ؟ "
رمقه عبد الوهاب بصدمة ثم همس :" لا شك أنك جننت يا ذا الوجه المخيف "
و مضى حبيب بغيظ مع قهقهات عبد الوهاب الساخرة ..
--
طُرق باب غرفة حُسين بطرقات مرحة أشبه بقرع على الطبول .. عقد حُسين حاجبيه قائلاً :" أدخل "
فتح الباب و ظهر وائل و ابتسامة عريضة تشق وجهه .. أقفل الباب من خلفه و اقترب جالساً امام حسين مباشرة الذي كان يشغل نفسه كالعادة بالعمل على الحاسوب ..
رمقه حُسين بعدم راحة فنكس وائل رأسه قائلاً :" لقد تذكرت أني آذيتك ما قبل يوم أمس حين ضربت أنت سهى .. تذكرت أني ضربتك و لذا جئت أعتذر.. لأني لم أراعي فارق السن و أنت الذي بعمر أخي الأكبر"
تأمله حُسين قليلاً ثم عاد بناظريه لشاشة الحاسوب قائلاً :" لا داعي للاعتذار لأني نسيت الموضوع كله "
ابتسم وائل و غمز بمشاكسة :" لقد علمت بالسبب الذي جعلك تضربها "
فتح حُسين عينيه على أقصاهما ثم نظر لوائل الذي ربت على كتفه ضاحكاً :" يا لك من محظوظ "
لم يستوعب حُسين أن وائل يعلم بالامر .. لذلك همس :" تعلم عن ماذا بالضبط ؟"
أطلق وائل ضحكة عابثة و قال بمكر :" أعلم بكل شيء .. "
دق قلب حُسين و هو يتأمل وائل و هو يقترب له و يهمس باذنه :" علمت بما قامت به تلك الفتاة .. لماذا ضربتها ؟ هذا بدل أن تفعل الشيء نفسه ؟!! لكني أعلم أن ضربك لها ربما يكون تمهيد لشيء آخر"
ثارت نيران حُسين و عينيه ملتهبتان .. حمل الحاسوب المحمول و رماه ناحية وائل الذي تفاجئ.. فتفاداه بسرعة .. و انفلت الحاسوب و سقط على الأرضية الرخامية و قد تحطم كلياً ..
فتح وائل عينيه مصدوماً و هو يرى الحاسوب تحول إلى خردة بالية ثم التفت لحُسين صارخاً :" أأنت مجنون ؟!! لماذا فعلت هذا؟"
دخلت سميرة الغرفة فوراً معها حبيب و العم طاهر .. لم يكترث لهم حُسين .. كان مشتعلاً .. كان بركاناً منفجراً.. قبض على قميص وائل و زمجر :" يا عديم الشرف و الغيرة .. كيف تتجرأ "
صرخ وائل :" أليس هذا ما جرى يا شريف ؟!! أينك أنت من الشرف ؟ هل يفعل الشريف ما فعلته أنت ؟!! "
نظر حبيب مصعوقاً لحُسين الذي عض شفتيه و هو يفكر (( نعم !! لمَاذا أتكلم عن الشرف و أنا .... و أنا الذي أهدرت شرفي و ضيعته بين أيدي حبيب !! ))
صاحت سميرة :" ماذا يجري؟!!"
نظر العم طاهر بأسى لحُسين و أيقن أنه يغرق في متاهة .. في دهاليز نفسه المعقدة .. في صراعات ماضيه و حاضره و مستقبله ..
اقترب حبيب و دفع وائل بعنف و هو يصرخ :" ابتعد عن حُسين .. اعرف قدر نفسك أولاً ثم تجرأ على حُسين .. حُسين شريف و طاهر و أطهر منك و من أمثالك .. "
لم يستوعب لا وائل و لا سميرة و لا العم طاهر سبب حُب حبيب و تعلقه الشديد بحُسين و دفاعه عنه و لم يعلما أن هنالك رابطة قوية تربطهما .. رابطة الأسرة ..
استدار حبيب ناحية حُسين و كم آلمه رؤية عينين كئيبتين تحملان ماضي مفجع .. و حاضر ميت ..
"حُسين .........."
قاطعه الآخر بهمس .. بكره ، بمقت .. :" اخرس .. "
فتح حبيب عينيه بصدمة ثم قال بانفعال :" حُسين أنا مستعد أن أفديك بدمي و روحي و نفسي و بكل شيء غالٍ عندي .. "
وقفت سميرة متسمرة و هي تتأمل حُسين الذي ارتسمت على وجهه ملامح كره شديد .. لم تفهم سببه ..
قال و هو يصوب نظرات حقد عميق لحبيب :" لو كنت سأموت .. أنت آخر شخص سأقبل إنقاذه لي "
وقف الجميع مصدوم !!! مما يقوله حُسين .. ذلك الشاب الذي لم يعذر له أحد تصرفاته عدا عن حبيب ..
وقفت سميرة مستنكرة و هزّ العم طاهر رأسه بأسى و صوب وائل نظرات نارية لحُسين الذي وقف يلهث بضيق و حبات العرق تبلل شعره و جبينه ..
هنا جاء صوت السيد عبد الوهاب هامساً :" يا جماعة دعوني أتكلم معه قليلاً "
ابتعدت سميرة و العم طاهر عن عبد الوهاب الذي كان واقفاً يتأمل الوضع دون أن ينتبه له أحد .. اقترب عبد الوهاب و ملامح حُسين لا تشجع أبداً على مناصحته ..
صاح وائل مشتاطاً :" أي كلام يا سيد عبد الوهاب .. هذا شخص يتصرف بحيوانية مع الناس .. لم أرى شخصاً معقداً و متزمتاً مثله من قبل .. "
صرخ حبيب :" اخرس .. "
فعاد يصرخ وائل :" و لماذا تدافع عنه و هو في النهاية يسيء إليك و يهزئك ! هل يستحق منك أن تدافع عنه "
فوجئ الجميع بحسين و هو يرفع حقيبة ملابسه على السرير و يبدأ بلملمة حاجياته ليضعها فيها !!
اقترب عبد الوهاب و أمسك معصمه و قال بحدة :" توقف ! .. لا تتصرف هكذا .. قل لنا ما بك "
و صاحت سميرة :" حُسين .. أعدك ألا نتدخل في شؤونك و لكن لا تغادرنا "
تأمل عبد الوهاب حُسين بعمق ثم همس :" أفصح عن ما يدور بذهنك .. ما بك يا حُسين .. من يزعجك ؟ من يؤذيك؟ قل .. كلنا سنقف معك "
سافر حُسين بعينيه ناحية حبيب و كتم انفجارات مدوية بداخله ثم همس :" حسناً .. هل لكم أن تتركوني "
تنهد عبد الوهاب و استدار للجميع :" فلنخرج ليرتاح "
و خرج الجميع عدا سميرة التي اغلقت الباب و هي ترى حُسين يرمي بجسده على السرير ..و يغوص بوجهه في الوسادة بألم .. كم شعرت بالشفقة ناحيته و شعرت بأنه و فعلاً .. يتعذب ..
اقتربت سميرة و حملت الحاسوب المحطم و وضعته على المنضدة .. ثم جلست بجوار حسين و تاهت في عينيه الحزينتين.. تنهدت ثم همست :
" هل لك أن تخبرني ما بك ؟ سوف اعتبره سراً لن أبوح له مهما عشت .. و يمكنني أن أقسم على ذلك .."
نظر لها بعينين يتضح فيهما البحر الميت ..


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:11 PM   #15

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني عشر

زفرت ثم عادت تهمس :" لا تعذب نفسك أرجوك ..لم أعتد أن أرى شخصاً يتعذب بمرارة و لا أستطيع مساعدته .. بربك أخبرني ما بك "
و بالرغم منها سالت دمعتين من عينيها الفيروزتين مسحتهما بسرعة و قد تحشرج صوتها و هي تقول :
" قل لي .. ماذا فعل حبيب ؟! "
هنا ارتعش قلب حُسين و هو يسمعها تقول :" لماذا تعامله هكذا مع أنه يحبك و يعتني بك .. لماذا تعامل الجميع بهذا الاسلوب .. أشعر أن قلبك أبيض تماماً و لكن ما الذي جرى ؟"
زفر حُسين و هو يهمس :" أأطلب منك طلب ؟! "
قالت بسرعة :" أطلب ما تشاء "
نظر لها قائلاً بنظرات حادة ألهبت كيانها .. همس :
" حبيب "
قالت مسرعة :" ما به "
قال بتصميم :" احذري منه"
رمقته متسمرة و همست :" لماذا ؟!! "
أبعد عينيه باتجاه آخر بصمت ..
فتأملته طويلاً ثم قالت :" هل تعرفه من قبل ؟! "
أغمض عينيه و لم يجب .. فنهضت قائلة بإرادة :" أعدك .. أني سأتحذر من هذا الشخص .."
--
طلع الصُبح .. حيث نهضت سميرة من فراشها و ارتدت معطفاً صوفياً يقيها من البرد الذي يتضاعف مع الايام .. خرجت من غرفتها و اتجهت ناحية غرفة عبد الوهاب .. طرقت الباب .. فأجابها :
" تفضلي يا سميرة "
تنهدت و فتحت الباب بهدوء و اقتربت منه حيث كان يجلس أمام المكتبة .. استدار لها مبتسماً و همس :
" ما هو قرارك الآن يا سميرة "
تنهدت ثم تأملته مطولاً حتى قالت :" سألتني ذات مرة عن رأيي في الخاطب الذي سيمنعني عن عملي .. فهل ستمنعني عن عملي ؟"
قال و هو ينفث دخان سيجارته :" بالتأكيد "
تسمرت مصدومة ! فلما رأى ملامحها قد تغيرت .. نهض و قال بنبرة حنونة :" لن أمنعك بالمعنى الذي تظنينه .. سأؤجر لك خادمات يقمن بالمهمات التي تعملين أنت عليها و ستكون مهمتك فقط استلام الأجرة من المستأجرين و ترتيب القوائم و غيرها"
نظرت له طويلاً ثم همست :" لكني لا أريد خادمات .. أريد أن أعمل كما أنا و لا أريدك أن تعيشني في مستوى يختلف عن المستوى الذي أعيش فيه .. أنا فتاة لم أكمل تعليمي لذا .. فإن خير عمل لي هو الاشراف و الاهتمام بالمستأجرين بنفسي "
نظر لها بحيرة ثم قال :" لا بأس إذ كنتِ تخافين من وقت الفراغ الطويل فأنا سأساعدك على إكمال دراستك لكي تعملين عمل يليق بك فيما بعد .. و سوف نعيش في المدينة المجاورة في منزلي .. و سنترك هذا المنزل تحت اشراف شخص ما يكون أميناً و مخلصاً "
سميرة لم تحب أبداً أن يرفعها عبد الوهاب فجأة من عالمها البسيط إلى عالم تجهله .. و رغم لطف عبد الوهاب فأنها شعرت بأنها لا تستحقه .. أو ربما لن تتأقلم معه .. و لو صارحت سميرة نفسها لوجدت أنها لا تريد ترك هذا المنزل و المستأجرين الذين يعيشون فيه .. و لم تتخيل فكرة أن تجلس كالأميرة من حولها الخدم تكنس و تغسل .. فهذا هو اختصاصها و لا تحب أبداً أن تنتزع من شيء هي بارعة و ماهرة فيه ..
همست :" دعني أفكر "
خرجت من غرفته و تذكرت صباح التي ستعود لقريتها أخيرا .. فتحت سميرة الباب عليها و وجدتها تجمع حاجياتها ثم تضعها في الحقيبة .. اقتربت سميرة و في عينيها دموع ألم لفراق صباح التي كان قريبة جداً لها .. همست :" صباح !! سأشتاق لك "
رفعت صباح رأسها و ابتسمت و هي تفتح ذراعيها تستقبل سميرة بحضنها التي أجهشت بالبكاء كأنها ستفقد أختاً غالية لها .. هكذا هي سميرة .. تعامل مستأجريها كأنهم أخوتها و أقاربها ..لأنها و لطالما عاشت بلا أسرة ..
--
وقفت صباح و هي تحمل رضيعها و راحت تتأمل وجوههم بابتسامة عميقة ثم قالت :" لقد عشت أياماً سعيدة معكم "
و نظرت للعم طاهر قائلة :" عم طاهر اعتبرتك أبي الذي سأعود الآن لجبروته و تسلطه .. لكنك انت أب حنون و لطيف "
ابتسم العم طاهر مشجعاً و نظرت هي لحبيب بابتسامة ذات معنى :" حبيب ، منذ أن دخلت المنزل و قد أضفت نكهة مميزة فيه .. فعلاً لم أرى شخصاً مثلك متعاون و خدوم و أصيل "
ضحك حبيب و صاح :" لا تقولي ذلك .. سأبكي الآن "
و حولت أنظارها لحسين و ابتسمت قائلة :" حُسين .. الشاب الجذاب .. اهتم بنفسك و بصحتك .. لن أنساك أبداً "
هزّ الآخر رأسه بهدوء .. فنظرت هي سُهى و ضحكت و دمعة تترقرق في عينيها :
" سُهى ! آه .. سأفتقدك كثيراً .. اهتمي بدراستكِ و أتركي عنكِ جنون المراهقات "
ضحكت سهى بأسف و قالت :" رباه ! لا أريدكِ أن تغادرينا "
و نظرت صباح لوائل و ابتسمت و قالت :" وائل .. اهتم بنفسك .. لم اتعرف عليك بما يكفي فقط اسمع نصيحتي .. لا تتبع هذه الصيحات .. "
كتمت سهى ضحكتها و هي تراقب وائل الذي ينظر لصباح ببلاهة ..التي وجهت حديثها لعبد الوهاب :
" عبد الوهاب .. اهتم بولديك جيداً .. "
ثم نظرت لسميرة و تجعد وجهها حتى انفجرت ببكاء عارم كتمته طويلاً فلحقتها سميرة في الانخراط في النحيب و هما تحضنان بعضهما البعض ..
--
اجتمعوا مجدداً حول طاولة الطعام بعد أن غادرت صباح .. و سميرة لازالت متأثرة ..رمقها حبيب بلهفة و نهض و ناولها علبة المناديل و هو يربت على كتفها :
" لا بأس سميرة .. يمكنك الاتصال بها بين الفينة و الأخرى "
تأملها عبد الوهاب ثم ضحك :" الفتيات دائماً حساسات في هذه المواقف ، أتركها يا حبيب أنها تتدلل "
لكن حبيب ظل واقفاً قربها يتأملها بقلق و وائل يقول ساخراً و هو يخاطب سُهى :
" الفتيات حساسات ؟!! و لماذا لا تبكين انتِ ؟"
نظرت له سُهى من طرف عينها و اكتفت بالصمت .. فنظر وائل لحُسين الذي يتناول طعامه ببرود و قال له :
" حُسين .. ماذا ستفعل بحاسوبك المحطم ؟ إن ماركته ممتازة .. خسارة "
و كأن وائل يريد استفزاز حُسين مرة أخرى .. فقال حُسين بنبرة جافة :" رميته في القمامة "
شهقت سهى قائلة :" لماذا؟!!!! "
و تسمرت سميرة و هي تبادل حبيب نظرات الدهشة ..
و قال العم طاهر مستاءاً :" لماذا يا حُسين كان يمكنك تصليحه .. "
تنهد حُسين و قال دون أن يرفع ناظريه عن الطبق :" سأشتري غيره اليوم "
ساد شيء من الصمت حتى قالت سميرة بحماس :" هل يمكنك شراء حاسوب لي "
لحظات ! و انفجر الجميع بالضحك و صاح عبد الوهاب ساخراً :" سميرة ؟!! مالكِ و الحاسوب ؟ "
عقدت سميرة حاجبيها مستاءة من الضحكات الساخرة و قالت :" و ما له يا عبد الوهاب ؟ أنا لست أمية "
صاحت سهى :" تخيلوا ، تخيلوا .. سميرة تدخل على غرف المحادثات و ربما ترى من يحادثها أيضاً "
ضحك الجميع و سميرة لم تفهم ما تعنيه سهى لكنها شعرت بالإهانة .. فقالت على الفور:
" أنا لست جاهلة .. يمكنني تعلم أشياء كثيرة .."
صاح وائل :" يبدو أنها تريد تعلم كيفية الدخول على غرف المحادثة "
عادت سميرة ترمق حُسين قائلة :" هل تشتري لي واحداً .. ؟"
ابتسم حُسين :" سآخذك معي عصر هذا اليوم لنشتري ما تشاءين .. فالحاسوب ليس للعباقرة و لا الفلاسفة فقط "
تأمل حبيب ابتسامة حُسين لسميرة التي طارت من الفرحة ..


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:11 PM   #16

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثالث عشر

راحت سميرة تقطع البطاطا و هي تفكر ملياً و جذرياً في موضوع عبد الوهاب .. و وجدت نفسها لا تريده .. و عندما راجعت نفسها مراراً فأنها لم تجد أسباب مقنعة .. و فكرت (( إلى متى سأظل عانساً .. كالشبح أحوم في غرفتي .. ))
لكنها زفرت و أقنعت نفسها أن العنوسة ليست نهاية العالم .. فلو قذفت كل فتاة بنفسها إلى أي رجل هروباً من وحش العنوسة .. فأنها تهرب من وحش إلى وحش أكبر ..
(( أنا لم أستلطف عبد الوهاب من البداية لذا لن أجبر نفسي عليه ))
و وصلت سميرة لنقطة أنها سترفض عبد الوهاب خصوصاً عندما تذكرت وجه حبيب و هو يصرخ بها :
" أرفضيه "
حبيب الذي يفيض بالحُب لها .. كيف تتجاهله ؟ .. تذكرت فجأة كلمات حُسين لها و هي ترن في أذنها .. (( لماذا طلب مني أن أتحذر من حبيب ؟!! ماذا رأى منه ؟!! هل حُسين يظلمه أم العكس ؟))
شعرت بتضارب عنيف بأفكارها و رفعت رأسها ناحية الساعة فكانت الثانية و النصف ؟!! .. أعدت الغداء بسرعة .. و هي تتذكر موعدها مع حُسين لشراء الحاسوب ..
هنا دخلت سهى المنزل و هي تحمل حقيبتها المدرسية .. رمت بجسدها على طاولة الطعام و قالت بجهد :
" أنا جائعة يا سميرة .. "
باشرت سميرة بوضع الصحون على المائدة و هي تقلدها :" أنا جائعة يا سميرة !! أين السلام ؟"
تنهدت سُهى و هي ترمق الطبق :" السلام عليكم "
ضحكت الأخرى :" و عليكم السلام "
نظرت سُهى بخبث لسميرة و قالت :" اليوم ستذهبين لشراء الحاسوب أليس كذلك ؟"
اتسعت ابتسامة سميرة و هي تقول :" نعم .. أنا متحمسة .. "
ضحكت سُهى و قالت :" ألا تشعرين بغرابة ؟"
عقدت سميرة حاجبيها :" غرابة ماذا ؟"
ابتسمت سهى قائلة :" حُسين .. هو شخص انطوائي فظ غريب الأطوار.. لم أتوقع أن يقوم بدعوتكِ على مرافقته لشراء الحواسيب "
ابتسمت سميرة قائلة :"لماذا تقولين ذلك ؟!! ربما هو على حق أحياناً .. ألا تلاحظين أن الحق معه دائماً و لكننا نقف ضده لا شعورياً ؟ "
نظرت لها سهى قائلة :" أفهميني يا ذكية هل الحق معه عندما يعامل حبيب بشراسة .. و هل الحق معه عندما يتخطاني دون سلام و كلام .. و لا تنسي يوم ضربني ذلك الضرب المبرح ..و هل الحق معه أن يطرد كل من يدخل غرفته ينوي مناصحته ؟؟؟ هل الحق معه عندما رمى حاسوبه على وائل ؟ "
تنهدت سميرة هامسة :" لست أدري ببعض التفاصيل .. و لكني أرى وائل يتعمد التحرش به .. و أنت ترفضين قول ما دار بينكما فهذا يجعلني أشك أنكِ أسأت له .. بالنسبة لحبيب .. فهذا من أضع عليه علامة استفهام كبيرة.. لماذا هذه المعاملة معه و هو الذي يكاد يُقدسه .. حُسين لم يكلف نفسه عناء تبرير تصرفاته كأنه مقتنع بها .. و هذا يجعلني أحياناً أثق أنه على حق .."
هنا دخل حبيب المنزل وائل .. و خلفهما دخل حُسين .. و توزعوا على المائدة .. و جلس حبيب على مقربة من سميرة ظل يساعدها على توزيع الأطباق .. و همس بأذنها :" قلتِ لك يديكِ ناعمتين .. رفقاً بهما "
ابتسمت له بينما كان حُسين يتأملهما من طرف عينه .. وضع الملعقة على الطبق و نهض قائلاً لسميرة :
" سميرة تجهزي .. بعد نصف ساعة سنخرج "
--
" عبد الوهاب "
خلع ربطة عنقه و استدار لها مبتسماً :" نعم "
ارتبكت كلياً و قالت بهمس :" ابحث عن غيري .. فأنا رافضة .. اعذرني "
و ركضت مسرعة ناحية غرفتها .. بينما فتح هو عينيه بصدمة .. لم يتخيل أن سميرة ترفضه .. كم شعر بالندم لأنه تقدم لخطبتها و شعر بالاهانة الشديدة ..
بينما دخلت هي غرفتها و هي تتنهد براحة .. كانت محتارة كثيراً و لكنها الآن ارتاحت .. العنوسة أفضل من مستقبل مجهول .. طمئنت نفسها و راحت ترتدي عباءتها .. ثم حملت حقيبتها الكبيرة ..
سميرة نادراً ما تخرج من المنزل.. و إن خرجت .. فأنها تذهب للصيدلية أو للخضار أو بائع السمك .. الأماكن التي تذهب لها محدودة للغاية ..
كانت متحمسة جداً للخروج إلى محل الحواسيب .. خرجت من غرفتها و اتجهت للصالة و وجهت حديثها لحبيب :" أين حسين ؟"
نظر لها حبيب و رفع كتفيه قائلاً :" لا أدري"
مضت سميرة للخروج من المنزل فاستوقفها قائلاً :" سميرة .."
التفتت له فقال هامساً :" كوني منتبهة "
نظرت لها طويلاً و فكرت (( كل واحدٍ منكما ينبهني من الآخر ؟!! من أصدق ؟!! )) ..
تأملته مترددة فيما ستقوله لكنها قررت أن تقول:" حبيب .. أنا رفضت عبد الوهاب "
و مضت بسرعة بينما اتسعت ابتسامة حبيب بعدم تصديق و هو يهمس :" أعشقك حتى الموت"
خرجت من المنزل و هي تجر عباءتها الفضفاضة .. و رأت حسين ينتظرها في سيارته و هو يقرأ الجريدة ..
فتحت الباب الأمامي و جلست قائلة :" هل تأخرت ؟"
أشار برأسه سلباً و هو يترك الجريدة ثم يشغل السيارة .. و انطلق بالسيارة و لم يكن يبدو أنه سيفتح حواراً أو ما شابه مع سميرة .. فقالت هي بهمس :
" حُسين ؟ هل ستغادر المنزل ؟"
من دون أن ينظر لها صمت قليلاً ثم أشار برأسه سلباً .. تأملته طويلاً ..ثم نظرت للطريق مبتسمة :
" خفت كثيراً أن تغادر المنزل يوم بدأت بلملمة حاجياتك .. أتمنى أن تخبرني بكل ما يزعجك فأنا أولاً و أخيراً لا أقبل بأن تحدث نزاعات في منزلي "
قال بجمود :" لا تقلقي لن أثير المشاكل بعد اليوم "
رمقته لبرهة ثم قالت منفعلة :" لا أقصد انك أثرت المشاكل .. أقصد أني أتمنى أن تخبرني بما يزعجك فكما تعلم أنا أحاول أن أوفر كل أساليب الراحة النفسية و الجسدية و الروحية في منزلي "
ابتسم هو فضحكت قائلة :" منزل مثالي أليس كذلك ؟"
نظر لها ثم عاد ينظر للطريق :" بل امرأة مثالية "
تأملته طويلاً ثم ابتسمت ..
--
أمام محل الحواسيب .. أوقف حُسين السيارة و هبط منها .. فهبطت سميرة أيضاً و هي تحمل حقيبتها .. و دخلا المحل .. فانبهرت تماماً .. لأول مرة تدخل محل من هذه النوعية .. مضاء بالمصابيح الصغيرة الكثيرة .. ابتسمت بفرحة غامرة و هي تتأمل الحواسيب بمختلف نوعياتها و ألوانها .. أسرعت لمجموعة حواسيب ملونة بألوان فاقعة .. أصفر ، أحمر ، زهري ، بحري ، أخضر ....... كم دُهشت بمجموعة الحواسيب هذه ..
" هل أعجبوكِ "
نظرت لحُسين الذي يقف بجانبها يبتسم .. ضحكت و قالت بسعادة :" كثيراً .. ألوانها جميلة للغاية "
ابتسم حُسين و هو يتفحص أحد الحواسيب ثم قال :" أي لون تريدين ؟"
ابتسمت و اتجهت حيث أحد الحواسيب و أشارت له ببهجة :" هذا .. البَنفسجي .. "
و راحت تتأمل الحاسوب مدهوشة ثم قالت :" حتى الحبات لونها بنفسجي .. يا للروعة "
--
" تراااااااا "
التفت جميع من كانوا في الصالة لسميرة التي دخلت المنزل بمرح و هي تحمل أكياس محملة بطعام للعشاء بها رائحة شهية .. كانت مرحة و هي تقف وسطهم و تقول :
" اشتريت لي حاسوباً .. و بهذه المناسبة فأنا أدعوكم لعشاء فاخر على حساب حُسين "
و ضحكت بمرح و قلب حبيب يرقص على نغمة ضحكتها .. صاحت سُهى بحماس:
" أحقاً اشتريتِ الحاسوب يا سميرة ؟"
بادلتها سميرة ذات الحماس و هي تضع الأكياس على الطاولة و تهم بخلع العباءة :
" نعم .. لا يمكنك تخيل لونه .. لونه بنفسجي كأنه لعبة أطفال "
تحمست سُهى و قال حبيب :" و أين حُسين ؟"
أردفت سميرة بابتسامة :" سيأتي بعد قليل .. أظنه يحمل صناديق الحواسيب .. "
و انشغل وائل بتفحص الأكياس تلهفاً للعشاء .. بينما نهض حبيب قائلاً :" سأساعده "
خرج حبيب من المنزل ليرى حُسين يُخرج من صندوق السيارة صندوق كبير مطبوع عليه شعار لماركة مشهورة .. اندفع حبيب ناحيته ضاحكاً :" حُسين "
رفع الآخر عينيه ناحية حبيب بنظرات باردة و همس :" احمل الصندوق الآخر "
تلاشت ابتسامة حبيب بخيبة ثم ما لبث إلا و قد ابتسم مجدداً قائلاً :" هل كلفتكما الحواسيب كثيراً ؟"
لم ينظر حُسين لحبيب و مضى حاملاً الصندوق دون أن يرد .. فشعر حبيب بالإهانة .. انتابته موجة غضب عاتية لكنه كبحها و هو يهدئ نفسه فهذا مهما يكن حُسين و يحق له أن يفعل ذلك ..


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:12 PM   #17

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الرابع عشر

صاح وائل و هو يرى حُسين مقبل حاملاً الصندوق :" آه !!! يا للروعة .. يا لحظكِ يا سميرة .. ماركة مذهلة"
ابتسمت سميرة بفخر و هي تراقب حُسين يضع الصندوق على الطاولة .. :" آه لا تحرجوني ! أنا اليوم سعيدة فعلاً "
جلست على الأرض و باشرت بإزالة الأشرطة اللاصقة من الصندوق و سُهى تساعدها متحمسة .. و حينها دخل حبيب و هو يحمل الصندوق الآخر .. تأمله حُسين ثم حمل الصندوق من يديه و مضى به لغرفته و الجميع يراقبه مدهوشاً !!
صاح وائل :" ما هذا الرجل ؟!! يا له من انطوائي لم يتحمل أن يبقى قليلاً لنرى حاسوبه ؟"
تنهدت سميرة و أخرجت حاسوبها من الصندوق فشهقت سُهى :" ربــــــــاه !!!!!!! رائع ، أقسم أنه رائع "
ابتسمت سميرة و هي تفتحه ثم قالت :" قال لي حُسين أنه سيعلمني كيفية تشغيله .."
راح وائل يتأمل الحاسوب بدهشة و اعجاب و ابتسم حبيب بهمس :
" سميرة .. أأنتِ سعيدة ؟! "
رفعت سميرة رأسها ضاحكة :" كثيراً .. كم أنا ممتنة لحُسين .."
تلاشت ابتسامة حبيب ببطء و هو يفكر في شيءٍ لم يسبق و إن فكر به أبداً ..
--
السيد عبد الوهاب صار يحتد اكثر في معاملة سميرة .. و غدا يعاملها كالخادمة بالضبط فكان ذلك ما يثير غضب حبيب ..عبد الوهاب ظن أن سميرة رفضته لأجل حبيب و ظل يحترق قهراً كيف ترفضه و هو التاجر الثري اللبق لأجل حبيب ثقيل الظل ..
حُسين و في غمرة الصراعات ..بين حبيب و عبد الوهاب .. فأنه كان منطوياً على نفسه لا يتدخل في هذه المشاجرات أبداً و لا يميل إلى أي طرف .. لكن وائل كان يصر على إزعاجه من حين لآخر ..
" حُسين لم أرَ شخصاً مثلك في حياتي .. كم أنت مذهل "
و أطلق ضحكة ساخرة و هو يعبث بالسلسلة المعلقة في رقبته .. رفع حُسين عينيه ببطء و همس :
" يا لسخافتك .. هلاّ تركتني أكمل عملي ؟"
ضحك وائل و جلس بجانب حُسين قائلاً :" أتعلم ؟ اريد ان تعلمني كيف تنظر بهذه النظرة القاتلة "
و بدا يقلده و يسخر و يضحك و يعلق .. بينما كان حُسين يضرب على حبات لوحة المفاتيح الخاصة بالحاسوب بعصبية واضحة .. ثم همس :" وائل .. غريب جداً أن يتصرف شخص بعمرك بهذه الطريقة البهلوانية "
أطلق وائل ضحكاً عالياً .. و لكن ضحكته تلاشت عندما رأى نظرات جادة و حادة من حُسين .. الذي أكمل :
" لن أسألك ماذا تريد مني .. لأنك أصلاً لا تعرف ما الذي تريده .. بدل أن تجلس معي هنا و تحاول إزعاجي كيفما اتفق .. ابحث لك عن أمر يسد وقت فراغك .."
شعر وائل بقليل من الحرج لكنه أخفاه بضحكة مصطنعة و هو محتار كيف يرد على حُسين الذي باغته ..
حينها لاحظ وائل قدوم سُهى .. ابتسم بخبث و هو يهز كتف حسين :" أنها المتيمة بك .. قادمة "
رفع حُسين رأسه ليرى سُهى مُقبلة .. ثم جلست على يمينه دون أن تنطق بحرف .. و كانها تنتظر مغادرة وائل .. الذي فهم اخيراً و غمز لها بخبث مغادراً ..
حينها نظرت سُهى لحسين الذي يعمل على الحاسوب.. تاملته كثيراً .. شعره الاسود الناعم ..و عينيه السوداوتين .. لون شفتيه الحمراوتين و لحيته الخفيفة .. قميصه الرمادي .. و ساعه يده .. هاتفه المحمول الذي يضعه بجانبه ..
لم تكن تخجل من تفحصه بنظراتها ..خاطبته قائلة :" كيف حالك ؟ "
فوجئت به يقول بصوتٍ حاد :" بخير "
شعرت أنه ليس مستعداً لدلعها و غنجها ..و كان ينتظر أن تدخل في صُلب الموضوع .. فاستسلمت قائلة :
" منذ ذلك اليوم و أنا أشعر بتأنيب الضمير .. فتلك ليست أخلاقي يا حُسين صدقني "
" و بعد ؟"
نظرت له قليلاً ثم قالت :" سامحتني ؟"
هزَّ رأسه فوراً :" نعم .. "
و نهض و هو يحمل حاسوبه :" تُصبحين على خير"
--
جلس على سريره و وضع الحاسوب جانباً .. ثم أخرج من أحد الأدراج رسائل كثيرة وصلته عبر البريد .. تأمل أسماء المُرسلين و تنهد .. كان مُرسل واحد يدعى ( خليل ) .. مضمون الرسائل كانت دعوة لزفاف و أخرى دعوة لسهرة و ثالثة دعوة لحضور مؤتمر .. و الرابعة اقتراح بفتح مشروع خاص .. استند حُسين حتى طُرق الباب ..
فأجاب ببرود :" أدخل "
فُتح الباب و دخلت سميرة بمرحها و هي تحمل حاسوبها البنفسجي .. رغماً عنه فأنه ابتسم و هو يراها تحمل الحاسوب .. ضحكت هي و قالت :" لماذا ابتسمت ؟ مظهري غريب و أنا أحمل الحاسوب أليس كذلك ؟"
تأملها و أشار للمكان الذي بجانبه :" تفضلي "
ابتسمت و جلست و هي تضع الحاسوب بحجرها و قالت منفعلة :" تعلمت كيف لي ان أدون مذكراتي و لكني اواجه مشكلة .. أنظر "
ابتسم و هو يرمق الشاشة ثم همس :" و لماذا تدوينين مذكراتكِ في الحاسوب ؟ "
ضحكت سميرة و هي تقول:" لا أعلم و لكن .. اعني أنا لم أجد عملاً ممتعاً أقوم به في الحاسوب عدا كتابة المذكرات "
نظر لها لبرهة ثم قال :" حسنا ، ما هي المشكلة التي تواجهينها ؟"
ابتسمت و هي تغلق الحاسوب :" دعنا منها الآن .. حُسين أترى ما قمتُ به كان صائباً ؟"
نظر لها قليلاً فأوضحت :" اقصد رفضي بالزواج من عبد الوهاب ؟"
نظر له مندهشاً :" و هل تقدم هو لخطبتكِ ؟"
ابتسمت :" نعم و منذ فترة طويلاً و لهذا السبب علاقة حبيب بعبد الوهاب متوترة "
عقد حاجبيه قائلاً:" و ما دخل حبيب في الموضوع "
" لأنه وعدني بالزواج "
صوّب حسين نظرات نارية ناحية سميرة التي ارتبكت كلياً .. و ساد الصمت للحظات فقالت هي :
" لم تخبرني برأيك بقراري "
تنهد :" أنا لا أعرف عبد الوهاب جيداً"
كان يفكر براحة .. أمر عدم تزوج سَميرة لحد الآن يطمئنه و يريحه و يسعده ..
تأملته طويلاً ثم ضحكت بمرح :" حُسين .. هل ستذهب معنا للرحلة ؟ "
" أية رحلة "
ابتسمت :" لقد أعددت أنا و العم طاهر برنامجاً رائعا لرحلة لنا .. للترفيه .. ما رأيك ؟"
نظر لها طويلاً ثم ابتسم :" جميل .."
ضحكت هي بدهشة :" إذاً أنت موافق للمجيء معنا ؟"
عاد يبتسم بهدوء :" و لمَ لا .. متى ؟"
" يوم السبت المُقبل"
--
يستلقي حبيب في غرفته يفكر في سميرة .. و بدأ يحلل و يفسر بعض الامور الذي لم يكن منتبهاً لها .. أولاً .. لماذا تتردد سميرة على غرفة حُسين و تظل لوقتٍ طويل ؟ لماذا أشرفت سميرة بشكل كامل على الاهتمام بحُسين أثناء مرضه .. لماذا سميرة تهتم لوجود حُسين و تحاول إشراكه في الحديث ؟ و لماذا سميرة اشترت الحاسوب ؟ هل فعلاً كانت تريد شراء حاسوب .. أم .. أم هي تبحث عن موضوع يقربها من حُسين أكثر..لماذا تبدي سميرة تعاطفها الشديد مع حُسين ..
و فكر ملياً .. هل سميرة تفكر بحُسين و هل حُسين يفكر بسميرة ؟
فزع لهذه الفكرة !!!! لقد كان يعامل حُسين على أنه مسكين و مريض نفسياً و يحتاج لشخص ما يرفع معنوياته .. لذا فكان يشجع كل من يعامل حُسين معاملة حسنة .. لم يتوقع أن ثمة علاقة ستنمو بينه و بين سميرة !!
راح يفكر (( هل من المعقول أن سميرة فكرت في شخص مثل حُسين ؟؟ و لماذا أستنكر ذلك .. فحُسين جذاب و هذا أمر لا يختلف عليه اثنان .. و حسين كثير الصمت و ربما كان ذلك جذاباً أيضاً .. و لكـــــن .. لمَ تفكر سميرة بشخص مريض نفسياً .. آه !!! لم أتخيل أبداً أن حُسين يخطف مني محبوبتي .. هل هذا انتقام ؟ سلبت منه شرفه فسلب مني حبي ؟ آه !!!!!!! ليته سلب شيئاً آخر ))


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:13 PM   #18

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الخامس عشر

رفعت سميرة رأسها و هي تراقب عبد الوهاب و هو يتناول غداؤه و هو يوبخ ابنه على استهتاره في الدراسة .. ثم نظرت لحسين و هو يتشارك مع العم طاهر في صحن السلطة .. و هما يتحدثان بصوت منخفض نسبياً .. ثم نظرت لسُهى التي تتأمل حُسين بابتسامة .. و وائل يتحدث بمرح يظن ان سهى تسمعه .. و هنا انتقلت سميرة بعينيها لحُسين الذي يتناول السلطة بشهية فابتسمت و قالت :
" حُسين ما رأيك بالسَلطة ؟"
نظر لها و هزَّ رأسه ايجابياً :" لذيذة كالعادة "
ابتسمت بينما كان حبيب يتأملها مبهوتاً .. ثم قال على الفور :" سميرة "
نظرت له قائلة :" نعم"
"أدعوكِ لتناول العشاء معي في المطعم اليوم .."
قال ذلك بابتسامة عريضة سرعان ما تلاشت عندما رأى سميرة تعقد حاجبيها بعدم رضا .. و هنا انطلق صوت سُهى :" ماذا ؟؟؟؟؟ و لماذا سميرة بالذات ؟ أنا أيضاً أريد الذهاب للمطعم "
سخر وائل منها :" من سيدعوكِ معه في مطعم فأنه ينوي أن يتقيأ العشاء "
و ضحك الجميع بسخرية بينما كانت سُهى غاضبة .. و كان حبيب لازال يتأمل سميرة التي تعقد حاجبيها ثم نظرت لحُسين الذي يوجه أنظاره للطبق الذي أمامه .. كان يتظاهر أنه ليس مهتماً بينما كان يشتعل .. و يفكر (( ماذا يريد حبيب هذا من سميرة ؟!! ربـــاه ))
خشى أن يتكرر ما جرى له .. لكن هذه المرة في سميرة ! مجرد أن خطرت بباله هذه الفكرة شعر بوغز حاد في قلبه و احتقن وجهه و هو ينظر بحدة لطبق السَلطة .. خصوصاً عندما سمع سميرة تقول :
" موافقة .. متى سنذهب ؟ "
ضحك حبيب بسعادة و قال :" الساعة الثامنة .."
انتبه الجميع على حُسين و هو يترك الملعقة على الصحن و ينهض قائلاً :" حمداً لله "
--
لكَم كان مؤلماً .. و في فترة المساء .. أن تدخل سميرة على حُسين و تقول و هي تعقد أزرار عباءتها بعجل :
" حُسين .. لقد جهزت لك العشاء .. و وضعته في الخزانة المجاورة للفرن .. "
تأملها حُسين و هو على سجادة صلاته يقرأ القرآن .. شعر بغصة و هو يقول :
" ستخرجين الآن مع حبيب ؟"
شعرت بضيقه الشديد فاصطنعت ضحكة و قالت :" نعم .. "
تاملها طويلاً ثم حاول أن يبتسم :" سنفتقدكِ أثناء العشاء "
نظرت له لبرهة و ابتسمت بفرحة قائلة :" شكراً .. وداعاً "
لوحت بيدها و غادرت .. بينما كان هو يتابع ظلالها و هي تغادر .. تنهد طويلاً و هو يدعو ربه أن يحفظها .. كان يشعر بفاجعة ستحدث .. بالرغم من أخلاق حبيب الطيبة حالياً ..
نهض يلملم سجادته و خرج ليبدل جو الملل الذي أصابه .. نزل الدرجات و هو يسمع صوت طاهر من الصالة ..
" يا وَلدي هذا عصيان لله تعالى قبل أن يكون تشويه لسمعتك و نفسك "
تنهد وائل و هو يتمدد على الأريكة و صاح :" ماذا يعني ؟ لا تعقدها !! هل الله سيحرقني في جهنم لأجل نمط معين اعتدت عليه .. هل هذا الوشم الذي وضعته في رقبتي سيضر بالناس ؟ هل الحلق الذي سأضعه سيضر بكم ؟ لذا .. فهذه حرية شخصية "
ثم نظر لحُسين الذي جلس بجوار العم طاهر و هو يقول بهمس :" السَلام عليكم "
رد العم طاهر السلام ثم ما لبث إلا و قد عاد للموضوع :" هذه كلها بِدع و أمور سخيفة صنعتها تلك الامم الفاسدة .. فالوشم حرام يا ولدي .. الظهور بهذه الصورة تُقسي قلبك و تبعدك عن الله "
صاح وائل :" أنا أصلي أليس هذا كافياً ؟!!!!!! لماذا الدين يتدخل في كل شيء في حياتنا .. رباه! "
نظر حُسين ببرود لوائل ثم سحب الجريدة و فردها .. و قال العم طاهر بحنان و لطف :
" يا وَلدي و هل تظن أن المظهر الذي يرضي الله ليس جميلاً ؟ بالعكس .. خلقنا الله خلقة جميلة فلماذا نشوهها بالأوشام و لماذا نفسد أجسادنا و وجوهنا بغرس الحلق ؟ و لماذا لا ندع شعرنا على طبيعته بدون مثبتات و لا ألوان و لا مواد ..و لماذا نحذف نحن الرجال دليل رجولتا و هي اللحية .. "
ضاق وائل ذرعاً و صاح :" كفى أنا حر "
ثم نظر لحُسين الذي لم يعلق أبداً و خاطبه :" ألا ترى يا حُسين أن لكل شخص حرية صنع مظهره الخاص و طلته المميزة حسب ذوقه .. لا يتدخل فيها دين و لا علم و لا خرافات .. "
نظر له حُسين ثم قال مستنكراً :" طلة مميزة ؟ "
و قال باحتقار :" و هل تسمي هذه الخردة التي ترتديها طلة مميزة "
ثار وائل غضباً فقال العم طاهر فوراً :" لا يا حُسين "
تنهد حُسين و هو يعود بعينيه للجريدة بينما وائل يشتعل .. و هو يقول :" سكت دهراً و نطق كفراً "
--
في مكان آخر ..تصدح به الموسيقى الكلاسيكية .. و الأضواء الخافتة .. كانت تجلس مرتبكة و هي تحكم الخمار جيداً حول وجهها و تعود تتلفت حولها .. فابتسم لها و همس :
" ما بكِ حبيبتي ؟"
رمقته بحدة و قالت :" حبيبتي ؟! هل جئت بي لهنا لتسمعني هذا الكلام؟"
لازال على ابتسامته و قال :" وددت التعبير عن مشاعري إذ لم تتيقني بها .. لأني و منذ أن دخلت منزلك شممت عطرك .. و شعرت بوجود انثى لا تماثلها أنثى .. أعشقك حتى الموت .. أهواك .. صرت لا أفكر في أحدٍ سواكِ .. فأنتِ ملاكي و عشقي الأبدي "
نظرت له طويلاً و أشاحت بوجهها فهمس :" من الذي يجعلك تصدينني و أنا الذي أتمنى ابتسامة من شفتيكِ"
غضت بصرها بارتباك ثم همست :" بصراحـة ........."
قال فوراً :" ما الذي قاله حُسين عني ؟ "
رفعت رأسها مصدومة فقال:" لا أدري ما الذي قاله و لن أفكر في ذلك لأنه شخص غريب .. مريض نفسياً أصيب بمشاكل عدة في حياته و لذا فأنا أشفق عليه "
تأملته قليلاً فقال بنبرة حانية :" لطالما حاولت طمئنته و تهدئته .. لكنه في النهاية مريض نفسياً .. لن يعالجه إلا طبيب مختص "
رمقته سميرة لبرهة ثم قالت :" لكنه و في الآونة الأخيرة يتصرف بشكل طبيعي .. و لا تنكر أن نوبات غضبه نوبات طبيعية بالنسبة للمواقف التي تحصل له "
هزَّ حبيب رأسه بتأييد ثم قال :" أنا موقن أنه شخص طبيعي لكن هنالك عقدة يجب فكها .. أتعلمين ؟ أنه لا يملك أصدقاء ؟ و لا ينوي الزواج بتاتاً و يفضل دائماً أن يعزل نفسه ..بسبب حوادث كثيرة جرت له في مرحلة الطفولة .. فأنه و إن بدا طبيعياً فأنه من الداخل يتألم و يتعذب "
تأملته سميرة و هو يكمل :" قد حدث و إن رأيته يهلوس و يقول أشياء غريبة .. يقول أنتم أناس قذرين .. و أنتم .. و أنتم .. لا أدري لمَ يكن لي هذا الحقد مع أني لم ألتقي به إلا من فترة وجيزة و هذا أكبر دليل على وجود مشكلة به "
هزّت سميرة رأسها مؤيدة فأكمل :" حادثت العم طاهر فقال لي هو أيضاً أنه شهد مواقف أكثر تدلل على غرابة هذا الشاب .. لذا أصررت على التكفل بامر علاجه في عيادة نفسية بأسرع وقت ممكن"
قال ذلك باعتزاز كبير فقالت سميرة و هي ترمقه باعجاب :" جميل جداً .. و لكن لا أظن حُسين يقبل .. شخصيته عصبية للغاية و لا يستطيع أحد إقناعه بأمر ما لم يقتنع هو به "
ابتسم و هو يقترب بوجهه لها :" عزيزتي .. لا تشغلي بالك .. سارسله للمشفى رغماً عن انفه .. لكن المُهم ألا تتدخلي أنتِ بالموضوع فتفسدي كل شيء "
نظرت له سميرة هامسة :" ما العقدة بالتحديد "
كأن حبيب كان ينتظر منها هذا السؤال لكي ينفرها أكثر فأكثر من حُسين .. فهمس و هو يتلفت حوله :
" تعرض للاغتصاب في طفولته "
فتحت سميرة عينيها بصدمـــة !! ثم همست :" ماذا تقول أنت؟ "
هزّ حبيب رأسه و قال :" طبعاً يا عزيزتي .. تعرض للاغتصاب حتى صار مُعقداً هكذا "
عقدت سميرة حاجبيها ليست مُصدقة ثم قالت :" ماذا تقول أنت؟ لا تقل انك تكذب !!"
قال بثقة :" أقسم على ذلك .."
تأملته مصعوقة ثم همست :" و كيف عرفت أنت ذلك ؟"
تنهد و قال :" منذ اليوم الأول كان يعاملني كأني عدوه .. و ينعتني بالحقير و الوقح .. كلما حاولت التعرف عليه .. كنت شاكاً بهذا الموضوع .. لربما كان يربطني بشخص ما يكرهه .. و اثناء الحمة التي أصابته كان يهلوس .. و كنت ازوره في الليل لأطمئن عليه .. فسمعت كل هلوساته و قد افشى عن الحقيقـ............"
فوجئ بها تضع كفيها على فمها بفجيعة و قد سالت من عينيها بعض الدموع و همست :
" كنت اقول أنه يتعذب .. و لم أكن أعتقد أنه ........."
و نهضت مسرعة و هي تمسح دموعها ..
ابتسم و هو يراقبها تغادر و قال في نفسه (( آسف عزيزي حُسين .. كان لابد ان أحمي نفسي .. لا بأس .. سميرة ستشفق عليك الآن و ربما تعتني بك قليلاً لكن فطرتها ستجعلها تنفر منك و تكرهك و تشمئز منك قريباً ..لا بأس لا بأس .. كنت أسعى لمراضاتك و لكن يا حُسين .. إلا سميرة .. إلا سميرة لن أفرط بها "


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:14 PM   #19

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء السادس عشر

فُتح الباب بعنف و انطلقت سميرة و هي تتعثر بعباءتها و وجهها أحمر إثر بكاءها .. العم طاهر اهتم لأمرها و وائل نادها و سُهى لحقتها و عبد الوهاب أوقفها .. و حُسين ...... لكم أن تتخيلوا حُسين و هو يرى سميرة تعود من لقاء لها مع حبيب القذر باكية !!!!!
ماذا فعل حبيب بسميرة ؟!!!!!!! نهض حُسين بنيرانه و أبعد وائل عن طريقه بقوة و وقف امام سميرة .. تأملها و هي تغض طرفها عنه .. و الدموع تغرق وجهها ! ..
همس بخوف :" سميرة ما بكِ ؟"
قلبه يدق كطبل افريقي مجنون .. برزت حبات العرق على جبينه .. و مسامعه تلتقط صوت الموت القادم من بعيد مثيراً في نفسه الفزع و الرهبة من المستقبل الآتي ..
نظرت له قليلاً و عينيها شديدتا الاحمرار .. ثم انفجرت باكية و هرعت لغرفتها تلحقها سُهى ..و جرى حديث بين عبد الوهاب و العم طاهر .. بينما كان حُسين يقف متسمراً .. تحول لصنم ! و هو يرمق سميرة تدخل غرفتها و تغلق الباب من خلفها بقوة ..
خطر بباله خاطر بشع .. تخيل حبيب و هو يمد يديه القذرتين و من فمه يسيل اللعاب .. لم يستطع التحمل و كيانه يوشك على الانهيار .. عقله لم يستوعب فكرة أن حبيب يلمس شعرة من سميرة ..
خرج من المنزل مسرعاً و وقف يراقب حبيب الذي ترجل سيارة الأجرة ..ثارت نيرانه .. انفجر بركانه .. راح يلهث بقوة و هو يتأمل حبيب الذي يقف بارتباك و خوف ..اقترب منه خطوة خطوة ..
وقف أمامه هامساً بصوتٍ متحشرج :"ماذا فعلت بسميرة "
هرب حبيب بنظراته و هو يفتعل ضحكة .. ثم صُدم بصفعة ألجمت وجهه .. نظر لحُسين مصعوقاً و هو يضع يده على خده :" تصفعني يا حسين "
قبض حُسين على قميص حبيب و في عينيه نظرات مخيفة تنذر بخطر عاتي .. همس بين أسنانه :
" ماذا فعلت بسميرة يا وقح "
خاف حبيب ثم صاح :" لم ألمسها أقسم أني لم ألمسها .. و رب الكعبة أني لم ألمسها .. يمكنك سؤالها .. لكنها بكت لأن النادل سخر من لباسها و هذا ما جرى و حسب "
تأمله حُسين بغير اقتناع و تركه بقوة و هو يلهث .. ثم عاد أدراجه ..
--
بينما كانت سميرة مستلقية على سريرها تبكي بحرقة و بجانبها سُهى قلقة :" سميرة !!! ما بكِ ما الذي جرى"
نظرت لسُهى و الدموع تغرق وجهها ثم همست :" لا شيء .. اتركيني وحدي أرجوكِ"
نهضت سُهى حائرة ..و ظلت سميرة تفكر و طبقة من الدموع بعينيها .. ليست مصدقـة ما سمعته من حبيب.. تذكرت حُسين بصمته المريب .. تذكرته و هو ينهال ضرباً على سُهى .. تذكرته و هو يقبض على قميص وائل و يزمجر :" كيف تجرأ ؟ " تذكرته و هو يلتفت لحبيب بنظرة حقد عميق و يهمس :
" لو كنت سأموت أنت آخر شخص سأطلب المساعدة منه "
تضاربت الذكريات ببالها و هي تضع أصابعها على شفتيها تمنع شهقاتها .. و تذكرته و هو يلتفت لها مبتسماً:" امرأة مثاليــــــة "
هزّت رأسها سلبياً تنفض كلمات حبيب من بالها التي تكررت برأسها تكرار مميت (( حُسين تعرض للاغتصاب ! حُسين تعرض للاغتصاب ! حُسين تعرض للاغتصاب ))
شعرت برغبة عارمة بالتقيؤ .. و لم تحب أن تخرج من غرفتها .. لكي لا تراه أبداً ..
--
في الجانب الآخر.. نسى الجميع الأمر بمجرد أن جاء حبيب و فسر لهم بكاء سميرة على أنه بسبب حساسيتها ناحية العالم الخارجي .. و قريباً ستتعود ..و قال :" لا أريد منكم فتح هذا الموضوع معها فهو يحرجها "
الجميع يظن حُسيناً ليس مهتم .. كان يستلقى على الأريكة ممسكاً بجهاز التحكم .. عينيه موجهتان للتلفاز و لم ينطق بأي كلمة أثناء حديث حبيب .. لكن حبيب كان يراقبه باهتمام و قلبه يدق بقوة .. خشى فعلاً من هذا الانسان الذي يتحول فجأة لذئب مفترس .. ثم ما يلبث إلا و قد عاد لهدوئه ..
لاحظ حبيب سرحـان حُسين .. و عينيه اللتين تتجهان تدريجياً نحو غرفة سميرة .. ظل ينظر لغرفة سميرة طويلاً .. و حبيب يغوص في قلقه .. و هو يرى حسين لازال يحدق بباب غرفتها بملامح مجهولة .. حتى أفزعه وائل بصرخة :" حُسين !!!!!! "
عقد حُسين حاجبيه بضيق و هو ينظر لوائل و قال :" نعم ؟!! "
صاح وائل بفوضوية :" ما هذه القناة الرديئة التي تتابعها .. أعطني جهاز التحكم .. "
تنهد حُسين و رماه بجهاز التحكم ثم نهض متجهاً لغرفته..
--
نامت سميــرة تلك الليلة و بعد عناء طويل ، استيقظت صباح اليوم التالي .. على نهار مسود كئيب .. لازالت غير مُصدقة .. ظلت طويلاً على الفراش تمتحن مشاعرها .. يا ترى لمَ هي مهتمة بأمره؟ و إذ كان قد ضيع شرفه .. فلماذا تحمل هي هذا الهم على رأسها ؟!! أم أنها ..... تُحبه ؟!! هزّت رأسها سلبياً بنفور و هي تعيد كلام حبيب على مسمعيها (( حُسين يقول أشياء غريبة .. حسين ضيّع شرفه في صغره .. حُسين يحتاج لطبيب نفسي .. )) يا ترى لو كانت تحبه .. ستحبه على ماذا بالضبط ..
نهضت من السرير مُثقلة .. و بدلت ثوبها على الفور و ارتدت خمارها .. خرجت من غرفتها بتكاسل على غير عادتها ..راحت تُعد الفطور و العم طاهر يحوم حولها يُخبرها بالأشياء التي اشتراها للمنزل ..
" سميرة يا ابنتي .. وضعت الطماطم هنا .. أنظري .. هنا "
تنهدت بضيق :" شكراً عمي "
تفقدها بنظراته و أغلق الثلاجة ثم خاطبها بهدوء :" هل أنتِ بخير؟!! "
من دون أن ترفع رأسها هزته ايجابياً .. كانت في أية لحظة ستنفجر بالبكاء .. فاستشعر هو ذلك .. فلم يرد أن يزيد الضغط عليها و تركها تعد الفطور بهدوء ..
ثم وجدت أنها يجب أن توقظ المستأجرين .. كم كانت تخشى سؤالهم .. فماذا ستجيبهم يا ترى .. طرقت الباب على سُهى و نادتها ثم أسرعت لغرفة عبد الوهاب هاربة منها و طرقت الباب على عبد الوهاب ثم أسرعت لغرفة حبيب هاربة منه ..و طرقت الباب على حبيب لكنه لم يمنحها فرصة للهروب .. أسرع بفتح الباب و همس بحنان :" سميرة "
من دون أن ترفع رأسها همست :" الفطـ.... الفطور جاهز "
همس :" لا أريد فطوراً .. أريد الاطمئنان عليك يا أغلى ما عندي "
رفعت رأسها و تأملته بحُزن فحثها على الدخول لغرفته .. لم تكن تطمئن للدخول معه في غرفته قبل هذه اللحظة .. لكنها اليوم مستسلمة لكل شيء .. دخلت الغرفة و رمت بجسدها على المقعد ..
و يا للمفاجأة فقد انفجرت بالبكاء !!! أسرع لها حبيب و جلس قرب أقدامها و أمسك بيديها منفعلاً :
" سميرة !! ما بك حبيبتي .."
أبعدت يديها بهدوء و همست :" حُسيــن .. أنه مسكين فعلاً "
تأملها حبيب و حاول أن يبتسم :" كما عهدتكِ قلبكِ رقيق للغاية لكن الذنب ذنبه لأنه لم يحافظ على نفسه كثيراً في تلك المرحلة الخطيرة .. عزيزتي العلاج لا يزال أمامنا .. سأفاتحه قريباً في موضوع العلاج النفسي"
هزّت سميرة رأسها و هي تمسح دموعها ثم همست :" و الرِحلة ؟"
ابتسم :" بالتأكيد سيأتي معنا غداً للرحلة ..ربما تتحسن نفسيته "
نهضت فأمسك بيدها برفق و همس :" أأنت بخير"
قالت بحدة :" حبيب لا تلمسني .. ما تفعله سيجعلني أندم أني دخلت غُرفتك "
ابتسم لها و همس :" صدقيني كل ما أفعله ليس بإرادتي .. أنا أحبكِ بجنون "
تتهدت و خرجت قائلة :" الفطور جاهز"
--
خرجت سميرة من غرفة حبيب و أنظارها مصوبة على غرفة حُسين .. استجمعت قواها و اتجهت نحو تلك الغرفة لتطرق الباب .. وقفت طويلاً أمام ذلك الباب محتارة ..و هي تتذكر ما قاله حبيب .. مشاعر متضاربة (( شفقة ، حزن ، نفور ، كره ، و ........... حُب ؟!! )) تذكرته بالأمس و هو يقف أمامها بنظرات خوف شديد هامساً :" سميرة ما بكِ ؟"
مدت يدها لطرق الباب .. لكنها فوجئت بالباب ينفتح .. فوجئ هو أيضاً بها ..و كلاهما تسمر طويلاً ناسياً ما كان سيقوله .. سميرة كانت ستقول أن الفطور جاهز و حُسين كان سيسألها عمّا حدث بالأمس ..
رمقها طويلاً و همس :" صباح الخير سميرة "
حاولت أن تبتسم فلم تستطع إلا أن تقول بجفاء :" صباح النـور .. مم .. أ.. الفطور جاهز "
و استدارت للمغادرة لكنه استوقفها :" لحظـة "


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:15 PM   #20

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء السابع عشر

حاولت أن تبتسم مرتبكة :" صباح النور .... مم .. أ .. الفطور جاهز "
و استدارت للمغادرة لكنه استوقفها :" لحظة "
التفتت له قلقة من ذلك السؤال و بقلبها شعور غريب ناحيته .. تريد أن تهرب و تريد أن تبقى .. تريد أن تتكلم و تريد تصمت .. تريد أن تبتسم له و تريد أن تعبس بوجهه ..
تفحصها بنظرة ثم همس بقلق :" هل أنتِ بخير ؟"
لم يتجرأ أن يبوح لها بالخوف الساكن بقلبه منذ ليلة البارحة يوم رآها تبكي عائدة من لقاء لها من حبيب .. لم يتجرأ أن يخبرها أنه نوى قتل حبيب لمجرد فكرة خطرت بباله .. لم يتجرأ أن يخبرها أنه لم ينم إلا ساعتين عانى فيهما كوابيس مريعة ..
هزّت رأسها ايجابياً :" بخير .. آه .. البارحة أُرهقت فجأة و .. في الحقيقة لا أعلم ما الذي حل بي .. لكني اليوم بخير"
--
يمد العم طاهر يده ناحية الخبر و يضعه أمام حُسين ثم يربت على كتفه و ينخرط في حديث ممل عن خططه بزراعة الحديقة بأنواع الفواكه .. بينما يرفع حُسين بصره ناحية حبيب الذي يجلس بجانب سميرة و يضحك و يأخذ راحته .. قطب حُسين حاجبيه باستنكار و هو يرى حبيب يصر على وضع اللقمة في فم سميرة التي همست باستفزاز :" حَبيب!!!!.. "
وائل كان منتبهاً أيضاً لذلك صاح :" ماذا أرى ؟!!!!!! عصافير الكناري .. "
و أطلق ضحكة تلتها تساؤلات سُهى بالذي جرى .. بينما وجّه حُسين نظرات نارية لحبيب و لم يتمكن من ضبط أعصابه أكثر فقال بحدة :" يا لك من قليل أدب .."
فتح حبيب عينيه بصدمة و تلاشت ابتسامته .. و رفع عبد الوهاب رأسه غير مستوعبٍ الأمر .. و ظن العم طاهر أن هذا مجرد جنون من حُسين بغير علم له بالذي فعله حبيب ..لكن ما أثار جنون حُسين فعلاً ..ابتسامة حبيب المغيظة و هو يقول :
" ماذا ؟ ألن ننتهي من مشاكلك "
لم يتوقع حُسين رداً من حبيب كهذا ..و تجمعت الشياطين برأسه .. و صوّب نظرات قاتلة ناحية حبيب الذي بدأ يخاف .. و تأهب وائل لصد أي هجوم مباغت ..
نظرت سميرة بقلق ناحية حُسين الذي قال بنبرة غضب شديدة:" اعتبرها مشاكل مني .. لا يهمني لأني لن أتجاهل بعد اليوم تجاوزاتك .. "
همس العم طاهر :" حُسين !! ما بك ؟ "
و قال وائل بضيق :" يا له من غريب "
ثار حُسين بغضبه و التفت لوائل صارخاً :" اخرس أنت "
ثم التفت للعم طاهر و قال بحدة :" أنت الذي يجب أن أقول له ما بك ؟ ما بك عم طاهر .. ألست تراه يتحرش بسميرة أم أن حبيب الخدوم المتعاون الطيب لا يخطئ أبداً ؟ "
فتح العم طاهر عينيه بصدمة و همس :" و متى تحرش بها "
و ارتبكت سميرة كثيراً بينما صوب عبد الوهاب نظراته لحُسين الذي احترق و لم يعد يحتمل .. نهض صائحاً :" متى ؟ الآن أمام عينك .. رباه !!!!!"
فتحت سُهى عينيها على أقصاهما و راقبت حُسين و هو يبتعد ناوياً بالخروج من المطبخ تلحقه نظرات سميرة و الجميع .. حينها استوقفه صوت حبيب :" عم طاهر .. كما قلت لك .. كل شيء بعقله ( بح ) .. "
استدار حُسين لحبيب بنظرات حقد و كره .. ثم همس :" إذ كان لديك ما تقوله .. فقله بوجهي .. "
نظر حبيب لسميرة و ترك الملاعق ناوياً أن يشعل النار أكثر .. اقترب من حُسين و قال بتحدي :
" ها أنا أواجهك .. و أقول لك أنت بحاجة لطبيب نفسي .. صرت تتصرف بشكل لا يطاق و لسنا مجبورون على احتمالك أكثر .."
نظر حُسين لحَبيب بنظرة نارية أرعبته ثم همس :" إذ كنتُ أنا أحتاج لطبيب نفسي فأنت تحتاج لإعادة تربية .. لن أحتمل تواجدك أمامي أكثر .. و تصرفاتك الصبيانية سكتتُ عنها كثيراً"
ابتسم حبيب بخبث و همس :" أي تصرفات تقصد يا أستاذ ؟ أنا و سميرة بيننا وعد بالزواج .. لا أعتقد أنه من اللطيف أن تتدخل بيننا "
تأمله حُسين بقهر و قد احمر وجهه ثم نظر لسميرة التي تقف بارتباك و قلق.. فأكمل حبيب و هو يربت على كتفه بابتسامة معينة :" حُسيــن .. كم يؤلمني أمرك .. ما تعرضت له ليس بالشيء اليسير "
نظر حُسين لعيني حبيب بتوجس و هو يكمل :" نعم .. تعرضك للاغتصاب في طفولتك يحتم عليك أن تكون مريضاً نفسياً "
و ابتسم بمكر :" أليست هذه الحقيقة التي تحاول إخفاءها ؟! "
فتح حُسين عينيه بصدمة ! كأن بصاعقة نزلت من السماء عليه .. لم يستوعب الكلمات التي صدرت من حبيب بكل جرأة .. راح يتأمل عينيه متسمراً .. راح يتأمل ابتسامته الكريهة ثم نظر لهم ..
كأن على رؤوسهم الطير .. نظر لسميرة فكانت تبكي !! تنهد بضيق و هو يتنفس بصعوبة ..و دفن نظراته في الأرض .. شعر بصراعات و حروب قائمة بداخله .. شعر بحرقة .. بألم .. و هو يستعرض شريط الذكريات أمام عينيه .. رفع رأسه بملامح مرعبة .. ملامح مميتة ..
انكمشت سُهى و تسمرت سميرة .. و تصلب وائل و بُهت العم طاهر .. و ازدرد عبد الوهاب ريقه بصدمة .. نظر لحبيب الذي يحارب خوفه .. و همس بصوت آتٍ من أعماق أعماق الموت ..:
" لمَ لم تقل الحقيقة كاملة ؟! لمَ لم تقل أنك من ..........."
و شعر بغصة بصدره فبتر ما كان سيقوله ..و هو يشعر بنيران مُلتهبة بداخله .. بينما نظرت سَميرة بقلق لملامح الاحراج المخلوطة بالقهر الشديد على وجه حُسين الذي مشى و هو لا يرى طريقه ..
تبادل الجميع نظرات استغراب و اندهاش و صدمة و تحولت الأنظار لحَبيب الذي لم يتوقع أن يمشي حُسين ببساطة هكذا .. توقعه سيفجر المطبخ بما حَوى ..
هَمس العم طاهر لحَبيب :" ماذا قُلت ؟ كيف .................."
هنا سمعوا صوت سقوط أحدهم فأسرعوا للخروج من المَطبخ .. شَهقت سَميرة و هي تضع يديها على فمها .. و هي ترى حُسين مرمي على عتبات السُلم الحادة _ مُغشاً عليه ..
--
هرع الجميع بصدمـــة لحُسين .. و حَبيب يقف مدهوشاً مستشعراً للفاجعة التي حلت على قلب حُسين الذي لم يستحمل المَزيد ..
صاحت سُهى و هي تنفجر بالبكاء :" عَم طاهر إن جبينه ينزف "
جلس عبد الوهاب مسرعاً قرب رأس حُسين .. راح يهزه بعنف صارخاً :" حُسين .. "
ثم صرخ :" اجلبوا ماءاً .. بسرعة "
ركض وائل ناحية المَطبخ مرتبكاً .. و من جهة أخرى تنزع سُهى الإيشارب الذي تلفه حول رقبتها لتناوله العم طاهر و هي تصرخ :" أوقف النزيف بسرعة "
ظل حَبيب متسمراً و هو يفتح عينيه بصَدمة ثم يعض شفتيه بندم مرير .. و هو يرى العم طاهر يحاول ايقاف النزيف و هو يكرر بقلق :" بسم الله الرحمن الرحيم .. لطفك يا رب .. لطفك يا رب "
و في الجهة الأخرى يأتي وائل راكضاً و هو يحمل الكأس .. ثم يوشك أن يتعثر بالسجادة .. لكنها تفادى ذلك بسرعة و هو يقدم الكأس لعبد الوهاب .. و سميرة غارقة في نحيبها .. يزداد خوفها على حُسين أمام غضبها العارم من حبيب .. صرخت به :" ألا تملك قلباً ؟ بربك ماذا فعلت به ؟! "
شعر حبيب بغصة فوق غصاته و هو ينظر لعبد الوهاب الذي ينثر قطرات الماء على وجه حُسين المُحمر ثم يهزه صارخاً :"حُسين .. حُسين "
بينما كان العم طاهر لازال يضع ايشارب سُهى فوق الجرح و قد امتلئ بالدم ..
صاح الجميع بدهشة و هم يرون حُسين يفتح عينيه الناعستين تدريجياً ..
--
تأملته سميرة و الدموع متجمعة بعينيها الفيروزتين .. و شعر حبيب بألم و هو يرى عبد الوهاب يساعد حُسين على الجلوس .. ثم التفت لوائل قائلاً :" اجلب ماءاً له "
و راح العم طاهر يربت على كتف حسين بحنان و هو يهمس :" هل أنت بخير ؟ "
كانت ملامح حُسين مجهولة غريبة و هو يحدق في اللا شيء .. فصاحت سُهى :" جبينك .. سوف آتي بالضمادات "
حبيب كان يتأمله بحزن ثم ينظر لسميرة فيراها متأثرة .. تناول عبد الوهاب كأس الماء من وائل و قدمه لحُسين الذي شربه دفعة واحدة ..ثم راح يلهث بشكل مرعب ..
بينما يحاول العم طاهر أن يُلطف الجو و هو يمسح على شعر حُسين قائلاً :
" لا بأس عليك ، لم يحدث شيء أبداً .. "
اقتربت سَميرة و هي تهمس :" أظن أنه من الأفضل أن ننقله لغرفته ليرتاح "
رفع حُسين رأسه و نظر لسميرة بنظرات لم تفهمها .. و كانت الأفكار تحوم برأسه ..
(( سَميرة ! هل عرفتِ كل شيء ؟!! هل عرف الجميع كل شيء ؟ هل انتهى كل شيء ..؟!!! ))
بينما أسرعت هي للغرفة تنسق السرير و تحضر المعقم و الشاش .. و حَبيب لم يتحمل أن يرى حُسيناً يتأذى كل هذا الأذى بسببه فأطلق ساقيه لغرفته و أقفل الباب ..
رمى بنفسه على السرير و ظل يلعن نفسه (( حَبيب !!!! ياه! ماذا فعلت يا حبيب بحُسين !!!! اغتصبته و فضحته ؟!! كم أنت قذر يا حَبيب .. ليتك يا حُسين تفضحني كما فضحتك .. و تخبرهم أني من فعل ذلك بك ربما ذلك يخفف عني تأنيب الضمير ))
لكن هيهات.. حُسين يظل دائماً يهرب من ذلك الماضي الأسود المميت .. و لن يذكر منه أي شيء أمام أي أحد ..
و على ذلك السرير استلقى و هو يغمض عينيه .. الجميع كان حوله .. سُهى أمسكت يده الباردة و هي تقول بقلق :" حُسين .. أرجوك .. اطرد كل الأفكار من بالك الآن .. لا تفكر بشيء .. لا شيء يستحق .. و حبيب البغيض لا تهتم لما يقوله .. لا تهتم "
بينما قبّل العم طاهر رأسه هامساً :" اسم الله عليك يا وّلدي .. "
ضيق عبد الوهاب فتحتا عينيه و هو يفكر عميقاً .. ثم قال :" فلنخرج لندع سميرة تداويه ثم يرتاح "
و خرج عبد الوهاب مع سهى و وائل و العم طاهر .. و انزوى هو مع العم طاهر في غرفة الضيافة .. و بدأ عبد الوهاب حديثه قائلاً :" ماذا قال حبيب هذا ؟!! حُسين تَعرض للاغتصاب في طفولته ؟"
هبط العم طاهر بعينيه و همس :" أستغفرك يا رب .. الحقيقة لم تتضح و علينا غض البصر عنها حتى يخبرنا بها حُسين بنفسه و لو كان يرفض البوح بشيء فهذا حقه .. و لكن لا تزر وازرة وزر أخرى .. فحتى لو كان كلام حبيب صحيحاً .. فحُسين بريء و مظلوم في النهاية يجب علينا التعاطف معه و مساعدته"
قال عبد الوهاب :" لكن تظل هذه مسألة لا يمكن التغاضي عنها يا عم طاهر خصوصاً و أنت ترى نفسية حُسين المُتردية ناحية هذا الموضوع و أظن أننا يجب أن نساعده على تخطي هذه العقبة في حياته"
عقد العم طاهر حاجبيه و قال :" و كيف ذلك ؟ "
--
في الناحية الأخرى سميرة تضع الشاش بدقة على جبين حُسين الذي يغمض عينيه .. شعرت أنها لحظة سكون ما قبل العاصفة .. و بعد هذه السكينة ستأتي عاصفة ستفتك بالمنزل ..
نهضت ببطء بعد أن انتهت من عملها و هي تتأمل حُسين .. و فَكرت (( كم أشعر بشعورك .. ياهٍ .. كم بشع أن يحدث لك هذا و أنت شاب شبه كامل .. مُهندس ناجح و مثقف و شاب جذاب وسيم و خلوق و تعرف ربك .. كم بشع أن نكتشف مثل ها الاكتشاف .. بالرغم من أنه ماضي و انتهى إلا أنه لن يزول أبداً من ذاكرتك ..))


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:25 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.