آخر 10 مشاركات
112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          16- انت وحدك - مارغريت ويل - كنوز احلام القديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          سيدة قلبه (35) للكاتبة: Deborah Hale .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          497- وحدها مع العدو - أبي غرين -روايات احلام جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          الرزق على الله .. للكاتبه :هاردلك يا قلب×كامله× (الكاتـب : بحر الندى - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-02-10, 03:37 PM   #1

XسلمىX

? العضوٌ??? » 108566
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » XسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond repute
B17 صــــــــــــــوت المـــــــــــوت .. قصتي " مكتملة "


صوت الموت

الجزء الأول

الساعـة الحادية عشر ليلاً ..
كان " حبيب " يصعد السُلم الذي يؤدي لغرفته .. و قد عاد من اجتماعه مع صَحبه .. كان طويل القامة بما يكفي و سمين قليلاً و كثير من البثور تملئ وجهه و ملامحه الحادة .. رمى بسيجارته على إحدى الدرجات و سحقها ثم التفت لشاب يدخل المنزل معه الحارس يحاولان حمل الحقائب..
تنهد مقرراً معاونتهما ! .. هبط على السلم و هو يراقب الشاب و هو يدفع بالحقائب و نظارته السوداء الكبيرة تغطي نصف وجهه .. و هو يرتدي معطف أسود طويل و ( سكاف ) يلفه حول رقبته ..
اقترب حبيب منه و قال مبتسماً :" مساء الخير، هل أنت مستأجر جديد؟!"
رفع الشاب رأسه له و كان يبدو أن الطقس قد سبب له زكاماً أو حمة ..همس بصوت مبحوح :" نعم "
و رفع الحقيبة على السلالم بجهد بالغ ..فأسرع حبيب لحمل الحقيبة عوضاً عنه قائلاً :" حياك الله .. "
و مضى حبيب يمشي خلفه الشاب فعاد يخاطبه حبيب و هما على باب الغرفة :" نورتنا يــــــا ......"
ابتسم الآخر :" أُدعى حُسين .. "
ضحك حبيب :" و أنا حبيب ، هذه غرفتي .. وداعاً "
لوح بيده و غادر بينما دخل حُسين غرفته و هو بالكاد يتنفس .. أغلق الباب خلفه .. و خلع النظارة الشمسية و بادر بخلع معطفه الطويل و حذاءه و رمى بنفسه في السرير و غاص تحت اللحاف و كم كان مرهقاً للغاية .. و ما إن أغمض عينيه قليلاً إلا و سمع طرقا على الباب ..
زفر بضيق و هو يفتح عينيه ببطء.. و نهض بتكاسل و هو يرتدي الروب ..مشى بتعب ناحية الباب و فتحه .. هنا ظهر وجه حبيب بابتسامته المزعجة و هو يقول :" يبدو أن صاحبنا مشتت "
عقد حُسين حاجبيه فقال حبيب و هو يجر الحقيبة :" نسيت حقيبتك الثانية "
تنهد حُسين و سحب حقيبته للداخل هامساً :" أشكرك "
بينما عاد حبيب لغرفته و كان من طبعه اجتماعياً .. جلس على سريره و بات يفكر في هذا المستأجر الجديد و شعر به مألوف للغاية و كأنه يعرفه من زمن ..
--
طلع الصبح .. و خرجت الآنسة " سميرة " من غرفتها .. كانت امرأة تبلغ السابعة و العشرين من عمرها .. و هي صاحبة هذا المنزل الذي قسمته لغرف كثيرة للاستئجار ..امرأة مذهلة .. آية في الجمال .. ببشرتها البيضاء و عينيها الفيروزتين و حاجبيها المرسومان بدقة و شفتيها المخمليتين ..
كانت مجرد امرأة وحيدة لكنها استفادت من ورث والدها و جمعت لها أسرة .. لفت الخمار على رأسها و راحت تجهز طعام الفطور .. فلما رأت الحارس العجوز يدخل المنزل محملاً بصناديق كثيرة .. قالت له مبتسمة :" عم طاهر ؟ هل اشتريت البطاطا كما أوصيتك ؟ "
وضع الصناديق على الطاولة قائلاً :" نعم يا ابنتي .. و اشتريت بعض الفواكه "
اتجهت سميرة لتفحص الصناديق و همست :" جيد .. "
و عادت للمطبخ لتعد الفطور فقال لها الحارس :" المستاجر الجديد أقبل ليلة البارحة "
قالت سميرة و رأسها داخل الثلاجة تبحث عن المُربى :" أحقاً ؟! لم يسعفني الوقت لتنظيم الغرفة له و تعطيرها .."
و نظرت له قائلة :" عم طاهر تفقد سقف غرفة المخزن إذ كان بحاجة لترتيم ... بما أن الأمطار محتمل ان تهطل قريباً "
" حسناً "
راحت تجهز طعام الفطور على الطاولة .. ثم اتجهت لغرف مستأجريها لتدعوهم للفطور .. طرقت الباب على الآنسة ( سُهى ) و هي فتاة صغيرة السـن هاربة من منزل أهلها.. فتحت الباب بهدوء و أطلت على سهى التي تضع السماعات على أذنيها و كلها طرب بالموسيقى الصاخبة..ابتسمت سميرة و اقتربت منها و هي تربت على كتفها :" صباح الخير سُهى"
رفعت سهى رأسها:" بخير "
فقالت سميرة :" بخير ؟ ...هيا تعالي لتناول الفطور "
"حسناً"
هزّت الأخرى رأسها و خرجت سميرة ناحية الغرفة المجاورة و هي غرفة ( حبيب ) و هو مستأجر منذ اسبوعين ..طرقت الباب و نادت :" أستاذ حبيب .. أستاذ حبيب "
كان هو غاط في نوم عميق لكن ما إن سمع صوتها إلا و هب من سريره ناحية الباب و كان متقصداً أن يفتح الباب و هو يرتدي ملابسه الداخلية و حسب ..
تسمرت مصدومة رغم أنه يتقصد أن يفعل ذلك مرارا .. تأملته و هو يبتسم ابتسامة عريضة خبيثة .. و راح يتأملها بجسدها الضئيل و الخمار الكحلي الذي ترتديه و الثوب الداكن .. كانت تميل لإرتداء الملابس الداكنة و ذلك لا يظهر إلا بياض بشرتها الندية .. عينين واسعتين بلون فيروزي قاتم .. و شفتين بارزتين ورديتين .. نظرت له بارتباك ثم غضت بصرها :" أستاذ حبيب الفطور جاهز "
و استدارت لتتجه للغرفة التالية إلا أنه استوقفها :" سميرة ! "
حاولت أن تبتسم :" نعم ؟"
ابتسم :" لا تناديني أستاذ حبيب ... "
و ضحك قائلاً :" لأني لم أدرس أصلاً .. "
اشمئزت من أسلوبه الكريه و اتجهت نحو الغرفة التالية .. و كانت غرفة حُسين المستأجر الجديد.. طرقت الباب مراراً حتى أتاها صوت سعال قوي ثم صوت مبحوح :" مـن ؟! "
" الفطور جاهز "
" حسناً .. شكراً "
و انتقلت للغرفة التالية لكنها تذكرت أن السيدة صباح في المشفى منذ ليلة البارحة و هي حامل ! ربما تلد قريباً .. جلست سميرة و قد اجتمع العم طاهر و حبيب و سُهى و حُسين على طاولة الطعام ..
كان حُسين يتناول البيض المقلي بهدوء شديد فنظرت له سميرة و صبت له الشاي في كوب ما قدمته له قائلة :
" الشاي جيد للزكام "
هزّ رأسه :" شكراً لكِ "
رفع حُسين رأسه فرأى حبيب يحملق به بفضول ثم قال :" وجهك مألوف للغاية "
نظر له حُسين ببرود فقالت سميرة :" ماذا تعمل ؟ "
نظر لها لبرهة ثم عاد يحتسي الشاي ببطء :" مهندس .. و لكني أخذت إجازة يومين .."
تأملته سميرة قائلة :" هل أعجبتك الغرفة ؟! "
" جيدة "
" و هل أعجبك سعر الايجار ؟ "
نظر لها بنظرات باردة و همس :" نعم .. "
و نهض قائلاً :" أشكركم "
و غادر بينما نهض العم طاهر قائلاً لسميرة :" ابنتي .. سوف يأتي بعض العمال لترميم المخزن ظهر هذا اليوم "
هزت الأخرى رأسها :" شكرا"
بمجرد أن غادر العم طاهر غادرت معه سُهى التي تبلغ الثامنة عشر من عمرها ...
رأت سميرة حبيب يرمقها بنظرات عميقة و ابتسامة مخيفة ثم قال :


XسلمىX غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-02-10, 03:38 PM   #2

XسلمىX

? العضوٌ??? » 108566
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » XسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني
بمجرد أن غادر العم طاهر رأت سميرة حبيب يرمقها بنظرات عميقة و ابتسامة مخيفة ثم قال :
" أحتاج أن تغسلي ملابسي "
هزت رأسها :" كما تشاء .. فقط ضع الملابس في سلة الغسيل لأقوم بغسلها "
و نهضت مسرعة .. كانت بحاجة لتفقد سُهى من حين لآخر كونها فتاة طائشة تعيش أقصى مراحل جنون المراهقة .. ثم اتجهت لغرفة حُسين .. طرقت الباب فجاءها صوته :" تفضل "
فتحت الباب ببطء و اقتربت مبتسمة من حُسين الذي يعمل على الحاسوب المحمول .. رفع رأسه ناحيتها و ابتسم بدوره فقالت :" أتريدني ان أرتب الغرفة ؟! "
نظر هو للملابس الملقاة هنا و هناك و شعر بالحرج ثم قال و هو يحك شعره :" اعذريني .."
ضحكت بلطف و هي تنحني لالتقاط أحد الأقمصة ثم قالت :" أنه واجبي .. "
" هل أساعدكِ ؟"
التفتت له بدهشة ثم اقتربت قائلة :" قلتُ لك أنه واجبي ! يمكنك التجول في الحديقة ريثما أنتهي من ترتيب غرفتك "
ابتسم و نهض حاملاً حاسوبه المحمول و خرج من الغرفة و هو يراقبها و هي تشمر عن ذراعيها لتبدأ في عملها ..
سميرة إنسانة بسيطة للغاية لم تكمل دراستها الثانوية ..لكنها لطيفة جداً و حساسة و رقيقة أيضاً ..و جميلة للغاية .. شمرت عن ذراعيها الناصعتين البياض و كانت تضع خاتماً ناعماً في اصبعها البنصر ..
نزعت الفراش و راحت ترتبه من جديد .. بينما خرج حبيب من غرفته و صادف حُسين الذي يمشي خارجاً من المنزل .. خاطبه بصوت عالي :" آآ .. يا هذا .. "
استدار له حُسين مقطباً حاجبيه فقال حبيب :" نسيت اسمك "
نظر له الآخر باحتقار شديد و خرج من المنزل .. هنا قفز حاجبا حبيب للأعلى و هو يفكر .. أنه لا يعطيني أدنى اهتمام .. يا ترى لماذا أشعر أني أعرفه .. و أنه شخص مهم بالنسبة لي ؟
مشى و هو ينادي :" سميرة ! .. سميرة "
تنهدت سميرة و هي تسمعه يناديها و كانت في غرفة حُسين .. صاحت :" أنا هنا "
أقبل حبيب و فتح الباب مبتسماً و هو يراها تعمل بجد .. اقترب منها و قال هامساً :" ياهٍ من الصباح الباكر و أنت تعملين ؟ ألا تتعبين ؟! "
نظر له باستياء ثم قالت :" لا أبداً .. هذا واجبي "
فقال حبيب:" سمعت أن ثمة مستأجر جديد سيأتي قريبا "
أخرجت من جيبها قائمة معينة و قالت :" نعم ، أسمه عبد الوهاب كمال .. و سوف أجهز له الغرفة المجاورة لغرفتي "
شعر حبيب بالغيرة ! ثم قال :" هل يمكنني رؤية القائمة ؟"
استغربت سميرة طلبه لكنها ناولته القائمة .. أخذ القائمة و هاله ما رأى ..... !!!!!!!
تسمر مصدوماً !!
عاد لغرفته و هو يمسك برأسه يكاد يغشى عليه .. هوى على السرير و هو يفتح عينيه مصدوماً ثم همس :
"مستحيــــل !!!! مستحيــــــــل ! هل هو هو ذاته ؟! "
--
الساعة شارفت أن تصبح الحادية عشر صُبحاً .. رفع حُسين رأسه من شاشة اللابتوب و هو يرى امرأة تدخل من خلال الباب الرئيسي و يبدو أنها حاملاً .. مشت بصعوبة فرأى سميرة تخرج من المنزل و تسرع ناحيتها لتساعدها .. ابتسم هو لطيبة هذه الفتاة .. دخلت المرأة و أقبلت ناحيته سميرة قائلة :
" لقد انتهيت من ترتيب غرفتك "
ابتسم هو :" هل أتعبتكِ ؟"
ابتسمت هي :" لا أبداً "
و دخلت المنزل و هو يراقبها بناظريه .. نهض حاملاً حاسوبه و دخل المنزل متجهاً لغرفته بينما كان حبيب يتلوى ألما على سريره للذكرى الأليمة المفجعة التي مرت بخلده .. دخل حُسين غرفته و استنشق الرائحة العطرة في الغرفة و رأى التنسيق و الترتيب الانثوي الذواق .. كم سُعد بذلك و هو يرى ملابسه مصفوفة بشكل مرتب داخل الخزانة و السرير كان مرتباً للغاية .. كم افتقد لمسة الأنثى في حياته .. لأنه عاش طويلاً يعتمد على ذاته في كل شيء .. كونه يتيم الأبوين منذ أن كان صغيراً و نشأ في منزل خالته و منذ أن بلغ عمره الثامنة عشر فأنه عاش لوحده ..
ابتسم و هو يتلمس زهور الاقحوان و عرف أن من فعلت ذلك هي فتاة في قمة النعومة و اللطف .. جلس قرب الشرفة و سرح قليلاً فقطع سرحانه صوت طرق الباب..
" تفضل "
هنا دخل حبيب الغرفة و وجهه أسود و عينيه حمراوتين .. همس :" هل تسمح لي بالتكلم معك "
عقد حُسين حاجبيه و استغرب تصرفات هذا الرجل لكنه قال :" تفضل "
اقترب حبيب حتى بلغه و جلس أمامه مباشرة و حملق بوجهه مطولاً و في داخله يقول :" أنه هو ! .. هو ! "
همس :" ما... ما أسمك الكامل ؟! "
تأمله حُسين ثم قال :" حُسين عبد الكريم أحمد .. لمَ؟"
عض حبيب على شفتيه ارتباكاً ثم اقترب بكرسيه من حُسين و نظر له مطولاً :" حُسين ؟!!! لقد تغيرت كثيراً "
هنا بدأ حُسين بالقلق و هو يرى وجه حبيب يتقلص و يتجعد ثم انفجر ببكاء غريب .. فتح حُسين عينيه بصدمة و همس :" ما بك؟!! "
فوجئ بحبيب يحضنه بقوة و يهمس :" أنا .. أنا حبيب ..ابن خالتك "
--
للبرهة الأولى لم يستوعب حُسين الفاجعة التي حلت لكنه و بحركة تلقائية أبعد حبيب عنه بنفور و الذكريات السوداوية تمر بذاكرته فتلهب بداخله ناراً كانت خامدة منذ سنين ..
تأمل وجه ابن خالته و بعض الذكريات المضبضبة الغير واضحة تمر برأسه .. أشار باصبعه ناحية حبيب قائلاً باستنكار :" أنت حبيب الذي ......... ؟!! "
وجه حبيب تحول في عيني حُسين لوجه شيطان قذر مخيف .. و خرج عن هدوئه بصرخة زلزلت المنزل بأسره و أربكت سميرة التي كانت تطهو ..
" أخرج حالاً يا حقير "
تأمل حبيب حُسين الذي يقف مرتبكاً و شبح دموع ترقرق بعينيه ..نهض حبيب و شعر أنه لو ظل أكثر سوف يهجم عليه حُسين و يقتله ..
نهض بألم و همس :" أنا آسف .. كانت مجرد ......"
احمر وجه حُسين و هو يصرخ :" أغرب عن وجهي يا قذر "
خرج حبيب مسرعا و ترامى حُسين على الكرسي و هو يفك زر قميصه العلوي ..تنفس بصعوبة و أغمض عينيه و ذكرى شنيعة تدور برأسه..
ذكرى لطالما قُتل ألف مرة و هو يتذكرها .. نساها طويلاً منذ زمن لكن آثارها لم تذهب .. غيرت فيه كل شيء ... ذكرى حذفت الكثير من إنسايته و مبادئه .. جعلته شخص مجهول .. حتى هو يجهل نفسه ..
وقفت سميرة تراقب حبيب الذي خرج من غرفة حُسين منكس الرأس .. و شعرت أن ثمة أمر جرى ..


XسلمىX غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-02-10, 03:39 PM   #3

XسلمىX

? العضوٌ??? » 108566
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » XسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثالث
كان يلهث بارتباك و عينيه احمرتا بشكل مريع .. أسرع لحقيبته اليدوية و هو يبحث بتشتت عن حقنة المهدئ .. و كان يحتاج هكذا حقن بطبيعته حيث أنه إذ غضب فأنه يتحول لكائن غريب ..و هو بشخصيته الهادئة نادراً ما يغضب .. راح يبحث عن الحقنة و طرق الباب يدوي رأسه .. قال و هو يرص على أسنانه :
" تفضل "
فتحت سميرة الباب و هي تحمل صينية تحوي فنجان قهوة ، كانت فضولية بما يكفي لكي تستطلع الأمر .. رفع رأسه و نظر لها للحظة ثم عاد يفتش هنا و هناك ..وضعت سميرة الصينية على الطاولة و جلست أمام حُسين و هي تراقبه :" أتحتاج مساعدة "
لم يرد بل أخرج الحقنة من الحقيبة و باشر بتركيبها .. ثم وجهها ناحية باطن ذراعه و سميرة ترمقه بصدمة ..
--
جلس حبيب في الصالة مرتبكاً .. خاف أن يحكي ابن خالته لسميرة كل شيء .. لكن عاد يطمئن نفسه أن ما جرى لا يُحكى على الألسنة ..
بينما كانت سميرة تراقب حُسين و هو يهدئ تدريجياً و ينظر لها من حين لآخر بنظرة ميتة .. همست :
" هل من خطب أستاذ حُسين ؟! "
هزّ رأسه سلبياً :" لا "
شعرت أن حبيب مُخطئ و لكن كيف يتشاجران و هما لم يعرفا بعضهما البعض إلا من ليلة البارحة .. بينما كان حبيب يفكر .. يآه !! هذا هو ابن خالتي حُسين؟!! هذا هو ..كم تغير .. و أصبح رجلاً ..
يا للصدفة الغريبة و المؤلمة !
--
راحت سميرة تجهز الغرفة المجاورة لغرفتها.. استعداداً لقدوم المستأجر الجديد .. بينما كان حُسين يستلقى على سريره على جنبه الأيمن و هو يسترجع تلك الذكرى المروعة ..
رجع بذاكرته للخلف ، حيث كان فتاً لا يتجاوز الخامسة عشر من عمره .. يعيش في منزل خالته .. و لم يكن أبناء خالته يعطونه أدنى اهتمام و كان هادئاً منذ صِغره .. كان يشارك ابن خالته حبيب غرفته ..
" هيه أنت "
التفت لحبيب الذي يكبره بأربع سنوات .. كانت ملامحه شرسة و هو يغلق الباب بالمفتاح جيداً ثم يقترب بشكل مريب .. كان حُسين في ذلك الوقت يمسك براوية اندمج فيها بشكل كبير و لم يكن منتبهاً لحبيب الذي يرمقه بعينين حادتين ..
" ماذا تريد ؟"
قال ذلك و هو لم يرفع عينيه عن الرواية بينما كان حبيب يتأمله بنظرات مريبة .. اقترب منه و همس :
" اسمع ، دعنا ......."
و صمت فاتحاً المجال لابن خالته للفهم .. بينما كان الآخر غير مركزٍ معه .. حيث قال بانزعاج :
" ماذا ؟! "
تنهد حبيب و جسده يحترق بالشهوات المحرمة التي أثارتها الأفلام الاباحية .. و لم يجد مصباً لهذه الشهوات إلا ابن خالته المميز بشكله ..
كانت الساعة تشير للواحدة ليلاً .. و الجميع يغط في نومٍ عميق .. عاد حبيب يرمق ابن خالته الذي يتجاهله .. فاقترب و جلس على السرير و سحب الرواية و رماها بعيداً ..بينما ظل حُسين يرمق ابن خالته مستغرباً و مستنكراً ..
" ماذا فعلت؟!!! هل أنت مجنون ؟!! "
فوجئ به يقبض على قميصه بقوة و هو يهمس بعنف :" ركز معي يا حيوان "
صُدم حُسين به و همس :" ما بك ؟"
تنهد و اقترب من ابن خالته أكثر و همس بأذنه ببضع كلمات .. كانت كفيلة بأن تحوله لصنم لا يتحرك .. من هول الصدمة و الفاجعة .. همس حُسين :" أعد ما قلت "
ازداد حبيب عصبية و أمسك بذقن حُسين و قال بنبرة تهديدية :" سأفعلها يا حُسين "
و راح يتأمل ملامح الصدمة على وجهه فارتخى صوته بحنان و هو يقول :" نصف ساعة فقط .. دعني أفعل ما أريد و سوف لن أعيدها أبداً .. ارحمني سأموت إن لم أفعلها "
اقترب بوجهه من وجه حُسين الذي يتأمله مصدوماً و مصعوقاً !! راح قلب حُسين يضرب بقوة .. و نهض بشكل مفاجئ للهرب من هذا المتوحش .. فأمسكه بقوة و أعاده للسرير .. و غرق معه في عراك عنيف .. نزف دم من فمه و من رأسه .. و لأن حبيب صاحب البُنية الأقوى فأنه أخرج شريط لاصقاً بدأ بتقييد ابن خالته به .. و حكم فمه جيداً ..
وقف يتأمله و أعمته الشهوة ففعل ما أراد فعله ..
و بعد ساعة كاملة .. أفاق حبيب من شهوته التي أعمته .. ارتدى ملابسه على عجل و هو يتأمل ابن خالته .. كم كره نفسه و الطريق الذي سلكه الذي أوصله لأفكار شاذة عن القيم و الأخلاق و فطرة الانسان .. اقترب ببطء من حُسين المُلقى على السرير على وجهه ..
و دم فمه لازال ينزف في الوسادة .. و هو يغمض عينيه بإرهاق شديد .. و شعره التصق بوجهه من العرق المتصبب .. انحنى و همس بقلق :" حُسين ؟ هل أنت حي ؟"
مد يده و هزه لكي يستفيق من غشوته .. حينها رفع حُسين رأسه ببطء و يديه لازالتا مقيدتان ..نظر لابن خالته بنظرات ميته .. و صوت الرياح في الخارج يشبه صوت الموت و هو يأتي كعاصفة من الجن ..شعر حبيب بالرهبة و الخوف ..و احتضن ابن خالته بقوة خائفاً من نفسه ..
هنا سمع همسه :" ماذا فعلت بي؟!!! "
نظر حبيب لحُسين بندم .. و قال :" ستنسى يا حُسين .."
--
عاد حُسين للواقع ، و هو يشعر بنار متأججة بداخله ..هذه الذكرى جعلته يعاني كثيراً في حياته .. هذه الساعة التي استمتع فيها حبيب على حسابه غيرت الكثير و الكثير .. هذا الشذوذ الذي رآه بعينيه جعله يكره حبيب كرهاً كافياً بتفجير الكرة الأرضية ..
شعر بذلك الانسان الذي تجرد من معنى الانسانية أنه شخص منحط قذر خالي من القيم و الأخلاق .. لا يعرف ديناً و لا يعرف رباً .. ظن حبيب أن تلك الساعة ستُنسى مع الأيام و لكن من ينسى ساعة افتقد فيها رجولته و شرفه ؟!!
بسبب تلك الساعة الملعونة و القُبلات الشاذة التي وزعها حبيب بعشوائية و بدون وعي .. حذف حُسين الكثير من الأمور في حياته ! .. و وضع قوانين صارمة على نفسه كأنه هو المذنب ..
أولها .. حذف مفهوم الزواج من جذوره .. ، ثانياً ، عدم تقبل الصداقات أبداً .. ثالثاً .. عدم التكلم عن الماضي .. و رابعاً و خامساً و سادساً ... و عاشراً ..
كم غيرت تلك الذكرى المشؤومة فيه .. و خطفت الابتسامة من شفتيه .. ظن أنه نسى تلك الذكرى لكن فإن آثارها لازالت باقية ..
--
وقفت صباح ببطنها المنتفخ بجانب سميرة و هما تراقبان العمال يرممان المخزن .. خرج حبيب من غرفته و نظر لسميرة بنظرة طويلة انتبهت لها .. ارتبكت و هي تراه يبتسم لها ثم يقترب قائلاً :
" أتحتاجون مساعدة ؟!"
شعرت سميرة بضيق لكنها قالت بلطف منها :"لا أظن فالعمّال كثر "
و اتجهت للمطبخ قائلة :" سأعد الغداء .."
نظر لها و هي متجهة نحو المطبخ فأسرع ناحيتها ..دخل المطبخ بهدوء و هو يراقبها ترفع خمارها عن شعرها الناعم المرفوع .. عادت تنسق الخمار جهلاً منها لوجود ذلك الرجل و هو يتأملها مبتسماً .. انتظرها حتى تبدأ بعملها .. فتنحنح للدخول .. أدارت برأسها ناحيته .. و حاولت أن تبتسم :
" أتريد شيئاً سيد حبيب ؟ "
أطلق ضحكة مدوية و اقترب منها قائلاً :" أستاذ و سيد و غداً ستقولين دكتور حبيب "
تنهدت و قالت :" و لمَ لا ؟ المهم أن نحترم بعضنا بعضاً "
و راحت تنسق أطباق الطعام على الطاولة .. فقال هو بابتسامة مزعجة:" أريدك أن تدللي اسمي فتقولي .. حبيبي "
فتحت عينيها بصدمة متسمرة لجرأته .. و فكرت ماذا ترد عليه و نار الغضب تسعر بداخلها .. رمقته بحدة و قالت :" اسمع يا أستاذ حبيب .. عليك عدم تخطي الخطوط الحمر فأنا في النهاية لا أقبل بهكذا تجاوزات "
و أشارت للباب قائلة :" و رجاءاً .. لا تشغلني عن عملي"
ابتسم لغضبها المُفاجئ و كم كانت رائعة و هي غاضبة .. و خرج .. فتنهدت هي متقززة من تصرفاته المزعجة .. و فكرت ماذا يقصد من ذلك..
كونها فتاة لم تتزوج و لم يحالفها نصيبها بالرغم من جمالها .. إلا أن افتقادها للشهادة الجامعية و الثانوية و مكوثها الطويل في المنزل هو كان حاجزاً لألا تتزوج ..
كانت كأي فتاة تتمنى الزواج و تكوين أسرة بما أنها وحيدة .. و لكنها الله لم يأتِ بنصيبها بعد .. و لذا فأنها عندما لاحظت اهتمام حبيب بها .. لا تدري لماذا قررت أن تلين في معاملته في المرة القادمة ..


XسلمىX غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-02-10, 10:44 PM   #4

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

أهلاً و سهلاً بك سلمى فى أسرتنا الكبيرة روايتى ... أتمنى أن تجدى كل التشجيع و المتابعة لروايتك الرائعة ...



بداية مشوقة و رائعة و عميقة جداً ... يا إلهى كيف يقابل الجانى المجنى عليه بعد سنين طويلة ...


حبيب >>> لا يستحق إسمه فهو يستحق لقب الحقير و القذر بكل ما يحمله اللقب من صفات ... حسبى الله عليه ...


حسين ... قلبى معك مهما كان لا تحمل نفسك إثم الحقير فأنت لا ذنب لك كنت مجرد طفل يتيم ... أين كانت خالتك و كيف لم تبلغها و أين إختفيت بعد الحادث وكيف أكملت دراستك ...



سميرة ... أنت إنسانة طيبة و رب العالمين سيجزل لك العطاء إن شاء الله ... لكن لا تتسرعى و لا ترمى نفسك إلى التهلكة مع حبيب الحقير و إستفيدى من إحساسك القوى بالتقزز منه >>> عندى إحساس أن هناك ما سيحدث بينك و بين حسين و ربما كنتما الدواء لبعضكما البعض ...



سهى ... إرجعى لبيت أهلك ما فى أحسن من أهلك هم الوحيدين اللى بيخافوا عليكى من النسمة >>> فى عنا مثل بيقول : من مات أمه وأبوه مات كل اللى بيحبوه ... الله يستر عليكى



سلمى رواية رائعة بصدق ... متابعاكى و شكراً لك


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 07-02-10, 08:15 PM   #5

XسلمىX

? العضوٌ??? » 108566
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » XسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond reputeXسلمىX has a reputation beyond repute
افتراضي

الغالية هبة ..

:blushing: اسعدني مرورج فوق ما تتصورين .. اتمنى ان الشخصيات جذبتج و باذن الله بحط الاجزاء القادمة

باتشرف ان ظليتي متابعة قصتي


XسلمىX غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-10, 10:18 PM   #6

نسيم الغروب

نجم روايتي وقاصة وعضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الأعضاء وعضو متألق ونشيط بالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية نسيم الغروب

? العضوٌ??? » 102266
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 6,407
?  نُقآطِيْ » نسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلاً وسهلاً سلمى البداية جميلة وننتظر الاجزاء القادمة
سلامي


نسيم الغروب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:02 PM   #7

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

سأكمل تنزيل الرواية ...


الجزء الرابع

طرقت الباب على سُهى و هي تصيح :" سُهى الغداء "
و اتجهت ناحية غرفة حُسين و طرقت الباب قائلة :" حُسين الغداء "
هنا جاءها صوته :" سميرة ! أدخلي "
فتحت الباب ببطء و رأته و هو مستلقي على سريره و ينظر لها بعينين ناعستين كئيبتين .. تاملته باهتمام بالغ .. شعره الأسود الكثيف الناعم .. بشرته البيضاء المائلة إلى الاحمرار .. شفتيه الحمراوتين .. لحيته الخفيفة .. عينيه الكئيبتين ..
همس قائلاً :
" أيمكنك جلب الغداء هنا ؟! "
اقتربت منه و وضعت كفها على جبينه قائلة :" الحمى ازدادت يا أستاذ حُسين يجب أن تراجع الطبيب "
نظر لها بذات النظرة ثم قال :" لستُ في حال جيدة للخروج من المنزل "
" لا بأس ساعتني بك و غدأ سيأتي الطبيب الجديد للمدينة .. سوف أستدعيه .."
ثم ابتسمت له بلطف :" سأجلب طعام الغداء الآن "
و غادرت و هو يراقبها و يبتسم تدريجياً .. بالرغم من الذكريات التعيسة التي مرت بخلده فأنها و بعنفوانها و طريقة حديثها الرائعة سحرته .. و أنسته تلك الذكرى اللعينة !
--
باشرت صباح بتناول طعامها و هي تخاطب سميرة الآتية :" سميرة ، انتظرتك لتقومي باستخراج البلح من السمك لنا "
نظرت سميرة لسهى و حبيب و هما لم يباشرا بتناول حصتهما و كانت قد عودتهم أن تقوم باستخراج البلح من السمك بنفسها .. كانت متعودة أن تدلل الجميع .. اقتربت و هي تحمل الطبق الخاص لحُسين قائلة :
" اعذروني و لكن المستأجر الجديد مريض يجدر بي العناية به "
نظر حبيب طويلاً لها و هي تبتعد .. كان يريد أن يذهب لحُسين و يطمئن عليه و لكن .. لا يريد أن يفجر براكين خامدة منذ زمن..
--
اعتدل و هو يراها تدخل الغرفة تحمل صينية تحوي طبق أرز و طبق سمك مقلي و طبق سلطة و كوب عصير ..
ابتسم و هو يأخذ الصينية من يديها و يضعها في حجره ثم يرفع رأسه لها و يبتسم :" أشكرك "
ابتسمت هي و جلست على مقربة و قامت باستخراج البلح من الأسماك و وضعها في صحنه فوق الرز .. نظر لها و ضحك :" تشعرينني أني طفل "
ضحكت هي بدورها و قالت :" أحب أن أفعل ذلك للجميع .. "
و قالت و هي تراه يبدأ بتناول طعامه :" هل أعجبك ؟ "
ابتسم لها :" جداً .. "
فتابعت عملها باستخراج البلح و هي تقول :" في أي جامعة درست ؟"
" في الجامعة الحكومية في المدينة .. "
تنهدت هي و هي تقول :" أتعلم ؟ أحلم أن أدرس و أعمل بوظيفة كوظيفتك "
قال باهتمام :" و لماذا؟! ألستِ مرتاحة بعملكِ هنا ؟!! "
هزّت رأسها سلبياً قائلة :" أشعر أني أمية .. "
ابتسم فضحكت هي بنعومة و عفوية و قالت :" لا تسخر مني ولكني حقاً أشعر أني لم أنجز شيئاً في حياتي"
تأملها مبتسماً و هو يعجب بها أكثر فأكثر .. بنعومتها و حبها لخدمة من هم حولها ..
خاطبها :" هل تناولتِ غداءك ؟"
هزّت رأسها سلبياً و قالت :" أتناوله و أنا أنتشل الصحون من المائدة "
ابتسم طويلاً و هو يراقبها ..
--
صباح اليوم التالي استيقظت سميرة من نومها على طرق الباب.. ردت :" مـن ؟! "
" أنا طاهر .. المستأجر الجديد يود مقابلتك "
" حسناً .. "
نهضت من سريرها مسرعة و ارتدت خماراً زهري اللون ثم انتعلت شبشبها و خرجت من غرفتها مسرعة و هي تبحث بعينيها عن المستأجر الجديد..
اقتربت للصالة حيث كان يجلس و يدخن .. كان رجلاً يخطو بعمره للأربعين ..يبدو ثرياً من أناقة البذلة و جودة السيجارة .. التفت لها و نهض مرحباً ..
ابتسمت له و جلست على الكرسي المقابل قائلة :" أنتَ السيد عبد الوهاب كمال ؟! "
" نعم .. "
و تفحص المنزل بعينيه قائلاً :" سيدة سميرة يبدو أن منزلك راقي للغاية "
ابتسمت بحرج و قالت :" أنا لستُ سيدة بل آنسة "
نظر لها بسرعة مندهشاً .. فسميرة أقل شيء يقال عنها ، فائقة الجمال ! .. ابتسم :" عذراً "
فابتسمت هي بدورها :" لا بأس ، هل نتناقش في موضوع تكلفة الايجار ؟! "
" نعـم "
--
يبدو أن السيد عبد الوهاب ارتاح نفسياً من المنزل و من غرفته المُعطرة المزينة بالزهور ..ذلك رفع معنويات سميرة كثيـراً .. تذكرت أن تذهب للاطمئنان على حُسين .. حالته كانت سيئة .. تركت الجميع على مائدة الافطار و حملت صينية تحوي أطباق خاصة لحُسين ..
بمجرد أن اقتربت من الغرفة سمعت صوت تقيؤ لفت انتباه الجميع .. و قال العم طاهر :" من هذا ؟! "
سارعت سميرة بفتح الباب و اقتربت من حُسين الذي بدت على وجهه ملامح الإرهاق بعد أن تقيأ على الفراش .. وضعت الصينية جانباً و شمرت عن ذراعيها قائلة بقلق :" هل أنت بخير ؟! "
لم يرد بل رمى برأسه على الوسادة و أغمض عينيه ..هنا دخل العم طاهر و قال :" ماذا جرى ؟ "
فتح حُسين عينيه فكانت أمامه صورة مضبضبة غير واضحة من فرط ارهاقه .. لكنه شعر بتواجد الجميع .. حيث قالت صباح :" المسكين ! "
و قالت سُهى و هي تقترب :" إن هذا الشاب منذ أن أتى للمنزل يبدو في حالة سيئة "
كان حبيب يقف يتأمل ابن خالته بأسى .. بينما أزاحت سميرة الغطاء الملوث و حملته إلى سلة الغسيل .. اقترب العم طاهر من حُسين و قال مخاطباً سميرة التي أسرعت بإخراج غطاء نظيف من الخزانة .. :
" منذ متى و هو على هذا الحال؟ "
و وضع كفه على جبين حُسين الملتهب بالحرارة .. و أتمم :" أنه في حال لا يُسكت عنها يا سميرة ! "
تنهدت سميرة و هي تفرش الغطاء الجديد على جسد حُسين و تربت على كتفه قائلة :
" سوف أستدعي الطبيب عصر هذا اليوم "
قال حبيب على الفور :" و لماذا العصر ؟!! لماذا ليس الآن .. الرجل في حالة سيئة "
هنا دخل السيد عبد الوهاب بهيبته لما رأى التجمع و قال :" هل من خطب ؟ "
تنهد حبيب و خرج قائلاً :" سأذهب لاستدعاء الطبيب "
و خرج حبيب فقالت سميرة تخاطب الجميع :" هلاَ خرجتم لأنه يحتاج للراحة"
خرجت صباح و سُهى و تأمل عبد الوهاب سميرة و هي تباشر بعملها في تمريض حُسين .. ثم غادر مع العم طاهر .. و راحت سميرة تبحث عن منديل قماشي راحت تغمره في الماء ثم عصرته جيداً .. و وضعته على جبين حُسين الذي بالكاد يتنفس .. فتح عينيه ببطء و قد ميّز رائحة عطرها البسيطة .. نهضت هي و قالت بصوتٍ يشبه الهمس :" أستاذ حُسين ، إذ احتجت أية مساعدة سأكون قريبة جداً و سأتفقدك من حين لآخر .. و قريباً سيأتي الطبيب .."
--
عـاد حبيب فطلت عليه سميرة و هي تغسل الملابس :" أين الطبيب يا حبيب ؟! "
زفر الآخر :" أنه مشغول بمرضاه و أخبرني أنه ما إن ينتهي سوف يأتي و أعطيته عنوان المنزل "
و نظر بعينيه لغرفة حُسين و قرر أن يذهب للاطمئنان عليه .. طرق الباب بلطف .. و فتحه .. اقترب قليلاً قليلاً .. و هو يرى حُسين يرمقه بعينين زائغتين .. و قد اختفى لون شفتيه ..
وقف حبيب يرمق ابن خالته و يتذكر أيام الطفولة البريئة و المشاكسات .. قبل أن تقع الفاجعة .. التي شتتت الجميع .. بينما كان حُسين يتأمل حبيب و بداخله حقد دفين تراكم على مر السنين ..


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:03 PM   #8

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الخامس


جلس حبيب على مقربة و مسح على شعر حُسين الرطب و همس :"هل أنت بخير "
تأمله حُسين بعينين متعبتين ثم أشاح بوجهه هامساً بصوت مبحوح :" أغرب عن وجهي "
تنهد حبيب و همس :" يا ابن خالتي ، ألم تنسى ؟! "
عض الآخر على شفتيه ثم همس :" و كيف أنسى قذارتك ؟"
شعر حبيب بطعنات مريرة بصدره ثم قال بألم :" كانت مجرد غلطة مراهقة و ما أكثر أخطاءنا في هذه المرحلة .. يشوبها الجنون و فقدان العقل .. "
صمت الآخر بنفور فقال حبيب مبتسماً :" لكم اشتقت إليك .. بعد أن تشتتت الأسرة .. "
و ابتسم و هو يربت على كتفه :" حُسين .. تغيرت كثيراً .. "
لازال يشيح وجهه و أغمض عينيه قائلاً :" هلاّ خرجت ؟! أريد أن أنام "
تنهد حبيب و قبّل رأس ابن خالته و قال بهمس :" سامحني ، و اللهِ أني نادم "
--
و غادر حبيب و هو يشعر بصعوبة التقرب من حُسين ابن خالته ..بينما كان حُسين يشعر بالكره و المقت العميق ناحية حبيب ..
سُهى جلست تراقب سميرة التي تغسل الملابس على يديها ثم قالت :" رباه .."
نظرت لها سميرة و زفرت :" إلى الآن لا تريدين العودة لأبيك .. سيموت حزناً و أساً عليكِ "
نظرت لها سُهى ثم قالت بحقد :" كان السبب فيما جرى لي .. فماذا استفاد بعد أن كرهني طلال ؟"
هزّت سميرة رأسها بأسى و همست :" أنتِ المخطئة .. و أبوكِ مخطئ أيضاً لأنه دللك كثيراً .. لولا النقود التي يرسلها لكِ لكنتِ الآن في خبر كان "
حاولت سُهى تغيير الموضوع :" ما اسمه المستأجر الجديد ؟! "
قالت سميرة فوراً :" السيد عبد الوهاب .."
" لا أقصد ذلك العجوز ، أقصد الشاب المريض "
نظرت لها سميرة لبرهة و هي تفرك الملابس بالصابون ثم قالت :" تقصدين الأستاذ حُسين ؟! "
قالت سُهى :" هل أتى الطبيب ؟! الشاب في حالٍ متردية كم آلمني حاله "
ابتسمت سميرة :" لا تقلقي بعد قليل سيأتي الطبيب "
نهضت سُهى قائلة :" أيمكنني الاطمئنان عليه ؟! "
نظرت لها سميرة باستغراب فجائهما صوت صباح المُقبلة :" سُهى الأفضل أن تذهبي لمراجعة دروسكِ .."
زفرت سُهى و خرجت من المطبخ مستاءة .. فجلست صباح قائلة بهمس :
" إن هذه الفتاة مجنونة و يجب أن أربيها "
عقدت سميرة حاجبيها قائلة :" لمَ ؟! "
تنهدت صباح و قالت :" كونها حاربت أهلها لأجل عشيق .. تخلى عنها فيما بعد .. فإن مشاعرها لازالت غير مستقرة .. تريد أن تعيش قصة جديدة بأسرع وقت .. و ذلك سيؤذي مشاعرها مجدداً .. فصارت تسأل عن حبيب .. ثم سألت عن حُسين .. و ربما تسأل في الغد عن عبد الوهاب "
ضحكت سميرة قائلة :" دعيها تعيش مراهقتها "
هنا جاء صوت العم طاهر :" سميرة .. السيد عبد الوهاب يريدكِ "
غسلت سميرة يديها عن الصابون و نهضت مبتسمة لصباح :" عن إذنكِ "
مشت مسرعة ناحية غرفة السيد عبد الوهاب .. طرقت الباب فجاءها صوته المفخم :" تفضلي يا سميرة "
فتحت الباب بهدوء و جلست على مقربة من المكتب الذي يعمل عليه السيد عبد الوهاب و هو يراجع بعض الأوراق .. أزاح النظارة الطبية عن عينيه و خاطبها قائلاً :
" سميرة ..هل يمكنني إضافة بعض المتطلبات مقابل زيادة الأجر لكِ "
ابتسمت :" بالطبع ، ما هي المتطلبات "
قال بجمود :" أولاً .. عدم طرق الباب علي من قبل أي أحدٍ غيركِ أنتِ و العم طاهر .. لا أريد تدخل تلك المرأة المتطفلة صباح و لا مضايقات ذلك الرجل ذو البثور السوداء في وجهه "
رفعت سميرة حاجبيها قائلة :" تقصد حبيب ؟! هل أزعجك ؟"
تنهد عبد الوهاب و هو يدخن بهدوء :" يتظاهر أنه يسأل عن الحال و الأحوال و لا أحب هذه الحركات أبداً .."
زفرت سميرة قائلة :" و ثانياً ؟!"
عبث بأوراقه قائلاً :" أريد تناول وجباتي هنا .. في الغرفة .. كما أريد أن يتم غسل ملابسي بشكل منفصل عن ملابس الآخرين "
قال ذلك و هو مشمئز .. ذلك ما بث الضيق داخل سميرة و قالت :" حسناً و ثالثاً ؟! "
" الساعة الواحدة صباحاً يبدأ عملي بتنسيق بعض الأوراق و أكون محتاجاً لأحد ما يعينني في ذلك فأتمنى لو ...."
قاطعته قائلة :" أنا أنام الساعة العاشرة مساءاً و ليس من مهمتي تنسيق أوراقكِ يا سيد "
تنهد و قال:" و رابعاً أريدك أن تعتني بأطفالي الذين سيصلون الليلة "
رفعت حاجبيها قائلة :" أأنت متزوج سيد عبد الوهاب ؟!"
ابتسم :" تزوجت و انفصلت .. و لدي ولدين ..أتمنى أن تعتني بهما "
تنهدت قائلة :" كل شيء أنا موافقة عليه عدا عن تنسيق الأوراق و أتمنى أن تتقبل عذري "
و خرجت من الغرفة مستاءة من تغطرس هذا الرجل ..لكنها عادت تعترف أمام نفسها أنه لازال محترماً في معاملتها ..
--
دخل الطبيب برفقة العم طاهر الذي دله على الغرفة فلحق بهما حبيب .. لم يخفِ حبيب قلقه على حُسين .. فحالته تسوء أكثر فأكثر ..
وقف الطبيب يتأمل حُسين المرهق تماماً .. و باشر بفحصه ثم غرس حقنة تحوي سائلاً معيناً في يده ..و حبيب يحول أنظاره بين وجه الطبيب و وجه حُسين الشاحب ..حتى قال معبراً عن خوفه :
" هل هو بخير دكتور؟! "
ابتسم الطبيب و هو يدلك مكان وغز الحقنة قائلاً :" بخير ، هذه الحقنة هي منوم ليأخذ راحته .. و سوف أكتب له أدوية يجب عليه تناولها و إلا فإن حالته ستزداد سوءاً .. "
تأمل العم طاهر حُسين الذي بالكاد يفتح عينيه و قال :" هل سيتعافى بفعل الأدوية يا دكتور "
أجاب الطبيب بثقة :" بالطبع .. فقط يجب أن تتركوه يرتاح طيلة فترة المُخدر و بعدها يجب أن يتناول الأدوية مباشرة "
حوّل حُسين نظراته الذابلة ناحية حبيب الذي ابتسم له مشجعاً .. و راح الطبيب يكتب أسماء الأدوية في ورقة ما أعطاها للعم طاهر .. ثم استدار لحُسين و عبث بشعره قائلاً :
" بإذن الله ستتعافى "
خرج الطبيب فلحق به حبيب مسرعاً .. و عند خروجهما سأله مباشرة عن تكلفة أجرته .. ذلك ما جعل سميرة تتوقف عن الكنس و هي تتأمل حبيب مندهشة و هو يدفع التكلفة بنفسه ..
خرج الطبيب فأقبل حبيب ناحية سميرة و سلمها أسماء الأدوية قائلاً :" سميـرة قومي بشراء الأدوية بأسرع وقت .. "
و أخرج محفظته مجدداً و قدم لها أوراق نقدية قائلاً :" و هذه النقود و الزائد منها اشتري منه ما ينقصكِ في المنزل "
نظرت له مبتسمة بانبهار من كرمه و نبل أخلاقه .. و كانت تفكر ..(( يا ترى لماذا يعادي حُسين حبيب و حبيب يسعى لإرضائه ؟ كنت أظن أن حبيب هو المُخطئ و لكن يبدو أن شخصية حُسين تميل إلى إثارة الحقد و البغضاء ..بينما كنت أجهل حقيقة شخصية حبيب ..رباه! كيف ظلمته كل هذه المُدة ؟))
--
بالكاد يفتح حُسين عينيه ليرى حبيب يقف يتأمله طويلاً .. أغمض عينيه على الفور انزعاجاً .. فتنهد حبيب بينما كانت سميرة تقف قرب الباب تستمع لحوارهما ..
قال حبيب :" هل تريدني أن أساعدك على تبديل ملابسك قبل أن تنام ؟! "
لم يرد فعض حبيب شفتيه قهراً منه .. و قال في نفسه :" يا لقساوتك !! يا لطبعك الحاد و معاملتك الجافة ؟ لم تكن هكذا في الماضي يا حُسين "
مسح حبيب على غرة حُسين برفق و قال :" أخبرني ما الذي تحتاجه ؟ و سوف ......"
زفر حُسين بضيق و أشاح بوجهه قائلاً بحدة :" لم أعد أطيق رؤية وجهك .. هلاَ تركتني ؟ "
صُعقت سميرة من رد حُسين الغير متوقع بالنسبة لها و القاسي .. بينما استغربت حنان حبيب و لطفه :
" لا بأس ، كما تشاء .. "
ظلّت تفكر سميرة وهي تعد طعام الغداء ..( يال لطف حبيب! لم أكن متصورة أنه رائع هكذا ! كم ظلمته بأفكاري و ظننته مجرد شخص لا يتقن إلا التحرش بالفتيات و مغازلتهن .. كريم و نبيل و حنون و متعاون .. تصرف بانسانية مع مرض حُسين ... كذلك استغربت تصرف حُسين ! ربما كان يهلوس أو أعياه المرض و لكني لم أتعرف جيداً على هذا الشخص .. )
هنا رأت حبيب يُقبل و هي تنتهي من صنع العصير لتضعه في وسط المائدة ..ابتسم حبيب و غمز لها :
" ياه ! ما هذه الرائحة.. ما ألذ طبخك يا سميرة "
هذه المرة ابتسمت له بصدق و استلطفت مدحه لها و قالت :" المرأة الممتازة هي التي تتقن إدارة منزلها "
ابتسم و جلس قائلاً :" أنتِ أدرتِ المنزل و أدرتِ القلوب أيضاً "
شعرت بحرجٍ كبير و شغلت نفسها بصف الأطباق بينما كان يرمقها مبتسماً .. و كان يخاطب نفسه :
" ما أجمل هذه المرأة ! أنها عفوية و رائعة ..و امتلكت قلبي "
هنا أقبلت سهى و جلست قائلة :" ما حال حُسين ؟! "
أجابها حبيب :" بخير، لقد أعطاه الطبيب مخدر ليرتاح .. و ستقوم سميرة بشراء الأدوية له "
حينها تذكرت سميرة السيد عبد الوهاب و سارعت برفع الأطباق الخاصة به و وضعها في صينية منفصلة فخاطبها العم طاهر و هو يجلس على أحد المقاعد :
" لمن هذه الأطباق ؟! "
تنهدت سميرة :" للسيد عبد الوهاب ، فضل أن يتناول وجباته وحده "
صاحت صباح باستنكار و هي مُقبلة :" ماذا ؟!!! و هل نحن دون المستوى ؟!"
ابتسم حبيب و قال :" هذا الرجل مصاب بالغرور "
و قال العم طاهر :" يحق له .. أنه تاجر ناجح و من حقه أن يشعر بالعلو "
ضحكت سُهى ساخرة :" غرور على ماذا فلينظر لوجهه المجعد في المرآة "
ضحكت سميرة و هي تحمل الصينية .. و اتجهت نحو غرفة ذلك الرجل ..
طرقت الباب بهدوء فأتاها صوته :" تفضلي "
فتحت الباب ببطء و اقتربت منه حيث كان يجلس أمام المكتب كالعادة و يراجع بعض الأوراق .. وضعت الصينية على مقربة فالتفتت لها مبتسماً :" أشكركِ يا سميرة .. "
ابتسمت و غادرت ..
--
حل الليل ..و وضعت سميرة الأدوية التي اشترتها على المنضدة المجاورة لسرير حُسين .. نظرت له حيث كان غاط في النوم تحت تأثير المُخدر ..و خرجت من الغرفة حيث دخل السيد عبد الوهاب برفقة ابنيه إلى داخل الردهة .. وقفت سميرة تتأمله ثم اقتربت و هي تبتسم للطفلين :" مرحباً "
ابتسم لها السيد عبد الوهاب قائلاً :" أهلاً "
قالت سميرة مستغربة :"للأسف فإن باقي الغرف ليست جاهزة .. لماذا لا تدعهما يشاركانك غرفتك ؟"
زفر و قال :" لا أحتمل أن يشاركني أحد غرفتي خصوصاً الأطفال "
استغربت سميرة و كانت تقول بينها و بين نفسها :" حتى لو كانوا أبنائك ؟!"
قالت مبتسمة :" لا بأس سأدعهما ينامان معي في غرفتي "
و مسحت بكفها الناعمة على رأس أحد الطفلين .. فابتسم السيد عبد الوهاب :" أشكر لك لطفكِ و سوف تكون أجرتهما منفصلة "
و سرح بعينيه في ابتسامتها ..
--
خلد الطفلين إلى النوم و ظلت سميرة على سريرها تفكر طويلاً في السيد عبد الوهاب .. لماذا لم يستلطفه الجميع و لم يحبه بالرغم من أنه يتصرف بشكل عادي عدا عن تحفظه في بعض الأمور .. انتبهت سميرة على صوت صراخ مفجع .. !!!! و فكرت ما الذي جرى ؟!!


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:04 PM   #9

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء السادس

نهضت سميرة من فورها و هي تسمع صراخ قوي ..و خرجت دون أن ترتدي الحجاب .. و كان شعرها طويلاً ناعماً كثيفاً .. اتجهت فوراً لمصدر الصوت و كانت غرفة صباح ..و تجاهلت حبيب الذي خرج من غرفته و وقف يتأملها مطولاً ..
فتحت باب غرفة صباح فوراً ..و اقتربت منها و هي تتوجع و تضغط على بطنها و حبات العرق تملأ جبينها ..صرخت بها :
" صباح ؟ هل ستلدين ؟! "
صرخت الأخرى :" نعم .. أشعر بأني سألد الآن الآن يا سميرة .. "
ارتبكت سميرة و سارعت بجلب عباءة صباح و حجابها.. و خرجت مسرعة من الغرفة و هي تصرخ بحبيب الذي يقف حائراً :" حبيب جهز نفسك لتوصلنا للمشفى "
رمقها مطولاً و همس :" لكني لا أملك سيارة أنسيتي يا سميرة "
ضربت سميرة جبينها هامسة :" أوه نسيت .. "
ثم قالت :" استعمل سيارة السيد عبد الوهاب أو حُسين .. تصرف يا حبيب "
و نست أنها تقف دون الحجاب .. فأسرعت لداخل الغرفة تساعد صباح على ارتداء العباءة .. بينما استيقظت سُهى من نومها منزعجة من ذلك الصُراخ .. و فزع الطفلين من النوم أيضاً ..
اتجه حبيب نحو غرفة السيد عبد الوهاب و طرق الباب بشكل متكرر و قوي.. فزع عبد الوهاب من نومه و نهض مرتاعاً .. قد ظن أن مكروهاً أصاب ابنيه .. فتح الباب و وقف متسمراً ..يتأمل ملامح القلق على وجه حبيب .. قال عبد الوهاب :
" ما الذي جرى ؟! "
تنهد حبيب و قال :" نحتاج سيارتك .. السيدة صباح ستلد و يجب أن أوصلها للمشفى "
زفر عبد الوهاب براحة ثم قال بحدة :" و لماذا تطرق الباب بقوة ؟! .. للأسف سيارتي لن تستطيع سياقتها لاسلوبها المتطور "
و صفع الباب في وجه حبيب باسلوب وقح ..فوقف الآخر مشتعلاً بغيظه و صرخ :
" أيها ....."
و حاول أن يكتم غيظه و هو يتجه لغرفة حُسين .. دخلها و وقف لبرهة يتأمل الهدوء المسيطر على الغرفة و وضع حُسين الذي لم يتغير .. أسرع حبيب بالتفتيش في الأدراج عن مفتاح السيارة و صوت سميرة يأتيه فيربكه أكثر :
" حبيب .. حبيب "
أخيراً وجد المفتاح في جيب المعطف .. أخذه و سارع بالخروج من الغرفة ليرى السيدة صباح بالكاد تستطيع الوقوف متكأة على كتف سميرة ..
--
انطلق بالسيارة يتخطى الطرقات بسرعة لا تصدق ..و صباح تجلس في المقعد الخلفي و تصرخ بكل ما أوتي لها من قوة .. هي أرملة فقدت زوجها .. و لأنها وحيدة في هذه المدينة فإنها تعيش في غرفة ايجار ..
راحت سميرة تربت على كتفها و تطمئنها .. حتى وصلوا للمشفى ..
--
على مقاعد الانتظار ، كانت تجلس سميرة عاقدة ذراعيها أمام صدرها و نست أمر الطفلين الذين تكفلت بالعناية بهما ..و كل فكرها منصب بأمر ولادة صباح ..
في الجانب الآخر كان يقف حبيب و يرمقها بين الحين و الآخر .. حتى اقترب منها هامساً :
" هل أنتِ متعبة يا سميرة ؟! "
هزّت رأسها سلبياً .. فجلس بجوارها و هو يتأملها و ابتسم :" كان منظرك لطيفاً و أنتِ تزجرين بي "
نظرت له من طرف عينها فأتمم :" أتعلميـن ؟!! "
و مد يده ليمسح بها على كفها فارتجفت و أبعدت يدها على الفور .. فقال مبتسماً :" أني .."
و قرب وجهه حيث أذنها بينما كانت ترتعد خوفاً و هو يهمس :" أني أعشقكِ "
نهضت من فورها هامسة :" احترم نفسك "
و مشت و أطرافها مرتجفة و قلبها يقرع بقوة ..فنهض مسرعاً و أمسك بكتفيها فتجمدت كلياً .. فابتسم و همس :" هل أخطأت يا سميرة ؟! أني معذور بعشق جوهرة نادرة و ثمينة مثلك "
و أدار بها لتواجهه وجهاً لوجه و هي تفتح عينيها ذهولاً لجرأته .. قال منفعلاً :
" أعشقك .. أحبك .. أهواكِ .. كم أنا متيم بك .. أني ...."
فوجئ بها تهمس بعصبية :" اخرس .. "
و دفعته بكلتا يديها بتوتر و ابتعدت ..
عند الساعة الرابعة صباحاً تعود سميرة و حبيب .. و قد تركا صباح في المشفى تعاني آلام الولادة .. نفرت سميرة من حبيب و جرأته و لكن .. عندما استلقت على السرير و فكرت مجدداً .. وجدت نفسها تميل له قليلا.. فلم يفعل ذلك إلا من حب صادق و إعجاب حقيقي .. حاول التمهيد له ..
--
استيقظت سميرة صباح اليوم التالي بنشاط كعادتها .. أيقظت الطفلين لمدارسهما و ساعدتهما على إرتداء ملابسهما .. وضعت الفطور على المائدة و راحت توقظ الجميع .. حتى وصلت لغرفة السيد عبد الوهاب .. طرقت الباب و هي تحمل فطوراً خاص به فأجابها :" تفضلي "
فتحت الباب و على وجهها ابتسامة لطيفة و هي تراه يجلس على سريره بخمول .. وضعت الصينية على المنضدة و قالت :" صباح الخير سيد عبد الوهاب "
ابتسم هو :" صباح النور يا سميرة .. ما هو حال تلك المرأة الحامل ؟"
ابتسمت سميرة :" لقد نقلناها البارحة للمشفى و تركانها إلى أن تلد و سأتصل بعد قليل لأسألهم عنها "
هزّ رأسه قائلاً :" جيد ! و اعذروني لأني لم أقدم سيارتي لأنها جديدة و مرتفعة الثمن و اسلوبها متطور على حبيب "
قال ذلك بشيء من التفاخر و الغرور مما جعل سميرة تغضب .. هزّت رأسها قائلة :" لا بأس "
و خرجت من الغرفة فوراً ناحية غرفة حبيب ..طرقت الباب فوجدت الباب ينفتح و يظهر حبيب و ابتسامته العريضة ، و كأنه ينتظر طرقها على الباب ..
همس :" أحلى صباح على أحلى سميرة "
فتحت عينيها مستغربة و همست :" ننتظرك على الفطور "
و مشت مسرعة ناحية غرفة حُسين لتتفقده إذ كان استيقظ من المُخدر أم لا .. فتحت الباب من دون طرق و كانت متوقعة أن ترى حُسين نائم .. إثر المُخدر ..و لكنها رأته يخرج من الحمام و هو يجفف شعره بالفوطة مرتدياً الروب ..
شعرت بالحرج عندما نظر لها فكيف دخلت من دون إذن .. حاولت أن تخفي حرجها و هي تبتسم بسعادة :
" أستاذ حُسين ؟!!!! هل تعافيت ؟!!!! "
ابتسم بالكاد و جلس على السرير و هو يهز رأسه :" على ما يبدو .. و لكن السعال و الزكام .... "
قاطعته سميرة و هي تقترب مبتسمة :" السُعال و الزُكام يعالجهما الدواء .. "
و حملت مجموعة الأدوية الموضوعة على المنضدة و اتجهت ناحيته قائلة :" عليك تناول هذه الأدوية حسب توقيتها .. و الآن يجب أن تتناول هذه الأقراص "
ابتسم لها ابتسامة هادئة و قال بصوتٍ مبحوح :" حسناً "
" بعد أن تتناول الأقراص ، يجب أن تأتي للمطبخ لتناول الفطور .. نحن ننتظرك"
--
جلست سميرة حول مائدة الطعام مع الجميع .. ففوجئت بحبيب يقول بنفور :" اسمعي يا سميرة ! .."
رفعت رأسها ناحية حبيب و سُهى تراقب الوضع .. فقال متمماً :" في المرة القادمة دعي السيد عبد الوهاب يتناول طعامه معنا فلا شيء يمنع ذلك أفهمتِ ؟!! "
رفعت سميرة حاجبيها بدهشة و انفجرت سهى ضحكاً .. مما أثار غضب حبيب أكثر بينما كان العم طاهر يبتسم بصمت ..
" سميرة !!! لن أقبل بإهانات ذلك المغرور الغير مباشرة بعد الآن .."
تنهدت سميرة و انتبهت على تواجد أبناء السيد عبد الوهاب .. و تركيزهما القوي على مجرى الحديث .. حينها جاؤهما صوت حُسين الهادئ و هو يُقبل مرتدياً ملابس قطنية خاصة بالنوم .. و يبدو أنه لن يذهب للعمل اليوم أيضاً ..
" صباح الخير "
التفت له الجميع و ابتسمت سُهى بخجل و هي تعبث بشعرها و رد العم طاهر بحماس :" صباح النور يا وسيم "
ابتسم حُسين و نهض حبيب من مقعده و حضن حُسين بقوة الذي تلاشت ابتسامته .. لاحظت سميرة ملامح الضيق على وجهه و تسائلت مجدداً .. ما هذا الشخص العدائي ؟ و لماذا لا يطيق حبيب ؟!!
صاح حبيب بحماس :" أخيراً يا حُسين ؟! حمداً لله على سلامتك "
همهم الآخر بنفور :" شكراً "
و جلس في المقهد المجاور لسُهى .. فخاطبه العم طاهر ممازحاً :" ابتسم .. ابتسم .. تشعرني بالكآبة بملامح وجهك هذه"
ابتسم حسين رغما عنه و هو يشيح بوجهه عن حبيب المهتم لأمره .. مما يزيد فضول سميرة أكثر فأكثر .. لكن الذي لفت أنظار الجميع سهى و هي تصب الحليب لحسين .. و تهمس :
" تعلم ؟ لقد نسيت ملامح وجهك .. فالفترة التي فارقتنا فيها طويلة.."
لم يكن حسين مهتما فقد كانت أنظاره مصوبة على الطفلين .. حتى قال :" من هذان؟"
ابتسمت سميرة :" أنهما ابنا السيد عبد الوهاب "
ثم استدركت قائلة :"قريبا .. سيأتي مستأجر جديد"
--
انصرف حبيب لعمله و خرجت سميرة مع العم طاهر ليصعدا سيارة أجرة توصلهما للمشفى لزيارة صباح .. و كذلك اتجه السيد عبد الوهاب لعمله بعد أن أوصل ابنيه لمدرستهما .. لم يبقى أحد في المنزل غير حُسين و سُهى ..!!!


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 08-07-10, 02:05 PM   #10

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء السابع

جلس حُسين في الصالة أمام شاشة التلفاز و هو يحتسي كوب الشاي ببطء .. و بملامح جامدة يتابع الأخبار التي تصدع الرأس خصوصاً منذ الصباح الباكر .. في الناحية الأخرى سهى تتأمله و هي تتظاهر بأنها ترتب المنزل .. لم يكن من النوع الاجتماعي أبداً .. لم يفتح أي موضوع مع سهى و لم يتذكر أسمها حتى .. بينما كانت كأي مراهقة عاطفية اجتذبها حُسين الذي ربما يكبرها بعشر سنوات .. أو أكثر .. راحت تتأمل تقاسيم وجهه الباردة و شعره الرطب الذي لم يسرحه من الصباح .. راحت تتأمل البيجامة القطنية التي يرتديها .. راحت تتأمل بقية تفاصيله ..
لاحظت لون عينيه القاتم ..يدل على غموض يجذبها .. اقتربت منه و ابتسمت بجرأة :
" حسين"
نظر لها و قال :" نعم"
ابتسمت قائلة :" من طريقة حديثك خيل لي أنك من العاصمة"
نظر لها قليلا ثم عاد يرمق التلفاز قائلاً :" بالفعل أنا عشت بالعاصمة طويلاً .. "
عادت تبتسم و هي تتأمله ثم قالت ناوية بفتح أي حديث كان :" هذا المذيع انحيازي .. أليس كذلك ؟ يميل للطرف الذي يُعجبه "
من دون أن ينظر لها هزّ رأسه ايجابياً فأكملت :" لذا أنا لا أحب قنوات الأخبار أشعر بها لا تبث إلا الكآبة "
و تأملته و هو لم يعرها أدنى اهتمام فقالت :
" حٌسين سمعتهم يقولون عنك ......."
التفت لها بسرعة و هو مضطرب .. ظن أن الفاجعة القديمة التي جرت .. علم بها الجميع ! ..همس :
" ماذا يقولون ؟"
انفجرت ضاحكة و ربتت على كتفه قائلة :" ما بك؟ "
حاول أن يتظاهر بعدم الاهتمام فعاد بعينيه للشاشة و هو يبعد يدها عن كتفه بنفور .. مما جعلها تنصدم من جفافه معها ..
قالت :" سمعتهم يقولون أنك تعمل في الجهات الاستخبارية "
نظر لها بدهشة و قال :"الجهات الاستخبارية ؟ من قال هذه التخاريف ؟ "
ابتسمت و مالت بجسدها ناحيته :" صباح "
عقد حاجبيه :" من صباح هذه ؟"
عادت تضحك بصوتٍ عالٍ و هو يرمقها بملل و ضجر و عاد يتابع التلفاز ..حتى انتهت هي من ضحكها و قالت :" ألست تعيش في هذا المنزل ؟ و ألست تعلم أن صباح في المشفى الآن لتلد ؟"
نظر لها ببرود و هو أصلاً لم يتذكر تلك المرأة فكيف تصدر عليه هذه الاشاعات و هو لا يعرفها أساساً !!
" ما اسمك أنتِ؟"
فتحت سهى عينيها مندهشة و أشارت إلى نفسها :" تقصدني ؟"
قال الآخر بجفاف :" و من غيركِ هنا ؟"
ضحكت ثم قربت وجهها من وجهه و هو يرمقها بحذر .. و نظرت في عينيه بجرأة و هي تهمس بغنج :
" سُهى"
هز رأسه و نهض .. فنهضت معه قائلة بلهفة و هي ترتب فستانها القصير :" إلى أين ؟!! "
قال بهدوء :"غداً يستوجب علي العودة للعمل و على هذا يجب أن أجهز تقاريري التي من المفترض أن أسلمها منذ زمن"
فاجأته عندما أمسكت بمعصمه هامسة :" أيمكنني مساعدتكِ ؟"
نظر لها عاقداً حاجبيه .. في الوقت التي كانت سميرة تقف عند النافذة تتأملهما مندهشة !!!!!!
--
كانت سميرة قد عادت من المشفى مبكراً و شغلت نفسها بنشر الغسيل على الحبال في الحديقة .. ثم انتبهت على الحركات التي تثير الريبة بين حُسين و سُهى .. و انتهى الأمر بسهى و هي تمسك بمعصم حسين الذي تسمر يحدق بها مستغرباً ثم مضيا معاً ناحية غرفته !!!!!!!!!!!
صُعقت سميرة من ذلك و خافت أن تحدث كارثة في منزلها .. كونها تجهل شخصية حٌسين .. و كونها موقنة تماماً أن سهى مجرد مراهقة عابثة غير واعية مملوءة بالمشاعر ..
دخلت سميرة المنزل مسرعة .. عاقدة العزم على تنبيه هذين الاثنين قبل أن تقع الفاجعة ..طرقت الباب بشكل متكرر و قوي .. ففتحت لها سهى الباب و نظرت لها باستغراب :" سميرة ؟ متى عدتِ ؟ و ما بكِ ؟"
طلت سميرة على حُسين الذي وضع حاسوبه المحمول أمامه .. ثم نظرت لسُهى و قالت بهمس :
" سأحادثك لدقائق .. تعالي "
و سحبتها من يدها ناحية المطبخ ..
--
أقفلت الباب مرتين .. ثم نظرت لسهى و همست بغضب :" ماذا كنتِ تفعلين في غرفة الشاب يا سُهى ؟"
عقدت سهى حاجبيها ..و قالت :" كنت سأساعده في عمله "
عضت سميرة شفتيها بقوة و قالت بحدة :" اسمعيني جيداً .. غرف الرجال لا تدخليها أفهمتِ ؟!!!! "
نظر لها سهى رافعة أحد حاجبيها و قالت :" و لماذا أنت تدخلين كل يوم و في كل وقت أيضاً ؟ "
احتارت سميرة ماذا ترد ثم قالت بانزعاج :" أنا مسؤولة المنزل و يجب علي الاعتناء بهم كربة منزل لا اكثر .."
نظرت لها سهى باحتقار ثم قالت :" و أنا أيضاً دخلت غرفة حسين للاعتناء به و مساعدته لا أكثر و لا أقل "
حارت سميرة كيف لها أن تقنع سهى و ربما كانت سهى محقة بعض الشيء فما الذي يدفع سميرة للتدخل في شؤون حياة مستأجريها لهذا الحد .. و هل كل امرأة في موقعها ستفعل ما تفعله ؟!!!
--
عاد الجميع من أعمالهم من ضمنهم كان عبد الوهاب الذي مضى لغرفته بتكبر و هو يخاطب سميرة :
" سميرة ! اجلبي لي طعام الغداء "
وقف حبيب يتأمل عبد الوهاب بغضب ثم قال :" هيه أنت "
استدار له عبد الوهاب و قال :" تقصدني ؟؟"
أردف حبيب بحدة :" الوجبات ستتناولها معنا و سميرة ليست خادمتك "
نظر عبد الوهاب لسميرة و همس :" هل أنت منزعجة يا سميرة ؟"
قبل أن تنطق سميرة زمجر حبيب بعصبية :" نعم ! منزعجة و شكت لي تصرفاتك .. أمامك خيارين ! إما أن تتصرف باحترام فنحترمك أو تختار لك منزل آخر يستقبلك "
فتحت سميرة عينيها بدهشة و عبد الوهاب متسمر .. بينما وقف حُسين على باب غرفته يتأمل الموقف بصمت .. و سُهى تبتسم بتشفي أما العم طاهر فكان يدعو ربه أن لا يكون هذا سبباً لمغادرة عبد الوهاب المنزل ..
كان رد عبد الوهاب غير متوقع فقد هز رأسه بتقبل و رضوخ و قال :" لا بأس"
--
حول المائدة تبتسم سميرة قائلة للجميع :" أبشركم صباح أنجبت صبياً و احتارت ماذا تسميه .. أنا اقترحت أن تسميه محمداً .. فليس هناك أخير من اسم خير البشر "
ارتفع صوت العم طاهر بالصلاة على الرسول و تبعه البقية بخشوع .. ثم قال العم طاهر :
" صدقتِ يا ابنتي .. فإن تسمية أول مولود باسم محمد يجلب البركات و الخيرات .. أنا أؤيدكِ "
ابتسم حبيب قائلاً :" و لكن تبقى الناس تحب تسمية أول أبناؤها باسم مميز .. ما رأيكم بشادي ؟ "
صاحت سُهى :" يا للذوق البشع يا حبيب .. اسمك بشع و ذوقك بشع رباه !!! "
ضحك الجميع و تقبل حبيب ذلك بابتسامة مرحة حتى أكملت سٌهى :" أعتقد لو أسمته ريان سيكون مميزاً للغاية"
قهقه السيد عبد الوهاب و قال بصوته الجهوري :" ريّان؟!!! أهو اسم صبي أم بنت ؟؟"
ابتسم حُسين أخيراً و أتمم السيد عبد الوهاب و هو يربت على كتف ابنه :" أني أعشق اسم ابني و بكري .. خالد .. اسم راقي و جميل لطالما استلذيت نطقه"
ابتسمت سميرة :" بالفعل ! اسمه يعجبني "
و هزّ العم طاهر رأسه مؤيداً .. بينما عبس حبيب لغيرة منه .. و قال حٌسين بصوته الهادئ .. :
" كذلك اسم عادل جميل .. "
ابتسم العم طاهر :" بالفعل يا ولدي .. و تبقى الاسماء كلها جميلة .. و لكن إذا ما اخترنا من أطهر الأسماء و أشرفها .. أو من كلمات القرآن الجليلة .. سيكون للاسم معنى مبطن ملكوتي "
هدأ الجميع مبتسماً عدا عن سُهى التي عبست بنفور .. لحديث العم طاهر الذي تعتبره مجرد فذلكة و ثرثرة ..
أنهى الجميع تناول الغداء و تفرقوا .. فراحت سميرة تغسل الأواني .. فوجئت بحبيب يقف بجوارها و يقول بهمس :
"كدت أن أقول لهم .. أسموا الطفل سمير .. أغرمت بكل شيء فيك "
تأملته سميرة و أشاحت بوجهها و هي تغسل الصحون فقال بصوتٍ حاني :" ليست أيديكِ الناعمة لغسل الصحون .. أنتِ أثمن .. أنتِ أكبر .. كم أنا مغرم بكِ "
في الناحية الأخرى كان يقف حسين و قد توقف عن احتساء الشاي .. راح يرمق حبيب بنظرات نارية مخيفة .. و قلبه بدأ يدق كطبل أفريقي مجنون .. شعر أن ذلك الوحش المتخفي .. يبدأ بالاقتراب من ضحية جديدة .. و من هذه الضحية ؟ .. أنها سميـــــــرة !!!!


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.