شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   82- الحمقاء الصغيرة -آن هامبسون - روايات عبير القديمة(كتابة /كاملة **) (https://www.rewity.com/forum/t103639.html)

أمل بيضون 08-03-10 01:17 AM

لكنها بالطبع لا تستطيع , لقد ذهب شوطا بعيدا في أخفاء الحقيقة عنها لرغبته في أنقاذها من الألم , لا شك أنها ستتعذب في ما بعد ,ألا أن بارت أقتنع أن زوجها سيوفر لها الراحة والطمأنينة بحيث يخفف من وقع الصدمة عليها , وبعد أن فكرت كيم هنيهة بدور بارت في أقناع روك بأن يتزوجها بدأت تتساءل أذا لم يبذل روك أي جهد في أقناع بارت بأنه يحب كيم , لكنها في أي حال لا تضع روك فوق الشبهات وهي تعلم قدر بارت عنده , وتأخر جواب بارت لكنه أتى أخيرا:
" لا داعي للقلق أبدا , وأنني أؤكد لك أنني سأعتني بصحتي تمام العناية , أما الآن , فمن الأفضل أن تذهبي يا كيم حتى لا يحتج روك علي ويدعي أنني أتعبك".
" لن يفعل ذلك لعلمه أنك لا تتعبني ".
" هذا ما فعلته في الأسبوعين الأخيرين , غير أننا نظمنا شؤون هذا الفصل في نهاية المطاف , وهكذا سأذهب مرتاح البال".
وغرق في شرود بدا معه أنه ليس في مسك كاتانيا حاليا , بل في رحلة الصيد ذاتها , ووافقت كيم على رأيه:
" علي الذهاب كما تقول".
حاولت أن تخفي رنة الكآبة من صوتها رغم صعوبة الظهور بمظهر المرح في وقت عصر الألم قلبها , وتحدثت الى روك عن مسألة الطلاق بعد بضعة أيام من ذكرها للمرة الأولى , فغضب لأنها أقفلت الموضوع وقد قررت أن بأمكانها فعل كل شيء بعد أن تتركه وتطير عائدة الى بلادها , وفيما خرجت الى الشرفة , ودعت بارت:
" الوداع يا بارت, سأوافيك في الغد كالعادة".
ثم أتجهت نحو الأسطبل , وأبتسمت لسامي أذ رأته ينظر من البوابة , وخاطبته:
" هل أنت مسرور لرؤيتي ؟ يا لك من حيوان لطيف ذكي , لقد جعلت بارت يظن أننا أصدقاء".
صهل الحصان فيما أمتطت كيم صهوته , فأنحنت لتربت عنقه وقد أغرورقت عيناها بالدموع أذ فكرت أنها ستضطر أن تخلفه رواءها , ولكن , لعل هناك طريقة تسهل عليها أصطحابه معها , وهي ستجري بعض التحريات في ما بعد.
ولما وصلت الى مسكن لوساك وجدت روك واقفا على الشرفة وألتقطت أنفاسها بينما وجه رأسه نحوها وقال وهو يهبط السلم بقفزة واحدة طويلة:
" سأعتني لك بسامي, هل أنت متعبة؟".
" كلا , فنحن لم نعمل كثيرا اليوم لأن الفصل أصبح على ما يرام آخر الأمر ".
" عظيم , لا شك أن بارت سيطمئن ويرتاح".
ثم مضى وسامي يتبعه فيما أمسك لجامه برقة , أما كيم , فرافقتهما بقلب خافق , آه , لو كان روك يحبها , أنه لطيف أحيانا , وأفترضت أنه كان بأمكانهما أن يعيشا سعيدين لو أنها لم تطلع على الحقيقة بواسطة رافيلا, فروك لن يدعها تحس ولو لمرة واحدة أنه لا يحبها , لا , بل العكس هو الصحيح ,وهو دائما يتظاهر أنه يحبها كثيرا , وكثيرا ما قال لها ذلك , أجل , أنه ممثل بارع.... أنما , ما فائدة كل ذلك أذا كان لا يحبها ؟ فهو قد يلتقي ذات يوم فتاة أخرى ويقع في هواها , وماذا يحل بكيم حينئذ ؟ ثم ألحق بأذيته لها قوله أنه لا يؤمن بالطلاق علما بأنه لن يتردد في طلبه أن هو عشق فتاة أخرى.

أمل بيضون 08-03-10 05:55 PM

وقالت كيم لدى رجوع زوجها:
" هل يمكنني أن أذهب مع بارت في رحلة الصيد؟".
هز رأسه فورا:
" لا هو ولا أنا نريدك أن تذهبي".
كانت لهجته صارمة , ووجهه متوترا , فعضت كيم شفتها وهي تتمنى لو كانت حرة في أتخاذ قراراتها , وقالت مرتجفة:
" أنني قلقة عليه , فعليه.... عليه أن يتناول تلك الحبوب التي يصفها بمهدئات عامة.....".
وصمتت لخوفها أن تكشف كل ما علمته أن هي تابعت حديثها , فرد عليها:
" لا داعي لأن تشغلي بالك حول بارت لأنه سيأخذ الحبوب بأنتظام".
" من المحتمل أن ينسى لأنه أصبح كثير الشرود, عندئذ سينهار...".
وأرتعش فم كيم بصورة تملأ القلب شفقة , وفيما تطلعت الى عيني روك , أغرورقت عيناها بالدموع , أذ رأته يبلع ريقه وفهمت أنه يرثى لحالها , لو عانقها روك في هذه اللحظة , لأجهشت بالبكاء وأخبرته كل ما تعرف , وأكدت له أن حالة بارت الفعلية ليست خافية عنها , ألا أن روك ظل واقفا بجانب درابزين الشرفة وقد تقلصت عضلات فمه وخلت عيناه من أي تعبير , وأخيرا تنهد قائلا:
" بأمكاني فقط التأكد بأنه سيكون بخير".
وأستدار مبتعدا بينما تكون لدى كيم أنطباع بأنه يخفي أمرا ما ,ولكن , قبل أن تتمكن من المشي , عاد ليسألها بلطف أذا كانت ترغب في تناول العشاء في النادي , فأخذت تهز رأسها الى أن سمعت نفسها تقول :
" هذا.... هذا رائع".
" هيا أذن, أرتدي ثوبك الليلكي الأنيق".
وبينما نهضت كيم عن كرسيها , حدّقت الى روك , فألتقت عيونهما برهة خيل لها فيها أنها لمحت في عينيه أسى , حبا عميقا مخلصا , ولكن , ما أن أشاح بنظره بعيدا , حتى لم تعد ترى سوى المرارة على فمه.
وأستحمت , وأرتدت ثوبها الليلكي , فلمع شعرها , وتوردت شفتاها , ثم أستعملت عطرها وحملت حقيبتها المسائية المفضلة وعباءتها قبل أن تخرج من غرفة نومها الى قاعة الأستقبال لتنتظر روك , الذي سرعان ما خرج يرتدي بزة صيد بيضاء وبنطال كتان كحلي , وقال بلهجة باردة برغم ما في ذوقه من رقي:
" أنك تبدين غاية في الفتنة".
أدركت أنه كان فخورا بمرافقتها , ثم ركبا السيارة التي أندفعت بهدوء عبر الممر المؤدي الى مسكنهما , وقد تلألأت أضوائها الأمامية الأشجار الأمامية التي أحاطت بالطريق مثل أشجار الصمغية القصيرة المليئة بالأزهار والحور النحيلة الطويلة وغيرها علاوة على الزهور التي زرعت عند حافتي الدرب ومنها زنابق القنا الأستوائية والدفلى والورود وحوذان السياج الأصفر , وعبق نسيم الليل بالأريج , فيما حفل بأصوات الزيزان التي طغت على هدير السيارة عندما توقفت قرب البوابة قبل أن تنحرف الى الشارع المظلم.
قاد روك السيارة بصمت , فيما ندمت كيم على موافقتها على الخروج معه , صحيح أن الوضع أختلف عن تصورها الأصلي , ألا أنها شعرت بوجود شكوك وجب أن تتنبه لها في الأساس , وأن لا تتسرع في الزواج به بالتالي , لقد تصرفت بتهور حيث كان روك على عجلة من أمره حين أعلن أنه لن يستطيع أنتظارها في حين سعى الى طمأنة بارت في الحقيقة.
ولما وصلا الى النادي , أوقف روك السيارة وساعد زوجته على الخروج ثم على صعود السلم المؤدي الى البهو وهو يمسك يدها , ولم يوجد في النادي سوى حفنة من الناس , الأمر الذي سمح لروك وكيم بأختيار طاولتهما , وقال روك:
" نريد أن نجلس هناك , في الخلوة التي تظللها أشجار النخيل".
كان الموضع بعيدا عن أنظار الجميع , ويوحي بالدفء والألفة ... وفجأة شعرت برغبة في البكاء على كل ما قد كان , وقال النادل مبتسما :
" حسنا , هل ترغبان بشراب أول الأمر , علما بأنكما تجلسان في البهو ؟".
" بالطبع".
وجلسا فيما قدمت اليهما لائحة الأطعمة , وعرض روك طلبهما , وطوال الوقت ركزت كيم فكرها على خاطرة طرأت على بالها , وتساءلت هل يمكن تحقيق فكرتها في هذه المرحلة المتأخرة ؟ ونظرت الى زوجها عبر الطاولة المغطاة بالزجاج بعد أن قطع عليها بصوته الهادىء الخطة التي لم ترسم سوى نصفها:
" بماذا تفكرين يا كيم؟".
" ببارت ورحلة الصيد .... هل.... هل كان عليك أن تجري ترتيبات الرحلة قبل بدايتها بوقت طويل؟".
" كلا , لم يكن الوقت طويلا لأن وكيل السفر أخبرني أن هنالك كثيرا من المقاعد الشاغرة".
غرقت كيم في التفكير قبل أن تنحني وترفع كوبها:
" فهمت...".
" أيام قليلة أخرى وسيطير".

أمل بيضون 08-03-10 05:58 PM

" لم يعرف روك الا القليل عما دار في خلدها وهي تقول:
" أجل , لا شك أنه سيفرح كثيرا بكل الحيوانات لأنه كان دائما يريد أن يراها في مواطنها الطبيعية".
فأطرقا , ثم تحدثا قرابة عشر دقائق قبل أن يدخلا لتناول العشاء , الذي وجداه أمتع الوجبات التي تناولاها سويا , ولانت كيم , فيما صمت روك رغم أستعداده للتحدث كلما كلمته كيم.
أتسمت عودتهما الى سوساكا ببرودة الجو وظلمته وبالألفة بينهما , وتصورت كيم شعورها عند مغادرتها هذا البلد أحبته والذي ظنت لوقت قصير أنها ستعيش فيه حتى وفاتها ,وسأل روك بصوت فيه رنة قلق تصف عدم ثقته في ما أذا كانت نادمة أو راضية عن خروجها معه :
" هل أستمتعت بهذه الأمسية ؟".
" كثيرا يا روك".
فحدق في عينيها الجميلتين وردد بحنو:
" أنا سعيد بذلك يا حبيبتي كيم , أتمنى لو أعرف ما الذي أزعجك".
تشنجت كيم , وخنقتها الحقيقة الجارحة بأنه لم يكن يحبها , فقالت بحدة:
" تصبح على خير يا روك, سأراك في الصباح".
وترددت لأنها لم ترغبه طوال الليالي التي شغلا فيها غرفا منفصلة قدر ما رغبته الليلة , وتاقت الى أن ترتاح بين ذراعيه ... ولكن على أن لا يخلو لقاؤهما من الحب , لا , فهي لن تستسلم له ثانية بأرادتها , بأمكانه أن يمتلكها وهو غاضب , بيد أنه لن يجعلها تستسلم له ثانية بأرادتها , وأخيرا أجابها:
" تصبحين على خير يا كيم , أرجو لك نوما هانئا".



10- رنّة الحب
قصدت كيم تنغافيل باكرا في صباح اليوم التالي بعد أن أتجهت أولا الى مسكن كاتانيا لأستئذان بارت في شراء بعض الحاجيات.
" بالطبع يمكنك أن تذهبي يا عزيزتي لأن ليس هناك سوى القليل من العمل بعد أن أنتهي الفصل بصورة ترضيني".
" ولكن , يبقى علي أن أرتب بقية ملاحظاتك , وأعد البحث الذي طلبته مني".
" أمامك وقت كاف لذلك كله أثناء غيابي , أما الآن , فأذهبي وأشتري حاجاتك".
قادت كيم السيارة الى داخل المدينة حيث أوقفتها وأسرعت الى مكتب وكيل السفر الذي تحمس لعمل بينما شك في أدراج أسم كيم في قائمة الرحلة نظرا الى قصر الوقت.
غير أنه وعد كيم بأن يحاول جهده , فقالت أنها ستحضر بعد ظهر اليوم التالي لترى أذا تكللت جهوده بالنجاح , فأجابها:
" الأفضل أن تأتي يوم الخميس , أنا أعرف أن الرحلة تبدأ يوم السبت , ألا أنك ستجدين متسعا من الوقت لتهيئة نفسك , وأستطيع يوم الخميس أن اخبرك أذا كنت قد حصلت على تذكرة السفر أم لا, وألا فبأمكاني الحصول عليها يوم الحمعة".
أطرقت كيم , ثم قالت بعد تردد:
" أرجوك ألا تخبر أحدا بأنني سأرافق السيد ناش في هذه الرحلة, أنها.... أنها ستكون مفاجأ له".
رفع الرجل بصره عن الكراسة التي دون فيها المعلومات , وأنكشف أرتباكه , ألا أنه تنبه عدم طرح الأسئلة نتيجة الجمود الذي ظهر على وجه كيم , وأجابها:
" حسنا , سأتذكر رغبتك".
" أشكرك".
الأمتعة... أنها مشكلة , مشكلة كبيرة .... ألا أن بأمكانها تذليلها , ولما عادت الى مسكن كاتانيا , أعلنت:
" لا تكفيك حقيبة واحدة من الملابس , ولذا سأحزم حقيبة ثانية".
" كيم , يا عزيزتي , أؤكد لك أن حقيبة واحدة كافية".
وأشاح بوجهه عنها وقد غطاه بيده , وأربكها تصرفه أذ بدا وكأنه يخفي عنها تعابير وجهه , لكنها قالت:
" أنا أصر على رأيي يا بارت , ولا تنس أنني أعرف عاداتك وأعرف أنك ترغب في ملابسك كثيرا لا سيما الداخلية منها".
" حسنا , أحزمي لي حقيبة أخرى أذا كان لا بد من ذلك فعلا".

أمل بيضون 08-03-10 05:59 PM

هكذا وجب شحن حقيبتين في السيارة صباح السبت عند وصول روك وكيم الى منزل بارت , فعبس روك:
" حقيبتان؟".
وأدركت كيم نتيجة أقتضابه وحدة صوته أنه تمنع عن قول أشياء كثيرة , وأجاب بارت بوداعة:
" أجل , كيم أصرت على أنني لم آخذ ما يكفيني من الثياب , لذا خضعت لطلبها , وأرجو أن تضع الحقيبتين في السيارة يا روك".
ولدى وصولهم الى المطار أصطحب روك كلا من كيم وبارت نحو البهو حيث قدم لهما شرابا , ولم تستطع كيم أن تمسك الكوب بثبات لشدة خفقان قلبها , هل يمكن أن تنجح خطتها؟ كثيرا ما رأت أناسا يصعدون الطائرة في الدقيقة الأخيرة , أذن , ستنجح خطتها برغم اقوانين التي تفترض حضورها الى اطائرة باكرا , وقال بارت بقلق:
"أرى أنك شاحبة , سأكون بخير , فكفي عن القلق".
قالت دون أن تنظر الى أي منهما:
" أشعر بأنقباض في معدتي , ولذا سأذهب الى المرحاض , فلا تقلقا".
" آه , أنني آسف , فأنت تزعجين نفسك وترهقينها كثيرا بهذه الطريقة ,ولا داعي لكل هذا التعب على الأطلاق".
" لا تخف , فسأكون بخير , أظن أن ما أصابني ليس خطرا , أنما هو أضطراب أعصاب".
وأقل ما يقال في خطتها أنها خطة مفككة الأوصال , فقد حصلت على تذكرة سفر تخولها الأشتراك في الرحلة , أما ملابسها- وهي حاجيات أساسية قليلة – فكانت في طريقها الى الطائرة الآن , وهكذا تم الجزء الأول من خطتها بنجاح , على أنه مر ظرف حرج حين أراد بارت أن يفتش الحقيبة الثانية , فقالت له:
" لا داعي للبحث داخلها لأن كل ما فيها مجرد حاجيات".
" حسنا , لقد أصبحت آمرة ناهية منذ تزوجت".
والجزء الثاني من خطتها هو الذي أقلقها , لقد أصبحت تحركاتها على الأقل واضحة في ذهنها , أما تحركات الرجلين الآخرين , فهي التي لسوء الحظ أزعجتها , ألا أنها قالت مازحة بعد أن فرغوا من شرابهم:
" لن ننتظر كثيرا حتى نودعك يا بارت , فأنت تعرف كراهيتي لرؤية الطائرات تقلع وتهبط".
أجابها وقد عزم أن يقول أنه لن يحتمل رؤيتهما يودعانه:
" أعرف بالطبع".
" سننتظر حتى يعلن عن رقم رحلة طيرانك".
ومن حسن الحظ أنهم أتفقوا على هذا الترتيب , فكل ما على كيم الآن هو التظاهر بالمرض بعد أن يتركهما بارت , وستحذر روك بأنها ستتأخر في دورة المياه قليلا , وتطلب اليه أنتظارها في السيارة.
أجتازت كيم المسافة التي تفصلها عن اطائرة مرتين , ولكنها لم تر أثرا لبارت , ثم دخلت الطائرة خلسة وقد خفضت رأسها على رغم أن خبرتها الواسعة أكدت لها أن بارت يزرع رأسه في كتاب , وقد أعتاد أن يبدأ بالقراءة فور صعوده الى الطائرة , ولا يتوقف عنها حتى يصبحوا على علو شاهق في الجو , ولم يعترف , ولو لمرة , أنه يخشى الأقلاع , غير أن كيم عرفت ذلك , ( أين يمكن أن يكون قد ذهب فأنا لم أره يدخل المرحاض).
جلست وقد أنقبضت معدتها فعلا الآن , وأنتظرته لظنها أنه في أحدى دورات المياه وقد دخلها حين لم تكن تبحث عنه , وأمرت نفسها أن تهدأ وتستريح , وتصورت لدقيقة أو دقيقتين ردة فعل روك حين يعلم أنها على متن الطائرة , وأنها سترافق بارت في رحلته , وقد تركت له رسالة على لوح الأستعلامات , لكنه , في أي حال , سيتلقى برقية منها وهي في الجو , وتأكدت كيم من ذلك حتى لا يقلق , ومن نافل القول أنه سيغضب أشد الغضب , على أن ذلك لن يهم كيم بشيء لأنها رغبت في مرافقة رب عملها والأعتناء به عناية جيدة أثناء رحلته ,ولكن , أين هو؟".
وأخيرا , أومأت كيم الى أحدى المضيفات , وكلمتها بسرعة , فمضت الفتاة فورا ثم عادت بعد عشر دقائق تقول أن لا أحد على متن الطائرة يحمل أسم بارت ناش , فطرفت عينا كيم , ودخل فكرها في دوامة , ( ليس على متن الطائرة؟ لا بد أن يكون , أنه سينضم الى رحلة صيد تنطلق من جوهانسبورغ".
أضطربت الفتاةوقالت لكيم , التي هزت رأسها :
" لا شك أنه تأخر عن الطائرة".
" لكنه حضر الى المطار قبل وقت طويل".
وحانت من الفتاة ألتفاتة من فوق كتفها فيما جرت عربة الأطعمة في الممر بين المقاعد:
" هل أنت واثقة أنه ركب الطائرة؟".
" أجل...".
صمتت كيم وقد علا وجهها التجهم قبل أن تضيف:
" لقد رافقته أنا وزوجي وتركناه عندما أعلن عن رحلته".
" أذن , فأنت لا تعرفين أذا كان قد ركب الطائرة أم لا".
همست كيم وهي تفكر:
"كلا لست.....".
وكان على الفتاة أن تنقل من مكانها , فأعتذرت قبل تحركها , وبقيت كيم غارقة في تفكير عميق , هذه الحقيبة الواحدة , لم يكن بارت في ذلك كما عرفته , أنا لا تكفيه لأسبوعين , ربما لأسبوع....

أمل بيضون 08-03-10 06:24 PM

وتطلعت الى الفتاة بعد أن تجاوزت العربة مقعد كيم , أما الفتاة فتطلعت الى كيم محتارة :
" هل قلت انك كنت أنت وزوجك مع السيد ناش؟ لماذا لم تصعدا معا , هذا أذا كنتما بصحبة الرجل؟".
وهزت الفتاة كتفيها بأرتباك , وبالطبع لم يكن بوسع كيم أن توضح لها الأمر , بل سألت أذا كان هناك طائرة أخرى ستقلع في موعد أقلاع طائرتهم.
" أقلعت طائرة بأتجاه دربان , وهذا كل شيء , فالمطار صغير كما تعلمين".
دربان ؟ من المستحيل أن يكون بارت قد ذهب الى دربان , وعلاوة على ذلك, ما الهدف من أبلاغها أنه ينوي الأشتراك في رحلة صيد, ألا أذا لم يكن ينوي ذلك أصلا؟أبتسمت كيم وعادت تفكر بقضية الحقيبة الواحدة , وتذكرت أنه لم يقرأ كثيرا عن رحلة الصيد , الأمر الذي يتنافى مع طبيعة بارت وهو الذي ألف أن يوسع معلوماته عن أي بلد كان ينوي زيارته وعن أي رحلة كان ينوي القيام بها , وأستعادت أيضا دهشة روك عندما رأى الحقيبتين , لقد أتضح أنه توقع رؤية حقيبة واحدة- ولكن , لماذا واحدة؟
وداخل كيم خوف مفاجىء أذ خيل لها أن الأسرار تكتنف حياتها في هذه الأيام , ومن المؤكد أن هنالك سرا حول قضية الصيد هذه , لقد عملت مع بارت فترة طويلة سمحت لها أن تعرف دقته في حرصه على معرفة كل التفاصيل الصغيرة المتصلة بترتيبات سفره.
وهو آخر من يمكن أن يركب الطائرة الخطأ حتى ولو كان ذلك محتملا.
وقفت كيم أمام فندق لاندروست في جوهانسبورغ وقد أملت أن ترى بفعل معجزة سماوية رب عملها في الداخل حيث سيلتقي المشتركون في رحلة الصيد قبل أن ينضم اليهم الدليل , ثم دخلت , وقصدت المكتب حيث عرفت بأسمها , وكان الدليل يقف قبالتها , فأتجهت اليه حالا , كان شابا أفريقيا طويلا يتكلم الأنكليزية بطلاقة بطلاقة تامة , أوضحت كيم له الأمر .فدقق في لائحة الأسماء قبل أن تراه كيم يهز رأسه , وعرفت كيم ماذا سيقول قبل أن ينطق:
" ليس عندنا بين المشتركين شخص بأسم بارت ناش ,ماذا حدث؟ علي أن أساعدك أذا كنت أستطيع ذلك".
أجابت كيم بتعب:
" أريد أن أرجع الى بيتي , هذا كل شيء".
" ألن ترافقينا ؟ ولكن ., أعلمي يا آنسة مايسون أن نقودك لن ترد اليك في هذه المرحلة المتأخرة".
" لا يهم".
وأنتابها تعب شديد فيما تقبلت خداع بارت وروك وقد أحتارت , كما أدركت بالغريزة أن بارت يعرفها أينما وجدها , وعلى رغم هذا الأعتقاد , لم يكن في وسعها أن تشارك في رحلة الصيد بمفردها أذ لا طائل من وراء ذلك علما بأنها أقرت أن الصورة بدت أكثر أشراقا وجاذبية لبضع ساعات خلت , أي عندما ركبت الطائرة وهي تتوقع أن تلتقي بارت وجها لوجه في أي لحظة.
" علي أن أعود الى منزلي بأقصى سرعة".
ولدى عودتها , سيكون لديها الكثير مما تقوله لزوجها , فهي ترى أنه وبارت تصرفا بخسة أتجاهها وخدعاها , وللمرة الأولى خلال سنوات وصلت الى حد اليأس أعترفت معه أنها في الحقيقة ليست سوى موظفة وأن لا شيء يلزم رب عملها بأطلاعها على تحركاته , وقال الدليل :
حسنا يا آنسة مايسون , أذا كنت تصرين على العودة , فسأعمل على ترتيب سفرك".
ألتفتت الي كيم بأمتنان وقالت:
" أشكرك كثيرا , أنك لطيف للغاية".
" لا داعي للشكر , غير أنني آسف لعدم أقتناعك بمرافقتنا ".
وأرتاحت كيم لأنه لم يحاول زيادة ضغطه عليها وهو يضيف:
" ولكن , الى أن تعودي , عليك أستئجار غرفة تبيتين فيها ليلتك كما لو أنك كنت ترافقينا".
وصعدت كيم للتو, ونامت نوما متقطعا من دون أن تكلف نفسها عناء النزول لتناول العشاء , وفي الصباح التالي , أعلمت أنها لن تستطيع العودة قبل ثلاثة أيام , فهتفت مرتعبة:
" ثلاثة أيام ,ما هذا؟".
رد الدليل :
" ليس هناك أي رحلة طيران قبل ذلك".
عضت كيم شفتها بقسوة وهي تصد دموع الأحباط والخوف التي تجمعت في مؤخر عينيها , أين هو بارت؟ آه , لا شك أنه سالم ومعافى , وروك يعرف مكانه.
ولما عادت الى غرفة نومها , قالت بلهجة حادة :
" أنني أكره روك , كيف يجرؤ أن يخدعني هكذا؟".
وأنتصبت واقفة أذ سمعت قرعا خفيفا على الباب , فصاحت:
" تفضل".
دخلت خادمة ملونة تحمل برقية , فقرأتها كيم وقالت:
" أشكرك".
وبعد ثلاث دقائق تحدثت عبر الهاتف مع زوجها , الذي سأل بغضب :
" أخبريني بحق السماء ماذا تقصدين بتصرفك المجنون هذا؟".
ردت عليه بغضب يعادل غضبه:
" وبحق السماء قل لي أيضا ماذا تقصد أنت وبارت بخداعكما لي؟ أين هو؟".
" لا تخافي ولا تقلقي".
" أين هو؟".
لاجواب , شعرت كيم أن دقات قلبها ستتوقف , وأخافها نبض قلبها المتسارع كثيرا , فسألت:
" أنه... أنه ليس....".
كلا , أنه بخير , لقد عرفت أنه بخير , وعادت تقول:
" أصر أن أعرف أين هو".
" كيم , سأحضر اليك اليوم , لقد تسلمت أشعارا يفيد بأنني حجزت مقعدا على الطائرة المتجهة الى جوهانبورغ , وأنا الآن في فندق قريب من المطار".

أمل بيضون 08-03-10 06:32 PM

وتطلعت الى الفتاة بعد أن تجاوزت العربة مقعد كيم , أما الفتاة فتطلعت الى كيم محتارة :
" هل قلت انك كنت أنت وزوجك مع السيد ناش؟ لماذا لم تصعدا معا , هذا أذا كنتما بصحبة الرجل؟".
وهزت الفتاة كتفيها بأرتباك , وبالطبع لم يكن بوسع كيم أن توضح لها الأمر , بل سألت أذا كان هناك طائرة أخرى ستقلع في موعد أقلاع طائرتهم.
" أقلعت طائرة بأتجاه دربان , وهذا كل شيء , فالمطار صغير كما تعلمين".
دربان ؟ من المستحيل أن يكون بارت قد ذهب الى دربان , وعلاوة على ذلك, ما الهدف من أبلاغها أنه ينوي الأشتراك في رحلة صيد, ألا أذا لم يكن ينوي ذلك أصلا؟أبتسمت كيم وعادت تفكر بقضية الحقيبة الواحدة , وتذكرت أنه لم يقرأ كثيرا عن رحلة الصيد , الأمر الذي يتنافى مع طبيعة بارت وهو الذي ألف أن يوسع معلوماته عن أي بلد كان ينوي زيارته وعن أي رحلة كان ينوي القيام بها , وأستعادت أيضا دهشة روك عندما رأى الحقيبتين , لقد أتضح أنه توقع رؤية حقيبة واحدة- ولكن , لماذا واحدة؟
وداخل كيم خوف مفاجىء أذ خيل لها أن الأسرار تكتنف حياتها في هذه الأيام , ومن المؤكد أن هنالك سرا حول قضية الصيد هذه , لقد عملت مع بارت فترة طويلة سمحت لها أن تعرف دقته في حرصه على معرفة كل التفاصيل الصغيرة المتصلة بترتيبات سفره.
وهو آخر من يمكن أن يركب الطائرة الخطأ حتى ولو كان ذلك محتملا.
وقفت كيم أمام فندق لاندروست في جوهانسبورغ وقد أملت أن ترى بفعل معجزة سماوية رب عملها في الداخل حيث سيلتقي المشتركون في رحلة الصيد قبل أن ينضم اليهم الدليل , ثم دخلت , وقصدت المكتب حيث عرفت بأسمها , وكان الدليل يقف قبالتها , فأتجهت اليه حالا , كان شابا أفريقيا طويلا يتكلم الأنكليزية بطلاقة بطلاقة تامة , أوضحت كيم له الأمر .فدقق في لائحة الأسماء قبل أن تراه كيم يهز رأسه , وعرفت كيم ماذا سيقول قبل أن ينطق:
" ليس عندنا بين المشتركين شخص بأسم بارت ناش ,ماذا حدث؟ علي أن أساعدك أذا كنت أستطيع ذلك".
أجابت كيم بتعب:
" أريد أن أرجع الى بيتي , هذا كل شيء".
" ألن ترافقينا ؟ ولكن ., أعلمي يا آنسة مايسون أن نقودك لن ترد اليك في هذه المرحلة المتأخرة".
" لا يهم".
وأنتابها تعب شديد فيما تقبلت خداع بارت وروك وقد أحتارت , كما أدركت بالغريزة أن بارت يعرفها أينما وجدها , وعلى رغم هذا الأعتقاد , لم يكن في وسعها أن تشارك في رحلة الصيد بمفردها أذ لا طائل من وراء ذلك علما بأنها أقرت أن الصورة بدت أكثر أشراقا وجاذبية لبضع ساعات خلت , أي عندما ركبت الطائرة وهي تتوقع أن تلتقي بارت وجها لوجه في أي لحظة.
" علي أن أعود الى منزلي بأقصى سرعة".
ولدى عودتها , سيكون لديها الكثير مما تقوله لزوجها , فهي ترى أنه وبارت تصرفا بخسة أتجاهها وخدعاها , وللمرة الأولى خلال سنوات وصلت الى حد اليأس أعترفت معه أنها في الحقيقة ليست سوى موظفة وأن لا شيء يلزم رب عملها بأطلاعها على تحركاته , وقال الدليل :
حسنا يا آنسة مايسون , أذا كنت تصرين على العودة , فسأعمل على ترتيب سفرك".
ألتفتت الي كيم بأمتنان وقالت:
" أشكرك كثيرا , أنك لطيف للغاية".
" لا داعي للشكر , غير أنني آسف لعدم أقتناعك بمرافقتنا ".
وأرتاحت كيم لأنه لم يحاول زيادة ضغطه عليها وهو يضيف:
" ولكن , الى أن تعودي , عليك أستئجار غرفة تبيتين فيها ليلتك كما لو أنك كنت ترافقينا".
وصعدت كيم للتو, ونامت نوما متقطعا من دون أن تكلف نفسها عناء النزول لتناول العشاء , وفي الصباح التالي , أعلمت أنها لن تستطيع العودة قبل ثلاثة أيام , فهتفت مرتعبة:
" ثلاثة أيام ,ما هذا؟".
رد الدليل :
" ليس هناك أي رحلة طيران قبل ذلك".
عضت كيم شفتها بقسوة وهي تصد دموع الأحباط والخوف التي تجمعت في مؤخر عينيها , أين هو بارت؟ آه , لا شك أنه سالم ومعافى , وروك يعرف مكانه.
ولما عادت الى غرفة نومها , قالت بلهجة حادة :
" أنني أكره روك , كيف يجرؤ أن يخدعني هكذا؟".
وأنتصبت واقفة أذ سمعت قرعا خفيفا على الباب , فصاحت:
" تفضل".
دخلت خادمة ملونة تحمل برقية , فقرأتها كيم وقالت:
" أشكرك".
وبعد ثلاث دقائق تحدثت عبر الهاتف مع زوجها , الذي سأل بغضب :
" أخبريني بحق السماء ماذا تقصدين بتصرفك المجنون هذا؟".
ردت عليه بغضب يعادل غضبه:
" وبحق السماء قل لي أيضا ماذا تقصد أنت وبارت بخداعكما لي؟ أين هو؟".
" لا تخافي ولا تقلقي".
" أين هو؟".
لاجواب , شعرت كيم أن دقات قلبها ستتوقف , وأخافها نبض قلبها المتسارع كثيرا , فسألت:
" أنه... أنه ليس....".
كلا , أنه بخير , لقد عرفت أنه بخير , وعادت تقول:
" أصر أن أعرف أين هو".
" كيم , سأحضر اليك اليوم , لقد تسلمت أشعارا يفيد بأنني حجزت مقعدا على الطائرة المتجهة الى جوهانبورغ , وأنا الآن في فندق قريب من المطار".

أمل بيضون 08-03-10 06:58 PM

صاحت كيم على نحو هستيري :
" أين هو بارت؟ هل تظن أنني أكترث سواء كنت ستحضر الى هنا أم لا لتصطحبني الى البيت؟ أنني سأركب الطائرة بعد ثلاثة أيام , ولذا لا سبب لتجهد نفسك بالقدوم الي , أن كل ما يهمني هو معرفة مكان بارت , ما الهدف من السرية ؟ أريد أن أعرف أين هو".
" حسنا , سأخون عهدا قطعته له , لكنني أشعر أنني معذور , لقد دخل بارت مستشفى في دربان حيث سيجري عملية جراحية لقلبه".
ساد صمت طويل معبر قبل أن تصيح كيم وهي ترتجف:
" المستشفى؟ لماذا..... لماذا لم .... لم تخبراني أنتما- أنتما الأثنين بذلك؟".
" هذه هي رغبة بارت , لم يرد أن يزعجك بعد زواجك مباشرة".
وصمت قليلا قبل أن يضيف:
" سأشرح لك يا كيم كل شيء يتعلق بالقضية عندما أراك لاحقا اليوم , وحسب تقديراتي , سأكون معك في وقت العشاء".
" حسنا".
أعادت السماعة الى موضعها , ولم تفه بأي كلمة أخرى , ثم تساءلت كيف عرف روك مكانها , وسرعان ما أدركت أن عليه أن يقصد مكتب وكيل السفر , فيحصل منه على كراسة تقول بأن الرحلة تنطلق من فندق لاندروست في جوهانسبورغ , ولعله, في أي حال, تذكر ذلك من الكراسة التي أحضرها لبارت , هذا أذا كلف نفسه عناء قراءتها , ثم نبذت كيم هذا الأحتمال لسبب واحد هو معرفة روك أن بارت لم ينو القيام برحلة الصيد.
وأتصلت كيم بالمستشفى في دربان بعد أن عثر دليل رحلة الصيد على رقمه , وكل ما عرفته هو أنه سيخضع للعملية في اليوم التالي , ولم تعط مزيدا من المعلومات .
وصل روك عند السابعة والنصف , فألتقاها في البهو حيث أنتظرته , وحياها بغضب:
" أيتها الحمقاء الصغيرة , ماذا قصدت من وراء كل الخوف والغضب الذي سببته لي؟".
أتقدت عيناها غضبا:
" ألا تستحي حين تذكر عبارات الخوف والقلق أمامي وقد خدعتني بهذه الطريقة وأشقيتني في أعداد حقيبة و....".
قاطعها ببرودة:
" هل يمكننا أن نكمل هذهالمشاداة الكلامية في غرفتك؟".
أتجهت كيم نحو المصعد , وبعد دقيقتين تواجها داخل غرفة نومها حيث قال روك:
" في ما يتعلق بهذه الحقيبة الملعونة , أؤكد لك أنني لم أعرف ماذا كنت تفعلين , ولو عرفت , لحبستك وأقلتى عليك الباب يا عزيزتي".
شحب لون كيم , وخفق قلبها بعنف نتيجة أنفعالاتها :
" ألست شديد التفاؤل ! أوتعتقد حقا أنك تستطيع سجني , ولا أجد مخرجا؟".
أستدار بعصبية وقذف بمعطفه الواقي من المطر على سريرها , ثم سألها ببرودة:
"هل ترغبين بمعرفة الدافع لقرار بارت دخول المستشفى؟".
" طبعا".
توجهت كيم نحو النافذة حتى لا يرى روك الدموع التي ظهرت في عينيها أذ لا ينبغي أن يعرف عمق الجرح الذي أصابها نتيجة علاقتهما , على أنها تصورت أن لقاءهما في البهو , حيث أنتظرته ساعة على الأقل , سيتسم بالود , وتعهدت لنفسها أن تتصرف معه بود , وأن تصغي الى أي تفسير يعطيه لسلوكه المشين وخداعه أياها , ألا أنه دخل مسرعا , والغضب يعلو وجهه ووصفها بالحمقاء الصغيرة , ولم يكن هناك بد من الرد عليه خصوصا أنها كانت هي الفريق المظلوم في كل العملية .
" ما الذي جعل بارت يقرر دخول المستشفى؟".
أعقبت كلمات كيم فترة من الصمت المطبق , ثم تكلم زووجها , فأصغت اليه , وأضمحل شعورها بالظلم والأذى , ثم أستدارت على مهل وهي تهز رأسها بذهول :
" لا بد أنك شككت في صحة أقوال الطبيب , فأتصلت بأختصاصي القلب الذي تعرفه في دربان , أذن , فأنت الذي رتبت كل ذلك منذ البداية؟".
أطرق روك وقد أسند ظهره الى الخزانة وأدخل يديه في جيوب بزته , فيما علا وجهه المسمر الوجوم.
" قلت أنك أحضرت هذا الأختصاصي ليفحص بارت , ولكن , متى؟".
" في أحد الأيام التي أرسلك فيها بارت الى تنغافيل لأحضار بعض الكتب والحاجيات الأخرى , وكان أختصاصي القلب هذا قد وصل بالطائرة في اليوم السابق وأقام معي في مسكني لوساكا , وكما قلت , فأن بارت هو الذي أصر على أخفاء الحقيقة عنك , وقد أظهر تشددا بالغا في رفضه تعريضك لأي شعور بالقلق عليه , فأخذت الطبيب الى مسكن كاتانيا حيث أخضع بار ت لفحص دقيق قرر بنتيجته أن هناك مجالا لأجراء العملية , علما بأن بارت من جهة ثانية قد يفارق الحياة وهو على طاولة العمليات , أما بقية القصة , فتعرفينها لأنني رويتها لك".
قالت وكأنها تحدث نفسها :
" كان ذلك قبل زواجنا".
تطلع روك اليها مستفسرا , وقال:
" حدث ذلك قبل زواجنا بالتأكيد ,ولكن , أحب أن أعرف ما الفرق في ذلك".
تنهدت كيم , ودنت منه خطوة أخرى قبل أن تقول وقد أبيضت شفتاها:
" أذن, كنت تعرف قبل زواجنا أن أمام بارت فرصة للبقاء حيا؟".
أجاب بعبوس وتجهم:
" أجل , على أني آمل يا كيم ألا أتعرض لمجموعة من كلماتك وأسئلتك المبهمة".

أمل بيضون 08-03-10 09:25 PM

كان يمكن أن تبتسم كيم لقوله الذي ذكرها بروك القديم وتهكمه ونظرته اللائمة اليها , ألا أنها لم تبتسم , بل قالت بهدوء:
" أسمع , لقد عرفت أن بارت طلب منك الزواج بي....".
" أنت تعرفين ؟ كيف؟".
" لا تشغل بالك بالطريقة التي عرفت بها ذلك الآن , بل قل لي يا روك لماذا تزوجتني".
نظر روك الى كيم وقد ضاقت حدقتاه وظهر الأرتباك فيهما هنيهة , وما لبثا أن أتسعتا تدريجيا حين بدأ روك يفهم بعض الأمر , وقال وهو يرفع يده بحركة آمرة تمنعها من مقاطعته:
" قلت الآن أنني تزوجتك بناء على طلب بارت , الآن أصبح عندي مبرر للقول بأن عقلك البسيط جعلك تقررين أنني تزوجتك حتى أرضي بارت ..".
ثم توقف ليضحك ضحكا عاليا أجبرها على أن تصم أذنيها بيديها , وقال:
" هكذا تتصورين أنني رجل يتصرف بمثل هذه البلاهة؟".
هزت كيم رأسها , وأنزلت يدها الى جنبها وهي تجيب:
" كلا... يا روك...".
وتقدمت خطوة أخرى بأتجاهه , لكنه ظل واقفا في مكانه بصلابة وصرامة وقالت:
ط آه , أظن أنني أرتكبت ... أرتكبت خطأ ...".
بلعت كيم ريقها المتجمع في حلقها وأضافت:
ط شنيعا".
شد روك ذراعيه الى جسده , ثم أمرها:
" تعالي الى هنا".
ولما لم تتحرك , هددها بالقول :
" كيم ,أنني مستعد لضربك ضربا يوجعك مدة أسبوع , فتعالي الى هنا".
أطاعت فورا , وقد تغير لونها بسرعة , وقالت جوابا على أستفسارها :
" أنني آسفة".
" آسفة , هل تظنين أن كلمة واحدة صغيرة تكفي لأزالة كل المعاناة التي فرضتها عليّ؟ صدقيني يا كيم أنن سأجبر نفسي بعد عودتنا الى المنزل أن أزرع فيك بعض الأحساس , أما الآن , فقولي لي فورا كيف عرفت أن بارت طلب ألي أن أتزوجك". وأخيرا أدركت أن رافيلا أرادت أن أتنصت عليها ".
هكذا أنهت كيم كلامها وهي تتمنى لو تشيح بنظرها بعيدا عن وجه زوجها العابس , ألا أنها لم تجرؤ مخافة أن ينفذ تهديده , وقال ساخرا:
" أنه لذكاء خارق أخيرا حقا أن رافيلا أرادت أن تتنصتي عليها , وهل يمكنني أن أسأل لماذا لم تحضري الي وتستوضحي الأمر مني ؟ أذكر أنني طلبت منك أطلاعي على ما كنت تفكرين به ذات مرة , ولو أنك فعلت, لجليت أمورا كثيرة".
" أجل .... لقد فعلت , ولأتمنى لو ... لو أنني أكترثت لك...".
وتوقفت قبل أن تصيح صيحة أحتجاج أذ هزها زوجها الذي لم يستطع السيطرة على أعصابه , هزا عنيفا فأصطكت أسنانها , ثم قال:
" أخبريني بقية القصة , أخبريني بكل شيء حتى نستطيع الرجوع الى البداية من جديد".
أرتعشت كيم وقد بللت الدموع أهدابها :
" ليس هنالك ما يذكر سوى أنني كنت عازمة على هجرك فور ... بارت".
هزها ثانية بحيث تذكرت قوله أنها ستندم أن هي أغضبته , وقال متسائلا:
ط تهجرينني ؟ تهجرينني , أليس كذلك؟ وبهذا تفضحينني أمام أصدقائي , صدقيني أنني كنت سأسترجعك بطريقة تمنعك من العودة الى هذه المجافة".
فتحركت مبتعدة وقالت بعد أستردادها شيئا من النشاط:
" أذا تابعت تهديدك لي بأستعمال العنف ضدي , فأنني لن أعود الى ... اليك".
" لن تعودي؟".
" لا ... بل أقصد ... الآن".
" هل ترغبين في الأنفصال؟".
" الأنفصال؟".
ولم يكمل الفريقان تفسيراتهما ألا بعد وقت طويل وذلك أثناء العشاء على ضوء الشموع في زاوية منعزلة من مطعم الفندق , فعلمت كيم أنه على رغم طلب بارت من روك أن يتزوجها , فأن الأخير أكد للأول أنه واثق أن كيم هي الفتاة التي خلقت له , وقال روك بأبتسامة ندم ونظرة حنو قابلت نظرة كيم عبر الطاولة :
ط أقر أنني قاومت ميلي للزواج بك , لأن عزوبيتي كانت مريحة وخالية من التعقيدات فلم أرغب أن تقتحم أي أمرأة حياتي , غير أنني سرعان ما أدركت صعوبة تجاهل تأثيرك علي , وعلى رغم مقاومتي , فقد عرفت أن معركتي لا بد خاسرة".
وألتمعت عينا روك مرحا أذ علت وجه كيم الحمرة فيما قهقهت قائلة :
" كم أنا سعيدة لأنك خسرت المعركة يا روك".
" وأنا كذلك يا حبيبتي".
" فقط لو كان بارت بخير .... لأصبح العالم من حولي غاية في الكمال".
" ليس بوسعنا يا حبيبتي ألا أن نعيش بالأمل , أما أذا أخفقت العملية فسأكون أنا زوجك بجانبك لأواسيك كما سأفعل دائما في المصائب والصعوبات".
" أعرف ذلك يا روك, وأنني هنا لأواسيك أنت أيضا".
ولما فرغا من عشائهما , سارا قليلا في حديقة الفندق قبل أن يصعدا الى الحجرة حيث رقدا هانئين.
مر أسبوع كامل قبل أن يتلقيا الخبر الذي طال أنتظارهما له : بارت سيعيش .
ولما خرجت كيم من الجناح الخاص وهي تقفز لللحاق بزوجها في ممر المستشفى , قالت:
" ألا يبدو على ما يرام ؟ هل تعلم يا روك أنني لم أره في مثل هذا الشباب وهذه العافية على ما أظن ؟ وهذا كله من فضلك , فكيف يمكنني أن أوفيك حقك من الشكر؟".
أجابها روك بحماسة وهو يرجع رأسه الى الوراء ويحدق بحنو الى وجه زوجته:
"لا تشكريني , فقط , أقيمي على حبي الى األأبد".
ثم خرجا من المستشفى النظيف المكيف الى حرارة الشمس الأفريقية الساطعة , وهناك بلغ مسامع روك صوت زوجته الهادىء الخفيض وقد ملأته رنة الحب يقول:
" هذا أبسط ما يمكنني فعله طوال حياتي يا حبيبي, يا روك".


تمت

أمل بيضون 08-03-10 09:31 PM


بليز بليز بليز

:018::crazy:


أطلب من كل الأعضاء أوالقراء الذين يقومون بنقل الروايات التي أكتبها الى منتديات أخرى أن يذكروا بأنها منقولة .
للأمانة فقط.
يعني حرام حدا يتعب بالكتابة وحدا تاني ينقلها لغير منتدى وتنزل بأسمه

خريف الحب 08-03-10 11:25 PM

مشكووووووووووووووووووورة امولة وطلبك هذا من حقك وراح يتنفذ انشاءالله..


الساعة الآن 06:47 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.