آخر 10 مشاركات
مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          المدللة *متميزة* (الكاتـب : محمد حمدي غانم - )           »          حالات .... رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1434)"مكتملة" (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          صدمات ملكية (56) للكاتبة: لوسي مونرو (الجزء الأول من سلسلة العائلة الملكية) ×كــاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          2 - الإعصار - روايات دار الامين** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          308 - بداية حب - روايات دار الحسام (الكاتـب : Just Faith - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          307-نداء القلب -جيسيكا جوردان -روايات دار الحسام (الكاتـب : Just Faith - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree3Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-02-10, 04:04 AM   #1

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي 144 - الثلج الأسود - جانيت ديلي - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة *)


144 - الثلج الأسود




الملخص :



لو كان بيد جوان ان تختار ما بين الثلج والنار , فماذا تختار ؟
الثلج في الخارج حاصرها حتى لم تعد تستطيع الخروج , اما النار فهي نار رب عملها براندت لجون
الذي احتجزته العاصفة معها وحدهما ..

حاولت جوان ان تطمئن رفيقتها على الهاتف بان لا داعي للقلق :
- اشك في ان مديري يدرك انني من الجنس اللطيف حتى بعد 3 سنوات من العمل معه ..
بالنسبة له انا مجرد سكرتيرة فرض عليه القدر صحبتها ليوم واحد .

وما ان رفعت رأسها حتى فوجئت بان براندت كان يستمع :
- يريحني ان اكتشف انك امرأة آنسة سومرز .
وماذا بعد , كيف تستطيع ان تحافظ على الحاجر غير المرئي بينهما , كيف تبقي سرها الذي خباته طوال سنين

دون ان يفضحها قلبها ,انها تحبه . وستفعل المستحيل لئلا يكتشف هذا ...



محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 07-12-17 الساعة 11:07 AM
عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:09 AM   #2

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 - الرجل الأسد

تنهدت كاي قائلة وقد نفذ صبرها :
- بالله عليك ياجوان كفي عن هذه المهاترات . ما هو الامر الذي تودين القيام به الليلة ولا يمكنك تاجيله الى الغد ؟
تجنبت جوان سومرز ان تقابل نظرة الاتهام التي رمقتها بها صديقتها وتلهت بوضع علب الطعام الفارغة وبعض الاوراق في سلة المهملات .
- المسألة ليست مسألة تأجيل مشروع الى الغد كاي . انت تعرفين موقفي من الخروج مع رجل لا اعرفه .
- لا يمكنك القول انك لا تعرفينه , فهو شقيق جون .
كان جون خطيب كاي , وهو رجل محبوب ولكنه في نظر جوان ممل , ومضجر , وميزته الوحيده المحببه هو حبه المخلص لكاي ,
وقد استطاع ان يظهر هذا الحب الرومنانسي بمئة طريقة وطريقة , ومع ذلك لم يكن من المحتمل ان تجد جوان عند شقيقه ايجابيات اكثر مما تجد عند جون , فهو من النوع الذي لا يعجبها .
اما النوع الذي يعجبها من الرجال فهي لم تكن قد حددت معالمه بعد بالرغم من بلوغها الـ23 من عمرها .
اقترحت جوان ان تستبدل بالفتاه التي تعمل على لوجة الهاتف :
- لماذا لا تطلبين ذلك من سوزان بدلا مني ؟
قالت كاي ذلك وقد ارتسمت على وجهها علامات السخرية ثم تابعت مؤنبة صديقتها :
- هل رأيت سوزان يوما وحيده ؟ فالرجال يتحلقون دائما حول هذه الفتاة وترينها دائما مرتبطه في امسيات يوم الجمعه .
وافقت جوان على ما قالته وهي تشعر قليلا بالحسرة على نفسها , فيبدو انها الفتاة الوحيدة التي تمضي معظم عطل نهاية الاسبوع بمفردها في البيت .
- ارجوك يجب ان تذهبي معنا هذه الليلة فجون لم يعلم الا هذا الصباح ان ايد سيأتي ليتعرف اليّ , وليس هناك من فتاة اخرى استطيع ان اطلب منها الذهاب بهكذا وقت قصير .
- انه ىت للتعرف إليك , فلماذا لا تذهبون انتم الـ3 الى مكان ما لتناول العشاء ؟
نهضت كاي ولحقت جوان التي ابتعدت عن الطاولة وقالت :
- ان ايد شقيق جون وليس عمه .
نظرت جوان الى ساعتها وحاولت تأجيل الموضوع .
- دعينا نناقش الامر الليلة بعد الانتهاء من العمل , يجب ان اعود الآن الى المكتب .
تجاوزت كاي الممر الذي يقع على اليمين والذي يقود الى غرف الكومبيوتر حيث تعمل , ولحقت بجوان الى قسم المكاتب الخاصه لشركة ليون للمقاولات.
ادركت جوان ان صديقتها قد ملأت عليها كل المخارج , وعلى الرغم من عدم رغبتها في الخروج , عرفت انها سترضخ لإلحاح صديقتها , خاصة انه ليس لديها مبرر مقنع للرفض , كانت جوان تفخر بأنها فتاه عملية ومنطقية
وهذا ما جعل تجنبها الصارم للخروج مع رجل لاتعرفه طفولي وسخيف .
الامر ببساطه انها خرجت معر يك مانفيل قبل ان تعرفه منذ 4 سنوات ووقعت ضحية سحره لتكتشف فيما بعد انها انضمت الى العديد من ضحاياه .
فليس هناك من سبب يدعوها ان تجعل من نفسها غبية مره اخرى . ع
لقد شعرت بالاذلال اكثر مما شعرت بالالم عندما ادركت انها مجرد فتاة اخرى عنده وهي عندما تتأمل الآن ما حدث تدرك كم كان عديم الاحساس . مع انه بدا وقتها رجلا قويا. وقد تطلب الامر رجلا قويا عن حق وواثقا من نفسه كي يجعلها تدرك ذلك .
الحت كاي بنبرة توسل :
- جوان يجب ان تذهبي معنا الليلة . انا وجون نعتمد عليك .
توقفت جوان عند الباب الخارجي للمكتب متفحصه السمراء الانيقة الى جانبها والتي بدت نظراتها اشبه بنظرات هر جائع . انها وكاي على طرفي نقيض . فكاي شعرها مجعد غامق اللون وجسمها نحيل صغير وهي تحب الحياة والمرح .
اما جوان فهي بجسمها الممتلئ اشبه بتمثال كلاسيكي . ولها شعر عنبري اللون ملفوف خلف رقبتها على شكل كعكه . وعيناها ذواتا لون بني دافئ ولكنهما تفتقدان الى تلألؤ عيني كاي .
انها ودودة مثل صديقتها ولكنها اكثر هدوءا واقل فضولا . وهي تجد صعوبه في مقابلة الغرباء في المناسبات الاجتماعية وخاصة الرجال .
ادركت جوان ان عليها انتهاز الفرصة لقضاء السهرة خارج البيت عوضا عن التهرب من هذا الموعد الفجائي فقد امضت مؤخرا الكثير من عطلات نهاية الاسبوع بمفردها ومع ذلك وجدت صعوبة في اخراج كلمة المافقه من بين شفتيها .دفعت جوان باب غرفة مكتبها ودخلت وتبعتها كاي التي كررت :
- لايمكنك التخلي عنا , نحن نريد ...
ضاعت بقية الجمله منها عندما لاحظت رجلا يقف بجانب جارور مفتوح في خزنة الملفات , وفورا اعتلى وجه كاي ابتسامة براقه :
- نهار سعيد سيد ليون .
لم تغير تحيتها المرحه معالم وجهه المتجهم الذي رمقها قبل ان يحول نظراته الحاده الزرقاء الى جوان . كانت تحيط به هالة من القوة وسمة ثانبته من التحكم والكفاءة تفقد الاخرين شجاعتهم وتعطيهم الاطمئنان في آن :

- هل لك ان تخبريني اين استطيع ان اجد ملف ستتلر في خضم هذه الفوضى يا آنسة سومرز ؟
قال ذلك وقد وضع اصابعه على شعره البني اللون قبل ان يضع يده على وركه وكانه يتحداها .
رفعت راسها يتحد لأن هذا الانتقاد لم يكن مبررا على الاطلاق ثم مشت مترنحه نحو الخزانة المعدنية حيث كان واقفا . واخذت تعيد بعض الملفات التي اخرجت الى مكانها .
- اذا ابتعدت عن هذه الملفات يا سيد ليون فلن ترى عدة الفوضى . في هذا الجارور لن تجد ملف ستتلر لأن هذه الملفات تخص الشركات التي تورد الموارد فقط .
وبعدها اعادت ترتيب الجارور بصورة مقبولة اغلقته وفتحت الجارور الذي تحته وهي تحس بهذا الرجل الطويل والعريض المنكبين يقف الى جانبها . بحثت اصابعها بين الملفا عن حرف "س" ضمن فهرست الابجديه لكنها لم تستطع تمييز الاحرف الصغيرة للأسماء بدقه . فسمعت صوت رئيسها المستخف فوق رأسها :
- ما الامر ؟ الا تستطيعين العثور عليه ايضا ؟
فاستقامت جوان ومت نحو طاولة مكتبها :
- بلى استطيع العثور عليه .
ثم التقطت نظاراتها ذات اللونين البني والعنبري الملقاة الى جانب الهاتف . كانت دائما تفتخر بأنها تستطيع ان ترى عن بعد ميل ومع ذلك فهي لا تستطيع رؤية أي شيء يبعد عدة سنتيمترات عن انفها ,
وفي هذه اللحظة لم تجد اعتمادها على النظارات لكي تستطيع القراءة امرا مخجلا . وضعت النظارات على عينيها واتجهت ثانية نحو الخزانة قائلة :
- لسوء الحظ لا استطيع ان ارأ الاسماء من دون وضع النظارات.
وفي ثوان بسيطه قدمت له الملف الذي طلبه. ادار براندت ليون وجهه المتجهم نحو الملف مما جعله يخفق في رؤية ابتسامة النصر التي ظهرت على وجهها . ثم قال وهو متجه الى مكتبه :
- سيتوجب عليك في احد الايام يا ىنسة سومرز ان ترسمي لي مجموعة من الخرائط كي استطيع العثور على الاشياء الموجوده في هذا الوحش المعدني الذي تديرين .
فزمت شفتيها بقوة فيما كان الباب الموصل الى غرفته يغلق وراءه .
اطلق انتقاده لها في لحظة غضب ولم يكن ذلك يعني انه انتقاص من مقدرتها ومع ذلك شعرت بوخزة من الاستياء .
هزت كاي رأسها بسخريه :
- انت تدهشيني احيانا ياجوان .
اتجهت جوان نحو الطاولة وجلست على الكرسي ووضعت حقيبتها في الدرج السفلي للطاولة :
- لماذا ؟
- بسبب الطريقة التي تردين بها على السيد ليون كما فعلت الآن , فمن الطبيعي ان لا تتفقا طالما انك تطلبين من المدير الا يلمس ملفاته .
- انا والسيد ليون نتفق تماما .
- ما اعني هو ان تصرفاتك حائرة معه . كل شيء بينكما هو محض عمل فقط . فهو يعاملك جدة في الـ50 من عمرها . وانت تعامليه بالسوء ذاته . تتصرفين معه وكأنه في الـ50 من عمره , لا كرجل عازب يناسبك .
- انا سكرتيرته ولست حبيبته .
- حسنا ! انت لن تكوني حبيبته ابدا طالما تنادينه بالسيد ليون طوال الوقت .
- هذا ما انت تنادينه به .
- نعم لأني لا التقي به الا نادرا ولو كنت سكرتيرته لجعلت من نفسي العوبه به . ذ

- ولكانت النتيجه بالتأكيد خسارة وظيفه راقبها جيد . وكيف كان سيتصرف جون لو عرفانك تنصبين شباكك حول رئيس الشركة ؟
- سيعر بالغيرة . اليس كذلك ؟ ولكنه يعرف اتى احب الغزل والمزاح .
- اعتقد احيانا ان هذا الكلام لا ينطبق تماما على شخصيتك .
- على ذكر جون , ماذا قررت بالنسبة لهذه الليلة ؟
انقبض فمها وامومأت برأسها مستسلمه :
- سوف اذهب . ولكن لن ارضي بمرافقة شقيق جون طوال عطلة نهايو الاسبوع . سوف اوافقه هذه الليلة فقط .
تنفست كاي الصعداء .
- شكرا جزيلا ! ستأتي الى البيت مباشرة من المطار عند الـ7 والنصف تقريبا , تكوني جاهزة عندما نصل .
- سأفعل .
- رن جهاز الاستدعاء فأجابت جوان . فرد عليها صوت براندت ليون :
- ايمكنك ان تاتي الى مكتبي يا آنسة سومرز ؟
استدارت كاي وهي في منتصف الطريق للخروج واضافت :
- ولا تنسي ايضا ان ترتدي ثيابا مثيرة .
ولم تستطع جوان الا التحديق الى الجهاز الذي كانت تضغط عليه . وامسكت انفاسها على امل ان لا يكون الجهاز قد التقط كلمات صديقتها واذاعه عند المدير ثم تمتمت :
- سآتي حالا يا مستر ليون .
وقطعت الاتصال ثم وضعت نظاراتها على عينيها والتقطت قلما وورقة وقبل ان تفتح الباب توقفت واصلحت هندامها ثم دخلت .
ادار مديرها الكرسي الكبير المصنوع من الجلد الذي كان يجلس عليه مدركة كم هو مظهر النظارات وتسريحه الشعر خادع . لا شك ان برادت ليون يرتاب في قدرتها على الظهور بشكل مثير .
ثم اختفى بريق التكهن , ولم تستمر نظراته شخصية بل اصبحت مجرد نظرات عمل فقط , ومن رئيس الى مرؤوسه . اخذ يراجع مواعيده لبعد الظهر ثم سلمها شريط تسجيل يحتوي على تعليماته للصباح واعطاها لائحة بأرقام الهواتف التي يريد ان تطلبها له .
وهكذا اعيد توطيد العلاقة الرسمية , ولم يات على ذكر أي امر يسكنه ان يؤكد او ينفي انه سمع تعليق كاي . وكانه التقييم السريع لها عندما دخلت عليه لم يحدث ابدا .
ومع ذلك ازالت ملاحظته الصغيرة كل الشكوك الباقية , تلك الملاحظة التي ادلى بها عندما توقفت جوان في الساعه الـ5 عند مدخل مكتبه من انه لا يحتاج منها شيئا قبل ان تغادر العمل فقضاء عطلة الاسبوع .
فقد استعلم براندت ليون قبل ان تغادر مكتبه :
- هل ستخرجين هذا المساء يا ىنسة سومرز ؟
فردت جوان وهي التي نادرا ما تخرج . موحية بانها تخرج دائما برفقة اصحابها :
- انه مساء الجمعه .
- تمتعي بوقتك .
- اني اتمتع بأوقاتي دائما سيد ليون , عمت مساء .
كانت الريح الشمالية قارسه عندما خرجت جوان وانتظرت في الشارع مرور الاتوبيس . وكان الثلج الذي سقط في نهاية تشرين الثاني قد ذاب وترك الارض متجمده وعارية في الايام الاولى لشهر كانون الاول .
كانت عطلة نهاية الاسبوع بالنسبة لها فترات راحة هادئة بصورة عامة , يتخللها قضاء الامسيات مع صديقات او الخروج احيانا لحضور ليلة ساهرة .
شعرت جوان بالضياع والكآبة وسط ازدحام السير في شيكاغو وكانت تعرف السبب . انه ملاحظة بردنت ليون الاخيرة اللامبالية .
لقد علمت بعد ان تخرجت من معهد السكرتاريا كطابعة في شركة تأمين كبيرة لفترة 9 اشهر . ثم قرأت اعلانا في صحيفة يطلبون فنية سكرتيرة خاصة . في مثل هذا اليوم منذ 3 سنوات
ذهبت جوان الى شركة ليون للمقاولات وقدمت طلبها وهناك قابلت كاي التي ذهبت تطلب وظيفة في قسم الكومبيوتر اعلن عنها في الصحف .
اتصلوا بها بعد يومين وطلبوا منها المجيء لإجراء مقابلة . كان براندت ليون في ذلك اليوم يقلب في خزانة الملفات اياها . لم يضع وقته في الرسميات بل اخبرها عن الملف الذي يبحث عنه وطلب منها العثور عليه . لم تتطلب منها معرفة طريقة الترتيب اكثر من دقائق معدودة وقدمت له الملف المطلوب .
كان برادنت ليون يجري مخابرة دولية مع شخص ما في ذلك الوقت فتوقف عن الحديث ليشكرها ويطلب منها فنجان قهوة . وبعد ان فعلت ذلك انتظرت بقلق في المكتب الخارجي .
وقد استغربت ان يكون مديرها المحتمل شابا اذ بدا انه في اول الـ 30 من عمره , ولكنها لشعرت بالارتياح اذ رأته ينجز الاعمال بشكل رائع , مما جعل جوان تبتسم عندما تذكرت مسحة الغضب التي ظهرت على وجهه الصارم عندما لم تستطع العثور على الملف الذي يريده في الخزانة .
وعندما دخل المكتب لاجراء المقابلة اتلفتها نظرة التقييم في عينيه الزرقاوين . تساءلت فيما اذا كان من النوع الذي يلاحق سكرتيرته حول المكتب طوال الوقت .
قال لها :
- كنت ابحث عن فتاة اكبر سنا واكثر خبرة منك .
تذكرت جوان كيف تسارعت دقات قلبها عندما سمعت كلماته الهادئة والثابته .كان صوته من النوع الذي يجبر الناس ان تنصت اليه وانتصبت جوان في جلستها بشكل لا ارادي . وردت عليه بكل هدوء واتزان :
- اشعر اني كفؤة جدا لهذه الوظيفة .
فأومأ براسه واستدار مبتعدا وهو يقول :
- حسنا .سنرى ما يمكنك القيام به .
كانت متاكده انه سيرفض توظيفها ولم يخطر لها ان كلامه كان يعني قبولها في الوظيفة .
- هل تعني اني حصلت على العمل ؟
فأجابها ليون براندت بنفاذ صبر:
- لقد تقدمت بطلب لهذه الوظيفة , اليس كذلك ؟
هزت رأسها موافقة :
- حسنا , لقد حصلت عليها , يمكنك البدء من الان .
افترضت في البداية انه اتخذ قرارا سريعا بسبب حاجته لن يوظف سكرتيرة بديلة لأن التي كانت مكانها اصيبت بحادث سيارة .
لكن جوان علمت تدريجا من خلال ثرثرة الموظفين انه استعلم تماما عن خلفيتها قبل ان يطلبها للمقابلة . كانت تعتقد في سرها قدرتها على سير غور نظام السجلات فورا كانت المفتاح الذي ادى الى حصولها على الوظيفة .
لقد توظفت كاي قبلها بيوم واحد , ولكنها كانتا موظفتين جديدتين في شركة ليون تصادقتا على الرغم من اختلاف وظيفة الواحده على الاخرى , وبعد عدة اشهر انتقلتا للعيش معا في شقة واحده .
سلمت جوان في الاشهر الاولى من علمها الجديد بانها اعجبت جدا بمديرها فهو رجل نادر مفعم بالحيوية لا يصدر منه أي ازعاج . وهو يعالج أي مشكلة او عقبة تعترضه بهدوء .
واسم عائلته مطابق لصفاته التي تضاهي صفات الاسد , فهو يشير فقط الى قدرته وقوته ولا يستعملها الا عند الحاجه . ومما زاد في هذا الشبه قسمات وجهه الصارمه التي لم تعطه وسامة فقط بل جعلته موهوبا .
املت في سرها منذ البداية ان يلتفت اليها كامرأة ولكنهم لم يكن بينهم الا العمل فقط . كانت مدركة بوعي شديد تأثير صباها عليه وحاولت جهدها ان لا تستغل ذلك .
كانت خزانتها ملأى بالقمصان والتنانير عندما بدأت العمل فاستبدلت ذلك تدريجيا ببذلات عمل انيقة ولكنها لا تلفت للنظر .
كما توقفت عن ربط شعرها الذهبي العنبري الطويل بالمنديل خلف رقبتها واصبحت تلفه لفا يجعل لونه اغمق . وقد ساعدت حاجتها الى وضع نظارات طبية في استكمالها هيبة السكريتيرة العملية المتزمته .
كانت حذره في مخاطبته لنها ادركت انجذابها اليه ولم تكن تريد ان يعرف ذلك .
كان معظم الموظفين ينادون رئيسهم بالاسم الاول فقط . ولكن جوان كانت تخاف ان يكتشف احد اعجابها السري به اذا رفعت الكلفة بينهما .
ان المحافظة على حب بالسر يمكن ان يستمر لفترة ما ولكن عدم تجاوب الطرف الاخر يجعل موت هذا الحب امرا محتوما . وقد عجل عدم اهتمام براندت ليون الكلي بها خارج نطاق العمل في المكتب موت هذا الحب .
وشكرت جوان الجانب العقلي من شخصيتها الذي منعها من البوح بعواطفها الدفينه لأي شخص . وحتى لزميلتها في السكن التي كانت تعليقاتها الساخرة شديدة القرب من الحقيقة .
اما الآن . فلم تبق جوان من عواطفها تجاه مديرها الا التقدير والاحترام ومع ذلك فهي لاتزال حساسه جدا تجاه اللامبالاة . فهي في قرارة نفسها ترغب بان ينظر اليها كامرأة لا كسكرتيرة مخلصة عندها القدرة على التعامل مع نظام الملفات الذي كان يجده شديد التعقيد .
توقف الاتوبيس عند الزاوية القريبة من شقتها فشقت طريقها بين الركاب لتترجل من الباب الجانبي . ظلت الريح تطاردها حتى المبني الذي تقطن به وكانت برودتها تحاول ان تخترق الشال الملفوف حول عنقها .
وعدنما اصبحت في الداخل تجاوزت المصاعد وصعدت الدرج الى الطابق الثاني حيث شقتها التي تسكنها مع كاي .
كانت الغرفتان مفروشتين بأغراض لم يكن اهل الفتاتين بحاجه اليها . انها خليط عجيب من عدة انواع من الكنبات .
وهناك موقد ابيض اللون وبراد بلون النحاس قد زاد تنافر مفروشات الشقة . اما المغسلة فتشغل زاوية مقابل الغرفة الامامية وقد جهزت الغرفة الخفية من شقتها لتكون غرفة النوم التي تحتوي على سريرين وقد الحق بها الحمام .
نزعت جوان عنها معطف الشتاء الثقيل ورمته في خزانة الثياب المليئة ثم خلعت سترتها واللقت بها على السرير ذي الاغطية الوردية اللون .
عادت متباطئة الى المطبخ , حاولت ان تستجمع حماسها للسهرة التي ستمضيها مع شقيق جون فيما كانت تحضر القهوة.
وعلى الرغم من انها كانت ترعف انها تغلب على مشاعرها نحو براندت ليون ادركت جوان انها ستقارنه بأيد توماس فهي خلال السنوات الـ3 الماضية لم تقابل رجلا يضاهي براندت ليون .
لم تكن تعرفت على الكثير من الرجال حتى تقارنهم به . فهي لم تكن ابدا امراة اجتماعية حتى عندما كانت في المدرسه كانت بصورة عامة اطول من معظم الصبيان الذين كانوا في عمرها .
واكتشفت عندما تخرجت من المدرسة انه ليس سهلا كما ظنت ان تتعرف الى الرجال العزاب . لم تكن تشعر بالراحة للسهر مع بقية الفتيات للتعرف على رجل مناسب ولهذا السبب كانت تمضي معظم امسياتها في البيت .
وكان معظم الرجال الذين يعملون معها في المكتب متزوجين ولم تهتم لبقية زملائها العزاب بالاضافة الى انها اكتشفت ان مركزها كسكرتيرة لبراندت كان عقبة , فكان زملاؤها يلاحقونها او يتجنبونها فقط لقربها من رئيس الشركة .
نظرت جوان مطولا الى الكتاب المفتوح الملقي على الطاولة بجانب الكنبة وهي تعرف انها لن تتجرأ على التقاطه واكمال قراءته لأنها ستندمج كليا بالقراءة وتنسى الاحساس بالوقت ولن تكون جاهزة عندما تعود كاي .
تنهدت ثم ضحكت وتردد صوت ضحكتها في ارجاء الغرفة .
وبخت نفسها بصوت عال :
- كيف وصلت الامور الى درجة ان اجد في قراءة قصة متعه اكثر من حياتي العاطفية .
دخلت بتصميم غرفة الحمام وادارت حنفية لملء المغطس ثم اخذت من خزانة الثياب بذلة حريرية بلون القهوة ووضعتها على السرير .ارتدي ملابس مغرية . هذا ما قالته كاي . وستبذل جوان افضل ما عندها لتنفذ هذا الامر .
بعد خروجها من الحمام جلست على الكنبة المخملية الزرقاء ووضعت فنجان القهوة على الطاولة بجانبها واخذت تنزع الدبابيس التي تربط شعرها .
وانسدل شعرها الذهب السائل على كتفيها تحت ضوء المصباح .
ذكر والدها مرة ان طول شعرها هو الشيء الوحيد غير العملي عندها . كانت تشعر دائما بانوثتها عندما يكون شعرها منسدلا على كتفيها . كان يمكن لتسريحة شعر قصيرة ان تكون مريحة اكثر
ولكنها لم تستطع ان تستجمع شجاعة كافية كي تقصه . فقط عندما يكون طويلا يمكن للون النحاسي ان يظهر على حقيقته .
عندما وصلت كاي مع جون وشقيقه سرت لأن جوان بدت بمظهر رائع ملفت للانظار . حتى ان جوان اطال النظر اليها وهو الذي اعتاد رؤيتها بسراويل الجينز والقمصان .
امسك ايد يدها وعيناه تجيلان النظر في وجه جوان :
- كاي لم تخبرني ابدا ان صديقتك شقراء .
وجدت جوان ان ايد يشبه اخاه بشعره البني الخفيف وببنية عظامه ولكنه كان اطول منه بقليل . ومع ذلك كان وجه جون يعطي اطباعا بالرقة والتفهم بينما كانت تعابير وجه اخيه توحي بالغرور فانتابها شعور بعدم المبالاة , لكنها مالبثت ان انبت نفسها على لامبالاتها وقد لفت نظرها اللمعان الجميل في عينيه .
تعلمت منذ ان ترعفت على ريك مالفيل ,وهو نوع الرجل الذئب ان تكون حذره , فهذا النوع من الرجال يكون تعبيرهم الصريح عن الاعجاب واطلاق الثناء والمديح وسيلة لتحطيم دفاعات المرأة .
استطاعت جوان ان ترسم بسمه على وجهها وسحبت يدها من يده :
- هل تمتعت برحلة الطيران ... يا ايد ؟
تلعثمت وهي تنطق اسمه وتناولت معطف الفرو الصناعي الابيض الذي جلبته لها كاي .
بادر ايد بسرعه الى مساعدتها بارتداء المعطف وما ان اصبح على كتفيها حتى شد عليهما بلطف
- فقد وصلت على الوقت , وهذا يكفي لتكون رحلة رائعة . لقد طلبت من جون ان يحجز لنا في افضل مطعم في هذه المنطقة وربما يتسنى لنا ان تحتفل بامور ابعد من خطوبتهما .
تكلم جون بطريقة اوحت بالاقتراح لا بالطلب .
- من الافضل لنا ان نذهب قبل ان نتأخر سيلقى الحجز اذا لم نصول على الوقت .
كان من الطبيعي ان يقود جون السيارة لأنه على معرفة بطرقات المنطقة وجلست كاي الى جانبه في القعد الامامي فلم يبق لجوان الا ان تاجلس في المقعد الخلفي بمفردها مع ايد , وقد اكتشفت انه لا حاجة لها لتتكلم لأنه كان مستعدا ان يتحمل عبء الحديث بمفرده .
وجدت جوان انه ليس مضجرا . لقد استطاع ان يجذب اهتمامها مثل ريك ما نفيل , ولكن الخبرة الكافية التي اكتسبتها من ريك منعتها من الضعف في مواجهة اهتمام ايد الكامل بها .
استطاع ايد ان يشرك اخاه في احاديث طويله وهو الذي عرف عنه بصورة عامة قلة الكلام , كما استطاع ان يجعل كاي وجوان تضحكان عندما سرد قصصا عن طفولته وطفولة جون .
انتقل الجميع بعد الانتهاء من الاكل في المطعم الى قاعة المشرب حيث الجو اكثر حميمية والحديث اقل خصبا .
عندما انتصف الليل اقترح جوان ان يتركا المكان . كانت جوان تبتسم برضى وهي غير قادرة على ان تتذكر متى تمتعت بسهرة مثل هذه .
ولكنها ما تزال غير واثقة اجمالا برفيق سهرتها المغازل وع ذلك فقد شعرت بالغيظة لأنها كانت محور اهتمامه .
لم تلاحظ جوان المرأة والرجل الذين كانا يرقصان على الحلبة الا عندما توقفت لتغادر , لفت انتباهها اولا الشقراء الناعمة في الثوب الوردي وكانت تمثل كل ما كانت جوان ترغب به من اناقة وانوثة .
ثم لاحظت الرجل الذي كان ممسكا بها بين ذراعيو . كان براندت وخطوط فمه القاسية ترسم ابتسامه فشعرت بألم مفاجئ في معدتها .
كانت دائما تعرف ان هنالك نساء اخريات في حياته . ومن المؤكد ان رجلا مثله سيلتف حوله النساء , في بعض المناسبات , رسائل هاتفية تؤكد ذلك , ولكنها لم تشاهده بصحبة امرأة ابدا .
وشاهدت في هذه اللحظة المراة وهي تضع رأسها على كتفه . اما هو فقد جال بنظره في الغرفة فيما كان يهمس في اذنها .
حدق الى جوان لجزء من الثانية . وانتظرت وهي منقطعة الانفاس ايماءة تشير الى انه راها قبل ان يحول انتباهه الى المراة الاخرى .
جفلت لنها ادركن ان رئيسها لم ينتبه لوجودها وعضت على شفتها بقسوة . ارتسمت على وجهها ابتسامة حزينة وهي تتساءل كيف ستكون ردة فعله لو تقدمت منه وعرفت عن نفسها .
هل سيبدل رأيه بسكرتيرته القديرة او سيظل بذلك مقدرتها على ان تكون جذابة ؟
في هذه الاثناء احاط ايد كتفيها بذراعه وهو يحثها نحو الباب للخروج , اخرجتها لمسته من عالم الخيال واعادتها الى الواقع .
لقد انتهى حبها لبراندت منذ وقت طويل ويجب عليها ان تنتهي هذه التوقعات الغبية . والحقيقة هي انه حتى لو نظر اليها فجأة كامراة فلن يكون باستطاعتها ان تنافس هذه الشقراء التي بين ذراعيه .
ان التفكير الدائم بشخص بعيد المنال هو مضيعة للوقت . لذلك ازاحت جوان جانبا الاحلام العاطفية واستبدلتها بالجانب العملي الاقوى في شخصيتها.
قبلت ان ايد توماس رجل لطيف , وفي الواقع الطف مما توقعت . فقد حان الوقت كي تكف عن مقارنة كل رجل تعرفه ببراندت ليون , فالرجال هم افراد كل له شخصيته ويجب ان تبدأ بالنظر اليهم هكذا وتكف عن وضعهم ضمن خانات معنية .
الافتتان امر يحدث للمراهقات ولكنها اصبحت الآن اكبر سنا ومن المفترض ان تكون اكثر حكمة .




عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:12 AM   #3

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2- تناديـــه خائفــــه !

سخرت كاي من جوان لأنها أقسمت لن تكرم أيد طوال فترة نهاية الأسبوع .
لأن الأمر أنتهى بها في الواقع إلى مرافقته ليل الأحد إلى المطار لتوديعه .
قد أكتشفت أنها كانت تحتاج لرؤية براندت ليون مع امرأة أخرى كي تستطيع أن تقتل آخر
ماتبقى من الأفتتان به .كان أبد على استعداد كامل ليملأ هذا الفراغ .
كانت جوان ما تزال تعتقد أن أيد رجل لعوب نوعاً ما .
ولكنها أصيبت بالدهشة عندما أرسل لها أزهار في اليوم التالي .
كما أنه طلبها على الهاتف يوم الاربعاء من مدينة كليفلاند ،
حتى أنه خطط للعودة إلى شيكاغو في نهاية الأسبوع الذي يسبق عطلة عيد الميلاد .
كان من الواضح أنها أثرت به ، وهذا الأمر جعلها تمتلئ ثقة بنفسها .
نظرت من خلال نافذة مكتبها إلى تدف الثلج التي تراثصها الريح الخفيفة .
ظهر أن البياض سيغطي كل شيء في نهاية الأسبوع وأخذت جوان تضع في رأسها خططاً
للعطلة في اليوم التالي . كانت ستذهب مع كاي لشراء ماتبقى من هدايا عيد الميلاد ، وقد فكرت أن تخص أيد بهدية صغيرة .
رن الجرس الموصل إلى مكتبها آمراً وسمعت صوت براندت ليون الاجس في المذياع .
- أجلبي لي يا آنسة سومرز لوائح أرقام مستشفى دانفيل التي تركها جنسن معك .
استجابت جوان فوراً ، وأغلقت الجهاز ونهضت من مكتبها :
- حالاً يا سيدي .
ماكادت تصل إلى خزانة الملفات حتى رن جرس الجهاز مرة أخرى.
- أطلبي لي لايل باينز . يظهر أن هناك خطأ في أرقام مناقصة المستشفى .
أريد أن أراجعها معه قبل أن نقدمها .
اختفت لحظات التكاسل عندما وجدت جوان نفسها في أول ساعة من العمل تنتقل ما بين خزانة الملفات وغرفة براندت ليون .
لقد اكتشفت خطأ في حسابات مناقصة بناء المستشفى وأصبح من الضروري مراجعة كل رقم أكثر من مرة .
عند الظهيرة أطلت كاي برأسها من الباب وسألت جوان إذا كانت ستتناول طعام الغداء ، فنظرت جوان نحو باب غرفة المدير المغلق وكشرت :
- أشك بأنهم يعلمون كم هو الوقت الآن ، اجلبي لي معك سندويشاً .
ابتسمت كاي :
- أشك بأنهم نظروا إلى الخارج أيضاً . فهنالك بوادر عاصفة ثلجية قوية .
من الافضل أن تضعي عصفوراً على كتف المدير كي يخبره أنه يجب أن يسمح لنا بال1هاب إلى البيت باكراً.
لوحت كاي بيدها مودعة وأغلقت الباب وراءها .
نظرت جوان من خلال نافذتها ورأت أن تساقط الثلج الخفيف قد تحول إلى غيمة متواصلة من الثلج المدفوع برياح قوية .
فالتقطت سماعة الهاتف واتصلت بمكتب الأحوال الجوية .
أجابها المتحدث على الطرف الآخر أنهم يتوقعون عاصفة قوية وتساقط ثلج كثيف ،
وعلمت من مخابرة هاتفية أخرى أن بعض الشوارع الجانبية أصبحت غير سالكة وأن السلطات المحلية نصحت بإغلاق المكاتب والمحلات باكراً .
قرعت جوان على باب المكتب الخاص بالمدير مرة واحدة ودخلت .
كان براندت ليون منكباً فوق مكتبه وقد ألقى بسترة بذلته البنية على كرسي جانبي .
كانت أزرار قميصه الأبيض العليا مفتوحة ، وكما القميص مرفوعين إلى الأعلى ،
كما كانت أصابع إحدى يديه تنتقل على مفاتيح الآلة الحاسبة فيما يده اليسرى تدون الأرقام الناتجة .
سألها دون أن يرفع رأسه الشبية برأس الأسد :
- ما الذي تريدينه يا آنسة سومرز ؟
- أظن أننا في خضم عاصفة ثلجية يا سيدي ، وقد نصحت السلطات بإغلاق كل أماكن العمل غير الضرورية .
نظر لايل باينز الذي كان يجلس بجسمة الضخم إلى طاولة الرسم الهندسي إلى الخارج عندما سمع كلمات جوان .
وهتف وهو يحدق إلى العاصفة الثلجية خارج النافذة ( يا للهول ) ثم تمالك الرجل المسن نفسة ونظر إلى براندت ليون قائلاً :
- إنها عاصفة ثلجية من الدرجة الأولى يا براندت . أرجو أن لا يكون ذلك إشارة إلى ما سيكونه فصل الشتاء هذا .
أدار براندت ليون كرسية نحو النافذة ليتأكد بنفسه مما قالاه ،
وظهر من تقطيب جبينه العريض أنه غاص في تفكير عميق .
أضافت جوان بهدوء :
- لقد أصبحت بعض الشوارع الجانبية غير سالكة .
فحك ذقنه وفمه بأصابع يده القوية فيما كان يستدير نحوها .
كانت زرقة عينيه معززة بكثافة أهدابة البنية اللون وبقايا سمرة الصيف قد جذبت جوان مرة أخرى إلى القوة والكفاءة المرسومتين على قسمات وجهه المتنافرة .
أمرها قائلاً :
- أرسلي الجميع إلى بيوتهم .
ثم نقل اهتمامه نحو الرجل الجالس إلى طاولة الرسم :
- يجب أن ننتهي من هذا العمل خلال ساعة يا لايل .
- ليس هناك من سبب يدفعني لاستعجال الذهاب إلى البيت .لقد
ذهبت زوجتي عند ابنتنا في بيوريا . كنت سأذهب بالسيارة إلى هناك هذه الليلة .
ولم يعد ذلك ممكناً الآن والفضل في ذلك للثلج .
ابتسم براندت متفهماً ثم رفع حاجباً وسأل جوان :
- أستعلمين الجميع ؟
أومأت برأسها وتهيأت للذهاب : حالاً !
ولكنه ناداها وإمارات الندم مرتسمة على وجهه :
- آنسة سومرز ، أظن أني سأطلب منك البقاء كي تعيدي طباعة أوراق المناقصة عندما تنتهي منها وكي تزوديني الآن ببعض الملفات
التي تحويها خزانتك اللغز .
نظرت جوان إلى النافذة وهي تتساءل في نفسها إن كانت رحلات الأوتوبيس ستدوم في هذه العاصفة حتى ساعة خروجها من عملها ، ولم يكن من الممكن رفض طلبه .
- بالطبع سابقى .
سألها براندت وكأنه قرأ أفكارها :
- أنت تعودين إلى بالأوتوبيس ، أليس كذلك ؟
- نعم .
- لا تقلقي بالنسبة إلى العودة ،فسوف أقلك إلى البيت بعد أن تنتهي .
قال ذلك وانكب على العمل مجدداً .
أومأت جوان برأسها وهي تعرف أنه ليس هناك في عرضة هذا عرض أبعد
من المراعاة .شكرته وقد سرت لاستطاعتها التغلب على افتتانها السخيف به وتجاورت الحالة
التي كان يمكن فيها أن تبني آمالاً لا جدوى منها بمجرد التفكير أنه سيوصلها إلى بيتها .
خلا المبنى بسرعة من الموظفين عندما أنتشر الخبر بأن على الجميع المغادرة . وفي الساعة الواحدة والنصف أرسل براندت لايل بايتز إلى منزله .
اقتربت الساعة من الثالثة عندما انتهت جوان من طبعة أوراق مناقصة البناء المصححة .
كان يوقع على الأوراق فيما كانت جوان تغطي الآلة الكاتبة وترتب طاولة مكتبها .
ثم وضع الأوراق في مغلف .
قالت جوان وهي تشاهد برادنت ينظر من النافذة :
- لقد أصبحت العاصفة أسوأ ، أليس كذلك ؟
رمقها بطرف عينه وهي تعقد الشال حول رقبتها ، وكان وجهه متجهماً بجدية ولكنه لم يرد على سؤلها .
كان صمته صارخاً أكثر من أي رد كلامي .
ومع ذلك طمأنتها حيويته الصارمة بصورة غامضة .
سارا برشاقة عبر الممرات التي تفصل مكتبة الخاص عن الباب الأمامي للمبنى .
كادت قوة الرياح عندما خرجا تظرح جوان أرضاً ، فلف ذراعه حول خصرها كي يسندها وقادها بإتجاة موقف السيارات
المجاور . جعل تساقط الثلج الرؤية سيئة وقد أدركت جوان بحسها الغريزي قثط أنه يقودها نحو سيارته لكنه أنتفض فجأة وتوقف عن السير .
- هذا سخيف !
وفي لحظات أدارها وأخذها عائداً أدراجة إلى المبنى وقد أخذت أسنانه تصطك بسبب انخفاض درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر .
عندما أصبحا داخل المبنى ، ومن دون إرادة منها تلاقت نظراتها بنظراته الحادة وهو يقول لها :
- من الافضل أن تبقى هنا عوضاً عن أن نخاطر وتنقطع السيارة بنها .
على الأقل لدينا هنا الطعام والتدفئة والنور .
استمرت عيناه عالقتين بعينيها للحظة إضافية قبل أن تقطعها جوان وقد أصيبت بالحيرة والخجل .
أوضحت نشرة الأحوال الجوية أن العاصفة ستستمر حتى يوم السبت وكان ذلك يعني أنها وبراندت سيظلان معاً للأربع والعشرين ساعة القادمة
أو ربما أطول من ذلك .
جعلها المنطق السليم توافق فيما كانت تشعل أصابعها التي أرتجفت فجأة بحل عقدة الشال الملفوف حول عنقها .
- بالطبع أنت على حق . على الرغم من أنك تساءلت يوم تناولت وجبة مطعم الشركة إن كان ما تأكله حقاً طعاماً .
أبتسم بمكر :
- يظهر أن لا شيء يطيح بتوازنك سومرز . ولاحتى توقع أن تعلقي هنا طوال طوال عطلة نهاية الاسبوع مع رئيسك .
رأت جوان كيف يتحول وجهه إلى الإبتسام قبلاُ ، ولكنها نادراًُ أما كانت هي المتلقيه .
سرت الإثارة في عروقها مثل الزنبق ولكنها سرعان ما كبحت ذلك عندما تذكرت بأسى الشقراء الصغيرة .
فهي لاتستطيع الإدعاء لنفسها أنها تتطلع لتمضية عطلة الأسبوع حصرياً برفقته .
أن الشعور الوحيد الذي تفضل أن تكنه له هو الإحترام والتقدير .
أدركت جوان أنها لم تعد متمالكة نفسها بما فيه الكفاية . فآلاف المخاوف بداخلها كانت تطرق على أعصابها .
ثم هزت كتفيها وقالت :
- لا أحد منا مسؤول عن هذه العاصفة ، والتذمر من أشياء لا تستطيع تغييرها لا يجدي نفعاً .
فظهر نو ع من السرور في عينيه :
- هذا يعفيني من الإعتذار من عدم إرسالك إلى البيت باكراً .
ردت عليه بالطريقة ذاتها من المرح ولكنها ندمت فوراً لانزلاقها إلى ردود مثل الذي تبادلتها مع أيد الاسبوع الفائت .
- وهذا يعفيني تماماً من تذكيرك بأنك فعلت ذلك .
ابتعدت عنه بسرعة :
- أعذرني قليلاً كي أتصل بصديقتي قبل أن تبدأ بالقلق والتساؤل عن مكان وجودي .
شعرت جوان بنظراته تلاحقها وهي تهرول عبر الممر نحو مكتبها ،
وقالت في نفسها لم لا يكون متزوجاً وفي الخمسين من عمره ، أو يكون أصلعاً وذا بطن منتفخ عوض أن يكون بهذا السحر المغناطيسي ؟
أعادت تعليق معطفها ومشت نحو طاولتها وطلبت رقم هاتف شقتها .
فردت كاي عليها بعد ثانية من الرنين ، وسألتها بجزع :
- جوان ، أين أنت ؟
- ما أزال في المكتب .
- لقد أعتقدت أنك علقت في الثلج ، ألن يقلك المدير إلى البيت ؟
وبختها جوان :
- أفي هذه العاصفة ؟ سوف ننتهي مطمورين تحت الثلج .
- هل تعنين ..
توقفت كاي عن الكلام وكأن أفكارها بالإحتمالات ثم أكملت :
- إنكما عالقان في المكتب ؟ وبمفردكما ؟
وضعت جوان يدها على جبينها :
- أوه يا كاي ، هل تكفين عن جعل المسألة مأساوية ؟
كانت جوان تعاني من تخيلاتها من دون أن تضيف كاي عليها .
امتلأ صوت كاي بالضحك .
- أنتما الأثنين فقط عالقان هناك ،أليس كذلك ؟ وقد جمعتكما الأقدار وعوامل الطبيعة .
أمرتها جوان بسخط :
- هل تكفين عن ذلك ؟ إن السيد ليون هو رئيسي !
ضحكت كاي بصوت مرتفع :
- أراهن أنك لن تناديه بالسيد ليون غداً صباحاً .
- لأجل السماء ! إذا لاحظت الإهتمام الذي يغدقه عليّ السيد ليون ، أشك أنه يدرك حتى أنني من الجنس اللطيف .
بالنسبة له أنا سكرتيرة إدارية كفؤة فرض عليه القدر صحبتي ليوم واحد ، وهذا لن يجعله يكتشف فجأة أنني أنثى جذابة .
كانت انتفاضتها تذكيراً لنفسها أكثر منه هجوم على صديقتها :
- يجب أن أطبع بعض الرسائل الآن ، وسأعود إلى البيت حالما تصبح الطرق سالكة .
أقفلت جوان الخط من دون أن تنتظر رداً ، وقد أنقبضت أساريرها بفعل التشنج ،
شاهدت بعينيها الناظرتين إلى الأسفل السروال البني الذي يقف أمام طاولتها فاجتاحت وجهها موجات من اللون الأحمر القاني وهي
تنظر إلى وجه براندت ليون المتسلي ، وأردكت أن سمع كل ما قالته ، تحركت عضلات وجهه وانفرجت عن إبتسامة .
- إنه لأمر مريح أن تكتشف أنك من البشر يا آنسة سومرز .
قال ذلك بهدوء وعاد إلى مكتبة فيما كانت جوان ما تزال تبحث عن جواب .
لم يكن بها حاجة لمعرفة الوقت ، ولذلك تجاهلت النظر إلى ساعة يدها فيما كانت تقوم بطبع بعض الأوراق التي لم تنته منها خلال النهار .
لم يكن ليدها فكرة عما كان يفعله براندت داخل مكتبة الخاص ،
وهو على الأرجح كانينهي مثلها الأعمال العالقة . كانت تعود بالتفكير تكراراً إلى الحديث المشؤوم الذي تبادلته مع كاي .
أصبحت تشعر بعد الراحة أكثر فأكثر من احتمال مواجهه براندت فيما على الأرجح ماتزال كلماتها ترن في أذنيه ، فقد بدأ أنها صرخة للحصول على إهتمامه وجعلها ذلك ترغب بالهروب
والأختباء ، لم تسمع جوان الباب الموصل بين مكتبيهما يفتح لأنها كانت تضع سماعة آلة التسجيل على أذنيها ومنهمكة بالطباعة .
ولم يقطع شيء هذا الإيقاع إلا عندما أحست بيد تلامس كتفها ، جعلتها المفاجأة تضغط أصابعها بقوة على مفاتيح الأحرف .
أمال رأسه نحوها بفضول فيما كانت نظرته تتفحص النظرة الخائفة المرتدة التي ظهرت في عينيها وقد استدرات نحوه بحدة .
- لم أقصد أن أخيفك يا آنسة سومرز .
- لقد أجفلتني ، هذا كل ما في الأمر .
- إني أشعر بالجوع وقد فكرت أنه ربما يمكنك أن ترشديني إلى أفضل ما يؤكل في المطعم .
أتمنى أن تأكلي معي يا آنسة سومرز .
كانت الطريقة الملتوية التي نطق بها أسمها بمثابة تنبية ساخر إلى أنه يدرك موقعها كرئيس و مرؤوس ، وخاصة بعد تصريحها الحاد .
أشاحت جوان بعينيها عن قسمات وجهه القاسية وتطلعت إلى ساعة يدها بعصبيه . لقد أصبحت السابعة والنصف مساءً . ولم تستطع إلا أن تتمنى لو يمضي باقي الوقت بمثل هذه السرعة
استعادت جوان ثبات صوتها ولهجتها الرسمية كي تؤكد على العاقة الرسمية المهنيه بينهما والتي أرادت في يوم ما أن تغيرها .
تراجع براندت قليلاً وانتظرها لتنتهي من ترتيب أوراقها وتنضم إليه ، حاولت أ نترخي عضلاتها فيما كانت تتقدمه في الممر الذي يوصل إلى المطعم وقد أبقت رأسها منتصباً بصورة غير طبيعية
وكأنها تريد إفهامه أنها لا تحتاج إلى إهتمامه .
كانت ردودها مقتضبة عندما حاول تبادل أحاديث قصيرة عن وجبة السندويش المتواضعة التي كانا يتناولانها .
سرت جوان عندما لاذ أخيراً بالصمت ، ولكن عندما رفعت نظرها إليه واكتشفت أن هيراقبها ، زحفت إلى نظرها مسحه من الحذر فأشاحت نظرها عنه .
انطلق صوته الرنان كاسراً حاجز الصمت .
- أتعلمين أنها غلطتك ؟
لم يكن ضرورياً أن تسأله عما يعني لأنها كانت تعرف ولكنها سألته بعد أن ظهر وكأنه قد تناسى سؤاله :
- وماهي ؟
أجابها براندت وهو يسند ظهره إلى الكرسي بسهولة لا تسطيع هي القيام بها .
- بصراحة ، أنت لا تحاولين أبداُ أن تلفتي الإنتباه إليك .
فلعبت أصابعها بإحدى رقائق البطاطا وأضاف اللون الأحمر الذي اعتلى وجنتيها بريقاً على وجهها:
- لم أقصد عدم الإحتراك عندما كنت أتكلم على الهاتف . أنا في الحقيقة لا أتوقع أي معاملة خاصة لأني أقوم بعملي ، أقصد أني أقبض راتباً مقابل هذا العمل .
- كم تبغلين من العمر ؟
أجابته وبدأ كأن اللقمة الأخيرة من الساندويش ق دعلقت في حلقها :
- ثلاثة وعشرين سنة .
- منذ متى وأنت تعملين عندي ؟
- منذ ثلاث سنوات .
رفع حاجبيه مندهشاً :
- أكنت تعملين عندي كل هذه المدة ؟ لقد تآلفت بصورة جيدة مع العمل .
- وهذا ما يفترض أن تكون عليه السكرتيرة الجيدة .
أجابها بلطافة :
- ليس من المستحب أن نقدر جهود الأشخاص بعد أن يتركوا العمل ، وهذا ما يجعل استغلالك صعباً الآن .
- ماذا تقول ؟
أنطلق السؤال من فمها عفوياً وتلون وجهها بالإحمرار الشديد .
انقبضت أساريره وقال :
- كنت سأسألك أن تكتبي بعض الرسائل هذه الليلة ، فليس هناك من أمر نفعله لتمضية هذه الساعات إلا بالعمل .
وهذا الوقت مناسب لاستلحاق بعض المراسلات التي كنت اؤجلها مؤخراً .
- بالطبع سأفعل . وإذا لم يكن لدي ما أقوم به . فسأبحث وأجد شيئاً أفعله .
كنت سأنجز ما سجل على الأشرطة قبل أن نأكل .
استغلت جوان هذا الغرض لتضع حداً لحديثهما المزعج وأسرعت لرفع ما تبقى من الطعام عن الطاولة .
كانت الساعة تشير إلى العائرة عندما توقف براندت في منتصف جملة كان يمليها عليها ، فيما تابع قلم جوان تسارعه على الورقة حتى دونت آخر كلمة أملاها عليها .
علق براندت وهو يدير كرسيه كي ينظ إليها :
- لماذا لم تطلبي مني التوقف قبلاً ؟
ردت عليه وهي تثني أصابعها المتشنجه وترخي قبضتها عن القلم :
- لم أجد ذلك ضرورياً .
- أعتقد أننا بسبب قوة الرياح التي نسمعها سيكون لدينها كل نهار الغد لننهي ما يجب إنجازه ، يكفي ما قمنها به هذه الليلة .
حانت اللحظة التي كانت جوان تخشاها طوال هذه الفترة . فلم تكن بحاجة إلى من يذكرها أن المبنى بأكمله لا يحتوي إلا على كنبة واحدة موجودة في مكتب براندت ليون .
كانت تعرف بصوره لا واعية أنه لطباعة الكريمه سيعرض عليها أن تنام على تلك الكنبة ، ولكنها لم تستطع أن تقرر إن كانت ستصر أن يستعملها هو أم لا .
وقد أدركت أنها في كلتا الحالتين لن يغمض لها جفن .
سألها براندت :
- هل أصبحت جاهزة للمناقشة .
- أية مناقشة ؟
جابهها بالرد :
- حول أي منا سينام على الكنبة الوحيدة الموجودة في المبنى
أعرف أن كل منا يستطيع النوم على كرسي وهكذا تحل المشكلة .
ولكن أمب لن تغفر لي أبداً إذا ل مأصر على أن تستعملي الكنبة .
رفعت جوان يديها إشارة إعتراضها :
- حقاً ، أنا لا .
أخرس صوته الهادئ والنافذ بقية كلماتها .
- بلى ،أنت تستطيعين وستفعلين . هذا أمر من مديرك ، والسكرتيرة الجيدة تنفذ الأوامر .
أوحت لكاته بشيء من السخرية ولكن نبرة صوته كانت خالية من ذلك ، فانتزعت جوان نظارتها لأنها وجدت صعوبة في رؤية وجهه
بوضوح في تلك المسافة بينهما . وتفحصت عينيه الزرقاوين لتعرف إن كان يتمتع بتضعضعها الذي جعل وجهها يتموج بمختلف الألوان .
أجبرتها نظراته المركزة على الإشاحة بنظرها من دون أن تستطيع الرد عليه .
انطلقت من شفتيها همسة الموافقة بتردد :
- إذا كنت تصر على ذلك يا سيد ليون .
- أنا أصر على ذلك يا آنسة سومرز .
أمسكت أصابعة القوية بذراعي الكرسي ليستند إليها وانتصب واقفاً ولوى متفيه وكأنه هو أيضاً يشعر بالإجهاد من العمل في اليوم الطويل ،
فأخذت تتفحص جسمه المتناسق و تبينت أن طولة الفارع يخدع الناظر إلى صدره العريض إذ لا يبديه بارزاً على حقيقته .
كان براندت ليون يمضي الساعات الطويلة داخل مكتبة خلال أشهر الصيف ، وكان يمضي الساعات الطويلة خارج المكتب منتقلاً بين مشاريعه ، ولم تخفف أشهر الشتاء الطويلة من السمرة التي أكتسبها
خلال تلك الساعات التي أمضاها تحت أشعة الشمس .
كان وجهه مطبوعاً بالكبرياء والتسلط ومؤتراً للغاية مثل قسوة النسر الثاقبة .
أدار رأسه نحوها وكأنه شعر بنظراتها ورفع أحد حاجبيه . شعرت بنبضها يتسارع بصورة غريبة بفعل وقع نظراته المزعجة ، ولتغطية ارتباكها أخذت تقلب صفحات دفتر الأختزال .
- ماذا تفعلين يا آنسة سومرز ؟
أبتلعت ريقها بصعوبة وشعرت بالتشنج في حلقها .
- إني أراجع هذه الرسائل لأتذكر محتوياتها .
حرك يده في الهواء وكأنه يصرفها :
- دعي ذلك إلى الصباح ، وإذا وجدت صعوبة في فك شيفرة الأختزال أطلبي مني الحل .
ثم أنت تعلمين أنه لا يمكنك قراءة هذه المذكرات من دون أن تضعي نظاراتك الملقاة على حضنك .
انتفضت جوان وأغلقت الدفتر بحدة فيما كانت موجة من الحرارة
تخضب وجهها . وبسبب حركتها الفجائية طار القلم من يديها عبر الغرفة واستقر عند قدمية .
مشت نحوه لتسترجع القلم من يده الممدودة إليها وكأنها تلميذة في المدرسة . ولم تكن قادرة على النظر إلى عينيه اللتين أدركت أن الضحكة تملؤهما .
رن جرس الهاتف فيما كانت تتجه نحو الباب الموصل إلى الغرفة الأخرى .
فقال لها وفي نبرة صوته سخرية واضحة :
- سأرد على الهاتف بنفسي يا آنسة سومرز .
لم يغلق الباب الموصل بين الغرفتين تماماً بعد أن خرجت جوان منه ، فانساب إليها صوته بوضوح من الغرفة المجاورة لعدم وجود أي أصوات أخرى في المبنى .
تغيرت نبرة صوته بطف وأصبحت أكثر حميمة بعد أن تبادل مع المتكلم تحيات حارة :
- كان يجب أن أردك أنني لن أستطيع الإلتزام بموعدنا الليلة يا أنجيلا ، وكنت أفضل أن أكون عالقاً في شقتك في عطلة الأسبوع هذه .
تراقصت صورة الشقراء الصغيرة في مخيلة جوان فوراُ فأحست بعضلات معدتها تتقلص . لاحظت في ضحكته الناعمه التي تلت توقفه عن الكلام شيئاً من الإغواء .
فمشت برشاقة نحو الباب وأغلقته بإحكام قبل أن تستلم لآلآم الغيرة .
شغلت نفسها بتنظيف أطباق السجائر وإعادة ترتيب طاولتها مراراً حتى شاهدت ضوء جهاز الهاتف ينطفئ معلناًُ إنتهاء المحادثة التي كان يقوم بها براندت.
وبعد ثوان فتح الباب ودخل براندت ليون .
قال لها وهو يلوّح بيده ساخراً :
- إن مكتبي هو مكتبك يا آنسة سومرز . ولكن لا يوجد على الكنبة أية مخدة ، لذا يمكنك أن تستعملي معطفك عوضاً عنها .
هزّت رأسها بخجل علامة الموافقة . ثم دارت حول طاولتها نحو علاقة الثياب والتقطت معطفها الطويل المصنوع من الفرو الإصطناعي ولفته أمامها وكأنه درع على صدرها .
وأردكت وهي تقوم بذلك أن حركتها هذه سخيفة لأن براندت ليون أوضح لها أن ليس هنالك من سبب لتحمي نفسها منه .
عندما وصلت إلى الباب المفتوح نظرت خلفها فتلاقت نظرات عينيها البنيتين مع نظراته للحظة ثم اتجه نحو طاولتها ليلقي قامته الطويلة على الكرسي المخصص للزائرين .
- ليلة سعيدة يا آنسة سومرز .
قاللها ذلك بجدية وكأنه يكبح أي جدال يمكن أن يتكون في عقلها حول من سينام على الكنبة .
ردت عليه جوان بصوت خاو : ليلة سعيدة .
أغلقت الباب وراءها ومشت بتردد نحو الكنبة الجلدية الطويلة .
أخذت نفساًُ عميقاً وطوت معطفها ووضعته على طرف الكنبة وخلعت حذاءها ثم خلعت سترتها الزيتية اللون وعلقتها عىل كرسي ثم أنتزعت الدبابيس التي كانت تعقص ضفائر شعرها ،
وأخذت تتثاءب لكثرة الإجهاد.
أملت أن يكون هذا التثاؤب إلى أن النوم لن يجافيها ، فأطفأت نور الصباح الجانبي وغرقت الغرفة في ظلام دامس ثم تحسست طريقها إلى الكنبة واستقلت عليها .
أطبق عليها الظلام وخلو المبنى من أي شخص ما عدا الرجل القابع في المكتب الخارجي .
بدا أن صوت الرياح أصبح أكثر صخباً من قبل وقد اكنت تصب ضراوتها على زجاج النافذة . سمعت الصرير العالي للكرسي الموجود في مكتبها وتكهنت بأن براندت يحاول أن يستقر عليه في وضع مريح .
مضت ساعة قبل أن يخف تنبهها ويزحف النوم ببطء ليها ، ومع ذلك لم ترتح لأن كابوساً استولى على عقلها الباطن .
رأت نفسها وهي متعلقة بذراع أيد توماس تتوسل إليه أن لا يعيدها ، كان هناك أسد يزأر في خلفية المشهد ، ولكن أيد أصر على أ ن يأخذ الأسد حصته منها ثم دفها باتجاه وحش الإدغال غير المرئي .
انقض عليها مخلب كبير من الظلام وأرجعها إلى الوراء عندما حاولت الهروب .
أصاب حجم الأسد الكبير جوان بالخوف حتى أخذت ترتجف .
وكان الأسد يتجاهلها مادامت بين مخالبة ولكن ما إن تحول التسلل هاربة حتى يظهر ويسحبها إلى الوراء .
ارتعشت جوان بقوة مخافة أن لا تستيطع أيداً الهروب من الأًسد الذي يقبض عليها بمخالب باردة مثل الجليد .
وبالرغم من أنها أقنعت نفسها بأن ذلك ليس أكثر من حلم ، لم تستطع التخلص من ذلك الشعور الفظيع بالبرودة .
أخيراً فتحت عينيها وحاولت أن تخترق بنظراتها الظلام الدامس
في الغرفة كي تركز نظرها على أي شيء يطمئنها على نهاية هذا الكابوس الرهيب البارد .
لمع الضوء الفوسفوري داخل ساعة يدها ، ولكن تخدر مفاصلها لازمها .
فارتعشت ثانية ولفت ذراعيها بإحكام حول وسطها .
وشعرت بالهواء البارد بعد أن أخذت نفساً عميقاً .
لمست الكنبة على سيبل التجربة ووجدت أن الجلد بادر كالصقيع .
لفت معطفها فوق كتفيها ونهضت . ومشت نحو الباب وكبست على زر النور ، فلم تضـأ الغرفة لأن العاصفة التي كانت ما تزال على ضراوتها
قطعت التيار الكهربائي .
فتحت الباب الموصل بين الغرفتين بسرعة وهمست برقة (سيد ليون )
وحاولت أن تقيس المسافة بين الباب وطاولتها في عقلها ، ثم نادته ثانية ( سيد ليون ) ولكن بصوت أكثر إرتفاعاً .
مدت يدها لتتفحص مسارها بإتجاه طاولة المكتب والكرسي ، فوجدته خالياً وأحست بحرارة خفيفة كانت قد بقيت به .
كادت تركض نحو الباب الموصل إلى الممر وهي تصرخ ( سيد ليون! ) واستمرت بوضع يدها على جدار الممر وهي تسير على أصابع قدميها في الظلام الدامس ( سيد ليون !)
ولم يرد عليها إلا صدى صوتها وصوت صرير الرياح الشمالية
تجرأت على المضي أكثر في الظلام وهي تحاول مقاومة الشعور الذي أنتابها . لقد أصبحت لوحدها تماماً في هذا المبنى .
( سيد ليون ) زحفت نبرة الخوف إلى صرختها . تساءلت بجنون أين يمكن أن يكون ؟
وصرخت ثانية وبصوت مرتفع جداً هذه المرة :
( سيد ليون ؟ براندت ؟ أين أنت ؟ براندت ؟)
وبينما هي تصيح سمرتها أشعة من الضوء إلى الجدار ، وأعماها الضوء تماماً مثلما فعل الظلام .
جاءها صوت براندت ليون الهادئ :
- لا داع للذعر يا آنسة سومرز ، أنا هنا أمامك .
تنفست جوان بتقطع ودافعت عن نفسها :
- لم أكن مذعوره أنا ..لم أكن أعرف أين مكانك . لقد ناديت وناديت ولكنك لم ترد علي .
قال لها بصوت جاف فيما كان يبعد أشعة المصباح اليدوي عن وجهها :
- إني متأكد أنك غير مذعورة . وأعتقد أن السير حافية القدمين في حرارة تبلغ الصفر هو ممارسة عادية .
انتبهت جوان فوراً إلى بلاط الغرفة البارد تحت قدميها اللتين ترتديان كلسات النايلون .
شعرت بالحرج وزحفت الحرارة إلى خديها ، وقالت :
- لم أستطع العثور على حذائي في الظلام .
ثم تساءلت إن كان قد سمع زلة لسانها عندما نادته بأسمه الأول فجزمت أنه سمع .
- لماذا لم ترد على صراخي عندما ناديتك ؟
أمسكت يده بمرفقها وحولها باتجاه المكاتب .
- لقد نزلت إلى القبو لأتحق من إنقطاع التيار . لا شك أن العاصفة قد قطعت أحد خطوط التوتر العالي .
أحكت جوان لف معطفها حول عنقها وهي تحاول تجاهل دفء يده الممسكة بها :
- لماذا تعطل جهاز التدفئة ؟ أقصد أن يعمل على الغاز وليس على الكهرباء .
أجابها عابساً :
- نعم ، ولكن لسوء الحظ أجهزة التحك بالحرارة والإشعال تعمل بالكهرباء وأخشى أن يزاداد الإنخفاض في درجة الحرارة . أنتظري هنا دقيقة .
اختفى النور في اللحظة التي خرج بها وأغلق الباب وراءة . بقيت جوان بمفردها في الممر المظلم وهي ترتعش ،
وشعرت بتخدر ساقيها من شدة البرد الذي أخذ يزحف من الأرض إلى قديمها ، ثم عاد النور ثانية .كانت أسنانها قد بدأت تصطك عندما سألته :
- ما الذي تفعله ؟
أمسكت يده ثانية بمرفقها فيما كانا يقطعان الخطوات الأخيرة نحو المكتب :
- كنت أفتح حنفيات الماء حتى لا يتجمد داخل الأنابيب .
شعرت بدفء أرض المكتب المفروشة بالسجاد مقارنة ببرودة بلاط الممر المالس .
لم يخفف قبضة يده عنها حتى أصبحا داخل مكتب براندت الخاص .
سارت جوان إلى الكنبة من دون مساعدة ، لأن الإنعكاس الجانبي للمصباح اليدوي المسلط على التسرة الجلدية الملقاة في الزاوية كان قد أضاءها .
سألته وهي تجلس على الصوفا الباردة وتلف سا قيها تحتها في محاولة لتدفئة قدميها .
- كم هو الوقت الآن ؟
- الساعة الواحدة والنصف تقريباً .
فارتجفت وغمرت جسمها أكثر داخل معطفها .
- فقط ؟ ستهبط الحرارة إلى ماتحت الصفر هنا قبل بزوغ الفجر بسبب تعطل التدفئة .
ساد الصمت العميق بعدها قالت ذلك . ثم سار براندت بتمهل نحو الكنبة وتوقف أمامها ونظر إلى وجهها بوقار .
قال بهدوء :
- نستطيع أن تدفئ أنفسنا . . معاً ، إنه الحل المنطقي الوحيد أمامنا .
قفز قلب جوان بين ضلوعها وهي تحدق إلى تعابير عينيه غير المقروءة .
حاولت جهدها أن تطرد مخاوفها وهي تفكر في كيفية قضاء الليلة بين ذراعية .
وأن تجعل ردة فعلها على اقتراحه طبيعية وعملية مثله .
ولكنها كانت في هذه اللحظة لا تنظر إليه كصاحب عملها بل كرجل جذاب جداً .
عندما استطاعت أخيراً أن تجد الكلمات لترد عليه خرج صوتها ضعيفاً مرتجفاً .
- باستطاعتنا استعمال معطفينا كغطاء .
ابتسم براندت ، وكان رد فعل جوان سبب هذه الإبتسامة .
- كنت أعرف أنني أستطيع الإعتماد عليك لتري الجانب العملي في اقتراحي .
مددت نفسها على الكنبة من دون وعي واحتضنت الوسادة الخلفية بكل طاقتها .
فيما أطفأ برادنت المصباح اليدوي . ثم بسط معطفه فوق ساقيها . حافظت جوان على جمودها بشدة فيما كان براندت يستلقي على طرف الصوفا .
غطاء معطفها جزئيا فقط ولكن ذلك زال عندما أحست بدفئة وهو يلتصق بها .
وضع يده حول خصرها ليقربها أكثر ... وهذا جعلها تشعر تماماً بعضلاته كلها .
كانت أنفاسة الدافئة تداعب خدها وأدركت جوان أنه يستطيع أن يشعر بنبضات قلبها السريعة كما كانت هي تشعر بدقات قلبه المنتظمة .
همس لها برقة :
- إن قدميك باردتان مثل الثلج .
أبعدت جوان قدميها عنه ، وقد أزعجها تعليقه الشخصي .
-أحست بفمه يتحرك وهو يقول :
- أتركي قدميك حيث هما ، فستدفأن بسرعة .
وبما أنه كان من المستحيل أن تجد متسعاً لقدميها بصورة لا تلمسه
بهما ، تركتهما جوان في وضعهما السابق وهي تتساءل إن كانت ستستطيع الإسترخاء كي تتمكن من النوم .


cooya likes this.

عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:13 AM   #4

opr

? العضوٌ??? » 109532
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 736
?  نُقآطِيْ » opr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond reputeopr has a reputation beyond repute
افتراضي

badi chof

opr غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:15 AM   #5

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3- حــب يخشى الضوء

خلال الليل تبدلت مواقعهما , فاستيقظت جوان لتجد رأسها مستنده على كتفه ووجهها مدفونا في ياقة معطفها . كانت ذراعاها تحيطان بخصر براندت فيما كانت يداه ملتفتين خلف ظهرها كي لا تقع عن الكنبة .
حاولت ان تترحرك لتصبح اقل التصاقا به لكن ذلك لم يؤد الا الى زيادة ضغط ذراعه . وعندما تحرك بجانبها حبست انفاسها .
قال برقة وبصوت اجش ناعس :
- من يستطيع ان ينهض من فراشه الدافئ في مثل هذا الصباح البارد ؟
وافقته جوان بانفاس متقطعه :
- نعم , و ... ولكن لا ... لا نستطيع البقاء هنا طوال النهار .
- لم لا ؟
واحست بأنتفاخ صدره وهو ياخذ نفسا عميقا ثم ارخى قبضته عنها
- انت على حق نحن لا نستطيع البقاء هنا طوال النهار .
حركت جوان نفسها للوراء كي تفسح له متسعا للنهوض فاخترق الهواء القارس الدفئ الذي تولد بينهما .
وفيما كان براندت ينهض من مضجعه قاومت جوان الرغبة في البقاء تحت معطفها الدافئ , لكن براندت ارجعها بدفعة من يده الى الكنبة عندما بدأت بالنهوض .
- لاتنهضي .ابقي مكانك وحافظي على دفئك قدر استطاعتك .
عبست وردت عليه :
- ما الذي تريد ان تفعله .
قرصة برودة الغرفة وجهها وانفها ولكن براندت بدا غير متاثر بها ووقف فوق راسها مرتديا سترته المجعده تجيط به هالة من الحيوية لم يكن من السهل تجاهلها .
رد عليها بصوت آمر :
- على ما اذكر يوجد في عنبر المعدات مدفأة .
نظرت جوان نحو النافذه وشاهدت الصقيع الابيض يغطي الزجاج وسمعت الرياح تزأر بغض في الخارج . لقد توقف تساقط الثلوج في الليل . ولكن هذه الرياح ما تزال تذرف الثلج وتجعل مجال الرؤية شبه مستحيل .
سألته بقلق :
- وهل سنخرج ؟
ابتسم لها متكاسلا , مما جعلها تتنفس بصعوبة :
- سأسير بجانب السياج الى العنبر , لن اضيع .
فكرت جوان يقلق . كلا انه لن يضيع , فالارجح ان يخرج براندت منتصرا حتى في صراع مع عوامل الطبيعه . ولكنها نشأت في شمال البلاد وكانت تعرف مدى خطورة المجازفة بالخروج خلال عاصفة بهذه القوة فلمعت اعماق عينيها البنفسجيتين من الخوف .
اختفت الابتسامه فورا عن وجه براندت وعاد اليه التصميم القاسي وقال لها باقتضاب :
- لا تدعي الاوهام تاخذك بعيدا , ساحتاج الى معطفي , وانت ستكتفين بلف معطفك حولك حتى اعود .
- من .. من الافضل ان تاخذ .. تاخذ هذا الشال .
تلعثمت جوان وهي تسحب يدها من تحت المعطف كي تزيح خصلات من شعرها كانت تغطي وجهها .
كان الشال الصوفي الرمادي بارزا من جيب معطفها . اخذخ براندت ثم مد يده ووضع اصبعا تحت اذنها ورفع وجهها .
- كفي عن القلق , سوف اعود قبل ان يتسنى لك ان تفقديني .
لم تطمئن جوان لكلامه , ففي اللحظة التي اغلق فيها باب المكتب وراءه تملكها احساس مخيف بالفقدان والهجر , فزادها هذا العور بالوحده والا نكماش داخل المعطف . مرت الدقائق ببطء واخذت تصغي بتركيز لأدنى صوت يشير الى عودته . راودتها نزوة بان تنهض وتنتظره عند الباب الخلفي للمبنى ولكن طبيعتها منعتها من القيام بذلك . بدات تشعر بالبرد يتسلل الى جسمها وهي ستقع فريسه البرد القارس اذا ابتعدت عن الكنبة لأن قدميها كانتا عاريتين .
بعد مرور 20 دقيقة سمعت جوان وقع خطواته في الممر الخارجي فأطبقت رموشها مع شعور بالفرح ولكن عينيها اتسعتا عندما دخل المكتب رجل ثلج يسير على قدميه .
اصبح سرواله كتلة من الثلج ولم يظهر من معطفه الصوفي الا بقع صغيرة بنية اللون . وكان شعره البني الكثيف مغطى بالثلج , الذي غطى حاجبيه واهدابه ايضا
ولكن عينيه الزرقاوين لمعتا بابتسامه النصر فيما كان يضع المدفأة الصغيرة على الارض .
تمتمت جوان دون صوت وقد وجدت انها لاتستطيع الافصاح عن شعورها بالفرح لعودته سالما .
حجبت كتفاه العريضتان رؤية المدفأة فيما كان ينحني عليها واحست جوان في خلال دقائق ببداية انبعاث الحرارة . فبدا الثلج يذوب عن ثيابه وانهمرت نقاط الماء على السجاده .
عبرت عن قلقها قائلة :
- سوف تصاب بالتهاب رئوي بسبب هذه الملابس المبتلة .
اجابها وهو ينفض الثلج والماء عن معطفه :
- الجراثيم هي التي تسبب الالتهاب الرئوي . ستكون هذه الملابس ستكون هذه الملابس غير مريحة لبرهو قصيرة , ثم سرعان ما تجف .
سار نحو الكنبة , والتقط حذاءها المقي الى جانبها على الارض واخذه نحو المدفأة ثم قال لها :
- سيصبح حذائك دافئا عندما تضطرين الى انتعاله .
ارسلت مراعاته لها موجه من السرور في شرايينها لأن هذا المزيج من القوة المسيطره والمراعاة الرقيقة نادرة الوجود . وتبادر الى ذهن جوان ان الرجل الواثق من نفسه كبراندت يستطيع ان يظهر مثل هذا اللطف من دون ان يخاف على مظاهر رجولته .
لاحقت نظراتها تحركاته عندما كان يستعمل شالها ليمسح الثلج عن شعره ويتخلص من الثلج الذي لم يذب عن سرواله , وقبل ان تستطيع اخفاء تاملها الصامت به , حدق اليها بعينين لا معتين .
- لن يستطيع هذا السخان تدفئة الغرفتين معا , علينا ان نقرر ايا من الغرفتين سنستعمل .
ترددت في الجواب :
- لن استطيع استعمال الآلة الطابعة لطبع الرسائل التي امليتها لانقطاع الكهررباء , ولكني فكرت ان اعيد ترتيب خزانة الملفات واخرج ما لا يلزم منها .
كانت فكرة الجلوس طول اليوم بحضور براندت ليون المهيمن من دون أي عمل مفزعة للغاية .
التقط براندت حذائها واعطاها اياها .
- لقد اتفقنا , سننقل السخان الى مكتبك , سأذهب وافتح النافذه .
فأجفلت قائلة :
- تفتح النافذه ؟
حدق اليها متفحصا فيما كانت تنتعل حذائها الدافئ :
- هذا السخان يحرق الاكسجين , سنحتاج الى القليل من التهوئة اذا كنا لانرغب في الاحتناق .
ارتفعت الحرارة في مكتب جوان فلم تعد بحاجه الى معطفها الثقيل الوزن كي تشعر بالدفئ .
اختفى براندت ثانية في مهمة لم يفصح عنها بعد ان نقل طاولة الطباعة المتحركة الى مكتبها , فوقفت للحظة الى جانب السخان كي تدفئ اصابعها وتساءلت كيف كانت ستصمد لو علقت هنا بمفردها وليس هناك من تعتمد عليه ؟
فتح باب الغرفة واغلق بسرعه فرافق دخول براندت تيار من الهواء البارد رمقت جوان الطبق الذي بين يديه بفضول .
- لا نستطيع الحصول على القهوة من دون تيار كهربائي , ولكن سنتناول هذه اللفائف الحلوة والعصير بعد ان تذوب .فقد جلبتها من الكفتيريا .
عبست جوان اتجهت نحو طاولتها ثم عبثت باحد الجوارير بحثا عن مشط .
- ليتك لم تأت على ذكر القهوة , فانا لا استطيع ان اصحو ابدا قبل ان اتناول اول فنجان قهوة .
تساءل براندت وقد رفع حاجبيه بتهكم :
- انت النموذج الفعال البارد الذي يتحكم بهذا المكتب تقولين ذلك ؟
سقط المشط من يدها ولم تكن قد انتهت بعد من تسريحها لبعض خصلات شعرها الطويل المتشابكة , وخضب الحياة والاحراج وجنتيها باللون الوردي , واوضحت وهي تشعر انها تلميذه مدرسة اكثر منها سكرتيرة كفؤة :
- انا لا اتحكم بالمكتب .
- انك تحمرين خجلا بسهولة , اليس كذلك ؟
فأزداد اللون الاحمر على وجهها :
- اعتقد ان ذلك سببه بشرتي البيضاء .
حافظت على تحميل رأسها عن نظراته المتفحصه فيما بدات تلف شعرها في عقصة واحده مؤخرة عنقها .
امرها بصوت اجش وقطع المسافه الفاصله بينهما حين لم تكن تنظر اليه .
- اتركي شعرك منسدلا .
سحبت اصابعه بعض خصلات شعرها من قبضتها فصدمها قربه المفاجئ منها بشكل منعها من الاعتراض .
- ان شعرك جذاب جدا ولا يجوز اخفاؤه بهذه الطريقة الجافة فهو يصبح مثل خيوط الذهب حين ينسدل .
ردت عليه وكانه يتهمها انها حصلت عليه من قارورة صباغ الشعر :
- انه لون شعري الطبيعي .
فضحك قليلا :
- هذا ما اعتقدته .
قاومت جوان صخب احاسيسها :
- ترك شعري منسدلا ليس امر عملي على الاطلاق . فهو يتدلى دائما امام عيني .
وضع شعرها خلف اذنيها ثم ابتعد عنها قليلا , ثم سألها وكانه غير مقتنع بكلامها :
- كيف يمكنك ان تتأكدي من ذلك وانت لا تتركيه ابدا منسدلا ؟
ردت وهي تهز رأسها وتحرر بقية خصلات شعرها بيأس وترمي الدبابيس فوق الطاولة :
- سوف ترى .
ادركت جوان انها في اللحظة التي استسلمت فيها لإرادته القوية قد ارتكبت خطا لا رجوع عنه.
وجعلها الشعر المنسدل على كتفيها تشعر بأنوثتها وبانها معرضه للهجوم , وهي العواطف التي تحتاج الى تفاديها كي لا تقع تماما تحت تأثير قوة جاذبيته .
لقد تصدع الحاجز الغير مرئي الذي يفصل بينهما ليلة امس عندما استلقت بين ذراعيه , واصبحت بحاجه ماسة الى استرجاع دفاعاتها.
تجاهلته عن تعمد طيلة ساعات الصباح وتشاغلت عنه بترتيب الملفات الموضوعه فوق مكتبها . نجحت بتجنبه في الظاهر اما في داخلها كانت تقيّم كل تحركاته التي يقوم بها وهو منكب على الخرائط الزرقاء المبسوطه امامه على طاولى الرسم الهندسي .
قطع صوته الخفيض الصمت وجعل جوان تستدير نحوه بحده :
- انني جائع , ماذا لدينا على الغداء ؟
بدا ان الاعماق الزرقاء في عينيه تشدها الى دوار من العواطف المتضاربه لهذا الانسجام الغريب الذي تابع انسيابه بينهما لم يدع جوان تتصرف على طبيعتها .
دقت اجراس في رأسها تحذرها من انها ستصبح اسيرة جاذبيته , ولكنها لم تستطع ان تفكر في طريقة تمنع حدوث هذا الامر .
ردت عليه :
- لا اعرف !
ثم ادارت انتباهها الى جوار الملفات وهي مستسلمة لليأس من جراء عجزها .
- سأرى ماذا يوجد في الكافتيريا .
ادركت جوان لاحقا وهي تقضم السندويتش البارد ان هذا التلازم المستعر بينهما هو الذي يسلبها راحة البال , فلا يمكن المحافظة على جو العمل المتحفظ في هذا الموقف .
فقد لاحظت اهتمامه المثير بها ولم يغب عن بالها انه ربما مجرد فضول من براندت الذي يراها الان في وضع مختلف عن تلك التي كانت تختفي خلف قناع الموظفة القادرة .
ولكن اليست تبالغ في تقدير اهتمامه الجديد ؟ وما الضرر اذا تكونت صداقة بينهما ؟ مال الذي يمكن ان تخشاه ؟ اذا بدأ براندت ينظر اليها كامرأة , فهذا لا يعني انه سيغرق في جمالها خاصة وان امرأة مثل انجيلا تكمن في ذاكرته .
قطع صت براندت خيط تخيلاتها :
- سأعطيك قرشا ثمنا لأفكارك .
اعترضت بخجل :
- افكاري لا تستحق ذلك .
- ان أي افكار تسكت امراة مدة 15 دقيقة يجب ان تستحق قرشا على الاقل .
رفعت وجهها ورمقت لون عينيه الازرق الحي :
- اذا كان لابد من معرفة افكاري , فقد كنت اتساءل كم ستطول هذه العاصفة .
- هل بدات تضجرين من وقفتي ؟
ردت بقسوة غير قادرة على محاكاة ثبات صوته :
- ليس بقدر ما بدات انت بالضجر مني .
هز كتفيه العريضتين بوقار :
- على العكس تماما , وفي الحقيقة استغرب كيف استطاعت فتاة جذابة مثلك تجنب الزواج .
- لنقل ان الزواج هو الذي تجنبني .
ابتسم ساخرا :
- اذا انت لست امراة عملية , وهذا يعني اني سأضطر في يوم ما للبحث عن سكتيرة اخرى مع انني قد بدات اعتاد عليك .
فأجابت بنبرة حاده :
- لكنني لم اقدم استقالتي بعد يا سيد براندت .
فأبتسم ابتسامه خبيثة :
- كنت ليلة امس براندت فقط . من المؤكد انه يوجد شخص مميز في حياتك , اليس هذا صحيحا ؟ او هل تريدين ان اصدق انك ترتدين الملابس المثيرة فقط لزيارة خالة عانس ؟
خدش هذا الكرم كبرياءها , ولكنها تماكلت نفسها وحبست دموعها التي كادت تنهمر فهي لاتستطيع ان تخبره عن عطلات الاسبوع الخالية ولا عن العدد الذي لا يحصى من الليالي التي امضتها وحيده .
وعادت اليها ذكرى ما قالته في الاسبوع الفائت عندما افصحت ان لا وقت لديها في عطل الاسبوع لنها تخرج دائما . يبدو ان الاكاذيب البيضاء من أي نوع كانت , تقود الى مشاكل شديدة التعقيد .
- انني لا اعرف اذا ...
تمنت جوان الا تغرق نفسها في بحر من الاكاذيب , كما تمنت ان يسامحها ايد الذي لجات للاختباء تحت اسمه وقالت :
- .... كنت تعتبر ايد شخصا ممييزا , فانا معجبة به .
فأشار تمايل رأس الى اهتمام قليل:
- هل تعرفينه منذ مدة طويلة ؟
كانت اصابعها تضغط بعصبية الجزء المتبقي من سندويشها :
- كلا انه شقيق خطيب صديقتي التي تشاركني السكن .
- هل صديقتك هي الانسة مورلاند التي تعمل في قسم الكومبيوتر ؟
- نعم . هذا صحيح .
- هل ستحضرين ايد الى حفلة عيد الميلاد ؟
فاجاها سؤاله فردت بأرتباك :
- حسنا , انه يقيم في مدينة كليفلاند في الواقع .
- لا شك ان علاقتكما جديه ليتكلف عناء السفر ذهابا وايابا كي يراك .
فأضافت هي تنهض محاولة لإنهاء الحديث :
- ويرى شقيقه ايضا .
اطلق الكرسيي الدوار صريرا مرتفعا وكانه يحتج على حركتها المفاجئة .
مشى براندت نحو الكرسي وهزه مرارا الى الوراء والامام:
- يحتاج هذا الكرسي الى تزييت .
اجابته بحده :
- قد يكون مظهري اشبه بالنساء الامازونيات . ولكن هذا الكرسي ثقيل الوزن ولا استطيع قلبه رأسا على عقب كي اعرف اين يحتاج الى التزييت .
كادت ان تخترقها نظراته التي اوحت بقوة غضبه الكامن , فأمالت ذقنها متحديه فيما كانت تبتلع لعابها بصعوبة . كانت جوان تعني حجم جسمها الكبير منذ ايام المراهقة عندما اصبحت اكثر طولا من جميع الصبيان في صفها .
ضاقت عيناه فيما كان يتفحصها :
- هل كنت حساسة دائما بالنسبة لطول قامتك ؟
اجابت بعصبية :
- انه امر لا استطيع تجاهله .
امال براندت رأسه مستفهما :
- لماذا تحلم الفتيات القصيرات القامه دائما بان يكن اكثر طولا والفتيات الطويلات بان يكن صغيرات الحجم ؟
- انها طبيعة البشر , فهم يرغبون بما لا يستطيعون الحصول عليه ,ولكنني تقبلت نفسي كما انا .
- اذا كفي عن التبريرات فانت شقراء طويلة وجميلة .
بدا من خلال مديحه وكانه يتهمها بالتواضع الكاذب فأرجعت رأسها بعصبية وردت بقسوة:
- يا سيد ليون , لا يمكنك ان تتوقع مني ان اصدقك ! فخلال السنوات الـ3 التي عملت بها عندك لم الفت انتباهك الى اكثر من كوني سكرتيرتك .
- لا تلومي نفسك , لقد رفعت حولك لافتات كتب عليها بخط عريض "لا تقدم على التحرش" ولم توحي لي يوما تصرفاتك العملية الصارمة والمتزمته بانك تريدين ان يعاملك احد كامرأة . بالاضافة الى اني اتبع دائما القاعده التي تقول لا تمزج ابدا بين العمل واللهو , فأنا لا اريد ان تتشابك حياتي الخاصة مع عملي .
شعرت بالوخز الشديد في عامودها الفقري من جراء كلامه الواضح والدقيق . لم يعد هنالك شك عند جوان بانه صادق بكلامه .
ان براندت يعتبرها امراة جذابة , وفي الوقت نفسه اوضح انه لن يريدها ابدا اكثر من سكرتيرة ويجب ان تتقبل وتتفهم موقفة .
اشاحت بنظرها عن وجهه , وخالت ان فمها تحرك ليقاوم خروج الكلام .
- اني اوافقك الرأي تماما
سمعت تنهيده سخط ثقيلة اتت من الخلف وسمعت بجهد همسة ساخرة :
- احقا ما تقولين ؟
ازاحت شعرها الطويل جانبا ورمقته بطرف عينيها وقد رسم عبوس الحيرة تجاعيد على جبينها . كان يدير ظهره لها فيما كان يميل الكرسي الى الوراء ثم يقلبه رأسا على عقب سألها :
- هل لديك هنا زيت لكافة الاستعمالات ؟
اجبر صوته اللامبالي جوان على الاستناتج بان سؤاله السابق كان خدعه من مخيلتها التي اصبحت اسيرة رجولته .
- في جارور الطاولة في الوسط .
بدات جوان تصنف ملفات الخزانه فيما كان براندت يعمل على تزييت الكرسي الدوار .
جعلها انشغال بالها اقل دقة في عملها , ففي اللحظة التي فكت بها اصابعها قفل الجارور وبدات بسحبه اخذ الجارور العلوي غير المغلق جيدا بالانزلاق الى الامام فأصدرت الخزانة صوتا اشبه بالحشرجه تحت ثقل الجوارير الثلاث المفتوحة ,
مدت يدها من دون فائدة لتحاول منع سقوطها , وقد نجحت لثانية فقط في الابقاء عليها في منتصف الطريق .
ثم سندتها ذراعين قويتين وارجعت الخزانه الى مكانها واغلقت الجوارير المفتوحه . شعرت بالصدمة عندما ادركت ان الخزانه كانت على وشك السقوط عليها وانبعثت في اطرافها المرتجفه موجه من الخوف كما شعرت بضعف غير معقول في ركبتيها اللتين لم تقويا على حملها , فامسكت بكتفيها الذراعان القويتان اللتان انقذتاها من قبل .
بدا على وجه براندت الاهتمام الصادق وهو ينحني عليه :
- هل انت على ما يرام ياجوان ؟
فركت حاجبها بيد مرتجفه واجابت بصوت غير ثابت :
- نعم , على ما اعتقد .
غطت الغشاوة عينيها وهي تنظر الى ازرار قميصه فيما تمايلت نحوه في غير وعي .
- لقد ... لقد حدث كل شيء بسرعه .
فاجابها وفي صوته الاجش نبرة من الغضب :
لماذا حاولت وقفها عن السقوط ؟ كان يجب ان تتركيها تقع وبعدئذ تقلقين بشان ترتيب المكان بدلا من ان تخاطري وتؤذي نفسك .
- لم افكر في ذلك .
كانت ضحكته الخافته اشبه بتنهيدة اشفاق فيما كان يضمها الى صدره لإعطائها الاطمئنان .
- ايتها الصغيرة البلهاء والسخيفة , لم لا تتوخين الحيطة والحذر ؟ لقد عرفت دائما ان هذا الوحش المعدني سينقلب ضدك في يوم ما .
ابتسمت جوان بضعف وهي تضع وجهها على قميصه , وقد خفف من روعها مزاحه الخفيف . احست وهي من دون حراك بنبضات قلبه تحت يدها , وشعرت ان وجهه يتحرك خلال شعرها الذهبي والحريري.
حذرتها انفاسها بانها يجب ان تتحرر من هذا العناق مهما بدا ذلك بريئا , ولكن الاحساس المنعش بالنعيم كان امرا لم تعرفه من قبل.
- هل انت متاكده انك لم تتأذي ؟
هز صوته الهادئ والحنون اعماق قلبها فخطر لها ان تدعي اصابة ما , ولكنها افهمت نفسها بتعقل انها غير مصابة . تصلبت يداها على صدره ودفعت نفسها بعيدا عنه ,على الاقل قدر ما سمحت به يداه المحيطتان بها .
ابتسمت بعصبية وهي تحاول ان تطمئنه :
- انا حقا على ما يرام .
لم تكن تراه بوضوح عن قرب من دون نظاراتها ومع ذلك كانت هناك هالة حوله جعلتها تفكر بأنه رجل بكل معنى الكلمة ولديه خبرة في الحياة اكثر منها .
ازاح براندت خصلات شعرها الطويلة التي انسدلت على وجهها وقال لها متاملا :
- يعجبني العطر الذي تضعينه , انه يناسبك .
اجابته بهمس وهي تشعر بالاحراج , لنها احتارت كيف ستتعامل مع ملاحظاته الحميمه والعابرة :
- انا .. انا لا اضع أي عطر .
- احقا ما تقولين ؟
احنى وجهه جانب رقبتها :
- اذا انها رائحة شعرك النظيف .
ثم هز كتفيه وافلتها , وافقته الرأي وهي تشيح بنظرها بعيدا كي لا يرى الحيرة االمؤلمة التي لمعت في عينها , ثم ارجعت شعرها الطويل الى ما وراء رأسها .
- انا ... اعتقد ذلك .. لقد غسلته بالشامبو ليلة الخميس الفائت .
لو تفوه ايد او أي رجل اخر تعرفه بهكذا ملاحظة لكانت ضحكت منها ولكنها استاءت من براندت عندما تلفظ بها .
عاد براندت بخطوات قوية الى حيث طاولتها والكرسي المقلوب :
- من الان وصاعدا , من الافضل لك ان تفتحي جارورا واحدا من هذا الوحش المعدني في كل مرة .
ارسل الغضب الذي شعرت به موجه من الحرارة الى وجهها :
- لم اتعمد فعل ذلك قبلا !
فاستدار نحوها ببطء وتفحصها بتمعن مربك :
- لم اقل ذلك ابدا ياجوان .
اضاف استعماله لأسمها الاول بصورة هادئة . وهو الذي كان يلفظه بسرعه في لحظة اهتمام , جنونا على اعصابها الثائرة , وملأتها تبرئته الموبخة قليلا بعصبية اعيتها
تلعثمت بسبب حرجها :
- انا .. كنت اعي .
رد براندت عليها وكانه يتسلى بها :
- اني اعرف تماما ماذا تعنين , واعرف متى تختلق المراة حيلة لتجعلني اضمها بين ذراعي .
لم يكن هنالك الا القليل لترد به على هذا الكلام من دون ان تورط نفسها اكثر , وشعرت وهي تستدير لتستأنف عملها انها اصغر من عود ثقاب واقل فائدة منه.
*******
عثر براندت في زاوية صغيرة في خزانة الفناجين على علبة شمع واضاء اربعه منها فوقتهما هذه الشعلات من الظلام الدامس المحيط بهما في الغرفة .
لم يكن النور المنبعث منها يكفي للقيام باي عمل ولكنها ساعدتهما على تمييز وجبتهما المكونه من السندويشات والرقائق التي اصبحت طعاما بلا نكهة .
جلس براندت خلف مكتبها ومال الى الوراء الكرسي الدوار الذي لم يعد يحدث صريرا , فيما كانت جوان تدخن السيجارة التي اعطاها اياها وتظهر عدم خبرة في التدخين .
كانت اعصابها ماتزال مشدودة بسبب المواجهة التي حدثت بينهما بعد الظهر وقد قبلت منه السيجارة كي تشغل يديها المرتجفتين بشيء ما .
جالت نظراته على وجهها , ولم تفته الطريقة التي تجنبت بها التقاء نظراتهما .
- اخبريني عن عائلتك يا جوان , هل تقيم هنا في شيكاغو ؟
كان يتكلم ليقطع الصمت الذي دل على عدم شعورها بالراحة . كان تبادل الحديث ضروريا , على الاقل لإبعادها عن الشرود بأفكارها فربما تجعلها الاجابة عن اسئلة تصمد في مواجهة التاثير الذي يحدثه عليها .
- كلا فوالدي يقيمان في قرية صغيرة تبعد 140 كم من هنا . لدي اخ اكبر مني يخدم في الجيش في المانيا ولدي اخ اصغر مني في السنة الاخيرة من المرحلة الثانوية . اما شقيقتي الصغرى فهي في سنتها الدراسية الاولى وكلاهما يقيم مع اهلي في البيت .
- ماذا يعمل والدك ؟
فابتسمت له بتردد :
- يملك هو وامي دكان بقالة صغيرة , وجين وبوب اخي واختي يساعدانهما بعد المدرسة وفي العطل الاسبوعية .
انحنى الى الامام ليطفئ سيجارته وكانت نظراته مركزه على وجهها :
- يبدو لي ان حياتكم العائلية مستقرة ودافئة . انت لا تبدين من النوع الذي يتوق الى حياة الاثارة في المدن الكلبرى . ما الذي اتى بك الى شيكاغو ؟
- كي ادخل معهد السكرتيريا , وبما انني لم اجد عملا في بلدتي بعد ان تخرجت من المعهد بقيت هنا .
- هنا ستشعرين بالوحده دون العائلة والاصدقاء .
قالت بصورة دفاعية وهي التي طالما ذاقت طعم الوحده :
- لقد عقدت عددا لا بأس به من الصداقات وازور عائلتي مرة في الشهر .
مال براندت في جلسته الى الوراء وعلت وجهه ابتسامة صفراء .
- اعتقد اني تعودت ان اكون بالقرب من والدي , لقد قابلت امي أليس كذلك ؟
- نعم قابلتها .
وتذكرت تلك المرأة الطويلة الممتلئة التي دخلت عليها المكتب في ذات يوم , كانت نسخة ثانية عن ابنها . لم تكن جذابة لكنها مهيبة وقد تصرفت معها بود وحرارة .
اكمل كلامه وكأنه يتحدث الى نفسه :
- والدي طبيب متقاعد , ويعمل في الغالب كمستشار ولكنه لن يترك ابدا ممارسة الطب بصورة كاملة , انه يحب عمله كثيرا .
- كنت اعتقد انه هو الذي انشأ شركة ليون للمقاولات .
- لقد انشأها عمي الذي توفي منذ بضع سنوات , اشتغلت معه خلال العطل الصيفية عندما كنت يافعا ثم دخلت الجامعه ودرست الهندسة والبناء وانضممت الى الشركة بعد التخرج .
اثار بدارندت فضولها بصورة واضحة لمعرفة المزيد عن حياته الخاصة .
- هل عندك اخوة او اخوات ؟
- شقيقتي فنيتيا التي اختارت مهنة ابي واصبحت طبيبة وعندها عيادتها في ولاية اريزونا .
- الم تتزوج ؟
شعرت ببريق حزن دفين ينبعث من اعماق عينيه فيما كان يرمقها :
- كلا انها مستوحده مثلي . ألن تعلقي على الوحده التي تجلبها حياة العزوبية ؟
تمتمت جوان :
- لا أستطبع أن أرمي الحجارة وأنا أقيم في بيت من زجاج .
- إلا تريدين الزواج والإستقرار وإنشاء عائلة ؟
تململت في جلستها وهي تشعر بعدم الأرتياح :
- بلى ، ولكن قراري ينتظر مجيء الرجل المناسب .
- ألم تلتقي به بعد ؟ ماذا عن أيد الذي ذكرته سابقاً ؟
أشارت حركة رأسها الجانبية إلى ترددها في الإجابة عن مثل هذه الأسئلة مما جعل
براندت يبتسم وكأنه يرثي لحالها ؟
- لقد تدخلت في خصوصياتك أكثر من اللازم ، أليس كذلك ؟
فأنا نفسي لا أرغب بالإجابة على مثل هذا السؤال الخاص ، أنت .. أنت
لا تبدين تماماً مثل امرأة واقعة في الحب ، ولاتملكين ذلك الإشعاع الناعم الذي يرافق عادة عوارض الحب .
حاولت أن تضحك لملاحظاته الماكرة .
- أنت تتكلم عن الحب وكأنه مرض.
- إنه كذلك في بعض الأوجة ، كفقدان الشهية للأكل والتململ المتواصل
ووجع الرأس السخيف وألم الشكوك .
قفزت إلى مخيلتها صورة الشقراء التي تدعى إنجيلا فوراً وأحست
بالصداع السخيف الذي ذكره براندت .
- يبدو أنك تعرف ما هو الحب .
ابتسم إبتسامة باهتة ونهض ثم سار نحو النافذة الجانبية ونظر إلى الزجاج المغطى بالصقيع .
- معرفة سطحية فقط ، يبدو أن الرياح قد خفت ، ربما تنتهي العاصفة.
حدقت جوان بكتفيه العريضتين وخصره النحيل .وتساءلت كيف سيكو ن الحال
عندما تنتهي العاصفة ؟ هل سيعود ويناديها بالآنسة سومرز؟
أم ستكون معرفتهما ببعضهما قد تطورت ووصلت إلى نقطة تجعل من المستحيل العودة إلى مستوى التعامل الرسمي المتحفظ ؟
كانت تخشى أن يحدث ذلك ، وفي الواقع كانت تخاف من عواطفها التي وصلت إلى درجة لن تستطيع من بعدها التحكم بها .
قالت وهي تتصنع السرور وتنظر إلى السخان الرابض في منتصف الغرفة :
- على الأقل سنمضي ليلة دافئة .
- كلا ، ليس من هذا السخان .
أتت إجابته بالنفي هادئة ولم تكن متأكدة من أنها فهمت ما قاله ، فسألت بصوت مرتعش : ماذا ؟
مال إلى جانبه مما جعل ضوء الشموع ينير وجهه جزئياً ورفع حاجبيه فبدا لون عينيه أكثر زرقه من المعتاد وأخذ يتفحص تعابير القلق على وجهها .
- لا نستطيع ترك السخان يعمل طوال الليل يا جوان .
اتسعت عيناها وقد أصابتها الحيرة :
- ولِمَ لا ؟ أعني أن بإستطاعتنا ترك النافذة مفتوحة للتهوئة .
استدار براندت ومشى نحو الضوء وتوقف إلى جانب الكرسي الذي تجلس عليه ورمق وجهها المنقبض :
- ليس هناك خطر من الإختناق ولكن ليس عندنا من الوقود ما يكفي لتشغيل السخان الليل بطولة ونحن لا نعرف متى يعود التيار الكهربائي .
نظرت جوان إلى يديها وقاومت كي لا تنقبض أصابعها في قبضة شديدة مثلما فعلت معدتها .
بللت شفتيها الجافتين وقالت بعصبية :
- لم أكن أعرف .
جعلت تعابير وجهه الجوفاء من الثعب قراءة أفكارة :
- لأني لم أخبرك ، لم يكن هناك من داع كي أجعلك تقلقين من دون ضرورة.
فتمتمت جوان :
- لم أكن لأقلق تماماً.
تابع برادنت التحديق بها . كانت يداه المندستان في جيوب سرواله وسترة بدلته المفتوحة
تعززان وسامته . ثم أخذ نفساً عميقاً واستدار مبتعداً وقال لها وهو يفتح باب المكتب الداخلي :
- سأجلب معاطفنا كي تدفئنا أمام السخان قبل أن نخلد إلى النوم .
جعل تيار الهواء البارد المفاجئ جوان ترتعش قليلاً : لم يكن هناك ما يمكنها أن تعترض عليه وها هي الآن تشعر بعدم الأمان والضياع .
كان قلبها يدق بشدة مثل مطرقة بين ضولعها عندما رجع براندت إلى الغرفة حاملاً معه المعطفين . تمنت بيأس لو كان بإستطاعتها استعارة القليل من رباطة جأشة .
شعرت جوان بالحاجة إلى التكلم ولكن هذه الرغبة اختفت عندما نظر إليها براندت وابتسم ابتسامة كسولة دلت على أنه يتفهم مخاوفها التي تشبة مخاوف تلميذة مدرسة .
نهضت من مكانها وساعدته في بسط المعطفين على الكرسي بصورة تعرض داخلهما المبطن إلى الحرارة .
ثم فركت يديها ووضعتهما فوق السخان وكأنهما يحتاجان إلى التدفئة .
قالت وعلى وجهها ابتسامة ضعيفة :
- لو أخترنا الجلوس داخل مكتبك في النهار لأصبح المكان أكثر دفئاً الآن .
ركز برادنت نظره على كتفيها من الخلف ، فشعرت جوان بذلك وكأن لها عينين خلف رأسها .ثم قال بصوت هادئ مطمئن :
- لو لم تكن الكنبة ثقيلة الوزن ومزعجة لكنت نقلتها إلى هذه الغرفة .
سوف آخذ السخان إلى غرفة مكتبي كي يخفف من صقيعها قبل أن ندخلها .
ازدادت دقات قلبها حتى ظنت أن صداها يتردد في أرجاء الغرفة .
لم تتسن لها فرصة حقيقية الليلة الماضية كي تتمعن في مسألة النوم إلى جانب براندت فذلك لم يحدث عمداً .
أما الآن فقد خافت أن تكشف عن شعورها العميق نحوه .
جفلت بصورة ظاهرة عندما تقدم براندت وأخذ المعطفين عن الكرسي .
ولم يطلق أي ملاحظة عدا نظرة سريعة إليها وهو يطوي المعطفين . راقبته بعينين شبه مغمضتين وهو يحمل السخان ويأخذه إلى غرفة مكتبة.
أدركت جوان عندما لم يرجع بعد دقائق قليلة أنها لا تستطيع الإنتظار أكثر .
أطفأت كل الشموع ماعدا واحدة ثم حملت المعطفين على ذراعها والتقطت الشمعة الباقية المشتعله .
قال لها براندت من دون أن ينظر إلى من دخل الغرفة :
- أتركي الباب مفتوحاً .
كان منحنياً فوق السخان وتكهنت جوان أنه يطفئة . وضعت الشمعة على طاولة إلى جانب الكنبة
دون أن تسمح بانجذاب نظراتها إلى الجاذبية المغناطيسية لحضوره .
كان البرد في الغرفة ما يزال قارساً على الرغم من الحرارة التي بثها السخان في إرجائها .
جاءها صوته من ناحية الباب المفتوح :
- سأذهب إلى مكتبك وأغلق النافذة هناك فيما أنت تتحضرين للنوم .
لم تجد جوان ما تعبر به غير كلمة ( حسناً ) لأنه بدا أن لا حاجة للإجابة على صرامة أقوالة .
أخذت موقعها في مؤخرة الكنبة ومدت المعطف فوق رجليها ،
وحاولت أن تترك فسحة كافيه لبراندت تحت المعطف وعندما رجع إلى المكتب ،أصبح الجو في الغرفة وكأنه مليء بشحنة كهربائية .
اطفأت الشمعة وغرقت الغرفة في الظلام ، فشعرت جوان للحظة أنها عمياء تماماً .
ثم شعرت بحركة مدروسة فيما كان براندت يضع ثقلة فوق الصوفا ، وانكمشت على نفسها لتفسح له متسعاً .
عندما رجع لها تنفسها كان لاهثاً متقطعاً من فوق الألم الذي شعرت به بسبب قربها منه .
سألها بصوت أجش عميق وبقوة :
- هل أنت مرتاحة ؟
أجابت جوان وهي تتنفس بصعوبة : أجل .
فقال لها بنبرة خفيفة مطمئنة :
- إن الليلة أكثر دفئاً من ليلة أمس .
أجابته : نعم أنها أكثر دفئاً .
ولكن الحرارة التي دبت في عنقها ووجنتها كانت هي التي تجعلها غير مرتاحه .
وأخيراً قال براندت :
- تصبحين على خير يا جوان .
- تصبح على خير ..يا براندت .
تردد قبل أن تلفظ أسمه الأول ..ومع ذلك سيكون من السخف في هذه الظروف أن تناديه بالسيد ليون .
أغمضت عينيها وشعرت بالإرتفاع والإنخفاض الثابت لصدره ،
فأسكر أنفيها مزيج من رائحة السجائر ولوسيون ما بعد الحلاقة ورائحته النفاذة .
صلت كي تستطيع النوم ولتهرب من أحاسيسها . آلمتها عضلاتها من كثرة ما حاولت أن تبقى نفسها بعيداً عنه .
أو على الأٌل أن لا تستند عليه .
كانت ذراعه اليمنى مستقرة بخفة فوق خصرها . فراودتها أفكار وتساؤلات من دون استئذان . وشعرت برجفة من أخمس قدميها حتى رأسها .
استعلم براندت منها بلطف :
- هل تشعرين بالبرد ؟
تحرك رأسها بصورة ألية بإتجاه الصوت ، وقالت كاذبة لأنها لم تقدر على تفسير ارتعاشها بطريقة أخرى : نعم ؟
فقرب نفسه منها ليدفئها فكاد قلبها يتوقف ثم أخذ يدق بعنف شديد .
- هل تشعرين بتحسن ؟
لن تستطع أن تتلفظ بكلمة ( نعم ) لأنها أحست بإلاختناق وزادتها حيرة نبرته الهادئة المتحفظة : ما الأمر ؟
فتحت عينيها وهي تحاول من دون جدوى أن تركز نظرها على الوجه القريب منها وأنكرت بصوت ضعيف مضطرب : لا شيء !
أرجعت رأسها إلى الوراء لتلصقة بزاوية الكنبة في محاولة منها للتحرر من قرب وجهه المزعج من وجهها ،
رفع يده اليسرى عن خصرها وأزاح خصلة شالشعر العنبري المنسدلة على خدها وقال لها برقة :
- أنت ترتجفين .
همست فيما دموع الذل تحرق عينيها :
- لا ، أبداً ، إني بخير .
رد عليها بصرامة :
- أنا لا أصدق ذلك يا جوان .
أصرت بصوت مرتعش متقطع :
- أرجوك ! دعنا ننام يا براندت .
- ليس قيل أن تخبريني ما الخطب .
سبب صوته الخفيض الثابت تقلصات الهستيريا في حلقها .
كيف يمكنها أن تخبره أنها ترغب بعناقة ؟
تنهدت بألم ولفظت أسمه بطريقة كشفت عن مكنونات نفسها :
براندت .
ولم تستطع أن تشعر في الظلام إلا بحركة رأسة البطيئة وهو يقترب منها وارتعشت عندما عانقها .
حانت اللحظة كي تمنعه عندما ابتعد عنها قليلاً ولكنها لم تستطع ، لقد قاومت جاذبيته كثيراً ولم تبقّ عندها قوة إرادة لتردعه عنها .
عانقها ثانية وانفجرت عواطفها الدفينة دفعة واحدة ، فبادلته العناق ولم يعد يهمها إلا البقاء أسيرة ذراعية .
وفيما هي على هذه الحال امتلأت الغرفة بالنور . فكرت جوان للحظة أنها تخيلت النور المافاجئ الذي أضيء فوق عينيها المغمضتين ، ولكن أبتعاد براندت جعلها تفتح عينيها
لتجد أن المصباح الكهربائي المعلق في السقف قد أَضيء .
بقى في مكانه للحظة قصيرة ثم همس ببعض الشتائم ونهض من مكانه وابتعد عنها .
فنظرت إليه وهو يجلس على طرف الكنبة ، كان تنفسه متقطعاً وغير متوازن فيما كان يمشط شعره البني بيديه قبل أن يغطي وجه بهما .
- إن مفعوله أشبه بمفعول ضوء النهار الساطع !
جعلت كلماته التي نطقها بمرارة جوان تفغر فمها من الأستياء .
لم يشعر براندت بشيء إلا الندم على ما كاد يفعله . ولغباوتها اعتقدت أن اشتعال عواطفها كان أكثر من رغبة مؤقتة فقط .
أنهمرت دموع الذل على خديها .
بدا أن صوته يأتي من أعماق سوداء لم تعرفها .
- آسف يا جوان . لا شك أنك تظنين أني ..
قطعت عليه الكلام بحدة وهي تدرك أنه لا يجب أن تقلل من قدرها أكثر من ذلك :
- أرجوك لا تعتذر . في الحقيقة ليس هناك ضرورك لذلك .
نهضت عن الصوفا مدفوعه برغبة هائلة للهروب قبل أن تغرق الدموع خديها ووجهها .
وقبل أن تنهض تماماً وتقف على قدميها ثبتها ذراعا براندت على الصوفا وقبضت أصابعه بشدة على ذراعيها .
كانت النيران الزرقاء تشتعل في عينيه وتكاد تلتهم وجهها المجفل وشفتيها المرتعشتين .
- لن تذهبي إلى أي مكان قبل أن نناقش هذا الأمر وننتهي منه .
أشارت قسمات وجهه القاسية إلى أنه أمسك بإحكام بزمام غضبه وعواطفه ،
وحافظت جوان على مظهر الكبرياء والبرودة .
قالت له وهي تمتنع عن إظهار ألمها من جراء قبضته :
- ليس هناك ما نناقشه .
أجابها بهدوء :
- أنت تعرفين جيداُ أن هناك ما يجب أن نناقشة !
- أرجوك !
لم تلفظ هذه الكلمة المهذبة تعبيراً عن التوسل فيما كانت تدفع يديه عن ذراعها .
- أنت تعطي أهمية أكثر من اللازم لما جرى .
ذكرها براندت بلهجة قاطعة :
- أنت تقصدين لما كان يمكن أن يحدث .
تلون خديها باللون الأحمر على الرغم منها لأنها كانت توافقه الرأي .
وأشاحت بوجهها بسرعة .
وردت عليه بشدة :
- ولكن ذلك لم يحدث . كلانا إنسان طبيعي وبصحة جيدة وصدف أن كلاً منا ينتمي إلى الجنس الآخر .
حاورته بمنطق وهي تحاول أن تسترجع أحترامها لنفسها .
- بكل بساطه . لقد دفعنا الظرف الغير طبيعي إلى القيام بأعمال لا تسمح لأنفسنا أن نفعلها في الظروف العادية
ضاقت عيناه ، وسحب يده عنها .
- هل تؤمنين بما تقولين ؟
- بالطبع أنا أؤمن .
كان جوابها صحيح جزئياً ، من ناحية براندت وليس من ناحيتها .
هز براندت رأسه عابساً وعيناه الزرقاوان تلمعان بالغضب ثم أشاح بنظره عنها ونهض :
- لم أقابل أبداً فتاه تحلل الأمور ببرودة أعصاب مثلك .
أنت تفتحين وتغلقين عواطفك كما شئت ،أليس كذلك ؟
منعتها قوة أعصابها أن تتحول إلى كتلة منتحبة من الدموع وتحدته فيما كانت التدفئة المركزية تعود وترسل من الهواء الحار إلى الغرفة :
- ألست كذلك يا سيد ليون ؟ لقد أعطيتني عملاً لأني قديرة وعملية ولا أصاب بالهلع
في ظروف مفاجئة . هل أنت على وشك طردي للأسباب ذاتها التي دعتك لتوظيفي ؟
تمنت لو أنه يفعل . وفي الواقع صلت من أجل ذلك ، إذ أنه لن يتوجب عليها أن تقابلة بعد اليوم وتتذكر دائماً لحظات عناقة لها .
- كلا يا آنسة سومرز ،لن أطردك من العمل .
كان هناك تهكماً في التعبير الرسمي الذي ناداها به فيما كان يبتعد .
انتهت لحظات عدم الحراك واجتازت خطواته العريضة المسافة بينه وبين الباب الموصل بين الغرفتين .
أدركت جوان بغريزتها أنه ينهي الحديث ليسترجع مكان هالسابق بالنوم على الكرسي الهزاز في مكتبها .
دفعتها قوة الأنتقام المريرة للتهجم مرة أخرى عليه .
فطلبت منه وكأنها تأمره :
- هل من الممكن أن تطفئ النور قبل أن تخرج ؟ أريد أن أخلد إلى النوم .
تصلب براندت وتوقف عند الباب قبل أن يمد يده ألى مفتاح الضوء ويديره ، ثم فتح الباب ودخل مكتبها وأغلق الباب وراءه بعنف .
ساد الظلام في الغرفة فرغبت جوان أن تتكوم فوق جلد الصوفا الأسود وتموت .
عوضاً عن ذلك انكمشت داخل معطفها وسمحت لدموع اليأس والخجل وحرقة القلب يغسل وجهها .
ولك نهذا لم يستطع أن يحررها من الألم الفظيع . إذا لا شيء يمكنه أن يفعل ذلك .
في الحقيقة ، لا أحد منهما يلام ، كلاهما ساهم فيما جرى ولو لأسباب مختلفة .
ومع ذلك فقد تخطت جوان الحاجز الذي يفصل بين عمله وحياته الخاصة .
وهي لن تنسى أنها تحبه بغباء ومن دون هدف ومن دون جدوى ....ببساطة أنها تحبه .



عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:18 AM   #6

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4 - لكل شيء ثمــن

لم يكن لون الغيوم في الخارج، ذلك اللون الرمادي الذي ينذر بتساقط الثلوج بل كان لونا رماديا يميل إلى البياض / وكانت حدة الرياح قد خفت فأصبحت أشبه بنسيم عليل يتلاعب بطبقات الثلج الذي تكوم تلألأ بفعل الرياح الشمالية القاسية .

بهت لون شعر جوان الذهبي الطويل عندما عقصته بشكل كعكة خلف رأسها . وضعت نظاراتها فوق عينيها لا ليتحسن نظرها . بل لتخفي احمرارهما الفاضح الذي سببته دموعها والهالات الزرقاء حولهما بسبب قلة النوم .

عاد إليها الكثير من شجاعتها عندما غسلت وجهها بماء فاتر وعلى الرغم من هذه الشجاعة لم تستطع النظر إلى وجه براندت بثبات عندما دخلت غرفة مكتبها قادة من الممر الخارجي . ولحسن الحظ لم تضطر لذلك لأنه رمقها بنظرة خاطفة سريعة وباردة .

قال براندت بينما كان يرتدي سترته الثقيلة :

-تقوم الجرافات بإزالة الثلوج من الشوارع لتصبح سالكة سأذهب وأزيل الثلج المتكوم على سيارتي كي أستطيع الذهاب .

كان على جوان أن تعلمه أنها فهمت ما يقول بكلمة " حسنا " وفيما اتجهت نحو طاولتها سار براندت نحو الباب الخارجي .

اختفى مزاحه ومراعاته لها بالرغم من عدم مرور أكثر من أربع وعشرين ساعة على صباح الأمس الذي قدم لها فيه براندت طعام الفطور بكل اهتمام وأقنعها أن تبقي شعرها منسدلا وملقا على كتفيها ، أحست جوان بالرغبة في البكاء . ولكن الدموع لم تخفف من ألمها تماما كما حدث لها ليلة البارحة ، الغلطة غلطتها كان يجب أن لا تسمح لجاذبيته أن تؤثر على منطقها السليم كانت تدرك ما تشعره نحوه وكان يجب أن تحترس أكثر في مواجهته . ولكن تصرفاته الودودة الدافئة أذابت كل تحفظاتها .

لقد قال براندت أنه لن يطردها من العمل ، ولكن أليس من الأفضل لها أن تقدم استقالتها ؟ وإذا فعلت فهل ذلك يوحي بأنه إقرار من جانبها بأن ما حدث قد أثر فيها أكثر مما يظن ؟

بدا أن اجواب على هذه الأسئلة متعلق بمدى قدرتها على مواجهته يوميا خلال روتين العمل في المكتب من دون أن تجعله يكتشف مدى عمق عواطفها تجاهه ، يمكنها أن تستقيل بعد بضعة أشهر إذا وجدت عملا أفض في شركة أخرى .فالعمل معه إلى الإبد سيكون نوعا من الانتحار إذا عرف مدى حبها له .

ضربت يداها الطاولة باستياء ، فلمشكلة كيف ستجتاز هذه الأسابيع محافظة على كبريائها .

أخيرا أقنعت جوان نفسها بأن توقف هذا الشعور المستمر بالذنب تجاه تصرفاتها ، لم تكن تعرف متى سيعود براندت ولكن كان يجب أن تشغل عقلها في أمور أخرى غير التفكير به ، فأراحت الغطاء البلاستيكي عن الآلة الطابعة وبدأت تطبع الرسائل التي أملاها عليها في الليلة الأولى .

دخل براندت إلى المكتب وهي تكاد تنهي الرسالة الثامنة فقال لها بصوت منخفض وهادئ :

-هل أنت جاهزة ؟

توقفت أصابعها برهة ثم تابعت الطباعة وردت عليه من دون أن ترفع رأسها عن دفتر الرسائل .



-سأنتهي بعد دقيقة .

عندما انتهت من طباعة الرسالة ووضعتها مع نسخة الكربون في ملف الرسائل الجاهزة كان براندت قد أصبح إلى جانبها وبين يديه معطفها الذي أحضره من غرفة مكتبه ، انفتحت جروحها ثانية وهي تجده مستعجلا للتخلص منها ، ولكن نظرة سريعة إلى وجهه القاسي لم تسفر عن رؤية تعابير عدم الصبر التي توقعت أن تراها . وبينما كانت ترتدي المعطف وقف صامتا واضعا يديه في جيبي سترته وعينيه لا تعبران عن شيء .

أخذها بدون استعجال إلى سيارته المتوقفة أمام المبنى وكان المحرك شغالا ، وعندما جلست في السيارة أحست أنها ستتجمد لشدة البرد .

استدار براندت نحو الشارع وسألها : أين تسكنين ؟

فأعطته جوان العنوان وأسندت ظهرها إلى المقعد واستمرت بالنظر إلى الأمام بثبات . كان ممكن في ظروف أخرى أن تتمتع بهذه المناظر المكسوة بالثلج الأبيض والشوارع تحولت إلى ملعب شتوي ساحر كان الثلج متكوما على مساحات من الشارع وكان ما يزال هناك مجازفة في قيادة السيارة على الرغم من عمل الجرافات ، ولكن اليدين النحيلتين اللتين كانتا وراء المقود قادتا السيارة قاطعة الثلاث كيلو مترات إلى بيت جوان بكل خبرة ودون أي حادثة .

غطى الثلج الرصيف الممتد أمام المبنى القرميدي القديم . وأعطى عدم وجود آثار أقدام على الثلج بأن لا أحد غامر وخرج من بيته هذا الصباح . تمتمت جوان في سرها وهي تفتح باب السيارة لو حذرها حدسها بارتداء حذاء الثلج الجمعة الفائت ، لأن الغوص في هذه التلال سيكون أمرا مزعجا .

خرج براندت من السيارة ووصل إليها قبل أن يطأ نعل حذائها الأنيق الثلج ويغوص فيه . نظرت إليه بدهشة لأنها توقعت أن ينزلها بكل بساطة ويتركها تشق طريقها إلى بيتها بسهولة .

ظهرت على جانبي فمه ابتسامة صفراء عندما قالت بردة فعل سريعة : أنزلني .

وفي هذه الأثناء قطع المسافة القصيرة بين حافة الرصيف ومدخل البناية بخطوات واسعة .

-لا حاجة بك لأن تتركي قدميك تتجلدان في هذا الثلج .

اعترضت جوان ولكنهما كانا قد وصلا إلى باب البناية ، فأنزلها براندت من بين يديه وفي الوقت ذاته دفع الباب الخشبي .
-إني ثقيلة الوزن .

تجولت نظراته عليها دون أن تظهر عليه أي مشاعر وأجابها :

-أنت طويلة القامة ولست من الوزن الثقيل .

رفض نبضها أن يعود إلى وتيرته الطبيعية ، وهي التي لم تكد تعتقد أنها استعادت السيطرة على أحاسيسها حتى وجدت نفسها مستندة إلى ذلك الصدر الصلب ، فضاعت ثانية فوقف أمامها بهدوء . وعيناه الزرقاوان لا تنمان عن شيء ، وظهره إلى الدرج الذي يقود إلى شقتها الواقعة في الطابق الثاني . فاحنت رأسها لتخفي ملامح الحيرة التي انطبعت على وجهها .

قال لها :

- لست مضطرة إلى الذهاب إلى المكتب صباح غد .

فتصلبت جوان وشمخت برأسها وأجابته ببرود :

- لن أقبل معاملة مميزة يا سيد ليون لأني ولظروف قاهرة احتجزت في المكتب طوال فترة نهاية الأسبوع . سوف أكون في المكتب كالمعتاد الساعة الثامنة .

فقطب حاجبيه وظهر عليه عدم الاهتمام :

- مثلما تريدين يا آنسة سومرز ، يوم سعيد .



تذكرت جوان بعد فوات الأوان ، وفيما كان باب البناية الخارجي ينطبق خلفه ، أنها لم تقل كلمة واحدة تشكره فيها على توصيله إلى منزلها ، فعلى الرغم من كل شيء فإن براندت يستحق نوعا من التقدير والاعتبار .

-يا إلهي يكاد الصقيع يسيل من صوتك .

جاءها صوت كاي المنفعل والمندهش من أعلى الدرج .

-خاصة بعد الطريقة التي حملك بها إلى الباب أيضا .

وجوابا على نظرات جوان المتسائلة بدهشة عن معنى كلام كاي المرتدية ثوبا منزليا والواقفة على الدرج .

-كنت أراقبكما من النافذة ، كان مسيطرا على الوضع تماما .

أجابت جوان وقد تشنجت قليلا :

-لقد فعل ذلك لأني لم أكن مرتدية حذاء الثلج ، ولأن الثلج لم يزل عن الأرصفة .

لم ينزع توضيح جوان الابتسامة الخبيثة عن فم كاي وفيما كانت تقفز السلم بسرعة وتتجاوز صديقتها ، كان سيل من الأسئلة على وشك أن ينطلق كانت تحتاج إلى تحويل هذا الانتباه حتى يتسنى لها أن تتمالك نفسها بعد أن شتتها اللحظات التي حملتها فيها ذراعي براندت .

وسألتها وهي تفتح الباب على مصراعيه وتدخل الشقة :

-هل القهوة على النار يا كاي ؟ لم أحظ بفنجان واحد منذ أن انقطت الكهرباء ليلة الجمعة .

رددت كاي خلفها وهي تندفع إلى المطبخ الملحق بغرفة الجلوس ،" انقطع التيار الكهربائي " ، وبينما كانت جوان تخلع معطفها وحذائها قالت كاي :

-لم أكن أعرف أن التيار الكهربائي انقطع لقد سمعت أنه انقطع في بعض المناطق في المدينة ولكني لم أتخيل أبدا أنك أمضيت كل ذلك الوقت في المكتب بدون كهرباء ، يا للسماء لا شك أن الليالي كانت طويلة جدا !!

استدارت كاي فيما كانت تصب القهوة لجوان ، وقد اتسعت عيناها البنيتان ببريق خاطف وفتحت فمها مندهشة ومستغربة ، ثم اندفعت نحو الكنبة وهي تحمل فنجان القهوة .

-كيف أدفئتما أنفسكما فالسخان لا يعمل من دون التيار الكهربائي .... هل اضطررت أنت والسيد ليون أن تتعانقا حتى تدفآ أنفسكما ؟ أوه لا شك أن ذلك كان أمرا رائعا ألهاذا تصرفت ببرود نحوه ؟ .. هل حاول التحرش بك ؟

احمرت وجنتا جوان غصبا عنها :

-تمهلي يا كاي أولا كلانا كان معه معطفه الشتوي الذي يقيه من البرد .

لم تنكر تماما ما ظنته صديقتها ولم توضح أنهما تشاركا كلا المعطفين معا .

-وثانيا عثر السيد ليون على (( وكادت تقول براندت )) مدفأة صغيرة في عنبر المعدات .

نظرت كاي باستخفاف وتنهدت :

-هذا سخيف ... إنه ليس رومنسيا كنت اعتقد أنكما على الأقل أصبحتما تخاطبان كل منكما الآخر بالاسم الأول بعد أن أمضيتما نهاية الأسبوع برمتها معا .

شدت جوان أصابعها على فنجان القهوة ثم وضعته على الطاولة أمامها .

-أشعر أن هذه الملابس قد التصقت بجسمي بعد أن بقيت بداخلها لثلاثة أيام تقريبا . سآخذ حماما كي أستعيد حيويتي

ثم نهضت بسرعة وهي لا ترغب بإعطاء سرها لصديقتها ولا تريد لهذا الاستجواب من كاي أن يستمر لمدة أطول .



أعاد صباح يوم الإثنين أجواء العمل الصارمة بين جوان وبراندت لم يمزقها بنظراته الباردة المزعجة ولم ولم يكن مزاجه معكرا بفعل الغضب . بل عاملها بلا مبلاة ودية كشأنه في السابق وهذا ما جعل من السهل على جوان العودة إلى وتيرة العمل السابقة .

كانت عاصفة نهاية الأسبوع محور الحديث بين جميع من في الشركة ، وكان كل واحد منهم يقص على الآخرين ما حدث له وأين وكيف حجزته العاصفة والصعوبات التي عانوا منها في الوصول إلى منازلهم ، وشكرت جوان ربها لأن مكتبها معزول عن بقية الموظفين ، الأمر الذي وفر عليها أن تقص حكايتها بدون كذب . وقد وافقت كاي بكل لطف على عدم إفشاء هذه الحكاية لأنها تعرف جيدا كيف ستتحول القصة من دون رحمة على ألسنة الموظفين إلى فضيحة ..

كانت الساعة تقارب الظهيرة عندما خرج براندت من مكتبه إليها ليطلب بعض الملفات من الخزانة وفيما كانت جوان تناوله هذه الملفات دخل لايل باينز مكتبها وابتسامة مرحة مرسومة على وجهه وقال :

-أنا اعتذر عن تأخيري يا براندت ولكن جرافات الثلج لم تصل إلى الشارع الذي أقيم فيه إلى هذا الصباح لقد كانت عاصفة من الدرجة الأولى ، أتمنى أن يكون كلاكما قد وصل إلى منزله بسلام .

هز براندت رأسه مبادرا بالتحية ثم أخذ ملفا وبدأ بتفحص محتوياته ورفع رأسه لبرهة قصيرة بعد أن أنهى لايل باينز كلامه وأجاب متكاسلا وعينيه تلمعان بتركيز :

-في الحقيقة ، لقد حجزتنا العاصفة أنا والآنسة سومرز هنا حتى صباح يوم الأحد .

ثم استدار ليعود إلى مكتبه ، شهق لايل باينز بشدة وقد أخذته الدهشة ، وحول نظراته المتسائلة فورا إلى جوان .

-لا أصدق ما تقول !

كان ظاهرا على ملامح وجهها الاستياء من براندت الذي نطق بكل خفة بما كانت تجهد للاحتفاظ به سرا ، ولم تشك أن ذلك سينتشر بسرعة في كل الشركة .

توقف براندت قليلا على عتبة الباب :

-تعال إلى مكتبي يا لايل ، لقد توفر لي الوقت خلال عطلة الأسبوع لدراسة خرائط مركز بارك وود التسويقي وأريد أن أراجعها معك قبل أن تبدأ بوضع الأسعار .

عادت جوان بسرعة إلى مقعدها وهي تتجنب نظرات لايل باينز المتسائلة فيما كان يطيع ببطء صوت رئيسه الهادئ والمهيمن ، ولم تستطع أن تسترخي حتى أغلق باب مكتبه خلفهما .

لم تتعرض جوان إلى نتائج زلة لسان براندت حتى صباح اليوم التالي . فقد ساد الصمت فورا وتحولت العيون نحوها عندما دخلت مع كاي الكافيتيريا وقت الغداء ، ثم سمعت تبادل الهمسات والضحكات الخافتة ، استطاعت جوان أن تحافظ على تماسكها بسهولة لأنها كانت تعرف أن أي ردة فعل منها ستزيد الطين بلة وتعزز تكهنات زملائها .

كان من الطبيعي أن تدافع كاي عن صديقتها بملء الفم عندما وصلت الاشاعات إلى مسامعها ، تأكدت جوان أن براندت لم يسمع أبدا ما يقال عنهما . فلا أحد يجرؤ أن يحمل هذه القصص إلى عرين الأسد ، وهذا يشملها أيضا لأنها أرادت أن تتجنب أي إهانات أخرى تصدر عنه .

توقفت الثرثرة خلال الأسبوع لعدم وجود ما يدعمها ويعززها ، وسرت جوان لأنها احتفظت بالصمت والبرود خلال ذلك فموقفها عالج التعليقات اللاذعة بلا مبالاة .

وعندما تجلاأ بعضهم على سؤالها مباشرة عن كيفية تمضيتهما لذلك الوقت ، أجابتهم بأنهما عملا ، وكان ذلك صحيحا . وزاد من صدقية






كلامها التصرف المهني والفعال الذي تميزت به .

هنأت جوان نفسها ظهر يوم الجمعة ، على أن الأسبوع مر على خير . مع أنه لم يكن سهلا عليها ، لأنها كانت تشعر بالتمزق في بعض الأوقات .

كان يحدث في بعض المرات أن تلامس يد براندت يدها بالصدفة عندما يتبادلان الملفات والوثائق وتشعر بموجة من الدفء تجتاحها بفعل ذلك . وفي بعض الأوقات حينما كان يقوم بالتوقيع على الرسائل التي طبعتها ، يصبح في إمكانها التمعن في شعره البني الكثيف وأطرافه المتجعدة خلف عنقه والوجه القوي القسمات ، مما أيقظ فيها مشاعر الحب والعاطفة .

همت جوان بعد أن تجاوز الوقت الرابعة بعد الظهر يوم الجمعة بترتيب الملفات والأوراق المنتشرة على مكتبها استعدادا لعطلة نهاية الأسبوع ، كان ترتيب الأوراق والمراسلات مهمة استنفذت معظم الوقت وقد ابتسمت عندما مر موظف من قسم المحاسبة وأعطاها شيكا براتبها الأسبوعي .

وفتحت جوان المغلف الذي يحوي شيكها وأخذته لتضعه داخل حقيبة يدها ، بدا وكأن المبلغ المكتوب داخل الشيك يقفز أمام عينيها فتصلبت منذهلة . لقد كان المبلغ المكتوب ضعفي ما يجب أن يكون عليه .
لم تستطع جوان إلا التحديق فيه وقد اعترتها الحيرة ، ثم أخذ الغضب يتملكها ببطء . لم يكن عندها أي شك أن براندت هو الذي أمر بذلك كي يريح ضميره ، فقد دفع لها أكثر كي يحرر نفسه من الشعور بالذنب .
ارتجفت أصابعها الممسكة بالشيك بفعل الغضب ، فنهضت عن مقعدها بخفة ومشت نحو الباب الموصل إلى مكتب براندت . رد على طرقتها القوية على الباب فورا " ادخلي " وجه نظره إليها كي يعرف من الطارق ثم التفت نحو الأوراق الملقاة أمامه .
-ما الذي تريدين يا آنسة سومرز؟
كان الغضب يتملكها بحيث لم تستطع الكلام ، ولم تساعد نبرة صوته اللامبالية على تهدئة غضبها المتصاعد ، وهي تقترب من طاولته وتضع أمامه الشيك . نظر إلى الشيك ثم دفعه إليها باستخفاف ومن دون أن ينظر إليها .
قال لها وكأنها جلبت له الشيك ليتأكد منه :
-هذا الشيك لك .
ردت جوان بعصبية :
-أعلم أن الشيك صدر باسمي ولكن المبلغ غير مطابق ، أريدك أن تتصل بدائرة المحاسبة وتتطلب منهم أن يكتبوا لي شيكا آخر براتبي المعتاد .
جعله الغضب الذي بدا من نبرة صوتها يرفع رأسه ، وتمعن بوجهها متفحصا بدون انفعال ورأى الشرر المتطاير من عينيها البنيتين ، فضاقت عيناه وتقلصت أساريره :
-هذا هو المبلغ الصحيح . لقد عملت ساعات إضافية في عطلة الأسبوع الماضي ولو كان ذلك تطوعا منك .
ارتجف صوتها من شدة غيظها وردت :
-لا أنوي أن أقبل أي مبلغ مقابل عملي في عطلة الأسبوع الفائت ، مهما كانت الحجة التي ستأتي بها يا سيد ليون .!
انتصب براندت من مقعده وأجابها بنفس الحدة بينما بقيت عيناه باردتين كالصقيع .
-أنا لن آتي بأية حجة .لقد عملت ساعات طويلة ليلة الجمعة والسبت وأنجزت أعمالا للشركة ، لو لم تعملي أي شيء لما دفعت لك أي مبلغ إضافي ، وهذا المبلغ هو تعويض عن العمل الذي قمت به .
لو لم يكن كبرياء جوان قد هيمن عليها لقبلت حجته ، ولكنها لم تستطع قبولها في حالتها الحاضرة .
-أنا لا أصدق ما تقول ، ولن أقبل منك مالا لأنك ندمت ........
-هذا يكفي !
أوقف هذا الأمر ثورة غضبها بسرعة وهدوء قاطع ، وأشار انقباض أساريره إلى إمكانية تطور ثورة غضبه إلا حدود لا تحمد عقباها .
-إذا كنت لا ترغبين في قبول حجتي فهذا شأنك ، ولكن المبلغ المسطر على الشيك هو لك وما تفعلين به هو أمر يخصك وحدك ردت عليه وقد هزها الغضب :
-سزف أريك ما أفعل به .
التقطت الشيك عن الطاولة بسرعة وخفة ثم مزقته قطعا صغيرة ، واستدارت بقوة لتخرج من الباب والدموع منهمرة من عينيها.
كانت على وشك الوصول إلى الباب عندما أمسكتها ذراع قوية وأدارتها .
حاولت جوان جوان أن تقاوم لتخلص نفسها من القبضة الحديدية التي أمسكت برسغها ولكن من دون جدوى .
صرخ بها براندت معنفا :
-جوان ! بي رغبة أن أجعلك تعيدي جمع قطع الشيك وتلصقينها بالشريط اللاصق !
أرجعت رأسها إلى الوراء فرأت في عينيه استعدادا للمعركة .وبسبب قربه منها تضاربت مشاعرها ، فأمسكت أنفاسها وقد روعها طول قامته . وكان الاستياء والغضب قد ظهرا عل تقاسيم وجهه بوضوح .
فتنفست بعصبية وردت بكبرياء :
-لن ينفعك ذلك لأني ببساطة سأمزق الشيك ثانية .
راقب براندت الاحمرار الذي صبغ وجنتيها بسرعة :
-تعتقدين أن المبلغ الإضافي هو نوع من التقدير لما حدث بيننا ليلة السبت. لقد وجدتك جذابة وتصرفت على هذا النحو .
لم تستطع جوان النظر إلى عينيه وردت عله بصوت مخنوق :
-إذا لا تجعلني أشعر بأني رخيصة ولا تصرف لي مبلغا إضافيا .
رد براندت بقوة :
-لقد أخبرتك . هذا المبلغ هو تعويض للخدمات الإدارية التي قمت بها بعد دوام العمل الرسمي ، وأنا لست معتادا على الدفع مقابل ملذاتي .
زمت شفتيها بقوة في محاولة لإخفاء شعورها بالخزي . اختفى الاحمرار من خديها وشحب وجهها بصورة غير طبيعية .
تنهد براندت :
-لم يكن يجدر بي أن أقول ذلك ، أرجو أن تقبلي اعتذاري ياجوان .
هزن يدها بضعف لتبعد عنها هذه الملاحظات اللاذعة .
-أرجوك اتصل بدائرة المحاسبة واطلب منهم تسطير شيك جديد براتبي المعتاد .
وخفت قبضته على رسغها وأصبحت أقل قسوة ولكن براندت لم يفلتها . عوضا عن ذلك عاد إلى جانب طاولته وهو يكاد يجرها خلفه .
وقف إلى جانب الكرسي الموجود أمام طاولته وطلب من جوان أن تجلس عليه ثم قال موفقا .
-سوف اتصل بدائرة المحاسبة.
شعرت جوان أن قواها قد خارت وارتجفت ركبتيها عنما أفلتتها يد ،فغرقت في الكرسي تلبية لطلبه وقد أصابتها الدهشة لانصياعه غير المتوقع لرغبتها ، لم يكن براندت ليون بالرجل الذي يتراجع عن موقف يتخذه ، راقبته ، واعية لضربات قلبها السريعة . وهو يطلب أرقام هاتف دائرة الحسابات والرواتب .
حدق إليها بنظرة جوفاء وكأنه يريد أن يتأكد من أنها لا تزال موجودة قبل أن يتحدث . وقال في صوت أمر وهادىء .
-كونالي ؟ معك براندت ليون . فقد مزقت الآنسة سومرز الشيك براتبها عن إهمال . اسحب شيكا آخر باسمها واجلبه لي كي أوقعه .
توقف براندت عن الحديث قليلا ونظر خلال ذلك إلى جوانالتي كانت ممسكة بأنفاسها بفعل نظراته المسمرة ، ثم أكمل حديثه مشددا .
تماما بالمبلغ ذاته الذي سطر على الشيك السابق .
ظهر استياؤها فورا وقد لاحظت أنه خدعها وجعلها تصدق أنه وافق على طلبها . قفزت على قدميها وخرجت من الغرفة بدون استئذان ، لم تضع وقتا في ترتيب طاولتها فالتقت حقيبة يدها واندفعت إلى حيث علق معطفها . كان تمد يدها إلى أكرة الباب الذي يوصل إلى الردهة الخارجية عندما ظهر براندت على عتبة باب غرفته ، وطالبها بلطف :
-جوان ارجعي إلى هنا !
رمقته بنظرة ملؤها الغضب.
-سوف أغادر العمل باكرا اليوم ، لا تنسى أن تحسم هذا اوقت من راتبي الأسبوع القادم .
خرجت من الباب وأغلقته خلفها بقوة ، وكان تهكمها الأخير ما يزال يرن في هواء الغرفة .
على الرغم من اطمئنانها أن براندت لن يلاحقها عبر الردهات ، إلى أنها استمرت تسرع الخطى نحو الباب الخارجي . نظرت خلفها بقلق وهي تخرج من المبنى بسرعة ، لم يكن هناك من أحد غير موظفة الاستقبال التي اعتراها الفضول . وصلت إلى محطة الباصات في ذلك الوقت الذي توقف فيه الباص فأسرعت بالصعود إليه .
وصلت كاي إلى الشقة بعد ساعة ونصف من وصول جوان ، لأنها توقفت في طريقها لتصرف الشيك الذي استلمته براتبها وتشتري بذلة كانت قد دفعت عربونا عليها منذ فترة ، ولهذا لم تفاجأ تماما عنما وجدت أن جوان قد سبقتها إلى البيت .
رمت كاي بنفسها وبالأغراض التي تحملها على الصوفا ، وقالت:
-شكرا ها هو يوم الجمعة أخيرا . . . لا أعرف تماما سبب هذا الإحساس بالارتياح ، سيأتي جون بعد ساعة كي نذهب لحضور السينما ويجب أن أستيقظ باكرا في الصباح كي أذهب معه إلى المطار لملاقاة أيد . أتريدين الذهاب معنا .
-اعتقد أني سأذهب
وافقت جوان وهي غير متحمسة تماما لوصول أيد ، مع أنها كانت تتشوق لرؤيته سابقا واستدارت مبتعدة عن كاي بسرعة قبل أن تلاحظ ترددها وأخذت تحضر طاولة الطعام للعشاء .
-لقد سخنت طبقة اليخنة وباستطاعتنا أن نأكل متى تشائين .
تنهدت كاي مستنكرة وانتصبت في جلستها
-يخنة ! ليت باستطاعتنا تحمل تكاليف شرائح اللحم . اتمنى لو كان باستطاعة جون تحمل تكاليف تناول اللحم في مطعم . ولكنه للأسف لا يستطيع ، فلنكتف باليخنة ، سوف آكل ثم استحم .
على الرغم من تعليقلتها المستنكرة ، أكلت كاي كل ما في طبق اليخنة ، والتهمت السلطة التي حضرتها جوان . بعد ذلك ساعدت كاي جوان على تنظيف المائدة ولملمة الصحون ، وعندما انتهت من ترتيب الغرفة ورجعت إلى الحوض لتغسل الصحون خرجت كاي من الحمام وارتدت ملابسها ، ثم سمعت دقا سريعا على الباب فاندفعت خارج غرفة النوم :
قالت بحماس بالغ وهي تهرع نحو الباب :
-لقد وصل جون ولم انتهي بعد من تمشيط شعري .
فابتسمت جوان وهي تدير رأسها نحوها :
-لن يمانع بانتظارك بضع دقائق .
سمعت جوان كاي تفتح الباب ولكنها لم تلتفت إلا عندما سمعت صديقتها تقول بنفس متقطع :
-أوه....أهلا
-هل الآنسة سومرز هنا ؟
انذهلت جوان عندما سمعت صوت براندت ليون وأحست بموجة مجنونة من الحرارة تسري في كامل جسمها وتكاد أن تخنقها فحولت انتباهها إلى حوض غسيل الصحون المليء بفقاعات الصابون وكأنها تتظاهر بأنها لم تسمع صوته يتهادى لأسماعها عبر الغرفة .
أجابته كاي وهي ما تزال مندهشة ومذهولة ، وفتحت الباب أكثر لتفسح له المجال للمرور :
-نعم ، بالطبع ! جوان . . . !
أجبرها صوت كاي الميء بالحيرة والفضول على الالتفات ، فتقلص فمها بعصبية ورسم ابتسامة مصطنعة من الدهشة لقدوم براندت . يبدو أن وجوده طغى على الغرفة فبانت أصغر حجما مما هي عليه .
لم يتوقف براندت عند عتبة الباب بل تابع السير وعبر الغرفة ليقف إلى جانبها ، فلم تستطع ملاقاة نظراته المليئة بلهو متهكم .
خرج صوتها رفيعا مرتجفا :
-سيد ليون ما الذي تفعله هنا ؟
همس براندت في أذنها :
-وكأنك لا تعرفين .
شعرت جوان بعدم الارتياح واحمرت وجنتاها وألقت نظرة سريعة على كاي . كانت السمراء الصغيرة الحجم تراقبهما بصمت وذهول ، ولكنها انسحبت بسرعة إلى غرفة النوم بعد تبادلها النظرات مع جوان .
زاد إغلاق الباب من إحساسها بحميمية حضوره وتمنت أن تستدعي كاي لتبقى معها ، استدارت لتواجه الحوض وتعمدت أن تغطس يديها في الماء كي لا يرى ارتجافهما .
انتقل براندت بهدوء إلى جهة الخزائن وأرخى مرفقه على لوحة التنشيف وأسند ظهره إلى الجدار . وبدا أن نظراته تركزت على عروق عنقها النابضة التي كشفت إحساسهابوجوده . جفلت جوان عندما رأت يده ترتفع ولكنها احمرت خجلا عندما وضعها في الجيب الداخلي لسترته غالية الثمن .
كانت نبرات صوته المسلية متهكمة عندما وضع مغلفا فوق لوحة التنشيف .
-لقد نسيت أن تأخذي شيكك بعد الظهر .
بلعت جوان ريقها :
-هل صححته ؟
أجابها براندت بهدوء من يكظم غيظه :
-نعم ... لقد أصدرنا الشيك بالمبلغ الصحيح .
فاتهمته جوان بحدة ولكن بصوت خفيض :
-أنت تعرف تماما ما أعني .
تمعن براندت في وجهها بطريقته اللامبلية والكسولة ، متفحصا كل ملامحها :
-يجب أن تعرفي يا جوان بعد أن عملت عندي ثلاث سنوات أني دائما أحصل على ما أريد .
لوت عنقها بعناد بزاوية حادة ، وعززت من جمال رقبتها :
-ليس في هذا الشأن .
تعمقت الخطوط حول فمه وبدا أن صبره يكاد أن ينفذ :
-لماذا لا تقبلين الشيك بلا من جعله مشكلة كبيرة ؟
استدارت جوان مبتعدة عن براندت سريعا بعد أن سمعت قرعا الباب . ولم تهم وهي ترى كاي تخرج من غرفة النوم لتفتح الباب ، فهي تحتاج ابضع لحظات بعيدا عن حضور براندتالذي يفقدها أعصابها مهما كانت هذه اللحظات قصيرة .
توسلت إلى كاي بعينيها ألا تسارع بالذهاب مع جون ، ولكن جون على غير عادته ، كان لديه مخططات أخرى وأصر على كاي أن يذهبا فورا كي لا تفوتهم بداية الفلم ، ولم يفت براندت رؤيتها ترتبك عندما غادر جون وكاي وبقيا بمفردهما .
خلع براندت معطفه في الوقت الذي كانت فيه جوان تركز انتباهها على كاي وجون . جعلت قامته وأناقته أنفاس جوان تتقطع ، وجعلت ثياب السهرة التي يرتديها من الصعب على جوان أن تدمج بين صورة هذا الغريب الواقف أمامها مع صورة صورة الرجل الذي تعمل عنده يوميا .
استفهم منها بخفة :
-ألا تخرجين للسهرة هذا المساء ؟
ضرب سؤاله وترا حساسا :
-ألا يبدو لك الأمر واضحا ؟
وأشارت جوان إلى قميصها القديم الذي استغنى أخاها عنه وإلى سروالها الجينز الضيق ، وقد شعرت أن ثيابها غير لائقة نسبة إلى ثيابه :
-بهذه الملابس لا يمكنني الخروج في موعد مع أحد .
-من الصعب التكهن بهذا نسبة لما ترتديه الفتيات هذه الأيام
ولكن انتقاده رد إليه بالمثل ك
-أنا متأكدة أن النساء اللواتي يخرجن معك انيقات مثلك .
لم يعد براندت متكئا على حافة الحوض بل أصبح بعيدا عنها بعدة أمتار فتجاوزته وهي تعود إلى الصحون المتكدسة في الحوض ، وسألته بتهكم لاذع :
- من هي سعيدة الحظ الليلة ؟ أهي الشقراء التي تشبه لعبة صينية والتي رأيتها معك منذ عدة أسابيع ؟
أرجع رأسه إلى الوراء ولمعت عيناه بنظرات راقصة :
-الأفضلية لك ! أنت تتحدثين عن أنجيلا على ما اعتقد وهي لا تشبه لعبة صينية . والتي يمكن تشبيهها باللعبة الصينية لسوء الحظ لم أخرج معها بعد .
فانتفضت وردت عليه :
-لا يمكن اعتبار ذلك سوء حظ لأنك ترفض مزج العمل مع اللهو .
علا العبوس وجهه فجأة وأدركت أنها تخطت حدودها فوضعت يدها على شعرها وأرجعت خصلة ذهبية اللون إلى مكانها وهزت كتفيها وكأنها تعتذر :
-لقد تكلمت خارج إطار الحديث ، لا تدعني أؤخرك . لا شك أنك متشوق للقاء من وعدتها بالخروج .
رد عليها براندت وهي يحدق إليها بضيق :
-ليس من السهل إلهائي عن سبب وجودي في شقتك يا جوان ، ماذا ستفعلين بشأن الشيك ؟
وافقت جوان بانزعاج :
-اعتقد أني يجب أن أقبله .
على الرغم من ابتعادها عنه خطوات ، كانت كالفراشة المعلقة بدبوس ، فهي لم تستطع أن تحرر نفسها من نظراته المهيمنة .
طالبها براندت:
بهدوء هل تعدينني بذلك ؟
كادت جوان أن لا تعطيه وعدا في لحظة تمرد . ولكنها تكهنت أنه لن يغادر قبل أن يحصل على وعدها ن وبقدر ما كان يؤلمها قربه الشديد منها كانت تتمنى أن يبقى .انتزعت جوان الكلمات من حلقها المنقبض العضلات :
-أعدك أني لن أمزقه ثانية .
تقلصت زوايا فنه وهو يدرك احتمالات أن تنكث بوعدها وترمي الشيك في زاوية ما .
-أنا لست ثرية كي لا أحتاج إلى كل قرش أحصله ، أؤكد لك أني سأصرفه .
ابتسم براندت :
-أرأيت أن ذلك ليس صعبا .
فاجأته وهي تقاوم تسارع نبضها المفاجىء بفعل ابتسامته الساحرة .
-لم تترك لي مجالا إلا الموافقة ، وهل من سبيل آخر لأجعلك تغادر ؟
فهزأ منها وهو يراقب كيف لعقت شفتيها بعصبية :
-هل أنت منتظرة ذهابي بقلق ؟
-بمقدار ما أنت نتحمس للذهاب ؟
جال بنظراته في الغرفة ثم حدق إلى وجهها الشاحب
-ما أدراك ربما أرت البقاء .
غلفت كلماتها برفض خفيف
-لا أستطيع أن أصدق أنك تفضل صحبتي رغم إرادتي ، على صحبة أنجيلا المعشوقة .
أمسكت يده بمعصم يدها اليسرى فيما كانت تهم بالابتعاد عنه ، وشدد قبضته عندما حاولت التملص وأدارها نحوه بلطف ،أكدت لها قدرته على تطويع مقاومتها مدى قوته ، ولكن هذا الانطباع زال بسرعة ليحل مكانه مشاعر انتشرت على كامل جسمها .
تلاعب براندت بالألفاظ بنبرة غريبة :
-لا يدهشني أنه يكمن خلف النظارات وكعكة الشعر السخيفة لسكرتيرتي الكفؤة . امرأة حساسة وغير مطمئنة .
كم هي بحاجة إلى ذراعيه كي تحميها وتهدئها . لم تجرؤ على التنفس خوفا من أن تكشف إعجابها به ، وركزت نظراتها على عقدة ربطة عنقه وهي تتمزق بعذاب الشوق إليه .
أفلتها براندت بحركة قاسية دلت على فقدان الصبر وسار برشاقة نحو الكرسي حيث ألقى معطفه ، فتقلبت أحاسيس جوان في داخلها بفعل الصدمة المفاجئة التي أحدثها انسحابه .
قال لها بحدة :
-سأتأخر عن آنجيلا إذا لم أذهب الآن .
أجابت متهكم بصوت منخفض ومتمالك كي تخفي رعشة الألم التي مرت في داخلها :
-ليس من المستحسن أن تجعلها تنتظر .
رد عليها براندت بنفس الطريقة :
-هذا صحيح ! وهي على العكس منك متشوقة لرفقتي .
حملته خطواته الثقيلة بسرعة إلى الباب والردهة الخارجية حيث تردد ، ثم ألقى عليها سؤالا دل على اهتمام متحامل
-هل ستكونين على ما يرام وأنت بمفردك هنا بالشقة ؟
فتصلبت جوان مغتاظة من غرور الرجل فيه :
-سأكون منشغلة كثيرا هذه الليلة بصورة لا تجعلني أشعر أني وحيدة . سيصل أيد في الصباح ويجب أن أنجز أعمالا كثيرة قبل وصوله.
فحدق إلى كل قسمات وجهها وأمرها :
-أقفلي الباب بعد ذهابي !
وهكذا فعلت جوان .



عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:19 AM   #7

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5 - من يحميها من الذئب ؟

سمعت جوان وهي تدخل مكتبها جارور خزانة الملفات المعدني يغلق بعنف .
فرشقت براندت بنظراتها في الوقت الذي كان ينظر فيه إلى ساعة يده .
أعلمته ببرود وهي تسير نحو علاقة الثياب لتعلق عليها معطفها :
- لقد جئت قبل الوقت بخمس دقائق .
وجدته متكئاً إلى الخزانة وكانت خطوط فمه القاسية مشدودة الأطراف في إبتسامة
صفراء فيما كانت نظراته تتمعن بها بإستهزاء .
- لم أعرف أنك يا آنسة سومرز غير دقة مواعيدك ، على الرغم من أني ظننت أنك ربما تسرقين بعض الوقت
هذا الصباح بعد أن أمضيت عطلة أسبوع مليئة بالمشاغل .
كانت عطلة نهاية الأسبوع في الواقع باهتة ومملة .
لقد اصطنعت الكثير من الإبتسام الضحك ، وادعت كثيراً أنها تتمتع بصحة أيد.
أجابته بلطف وهي تسير نحو طاولتها وتلتقط نظارتها الطبية من حقيبةيدها وتضعها على وجهها :
- أنا مثلك يا سيد ليون لا أسمح لحياتي الخاصة بالتأثير على عملي .
والآن مالذي كنت تبحث عنه في خزانة الملفات ؟
تهكم على محاولة جوان الماكرة تغيير مجرى الحديث :
- لقد تلبست جلد الموظفة بسرعة ، أليس كذلك يا جوان ؟
لم تكن دوافع ملاحظتي إلا اهتمام ودي من صديق بأن تكوني قد أمضيت عطلة الأسبوع كما تمنيت أن تكون .
- لست مهتماً بكيفية قضاء عطلتي مع أيد أكثر من إهتمامي أنا بتفاصيل عطلتك مع إنجيلا.
كانت كلماتها المتصلبة ممتلئة بالكثير من غيرتها المريرة .
لقد كانت عطلتها الأسبوعية مسكونة بطيف براندت وهو يضم إنجيلا بين ذراعيه .
تصلبت قسمات وجه براندت ، ثم أبتعد عن الخزانة وسار بخطوات عريضة إلى باب غرفة مكتبة المفتوح وتكلم
من دون أن يدير ظهره .
- أردت الجدول الكامل لمشروع بلاكوود . أجلبيه لي في مكتبي ،
عندما تنتهي الحرب الباردة أعلميني بذلك.
لذع هذا الكلام جوان ولم تجد رداً :
- لا أعرف عن ماذا تتكلم ؟
توقف براندت عند عتبة الباب وضاقت عيناه وهو يحدق إلى نظراتها الباردة والمتعالية ، وانتفض قائلاً:
- أنا لست معتاداً على تلق رد بارد قط لأني ألقيت ملاحظة بريئة .
تساوت نبرات صوتها مع نبرات صوت براندت المشدودة :
- لم نتبادل من قبل أسرار بعضنا البعض ، ولا أجد سبباً لنفعل ذلك الآن .
فضحك وقال :
- أيتها الصغيرة الحساسة والمتزمتة ! لم يكن في نيتي الدخول في خصوصياتك أو تبادل الأسرار الحميمة .
فنوع الحديث الذي كان في بالي وهو كيف أمضيت عطلة الأسبوع ؟
ليكون ردك عليه : ( لقد أمضيت وقتاًُ جيداً ، ثم أتابع وأقول : ( لقد أنتهى اللهو وها نحن رجعنا لنعمل طوال أسبوع )
لقد كانت نواياي بريئة جداً .
احمر وجه جوان خجلاً وقد أرجعها كلام براندت إلى موقف دفاعي ، وحاولت أن تجد عذراً :
- أنا لم أعرف ..أنا لم أدرك ..لقد أسات الفهم وأنا متأسفة .
أشاحت بنظراته عنه عندما مال برأسه نحوها مستفهماً وقد غاب عن صوته الإستياء :
- أنت كالعاده تقيمين الجبال وتقعدينها من لاشيء ..هل تقبلين أن نعقد السلام ؟
تحرك فمها في إبتسامة تجريبية ووافقت على عرضه :
- نعم ! لقد حل السلام .
هز رأسه فجأة وظهر بريق متراقص في عينيه :
- حسناً ..أجلبي لي هذا الجدول ، لقد حان وقت العودة إلى العمل .
صمدت الهدنة بصورة مدهشة ، ولم تعد التشنجات الصغيرة بينهما تفجر الجو .
كان الأمر مراً حلواً بالنسبة لجوان ، ولكنها على الأُقل لم تعد مضطرة إلى الإنتباه لكل كلمة تقولها خوفاً من أن يسيء برنادت الفهم .
إضافة إلى ذلك ، فهذا الأسبوع هو أسبوع ( عيد الميلاد) ومن الخطأ أن لا يعلن السلام بينهما .
فعيد الميلاد هو مناسبة للحب ، وقلبها مفعم بحب براندت ، ستقدم استقالتها بعد شهر وتخرج نهائياً من حياته ،
ومن الأفضل أن تترك صديقاً عادياً بدلاً من تحريضه على شنّ حرب باردة عليها .
ترددت أصابعها على مفاتيح أحرف الآلة الكاتبة وتمنت لو أنها لم تتذكر أنها ستترك قريباً هذا العمل ، فقبل دقيقة كانت تسبح صامتة في بهجة عيد الميلاد.
صممت ألا تسمح لنفسها بالعودة إلى كآبة اليأس ، فهي ستأخذ الأوتوبيس الليلة لتعود إلى المنزل وتمضي عيد الميلاد مع عائلتها .ولن تترك لشوق لا فائدة منه أن يفسد عليها هذه الزيارة .
فتحت كاي الباب ودخلت إلى مكتب جوان . وكانت تلمع على شفيتها إبتسامة رضى . وعاتبتها بلطف :
- ألست جاهزة بعد ؟ لقد أصبح الجميع في الكافتيريا ولم يبق غيرك وغير السيد ليون .
ابتسمت جوان بدورها . فكاي تحب دائماً الإنضمام إلى الحفلات ، وحفلة عيد الميلاد السنوية في الشركة
هي مناسبة أخرى كي تستعرض شخصيتها المنفتحة . فردت عليها :
- سأنهي عملي لهذا اليوم حالماً أنتهي من طباعة هذه الرسالة .
تنهد كاي :
- أنت مخلصة أكثر من اللازم لعملك ، ما الذي يهم إذا أنتهت هذه الرسالة اليوم أم لا ؟
غداً يوم عطلة عيد الميلاد وهي لن تسلم إلى المكان المرسلة إليه .
فردت جوان بعقلانية :
- لن يستغرق مني طباعتها أكثر من بضع دقائق . وهكذا لن أجدها بإنتظاري عندما أعود من العطلة .
كشرت كاي أنفها وانساقت نحو الباب :
- حسناً ، لن أنتظرك ، سوف نبدأ الحفلة الساعة الواحدة والنصف والوقت الآن الواحدة والربع .
فردت جوان واعدة أياها :
- سألحق بك بعد قليل .
وضعت الرسالة بعد أن أنتهت من طباعتها مع مجموعة الأوراق الأخرى التي تنتظر توقيع براندت ، ثم رتبت طاولتها .
كانت روح كاي المرحة معدية ، فوجدت أن الإبتسامة أخذت طريقها إلى شفيتها وهي تحمل الرسائل وتسير نحو الباب الموصل لمكتب براندت .
دقت على الباب بخفة ودخلت المكتب بعد أن استداعاها .
كان مسنداُ ظهره بكسل إلى كرسي جلد كبير . وفيما كانت تقترب من طاولته أربكتها الإبتسامة التي ارتسمت على فمه .
قالت له وهي تضع الأوراق على طاولته :
- هل تتفضل وتوقع هذه الرسائل سيد ليون لأرسلها اليوم ؟
فالتقط قلمه وبدأ توقيع الرسائل .
- وتنتهين من كل شيء بعد ذلك ، أليس كذلك ؟
وافقته جوان بهدوء وقد جذبت انتباهها الطريقة التي كان ينساب بها قلمه على الورق : نعم .
تكلم إليها من دون أن يرفع رأسه :
- لقد تأخرت عن حضور الحفلة .
- وكذلك أنت .
لم يكن بإمكانها منذ عدة أيام قبل أن يعقدا الهدنة بينهما الرد بهذه السهولة وبهذه العفوية .
وقع على الرسالة الأخيرة ، ولكن عوضاً عن إعادة الرسائل لها ،
بدأ يطويها ويضعها داخل الملفات الخاصة بها .
ثم رفع نظره إليها وابتسم :
- أنت على حق ، ولكن من المفترض أن يصل المدير مـتأخراً ويغادر مبكراً كي لا يربك الموظفين
ويكبح جماح تمتعهم بالحفلة .
أثارتها إبتسامته وأرسلت في داخلها صدمات متكررة وحالت إهتمامها إلى الرسائل :
- أعتقد أنه من الطبيعي أن تكون واعين لتصرفاتنا عندما تكون حاضراً .
تعمدت وضع نفسها ضمن بقية موظفي الشركة على الرغم من أنها
ليست كذلك تماماً .
فقربها من الرئيس رفعها إلى مرتبة لا يمكن تفسير ماهيتها .
أقفل براندت المغلفات على الرسائل ولكنه احتفظ بها في يده
- هل تخجلين من حضوري ؟
فردت عليه جوان بحذق :
- ليس بقدر الآخرين الذين يرونك فقط عن بعد .
تجولت نظراته على وجهها وتفحصت ملامحها اليقظة :
- إذا أنا بالنسبة لك لست بالآله الذي لا يقهر والذي يحمل سيفاً بيده ، سيف الطرد من الوظيفة .
تملصت من الجواب :
- إنك رئيسي في العمل .
إنه كامل القدرة في سيطرته على قلبها وأحاسيسها ولكنها لا ترغب في إعتباره إلهاً .
مدت يدها لتأخذ الرسائل فسلمها المغلفت بعد تردد .
قالت وهي تحس بحرارة يديه على المغلفات :
- سأذهب إلى الحفلة الآن .
- ليس الآن .
علا وجهه القاسي الملامح تعبير ساحر وهو ينهض عن مقعده ويدور حول الطاولة إلى حيث كانت تقف ،
وأسرت نظراته عيني جوان البنيتن الحائرتين بهيمنته .
- أريد أن أعطيك شيئاً قبل أن تذهبي .
رددت وراءه متسائلة ( تعطيني ؟) بصوت ضعيف يكاد لا يسمع وراقبته يمد يده إلى جيبه ويسحب علبة مجوهرات مسطحة .فشعرت
بأن هناك شيئاً آخر يكمن وراء لمعان عينيه ، وسبب ذلك تسارع نبضها .
كانت يداها ترتجفان بعنف وهي تأخذ منه العلبة ، ولم يكن بوسعها إلا التحديق إلى أسم متجر المجوهرات الراقي والمعروف الذي كان
محفوراً على سطح العلبة الجلدية .
طلب منها براندت فتح العلبة .
سلط عينيه على رأسها المنحني وراقبها منتظراً .
عبثت جوان بالعلبة التي تمسك بها لثانية ثم فتحت الغطاء تلبيه لطلبة .
فلمع أمام عينيها شكل دائري ملقى على سطح من المخمل الزيتي اللون مؤلف من
غبر براندت للموظفين عن سرور حقيقي وغير مصطنع عندما كشف عن هديته ولكنها لم تشعر بدغدغة الفرح . فقد ملأتها الحسرة وظهر الحزن العميق في عينيها وهي تسمع الرنين الخافت لسوارها وتنظر إلى رأسه من الخلف عندما التفت إليها .

نظر براندت من فوق كتفه وكأنه كان يحس بوجودها طوال الوقت ، وقال وكأنه لم يعرف لتوه أنها ابتعدت :

- هل اخترت هذه الهدية بنفسك يا آنسة سومرز ؟

تنحى الأشخاص الذين كانوا يقفون أمامها إلى الجانب عندما استدار ليواجهها :

- إن ذوقك رائع .

لم تجد جوابا غير : أتمنى .... أن تكون أعجبتك .

ابتسم لها برضى :

- يجب أن تذكريني بألا أعيرهما لأحد .

أجابته من دون أن تلاي نظراتها نظرته : بالطبع .

عندما نظر فوق رأسها لمع في عينيه بريق مفاجىء وقاس وقال بنبرة قوية :

- لم أتلق من قبل دعوة جريئة بهذه الصورة ، ولن إكون إنسانا إذا رفضتها .

أصيبت جوان بالحيرة بسبب كلامه الغريب حتى نظرت إلى الأعلى ، ورأت كرة الميلاد والتي تشير إلى من يتلقى عناق الميلاد معلقة على شريط الكهرباء فوق رأسها . اصطبغ خداها باللون الأحمر القاني عندما رفعت رأسها . وفي جزء من الثانية أصبح براندت إلى جانبها ، فيما كان جميع من في الغرفة يطلقون صيحات الابتهاج .

حدقت جوان بعجز إلى وجهه قاسي الملامح ، واخترق رجاؤها الهامس الصمت المخيم :

- براندت ، أرجوك لا !

فالتمع وجهه بابتسامة عريضة :

- أين روح عيد الميلاد عندك يا آنسة سومرز ؟

أخفضت أهدابها باستياء عندما أمسك ذقنها بأصابعه ، وتناهى إلى سمها صوت ضربات قلبها الخافق . ثم أحاطها بذراعيه وعانقها وأخذ وقتا أكثر مما تستدعيه هذه الطقوس الميلادية مما جعل جميع المتفرجين حولهما يسجلون هذه الواقعة في ذاكرتهم .

مالت جوان نحوه عندما انتهى الطقس الميلادي ولكن يداه التي كانتا على كتفيها ثبتتاها في مكانها لبضع ثوان حتى استعادت تمالكها لنفسها .فتحت عينيها وهي تشعر بالحرج والاستياء وتقابلت نظراتها مع تحديقه المتفحص . فمازحها براندت بلطف وبتهكم واضح :

- أوه يا آنسة سومرز اعتقد إنك ترغبين بصفعي ؟

كانت تود القيام بذلك كرد اعتبار لكبريائها :

- لم يكن ذلك إلا عناقا بريئا للاحتفال بعيد الميلاد .
ولكن المشاعر التي أثارها فيها لم تكن بريئة ولم يكن بمستطاع جوان الإفصاح عنها . ولم تجد ما تقول ،


فاختارت أسهل السبل وقالت وهي تميل برأسها وتصطنع الابتسام .


- عيد ميلاد سعيد يا سيد ليون .


التفت براندت بعد ذلك إلى أحد موظفيه الكبار وحول الأنظار عن جوان بمهارة ، أما كاي التي شاهدت تعابير التشنج على وجهها فجائت وبدأت تثرثر بكلام فارغ ،وحافظت على هذا الحوار المنفرد حتى أصبح بإمكان جوان التجاوب معها . اختلط براندت ببطء مع مجموعات الموظفين ، وأصبح في طرف الغرفة القابل للطرف الذي كانت جوان تقف فيه ومع ذلك لم تكن هذهذ المسافة بعيدة بحيث تكفي لإزالة إحساسها القوي بوجوده .


بدا وكأن ليس بإستطاعتها التنفس بحرية إلى أن ترك براندت الحفلة بعد نصف ساعة ، كانت تفضل أن تترك الحفلة بعده فورا ولكن الظروف أملت عليها أن تبقى وقتا أطول كي لا يساء فهم دوافعها في الخروج بعده ، لأن الشكوك بأن هناك علاقة بين جوان وبراندت عادت لتبرز ثانية بين موظفي شركة ليون المقاولات .


بعد مغادرة براندت تحلق الموظفون العازبون حول جوان ، ولم تستطع أن تعرف هل انجذبوا إليها بسبب جمالها أو بدافع الفضول ليتأكدوا إذا كانت في الحقيقة من الممتلكات الخاصة للمدير . لم يكن يعجبها أحد منهم ولم تساعد نظراتهم الوقحة في تبديل رأيها بهم .


كان توم أيفيرز الموظف الأكثر إلحاحا في التقرب منها . كان ما يزال متشبثا بالبقاء إلى جانبها حتى بعد انقضاء ساعة من الوقت ، فأشارت إلى كاي بصمت كي تأتي لأنقاذها من هذا الموقف ، فاستجابت لها بسرعة ، وشاغلته ما يكفي من الوقت كي يتسنى لجوان الانسحاب .


كان الأوتوبيس الذي سيقلها إلى بلدتها سينطلق بعد ساعة ونصف ، كان لديها من الوقت ما يكفي لتحزم حقيبتها الصغيرة والهدايا الموجودة في شقتها وتأخذ تاكسيا إلى محطة الأتوبيسات .


ولكن آخر ما كانت ترغب به هو أن يعرض توم أيفيرز أن يوصلها بسيارته . وقد توجب عليهاكي تجعله يتقبل رفضها أن تكون وضحة وغير مهذبة .


ارتدت بسرعة سترتها التي ألقى بها برادنت على ظهر أحد الكراسي في غرفة مكتبها والتقطت حقيبة يدها عن طاولتها . وتمهلت بضعة ثوان لتخرج منها نقودا معدنية كي تدفع أجرة الباص . وعندما أرادت أن تدور حول طاولتها ، ظهر توم ايفيرز على عتبة الباب ، كان يسد عليها الطريق بجسمه الكبير والمفتول العضلات فأطلق ابتسامة مليئة بالإيحاءات :


- إذا هذا هو المكان الذي هربت إليه . كان يجب أن تخبريني أنك تريدين الذهاب إلى مكان ما بمفردك . فأنا أعرف مكانا مريحا أكثر من هذه الغرفة .

ترددت جوان لجزء من الثانية وهي تدرك تماما طول الممر الخالي الذي يفصل بين غرفتها والكافيتيريا ، ثم مشت بتصميم إلى حيث علقت معطفها وقالت بحدة :
- لم أكن ابحث عن مكان لأكون فيه بمفردي ، أنا ذاهبة لأمضي عيد الميلاد مع والدي ووالدتي ويجب أن أصل إلى المحطة قبل مغادرة الأتوبيس .
اقترب منها :
- سوف أوصلك إلى منزلك .
ردت جوان مشددة : كلا ، شكرا لك .
فاستاء منها وقال :
- لا تستخدمي دور البرود هذا معي .
تطاير شرر الغضب من عينيها لثانية ، ولكنها ابتلعت غضبها وحاولت أن تتخطاه بالالتفاف حوله . لم تكن عند توم أيفيرز النية في أن يدعها تمر ، فتهكم وقال :
- ألن أحصل بدوري على عناق عيد الميلاد ؟
رددت بتعال وبرود : - دعني أذهب .
وقبل أن تتكهن نواياه انطلقت يداه وأمسكتا بكتفيها :
- أنت تحبين أن تتمتعي في البداية ، أليس كذلك ؟ لا أمانع في ذلك .
كان أطول من جوان بعدة سنتيمترات ولكنه أقوى منها بدون جدال وقد شعرت بذلك وهو يجرها نحوه ، قاومته بعنف وهي تحرر نفسها منه وهي تشيح وجهها تجنبا لرائحة أنفاسه الكريهة .
- دعني أذهب .
ما كادت صرختها تنطلق من بين شفتيها حتى انفتح الباب بين الغرفتين على مصراعيه . وقبل أن يتسنى لها التعبير عن الفرح الذي أحست به لرؤية براندت ، كان قد خلصها من قبضة توم المقرفة وأطاح به إلى الجدار . لم تنقطع أنفاس توم أيفيرز تماما ونقل نظراته الشريرة بين براندت وجوان .
قال وهو يصلح من هندانه ويبتعد عن الجدار :
- لم أكن أدري أنك شديد الاهتمام بها يا سيد ليون .
فأمره براندت بصوت منخفض وبنبرة متسلطة :
- أخرج يا أيفيرز قبل أن أدرك سهولة الاستغناء عنك !
لم يستطع أيفيرز أن يودعهما وهو يخرج متصلبا من المكتب غير بقوله :
- كل ما أردته هو بعض التسلية البريئة .
كانت جوان ترتجف بقوة فلفت ذراعيها حول جسمها كي تتقي رعشة البرد التي أحست بها .
في هذا الوقت أحست بأصابع تلمس وجنتيها المحترقتين فانتفضت لا شعوريا مبتعدة عنها . ثم لاحظت أن براندت هو الذي يقف أمامها . بدا لها أن صدره يوفر لها الأمان فاستندت إليه من دون أن تعي ماذا تفعل ، فأحاطتها ذراعاه برقة :
- هل أنت بخير يا جوان ؟
تنفست الصعداء وشعرت أن حالتها تحسنت بسرعة وهو يضمها إليه : نعم !

فقال وهو يداعب شعرها برقة :

- كان يجب أن أعرف أن الكشف فجأة عن السنديريلا الجميلة التي بيننا سيجعل الذئاب تنطلق من مخابئها .

بدأت جوان تشعر بالراحة بين ذراعيه أكثر مما ينبغي . . . فأبعدته عنها بلطف ورمته بنظرة امتنان .

- إني بخير الآن . . شكرا لك .

تقلص فمه في ابتسامة لم تمتد إلى عينيه الزرقاوين اليقظتين :

- لقد كنت في غرفتي ولم أستطع أن أمنع نفسي من سماع ما جرى .

تنهدت جوان وهي تأخذ معطفها وحقيبتها التي وقعت على الأرض خلال صراعها مع توم .

- إني سعيدة لأنك كنت موجودا .

فسألها :

- هل عليك أن تلحقي بميعاد انطلاق الأوتوبيس أم كان ذلك وسيلة للتخلص من أيفيرز ؟

نظرت إلى ساعة يدها :

- كلا سأذهب إلى بلدتي لقضاء عطلة الميلاد . والي يتوقعان مجيئي . ولدي وقت كاف لأخذ أغراضي من الشقة وألحق بالأوتوبيس .

فأمال رأسه مستفهما :

- قد يكون من الصعب العثور على سيارة تاكسي . كنت علا أهبة الذهاب ، هلى تسمحين أن أوصلك إلى محطة الباصات ؟

(( أنا. . . )) كانت جوان على وشك أن ترفض ثم وجدت نفسها تقول لا شعوريا (( نعم ))

كانت الشوارع مزدحمة والكل يهرع من طرف إلى آخر في المدينة ليلحق بالفوضى السنوية لعيد الميلاد ، وصلا إلى المحطة وكان قد بقي عشر دقائق لانطلاق الباص ، فرافقها براندت إلى المدخل وجاء لها بحمال ليهتم بحقائبها .

وفيما كان المذياع ينادي المسافرين مد لها يدها ليودعها :

- عيد ميلاد سعيد ياجوان .

- عيد ميلاد سعيد يا براندت .

كانت ترغب أن تمضي معه وقت أطول ولكنها كانت تعرف أنها لا تستطيع ، وأفلتت يده بتردد . وفيما كانت تضيع في خضم المسافرين كانت الدموع تملأ عينيها .


عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:20 AM   #8

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6- هل تريدين ان أرحل ؟

مر عيد الميلاد الذي امضته مع عائلتها برضى كامل . وكان جمع شمل سعيد , مع بقاء الجميع مستيقظا الى ما بعد منتصف الليل .
مع ان الاطفال كبروا الا انهم وجدوا لعبة سخيفة في جواريهم صباح الميلاد , فوالد جوان اصر على انه لابد من وجود شيء من الطفولة في نفس كل واحد .
افضل الهدايا كلها كانت حين اتصل اخوها الاكبر , كيت , صباح الميلاد من ألمانيا . مرة واحده فقط سمحت جوان لنفسها ان تتساءل كيف يمضي براندت العطلة . على الارجح مثلها مع والديه .
مع انتهاء فترة الميلاد يوم الاربعاء عادت الى العمل يوم الخميس. وما عدا سؤال عرضي " هل تمتعت بالميلاد ؟" كانت تصرفات برادت عملية كالعاده . لكن ليس كالعاده حقا كما اعتادت جوان التفكير , فقد بدا متكبا على التعويض عن وقت العطلة .
في يوم الجمعة وفي وقت متاخر من بعد الظهر , احست وكانها عملت اسبوعا كاملا خلال يومين , ممع ذلك لم تكن تتطلع شوقا لنهاية الاسبوع ؟
سيكون امامها الكثير من الوقت للتفكير المتكاسل , ولسوف تفضل ان ترهق نفسها عملا بدلا من التفكير بمصير حب غير متكافيء .
كان فقدانها للتركيز قصيرا . بتنهيدة متعبه , بدات تصلح الاصل والنسخ الـ3 في العقد الذي تطبعه .
وهي تصحح النسخة الثالثة , رن جرس الهاتف , وطلب صوت انثوي ناعم منخفض:
- براندت ليون , ارجوك ؟
وضعت جون السماعه تحت ذقنها وهي تتابع التركيز على ما تفعل :
- انا آسفة , لكن السيد ليون في اجتماع . هل اطلب منه اعادة الاتصال بك ؟
- هل انت سكرتيرته الخاصة ؟
- اجل .. انا كذلك .
- ربما تستطيعين مساعدتي .. انا انجيلا فار .
جمدت يد جوان .. واكمل الصوت :
- لدى براندت تذاكر لحفلة موسيقية مساء الغد هل تعرفين لأي عرض هي ؟ والدي مصران على ان ينضم الينا للعشاء ولا اعرف ما اذا كان من الافضل تناول العشاء قبل او بعد الحفلة .
اخترق السؤال وعي جوان .. لكنها لم تكن قادرة على الرد فورا . كان هناك برودة موت احاسيسها وهي تفكر الى أي مدى يناسب الصوت المنغم الرقيق , الشقراء الناعمة.
ارتجف صوتها قليلا , حسدا وسخطا :
- انا آسفة انسة فار.. فالسيد ليون يهتم بشؤونه الخاصه بنفسه . وليس معي المعلومات التي تطلبينها .
سمعت تنهيدة آسى :
- هل تقولين له انني اتصلت وتطلبي منه ان يتصل بي حين يكون حرا !
ردت بجفاء:
- طبعا .
- رقمي معه وشكرا على أي حال .
لزمها كل قوة ارادتها لتمنعها من صفع السماعه في اذن الشقراء .
لم تكن جوان بحاجه الى من يشرح لها ان الامور كانت تأخذ طابع الجدية بين براندت وانجيلا اذا بدا بتناول العشاء مع ابويها .
مدفوعه باحباط مفاجئ, هاجمت العقد على الآلة الكاتبة تحدث ثقبا في النسخة الـ3 . وانتزعت العقد كله عن الالة لتبدأ بطبعه مجددا .. كادت ان تنهيه حين عاد براندت من الاجتماع مع مراقبي مشروعه .. وكانت اول لكلماته لها :
- هل انهيتِ عقد مادلي ؟
ردت بصوتها الغاضب المتزمت :
- تقريبا .
عبس متعبا :
- ظننت انك انهيته .
- قاطعتني مكالمة هاتفية .
كانت الرسائل الهاتفية على طاولتها , والتقطها براندت لينظر اليها .. رأت جوان انه تردد قليلا عند وصوله الى الملاحظة عن مخابرة انجيلا.
بسرعه التقطت نظرته نظرتها المراقبة :
- الانسة فار اتصلت ؟
- منذ 20 دقيقة . كانت متلهفة لتعرف الى أي عرض موسيقي حجزت التذاكر .
طافت عيناه على وجهها ثم عادتا بحده الى الرسائل وهو يستدير ليذهب :
- ادخلي لي العقد حال ان ينتهي .
انهت جوان العقد ووضعت النسخات وثبتتها معا في غضون دقائق ... سارت نحو الباب المشترك وادارت يدها المقبض لحظة قبل ان تدق , ووصلها صوته قبل ان يفتح الباب , كان يقول بشراسه :
- انجيلا ... يجب ان اطير الى بيوريا غدا .. ولو كنت قادرا على ارسال بديل عني لفعلت .
ثم ساد صمت كانت انجيلا ترد على كلامه .. وكان على جوان ان تقفل الباب مجددا وتنتظر الى ان ينهي براندت المكالمة لكنها فضلت الواجب وسمعته يسأل بحده ساخطة :
- لو كنت اظن انني سأعود في الوقت المناسب لما الغيت خططنا اليس كذلك ؟ والدك رجل اعمال وانا واثق انه سيفهم .. انجيلا لن اجادلك , لدي مخابرات اخرى اجريها .. سنناقش المسألة الليلة .
سمعته يعيد السماعه لمكانها , فدقت على الباب بخفة , حين دخلت مكتبه كانت السماعه في يده الاخرى وهو يطلب رقما اخر .
نظر الى العقد الذي وضعته على طاولته وهز رأسه امتنانا .
- غرايغ ستيفن , رجاء هنا براندت ليون , اود مكالمته .
اقفلت جوان الباب المشترك بينهما ولا تشعر بأي ابتهاج من معرفتها ان براندت يلتقي بوالدي انجيلا غدا لأنه سيراها الليلة .
كانت ناهية الاسبوع كلها سوداوية بالنسبة لها .. حتى صباح الاثنين المشرق بأشعة الشمس لم يطرد منها ظلال الاكتئاب . وامضى براندت ايام الاثنين والثلاثاء والاربعاء , مع احد الموظفي لديه ولم تستطع جوان ان تعرف اكانت سعيده ام حزينة برؤيته اكثر ..
كانت جوان تستعد متكاسلة في مغطس ملئ بالرغوة حتى نادتها كاي انها وجون خارجان وتمنت لها جوان وقتا طيبا , ثم احست بالصمت يزحف على الشقة وتنهدت بعمق مقررة انها ستعتاد على قضاء امسية السنة الجديدة لوحدها .
كانت كاي قد اقترحت تدبير موعد لها لهذه الامسية مع احد الرجال الذين يعمل جون معهم . لكن جوان رفضت الاقتراح فورا .
فلم تضغط عليها للقبول , فمنذ حفلة المكتب عرفت ان كاي خمنت جزءا مما يحدث , مع ذلك ترفض ان تبكي على كتف احد .
فلطالما وقع الناس في حب الشخص غير المناسب وتقلبوا على خيبتهم .. ولسوف تفعل هي كذلك ... مع الوقت .
ارتدت روبها الاخضر الزيتوني الذي كان هدية والديها لها في الميلاد ,في غرفة الجلوس والطعام المشتركة , ادارت التلفزيون الصغير الذي اقرضه لها اخوها في مدة غيابه في المانيا .. دون وعي , لم تغير المحطة من لعبة لكرة القدم المعروض , فهي لا تريد سوى صوت يملأ صمت الشقة .
وضعت كتابا على ركبتيها , وبالكاد استقرت بارتياح على الوسائد حين سمعت وقع اقدام لشخص اخر مجهول يمضي امسية رأس السنة لوحده مثلها .
ثم فكرت بأسى انه قد يكون على موعد مع شخص اخر , صحيح ان الساعه الآن الـ9 الا ان بعض الحفلات لا تبدأ سوى في وقت متأخر , وهي تفكر مضت لحظات لتدرك ان الدق الذي تلا كان على بابها .
قطبت حيرة ووضعت الكتاب على اريكة قربها لتسير حافية القدمين الى الباب . تركت السلسلة معلقة وفتحت الباب بضع انشات بما يسمح برؤية الزائر غير المتوقع .. ثم دارت الدنيا من حولها بجنون للحظات .
رفرفت عينيها بسرعه لتتاكد انها لا تتخيل الاشياء :
- براندت ؟
- هل لي ان ادخل ؟
وتعثرت بالسلسلة ,تفتح الباب وتتراجع , لا تتزال تتوقعه ان يختفي في اية لحظة , كانت قد راته كثيرا في ثياب سهرة وبذلة عمل , لكنها لم تره ابدا يرتدي ثيابا عادية كما الليلة .
معطفه كان معلقا على كتفه بأصبعه , الكنزة الكشمير بلون الازرق تناسب لون عينيه تماما اللتان تدرسانها بشكل يثير الاضطراب
قال بتوقف داخل الباب ويقفله وراءه :
- رايت النور في شقتك من الشارع وتساءلت عما اذا كنت في المنزل .
ردت بغباء :
- اجل انا هنا .
لم تصدق انه هنا ... لابد من وجود سبب منطقي لوجوده .
- اهناك مشكلة في المكتب ؟
كان على تعابيره مسحة حزن غريبه "
- لا .
ببط تجاوزها ليقف امام التلفزيون :
- هل هي مباراة جيده ؟
- انا ... لا اعرف . لقد ادرته منذ دقيقتين فقط.
رمى معطفه على ظهر الاريكة :
- اتمانعين لو شاهدتها معك ؟
احست برغبة مجنونه للضحك .
- لا ... لست امانع .
ارتبكت مشاعرها وتشوشت , وعادت الى مكانها متردده في الجهة الاخرى من اريكة ... هل تشاجر هو وانجيلا ؟ يبدو ان من المستحيل ان يكون في شقتها لو لم يتشاجرا
لكن لا يمكنها التفكير بسبب اخر لوجوده ... نظرت اليه خلصة عبر رموشها .. كان يحدق في التلفزيون متجاهلا وجودها . سألته :
- ارتغب في شيء من البوب كورن وقليل من الكولا ؟
بدا وكأنه يشد نفسه من مكان بعيد , ونظر اليها للحظة :
- اجل .. ارغب .
حين عادت الى الاريكة وكوب الكولا معها , كان براندت يتناول البوب كورن . شكره الهادئ لها تركها دون تشجيع .. وبدا لها غير راغب في المشاركة في أي حديث عادي .
لم تستطع ان تعرف ما اذا كان صمته مرده الاهتمام باللعبة ام بسبب حدث مجهول سبق وصوله الى شقتها .. كانت تميل اكثر الى التفكير بان السبب الاخير هو الصحيح .
سالها فجاة :
- هل تمتعت بزيارة ابويك في الميلاد ؟
تشتت شجاعتها , ولزمها لحظات لتعيد جمعها , لتجيب وهي تتلاعب بزوايا كتابها :
- اجل .. كثيرا . اتصل بنا اخي من المانيا صباح الميلاد , واظن هذا كان اضل هدية وصلت لمي .
- اكان هذا اول عيد ميلاد لا تجتمع فيه عائلتك كلها ؟
نظرت اليه بدهشة :
- اجل وكيف عرفت ؟
- من النبرة الحزينة في صوتك .. كنت سعيده لسماع صوته مثل سعادة امك .. لابد انك كنت مقربة منه .
- هذا صحيح .. كنا قريبين جدا الى ان بدأ كيث يدخل مرحلة مراهقة .. لكن هذا لم يدم طويلا .
ترددت قليلا لا ترغب في ان يموت الحديث :
- اعتقد انك امضيت الميلاد مع ابويك .
- اجل ... لكن اختي فينيتا لم تستطع الحضور .. ولو انها اتصلت , لكن لسوء الحظ قبل وصولي .
- لقد صنعت امي كل انواع الحلوى ..
اسندت رأسها على ظهر الاريكة :
- ..... ولا شك انني زدت 5 ارطال في يوم واحد !
- ألم يتمكن ابدا من ان ياتي لأمسية العام الجديد ؟
- لا .
ارتفع حاجباه دهشة :
- واخترت قضاء رأس السنة الجديدة لوحدك ؟
- ليس هذا بالضبط .. لم يكن لدي عروض ارغب في ان اقبلها , وماذا عنك ؟ كنت اظنك والانسة فاو خططتما لهذا المساء .
مد يده لحفنة من البوب كورن , وتعبير غامض في نظرته .. كبتت انفاسها تنتظر الرد تتساءل ما اذا كان يجب ان تسأل .
- اتمانعين لو لم نبحث امر انجيلا الليلة ؟
اذن لقد تشاجرا .. وتنفست عميقا :
- انا لم ارغب حقا في الكلام عنها .. كنت اعجب فقط لأنك هنا بدلا من ان تكون معها تحضران حفلة ما .
- اكتشفت انني ارغب في صحبتك.
تحولت الخطوط حول فمه الى ابتسامة للنظرة غير المصدقة في عينيها البنيتين :
- لا تظهري دهشة هكذا جوان !
ابتلعت ريقها بشده :
- لا استطيع منع نفسي ... لماذا ؟
ضحك بنعومه يقترح بسخرية :
- اذا لم أكن لرؤيتك فلماذا انا هنا ؟
لم يكن هناك سبب اخر تستطيع جوان ان تفكر به , خاصة وأن من الواضح ان براندت لم يات الى هنا لمناقشة عمل ما , وهكذا لم ترد , وكان في صمتها الرد المؤثر .
مع ذلك لم تستطع الخلاص من الاحساس بان شجارا مع انجيلا هو السبب غير المباشر لمجيئه الى شقتها .. وهي لاترحب في ان تستغل كوسيلة سلوى او انتقام , او مهما كان السبب الحقيقي .
الصمت الذي ساد لا يمكن ان يوصف بانه ودي . كان مقعد واحد فوق اريكة يفصلهما لكن , بالنسبة لأعصاب جوان المتشوشه , لم تكن هذه المسافة كافية .
حين بدات نشرة الاخبار المتأخرة , جلست تستمع لأخبار العالم والطقس والمحليات , لكنها وقفت مع الاخبار الرياضية .
جلبت حركتها نظرة تساؤل فورية من براندت .. فقالت تشرح بسرعه :
- فكرت ان انظف مقلاة البوب كورن والزبدة , اترغب في قليل من الكولا .
اعطاها كوبه :
- ارجوك .
بينما كانت المياه تجري في المغسلة , اعادت ملء الكوب وحملته له .. متمنيه لو كان لديها مغسلة مليئة بالصحون , وهي تغسل اخر الاطباق
دخل براندت ورائها بخفة القط ليأخذه من يدها بعد ان كاد يقع من يدها دهشة .
ضحكت مرتجفة :
- انا ... ظننت انك لا زلت على الاريكة .
- اترغبين في المساعده ؟
- لا ... فهذا آخر الصحون .
لم يعد براندت الى الاريكة , وبقي قرب رف المغسلة , ارتجفت يداها قليلا تحت نظرته المتفحصه وهي تنهي التنظيف بدقه ... ثم سأل :
- هل عشت طويلا في هذه الشقة ؟
- 3 سنوات تقريبا .. انتقلت اليها انا وكاي بعد وقت قصير من العمل عندك . كل منا كان يعيش في شقة مفروشة لا يستطيع أي منا تحمل ايجارها
وكانتا بعيدتين عن مكان عملنا . حين رأينا الاعلان عن هذه تجاهلنا معاضة اهلنا وانتقلنا الى هنا .
- ومتى ستتزوج كاي ؟
- اوه انها ستتزوج في حزيران .
- وماذا ستفعلين ؟
- اتوقع ان لنفسي شريكة جديدة ... مع انني اشك في ان اجد من اعيش معه بسهولة مثل كاي .
- ولا حتى صديقك ؟
نظرت اليه بدهشة ساخطة فسارع يقول :
- كنت اشير الى زواجك المرتقب بذلك الشاب , ايد... بالتأكيد هذا امر ممكن , اليس كذلك ؟
ابتلعت جوان الغضب المتفجر الذي تصاعد الى حلقها لتفسيرها الاول لسؤاله , وردت :
- انه امر من غير المحتمل حدوثه ,
- اذن لم يكن السيد الناسب ؟
بدأ الغضب في عينيها وهي تستدير لتواجهه :
- اتمانع اذا لم نبحث امر ايد ؟
تعمدت استخدام ذات الجمله التي رفض فيها الحديث عن انجيلا ,واشار اللمعان المتألق في عينيه الى انه لاحظ غضبها .
مع تنظيف الصحون والمغسلة , حاولت جوان ان تعود الى الاريكة لكن يده امسكت بكم الروب بخفة , فأجفلها وكانها لامست تيارا عالي التوتر .
- يعجبني روبك .. هدية ميلاد؟
كانت نار زرقء في عينيه تحرق جسدها .
- من والدي .
ابتعدت يده ... لكن تنفسها لم يعد الى طبيعته ... ووجهت قدميها غير الراغبتين الى التلفزيون لتغير الفتاة من احتفال بالسنة الجديدة الى اخرى تعرض فيلما قديما ..
وهي تستدير عن التلفزيون كان براندت يقف خلفها يسد طريقها الى الاريكة , ونظرة مراقبه في عينيه .
- ارتدين ان ارحل جوان ؟
اوه ... يا الله ... انها لا تريده ان يرحل ابدا , انه سؤال غير عادل ابدا .
فتشت عن رد لائق وقالت :
- ارحب بك ان تبقى قدر ما تريد .
سألها بجفاء :
- يجب ان تعيدي صياغة هذا الرد .
قفزت نبضاتها الى حلقها , وطغت عليها موجدة حرارة لونت خديها .. ابعدت نظرها بسرعه عن نظرته المثيرة للاضطراب .
- عنيت فقط ان بإمكانك البقاء لفترة اطول اذا اردت .. لكن هذا لا يضعك تحت أي التزام كي تبقى .
- لا تكوني متحمسة هكذا .
-حسنا , ماذا تريدني ان اقول ؟
رد ساخرا :
- هذا يتوقف على من تطرحين السؤال .
اتجهت عيناها الى كل مكان عداه :
- لست ارى ماذا تعني .
قال بهدوء :
- اذا كنت تسألين رئيس شركة ليون للانشاءات, فرده سيكون الرحيل فورا ... من ناحية اخرى سيقول براندت ليون .. سأبقى الى أي وقت تسمحين له , هل فهمت الآن ماذا اعني ؟
هزت رأسها بغضب :
- لا ... لا ... لا اعرف ما تعني ! انت تتكلم بالالغاز وانا لم اكن يوما جيده في حلها .
سارت حوله خائفة من ان تكون حاله نفسية مشوشة قد جعلتها تقرأ كلامه اكثر مما يعني .. وانطلقت يده لتمسك معصمها وتشدها الى الخلف ... وتمتم :
- اذن دعيني اعطيك فكرة .
اندفعت يده الاخرى تحت شعرها الطويل ترفع رأسها الى الخلف . واستكانت له كونها ضحية يائسة لحبها , جعلتها النار المنطلقة بسرعه في شراينها مطاوعة مع لمسات يديه .
لم يعد للزمن أي قياس وهي بي ذراعيه , مسترخيه , لكن ذكرى رفضه السابق لها عادت اليها .
لم يشك براندت ان سبب تحركها هو تحرير نفسها من ذراعيه , كانت اطرافها المرتجفة تهدد بأن لا تدعها وهي تقف قرب الاريكة .
كانت عيناها البنيتان يغشاهما الحب وهي تستدير مبتعده ,, تمتمت :
- انا ... سوف .. احضر القهوة .
لكنها لم تصل الى رف النطبخ .. اذا امسكت بها يداه وتمت بخشونه وقال :
- لا اريد القهوة .. ولا الشاي .. او الكولا او أي شي من هذا ... كل ما اريده هو انت .
همست :
- براندت ,
استدار مفتاح في الباب .. اخترقت صيحة "اوه" وهي جوان بعد لحظة من استعادة براندت وعيه .
ابعدت يديها عنه واحست بخفقان قلبه المضطربه واصابعها تمر على صدره ...
كانت لا تزال لم تخمن تماما سبب الصوت , وارتفعت عيناها الى وجهه ... كانت نظرة عينيه الغاضبتين الباردتين موجههة نحو الباب ... فاستدارت بحيرة .
وجدت كاي محمرة الوجه ومعها جون ينظران اليهما , مسمران عند الباب تماما . كطفل ضبط يلغب بالكبريت , خطت جوان مبتعدة لمسافة امنه عن عيني براندت ... يداها خلف ظهرها وكأنما لتخفي دليلا ما .
تمتمت كاي :
-انا اسفه جوان .. لم اكن اعرف ان .. احدا قد يكون هنا .
اكملت جوان في نفسها : " وعلى الاخص براندت ليون" وتحولت وجنتاها الى لون قرمزي قاتم حرجا ... ثم تنفست بارتجاف وقالت :
- لا بأس في هذا .

تكلم براندت بخشونة برمي جون بنظرة ثاقبه :
- اجل ... كنت على وشك المغادرة .
قادته خطواته الواسعه بسرعه الى الاريكة. حيث التقط معطفه ليعطي التأكيد لكلامه ... ولم يكن هناك شيء يمكن لكاي وجون ان يفعلاه سوى الدخول الى الشقة اكثر والاعتذار الصامت لا زال في عيني كاي .
سأل براندت :
- هل ترافقينني الى الخارج جوان ؟
ترددت جزءا من الثانية :
- اجل .. بالطبع .
وتحركت بارتباك الى جانبه .
لم يتوقف برندت بالباب المفتوح بل تابع الى الرواق الخارجي ومد يده خلفها يقفل باب الشقة خلفهما ... نظرت الى السجاده تحت قدميها وقد اخذ الصمت بينهما يؤثر على معدتها
كان براندت يبعد عنها عدة اقدام ... لكنها كانت تحس بعينيه الكبيرتين تتفحصانها :
- هل تأتين معي ؟
اوقف سؤاله الهادئ الصارم قلبها لحظة ... لكنها قالت :
- الى اين ؟
لم يرد على الفور ... بل انتظر الى ان نظرت اليه :
- الى شقتي .
- لا .
ولم تشق نفسها كي تضيف المزيد .
تنهيدته فتحت الجروح في قلبها وهو يسأل :
- لماذا ؟
استدارت عنه تماما :
- جنون منك ان تاتي الى هنا الليلة .
لم تستطع الرد المباشر على سؤاله ... لم تستطع ان تشرح له انها لا تريد ان تكون وسيلة يخفف فيها تأثير الجرح الذي لاشك ان انجيلا سببته له ... كانت تعرف ان هذا هو الدافع الوحيد له ليغازلها .
- اذن .. لماذا لم تطلبي مني الرحيل ؟
ضحكت بمرارة :
- وكيف يمكن ان افعل ؟
- بان تردي صادقه حين سألتك .
حرقت لذعة الدموع عينيها وهي تجبر كلمات ساخره على ان تخرج من فمها :
- كيف يتمكن أي انسان ان يأمر رب عمله بان يخرج ؟
جعلت اللامبالاة في صوته كلماته اكثر ايلاما :
- ظننتك مختلفة .. ظننت ان هناك شعلة انسانية فيك .. لكنك جشعة مغرورة مثل غيرك.
- لماذا ؟ لأنني لا ارغب ان افسد عملي ؟
رد بازدراء :
- هل كنت خائفة ان تفقدي عملك , ام انك رأيت وسيلة للاحتفاظ به ؟
همست :
- لا تحاول وضع نفسك في مصاف ارفع منا جميعا , فأنت لم تكن افضل مني , دوافعك لمغازلتي كانت لتنتقم من انجيلا.. كنت انا مجرد وسيلة انتقام
- وماذا كنت انا ...؟ بديلا عن ايد ؟
لم تقل شيئا .. كان قلبها يتمزق الى آلاف القطع وكانه شظايا زجاج .. كان يمكن ان تتحمل عدم اكتراثه , لكن بعد هذه الليلة سوف ينظر اليها بكراهية لظنه انها خدعته .
امسكت يديه كتفيها وادارها اليه ليمسك ذقنها بقوة , لينظر اليها لحظات .. ثم تركها والالماس الازرق في عينيه يخترقها حتى الصميم .
قال ساخرا :
- عام سعيد جوان .
ثم سار في الرواق مبتعدا .



عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:22 AM   #9

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7 - أتــركنـــي أهـــــــرب

عندما عادت جوان إلى العمل بعد علطة رأس السنة ، كان الجو كثيفاً بصورة بدا معها أنه يمكن قطعة بالسكين .
بدا براندت ظاهرياً وكعادت دائماً مهتماً فقط بالعمل ولكن عينيه كانت تحملان شيئاً من التأنيب كلما نظر إليها ،
مع أنه لم يكن ينظر إليها كثيراً .
أدركت جوان في نهاية اليوم الأول أن الوضع أصبح لا يحتمل .
ولم تجد سبباً لتأجيل استقالتها ، فلا شك أن براندت سيكون سعيداً لرؤيتها تترك العمل .
تعاطفت كاي معها عندما أعلمتها بقرارها ، وكانت الفتاتان قد ناقشتا الوضع بالتفصيل خلال العطلة ،
فقد عارضت كاي بشدة عودة جوان إلى العمل في اليوم الثاني من شهر يناير .
وأصرت عليها أنه ليس من الضروري أن تقدم لبراندت إنذاراً بترك العمل بعد أن أستغلها بطريقة حقيرة في محاولة
لإرضاء نزواته ، وهي لن تجد صعوبة بالمؤهلات التي تملكها في العثور على عمل جديد في شركة أخرى ،
وقد أكدت لها كاي أن راتبها سيكفيهما كلتيهما إذا لم تعثر على عمل .
لكن جوان تشبثت برأيها وأصرت على أنه يجب أن تعطي براندت
إنذاراً قبل أسبوعين من تركها العمل ، إلا في حال استطاعت تدبير بديلة مناسبة عنها خلال ذلك الوقت ،
وفي النهاية تقبلت كاي قرارها على الرغغم من تأكيد ها أن جوان على خطأ .
كان في نية جوان أن تكتب رسالة الإستقالة فور وصولها إلى المكتب في الصباح
ولكن ما أن دخلت مكتبها حتى بدا أن هناك أكثر من مئة عمل يديرها براندت أن تقوم به وبسرعة بالغة .
ولم يتسن لجوان لحظة فراغ واحدة حتى حانت ساعة تناول طعام الغداء فطبعت الرسالة ووقعتها وانتظرت الفرصة لتقديمها لبراندت .ولكنها
نسيت تماماً الأجتماع الأسبوعي الذي يعقده مع رؤساء الأقسام ، فقد انتهى دوام العمل وهو ما يزال في الإجتماع .
وتكرر الأمر نفسه في يوم الجمعة .
بقيت رسالة الإستقالة في حقيبة يدها طوال عطلة الأسبوع . وفي يوم الأثنين دخلت المكتب بهدوء المستسلم لقدرة
وهي مصممه على أن يكون أول عمل تقوم به هو تقديم الأستقالة إلى براندت فحملت البريد
الوارد ودفتر المواعيد اليومي ورسالة الإستقالة المهمة جداً لها وقرعت على باب غرفته ودخلت عندما دعاها .
وجدت براندت يتكلم على الهاتف وأشار إليها بالجلوس ، فأخذت مقعداً مواجهاً لطاولته ووضعت استقالتها
فوق الأوراق وهي تريد الإنتهاء من تلك المسألة قبل كل شيء .
وانشغل عقلها بكل التفسيرات التي فكرت بها ، وهكذا لن تعر انتباهاً للمحادثة الهاتفية التي
كان يجريها عندما وضع سماعة الهاتف .
أخذت جوان نفساً عميقاً وهي تتحضر للخطاب الذي ستلقيه عليه ، ولكنه لم يتسن لها أن تفتح فمها .
سألها براندت وقد نهض عن مقعده :
- هل هناك أي شيء هام في البريد يستوجب التعامل معه فوراً ؟
أطبقت أصابعها على رسالتها وقالت :
- كلا . ولكن .
قاطعها وسار إلى حيث معطفه .
- ألغي كل مواعيدي لهذا اليوم . إذا أحتجت لي سأكون في موقع شارع شالمرز .
تمتمت جوان من دون وعي وهي تمسك رسالة الإستقالة بشدة أكثر :ماذا ؟
أجابها :
- كان لانغ على الخط الآخر للهاتف . فلقد طرأ عطل على أحد مصاعد الخدمة . وسقط إلى الدور الأرضي وقد حجز بداخلة أثنين من العمال .
نهضت عن مقعدها ولحقت ببراندت الذي خرج من المكتب ، ونسيت كل ما يتعلق برسالة إستقالتها .
- هل إصابتهما خطرة ؟
فأجابها وهو يرتدي معطفة ويفتح باب المكتب الخارجي .
- أحدهما فقد الوعي ويبدو أن الآخر كسر ساقة .
لا أظن أنه يمكنني العودة إلى المكتب اليوم عندما ننتهي من إنقاذ الرجلين ،
سأعقد أحتماعاُ أنا وبوب مع مفتشي السلامة ، إن بوب على أتصال بهم الآن .
لم تتذكر جوان أنها لم تقدم إستقالتها إلا بعد أن ذهب براندت وعادت لتجلس إلى مكتبها وتقوم بالإتصالات الهاتفية الضرورية
لإلغاء مواعيده .
بدا أن القدر يتآمر عليها فهي لا تريد مزيداً من الوقت لتعيد التفكير في قرارها .
علمت جوان صباح الثلاثاء أن أحد العمال إصيب بإرتجاج في المخ والآخر كسر ساقة .
وقد قام براندت برزبارة خاطفة إلى المكتب ثم عاد إلى موقع العمل ،
وهكذا بقيت الرسالة مغلقاً عليها داخل الجارور .
وصلت جوان صباح الأربعاء إلى المكتب ولكنها لم تجد براندت هناك .
وتر هذا الإنتظار الطويل أعصابها بقوة . ومرة أخرى وضعت رسالة الإستقالة مع البريد الوارد ومع دفتر المواعيد استعداداً لوصول براندت .
دخل براندت المكتب عندما كانت جوان تتكلم على الهاتف ،
فانقبض قلبها بشدة وهي ترى خطوط التعب والإعياء محفورة على وجهه القوي .
وقف إلى جانب طاولتها منتظراُ أن تنتهي مكالمتها ثم قال لها :
- سيحضر بوب لانغ إلى المكتب بعد عشر دقائق .
أريد لايل باينز في مكتبي كي نراجع أنا وبوب معه التقارير التي وردت عن سلامة الموقع .
أكدي عليه أن يكون حاضراً .
ذكرته جوان بسرعة :
- من المفترض أن يراجع السيد كونالي الحسابات معك هذا الصباح .
فظهر على وجهه المهموم عبوس يدل على نفاذ صبر :
- لقد أجلت هذا الموضوع إلى ما بعد الظهر . اهتمي بإحضار باينز .
التقطت جوان سماعة الهاتف واتصلت بمكتب بوب ورأت براندت
بطرف عينيها وهو يلتقط البريد ودفتر المواعيد ويحمل معهما رسالة إستقالتها المحشورة بينهما .
قالت جوان بسرعة وهي تسمع جرس الهاتف الآخر يرن :
- سأراجع هذه الأوراق معك بعد دقيقة .
فرد عليها وهو يتجه نحو باب غرفته :
- لن يكون ذلك ضرورياً .
في هذه اللحظة جاء رد باينز على الهاتف فلم تتمكن جوان من إيقاف براندت .
كان في نيتها طيلة الوقت أن تسلمه استقالتها يداً بيد لا أن تدعه يجدا ضمن بريد الصباح .
وحالما أنتهت من تبليغ لايل باينز طلب براندت ، نهضت بسرعة من مقعدها لتحاول استرجاع رسالة الإستقالة
قبل أن يعثر براندت عليها . ولكن القدر عاندها ثانية لأن جرس الهاتف رن عندها وأعادها إلى مكانها .
فأخذت تدون الرسالة الطويلة فيما أعصابها كانت تتمزق من الإحباط .
دخل بوب لانغ ولايل باينز المكتب في الوقت الذي رنّ فيه جرس الهاتف الداخلي ، فردت جوان مرغمه ، وقالت بسرعة :
- وصل السيدان لانغ و باينز لمقابلتك .
كان الغضب المكتوم واضحاً جداً في نبرة صوته الذي أتى عبر المذياع :
- أخبريهما أن يعودا بعد نصف ساعة .
لم تحتج جوان للتكرار لأن الرجلين كليهما سمعا هذا الأمر .
ووافقا بإيماءة صامتة من رأسيهما . وبعدما غاردا أرغمت على الإمتثال لأمر براندت لهما وأحست
أن التشنج قد قلص عضلات معدتها .
أقفل براندت باب مكتبة خلفها ثم أشار إلى رسالة الإستقالة الموضوعة على الطاولة
وقال بنبرة باردة قوية :
- أريد تفسيراً لذلك يا جوان .
لعقت شفيتها الجافتين بعصبية :
- أنا آسفة ، كنت أنوي أن أسلمك إياها شخصياً هذا الصباح .
- إنها مؤرخه يوم الخميس الفائت ، ألم تستجمعي الشجاعة لتسليمها لي حتى الآن ؟
هزت ذقنها قليلاً :
- كنت سأسلمك إياها يوم الخميس لو لم تكن في الإجتماع طيلة بعد الظهر ،
ولم أرغب يتركها لك لتجدها بعد أن أغادر ، لقد كنت منشغلاً جداً ، وفي الواقع كنت خارج المكتب .
خبط بالرسالة على الطاولة دلالة على نفاذ صبره :
- لم توضحي لي الأسباب التي دفعتك لتقديم إستقالتك .
غضت نظرتها إلى الأسفل نحو الطاولة ، تهرباً من نظراته النافذة .
بدأت الحرارة تدب في وجهها وتمنت لو تذكرت أن تضع نظارتها كي تحمي عينيها من تفحصه لهما ، ثم تمتمت :
- لقد أعتقدت أن الأسباب واضحة .
رد عليها بلطف :
- ليس بالنسبة لي .
- أنت لا تتوقع مني أن أتابع العمل عندك بعد ..بعد ..
تحولت هذه المقدمة إلى همسات محرجة . أطبقت أصابعها في قبضة عاجزة واستدارت بزاوية حادة مبتعدة عن طاولتة ، فحثها على
إكمال جملتها : بعد ماذا ؟
أنهت جوان جمبتها بتوتر :
- بعد حادثة تلك الليلة .
- عن أي ليلة تتكلمين ؟

انفجرت غاضبة لتعمده البلادة :
- أنت تعرف جيداً ما أعني ، ليلة رأس السنة .
فمال برندت على كرسية إلى اوراء بخفة وعدم تكلف .
- كنت قلقة في تلك الليلة من إمكانية خسارتك الوظيفة ،
والآن أن تنوين التخلي عنها . وإذا أخذت بالإعتبار الجهد الذي كنت مستعده لبذله كي تحافظي على وظيفتك لفهمت سبب حيرتي الآن .
فأكدت له جوان :
- تغيير الرأي هو إمتياز للنساء ؟
- هل يوجد في جعبتك عمل آخر ؟
- لا أستطيع بكل ضمير أن أبحث عن عمل آخر قبل أن أسلمك الإستقالة .
فرفع حاجبيه متسائلاً :
- أفترض أنك تريدين إستعمال أسمي للتوصية بك .
رفعت رأسها وقد أخذها الكبرياء :
- أعتقد أن عملي هنا كان مرضياً جداً .
إبتسم براندت بمرارة :
- أكثر وأبعد مما يتطلبة الواجب .
صرخت جوان به بمرارة بسب إيحاءات كلامة المبطنة :
- هل تكف عن جعلي أبدو وكأنني أنا هي الرخيصة والحقيرة ؟
ظهرت على وجهه ثانية تلك الإبتسامة التي لا ترحم .
- أنت كنت البادئة . وأنت من سمح لي بأن أعانقك من دون أي إعتراض
وليس في المرة الأولى فقط . بكل صراحة ، هل كنت تتوقعين مني أن أتجاهل دعوتك لي ؟
فإعترضت بتردد :
- أنا ..أنا أعتقد أنك كنت على خطأ .
وفيما كان ينحني للأمام للتقط رسالة الإستقالة قال :
- أحقاً ما تقولين ؟ أنا أكثر خبرة يا جوان ، وأعرف إن كانت المرأة هي البادئة بالعناق أم لا .
لقد تركت خيالك يذهب بعيداً ، وأنا لست على إستعداد كي أخسر سكرتيرة جيدة لأنك وبكل بساطة تكونين أحياناُ غبيه .
قطعها لسانه الحاد إلى شرائح فأجابت :
- لقد أعطيتك إنذاراً أسبوعين .
اهتزت زاوية فمه :
- أحقاً ما تقولين ؟
وبتعمد بطيء مزق الرسالة إلى قصاصات ورماها في سلة المهملات .
- ليس عندي ما يثبت ذلك .
- وأنا ببساطة سأطبع إستقالة أخرى .
وافقها براندت الرأي وعبس :
- إني أعرف تماماًُ عنادك . ولكن ما أطلبة منك هو أن تعيدي النظر في قرارك ،
وإذا كنت تشعرين بالإحساس ذاته في الأسبوع المقبل فسوف نبحث في الأمر .
فحذرته جوان : لن أغير رأيي .
تنهد ثم أنحنى فوق مجموعة الوثائق الرسمية الممدودة على الطاولة :
- أنت معقده جداً ، ولا أردي إن كنت سأستطيع أن أفهمك في أحد الأيام .
أطلبي من لانغ وباينز الحضور إلى هنا .
في الوقع ، لم تخبر جوان كاي أبداً أن براندت لم يوافق على إستقالتها .
كان لديها النية الكاملة في تقديم رسالة إستقالة أخرى في صباح الأثنين .
وأخبرت صديقتها أن مفعول إنذار الأسبوعين سيبدأ يوم الأثنين .
بدأت كاي ليلة الجمعة قراءة الإعلانات المبوبة في الصحف .
مؤكدة في الوقت ذاته أن جوان لا تحتاج للإنتظار أكثر من ذلك ،
فيجب أن تبدأ بتعبئة استمارات طلب العمل لوظائف آخرى .
وصممت كاي أن تبدأ جوان ذلك من صباح السبت .
لم يكن لجوان حجة مقبولة لعدم تعبئة الإستمارات ، ولكنها
لم تكن متشوقة لذلك ، بالرغم من أنها كانت تكرر في نفسها أن تغيير مكان العمل سيكون أفضل حل ويجب
أن تبدأ بالإنتقال بأسرع ما يمكن .
شعرت جوان بمزيج غريب من الإرتياح عندما وصل أيد توماس على غير المتوقع من كليفلاند
صباح السبت مما جعل كاي تضع كل مخططاتها على ارف لتتفرغ إلى برنامج عطلة الأسبوع
الذي يضم جوان وأيد إليها وإلى جون . أمضى الأربعة طيلة فترة بعد الظهر
في جدال حول المكان الذي سيذهبون إليه لتناول العشاء وإمضاء
السهرة ، انتهت المناقشة أخيراً وتوصلوا إلى تسوية مجنونة انطوت على موافقة جون
وأيد لعى تحضير طعام إيطالي للجميع في شقة الفتاتين .
كانت السهرة أبعد ما تكون عن الرومانسية ، ولكن بالنسبة لجوان كان هذا الوضع هو الوضع الذي تفضله .
وجدت كاي أن أيد لا يجيد طبخ المعكرونه بمفردة وبينما كانت
تساعده سمعت على الباب صوت دقات خفيفة .
تأوهت جوان :
- أعتقد أنه المشرف على البناية . لا شك أنه شم رائحة المعكرونة المحروقة فطلب الأطفائية !
ضحكت كاي وهي تحاول أن تطرد رائحة الحريق ملوحة بيدها .
- وربما جاء لإنقاذنا بإستعجال مطفأة الحريق .
قالت جوان بهمس تآمري فيما كانت تهرع نحو الباب .
- والأسوأ من ذلك . أن الطارق قد يكون السيدة التي تعيش في آخر الرواق .
ومن المحتمل أنها استشاطت غيظاً لأننا نستقبل رجالاً في شقتنا وقد طلبت لنا الشرطة .
انفجر الجميع ضاحكين على هذا التعليق فيما كانت جوان تحاول جهدها لإخفاء ضحكتها عندما فتحت الباب .
ومن بعدها زالت عندها كل رغبة في الضحك عندما وجدت نفسها تحدق إلى براندت .
حياها بهدوء ونظراته تتفحص وجهها برقة . حركت رأسها بإعتراض عاجز :
- براندت ؟ أنا ..
جاء صوت أيد ملعلعاً بوضوح بينهما :
- من يكون الطارق يا حبي ؟
قست تعابير عيني براندت فوراً وتحولت إلى البرودة والإنزواء .
تجاهلت جوان سؤال أيد وهي تدرك أن الباب يحجب الرؤية عن براندت .
سألت في صوت خفيض :
- هل ..تريد شيئاً .؟
عبس وارتفع حاجباه قليلاً :
- أردت أن أدعوك الليلة إلى العشاء .
تحولت نظراته النافذة عن وجهها إلى الغرفة .
- كان يجب أن أدرك عندما لم أستطع الإتصال بك اليوم بأنك منشغلة بأمور أخرى .
تصلبت جوان :
- لماذا تريد أن تأخذني للعشاء ؟ من المؤكد أن أنجيلا لها الأولوية في مرافقتك .
تقلصت عضلات فمه :
- أعتقد أن هناك بعض الأمور التي يجب تسويتها بيننا ، من الواضح أنني كنت علىخطأ.
سألته وهي تريد يائسة أن تعرف : أية أمور ؟
لم يرد عليها براندت فيما كانت نظراته تتفحص وجهها ببطء مما كاد يوقف قلبها .
فاهتز كتفاها قليلاً وكأنه لمسها ، أشاح نظره عنها بحدة ونظر إلى الرواق المؤدي إلى الشقة وقال عابساُ :
- لم أكن أنوي أن أدعوك إلى منزلي إذا كان ذلك ما تظنين .
تنفست جوان بصعوبة :
- هذا ليس عدلاً ، فأنا لم أفكر في ذلك بتاتاً .
هزأ منها بقسو ة :
- ألم تفعلي ذلك ؟ ألأم تكوني الآن ترتابين بدوافعي مثلما فعلت دائماً ؟
نطقت اسمه بتضرع لكي يتفهمها : براندت ..
أرادت أن توضح أن ليس بإستطاعتها الوثوق به لأنها تحبه بعمق وهو لا يبادلها هذه العواطف .
فالعشاء البريء برفقته سيكون عملية تعذيب بالنسبة لها .
ولكنها لم تستطع أن تعبر عن أي من أفكارها لأنه في اللحظة
ذاتها أحاطت ذراع أيد كتفها بشدة .
قال أيد لبراندت :
- أنا آسف لهذه الضجة ، أنا متأكد أن جوان وعدت بأن توقف ذلك .
أكمل وهو يرى أن نظرة براندت تحولت إلى المريبة التي كان يضعها وعيناه تلمعان بتهكم .
- أنا وأخي نلعب الليلة دور الطباخ وأخشى أن كارثة حدثت في المطبخ وهذا ما جعلنا نضحك جميعاً بصوت مرتفع .
وضعت جوان يدها على يد أيد وهي تدرك أن هالة براندت المهيبة جعلت أيد يظنة المشرف على البناية .
- أيد ... هذا مديري في العمل ، السيد ليون .
علت وجه أيد إبتسامة عريضه ، وسحب ذراعه عن كتف جوان وصافح براندت .
- إني آسف ، أعتقد أن شعوري بالذنب هو الذي جعلني أعتقد أنك مدير المبنى .
أنا أيد توماس ، لقد أخبرتني جوان الكثير عنك يا سيد ليون .
رأت جوان تمعن براندت في الرجل الذي يقف إلى جانبها وعندما أنهى جملته الأخيرة ، نظر إليها بعينيه الزرقاوين الفولاذيتين وهما
تتطايران شرراً . وتمتم وهو يصافح أيد بأدب :
- أفعلت ذلك ؟ ليس من باب المديح على ما أعتقد .
احمر وجهها فجأة وبسرعة ولكن أيد أخذ كلامه على سبيل المزاح .
- إن لدى جوان إحساساً قوياً بالإخلاص والتفاني ، وهي لم تتكلم عنك إلا بالإحترام والتقدير .
وأمال رأسه مستعلماً فيما كان ينقل نظرة بين جوان وبراندت .
- هل هناك أي مشكلة طارئة ؟
أجاب براندت بلطف :
- وددت أن اسأل الآنسة سومرز عن أمرين قبل صباح الأثنين .لقد حصلت
على ما أريد الآن ،وأرجوك أن تقبل إعتذاري لأني قطعت عليكم السهرة .
رد عليه أيد وهو يلوح بيده طارحاً إعتذاره جانباً .
- لا داعي للإعتذار ، وإذ لم تكن مرتبطاً بموعد ضروري فلمّ لا تتناول معنا الشاي ؟
لقد احترقت المعكرونة تماماًُ وهذا يعني أن لا عشاء عندنا .
أنا متأكد أن جوان تسر لوجودك ، أليس كذلك يا جوان ؟
لم يكن بيدها إلا أن تهز رأسها وتوافق ، تردد براندت للحظة ثم هز كتفيه :
- إذا لم يكن عند الآنسة سومرز مانع ، فسأقبل دعوتكم .
نادت كاي من ظرف الغرفة الذي يستعمل مطبخاً فيما كان الثلاثة
يغلقون باب الشقة وراءهم : ( هل استطعت ترضية السيد غرادي ؟ )
ثم أدرات رأسها وفغرت فاها مندهشة عندما رأت براندت . ولكنها أطبقته
بسرعة وكأنه فخ يطبق على طريده عندما سمعت ما يقولة أيد :
- جوان وأنا دعونا السيد ليون ليتناول الشاي معنا .
قذفت العينان البنيتان البراقتان جوان بنظرات مليئة بالغضب فيما كانت كاي تسألها بصمت
إذا كانت قد فقدت عقلها . لم تشعر كاي أبداً بالحاجة لإخفاء ما تشعر به .
وكان هناك استنكار واضح في صوتها وتعابير وجهها عندما ألقت التحية
على براندت ، حتى جون تحفظ وتصلبت ملامحه .

وبدا أن أيد هو الوحيد الذي لم يدرك ما وراء الأكمة والتوتر الشديد الذي سيطر على جميع من في الغرفة .
كانت جوان تشعر بشدة بالعينين الزرقاوين الباردتين اللامباليتين
اللتين كانتا تلاحقانها فيما كانت توزع فنجانين الشاي التي صبها جون على الموجودين .
كانت شقتها خالية من الكراسي العادية ولذلك جلس براندت على الكرسي الهزاز وجثمت كاي أمام الكنبة التي جلس عليها جون .
وجلس أيد على الكنبة الموضوعة في الجهة المقابلة . ولم يتبق لجوان
مكان خال للجلوس عدا الكنبة إلى جانب أيد إلا إذا أختارت أن تبتعد تماماً عن الآخرين وتجلس على أحد كراسي طاولة الطعام .
وهذا يعني الإقرار بأن وجود براندت يثير أعصابها ، ولهذا اختارت الجلوس إلى جانب أيد .
ترك أيد ذراعها مسترخية على ظهر الصوفا .
أدركت جوان أن الذراع القريبة جداً من كتفها أوحت لبراندت بحميمية معهودة
الإقرار بأن وجود براندت يثير أعصابها ولهذا اختارت الجلوس إلى جانب أيد .
ترك أيد ذراعاً مسترخية على ظهر الصوفا . أدركت جوان أن الذراع القريبة جداً من كتفها أحت لبراندت بحميمية معهودة بالرغم
من كونها غير موجودة على الإطلاق . وأحست أن براندت كان يستمد الإرتياح من رؤية الخطوط المشدودة حول فمها والتي تدل بوضوح على الإنزعاج.
كانت خائفة جداً من أن يتلكاً عمداً في شرب الشاي كي يطيل فترة تعذيبها ، ولكنه أنهى فنجانه قبل الجميع .
بدت الإبتسامة التي ظهرت على ملامحه ودودة جداً ، ولكن جوان كانت قد رأت الإبتسامة الحقيقة في السابق وعرفت أن الإبتسامة الحالية تقليد رديء للإبتسامة الدافئة المخلصة .شكرهم جميعا
على ضيافتهم ونهض عن مقعده . كانت تتوقع أن يختارها براندت لمرافقته إلى الباب عندما أشار إلى أيد أن يعود للجلوس في مكانه .
لم يوجه إليها إلا ملاحظة واحده . نطقها بخفة أوحت أن رغبته في مقابلتها خارج المكتب لم تعد موجودة .
- عمت مساء يا آنسة سومرز ، سنلتقي صباح الإثتين .
قامت جوان يطبع رسالة إستقالتها في ذات اليوم الذي مزق فيه براندت استقالتها الأولى ،
وقد سرت صباح الأثنين لأنها لم تتلكا في طبعها فلقد وجدت نفسها مترددة بصورة غريبة في تقديم الإستقالة .
اهتز تأكدها من صواب رأيها فزيارة براندت غير المفهومة أثارت أمآلاً لم يكن بالإمكان طرحها جانباً .
أنبت نفسها على حماقتها وتمنت لو أن أيد لم يكن موجوداً عندما جاء براندت .
وها هي الآن ينتابها شعور بأنها لن تعرف أبداً .
عرفت جوان أن براندت في مكتبة على الرغم من أنها لم تره ، فقد
سمعت أصوات خلخلة أوراق ووقع أقدام داخل غرفته عندما وصلت .
وكعادتها كل يوم التقطت دفتر المواعيد اليومي والبريد ودفتر الملاحظات لتدون عليه أي تعليمات ، وضمت إليه في اللحظة الأخيرة
المغلف الذي يحتوي رسالة إستقالتها .
عندما دخلت إلى مكتبة ، لم يلق عليها التحية ولم يلمح إلى ما حدث خلال زيارته لها في عطلة الأسبوع .
كانت أول كلمات ينطقها :
- ما هو برنامجي لهذا الصباح ؟
حدد لها براندت في وقت قياسي الرسائل التي يجب الرد عليها فوراً .
ولم يترك لها مزاجه الفظ أي مجال للتعليق أو الأستفهام ،
فقد جعلت طريقة التعالي المفرطة ، من الصعب على جوان أن تجد الكلمات للتحدث عن إستقالتها .
وفي النهاية خانتها شجاعتها فنهضت لتخرج دون أن تقدمها وعندما أصبحت قرب الباب قال لها بلطف من دون أن ينظر إليها :
- إنني على إستعداد لقبول إستقالتك يا آنسة سومرز حالما تنتهين من طباعتها .
اتصلي بوكالة التوظيف التي تتعامل معها واطلبي منها أن ترسل لنا طلبات العمل ومراجعها .
- نعم يا سيدي !
تمتمت جوان وهي تحس بالتخدر ومدت يدها إلى قبضة الباب من دون وعي وقد هبطت معنوياتها ، فلقد كانت تتمنى في سرها أن يحاول براندت ثنيها عن الإستقالة .
أكمل براندت ونظراته القاطعة مثل السيف تسمرها على الباب :
- وأيضاً يا آنسة سومرز . أرجوك أن توضحي لهم أنني أريد موظفة في أواسط العمرة هذه المرة .
والأفضل أن تكون في أواخر الثلاثينات من عمرها وأن تكون متزوجة ، موظفة أستطيع أن أتأكد أنها لن تنجرف مع أوهام وتخيلات سخيفة .
فسألته بعصبية وهي تجاهد لمنع دموعها من الإنهيار :
- هل هذا كل شيء ؟
- حالما تصنفين طلبات العمل حسب الشروط الموضوعة ، حددي لأصحابها مواعيد المقابلات يوم الخميس .
أجبرت جوان نفسها على إخراج الكلمات عبر عضلات حلقها المتشنجة :
- أجل يا سيد ليون .
طلب براندت منها بلطف وبنبرة باردة وهو مقطب الحاجبين :
- ستقدمين إستقالتك اليوم ، أليس كذلك ؟
فانسابت أصابعها المرتجفة بين الأوراق التي تحملها بحثاً عن رسالة إستقالتها ، وشمخت برأسها عندما سحبتها :
- لم أبدل رأيي . ها هي رسالة إستقالتي إنها هنا معي .
لم ينظر براندت إلى المغلف عندما وضعته على الطاولة أمامه
ولكنه تابع النظر إليها متفحصاً تعابير وجهها الجامدة ، ثم قال لها :
- أنا على ثقة بأنك ستختارين بديلة مناسبة عنك .
تمتمت جوان بكلمة الشكر بمرارة وهرعت خارج الغرفة وهي تقاوم موجات البؤس التي تكاد تجتاحها .
قالت في نفسها ذات مره إن براندت سيسر لرحيلها ولكنها لم تصدق ذلك حقاً حتى هذه اللحظة .
شعرت جوان أنها تستطيع مواجهة أية صعوبة بعد أن تجاوزت هذا النهار .
حتى صعوبة اليوم الذي ستخرج فيه نهائياً من هذا المكتب .
استمدت قوة كبيرة من هذا الإنتصار الزائف ساعدتها على العودة إلى العمل في اليوم التالي وهي مصممه
على القيام بواجباتها دون الإستسلام للبؤس المهيمن على قلبها .
بدا أن القناع المهني الصارم الذي وضعه على وجهها كان مناسباً ،
فلم يرتجف صوتها بتاتاً عندما خابرتها وكالة التوظيف للحصول عل معلومات محددة عن شروط الوظيفة .
نظرت إلى ساعة يدها ، فأشارت ****بها إلى الواحدة والنصف تقريباً .
إن كاي ستتصل قريباُ كي تذهب وإياها لتناول طعام الغداء .
قوست جوان ظهرها وهي تمط عضلاتها المتشنجة وتسحب الرسالة من الآلة الكاتبة وتقرأها بسرعة لتصحح الإخطاء التي ربما فاتتها .
فتح الباب المؤدي إلى غرفتها ونظرت إلى الأعلى من دون مبالاة، ولكنها لم تكن مستعدة لرؤية اللون الوردي الذي طغى على الغرفة .
علت تقاسيم الوجه الخلابة إبتسامة جذابة .
- قيل لي إنني أستطيع أن أجد السيد ليون هنا .
استطاعت جوان بقدرة قادر أن تجد القوة على إستعمال لسانها وأكدت لها بنبرة جافة :
- هذا مكتب السيد ليون وأنا سكرتيرته .
تقدمت الشقراء المتمتمه بخفة نحو طاولتها :
- إذا أنت من كلمني على الهتاف منذ حوالي الأسبوع .
أنا أنجيلا فار ، من المفترض أن أنتاول طعام الغداء مع براندت اليوم .
لقد جئت باكراُ ولكنني آمل في إقناعة بترك العمل الآن كي يتسنى لنا أن نمضي وقتاً أطول معاً .
تمتمت جوان وهي تلاحظ بغيرة أصابعها الرفيعة وأظافرها الطويلة المغطاة بالمانيكير بصورة رائعه ،
هذه الإطفار لا تستطيع طابعة آلة كاتبة الأستحواذ على مثلها .
- إنه في إجتماع مع شخص الآن ، ولكنني أستطيع أن أخبره أنك هنا .
فبرزت بسرعة إبتسامة ماكرة كشفت عن أسنان بيضاء لؤلؤية واقترحت عليها :
- ربما ذلك سيجعل المقابلة بيننا .
تقلص حلق جوان بصورة مؤلمة واستطاعت فقط أن تؤمي برأسها.
ثم ضغطت على زر جهاز الإتصال الداخلي .
فيما كان كفاها يتعرقان بسبب عصبيتها وتشنجها .
أتى الصوت الذي رد على ندائها أجشاً وبنبرة تدل على قلة الصبر :
- ما الأمر يا آنسة سومرز ؟
قالت بصوت بارد أشبة بالصقيع على الرغم من رغبتها بأن اكون نبرتها مختلفة :
- وصلت الآنسة فار لرؤيتك .
فتمهل بالرد عليها ثم أجاب بصوت كان من الواضح أنه أكثر دفئاً :
- أطلبي منها أن تنتظرني . لن أتأخر .
نظرت جوان إلى الشقراء المتمتعه الرائعة الجمال بعد أن قطع الإتصال بين الغرفتين .
- هل تتفضلين بالجلوس يا آنسة فار ؟
شكرتها انجيلا وجلست برشاقة على كرسي بجانب طاولة جوان .
- أنت حقاً لطيفة جداً يا آنسة سومرز . كنت أتوقع أن أجدك ، من الطريقة التي يتحدث فيها عنك براندت أكبر سناً .
لم تكن جوان متأكدة إن كان ما قالته إنجيلا إطراءً ، ولكنها اقتنعت أن توتر أعصابها
هو الذي صور لها أن كلام أنجيلا مبطن .
كانت تريد العثور على عيب ما في هذه المرأة ، وكانت تفضل لو أن أنجيلا كانت عأهره متعجرفه عوضاً
عن أن تكون لطيفة ومنفتحه .
لم تجد جوان ما تعلق به على كلام انجيلا من دون تورط إلا :
- يميل صاحب العمل إلى إعتبار السكرتيرات أمراً مسلما به .
- هل تعملين عند براندت منذ زمن طويل ؟
ابتسمت جوان بعصبية وهي ما تزال تخلط الأوراق الموضوعة على طاولتها
من دون هدف . فلم يكن بنيتها أن تقول لحبيبة براندت هذه إنها قدمت إستقالتها .
أجابتها :
- إني أعمل هنا منذ ثلاث سنوات .
تنهدت انجيلا بصوت هامس أرسل رائحة عطر الزهور الذب تعطرت به إلى أنف جوان .
- لاشك أنك تعرفينه جيداً .
أنكرت جوان وهي تكتشف أنها تكره الأزهار وخاصة براعم الورد الزهرية اللون.
- ليس تماماً يا آنسة فار .
نظرت إليها انجيلا بعينين زرقاوين عززتهما أهداب طويلة .
- من المؤكد أنك كنت تتنقلين مع براندت خلال تفقده مواقع الإنشاءات .
ضحكت جوان وأجابت :
- من الذي أوحى لك بهذه الفكرة يا آنسة فار ؟
هزت انجيلا كنفيها وقد أصابتها الحيرة :
-حسناً ، ألا يتوجب عليك تدوين ملاحظاته أو فعل أي شيء آخر عندما يتفقد هذه الأمكنة ؟
أوضحت لها جوان :
- إذا احتاج السيد ليوم إلى تدوين ملاحظات خاصة ، فهو يقوم بتسجيلها على شريط ويعطيني إياه
عندما يعود لأقوم بنقلة كتابة .
- فهمت .
هزت انجيلا رأسها ثم تجاوزت بنظراتها وابتسمت بعمق :
- ها أنت يا عزيزي . كنت أعرف أنك لن تتركني أنتظر طويلا .
أحست جوان بأن وجنتيها تكادان تحترقان عندما التفتت بعفوية نحو الباب ورأت براندت واقفاً .
تنقلت نظرات براندت بين جوان وانجيلا وكأنه يقارن ما بين الأثنتين .
عرفت جوان أي منهما هي المفضلة لديه وحاولت إقناع نفسها أن الأمر لا يهم .
ومع ذلك فقد أفلتت منها دمعة وسالت على خدها عندما غادر الرجل النحيل المكتب وبرفقته برعم ورد زهري رقيق .



عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-10, 04:24 AM   #10

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8 - دع لي حبي!

علقت اللقمة التي التقمتها جوان بين حلقها و معدتها فأن تتمنى لبراندت السعادة كان ربما أمرا مقبولا ، أما أن تراه مع الفتاة التي توفر له هذه السعادة كان أمرا آخر.حطمت قلبها المرارة و مزقها العذاب، فالقديسون هم فقط الذين يملكون المناعة ضد آلام الغيرة القاتلة.


كان الصداع يضرب رأسها من دون رحمة و بالرغم من ذلك حاولت ألا تنظر إلى ساعة يدها، وتابعت الطباعة بتصميم.ركزت على الكلمات التي كان صوت براندت ينطقها من خلال سماعة آلة التسجيل و لكنه قلبها تابع الاستماع إلى نغمة صوته الثابتة، و قبل أن تلاحظ ما يحدث قفزت عن جملة بأكملها.


أرجعت جوان شريط التسجيل قليلا لتسمع ما فاتها و قد تملكها الاحباط و عدم الصبر، و كانت متنبهة إلى أن ساعة غذاء براندت امتدت وقتا أطول من أي مرة خرج فيها لتناول الطعام.و بالرغم من أنها أرجعت شريط التسجيل فقد فاتتها الجملة ثانية، فأطفأت آلة التسجيل و أطلقت تنهيدة المهزوم ثم انتصبت عن كرسيها الدوار،ونزعت عن أذنها السماعة ووضعتها جانب آل التسجيل.ربما لو ارتاحت لحظة ستسترجع القوة التي تسيطر بها على أفكارها.فجأة دارت أكرة الباب فانحنت جوان بسرعة على الآلة الكاتبة متظاهرة بالتركيز على الكلمات المطبوعة على الورقة.


قفز نظرها من دون إرادة إلى ساعة يدها لقد أصبح الوقت الساعة الثانية تقريبا.


استعلم براندت:


- هل يوجد أي رسائل لي ياآنسة سومرز؟


أدارت رأسها نصف دورة و تعمدت أن لا يكون في مجال رؤيتها و أجابت في نبرة عملية باردة تحكمت بها بدقة:


- لقد وضعت رسائلك على طاولتك يا سيد ليون.


توقفت خطاه في مكان ما قرب الطاولة و بعد برهة شعرت جوان بدغدغة خلف عنقها فأمسكت أنفاسها و غضت النظر في دعاء صامت كي يذهب براندت عنها.
سألته ببرود و كان عقلها يتخيل بكراهية الأسباب التي جعلت ساعة تناول الغذاء تطول لإلى هذا الحد.
- هل هناك شيء آخر يا سيد ليون ؟
رد عليها عابسا :
- نعم آنسة سومرز،هناك أمر آخر من الآن و صاعدا اتركي شعرك منسدلا فلا حاجة بك للاحتفاظ بقناع سندريلا الفتاة البريئة.
تسارعت نبضاتها منذرة بالخطر عندما فوجئت بهذه الجملة تنطلق من فمه، أصبح مسيطرا على الكثير من وجودها حتى و لو لم يكن يعرف ذلك، فأطبقت أصابعها المرتجفة على ممحاة و أخذت تمحي كلمة مطبوعة لا خطأ فيها.
ردت بصوت مرتفع:
- ليس هذا بقناع أنا أعقد شعري بهذه التسريحة لأنها عملية أكثر و سوف أستمر في ذلك.
انطلقت صرخة استغراب متقطعة من حلقها عندما أدير كرسيها بشدة و قبضت يداه على جانبيه و جعلتاها سجينة في مقعدها فنظرت إلى براندت و الشرر المتطاير من عينيه يهددها.
انتفض قائلا:
- لم يكن ما قلته طلبا، إنه أمر!
بدا لها وجهه من خلال عدسات نظارتها السميكة شديد الوضوح.وذهلت من الغضب العارم الذي كان على ملامحه،فهي لم تر براندت أبدا غاضبا بهذا الشكل.
تمتمت "كلا" و هي لا تدري إذا كان جوابها اعتراضا على أمره أم بسبب دهشتها و قد اكتشفت أنه قابل للغضب الشديد.
انتزع نظارتها عن وجهها و رماها دون مبالاة على الطاولة قبل أن تستطيع منعه من ذلك و عندما حاولت استرجاعها امسك بكتفيها و أوقفها بقسوة على قدميها .لقد ثار الأسد و أخذ يتصرف بعنف بدائي.
زأر براندت:
- سوف تسدلين شعرك و إذا لم تفعلي فسوف أقوم أنا بذلك!
كانت أصابعها ترتجف على صدره،وضعت يديها هناك كي تصده عنها إذا حاول أن يحتويها بذراعيهن كان في أعماقها شيء ما يدفعها إلى عدم إطاعته لكن كان في ذلك مجازفة كبيرة في إمكانية أن تكشف عن حاجتها للتجاوب معه.رفعت يديها بتردد إلى الدبابيس التي تمسك بشعرها الملفوف بأناقة على شكل كعكة، و في ثوان تدلى على ظهرها و التف على الأصابع المغروسة في ذراعيها و بشجاعة رفعت نظرها إلى وجه براندت.
خفت ضراوة انفعالاته و أصبحت نارا هادئة تنطلق من زرقة عينيه.تنفست جوان بصعوبة و قالت:
- هل أنت راض الآن؟
تقلص فمه و قال :
- كلا.
أحست أن اعترافه جاء لا إراديا ثم طوقتها يداه بقوة فقاومته و هي ترتجف و لكنها سرعان ما استسلمت لعناقه.
فتح باب غرفتها فجأة فدفعها براندت بخشونة بعيدا عنه.كان لايل بايتز يقف بالباب محدقا و قد فغر فاه من الدهشة.فلون وجهها احمر من الخجل، فراجع بايتزإلى الممر و أغلق الباب وراءه من دون أن ينبس بكلمة.
لم يفت براندت كتفيها حتى أصبحا بمفردهما فأطبقت أصابعه على ذقنها و أجبرها على رفع رأسها كي تنظر إلى وجهه.
قال لها عابسا:
- لا أملك عذرا يا جوان، ما عدا أنني رغبت في إيذائك و لكنني لم أقصد أبدا أن أنجح بهذه الطريقة.
تلألأت الدموع في عينيها و لكنها واجهت نظراته إليها و قالت في همسة تنم عن العذاب الذي تشعر به :
- من الآن فصاعدا و فر تصرفات إنسان الكهوف البدائية لأنجيلا،فربما تقدرها حق قدرها.
أجابها براندت و كأنه يدق المسمار الأخير في نعشها :
- لو كنت أعرف أن ضربك بالهراوة سيساعد لكنت فعلت ذلك.

ثم استدار و ابتعد بصورة مفاجئة نحو مكتبه فلو بقي عندها لربما حاول أن ينفذ ما يدور في رأسه.
عند حلول يوم الاثنين من الأسبوع التالي عرف جميع الموظفين في شركة ليون للمقاولات أن جوان ستترك العمل في الشركة و ستبدأ بديلتها العمل في هذا الصباح كي تتأقلم مع روتين العمل في المكتب تحت إشراف جوان.وسمع الجميع أيضا عن المشهد الذي رآه لايل بايتز و كان المكتب يعج بالإشاعات و التكهنات عن السبب الحقيقي لترك جوان العمل.


كانت بديلتها السيدة ماسون امرأة صغيرة الحجم ذات شعر أشيب و ابتسامة لطيفة، و أعطت انطباعا أنها بخبرتها الواسعة ستتأقلم مع روتين العمل بسرعة و أملت جوان في سرها أن تستطيع ذلك كي تتمكن من ترك العمل في نهاية الأسبوع.


و أقلت السيدة ماسون جوان عندما قامت بأول عمل لها في صباح الاثنين و هو الدخول إلى مكتب براندت للإشراف على المراسلات و المواعيد.بدا أن براندت متشوق كي تتعلم السيدة ماسون بسرعة فيما كان يوجه كل الأسئلة و الملاحظات إليها بدلا من جوان التي لم يوجه إليها إلا بعض التحيات العابرة فقد تجاهل جوان تماما، حتى غنه لم ينظر ناحيتها، و أحست نوعا ما ما بالفرج عندما أنهيا كل شيء و أصبح باستطاعتها و استطاعة السيدة ماسون ترك مكتبه.


طلب براندت بهدوء عندما بدأت جوان بالنهوض عن المقعد :


- هل تبقين للحظة يا آنسة سومرز ؟


فنظرت بجزع إلى السيدة الأكبر منها سنا كانت تفضل أن تبقى معها و تعزلها عنه و لكن لم يكن باليد حيلة، فوافقت و جلست ثانية فيما غادرت السيدة ماسون الغرفة.


عندما وجه براندت انتباهه إليها كان وجهه خاليا من أية تعابير، ولم تكن عيناه تفضحان أيا من الأفكار التي كانت تدور في رأسه.ساد الغرفة صمت غير مريح ولم يقطع إلا عندما انتفض براندت من مقعده و سار نحو النافذة و هو يضع ذراعيه خلف ظهره.


رماها بالسؤال بخفة و من دون أن يلتفت إليها:


- هل سمعت الإشاعات التي تدور بالشركة ؟


طرفت عينا جوان غير مصدقة و ذهلت لأن براندت تمكن من سماع تلك الإشاعات ، فأخذت نفسا و أجابته:


- "نعم"


استدار براندت نحوها قليلا رائعا حاجبيه :


- إذن أنت تعلمين أن الجميع يعتقدون أن هناك علاقة بيني و بينك ؟


وافقته و أخفضت نظرها نحوها يديها المتشابكتين على حضنها :


- بعضهم يقول ذلك.


- هل حاولت إنكار ذلك؟


ردت عليه بعصبية :


- لم أجد فائدة في ذلك ، فأنا سأترك في نهاية الأسبوع و ستموت هذه القصص بصورة طبيعية.


استدار براندت حول نفسه ثم عاد إلى طاولته فتوقف قبالة مقعدها و استند على طرف الطاولة.


حدق إليها بصورة جعلتها تضطرب :


- هل تعرفين ماذا كانوا يتكهنون بالنسبة لاستقالتك؟


شعرت جوان بالحرارة تدب في أوصالها و أجابت:


- يقولون إننا استقلت لأننا تشاجرنا.


فارتسمت على فمه ابتسامة تهكم و تنهد:


- أعتقد أنك تبسطين الأمور كثيرا.


حولت جوان بصرها عنه و هي تنطق بما تفكره عاليا :


- لماذا يتفوهون بمثل هذه الأشياء الفظيعة ؟


أجابها بسخط و عصبية :


- من يعرف ؟ أعتقد أننا قدمنا لهم ما يثير فضيحة عندما احتجزنا في المكتب خلال العاصفة، وأصبح الأمر أسوأ عندما فقدت أعصابي في ذلك اليوم.آنا آسف يا جوان.


فأجابته برقة و هي تنهض على قدميها منزعجة و تمشي بارتباك نحو النافذة:


- أنا..لا ألومك على شيء يا براندت.


لحق بها براندت و توقف إلى جانبها و نظر من خلال النافذة ثم سألها بهدوء:


- هل تفكرين ثانية في استقالتك ؟


فغرت فاها قليلا و رمقته بحدة:
- ماذا ؟

فرمقها بدوره للحظة قصيرة :

- إنها الطريقة الوحيدة التي اعرفها و التي تضع حدا لهذه الإشاعات و بعد بضعة أشهر سيكتشفون بأنهم أن ما أشيع لم يكن صحيحا.أما إذا تركت العمل فسوف يفترضون أنهم كانوا على حق.

شعرت جوان بضيق في تنفسها كان اقتراحه منطقيا إلى حد كبير، فهزت رأسها و أجابت :

- لا أستطيع.سوف أترك في نهاية الأسبوع.

- و لكن ما الضرر في استمرارك بالعمل بضعة أشهر أخرى ؟

- فجادلته بمنطق :

- لقد وظفت السيدة ماسون لتحل مكاني.كلانا يعرف أن هذه القصص غير حقيقية و لن أدع لثرثرة فارغة أن تغير رأيي.

صحح لها لها براندت :

- المشكلة هي أن كلينا يعرف أن هناك بعض الحقيقة في ما يقولون و لذا السبب فإن ما تبقى من الإشاعات يصبح قابلا للتصديق.

أنكرت جوان بعنف :

- كلا !

هز كتفه و استدار مبتعدا :

- فكري كما تشائين لقد فكرت أنه يجب أن أخبرك بما يقالو لكن من الواضح أنك لا تهتمين للأمر.

احتجت على كلامه :

- بالطبع أهتم للأمر.

- ليس بما يكفي لإيقاف الثرثرة.

فأشاحت جوان بنظرها عن عينيه الزرقاوين:

- إني لا أستطيع العمل عندك بعد الآن، لقد أصبح الأمر مستحيلا.

أجاب :

- لم تجدي هذا الأمر صعبا طوال ثلاث سنوات

- ولكن كان ذلك قبل...

و كادت أن تقول قبل أن تقع فعلا في غرامه.

فهمس ساخرا:

- قبل ماذا ؟قبل أن تحاولي إغرائي بمعانقتك بعد أن دعوتني لذلك ؟لم تكن غلطتي أنني لم ألاحظ أبدا أنك غير مستعدة أ ولم أتكهن أنك كنت ملزمة بقبول مداعباتي لأني مديرك بالعمل.

تنفست جوان بحدة بسبب طعنة الألم التي شعرت بها في قلبها و اتهمته :

- لقد استعملتني كبديلة عن أنجيلا.

فرد عليها بلطف :

- لو رغبت بأنجيلا لما كنت جئتك.

اختلطت في قلبها الحيرة مع الدهشة فيما كانت تحدق إليه و تتمنى لو كانت تستطيع رؤية ما خلف وجهه الخالي من التعابير و أن تقرأ المعنى الحقيقي لما قاله للتو.

تمتمت :

- لماذا قدمت ليلة رأس السنة لمقابلتي ؟

- لا أريد الدخول معك في جدال آخر يا جوان.دعينا ننسى هذه المناقشة.

استطاعت جوان أن تعرف من انطباق فكي براندت على بعضهما البعض بشدة أن لقاءهما قد انتهى.

-أعتقد أن لدى السيدة ماسون بعض الأسئلة،أقترح أن تذهبي و تساعديها

تنهدت و استدارت نحو الباب و قالت بتردد:

- حسنا..لدي موعد مقابلة للعمل في الساعة الواحدة غدا.هل تسمح لي أن آخذ فرصة ساعة للغذاء في ذلك الوقت ؟فباستطاعة السيدة ماسون الاهتمام بالعمل بمفردها لفترة ساعة.

عبس براندت و جلس على مقعده خلف طاولة المكتب:

- هذا الأمر لا يهمني .أجري أي ترتيبات تحتاجين إلى إجرائها معها.

لم تنته امقابلة في اليوم التالي على ما يرام، لأن جوان تابعت التفكير في الأمورالتي كان يتوجب عليها أن تلفت انتباه السيدة ماسون إليها .فقد أعاد عليها الرجل الذي أجرى المقابلة الأسئلة عدة مرات ولم تكن جوان تحتاج إلى من يخبرها و هي تغادر مكتب شركة التأمين أنها لن تحصل على الوظيفة.
تثاقلت خطاها و هي تعبر الممر الموصل إلى غرفة مكتبها و استطاعت أن تسمع صوت براندت يلعلع في الداخل قبل أن تصل إلى الباب.


كان يطالب بنبرة ثقيلة من السخط:


- ألم تعثري عليه بعد يا سيدة ماسون ؟ إن الرجل ينتظر على الهاتف في مخابرة خارجية،ماذا يمكن أن أقول له؟هل أخبره أننا قد أضعنا عرض أسعاره؟


تساءلت جوان و هي تفتح الباب و تحضر نفسها لأسوا الاحتمالات: ألن يجري شيء على ما يرام اليوم؟


تحولت تعابير الإحباط على وجه السيدة ماسون إلى الفرح فور أن شاهدت جوان فتهد براندت بثقل، وتحولت نظراته المحبطة نحوها متهما :


- لقد تأخرت عن موعد عودتك، هل تسمحين و تخبري السيدة ماسون أين ملف شركة أ..ب كينغ؟


عبثت جون بحقيبة يدها و أخذت منها علبة النظارات ووضعتها على عينيها ثم طوت معطفها ووضعته فوق كرسي و هرعت نحو خزانة الملفات حيث كانت السيدة ماسون تحوم بعصبية و براندت ينتظر بنفاذ صبر.


قالت السيدة ماسون بتردد:


-أعتقد أنني وجدت الجارور الصحيح لقد بحثت في بقية الجوارير و لم أعثر عليه


فابتسمت جوان لها لتطمئنها وقالت و هي تشير إلى الجارور المفتوح:


هذا هو الجارور حيث يجب أن يكون الملف-


قلبت الملفات سريعا في قسم حرف "ك" و لم تنجح في العثور عليه،فرمقت براندت بنظرة حادة و سألته:

- متى كان معك آخر مرة ؟
رد عليها:
- يوم الجمعة و هو ليس على مكتبي.
تقلصت زاويتا فمها في علامة رضى ووجهت اهتمامها إلى قسم حرف "أ" في مقدمة الجارور ووجدت الملف المفقود.
تمتمت و في عينيها نظرة رثاء :
- إن بقيت بعيدا عن خزانة الملفات سيد ليون ، فلن تجد الملفات في غير مكانها.خذي هذا التحذير يا سيدة ماسون إن لدى السيد ليون عادة وضع الملفات في غير مكانها.أبقيه ما أمكن بعيدا عن خزانة الملفات إذا ردت أن تتجنبي واقعة مثل هذه.
عبس براندت ردا على ملاحظتها و أخذ الملف من يدها:
- شكرا يا جوان.
عندما أغلق براندت الباب رمت روبيرتا ماسون جوان بنظرة عرفان بالجميل:
- شكرا لأنك جئت بالوقت المناسب.لقد عرفنا أنك منظمة جدا في عملك و لم يخطر ببالي أبدا أن يكون الملف في غير مكانه، وللحظة ظننت أن السيد ليون سيطلب مني الرحيل للبحث عن عمل آخر.
ابتعدت جوان لتعلق معطفها :
- لو كنت مكانك لما قلقت لهذا، فنظام الملفات هو لعبته المدللة التي تنكد عليه حياته.
ضحكت السيدة المسنة :
- تأكدي بأني سأتذكر تنبيهك.
لمست جوان ساعة يدها بخفة فزحفت عليها الكآبة و هي تدرك أن براندت لن يأتي إليها بعد الآن كي تحل له لغز الملفات.
- هل حدث شيء آخر خلال غيابي ؟
نظرت السيدة ماسون بتردد إلى جوان :
-كلا لقد سار كل شيء على ما يرام.هل تسمحين أن أطرح عليك ؤالا شخصيا؟
فتصلبت جوان من ون وعي و تساءلت إذا كانت الإشاعات قد وصلت إلى أسماع بديلتها:
- بالطبع !
- لقد عرفت أنك تبحثين عن عمل آخر و تساءلت لماذا تتخلين عن هذا العمل ؟
حاولت جوان المحافظة على هدوء وجهها و أجابت ببرود:
أعتقد أنك سمعت بعض القصص التي يتداولونها.


ابتسمت السيدة ماسون ابتسامة عريضة ولمعت عيناها :


- بالطبع و يأمل الثرثارون بأن أنقل إليهم ما يجري هنا.من الأفضل لهم إذا أرادوا شيئا تلوكه ألسنتهم بالسوء أن ينظروا إلى ما يفعلونه.


أمالت جوان رأسها من الدهشة غير مصدقة لما تسمعه و تلألأ شعرها المنسدل فوق كتفيها كما أراد براندت و سألتها بحذر :


- ألا تصدقين ما يقال ؟


- أنت فتاة جميلة جدا و لو لم يلاحظ السيد ليون ذلك لكنت اعتقدت أن به علة ما.يقتصر تداول هذه الإشاعات الذميمة على بضعة موظفين فقط، ولا أحد يصدق هذه القصص غيرهم.


ابتسمت جوان لها بامتنان :


- شكرا لك، أحيانا أشعر كأنني مدموغة بوصمة عار لا أستطيع رؤيتها.


ابتسمت السيدة ماسون بدورها :


- أؤكد لك أنه لا وجود لمثل هذه الدمغة.ولكن ما الذي جعلك تقررين ترك العمل ؟لقد عملت سكرتيرة لمدة عشرين سنة تقريبا و أستطيع أن أميز أنك قادرة و كفوءة


هزت جوان كتفيها و قالت جزءا من الحقيقة :


- الأسباب التي دفعتني بسيطة لقد تمتعت بالعمل هنا و لكني أرغب بالتغيير و تجربة عمل جديد.


وافقتها المرأة المسنة و قد اقتنعت بجواب جوان :


- العمل في مكان جديد هو تحد، ويبدو أنك عندما تعملين في مكان واحد لمدة طويلة تصبحين محدودة الأفق.


أدركت جوان عند حلول يوم الجمعة أنها لم تترك شيئا لم تفسره للسيدة ماسون.أما المشاكل الاعتراضية التي يمكن أن تحدث فلا يمكن التكهن بها مسبقا، ولكن بفضل خبرة السيدة ماسون مكن حل هذه المشاكل من دون إشراف جوان.


أمضت معظم الوقت في تأمل المكتب و تخزين الذكريات عن كل شيء فيه.كان اليوم يمر بسرعة، ومع أنها أجرت مقابلتين للحصول على عمل فهي ما زالت عاطلة عن العمل.


***********


أعلنت كاي و هي تفتح الكيس و تخرج منه الروب الطويل المصنوع من الحرير الشرقي:


- بلى سوف ترتدين هذا الآن.لماذا اشتريت هكذا روب إذا كنت لن ترتدينه داخل الشقة؟


ضحكت جوان :


- ما أزال أملك واحدا ابتاعته لي أمي و أبي هدية عيد الميلاد.لا أعرف كيف أقنعتني بأن أشتري روبا آخر.


هزت كاي رأسها ثم ابتسمت:


- لقد بدوت رائعة الجمال به بالإضافة إلى أن الثمن الذي دفعته ..


- وافقتها جوان فيما كانت أصابعها تداعب قماش الروب الناعم:


- إنه رائع.


بدا أن ألوان الروب الذهبي و الأحمر و الأزرق تعزز لو نشعرها عندما جربت الروب في مخزن الثياب المستعملة التي أخذتها كاي إليه.و قد شعرت جوان بعد ارتدائه أنها أصبحت مثل زهرة استوائية و تمنت في سرها لو رآها براندت هكذا.و لكن الآن و لقد عادت إلى الشقة المفروشة المتواضعة بدا الروب و كأنه لا يناسبها.


دفعت كاي الروب بين ذراعي جوان و استدارت نحو غرفة النوم و أمرتها بنفاذ صبر:


- هيا جربيه، وفي الوقت الذي تبدلين فيه ملابسك سأقوم بتحضير الشاي.


- كانت كاي تحاول جهدها كي تبقي معنويات جوان عالية.بدا أن الروب فقد شيئا من سحره عندما ارتدته ووقفت أمام مرآة الخزانة ،ربما حدث ذلك لأن بعضا من السعادة قد غاب عن عينيها عندما تمنت لو أن براندت يراها.حاولت الابتسام في المرآة و لكن جل ما فعلته كان تحريك شفتيها بتثاقل، ثم مشطت شعرها الذهبي بالفرشاة بسرعة مصممة أن لا تكشف لكاي الإحباط الذي تشعر به.


عندما دخلت جوان الغرفة، انحنت صديقتها لها راسمة على وجهها ابتسامة حقيقية و قالت بصوت أشبه بالغناء:


- أعتذر لعدم وجود كعكة حظ تليق بمقامك و يجب أن تكتفي ببسكويت الفانيلا.


سمعا صفارة إبريق الشاي ردت جوان :


- حان دورك كي ترتدي الفستان الغجري


ضحكت كاي و توقفت إلى جانب الصوفا لتلتقط الكيس الذي يحتوي على فستانها ثم توقفت عند مدخل غرفة النوم :


- انتظري حتى يراني جون في هذا الفستان، هل أستطيع استعارة قلادتك الذهبية ؟


هزت جوان رأسها موافقة و مدت يدها إلى خزانة المطبخ و أخرجت الفناجين و الصحون.


- طبعا خذيه بنفسك من صندوق المجوهرات.


صبت كاي الشاي في فناجين ثم مشت بقدميها العاريتين على السجادة وتوقفت وسط الغرفة بينما تنورتها التي يصل طولها إلى الكاحل تتمايل حول ساقيها...ثم قالت :


- ما احتاج إليه حقا هو وضع شعر مستعار أحمر طويل.


قهقهت جوان و هي تحمل فناجين الشاي و تضعها على الطاولة الصغيرة الموضوعة أمام الصوفا.


- سوف تصدمين جون و تسببين له الموت.في أي مكان يمكن لك أن ترتدي مثل هذا الزي؟


هزت كاي كتفيها استخفافا وجلست على الأرض مقابل الطاولة مثلما يجلس الغجر،كانت عيناها تلمعان بغرابة و هي تنظر إلى جوان :


- و من يهتم؟من المفترض أن يأتي اليوم بعد الظهر و يبقى ساعة.هل تعتقدين فعلا أنه سيصدم عندما يراني مرتدية هذا الفستان؟


- حسنا ربما لن يصدم، ولكنني متأكدة أنه سيفاجأ.


في هذا الوقت سمعا طرقا على الباب فقفزت كاي على قدميها :
- يا إلهي لقد وصل الآن.
مسدت تنورتها بسرعة و سوت قميصها ثم غمزت جوان و اندفعت نحو الباب و فتحته و هي تكاد تصرخ.ولكنها توقفت فجأة عند الباب عوضا أن ترمي نفسها بين ذراعي جون.
سألت الطارق بخشونة :
- ما الذي تريده ؟
انتصبت جوان في جلستها على الكنبة و قد أخرسها الغضب في صوت صديقتها.
- هل جوان هنا ؟
قفز قلبها بعد أن تلقى لأسماعها صوت براندت الرخيم و المنخفض فنهضت بسرعة، و لم تدر هل تهرب من الغرفة أم تهرع إلى الباب ، فوقفت من دون حراك إلى جانب الكنبة مثل تمثال .
أجابته كاي :
- حتى لو كانت موجودة فهي لا ترغب برؤيتك.
رد عليها براندت و قد بدا عليه الانزعاج:
- حسنا ، أنا أرغب برؤيتها هل ستخبرينها أنني هنا ؟
كانت كاي ما تزال تسد عليه الباب:
- إذا كان ذلك يتعلق بالعمل،فاقصد السيدة ماسون فهي سكرتيرتك الآن.
- إنني أريد أن أقابل جوان و ليس السيدة ماسون.
أدركت جوان من نبرة صوته أنه لن يسمح بأن يعترضه أحد ،فشبكت أصابعها و هي تشعر بالاستياء.
صرخت صديقتها بغضب:
- ألم تسبب ما فيه الكفاية من المتاعب يا سيد ليون ؟ لماذا لا تتركها و حالها؟
رد عليها براندت بخشونة :
- أنا أتفهم دوافعك في محاولتك لحماي صديقتك و لكني لن أغادر قبل أن أتكلم مع جوان.
حاولت كاي أن تقفل الباب في وجهه و هي تقول :
- إن انتظارك سوف يطول.
تحرك الباب قليلا قبل أن يفتحه بقوة أكبر على مصراعيه، لا شيء سيوقف براندت.أخذت جوان نفسا عميقا لتهدئة أعصابها المضطربة و استدارت حول طاولة القهوة و خطت نحو الباب لتجابه ما يتعذر اجتنابه.
قالت و هي ترتجف :
- لا بأس كاي سأتكلم معه.
رمقتها كاي بنظرة غضب متمردة دون أن تتحرك من مكانها أمام الباب:
- لست مجبرة على التحدث إليه يا جوان ، و إذا لم يذهب سأطلب الشرطة فهو لم يعد مديرك ا لآن و لست مجبرة على القيام بما يطلبه منك.
تمتمت جوان :
- أرجوك يا كاي !
انتفضت كاي و انسحبت من أمام الباب ووقفت إلى جانب جوان و قد شبكت ذراعيها إلى صدرها و كأنها جاهزة للدخول في معركة في أي لحظة يطلب منها ذلك.
- يظهر أنك ترغبين بالعقاب.
دخل براندت الشقة الصغيرة و يداه مندستان في جبي معطفه و حالما صار في الداخل توقف و جال بنظراته الحادة على وجه جوان الشاحب ثم رمقها بنظرة من الأعلى إلى الأسفل و قد زادها الروب الحريري البراق جمالا و فتنة.
شعرت جوان بارتخاء ساقيها و هي تشاهد تعابير وجهه الجامدة لم يكن قد مضى أكثر من أربع و عشرين ساعة على آخر مرة رأته فيها، و مع ذلك فهو لم يؤثر بعواطفها في تلك المرة مثلما فعل الآن، و ربما كان ذلك لأنه ظنت أنها لن تراه ثانية أبدا.كان قلبها المجروح ينبض بالألم فأجبرت نفسها على الكلام.
- ما الذي تريده يا سيد ليون ؟
فلوى فمه باستهزاء مضيفا بذلك خشونة على ملامحه القاسية:
- أريد التحدث معك أظن أنني أوضحت ذلك.
لم تستطع أن تبقي نظرها مقابلا لنظره طويلا فأخفضت نظرها نحو يديها :
- في الحقيقة ليس هناك ما نتكلم عنه.
- أعتقد أنه يوجد.
- إذا كان ذلك بشأن العمل فيجب كما قالت كاي أن تتصل بالسيدة ماسون.
انطلق صوته معبرا عن اشمئزازه و غضبه:
- أنا واع تماما أنك لست تعملين عندي الآن يا جوان، و إذا طبت من حارستك أن تغادر الغرفة فسوف أشرح لك سبب حضوري إلى هنا.
نظرت جوان بتردد نحو كاي التي ما زالت تتقد غضبا، وأدركت لشعورها بالخوف و العجز أنها يجب أن تدعه يقول ما يريد قوله
اهتز صوتها عندما تملكتها العواطف المتضاربة:
- كاي هل تمانعين في الانتظار في غرفة النوم؟
خبطت كاي الأرض بقدمها الحافية من شدة غضبها و سخطها، فظنت جوان أن كاي سترفض طلبها، ولكن كاي ألقت على براندت نظرات محرقة محذرة إياه بصمت بأنها ستخرج من غرفة النوم مثل أنثى النسر التي تدافع عن وليدها إذا حاول الاعتداء على جوان.
التفتت جوان نحو براندت، ولكنها لم تستطع الاستمرار بالنظر إليه فقد بدا أنه ليس بمستطاعها النظر إليه من دون أن تفضح مشاعرها،كانت أصابعها ما تزال منقبضة بشدة وقد أصبحت مفاصلها بيضاء اللون.خطا براندت خطوة واحدة نحو الأمام فنظرت إليه بخوف ، انقبضت أسارير وجهه بالعبوس فيما عيناه ذات اللون الأزرق المعدني تمشطانها من رأسها حتى أخمص قدميها.
- هذا الروب جميل جدا.
تلفظ ملاحظته بلامبالاة، ومع ذلك جعل هذا الثناء شفتي جوان تهتزان من السرور ولكن براندت قضى على هذا الشعور بجملته التالية:
- يجعلك تبدين أكثر عزلة و أصعب منالا.
- مسحت يديها فوق القماش الحريري بعصبية ثم ذكرته بنبرة فيها مسحة في الكبرياء:
- أنت لم تأت لتناقش ما أرتدي من ملابس.
عبر عن اشمئزازه بسرعة و سأل :
- لماذا لم نعد نستطيع أن نتبادل الحديث بسلامة ؟
تمتمت جوان:
- لم يكن أبدا باستطاعتنا ذلك.
فتنهد براندت و فك أزرار معطفه ثم حدق إليها بشراسة:
- بلى كنا نفعل، هل أستطيع خلع معطفي أو ستعتبرين ذلك تصرفا فاضحا ضدك؟
جعلها التهكم البارد في نبرة صوته تسدل أهدابها كي تخفي الألم المتقد في عينيها ثم لوحت بيدها إشارة إلى أنها تسمح له بخلع معطفه لأن صوتها خانها.
- إذا لم تنقلبي إل تمثال جامد، هل أستطيع الحصول على فنجان شاي؟
خطا براندت عدة خطوات أوصلته إلى الكرسي الهزاز الذي طرح عليه معطفه.وكانت عيناه تتقدان عليها بغضب عارم فيما كانت جوان ترتجف لا إراديا تحت مطرقة أسئلته القاطعة.
أدارت عيناها البنيتين اليقظتين و المتعبتين نحوه فهنالك مجازفة كبرى في مشاركته أي شيء و سألته :
- لماذا ؟
- لأن الهواء بارد في الخارج و في هذه الغرفة أنا أحتاج لشيء يدفئني،الشاي يكفي لذلك إلا إذا رغبت في التطوع.
أتى كلامه دون دفء أو مزاح، فلم تجب جوان بل هرعت إلى المطبخ حيث كان إبريق الشاي ما يزال يسخن على الموقد.
عندما عادت وجدت براندت جالسا على الكنبة فتجاهلت الطرف الخالي منها و فضلت الجلوس بعيدا عنه على الكرسي الهزاز بعد أن
وضعت فنجان الشاي على الطاولة أمامه فجذب تصرفها نظرة مليئة بالتهكم الشديد.
كانت يده ثابتة كالطود عندما أخذ الفنجان منها:
- هل عثرت على عمل ؟
هزت رأسها قليلا كي تفهمه أنها لا تهتم للأمر كثيرا:
- ليس بعد.
كان ظهره متكئا بتكاسل على مؤخرة الكنبة و كان متمالكا نفسه و غير تؤثر بالتوتر الذي يجعل أعصاب جوان تنتفض.
- أي نوع من العمل تبحثين عنه؟ أعرف الكثير من رجال الأعمال و ربما أستطيع أن أدبر لك عملا.
رفضت عرضه بحدة :
- كلا شكرا لك.و لكني أفضل أن لا أكون مدينة لك بأي شيء يا سيد ليون.
فتقلصت عضلات وجهه، وضاقت عيناه بنظرة إلى وجهها و يديها المشبوكتين فوق حضنها
- أرى أنك ما تزالين ترتدين القلادة.
سارعت يدها لإخفاء القلادة بعد فوات الأوان.كان من الغباء أن تضعها بصورة دائمة.
- إنها قطعة مجوهرات جميلة
قطب حاجبيه و هو يحدق إلى الشاي في الفنجان:
- أجل !
وساد الصمت في الغرفة، الجهد الذي بذلته جوان للبقاء من دون حراك و للمحافظة على التصرف معه مثل غريبة جعل قلبها يصرخ من الإحباط.
انتفضت فجأة لأن صوت دقات قلبها كان يصم أذنيها:
- برا ندت! ما الذي أتى بك إلى هنا؟
جلب التلفظ باسمه الأول لمعانا سريعا من الرضا في نظراته المركزة باستمرار على اليأس الظاهر في عينيها ثم تحولت نظراتها بسرعة نحو باب غرفة النوم حيث تنتظر كاي و التي من دون شك وضعت أذنها على ثقب المفتاح لتستق السمع.
أرجع براندت رأسه للوراء متشامخا كالأسد فيما عيناه اليقظتان لم تفوتا تعابير الخوف و الحذر المحفور على ملامحها.
- أريد أن أتناول العشاء معك الليلة
قبضت يداها على ذراعي الكرسي و دفعت نفسها بعنف لتنهض و تبتعد عنه تاركة إياها تهتز بعنف و قوة وراءها:
- كلا !
تماوج لون شعرها العنبري المنسدل على كتفيها عندما هزت رأسها بالنفي.كان رفضها قويا و عاصفا.
حملتها قدماها برشاقة نحو نافذة شقتها و نظرت إلى الشارع في الأسفل حيث ركزت انتباهها على حركة السير و لكن إحساسها به جعلها تعرف اللحظة التي نهض فيها.كتمت السجادة وقع خطواته و لكن الاهتزازات أنبأتها باقترابه منها، و امتنعت أن تلتفت حتى عندما رأت طلته من جانب عينيها فها هو الرجل النحيل و الجذاب يقف إلى جانبها.
حدق براندت إلى الشارع أيضا في الأسفل ثم رفع نظره إلى سماء الشتاء الزرقاء الشاحبة:
- أضحي بأي شيء من أجل عاصفة ثلجية هذا الشهر !
جاءت نظرته السريعة إليها على غير توقع منها و ضبطتها و هي تتفحصه خفية، قبضت فكرة أن تحجز مع براندت في شقتها على قلبها المجروح فنتائج مثل هذه الحادثة ستكون مؤلمة لها.
طرحت جانبا ما قصده بصورة مبطنة لتدرأ عنها تمنيها الأمر ذاته:
- لماذا تتمنى أن يحدث شيء كهذا ؟
رد براندت عليها بتهكم مرير :
- لماذا ؟ على الأقل كانت تلك المرة الوحيدة التي أظهرت فيها شيئا من الانفعالات الإنسانية، ولم أكن إلى جانب مخلوق من دون أحاسيس.
كانت ملاحظته اللاذعة أقوى من تستطيع نحملها بهدوء،من ون أحاسيس! و كل عصب بها يشعر بقربه.يجب أن تنتقم لأنه يتهكم عليها.
و استدارت حول نفسها بحدة و عيناها البنيتان تتقدان بشرر الانتقام و رفعت يدا مفتوحة لتسدد صفعة على فمه المزموم الذي أثار غيظها، و اتهمها بأنها خالية من المشاعر.ولكن يدها جمدت بقسوة على بعد سنتيمترات من وجهه بقبضة حديدية أطبقت حول رسغها غير عابئة بأن ذلك أوقف تدفق الدورة الدموية إلى يدها.جعلها الشعور بالكبرياء تشمخ برأسها لتسمح له أن يرى وجها لوجه غضبها العارم.
اتهمته جوان بمرارة:
- أنت الحقير و المقرف الذي يستغل الناس من أجل مآربه !و تدفع الآخرين بغرور مستمر إلى القيام بما تريد.أنت تشبه وحوش الغابات و تتلاعب بعواطف الآخرين و تنزل بهم العذاب حتى يتوسلوا منك الرحمة.أنا لست كذلك.
لوى يدها بوحشية كي يدنيها من جسمه القوي و يلف يده الأخرى حول خصرها و كأنه على وشك أن يعاقبها.كانت لمسة واحدة منه بمثابة الشرارة التي أوقدت نيران حبها له.ارتعدت فيما كانت عيناها المخمليتان الدائريتان تتوسلان إليه أن يرحمها و هي بذلك تناقض ما جزمت به منذ لحظة واحدة فقط.
لمعت عيناه الزرقاوان برضا ماكر و هما تقرآن الخوف في عينيها .ثم جالت نظراته على وجهها و شفتيها المرتجفتين اللتين ارتسمت عليهما كلمة "كلا" و لكن الصوت لم يخرج من حلقها فعادت و أغلقت فمها و كأنها منومة مغناطيسيا.
عانقها بطريقة وحشية فكاد يحطم عظامها ثم حرر رسغها من قبضته و لكن ذراعيها كانتا مثبتتين على صدره و تشعران بدقات قلبه القوية، أعمتها قوة عناقه فاجتاحتها عاصفة من الأحاسيس أضاعتها عن كل شيء.
ثم دفعها فجأة بعيدا عنه.كان جسمها يتألم من عنف عناقه أما وجهها الذي غطاه شعرها الطويل فقد ارتدى لونا أحمر قانيا بسبب ما تشعر به من عار.
قال براندت بصوت أجش:
- لم أعد مديرك يا جوان،باستطاعتك أن تطلبي مني أن أرحل أو أبقى.
همست:
- لا أستطيع أن أسمح لك بالبقاء.
ألح عليها في غضب:
-لماذا ؟ ألا تشعرين حقا بالأحاسيس التي أشعر بها أنا ؟أنا رجل بالغ و أنت امرأة بالغة، وليس هناك شيء آخر يربطنا معا ولا عمل و لا شيء يجعلك ملزمة بإطاعتي.إذا كنت لا ترغبينبي فاطلبي مني أن أغادر.
رجته الصرخة البائسة التي أتت منها ألا يجبرها على الاعتراف بحبها له:
- براندت !دعني أحافظ على بعض الكبرياء و احترام الذات.أنا ببساطة لا أستطيع التصرف عكس الطريقة التي نشأت عليها القيم التي أومن بها.اذهب إلى أنجيلا و أرجوك أن تدعني لحالي!
صرخ بها بقسوة:
- أنجيلا ؟ ومن تكلم عنها؟لا علاقة لأنجيلا في هذه المناقشة.إن المر له علاقة بي و بك فقط.
تخلصت جوان من إمساكه بها و حاولت أن تضع مسافة بينهما قبل أن تذوب بين ذراعيه :
- و لكن في النهاية سيكون لها علاقة.
سألها براندت مطالبا:
- أجيبيني عن سؤال واحد.هل تعتقدين أنني أحب أنجيلا؟
صرخت به و قد كرهت الطريقة التي كان يعذبها بها عن عمد عندما يعيد إلى مخيلتها صورتهما معا:
-بالطبع !إنها كاملة ومثالية.
فارتفع صوته ليصبح ذا نبرة أقوى:
- و لكنها لا تتجول حافية القدمين و ليست عنيدة مثل الثورو ليست شقراء مشاكسة لا تستطيع أن ترى أبعد من عدة سنتيمترات من أنفها من دون أن تضع النظارات الطبية.
فغرت جوان فاها غير مصدقة لما سمعته.كانت تعابير عينيه البراقتين اللتين تفحصتها بهدوء تبعثان برسالة لم تكن متأكدة أنها فهمتها صحيحا.هزت رأسها قليلا:
أكمل براندت ببطء متعمد:
- لو كان باستطاعتك رؤية م هو أبعد من انفك،لا استطعت أن تري أنني أحبك.
تنفست الصعداء:
- و أنجيلا؟

أنجيلا هي مثل لعبة من الخزف، كما قلت لقد عرفتها منذ وقت طويل، ولكني لم آخذ وقتا طويلا كي أعرف أنها ليست من النوع
- الذي أرغب به، أقسم لك أنني لم أجتمع أبدا بعد أن حجزنا أنا و أنت في عطلة الأسبوع إلا عندما خرجنا لتناول العشاء.
ضاقت عيناه و أسرع في إكمال حديثه قبل أن يتسنى لها أن تقاطعه:
- سأرضى ببعض الحنان الآن، و كل ما أطلبه منك أن تعطيني الفرصة كي أجعلك تهتمين لأمري مثلما أهتم لأمرك.
ضحكت جوان فيما كانت السعادة تفور من قلبها كمياه نافورة،ثم مررت يدها بوهن فوق جبينها:
- أهتم بك ! لقد أحببتك في كل لحظة تقريبا منذ أن عملت لديك.
فغمرها بين ذراعيه، في هذه المرة لم يتصرف كي يعاقبها بل كان عناقه رقيقا و مليئا بالحنان فكأنه كان يمسك بوردة هشة، أما هي فأمسكت وجهه بكلتا يديها و همست و هي تشعر بالخوف:
- براندت!هل هذه حقيقة ؟ هل أنا احلم؟
أقسم لها براندت ك
- إذا كان ذلك حلما فأنا لا أنوي أبدا الاستيقاظ منه إلا و أنت بين ذراعي، لقد ساءلت نفسي باستمرار كم من الوقت كنت سأحتاج لأدرك أنك أكثر من سكرتيرة كفوءة و جذابة، لو لم تهب تلك العاصفة الثلجية و لكنك تصرفت دائما بطريقة مهنية و دائما كان العمل هو المهم.
فردت عليه جوان ووضعت ذراعيها حول عنقه:
- و أنت كنت كذلك.
ابتسم:
- ثم انقطع التيار الكهربائي و كان من الطبيعي و المناسب أن أنام و أنت إلى جانبي، ولكني وجدت من المستحيل تقريبا أن أعثر على هذه الفتاة عندما عاد النور.
و ردت عليه جوان و هي تنكمش بين ذراعيه القويتين اللتين ستؤمنان لها الدفء و الحماية:
- كانت تختبئ مخافة أن تكشف أنها تحبك.
فمازحها بلطف:
- ألم تكن خائفة أن تخسر وظيفتها؟
همست له:
- لقد تخليت عنها ألا تذكر ؟
- أنا أتذكر كاي،كاي باستطاعتك الخروج الآن.
أبقى جوان بين ذراعيه و قد ابتسمت و علا الاحمرار وجهها خجلا،فتح الباب و خرجت كاي بتردد فرمقت عيناها السوداوان جوان و هي تستريح راضية بين ذراعي براندت، بارتياب حذر ، فأعلن لها براندت بسرور:
• أعتقد أن جوان تريد أن تكوني إشبينتها يوم الزفاف.
اتسعت ابتسامته عندما أجفلت جوان و أخذ اللون المشع في عينيه الزرقاوان يشد لمعان السعادة من عينيها، فعضت على شفتيها المرتعشتين:
- هل نسيت أن أخبرك أنني أريد أن تكوني زوجتي؟
قال ذلك دون أن يحرجه حضور كاي المندهشة
- أليس ذلك هو المسار الطبيعي للأحداث عندما يحب شخصان أحدهما الآخر؟
- أجل
لفظتها في البدء بنعومة ثم بصرخة سعادة كررت جوان قبولها الزواج منه:
- أجل،أجل، إنه لكذلك
- سنتناول العشاء مع والدي الليلة و غدا سنذهب إلى منزلك.هل أستعجل الأمور كثيرا؟أمال وجهه و هو يبحث في وجها عن أي إشارة من الحيرة.
ضحكت جوان و اندفعت الدموع من عينيها:
- براندت..حبيبي .إذا كان هناك من تعليق فأنت لا تستعجل المر أبدا.
أخذت نفسا عميقا و هي تتلفظ بهذه الكلمات فأحاط ذراعاه بها و أخذ يعانقها.و لم سمع كلاهما كاي التي شاركتهما سعادتهما بدموع منهمرة و هي تقفل باب غرفة النوم وراءها بحذر.


تـــمـــت


عيناك عنواني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:29 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.