آخر 10 مشاركات
567 - قانون التجاذب - بيني جوردان - قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          روايه روحي لك وحدك للكاتبه (ريم الحجر) روايه رائعه لا تفوتكم (الكاتـب : nahe24 - )           »          رهان على قلبه(131) للكاتبة:Dani Collins (الجزء الأول من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          روزان (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          ذكرى ضاعت منه(132)للكاتبة:Dani Collins (الجزء الثاني من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          وكأنها رملة..! (59) -قلوب نوفيلا- للآخاذة: eman nassar [مميزة] *كاملة &الروابط* (الكاتـب : eman nassar - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-03-10, 04:50 PM   #1

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي 1152 - الجزيرة الساحرة - عبير دار النحاس ( كتابة / كاملة **)


الجــزيـرة الســاحـرة


1152
عبير دار النحاس



الملخص :

مجرد التفكير أنها وقعت في خطته كالحمقاء الساذجة , سامحة له أن يسيطر عليها بالكامل وقد استعمل عاطفتها نحوه ضدها . ووراء المظهر الكاذب الوسيم لرجل الأعمال القاسي القلب , رجل مصمم أن يسرق منزلها ويحرمها من مكان طفولتها في شمال نيوزيلندا .
كان هذا منذ سبع سنوات مضت ألان وجها لوجه مره ثانيه مع غاي لوريمر, لم تستطع ميكي التهرب والتخلص منه , وعلمت أن الطريقة الوحيدة لتحرر نفسها هو أن تستسلم وتترك كل التحفظات تسقط .




المقدمة :

ما كان علي القدوم إلي هنا ..))
(( صحيح ,ما كان عليك القدوم أبدا , فأنا لست وكالة للخدمات الاجتماعية , ميكي .))
شعرت ميكي بقلبها يتفتت وينسحق , قالت ( لا أنت لست وكاله للخدمات الاجتماعية , أنت أكثر إنسان بارد القلب , مخادع وبدون شفقة . أتمنى أن يفشل مشروعك .))
شيء مرير وبشع لمع في عينيه وقال : (( لن يحدث ذلك , فأنا لا أتقبل الفشل ..))
تنهدت بعمق وألم , استدارت ميكي نحو الباب وقالت بعصبية )) كنت اعلم انك إنسان غير نزيه , لكنني لم أكن اعلم مقدار عدم نزاهتك ..))
قال ساخرا )) وأنت لم تريني أحاول إظهار ذلك , أعطيني فرصة ولو قليلة , فتتأكدين أنني أسوء من ذلك
بكثير ..))




رابط الرواية على هيئة كتاب :

mediafire-docx


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي




PDF-mediafire


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي




Txt


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 11-01-19 الساعة 02:48 PM
عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 04:54 PM   #2

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول :

بتعمد لم تنظر ميكي كريستوفر إلى أطول رجل في المجموعة وهي تسأل : (( هل انتم جميعا ذاهبون إلى فندق فار ويندز ؟))
ساد ضجيج من مختلف اللغات يؤكد ما قالته . الرجل الطويل صاحب الوجه الوسيم لم يتحرك . إحساس قوي خالجها وأكد لها القلق الغريب الذي شعرت به بـأن هذا الرجل ينظر إليها بقوة واهتمام شديدين .
قالت بصوت ضعيف ( حسنا , لننطلق إذا ..))
انحنت لتحمل صندوقا من الخضار لتضعه في مركب صغير . وكالعادة , معظم المسافرين بدأوا وبسرعة بنقل حقائبهم وإغراضهم إلى المركب . قامة ميكي المتوسطة الحجم تعطي فكرة خاطئة عنها . مع أنها تبدو رقيقة , لكن العمل القاسي والرياضة قد أمنا لعضلاتها القوه لتتمكن من رفع أي بضائع في عملها .
ومدت يدها باتجاه الحقيبة الغالية الثمن و الأخيرة .
وكان الرجال يتعمدون النظر إلى جهة أخرى عندما يتم نقلهم عبر المركب من قبل امرأة في خليج الجزر , وهم يراقبونها بشك وارتياب حتى يتأكدوا أنها قادرة علي القيام بهذا العمل .
يد أنيقة أخذت الحقيبة من يدها وسمعت )): سأحملها بنفسي .))
نظرت إلى أعلى , وتركت الحقيبة وهي تبتسم ابتسامة بالكاد ظهرت على فمها . الصوت العميق ذات اللهجة المثقفة يعود إلى الرجل الذي كان يراقبها بعينين حادتين تحت حاجبين كثيفين عندما كانت تسير علي رصيف المرفأ .
شيء ما جعلها تشعر بالخطر . وهذا أمرغبي منها , فأي خطر قد يعرضها إلية هذا الرجل ؟
هذا ما فكرت به وهي تنزع الحبل عن العمود وتدخل إلى غرفة القيادة , فهذا الرجل الطويل الغامض , وعلى الرغم من مظهره الأنيق , فالكلمة التي خطرت على بالها كي تصفه ( قاسي ) .
بمهارة اكتسبتها من الخبرة الطويلة تمكنت وبسهولة من أخراج المركب من الرصيف . تلاعبت الريح بشعرها الأسود القصير , ودفعت خصلة منه على عينيها الزرقاوين . كان اليوم حارا طوال النهار , وعلى الرغم من القميص الناعمة التي ترتديها كانت تشعر بالحرارة .
فمازال فصل الصيف مستمرا في شمال نيوزيلندا , وكانت ميكي معتادة علي ذلك . فلقد ولدت في مستشفى تبعد عدة أميال عن الجزيرة , وعاشت طوال العشرين سنة في خليج الجزر , وفي فار ويندز آخر اثني عشر سنة من عمرها . كانت ليندا كريستوفر المسؤولة في الفندق حتى وفاتها منذ أربع سنوات , ومازالت ميكي تعيش في المنزل الذي كانت تعيش فيه مع والدتها , كوخ صغير يبعد عن الشاطئ الأبيض بحاجز من نباتات الخبيزة المتعددة الألوان .
حركت المقود قليلا لتتمكن من التوجه إلي روسيل , وزادت من سرعتها وعلى الفور اقترب رجل من سطح القارب الضيق ووقف قرب غرفة القيادة .
رمته بنظرة غير متوقعة , فكرت وهي تحاول وبقوة أن تكون موضوعية , علي الرغم من كل وسامته , فهو يبدو قد انشأ في تربية صارمة . كان في منتصف العشرين من عمره , ويبدو جذابا بصورة لا تقاوم , وهو يعلم بذلك .
لم يكن لديها الوقت الكافي لتبعد عينيها عنه قبل إن يستدير . فابتسمت له بضيق . على الفور رغبت لو أنها ضربت نفسها ولم تفعل ذلك , لأنه اخذ ابتسامتها كدعوة له . تحرك بخفة ورشاقة ولم يتأثر بحركة المركب ودخل إلي غرفة القيادة .
قال : (( مرحبا.)) وابتسم . ابتسامة لمعت كالضوء , ابتسامة قوية . وهو يعلم مدى تأثيرها على النساء .
شعرت ميكي بالحياة تضج في داخلها . استغربت وشعرت بالخوف من عدم قدرتها علي السيطرة علي رد فعلها . تمكنت من هز رأسها ببرودة وقالت : (( مرحبا ليس من المفترض أن تدخل إلى هنا .))
ضاقت ابتسامته وقال: (( صحيح ؟ وهل ستعملين علي طردي خارجا ؟))
قالت بعد لحظة ( لا , لكن لا تعمل علي مقاضاتنا إذا ضربت بأي شيء .))
(( لا اعتقد إن حديثي مهم لدرجة أنة سيشتت أفكارك.)).
شعرت ميكي بالحرارة تجتاح بشرتها السمراء , وتظهر على خديها بشدة , افترضت ان قدرتها علي التعامل بصداقة مع كل الناس قد تخدمها هنا أيضا , قالت : (( هذا الآمر غير مهم حقا . نحن لا نعمل علي المركب بالإيجار لخدماتنا . فندق فار ويندز يستعمل هذا المركب لنقل ضيوفه عبر الخليج . ولهذا السبب نحن ذاهبون إلى راسيل ألان . لقد أنزلت أربع أشخاص هذا الصباح هناك ليمضوا نهارهم بالتجوال
نعم , بدت مسيطرة تماما وقادرة . لكن الإحساس بالقلق مازال يسيطر عليها .
قالت لنفسها غاضبة : لا تكوني حمقاء , لقد رأيت رجالا وسيمين من قبل . وأبعدتهم عنك, أيضا , وبدون أن تشعري بأي ندم . فما هو الفرق مع هذا الرجل ؟ شيء ما يجعله مختلفا عن الباقين , شيء ما يجعله يخترق الحواجز التي كانت تعتبرها لا تخترق والتي تعود إلي أسباب قديمة في داخلها .
ركزت اهتمامها علي قيادة المركب بين جزيرتين صغيرتين لباهيا , ثم اتجهت نحو راسيل ذات التلة الصغيرة , قادت المركب بمهارة واضحة وبدون أي مجهود يذكر وهذا يثبت كم هي معتادة علي قيادة المراكب . وطوال الوقت كان الرجل الغامض يراقبها .
تظاهرت ميكي أنها غير متأثرة بنظراته القوية , لكن تلك النظرات كانت ترسل شرارات , وكانت تلك مثيرة ومزعجة معا .
ركزت نظراتها علي البلدة الصغيرة والتي تحمل تاريخا خاصا بها . وعلي رغم حشد المتنزهين عبر رصيف المرفأ والساحل , فراسيل لها سحرها الخاص .
وهي في الأساس بلدة مليئة بالأعمال , أنها تتميز بالصدق والصراحة وهذا ما يضيف عمقا إلي جمالها الأخاذ وموقعها الفريد , ويجعلها أكثر من مركز للسواح . ميكي عاشت هناك حتى أصبحت في الثامنة من عمرها وقد أحبتها كثيرا .
))هل نستطيع رؤية فندق فار ويندز من هنا ؟))
((ليس بعد.)) تساءلت لما تشعر بكل هذا التأثر من صوته , تابعت : ((انه تقريبا في نهاية تابيكا بوينت .))
((وأين تقع تلك؟))
((هناك.))
أدارت دفة القيادة قليلا لتتجنب تكسر الأمواج الذي يتحطم علي الشاطئ بلا مبالاة, ركزت علي القيادة بين القوارب واليخوت العائدة من خليج كورورايكا. وصلا عند الغسق والرياح الناعمة التي كان يحملها المساء كانت تنعش النفس مع غروب الشمس الارجواني اللون .
قال الغريب الوسيم ( أنا سأربط الحبال.))
قالت بسرعة : (( لا ,شكرا. لك .))
((اعرف كيف افعل ذلك ))
بدا وكأنه ليس هناك الكثير من الأمور التي لا يعرف كيف يقوم بها , وكذلك يقوم بها بطريقة جيدة .
حاولت أن تبتسم بهدوء قبل أن تشرح له : (( لا يمكنني ان ادعك تفعل ذلك , كما أخشى . أنها ضد القوانين . ولا تقلق , لقد قمت بذلك آلاف المرات))
لم يقل شيئا ولم يحاول أن يتدخل .احتاجت لبضع دقائق حتى صعد الأشخاص الأربعة الذين كانوا بانتظارها, وبعد ذلك تابعوا طريقهم مرة ثانية.
كانت جزيرة فار ويندز هي الجزيرة الأقرب إلي اليابسة , لذلك لم يحتاجوا لكثير من الوقت للوصول , حتى وفي هذا المركب البطيء الذي يسير بتهاد هو معرض لكي يتعطل في أكثر اللحظات تعبا وإزعاجا .
أظافر أصابعها القصيرة والتي لا تزال متسخة , اكبر دليل علي ذلك . في ذلك الصباح توقف المحرك عن العمل في اللحظة التي كانت تريد أن تأخذ غواصين إلي كاب برت لذلك عمدت إلي الحصول علي قطعة للمحرك من باهيا عبر ناقلة بالأجرة قبل أن يتمكنوا من الذهاب .
يحتاج فندق فار ويندز إلي رأسمال كبير ليزدهر , لكن المالك لا يبدو انه مهتم بكل الانحدار والأعمال السيئة التي تجري في الفندق . ومنذ عدة سنوات مضت وعندما كان النزلاء يتذمرون , عمد علي تخفيض الأسعار , وبعد ذلك , وكما كان محتما فقد فقدوا امتيازهم كأفضل فندق في المنطقة , ولهذا بدلا من أن يكون المنتجع الأول في باي اف ايلندز, فار ويندز ليس أكثر من مكان للإقامة يديره عمال بدون خبرة آو مهارة . وله مالك يمضي أوقاته نائما أو منعزلا عن الجميع .
تجهم وجه ميكي وهي تدير الدفة باتجاه تابيكا.
قالت : (( سترى فار ويندز في غضون لحظات قليلة .))
الرجل الذي يقف بجانبها يجعلها تشعر بأنها مازالت صغيرة , فكرت بارتباك وهي تحاول ان تفسر تلك السعادة التي تشعر بها والتي تجعل عقلها ينقاد الي عاطفتها عندما يبتسم .
سال: (( هل هذا هو ؟ )) وهز برأسه باتجاه الجزيرة التي كانت تظهر بسرعة أمامهم .
بذاته.)) حدق بعينين حادتين في الجزيرة , لم يبعد نظره وهو يقول : (( لا يبدو الفندق كبيرا جدا .))
رفعت ميكي كتفيها مدافعة : (( انه ليس منتجعا حديثا . إذا هذا ما كنت تفكر فيه عندما أتيت إلي هنا فأنت ستشعر بخيبة أمل .))
رفع حاجبيه متسائلا ونظر إليها متعجبا . انزعجت من رد فعلها والتي جعلتها تتفوه بتلك الجملة , وتذكرة بعد فوات الأوان أن من واجبها أن تعمل علي إسعاد النزلاء . فتابعت بلهجة أكثر أقناعا : (( انه أكثر من نزل حقا . فمنذ أن احترق فندق اوتيهي باي حتى أصبح فار ويندز الفندق الوحيد في باي اوف ايلندز . ))
(( نزل ؟ ليس هذا ما قرأته علي كراسة الإعلان .)) كان صوته كسولا , ولم يبعد عينيه عن الجزيرة التي كانوا يقتربون منها بسرعة سألها : ((هل تم طبعها مؤخرا ؟))
لم يظهر أي تعابير علي وجه ميكي . لقد حاولت كثيرا مع هاري ليغير كراسة الإعلان , لكنها لم تتمكن من تحقيق أي نجاح بذلك .
قال عندما رأي ملامح الاعتراض علي وجهها : (( أنها مناسبة بكل الأحوال , اعتقد أنها مطبوعة منذ ثلاث سنوات فقط ولم يتذمر احد من شانها , أليس كذلك ؟))
فكرت ليس بعد , وهي مطبوعة منذ ست سنوات وليس ثلاث . فتلك المطبوعات صدرت عندما كان فار ويندز منتجعا حقيقيا .
لكنها قالت الآن بصوت عال : (( لا , لكننا قمنا بالتغيرات وفقا لرغبات النزلاء . فالعديد من الزوار يهتمون لرؤية الخليج اكثر من الاستلقاء علي الشاطئ . فهم شباب ورياضيون ويحبون القيام بالعديد من النشاطات . فيذهبون الي الصيد والإبحار , يغطسون تحت المياه ويراقبون الدلافين , وفي أوقات محددة من السنة يراقبون عودة الحيتان من رحلتهم إلي انتاركتيكا .))
(( هل تقومين بكل هذه الاعمال بنفسك ؟))
قالت بطريقة عادية : (( ليست كلها .)) القليل منها , في الواقع . في السابق كان هناك فريق للقيام بكل ذلك لكن هاري لم يكن لديه القدرة علي استخدام فريق الصيانة , لذلك كان عليهم ان يتراجعوا . والمؤسسات التي هي في باهيا وروسيل اخذت ذلك النوع من الاعمال . انها طريقة سيئة بادارة الاعمال , لكن هاري لم يعد يبدو مهتما لاي شيء .
للمرة الثانية جال الرجل الذي يقف بجانبها بعينيه عبر الجزيرة , فتلك العينين السوداوين ينظران بحدة الي كل تلة وكل وادي . لم تظهر أي تعابير علي ملامح وجهه القوي . نظرت ميكي الي كتفيه , وبدون وعي منها انتبهت الي طراز ثيابه ونوع القماش . تستطيع ان تجزم انها صنعت خصيصا له . سيكون مختلفا جدا عن كل من في الفندق .
ثيابه , تصرفاته والهالة المحيطة به , كل تلك الأشياء تنم عن الكثير من المال والأناقة والخبرة , مسرف في الغنى وليس ذلك من خلال عمله بل من ولادته .
هذا الرجل يعرف تماما ما الذي يريده , ولماذا يريده . وهكذا فهو يعلم تماما إلي أين ذاهب , والسؤال ما الذي يفعله هنا ؟
مرتديا بنطالا من القطن وقميصا رياضية , ربما يحب التأنق كثيرا , لان كل من في القارب يرتدون البنطال القصير والقمصان القطنية الواسعة , لكن لا احد يلاحظ ذلك . انه رجل وجد ليتحدى ,لديه قدرة واضحة , وشخصية ساحرة , رجل يتوقع العالم الأفضل دائما .و ليس من نوع الرجال الذين يتمتعون بقضاء وقتهم في فنادق رخيصة ومهددة بالإقفال كفندق فار ويندز .
أحساس من القلق سيطر عليها . فرفعت ميكي ذراعها وأشارت : (( يمكنك أن ترى رصيف الميناء الآن .))
(( نعم إنهما يبدوان وكأنهما جزيرتين منفصلتين , إلا تعتقد ذلك ؟))
لكنهما متصلتان غبر ارض طويلة رملية . علي الخريطة تبدو فار ويندز كجرس ملقى وإحدى زواياه اكبر من الأخرى
(( ذكرت ورقة الإعلان عن أشياء مثل البحيرات . كم بحيرة هنا ؟))
((ثلاثة.))
(( هل تأخذين القارب إلي هناك ؟))
(( لا . فقط زورق التجديف , فالمياه هناك ضحلة جدا كما وان المداخل الي البحيرات خطرة ومليئة بالصخور . أنها رائعة للغطس تحت الماء وللسباحة .))
اوقفت المحرك وقالت بهدوء : ((لاحسنا , هذه هي ..))
نظر الي الرصيف وقال معلقا : (( لا يبدو الرصيف آمن .))
بلهجة جادة اجابت : (( يتم معاينته دائما للحصول علي رخصة استعماله .))
جالت عيناه علي وجهها . وعلت ابتسامة ساخرة علي شفتيه لكنها لم تخفف من قساوة نظرته وهو يقول :
(( ربما من شقيق المالك.)) قال ذلك بصوت ناعم , لكنها سمعت السخرية بوضوح في كلامه.
شعرت وكانها سجينة تلك العينين الرائعتين . شعرت بالدوار من الاحساس الغريب وكانها تعرفه , او كانها كانت بانتظاره طوال حياتها . وبصوت قلق قالت : (( لا , هاري لا يغش . بكل الاحوال , ليس هكذا تجري الامور هنا . فالرصيف امن بحق .))
(( هاري هو المالك , علي ما افترض ..))
قالت بحدة : (( نعم هاري سنكلير .)) حركت القارب قليلا وبينما كانت تربط الحبال شعرت وكانها تستعيد بعض تماسكها وقوتها .
قفزت نحو الرصيف , ونظرت بغضب نحو الفندق , اين هو شين ؟ فهو البستاني والعامل ومن يحمل الحقائب .
كان عليه ان يكون واقفا علي الرصيف بانتظارهم , لكن, وكما يحدث واكثر من مرة , فلا اثر له هنا .
مع ذلك , بدا علي الزوار انهم غير مهتمين . حملوا امتعتهم من القارب ووضعوها علي عربة النقل , ومن ثم ساعدوها بنقل الخضار والفواكه .
تاكدت ميكي انه لم يبق أي شيء في القارب . هذا عمل انتهت منه , بعد ذلك وقفت خلف عربة النقل وبدات بالدفع . وبصعوبة وببطء دارت الدواليب وهي تصدر اصوات خشنه علي القضبان الصداة المعدة لسير العربة .
علي الفور سمعت صوتا حاسما : (( هيا , سافعل ذلك بنفسي .)) وكان ذلك صوت الرجل الغريب.
بدت عضلات قوية تحت القماش الناعم لقميصه وهو يدفع العربة . وسارت بسهولة علي الطريق وهي تصدر الاصوات المعتادة . ما ان لاحظ الرجال ما الذي يفعله حتى اقتربوا منه لمساعدته , غير ان المراتين اللتين كانتا تتبادلان النظرات , ركزتا نظراتهما علي الرجل الطويل القادم من نيوزيلندا .
عمدت علي تبديل ملامح وجهها الي اظهار اهتمام عادي بعمله , وهي تسير مع المراتين عبر الطريق المرصوفة حتى نهاية الرصيف .
قالت : (( مكتب الاستقبال في نهاية الممر في المبني وراء الشجرات .))
آه , ستعمل علي تمزيق شين , الا انها ما ان سالت عنه لماذا لم يكن في انتظارها عندها اكتشفت انه كان يقوم بعمل موازي بالاهمية , مثل تصحيح مولد الكهرباء . فالالات دائما تتعطل , وكما يبدو فليس هناك مال للقيام باي شيء الا صيانة الاشياء الاكثر اهمية .
مهما يكن هذه المجموعة , باستثناء الغريب الغامض , لم تكن من النوع المتذمر . كل ما يريدونه مكانا رخيصا للبقاء فيه وهم يكتشفون باي اف ايلندز .
كانوا يتحدثون بفرح , وهم يحملون حقائبهم ويسيرون عبر الممر . كل شخص قام بذلك ما عدا واحد . وقف ينظر الي ميكي باهتمام مما جعلها تشعر بالقلق .
سالت بتوتر : (( هل تريد شيئا ؟))
(( كم عمرك؟))
ارتجفت من الغضب , هي تعلم انها تبدو شابة جدا واصغر من سنين عمرها العشرين , لكن لا حق لديه لكي يكون فضوليا , قالت بغضب وبدون أي تردد : (( انني في عمر يحق لي بقيادة السفن .))
النظرة الثاقبة في عينية ظهرت في صوته : (( لديك اجازة قيادة علي ما اعتقد .))
(( بالطبع .)) معظم السواح سعداء , لكن في بعض الأحيان هناك أشخاص يرغبون في جعل الحياة صعبة وقاسية .
(( وما هو عملك هنا ؟))
ردت بذكاء وبثقة : (( مرافقة للمسؤول العام .)) فهي يمكنها ان تفعل أي شيء في الفندق , وهذا ما تفعله في الواقع , فهي تعمل مكان الطاهية عندما تأخذ ايام عطلتها , تنظف الغرف , تخدم علي الطاولات في المطعم , تملأ اوراق الحسابات وتحررها .
نظر مفكرا اليها , بعد ذلك بدت الراحة علي تلك الملامح القاسية من خلال ابتسامته وهذا ما جعلها تشعر باحساس غريب , قال وهو يمد يده : (( اسمي غاي لوريمر . ما اسمك ؟ ))
(( ميكي كريستوفر .)) صافحته بتردد كبير , كانت يده باردة وقوية , وعندما لمسها شعرت بشرارة انطلقت من يدها الي ذراعها واستقرت في قلبها .
ابتسامته ساحرة ورائعة , : (( كيف حالك ؟ وكم عمرك ؟))
رمته بنظرة استهجان وقالت : (( عشرون . وانت كم هو عمرك ؟ ))
طافت عيناه علي وجهها بطريقة وكانه يتاكد مما قالته . قال : (( سته وعشرون عاما .))
كل شخص في العالم يجب ان يبدو اكثر قدرة وخبرة من امراة امضت حياتها كلها في باي اوف ايلندز . حتى ولو في نيوزيلندا , بلد لا يعد ضمن الدول المتحضرة المتطورة فنورث لايند هي ارض نائية .
لاول مرة في حياتها تمنت ميكي ان تكون جميلة ومثقفة , وقد تعلمت في الجامعة , ذلك الطموح الذي تخلت عنه ما ان توفيت والدتها .
قال : (( حسنا , من الأفضل أن اذهب لأحجز .))
التقط حقيبته وحقيبة اليد من العربة وسار بجانبها عبر الممر . عليها أن تثني علي تماسك أعصابة .
فملامح وجهه لم تتغير بينما كانا يسيران عبر الممر الحجري باتجاه المبنى .
أول جزء من الفندق بدا كغرف صغيرة , حيث هاري ومنذ سنين بعيدة , قرر ان يجعلها تبدو كأكواخ مغطاة بالأعشاب . لم يكن يظهر من تلك الغرف الا بعض القرميد وأجزاء من المعدن الصدء . عزمت ميكي علي طلائها خلال الشتاء القادم , مع ان هاري تبرم وتذمر عندما ذكرت له الموضوع . كانت مصممة علي القيام بذلك وان لم يعمد هاري علي مساعدتها فستفعل ذلك بنفسها .
لم تظهر أي تعابير علي وجه غاري لوريمر , لكن ميكي نظرت من خلال تلك العينين الزرقاوين وأدركت انه بالرغم من الطلاء الجديد فسيبقى الفندق حقيرا وبشعا , انه في الواقع غير صالح للاستعمال . ويبدو غير مألوف في هذا المكان الرائع الجمال . السماء الصافية تلمع والبحر الأزرق يتهادي علي الشاطئ الأبيض وكل ذلك يؤكد سوء حال المبنى كله .
عمدت ان تبعد القلق عن صوتها وهي تقول : (( قاعة الاستقبال من هنا .))
قال غاري لوريمر بدون انتباه : (( شكرا .)) فقد كان لا يزال يتأمل المبنى بعينين ثاقبتين .
في غضون نصف ساعة عليها المساعدة في إعداد طاولة العشاء , لكنها علي مضض انتظرت بدا انه انتهى من الحجز . يحب الضيوف الشعور بالاهتمام الشخصي , والموظفون الذين يبتعدون عن الزبائن لا يعطون صفات جيدة لاسم الفندق .
لكن عندما أصبح الصمت مزعجا سألته : (( هل انتهيت من الحجز ؟ ))
(( نعم ))
قالت بقلق : (( إذا سأراك ثانية .))
قال وهو يبتسم لها : (( اه, نعم من المؤكد انك سترينني ثانية .))
هزت ميكي رأسها وعلي الفور غادرت , وسارت مباشرة نحو منزلها الصغير بحديقته الجميلة . رائحة أشجار الصنوبر الثلاثة الكبيرة من وراء الحاجز ممتزجة مع رائحة زهور التلة تعطي عطرا يبشر بحلول الصيف , عطرا منعشا يحمل في ثناياه ندى البحر . تنشقت بقوة وفرح , دخلت إلي المنزل , فلديها الوقت الكافي لتستحم وتبدل ثيابها .
لكن بدلا من ان تدخل الى غرفة الحمام وقفت للحظة تنظر إلي صورة والدتها علي طاولة الزينة .
هي لا تشبه امها , الا من خلال فمها الممتلئ وعينيها الرماديتان الشاحبتان , لكن رموش وحواجب امها لونهما اشقر , بينما عينا ميكي تلمعان تحت رموش سوداء كثيفة . كانت ليندا كريستوفر جميلة جدا, بيضاء البشرة وذات شعر بلون الذهب , لكن ميكي أخذت لون بشرتها من والدها من منطقة البحر المتوسط وكذلك شعرها الأسود , لكنها تملك قوام امها الناعم الجميل .
تنهدت ميكي . لقد عاشت امها حياة قاسية جدا . لقد أخبرتها ليندا القصة كلها قبل وفاتها بقليل , كان زواجها مجرد عطلة رومانسية ولم تكن قد تجاوزت الثامنة عشر ,ولم يكن والدها اكبر منها الا بعدة سنوات . لقد تركها ورحل من دون ان يلتفت وراءه او يساعدها في إعالة طفلتها .... وحتى أصبحت ميكي في عمر الثامنة عاشتا مع جدها , لكن بعد وفاته أجبرت ليندا علي القبول بالعمل الوحيد الذي وجدته حيث كان وجود الطفلة مرحبا به . كانت زوجة هاري قد توفيت قبل عدة أشهر , وكان بحاجة الي مدبرة للفندق , ولذلك انتقلتا للعيش هنا في الجزيرة .
ومن اجل كل تلك الاسباب كانت ليندا سعيدة .
(( اتساءل ان كنت حقا سعيدة )) قالت ميكي مخاطبة الوجه الهادىء الجميل الذي كان يبتسم لها . تنهدت بهدوء, واعادت الصورة الي مكانها علي الطاولة وذهبت الي الحمام .
قالت بعد مرور نصف ساعة وهي تدخل عبر باب المطبخ : (( يمكنني ان اكل حصانا .))
تجهم وجه نولا الطاهية وقالت : (( الم تتناولي أي فطور هذا اليوم ايضا ؟ ))
(( لا , كنت منشغلة جدا . )) ونظرت ميكي عبر الاوعية علي الفرن وتابعت : (( لقد قمت بتصليح القارب وكذلك قيادته . ))
(( اذن تاكدي من ان تتناولي طعاما كافيا الان , فانت تزدادين نحولا . )) ببساطة وبينما كانت نولا تقطع شرائح البندورة تابعت : (( حجز رجل رائع في الفندق بينما كنت عائدة . لا بد انك رايته علي متن القارب . ))
امسكت ميكي بصحن وسكبت لنفسها , قالت : (( نعم .))
(( هل هو بمفرده ؟ لا اعتقد ذلك . عادة الرجال مثله لديهم زوجات رائعات الجمال برفقتهم .))
(( لا , ليس هذا الرجل , الا اذا ترك زوجته في باهيا . ))
(( اذا لا بد انه ثقيل الدم . )) هذا ما قررته نولا .
قالت ميكي وهي تبتسم بمكر : (( من المؤكد انه وسيم جدا , فهو يبدو كعارض ازياء , علي ما اعتقد .))
ضحكت نولا : (( ربما انه اكثر الرجال وسامة رايته في حياتي , لكنه لا يبدو كعارض ازياء , انه يبدو , اه , كشخص , هل تعلمين ما اقصد ؟ اقصد ان الرجال الذين يعرضون الازياء يتميزون بالجمال والوسامة لكن هذا الرجل يبدو ذو سلطة ايضا . ومن المؤكد انه سيجعل الكثير من القلوب ترف لاجله . ))
(( اتساءل ما الذي يفعله رجل مثله في فار ويندز ؟ ))
قالت ميكي ذلك وهي تسكب السلطة في صحنها , وتابعت : (( لنواجه الحقيقة , نحن لا نرضى الاثرياء واصحاب السلطة . فهم يحبون رفاهيتهم كثيرا .))
رفعت نولا كتفيها وقالت : (( ومن يعلم ؟ ربما يرغب في السلام والهدوء . ))
(( حسنا , لدينا الكثير من تلك لكنني متاكدة انه سيكون في اول قارب للمغادرة صباح الغد لا يبدو من النوع الذي يستطيع البقاء هنا . احد الفنادق الكبيرة في باهيا سيكون مناسبا له اكثر .))
في وقت متاخر ذلك المساء , بينما كانت ميكي تتحدث الي الفرقة الموسيقية في القاعة الكبيرة حيث هي كنادي ومطعم ايضا , رفعت نظرها لترى غاي لوريمر يدخل من الباب باتجاه النادي اثناء العشاء جلس في الناحية الاخرى من الغرفة فعمدت ميكي علي ابعاد نظرها عنه , لكن علي الرغم من ذلك , لا حظت المراتين اللتين جلستا قريبا من طاولته وهما تقصدان التقرب منه والتودد اليه .
ازعجها ذلك , لا لم يزعجها فقط , بل اثار غضبها وللحظه ما شعرت وكانها ستذهب اليهما وكانها زوجته , وكانها هي واياه قد ارتبطا برباط من الحب وان النساء اللواتي يتحدثن معه هن دخيلات .
استسلمت ميكي في تلك اللحظه للاحلام , ورات نفسها في مكان رائع مكتظ بالناس , ورات نفسها ترتدي ثوبا غاليا ومثيرا , وتنتعل حذاء يجعلها اطول بعدة سنتيمترات .... وفي هذه المرة لن يكون هناك عدم اهتمام بل سيكون هناك تقدير واضح من عينيه الرائعتين , وستظهر ابتسامة علي ذلك الفم القاسي الجميل .
شعرت بان ذلك لن يحدث , فعمدت علي اعادة افكارها الي ما بين يديها من اعمال , وقالت بصوت هادىء : (( حافظ علي الصوت منخفضا . ))
ابتسم قائد الفرقه لها وقال : (( اه , هيا ميكي . ))
قالت ساخره : (( اعلم , اعلم , هذا سيفسد الموسيقى , لكن بالنسبه لضيوفنا فهم يفضلون الموسيقى الاكثر هدوء . اتفقنا . جون , اخفض صوت الموسيقى . يمكنك ان تفعل ما تحب بعض الاحيان , و لكن ليس
كل الوقت .))
رفع جون عينيه الى السماء , لكنه يعلم من الافضل الا يعترض اكثر علي الرغم من التحذير , قال : (( لن يعجبهم ذلك . ))
ردت عليه بدون أي غضب : (( يعود الامر اليك لتجعلهم يحبون ذلك . ))
(( انت امراة شريرة .)) حدق بعينيها المرحتين بقوة . ثم فاجاها وهو يضمها بين ذراعيه ويقبلها. علي الفور الفرقة واخذت تصفق , طالبه بمزيد من النشاط .
تفاجاة لانها اصبحت حرة عندما فكرة في ابعادة , قالت ميكي بغضب : (( لماذا كانت هذه القبلة ؟ ))
(( لا شيء يؤثر فيك , اليس كذلك ؟ .)) هز جون راسه وتراجع الي الوراء وهو ينظر الي تعابير وجهها الجادة والتي لا تناسب مطلقا المرح الواضح في عينيه .
تابع : (( انت دائما قاسية , وعملية , ويبقى انفك دائما في الكتاب حتى ايام المدرسة , وهذا لا يناسب كل هذا الجمال . كنت دائما اتساءل كيف ساشعر عندما اقبلك. ولقد كان ذلك رائعا . لكننى ارى انك لم تتاثري
مطلقا بي . انني يائس . اصمتوا ايها الشباب . ))
تنفس بطريقة مسرحية وتابع : (( حسنا , سنعزف بصوت هادىء , ولو بالرغم مني . لكن احفظي ما ساقوله , ميكي كرستوفر , يوما ما سياتي رجل وسيجد من تعابيرك ( لا تقترب مني ) تحد كبير له . ) )
لم تتاثر مطلقا بتلك الفكرة تجهم وجهها ونظرو حولها . كانت الغرفة ألان نظيفة ومزينه بعدد من الأضواء المختلفة الألوان وبعدد من الطابات اللماعة . لم تكن جديدة , لكن في هذا الجو الصاخب في النادي كان من المستحيل علي احد أن يرى أن كل ممتلكات المكان باليه وستنهار .
استدارت ميكي لتتأكد من تحضيرات الطعام , إحساس مفاجئ من الإرهاق سيطر عليها , تثاءبت ونقلت نظرها في أرجاء المكان .
كان غاي لوريمر محاطا بعدد من الناس , لكنه كان ينظر مباشرة إلي ميكي . ابتسامتها المشجعة تجمدت علي وجهها عندما ادار راسة بتعمد . لا بد انه قال شيئا لاحظت ضحك مرافقيه . سيطرت ميكي علي الإحساس المؤلم بالغيرة وسارت في طريقها .
انها متعبه . وآخر شيء تريده الليلة هو ان ترقص , لكن لا بد أن هاري سيظهر هذه الليلة , لذلك عليها ان تتجاهل تعبها وان تتجاهل ايضا مزاجها السيء .
مالذي يجري معه؟ لقد أصبح بهذه الحالة منذ عدة شهور , ومع أنها سالت بحذر وانتبهاه بقدر ما تستطيع عما به , لكنه رفض ان يتحدث بالأمر . و التخمين امر سهل , بالطبع . فمعظم العمال يعتقدون أن إفلاس الفندق هو سبب مزاجه السيء , لكن حتى ألان لم يتمكن احد منهم من النجاح .
اذا كان الامر هكذا فميكي حقا في مشكلة كبيرة فليس لديها أي شهادات عملية , لا منزل ولا اقارب لمساعدتها لتتخطى هذه الأزمة .
الوقت غير مناسب لتقلق علي مستقبلها . نظرت الي نفسها للحظه في المرآة وتوقفت لترتب الياقة الواسعة علي شكل قارب لثوبها الأزرق ورتبت تنورته الواسعة .
(( آه , هذا هو انت ميكي . ))
رفعت نظرها بسرعة . اقترب هاري منها وهو يتهادى من الناحية المقابلة , رجل ضخم له لحية رمادية وشعر ابيض . ما أن اقترب منها حتى شعرت بالراحة وظهر ذلك بوضوح علي وجهها .
(( ميكي هل رأيت رسالة من انكلترا ؟))
(( انكلترا ؟ لا , لا اعتقد انه وصلتنا رسالة من انكلترا في الفترة القريبة الماضية . ))
عقد حاجبيه الكثيفين معا وقال : (( أنها بشان عقد الإيجار . ))
هزت ميكي راسها بتفهم . فالجزيرة ملك لعائلة مسؤولة في بريطانيا .
قال بلهجة حاسمة : (( حان الوقت لتجديده . )) ونظر حوله وكأن الرسالة قد وضعها في مكان قريب .
تابع : (( يريدون مبلغا ضخما إضافيا , لكنني قلت لهم ان الوضع الاقتصادي الحالي بغاية السوء . ففي النهاية , التضخم المالي عمليا بحدود الصفر الآن . وليس هناك من حاجه لتجديد عقد الإيجار . ))
هزت ميكي رأسها : (( حسنا , لا يهم الآن . لا تقلق بهذا الشأن , فالأمور تسير دائما نحو الأحسن . )) عزف الموسيقى الصاخبة جعلته يدير رأسه . حدق في الباب وكأنه أصيب فجأة بالجنون, ثم قال بصوت هادئ : (( آه , نعم أنها ليلة الرقص , أليس كذلك ؟ استمتعي بوقتك . ))
قالت : (( هذا ما أتمناه .. )) وأصيبت بالدهشة لأنه لم يلاحظ لهجتها الجافة .
وقف حزينا للحظه . بعدها استدار وسار بتعب نحو شقته تجهم وجه ميكي وهي تراقبه حتى اختفى وبعد ذلك سارت بتعمد نحو المطبخ . بعد مرور عشر دقائق سارت عبر الباحة الخارجية من وراء الفندق حيث هناك بركة تشع بمياه زرقاء غير طبيعية . كانت الناس لا تزال تسبح , لكن هناك عددا اكبر من لاحظت أن معظمهم يسيرون وهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض , بينما كانت ترتب الكراسي وتجمع الأكواب . وبالحكم علي الضحك الواصل إليها من علي الرمال , بدا لها أن الجميع يستمتعون بوقتهم كما هو شعار أيام العطل .
شعرت ميكي بالحسد نحوهم . لم يكن ذلك الشعور شعورا بالحسد والذي يحمل سؤال ( لماذا ليس أنا )
بل هو نوع من الشوق , لفرح الشباب المنعش . عندما توفيت والدتها غادر ميكي الإحساس البريء بان العالم ملكها . وتلك السعادة التي يحصل عليها المرء منذ ولادته قد تبددت وضاعت . اكتشفت بطريقة قاسيه وظالمه بان الحياة قد تكون مخيفة وغير عادلة .
مع ذلك , كانت تعلم انه لا داع للاعتماد علي الشفقة علي النفس , مدت يدها وأمسكت بزجاجة فارغة .
شعرت بان الليلة ستكون ليلة جيدة . فالضيوف مستعدون للتمتع بأوقاتهم , وهذا ما فعلوه . كانت الموسيقى عالية ولكن ليست صاخبة , وأظهرت رضي لجميع الضيوف من الموسيقى الهادئة إلي الروك .
رقص الجميع علي عدد من الرقصات المختلقة ولكن معظم الموسيقى كانت لرقص الفالس لدرجة أن من لم يكن يجيد الرقص كان جاهزا للمحاولة .
الحرارة زادت من توهج خدي ميكي , واستسلمت للرقص ولبعض المغازلة الخفيفة مستعملة رموشها الطويلة لتؤثر علي مرافقيها . ألان هي خبيرة جدا بالتحدث مع الناس , تستطيع التحدث والضحك معهم من دون أن يعتقد احد أنها سهلة المنال .
كانت تنظر نحو الباب بين وقت وآخر , وهي تشعر بالإحراج والتوتر لأنها كانت تبحث عن غاي لوريمر .
وهذا أمر سخيف لان فتاة ريفية عادية ليست من نوعه المفضل .
حوالي الساعة العاشرة وصل , طويل القامة وقاس , يسير ببساطة وبتكاسل وكأنه نمر مفترس . كان برفقته امرأتان , ليستا طويلتين لكنهما شقراوتان, والاثنتان من سويسرا وكانتا في القارب سلستي بعد ظهر هذا اليوم .
قاومت ميكي وبقوه أن تهدا من رد فعلها الغاضبة والمفاجأة . الامر لا يعنيها مطلقا , وهي أيضا غير معجبة بالرجل . ومن المؤكد انها لا ترغب في اثارة انتباهه , لكن علي الرغم من ذلك كان قلبها يخفق بقوة وبشرتها كانت حارة وحساسة جدا .
عزفت الفرقة موسيقى الفالس , وعلي الفور اصبحت في باحت الرقص مع شاب أمريكي والذي اعتقد انها رقصة مختلفة بالكامل .وبعد خطوات خاطئة قال بصوت ضاحك : (( نحن حقا في مشكلة هنا .))
(( لا , انها سهلة جدا .)) ابتسمت , فهي دائما مبتسمة وبدات ميكي باعطائه درسا للرقص , وما ان انتهت الموسيقى حتى كان يرقص بشكل جيد , ويدور في حلقات والتي توقفت تماما امام غاي لوريمر.
توقف قلب ميكي عن الخفقان , وللحظة وجدت نفسها اسيرة لمعان عينيه . نظرته المتساءلة اثارت غضبها , واحساس قوي دفعها لترميه بنظرة جانبية وابتسامة كبيرة وهي تدير راسها لتعود الي حلبة الرقص .
بعد مرور عشر دقائق لم تتمكن من رؤيته في الغرفة .
قالت لنفسها . هذا امر جيد .
كانت تضحك مع الامريكي وهي تحمل كوبا من عصير الليمون في يدها , عندما اعلن الرقصة التالية وهي الروك اند الرول .
عندها قال غاي من ورائها : (( هل لي بهذه الرقصة .))
استدارت ببطء . كان يبتسم , وتلك الابتسامة كانت تتحداها .
اجابته بشيء من التهور : (( نعم , بالطبع .)) وأنهت كوب العصير .
نظر الي اثر العصير علي فمها , وقد ضاقت عيناه للحظه . تبدلت ابتسامته ومد يده اليها .
سارت مع غاري إلي حلبة الرقص . أخذها بين ذراعية وهو يبتسم لها , كان جسمه الطويل الرشيق يتحرك بثقة كاملة .
سألته عندما طال الصمت كثيرا . (( هل تستمع بوقتك حتى ألان ؟)).
رفع كتفيه قليلا : (( المكان مثير للاهتمام .))
كانت ميكي تشعر بالفخر من تماسكها ابتسمت وقالت : (( آه ,هذا جيد , يسعدني ذلك .))
كان صوتها يحمل النغمة المطلوبة , اللهجة للتحدث مع السواح والتي تخفي الخوف الذي تشعر به في قلبها . فالرقص معه كان يعطيها أحساسا بالخطر , ولم تكن تعلم كيف تتعامل معه .
قال غاي : (( الجزيرة جميلة , كم عدد الشواطئ عليها ؟ .))
قالت ميكي له : (( سبعة , واحد لكل يوم في الأسبوع . كل واحد اسمه علي اسم أيام الأسبوع .))
(( لا بد ان من سماها لديه حس فكاهي . هل يمكنك الوصول اليها كلها ؟))
(( بالطبع , فهناك ممرات لها .))
(( لماذا لا تدعيني ارى واحدا منها غدا ؟))
لم تصدق انها سمعته بصوره صحيحه , وبعد لحظه من التوقف مندهشة اجابت (( اني اسفة , لكنني لا استطيع فانا اعمل طوال النهار وهناك اشارات واضحه , طوال الطريق ))
(( ربما في وقت اخر )) لم يبد عليه وكانه فعلا يريدها ان تذهب معه . كان صوته يحمل خيبة امل ظاهريا . لكنها شعرت بعدم اهتمامه : (( منذ متى وانت تقودين القوارب ؟))
(( منذ عدة سنين ))
لمع شيء ما في اعماق عينيه الزرقاوين : (( اعتقدت انك تلميذة مدرسة عندما رايتك تسيرين علي الرصيف في باهيا وتلك اللعبه بين ذراعيك .))
اذا لهذا كان يراقبها بكل تلك الحدة , ابتسمت له وقالت بإشراق ( توقفت عن النمو منذ ان أصبحت في الرابعة عشر . كانت تلك ضربة كبيرة لي صدقني .))
(( الأشياء الجيدة تأتي بنسب قليلة , هذا ما اعتاد والدي علي قوله ))
قالت ميكي بنعومة : (( نعم لقد سمعت بذلك . الحياة دائما تبدو قاسية .))
ضحك وأداراها بين ذراعية , بينما كانت تتابع الرقص بخطواتها . ميكي تعلمت الرقص من هاري , والذي هو راقص ماهر , لذلك كانت تتابع الرقص بدون التفكير بالخطوات . والشخص الذي علم غاي الرقص لا بد انه ماهر أيضا , فكان يرقص بمهارة فاجأتها .
بعد وقت قصير ترك الراقصون المكان لهما ووقفوا جميعا يصفقون مع الموسيقى . لم تكن ميكي مغرورة لكنها تعلم أنها ترقص بطريقة جيدة وكانت تشعر بسعادة حقيقية لمشاركتها الرقص مع شريك ماهر مثل غاي .
ازداد حماس الفرقة الموسيقية , والذي كان رقصا عاديا تحول فجأة إلي عرض وانتهى بميكي وهي تضحك وقد احمر وجهها من الاجهاد .
بقيت ترقص وتدور حتى قطعت أنفاسها قبل ان يمسك بها أخيرا ويضمها اليه مع انتهاء الموسيقى . بينما كان الجميع حولهما يصفقون ويصرخون .
لم يكن الامر مجرد تسليه . ماتت الضحكة في حلقها وهي تنظر في عينيه بغرابة , حاولت ان تتصرف بطريقة عاديه , وكأن عناق رجل لها امر عادي لكن من الصعب عليها القيام بذلك لان أنفاسها تضيق وهي تشعر بتوتر في كل جسمها .
كان يمازحها , لكن شيء ما من وراء ذلك المديح , شيء أكثر عمقا وإثارة ,اقلق ميكي . ابتعدت عنه لمسافة كافيه وأدارت رأسها كي لا ترى وجهه وقالت : (( هل تريدين أن تشعري بالهواء البارد في الخارج ؟))
للحظه كادت ان تقول نعم ,لكن سنوات من الحذر علمتها الكثير . قالت : (( لا , سأشرب القليل من عصير الليمون .)) وسارت نحو طاولة الشراب . قالت لنفسها متاثره عندما شعرت بلمسة يده علي خصرها , وهو يقودها عبر الحشود .
قال ,ورنة من الضحك في صوته : (( ميكي .)) وعندما نظرت إلية مستفهمة تابع : (( اسم غريب بالنسبة إلي فتاة )


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 04:56 PM   #3

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني

رفعت ميكي كتفيها وقالت : (( انه افضل من ميكايلا .))
(( ميكايلا ؟))
ضحكت ميكي : (( انه اطول مني .))
(( هل تم تسميتك هكذا بسبب شخص ما ؟))
(( بسبب والدي .))
عندما وصلا الي طاولة الشراب , وقف غاي جانبا منتظرا دوره , متجاهلا الرجل الذي وصل قبلهما بلحظات , ابتسمت نولا وسالته عما يريد .
هز غاي راسه واشار الي الرجل بجانبه وقال : (( هو اولا .))
ابتسم الرجل الشاب , بطريقه محبطة . عملت نولا علي تلبية طلبة وادارت عينيها بفرح نحو غاي .
امر مذهل , ان تكون نولا هنا لأنها مشاكسة جدا وقد لا ترضى بتلبية طلبات الزبائن . مع ذلك قدمت الي هنا بسبب احد ما .
قالت بهدوء حين ناولها كوب العصير : (( شكرا لك .))
وشربت بعضا من الشراب البارد , مستمتعة بالطعم وحلاوة العصير.
قال : (( لديك اكثر عينين مدهشتين , باهتتين , فهما ليستا رماديتين ولا زرقاوين , بل فضيتين . لا اعتقد إنني رأيت عينين بهذا اللون من قبل .))
اثر كلامه حتى آخر أطراف أعصابها , لكنها تعرف كيف يتصرف المغازل . رفعت حاجبها قليلا , وكأنها تسأله, لكنها قالت بتهذيب : (( شكرا لك , وأنت أيضا عيناك ليستا عاديتين .))
ضحك وقال : (( لم أكن أغازلك , انهي شرابك وسنرقص ثانية .))
الرقصه الثانيه كانت رقصة فالس . رقصت ميكي معه بتحفظ ولم تستمر طويلا . كان يرقص كالحلم , وهذا ما قالته مره امها عن أبيها . وألان علمت ميكي ما الذي قصدته . وقد فهمت للمرة الأولى ما معنى كون الرجل جذابا بشكل لا يوصف . ذراعي غاي حولها وهو يراقبها بمهارة . ضاعت في تلك اللحظات الجميلة , وكلها جديدة ومذهلة , وكانت تتبعه بخطواته كالعمياء .
ما ان انتهت الرقصة حتى علمت ان عليها الابتعاد عنه . ابتسمت , كي لا يعلم كم تأثرت بوجوده , وقالت
بنعومة : (( كان ذلك ممتع جدا , لكن من الأفضل ...))
ضجة أخرى في القاعة أثارت انتباهها . شيء ما يتحرك ويثير عراكا . وبسرعة حاولت ان تذهب الي هناك , وقف غاي امامها .
قالت وهي تدفعه : (( دعني أمر.))
وضع يده علي ذراعها بقوة : (( لا يمكنك الذهاب الي هناك . فهذا الغبيان يتعاركان .))
((غاي , هذا هو عملي , ولهذا انا هنا .))
تردد قليلا , لكن عندما ابتعدت عنه وقد رفعت ذقنها بتصميم , لم يحاول منعها , لكنه كان بجانبها عندما وصلت الي الشابين اللذين يتعاركان , عرفت من لمعان عيونهما ومن احمرار خدودهما انهما كانا يشربان شرابا قويا .
ميكي تعرفهما جيدا , فكرت بسرعة وسالت المراة التي تجلس قربها : (( هل هذا عصير ليمون فقط ام انه شيء اخر ؟ ))
قالت المرأة بتردد : (( فقط عصير الليمون .))
(( هل استطيع الحصول عليه ؟)) أعطتها إياه المرأة وبحركة واحدة رمت ميكي الشراب البارد علي وجه احد الشباب . أصابه العصير علي وجهه مباشرة .
شهق واستدار الاخر بصور لا شعورية فاتت ضربته بالهواء . استدار الآخر وقد شد علي قبضتيه وهو يحاول ان يعرف من الذي فعل ذلك .
قالت ميكي بصوت عال وقوي : (( هذا يكفي , اخرجا من هنا .)) ساد الصمت قليلا ما أن أدرك الناس في الغرفة ما الذي يحدث . قال غاي بهدوء وهو يقف بجانبها : (( من الأفضل لكما أن تفعلا كما تقول .))
قال الشاب الأكبر سنا بينهما : ومن يقول ذلك ؟ )) لكنه تراجع خطوه إلي الوراء .
كان صوت ميكي باردا لكنه مليء بالثقة : (( أنا من يقول ذلك , سيمون ارمسترونغ ))
قال غاي وشيء ما في صوته جعله يبدو قويا كالكهرباء : (( وانا ايضا .)) من زاوية عينيها رات ميكي عدد من الضيوف يقتربون ويأخذون اماكن قربهم واتي شون مع احدى العاملات في المطبخ نحوها .
قالت آمره : (( هيا , الجميع يحدقون بكما .))
قال سيمون ارمسترونغ : (( آه , صحيح . هيا ديرك , لنذهب من هنا .))
قالت ميكي للمرأة التي أخذت منها كوب العصير : (( شكرا لك , اخبري نولا علي طاولة الشراب عما حدث , وستقدم لك شرابا آخر .)) ابتسمت بطريقة عملية لغاي وتابعت : (( وأنت أيضا شكرا لك .)) وسارت مبتعدة .
سال غاي : (( الي أين تعتقدين انك ذاهبة ؟))
نظرة إليه باستغراب : (( إني ذاهبة لأعرف من اين حصل هذان الولدان علي شرابهما , بعد ذلك سأعيدهما إلي راسيل .))
(( لن تفعلي ذلك .))
حدقت به . وقد عادت الموسيقى تعزف في الغرفة . كل شخص فقد اهتمامه بالشجار وعاد الجميع إلي أماكنهم . سار سيمون وديرك نحو الباب وخرجا إلي الهواء المشبع برائحة البحر .
قالت ميكي بصوت ثابت : (( لن اسمح لوجودهما هكذا في الفندق , فقد يقدما علي المشاكل مع أي كان , شكرا لك علي مساعدتك , لكن ....))
قال بخشونة : (( أين المالك أو المدير الإداري ؟ او علي الاقل من يحمل الأشياء هنا . انه أمر غير مقبول ان طفلة مثلك عليها التعامل مع حالات كهذه .))
رفعت ميكي ذقنها وهي تقول : (( لا تأخذ حجمي كإشارة عن قدراتي في العمل . يمكنني التعامل مع ..))
(( لا تكوني حمقاء ! ماذا ان اتفقا عليك ؟))
(( لن يفعلا ذلك .))
قال بانزعاج : (( اين هو مالك الفندق ؟ كانت تعابير وجهه تحمل عداوة كتلك التي كانت علي وجه الشابين منذ لحظات قليلة , لكن تلك تحمل عداوة , يسيطر عليها بذكائه وإرادته .
قالت ميكي بسرعة : (( لا يستطيع ان يعمل .))
(( لماذا ؟))
تنفست بهدوء لتريح أعصابها المتعبة وقالت : (( لن أقدم علي التشاجر معك .)) وسارت نحو الخارج . رفعت كتفيها وكأنها تتحداه أن يوقفها .
لم يحاول غاي منعها , لكن علي الفور من ورائها جاء صوته ناعما وحازما : (( وما الذي يجعلك تعتقدين انك تستطيعين التعامل معهما ؟))
(( أنهما لا يؤذيان أحدا .)) توقفت ونظرت الي وجهه الوسيم وقالت : (( شكرا لك علي المساعدة , لكن حقا الأمور بخير أنهما مجرد ولدان غبيان , وأنا اعرفهما طوال حياتهما .))
تنفس بضيق وتابع السير بقربها , استدارت ميكي مبتعدة . كان الولدان يتكآن علي الحائط ويتشاجران بصوت عال .
قاطعتهما ميكي بدون أي مقدمه : (( آه , اخرسا , كليكما . من أين حصلتما علي شرابكما ؟))
نظرا إليها بضعف وقال سيمون : (( آه , هيا ميكي ,لا تكوني هكذا . نحن آسفان , كنا نمزح فقط , أليس كذلك ديرك ؟)).
هز ديرك رأسه بحماسه , ونقل نظره بين وجه ميكي الغاضب والرجل بجانبها , قال : (( انه صديقي .)) وكأن هذه الكلمة ستشرح كل شيء .
قالت ميكي بقوة : (( سيمون , من أين حصلتما علي شراب ؟))
نظر إليها بغضب : (( أحضرناه معنا , فلن تسمحي بشرائه من هنا .))
(( كيف وصلتما إلي هنا ؟))
نظر الولدان إلي بعضهما , وقال سيمون بتردد : (( طلبنا من جوردن فيليبس أن يقلنا وكنا نريد النوم علي الشاطئ وبعد ذلك سنعود صباحا بالقارب .))
قالت ميكي بهدوء : (( حسنا , سآخذكما إلي تابيكا بوينت لدي ما يكفي لأقلق عليه بدون التساؤل عنكما أيها الغبيان , ان كنتما سقطتما في الماء وغرقتما .))
بعد مرور وقت للتفكير بما سمعاه قال ديرك بلا اهتمام : (( أنا لا أعيش في تابيكا بوينت . وإذا فكرت بالأمر , سيمون أيضا لا يعيش هناك .))
(( أمر مؤسف حقا . وبذلك يمكنكما السير حتى منازلكما كي لا يعاقبكما والديكما .)) قالت ذلك بدون رحمة . ثم استدارت لتنظر إلي غاي لوريمر وتقول : (( هل تستطيع ان تبقى عينيك عليهما حتى أعود؟))
(( بدون شك .)) لمعان ضوء القمر علي وجهه جعله يبدو اكبر سنا واقسي . هذا ما فكرت به وهي تستدير مبتعدة .
عادت بعد مرور عشر دقائق ,برفقتها شون وبعض العمال , كان ذلك أفضل ما تستطيع القيام به في مثل هذه الظروف . فالمسؤولية ثقيلة علي كتفيها .
ارادت ان يفكر غاي لوريمر بطريقة جيدة بها , وبفندق فارويندز , والان عليه ان يقتنع ان المكان جيد وعملي جدا.
لاحظت ما ان اقتربت منهم ان الشابين نائمان . كان غاي الطويل القامة يقف علي بعد منهما , واضعا يديه في جيبه , ويحدق في البحر .
قالت ما ان وصلت نحوهم : (( هيا , شباب , حان وقت الذهاب .))
سال سيمون وهو يرمق غاي بنظرات غاضبة : (( ستعملين علي انزاله ايضا في تابيكا بوينت ؟))
(( لا .)) نظرت ميكي إلي الوجه الغامض , وجمدت نظرتها للحظات علي ذلك الوجه القاسي الملامح وهو يلمع تحت ضوء القمر . قالت وهي تحمل صوتها الكثير من اللطف : (( شكرا لك , لقد كنت مساعدا جيدا لكنني استطيع تدبر الأمر منذ الآن .))
لمعت أسنانه تحت ضوء القمر وقال بقوة : (( سأذهب معك . فانا أحب الإبحار في الليل .))
لن تتمكن من أقناعة بعكس ما قاله . أصغى الشابان لهما باهتمام , وهي تجادله طوال الطريق المؤدية إلي الرصيف , وأخيرا توقعت عندما أدركت أنها وجهت بمنطق اقوي من كلامها . لسبب ما أصر غاي لوريمر علي الذهاب معها , ولم يكن هناك ما تستطيع القيام به بشان ذلك .
واجهت بعض التحدي , ووضعت الشابين في غرفة القيادة وسارت بسرعة غير ضرورية , محاولة التخلص من السعادة والمفاجأة التي شعرت بها ممزوجة مع التوتر .
وطبقا لما قالته , أنزلت الشابين علي الشاطئ تابيكا بوينت , ضرب الهواء البارد وجهيهما , لذلك لم تكن قلقه علي أمنهما . وعلي الرغم من ذلك راقبتهما حتى أصبحا في أمان علي الشاطئ . وبدا بالسير عبر الطريق نحو راسيل .
سأل غاي ما ان تحرك القارب بهدوء مبتعدا عن الخليج : (( هل لديك الكثير من هذه الأعمال ))
رفعت كتفيها وقالت : (( لا , فلدينا سمعة كافيه بأننا صارمون جدا , ونحن لا نشجع وجود ضيوف لا يمكثون في الجزيرة . معظم زوارنا يحسنون التصرف . وهؤلاء الاثنان مجرد غبيين وقد شعرا بخطئهما . اشك كثيرا بان يحاولا القيام بذلك ثانية .
(( همم , وماذا ستفعلين اذا احد منهم تصرف بطريقة خاطئة ؟ ))
(( لدى هاري القدرة الكافية للتعامل معهم .))
أشار معلقا : (( ليس في الوقت المناسب , كما يبدو .))
احتارت بين أن تقول له ليهتم بشؤونه فقط وبين واجبها بما تدينه نحو الضيوف , هذا بالإضافة لكونه ضيفا قام بعمل جيد لها . قالت ميكي بعناد : (( هناك العديد منا للقيام بذلك , كما فعلنا الليلة .))
ودفعت القارب بسرعة اكبر , محاولة منع أي حديث وهما يتوجهان نحو فاروندز .
كان الليل رائعا . والقمر يضيء التلال والجزر المحيطة , وكأنه يرسم صورة مضيئة رائعة. لابد أنهما يبحران,
فكرت ميكي ما ان اصدر المحرك صوتا عبر المياه , كان من المفترض أن يتم الإبحار بصمت عبر البحر المضيء بضوء القمر مع أشرعة بلون الفضة وليس هناك من صوت سوى اندفاع الماء علي القارب كرفيق لهما.
ابقت عينيها مركزتين علي مقدمة القارب ومع ذلك كانت تعلم ما الذي يحدث , فقوة رد فعلها تخيفها . من حسن حظها انه لن يبقى هما لمدة طويلة . لقد حجز فقط لمدة اسبوع واحد . ولن يحدث شيء مهم في غضون سبعة ايام . فهي وبدون شك لن تقع في غرامه في هذه المدة القصيرة . تلك الفكرة اراحتها , لكنها شكت بذلك بالنسبة لغاي , ففيما يتعلق به ليس هماك شيء عادي.
كانا في منتصف الطريق عندما توقف المحرك فشتمت ميكي وقالت وهي تئن : (( وماذا الان؟))
لم تتمكن من ادارة المحرك . وتوقعت ان يتقدم غاي ويتولي القيادة عنها لكنه لم يتحرك او يقول أي كلمة حتى توقفت عن المحاولة ونظرت اليه باستغاثة صامته .
عندها, وعندها فقط وبصوت جاف جعلها ترتجف حت عظامها قال : (( هل هناك وقود فيه ؟))
لم يكن هناك أي نقطة , اغمضت ميكي عينيها , محاوله ان لا تشتم . فعادة شون يملأ المحرك بالوقود .
سألها غاي : (( هل يمكننا التجديف حتى الفندق؟))
نظرت الي جانب القارب . صوت تقاذف المياه حذرها بأن المد قد ابتعد عنهما . قالت بهدوء : (( لا اعتقد , فسير الأمواج ضدنا , من الأفضل أن نرمي المرساة وننتظر حتى يفتقدنا احد ما .)) هذا اذا فعلوا .و انهت بأسف حقيقي : (( أنا آسفة .))
ابتسم وقال : (( علمني جدي ومنذ وقت بعيد جدا أن مالا استطيع تغيره علي ان اتحمل وجوده . )) رفع المرساة ورماها بقوة في وسط المياه .
(( اخبريني لماذا فتاة في العشرين من عمرها تدير منتجعا بنفسها . اين هو ذلك المميز هاري ؟))
ترددت قليلا . ثم قالت معترفة : (( انه ليس بخير .))
قال بصوت بارد : (( فهمت , إذا كيف حدث وأصبحت تديرين هذا المكان ؟))
(( انا اعلم ما الذي اقوم به .))
(( كيف؟ فكما ارى لست من العمال الذين يأخذون الامور علي سجيتها .))
(( لا . فلقد عشت في فاروندز لسنين طويلة .)) وصلت المرساة الي قاع البحر . شعرت ميكي بالرضى بانهما لن ينجرفا الي أي مكان .
ثبتت ميكي الحبال ثم جلست علي المقعد ,وضمت ذراعيها الي صدرها .
لم تكن تشعر بالبرد بعد , لكن جاكتتها لن تبقيها دافئة لفترة طويلة .
(( منذ متى وانت تعملين كل هذه الاعمال؟))
شعرت ميكي بالتوتر , لكن وعلي مضض اجابته بصدق : (( منذ اربع سنوات , منذ وفاة والدتي .))
قال : (( السادسة عشر , عمر صغير جدا لخسارة امك .))
ارتجفت , وبصوت مختلف تماما قال : (( انت تشعرين بالبرد . تعالي واجلسي بجانبي . فيمكننا ان نتشارك بدفء جسمي ..))
(( آه , لا. أنني بألف ....))
قاطعها وبدا الملل بصوته : (( ميكي , لن المسك , حتى ولا بقبلة ,كل الذي اريده ان لا تصابي بالمرض , واذا لم يلاحظ احد عودتنا وهذا هو الامر المتوقع . واذا فكرت بالامر , فانا لا اريد ان اكشف نفسي للعيان .))
كانت تفكر بالمقاومة لو لم يضف ما قاله في النهاية . واعتقدت وهي تقترب منه ان هذا هو سبب كلامة انه ماكر بما فيه الكفاية ليدرك انها لن تغضب زبونا ثريا .
وضع ذراعة حول كتفيها , تزايدت دقات قلب ميكي وتمنت بقوة ان لا يشعر بضربات قلبها السريعة والتي جعلت جسمها يهتز .
سألها : (( اين كنت تعيشين قبل ان تقيمي في الجزيرة ؟)).
(( في راسيل . كنت اعيش مع امي في منزل صغير لجدي , وهو كوخ لعمال المناجم حيث يعمل . وعندما انتهى العمل هناك احد ما نقل المنازل الي راسيل ومازال منهما اثنين فقط حتى الان. وكلاهما في وترنغ باي .))
((اذا فارويندز هي منزلك ؟))
هزت براسها وقالت : (( نعم , ترك لي جدي حصة في لونغ باي , لكنها لا تتسع لماعز . لذلك لا تفيدني بشيء مع ذلك , يوما ما سأبني منزلا هناك . فمن هناك ترى كل الجزر حتى كاب برت . انها جميلة جدا .))
(( هل تريدين ان تفعلي شيئا اخر بحياتك ؟ ))
بدات ميكي برفع كتفيها , لكنها قالت بعد لحظة : (( انني سعيدة جدا . احب الجزيرة واحب الخليج . وانا استمتع بعملي .))
كا ن صوته كسولا ومرحا وهو يقول : (( اليس لديك طموحات اخرى ؟ او انك لا تخططين للزواج ؟ او ليس الان ؟ ))
انه حديث غريب , شعرت ميكي بالراحة وبالامان . قالت : (( لا اعرف , انها خطوة كبيرة . لقد رايت حالات زواج مرعبة في الفندق وبعض الحالات الجيدة .))
((لا. )) كان صوته حزينا بشكل غريب , تابع : (( اذن اخبريني , لماذا تتولين الادارة في فارويندز ؟))
قال وكانه يمازحها : (( اذا هاري ليس مجرد وهم ابتكرته افكارك ؟ ))
قد يكون هاري هكذا, فهو يقوم بالقليل من الاعمال الان. لكنها لن تخبره بذلك قالت : (( بالطبع هو ليس كذلك.))
تساءلت للمرة الالف ما الذي يحدث لهاري. وان كان هناك ما تستطيع القيام به من اجل مساعدته .
لم يقل غاي أي شيء اخر , ولدقائق بقيا صامتين . كانت في ذات الوقت , تشعر وكانها نائمة ويقظة , وأغلقت ميكي عينيها . قال غاي : (( اعتقد إننا سنكون اكثر راحة لو جلسنا بجانب الحائط .)) ومن دون ان يعطها أي خيار استدار حتى اسند ظهره الي حائط القارب وشدها إليه لتجلس براحة اكثر .
سألها : (( هل تعلمين أي شيء عن النجوم ؟))
(( اعرف الكوكبة والقطب الشمالي ,مثل هذه الأمور والكواكب التسعة . هل تعرف انت ؟))
((لدى جدي تلسكوب , كبير جدا وقديم , كان يسمح لي بوضعه علي الشرفة في الليالي المليئة بالنجوم . لن أنسى مطلقا أول مرة رأيت فيها الأقمار التي تحيط جوبيتر. كان ذلك اليوم نقطة تحول في حياتي . ولسنوات طويلة بقيت مصمما علي ان ا كون رائد فضاء.))
(( وما الذي حدث؟))
ارتفع صدره وهو يضحك ضحكة قصيرة : ((آه , أنني الحفيد الوحيد لذلك كان علي أن أتولى أعمال العائلة .))
هل اجبر علي التخلي عن العمل الذي اختاره ؟ لمعت عينا ميكي بتفاخر , ونظرت إلي السماء المشعة , ومن ثم إلي وجهه القاسي . لا , هذا الرجل لا يستطيع احد إجباره علي شيء . انه مزيج مثير للأهمية , لم تتعرف يوما علي شخص مثله , مع ذلك ظهر و بوضوح عميق حبه عندما تحدث عن جده .
قالت : (( أي نوع من الأعمال ؟))
(( هل أنت متعبة ؟ لما لا تنامين قليلا ؟ استطيع تخيل أن عليك النهوض مع الفجر صباح الغد .))
قالت : (( الساعة السادسة .)) وغابت ابتسامتها وهي تتثاءب . شعرت بالأمان وهي محاطة بالدفء من ذراعه ورأسها علي صدره, وهكذا غرفت في نوم هادئ .
استيقظت علي صوت غاي وهو يهمس في أذنها : (( احد ما قادم ميكي .))
في البداية اعتقدت أنها تحلم , لكن عندما قال ثانية : (( ميكي , استيقظي , عزيزتي . احد ما قادم .))
رفعت رأسها ورمشت بعينيها بقوة .
مازال الظلام منتشرا , لكن القمر قد انحدر أكثر في السماء, وأضواء الفجر الشاحبة تظهر من الشرق .
التقدم الهادئ لقارب صغير جعلها تدير رأسها نحو الصوت .
للحظة لم تكن يقظة تماما , لكن ما إن أدركت أين هي حتى ابتعدت عن غاي , ومن ثم أمسكت بكتفيه لتتمكن من موازنة جسمها الذي مال مع تحرك القارب . تقريبا في اللحظة التي ظهر فيها القارب الآخر .
قالت لغاي الذي كان يقف بجانبها : (( هذا جون دينت , انه ذاهب لصيد .))
ارتجفت من الهواء البارد وقالت كالمصدومة : (( لقد طل الصباح .))
قال غاي بصوت مرح : (( تتعرض الناس دوما للمشاكل .))
شعرت ميكي وكأنها حمقاء وقالت بهدوء : (( إنني فقط مفاجئة .))
بعد مرور عشرين دقيقة كانا علي الرصيف للفندق النائم ولم تكن هناك غير بعض الأضواء التي تنير الممر . لاحظت ميكي إن ثلاثة أضواء مطفأة وهي بحاجة لتبديل .
قالت وهي ترتجف من برودة هواء الفجر : (( لم تصبح الساعة الخامسة والنصف بعد , ستكون نولا الآن تعد الفطائر والحلوى .))
(( مازال الوقت باكرا جدا .))
عادة تسير ميكي بأقدام ثابتة , لكنها تعثره فوق أكمة من العشب علي الفور مد يده وامسك بيدها .
قال : (( انتبهي .))
قالت وهي تتثاءب : (( لم تستيقظ قدماي بعد , أني آسفة .))
(( لماذا ؟ لا يمكنك أن تغيري ذلك .))
هزت برأسها وقالت : (( لا , إني آسفة لأنني تركتك طوال الليل في الخارج . ما كان يجب حدوث ذلك .))
ابتسامته كانت هادئة , أو بالأحرى حزينة , قال : (( ولم أكن في جزيرة معزولة , لكن لا يستطيع المرء ان يحصل علي كل شيء في الحياة , لا تقلقي بشأن ذلك فانا وبدون شك لن اذكر ذلك ثانية .))
شدت بيدها كي تترك يده , لكنه لم يتركها , وما أن سارا عبر المرجة أدركت ميكي أنها عندما تصبح عجوزا وشعرها ابيض ستتذكر دائما أنها مشت عند الفجر مع غاي لوريمر , عطر ياسمين الصيف يملأ انفها وصوت تضارب الموج الناعم البارد يمر عليهما . ويده ناعمة دافئة حول يدها . أحساس من الفرح سيطر عليها حتى الألم .
وبسرعة جدا انتهى ذلك الإحساس . خارج بوابة منزلها الصغير قالت بصوت خجول : (( أنت لطيف جدا لكنني آسفة أننا أجبرنا علي البقاء خارجا .))

قال بصوت أدهشها : (( يجب أن تكوني كذلك . كان من المحتمل أن تكوني هناك طوال الليل وبمفردك . كما لا يمكن أبدا أن تتعاملي مع هؤلاء الشباب فهم خطرون . والقواعد العامة لا تطبق دائما .))
(( هيا , غاي . أنهما ولدان وبالكاد يستطيعا الوقوف لوحدهما .))
(( ومع ذلك فهما أقوى منك .))
أي اعتراض آخر سيبدو فطولي . في النهاية , فقد ساعدها في وضع حرج .))
اعترفت علي مضض : (( اعرف ذلك , فانا لست غبية . وأنا لا أخاطر , ورأيت بنفسك إن هناك الكثير من العمال لمساعدتي . بكل الأحوال , لا نتعرض لمثل هذه المشاكل دائما .))
قال : (( كل ما في الأمر انك صغيرة جدا .)) ومن ثم ضحك ضحكة ساخرة .
شعرت بالتوتر وقالت بحزم : (( حجمي لا علاقة له مطلقا بما افعله .))
(( اعلم انك تستطيعين التعامل تقريبا مع كل شيء , لكن لأنك رقيقة اشعر وكأن علي حمايتك .))
(( هذه ؟ إهانة .)) قالت ذلك بدون ضغينة وهي تحاول ان تسيطر علي الحماس المسيطر عليها .
فتح البوابة , وسار معها حتى الشرفة الضيقة , عبق الهواء برائحة زهور اللافندر .
قالت بحزم : (( شكرا لك .))
(( لا داعي للشكر , عمت مساء , ميكي .)) قبل يدها . هذا كل شيء , ومع ذلك شعرت بأن نورا قويا قد سيطر عليها . ضغطت علي أسنانها كي لا تصطك يبعضها , وتقريبا ركضت الخطوات المتبقية نحو منزلها . انتظر حتى فتحت الباب , لوحت له واختفت في الداخل .
دخلت غرفة الجلوس وراقبته عبر ستائر الموسلين الشاحبة وهو يسير عبر الممر ويقفل البوابة وراءه ويتابع سيره وهو يصفر بنعومة باتجاه غرفته .
وبابتسامة مؤلمة قالت ميكي لنفسها أنها اختارت شخصا مناسبا لغرامها الأول , غاي لوريمر وسيم ولديه فكر واع سلطة طبيعية تجعله مختلفا عن غيره من الرجال , والاهم من كل شيء هو لن يبقى هنا لفترة طويلة .
استحمت بسرعة وذهبت إلي سريرها . بقيت لعدة دقائق تبتسم وكأنها تعيش في خيال وشيئا فشيئا تحول ذلك الخيال إلي أحلام .
بعد مرور عدة ساعات استيقظت ومازالت تلك الابتسامة علي وجهها . تقريبا علي الفور اختفت : (( آه تبا !.))
تمتمت , ونهضت من تحت الغطاء الناعم .
بعد مرور نصف ساعة كانت تتشاجر مع شون , والذي اعترف انه نسي تماما بأن , يملأ خزان وقود القارب ووعد انه لن يحدث ذلك ثانية .
كان يوما صعبا . بعد تناول الفطور أصيبت نولا بالصداع , لذلك وما تبقى من النهار كانت ميكي الطاهية , وعندما لم يكن هناك أي حاجة لها في المطبخ , كانت تعمل في المكتب في تنظيم الحسابات . ونظريا هذا عمل هاري , لكن في البريد ذلك الصباح وجدت عددا من الشيكات مرتجعة , ونظرة سريعة إلي دفتر الشيكات وكومة الاتصالات تظهران هناك تراجعا وعلي الأقل في الأشهر الأخيرة.
أغمضت ميكي عينيها للحظة مرتعبة , ومن ثم بدأت في نقل الفواتير . كانت قد انتهت منها عندما دخل هاري إلي المكتب , منزعجا ومتذمرا , عيناه حمراوان وشعره الطويل يتدلى علي وجهه بلا ترتيب , سألها وهو يتجنب نظرة عينيها : (( هل هناك رسالة من انكلترا ؟ ))
(( نعم . هناك .))
امسك بها ومزق الغلاف وقرأ الأوراق الثلاثة بشوق يثبت أن هناك شيئا في داخلها .
عادت ميكي إلي عالمها, محاولة أن تتجاهل ألفاظه . بالسباب .
عندما انتهى حدق بالغرفة الصغيرة غير المرتبة للحظات قبل أن يسأل بصوت عال : (( كيف كانت السهرة البارحة ؟))
(( جيدة , كان علي أن اخذ سيمون ارمسترونغ وديرك لا ادري ما اسم عائلته إلي تابيكا , كانا يرغبان بالنوم علي الشاطئ . لقد تلقيت اتصالا من السيدة ارمسترونغ لتشكرني وتعدني بمعاقبته.))
هز رأسه , لكن كان يبدو بوضوح انه غير مهتم .
قالت ميكي باهتمام : (( هل تعاني من مشاكل مع الممولين من اجل الإيجار؟))
وضع هاري الرسالة في جيبه وقال : (( لا , ما الذي أعطاك هذه الفكرة ؟ وماذا لدينا الليلة ؟ آه , عرض فيلم النقاش في القاعة, أليس كذلك ؟))
(( نعم . هل ستكون هناك؟ )) حبست ميكي أنفاسها , لأنه أن لم يحضر فسيكون عليها أن تحمل آلة العرض .
دام تردده لأربع أو خمس ثوان ثم قال أخيرا بصوت متوتر: (( نعم , سأكون هناك.))
وقبل أن تحظى بفرصة لتبدل رأيها , سـألته بصدق واهتمام : (( هاري ,ما الأمر؟))
قال : (( لا شيء .)) وسار مبتعدا وهو يمسك بالرسالة : (( لا تقلقي , صغيرتي , وكوني فتاة عاقلة .))
قالت بسرعة : (( لا تستطيع الذهاب الآن , فهناك بعض الشيكات عليك توقيعها .))
وبدون أن يتفوه بأي كلمة عاد ووقعها , ومن ثم غادر.
لم تر غاي طوال ذلك النهار . كان الوقت متأخر عندما ذهبت إلي سريرها , وكانت مرهقة . وعندما استيقظت في صباح اليوم التالي وكانت تشعر بصداع خفيف وهذا عائد للنوم بعمق كبير .
كان يوما محبطا وكذلك اليومان اللذان أتيا بعده ارتفعت درجة الحرارة , وكذلك الرطوبة . كان هاري يظهر في مناسبات معينة وفي كل مرة أثناء سلسلة من المصائب وخصوصا في تمديدات أنابيب المياه في احد حمامات المبنى .
اتصلت ميكي بالعامل الذي قال لها بوضوح ((آسف ميكي , لكنني لن اذهب إلي هناك حتى اقبض أجرتي عن المرة الأخيرة .))
قالت : (( أنها في البريد , صدقا . لقد وضعتها في البريد بنفسي البارحة .))
لكنه لم يأت حتى وصل الشيك في منتصف النهار, وعندما أنهى عملة أصر علي قبض أجره حالا. وبينما كانت تعطيه المال , قال لها : (( ميكي , أريد أن أرى هاري ))
عضت علي شفتها وقالت : (( انه ليس بخير اليوم .))
(( إذن قولي له أن أنابيب المياه بحاجة لتبديل في غضون سنة وهذا يعني ملايين الدولارات .))
أحساس من الفراغ والألم سيطر علي ميكي , هزت رأسها وقالت : (( سأخبره .)) وهذا ما فعلته عندما ذهبت لتوقيع الشيك . كان هاري يجلس في شقته يحدق إلي الخارج من النافذة وعندما أخبرته قال بلا اهتمام : (( نعم, اعلم . والكهرباء أيضا معطلة في عدة أماكن .))
(( وما الذي ستفعله ؟))
رفع كتفيه : (( سأفكر في شيء ما .))
وجهة نظره , من الاستسلام وعدم الأمل , أخافتها . هذا ما شعرت به عندما أخبرتها والدتها أنها ستموت من شدة المرض وليس هناك أمل . وبدون أي وسيلة , أجبرت نفسها لتقف جانبا وتراقب الحدث المحتم.
في تلك الليلة وجدت من الصعب عليها أن تنام , لذلك أمضت صباح اليوم التالي وهي تنظف الغرف وقد بدت الظلام تحت عينيها وما أن انتهت حتى ذهبت إلي باهيا لتحضر ثمانية ضيوف جدد. تناولت غداءها وبعد ذلك عملت هي ونولا علي إعداد قائمة الشهر القادم ,عندما انتهت تنهدت قائلة: (( يا إلهي ,كم هو حار هذا اليوم .))
قالت نولا بحزم : (( تبدين متعبة , ولديك دوائر سوداء تحت عينيك . لقد قمت بما فيه الكفاية من العمل لليوم لما لا تذهبين للسباحة ؟ فالجميع الآن يرتاحون .))
(( معظمهم ليسوا في الفندق إما يبحرون في البحر أو يغطسون .)) وقفت ميكي , الآن بعد أن انتهت من عملها , أحساس مقلق سيطر عليها . وفكرة التخلص من تعبها ومخاوفها في المياه الباردة أعجبتها كثيرا فربما قد تتخلص من صداعها .
قالت وهي تهز برأسها : (( سأسير إلي خليج الثلاثاء .))
سألت نولا بلا اهتمام : (( كيف هو ذلك الرجل ؟ الرجل الوسيم الذي وصل منذ أربعة أو خمسة أيام ؟ الرجل الذي رقصة معه ؟))
رفع شون نظره عن المغسلة حيث كان يسكب لنفسه كوبا من الماء : (( الشاب لوريمر ؟ انه يفعل كل شيء ))
قال ذلك , وقد أعطي ميكي الإحساس بالراحة من الاضطراب الذي شعرت به كي لا تجيب ( أمر مضحك , مع ذلك .فهو لا يبدو وكأنه في عطلة . فهو يسأل العديد من الأسئلة,وهذا يحدث ,عندما يستطيع إبعاد النساء عنه .)) تابع وهو يبتسم : (( أتمنى لو لدي طاقته .))
نظرت إليه نولا , زوجته وابتسمت معاتبه وهي تقول : (( ماذا تقصد بقولك , انه ليس في عطلة ؟ لماذا سيكون هنا أن لم يكن في عطلة ؟))
رفع شون كتفيه وقال بغموض : (( لا ادري , فهو ينظر إلي الأشياء باهتمام شديد , إذا فهمتني .))
قالت نولا : (( انه من هؤلاء النوع من الناس الذين يهتمون بكل شيء .))
تهربت ميكي . فهي لم تر إلا لمحات من غاي في تلك الأيام القليلة , ودائما محاطا بعدد من المعجبات . لاحظت , انه لم يكن يغازلهن مثل معظم الرجال , وهو يبتسم لهن فقط . لا يحتاج غاي لأي وسيلة لتؤكد انه رجل جذاب وبدون أي محاولة ليكون كذلك . أكدت لنفسها أنها حتى ولو لم تكن منشغلة , كانت ستفعل ما في وسعها لتبقى بعيدة عنه .
أبعدته نهائيا عن فكرها , وعادت إلي منزلها لتستعد للذهاب إلي السباحة . مستحضر الحماية لن ينقذها من شمس الشمال القوية لأكثر من عشرين دقيقة , لذلك ارتدت قميصا طويل الكمين واعتمرت قبعة للشمس . ووضعت في الحقيبة منشفتها , مستحضر واق للشمس ضد الماء . زجاجة عصير الليمون ورواية جميلة كانت تحاول أن تقراها منذ ثلاثة أشهر .
لحسن حظها لم تتعب من الحرارة . وكان فقدانها النوم سبب صداعها , فهي إن لم تنم لثمان ساعات كانت تستيقظ بمزاج عكر ورأس ثقيل .
قادتها ساقيها بسهولة عبر الممر الضيق الذي يوصل الفندق بخليج الثلاثاء . كانت الشمس تسطع علي المياه والأعشاب القصيرة , لذلك سارت بخطى هادئة وقد شعرت بصداع رأسها يختفي .
ابتسمت وهي تتنفس براحة لدى رؤيتها للمنظر . وكما تفعل دائما , سارت إلي المساحة الصغيرة حيث دفنت دودو زوجة هاري , وقد طلبت أن تدفن في المكان الذي أحبته كثيرا . وضعت الزهور ليلكية وبيضاء في الوعاء وقالت بصوت عال : (( انه يوم جميل .))
تحتها , علي الرمال البيضاء لشاطئ الثلاثاء المنحني , لم تجد أحدا . فرحت بذلك ونزلت ميكي المنحدر القصير , فلقد اكتفت من رؤية الناس لليوم وركضت علي الرمال الحارة كي لا تحرق قدميها الناعمتين .
كانت المياه باردة , وبسرعة خلصتها من صداعها . أنها سباحة ماهرة , وذلك يعود للساعات الطويلة التي كانت تمضيها في الماء . سبحت كالسهم في البحر لبعض الوقت قبل أن تستدير لترتاح .
كانت تضرب المياه بيديها برفق وهي تنظر إلي السماء الحارقة , والتي تشع بقوة .
تنهدت ميكي , فهي تحب الصيف والأيام الحارة والليالي الدافئة , وتعشق المناظر الجميلة للخليج . للفصول الأخرى سحرها الخاص أيضا , لكن الصيف هو الوحيد الذي يظهر جمال الخليج .
سمعت صوت محرك ومرت عدة دقائق قبل أن تدرك أن القارب يتجه مباشرة نحوها . وان لم يكونوا ينظرون بوعي فلا بد أنها في خطر أكيد . بعض الأحيان الضيوف يشكلون خطرا بعدم انتباههم .
استدارة سريعة في الماء أعلمتها أن القارب من الفندق وهو يتجه نحوها . ربما , فكرت وهي تبتسم أن أحدا رآها هنا واصدر إنذارا . من المؤكد انه ليس بشخص يعمل في فارويندز . فهم جميعا يعلمون أنها تجيد السباحة كالسمكة .
الاستغراب تحول إلي مزيج من الفرح وخيبة الأمل عندما أدركت من هو الرجل الذي علي مقود القيادة . فقط من اجل حسن حظها , لأنه غاي لوريمر . تبا ! لقد عملت بجهد لتبعده عن أفكارها وكادت أن تنجح . وهي بدون شك لا تريد أن تراه الآن .
توقف المحرك عن العمل , وانحنى غاي إلي جانب القارب نظرته المتسائلة مركزة علي وجهها : (( هل أنت بخير ؟))
أبعدت عن وجهها كل ملامح التأثر , فجماله يخطف الأنفاس : (( نعم أنا بخير .)) وأبعدت شعرها عن وجهها وأضافت بتهذيب : (( شكرا لك .))
(( من الأفضل لك أن تصعدي سأعيدك إلي الشاطئ . لا بد انك علي بعد ميل من هناك .))
هزت رأسها بحزم : (( لا , لا بأس . أنني قادرة تماما علي العودة .))
(( إني متأكد من ذلك .)) وابتسم لها , لكنها رأت عناده الواضح في ابتسامته ورأته وهو يتابع : (( مهما يكن , سأشعر بالرضي أكثر إذا تأكدت انك أصبحت هناك .))
نظرت إليه بحدة : (( هذا قول سخيف , إنني أسبح هنا طوال حياتي وأنا لست بخطر ....))
قاطعها وكأنها لم تقل شيئا : (( مهما يكن , سأبقى معك حتى تصلين إلي هناك .)) انتظر للحظة , لكنها عندما لم تظهر أي محاولة للقيام بأي شيء إلا التحديق به قال بصوت حاد : (( أعطني يديك سأرفعك إلي هنا .))
لمعت عيناها بالعداوة وظهر الضيق علي فمها لكن الابتسامة التي رماها بها كانت حادة وتتحداها .
قال بنعومة : (( حسنا , أصدقك يمكنك السباحة كحورية البحر وتستطيعين العودة بسهولة قصوى , واعتقد انك تعمدت السباحة كل هذه المسافة لتبتعدي عن أشخاص مثلي .))
ابتسمت ميكي وضحك لها فغطست داخل الماء لتهرب من ملاحظته المجاملة .
وعندما رجعت قال : (( أحب أن انظر إلي الحيد البحري. هل تريدين الصعود ؟))
في هذه الحال ,بالطبع , لن تقول لا . سألت ميكي نفسها . فهو لن يبقى هنا لوقت طويل . وهي بأمان , لكن يديها ارتجفتا ما إن مدتهما إليه .
وبدون أن يبذل أي مجهود , شدها بنعومة إلي ظهر المركب . انحدرت المياه منها وبدت جميلة جدا بقوامها الرشيق وثوب السباحة الجميل .
نظر إليها غاي بتقدير واضح خفي : (( لقد أرعبتني عندما رايتك في الماء .أنا لست معتادا علي ملاحقة السباحين بعيدا عن الشاطئ . احضري لنفسك شرابا من ذلك البراد .))
قالت : (( حسنا , فأنا عطشه . لكن علينا العودة إلي الشاطئ لأحضر ملابسي قبل التوجه إلي الحيد البحري فأنا لا أريد أن أصاب بحروق من الشمس .))
(( لا بأس .))
قالت لنفسها بقوة أنها تتصرف كطفلة حمقاء أحضرت لنفسها زجاجة عصير وله أيضا .
وبطريقة ما تمكنت من أن تستجمع قوتها لتقول شيئا ما وهي تنظر إلي ذلك الوجه الذي يبقي غامضا حتى عندما يبتسم , فمن المؤكد انه لم يتأثر بوجودها كما حدث لها .
لسبب ما كانت تريده وبقوة تفوق كل منطق وسبب, رغبة قوية وبدائية موجودة بذاتها . قالت لنفسها , انتبهي لنفسك . فهي تعلم ما الذي يحدث للنساء الذين يستسلمون للحب الجارف فهي تعلم ما الذي حدث لوالدتها وهي لا تريد تكرار تلك الغلطة . ارتجفت من الخوف .
قال علي الفور : (( تشعرين بالبرد.)) ومن دون ان يبعد نظراته عن وجهها تابع : (( خذي , ضعي هذه علي جسمك .)) انحنى والتقط منشفة ورماها بها .
لفت جسمها بالمنشفة وقالت : (( شكرا لك .))
اخفض رموشه وقال ببساطة : (( اخفي ما يمكنك من جسمك , لكنك ستبقين حورية بحر رائعة الجمال , شعر اسود رائع وعينان شاحبتان ساحرتان وقوام رشيق قوي وبشرة دافئة . حوريات البحر خطيرات , لكن أي بحار قد يصطادك ويبعدك عن البحر .))
احمر وجهها بشكل كبير , وخصوصا من الغضب من نفسها لأنها غير معتادة علي تقبل مثل هذا الكلام بلا اهتمام , قالت بحدة : (( لست بحاجة لتسخر مني .))
لم تفارقه الابتسامة لكنه قال بلطف كبير : (( أنا لا اسخر منك ميكي . أنت ناعمة وصغيرة شابة .))
(( العشرون ليست اصغر بكثير من السادسة والعشرين .))
(( ليس المهم السنوات بل الخبرة .)) أصبحت ابتسامته ساخرة تابع : (( والآن لنذهب ونحضر ثيابك .))
أدار المقود وجلست ميكي تشرب العصير وهي تفكر بكلماته . لقد كانت حمقاء لأنها رضيت بالصعود معه . كان عليها الاستدارة والسباحة حتى الشاطئ وان لا تسمح لعاطفتها بالسيطرة عليها . فهي دائما توقعها بالمشاكل .
لكن عندما أصبحا علي بعد مسافة قصيرة من الشاطئ قال : (( هل أنت علي عجلة ؟ لم أر هذا الشاطئ من قبل وأحب أن أتجول فيه .))
قالت : (( لست بحاجة للعودة قبل الساعة الخامسة .))
(( هذا رائع .))
فكرته بالتعرف علي الشاطئ يعني السير عليه والجلوس لمراقبة الجزيرة و البحر . شون علي حق فغاي يريد معرفة كل شيء . أشارت ميكي إلي عدة جزر والي الأرض الرئيسية وقالت له تاريخها وارتفاع التلال ومن يملك كل مزرعة وجزيرة وكوخ ولم تر يوما أحدا مهتما مثله بتلك المعلومات .


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 04:57 PM   #4

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث

ما أن تباطىء القارب في المياه اللامعة في الطريق إلي الحيد البحري , حتى لاحظت ميكي أن غاي يعلم تماما ما الذي يفعله . وهذا ما فاجأها عندما ترك لها القيادة . الكثير من الرجال لا يصدقون أن النساء قادرات علي قيادة القوارب بمهارة مثل الرجال , حتى ولو كانت المرأة لديها تجربة بذلك بعكس الرجل . لقد أصبحت ماهرة جدا في قراءة لغة الجسد , فالإشارات التي تصدر بالرغم عن المرء تدل علي مدى توتر الرجل عندما تتولى المرأة القيادة في خارج مجال اختصاصها .
من الواضح غاي لديه ثقة بالنفس عميقة جدا , فليس لدية ما يريد إثباته وليس لديه أحساس بعدم الأمان ليحاول أن يبرهن تفوقه مرة بعد مرة .
قالت وهما يمران في منطقة ضحلة : (( كان هاري يفكر في جعل هذا الريف محمية بحرية . فالأسماك تتجمع حوله, ولذلك سيكون مكانا مناسبا ومثاليا.
السكان المحليون لا يصطادون فيه لأنهم يعتقدون يجب أن يترك لتكاثر السمك فيه من اجل كل الخليج وكذلك الزوار لا يأتون عادة إلي هنا . لعدم معرفتهم بالمكان.))
(( وما الذي حدث ؟ لماذا لم يكمل ما أراده ؟))
أبعدت نظرها عن عينيه الثاقبتين وقالت : (( آه , لم يحظى بالوقت الكافي .)) عبر السنين كان لهاري الكثير من الأفكار الجيدة , لكن بطريقة ما فقد القوة لتنفيذها . أفكار جيدة , لكن لم يتوصلوا إلي تطبيقها عمليا .
بدا علي غاي انه فقد الاهتمام بأحلام هاري . انحنى إلي جانب القارب وقال : (( ما رأيك بالغطس الآن ورؤية الأسماك عن قرب ؟))
وكالعادة كان الحيد مليئا بالسمك , ولكنه ليس كالحيد البحري الاستوائي , لكن بالرغم من ذلك مازال جميلا ورائعا بصورة مدهشة . رغبت في إظهار أجمل الأماكن فيه وذلك لجعل غاي يعرف قيمته ويقدره . فدلته علي أجمل المساحات المشهورة . وعندما صعد إلي السطح للمرة الثانية , سألته : (( ما رأيك ؟))
(( انه رائع .)) تحرك بقوة ونشاط وما هي الا لحظات حتى اصبح في القارب . كانت الشمس تسكب اشعتها عليه بخيوطها الذهبية .
أصبحت عيناه أكثر عمقا وللحظة طويلة حدقا ببعضهما , ومن ثم اسقط نظرته ليتأمل جسمها الرشيق .
قال غاي بخشونة : (( هل تعلمين ما الذي تفعلينه ؟ ))
علي الفور ابتعد عنها وكل التعابير اختفت عن وجهه . شعرت ميكي بضعف في ركبتيها فجلست علي المقعد وهي تشعر بالغرابة والخجل واللتين ظهرتا بوضوح في عينيها . غابت الابتسامة عن وجهه , وقال ببط : (( لست سيئة , وعلي ما أتخيل هكذا يجب أن تكون حوريات البحر . خذي جففي نفسك , فأنت ترتجفين .)) كانت ترتجف لان تلك اللحظات بين ذارعيه أعلمتها كم هيه متأثرة به ولقد شعر هو بذلك أيضا.
والآن ها هي تشعر بالبرد كما لم تشعر به يوما من قبل .
قالت علي الفور , وهي تخفي وجهها بالمنشفة وتستدير لتجفف كتفيها وذراعيها : (( من الأفضل أن أعود , يجب أن أكون في قاعة الاستقبال عند الساعة الخامسة سيصل عدد من الناس ومعظمهم من ألمانيا علي ما اعتقد .)) كانت تتحدث لتخفي ما تحس به .
(( حسنا , سننطلق عائدين علي الفور .)) أدار المحرك قاد القارب الصغير من وراء الصخور المرجانية للريف قبل أن يتوجه نحو الرصيف , قال : (( أنت تعلمين كثيرا , وفي كل مرة كنت أراك فيها في تلك الأيام الأخيرة كنت تعملين بسرعة وكأنك آلة .))
قالت ببساطة : (( أنني معتادة علي ذلك .))
قال بحدة : (( هذا ليس عدلا .)) وتوقف عن الكلام , لكن عدم موافقته كانت واضحة .
اهتمامه اشعر ميكي بإحساس دافئ حتى تفهمت الخطر من ورائه فرفضته .
نظرت إليه خلسة فالتقت بعينيه الزرقاوين الباردتين والغامضتين , لون الإحراج خديها فضغطت علي شفتيها وبدأت تشير إلي كل كهف ممر وكل شجرة قديمة .
سأل المزيد من الأسئلة , وبعد قليل وجدت نفسها تخبره قصص السكان المحليين مع السواح وتقديرهم ان اقتصادهم المحلي يقوم عليهم .
قالت أخيرا : (( نحن نحتاج إلي فصل أطول .)) ما أن أصبح فارويندز أمامهما : (( الشتاء جميل جدا هنا فليس هناك برد كثير ولا تساقط للمطر , والخريف هنا رائع لكن لا احد يحاول بجد الاستفادة من تلك المواسم فكلهم راضون بمحصول الصيف .))
(( لقد فكرت بذلك بصورة جدية , أليس كذلك ؟))
لم يكن يجاملها , لكنها لم تحاول أن تضيف علي ما قالته سوى : (( كل شخص يتحدث ويفكر بهذا , فالأمر مهم جدا وحيوي لنا .))
(( معظم الفتيات بعمرك لديهن اهتمامات بالثياب وبالأصدقاء أكثر من نظريات في علم السياحة .))
قالت بتوتر : (( لا بد انك تدور في مجتمعات ثرية .))
ابتسم لها , بدا قويا وواثقا بنفسه كالقرصان , قال بجدية : هل يبدو علي ذلك ؟ )) ومن ثم ركز كامل اهتمامه علي قيادة القارب.
لم يبد عليه عجلة لمغادرة الرصيف , للحظات طويلة وقف ينظر إلي الممرات الطويلة التي توصل إلي الشاطئ والي الأشجار التي تملأ المحيطة .
بعد ذلك نظر إليها , وضحكة تلمع في عينيه قال : (( منطقة جميلة جدا .)) دفعها لتتقدم وقد وضع يده علي خصرها : (( لديك بعد عشرين دقيقة قبل أن تذهبي إلي قاعة الاستقبال . هل هناك أي برنامج تسلية الليلة؟))
(( نزهة لسماع الكيوز عند الساعة العاشرة . وشكرا لك علي هذا الوقت الرائع .))
قال بخشونة : (( أنت هي الرائعة .)) احني رأسه وقبلها فبادلته العناق بدون اهتمام , علمت أن هناك من يراقبهما علي الشاطئ لكنها لم تستطع مقامة سحره .
رفع غاي رأسه وحدق بها بعينين غائرتين . تراجعت ميكي خطوة إلي الوراء , وهي تنظر إلي وجهه الذي تحول من الفرح إلي الرعب وعلي الفور .
بقيت تلك النظرة الأخيرة علي وجهه في فكرها . حدق بها وكأنها شيء يتمنى أن لا يراه ثانية , وعلي الرغم من اللون الواضح الدافئ في عينيه بدتا باردتين ولم تكن هناك أي ابتسامة علي فمه العريض .
لم تتذكر ميكي يوما كيف تصل إلي كوخها , ولكن الآن تتذكر كيف فتحت البوابة , سارت في الممر ومن ثم فتحت الباب الأمامي .
ما أن أصبحت في الداخل حتى جلست علي الكرسي وغطت أذنيها وخديها بيديها . لابد أنها كانت مجنونة لتقبله أمام كل الناس علي الشاطئ ! مع أن عقلها قال لها أن هناك من يراقبهما , كل ما يمكنها أن تعمله أن تتمنى أن يكون كل واحد منشغل بإعماله ولم يلاحظهما .
وقفت وسارت نحو الحمام .
علي رغم الفوضى والازدحام في قاعة الاستقبال وجدت من الصعب عليها أن تركز علي ما تفعله . تمنت ومن كل قلبها أن يرحل لكي تتمكن من متابعة حياتها بشكل عادي , وبدون تأرجح في عاطفتها . كونه شاب أعجبت به .
قد يكون غاي معجبا بها لكنها تعرف جيدا انه ليس مهتما بها بذاتها . كيف يمكن له ذلك . فهو لا يعرف شيئا عنها وليس هناك أي شيء مشترك بينهما فهو غني , وأكثر من مدلل , رجل يعيش في وسط اجتماعي راق ومترف .
ضغطت بقوة علي فمها , وحاولت أن تبعده عن أفكاره. فليس هناك من داع للقلق والخوف فهو مجرد ضيف , شخص سيرحل عما قريب .
وان كان في جزء من قلبها أملت أن تلمحه ولو لنظرة بعد أن عادت إلي الفندق ما أن انتهت من عملها لكنها حصلت علي ما تستحقه بسبب غبائها . لقد كان يسير باتجاه الشاطئ مع امرأة . لم يرها أي واحد منهما فلقد كانا منشغلين جدا ببعضهما .
مجرد التفكير بذلك جعلها تشعر بالغيرة التي مزقتها . اختفى اللون من بشرتها تاركا إياها شاحبة ومتوترة الملامح . كل نفس تأخذه يضغط علي قلبها . علي ذلك أن يتوقف حالا , فذلك مؤلم جدا .
أخيرا تمكنت من النوم , لكن الأحلام أزعجت نومها ونهضت قبل الفجر في صباح اليوم التالي , وبقيت تلك الأحلام تطارد عقلها المتعب .
فقط ما الذي يجعلها متأثرة به بهذا الشكل ؟ ليس فقط بسبب وسامته , مع انه يوافق تماما ما تعتقده عن الجمال والوسامة . ولا كبرياءه بسبب مركزه المالي والاجتماعي .
لديه سلطة لم ترها من قبل . ثقة كاملة بالنفس . فهو عندما يدخل إلي أي مكان الناس تستدير وتنظر إليه . تلك الصور التي تدافقت علي أفكارها كانت مليئة بالتوتر وسمحت ميكي أن تنجرف في بحر الخيال , ولتعود إلي عالم الحقيقة بسبب اتصال هاتفي .
سألتها موظفة الاستقبال بتوتر : (( هل يمكنك العمل كدليلة سياحية اليوم ؟ الجميع هنا مشغولون , وهناك زبون يريد رحلة سريعة في كل الجزر . قال هاري أن عليك الذهاب .))
بسرعة تفحصت ميكي برنامج عملها . والذي قررت أن تفعله اليوم باستطاعته الانتظار حتى يوم غد , لذلك
قالت : ((نعم , حسنا . متى سننطلق ؟ ))
(( سيكون بجانب الرصيف عند الساعة الثامنة . سيعد شون القارب ليكون جاهزا للانطلاق , ونولا تحضر سلة الطعام الآن .))
تثاءبت ميكي وقالت : (( حسنا .)) وأقفلت الخط . بعد مرور نصف ساعة وبينما كانت تهم بالمغادرة سمعت رنين الهاتف .
هذه المرة كان هاري , سألها : (( هل أرسلت الرسالة إلي انكلترا ؟))
(( نعم , لقد أرسلتها البارحة .)) ليس من عادته أن يقلق .
(( حسنا عزيزتي , سأراك لاحقا .))
رفعت حاجبيها مفاجئة , حملت حقيبتها وخرجت . كان الطقس باردا لكن لم يكن هناك رياح , والسماء صافية جدا , تعدها بيوم رائع .
علي الرصيف رأت القارب الصغير يتهادى بلطف علي المياه في الخليج . سارت ميكي بخطوات خفيفة إلي القارب.
خرج غاي من غرفة القيادة , طويلا رشيق عريض الكتفين . شعرت ميكي بتوتر بسبب الإحساس القوي به, تساءلت بيأس : (( ما الذي يحدث معي ؟))
أمرها حس المنطق , أن تهدا . بدا عليه المرح وهو يقول : (( صباح سعيد , ميكي .)) لكنها شعرت بشيء من العاطفة في صوته .
قالت بصوت هادئ وعملي : (( فهمت انك تريد القيام بجولة حول الجزر .))
(( نعم , كل الجزر المملوكة لأشخاص معينين .))
رفعت حاجبيها وهي تسير داخل القارب , الزائر في فاروندز هو ملك . وهكذا هي تفكر فيه , هو مجرد زائر وليس أكثر من هذا .
لكن ما أن ابتعدا قليلا عن الرصيف حتى نظرت ميكي من وراء كتفها . إحساس غريب داخلها أنباها أن اليوم هو كنقطة تحول في حياتها . أن ذهبت مع غاي فلن تعود إلي منزلها وهي ذات الإنسانة , ولم يكون هناك مجال للتراجع , ستسير الأمور في حياتها بطريقة لم تعرفها يوما .
حاولت أن تتخلص من تلك الأفكار . فهي دائما تعشق البحر , وتحب أن تأخذ الناس في جولة إلي الخليج , وهذا مجرد يوم تمضيه في عملها , مهما يكن , عندما اتجها عبر ممر ألبرت , أتي غاي ووقف بجانبها , وعاد تقديرها بمقدار كبير.
سالت وهي تحاول أن تبدو عملية جدا : (( إلي أين تريد الذهاب أولا ؟))
قال : (( آه , إني أضع نفسي بين يديك .)) واستراحت نظراته علي وجه ميكي .
نبرة الغطرسة في صوته جعلتها تدير عينيها إلي وجهه. كانت ابتسامته صغيرة وكسولة , ومرة ثانية شعرت بالاضطراب يجتاحها .
سالت باختصار : (( هل تريد أن تقوم بجولة سياحية .)) واستعملت لهجة عملية لتمحي أي تأثير به في صوتها .
(( سنذهب إلي الرأس عبر طريق صخريه ومن ثم نعود . لأنك إذا فعلت ذلك , ستكون الرحلة ارخص لك لو ذهبت في رحلة منظمة من قبل .))
مرور قارب للسياح أمامهما أتى كحاجز مرحب به لتتخلص من عواطفها . لوحت لهم , والناس متواجدين علي ظهر القارب لوحوا لهما . ابتسمت بانزعاج ما أن لمحت الكاميرات في أيديهم .
قال غاي بهدوء : (( ألا تحبين أن يلتقط لك الصور ؟))
((لا.))
(( ولما لا ؟.))
رفعت كتفيها وقالت : (( اشعر وكأنني قرد في قفص .))
قال : (( لا يمكن أن تكوني قردا .)) وترك عينيه تجولان علي ملامح وجهها بتقدير واضح .
هكذا بدأت الأمور , لكنها تطورت إلي شيء لم تكن ميكي مستعدة لتتعامل معه . ضغطت علي شفتيها بقوة.
قال بعد عدة لحظات : (( لا , لست قردا , شيء صغير جميل ماكر وقوي الشخصية . من الأفضل أن تكوني هرة صغيرة .)
لم يكن يمازحها , كان هناك شيء متعمد وهادف في كلامه .
فكرت بسرعة وقالت وهي تحتفظ بصوتها هادئ وحيادي : (( شكرا .))
(( ألا تحبين أن يناديك احد بهرة صغيرة ؟))
(( وهل تحب أن يناديك احد بكلب صغير ؟))
ضاقت عيناه بشرارات من العاطفة . حاولت ميكي أن توقف نفسها كي لا تتهرب , لان تلك الشرارات كانت تصل إلي روحها ومن ثم ابتسم .
قال : (( لا , فهناك شيء حقيقي خشن ومبتذل بالكلب .)) أجابته : (( وهناك شيء حقيقي بالضعف بشان الهرة , وأنا لست ضعيفة .))
ابتسم وقال : (( أنت بعيدة عن ذلك جدا . حسنا لن أناديك بذلك الاسم . فانا أفضل حورية البحر , بكل الأحوال وعلي عكس الهرر , الحوريات خطيرات فعلا .))
حاولت أن يبقى صوتها خفيفا وغير شخصي , وكانه مجرد سائح وهي تعرض عليه جمالات الخليج .
سالته : (( إلي أين تريد الذهاب أولا ؟))
نظر إلي الامام وقال : (( هذه هي الجزر التي ننظر إليها الآن أليس كذلك ؟))
(( نعم , لكن لا يمكنك أن تراها كلها من هنا , فهي تقع وراء بعضها البعض . لكن موتارا هي الاقرب ومن ثم موتيكيكي واربيكابيكا وهي الاكبر . يمكنك أن ترى بوضوح وايا وتوريا , وتلك التي تقع علي الشمال اوكاهيا والتي تعرف بالراس الاحمر بسبب فارويندز أكثر .))
((لماذا ؟))
رفعت كتفيها وقالت : (( هناك لمحة من الغموض فيها وشيء غير عالمي .)) توقعت أن يسخر منها , فضمت ذراعيها إلي صدرها .
لكنه قال : (( الجو هو صفة مهمة . بعض الامكنة الاكثر جمالا لا تحظى بتلك الصفة . انه سحر . الصفات العلمية لا علاقة لها مطلقا بذلك . وأنا اتساءل كيف ؟ ))
حدقت ميكي إلي الامام وقالت : (( لا اعرف بشان البشر , لكن اعتقد لتخص المكان بجو معين لا بد أن ذلك يعود للخيال . فارويندز جميلة وامنة وتملك كل ما تتصف به الجزر , التلال والاشجار والشواطيء الرائعة وبحيرات جميلة . كان هناك حطام سفينة فيها في السابق وزارها الكابتن كوك عندما كان يكتشف المحيط الاطلسي , وهناك اسطورة تقول أن امرأة جميلة جدا تدعى مايوري هربت مع حبيبها وعاشت بسعادة هناك . )) توقفت عن الكلام , خائفة انها تحدثت كثيرا .
قال وهو ينظر إليها باهتمام : (( اذن أنت تحبين الخطر والغموض والرومانسية .))
قالت علي الفور : (( فقط عندما تكون الأمور امنة .))
لمعت اسنانه وظهر شيء غير عادي في تعابير وجهه . ادار رأسه وقال : (( حقا ؟ لا بد أن ذلك خليج الثلاثاء أليس كذلك . حيث التقطتك البارحة .))
قالت بهدوء : (( نعم .))
(( إلي أي مسافة كنت تريدين السباحة ؟))
رفعت كتفيها وقالت بصوت واضح : (( كنت سأصل إلي المسافة التي اريدها.))
(( هل تسبحين عادة هكذا , او انك بذلت المزيد من المجهود البارحة ؟))
هل يعتقد انها تعمدت السباحة لتجتذب انتباهه ؟ شعرت بغضب شديد ونظرت إليه بحدة , لكنه كان ينظر إلي الفضاء والي المياه في الخليج عبر المدخل العاصف لمحيط الباسيفكي والذي لا يتوقف ألا عند حدود جنوب امريكا . لمحت ميكي حركة سريعة , فقالت بصوت فرح : ((الدولفين , آه , انظر أنها هناك . ))
وعلي الفور كان هناك عدد من الدلافين حول القارب وكانت تفتح أفواهها وتقفز بحركة فرحة .
قالت ميكي وعيناها تشعان من الفرح : (( انه العجوز نبتونن وعائلته .))
(( وكيف تعرفين ؟))
(( حسنا , يمكنك أن تعرف من الآثار علي زعانفها ولانها مليئة بالحماس . الدلافين ذات الأنوف الواسعة لونها رمادي وهي أكثر هدوء . ومن ثم الدلفين الكبير ذلك الذي لديه جرح كبير علي جنبه . هذه العائلة هي الوحيدة التي تقيم هنا .))
(( هل ترينهم دائما ؟))
ابتسمت وقالت : (( نعم , آه , انظر , هناك دلفين صغير ! كم هو جميل .))
في تلك اللحظة طارت عن راسها قبعتها بسبب نسمة سريعة . حاولت أن تمسك بها فمدت جسمها وتعثرت . وعلي الفور احاطت بها يدين فولاذيتين .
قال غاي بصوت اجش : (( كوني حذرة .))
احتاجت للحظة او اثنتين لتتمكن من الوقوف , وما أن فعلت ذلك حتى ادركت أنها تقف ووجهها علي كتفه وقد حبست بين ذراعيه .
لم تستطع ميكي أن تتنفس , ومع ذلك تنشقت رائحته التي تمتزج برائحة البحر وقوته . وهذا اثر علي كل الدفاعات التي كانت تحصن نفسها بها . فعانقته لكنه ابعدها عنه بقوة . حدقت به متفاجئة .
قال من بين اسنانه : (( لم تكن تلك فكرة جيدة .))
قالت باضطراب : (( لم اقصد أن افعل ذلك .))
(( لم تقصدي أن تتصرفي هكذا ؟ الم ترغبي في وضع علامة علي ؟ هذا امر لا يصدق ميكي . لا تدعي رغبتك في المغازلة تقودك بعيدا . فالمغازلة قد تصل إلي أكثر من رهان .))
وادارها لتتمكن من رؤية العجوز نبتون وعائلته واضعا ذراعه علي كتفيها.
شعرت ميكي وكأنها انفصلت عن كل الجنس البشري وبقيت كذلك حتى ابتعد عنها .
قالت بغضب : (( انا لا اغازل احدا .))
(( لا ؟ اذن تسخرين .))
(( ولا هذا ايضا .))
وبحركة سريعة ادارت القارب واندفعت في الماء علي الفور , غيرت الدلافين سرعتها لتبقى في نقطتها المفضلة , رغم تصاعد الموج .
قال بصدق : (( لديك طريقة للنظر من بين رموشك من الصعب مقاومتها . اشك أن كنت تعرفين ما الذي تفعلينه . لكنني رايتك تتبادلين قبلة حارة مع قائد الاوركسترا في تلك الليلة . هل هو صديقك ؟))
(( لا , هو ليس صديقي , بل كان يتصرف تصرفا سخيفا .))
قال بصوت جاف : (( فهمت .))
أبقت ميكي نظرها علي البحر , وهي تعلم تماما كم بغباء لدرجة أنها لم تر شيئا مما يحدث أمامها . فمن خلال رموشها السوداء الكثيفة كانت ترى الدلافين تقفز بفرح ونشاط بين تصارع الأمواج وكانها تحتفل . من العادة انها كانت تمرح في تلك اللحظة , وكانها تعانق الطبيعة بحماس . الآن هي تفكر بان ذراع غاي ثقيلة علي كتفيها , وكانه يحاول أن يرسل لها رسالة ما . أن كان يفعل ذلك . فلا بد انه سيفشل , لان الرسالة الوحيدة التي تفهمها هي ما تشعر به .
قالت وهي تشير : (( انظر !))
الدلفين الكبير , فجأة قفز من الماء ووقف علي ذيله وللحظات طويلة قبل أن يسقط في الماء في سقطة ضخمة .
قال غاي بمرح : (( انه يقوم باستعراض .))
حاولت أن تجارية فقالت : (( أو ربما انه سعيد جدا لكونه حي .))
(( ربما ولكن اعتقد وجود عدد من أنثى الدلافين لديه علاقة بذلك , انظري , ها هو يفعلها ثانية .))
انتظرت ميكي حتى انهى الدلفين استعراضه حتى سألته بسخرية : (( هل كل الرجال يحبون الاستعراض؟))
قال ساخرا : (( نعم , انها جزء من شخصيتهم . الرجال يعرضون قوتهم والنساء تختار من يلفت نظرها . لماذا علي الجنس البشري أن يكون مختلفا ؟))
كاف و لا داعي ليفاخر به وثقة عارمة بالنفس .
سالت بضيق : (( لماذا حصل ؟ لكن هل نحن فقط حيوانات ؟ ماذا عن الحب ؟ ))
(( الحب ؟))
شعرت بالغضب من نبرة في صوته . هي لا تعرف الكثير عن الحب , لكنها رأت ما يكفي من تلك الحالات لتقنع نفسها انه يحدث للأشخاص المحظوظين , قالت : (( الحب دائما موجود .))
غلفت السخرية ابتسامته وقال : (( معظم النساء يستعملن الحب كرهان اكيد من اجل حصولهم علي الأمان في حياتهم .))
رهان أكيد , نظرت بغضب وقالت له : (( أي قول متفاخر متكبر هذا ؟ ))
برم فمه بسخرية وقال: (( إنها الحقيقة . الزواج هو الرهان الوحيد للحصول علي الأمان الاجتماعي و الإشباع
العاطفي .))
قالت وهي ترفع كتفيها : (( إذا كان هذا ما تفكر به , فلا عجب انك لست متزوجا . فلا امرأة تقبل بك .))
(( وكيف عرفت أنني لست متزوجا ؟))
بالطبع هي لا تعلم . والعديد من الرجال يتزوجون قبل أن يصبح عمرهم ست وعشرين سنة , سألته وهي تحاول أن تبدو غير مهتمة مطلقا بذلك : (( هل أنت متزوج ؟))
هز راسه وقال : (( لا . )) كان هناك لهجة حاسمة في كلمته .
قالت ميكي ببطء : (( حسنا , هذا أنت , إذا ربما الأمان جزء من الرهان , لكن النساء بحاجة للمساندة ونوع من الارتباط وبذلك ستحظيان بالمساعدة عندما يتعلق الامر بالاطفال .))
كان ذلك صراعا بالنسبة لوالدتها , بإمكانها أن تتذكر عندما كانت ليندا تغضب وتصرخ , وما أن أصبحت ميكي اكبر حتى أدركت كم كان صعبا علي والدتها أن تهتم بها ليس فقط من الناحية المادية , بل عاطفيا أيضا. لو لم تجبر ليندا علي الصراع في الحياة بمفردها لكانت حياتها أسهل بكثير .
ابتسم غاي لها ابتسامة كبيرة وقال : (( اعلم أن الرغبة في الأمان هي جزء من شخصية الأنثى , وأنا لا ألوم النساء علي ذلك , لكن من السخرية الاعتراف بأنني علي حق وبعد ذلك تقولين لي أنني ساخر لقولي ذلك .))
لقد تغلب عليها ببساطة , حدقت به بإحباط و سألته بنعومة : (( إذا لماذا يتزوج الرجال , إذا لم يكن بسبب الإحساس بالأمان ؟))
رفع كتفيه وقال : (( بالطبع من اجل الأمان , فمعظم الرجال يرغبون بالأطفال .))
قالت بسخرية : (( الطفل حكيم إذا عرف من هو والده .))
فهي تعلم اسم والدها ولا شيء غير ذلك . وهذا كل ما تريد معرفته عنه .
قال بصوت عادي : (( أطفالي سيعرفون من والدهم وسيعيشون معه .)) وعلي رغم عدم وجود أي تعبير في صوته أو وجهه شعرت بالتوتر القوي تحت ذلك المظهر .
قالت : (( هذه هي وايا ويثرويا .))
(( ومن يملكها ؟))
أبلغته واوفقت المحرك علي الفور . استقر القارب علي الماء ليتحرك ببطء نحو الشاطئ الفضي الأبيض . في المياه وبين الصخور كان هناك زبد ابيض يترقرق عليها .
قالت ميكي : (( ها قد وصلنا , هل تريد أن تتجول بها بمفردك ؟ )) وقد وعدت نفسها أن لا تخوض أي نقاش مع غاي , من الآن وصاعدا ستتمسك بواجباتها فقط .
(( لا , يمكنك مرافقتي .))
في ذلك اليوم زار كل الجزر وتوقفا في بعضها . وسالها غاي الاسئلة عنها كلها , واصبحت الاسئلة أكثر فعالية عندما عرف كم هي واسعة الاطلاع . كان يبدو مسرورا جدا بما سمعه وهي كادت أن تطير بسبب تقديره لها وجوده .
عند الساعة الثالثة قال : (( لنعد إلي فاروندز . لم انظر جيدا إلي البحيرات الثلاث . هل نستطيع الذهاب اليها من الجهة المقابلة ؟))
(( بالطبع نستطيع .))
بعد مرور نصف ساعة كانا يسيران علي الشاطئ احد البحيرات , وهي مجرد طبقة رقيقة من الماء بجانب الاشجار والتلال .
تنهدت ميكي وقالت : (( أحب هذا المكان , انه جميل .))
نظر إليها بمكر وقال : (( انه كذلك , من يملكها ؟))
(( عائلة تعيش في بريطانيا في مكان ما .))
امضيا فيما تبقى من ذلك اليوم بالسباحة والسير عبر الأشجار الكثيفة ومن ثم أكلا ما تبقى من غذائهما علي الرمال البيضاء تحت أغصان الأشجار , شعرت ميكي بإحساس غريب ومهما حاولت لم تستطع أن تبعد عن فكرها قبلة الأمس .
عندما انتهى أبريق الشاي نهائيا قالت : (( هل تريد الذهاب إلي جزر أخرى ؟))
قال غاي : (( لا .)) واستلقى علي سجادة النزهة .
حاولت أن تفعل مثله وان تفرغ رأسها من كل شيء , أن ترتاح لعدة دقائق من ذلك اليوم , لكن رأسها كان يدور وعيناها بحثتا عن وجه الرجل المستلقي بجانبها .
كان يضع يديه تحت رأسه وهو مغمض العينين , لكنه ليس بنائم شعرت بأشعة الشمس تخترق اوراق الشجر لتصل لهما . استيقظت علي أنفاسه المنتظمة وعلي حرارة جسمه . فبينما كانا نائمين تغير مكانهما ومع انه كان لا يزال علي ظهره بينما هي بقربه وذراعاه حولها . حاولت أن تبتعد لكن ذراعيه تحيطان بها , لو أن لديها شعر طويل لكانت أحاطت خديها المضطربين .
تمتم وعيناه تلمعان بقوة : (( هذا ربح غير متوقع .))
قالت بسرعة : (( أنا آسفة , لا اعلم كيف أصبحت قربك .))
(( اعتقدت أن لديك عادة الارتماء بنفسك بين ذراعي النائمين . أمر مؤسف لقد أعجبني ذلك .))
كان يسخر منها ومع إنها تنفست براحة عندما تركها تبتعد لكنها كانت غاضبة . من لهجته المتعالية ومن ثقته بنفسه . لم تكن تريده كذلك , كان هناك شيء ما في داخلها يريده أن يكون ضائعا مثلها تماما.


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 04:58 PM   #5

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الــفــصــل الــرابـــع

قالت ميكي , بحدة وحذر : (( سأنهي توضيب سلة الطعام .))
قال بصوت عادي : (( فكرة جيدة , هل تريدين أي مساعدة ؟))
(( لا .)) إنها بحاجة للوقت لتتمكن من استجماع دفاعاتها . فالأمور تخرج من يدها , وهي لا تعلم كيف تتعامل معها , لكن العمل الحالي في يديها سيعطيها بعض الوقت للراحة .
قال غاي بكسل : (( هذه واحدة سقطت بعيدا .)) والتقط كوبا من علي الرمال وانحنى ليضعها في سلة الطعام .
قالت ميكي : (( أنا سأفعل ذلك , وسأنتبه إلي كل شيء .)) مدت يدها لتأخذها منه , لسوء الحظ تعثرت وفقدت توازنها وللحظة مد ذراعيه ليمسك بها وهي تحاول أن تبقى واقفة , لكنها وقعت مباشرة عليه .
قالت : (( أنا آسفة ))
قال وهو يبتسم : (( وكذلك أنا , أتساءل أن كان ذلك صدفة .))
شهقت وقالت : (( لا .))
يد قويه من وراء رأسها دفعتها صوبه وهو يقول : (( بلى كنت أحاول تجنب حدوث ذلك منذ أن رايتك , لكن الحظ يريد ذلك .))
عانقها بقوة وبعد قليل رفع رأسه وقال بخشونة : (( هناك احد ما قادم .))
فتحت ميكي عيني عينيها وهي تشعر بالدوار.
قال وهو ينهض عن الارض : (( انهضي .)) مد يده ليشدها وادركت كم هو قوي لانه لم يبذل أي مجهود حين ساعدها علي النهوض . ما أن ترك يدها حتى قال : (( لا بد أنني مجنون .))
الاصوات دفعت ميكي للعمل بسرعة . وضعت الزجاجة الأخيرة في سلة الطعام بينما غاي هز الرمال عن السجادة وطواها .
نظرة سريعة إلي الشاطئ أعلمتها أن الاشخاص الثلاثة الدخلاء توقفوا وجلسوا علي الارض وهم يبظرون إلي شيء ما في الرمال . استغلت ميكي تلك اللحظة لتتنفس بعمق.
تمتمت : (( من الأفضل أن نعود إلي القارب.))
اخذ السلة من يدها المتوترة , ابتسم ببرودة ساخرة جعلتها ترتجف حتى عظامها : (( صحيح , لقد مضى الوقت لرحيلنا.))
ما أن أصبحا في القارب حتى فتحت ميكي صمام القارب لتتمكن من الاندفاع بسرعة بين الأمواج . وفي وقت اقصر من أي رحلة سابقة وصلا إلي الرصيف . لا احد منهما تكلم , لكن ما أن نزلا من القارب حتى قال لها : (( إني آسف , كان علي تقبيلك .))
حركت كتفيها بعدم راحة , لكنها لن تدعه يرى كم هي متأثرة ومشتتة قالت : (( لا أتذكر أنني صفعتك .)) محاولة أن تبدو غير مهتمة مطلقا .
نظر إليها بعينين ضيقتين وقال : (( أنت مزيج محير من التماسك والخجل غير المتوقع . أتساءل من هي ميكي الحقيقية , الساخرة الصغيرة أم الحورية الخجولة ؟))
شيء ما في صوته جعلها تزداد توترا فرفعت نظرها بشك , لكن لم يكن هناك أي عاطفة في ملامح وجهه. قال وهو يحمل سلة الطعام من علي الرصيف : (( هيا لنعود إلي الفندق.))
في منتصف الطريق نظر حوله وقال فجأة بصوت قاس ومليء بالاحتقار : (( هذا المكان كالخراب !))
(( ليس من المفترض أن يكون مكانا مترفا مثل الفنادق الجديدة في باهيا .)) قالت ذلك وهي غاضبة لأنه جعلها تراه من خلال عينيه لان فارويندز كان بشعا بمبانيه المهملة وحدائقه , مما يشكل تناقضا واضحا مع الجمال الرائع الطبيعي الذي يحيط به.
(( ليس من داع للمالك أن يمهله بهذا القدر . يبدو انه لم يصرف عليه أي مال منذ أن أنشاه .))
ردت ميكي مدافعه : (( هاري يحب فار ويندز .))
(( لديه طريقة غريبة في إظهار ذلك . هذا يبدو استغلالا .))
عضت علي شفتها . فمن الصعب عليها أن تفسر له تصرفات هاري , وكلها تصرفات رائعة , كل سنت كان يقبضه كان يوزعه علي الأعمال الخيرة في الثلاثة أشهر الأخيرة هو إنسان مهزوم , ويسير ببطء نحو النهاية .
وبينما كانت تسير عبر الممر قرب غاي , كانت ميكي تعاني من رغبتين متناقضتين , لتتذكر كل لحظة أمضتها معه , أو لتبتعد عنه. عقلها الواعي حذرها انه علي الرغم من العاطفة القوية في قبلاته فهو لا يرغب الا في عطلة هادئة وبعض الرومانسية , وهي تعلم انه من الأفضل لها أن لا تتورط في مثل هذه الأمور . قالت فجأة وهي تتلفظ الكلمات باهتمام ووضوح : (( سأراك فيما بعد .))
ساد الصمت للحظة , وليس الصمت الذي يسود بصورة طبيعية في نهاية يوم مفرح , بل بفراغ بسبب امور لم تحدث واشياء لم تقال . عقد حاجبيه معا وقال بصوت لا يحمل أي عاطفة : (( شكرا لك علي هذا اليوم .))
ردت ميكي بهدوء : (( ليس هناك من داع للشكر . لقد دفعت ثمن ذلك .))
بدا كلامها فظا , لكنها لم تهتم . ابتسمت وهي تنظر إلي وجهه وتابعت ببرودة : (( أتمنى انك حصلت علي ما تريده .))
قال : (( نعم , كان يوما رائعا .))
شعرت بالراحة عندما وصلا إلي المبنى الأساسي , قالت في الردهة الأمامية وهي تمد يدها , راغبة في التخلص من حضوره : (( سآخذ السلة إلي المطبخ .))
لم يجب فنظرت إلي عينيه , ركز نظراته علي عينيها , كانت ملامح وجهه يقظة وحادة.
سيطر شعور من الإثارة علي كل خلية في جسم ميكي . كررت محاولة أن تبدو عملية : (( سأعيد سلة الطعام إلي المطبخ .))
ابتسم ابتسامة رائعة وقال : (( حسنا , إذا سأراك لاحقا , مكي.))
انه وداع عادي سمعته آلاف المرات , إذا لماذا يؤلمها عندما قاله هو؟
قالت لنفسها بغضب , لأنها تريد المزيد . استدارت مبتعدة . ولأنك حمقاء .
كان هناك احتفال علي الشاطئ , وهو عبارة عن وجبة طعام تطبخ في الأرض علي طريقة مايوري وقبل إيصال الكهرباء . بعد ذلك مجموعة مايوري ستغني وترقص . وواحد من العجائز من ماراي سيخبر أسطورة عن الخليج اولا بلغة أجداده وثم باللغة الانكليزية . ميكي تحب كثيرا الإصغاء إلي كلمة مايوري التي ترافق الهواء الدفيء , وتراقب تراقص شرارات النار تنعكس علي وجه الرجل العجوز التي طبعت السنين والتجارب أثارهما عليه . وبما إنها رسميا لا عمل لديها, تجولت علي الشاطئ في الوقت الذي كان فيه كل شخص يتذمر انه تناول الكثير من الطعام , وجدت نفسها تجلس تحت ظلال احد الأشجار .
(( ما الذي تفكرين فيه ؟))
ظهر غاي بصمت لدرجة إنها ارتعبت لدى سماعها صوته . جلس إلي جانبها وأدار رأسه ليتمكن من رؤيتها .
قالت ميكي بنعومة : (( كنت أفكر إن المجموعة الثقافية تغني الحياة في نيوزيلند اليوم .))
تبعت عيناه نظرات عينيها , فلاحظ الرؤوس بكل الألوان من الأشقر إلي الأسود , ولون البشرة من الأشقر الشاحب إلي البني الذهبي , والعيون تختلف ألوانها من الأزرق إلي الأخضر حتى الألوان الداكنة .
قال غاي ببطء : (( نعم , لدينا المشاكل . أي بلد خال من المشاكل ؟ لكن مجموعة كهذه هي الأمل والمستقبل معا.))
في تلك اللحظة وقف هوهيبا علي قدميه وبدا يحدث الجميع بمهارة . أصغى غاي باهتمام , وكأنه يفهم الكلمات بلغة مايوري .
ارتفع صوت هوهيبا وانخفض , بحدس ممثل حقيقي , توقف , قبل الجملة الأخيرة الذي تلفظ بها بطريقة حبست الأنفاس وللحظة الصوت الوحيد الذي سمع هو الصوت الهادئ للموج , حتى نهض الفريق وقاموا بدور الحرب وأكملوا القصة خلال الرقص والغناء . وانتهت الحكاية بصرخة وبقفزة في الهواء . وبدا هوهيبا بالتحدث باللغة الانكليزية ليخبر ذات القصة . شيء ما في هذا الرجل , جعله ياسر انتباه المشاهدين الصغار والكبار مع كثرتهم .
لم تلاحظ ميكي ذلك . كانت تجلس بهدوء وهي تشعر فقط بالرجل الجالس بقربها وتفكر انه ربما جلدها سيتفسخ من كثرة التوتر .
علا التصفيق مع صوت المياه , تجمع الحشد حول المجموعة الراقصة وبدئوا يقلدونهم في حركاتهم في الاستدارة في حلقات صغيرة تدعى بوي وفي نهاية الرقصة علت ضحكة هوهيبا.
اقترب شخصان من الشاطئ , حين شاهدا غاي , وجلسا قربه وهما يلقيان التحية . بدأت ميكي بالتحرك لتنهض فقال غاي بنعومة : (( لا تذهبي الآن .)) ولان جزء من قلبها المغفل يريد بها أن تبقى أطاعت ما قاله . وبمرور دقائق كانوا يتحدثون عن استعراض الليلة , مطلقين الأسئلة ومن ثم يصفون باهتمام بينما كانت ميكي تجيبهم . كان الرجل استرالي الجنسية , ضخم الجثة ويتحدث علي مهل , والمرأة من كارديف في وايلز .
استمتعت ميكي بالحديث . لكن عندما أصبح أكثر عمومية , بدأت تشعر بعدم الارتياح . هؤلاء الأشخاص قد سافروا في أنحاء العالم . وهم أذكياء , ولديهم آراء مهمة بشان كل بلد زاروها . ومن ثم انتقل الحديث إلي الأفلام والي الكتب والمسارح . شعرت وكأنها ريفية جاهلة .
كم شعرت بالحسد منهم لقدرتهم علي التحدث عن أي كتاب وعن المؤلفين ! فهي تحب القراءة , لكن منذ أن تركت المدرسة لم يتسن لها إلا وقت قليل للمطالعة . وحتى مع ذلك , فهي لا تعلم شيئا عن الكتب التي يتحدثون عنها . أخيرا نهضت وهي تبتسم قائلة : (( عمتم مساء , لا , لا تتحركوا , استمتعوا في هذه الامسية .)) تركتهم وغادرت . كان هناك شخص يعزف علي الغيتار واخذ الجميع يطلب منه عزف اغاني من كل اقاصي الأرض .
لم تشعر ميكي مرة بالوحدة كما شعرت بها الآن. في تلك الليلة حلمت أيضا بقبلات غاي , تلك الاحلام جعلتها تشعر أنها لم تعد تعرف نفسها كما كانت تعتقد. استيقظت قبل الفجر وهي تشعر بتوتر غريب انبهرت من الرطوبة القوية ومن ضوء القمر علي حديقتها , وبدون قصد منها تذكرت اللحظات التي أمضتها مع غاي , شعرت وكأن الحياة تنبثق منها, والشوق والحاجة إليها عاودتها من جديد.
لا يمكن أن تكون هناك مستقبل بينهما , توضح لها ذلك من مساء أمس , لقد تحدث عن مدن ليست إلا أسماء بالنسبة لها, روما , لندن , نيويورك , باريس وكان من الواضح انه يعرفها جيدا , ولديه أصدقاء في كل منها . انه عالمي , عالمي في كل ما للكلمة من معنى , شخص يطوف العالم باستمرار , بينما هي كانت دائما في أوكلاند.
فكرت بسخرية وهي تبتسم بحزن إنها فتاة ريفية ولديها اهتمامات ريفية . قد يكون غاي مهتما لها, لكنه لن يغرم بها. فليس لديها ما تقدمه له. لذلك لن تكون حمقاء وتخسر قلبها لأجله.
بكل الأحوال سيرحل قريبا , وسيأخذ معه شخصيته الرائعة . لكن عندما كانت تسير بسرعة نحو المطبخ بعد ساعة من الوقت , وظهر هو من مكان ما ليقول بهدوء : (( أريد أن اسهر برفقتك الليلة .)) غابت كل الأفكار المنطقية من رأسها .
علمت ميكي أن فمها مفتوح , فهي تشعر بذلك . وبذلت مجهودا لتضغط شفاهها علي بعضها ثانية , وحتى عندما فعلت ذلك لم تستطع الكلام .
ضحك وعيناه الزرقاوان تضحكان , قال بهدوء : (( لتناول العشاء معا.))
(( هنا؟))
تجهم وجهه وقال : (( لا , ليس هنا . سأحضر قاربا وسنذهب إلي مطعم في الأرض الرئيسية .)) عليها أن تقول لا , لكن أكثر من أي شيء في الدنيا تريد أن تمضي الأمسية برفقته , سيكون ذلك , أدركت وهي تشعر بحماسة للمرة الأولى التي تخرج برفقة رجل إلي العشاء . قالت ببساطة : (( حسنا , أحب ذلك .))
(( حسنا . يجب أن نذهب الليلة لأني سأغادر غدا .)) قال بلهجة عادية فأدركت إنها لا تعني له شيئا بسرعة ولكي لا يرى كيف انسحق قلبها سألته : (( في أي وقت يجب أن أكون جاهزة ؟))
(( سأذهب إلي منزلك عند الساعة السابعة .))
من حسن حظها أن عليها العمل لثماني ساعات متواصلة , وهذا ما اشغلها عن التفكير بما سيحدث معها . ومهما حاولت أن تكون عملية , لم تتمكن إلا أن تتساءل ربما هذه لن تكون النهاية , بل البداية .
لاول مرة تمنت لو أن لديها خزانة مليئة بالفساتين الجميلة , لكن الفقير لا يستطيع أن يختار , قالت لنفسها وهي تبتسم بحزن . قررت أن ترتدي جاكيت من الدانتيل فوق تنورة بيضاء اشترتها لاخر مناسبة اجتماعية لها في المدرسة .
لكن عندما ارتدت ثيابها , تساءلت إذا كانت تبدو أنيقة , كان هناك الكثير من بشرتها باديا تحت قماش الدانتيل , وليس هناك ما تستطيع القيام به بشان كتفيها , لكن لتملا تلك المساحة ارتدت عقدا من الفضة كان لوالدتها . شعرت بالراحة وانتعلت حذاءها وهو صندال ابيض ذي كعب عال وهذا ما جعلها تبدو أكثر رشاقة . وعلي الرغم من الحرارة من الأفضل لها أن ترتدي جوارب حريرية . لكنها لا تمتلكها . نظرت إلي نفسها في المرأة , لاحظت اللون الواضح تحت خديها , وتوترها جعل عينيها تشعان كالنجوم الفضية . احمر الشفاه يجعل اكبر وانعم , لذلك قررت أن لا تضع منه .
من الأفضل لها أن تضع العطر, عطر حديث ومميز , وبذلك حتى سنوات قادمة أن غاي سيتذكرها كلما مر أمامه .
ابتسمت لنفسها بسخرية في المرآة , وضعت القليل من عطر اللافندر الذي قدمته لها أمها في آخر عيد أمضتاه معا.
كانت عند البوابة تشتم الورود , عندما اتى يسير بخطوات واسعة عبر الأكواخ القديمة.
تمتم : (( أنت جميلة حقا.)) وقطف وردة بسرعة ووضعها في أعلى زر في جاكتتها : (( هنا , تناسب ثوبك تماما . حجزت في باي فيستا , هل زرت المكان من قبل ؟))
(( لا.)) لقد كان ذلك المكان أفضل مطعم في الخليج كله, وقد سمعت ميكي انه الأكثر تكلفة . لكن لم تكن لتهتم لو انه أخذها إلي الحديقة . فهي كانت لا تزال ترتجف من لمسة أصابعه الهادئة علي صدرها.
(( حسنا , سنرى كيف هو .))
كان هناك شيء ما مختلف بشأنه , توتر حول لمعان عينيه إلي لون رائع , ازرق كقلب النار , عندما نظر إلي وجهها مطولا.
سالت بصوت مضطرب : (( في أي ساعة يجب أن نكون هناك ؟))
(( بعد نصف ساعة , لذلك من الأفضل أن ننطلق .))
وبينما هما يسيران عبر حدائق الفندق نظرت ميكي إلي الدانتيل الناعم علي خصرها , وتساءلت إذا كانت ثيابها أنيقة بما فيه الكفاية للمناسبة .
كان غاي يرتدي بنطالا رمادي اللون ,ذو قصة رائعة تظهر طول ساقيه وقوة عضلاته , وقميصا بيضاء بدون ربطة عنق و جاكيت رياضية . بدا كرجل يعرف كيف يدبر أمره في أي وضع كان, رجل ثقته بنفسه واضحة ولا اهمية للثياب التي يرتديها .
علمت انه من السخافة القلق بشان مظهرها الآن . فهذا أفضل ما لديها , وهي لن تعمل علي افساد الأمسية بالقلق بشان ثيابها . لقد فعلت ذلك طوال النهار .
كان باي فيستا يستحق سمعته . فالطعام شهي والجو تماما كما توقعته . عالمي ومترف ومع ذلك يحتفظ بالجو العام للخليج . كان غاي مهتما بها ولكن لم يغازلها ابدا , وقد عمل لتكون سعيدة ومرتاحة لتستمتع بالعشاء بدون قيود . بعد وقت قليل كانت تتكلم وكأنها تعرفه طوال عمرها . ومع أنهما تقريبا لاشيء بينهما مشترك , كان هناك مشاركة في الأفكار مما قلص الاختلاف بينهما.
من الواضح , انه معتاد علي هذا النوع من التسلية . اقترب النادل منهما , فتحدث غاي معه عن الطعام والشراب بدون تعال وبطريقة لبقة جعلته وكأنه مسيطرا علي الغرفة باجمعها.
متأثرة بالرجل وبالمناسبة , سمحت ميكي لذكائها أن يقودها . وهو لم يتعمد الحديث عن مواضيع خارجة عن حياتها وتجاربها, فجعلها تضحك وجعلها تشعر أنها مسيطرة تماما علي نفسها.
فيما بعد وعندما تنتهي السهرة , ستدرك انه لم يحاول أن يبدو حساسا فلا بد انه فهم بالتحديد ما الذي شعرت به ليلة أمس , وهي تصغي إلي الاخرين وهم يتحدثون بمواضيع وعناوين غير قادرة علي البحث فيها. لكن ذلك الإحراج سياتي فيما بعد.
اثناء تناول القهوة سألها بتكاسل : (( هل فكرت يوما بمغادرة الجزيرة ؟))
حتى وصولة لم تكن ميكي تدرك أنها جعلت محور حياتها فارويندز . قالت ببطء وهي تنظر إلي يدها السمراء الملقاة علي الطاولة : (( ليس الامر بهذه السهولة , فانا لا استطيع أن احزم حقيبتي وارحل.))
(( ولما لا؟ لا بد انك تعرفين انك تضيعين وقتك هناك .))
قالت بحذر : (( الأمور لا تسير بطريقة جيدة مع هاري هذه الأيام , وسأبقى حتى يعيد تنظيم حياته .))
(( وما هي المشكلة ؟ ))
رشفت ميكي قهوتها واستمتعت برائحتها الشهية . ارادت أن تنظر إلي غاي , لكنها فعلت ذلك معظم السهرة , ولذلك تركت عينيها تتجولان في الغرفة , ولاحظت ما الذي كانت تخشاه أن عددا من النساء كن تركزن عيونهن علي وجه غاي الوسيم . (( لا اعرف .))
(( وكم من الوقت تعتقدين انه سيحتاج ليعيد تنظيم حياته؟))
هزت ميكي رأسها وقالت : (( أنا لا اعرف هذا , أيضا.))
(( أو أن هاري مجرد عذر فقط ؟ هل أنت خائفة من مغادرة فارويندز ميكي ؟))
قالت بوضوح : (( لم احظ بما يكفي من الشهادات لأتمكن من الحصول علي حياة لائقة , واعتقد أنني خائفة قليلا.))
نظر إليها وقال : (( لماذا ؟ يمكنك أن تطبخي في فندق يعج بالضيوف أيضا, القيام بالحسابات , هل فكرت مرة تعلم ادارة الفنادق ؟ انه حقل واسع جدا, وما أن تحصلين علي شهادة جامعية يمكنك السفر في كل أنحاء العالم.))
ابتسمت بسخرية وقالت : (( لكن اولا عليك أن تتمرن وهذا يكلف الكثير من المال .))
((ألا يمكنك الحصول علي المال ؟))
قالت بخفة : (( لا امل بذلك . ليس ألا إذا اغرم بي مليونير كريم .))
(( يمكنك بيع منزلك .))
هزت رأسها وقالت : (( انه يعود إلي جدي , وأنا لن أبيعه أبدا .))
شرب بعض القهوة , كانت عيناه باردتين جدا وهو يقول : (( هل هاري هو والدك , ميكي ؟))
رفعت عينيها لتنظر إلي عينيه وقد ظهر فيهما الصدمة . قالت كالصراخ : (( هاري ؟ لا تكن سخيفا . من اين اتتك هذه الفكرة ؟))
(( آه , هناك الكثير من الإشاعات علي ما اعتقد.))
وضعت فنجانها جانبا وهي تصدر صوتا : (( هاري لم يكن حتى في نيوزيلندا عندما ولدت .))
(( من هو والدك إذا ؟))
الغضب جعلها متسرعة . ابتسمت له بحدة وقالت : (( كان زائرا في راسيل في فترة الصيف في تلك السنة أصبحت والدتي في الثامنة عشر من عمرها . اغرم بها وتزوجها ومن ثم تخلى عنها . عندما قالت له أنها حامل . قال أن هذا أمر قاس وصعب عليه , لأنه كان متزوجا في بلاده وهو لا يستطيع اعالة ومساعدة تربية طفل مزعج.))
هز غاي رأسه وكانت ملامح وجهه متعاطفة : (( أنها قصة قديمة جدا, ومع ذلك لا تزال تحمل مرارة في الفم . إذا كلانا أتى ما يسمى العائلة غير المتوافقة . وقصتك تبدو أكثر تأثرا من البيوت المدمرة , أليس كذلك ؟))
رفعت حاجبيها متسائلة .
قال جوابا لسؤالها الذي لم تتلفظ به , وقد ظهرت ابتسامة ساخرة علي وجهه : (( تزوج والدي بعد قصة حب كبيرة , لكنهما لم يستطيعا العيش معا. ابي مزارع , وامي فتاة مدلله وحيدة لاب لم يرفض لها طلبا يوما , فلم تستطع العيش في حياة هادئة وأبي لم يتخل عن مزرعته التي يحبها , لا ادري ما الذي جعلهما يعتقدان أنهما يستطيعان حل المشاكل بعد زواجهما . فلقد كانا مختلفين جدا وزواجهما كان محكوما عليه بالانهيار منذ اللحظة الأولى .))
إذا كان والده يشبهه ولو قليلا , فهي تستطيع أن تفهم تصرفات امه . سالت بنعومة : (( واين هما اليوم ؟))
(( تزوجت أمي من رجل أعمال في فانكوفر ولديهما ابنتين . مازال والدي في مزرعته . لقد تزوج ثانية من امرأة ولدت وعاشت في الريف . ولديهما ابن سيرث المزرعة عندما يموت والدي . وامي وابي كلاهما أكثر سعادة الآن مما كانا عليه عندما كانا متزوجين .))
وقال : (( تعالي وارقصي معي .))
كانت الموسيقى بعيدة جدا عن الموسيقى المليئة بالحيوية التي رقصا عليها في فارويندز , وهي ناعمة حالمة . ضم غاي ميكي بذراعيه . وهي لم تعترض فهو سيغادر غدا , ولذلك تبعته في خطواته وهي مغمضة العينين وكأنها في حلم .
قال بعد فترة : (( أنت تتحركين مثل الحرير , وهذا أول شيء لاحظته فيك . اتيت إلي الرصيف بعجل , والقيت الاوامر إلي رجلين في المرفا , واسرعت بالذهاب إلي غرفة القيادة كالخيال . فلم اصدق عيناي .
الخجل جعلها كالخرساء .
تابع : (( وبعد ذلك رقصنا معا , هل تلقيت دروسا في رقص البالية ؟))
لم يكن هناك مال لمثل هذه الأمور , قالت : (( لا, كنت اتلقى دروس جمباز في المدرسة .))
(( مجرد موهبة طبيعية .)) كان صوته غامضا وعميقا محملا بسحر خاص .))
أحساس غريب سيطر علي ميكي , مما جعل اعصابها ترتجف . كيف يمكن لصوت ونظرة خاصة أن تفعل كل هذا بها؟ ارتجفت . فضاقت يده عليها.
(( هل تشعرين بالبرد؟))
(( لا.)) بدا صوتها وكأنه همسة . هذا وبدون شك , ما شعرت به والدتها مع والدها عندما اغواها وتركها.
شعرت بالتوتر , لكن يده بقيت تضغط علي ظهرها بقوة : (( لا , لا تبتعدي , فقط لهذه الليلة , ميكي دعينا نرقص هكذا .))
وهكذا نسيت الغد , نسيت كل القصص التي اخبرها بها, نسيت كل شيء ألا أنها ترقص معه وتسمع وتشعر بدقات قلبه.
كانت الأمسية من الأوقات الساحرة وهي لم تنتبه عندما عادا إلي الجزيرة في القارب السريع , لان ضوء القمر أنار طريقهما . كانت فارويندز هادئة باستثناء مجموعة قررت السهر في النادي , ذراع غاي حول ميكي أبقتها دافئة , وعندما وصلا إلي الباب الامامي قال بنعومة : (( عزيزتي ميكي الصغيرة.))
وقبلها . قال (( وداعا ميكي .)) وبهدوء سار مبتعدا عنها وبعيدا عن حياتها .
في الوقت الذي ذهبت فيه إلي العمل في صباح اليوم التالي كان قد رحل , غادر عند الساعة السابعة في قارب للاجرة كما قالت نولا , والتي ارادت أن تتحدث قليلا عنه.
لم تستطع ميكي . فكلما ذكر اسمه في الحديث كانت تعاني من ضيق والم في حلقها يمنعها عن الكلام . الحزن والوحدة ملاها . بالطبع هذا الالم سيزول وستشعر بانها أفضل .
لكنه لم يحدث ذلك . كانت لا تزال قلقة بشان هاري , و تعمل بجهد كبير لتحافظ علي جودة العمل في الفندق , لكن كان هناك جدار شفاف بينها وبين العالم , شاشة تحبسها في حزن رمادي يائس .
قالت لنفسها , هذه الحالة ستمر , وبذلت مجهودا لتسيطر علي حزنها . كانت أمها تقول دائما انك لو تظاهرت انك سعيدة فتصبحين سعيدة , لذلك وجدت ميكي أن لديها موهبة التمثيل وأنها تصلح لتجعل منها ممثلة علي المسارح . ولسوء الحظ كانت والدتها علي خطا .
وانتهى الصيف ليطل فصل الربيع . كان هناك القليل من المطر الذي حول الجزر والتلال إلي اراض خضراء لكن ليس بما فيه الكفاية ليسعد المزارعين . والصيف ببطء بدا يفقد مباهجه .
كانت ميكي تذهب إلي عملها وعلي وجهها ابتسامة محفورة علي وجهها . راسلت معهدا تقنيا واكتشفت أن المال المطلوب لادارة الفنادق أكثر من قدرتها ولهذا اتصلت بعدد من الفنادق , تسال عن العمل فيها للتدرب.
كانت بانتظار الرد عندما دخل هاري إلي المطبخ في احد الأيام بينما كانت هي ونولا تحضران الغداء .
قال : (( ميكي , تعال معي .))
(( ألا تستطيع الانتظار ؟ لدينا عمل ....))
(( لا , لا يعقل أن انتظر!)) قال ذلك بغضب واستدار خارجا من المطبخ . حدقت كل من نولا وميكي ببعضهما البعض .فهاري لم يصرخ يوما.
قالت نولا بسرعة : (( من الأفضل أن تذهبي , استطيع القيام بما تبقى من أعمال , اذهبي وبسرعة .))
كان هاري في شقته , يحدق بقطعة من الورق وعينيه حمراوين كالدم .
سالت ميكي , ونظراتها علي الورق مثله : (( ماذا هناك ؟))
(( أنها رسالة من المحامين في شلغراف ترست . لقد رفضوا تجديدي لعقد الإيجار ويريدونني أن اخلي المكان في ستة أشهر.))
جلست ميكي علي كرسي بارهاق وقالت : ((آه ))
ضحك هاري بدون فرح وقال : (( تماما.))
(( لكن لا يمكنهم أن يفعلوا ذلك .))
((آه , بلى يمكنهم القيام بذلك وبدون أي مشاكل .)) بتعب وإرهاق وضع يديه علي وجهه : (( سيقدمون علي بيع الجزيرة إلي بيهوبس هولدنغ بالطبع لقد سمعت بهم , انهم في عالم السياحة وعلي مستو عال جدا, فنادق , سفن , خطوط جوية , لديهم مكاتب في أنحاء العالم . حسنا , لقد أرسلوا وكيلا ليدرس كل التفاصيل , ولقد أمر بشرائه.))
لا عجب أن هاري كان كئيبا طوال تلك الفترة , سالت ميكي بصوت حازم , لتعطي نفسها الوقت لتستوعب الإجابة :
(( ومتى حدث ذلك ؟))
ضحك هاري مرة ثانية وقال : (( أنت تعرفينه . من الواضح انه حفيد العجوز بيهوبس . لقد أتى إلي هنا ليتجسس علي وضع الجزيرة . انه لأمر غريب أن يرسل أحدا من العائلة , فهذا تصرف غير عملي . ربما كان بحاجة إلي عطلة . أو ربما لان لديه أسم مختلف وهم لا يفكروا أننا سنعرف . وهذا ما حدث , لذلك كانوا علي حق.))
حدس بارد حول وجه ميكي إلي لون شاحب جدا : (( ومن كان ؟))
لم يلاحظ هاري رد فعل ميكي , بل تابع : (( نعم , لقد تسلم الامر جيدا . كان رائعا ولم أفكر بالامر مطلقا حتى أنني اعجبت بذلك الشاب الخائن . فلديه عقل خاص به . كنت أحب التحدث إليه لكنه كان ينظم الأمور لكي يرغمنا علي مغادرة فارويندز .))
(( من يكون ؟ من اكتشف كل ذلك ؟))
(( غاي لوريمر ! من بيهوبس هولدنغ .))
حدقت ميكي بوجه هاري المتالم , وهمست : (( غاي؟))
وضع يديه الكبيرتين بقوة علي الطاولة وقال : (( نعم , فوربيز بيهوبس , بليونير واكثر هو جده . وغاي لوريمر سيحصل علي الميراث ومجموعة الأعمال في يوم ما , وفي الوقت الحالي هو من ينفذ أعمال الرجل العجوز . ومن الواضح انه لعب بنا كالحمقى .))
نهضت ميكي وسارت نحو النافذة . شعرت بأنها مريضة وعجوزا ومتعبة , وقلبها المتعب كوزن ثقيل بارد في صدرها . غاي , آه, غاي . لقد وقعت في قبضته كطير صغير ولأنها لا تعلم أن العالم مليء بالقناصين . لقد تحدث معها وغازلها مستغلا أعجبها به ومن ثم تركها .
قال هاري بتعب : (( سيعمدون علي هدم كل شيء وإعادة بنائه من جديد , سيحولونه إلي فندق حديث مع حقل للعب الغولف وعدد من ملاعب التنس وكل شيء , من اجل اليابانيين بالتحديد علي ما اعتقد , فهم يحبون الغولف , أليس كذلك ؟ و إذا سئموا من هذه اللعبة فهناك وايتنغو وكيري تماما فوق الماء.))
(( هل الجزيرة كبيرة بما يكفي لإقامة ملعب غولف ؟))
(( آه, نعم , أنها كذلك , لقد فكرت بانشائه بنفسي , مرة لكنه يكلف الكثير من المال .))
(( ربما لن يحظوا برخصة للقيام بذلك .)) فكرت ميكي بذلك للحظة , وادركت انه ربما احتمال ممكن. وبلهجة فيها بعض التفاؤل تابعت : (( أنت تعلم كم هي صعبة المعاملات هنا والمحافظون سيحاربون ذلك باسنانهم واظفارهم .
والسبب الوحيد انك لم تتعرض للمشاكل معهم انه مبنى قديم جدا .))
لكن هاري هز رأسه : (( لقد عملوا علي تسوية كل هذه الأمور لقد عرفت ذلك من بيل نلسون من مجلس البلدية . سيستعملون جهازا خاصا بالنفايات في مستنقع صغير , وبذلك لن يكون أي تلوث في النفايات . لقد امنوا ملفا كاملا لاستعمال المواد الاولية . كما انهم ناشطون مع الحكومة والاشخاص المحافظين لتحويل الخط الساحلي إلي محمية بحرية , وهذا ما سيجلب الغطاسون من كل أنحاء العالم . تماما مثل المنطقة في لياه , وهكذا لن يكون هناك أي اعتراض من المحافظين .
فكرت ميكي . لقد غطوا كل الإمكانيات . لقد أخبرت غاي عن حلم هاري , وهو سرقه . سالت بهدوء : (( وما الذي ستفعله ؟))
لم تنظر هاري إليها , قال بحزن : (( لا اعلم , في هذه اللحظة كل الذي استطيع التفكير فيه هو أن اشكر الله لأنه دودو ليست هنا . لكانت شعرت بانسحاق في قلبها لمغادرتها فار ويندز . فهي أحبت كل شبر في هذا المكان .))
قال هاري دائما انه يريد أن يدفن بجانب دودو , في أعلى التلة المطلة علي شروق الشمس . وبدا ذلك صعبا الآن .
فالسواح الاثرياء لا يحبون وجود المقابر في كل مكان , فكرت ميكي , لكنها عادت إلي محنتها الحالية سينفطر قلب هاري , أيضا إذا كان عليه مغادرة فار ويندز .
وصنعت ميكي إبريقا من الشاي وشرباه معا بصمت كل واحد منهما غارقا في أفكاره . كان يبدو هاري كالرجل المهزوم , ولم تستطع ميكي ألا التفكير في الخيانة والغدر اللذين تعرضت لهما.
قالت بحذر : (( هاري , إني آسفة حقا .))
هز رأسه المتعب وقال : (( لا تقلقي بشان ذلك , ميكي صغيرتي . انه شاب , لكن لديه سمعة قويه انه دائما يحصل علي ما يريده , ولا احد منا كان سيتمكن من مقاومة شخص خبير ومتمكن مثله .))
للحظة استطاعت أن تتخيل ملامح وجهه لكن بسرعة كبيرة غابت تلك الملامح .
قالت بقلق : (( لا استطيع تصديق ذلك .)) لكنها فعلت , فهي بذلك تستطيع أن تفهم أكثر تصرفات غاي , لو انه سمع منذ وصوله أنها ابنة هاري فلا بد انه سيتمكن من الحصول علي معلومات بسهولة أكثر منها.
لا عجب انه أبدى اهتماما بها . ابتسامة ساخرة علت فمها المرتجف . هو بالطبع لم يكن منجذبا نحوها. لقد كانت تعيش في حلم لأنها حمقاء .
كانت والدتها تقول : (( الجمال الساحر هو أسوء صفة للرجل فلا احد لديه مناعة ضده , لأنه يعطيك الاهتمام الكامل , وهذا ما نريده جميعنا .)) كانت تتكلم عن والد ميكي , لكن كلماتها تنطبق علي غاي أيضا , فلديه القدرة ليقنع كل شخص انه مهتم به فقط . لقد عمد علي ابهار ميكي , مع أنها كانت تعلم في قلبها أن ليس هناك أي شيء مشترك بينهما .
لا شيء سوى ذلك الانجذاب الذي حملها إلي النجوم . ربما النساء في عائلتها كتب عليهن أن يغرمن بالرجال الساحرين الجذابين . في حين تذكرها ألا عندما يرغب بالسخرية منها . شعرت بإحساس من الذل , مما جعل الدموع تتسارع إلي عينيها .
في تلك الليلة بقيت مستيقظة وهي تحدق بالسقف من دون أن ترى شيئا , وقد تشكلت فكرة في رأسها . ليس من العدل أن يشغل غاي كل هذه المعاناة ويتمكن من عدم تحمل أي مسؤولية . علي احد ما أن يجعله يدفع الثمن , لكن كيف لها أن تجعله يدفع ؟ فهو غنى ذو سلطة , وعديم الرحمة علي الأقل عليه أن يعلم ما الذي فعله لهاري .
هاري لن يفعل ذلك . هذا يعني لم يبقى غيرها .
شعرت برغبة في التغير . لكنها لا تستطيع القيام بذلك . هذا يعني أن عليها الذهاب إلي أوكلاند وملاحقة غاي ومواجهته في مكتبه . هذا إذا سمح لها , فقد يطلب من سكرتيرته أن لا تعطيها موعدا . أن فعل ذلك عليها إيجاد وسيلة أخرى لرؤيته , ومجرد التفكير بذلك جعلها تشعر بالغضب الشديد .))


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 04:59 PM   #6

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الــفــصـــل الــخــامـــس

بقيت الفكرة تراود عقلها , لكنها لم تستطع أن تتحدث بها مع أي شخص كان , لكن ذلك لن يشكل أي فرق.
فقرارها قد اتخذ منذ اللحظة التي لمعت تلك الفكرة براسها .
في البداية تساءلت أن كانت مجرد غطاء لحاجة ملحة برؤية غاي مرة ثانية , لكن مجرد التفكير بذلك جعلها ترتجف . لقد استعملها , ولا يوجد أي عذر له , ليس هناك أي عاطفة ممكن أن تصمد امام تصرف كهذا . فالاعجاب والانجذاب إليه قد تجمد ومات .
بعد مرور ثلاثة ايام علي وصول الاخبار قال هاري لفريق العمل : (( لقد سالت عن أعمال لكم في المنتجعات الجديدة , لكن ليس هناك اخبار مفرحة , علي ما اخشى بيهوبس يستخدمون عمالهم فقط , هذا ما قالوه لي , لذلك لن يكون هناك أي مكان جديد لاي منكم .))
حتى تلك اللحظة كانت ميكي منشغلة بالمها الخاص ولم تدرك ما الذي حدث مع الأشخاص الذين يعملون في الفندق , اشخاص هم أصدقاء لها, لكن ما أن رأت وجوههم حتى فهمت أن تلك ليست ماساتها الخاصة . فهم جميعا متاثرون بها, وبعضهم أكثر بكثير منها. الشباب والذي بامكانهم أن يسافروا إلي أي مكان بحثا عن عمل كانوا الأقل تأثرا . نولا التي تعيش مع شون وولديهما في الكوخ القريب من منزلهما , كانت كالضائعة .
بعد قليل قالت بصوت ثقيل : (( حسنا , هكذا إذا , نهاية أفضل ست سنوات من حياتي . من الصعب إيجاد عمل لك وانت في العشرين من عمرك , لكن من المستحيل إيجاد عمل وانت في الاربعين .))
قالت ميكي , محاولة أن تظهر الجانب الجيد : (( لكنك طاهية ممتازة , ولن تجدي صعوبة في إيجاد عمل لك وهاري سيعطيك شهادة مهمة بمؤهلاتك .))
نظرت إليها نولا بنظرة كلها معاني وقالت : (( هيا , مكي , لا املك أي شهادات وقبل أن آتي إلي هنا كنت مجرد زوجة عادية . وشون كان يعيش علي إعانة الدولة في موقف للسيارات في بيت نقال . لقاء هاري وتقديم عمل لي كان كالصعود إلي القمة . أنا لا اعلم ما الذي سنفعله الآن .))
قال هاري انه سيقفل الفندق في غضون شهر بدت نولا يائسة , وعيناها فقدتا اللون والامل . قالت بتعب : (( لن يكون هناك أي عمل لنا في فارويندز الجديد فهم سيطلبون شبابا يتحدثون اللغة اليابانية .))
بغضب واعياء نظرت ميكي حولها ورات الياس علي كل الوجوه . كانت نيوزيلندا في قبضة من الحصار, وعلي رغم المقاولات في الجرائد التي تتحدث أن الأيام السيئة قد مرت وان فرص عمل جديدة متوفرة للجميع , فمازالت الأمور صعبة في نورث لاند.
قالت نولا بحزن : (( نقاش في وقت متأخر في تلك الليلة وضع ختما علي القرار الذي اتخذته .))
نظر هاري إلي فنجان القهوة وقال : (( شعرت وكأن لا جدوى من وجودي قربهم . سأفعل كل ما بوسعي , لكن الشتاء قادم , لذلك لن ياخذ أي منتجع موظفين ألا بحلول الربيع , وليس هناك من مجال مطلقا لادفع لهم مالا اضافيا.))
هزت ميكي رأسها , وقد شعرت بمرارة القهوة في فمها سألته : (( ما الذي ستفعله ؟))
قال : (( ساضع رصاصة في راسي.))
ارتجفت وقالت بحدة : (( لا تكن سخيفا .))
رفع كتفيه بحزن , محدقا من النافذة في الليل الهادي : (( لا تقلقي بشاني ميكي , وانت ماذا ستفعلين ؟.))
قالت بفرح : (( آه , ساجد عملا ما. فانا اعرف الجميع في الخليج ولن اجد أي صعوبة بايجاد عمل .))
من المؤكد أنها ستذهب لرؤية غاي , لكنها لم تضحك علي نفسها بان ذلك سيفيدها أو يفيد أحدا , بيهوبس, في النهاية , لها الحق أن تفعل ما فعلته , لكنها علي الأقل ستجعل غاي يدرك كم من الناس ستدمر حياتهم .
وفي صباح اليوم التالي استقلت الباص إلي أوكلاند . لقد ذهبت إلي هناك من قبل عندما كانت في الخامسة عشر من عمرها , ولا يمكن لاحد , فكرت ما أن توقف الباص في المحطة , قد أن يتاثر مثلها من الصخب والضجة والعدد الكبير للناس . وهذا تقريبا ما تشعر به الآن . لكنها استقلت سيارة اجرة إلي الفندق المتواضع الذي ينزل فيه هاري في المناسبات القليلة عندما ياتي إلي اكبر مدن نيوزيلندا . وما أن أصبحت في غرفتها حتى امسكت الهاتف ودفتر الاتصالات . كان من السهل عليها إيجاد بيهوبس للسياحة . للحظة شعرت بقلبها يضطرب . تلك المقدمة , مع كل ما تحتويه , اكدت لها الفرق الشاسع بينها وبين غاي , وعن كل الناس العاديين الذين يخسرون اعمالهم عندما تبدا المؤسسات الضخمة باللعب منذ البداية لاحظت الهالة غير المرئية من القوة التي تحيط به ومعظمها تدل علي شخصيته الطبيعية , لكن هذه السلطة والقوة قد تصبح مميزة ولا تقاوم إذا نشات في احضان عائلة مهمة .
كيف يمكن لها أن تفكر أنها تستطيع أن تضع أي ضغط عليه ؟
اهتزت ثقتها بنفسها , لكنها اصرت علي المتابعة . فالعودة إلي فارويندز من دون حتى المحاولة أمر لا تستطيع التفكير به . آه , من المحتمل أنها لن تشكل أي فرق للقادم والمحتم , لكن علي الأقل عليه أن يواجه ما الذي فعله لكل شخص في فارويندز , وهذا لن يحدث ألا إذا فعلت ذلك بنفسها . ضغطت علي أسنانها , وتابعت البحث.
بحثت عن اسمه وعن رقم خاص به , لكن لم يكن هناك أي رقم . ما الذي ستفعله , قررت أخيرا , أن تتصل بيهوبس للسياحة وتسال عن موعد معه.
ماذا إذا سألوها لماذا تريد رؤيته؟
أبعدت التجهم عن وجهها بعد الاتصال الثالث والذي كان يبدو سهلا جدا في باي اوف ايلندز فجأة شعرت بالخوف من مواجهة الفشل . بإمكانها القول أنها تريد التحدث عن فارويندز . لكن أن قالت ذلك ستنذره , وقد يرفض رؤيتها . باختصار قررت أن تقول أنها تتمنى رؤيته في مسالة شخصية . رفعت رأسها وضاقت شفتيها وهي تشعر بالكبرياء , فقد يعتقد أنها تلاحقه .
لذلك عليها أن تقول امرا يتعلق بالعمل , واذا سالت السكرتيرة أو موظفة الاستقبال أو أي كان المزيد ستكرر ببساطة جملتها بحزم , وتضيف أن الامر مهم .
وفي حال انعقد لسانها كتبت ما تريد قوله . ما أن أصبحت متسلحة بما ستقوله اتصلت بالرقم . الخوف واحساس بالقلق ممتزجين بالغضب ومرارة الخيانة جعلها تشعر بفوارق من العاطفة في داخلها .
كانت تشعر بالاحراج تماما كما فكرت سيحدث لها, . بدت عاملة الهاتف غير مكترثة وحتى موظفة الاستقبال , لكن عندما قالت بتهذيب وبجراة أنها بحاجة لرؤية السيد لوريمر تحولت مخابرتها إلي امرأة صوتها بارد.
هذه المرآة , ومن المفترض بعد أن تحدثت معه , عادت لتقول أن السيد لوريمر سيراها في غضون نصف ساعة .
وضعت الهاتف جانبا ونظرت إلي نفسها . مازالت ترتدي الجينز والقميص القصير الاكمام التي سافرت بها, اضاعت عشر ثوان لتفتح خزانتها وتنظر إلي محتوياتها .الفستان الوحيد اللائق كان مجعدا , بسرعة اتصلت بمكتب الاستقبال , وعلمت أن سيارة الاجرة بحاجة إلي خمسة عشر دقيقة لتوصلها إلي مكاتب بيهوبس , فسالتهم أن يؤمنوا لها سيارة علي الفور . عليها أن تذهب كما هي . لكن اولا ستغتسل بسرعة وستبدل قميصها قبل أن تضع قليلا من احمر الشفاه علي شفتيها وتصفف شعرها قليلا .
تقريبا بعد مرور نصف ساعة بالتحديد كانت تدخل إلي مكتب غاي والذي يطل علي المدينة برفقة امرأة بغاية الاناقة في الثلاثينات من عمرها , وقد عمدت علي اخفاء دهشتها عندما نظرت إلي ميكي .
كانت ميكي متأثرة جدا بالترف الزائد للمبنى الضخم , وظهر التوتر علي وجهها . نهض غاي علي الفور ما أن دخلت في ذلك المحيط الثري . كان غريبا جدا بدلة العمل تعطيه مظهرا بعيدا عن الغريب الفاتن الذي امضى عدة ايام في فارويندز.
قال وعيناه تنظران بقوة واهتمام إلي وجهها : (( شكرا لك , شيلا , ميكي, كيف الحال؟))
(( أنني بخير , شكرا لك .)) كانت تعلم أن صوتها بارد جدا . لكن أن سمحت لأي عاطفة أن تظهر فهي لا تعتقد انه سيتحمل ذلك . فالكره والغضب واليأس , هذا كل ما تشعر به .
سألها وهو يراقبها من تحت رموشه : (( إلي ماذا افسر سبب هذه الزيارة السعيدة ؟))
قالت بوضوح : (( اعتقد انك مدين لي بشيء ما , ففي النهاية , لقد وضعت الحد الفاصل لعملي .))
لم يتحرك , لكن عينيه ضاقتا أكثر فلم تستطع ألا أن ترى لونا فضيا تحت تلك الرموش السوداء الكثيفة : (( متى علمت ؟))
(( وهل هذا يشكل فرقا ؟)) لم تحاول أن تخفي المرارة في صوتها .
قال بدون أي عاطفة : (( نعم , كيف عرفت من اشترى الجزيرة ؟ هل اخبرك المحامون في الشركة ؟))
(( لا , رسالتهم تقول أن الجزيرة قد بيعت وان لهاري ستة أشهر فقط ليرحل . لدى هاري صديق في مجلس البلدية وقد اكتشف انك أنت من طلبت السماح بالشراء .))
(( فهمت.))
شعرت ميكي بإحساس من الخوف . ما كان عليها اخباره بذلك , وبسرعة تابعت : (( لكن هذا لا يهم , لأنها كنا سنعلم عما قريب .))
سألها بصوت ناعم : (( وما علاقتك أنت بكل هذا ؟))
(( أتيت لأسألك ما الذي تريد القيام به ؟ )) أنها تكره ذلك , لكنها لا تستطيع أن تخفي لهجة الرجاء في صوتها .
قال بهدوء وبطريقة عمليه : (( هذا يعود إلي مجرى الأعمال ميكي .))
عضت علي شفتها . ما أن سارت داخل مكتبه ورات الغريب الواقف أمامها حتى علمت أنها في مهمة لا جدوى منها , لكن عليها أن تجعله يفهم ما الذي يقوم به , بدأت بالتحدث ثانيه : (( معظم الناس الذين يعملون هناك ليس لديهم امل بايجاد عمل جديد . عدد كبير منهم هناك لان هاري يملك قلبا حنونا وهو يشعر بالاسى نحوهم .))
(( إذا ماذا تتوقعين مني أن افعل ؟))
(( لا يمكنك أن ترميهم خارجا بدون عمل واتقضي علي حياتهم .))
ساد الصمت للحظة , حتى قال بصوت فرح : (( مازلت لا استطيع رؤية ماذا تريدين مني أن افعل . لو أن هاري بذل المزيد من الاهتمام للعمل بدلا من العيش في الاحلام طوال الأيام بشان جزيرته الساحرة ربما كان في مركز أفضل ليتمكن من الاهتمام بهؤلاء العمال الذين تقولين انه يهتم بشانهم . ماذا عن اموال الصرف من الخدمة ؟))
قرا جوابا عن سؤاله علي وجهها . أصبحت تعابير وجهه قاسية لكن عندما تكلم كانت لهجته مخيبة للامال , ومتعمدا لدرجة أنها تراجعت خطوة إلي الوراء : (( إذا هو أيضا تهرب من التعويضات لعماله , وكما قلت , لان معظمهم كانوا ممتنين لحصولهم علي راتب مقابل اقل ما يمكن من العمل , لكنه سيتمكن من الهرب من دون أن يدفع لهم أي تعويض علي الاطلاق . ربما هناك ما يقال علي فلسفة هاري الواضحة في الاحسان , في النهاية .))
قالت ببرودة : (( أنت لا تعلم عما تتحدث , ما كان علي القدوم إلي هنا .))
(( لا, ما كان عليك . فانا لست وكالة خيرية , ميكي. وأنا لست مسؤولا عن الاغبياء الذين لا يستفيدون من القوانين التي تضعها الحكومة لحماية الأشخاص مثلهم . أنها غلطتهم بان يجدوا انفسهم في هذا الوضع التعس.))
كان يتكلم ببرودة وهدوء , وبدون أي تظاهر من التعاطف .
شعرت ميكي بقلبها ينسحق ويتحول إلي اشلاء : (( لا , أنت لست وكالة خيرية , أنت عديم الرحمة, مخادع , بارد القلب ومتوحش . أتمنى أن يفشل مشروعك .))
شيء ما كريه لمع في عينيه , قال بنعومة : (( لن يحدث ذلك , فانا لا اقبل الفشل .))
بقيت علي موقفها , ولكن بصعوبة . هذا الرجل حقا غريب مخيف , ومختلف جدا عن الرجل الذي تعرفت عليه في فارويندز حتى بدا لها أن لا علاقة مطلقا بين الرجلين .
قالت: هل تعلم أن ليس بوسع هاري أن يطلب أي تعويض من الشركة ؟))
ضحك بدون مرح وقال : (( لماذا يجب أن يحصل علي أي تعويض ؟ ومن اجل ماذا ؟ لقد ترك المكان ينحدر حتى كاد أن ينهار , وعلم رغم أن الإيجار واضح أن عليه صيانة الفندق . لأنه كان يدفع فتات المال من اجل الابحار لمدة عشرين سنة الأخيرة , ومع ذلك لم يحتفظ بأي مبلغ من المال من اجل العيش بكرامة في اواخر ايامه . واجهي الامر , ميكي ,قد يكون ذكيا ومسليا , لكنه يستعمل الناس . فمنذ أن استلم زمام الأمور في فارويندز وهو يستمتع بحياته , ولم يفعل اقل مجهود ممكن للاحتفاظ بالمكان في حالة مقبولة .))
ابتسامتها كانت ساخرة وبمرارة : (( مازلت لا تفهم الامر علي ما يبدو . ولا اعتقد انك قابلت يوما شخصا مثل هاري من قبل . انه لمسة ناعمة , محسن بكل ما في الكلمة من معنى . من المحتمل أن ليس هناك احد في الخليج لم يستدن منه ولم يتمكن أبدا من إعادته . وهو يساعد الأطفال في كل أرجاء العالم ....))
يد نحيلة اوقفتها عن متابعة الكلام , قال بحدة: (( إذن دعي الناس الذين استدانوا منه المال إنقاذه من هذه الورطة , ولسنوات العشر الأخيرة كان يعلم أن الشركة أكثر من سعيدة أن تمكنت من بيع الجزيرة . لقد اعتقد انه يمسك بهم , ولقد ترك المباني تنهار لدرجة أنها بحاجة لمال أكثر من المكان لتتمكن من إعادة العمل ليصبح منتجا. كان متأكدا أن لا احد قد يرغب في شراء الجزيرة أو العمل بالكامل . لا يمكن أن يتوقع اللعب مع الكبار ثم يقول هذه مخالفة لقواعد اللعب عندها لا تاتي الأمور كما يريدها.))
(( إذا الأمر بالنسبة إليك مجرد عمل فقط ! )) كانت مستاءة وبشكل واضح , وغاضبة لدرجة أن الكلمات كانت تخرج من فمها بدون تردد: (( هاري ليس كذلك , انه لطيف , كريم , حسنا , انه ليس أفضل رجل أعمال وقد يكون متفائلا بحماقة , لكنه لا يستغل أحدا. قساوة قلبك أعمتك عن رؤية حقيقة الرجل . هاري وعدد من الأشخاص في فارويندز أصبحوا عجائز ولن يحصلوا علي أي شيء عندما يغادروا . فما الذي سيفعلونه ؟ والي أين سيذهبون؟
(( أنا لا اعرف ولا اهتم . هذه مسؤولية هاري , وشيء علي أن أضيفه , كان عليه أن يفكر بذلك منذ سنوات عندما ترك الفندق ينهار حتى الحضيض .))
تنفست ميكي بألم وسارت نحو الباب , قالت بغضب : (( كنت اعلم انك جدير بالازدراء , لكنني لم اعلم إلي أي درجة أنت كذلك .))
ابتسامته أظهرت أسنانا قوية بيضاء , قال وهو يسخر منها : (( وأنت لم تري عندما أحاول , أعطني نصف فرصة , وسأكون أسوء من ذلك بكثير .))
(( إني متأكدة من ذلك .)) سارت علي السجادة الكثيفة , والتي حصل علي ثمنها بدون شك من الناس الذين افسد حياتهم , تساءلت بقسوة كيف يمكن أن تغرم برجل يقود خطاه فوق الجميع بدون أي أحساس بالندم .
قال بصوت ناعم كالحرير : (( بالطبع , يمكن أن يتم اقناعي .))
رفعت ميكي رأسها إلي أعلى وكأن أحدا قد ضربها علي ذقنها , قالت بصوت حزين : (( لتقوم بماذا ؟))
(( آه , لنرى أن كنا نستطيع تقديم أي تعويض مالي , ربما .))
لم تجرؤ علي ادارة رأسها قالت : (( اقناعك , بماذا ؟))
قال بهدوء : (( حسنا , ما رأيك بمرافقتي إلي العشاء الليلة؟))
شعرت بالرعب وهي تدرك أنها راغبة بذلك . شعرت بالمرض من عواطفها الخائنة , قالت بدون اهتمام : (( أفضل تناول العشاء مع الذئاب في حديقة الحيوانات . شكرا لك .))
(( أمر مؤسف . فأنت لا تستطيعين أقناعهم بالقيام بأي شيء من اجل الناس أنت قلقة بشأنهم , بينما يمكنك أقناعي .))
أمرت نفسها , تابعي سيرك لا تصغي إلي إغوائه, فقط ضعي قدما أمام الأخرى تابعي سيرك بعيدا عن هنا والي الأبد, لكن قدمها لم تتحرك , واليد التي وضعتها علي مسكة الباب بقيت جامدة من دون أن تفتحه .
سألت : (( كيف؟))
لم يكن بإمكانها أن تراه , لكنها شعرت بابتسامته في صوته : (( عليك فقط أن تنتظري لتري , أليس كذلك؟))
قالت بهدوء : (( لا , لن اسمح لك بالتلاعب بي أكثر. إذا كنت تريد أن تجري اتفاقا , فعليك أن تخبرني ما هو؟))
(( متى تلاعبت بك؟))
أدارت رأسها , ونظرت بعينين لا لون فيهما : (( اعتقدت أنني ابنة هاري . ولهذا السبب , اعتقدت انك قد تعرف الأشياء مني .))
قال : (( لقد فكرت بهذه الأمور كثيرا , أليس كذلك ؟)) لم تظهر أي عاطفة علي وجهه : (( هذا لا يهم , فأنت لست ابنة هاري . لكن أن خرجت معي للعشاء الليلة , سأعمل بكل تأكيد علي دفع تعويضات لكل فريق العمل .))
هزت رأسها , وقالت بصوت ساخر : (( أنت لا تفهم . هذه ليست مسألة تتعلق ببعض مئات الدولارات .))
(( لا بد أنني سأكون غليظ الفهم أن لم أدرك ذلك . لقد كنت واضحة جدا بشأنهم . وأنا استطيع مساعدتهم , ميكي. لدي السلطة والقدرة .))
نعم , لديه السلطة والقدرة , لقد شعرت بذلك عندما دخلت إلي مكتبه , السلطة واضحة بقوة وبعداوة شرسة كالفولاذ , ويستعملها كسلاح .
انه شاب , لكن جده أسطورة , وربي غاي ليسير علي خطاه .
وجه نولا المليء باليأس , مازال واضحا في مخيلتها .
فكرت بانزعاج , وبكل الأحوال , فما معناه أنها تحبه وتحتقره معا وان كل لحظة تمضيها معه هي الم نادر؟ علي احد أن يجني شيئا من ألمها . وببطء هزت رأسها.
قال بصوت متعال : (( أين تقيمين ؟ سأذهب لاصطحابك عند الساعة السابعة ونصف ؟))
وبصوت هادئ أعطته العنوان .
قال بضيق : (( أنها ليست منطقة صحية .))
(( لا باس بها . وأنا لن أجول في الشوارع في الليل , كما وان الفندق نظيف ومريح .))
(( حقا ؟)) تغيرت لهجته عندما اقترب منها , أدارها لمواجهته . نظر إلي قميصها وبنطالها وتابع : (( ارتدي ثيابا أكثر أناقة من هذه الملابس , ميكي .))
رفعت ذقنها , قالت بصوت مهذب : (( نعم , بالطبع إلي اللقاء .))
ضحك وامسك بذقنها ليقول بنعومة : (( انظري إلي ارفعي تلك الرموش الطويلة وانظري إلي .))
احتاجت لكل أرادتها لتفعل ذلك . حدقت به بقوة . شيء ما في تلك العينين الزرقاوين امتلأ بالحياة, فأغمضت عينيها ثانية .
عانقها بقوة وقال : (( لا يمكنك الهرب مني .)) كانت عداوته واضحة .
اتسعت عيناها وتراجعت خطوة إلي الوراء . كبس غاي زرا , وقال عندما فتح الباب : (( شيلا , اطلبي سيارة أجرة للآنسة كريستوفر , أيمكنك ذلك ؟ وتأكدي أنها صعدت إليها .))
وهذا ما فعلته المراة بمرافقة ميكي إلي المصعد ومن ثم إلي قاعة الاستقبال الواسعة والي سيارة الأجرة . كانت تبدو سعيدة وحديثها مهذبا . لسوء الحظ لم تستطع الرد بأي شيء ألا سلاما بسيطا جعلها تبدو فظة وغامضة .
إلي أين سيأخذها لتناول العشاء ؟ من الحماقة أن تقلق علي أمر سخيف كهذا في حين أن قلبها ستقطع إلي أجزاء في صدرها , لكن في التركيز علي ثيابها ستشغل نفسها عن حزنها . والسير في المبنى افهمها أن الفستان في خزانتها ليس أنيقا أبدا ولا يتعدى كونه للعمل في الحديقة .
لن تدفع المال لشراء فستان ليست بحاجة له فميزانيتها متواضعة جدا ولا تسمح لها , لكن .....
فكرت بغضب , أنها تدين بذلك لنفسها , لتبدو واثقة وبسيطرة كاملة علي السهرة . هذا سبب مقنع لشراء فستان جديد وأكثر من رغبتها الغبية أن تبدو جميلة أمامه.
انحنت إلي الأمام وسألت سائقة السيارة : (( أين استطيع أن أجد فستانا جميلا , وليس باهظ الثمن ؟))
قالت المرآة : (( هناك الكثير من الأماكن , عزيزتي , لكن فتياتي تذهبن دائما إلي أمبوريم في هاي ستريت . يمكنك الحصول علي ثياب رائعة بأسعار اقل من الكلفة , والعمال هناك لطفاء ويرغبون بالمساعدة .))
(( هل يمكنك إيصالي إلي هناك ؟))
(( نعم , بالطبع سأفعل .))
عندما وصلتا إلي هناك أرادت ميكي أن تدفع لها , لكن المرآة ضحكت وقالت : (( لا , لقد تم دفع الأجرة , عزيزتي والآن, اشتري لنفسك فستانا جميلا .))
أقنعتها العاملة هناك , وهي فتاة نحيلة الجسم أنيقة المظهر , لتختار فستانا زهري داكن اللون , فستانا ناعما وهناك قماش من الدانتيل علي صدره وخصره الضيق بينما تنورته واسعة. اللون الزهري أعطى دفئا وعمقا لبشرتها البرونزية وتناقضا رائعا مع شعرها الأسود وعينيها الشاحبتين . وبما انه آخر فصل الصيف فلقد اشترته بأقل من كلفته بكثير.
قالت فتاة المتجر بحماس : (( علمت انه سيبدو رائعا عليك .)) حدقت بها باهتمام وتابعت : (( اسمعي , اشتري احمر شفاه من هذا اللون وضعي ظلال للعينين بلون الخوخ المدخن أو ازرق رمادي وستعملين علي إظهار عينيه من جهة .
قالت ميكي بيأس : (( أريد شراء حذاء .))
(( اذهبي إلي بلاك كورت . لديهم تنزيلات الآن وهم في المتجر المجاور . كما وان المرآة في الصيدلية علي بعد مبنيين ماهرة جدا في أدوات التجميل أو اذهبي إلي سميث كوغاهي واطلبي من واحدة من النساء هناك أن تزين لك وجهك فهن ماهرات جدا .))
شعرت وكأنها دخلت في زوبعة , فاشترت حذاء اسود جميلا , قبل أن تذهب إلي الصيدلية . كادت أن تهرب من رؤية المرآة الجذابة وراء المكتب لكن بعد لحظات من النقاش معها اثبت لها أنها ودود ومثيرة للاهتمام . اقترحت عليها بعض أدوات التجميل المقبولة السعر وعلمتها كيف تستعملها وانتهت بوضع المكياج علي عيني ميكي الجميلتين وعندما نظرت ميكي إلي نفسها في المرآة شهقت من الألوان الممتزجة التي تظهر عينيها بأجمل مظهر.
قالت المرأة بتعجب : (( لديك أجمل عينين , ولا تهتمي بوضع كريم علي وجهك فالبشرة المنعشة والشابة مثل بشرتك ليست بحاجة لأي كريم , لكنني سأضع بعض حمرة الخدود لان خديك لا لون لهما . وهكذا تضعين المسحوق.))
عندما انتهت حدقت ميكي بصورتها بحماسة وقلق غاي سيصاب بالدهشة عندما سيراها . شيء ما اخبرها أن هذا النصر الصغير سيعزز ثقتها بنفسها , ويفقدها توازنه , انه يتوقع الفتاة الريفية التي رآها في الجزيرة ومنذ عدة ساعات , لكنها ستريه أنها تستطيع أن تبدو أفضل من أجمل النساء.
اقتصادية أم لا , كان سعر أدوات التجميل باهظا , ضغطت علي أسنانها , ودفعت المال وحصلت علي حقيبة للشراء ووضعت فيها كل ما اشترته , وسارت نحو موقف الباص . أصبحت جاهزة قبل وصول غاي بعشر دقائق . أمضت الوقت وهي تحدث نفسها بقوة , محاولة أن تقنع نفسها بأنها ستعامله بمزيج من الحذر والتحفظ , لن تسمح لشخصيته المسيطرة أن تجعلها تنسى انه استعملها , وبعد ذلك أضاف علي أخطائه و قساوة قلبه انه ابتزها لتخرج معه. كل الذي عليها أن تفعله أن تتذكر وبصورة دائمة انه مخادع وعديم الضمير.
ستريه أنها غير متأثرة بثروته ومركزه ستريه أنها تحتقره.
عندما وصل كانت تجلس علي كرسي بطريقة مستقيمة , في الصالون , تتظاهر بأنها تقرا مجلة . مجرد رؤيته في بدله للعشاء جعلت قلبها يرتجف .
لكن من الحماس القوي شعرت بأفكارها تلقي بمنطق بارد بثقل عليها . لماذا رجل بكل ما لديه من سلطة ووضع اجتماعي يبتزها لتخرج معه ؟
بالطبع كان الجواب واضحا ومزعجا .
لأنها تحدته , وجعلته يدرك كم تحتقره . رجل نشأ علي الاعتقاد أن كل ما يريده وكل ما يقوم به هو صحيح , رجل مثل غاي , قد يصبح مغرورا ومنتقما عندما يزدريه أحد . وهكذا يعمل علي الانتقام .
قالت لنفسها وهي تنهض , أنها لا تهتم لذلك . فطالما هي تتذكر هاري ونولا وكل فريق العمل في الفندق , بكل جماله ووسامته لن يتمكن من الوصول إليها , فهي تستطيع محاربة أحاسيسها الخائنة .
نظر غاي حوله بسرعة في القاعة الصغيرة , وبدت أفكاره واضحة حول المكان مع أن تعابير وجهه لم تتغير أيضا عندما وقفت أمامه , لكنها شعرت بإعجابه علي الفور.
قال بنعومة : (( تبدين رائعة , وجميلة جدا علي مكان كهذا .))
رفعت ميكي حاجبيها وقالت عن قصد : (( انه مكان نظيف ورخيص , كما وان هاري نصح به .))
شيء ما لمع في أعماق عينيه , لكن ابتسامته لم تتغير قال : (( حقا ؟))
قبلها ورفع رأسها ليراقب انزعاجها وقال : (( لنذهب .)) كان يقود سيارة رياضية من نوع جاغوار . فكرت ميكي , أنها سيارة لشاب يحاول أن يظهر تميزه . كان يقود بمهارة وبسرعة عبر طرقات المدينة نحو الشاطئ , واوقف السيارة في موقف تحت الأرض في مبنى قديم لكن تم تجديده .
سألت بتوتر عندما فتح لها الباب لتخرج : (( إلي أين سنذهب ؟))
ابتسم وامسك بذراعها : (( آه , إلي مكان يطل علي البحر , لا أريدك أن تشعري بالحنين إلي فارويندز .))
مصعد صغير ولكن انيق جدا , نقلهم إلي الطابق الخامس حيث القاعة مفروشة بالسجاد . لم يكن هناك من داع للقول أنها قاعة خاصة حتى تفهم ميكي انه احضرها إلي شقته .
علقت الكلمات في حلقها , ولم تستطع أن تظهر غضبها .
قال وهو يشير إلي النافذة : (( هناك , المنظر جميل كما هو فارويندز , علي ما اعتقد .))
كان المرفا يلمع تحت اشعة الشمس الغاربة وعلي اليسار بدا الجسر الذي ملأ بالانوار الساطعة أمام التلال الخضراء . كانت مياه المرفا تلمع كالفضة السائلة , وكل انوار المدينة تلمع وكأنها في قصة خيالية . وهناك مركب يسير ببطء تحت الفتاة باتجاه الرصيف .
قالت ميكي بهدوء : (( انه جميل , لكن لا يمكنك أن تسمع صوت المياه أو تغريد الطيور .))
(( لا, هذه أوكلاند , في النهاية .)) وتبدل صوته قليلا وهو يتابع : (( هل يمكننا أن ننسى لماذا أنت هنا , ميكي , ونتظاهر قليلا؟ لقد استمتعنا برفقة بعضنا من قبل . فلماذا لا يمكننا أن نفعل ذلك الآن ؟))
قالت بخشونة : (( إني آسفة , لكن ليس لدي ذاكرة متوافقة . وأنا لست هنا لأننا استمتعنا برفقة بعضنا البعض, لكن بسبب انك قلت أن أتيت ستعمل علي مساعدة هاري وباقي الموظفين . هذا كل شيء .))
ضحك بصوت عال وقال : (( حسنا , إذا ماذا تحبين أن تشربي ؟))
قالت بسرعة : (( عصير الليمون .))
(( آه, لدي شراب أفضل .))
رفعت كتفيها بلا مبالاة . راقبته وهو يسير نحو المطبخ ليحضر العصير . كان يبتسم وهو يحضر لها كوبا من الليموناضة , لكنها شعرت بأنه غاضب رغم تظاهرة بعدم الاهتمام .
لا , لم يسامحها علي كلامها القاسي في المكتب , حسنا , لا بأس بذلك , فهي أيضا لم تسامحه .
سال بنعومة : (( لنشرب من اجل ماذا ؟ أنا اعلم , من اجلنا ليحصل كل منا علي ما يستحقه في الحياة .))
تظاهرت ميكي أن ما قاله عادي , قال يسألها : (( والآن , إلي أين تحبين الذهاب إلي العشاء ؟))
هزت ميكي رأسها وقالت بقلق : (( لا اعرف أي مكان هنا.)) وتساءلت ما الذي يفكر فيه .
(( اعتقدت انك قد سمعت بمطعم ما تحبين الذهاب إليه , اعرف مطعما جيدا, اعذريني لحظة لأتمكن من حجز طاولة
هل احضرها إلي منزله ليريها المنظر ؟ أو انه قرر أن يبدل خطته ؟
تظاهرت بالنظر إلي النافذة وهي تكمل العصير .
عضت ميكي علي شفتيها حتى شعرت بالألم , وكانت علي وشك أن تستعيد هدوءها ما أن استدار غاي . تعابير وجهه كانت تراقبها بمرح .
تمنت ميكي لو أنها ارتدت ذلك الثوب القديم . ماذا حصل لها لتقتنع بشراء ثوب رائع كهذا ؟ تفاهة مطلقة وها هي تدفع الثمن الآن . شدت بيدها علي الكوب وهي تنتظر ما الذي سيقوله .
قال بنعومة , من دون أن يبعد عينيه عنها : (( انهي شرابك , وسنذهب .))
إذا كانت ميكي بحاجة لمعلومات عن مركزه في مجتمع أوكلاند فقد حصلت علي ذلك ما أن دخلا المطعم . كان المطعم صغيرا , أنيقا جدا , كما وانه مليء بالزبائن . كانت تعلم أنها لا تليق بهذا المكان , ومع ذلك أدركت انه من غير الممكن لأي كان أن يتمكن من حجز طاولة في هذا المكان في ذلك الوقت القليل, ألا الذين ينتمون إليه وحيث سار امامهم رئيس الخدم إلي طاولة بعيد وراء ستار صيني رائع .
واذا لم يكن هذا كافيا فنظرات الزبائن تبوح بذلك . فعلى كل وجه تقريبا كانت هناك علامات من المعرفة لغاي , وقد ابتسم فعلا أو اوما براسه لعدد منهم واجاباتهم كانت فورية وغير حذرة . من الواضح أن غاي لوريمر معروفا جدا ومحترما أيضا . تجاهلت ميكي النظرات المتسائلة الموجهة نحوها . قالت لقلبها المتالم , لديها عدة ساعات فقط لتتخلص مما هي عليه وبعدها يمكنها أن تبدأ بنسيانه .
كان الطعام رائعا . اختارت ميكي لحما مع صلصة التوت البري , وقالت لنفسها انه من المحتمل أن لا تاكل أبدا في مطعم كهذا مرة ثانية , فاجبرت نفسها علي الاستمتاع بالطعام الشهي , وتذوقت بفرح اطعمة متنوعة.
وتقريبا في منتصف الوجبة وجدت نفسها تستمتع بالعشاء . كان عليها أن تكون باردة ومنعزلة من ذلك التصرف المخادع , وبدلا من ذلك , قررت التعامل مع تصرفاتها في الغد . فالليلة امسية خارج الزمن .
الليلة لها , قصة خيالية , فهي السندريلا وكل ما يحيط بها, وهي ستستمتع بذلك . الندم والغضب بامكانهما الانتظار .
شعرت بالسرور لأنها اشترت الفستان , وان عينيها تلمعان وخديها تتوهجان , لأنه عندما ينظر إليها يبدو معجبا بما يراه , وهي تعلم بذلك قد تكون ساذجة بالمطلق عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين الجنسين , لكن في هذه الأمور الحدس اهم من التجربة , ومع كل الحياة المترفة التي يعيشها لم يستطع غاي أن يخفي إعجابه الطبيعي بها . قال عندما انتهيا من تناول العشاء : (( مازال الوقت باكرا لنرحل .))
قالت ميكي وهي مفاجئة : (( أنها الساعة الحادية عشر .))
(( اعلم , مازال الوقت باكرا جدا , واعلم إلي أين سنذهب .))
ذهبا إلي ناد ليلي . في البداية شعرت ميكي بخيبة أمل لان المكان مليء بالضجة , ولم يكن هناك من مجال ليتحدثا , لكنها أدركت أن هناك وسيلة أخرى وهي الرقص , وفكرت بعد ساعة أنها كانت ترقص وكأنها في عالم الاحلام .
لقد ذهبت إلي كوكب آخر من الوجود , حيث كل أحاسيسها قد امتلات فرحا وحماسة , لم يتحدثا كثيرا , فقط رقصا حتى أصبحت الموسيقى جزء منهما.
همست : (( أصبحنا في الغد .))
قال غاي : (( لنذهب .))
سارت معه بهدوء , عبر الطريق الرائعة في تلك المدينة المجهولة بالنسبة لها. كان وجهها يشع بعاطفة لم تعد تشعر بالانزعاج من إظهارها . وعندما امسك غاي بيدها تركتها في دفء يده القوية . ومع خطى أقدامهما علي الممر كان يجاري دقات قلبها المتسارعة .
ما أن وضع المفتاح في قفل المحرك في السيارة حتى نظر إليها قبل أن ينطلق . ابتسمت ميكي , فقال بصعوبة : (( لا تنظري إلي هكذا .))
شعرت بفرح وسألته : (( وكيف انظر إليك ؟ ))
(( وكأنك تشعرين تماما بما اشعر به .))
(( وكيف تشعر ؟))
لمعت عيناه بقوة, وقال بصوت هادئ : (( وكأنك ضائعة في قصة خيالية وفي عالم سحري.))
قالت موافقة وهي تبتسم : (( نعم , هذا تماما ما اشعر به.))
قال بعد أن تلفظ ببعض الكلمات المتسائلة : (( علينا أن نذهب من هنا.)) وأخذها إلي شقته , لم يتكلما , ضمها إليه وغابا معا في عناق كبير.
بعد فترة من الوقت قال لها بصراحة : (( لست بحاجة لتقلقي علي أصدقائك بعد الذي حدث بيننا .))
الألم كان باردا وقاسيا في صدرها وفي حلقها منعها من الإجابة . قالت بألم : (( هل تعتقد انه بسببهم ...؟))
قال بدون أي اهتمام : (( حصل ما حدث بيننا , أن لم يكن من اجلهم فلاجل ماذا , ميكي ؟ ففي النهاية ,بالكاد نعرف بعضنا البعض .))
كان يقتلها , لكن ماذا بإمكانها أن تجيب؟ أنها فعلت ذلك لأنها تحبه ؟ ابتعدت عنه , قال : (( إلي أين أنت ذاهبة ؟))
همست لان في الهمس لا يظهر أي تعبير للالم أو للصدمة أو للحزن : (( أريد أن أعود إلي الفندق .))
(( سأخذك بنفسي .))
(( لا.))
لكنه أوصلها إلي الفندق . وبينما كان يغادر قال بسخرية : (( أتمنى أن تتمتعي في زيارتك في هذه المدينة الكبيرة , ميكي . وإذا قررت الانتقال إلي هنا....))
لم تستطع تحمل كلامه فقالت بهدوء : (( اشك أن يحدث ذلك مطلقا .))
لمعت أسنانه من خلال ابتسامته وهو يقول : (( لا, وماذا ستفعلين أن طلبت منك ذلك , ميكي ؟))
قالت وهي تدير رأسها : (( سأقول لك أنا لا أحب المدن .))
(( أنت فتاة ريفية إلي حد بعيد .))
هو يقصد ساذجة حمقاء ومن السهل السيطرة عليها لأنها غبية . قالت : (( نعم .)) وسارت عبر الباب واغلقته وراءها.
عادت إلي منزلها في صباح اليوم التالي عند الساعة الثامنة صباحا , أقلتها سيارة الأجرة إلي المحطة بعد نصف ساعة فقط , بعد أن أغلقت الباب وراءه .
في ذات المساء اخبر هاري الموظفين أن هناك مفاوضات مع المالكين الجدد بشان التعويضات المالية .
بقيت ميكي في الفندق , وقد أشغلت نفسها بالعمل حتى الإرهاق , حتى انتهت المفاوضات . عندها حزمت كل شيء تملكه وأرسلتهم إلي راسيل لتتمم تخزينهم في مرآب عند صديقة قديمة لوالدتها.
بعد مرور أسبوع واحد أطلق هاري النار علي نفسه وانتحر . وعملت ميكي علي دفنه بجانب دودو , وبعد ذلك سحبت ما يكفي من المال من المصرف لتذهب إلي هاملتون , بعيدا عن غاي بقدر ما تستطيع أن تبتعد . هناك بقيت في منتجع للنساء بينما كانت تبحث عن عمل . كانت تعمل لمدة ثلاثة أشهر عندما رأت في الجريدة صورة لغاي وبرفقته امرأة جميلة جدا, وخبر عن خطوبتهما .


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 05:00 PM   #7

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الـــفـــصـــل الـــــســـادس

سبع سنوات مضت ولم تشكل أي فرق بالنسبة الي راسيل . ميكي هي من تغيرت , فالنظرات الغامضة التي تحصل عليها عندما تبتسم للوجوه التي تعرفها اكبر دليل علي تغيرها.
بالنسبة اليها تلك السنين السبع كانت مليئة بالعمل, وقد حصلت علي ثمرات عملها . وهذا هو السبب انها مرت بسرعة بدون شك , ما عدا السنة الاولى . فقلبها المحطم احتاج لكل ذلك الوقت , ليغرق في الفراغ من البؤس الغامض .
مع ذلك , تخطت حزنها , تماما كما تخطت كونها ولدت ونشات في الحضيض . مررت ميكي يدها في لفائف شعرها الذي قص علي احدث طراز حول وجهها الجميل . سبع سنوات ! انها حياة باكملها.
ابتسامة صغيرة ساخرة ظهرت علي فمها . من المؤكد ان غاي لن يجدها ساذجة كما كانت في ذلك الصيف القديم .هؤلاء السنوات السبع وحاجة ملحة لتطوير نفسها, جعلتها تصقل شخصيتها وتوصلها الي معرفة الحياة بشكل افضل.
ايجادها لعمل كان في منتهى الصعوبة , لكنها عملت علي ذلك واستمتعت به . كانت والدتها معتادة علي القول انه عندما يقفل بابا فان باب اخر يفتح . وكانت ميكي دائما تفكر ان هذا مجرد مثل يتعلق بالافكار, أي رغبة في التطور والنضوج , لكن احيانا يبدو انه حقيقي من الناحية العلمية ايضا.
وهذا ما حدث معها بالتحديد . لكن هذا حدث في حياتها السابقة , الحياة الحقيقية التي كانت بانتظارها عندما تذهب الي اوكلاند . لثلاثة اسابيع قادمة ستبقى في باي اوف ايلندز . وهي الزيارة الاولى التي تعود فيها الي هنا. لسنوات حاولت ان لا تفكر في المكان الذي نشات فيه , حتى ادركت في النهاية انها بذلك تغلق نفسها عن جزء مهم جدا في حياتها.
ما ان فهمت ذلك , حتى فهمت ايضا ان رفضها للتعامل مع ماضيها يفسر سبب انها لم تغرم ثانية , ولم تجد رجلا يؤثر فيها كما فعل غاي . كانت تجد صداقة الرجال امر سهل , لكن متى حاول أي رجل ان يتخطى الحاجز غير المرئي بين الصداقة والانجذاب كانت تتراجع وراء حواجز عالية لاتزال غير مخترقة .
كانت سعيدة في تلك السنين الماضية , لكن كان هناك دائما في اعماق افكارها معرفة ان ذلك الجزء من حياتها لم يحل ولهذا اتت الي هنا لتنتهي من كل تلك العوائق ولتغلق باب الماضي نهائيا . هذه العطلة يجب ان تكون راحة لها.
لم تعرف ان كانت هي من استجمعت شجاعتها لتعود الي هنا او ان وكيلة بيع الاراضي هنا قد قدمت لها عرضا لبيع المنزل الصغير لجدها. كما وانها لا تعلم ايضا ان كانت ستبيع الارض والمنزل . فهذا هو اخر رباط لها مع جديها ووالدتها.
في الواقع لقد اخذت هذه الفرصة لتاتي قبل اسبوع واحد من الموعد المحدد وهكذا ستحظى بمزيد من الوقت لتفكر بما ستفعله .
اغلقت باب المنزل الصغير وراءها , تنفست ميكي بعمق , واستنشقت العطر غير المنسي للبحر والاعشاب والزهور , مع رائحة خفيفة لكريم الواقي من الشمس شعرت بالم في روحها, لم تكن تدرك كم كانت تفتقد لكل هذا, وكم هي كبيرة الحصة التي لا تزال هنا من روحها . بعد ان قتل هاري نفسه هربت من الخليج وكانه ارض مليئة بالسموم , لكن في اعماق قلبها كانت تحمله كجوهرة مخبئة في داخلها.
ابتسمت , وسارت ببطء عبر الشارع الضيق , مستمتعة برؤية الناس وهم يضحكون ويصرخون ويتناولون المثلجات وهم يسيرون علي الشاطىء . وعلي مضض يبتعدون عن الطريق من اجل السيارات القليلة المارة .
بعد مرور سبع سنوات مازالت ذاتها البيوت الخشبية المدهونة في وسط الحدائق حيث الزهور المتنوعة بالوانها واشكالها , والوجود الكثير لاشجار الموز واشجار نيوزيلندا الدائمة .
استدارت ميكي نحو الرصيف , لتنظر الي اليخوت والمراكب في الخليج . علي واحد من المراكب الكبيرة والفخمة , وقف رجل وقد ادار ظهرة للمارين وهو ينظر عبر الخليج .
طويل القامة عريض الكتفين , وقدرفع راسه عاليا ينم علي شخصية متملكة . اشعة الشمس الذهبية علي بشرته السمراء تظهر جسمه القوي المعتاد علي العمل اليدوي او الرياضة , فكرت ميكي , وهي تشعر بالقلق من هذا الاضطراب العميق في داخلها . بامكان الرجل ان يكون عارض ازياء . فهو بدون شك يبدو وكانه قد صور علي غلاف مجلة مشهورة او في استديو للتلفزيون . ذلك الحضور القوي , ممزوجا مع الغنى الفاحش الذي يقف عليه , مضاف اليه شيء ثري ونادر , شيء يبدو خارجا عن المالوف في راسيل .ومن وراء نظرات ميكي الداكنتين حدقت به وهو يقف بكبرياء متاكد من نفسه وقد زاد ذلك الاحساس المضطرب في داخلها.
ادار الرجل راسه واغمضت ميكي عينيها وهي تخنق اهة في صدرها . شيء ما غريب وغير عادي حدث لها وللحظة كادت ان تعتقد وكانها تعرضت الي هجوم , لكن الاحساس بالخطر الذي سيطر عليها كان فعلا غريبا جدا.
غاي!
لم تحاول مرة ان تتهرب من موقف تحد, ومع ذلك وجدت ميكي نفسها تسير بسرعة الي الناحية الجانبية وبذلك لتتمكن من الاختباء وراء بعض المارة من عيني غاي الحادتين .
انحنى غاي ليمسك بمنشفة قبل ان ينزل الي الغرفة , حيث وبدون شك زوجته بانتظاره . العضلات القوية الناعمة تحت اشعة الشمس القوية جعلت ميكي تبتلع غصة كبيرة . علي الاقل لم يتعرف عليها. لابد ان حساسيتها المفرطة التي جعلتها تتخيل انها شعرت بقوة ان نظراته القوية كانت مركزة عليها طوال الطريق وهي تسير مبتعدة عن الرصيف . لقد نزال الي الاسفل , لذلك من المؤكد انه لا يراقبها . لكن ما الذي يفعله في راسيل ؟ امسك الرعب بمعدتها وشعرت بالغثيان . لماذا ؟ اه , لماذا قررت القدوم قبل اسبوع مما اتفقت عليه ؟ عندما اتصلت صاحبة المنزل لتقول ان هناك الغاء تم للمنزل للاسبوع الاخير؟ فلما لم تقل لا ؟
فكرت , ان الهدف يجب ان يكون , ان لا تغير ترتيب عطلتها , وهي تسير عبر الحشد الكبير علي الرصيف .
ما ان تمكنت من التراجع حتى بذلت ميكي جهدا قويا لتتمكن من التفكير بطريقة متماسكة , لكن في ظل اخر شجرة , وتقريبا كانها مخباة في جذعها الواسع , استدارت لتحدق بخليج , وعيناها تبحثان عن القارب المميز . للحظة غابت عيناها تحت الذكريات القديمة والتي اخفت اللون والحياة من النهار.
لقد تحملت السنة الاولى بعيدا عن الخليج بشوق مخيف , وهي خائفة انها قد تراه, وهي تعيش بامل مستحيل بانه يوما ما سيجدها , ويقول لها ان كل ما حدث مجرد خطا وانه لم يعد مخطوبا لاحد وانه يحبها , هل حينها ستسامحه؟
وبشكل محتم , املها الحزين مات , وقد وضعت الماضي بحزم وراءها وتابعت حياتها. السنوات الماضية اقنعتها انها تخطت من سرعة تاثرها , حتى تلك اللحظات علي الرصيف والتي اظهرت بوضوح كم كانت مخطئة . ما الذي يفعله هنا ؟ وما الذي ستفعله ان صادفته وجها لوجة؟
كانت اصابعها ترتجف وهي تدفع بوابة منزلها, رمشت بعينيها لتتخلص من الدموع التي تشكلت تحت رموشها .
وبراحة لا تقدر , دخلت الي شقتها الباردة , واغلقت الباب وراءها .
نظرت الي ساعتها وعلمت انه مر وقت الغداء , لكن أي شهية كانت تملكها قد فقدتها الان , اختفت لدى رؤية غاي لوريمر . رفعت ذقنها الصغير عاليا مصدومة ام لا, ستاكل . لن تسمح له ان يفقدها الشهية مرة اخرى ابدا . لكن ما ان اصبحت في المطبخ وفتحت باب البراد حتى حدقت بانزعاج بالطعام الموجود في الداخل.
قطعت بحدة حبة افوكادو , وارتجفت عندما انزلق السكين علي الطاولة الحجرية . حركت يديها بسرعة فقطعت الفاكهة الي نصفين .
انه يبدو اكبر, ومن المؤكد ليس اطول او اكثر سمنة , فهو لا يزال رشيقا ومرنا كما كان منذ سبع سنوات .
انسيه , امرت ميكي دماغها, انه الماضي . وبذقن مرفوع وضعت الطاولة خارجا علي الشرفة التي تطل علي الحديقة , في مكان جزء منه بعيدا عن حرارة الشمس ومظلل بواسطة الاوراق الخضراء والزهور البيضاء لشجرة الياسمين. رائحتها العطرة تدخل الي ذاكرتها وتعيدها الي كل تلك السنوات . أي صدفة سيئة دفعتها للقدوم مع وجود غاي هنا ايضا؟
قالت بصوت عال : (( توقفي عن ذلك , فقط توقفي عن التفكير به ,أيتها الحمقاء!))
ما ان تناولت القضمة الاولى من السلطة حتى قرع شخص ما علي الباب . ومع ان لا احد من الشارع يستطيع رؤيتها , تجمدت ميكي مكانها . رعب كامل لا داع له جعلها ترغب في الهروب , لتنقذ نفسها من العيون المترقبة .
لقد تعرف عليها . ولا بد انه راقبها كل الطريق حتى منزلها , ولاحظ المنزل الذي دخلت اليه . كونه غاي , لن يرحل قبل ان يحصل علي ما اتى من اجلة . بذلت مجهودا قويا , وقفت وقد غطت ملامح وجهها المضطربة بقناع من التهذيب وعدم الاهتمام , سارت عبر شقتها الصغيرة وفتحت الباب .
كان يرتدي بنطالا قطنيا وقميصا قطنية رائعة وقد رفع كميه الي كوعيه , لم يقل غاي شيئا , فقط نظر اليها بعينين تشعان بقوة .
نعم , السنوات السبع شكلت فرقا كبيرا لدى غاي لوريمر . فوجهه الوسيم وشخصيته القوية امتزجت مع سلطة كبيرة جعلته رائعا ولا يقاوم ويؤثر بالغير بشكل مطلق .
تمنت ميكي ان تشكل السنوات السبع ذات الفرق بالنسبة لها ايضا . قالت بهدوء وهي تحاول ان تبدو كاملة التهذيب : (( غاي ؟))
قال بحزم : (( هل رايتني علي الرصيف ؟))
هزت راسها وقالت : (( نعم . كيف الحال ؟))
رفع حاجبيه وقال بسخرية مبطنة : (( اني بخير , وانت كيف حالك ؟))
كلمات عادية , لكن العواطف التي كانت تحترق تحت تلك الكلمات لم تكن عادية ابدا .
قالت وهي تشعر بالفخر من ابتسامتها الصغيرة : (( كما ترى , انني بالف خير .))
طافت عيناه فوقها بنظرات بطيئة , قال : (( الفراشة قد كبرت وتمكنت من الطيران حقا . اين كنت كل تلك السنوات , ميكي ؟ هل انت متزوجة ؟))
لا يحق له ان يسالها اي سؤال , ولا يحق له ان ينظر اليها هكذا , لكنها ستضع نفسها في ماز قان اظهرت اي رد فعل . قالت : (( لا , هل زوجتك معك ؟))
لم تتغير نظراته قال : (( لقد تم الطلاق بيننا منذ عدة سنين .))
(( يؤسفني ذلك .))
ابتسم من دون اي مرح وقال : (( حقا ؟ الن تساليني لادخل ؟))
(( لا.))
ولم تتفوه باي كلمة اخرى . فكلمة اخرى هي اسهل طريقة للرفض .
ابتسم , ولمحت شيئا من غاي الشاب والذي رافقها في احلامها . قال : (( اذا تعالي وخذي معي شرابا ما .)) وقبل ان تتمكن من الرفض ايضا تابع بصراحة : (( يمكنني دائما ان اجرك الي المقهى , ا وان ارفعك واحملك , اذا رفضت .)) ولف باصابعه علي رسغها , ولم يضغط بقوة , لكن بقوة كافية لتبرهن لها انه يقصد تماما ما قاله .
فهمت ميكي التهديد وقبلت بطريقة هادئة . قالت ببساطة : (( هذه المرة فقط .)) ونظرت الي اصابعه , البرونزية علي بشرتها الشاحبة .
قال وهو يغلق الباب وراءها : (( سبع سنوات قد شكات فرقا واضحا.)) ووضع يدها تحت ذراعه وهو يتابع : (( يعجبني ذلك .))
قالت بصوت ناعم كالسكر : (( انني سعيدة جدا .))
ضحك ولمعت عيناه , قال : (( اين كنت طوال السنين الماضية , ميكي ؟))
(( في هاملتون , ثم في اوكلاند .)) ان كان سيعمل علي اخراج كل معلومة منها فانه سيتخلى عن ذلك . كيف يجروء ا ن ياتي وان يتوقع منها ان تعامله وكأن شيئا لم يحدث ؟ فمع مرور كل ذلك الوقت مازالت تشعر بالالم لانه اعتبرها شيئا تافها في حياته .
(( ولماذا استقريت هناك ؟))
رفعت كتفيها وقالت : (( لما لا ؟))
ابتسم بسخرية وقال : (( لما لا , بالطبع . هل تاتين دائما الي هنا؟))
(( لا.))
كان مقهى رو ك اف ماليورو مليئا , والشرفات الخارجية مليئة بالزبائن وهم يضحكون ويتحدثون . مع ذلك , تلك الهالة الرائعة والسلطة لدى غاي خولتهما الحصول علي طاولة بعيدة عن الطريق .
قال , ما ان ابتعد النادل ليحضر طلبهما: (( تبدين اكبر قليلا , كما تعلمين لكنك مازلت ذات الحورية الجميلة . اكثر ثقة , ربما لكن الهالة الاسرة من الغموض مازالت تحت تلك الملامح الهادئة .))
رفعت حاجبيها , متجاهلة لهجته الحميمة , قالت بضيق : (( كف عن المراوغة , غاي ))
رفع ذراعيها وقبل رسغها , ضاقت عيناه وبدا المرح فيهما وهو ينظر الي وجهها الذي اصبح احمر اللون فجاة . احساس قوي سيطر علي ميكي . وبدا الرعب علي وجهها , حاولت ان تبعد يدها , لكنه رفض ان يتركها .
(( ماذا تعتقد انك تفعل ؟)) مع انها حاولت ان يكون صوتها حازما لكن لهجتها خانتها وظهرت تاثرها بوضوح .
قبل راحة يدها ووضعها علي الطاولة , لكنه ابقى يده فوقها , وهكذا لم تستطع ان تسحب يدها.
قال : (( هكذا تشبهين ذاتك اكثر .)) ظهر الرضى في عينيه وهو ينظر الي ملامح وجهها الغاضبة والمضطربة . تابع : (( لن يفيدك ذلك , ميكي . ساستمر في طرح الاسئلة حتى تخبريني كل ما اريد معرفته , لذلك من الافضل لك ان تترجلي عن ذلك الحصان العالي وان تتصرفي كانسانة عادية .))
(( لماذا انت هنا؟))
لمعت السخرية في عينيه , قال : (( انا الان في عطلة , لكن في الغد لدي عدد من الاجتماعات مع رؤساء الاقسام لكل فروعنا المختلفة في فار وندز .))
(( هكذا اذن .)) كانت قد استجمعت هدوءها الان , مع القليل من الذكاء ردة فعلها كانت مبالغ فيها. اذا ارادت ان تقنعه انها لا تشعر باي شيء نحوه, عليها ان تتصرف بطريقة عادية . فمحاولتها لا بعاده قد تجعله يزداد شوقا اليها . ففي النهاية , العشاق السابقين , اذا كانا هكذا , يلتقيان في كل الاوقات من دون ان يلتفتا الي بعضهما . التكلف بالحياة هو السبيل للعيش فيها, وليس المقاومة التي لا جدوى منها.
قالت لنفسها بحزم , عليك ان تتماسكي وان تكوني متكلفة ومتصنعة , فهذا ما تحتاجه الان.
قال عندما ابتعد النادل : (( اخبريني ما الذي كنت تفعلينه طوال السنين الماضية ؟))
شربت ميكي من عصير الليمون الطازج قبل ان تجيبه : (( كنت اعمل , واتعلم كيف ادير اعمالي , وماذا عنك؟))
قال : (( لقد نقلت العمل في امريكا وهونغ كونغ , وما هو نوع عملك ؟))
(( لدي متجر للكمبيوتر . اكتشفت انني استمتع بالعمل بها وبيعها .))
(( حقا . هل تعملين بائعة ؟))
قالت بصوت بارد وهادىء : (( املك عملي الخاص . اعتقد يمكن ان تناديني مستشارة او سمسارة . اصغي الي ما يريده الناس , او افترض ماذا يعتقدون انهم يريدون , وبعد ذلك اعمل علي تقديم الافضل لهم .))
(( وهل هذا يتعلق بالاعمال , ايضا ؟))
(( نعم , بدات مع اجهزت الكمبيوتر , لكن الزبائن طلبوا مني ان اجد لهم العمل المناسب لهم , وبذلك طورت عملي الي قسم التجارة العالمية من زاوية ما .))
هز راسه وقال وعينيه لم تفارقا وجهها : (( اعتقدت انك ستكونين متزوجة الان ولديك طفلين .))
تمنت ميكي ان تكون ابتسامتها طبيعية , قالت بنعومة : (( ليس بعد .))
مرة اخرى تلك النظرة طافت فوق وجهها . تعلم ميكي انها اصبحت اكثر نضوجا مما كانت عليه في اخر مرة راته فيها , مع هذا الرجل تشعر وكانها تعيش في زمن غير عادي .
توترت من الاحساس به فقالت بضيق : (( وانت ؟ هل لديك اطفال ؟))
(( لا.))
لم يتغير صوته , ولا نظرة عينيه , قال : (( لقد كبرت حقا , كنت فتاة جميلة , لكنك الان امراة فائقة الجمال , وانا متاكد انك تعرفين ذلك . هاتان العينان الشاحبتان تحملان اسرار الان , وفمك لم يعد غريبا في وجهك البريء .))
رفعت حاجبيها وقالت : (( غريبا ؟ لم اكن ادرك انك كنت خياليا , غاي .))
ابتسامته اظهرت مدى اعجابه , قال : (( بالطبع لم تكوني تعرفين , فلقد كنت طفلة , لكن ذلك الفم الغريب كاد ان يقودني الي الجنون . كنت اذكر نفسي باستمرار مع انك كنت تبدين مغازلة من الطراز الاول بانك مازلت بريئة جدا , واحيانا كنت افكر انك كنت تعلمين ما الذي تفعلينه بي وتستمتعين بذلك .))
حدقت ميكي به غير مصدقة : (( ماذا تقصد بقولك انني كنت مغازلة من الطراز الاول؟.))
(( كنت دائما تنظرين من خلال رموشك نحو صبي او اخر .))
شعرت بوجهها يتشنج , لكنها تمكنت من ان تبتسم : (( كان ذلك جزء من عملي , ويمكنني ان اؤكد لك . عندما افكر كم كنت ساذجة , استطيع ان ابكي . وانت اعتقدت بانني ساخرة ومغازلة ؟.))
قال بتكاسل : (( لقد اسرت بك منذ البداية , فقد كنت مزيجا مميزا , متهورة ومتحفظة معا , واحيانا خجولة جدا , ومع ذلك كنت تنظرين الي من زاوية عينيك وكانك مفتونة بي تماما كما اشعر نحوك . وعندما كنت اضمك الي, كنت اتساءل اذا كنت ممثلة جيدة .))
اخذت ميكي نفسا عميقا . لا تريد ان تتحدث عن الايام الماضية معه , خصوصا وهو ينظر اليها بذلك الشوق الكبير.
قالت مؤكد له : (( تماما كما كنت , او انك لم تفكر انك كنت تلعب دورا مزدوجا تغازلني بينما لديك صديقة في بلادك .))
قال بحدة : (( بالطبع فكرت بذلك . وكنت انزعج دائما . وكان ذلك واحد من الاسباب انني تصرفت معك بفظاظة . فالندم يخرج الا سوء دائما .))
فقد العصير مذاقه , لكنها انهت الكوب كله , نظرت الي الناس الضاحكة والتي تتحدث مع بعضها . اذا لقد شعر بالندم . ولسبب اغضبها ذلك .
فكرت ببساطة , ان هناك المزيد من الامور التي لم تتغير في راسيل . مرة اخرى ها هما مراقبان من قبل نصف الناس الموجودين هنا .
كانت ميكي معتادة علي ملاحقة نظرات الناس اليها, شعرها الاسود القصير وعيناها الشاحبتان الشفافتان كانا مميزين وغير عاديين مما يجذب الانتباه اليها . لكنها فقط عندما تكون برفقة غاي كان مركز اهتمام كل شخص سالته , ولم تحاول ان تخفي تفاهمه سؤالها : (( كم من تتهنا ؟))
لم تتغير تعابير وجهه , لكنها علمت انه يختار كلماته بحذر , وعندما تكلم لم يكن هناك اي تردد في كلامه : (( اسبوع مليء بالعمل . من المحتمل انك لا تعلمين , لكن جدي تقاعد عن العمل .))
(( اذا انت هو المسؤول الان .))
ابتسم بدون مرح وقال : (( نعم, كان علي ان اقاتل لاجل ذلك , لكنني وصلت الي ما اصبوا الية .))
(( هل يعرف مجلس الادارة انك شاب جدا ؟))
(( الشركة هي ملك خاص , وليس هناك مجلس ادارة . لا, جدي هو من كان علي اقناعة . وصدقيني , ان ذلك اكثر صعوبة من اقناع اي مجلس ادارة في العالم .))
اتسعت عيناها بتعمد وقالت : (( حقا؟ بطريقة ما كنت اعتقد انه كريم جدا معك .))
(( لا, ليس جدي , الاوامر هي من طبيعته ان اردت الحقيقة .))
(( وهل كانت النتائج تستحق الطاعة ؟))
رفع كتفيه وقال : (( في ذلك الوقت اعتقدت انها كذلك . كنت شابا مغرورا ومحدود التفكير.))
لم تكن ميكي راغبة في تصديق ذلك . ابقت نظراتها علي يديها وسالت بخفة : (( هل قصر الرياضة علي الرصيف لك ؟))
رفع كتفيه وقال : ((لا , انه لاصدقاء لي وهم الذين احضروني من اوكلاند . لماذا انت مهتمة ؟))
قالت بلهجة لا مبالية : (( فقط مجرد عطلة , شخص ما يريد شراء المنزل . اعتقدت من الافضل ان احضر لارى ان كنت اريد الاحتفاظ به .))
راقب امراة شقراء , نحيلة مرتدية اخر صرعات الموضة تسير بدلال امامه , بعد ذلك سال : (( كم من الوقت ترغبين بالبقاء هنا ؟))
قالت : (( ثلاثة اسابيع . كانت عطلتي اسبوعين فقط . لكن المراة التي تملك المنزل الذي اقيم فيه الان اتصلت بي منذ يومين وقالت انها تريد رؤيتي , لذلك اتيت قبل اسبوع .))
هز براسه , واعاد النظر الي وجهها : (( هل رايت احدا من عمال الفندق بعد ؟))
قالت باختصار : (( لا, لم اكن علي اتصال بهم . اعتقد علي ان اشكرك لانك عملت علي ان يحصلوا علي نوع من التعويضات المالية .))
ابتسم بضيق وقال : (( الا تذكرين ؟ لقد كان هناك اتفاق بيننا علي ذلك . وكما انهم كانوا ممتنين لذلك . انت الوحيدة التي اعادت المال .))
توردت خداها ونظرت اليه لم يكن هناك اي سخرية علي وجهه. شعرت ميكي بالخطر من نظراته . لكنها شعرت بالرعب لان كل شيء فيها قد لاقى تلك النظرات .
لا, وبسرعة حاولت ان تستعيد قدرتها علي ما اعتقدت انه مات منذ سبع سنوات . حاولت ان تتجاهل التوتر الذي اخذ يهدد المنطق البارد والهادىء في دماغها . قالت بصوت هادىء : (( يسعدني ان الامور سارت نحو الاحسن .))
لمعت السخرية في عينيه , قال : (( هل تحبين ان تري فار ويندز ؟ انني ذاهب الي هناك الان , بامكان اصطحابك الي هناك . ))
كان صوته عاديا , ولا يحمل اي عاطفة , فسالت نفسها ان سمحت لخيالها ان يسيطر عليها . بدات تدرك انه فيما يتعلق بغاي لوريمر فلقد نسيت كل شيء ولم تتعلم شيئا خلال السنوات السبع . فهي لا تزال ضعيفة امامه وامام شخصيته وسحره القوي .
هزت راسها وقالت : (( لا, شكرا لك .))
(( لماذا ؟))
(( فقط افكر انه ليس من المنطق الذهاب برفقتك .))
بالطبع لن يسمح لها التخلص منه هكذا , قال : (( لماذا ؟))
قالت بهدوء : (( لا اريد الذهاب الي الجزيرة برفقتك .))
رفع حاجبيه وقال : (( تخافين , ميكي ؟))
انهت ميكي شرابها , نهضت وهي تقول : (( استمتع بعطلتك , غاي , ووداعا.))
اعتقدت انها شعرت بعينيه عليها طوال الطريق وهي تسير الي منزلها وهذا امر سخيف . حتى عندما توقفت لتتحدث مع امراة تعرفت عليها , والتي كانت تعمل موظفة استقبال في عيادة طبيب .
امضت بعد الظهر مستلقية علي كرسي طويل تحت شجرة الياسمين , وحاولت ان ترتاح , لسوء الحظ كانت افكارها تعود الي الاحساس القوي لقدرة غاي عليها. لن تمر ثانية . حتى الان فهي تستعيد تلك الايام اليائسة بعد ان غادرت فارويتدز . لقد كان حقيقة صعبة عليها مواجهتها , وهي انها مازالت تريده كما كانت تشعر به بقربه. مهما يكن , فهي تعلم انه يريدها ايضا. فهي اصبحت تعرف قراءة هذه الاشارات , وليس لديها شك بذلك .
قالت بصوت عال وهي تستدير علي ظهرها : (( لا.))
للحظة فكرت بجدية ان تغادر , لكن ميكي كبرت منذ اليوم الذي غادرت فيه فارويندز . وهي تعلم ان الهروب لن يحل اي شيء , لان غاي ليس مشكلتها, تاثيره عليها هو المشكلة . ولسوء حظها, كانت لا تزال متعلقة به . ولهذا السبب لم تتمكن من ايجاد رجل اخر لتغرم به .
ابعدت التجهم عن وجهها وامسكت بكتاب كانت تحاول قراءته منذ ستة اسابيع , وهذا ما رغبت بالقيام به الان
في تلك الامسية دق جرس الهاتف ما ان غابت الشمس وراء الافق . بحذر امسكت ميكي بالهاتف . سمعت صوتا نسائيا يقول : (( ميكي ؟ انت ميكي كريستوفر اليس كذلك ؟))
غاب التجهم عن وجه ميكي ما انتعرفت علي صاحبة الصوت فقالت بفرح : (( نولا ؟ هذه انت ؟))
(( نعم , بالطبع هذه انا ! اه , ميكي , يسعدني جدا سماع صوتك , اتصلت بي منذ دقائق قليلة ماريا رينويك وقالت انها تحدثت معك . لما لا تاتين لرؤيتنا غدا ؟))
قالت ميكي , وهي تضحك وقد شعرت بان معنوياتها ترتفع بشكل سريع : (( احب ذلك , اين انت ؟))
(( قرب فارويندز , بالطبع .))
فتحت ميكي فمها , وسالت بضعف : (( وما الذي تفعلينه هناك ؟))
(( اه , اعد الحلوى للمقهى واعد الفطائر للمطعم , واساعد الطهاة وعمال المطبخ . شون يقوم بعدد من الاعمال . ونحن هنا منذ ان افتتح الفندق الجديد.))
وضعت ميكي راسها المتعب علي راحة يدها , وقالت : (( اذا الامور سارت علي خير ما يرام بالنسبة لك .))
(( لا يمكن ان تكون افضل , لقد تمكنا من ..... لا ساخبرك عندما تاتين . وما رايك في يوم غد؟ اه , انني مشتاقة جدا لك ميكي .))
قال غاي انه سيزور فارويندز , لكنه لا يعقل ان يكون في القارب , او حتى انه يتجول في الفندق. بدون شك سيكون في قاعة مغلقة مع مدرائه , بعيدا عن عيون كل الضيوف .
كما وان ميكي تريد فعلا ان ترى ما الذي فعلته بيهوبس للجزيرة .
قالت : (( حسنا , كيف يمكن ان اصل الي هناك ؟))
(( اه, استقلى قارب الاجرة للنقل , فنحن لدينا شبكة الان وهناك قارب كل ساعة .)) سبع سنوات قد بدلت الجزيرة بدون شك . مع ان الخليج مليئا بالقوارب كما كان الحال في كل ايام الصيف المنصرمة .
لم تتمكن من اخفاء اعجابها الصامت ما ان وصلت الي الرصيف القديم ووضع مكانها منتجعا حديثا بكل ما في الكلمة من معنى .
تم بناءه بمهارة واضحة . فمن البحر من المستحيل رؤية المباني التي تنتشر في التجويف بين التلال والارض المسطحة , هي الانسب للاشجار التي زرعها هاري واعتني بها.
بحذر عدت ميكي كل تلك الاشجار وتنهدت قليلا عندما اكتشفت ان شجرة واحدة فقط قد قطعت , وحتى ملعب الغولف قد انشا بمهارة لا تؤثر علي جمال المكان .
كانت نولا بانتظارها علي الرصيف , اصبحت اكثر سمنة وشعرها رمادي اكثر , اضاء وجهها بفرح وحماسة مازالت ميكي تتذكرهما جيدا.
قالت نولا وهي تضمها بحرارة : (( اه, ميكي ! كم تسعدني رؤيتك ثانية , لطالما تساءلت ماذا تفعلين , لكنني ارى انك بخير , وتبدين رائعة الجمال , وانيقة جدا . تعالي , تعالي , وانظري اين نعيش , وساعد فنجانا من الشاي.))
كانت نولا وشون يعيشان في منزل من طابقين علي شكل كوخ والذي كانت تعيش فيه ميكي .
قالت ميكي : (( هذا رائع .)) ونظرت حولها الي الحدائق والاشجار . شعرت بقلبها يعتصر . لقد تغيرت الحديقة قليلا , ورائحة الصنوبر امتزجت بعطر الورد التي زرعتها امها , والتي لا تزال تنمو علي السياج باعتناء واضح .
نظرت نولا بفخر حولها وقالت : (( اليست رائعة ؟ هل تعملين , عندما اشترت بيهوبس فارويندز اعتقدت ان نهاية العالم قد اتت, لكن في الواقع , كان ذلك اجمل شيء حدث لنا. فلدينا حياة رائعة هنا .))
اصابتها كلماتها في العمق . لقد سارت الامور بخير لنولا وشون , لكن هاري قتل نفسه رافضا العيش بعيدا عن فارويندز , قالت ميكي بسرعة : (( انني سعيدة جدا , والفندق يبدو وبدون شك مزدهر جدا .))
(( مزدهر! بالطبع انه مزدهر . لقد فاز للتو بجائزة الطيران لافضل فندق في نورث ايلند , لكن المدير ,رون سلير , يقول انه لن يكون راضيا حتى نحصل علي جائزة افضل فندق في جنوب الباسفيكي .))
بينما كانت نولا تعد الشاي استمرت في الحديث عن الفندق. ومن الواضح انها سعيدة جدا في حياتها .
وعندما اصبح فنجان الشاي امام ميكي مع صحن الحلوى الفاخرة قالت نولا : (( والان , اخبريني ما الذي كنت تفعلينه طوال تلك الفترة التي لم نرك فيها . ماذا فعلت عندما غادرت فارويندز ؟))
(( ذهبت الي هاملتون .))
(( لماذا هاملتون ؟ ))
(( احببت اسمها , وهناك سالت عن اي عمل خال في الجزيرة لمدة اسبوعين وحصلت علي عمل موظفة استقبال في مؤسسة تبيع اجهزة الكومبيوتر .))
(( كنت دائما تهتمين بالكومبيوتر , وكنت تحاولين اقناع هاري بشراء واحد , اتذكرين ؟ كنت تذهبين الي كل المحلات وتعملين علي تعلم نظام يوفر الوقت والاخطاء .))
تذكرت ميكي : (( نعم , وكان هاري يقول انه عجوز جدا ليهتم بمثل هذه الامور . تعلمت الكثير في عملي الاول , ولانها كانت شركة صغيرة كانوا يسمحون لي بالقيام بكل شيء اريده, لكن بعد سنه لم يعد هناك مجال للتقدم , لذلك انتقلت الي اوكلاند ووجدت عملا مشابها , لكن اكبر .))
حتى الان ترفض ان تعترف ان اعلانا اخر في الجريدة , ان غاي لوريمر قد تسلم زمام الامور في عمليات بيهوبس في اسيا حتى هونغ كونغ , جعلها تقرر الانتقال . ابتسمت وتابعت : (( اكتشفت فيما بعد انني حصلت علي العمل لانني اذكر المالكين بابنتهما , والتي تزوجت منذ فترة قصيرة في غرب استراليا . وكانا يؤمنان ان المراة افضل من الرجل في البيع لانهن يستمعن , بدلا من محاولة بيع كل شخص اخر ما تنتجه المصانع وان كانوا بحاجة له ام لا .
قالت نولا بحماس : (( بدات اوافقك الراي , اذن انت تبيعين الكومبيوتر كعمل دائم لك ؟))
(( في الواقع , انا املك العمل الان . عندما قرر ال كارتر زان ينتقلا للعيش قرب ابنتهما واحفادهم منذ سنين باعا لي الشركة , وهكذا الان اعيش من التفاوض بين الناس والشركات وتحقيق ما هو الافضل لهم .))
(( وهل حقا تحبين هذا العمل؟ انه يبدو جافا جدا .))
(( انا استمتع به . مع ان علي القيام بالكثير من الاتفاقات والعمل الان , اكثر من البيع , وهذا حقا ما احبه.))
ابتسمت ميكي بسخرية لتعابير نولا القلقة . شربا الشاي وتحدثتا عن باقي العمال في فارويندز , بدت نولا وكانها محطة للمعلومات , بعد ذلك قالت ميكي بصوت مختلف : (( ان كنت لا تمانعين , اريد ان اصعد الي ضريح هاري ودودو . احضرت بعض الزهور لاضعها عليها.))
(( بالطبع لا امانع ! وفي الحقيقة علي الذهاب الي المطبخ لمدة ساعة او اكثر , لذلك يمكنك التجول . وسترين الكثير من التغيرات .))
وهذا ما فعلته ميكي .
لقد تغيرت الجزيرة , وملعب الغولف صمم بشكل يظهر جمال المنظر وعلي رغم الحرارة , الاخضرار والممرات المتشعبة زادت من جمال المكان باستعمالها بشكل مكثف.
سارت في الطبيعة , تتنشق رائحة الاعشاب , وفي بعض المرات كانت تلاحظ وتسمع وجود عدد من اللغات المختلفة وهي تشير الي الاشجار والنباتات باهتمام . كان الممر يوصل الي اعلى التلة حيث مدفن هاري ودودو.
قطعة من حجر الغرانيت تظهر مكانهما . وقد وضعت مقاعد بقربها ليتمكن القادم من النظر الي تلك البقعة الجميلة , حيث يظهر الخليج وكل الجزر بابهى حلة .
كان القبر نظيفا ومعنى به جيدا . وفي وقت باكر من صباح ذلك اليوم وضعت زهورا عليه. وضعت ميكي باقة الزهور البيضاء بجانبها , وبحثت في حقيبتها عن محرمة.
قال غاي من ورائها : (( اعتقدت انك انت من كنت تصعدين التلة .))
ابقت راسها منخفضا وهي تمسح دمعتها.
وبصوت مختلف تماما قال : (( انهما معا الان .))
واحاطها بذراعيه بضمة لطيفة .
قالت وراسها علي كتفه : (( كانت دودو صديقة مهمة لامي , وهاري سمح لي بالبقاء هنا بعد وفاة والدتي . كان لطيفا معي .))
(( المسكين .))
تذكرت ان هذا الرجل هو من جعل هاري يقتل نفسه , فابتعدت عنه .
قال بهدوء : (( ربما, كانت هي الوسيلة الوحيدة الذي استطاع التعامل بها. لكنني لا اعتقد انني كنت تنازلت بهذه السرعة . فالسرطان ليس الموت المحتم الان , ولم يكن كذلك حينها.))
عما يتحدث ؟ صرخت : (( السرطان !)) وحدقت به .
لمع شيء في عينيه : (( نعم , الم تكوني تعلمين ؟ لقد ابلغه انه سيعيش حوالي سنة قبل ثلاثة اشهر مما فعله , لقد قرر انه ليس بحاجة لها.))
انهى كلامه وهو يبتسم بدون فرح : (( ليس فقدانه للفندق سبب قتله لنفسه .))
قالت من بين شفتين شعرت بهما خدرتين : (( هو وامي عاملا دودو , كانت بالم مخيف ....)) لم تستطع ان تكمل , لكن الخجل كان واضحا علي وجهها .
قال : (( اذا حملتني المسؤولية موته كل تلك السنوات , كم يزعجك التخلص من هذه الافكار الخاطئة . المسكينة ميكي .))
(( اني اسفة .))
(( اه, لا داع لذلك . في البداية كنت مقتنعا انه والدك, فلقد كنت تحاولين حمايته باي طريقة ممكنه , لكن في نهاية الامر ادركت انك لا تحمينه اكثر مما انت عدائية نحوي .)) نظر الي البعيد حيث جزر كافالي في الشمال وتابع : (( وكنت متوترة جدا من وجودي ولذات السبب فعلت ما بوسعي لابقى بعيدا عنك , وفشلت . نظرنا الي بعضنا في اول مرة وحدث شيء ما بيننا .))
قالت بسخرية : (( انا لا اؤمن بالحب من النظرة الاولي .))
ضحك بصوت عال وقال : (( لم يكن ذلك حبا .))
وعلي الرغم مما قالته مساء البارحة فان شيئا ما في داخلها ظل يامل . ولذلك شعرت بالم قوي جعلها تبقى صامته للحظات حتى خف قليلا . ارادت ان تقول له ان يتوقف عن الكلام , وان يتركها ويدعها مع اوهامها . وقالت : (( اعلم))
قاطعها : (( ومازال ذلك الانجذاب موجودا, وكانه تهديد لنا معا كما كان منذ سبع سنوات .))
لم تستطع ان تتحمل سماعة يقول ذلك . فهي لم تستطع ان تحب اي رجل اخر . لقد تعرفت علي العديد لكنها لم تستطع ان تكمل مع احد لان خياله بقي كاحرف من نار في ذاكرتها . حتى انها كادت ان تتخلى عن فكرة الزواج وانجاب الاطفال .
بطريقة ما سيطر علي حياتها والان ها هو يخبرها انه لم يكن حبا بل انجذابا قويا.
حدقت بالبحر وقالت : (( الا تعتقد ان تبالغ كثيرا بسبب علاقة عابرة ؟))
قال بدون اي شفقة : (( لم تنته تلك العلاقة , لم اتمكن من نزعك من افكاري . ومازالت حية بداخلك ايضا .))
اجابت بسرعة : (( هذا لا يعني ان علينا ان نفعل شيئا بشان ذلك .))
(( هل هذا ما تريدينه ؟ ان نمضي بقية حياتنا نتساءل ماذا كان ممكن ان يحدث لنا لو كنا شجعان وامسكنا بشبكة الخلاص ؟))
قالت وهي تبتعد : (( لا, تبا لك , لا تلمسني .))
لكنه فعل . امسك يدها ووضعها علي صدره وقال : (( اسمعي , اني اريدك , ولقد ارتدك طوال السنين السبع . لقد افسدت زواجي وسكنت في فكري وروحي , افسدت علي سعادتي , والبارحة عندما رايتك علي الرصيف استدرت لانني لم اتمكن من السيطرة علي عواطفي . كنت اعتقد انني اتخيل الاشياء وانك مجرد وهم , لكنني لم استطع السيطرة علي افكاري وعواطفي .))
قالت بخشونة : (( لا اريد سماع ذلك , لا اريد اي شيء يتعلق بك . انا احتقرك.))
قال : (( اعلم .)) ونظر من فوقها وتابع : (( اه , تبا .))
استدارت لترى عددا من الناس يضحكون ويصعدون التلة. فشعرت بالراحة والالم .


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 05:01 PM   #8

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الــفـــصــــل الـــــســـــابـــــع

قال غاي بسرعة : (( لنبتعد عن هنا.)) ودفعها الى النزول الي الجانب الاخر من التلة باتجاه خليج الثلاثاء , مغارة صغيرة مخبئة بين الاشجار العالية فوق الرمال الذهبية .
قالت ما ان تمكنت من التنفس : (( توقف غاي , لا اريد الذهاب معك .)) سحبت ذراعها من يده وحفت رسغها . توقف ونظر اليها : (( هل اريك وادع كل الناس هنا يرون كم ترغبين بالذهاب معي ؟))
شعرت ميكي بان جسمها اصبح كالثلج , قالت بصوت خائف : (( لا .))
مرت عائلتان قربهما ونظرت اليها نظرات مزعجة , قال غاي : (( لا يمكننا التحدث هنا, وانا مجبر للعودة من اجل اجتماع اخر في غضون عشر دقائق . تناولي العشاء معي الليلة .))
سالته بقلق : (( وماذا سيفيدنا الكلام ؟))
نظر اليها وتصميم قوي علي وجهه , لكنها لمحت نوعا من التعاطف وهو يقول : (( مسكينة ميكي , هل يخيفك
ذلك ؟ انه يخيفني ايضا .))
قالت بياس : (( انه امر مهين .))
(( ان نرغب ببعضنا ؟ )) كان يراقبها بعينين ثاقبتين . قالت محاولة ان لا تظهر اي عاطفة في صوتها : (( لن يكون الامر سيئا لو كان هناك شيء اخر من ذلك . لكن الرغبة من اجل الرغبة امر مهين .))
رفع حاجبيه وقال : (( لم اكن اكذب عليك عندما قلت انني لم انساك . وان ذكريات تلك الليلة مازالت في ذاكرتي وكانها البارحة . وانت ايضا لم تنس فردة فعلك كانت واضحة .))
كل امل باقي لديها اختفى نهائيا. انه لا يحبها, وبالطبع هي ايضا لا تحبه . اذا ما الذي يجمعهما حتى الان وبعد كل تلك المدة ؟ قالت وهي تهز راسها بقوة (( لا .))
اجاب غاي بخشونة : (( وما الذي سنفعله , اذن ؟ سنمضي بقية حياتنا نتساءل لو اننا كنا اكثر شجاعة , ولسنا جبناء لنكشف ما هو ذلك الاحساس المهين ؟))
عضت ميكي علي شفتها , انها ترغب في ان تتحرر منه , وان تجد رجلا تحبه وتتزوجه وتنجب منه اطفالا . رجل يقدم لها الحب والحنان والمشاركة بدلا من هذا الانجذاب القوي التي تتشاركه مع غاي .
مع ذلك كلامه اثلج روحها , ربما هو علي حق . ربما هذه هي الوسيلة الوحيدة لتتخلص من ضعفها . قالت بصوت قاطع : (( حسنا.))
نظر اليها بنظرات غامضة ومقلقة : (( فقط هكذا ؟ هل تعلمين علي ماذا توافقين ؟))
لم يظهر اي تعابير علي وجهها , قالت : (( نعم, علاقة عابرة , لاشيء اكثر.))
(( هل هذا ما تريدينه ؟))
ابتسمت بقسوة وقالت : (( هذا هو كل الممكن , غاي ؟))
رفع يدها وقبلها , قال : (( لدي جناح في الفندق , سنتناول العشاء هناك .)) شعر بانزعاجها وبرغبتها في الانسحاب قال : (( ما المشكلة ؟))
(( ستعرف نولا .....))
تجهم وجهه وقال : (( لن اقدم علي عمل ما متخفيا .فهذا ليس اسلوبي .))
قالت بسرعة : (( والتباهي بانني رفيقة لاحد ليس اسلوبي ايضا .))
سالها بسرعة : (( هل لديك اصدقاء مثلي ميكي ؟))
شعرت بالخطر يحيط بها , قالت : (( لا يحق لك ان تسالني . لقد ضحكت علي وكنت مرتبطا بفتاة اخرى .))
قال : (( لا , لم اكن مرتبط بكارولين بعد .))
حدقت بالبحر غير مهتمة بقلبها الجريح : (( لكنك كنت مقربا جدا منها. لقد مضى عدة اسابيع فقط حتى اعلنت خطبتك عليها . هل كنت علي علاقة بها ؟))
(( نعم .))
صوته الحاد حذرها ان لا تكمل مرارتها وغضبها لم يتركا لها خيار للحذر , قالت وهي تواجهه : (( هل اخبرتها عني ؟))
(( لا, لم اخبرها.))
قالت وهي تعذب نفسها: (( لقد عنت لك تلك الليلة القليل جدا, مجرد وقت مع طفلة حمقاء .))
(( لم يكن ذلك هو السبب . فانا لا اكذب , ميكي . انا لم انساك ابدا.))
اخذت نفسا عميقا , وتساءلت من اين اتى كل هذا الغضب ؟ انه يظهر الكثير قالت : (( الامر غير مهم .))
نظر الي ساعته وتجهم وجهه, قال : (( اعتقد العكس . ميكي. علي العودة . يمكننا التحدث الليلة , هل ستعودين معي , او انك تريدين البقاء هنا ؟))
(( ساعود معك .)) وفي منتصف الطريق سالته : (( الي اي ساعة سيبقى اجتماعك بعد الظهر ؟))
امضاء الوقت مع نولا سيعطيها القوة لتتخلص من عواطفها المضظربة . كانت خائفة بان كل الهدوء والكهرباء الذي كانت تعمل جدا عن المراة التي نظمت حياة عملية لها وبكفاءة واضحة .
(( ساكون حرا عن الساعة الخامسة .))
نظرت ميكي الي ما حولها وقالت : يبدو انه لمن المؤسف ان يعمل المرء في محيط بهذا الجمال .))
ابتسم بسخرية وقال : (( كل شخص علية ان يعمل في محيط جميل . ما الذي ستفعلينه ؟))
ترددت قبل ان تجيب : (( ساتحدث مع نولا , ما الذي دفعك لاعطائها عملا ؟))
(( عملها , فهي طاهية ماهرة جدا في المعجنات والحلوى , حتى رئيس الطهاة يوافق علي ذلك ولا يستطيع القيام بعملها , وشون رجل غريب لكنه عامل جيد, كل الذي يحتاجه شخص يراقبه ويتاكد من انه قام بعمله .))
كان صوته جافا , كذلك كانت ابتسامتها, تذكرت الليلة التي امضياها معا في القارب . هل في تلك الليلة بدات تخسر قلبها ؟ لا , حدث ذلك عندما نظرت اليه للمرة الاولى
في الفندق قال لها : (( ساراك فيما بعد, في جناحي عند الساعة الخامسة .))
هزت ميكي راسها , وابعدت عينيها عن نظراته الثاقبة .
قال بنعومة : (( لا تبدلي رايك , ميكي . ساتي باحثا عنك ان فعلت .))
وقبل ان تتمكن من الاجابة عليه بما ترغب استدار وتركها.
امضت ما تبقى من بعد الظهر مع نولا, تتحدثان وتستمع لاخر اخبار الخليج , مخبئة كل ما تجتاحها من عواطف بالضحك والذكريات .
عندما عاد الاطفال من المدرسة , اخذت تحدثهم وتثير فضولهم باخبارها ,و عندما وصل شون لتناول الشاي عادوا للتحدث ثانية عن الخليج . اخيرا قالت ميكي بتردد : (( من الافضل ان اذهب , علي ما اعتقد .))
(( ساتي معك .)) نظرت ميكي الي ساعتها , فتابعت نولا : (( قبل ان تذهبي , اكتبي عنوانك ورقم هاتفك في دفتر العناوين . انا لا اجيد كتابة الرسائل , لكن علي الاقل يمكننا ان نرسل لبعضنا بطاقات معايدة. اسرعي , وهكذا تتمكنين من اللحاق بالقارب السريع .))
قالت ميكي : (( لن اعو دالي المنزل بالقارب .)) وامسكت الدفتر الذي قدمته نولا .
رفعت نولا حاجبيها : (( وكيف ستعودين , اذن ؟))
ابتسمت ميكي , محاولة ان تبدو هادئة : (( اه, لقد قابلت غاي علي التلة , ودعاني لتناول العشاء معه.))
كانت دهشة نولا واضحة , لكنها انتظرت حتى اصبحتا خارج المنزل قبل ان تقول بلهجة عادية : (( غاي لطيف جدا , اليس كذلك , عندما عاد منذ سنة لم اكن اعتقد انه قد عرفني , فست سنوات فترة طويلة , لكنه فعل . حتى انه طلب مني ان اناديه غاي , وليس السيد لوريمر , وهذا ما يناديه به كل شخص هنا. اعتقدت انه لم يعد يتصل بك .))
قالت ميكي بتوتر : (( وهذا ما حصل .))
بعد لحظة تابعت نولا : (( اه , وكما حدث , لقد سالني ان كنت اعلم اين انت .)) عندما لم ترد ميكي تابعت : (( اعتقدت انه يحمل بعض المسؤولية نحوك , في الحقيقة , كلنا نشعر بذلك , خاصة بعد وفاة هاري . اعلم انني قلقت بشانك لفترة طويلة . هل تعرفين زوجته ؟ اقصد زوجة غاي ؟))
قالت بصوت هادىء ادهشها : (( لا,فحتى البارحة لم ار غاي منذ سبع سنوات .))
(( اه, فهمت , اذا انها مجرد صدفة , انكما هنا معا في ذات الوقت .))
(( صدفة محضة .))
(( اتساءل كيف هي , زوجته . نحن لم نرها يوما. كانا لا يزالان يعيشان عبر البحار عندما تطلقا .))
بقيت نولا تنظر الي ميكي نطرات جانبية , وكانها غير قادرة علي اتخاذ قرارها.
بعد لحظة تابعت : (( انه جذاب جدا, اليس كذلك ؟ ومؤثر جدا , النساء تحبه وهو مشهور جدا.))
(( هل تعتقدين ان لديه الكثير من العلاقات ؟))
بدت نولا كالمصدومة : ((لا , لم اقصد ذلك ابدا. اقصد فقط انه جذاب جدا , والنساء تتودد اليه دائما , لكنه لا يبدو مهتما بذلك . اعتقد ان زواجه قتل شيئا ما في داخله . وانا لا احب ان اراك تتالمين .))
ابتسمت ميكي وقالت : (( لا تقلقي , فانا لن ارمي بنفسي عليه .))
لم تبد نولا مقتنعة , لكنها لم تقل شيئا .
كما حدث , بينما كانت ميكي تسير في قاعة الاستقبال كان غاي يمر باتجاه المصعد هو ومجموعة من الناس الذين يضعون اشارات . كان لا يزال مرتديا ثيابا عادية قميصا مفتوحة عند العنق وبنطالا عاديا بعكس الباقين لكن لم يكن هناك شك من الرئيس هنا. كانوا يصغون باحترام له وهو يتكلم بفصاحة , وتعابير وجهه منهمكة بعمله مما جعل زملاءه يبدون اشخاص لا دور لهم .
احساس بارد سيطر عليها, فهذا الرجل الديناميكي , وصاحب اعمال ببليون دولار , هو بعيد جدا عن ميكي كريستوفر التي لا تملك معه اي شيء مشترك .
استدارت جاهزة لتبتعد , لكنه راها تتحرك , فتشابكت عيونهما . كانت ميكي راغبة في الهروب , لكنها لم تكن قادرة علي الحركة . قال غاي شيئا , وترك المجموعة وسار نحوها . لم تصل ابتسامته الي عينيه . من ورائه نظر الجميع اليها بنظرة شاملة , بعد ذلك صعدوا الي المصعد واختفوا .
قال بهدوء وهو يلمس خدها: (( لا تهربي .))
(( انت منشغل باعمالك .))
علم ان هذا مجرد عذر , قال : (( لا, لقد انتهيت من العمل معهم , هيا اصعدي.))
الجناح الذي اخذها اليه كان مزينا بمفروشات بعيدة عن الضخامة وهذا ما اعجب ميكي , قالت له ذلك فقال : (( المفروشات التقليدية لا تناسب هذا المكان . اردتها ان تبدو بطريقة ما استوائية , ومع ذلك مريحة عندما يصبح الطقس باردا . عدد كبير من زوارنا ياتون في الشتاء للعب الغولف .))
قالت ببساطة : (( انه جميل جدا , لقد قمت بعمل رائع فيه .))
نظر حوله وقال : (( نعم , مع انه علي الاعتراف ان دوري كان قليلا جدا , ولم يتعد الخطوط العريضة . غادرت الي هونغ كونغ ما ان تزوجت هل تريدين شرابا ما ؟ عصير الليمون ؟))
هزت راسها وقالت : (( اي شيء .))
قال بنعومة وهو يحضر كوبين : (( اعتقد علينا ان نشرب لاجلنا .))
عضت ميكي علي شفتها , لقد شربا ذات النخب في تلك الليلة . لن تتراجع الان , ولم تكن تعرف ان كانت تستطيع قالت : (( لاجلنا.)) ورفعت كوبها وشربت . ثم قالت : (( اريد ان اغتسل .))
(( غرفة الحمام من هنا , عبر غرفة النوم .))
رات في غرفة النوم سر ير كبير منخفض عليه غطاء ازرق وذهبي اللون , وبعد نظرة واحدة اسرعت بالخروج.
عندما عادت الي غرفة الجلوس رفع نظرة عن المكتب الذي كان يعمل عليه , وبحركة رشيقة نهض علي قدميه, قال : (( اعتقدت ان من الافضل ان نتناول العشاء علي الشرفة .))
كانت الشرفة تطل علي احدى البحيرات , نظرت باعجاب كيف ان الجناح مغطى بمهارة بالنباتات مما يغلفه عن باقي المنتجع . حتى الضجة لا تستطيع اختراق كثافة النباتات وكانهما في جزيرة مهجورة . قال : (( هذا رائع , من كل الفنادق التي تملكها , اي فندق هو المفضل لديك ؟))
علم غاي ما الذي تفعله , بالطبع . ابتسامته كانت مليئة بالسخرية , لكنه اجاب بنعومه : (( احبهم جميعا, ولاسباب مختلفة . في احد الايام ستخبرني اي وحد منها مفضل لديك .))
قال من دون ان يبعد عينيه عن عينيها : (( لا اريد ان تكون علاقتنا عابرة , ستسافرين معي , بالطبع . ولما لا ؟))
قالت بالم : (( لدي عمل علي ان ارعاه, ولا استطيع السفر دائما.))
(( بالطبع لا تستطيعين . حسنا , لنترك هذا الامر الان, ستعمل علي التفاصيل فيما بعد . هل تلعبين الغولف؟))
(( ليس كرياضة , لماذا ؟))
قال بسخرية : (( علينا ان نبدا من مكان ما , هل تدركين اننا لا نعرف الكثير عن بعضنا ؟ مثلا, انك لم تعرفي انني بحثت عنك في دليل الهاتف في اليوم الاول الذي عدت فيه للعيش في اوكلاند .))
قالت بضعف : (( لا .))
ابتسم وقال : (( ولم اجد اسمك , بالطبع .))
(( لا . فليس لدي رقم مكتوب .))
(( هل عانيت اي مشكلة ؟))
(( لا , لم اتلق اي مكالمة غامضة . كل ما في الامر ان بعض الزبائن يريدون معلومات علي مدار الساعة وبدا كانهم لا يدركون انني بحاجة لوقت للراحة .))
(( اذا هذا هو السبب , انه لم يكن لديك رقم هاتف في نيوزيلندا .))
ابتسمت وقالت : (( لقد بحثت في كل دليل الهاتف .))
(( احد ما فعل ذلك . لقد اعطيت معلومات واضحة بكل من يعمل في فارويندز انه اذا راك احد فيجب اعلامي علي الفور , وان لا يسمح لك بالمغادرة من الجزيرة حتى ياخذ احد عنوانك .))
فتحت ميكي فمها غير مصدقة : (( لا شك انك متسلط جدا .)) وتذكرت اصرار نولا علي كتابة عنوانها .
ابتسم وقال : (( لقد تركتك ترحلين مرة , وانا لا اقوم بذات الخطا مرتين .))
(( وماذا كنت ستفعل لو انني كنت متزوجة ؟))
(( لقد توقعت ذلك . فعندما كنت في فاروندز كنت تمضين معظم اوقاتك مع الشباب . عندها اعترفت لنفسي انني اغار منهم , من كل واحد منهم , وادركت انني اريدك ان تنظري الي كما تنظرين اليهم . مع ذلك, لم اكن ارغب في مغازلتك , كنت اريدك ان تكوني لي , لكن كان من الواضح انني لا استطيع ان افعل ذلك . شعرت بانجذاب نحوك لم اشعر به من قبل , لكنه لم يكن حبا , ولم يكن كافيا . فحتى الحب ليس كافيا. والداي احبا بعضهما , لكنهما لم يستطيعا العيش معا , وبطريقة ما ذلك الحب حطمهما . وقد كنت قد قررت اي نوع من النساء اريد الزواج منها , وانت لا تشبهينها البتة .))
قالت ببرودة : (( وهكذا تصرفت كاخ كبير.))
(( حاولت , لكنك اتيت الي اوكلاند . كنت فرحا وسعيدا كطفل حصل علي هدية ميلاده من والديه وقد قالا انه لن يحصل عليها ابدا. لكنك كنت غاضبة وكذلك انا. اعتقدت انني سارمي كل هؤلاء الناس بدون اي تعويض , وانا كنت امضى وقتا عصيبا مع جدي لاقنعه انه لايمكن ليبهوبس ان تفعل ذلك . في اليوم الذي وصلت فيه تشاجرنا بقوة وقال لي انه لم يربيني لاكن سهلا وناعما وانني خيبت امله , وانني لست الشخص المناسب لاتولى مهام بيهوبس . كنت غاضبا ومحبطا . لقد اتيت في الوقت الخطا.))
لم تنظر اليه وهي تقول : (( لذلك قررت ان تجعلني اعاني .)) لم تعتقد يوما انها ستسامحه علي ما حدث في تلك الليلة منذ سبع سنوات , لكن علي الاقل اليوم تعرف لما تصرف هكذا .
(( لا , كنت علي مضض راضيا بحياتي كما خططت لها , مع زوجة مناسبة , وكل ذلك اصبح لا قيمة له , فوضعت اللوم عليك , لانني حتى ذهابي الي فاروندز كانت حياتي تحت السيطرة تماما.))
(( لماذا ذهبت ؟ من المؤكد انه ليس بعمل جيد ؟ كان بامكان احد ما ان يعرفك .))
(( هذا ما قاله جدب , لكنني كنت مصمما . كنت بحاجة الى عطله وكنت مغرورا لدرجة انني اقنعت نفسي ان لا احد سيعرفني .))
تمنت ان يكون صوتها هادئا وبدون اي عاطفة : (( كنت علي حق , بالطبع .))
(( وهناك رايتك , تثيرين الجنون ولا يمكن ان انساك . وعندما كنت اضمك الي كنت تذوبين كالعسل . لكن مع ذلك كنت اقسمت ان لا اتاثر بك , وهكذا اخذتك الي العشاء , ومع انني كنت ساغادر في اليوم التالي ))
(( وما الذي جعلك تغير رايك ؟))
(( كانت حياتي في زوبعة , وانت لم تات الي اوكلاند لرؤيتي , اتيت لمساعدة اصدقائك واوضحت لي بانك تحتقريني , وهذا ما اغضبني . فتصرفت كانسان وغد .))
(( هذا ما فعلته بالفعل .))
(( نعم , كنت اريد معاقبتك , لكن هذا لم يدم , وبعد الذي حدث بيننا , قلت انك فعلت ذلك لاجل اصدقائك , اردتك ان تضحكي وان تقولي لي انك تحبيني . مع انني كنت اعرف ان الزواج بيننا سيكون مدمرا كزواج اهلي . لم تقولي انك تحبينني , لقد تركتني وانا تخليت عنك . بقيت بعيدا حتى وفاة هاري . وبعدها اتيت الي فارويندز باحثا عنك , لكنني وجدت انك غادرت الجزيرة , ولا احد يعلم اين انت .))
سالت ميكي متعجبة : (( اتيت الي فارويندز باحثا عني ؟))
رفع كتفيه وقال : (( اعتقدت انك حامل .))
(( وماذا كنت تريد ان تفعل.))
(( لا, كنت ساقترح عليك ان نتزوج . لم اتمكن ان ابعدك عن افكاري او قلبي . كانت حياتي قاتمة ولا شيء فيها يدعو للفرح , لكنك كنت قد رحلت ولا احد يعرف مكانك . عدت الي اوكلاند , لكنك كنت قد اختفيت من العالم . ولم استطع ان اجدك .))
(( وهكذا تزوجت من كارولين ))
((كان ينظر الي الخارج وتعابير وجهه قاسية : (( نعم, واكتشفت انه و مع ان الزواج بين شخصين يحبان بعضهما ولكن غير مناسبين , قد يكون كارثة , لكن ليسا مغرمين , اننا لم نرزق باطفال , وفي النهاية كان الطلاق مريحا لنا معا ))
خف بعض التوتر الذي كانت تشعر به , قالت : (( اذا عندما رايتني في راسيل قررت ان تكتشف ان كان هناك شيء من ذلك الانجذاب القديم .))
ابتسم قائلا : (( وكيف علمت ؟))
(( تذكرت ان لديك منزلا هنا. فعملت علي ايجاد عنوانك من البلدية وقدمت عرضا لوكيلة البيع لشراء المنزل لاحضارك الي هنا . واخبرتني الوكيلة متى ستاتين وحتى اين ستقيمين , مع انه كان من المفروض ان تاتي الاسبوع القادم .)) قالت بصورة اوتوماتيكية : (( صاحبة المنزل حصلت علي الغاء لاسبوع , فاتيت . لكن لماذا تحملت كل تلك المشاكل؟ لماذا ارتني ان اتي الي هنا؟))
لم يجب علي الفور , وعندما اجاب قال : (( بدا لي ذلك عملا مناسبا , اما لماذا , حسنا , اعتقد انني كنت دائما اشعر بالذنب نحوك .))
قالت : (( لكنك لم تقدم لي اي وعد .))
(( ما كان يجب ان يحدث شيئا بيننا , لكنني تلت عقابي ايضا , لان لا شيء بقي كما كان عليه من قبل . لقد عملت علي وسمي طوال تلك السنين . لذلك اردت ان اراك ثانية , ولاكتشف ان كنت انسج احلاما مستحيلة بشانك من ذلك السحر وساتمكن من التخلص من الاحساس بك نهائيا .))
(( وماذا كنت ستفعل لو كنت متزوجة ؟))
ابتسم بسخرية وقال : (( هذا امر ثانوي , اليس كذلك ؟ فانت لست متزوجة , والسحر مازال قويا كالسابق . رايتك تمشين علي الرصيف وشعرت وكانني شاب يافع متحمس لرؤية فتاته وكانه في حبه الاول .))
تمنت ان يكتشفا ان ذلك الانجذاب قد ذاب ولم يعد له وجود.
هزت راسها وقالت : (( نعم .))
سار خطوة نحوها , وتوقف عندما سمع طرقة علي الباب . كان ذلك النادل وهو يجر عربة العشاء.
تناولا عشاء شهيا من السمك المشوي والسلطة علي الشرفة , وراقبا غياب الشمس , وظهور اول نجمة . تحدثا بسهولة عن عدد كبير من الاشياء, عن كتب تعجبهما عن امكان زاراها , وما رايهما بالتغيرات المتسارعة . وهذه المرة كانت قادرة علي التحدث والمتابعة معه .
لديه منطق قوي وقاس وقد استمتعت بالتحدث معه كما استمتعت بالاحساس بانه يتحداها ببرودة وبذكاء واضح
واخيرا عندما ابعد النادل اطباق العشاء , قال غاي بهدوء : (( تقدمي نحوي ميكي .))
اقتربت منه بهدوء فضمها اليه وغابا معا في عناق طويل .
علمت ان عليها القلق بشان ما حدث بينهما , لكن هذا ما فعلته في الصباح اليوم التالي عندما استيقظت لتجد نفسها بمفردها في الغرفة وبجانب السرير ورقة كتبت بخط يده الانيق الواضح : (( عزيزتي , اني اسف لكن لدي موعد . افعلي ما تشائين حتى الساعة العاشرة . ساعود في ذلك الوقت .))
انها التاسعة والنصف , نظرت ميكي حولها بضيق بسبب الغرفة المظلمة فاسرعت لتبعد الستائر .
من النادر القيام بذلك , امتلات الغرفة بالنور الساطع للشمس , بعدها سمعت قرعا علي الباب وهذا ما دفعها بالعودة سريعا الي السرير ووضعت الغطاء حولها حتى ذقنها . لقد عاد باكرا لكنها سمعت صوتا نسائيا يقول :
(( غاي , اين انت ؟)) سمعت خطى امراة تسير في غرفة الجلوس وتتجة مباشرة الي غرفة النوم .


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 05:02 PM   #9

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,269
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الــــفــــصــــل الــــثـــامـــــن


دخلت امراة عبر الباب , طويلة القامة وانيقة , جمالها والهالة التي تحيط بها لا تقاوم . ما ان رات ميكي وقد وضعت راسها علي الوسائد المبعثرة , حتى توقفت وقد رفعت حاجبيها باستغراب واضح .
قالت ببطء : (( مرحبا .))
ابتسمت المراة الغريبة وقالت : (( اه , عزيزتي , اعتقد انه كان علي ان اخبره انني قادمة . انا كارولين هامر , ولقد كنت زوجة غاي . وانت ؟ ))
(( ميكي كريستوفر .)) علمت ميكي انهت متحفظة جدا, لكنها شعرت باحساس قوي من الغيرة لدرجة انها لم تستطع ان تتنفس من شدة الالم , فكيف بها ان تتكلم . ضحكت زوجة غاي السابقة , وقالت بحزم : (( هذا ليس بامر محرج, وانت مقربة جدا لغاي , علي ما افترض؟))
(( نحن تقابلنا منذ سبع سنوات .)) فهي لن تسمح لهذه المراة ان تعتقد انها مجرد رفيقة له.
شيء ما لمع في عيني كارولين هامر , تنفست قائلة : (( اذا انت هي .)) حدقت بميكي وهي تجلس علي جانب السرير . (( كنت دائما اعلم ان هناك واحدة . كان يحاول ان يخفي ذلك , مسكين غاي , لكنني كنت اعلم . يمكنك دائما ان تعلمي , اليس كذلك ؟ )) جلست ميكي وهي تشعر بالغضب والخجل , من نفسها , لانها وجدت في هذا الوضع , ومن غاي لانه لم يخبرها ان زوجته تدخل الي غرفة نومه كلما ارادت ذلك , ومن المراة التي تجلس قبالتها وهي مليئة بالثقة بالنفس , ولانها تزوجت من غاي .
سالت كارولين , باهتمام : (( هل كل شيء بينكما الان اصبح جيدا ؟ اقصد انت وغاي .))
قالت ميكي بتوتر : (( اسمعي , انا لا اعلم حقا عما تتحدثين .))
تنهدت كارولين : (( اني اسفة , اعلم انني ابدو وقحة ومزعجة , لكن لو علمت كم تساءلت كيف انت , وكم كنت غاضبة بشان كل المسالة ! انه امر ساخر , كما تعلمين , وكنت اعتقد انك اجمل امراة في العالم , لكنك لست كذلك . ومع ذلك غاي لم يستطع ان ينساك .))
تابعت كارولين : (( كنت اكرهك بشدة . فكلما كان ينظر الي , كان يراك , مع انه رائع كما تعلمين .))
كان علي ميكي ان تضغط علي اسنانها كي تمنع الكلمات الغاضبة من ان تنهال علي المراة , قالت : (( اسمعي , اعتقد انه ليس من اللائق ان نتحدث عنه .))
حدقت بها كارولين وقالت : (( لماذا ؟ لان هذا يجعلك تغارين . لا تقلقي فهو لم يحبني يوما. لدينا الكثير من الاشياء المشتركة . هذا كل شيء .)) لم تتحرك ميكي , ولم تقل شيئا , لكن كارولين هزت راسها بحكمة وتابعت : (( لا, هذا لا يناسبك فانت تريدين زواجا مبنيا علي اكثر من الاعجاب وذات الحياة المشتركة . لكن هناك الكثير من الزيجات المبنية علي اشياء اتفه من ذلك ومع ذلك استمرت ونجحت . فلدينا ذات الاهتمامات , ونعرف ذات الاشخاص ونحب ذات الاشياء. بالطبع , هو تزوج بي لان جده قال له بطريقة ما انه لن يسلمه الاعمال ان لم يفعل .))
قالت ميكي بصوت مرتجف : (( وكنت تعرفين بذلك ؟))
ضحكت وقالت : (( اه , نعم . في الحقيقة . انا اعطيت الرجل العجوز تلك الفكرة . كان يريد من غاي ان يتزوج بي. لقد اعتقد انني المراة المناسبة لاكون زوجة جيدة له . وانا ايضا كنت افكر بذلك .))
تنفست ميكي بعمق . لم تكن ترغب في التحدث عن غاي هكذا . لكنه اخبرها القليل عن نفسه وهي ترغب بشدة في معرفة المزيد , قالت : (( هل كنتما تعلمان ان غاي لم يكن يحبك ؟))
ابتسمت كارولين بسخرية وقالت : (( جده لا يؤمن بان الحب هو اساس الزواج. وغاي مثله . فوالدية احبا بعضهما كثيرا , لكن لم يتمكنا من العيش معا. واعتقد ان العجوز فوربيز اختار زوجته لانها كانت مطيعة وهادئة كانت مضيفة جيدة وام صالحة . كان دائما يقول ان زواجة كان سعيدا. لكنني تساءلت دائما هل كانت السيدة بيهوبس سعيدة كما كان يقول .))
نظرت ميكي الي يديها , لو تكن اصابعها ونحيلة وانيقة مثل يدي المراة . يداها جيدتان للقيام بالاعمال , وليس لعرض الخواتم . وهذا امر بسيط وسهل , وباستثناء خاتم غاي ؟ لم تكن كارولين ترتدي اي خاتم . لم ترغب ميكي في ان تساءل , لكن تلفظت بالسؤال قبل ان تتمكن من ايقاف نفسها : (( لماذا اردت الزواج منه ؟))
نظرت كاولين الي ميكي وقالت : (( لانه رائع , ولانني كنت اثير حسد كل صديقاتي . ولانه يستطيع تقديم الحياة التي كنت معتادة عليها . هناك العديد من الاسباب ولا احد منها له علاقة بالحب , ويخجلني ان اقول ذلك .))
علي الاقل لم تتاذ كثير بسبب ذلك الزواج الفاشل .
تذكرت تعليق غاي انه كان عليه ان يقوم ببعض التنازلات من اجل الحصول علي العمل . قالت ميكي ببطء : (( اذا بطريقة او باخرى عمل جده علي ابتزاز غاي من اجل زوجة بك ؟))
رفعت كارولين كتفيها : (( اعتقد يمكنك قول ذلك . كان دائما يقول لغاي انه حصل علي كل هذه الاعمال , لكنه قال له لا, الا اذا تزوج . لم يقل له ان عليه الزواج بي, لكنه كان واضحا انه يجب ان يوافق علي زوجته. تحداه غاي وغادر الي فارويندز . كان لا يزال يرفض بقوة عندما عاد. لكن بعد مرور شهرين تخلى عن موقفة وتزوجنا.))
من الواضح ان امكانية استعمال الابتزاز امر يسير في العائلة .
قالت ميكي غير مصدقة : (( وكنت سعيدة بالزواج منه مع انه لم يكن يحبك ولم تكوني تحبينه ؟))
رفعت كارولين كتفيها مرة ثانية وقالت : (( كنت اعتقد مشاركة ذات الاهتمامات امر مهم جدا بالزواج . ولفترة بدا كل شيء يسير علي ما يرام . كان يفعل ما بوسعه ليكون زواجنا ناجحا . وانا ايضا حاولت ان اكون الزوجة التي يحتاجها . فلقد كنت دائما بيننا , وكانك جهاز في الخزانة او كالشبح في السرير .))
قالت ميكي : (( وكيف عرفت انها انا ؟))
(( حزرت . اقصد, كنت اعلم ان هناك امراة اخرى . ومرة تشاجرنا وسالته لماذا لم يتزوج بك , فقال انك صغيرة جدا وغير مترفة ولا يمكن ل كان تتاقلمي مع الحياة التي نعيشها . امر مسل , اليس كذلك ؟ بعكسي انا فلقد نشات في هذه الاجواء ومع ذلك لم يساعد هذا زواجنا فلقد كام زواجا مهزلة منذ البداية بعد فترة لم نعد نعيش كزوجين . لقد تزوجنا لسنتين , لكن اعتقد اننا عشنا كزوج وزوجة لمدة ستة اشهر فقط .))
كانت ميكي متاكدة ان تعابيرها لم تتغير , لكن كاولين ابتسمت وقالت بتعاطف : (( هناك انواع كثيرة من الولاء. كان يشعر بالولاء نحو جده , ولا اعتقد ان الامور كانت لتسير علي مايرام لو فقد راسه وتزوج بك . الحب امر مهم لكنه ليس كل شيء . واحيانا انه غير كاف . اساليه عن والديه كادا ان يمزقا بعضهما واخيرا انفصلا.
دق جرس الهاتف فحدقت به ميكي متفاجئة .
قالت كارولين وهي تبتسم : (( من الافضل ان تجيبي , ومن المحتمل انه غاي .))
قال بصوت دافىء وحنون : (( صباح سعيد . كرهت ان اتركك , لكن لدي موعد في ساعة مبكرة.))
قالت ميكي بتوتر : (( نعم))
تبدل صوته واصبح قاسيا وحادا : (( ما الامر ؟ ))
(( لا شيء. زوجتك السابقة هنا.))
(( من؟ )) لم تستطع ان تجيب , فقال بعد لحظة بانزعاج : (( اعطني اياها.))
بصمت قدمت لها الهاتف. رفعت كارولين حاجبيها وابتسمت وهي تحمل الهاتف .
ابعدت ميكي نظرها وسمعت كارولين تقول : (( اه , قررنا ان نستمتع لعدة ليال . ولهذا وصلنا الي هنا البارحة .))
اصغت الي صوت غاي الحاد قبل ان تجيب : (( لا , بالطبع انا لست كذلك . هيا , غاي . انت تعرفني اكثر من ذلك .)) ضحكت ثانية وتابعت : (( لدي اخبار لك لكنني ساخبرك بها فيما بعد , انها غير مستعجلة .))
اجابها ولا بد ان اطال الكلام لانها نظرت الي ميكي : (( حسنا , اعتقد انك محق , ولان له علاقة بيس افعل ذلك .)) قالت ذلك وضحكت وهي تقدم الهاتف الي ميكي : (( تفضلي , يريد ان يتحدث معك .))
فقط الكبرياء جعل صوتها هادئا : (( ما الذي تريده؟))
(( لا تبداي بالغضب مني . افعلي كما تقول كاولين . وداعا.))
وضعت الهاتف جانبا وهي تحاول ان تنظم افكارها المضطربة .
قالت كارولين : (( هيا , انهضي وستذهب للعب الغولف معا .))
فتحت ميكي فمها وقالت بضعف : (( لا يمكن انك تريدين لعب الغولف معي .))
(( بالطبع اريد . فانا اشعر بالفضول نحوك , وفكري بالامر , مع انك تكرهينني , فانت ايضا تشعرين بالفضول نحوي , اليس كذلك ؟ ان كان سيكون لك اي مركز في حياة غاي فسترينني بصورة دائمة . مع اننا لسنا متزوجين لكننا ندور في ذات المجتمعات .))
سالتها ميكي : (( ولماذا طلقتة ؟))
قالت كارولين علي الفور : (( لقد تم الطلاق بالتراضي. وكان ذلك افضل لكلينا . هيا , انهضي لنرحل .))
ظهر الخجل علي وجه ميكي وقالت : (( لا استطيع , فانا لا املك اي ثياب الا التي كنت ارتديها البارحة .))
ابتسمت كارولين وقالت : (( ما هو مقاسك ؟))
اخبرتها ميكي .
(( جيد , اطلبي الفطور , وساحضر لك ما تريدينه من المتجر في الاسفل . ساعود في غضون نصف سلعة . اتركي لي بعض القهوة .))
اطاعتها ميكي وهي مرتبكة , كذلك وهي تستحم وتصفف شعرها . عندما عادت من غرفة الحمام لم تجد اثرا لكارولين , لكنها شعرت بحركة في غرفة الجلوس . فلا بد انه الفطور . لا بد انني مجنونة , تنفست بعمق وجلست لتناول الفطور .
كانت تاكل قطعة من التوست عندما فتح الباب وعادت كارولين الي الشقة , وهي تحمل اكياسها بيدها, قالت بمرح : (( جيد , انت لم تهربي , لقد اعتقدت انك ستفعلين , مع العلم , وكما تعرفين غاي , سيضع شخصا علي الرصيف ليتاكد انك لم تغادري الجزيرة .))
وضعت الاكياس علي الصوفا وسارت لتنظر الي اللوحة فوق المدفاة : (( لا بد انها لبلير دوبل . فانا اعرف اسلوبها , لديها موهبة فذة .))
وافقت ميكي بلا اهتمام : (( نعم .)) وتساءلت للمرة الالف , لماذا تسمح لهذه المراة بالسيطرة عليها.
وبينما كانت تسكب القهوة لكارولين ماذا تفعل لتعيش , وبدت مهتمة جدا لاجابتها, واعترفت بغرور انها لا تفعل شيئا . انها تتحدث عن النهار والازياء والاحوال العامة وهي تشرب القهوة بفرح واضح . تمنت ميكي لولديها بعض ثقتها بنفسها . بعدها نظرت كارولين من وراء كتف ميكي وقالت وهي تبتسم : (( اه, ها قد اتى.))
ادارت ميكي راسها, بينما كان غاي يدخل من الباب وهو يبدو منزعجا وحذرا.
سال بحدة : (( كل شيء بخير؟ ))
نهضت كارولين وقالت بفرح : (( بدت وكانها غير راضية , لكن يمكنك ان تعرف السبب . اراك فيما بعد,
ميكي .))
فكرت ميكي , ليس اذا رايتك اولا. شعرت بالفرح لوجود غاي , فتابعت : (( وماذا عن لعبة الغولف ؟ )) للباب الذي اغلق وراءها.
(( انها مجرد عذر, لتتاكد انك لن تهربي . هيا .)) ومد يده ليشدها اليه.
(( الي اين؟))
لف اصابعه حول رسغها وقال : (( هذا المكان عام جدا . وانا سعيد جدا بكارولين الان لانني لست متزوجا منها, لكنني لا اريدها ان تلاحقني بنظراتها من وراء كل نبته. كما وان مازال لدي اجتماعات , لن نحظى باي وقت لنا معا حتى الاسبوع القادم . لماذا قررت القدوم باكرا , ورميت بكل مخططاتي جانبا؟ افضل شيء تقومين به هو العودة الي راسيل وتنتظريني هناك .)) قبلها سريعا وقال : (( حاولي ان تفكري بي .))
لم يعيدها بنفسه , كان هناك رجل بانتظارها في قاعة الاستقبال, واعادها الي راسيل في قارب سريع . ووراء قناع من الاحترام والتهذيب شعرت بانه كان مهتما جدا بمعرفة مكانتها في حياة غاي .
هذا , بالطبع و ما هو دورها, ان تكون جاهزة عندما يريدها , وان يبعدها عندما يكون لديه امورا اكثر اهمية وتثير اهتمامه .
جلست علي الصوفا في شقتها وحدقت في الحديقة . اعترافات كارولين مازالت تشعرها بالمرض . احضرت لنفسها كوبا من الماء , وراقبت يديها ترتجفان باهتمام . غريب كم هو حاد الاحساس بالخيانة , مع انه حدث منذ سبع سنوات . رغم ذلك . الالم قوي وكانه حدث البارحة لقد تخلى عنها وتزوج من امراة لا يحبها, فقط ليحصل علي المال.
لكنه لم يكن يحب ميكي كريستوفر , ايضا . من الحماقة ان تفكر انه افقدها كبرياءها واحترامها لنفسها . يمكنه ان يفعل ذلك فقط ان سمحت له. لقد تصرف ببساطة كاي رجل عملي ذكي وقوي الشخصية, يعقد الاتفاقات ليصل الي افضل النتائج . وهذا ما يفعله الان .
فجاة انهمرت دموعها فلم تعد ترى الكوب في يدها. ضغطت علي اسنانها وشربت الماء كله. لقد كانت ليلة البارحة عديمة التفكير وسمحت له باقتاعها بالقيام باشياء حمقاء. نظرت حولها في الغرفة الانيقة والتي تختلف كثيرا عن جناح غاي في فارويندز و لكنها شعرت وكانها تخرج من ضباب كثيف , تماما كما يحدث في القصص الخيالية .
تلك كانت ليلة البارحة . اليوم امر اخر.
بدون وعي منها , نهضت وسارت نحو النافذة . ستقطع كل روابط لديها . قد يريد ان يخرجها من افكاره باسوء طريقة ممكنة , لكن لديها اشياء افضل تقوم بها في حياتها ولن تسمح له ان يستعملها هكذا .
علي الاقل لم تعد تتذكره بطريقة رومانسية. فهي تعلم الان تماما اي نوع من الرجال هو. لو انها كانت اكثر تجربة في حياتها منذ سبع سنوات لكانت ادركت انه كان يبتزها عندما دعاها الي العشاء لقد كان يتصرف كما هي طبيعته . او ربما, كما انشاه جده . يبدو جده مسيطرا وقاسي القلب , فلا عجب ان يكون غاي هكذا.
ستذهب الي اوكلاند الان . هو يعلم اين تعيش , لذلك كان عليها ان تربح المزيد من الوقت , وهي بحاجة لهذا الوقت لتقوي دفاعاتها. تماما قبل الغداء سارت الي اوكلاند مسافة ثلات ساعات ونصف في السيارة, كانت تقود بانتباه طوال الوقت مما جعلها تنسى آلامها.
كان بانتظارها عندما وصلت الي موقف السيارات في شقتها.
شعرت بمعدتها تنقبض . وعلمت انه لاحظ صدمتها, خرجت من السيارة وقد رفعت راسها عاليا.
وقف وراء رجل اخر . موظف اخر, هذا ما فكرت به وهي تبعد نظرها عنه.
قال غاي : (( مرحبا , ميكي , هل كانت رحلتك موفقة ؟))
قالت بصوت رفيع : (( ما الذي تفعله هنا؟))
ابتسامته كشفرة سكين , وهذا ما اعلمها كم هو غاضب , قال وهو يمد يده لياخذ مفاتيحها : (( من المؤكد انك كنت تتوقعين رؤيتي ؟))
للحظة فكرت ميكي بالمقاومة , لكن نظرة واحدة الي وجهه الغاضب اعلمتها ان عملها ذاك سيكون بدون جدوى . كان لا يزال يبتسم , عندما اخذ المفاتيح ورماها الي الرجل الاخر من فوق راسها .
قالت بصوت غاضب وخائف معا: (( ماذا تعتقد انك تفعل ؟))
(( اختطفك , عزيزتي . هل ستاتين بهدوء , ام علي ان ادفعك الي السيارة؟))
لم ينتظر اجابتها , وقبل ان تحظى بوقت لتصرخ او تقاوم, اجلسها في المقعد المواجه له واغلق الباب وراءها, وسار بسرعة امام السيارة بتصميم واضح اصابها بالتشنج وهي تحاول بياس ان تفتح الباب لسوء الحظ الرجل الذي لم تهتم لوجوده كان بالحراسة . لم يكن ينظر اليها , كان يضع حقيبتها التي اخذتها من سيارتها في المقعد الخلفي , لكنها علمت انه هناك ليتاكد انها لن تخرج من السيارة . نظرت اليه بغضب صارخ , وفي ذلك الوقت كان غاي قد اصبح وراء المقود .
قالت بكره : (( لن اسامحك ابدا علي فعلتك هذه.))
ادار محرك السيارة وقال : (( وماذا بامكاني ان افعل غير ذلك ؟ )) سار بالسيارة حتى وصل الي الشارع , كان صوته عاديا, لكنها شعرت بالتصميم القوي وراء الكلمات الهادئة , وعلمت انها لن تتمكن من الهرب : (( انت تستمرين بالهرب.))
(( كيف علمت انني رحلت ؟ اعتقدت انك في اجتماع.))
(( كنت في الاجتماع . لكنني قررت ان اترك الاجتماع لعدة ايام , لذلك اتصلت بك . لكن اخبرتني صاحبة الشقة انك حزمت امتعتك ورحلت . ومن الطبيعي ان اتبعك .))
(( لن اسمح لك بملاحقتي هكذا .))
رفع كتفيه وقال بدون اهتمام : (( ستعملين كما يطلب منك , لقد سئمت من ملاحقتك وفقدانك . سنعمل علي انهاء هذا الامر لمرة اخيرة ونهائية .))
قالت : (( اذا الاختطاف والابتزاز يجري في العائلة . بدون شك ستنتهي في السجن .))
قال ببرودة : (( فقط فكري كم هو ضروري لي لاقوم بمثل هذا العمل .)) اي فقدان للسيطرة سيعطية القدرة عليها , وهي لن ترضى بذلك . هي لا تعلم ما الذي يخطط له , وان كان فقط التحدث هو كل ما يفكر به .
بعد مرور عدة دقائق وصل الي مراب تحت مبنى تعرفه ميكي . لماذا احضرها الي مكتبه ؟ بسرعة تخلصت من فكرة عدم الخروج من السيارة , كي لا تدعه يجرها وكانت تخاف من احساسها بالضعف نحوه . لذلك سارت امامه وهي تشعر بالضيق والتوتر الي داخل المصعد . انطلق بسرعة وبصمت الي اعلى المبنى , حيث خرجا الي سطح حول الي حديقة . وهناك رات الي اين سيذهبان.
في جانب من الحديقة وتحولت الي مدرج لطائرة هليكوبتر , وعليه طائرة جاهزة للاقلاع بانتظارهما .
قالت وقد وقفت مكانها : (( الي اين ستذهب ؟))
يده علي ذراعها كانت لا تقاوم , لكن في حال انها لم تفهم الرسالة جيدا, قال : (( القبطام لن يقلق اذا راني ارفعك واحملك الي الطائرة . سيعتقد ان هذا تصرف العاشقين . او ربما انا رومانسي قليلا .))
قالت من بين اسنانها : (( ليس اذا كنت اصرخ واشد بشعرك .))
قال وهو يدفعها نحو الطائرة : (( توقفي عن التجهم .))
(( انا لست متجهمة , انا غاضبة وبشكل لا يوصف . كيف تجروء علي التصرف هكذا ؟ من تعتقد انك تكون ؟))
(( انا رجل سئم وتعب من اقناع امراته ان تصغي اليه, ان لم يعجبك ذلك , فضعي اللوم علي نفسك, سيدتي))
(( لدي كل الحق لارفض ان اذهب معك , تبا لك .))
(( اصمتي سنتحدث عن الامر عندما نصل الي الجزيرة.))
(( اي جزيرة؟))
(( جزيرتي .)) نظر اليها وكان من الصعب عليها ان تفهم ملامحه , تابع : (( ما ان نصل الي هناك حتى لا يتمكن احد من التدخل بيننا.))
سمحت ميكي لنفسها ان تصعد الي الطائرة ووضعت الحزام حولها . رفضت ان تنظر الي اي شيء الا التحديق في الخارج لم يكن الغروب قد حل , لكن الاحساس بانتهاء النهار واضح , وكانه مشتاق الى برودة غياب الشمس الرائعة .
في غضون دقائق طاروا فوق خليج هوراكي وقد بدا باي اوف ايلندز وكانه جواهر صغيرة قريبة من المدينة .
نظرة ميكي الي مدينة اوكلاند , الالف من المنازل التي تحدد وجودها الاشجار . ادركت , انها منزلها الان, ليس كمنزلها في باي اوف ايلندز , فهو ليس مركز وجودها, لكنه المنزل الذي ارتاح فيه قلبها.
ولانها بطبع تحب غاي , كانت دائما تعرف ذلك , وكانت ترفض الاعتراف , لانها باعترافها ستجد نفسها ضعيفة الارادة لانه يعاملها وكانها دواء له . لقد احبته منذ ان راته للمرة الاولى , واحبته لمدة سبع سنوات رغم غيابه من حياتها , وهي تحبه الان . ربما هي مثل والدتها . وستحبه حتى تموت .
ذلك الحب مدى الحياة , لم يقدم اي شيء لليندا , ومن المؤكد انه لن يقدم لها شيئا . غاي يريدها بقوة وهي تشعر بذلك . لكنه لم يحبها ابدا . ربما لا يستطيع ان يحب .
لم يتغير شيء و اه , لقد اصبحت اكثر مدينة مما كانت عليه في العشرين من عمرها لكنه اصبح اقسى مما كان عليه , رجل يتزوج امراة ليتمكن من الحصول علي ما يريده من قوة وسلطة .
سيستعمل هذه القوة عليها , ليقنعها ان تستمر بالبقاء معه , لكن سيساعده حبها الكبير له والذي لا يعلم به . ضغطت علي اسنانها ونظرت اليه بهدوء. لديها خياران , وكلاهما مران . قد تصبح صديقته وتعيش في حياة مزورة حتى يمل منها , او بامكانها ان ترفض.
لا يتصرف بعقلانية معها والدليل هذا الاختطاف . لكن البديل ايضا يخيفها , فحتى التفكير به يقلقها.
لانها عندما تبتعد عنه ستترك بدون اي شيء الا الذكريات المؤلمة والتي سترافقها طوال حياتها . عقلها الواعي قال لها انها ستنساه , ومن الطبيعي انها ستجد رجلا يمكنها احترامه , رجل يحترمها . لكن في اعماقها كانت تعلم انها لن تجد رجل اخر مثل غاي . فلقد طبع حياتها بشخصيته القوية .
توجهوا الي ارض مغطاة بالاشجار وتقع بين جزيرة كاوا والارض الرئيسية . رات حاجزا للماء يصل حتى التلة الصخرية وممرا نحو المنزل مغطى بالاشجار والنباتات . بدت جزيرة رومانسية ساحرة .
نظرت ميكي الي الجانب الابيض من المنزل والي الجانب الاخر ملعب للتنس وامام المنزل الشاطىء الذهبي اللون . منزل اخر صغير بجانب مغارة حيث الرمال تشع بسبب اشعة الشمس الذهبية .
حطت الطائرة علي العشب الاخضر . وبدا غاي باخراج عدة صناديق من المؤونة الي الارض . سارت ميكي مبتعدة .
قال غاي وهو يبتسم : (( الا تريدين المساعدة ؟))
قالت بغضب : (( هذه فكرتك انت , فقم بالعمل بنفسك .))
ووقفت تحدق بالبحر حتى اقلعت الطائرة مغادرة , وعندما اختفى صوت المحرك ولم يكن هناك غير صزت تدفق الامواج علي الصخور و اقترب غاي منها وقال ضاحكا : (( استمر باكتشاف اوجه جديدة بشخصيتك .))
(( انت لا تعرفني ابدا.))
(( وانت ايضا لا تعرفينني . تعالي لندخل قبل ان يحل الظلام وعندها لن نستطيع الرؤية .))
لم يكن المنزل كبيرا وليس فاخرا, لكن المفروشات كانت انيقة ومريحة . تقدمت ميكي امامه الي غرفة الجلوس .
قال : (( زر الانوار الي يسارك . غرفة النوم والحمام امامك مباشرة . لا تحاولي ان تهربي . فليس هناك مكان تذهبين اليه الا منزل الرجل الذي يعتني بالجزيرة , وهو لن يساعدك . هذا منزلي , وجزيرتي , وستبقين هنا حتى اقرر ان ادعك ترحلين .
اضاءت ميكي الغرفة , ونظرت حولها بتقدير علي الرغم من غضبها وحزنها . الان وبعد ان اصبحت هنا, كانت ترتجف من التوتر .
بدا لها فجاة كبيرا ومخيفا وكانه يسيطر علي الغرفة بحضورة القوي .
عاد غاي ونظر اليها وهي تقف في وسط الغرفة , بعدها سار نحو المطبخ , ليضع الخضار التي احضرها معه . راقبته ميكي, وهو يسير بخطى واثقة وكانه يتحداها . كانت بمفردها وفي هذه الجزيرة معه , وهي ليست قوية بما فيه الكفاية لتمنعه عن القيام بما يريده.
امرت نفسها , توقفي عن هذه الافكار . هذا غاي , وليس خاطف لا تعرفه . مع ذلك لديه القوة كي يسبب لها الالم اكثر من أي انسان اخر , لانها تحبه . الحب ظالم . لايمكنك ان تحب وتنظم حياتك وفي الحب ليس هناك انصاف حلول , انها مسالة بسيطة فانت ترمي بقلبك وتتبعه اينما يقع . وهذا ما يجعلها ضعيفة , فهي غير محمية . وبامكانه ان يسبب لها الالم , وهي لا تستطيع ان تفعل شيئا , لانه لا يحبها . فعواطفه محمية تماما.
سالها : (( ما الامر ؟))
بيدين قاسيتين ادارها لمواجهته , قال : (( لا تخافي مني , فانا لا يمكن ان اسبب الالم لك, ميكي . لماذا هذه النظرة الحزينة ؟))
" لا اريد ان اكون هنا "
(( اعلم ذلك , لكننا بحاجة لهذا الوقت معا , لقد خططت ان يكون الاسبوع القادم لنا لنمضية في فارويندز , لكنك حضرت باكرا وافسدت مشاريعي .))
(( اعتقد انني يجب ان اشعر بالمديح لانك قررت ان تضحي بوقتك الثمين مع منفذيك .))
ابتعدت عنه وتابعت : (( الا اذا كان الخطف اكثر اهمية لديك من اجتماعات العمل المملة .))
قال : (( تبا للمدراء المنفذين , انا لا اجد اجتماعات العمل مملة. ولكن اذا كان لدي خيار بينك وبين اجتماعات العمل , لكنت اخترتك دوما . لما لا تضعين ثيابك في الخزانة ؟ ساحضر العشاء .))
ابتسم بسخرية وقال : (( حقيبتك في غرفة النوم . ساراك بعد نصف ساعة .))
كان ذلك امرا . استدارت ميكي وذهبت عبر الغرفة وهي تتساءل لما تشعر بكل هذا الخوف .
كانت غرفة النوم الرئيسية في المنزل وللحظة ارادت ان تطلب غرفة نوم خاصة بها, لكنها لم تفعل . من الافضل لها ان تحافظ علي قوتها للمعركة الاساسية . غرفة الحمام صغيرة وبلاطها من الرخام , اختارت بنطلونا وقميصا من حقبتها وارتدتها , بدا لها ان ما حدث البارحة قد حدث منذ سنين عديدة , وهي بعيدة عن فارويندز فقط بمئة وخمسين ميلا واربع وعشرين ساعة . عادت الي غرفة الجلوس وهي ترفع راسها عاليا وكانها تقول له لا تلمسني .
نظر غاي اليها وقال : (( ماذا تحبين ان تشربي ؟))
(( لا شيء , غاي , هذا تصرف سخيف , لماذا احضرتني الي هنا ؟))
رفع حاجبيه وقال وهو يبتسم : (( لقد قلت لك لماذا ؟))
(( اذا قل ما تريد قوله .))
(( كان علي ان اعرف انك ستهربين , كما فعلت في المرة السابقة .))
قالت : (( لا اعتقد ان هذه فكرة جيدة , فانا لا استطيع ان اكون صديقتك .))
(( ولهذا هربت . هل هكذا تتعاملين مع حياتك , ميكي , تهربين من المواجهة ؟))
جلست علي الكرسي وكانها منهارة : (( لست افضل من أي شخص اخر . فهذه الحياة لن تنجح معنا .))
(( لم تعطي الامر أي فرصة .))
كيف يمكن ان تخبره بانها تحبه , وبانها لم تتوقف عن حبه , ان تكون رفيقة فقط له , سيقتلها ذلك ؟ بالنسبه له الاشياءالاخرى اكثر اهمية له من الحب , العمل , مركزة الاجتماعي , المال , السلطة . ربما لم ترغب كارولين باثارة المشاكل , لكن الاقوال التي افصحت عنها اكدت لها ما تعتقده عن شخصية غاي .
قال بصوت ناعم : (( لماذا هربت ؟))
اجابت : (( اريد من الرجل اكثر من العلاقة العابرة . قل لي , الي متى سنبقى هكذا ؟ حتى تجد امراة مناسبة اخرى وتتزوجها؟))
لم يقل شيئا , لكنه ضغط بقوة علي اسنانها فبدا فمه كخيط رفيع .
تنفست بعمق وتابعت : (( اتساءل ان كنت تعلم انك اهنتني . لم تتزوج بي في المرة السابقة لانني لم اكن مناسبة لك , وجبنت عندما اقدم جدك المخيف .....))
قال بخشونه : (( لا بد انك وكارولين قد اجريتما نقاشا مثيرا وكانها دفعت لي عن الاحزان القديمة الماضية . هل اخبرتك ان جدي اعطاها مليون دولار لتتزوج بي ؟))
اجابته : (( كان عليكما ان تكونا سعيدين جدا , فهناك الكثير من الاشياء المشتركة بينكما , كلاكما . المال والسلطة وكل شيء.))
نظر اليها بغضب قاتل مما جعلها تتراجع الي الواء , قال بخشونة : (( انا لن اضربك . لدي اشياء اهم لافعلها معك . تعالي وكلي شيئا , لابد انك جائعة .))
كان الطعام اخر ما تريده , لكنها اكلت سلطة اللحم المقدد التي اعدها . ولقد شعرت بانها افضل .
عندما اصبحت الصحون في الة الغسيل وكانا يجلسان ويتناولان القهوة , قالت بشكل مفاجىء : (( انت بدون شك عديم الشفقة , عندما يتعلق الامر بامر تريده , اليس كذلك ؟))
(( عندما يكون ذلك الشيء انت , فالجواب نعم .))
ضحكت بمرارة وقالت : (( اه , صحيح , انت تريدني لدرجة انك ارسلتني بعيدا .))
سالها غير مصدق : (( الهذا السبب هربت .))
عضت ميكي علي شفتيها , غاضبة من نفسها علي ما قالته , اعترفت : (( جزء منه .))
(( ارسلتك بعيدا لانك كنت واضحة انك لا ترغبين ان يراقبك احد .)) وضع فنجانه جانبا ونهض ليسير نحو النافذة , وضع يديه في جيبه ,وحدق باضواء الارض الرئيسية قال من بين اسنانه : (( ولانك اذا كنت بعيدة عن فارويندز اعتقدت انني استطيع ان اركز علي اعمالي بدلا من التفكير بك .))
قالت بغضب : (( لا اريد ان اكون صديقتك .))
قالومازال ظهره مواجها لها : (( اعتقدت اننا حبيبين .))
قالت بالم : (( غاي , لن ينجح الامر بيننا , لانني اريد اكثر من ذلك .))
رفع كتفيه وقال : (( حسنا , تزوجي بي .))
حدقت ميكي به , وقد فتحت فمها بحماقة . ادار راسه لمواجهتها , فادركت انه كان يراقبها من خلال الزجاج .
ضحك ساخرا : (( لا, لم تفكري بذلك , اليس كذلك ؟))
قالت , رغم قلبها الممزق : (( لقد عانيت من زواج بلا حب, الا تعتقد انه كاف , ام انك تخطط لتجعل من القيام بذلك عادة لديك؟ انا لست كارولين , وليس لدي أي شيء ليساعد طموحك .))
(( لا تقولي ذلك , ميكي . هل من الصعب عليك ان تحبينني ؟))
شعرت ميكي بفمها يجف . قالت بصوت متعب : (( ولماذا تريدني ان احبك ؟ الا يكفيك انني لا استطيع مقاومتك؟ هل تريد ان تهينني اكثر ؟))
قال بغضب : (( اسف ان كنت تعتقدين ان حبي امر مهين , لانني اريدك ان تكوني منشغلة بي تماما كما انا منشغل بك. تبا , ميكي , هل تعتقدين انني اتصرف هكذا الا بسبب انجذابي اليك؟ معك كنت دائما جبانا, وانا اكره نفسي لذلك . لقد تزوجت من كارولين بسبب خوفي مما شعرت به نحوك , ولهذا هربت منه , فاذيتها واذيتك . انا لا اختطف النساء , وانا لا اتصرف هكذا .
صدقيني ولكن هذه السنوات السبع الاخيرة كانت كالجحيم , وعندما هربت هذا الصباح فكرت , انني لا استطيع تحمل الوحدة
ثانية , ومعرفة ان غبائي قد افسد اجمل امر حدث لي في حياتي . اعتقدت انك قد تكونين جاهزة للهرب ابعد من اوكلاند . فلم يكن امامي أي خيار , كان علي ان اترك رؤساء الادارة لاعمالهم واتبعك .))
قالت وهي تحدق به : (( ما الذي تقوله ؟))
اخذ نفسا عميقا مؤلما وقال : (( اقول انني احبك , ولقد احببتك لمدة سبع سنوات . في تلك المرة , تبعتك الي فارويندز لاسالك الزواج بي , لكنك كنت قد رحلت , ولم اتمكن من ايجادك .))
حدقت ميكي به وهي ضائعة تماما .
كان ينظر اليها وفي عينيه شيء من الياس قال : (( تقريبا بعد ذلك بقليل تعرض جدي لازمة قلبية , وكان واضحا انه يريدني ان اتزوج كارولين .هكذا تزوجت وحاولت ان اعمل علي نجاح زواجي . لكنني فشلت مع كارولين وفشلت مع جدي ومعك ايضا .لم يمض وقت طويل حتى ادركت ما الذي فعلته وندمت علي ذلك بشدة.))
هزت ميكي راسها وقالت بياس : (( لن ينجح ذلك , فانا اعلم الحياة التي تعيشها .....))
تقدم نحوها , امسك بيديها الباردتين وقال : (( الا نستطيع ان نجعله ينجح ؟ ميكي , لقد عشت سبع سنوات من دونك , سبع سنوات قاحلة طويلة , اني احتاجك , ميكي واحتاج اليك اكثر من حاجتي لاي شخص اخر, وانت ايضا بحاجة لي , حبيبتي . انا اعلم ذلك . وان كان ذلك ضروريا , ساتوسل اليك لتوافقي .))
قالت بياس , وهي تخفض رموشها كي لا تدع عينيه الثاقبتين تسيطران علي ارادتها : (( لقد اقترحت علاقة عابرة , ولم تقل شيئا عن الزواج .))
((انت من تكلم عن علاقة عابرة , انت من لم تفكر بالزواج. لم اكن اريد ان اخيفك , لكن صدقيني , اريدك باي طريقة ممكنة .)) تردد قليلا , ثم وضع يده بقوة حولها وقال بتوتر: (( ميكي , تزوجي بي , من فضلك سافعل كل ما بوسعي لاجعلك سعيدة .))
صرخته البسيطة هذه دخلت قلبها . نظرت اليه وقالت : (( كل الذي عليك ان تقوله , ايها الاحمق , انك تحبني , الست بحاجة لتجعلني احبك , فانا احبك منذ اللحظة الاولى التي رايتك فيها.))
(( ميكي ؟)) نهض علي الفور وشدها اليه , حدق فيها, بينما كانت عيناه تشعان بفرح وقوة.
نظرت اليه وهي تعلم ان تعابير وجهها تخبره كل شيء , كانت سعيدة بانها حرة لتظهر عاطفتها , ثقتها بنفسها المستجدة اعادت التالق والتحدي الي عينيها انار وجهها واغنى ملامحها الجميلة .
قال شيئا ما وضمها اليه وقلبها بكل ما لديه من عاطفة ملتهبة .
بعد مرور وقت طويل قالت له وهي تستمع الي دقات قلبه المنتظمة : (( احبك .))
(( علي الرغم من الخراب الكبير الذي فعلته لحياتنا؟))
تمتمت : (( يمكنك قول ذلك عن نفسك , انا ذهبت بعيدا وحققت نفسي بطريقة جيدة.))
ضحك بصوت عال : (( وما الذي تخططين له بشان عملك .))
قالت : (( ساستمر به , فانا احب عملي . ولدي امراة تعمل لدي بامكانها تولي العمل عندما سنسافر . فينما تعمل علي ملاحقة ورعب مدرائك سامضي ذلك الوقت وانا ابحث عن المستجدات في عالم الكومبيوتر .))
(( تبدو حياة مثالية, لكنني لن اسافر كثيرا . لقد اضعت سبع سنوات من حياتي , واريد ان امضي اكثر وقت ممكن معك .)) تابع بعد قليل : (( بالمناسبة , ليس عليك ان تقلقي بشان كارولين . فنحن صديقان حقا , وقد كنا كذلك منذ صغرنا , كما وانها تزوجت من رجل تحبة كثيرا .))
(( هذا افضل , لانها عندما كانت تتحدث عنك كنت ساصفعها حتى تفقد الوعي . فانا اشعر بانني متطلبة ولا يمكن التفاوض معي بشانك . فانا غير متحضرة ولا متحررة .))
(( هذا افضل , لانني عندما انظر اليك كل العواطف البدائية والبربرية تجتاحني .))
قالت باقتناع : (( اعتقد ان رجال الاعمال الحاليين هم قراصنة العصور الوسطى .))
ضحك وقال : (( علي الرغم ان المظاهر تدل علي عكس ذلك , فانا لدي اخلاق , هل ستسعدين بالعيش معي , حبيبتي ؟ لا اريد ان تصبحي فراشة اجتماعية , لكن علينا ان نقيم بعض الحفلات الاجتماعية بين الحين والاخر.))
(( لا تقلق , سنتمكن من التاقلم , ففي النهاية , عندما يحب الواحد الاخر , هذا ما يفعله اليس كذلك , التسوية والتاقلم .))
قال وصوته مليء بالرضى : (( نعم , هذا ما يفعله .))
تثاءبت ميكي , وعلي الفور رفعها ووضعها علي السرير وقال : (( نامي , حبيبتي .))
كانت افكارها الاخيرة قبل ان تستلم للنوم سعيدة, فالجمال الرائع لهذة الجزيرة الساحرة اصبحت اكثر جمالا وهي تشع بالحب , حبا ازداد صلابة مع الوقت , حبا سيدوم الي الابد .


تــــمــــت


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-10, 07:32 PM   #10

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شكراً لكِ عزيزتى على الرواية الجميلة

MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:28 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.