27-05-10, 02:17 AM | #51 | ||||
نجم روايتي
| الفصل الثاني عشر كان الوقت صيفا والجو حارا والشمس ساطعة . كان الوقت المناسب للاحتفال بالطبيعة على ضفة النهر , أو زواج الرجل من حلم حياته .. اختارت "آني" الحل الثاني وهو الزواج من حلم حياتها... لم يسبق لها أبدا ان كانت فى مثل هذا الجمال . كان ثوب الزفاف مصنوعا من الحرير الأبيض , فاظهر جمال رقبتها العاجية وكتفيها المستديرتين وبشرتها في بياض اللبن ونعومته . كانت مشرقة كالشمس الساطعة تشع ضوءا وبهاء قيما حولها , وتضفى جوا من المرح والسعادة على كل شئ . توجت شعرها بإكليل من زهور السوسن الطبيعية البرية , كان شعرها بلون النحاس مما أعطاها صورة الجنية في الأساطير . وكان "شيز" قد اختار سترة من جلد "الشامواه" مفصلة على طراز ملابس رعاة البقر وقد اشتري لهذه المناسبة قبعة رعاة بقر عريضة الحافة سوداء . ألقت ظلا على عينيه . وفى الجمع الصغير الذى احتشد بمناسبة الزفاف , ألقت العديد من النساء نظرات إعجاب صريحة وهو واقف أمام القس في انتظار وصول عروسه . سرى همس وسط الجمع عندما تقدمت "آني" لتنضم إلى "شيز". وكان "جوني ستارهوك" الذى اتخذه "شيز" شاهدا على عقد الزواج قد عقد شعره الطويل الأسود على عنقه , واتخذ مظهرا رسميا عندما بدأت مراسم الزواج , وكان "شادو" قد اتخذ مكانه بجواره , واخذ يهز ذيله . كان انسياب المياه فى النهر يشكل خلفية للاحتفال المقتضب . اعلنهما القس زوجا وزوجة , ودعاهما لأن يعلنا زواجهما بقبلة . وعن بعد سمع صوت هدير ملح وقوي وكأنه هدير محركات سيارات تقترب . عندما التفت "شيز" و"آني" الى الجمع زادت الضجة قوة وتحديدا . إنه نوع من الهدير المنتظم وكأنه صوت سراب من طائرات الهيلوكوبتر . بدأت الارض تهتز أمام دهشة الجميع ثم ظهرت على طول ضفة النهر دراجة بخارية ضخمة . تساءل أحد الحاضرين وقد بدا غير مطمئن أمام الموتوسيكل الهارلي الأسود الذى اندفع نحو الجمع : - من يكون هذا ؟ بدا سائق الدراجة البخارية اكثر تهديدا من الدراجة نفسها ذات المحرك الجهنمي . ترك الرجل الطريق واخترق البراري . ثم وقف على بعد خطوات من الجمهور المذهول . ما إن وضع رابط الدراجة البخارية الجهنمية قدميه على الأرض حتى تعرف عليه كل من "شيز" و "جوني" فى الحال . إنه "جيوف دياز" بسترة البحرية و الـ "تي شيرت " الأخضر . لم يتغير على الاطلاق . لقد ظل كما هو في ذاكرة "شيز" ونفس الصورة التى رأته عليها "آني" منذ خمس سنوات مضت . كان مثل الشبح الجميل الفاتن , وكأنه ظهر مباشرة من الماضى ليذكرها بكل التفاصيل المأساوية لآخر مهمة له ورفاقة كفدائيين . ألقت "آني" نظرة مختلسة على "شيز" الواقف الى جوارها , ورأت انه يتذكر كل لحظة وكأن الزمن عاد للوراء خمس سنوات وكان "جوني ستارهوك" نفسه مذهولا وكأنه منوم مغناطيسيا . قال "جيوف" وهو يقترب من الجميع : - "شيز بودين " ؟ لقد اخبروني اننى استطيع العثور عليه هنا . تراجع الجمع خطوة للخلف وكأن الرجل الغريب حيوان مفترس . شق "شيز" طريقه وسط الحاضرين , ثم سحب "آني" معه . وصاح فى الغريب : - "دياز" ! أنا "شيز" . بدا "جيوف دياز " وكأنه اصيب بصدمة عندما رأي "شيز" في حلة العرس , وسأل : - ما الذى يجري يا "بودين " ؟ لقد تلقيت رسالة عاجلة تقول : إن حياتك فى خطر . قال "شيز" شاكرا لمساعده القديم : - آسف ايها العجوز . لقد وصلت متأخرا جدا لإنقاذي . إننى تزوجت فى التو واللحظة . اخذت ابتسامة عريضة تضئ وجه العريس . صاح "دياز" فى ذهول : - تزوجت ! كان من الواضح ان "دياز" لايزال تحت تأثير الصدمة . قال وهو موزع بين ضحك مجنون وعدم التصديق : - انا لا استطيع ان اصدق . "شيز بودين" ؟ متزوج ؟ هل هذا حلم أم حقيقة ؟ صمت فترة طويلة ثم استطرد : - اقدم لك تعازي القلبية ! أنا اسف جدا لأن اسمع هذا . لو اننى وصلت مبكرا ساعة فقط لاستطعت ان انقذك من هذا المصير المحتوم . - لو وصلت من ساعة لكنت أنت الذى يصحب العروس الى المذبح ويقدمها لي . كان التهكم واضحا فى نبرة صوت "شيز" وهو يخترق الجمهور ليذهب لتحية القادم الجديد الذى سأل "جوني" : - "ستارهوك" ؟ ما الذى تفعله هنا ؟ ابتسم "جوني" وقد لمعت عيناه السوداوان اللامعتان مكرا : - لقد كنت ضمن المؤامرة لوضع "شيز" فى هذا الوضع الغريب . ألقى "جوني دياز" نظرة اخرى على "شيز" كان متعاطفا معه من كل قلبه . - هل هذا ما كنت تقصد ان تقوله من انك تتعرض للخطر ؟ - ربما كان من الافضل ان تقابل الخطر الذى تعرضت له شخصيا . دفع "شيز" "آني" أمامه ولف ذراعه حول كتفيها : - هذه هي زوجتي . ربما تتذكرها .. أليس كذلك ؟ إنها "آني ديلز" أخذ "جيوف" يحك رأسه , وهو يحدق بإمعان فى وجه "آني" المشرق . قالت عيناه اللتان كانتا بلون الزمرد الاخضر انه يتذكر ويفهم . ثم قال اخيرا : - إنها الفتاة التى انقذتها . تلك التى كانت ميتة حسب ما قالوه لنا؟ استدار نحو "شيز" وقال : - إنها اكثر من حسناء يا "بودين" انها جنية من جنيات الاساطير اوحورية من البحر , لايدهشنى إذن ان اراك وقد فقدت صوابك وتزوجتها . مدت "آني" يدها لـ "جيوف دياز" لتصافحه ., وقالت وقد غامت عيناها فجأة بينما زاد عمق زرقتهما بشدة : - شكرا ! شد " جيوف" على يدها بقوة حتى اوشك ان يسحقها . كان استقباله لها وديا وحارا ولكن "شيز" فرق بينهما عندما هم "دياز" باحتضان العروس , وانتزع يد العروس الهشة من قبضته الحديدية . ياله من دب قطبي متوحش , قال "شيز" له فى لهجة امتعاض وهو يحيط "آني" بذراعيه فى حركة حماية وتملك: - اعثر لنفسك على زوجة يا "دياز" . إن هذه هي زوجتي ! كان الرجلا مساعدا "شيز" القديمان فى حالة نشوة وضحك من أعماق القلب . وهما يحسدان صديقهما القديم على حظه الرائع . قال لهما "شيز" متهكما : - لا تظهرا بهذا المظهر الحزين على مصيري فمن المحتمل أن تقعا فى نفس المصير . كان الثلاثة في منتهى الانفعال والسعادة بعد أن مرت خمس سنوات على فراقهما المأساوي . على اثر فشل مهمتهم فى "أمريكا الوسطي". ضحك "شيز" و آني" من اعماق قلبيهما وهما يريانهما يحدجانهما فى حقد . ولكن عندما تأملت "آني" وجهي الصديقين القديمين لـ "شيز" نزل عليها الإلهام بأن الرجلين الأخرين من النوع الذى لا يستطيع ان يرتبط بالزواج ومسؤولياته . ولاشك فى انهما متمردان مثل "شيز" على اى ارتباط فعلى قد يجعلهما يقومان بأعباء هما في غني عنها , لقد أحست بالعطف على المرأة التى قد يرتبط أي منهما بها . استقرت نظراتها على "جيوف دياز" , وقالت فى نفسها إنها لا تتمنى ان تكون الزوجة التى تروض هذا الأسد المتوحش . إن تلك الزوجة لابد ان تحتاج الى سوط ومقعد لترويضه , مثلما يفعل مروضو الأسود فى السيرك . انه لن يخضع مالم تكن المروضة ماهرة . أما بالنسبة لـ "جوني ستارهوك" فإنها لم يسبق لها أن رأت قطا بريا متوحشا , ومشكوكا فيه وفي تصرفاته مثله . إنه مثل الفهد الأسود المستعد للقفز على فريسته . ولكن من تكون الفريسة ؟ إن "آني" لو استطاعت أن تقرأ المستقبل وتعرف من هي الفريسة البريئة التى كتب عليها أن تكون زوجة له . لنصحتها فى الحال أن تطلق ساقيها للريح , وتبتعد عنه إلى أقصى مكان ممكن . ارتجفت "آني" ليس من البرد بالتأكيد وانما شكرت السماء على المكان الذي منحته لها مع "شيز بودين" . انساقت العروس مع أحلامها التى انتزعتها منها أصوات الهتاف وتصفيق الحاضرين لتعيدها إلى الاحتفال بالزفاف , زفافها إلى حبيب قلبها "شيز بودين" . قرأت في عيني زوجها السوداوين الحب وتحقيق حلمها . ذلك الحلم السري الذي كان يداعب خيالها منذ خمس سنوات . بعد أن مرت بأهوال كانت كفيلة بأن تنسيها ذلك الحب ولكن الحلم والأمل لم يكفا عن مراودتها . والآن وقد تحقق الحلم فإنها تستسلم إلى البهجة والسرور والسعادة التى يشاركها فيها الجمع الذى حضر حفل زفافها تتويجا لحبها العظيم . أخذت تردد في نفسها إنها المعجزة التى انتظرتها ولاشك أن القدر يخبيء لي معجزات كثيرة أخرى . تمت بحمد الله | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|