06-10-13, 04:08 PM | #12 | ||||
| اقتباس: | ||||
09-06-14, 10:53 PM | #17 | ||||
| فتنة الأديب.. أندريه جيد وأوسكار وايلد شايع بن هذال الوقيان كتب الأدب ــ أو تحديدا الإنشاء الأدبي ــ من الكتب التي أجد فيها متعة فائقة ولأزيح عن كاهلي صلفا أعانيه من قراءة كتب المنطق والفلسفة. توفرتُ على كتاب صغير لأديب كبير وعن أديب لا يقل عنه قامة. المؤلف هو الأديب الفرنسي «أندريه جيد» والمؤلف عنه هو الأديب والشاعر الأيرلندي «أوسكار وايلد». الكتيب بعنوان: في ذكرى أوسكار وايلد. تحدث فيه «جيد» بلغة شاعرية مرهفة عن ذكرياته الشخصية مع وايلد. إذ كان أول لقاء بينهما في عام 1891 عندما قدم هذا الأخير إلى فرنسا. «جيد» يصغر «وايلد» بخمس عشرة سنة، وكان يرى فيه أستاذا له. كان كلاهما يجيد لغة الآخر، إلا أن إتقان «جيد» للإنجليزية أفضل من إتقان «وايلد» للفرنسية؛ حيث يصف «جيد» لكنته الفرنسية بأنها فاتنة رغم أنه يتلعثم قليلا. أما «جيد» فيكفي إتقانا أنه ترجم بعض الكتب من الإنجليزية إلى الفرنسية، من ضمنها كتاب طه حسين «الأيام». جدير بالذكر أن طه حسين كان ــ بدوره ــ معجبا بـ«جيد»، وقد كتب عنه وترجم له رواية «الباب الضيق». يذكر «جيد» أن «وايلد» عندما قدم إلى باريس أصبح ذكره على كل لسان، فقد كان مشهورا جدا في تلك الأيام. ووصفه مجازا بأنه كان يرتدي قناعا مسليا يخفي ملامحه الحقيقية، والتي لا يكشفها إلا للمقربين منه. وذات يوم، دعاهم صديق مشترك للعشاء. على المائدة كان «وايلد» هو الوحيد الذي يتحدث والجميع منصتين. وكان لا يتوقف لحظة عن الكلام. كان كلامه ــ حسب وصف «جيد» ــ هادئا ورقيقا، وصوته خافتا وساحرا. إلا أنه لاحظ أن «وايلد» لم يقل أفضل ما لديه.. كأنه يدخره لمناسبة أخرى. لم يكن متأكدا أن الحاضرين الذين لا يعرفهم جيدا جديرين بأكثر من ذلك.. أو أنه كان يختبرنا ــ يقول «جيد». يرى «جيد» أنه، لحكمة منه أو غباء، كان يقول ما يريد الحاضرين سماعه. يستمر «جيد» قائلا: بعد انتهاء السهرة انصرف الجميع.. إلا أنا .. مشيت وراءه. فالتفت إلي فجأة وقال: أنت كنت الوحيد الذي «يسمع» بعينيه!.. لذا سأروي عليك القصة التالية: (عندما مات نرسيس.. انقلب حال البئر وتبدل ماؤها العذب إلى دموع مالحة. وعبر الغابات جاءت الحوريات يغنين ويعزين البئر. وعندما رأين ماءها صار مالحا؛ ذرفنَ عليها ضفائر خضر.. وقلن: نحن لا نلومك على هذا النحيب أيتها البئر، فقد كان نرسيس غاية في الجمال. ردت البئر: أحقا كان نرسيس جميلا؟، وباستغراب قالت الحوريات: أنت أعرف منا بجماله.. فقد كان ينحني على ضفافك ويطرق إليك النظر.. وكنت أنت مرآته التي يرى فيها جماله اللا متناهي. أجابت البئر: لكني أحببت نرسيس لأنه عندما كان ينحني على ضفافي.. كنت أرى جمالي منعكسا في بريق عينيه).. انتهى كلام وايلد. وهذا المقطع الشعري المنثور أصبح مشهورا، وهو بعنوان «التابع». في هذا النص يستند الشاعر إلى أسطورة نرسيس الإغريقية التي تقول: كان نرسيس جميلا. فلما رأى نفسه في صحفة الماء أصبح يتردد على البئر ويزداد شغفا بجماله. وعندما مات بكت البئر فنبتت من الدموع وردة سميت «نرجس» على اسمه. من هنا يوصف المغرور أو من يبالغ في حب نفسه بالنرجسي. | ||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|