رواية "مراعي الفردوس" Pastures of Hevens للكاتب الأمريكي جون شتاينبك الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 1962، مذهلة رغم كآبتها، مدهشة رغم غرابة أطوار شخوصها، هي ثرثرة تصف مجتمع المزارعين في جنوب كاليفورنيا.
في هذه الرواية نتعرف على "مس مورجان" معلمة مدرسة القرية الوحيدة، الحالمة الهائمة بقصص الجان والحوريات التي ترويها لتلاميذها بلذة، وانطباعاتها المدونة حيث تقول: "بعد أن يؤمن الإنسان مصدر رزقه، لديه أمل منشود أن يترك بصمة أو دليلاً على أنه قد عاش.. ربما يترك هذه البصمة على الصخور أو على الخشب، أو على حياة غيره من الناس.. هذا الأمل المنشود يكمن في نفس كل إنسان، ابتداء من الطفل أو الفتى الذي يكتب عبارات بذيئة على جدران المرحاض، إلى بوذا الذي يحفر صورته في عقول أتباعه، إن الحياة مغرقة في اللاواقعية... وربما شككنا في وجودنا، ولذلك فإننا نحاول جاهدين أن نثبت ونؤكد أننا نعيش في الواقع".
ونصادف أيضاً في مراعي الفردوس السيدة "هيلين ديفنتر" الأرملة الصامدة التي لا تهزها كارثة، رغم توالي هطول الكوارث عليها من كل جانب.. بدءا بموت أمها وأبيها وترملها بعد ثلاثة أشهر من الزواج من صياد شهير.. ثم إنجاب ابنة مجنونة منه بعد عدة شهور من رحيله.. وانتهاء بقتلها لابنتها تلك بدم بارد وبلحظة جنون مطبق.. وصمود ذلك الصمود المخيف.. المخيف جداً إلى حد إثارة حنق القارئ عليها: "أعرف الآن ما ينتظرني في الحياة.. ما كنت لأشك فيه دائماً.. لا تقلق يا دكتور.. إني أستطيع الاحتمال"..
قتلها لابنتها الهاربة عبر حدائق مراعي الفردوس المكتظة بالشجر المتشابك بوحشية وبدائية.. الفارة صوب النهر.. حيث تنتظر عشيقاً سيأخذها على حصان أبيض.. رسمه لها خيالها المريض... وأثار جنون أمها.. ذلك الجنون الذي تثيرة غريزة التملك خاصة حينما يهددها ما قد يجردها من ملكية ما ولو كانت ملكية ابنة معتوهة..
ماكانت تلك الأرملة تستطيع اقتناص ابنتها لو لم تتلقَّ هذا الدرس في التصويب من زوجها الراحل:
"سأقذف الآن علبة من الصفيح.. لا أريدك أن تطلقي النار على شيء ثابت.. فإن من السهل أن نطلق النار على طير واقف"!!
الأتوبيس الجامح
تبدأ رحلة هذا الأتوبيس بركابه إلى مدينة " سان جوان " و أمام انقطاع الطرق لسوء الأحوال الجوية يسلك السائق بركابه الطرق الخلفية التي لم تعد مطروقة من البشر حتي يصل بركابه في تصيم و طموح إلى مقصدهم . و لأهمية هذه الرواية قد أفرد الناقد بيتر ليسكا فصلا كاملا لها في كتابه الممتع " عالم شتاينبك الرحيب " . و في هذه الرواية شتاينك المهتم بحركة الأحداث في معظم رواياته يهتم و لأول مرة إلى جانب ذلك بحركة الشخصيات و تفاعلها .
الفئران والرجال
يخلط الكاتب الأمريكي جون شتاينبك معاناة مزارعين يداعب خيالهما حلم امتلاك مزرعة
بمأساة أليمة تزيد من وطأة القهر والظلم على النفوس.
اللؤلؤة
أعظم و أشهر روايات الأديب الحائز على جائزة نوبل "جون شتاينبك"
"في المدينة كانو يتناقلون قصة اللؤلؤة العظيمة .كيف وجدت ,و كيف فقدت ثانية .كانوا يروون حكاية كينو ,صياد اللؤلؤ ,و زوجته جوانا و طفله كوواتيتو .و بما أن القصة تروى على هذا المنوال عادة , فقد حفرت جذوراً عميقة في عقل كل إنسان في المدينة .و بما أن الجميع كانوا يعيدون حبك القصص التي سكنت قلوب الناس ,فقد كانت هناك أشياء جيدة و أخرى سيئة , و أشياء سوداء و بيضاء ,إنها أشياء طيبة و شيطانية ,ولا شيء بين بين ,كما في كل زمان و مكان .و إذا كانت هذه الحكاية تنضح بالمثل ,فقد يأخذ منها كل واحد مغزى أخلاقياً خاصاً به ,ويعيد قراءة حياته الخاصة ,انطلاقاً منها .
تورتيلا فلات
وهي رواية مترجمة صادرة عام 2007 عن "أخبار اليوم" سلسلة "شرق وغرب" للكاتب الأميركي جون شتاينبك .
و " تورتيلا فلات " واحدة من عيون الأدب العالمي المشبعة بنظرة ساخرة رقيقة وتهكم متعاطف مع المهمشين . في الرواية استوقفتني شخصية بيلون المحتال، حين علم بالمصادفة أن أحد المساكين يخفي كنزا في الغابة ، وأراد بيلون أن يضع يديه على الكنز . ويقدم لنا شتايبنك منطق بيلون الذي يبرر به لنفسه الاستيلاء على ثروة الآخرين كالتالي : " قبل أن يتناول بيلون الموضوع راح يعد في ذهنه ترتيبات طويلة مدهشة ، شعر بالحزن الشديد من أجل ذلك المسكين ، وقال لنفسه : هذا المسكين الناقص النمو ، إن الله لم يمنحه كل العقل الذي ينبغي أن يكون له . ليس في مقدور هذا المسكين أن يعتني بأمر نفسه ، لأنه كما هو واضح يعيش في عشة دجاج قديمة قذرة ، ويتغذى بفتات الطعام الذي لا يصلح إلا للكلاب ، ويرتدي ملابس مهترئة، ولأن عقله غير ناضج فإنه يقوم بإخفاء نقوده . والآن بعد أن وضع بيلون للموضوع أساسا من الشفقة ، أخذ يمضي نحو الحل . فكر ، أليس من المحمود أن يؤدي المرء لهذا المسكين الأمور التي لا يستطيع هو أن يؤديها لنفسه ؟ مثل شراء ملابس ثقيلة له، وتغذيته بطعام يليق بالإنسان ؟ ثم قال لنفسه وقد تذكر : ولكن ليس معي نقود لأفعل هذه الأمور؟ ترى كيف يمكن إنجاز هذه الأعمال الخيرة ؟ . وصاح عقل بيلون : وجدتها . لدي هذا المسكين نقود ، ولكنه لا يملك العقل الذي يجعله يستفيد بها . وأنا لدي مثل هذا العقل. إذن سأقدم له عقلي حتى يستفيد بنقوده . سأقدم عقلي طوعا بلا مقابل . سيكون هذا عملي الخير نحو هذا الرجل الصغير المسكين الناقص النضج ".