شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   17 - رجل من نار - مارغريت روم - ع.ق ( كتابة / كاملة )** (https://www.rewity.com/forum/t126165.html)

أمل بيضون 27-07-10 12:36 PM

17 - رجل من نار - مارغريت روم - ع.ق ( كتابة / كاملة )**
 
17-
رجل من نار – مارغريت روم – روايات عبير القديمة

الملخص


من أجل سعادة عمتها وأستقرارها قررت تينا أن تخوض مغامرة كان مجرد التفكير فيها يرعبها , الأشتراك في بعثة ذاهبة الى أدغال الأمازون منتحلة أسم عمتها وصفتها , وعمتها عالمة نباتات شهيرة ! وعانت تينا الكثير في هذه الرحلة المحفوفة بالأخطار , لا سيما أنها غريبة وسط هذه المجموعة من علماء وباحثين تألف منهم الفريق الذي يقوده رجل غريب الأطوار يدعى رامون فيغاس المعروف بالرجل الناري بسبب مزاجه الصعب وعناده وقسوته وتعاليه , وخلال الأيام الطويلة التي أمضتها تينا في أدغال الأمازون بين الوحوش المفترسة والحشرات السامة والقبيلة الأقرب الى الحيوان منها الى الأنسان, أستطاعت أن تحقق عدة مكاسب , فماذا حققت تينا وكيف أنتهت العلاقة المتوترة بينها وبين رامون فيغاس وما هي المفاجأة التي أعدتها لعمتها؟


روابط الرواية

word


يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


text

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

رياح الغضب 29-07-10 10:01 PM

تسلم

nor11 01-08-10 04:14 PM

[rainbow]شكلها كدة نار منتظراك يا جميل[/rainbow]

أمل بيضون 02-08-10 06:42 PM

1- العمة كريس

ترنحت تيا دونيللي تحت ثقل المشتريات التي تحملها , وأغلقت وراءها الباب قبل أن تلقي بالرزم العديدة على أحد المقاعد القريبة.
وتنهدت وهي تحمد الله لأن عمتها كريس أصرت على عدم الأنتقال الى هذا البيت الجديد ألا بعدما تأكدت من تركيب التدفئة المركزية فيه , وبدأ الدفء يذيب الجليد الذي علق بشعرها الذهبي المائل الى الأحمرار , والذي أبى أن يستقر تحت قبعتها المصنوعة من الفراء , مرة أخرى , ألقت نظرة على مشترياتها قبل أن تحملها وتسرع بها الى المطبخ , لتعد العشاء لها ولعمتها.
وأخذت تترنم بقطعة موسيقية وهي تقوم بعملها , فهي تحب منزلهما المريح , وتشعر بالأعجاب والتقدير لهذه الآلآت الحديثة التي توفر عليها الوقت......... وبالسلام والراحة وسط هذا الديكور الرائع الذي يحيط بها , وقبل أن تنتقلا الى هذا المنزل , تركت لها عمتها حرية الأختيار لتنظيم المطبخ بالطريقة التي تعجبها , بينما أنهمكت هي في رسم وتنفيذ الديكور لما تبقى من غرف البيت , الذي يتكون من غرفة جلوس كبيرة ,وغرفتي نوم.
وغرقت تينا في أكوام الكعيبات والأعلانات الخاصة بأدوات المطبخ , حتى أذا أنتهت وعمتها من تأثيث البيت , كانت كل منهما معجبة تماما بالمجهود المبذول.
أجالت تينا بصرها في غرفة الجلوس التي تغير شكلها بعدما غطيت أرضيتها بسجادة خضراء بلون الغابات زينتها عمتها في الوسط بجلد نمر وصاحت مبهورة:
" صدقيني يا عمتي , لو لم تكوني متعلقة بوظيفتك , لتمكنت من جمع ثروة ضخمة من تصميم الديكورات , لقد أحسنت عرض كنوزك وتحفك بطريقة رائعة!".
وأبتسمت عمتها سعيدة بهذا الأطراء , بينما أخذت تينا تشير الى التحف الغريبة التي أحضرتها عمتها كريس دونللي من البعثات المتكررة التي أشتركت فيها , هذان شمعدان من النحاس الأصفر , تحولا ببراعة الى مصباحين حديثين غاية في الروعة على منضدة صغيرة من الخشب الهندي تجمعت تحتهما في تنظيم دقيق مجموعة عناقيد كريستال وقواقع غريبة , أكتشفتها العمة في جزيرة من جزر المرجان في البحار الجنوبية.
وعلى أحد الجدران علقا مرآة في أطار ذهبي , تعكس صورة لأحد المساجد , وعلى الحائط الآخر بعض اللوحات المرسومة بيد مشاهير الفنانين , وبعض التماثيل الدقيقة- وكلها من البرازيل- توزعت بطريقة فنية تنعكس عليها الأضواء التي تدخل من النوافذ الطويلة المكسوة بالمخمل , والتي تنسدل عليها ستائر من حرير تايلاند , وفي فجوة في الجدار وضعت تمثالا نصفيا من الخشب أحضرته من النمسا , الى جوار شجرة على شكل تنين من الوبر المنقوش مثبتة الى نموذج مصغر لأحدى قدور ساحرات الغابات.
غرفة مثيرة , غريبة , لكنها تعبر عن حق عن شخصية هذه المرأة التي صممتها , والتي تعيش حياة تتبدل بأستمرار.
كانت كريس دونللي معجبة جدا بنجاح أبنة أخيها في تصميم المطبخ وتنظيمه عكس تينا التي تعجب به للوهلة الأولى , لكنها عادت ووجدت أن أرضيته الرخامية البيضاء تتلاءم مع هذا القرميد الذي يكسو الجدار فوق الحوض , وأن صف القدور النحاسية ,وفرن الطهي الذي تعلوم أيضا قبة من النحاس أضفيا لمسة جمال مميزة على الغرفة.
لكن , وبعد مرور ستة أشهر على أنتقال المرأتين الى المنزل أنتهتبهجة الأثارة التي نتجت عن هذا التغيير الجديد , وأصبحت المناظر مألوفة وعادية , لاحظت تينا بدء دلائل الحيرة التي تصيب كريس كلما حثتها ساقاها على الرحيل , أبتسمت وهي تضع طبقين على المائدة , ففي كل مرة كانت عمتها ترتجف وهي تحدثها بخجل عن مشروع رحلتها المقبلة ,لكن تينا كانت تقابل كلماتها بهمهمات الأعجاب , لدرجة أن كريس لم تتصور أبدا أن الحديث لم يكن مفاجأة لها , ولم يخطر لها أنه خلال أسابيع القلق التي كانت تعانيفيها من تأنيب الضمير لتركها أبنة شقيقها الصغرة وحيدة في لندن , بينما هي تتجول في غابات أفريقيا , أو تتسلق جبلا في البيرو , تكون تينا في تلك الفترة تعد لها معدات الرحلة لتتأكد من أن كل ما تحتاجه في رحلتها سيكون جاهزا في لحظة الأعتراف ,التي تأتي غالبا قبل أيام قليلة من موعد الرحيل , تينا تعرفها جيدا لدرجة أنها تتوقع تحركاتها قبل حدوثها بأسابيع , بل ربما قبل أن تكون كريس نفسها أتخذت قرارها النهائي بعدّ

أمل بيضون 04-08-10 11:04 PM

وبالفعل , كانت تينا تعرفها جيدا..... تعرفها وتحبها , بل أنها فخورة بهذه العمة النحيلة الرقيقة ,التي ما زالت تحتفظ بشبابها كاملا , برغم أقترابها من الأربعين , والتي أستطاعت بكفاءتها العظيمة أن تحتل مكانة عالية في ميدان علم النبات , بعدما تخصصت في أكتشاف النباتات الغريبة في الأماكنالبعيدة والمجهولة من بقاع العالم , وكريس تعمل حاليا في حدائق كبو الملكية , وتشترك في بعثات علمية الى أماكن خطيرة وصعبة , متحدية الأخطار , بحثا عن نبات جديد تكتشفه , أو تضيفه الى المجموعة النادرة في كبو.
وكانت ينا المساعدة الأولى لها في العمل , لكنها على عكسها تحب الأستقرار وتكره السفر , وأستطاعت عمتها أن تحسن تدريبها وتعليمها كل ما أكتسبته من خبرة , حتى بدأت تينا تثير الأعجاب في محيط العمل , وتشق طريقها في الدوائر العلمية الكبرى.
تركت تينا المطبخ , وألقت نظرة فاحصة على غرفة الجلوس المريحة الدافئة , وقبل أن تعبر الغرفة الى النافذة لتلقي نظرة الى الخارج , محاولة أختراق برودة تلك الليلة من ليالي شهر مارس( آذار) , رأت الباصات المضيئة تزدحم بركاب يرتدون الملابس الثقيلة , ورأت تينا أيضا رذاذ المياه القذرة التي نثرتها السيارات المسرعة على ملابس سيئي الحظ من المساكين العائدين سيرا على الأقدام الى منازلهم , ألقت نظرة سريعة على ساعتها , وبدا عليها القلق , فكثيرا ما تدعى عمتها الى الأشتراك في لجنة من لجان العمل في اللحظة الأخيرة قبل عودتها , لكنها أعتادت أن تتصل بها لتنبئها بتأخرها عن موعد العشاء , ولم يكن من عادة تينا أن تعود مع عمتها الى المنزل , بل كانت تسبقها دائما بنحو ساعة حتى تتمكن من أعداد طعام العشاء , وعندما وصلتا الى كبو هذا الصباح , أستدعى الرئيس كريس لمقابلته , وكانت هي المرة الأخيرة التي رأتها فيها اليوم , وقطبت حاجبيها , فكريس دونيللي تستطيع أن تتسلق الجبال , وتصطاد الوحوش , وتواجه الكجهول في الأرض التي لم تكتشف بعد , لكنها تصبح طفلة عاجزة في خضم حركة المرور في شوارع لندن , عضت تينا شفتيها وهي تتذكر حيرة عمتها وترددها لدى عبور الطرق المزدحمة , مدت يدها الى الهاتف , وقبل أن ترفع السماعه , مزق رنينه المفاجىء سكون الغرفة .
ردت بلهفة:
" هالو , هنا تينا دونيللي.".
" تينا".
وعرفت الصوت على الفور , صوت رجل واثق النبرات أنه الدكتور أليكس ماكسويل صديق عمتها , وسألته بسرعة :
" أليكس , هل تعرف أين عمتي كريس؟ أنا قلقة عليها , تأخرت عن موعدها , وأنت تعرف خوفها من حركة المرور!".
أجاب أليكس ماكسويل غاضبا:
" طبعا أعرف , حاولت مرارا أن أحذرها لكنها تضحك دائما من حرصي على سلامتها , ولعلها تعترف الآن بأنني كنت على صواب!".
وصاحت تينا بصوت قلق:
" لعلها تعرف الآن؟ أليكس ماذا تقصد؟ هل تحاول أن تخبرني أن عمتي أصابها مكروه؟".
وأجاب بسرعة محاولا تهدئتها:
" أطمئني , لا داعي للقلق , أنه حادث بسيط , صدمتها سيارة على باب المستشفى تقريبا , ومن حسن الحظ أنني كنت في مناوبتي , طبيب الطوارىء يعرف أنها صديقتي , فأتصل بي وأخبرني".
صاحت تينا بخوف:
" أرجوك أخبرني ماذا حدث بالضبط , وما مدى أصابتها؟".
" كسرت يدها , ولكن حظها من السماء , على هذه المرأة أن تجد شخصا يعتني بها ويحميها من نفسها , عليه أولا أن يحطم عنادها!".
وأبتسمت تينا برغم أضطرابها عندما شعرت بالغضب والقلق في صوت أليكس ,عرفت منذ سنوات أنه يحب عمتها ,لكن كريس كانت تعلن دائما أنه ليس من العدل أن تتزوج رجلا سيجد نفسه وحيدا بعد فترة وجيزة من الحياة المشتركة , فهي أمرأة مستقلة ترفض التقيد بالزوج والبيت.
وشعرت تينا بالعطف عليه , وقالت مؤكدة :
" أعرف ما تشعر به يا أليكس , وأنا أوافقك على طول الخط! ربما في يوم ما , وأذا لم تتع من الأنتظار , تشعر كريس أنك على حق , لكنها الآن في حاجة الى الراحة والهدوء , هل أستطيع أن أحضر الى المستشفى لأعود بها , أم أن الصدمة شديدة عليها , ولن تستطيع الحركة؟".
وأنتظرت الرد بقلق , فبالرغم من أن أصابة عمتها خفيفة كما يقول , ألا أنها لا تطيق أن تراها ملقاة جريحة ووحيدة في المستشفى!

أمل بيضون 04-08-10 11:29 PM

زمجر الدكتور أليكس قائلا:
" صدمة ؟ ........ راحة ؟ هدوء ؟ حولت المستشفى الى دار للمجانين خلال الوقت القليل الذي مكثت فيه هناك , أقترحت عليها أن تبقى ليلة تحت المراقبة , لكن زئيرها المتواصل كان كافيا ليقنعني بضرورة عودتها الى البيت , من أجل راحة المرضى الآخرين".
وتنهد وهو يواصل كلامه :
" عمتك يا عزيزتي أمرأة في غاية العناد!".
وضحكت تينا ضحكة ناعمة , وواصل كلامه بعد قليل منهيا الحديث :
" تينا , سنصل اليك بعد ربع ساعة , أنتهت فترة عملي الآن , سأحضر عمتك معي في سيارتي الى المنزل".
شكرته بحرارة وأكدت له قبل أن ينهي المكالمة أنه سيجد عشاء فاخرا في أنتظاره.
كان الثلاثة يجلسون في أسترخاء , بعد عشاء شهي , في غرفة الجلوس المريحة , يحتسون القهوة , بدت كريس شاحبة اللون لكنها محتفظة بحيويتها التامة , جلست تينا الى جوارها على الأريكة البنية , وأمامها أليكس على مقعد وثير ,وعلى شفتيه أبتسامة رجل يشعر بالأكتفاء بعد عشاء فاخر , أخذ ينظر اليهما في كسل من فوق حافة نظارته :
" من يراكما يعتقد أنكما توأمان!".
فضحكت كريس وقالت:
" هذه كلمات مؤثرة يا عزيزي , هل تعرف أنني أحب فيك هذه الشهامة ؟!".
" أنا جاد في قولي ! لكما البشرة الصافية ذاتها , ولون الشعر الأحمر الذهبي الفريد ذاته , برغم أنكما تصففانه بطريقة مختلفة , والعيون الخضراء غير العادية ذاتها , المنحرفة بجاذبية طاغية حتى الطول والقوام متطابقان تماما!".
وأنتقل بعينيه من واحدة الى أخرى , ثم نظر , برقة الى كريس وقال:
" الأختلاف الوحيد بينكما , يكمن في طبيعة كل منكما , تينا تبدو كطفل مشرق لحظة أستيقاظه من النوم , أما أنت يا عزيزتي فتجمعين كل أغراء الأنثى الناضجة وغموضها".
زجرته كريس بحدة بعدما أحمر وجه تينا خجلا:
" كف عن هذه المداعبات يا أليكس , أخجلت الطفلة , أذا لم تتصرف بأدب فعليك بالعودة الى بيتك , هل نسيت أنني مريضة , كطبيب أنت تعرف جيدا أن عليك ألا تضايقني!".
تبادل أليكس وتينا النظرات , وأغرقا في الضحك , فمنذ ساعة واحدة , ثارت كريس لأن تينا تجرأت وطلبت منها الأستكانة والراحة , فأصرت أنها ليست مريضة , ولا تشعر حتى بأن ذراعها كسرت , ورفضت بشدة أن تعامل معاملة المرضى.
أحمر وجه كريس خجلا لما تعنيه ضحكاتهما وحاولت أن تجد مخرجا من هذا المأزق فقالت:
" في أي حال هناك أمور يجب أن نناقشها , لقد غيّر الحادث خططي تماما!".
ونظرت اليهما لتتأكد من أصغائهما وأضافت :
" بحق السماء , كيف يمكن أن أرحل بعد أسبوع الى الأمازون بهذه اليد المكسورة؟".
وخيم صمت مفاجىء بعد هذا السؤال , ثم , صرخ أليكس وتينا في وقت واحد:
" ولكن...... هذا مستحيل".
زمجر أليكس ,ورددت تينا:
" الأمازون .......كريس؟".
شعرت كريس بالسرور للأثر الذي أحدثته , وقالت:
" أنها آخر رحلة عظيمة على الأرض , وقد وقع عليّ الأختيار لأشترك فيها!".
وقبل أن يلتقط أحدهما أنفاسه ليقاطعها , واصلت كلامها بحماسة:
" أحدى الصحف اليومية الكبرى تمول رحلة الى نهري النيغرو .وأورينوكو لتختبر السفينة الطائرة في تلك البقاع , ويضم المشروع بعض الجغرافيين والمصورين , وأحد علماء الطبيعة والنبات , كاد يغمى علي من الأنفعال عندما عرضوا علي هذه الفرصة , تصوروا رحلة طولها ألفا ميل في أرض لم يطأها رجل أبيض حتى الآن ,فضلا عن أنواع من النباتات الغريبة سنجمعها , ثم أفسدت كل هذا بكسر ذراعي".
ونظرت بأحتقار الى الضمادة التي تربط بها ذراعها , قبل أن تتجه الى أليكس وتسأله بصوت ضعيف , بحثا عن بصيص من الأمل:
" هل هناك أي أحتمال في أن أستطيع القيام بهذه الرحلة؟!".
وأذا كانت تينا شعرت في وقت من الأوقات بأي شك في مشاعر أليكس أتجاه كريس , فقد تبدد تماما وهي تنظر الى وجهه الهادىء لترى تأثير كلمات عمتها عليه , ورأت الغضب يتصارع في نفسه مع العطف , قبل أن يجيب بحزم مغلف بقلق حقيقي:
" لا أمل يا كريس...... لا أمل!".
وكانت كريس تعرف هذه الأجابة مسبقا , لكنها كانت تبحث عن شعاع أمل , فظللت وجهها الجميل سحابة من الحزن وخيبة الأمل عندما سمعت رده , رأى أليكس هذا , فأمتلأ صوته بالحنان والعطف وقال مخففا عنها:
" كريس يا حبي لا تحزني , لا بد وأن تأتي فرص أخرى , هذه الرحلة التي تسمينها آخر رحلة عظيمة على الأرض , لا بد وأن تأتي أفضل منها خلال الأشهر المقبلة".
فقالت كريس بصوت ضعيف:
" ربما..... ولكن لن يكون هناك القائد كارامورو , الرجل الذي تمنيت دائما أن أصحبه في أحدى رحلاته , وهل هي الفرصة تهرب مني بعدما حصلت عليها !".
وصاح أليكس في دهشة:
" ومن هو كارومورو هذا؟".

أمل بيضون 04-08-10 11:41 PM

أنحنت كريس الى الأمام , وتحدثت بصوت أذهل تينا , كانت نبراتها تحمل من الأحترام والتقدير , ما لم تتصور تينا أن تحمله كريس لأي رجل في العالم .
قالت:
" أنه السنيور رامون فيغاس , برازيلي من أصل أسباني وله خبرة واسعة في ميدان أكتشاف الغابات , كما أنه أكثر الرجال جرأة في قيادة البعثات في الأدغال , ومن الأشخاص المعروفين في العالم , كانت عائلته واحدة من أولى العائلات الأسبانية التي أستقرت في البرازيل منذ أجيال عديدة , أكتسب أكثر معلوماته عن الأدغال من أبيه الذي كان مستكشفا شهيرا هو الآخر , وأعتقد أن رامون أنصرف الى شؤون أسرته بعد وفاة والده , أصبح هو كبير العائلة , فندرت رحلاته , هذه واحدة من الرحلات النادرة , وكم كنت أتوق للأشتراك فيها!".
ورد أليكس:
" يبدو أنه رجل عظيم حقا , ولكن هذا الكلام لا يفسر لنا حتى الآن معنى أسم كارامورو!".
" لا , أن له تفسيرا , فكلمة كارامورو تصور شخصية رامون فيغاس أكثر من أي كلام أستطيع أن أصفه به , أطلق عليه سكان الأدغال أسم كارامورو , ومعناه الرجل الناري , أو رجل من نار , أنا أصدق تماما ما تصفه به أساطير الوطننين هناك , أن له بالفعل شخصية بركانية!".
وقاطعها أليكس:
" أذن........ ربما كان من حسن الحظ أنك لن تشتركي في هذه الرحلة , فوجود أثنين بهذا الطبع الناري في مكان واحد مثير للمتاعب , ولذلك يا قطتي العزيزة, من الأفضل أن تمكثي في المنزل!".
ورمقته كريس بنظرة غاضبة , ثم تنهدت بائسة وقالت:
" حسنا , كلما أسرعت في الأتصال بالمدير لأخبره بما حدث , كان ذلك أفضل , لا شك في أنه سيصاب بخيبة أمل شديدة , قضيت معه طوال اليوم نضع الخطوط النهائية لخطة البحث عن حقيقة الأشاعات التي تدور حول طبيب وطني يعالج الناس بالأعشاب في الأمازون , وقد نجح في شفاء الوطنيين من مرض النقرس بمرهم مستخرج من نبات مجهول , وكنت مكلفة بأحضار هذا النبات , لذا علي أن أسارع لأخباره بما حدث حتى يستطيع أن يجد شخصا آخر يحل مكاني!".
وخيم عليهم سكوت عميق , فقد كانت كريس برغم كل شيء تشعر بالضيق والألم لفكرة نقل الحادث الى السير هانيمان , عالم النبات الشهير الذي ساعدها في الوصول الى مكانتها العلمية الحالية.

DANETT 04-08-10 11:55 PM

https://pcs.fares.net/pcs/images/rom0024.gif

أمل بيضون 05-08-10 12:36 PM

أما أليكس فقد صمت , تعبيرا عن تم*** برأيه بعدم قدرتها على السفر , وأن كان ضيقه وأكتئابه واضحين لأضطراره الى أرغامها على البقاء في لندن , جلست تينا تنظر اليهما وهي تتمنى لو كان في أمكانها أن تجد طريقة لمساعدة عمتها .
وفجأة قطع أليكس الصمت , فسأل كريس:
" لماذا لا ترسلين تينا بدى منك! أنك تقولين دائما أنها بارعة في عملها , وأنه لم يعد لديك ما تضيفينه الى معلوماتها , ستكون فرصة رائعة لها لأكتساب خبرة جديدة , حتى لو كانت غير قادرة على البحث عن أطباء الأعشاب".
وكان رد فعل تينا غريبا , أرتعشت بخوف ظاهر , ونظرت الى عمتها وقد أصفر وجهها ,وأنطفأت لمعة عينيها , وربتت كريس على يدها مطمئنة وقالت لأليكس بصوت هادىء:
" تينا لا تحب السفر بل أنها تكرهه , لا أتصور أبدا أنه يمكنني أن أطلب منها الذهاب الى الأدغال , مجرد التفكير في شكل العنكبوت يجعلها مريضة".
ونظرت كريس الى جلد النمر في وسط الغرفة , وأبتسمت وهي تمد ساقيها لتضع قدمها على رأسه بأطمئنان :
" أعتقد بأنها ترمي جلد الحيوان هذا الى الخارج أذا تأكدت أن أحدا لن يراها , أليس كذلك يا عزيزتي؟".
قالت هذه الكلمات , وهي تنظر الى تينا بحب شديد , لكن هذه الأخيرة هبت واقفة ,وقالت بصوت واضح الرعشة:
" سأعد بعض القهوة".
وأندفعت تحمل الصينية الى المطبخ!
وبعدما أغلقت الباب وراء خيالها النحيل , رفع أليكس حاجبيه بدهشة , وكأنه يطلب مزيدا من الأيضاح , فرفع أليكس حاجبيه بدهشة , وكأنه يطلب مزيدا من الأيضاح , فرفعت كريس يديها , وقالت بصوت يائس ردا على تساؤله الصامت:
" أنا أيضا لا أفهم , لا بد أن يسكون للأمر صلة بطفولتها غير العادية ".
فقال أليكس وهو يبحث عن سيكارة:
" أخبريني بما تعرفين عنها!".
" حسنا , أنت تعرف طبعا أن والدها هو شقيقي دين , كان أحد علماء النبات الشهيرين الى جانب حصوله على الزمالة من المعهد الملكي لعلوم النبات , وتوليه أرفع المناصب العلمية".
هز أليكس موافقا , بينما واصلت كريس كلامها:
" كانت زوجته مويرا ترافقه الى أي مكام يذهب اليه ,كان يصر على ذلك , ولم تكن هي في حاجة الى تشجيع , كانت تحبه كثيرا ,وعندما ولدت تينا أعتقدت بأن دين وزوجته سيتوقفان عن الترحال , ويستقران في منزل يجمعهما , أو على الأقل أن تبقى مويرا مع أبنتها , ويكتفي دين برحلات قصيرة يعود بعدها اليهما , ولكن لدهشتها الشديدة لم يتغير شيء في طريقة حياتهما , وارا يحملان الطفلة معهما الى أماكن غريبة وخطرة في كل أنحاء العالم حتى بلغت السن التي يجب أن تذهب فيها الى المدرسة!".
وأطلق أليكس صيحة تعجب , بينما أومأت كريس برأسها مؤكدة ومواصلة كلامها:
" ومن الطبيعي أنها تتلقى بعض المعلومات وثقافة علمية وهي تتجول معهما حول العالم , طبعا لمتهما على أصطحابهما الدائم للطفلة , ولكنهما لم يريا أي غرابة في ذلك , وكانت أجابتهما على كل مناقشة وأعتراض: ( الأطفال يعيشون في كل مكان , وفي كل الأحوال والظروف وطفلتنا في حماية كاملة".
وأبتسمت كريس بمرارة وأستطردت:
" وفعلا كانت الطفلة تعيش , بل تنمو , كانت طفلة جميلة وباسمة , سعيدة ومرحة , لكنها تحولت فجأة وقبل أن تفترق عن والديها بقليل لتذهب الى المدرسة الداخلية الى شبح هادىء منطو , وحاولت بكل جهدي أن أجعل أيامها الدراسية سعيدة , كنت أزورها وأصطحبها معي كلما يسمح لها بالخروج , لكنني لم أستطع أن أحل مكان دين ومويرا , فقد كانت تتوق شوقا اليهما , ثم............".
وفجأة أنخفض صوت كريس ليصبح همسا , وأنتقل أليكس الى جوارها , ووضع يده حول كتفيها , عرف الأفكار التي تزعجها حين رفع وجهها ورأى الدموع في عينيها , وفي صمت أخذ يحاول تهدئتها.
ثم قال:
" أعلم الباقي يا حبيبتي , لست في حاجة الى الأستمرار , توفي شقيقك وزوجته بالحمى في أحدى القرى الهندية ,وهكذا أصبحت وحدك المسؤولة عن رعاية تينا".
تنهدت كريس , وتركت رأسها تميل على كتف أليكس العريضة فربت على رأسها بحنان وهمس:
" يا حبيبتي , لو كنت تسمحين لي برعايتك ......... برعايتكما معا , تينا الآن في العشرين من عمرها , أمرأة تقريبا , فألى متى تعتقدين أنه عليّ الأنتظار حتى توافقي على الزواج مني؟".
وفي اللحظة ذاتها , ودون أي صوت , دفعت تينا باب المطبخ خلفها حاملة صينية القهوة , رأت الرأسين المتقاربين , وتوقفت مكانها , كانت على وشك أن تسعل سعلة خفيفة لتنبههما الى وجودها , عندما سمعت عمتها تتكلم بحزن يائس أضطرها الى الصمت والأستماع:
" أليكس...... لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال , تينا في حاجة اليّ , أنها متعلقة بحياتنا المشتركة , أنا وهي , أنها تحب هذا البيت , ولا تحلم بالرحيل مثلي , أو مثل والدها ,منزلنا هو المكان الوحيد الذي شعرت فيه بالأمان الذي لم تعرفه , لا أستطيع أن أتخلى عنها , هل تفهمني يا أليكس , ببساطة لا أستطيع أن أهجرها!".
وأمتلأ صوتها بالدموع وهي تقول:
" أنتظر قليلا يا حبيبي , حتى تقرر تينا ما تريد أن تفعله في حياتها , وعندئذ , وأذا كنت ما زلت تريدني , أتزوجك وأنا في منتهى السعادة".
لم تصدق تينا أذنيها , وخرجت كالمتخدرة من الغرفة , عائدة الى المطبخ.

أمل بيضون 05-08-10 01:17 PM

2- بداية الرحلة

أرتفع صوت الطائرة مدويا ! وهي تدير محركاتها لتجري على مدرج مطار لندن,وكان دوي المحركات النفاثة يصرخ في أذني تينا : غبية , عمياء , أنانية , بلهاء , وملأت الدموع عينيها وهي ترسل نظرة أخيرة الى الشخصين اللذين تشعر نحوهما بكل هذا الحب , وبتأنيب الضمير , لكن الطائرة أستدارت فجأة لتعترض نظراتها , وتستقر في طريقها الى ميامي , ومنها الى البرازيل , لتهبط في مطار مدينة مانوس حيث كان من المقرر أن تلتقي مع أعضاء الفريق الذي يشترك في ما أسمته عمتها ( آخر رحلة عظيمة على الأرض).
أسترخت تينا تماما في مقعدها , وأراحت رأسها على الوسادة الصغيرة , أغمضت عينيها , وأسترجعت مرة أخرى تلك الأيام الأليمة التي سبقت رحيلها , تداعت الصور أمام عينيها وهي تسترجع الأحداث التي أخرجتها من حياتها الهادئة , وكادت تكذب نفسها : هل صحيح أن كل هذا حدث في أسبوع واحد , فقط منذ سمعت كريس تفضي بحبها الى أليكس؟
وأهتزت الطائرة أهتزازة عنيفة أثر سقوطها في أحد المطبات الهوائية , وأرتفع الضجيج حولها , ولكن ذلك لم يستطع أن يطغى على آلامها النفسية التي كانت ترهقها , كان رد فعلها الأول عندما أستمعت الى صوت عمتها الهامس وهي تناجي أليكس , أن تراجعت بهدوء الى المطبخ , وهناك نظرت حولها في ذهول , أمتلأ قلبها بالأسى ثم بالأحتقار لنفسها , ولأنانيتها , هذه الأنانية التي جعلتها تتعلق بالمرأة التي بقيت طوال سنوات تمثل لها طوق النجاة , مضحية بسعادتها وسعادة الرجل الذي تحب وبالمستقبل العائلي والبيت والأولاد , وأخذت تينا تلوم نفسها , أنها السبب في التفريق بين أثنين هما أحب الناس الى قلبها , ووضعت رأسها الملتهب على حائط المطبخ الرخامي البارد , لتهدىء الحمى التي تلهب عقلها , وترغمها على مواجهة الحقيقة المرة , أن حل مشكلتها بين يديها , صحيح أنها لا تستطيع أن تنكر أنها كانت تتمنى لو تبقى سنوات طويلة مع عمتها , شريكتين في العمل , سعيدتين معا , طالما أعتقدت أن كريس وهبت حياتها لعملها الذي أحبته , لكن يبدو انها كانت مخطئة وواهمة , وشيئا فشيئا , كان عليها أن تتخلى أحلامها , وأن ترغم نفسها على خطة جديدة , خطة بلغت من النجاح حدا أوصلها الى هذه الطائرة المتجهة الى مكان تعرف مسبقا أنها ستكرهه , ولكن...... لا يهم , لا شيء يهمها ألا النتيجة التي حققتها , وهي أجبار كريس وأليكس على تحديد موعد زفافهما بعد أسبوع واحد من عودتها.
وقطعت المضيفة عليها سيل خواطرها , قائلة:
" آنسة دونيللي , هل تريدين بعض القهوة؟".
"لا".
ردت بصوت بارد , صدم الفتاة في الحال , وبرغم شعورها بخشونة الرد ألا أنها لم تستطيع أن تعذر لها , أدارت وجهها الى النافذة , ومرة أخرى عادت الذكريات تطاردها , وأخترقت الطائرة سحابة قاتلة , جعلت الغيوم حولها تتحول الى شاشة سوداء تستعيد عليها ذكرياتها , وكأنها ترى أحد الأفلام السينمائية تعرض أمامها , أنها تشاهد الآن رأس كريس بتاجه الذهبي الأحمر , معتمدا على كتف أليكس , ونظرة الذنب في عيونهما عندما عادت الى الغرفة في المرة الثانية , بصوت مسموع , ورأت نفسها في ردائها الأزرق , وقد نجحت في رسم أبتسامة عريضة على شفتيها , وسمعت صوت عمتها مرحبا:
" أهلا عزيزتي تينا , هل أعددت قهوة , أنني في حاجة شديدة الى فنجان منها!ّ".
ووضعت تينا القهوة في الفناجين الثلاثة ,قبل أن تتجه الى عمتها قائلة:
" كريس , هل يمكن حقا أن أذهب بدلا منك الى تلك البقاع؟!".
وأمسكت أنفاسها قليلا قبل أن تواصل كذبتها:
" كم أتمنى لو أذهب الى هناك؟".
وساد الصمت , وأنتابت الجميع دهشة كاملة , ثم قالت كريس:
" ماذا؟ ذلك ممكن طبعا , لكنني أعتقد أنك تكرهين السفر كما كنت تقولين..........".
فقاطعتها تينا وهي تحاول أن تتصنع اللباقة:
" نعم أعرف ما كنت أقول , غيرت رأيي الآن , وفي أي حال فهذه تقاليد العائلة , أليس من الطبيعي أن يكون كل آل دونيللي من المكتشفين ؟ عشت مستقرة في مكاني مدة كافية".
ورفعت يديها أمامها محاولة أن تزيد من أقناعهما , ونجحت في أن تكتم أنينا صامتا في صوتها وهي تستطرد:
" أنا الآن في مرحلة الشباب , وأشتاق الى أن أرى مزيدا من العالم , وأعتقد أنك تفهمين شعوري يا عمتي , أليس كذلك ؟ لعل اللهفة الى المغامرة والحنين الى الترحال يجريان في دمائنا , هل يمكن أن تساعديني على القيام بهذه الرحلة!".
وفي الحال , بدت الحماسة الشديدة على وجه كريس وقالت:
" بكل سرور يا عزيزتي , أذا كانت هذه حقا رغبتك , كنت دائما أتمنى أن يأتي هذا اليوم , كنت أعتقد أنك تكرهين فكرة السفر".
وتحول تعبير وجهها الى الدهشة وهي تردف:
" ولكن كيف حدث هذا التغيير المفاجىء ؟ منذ لحظات عندما أقترح أليكس الفكرة , خيّل ألي أنك ترفضينها بشدة , والآن تخبرينني أنك في غاية الحماسة للأشتراك في الوفد!".
ورأت تعبيرا على وجه تينا , جعلها تنقل نظرها الى باب المطبخ , الذي كان ما يزال يهتز , ولكن قبل أن تصل الى الربط بينه وبين ما حدث , أسرعت تينا الى النافذة , وجذبت الستائر التي تحجب الجو القارس في الخارج وأشارت قائلة بحماسة:
" أنظري الى الطقس".
ثم أضافت بصوت مسرحي أخاذ:
" من لا يرفض أن يترك هذا الجو الى شمس البرازيل الساطعة , أذا سنحت له الفرصة؟".
ونجحت الخدعة , منذ تلك اللحظة بدأ التخطيط أو التحايل كما أطلق عليه الدكتور أليكس , فقد صدم بتجاهل كريس لقواعد الأخلاقيات وهي تعد تينا لتحل محلها لدرجة أدهشته , فقد رفضت أن تخبر السير هارفي هانيمان بهذا التبديل , وعندما أعترض أليكس قالت بصوت صارم:
" لا , لن نخبره الآن , أنه راحل في الصباح الباكر الى الولايات المتحدة الأميركية , وهذا هو السبب في أنني قضيت اليوم كله معه لأنهي كل تنظيمات الرحلة , وسأشرح له ما حدث بعد عودته !".
وعاد أليكس يعترض:
" وماذا عن بقية أعضاء الفريق , ألن تكون مفاجأة لهم أن يجدوا شخصا غريبا عنهم تماما ينضم اليهم ؟".
فأجابته كريس بصوت منتصر:
" لن يعرفوا فأنا لم أقابل أحدا منهم , وتينا وأنا نحمل الأسم نفسه كريستينا دونللي , لن ينتبه أحد للتغيير , وكل ما يمكن أن أطلبه من تينا هو الصمت والأبتعاد قدر الأمكان عن أعضاء الفريق".


الساعة الآن 10:42 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.