آخر 10 مشاركات
[تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          آنا (54) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الخامس من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة .. (الكاتـب : Gege86 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          متى تحضني عيونك اذا هذي العيون اوطان ؟ , متميزة"مكتملة" (الكاتـب : توآقهَ ♥ لِــ ♥ لُقّياكـْ - )           »          رواية حبيبتي (3) .. سلسلة حكايا القلوب * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          فرصة أخيرة -ج 2حكايا القلوب-بقلم:سُلافه الشرقاوي[زائرة]كاملة &الروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-08-10, 10:12 PM   #21

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي


وكانت كلماته تدل على صعوبة فكرة تقبل القبيلة لها , بحيث وهنت ثقتها وتزعزعت , ويبدو أن شيئا من ترددها ظهر عليها لأنه توقع منها ردا أيجابيا على سؤاله:
" هل أنت مستعدة للتعاون معنا؟".
فقالت وهي تعترف بهزيمتها:
" لا بأس , سأفعل ما تطلبه مني ولو مؤقتا".
وأستراحت مارييل عندما لم يحاول أن يستغل أنتصاره عليها , لكن قلبها أخذ يدق بقلق عندما أشار لأحدى الغجريات التي تقدمت منه بتثاقل , ألا أن مارييل لم تلمس فيها روح العداء التي أبدتها الفتاة لالا عندما قدمهما روم لبعضهما قائلا:
" مارييل , هذه هي كوري زوجة صديقي الحميم روبا وسوف نسافر معهم كجزء من أسرتهم".
ثم تابع الحديث قائلا:
" بما أن مارييل تتكلم البولندية بدرجة لا بأس بها , سيكون في أستطاعتكما التفاهم معا".
وجالت كوري بنظراتها البرّاقة فوق وجه مارييل , وعندما لم تجد ترددا أو تراخيا ظهرت على وجهها أبتسامة بطيئة , فأستراح روم وأنصرف وهو راض لينضم الى أعضاء مجلس القبيلة الذين كانوا في أنتظاره.
وقالت كوري بخجل وهي تتوقع رفضا محرجا من مارييل:
" هل أنت جائعة؟".
فتنهدت مارييل بأرتياح لسؤالها وقالت:
" أشعر بجوع شديد وكأنني لم آكل من مدة طويلة , كما أن رائحة طعامكم رائحة ".
وبدا الحرج على وجه كوري وهي تقول :
" يجب ألا نأكل قبل الرجال , لكنني سأحجز لك كمية من الطعام تشبع جوعك".
ثم أبتسمت وقالت تداعب مارييل:
" تعالي...... سأعطيك شيئا قليلا من القدر , فأذا أشتدت حدة المناقشة سينسى الرجال حاجتهم الى الطعام , لذا يجب ألا نتركك تعانين من الجوع أطول من ذلك".
وضحكتا كالأطفال وهما تلتقطان من القدر قطعا صغيرة من اللحم لأشباع الجوع الذي كان يؤلم معدة مارييل ,وفي نفس الوقت تجاهلت كوري نظرات الغضب المصوبة اليها من بقية النساء وهن منهمكات في طهيهن , وجلست الصديقتان تتبادلان الحديث وتتعارفان.وأستجابت كوري لرغبة مارييل في معرفة كل شيء عن حياة الغجر الذين يعيشون في حركة مستمرة كالغصون المتمايلة والمياه المتدفقة , فسألت زميلتها قائلة:
"هل لديك أطفال يا كوري؟".
وعكست عينا كوري عاطفة الأمومة وهي تشير بيدها ناحية شيء يبدو كغطاء كبير موضوع على الأرض بين عربات الغجر وقالت بفخر:
"لدي طفلان ,أبن أسمه بونزي وأبنة أسمها موزول وهو في لغتكم أسم قاكهة".
وعندما نظرت اليها مارييل بدهشة ضحكت كوري وتابعت كلامها قائلة:
" أننا نسافر كقبيلة واحدة ولكل أسرة منا عربتها الخاصة , وتقوم كل زوجة بالطهو والغسيل والتنظيف لأسرتها , فبالرغم من سفرنا المشترك ألا أن كلا منا يحترم حرية الآخر ورغبته في العزلة , لكن أذا أحتاجت أية أسرة الى مساعدة ما نقدمها لها , أما الأطفال فلا يتّبعون هذه القاعدة فهم ليسوا في حاجة الى العزلة , فهم يختلطون طوال النهار وطوال الليل أيضا".
ثم أشارت الى الغطاء الكبير الذي لاحظت مارييل حركة تحته وكأن بركانا صغيرا يثور بداخله , وتابعت كوري كلامها قائلة:
" ينام كل الأطفال معا كما ترين تحت غطاء واحد , ويبدو أن أحدهم قلق الليلة وسوف تحدث ضجة وضحك ومرح من الآخرين حتى يهدأ وينام أخيرا".
وسألتها مارييل وهي تتعجب من طريقة حياتهم :
" ألا تتعبين من نفس الصحبة طوال الوقت , وتتمنين رؤية وجه جديد والأستماع لأراء جديدة من آن لآخر؟".
" نحن نختلط مع الآخرين , ولسنا دائما في قبيلة واحدة , فقريبا قد يقرر زوجي أو غيره من الرجال ترك هذه القبيلة والأنضمام الى غيرها , فمثلا قد نجد عند مفترق الطرق أعلانا نعرف منه أن قبيلة شقيق أو قريب موجودة في المنطقة فنترك هذه القبيلة ونبحث عن الآخرين , وهكذا يستمر أرتباطنا بأسرنا ونعرف منها جميع الأخبار , من مات ومن ولد ومن سيتزوج".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-10, 10:29 PM   #22

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

أستولى الحديث على أنتباه مارييل حتى أنها أعتبرت عودة الرجال شيئا غير هام , وعندما ظهر روم بورو وروبا زوج كوري من ظلام الليل ,ودخلا الى حلقة النور طلبا الطعام , بدا التبرم على وجهها وسأل روم مارييل قائلا وهو يسرع في ألتهام الطعا الذي قدمته له كوري:
" ألا تريدين معرفة القرار الذيي أتخذه المجلس بخصوصك؟".فردت عليه مارييل بوقاحة قائلة:
" بما أن آرائي لا قيمة لها , فلا فائدة من السؤال".
فوافق على أقوالها بغضب وقال:
" معك حق , ومع ذلك أجد لزاما عليّ أن أوضح لك بأن المجلس أتخذ قرارات في صالحك , فأكراما لي , قرروا السماح ببقائك , وأكراما لخالتك ستكونين ضيفة مكرمة طيلة بقائك هنا , لكن بشرط ألا يحرج وجودك أحدا , فالغجر يعتبرون تصرفات الأغراب غريبة , فيجب أن تعذريهم أذا أبدوا مخاوفهم من قدرتك على معايشة نسائهم بنجاح".
وكانت مارييل على وشك الأحتجاج على وضعها تحت الأختبار عندما أنسل شخص الى الجزء المضيء في وسط المعسكر ليفضي برسالة هامة في أذن روم , وفجأة رأته يثور مثل الحيوان المطارد ويصمت ثم ينتفض واقفا ويختطفها بين ذراعيه ويرفعها عن الأرض قائلا لها وهي تحاول الأفلات من قبضته:
" لا تتحركي ولا تنطقي بكلمة واحدة".
وبينما هو يحملها الى المنطقة المظلمة من المعسكر سمعت أصواتا آتية من حدود المعسكر تجادل بجلبة واضحة , ألا أن هذه الأصوات خمدت فجأة عندما أنزلها روم الى الأرض ودفع بها تحت الغطاءالضخم الذي يرقد تحته الأطفال النائمون , وأخيرا أتضحت لها خطورة الموقف حين سمعت صوت سيرجي أيفانوف يدوي في أرجاء المعسكر :
" تعلمون جميعا عقاب الذي يؤوي مجرما , فأذا وجد جنودي تلك الفتاة الأنكليزية في معسكركم فلا داعي لأن أخبركم بما سوف يحدث لكم , فالفتاة جاسوسة ويجب القبض عليها".
وأصدر أوامره المشددة الى رجاله بتفتيش عربات الغجر , فأرتجفت مارييل تحت الغطاء عندما سمعت تكسير الأخشاب وتحطيم الأواني مما يدل على عنف الجنود أثناء قيامهم بعملية التفتيش , ولفت نظر أحد الجنود الروس أنين أحد الأطفال في نومه فسأل بحدة :
" ما هذا؟".
فردت عليه كوري قائلة:
" أنه طفل قلق يئن في نومه فأرجو ألا تزعجه".
وسمعت مارييل صوت الأعشاب تتحطم تحت حذائه الكبير وهو يقترب من الأطفال النائمين , وتصببت عرقا من الخوف وهي تنتظر محبوسة الأنفاس بينما وقف الروسي قريبا من رأسها يفكر هل يرفع الغطاء عن الأطفال أم لا , وكاد يغمى عليها من رد الفعل عندما قرر ألا يرفعه وأبتعد عنه ,وبعد نصف ساعة تم خلالها تفتيش جميع العربات ونزع كل شيء عنها , أمر سيرجي أيفانوف رجاله أن يتوقفوا عن التفتيش ويتركوا المعسكر.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-10, 08:34 PM   #23

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

3- عداء الحب

كانت عربة الغجر متينة البناء تقف على عجلات عالية , وفي كل جانب منها ثلاث نوافذ تغطيها ستائر باهتة كانت في يوم من الأيام زاهية اللون , وفي مقدمة العربة باب مزدوج أمامه عتبة عريضة مثل الشرفة , أما جدران العربة فمن الخشب الزان الطبيعي المصقول , وسقفها أبيض اللون , وظهر لحاف زاهي اللون فوق أريكة منجدة تستخدم كسرير , وفي العربة كرسيان بدون ظهر وعدد من المساند المحشوة بالريش , هذا هو كل الأثاث الموجود في الغرفة التي تستخدمها مارييل كمنزل لها.
أستلقت مارييل على السرير , وأطبقت بيديها على اللحاف بدون وعي وهي لا تزال تحت تأثير اللحظات المخيفة التي مرت بها , ورأت على الحائط العاري ظل روم , وقد طال بسبب ضوء المصباح المدلى من سقف الغرفة ,وشعرت , بوجوده في كل شبر من العربة يهيمن عليها من مكان ويوجه اليها سؤاله:
" أما زولت تعتقدين أن جهدنا لأبعادك عن طريق سيرجي أيفانوف عملية مسرحية لا ضرورة لها؟".
فنظرت اليه وهي تمقت تعاليه عليها ووقاحته في عدم الأهتمام بمشاعرها , فجاءت كلماتها مريرة عندما ردت عليه معترفة بالواقع وقالت:
" لقد أخطأت , وأعرف الآن أن أملي الوحيد في الحرية هو في يديك , وأيدي عشيرتك , لذا سأبذل كل ما في وسعي حتى أكون محبوبة لديهم".
" كم أنت عاقلة!".
قالها روم وقد شعر بخيبة أمل من عدم ردها بعصبية كعادتها معه حتى الآن.
ومما زاد في شكه من موقفها الجديد هو أعتياده على مقابلة الناس له بحرارة سواء كانوا من أفراد جمهوره أو أفراد قبيلته , لذا وجد في موقفها الجديد شيئا غريبا , وقالت مارييل في نفسها: أذا كان هذا هو شعوره فأنه سيصاب بمزيد من خيبة الأمل لأنها تعتزم في المستقبل أن توقف روم الجبار عند حده.
كانت سلامتها تتوقف على هذا الرجل الذي ينتعش من تبرمها الغريزي , ولكن بما أنها تفضل عدم المجازفة في البقاء مع القبيلة , قررت أن تكون على وئام مع ذلك الغجري المتعجرف.
لذلك راقبته وهو يصب الشراب الأحمر كالياقوت في الكؤوس الرشيقة وتغلبت على أشمئزازها , وقررت أن هذه الفرصة مؤاتية خطتها الجديدة , لذا قبلت منه الشراب بنظرة دلال صوبتها نحوه من بين أهدابها الثقيلة و ورشفت قليلا ثم همست:
" أشكرك , أنه لذيذ , هل هو من أنتاج مزارع كرومك في أسبانيا؟".
وعندما رفع حاجبيه من الدهشة لسؤالها هذا , شعرت أنها أرتكبت خطأ جسيما لكنه قال:
"ولماذا مزارعي أنا بأسبانيا على وجه التحديد؟".
وأثار تساؤله أحمرار وجنتيها وأجابته بتردد:
" لا أدري , فأنني أقرن الغجر دائما بالأندلس وموسيقى الفلامنغو والرقص والشمس".
" أنك تفكرين في غجر أسبانيا الذين يعتبرون نصف رحل , وغالبا ما يكونون مستقرين مثل الغجر الموجودين لديكم في أنكلترا أو في ألمانيا أو رومانيا , أما هم فرحل أصليون يقتصر ترحالهم على حدود بلد واحد أو حتى دولة واحدة , أذ توجد قبائل روسيا وأمريكا كما تجدينهم في أي مكان في العالم , من أوسلو حتى أسطنبول ومن الملايو حتى أفريقيا الجنوبية والبرازيل , فهل هذه الحقائق تدهشك؟".
فقطبت جبينها وقالت معلقة على كلامه , وقد بدا التساؤل في عينيها الرماديتين الواسعتين :
" تقول هم كما لو لم تكن واحدا منهم ".
وتملكت روم الدهشت لتعليقها , وبعد تردد بسيط سحب كرسيا وجلس عليه في مقابلتها وقد وقع ضوء المصباح على شعره الأسود الفاحم وجعل فمه الصارم يبدو أكثر سماحة , وعندما بدأ في الكلام جاء حديثه بطيئا في بادىء الأمر , ثم زادت سرعته وكأنه يجد الراحة في التخفيف من العبء الذي يحمله في قلبه من ذكريات دفنها منذ زمن طويل , فقال وقد أذهلها كشفه لها عن أسراره.
" بدأت حياتي مع الغجر في ليلة مقمرة من ليالي شهر مايو سنة 1940 وكنت في الثالثة من عمري , لكنني أذكر بوضوح أنني أستيقظت في سريري تلك الليلة على صوت قادم من السماء , وتلاه صوت ظننته لأول وهلة رعدا , ومع ذلك لم أشعر بالخوف , فقد كان والدي نائمين في الغرفة المجاورة , لذا بقيت في سريري أنصت بأهتمام للصوت , حتى أخذ في الأرتفاع , فجريت الى النافذة وقد تملكني الخوف الممزوج بالدهشة والأنبهار فرأيت مجموعات من الطائرات الحربية تحمل علامة النازي أي الصليب المعقوف وهي تحوم حول أسقف المنازل , ومن آن لآخر كانت أحداها تخفض جناحيها وتسقط من السماء كالنسر الجريح ثم تنفجر حين ترتطم بالأرض محدثة خزابا كبيرا , ومن شدة خوفي أردت أن أجري الى غرفة والدي ولكنني وجدت نفسي متسمرا في مكاني ,وفجأة شعرت كأن المنزل بأكمله قد أنفجر وأنهار ببطء حولي في كوم من التراب والحجارة والأخشاب المحطمة".
وحبست مارييل شهقة تنم عن ألمها , وبالرغم من سماعها القصة كما رواها لها صاحبها بلا مبالغة , ألا أنها رسمت في مخيلتها صورة واضحة لما حدث , وهمست قائلة :
" ووالداك؟".
فرد عليها قائلا :
" لقد قتلا ..... والشيء الوحيد الذي أذكره بعد ذلك هو تخبطي بين جموع الناس وهم يسرعون في سيرهم هاربين من الدمار , وكان الطريق مزدحما بعربات النقل والأوتوبيسات وأعداد هائلة من الدراجات بعضها عليه ركاب , وبعضها محمل بالبطاطين والمراتب والحقائب المحطمة وكلها تسير على الأرصفة هربا من الطريق المزدحم بالمرور , ولم يلحظ وجودي أحد , وبعد عجزي عن السير من شدة التعب , تسللت الى أحد الحقول ورقدت لأنان قليلا".
وبدت في عينيه ومضة تعبر عن ذكرى أسعدته وبددت النظرة التائهة من عينيه .


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-10, 08:55 PM   #24

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

لكنه أستمر في الحديث فقال متابعا قصته:
" صحوت لأتناول أفطارا من الحساء الساخن المقدم اليّ من وعاء كبير كان يغلي على نار موقدة بالقرب من قدمي , وشجعتني الوجوه السمراء الباسمة على شرب الحساء ونسيان شعوري بالضياع وبالفرع , أنهم الغجر الذين تقبلوني بحنانهم كواحد منهم".
ظلت مارييل صامته عندما أنتهت كلماته وأخذت تفكر في هول ما سمعته , وشعرت بضآلتها بأعتبارها الشخص الذي يفضي اليه ذلك الرجل المتعجرف بسر حياته , ثم أوحى لها عقلها ألا تفرح بهذه الثقة فهي بالنسبة له لا وجود لها , بل هي مبعث مضايقة له كما لو كانت ذبابة على ذراعه , أما غير ذلك فهي لا شيء , كان في أمكانه توجيه كلامه الى أشباح بدلا منها , ألا أنه بوعي أو بغير وعي قد كشف عن وحدته , لقد كان قائد الغجر وليس رئيسهم , لأن ذلك الجنس الحر يخضع لسلطة شخص واحد , ولكنهم يشعرون فيما بينهم وفي قرارة أنفسهم بأن دماءه ليست من دامائهم , وهذه الحقيقة لم يبوحوا بها أبدا بل يفضلون تجاهلها , فبالرغم من الأحتفال به وأحترامه لم يكن من بين أصدقائه الكثيرين والمعجبين به من يعتبره من أهله.
ثم وقف وتمطى بتكاسل كما لو كان ينفي نظريتها بأنه وحيد ,ثم مشى الى الباب وكأنه ضيّع وقتا كثيرا في حديث عابر :
" أرجو أن يكون سريرك مريحا ,وأذا أحتجت الى أي شيء سأكون قريبا منك".
ودفعها الفضول الى الأقتراب من النافذة بعد أن تركها وخرج , فكان المعسكر ساكنا والأجسام الهادئة ممدة تحت الأغطية الثقيلة داخل الحلقة المحيطة بالنار الخامدة , وسمعت نعيق بومة أرتجف لها جسمها متوقعة منها شرا , لكنها أطمأنت عندما رأت روم الطويل ممددا على الأرض عند نهاية السلم المؤدي الى عربتها , وعندما أخذت تخلع ملابسها دارت أسئلة حائرة عديدة في ذهنها تبحث عن ردود لها , وتأكدت وهي تدخل تحت لحافها الدافىء أنها لن تستطيع النوم , ألا أن جفنيها أطبقا قبل أن تفكر في أحداث ذلك اليوم المثير.......
وأستيقظت على صوت ضحك وصراخ جموع الأطفال وهم يجرون بين العربات , وتحت أرجل الخيل , وعلى حدود المعسكر , يمرحون ويرتعون في أستمتاع ظاهر وصحة جيدة , ولم تجد أثرا لروم أو غيره من الرجال عندما خرجت من عربتها لتبحث عن ماء تغتسل به وما زال النوم يداعب عينيها , ألا أنها رأت كوري التي كانت في طريقها لمغادرة المعسكر وقد علقت دلوين في ذراعيها , وعندما نادت عليها مارييل , أنتظرت مبتسمة حتى لحقت بها وقالت لها:
" أنني ذاهبة لأحضار ماء لغسل الملابس ,ويحسن بك أن تأتي معي لأن هناك عادات يجب أن أشرحها لك لأتباعها أذا كنت ستبقين مع قبيلتنا".
فردت عليها مارييل قائلة:
" أولا أنا بحاجة الى الأغتسال , وبعد ذلك سأستمع بسرور لتعليماتك ".
ألا أن كوري هزت رأسها وقالت:
" بل أستمعي اليها قبل الأغتسال , وألا خالفت تعليمات القبيلة ووقعت تحت طائل عقاب مجلسها".
ووصلتا الى النهر قبل أن تسأل مارييل المزيد من الأسئلة , وبلغت دهشتها منهاها عندما بدأت كوري في تقسيم النهر الى أقسام مختلفة بخطوط وهمية , وبكل جدية شرحت لها كوري عاداتهم قائلة:
" تؤخذ مياه الشرب والطهي من أقصى شمال النهر , وتليها مياه غسيل الأواني والأستحمام , وبعدها جنوبا تأتي المياه اللازمة لشرب الخيول وغسيل الملابس ,ويجب أستعمال دلو مختلف لكل غرض من هذه الأغراض , وألا أصبحت المياه نجسة , ويحرّم على الغجر لمس أي شيء نجس".
وفي الحال غيّرت مارييل فكرتها عن الغجر , وشعرت بأنهم يتمسكون بشدة بالعادات والتقاليد , وأحست بالخنوع وهي تشرع في تنفيذ تعليمات كوري .
وأعجبها المشي حافية القدمين في المياه الضحلة لملء الدلو الذي أعطتها أياه كوري , وكان للمياه بريق كالشمس , وأنسابت برودتها حول أصابع قدميها وهي تحاول أن تحافظ على توازنها فوق الحجارة المغطاة بالطحالب الخضراء في محاولة لملء دلوها من مكان بعيد.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-08-10, 12:43 AM   #25

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

وضحكت كوري من حركتها وقالت لها:
" خذي حذرك يا مارييل".
ولم تتم كلماتها حتى أنزلقت قدما مارييل ووقعت في البركة العميقة ووصل الماء حتى رقبتها , وسمعت صوت ضحكات تأتي من ناحية الشاطىء , بينما أخذت كوري تعاونها على الخروج وقد ألتصق شعرها الأشقر برأسها وجعلها تبدو كالصبي الخائف.
وشعرت كأن حلتها المبتلة تزن طنا وهي تلتف جول جسدها المرتعد من البرد , وحاولت كوري أن تغالب الضحك , أما لالا الواقفة ترقب الموقف , فكانت ضحكاتها تحمل معنى التشفي السافر وهي تقف على الشاطىء دون أن تحاول تقديم أية مساعدة لمارييل ,وأخذت ترقب كوري أثناء محاولتها جذب مارييل من المياه ,وقالت لالا وهي تضحك متشفية وتمر بيديها على جسدها الذي يتفجر أنوثة:
" أن فتاة روم الأجنبية تبدو كالصبيان أكثر من ذي قبل , كم أود لو كان روم هنا ليرى بنفسه ما أظهرته المياه , أن ملابس الرجال تخفي تحتها جسم صبي لم يكتمل نموه بعد.
وكادت المياه أن تتحول الى بخار من شدة غضب مارييل لهذا الهجوم الوقح , فطبقا للمقاييس الغربية يعتبر مقاسها مثاليا , أما بالنسبة لقوام لالا المكتنزة , فتعتبر نحيلة , وآلمها هذا , لذلك جاء ردها عنيفا في شكل مثل تعلمته من والدتها:
" أن الجمال لا يمكن أن يؤكل بملعقة".
ولشدة دهشتها أصطبغ وجه لالا بالأحمرار وأستدارت بنظرة حانقة وأنصرفت , وسمعت كوري بجوارها وهي تشهق من الدهشة , ثم تنفجر في نوبة من الضحك وتقول:
"كيف عرفت ذلك؟ أن عيب لالا الأكبر هو جهلها بطهو أبسط الوجبات , وقد أصابتها كلماتك في صميم كبريائها فلا غرابة ألا يتقدم لها أحد من رجال القبيلة ليتزوجها , لقد كسبت حقا هذه الجولة لكنني أخشى أن تزيد كلماتك من طبع لالا الحقود وهو الأنتقام لأقل أساءة توجه اليها".
ثم نصحتها قائلة:
" أحذريها يا عزيزتي , فقد جعلت منها عدوا".
ولما كانت خطط صوفي لم تشمل نقل أمتعة أبنة أختها معها , لذا أضطرت مارييل الى قبول الملابس الجافة التي عرضتها عليها كوري لأن كل ما تملكه من ملابس كان مبتلا على جسمها البارد , فدخلت عربة كوري وخلعت ملابسها ودلكت جسمها بمنشفة خشنة حتى عادت الدماء تجري في عروقها , ثم لبست التنورة المتعددة الطيات والبلوزة ذات الفتحة الواسعة التي أخرجتها لها كوري من صندوق ملابسها , وشعرت مارييل بملابسها الجديدة كأنها بطلة رواية موسيقية كوميدية , خاصة عندما ربطت مشبك الحزام العريض الذي جعل خصرها قطر دائرة اليد , وأستدارت اليها كوري وهي ما تزال تنبش في أعماق صندوقها وقالت لها:
" هذه الملابس تلائمك تماما , ولن يجد روم صعوبة في تفريقك عن صبي , كما لا بد أن لالا ستعترف بهذا الآن".
وضحكت كوري عندما أحمرت وجنتا مارييل من الخجل ثم عبرت عن رضاها عندما وقعت يداها على الشيء الذي كانت تبحث عنه في الصندوق ,فقالت لمارييل وقد أخرجت يدها من صندوقها بقبضة من المصاغ المصنوع من العملات الذهبية وقالت لها:
" بهذه ستتم زينتك".
فأحتجت مارييل قائلة:
" لا أستطيع أن آخذها , تبدو ثمينة وأخشى أن أفقدها".
فتعجبت كوري وقالت بتردد , وقد أحزنها رفض مارييل:
" أنني أقدمها لك هدية لا ترد , فمن عاداتنا تقديم أحسن ما لدينا لمن نعجب بهم".
وقفز قلب مارييل لضخامة خطئها , بدا على كوري الأستياء مما أعتقدت أنه رفض لصداقتها , ورأت مارييل أن تهدىء من مشاعر كوري الجريحة بأن تقبل الهدية المقدمة لها ,بنفس الروح التي قدمتها بها صديقتها , ولما شعرت بالأألم الذي سببته لكوري ,خرّت على ركبتيها بجانب الفتاة وأعتذرت لها قائلة:
" آسفة يا كوري ..... أرجو أن تسامحيني , فلم أكن أفهم تقاليدكم".
وفي الحال غيّرت الأبتسامة من مظهر كوري وقالت وهي تدفع بالمصاغ الى أيدي مارييل :
" أذا هل تلبسينها؟".
" أشكرك..... سألبسها بكل سرور بشرط أن تضمني لي أن روبا لن يغضب لأنك أعطيتني أياها".
لكن كوري طمأنتها قائلة:
" بل سيكون فخورا بذلك , فنحن نتقاسم الثروات التي تأتي لنا بفضل كرم قائدنا روم , من سنوات قليلة كانت قبيلتنا من أفقر قبائل الغجر , عانينا من الفقر والمتاعب الكثيرة , ولم يكن لنا بارقة أمل في طريقة لنغير بها حظنا العثر , لكن روم صمم على أن يبحث لنا عن مصدر للمال , ليس لنفسه بل لنا نحن عشيرته".
ثم أتمت كلامها قائلة بفخر وأعتزاز:
" والآن لدينا بطون مليئة , وأطفال أصحاء , وعربات وماشية ممتازة , أن روم رجل غني جدا , أو مليونير".
فأستغرب مارييل لهذا النبأ , وبالرغم من أن كوري لم تذكر نوعية ثروة روم , ألا أن أشارتها الى الثراء الكبير أدهش مارييل كثيرا فسألت صديقتها قائلة:
" أذا كان روم قد أنفق كل نقوده عليكم فكيف يكون غنيا؟".
فبدت على كوري الدهشة وهي ترد قائلة:
" أن المليونير وحده هو الذي يستطيع أن ينفق مليونا".
قالت ذلك بمنطق بسيط حتى أن مارييل لم تحر جوابا , ثم أستطردت تقول وهي تثبت الأساور والعقود حول معصم مارييل ورقبتها:
" روبا يحصل على قسط أكبر من ثروة روم لأنه يصحبه الى كل مكان يذهب اليه , ويتقاسم معه متاعب العالم الغربي , فبعد أن يفي بجميع أحتياجاتنا , يحول المبالغ المتبقية الى قطع ذهبية للضمان ضد الحاجة والعوز".
لم تندهش مارييل من حب عشيرة روم له وأعترافهم له بالجميل , فأن اليتيم الخائف الذي ألتقطه الغجر من بين جموع اللاجئين الهاربين , قد جازاهم على صنيعهم الأنساني نحوه خير جزاء.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-08-10, 12:59 AM   #26

nor11

عضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية nor11

? العضوٌ??? » 114349
?  التسِجيلٌ » Apr 2010
? مشَارَ?اتْي » 333
?  نُقآطِيْ » nor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond reputenor11 has a reputation beyond repute
افتراضي

:icon30::icon30::icon30:

nor11 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-08-10, 05:08 PM   #27

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

وبمرور ساعات النهار أعتادت مارييل ملابسها المستعارة من صديقتها , ونسيت تدريجيا أنها لم تكن في بادىء الأمر مريحة , وقضت معظم وقتها في مساعدة كوري في أعمالها , كما حاولت أن توطد علاقتها ببقية النساء , ففي بادىء الأمر كم حذرات في تعاملهن معها والأستجابة لمحاولتها التقرب منهن , ألا أن رغبتها الأكيدة في أقامة صداقات معهن , بالأضافة الى محاولاتها المتعثرة المضحكة في التخاطب معهن بلغتهن سرعان ما أذابت التحفظ الموجود بينهن.
وعندما عاد الرجال الى المعسكر في آخر النهار بعد يوم قضوه في المقايضة في سوق للخيل , لم يكن مستغربا ألا يلتفت أحد لمارييل في بادىء الأمر وهي بين جموع النساء المتهكمات في الطهو والمرهقات بسبب مشاغبة الأطفال المحيطين بهن , فعندما تقدم روم الى الجزء المضيءمن المعسكر , لم يلحظ مارييل بالرغم من كونها قريبة جدا منه , أقترب من النار ووقف يرقبها وهي تحرك محتويات آنية حديدية بمغرفة كبيرة ,وبدون أن تلحظ وجوده مرت بأصبعها على حافة المغرفة لتلعق شيئا من الصلصة العالقة بها , وكانت النيران المهتزة تضيف الفضة , أما الظلال فقد ضمت قوامها وأخفت تفاصيله بلال يثير لرجال , وكانت تضع الملح على الطعام عندما قال لها مازحا:
" أذا كنت تتنكرين في زي شخصية مجهولة , فهل أخمن من هي؟".
ووقعت المغرفة من يدها في الأناء , كما شلت المفاجأة حركتها , وأثار وجوده الضاحك خجلا بدد رقتها وسلب كل الرشاقة من حركاتها , وأخيرا زاد من حرجها وخجلها بعبارته القاسية وهو يقول:
" لقد حرمت المرأة الغربية نفسها من أنوثتها بسبب كفاحها في سبيل التحرر , لذا يجب التمسك بأرتداء البنطلون".
وأندلعت شرارة وأنعكس ضوؤها في أعماق العينين الرماديتين الباردتين فقالت:
" هل تتكلم عن ثقة , أم هذا مجرد أستنتاج؟".
فضحك وأقترب منها وقال:
" لديّ عينان ولديّ بعض التجارب , فأن مغازلة المرأة الغجرية مثير مثل أصطياد النمور , أما أنت فصيدك هين مثل صيد الغزال الصغير".
فقالت بحدة وأعتداد:
" أنني أعرف كل شيء عن العلاقة بين الجنسين".
" ربما..... لكن ما زلت في حاجة الى تعلم كل شيء عن الحب , فالعلاقة بين الجنسين كلمة عملية باردة لا محل لها عندما تستخدم لوصف عملية صهر قلبين وجسدين وفكرين معا , لذا يجب التخلي عن كل فكرة للتحرر أذا أردت الأندماج في الوحدة الكاملة التي تعتبرها نساؤنا حقا لهن , فأن الرونق الخارجي الذي يرضي الرجل لا يهمنا نحن رجال الغجر , فلا حاجة بنا لشمعة بدون لهب".
وفي ساعة متأخرة من تلك الليلة , وتحت جنح الليل والمطر , تحركت ناقلات عربات الغجر من مكانها , وسارت في سكون وقد غطيت حوافر الخيل بالقش ,وربطت بقطع من القماش الملون , وسارت وهي تتجنب الطرق العامة مخترقة البلاد عبر الطرق الوعرة التي لا تستطيع السير عليها غير العربات ذات العجل الكبير, وشعرت ماريلل بوخز الضمير لأنها كانت مستريحة في عربتها الوثيرة وهي تتمتع بالدفء , بينما جلس روم في الجزء الخارجي منها تحت المطر المنهمر وهو يحث الخيول على التقدم للأمام , وأحيانا كانت القافلة تبطىء في سيرها فيضطر روم للقفز من مكانه الى الأرض وقد غطى الطين قدميه حتى كاحليه ليدفع العجلات المتعثرة بكتفه , وأحيانا تندفع العربة الى الأمام وتطيح بمارييل لتترنح بين الأواني والحلل التي تحدث بها كدمات لم تشعر بها في بادىء الأمر , وكان شباب القبيلة منهمكين في مساعدة المتعثرين في الوحل الكثيف.
وبعد ساعات من السفر الشاق سمعت مارييل صوتا متكررا لصفارة منبعثة من العربة الأولى للقافلة ,وكان صوت الصفارة مطمئنا وهي تسمعه مختلطا بصوت وقع حوافر الخيول على الوحل , وصوت بكاء الأطفال أحيانا , من العربات القريبة , وبعد ذلك مباشرة أدهش مارييل صوت وهي تسرع في سيرها على أرض صلبة مرة أخرى , وكانت حوافر الخيول قد فقدت القش المربوط بها من مدة طويلة.
وفتح باب الغرفة ودخل روم كما دخلت معه لفحة من الهواء البارد , وظهرت أبتسامته العريضة وهو سعيد لأنتصاره على الطبيعة القاسية , ولمعت عيناه من بين خصلات شعره الأسود المدلى على جبينه , وقال بأرتياح ظاهر:
"عبرنا الحدود ودخلنا تشيكوسلوفاكيا , فمع أننا ما زلنا في أرض روسية , ألا أن أميالا كثيرة تفصلنا عن سيؤجي أيفانوف , وغدا , أذا لازمنا الحظ سنبتعد عند أكثر".
وزادت أبتسامته أشراقا وهو يقول:
" بعد قليل يا عزيزتي سنفترق الى الأبد".
يا عزيزتي....... لقد سبق لمارييل أن سمعت هذه العبارة الحانية باللغة البولندية من والدتها , لذا لم يكن مستغربا أن تلقى تلك العبارة صدى في قلبها , وبدت لها العربة صغيرة عندما أخذ روم يتقدم منها , لكنها أخذت تتراجع وتبتعد عنه , وقد طغى ظله الكبير على الحائط على ظلها الدقيق , ألا أنها شعرت بالحرج لخجلها منه ,فألتفتت اليه بتحد , ومع ذلك لم تستطع أخفاء الرجفة التي ظهرت في صوتها.
" أنا أيضا تواقة للعودة الى وطني , فسعادتك لا تفوق سعادتي بذلك".
ومما زاد من وطأة السكون الذي ساد بينهما , صوت دقات ساعة كبيرة معلقة في العربة , ولبرهة قصيرة تلاقت نظرته الواعية السوداء بنظرتها الغامضة الرمادية , وسألها روم فجأة وكأنه يدرك لأول أنها ذات شخصية مستقلة.
" هل لديك أقارب في أنكلترا؟".
وشعرت بغصة في حلقها وحاولت أن تفهم سر أهتمامه بها فردت :
" القريبة الوحيدة هي صوفي , لكن لي أصدقاء".
" أصدقاء.......؟ هل ترين أن الصداقة رابطة كافية لأشباع أحتياجاتك الشخصية ؟ أو ربما لك بين هؤلاء الأصدقاء شخص خاص تودين أن توطدين علاقتك به".
ولفت نظره أصطباغ وجنتيها بحمرة الخجل , ومما زاد من حرجها التغيير الذي ظهر على وجهه والذي دل على أنه أستنتج شيئا معينا من خجلها , وردّت عليه قائلة:
" كلا , لا يوجد شخص معين ,لكنني أرجو الحصول على وظيفة جيدة , وهي طبعا أمنية تعتبرها لائقة بأحدة بنات جنسي".
وأستاءت مارييل عندما لم يظهر أي تعبير على وجهه لعبارتها .
"لا يهمني ما تفعلينه بحياتك , فبمجرد وصولنا الى النمسا سيكون من السهل تدبير أمر أنتقالك الى أنكلترا , وبعد ذلك أشك أذا كنا سنلتقي ثانية".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-08-10, 02:30 AM   #28

myar2010

? العضوٌ??? » 135107
?  التسِجيلٌ » Jul 2010
? مشَارَ?اتْي » 28
?  نُقآطِيْ » myar2010 is on a distinguished road
افتراضي

:icon30:

myar2010 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-08-10, 03:44 PM   #29

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

ثم مشى نحو الباب وقال:
" حاولي أن تنامي قليلا فسنسافر طيلة الليل , الطرقات ممهدة وستسرع العربة في سيرها".
وكما تكلم بسرعة خرج بسرعة بدون أن يتيح لها فرصة الرد عليه بطريقة تحفظ بها ماء وجهها .
ونامت حتى تخلل الحر جدران الغرفة , ثم دفعها الفضول وحاجتها الى الهواء النقي للخروج والأنضمام الى روم الذي ترك التعب أثره على عينيه , وعندما رآها مر بيده على وجهه , حيث لم يتسع الوقت لحلاقة ذقنه , وعبرت نظرته عن أعتذاره لمظهره , بينما صعدت مارييل على المقعد الخشبي للعربة وجلست بجواره , وكانت القافلة تسير ببطء صاعدة التل , وكان المطر قد غسل الأرض ونظفها , ولمعت أشعة الشمس على كل ورقة في الأشجار , وكانت جداول المياه تنساب الى أسفل التل بحيوية براقة , ولم تعرف مارييل سببا لشعورها بالحيوية والسعادة وهي تجلس على المقعد المرتفع وترنح من حركة العربة وتشم عبير الهواء المشبع بشذى الزهور , وتستمتع بصحبة روم , بصورة لم يسبق أن شعرت بها من قبل.
أما روم نفسه فبدت عليه السعادة وهو يدخن غليونه, ويدعها تشاركه صحبته بدون أن يوجه اليها نقدا أو تهكما كعادته , وفجأة مدّت مارييل ذراعيها وكأنها تحتضن الطبيعة الجميلة بأكملها وقالت:
" يا لها من طريقة حياة ممتعة , كيف تطيق أن تترك كل هذا الجمال لتدخل النوادي الليلية المغلقة وتعيش في المدن المكتظة بالناس؟".
فعضّ على مبسم غليونه بأسنانه وقال:
" تعلمت من الغجر أن أعيش في الحاضر وليس في المستقبل , فكل الذكريات والأماني والرغبات والدوافع الخاصة بالغد ,كلها متأصلة في الحاضر , فبدون الآن لا يوجد ما قبل , كما لا يوجد ما بعد".
وتأملت مارييل في معنى كلماته وفلسفتها , وأستعادتها لنفسها وحمدت الله على أتاحة الفرصة لها لكي تشاركه لحظة الحاضر التي كانت تعيش فيها , حتى ولو لم يكن لها مستقبل.
وفجأة سمعت صوت صفارة مرحة , أنتصبت لها آذان الخيول وفردت ظهور السائقين المقوسة من التعب , وكأن موجة منشطة سرت في القافلة باسرها ,وقف سائق العربة الأولى أمام مقعده وأصدر صيحة الفرح وهو يدفع بجواده فوق قمة التل , وحذا حذوه بقية الرجال , وترددت في الجو أناشيد الطيور المختلطة بأصوات العجلات وحوافر الخيول , ورغم خوفها شعرت مارييل بالسعادة وتشبثت بالعربة وهي تتقدم بسرعة وتميل بشدة وكأنها ستنقلب , وكانت الأبخرة تتصاعد من أجساد الخيول المتصببة بالعرق , ألا أن صوت السلاسل والأواني كان يزيد من الشعور بالسرعة , هكذا تقدمت القافلة فوق قمة التل ثم هبطت وأتجهت نحو دائرة من عربات الغجر المعسكرة من قبل في ذلك المكان , وجرت النساء والأطفال الى الأمام , وهم يتعرفون على الشخصيات المألوفة لديهم , ويتبادلون معهم التحيات قبل أن تستقر القافلة الجديدة في مكانها , وبينما كانت المجموعتان تندمجان , تبينت مارييل تشابها واضحا بين أفراد الأسر , فحيا القريب قريبه ,والأخ أخاه بروح مرحة سعيدة , وبسرعة وضعت آنية الطهو على النار التي أعيد أضرامها بينما تولى الشباب أمر الخيول , وتبادل الرجال الأخبار وأخذت النساء بأعداد طعام الأفطار للضيوف.
وتسللت مارييل داخل العربة ولم يلتفت اليها أحد , أذ لم يكن لها مكان أو مجال في هذا التلاقي بين القبيلتين , شعرت بالخجل من مقابلة الأغراب ولم ترغب أن تفرض نفسها عليهم , فجلست وحيدة أمام النافذة تسلي نفسها بالتخمين عن القرابة الموجودة بين الأفراد.
وسرعان ما فترت تسليتها وأنتابتها كآبة طاغية , تذكرت خالتها وكيف أفترقت عنها فجأة وفي ظروف غير ودية , فشعرت لأول مرة بمرارة الوحدة التي تنتاب اليتامى الذين لا قريب لهم , فتمددت على سريرها وأغمضت عينيها , كما تعمدت شغل تفكيرها بعيدا عن الأفكار التي تدور حول الأسرة والأصدقاء , ألا أن الحزن تمكن منها , ولم تستطع مسح آثار دموعها من فوق خديها في الوقت المناسب عندما سمعت صوتا داخل العربة , نظر اليها روم وهي تتظاهر بالتثاؤب ثم تتمطى وكأنها أستيقظت لتوها من النوم , ورغم أن فمه لم ينم عن أية مشاعر ألا أنه عندما وضع يده على كتفها وأشار اليها أن تتبعه , تبعته بدون أي تعليق أو سؤال.
في تلك الليلة أقامت القبيلة المقيمة حفل سمر للقبيلة الزائرة فجلس الرجال حول النار على الطريقة الغجرية يتسامرون بحرية وأنطلاق وأستمتاع ودارت النساء حولهن يقدمن من الطعام لأشباع الشهية التي شحّها الأستمتاع بجمال الصحبة , وحلاوة الحديث , وبعد أن آوى الأطفال الى فراشهم أنضمت النساء لمجلس الرجال حول النار لسماع الأغاني التي تحكي تاريخ الغجر ينشدها تروكا وهو رجل مسن , محترم من رجال القبيلة كلها , وكما لو كان ذلك من حقها , وجدت مارييل أنهم أجلسوها بجوار روم الذي راح يترجم لها الكلمات المنشدة ,وقد قرّب فمه منها وأخذ يهمس بالكلمات في أذنها , وأعجبت مارييل بشاعرية كلمات الأغاني , وكلما سمعت المزيد منها زادت نشوتها بما تحمله من مشاعر عاطفية جيّاشة , وعندما أنتهى الغناء كان المجهود قد أضنى الرجل المسن فجلس متكئا على سواعد أولاده وقد خارت قواه , وساد صمت رهيب بين الجالسين كما لو كان الوقت توقف تحت تأثير سحر الأغاني وجمالها.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-08-10, 12:18 AM   #30

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

ثم بدأ روم يدندن بنغم راقص من أنغام الغجر , الأمر الذي بدد التوتر والوجوم وأستولى أيقاع النغم على الشباب فأشتركوا تلقائيا في ترديده , أما الفتيات فقد أخذن يصفقن على الأيقاع ووثبت أحداهن من وسط الدائرة متأثرة بالنغم وأخذت ترقص وتدور في مرح ونشوة , وأتسعت عينا مارييل عندما أدركت أنها لالا وتضاربت في نفسها مشاعر الكراهية والأعجاب معا عندما بدأت الفتاة تلف وتدور أمام المتفرجين , وكان تعبير وجهها ينم عن الكبرياء وقد بدا التهكم في عينيها وهي تدق الأرض بقدميها الصغيرتين العصبيتين , وشجعها تصفيق الأيدي على الأسراع في حركة قدميها وهي تلف حول الدائرة وقد أنفردت طيات ملابسها بينما كانت نظراتها تجول بين أوجه الحاضرين بحثا عن شخص معين , ولدهشة الجميع توقفت فجأة أمام روم وبدأت تقوم بحركات متماوجة بطيئة متحدية أياه أن يرفض الدعوة الصريحة التي كانت تقدمها بكل وضوح.
وشعرت مارييل وهي بجواره بتوتره وبالغضب المتصاعد من قرارة نفسه , وبعد فترة من التردد قفز الى الحلبة لينضم الى لالا في الرقص , وعندما أحاط بيده خصرها هلّل الحاضرون وصفروا معبرين عن رضاهم , ثم أنضم اليهما أثنان من الراقصين وتلاهما آخران حتى أصبح كل ما تراه مارييل من روم هو وجهه الضاحك كلما ظهر لها من بين الراقصين , وكان الرقص بالنسبة لهم جميعا تحديا شخصيا يتبارون فيه فيما بينهم , وقد تقدم شباب الغجر ودخلوا الحلبة وأخذوا يدقون على ركبهم ويصكون بكعوب أحذيتهم معا في تتالع رتيب على الأرض وهم يدورون بزميلاتهم بحماس شديد بعث الصيحات المرحة من أفواه الفتيات.
وكانت مارييل سابحة في تأملاتها حتى أنها فوجئت بصوت هادىء يقول لها:
" أتقبل الفتاة الأجنبية مشاركتي الرقص؟".
ورفعت رأسها ورأت شابا جادا لم يخف صوته اللطيف حيويته التي حاول أخفاءها , لكنها ظهرت في عينيه الجريئتين .
وفلتت منها الألفاظ قبل أن تتيح لنفسها وقتا للتفكير:
" لا أستطيع..........".
وتابعت نظراته نظراتها التي كانت توجهها نحو روم , وسألها الشاب بتهكم ورأة :
"لا تستطيعين ؟ أو لا تجرؤين؟".
وأسعفها الغضب الذي كانت تحاول كبته , وأخمد النار التي أراد أثارتها بها , وشعرت بدون سبب تعرفه بالأهانة أمام جميع أهل المعسكر عندما هجر روم مجلسها أكراما للالا والرقص معها , وقد أثبت تلميح الشاب الغجري صحة شكوكها لذلك أستدارت بحرارة لم يتوقعها في بنات جنسها وأستجابت لدعوته , مما بعث الأبتسامة المشرقة الى وجهه :
" نعم , سأرقص معك ".
" أسمي كاليا".
" شكرا يا كاليا...... هيا بنا".
وأعجبها طريقة رقص الغجر حيث يمسك الراقص بالراقصة بشدة حتى لا تستطيع التنفس ,ويقرب وجهه من وجهها حتى تضطر الى تقويس ظهرها الى الخلف محاولة الأفلات من قبضته , ومما زاد في حجة ضمها اليه الأزدحام الشديد من حولها , وقد طال الرقص بلا أنقطاع ,وبعد حوالي نصف ساعة من الحرج تمنت لو أمكنها أن تضحي بأي شيء لتتخلص من قبضة مراقصته وعواطفه الجياشة , وسنحت لها تلك الفرصة عندما أصطدم كاليا براقصين آخرين , فأرتطمت أقدام الراقصين المسرعين بكاحل مارييل التي صرخت من الألم وأنهارت في تراخ , وأرتمت اليه وهي تقاوم موجات من الألم الشديد.
وشتم كاليا الراقصين اللذين أرتطما بهما بكلمات لاذعة , وعندما ألتفت الى مارييل للعناية بأصابتها هجم الراقص , الذي تسبب في الحادث على كاليا , مما أضطره الى ترك ماريل قبل أن يترنح من أثر اللطمة التي أطاحت به مرتطما ببقية الراقصين , وسرعان ما أثار الغضب الذي أشعله كثرة الشراب هياج الجميع وأنقسم الرجال على بعضهم , وتحيز كل منهم لأحد المتشاجرين مما دعا النساء الى الصراخ والجري طلبا للأحتماء في مكان أمين , وأطاح الرجال بعضهم بعضا في معركة أستخدمت فيها الأواني والصحون وكل ما توصل اليه المتشاجرون , كما أستخدمت فيها الأيدي والأرجل والرؤوس كالأغنام المتناطحة , فكان منظرا مقززا لمارييل , تحاملت على نفسها وبجهد جهيد وصلت الى أحدى العربات وقد أغمضت عينيها حتى لا ترى مجون الوحشية!
وسمعت صوت صفارة يعلو فوق صوت المعركة , ألا أن أحدا لم يلتفت اليها , وتلتها صفارة أخرى طويلة تخللت الجلبة الشاملة التي عمّت الجموع المحتشدة , ونجحت في تهدئة المشاعر الملتهبة والحد من اللكمات المتبادلة , وعندما سمعت صوت روم من بين الأصوات التي سمعتها عن بعد , فتحت عينيها ورأت قامته الطويلة تسيطر على جموع الرجال , وخرجت من فمه كالسيف كلمات التأنيب والتعنيف لتهورهم وتصرفهم الطائش معبرا عن أحتقاره لهم بكلمات بعثت حمرة الخجل الى وجوههم وجعلتهم يستديرون ليتجهوا نحو عرباتهم , وعندئذ رفعت نبرات صوت لالا الواضح رؤوسهم المحنية , كانت كلماتها عنيفة , وعيناها ممتلئتين بالكراهية , مدت لالا أصبع الأتهام نحو مارييل وصرخت:
" أنها هي تلك المرأة الأجنبية التي أثارت المتاعب , أننا لم نحبذ وجودها بيننا في بادىء الأمر , لكنك أنت يا روم الذي صممت على بقائها , لذلك يجب أن تتقاسم معها اللوم وتنال نصيبك منه".
ثم أستدارت نحو الجموع الغاضبة وقالت وهي تتعمد أثارة غضبهم :
" يجب أبعاد تأثير هذه المرأة السيءعن قبيلتنا , فأذا لم يطردها روم بورو ورؤساء القبيلة الذين وافقوا على وجودها , يجب أن نتقدم لمجلس القبيلة ليدلي برأي العدالة , هل توافقون كلكم على ذلك؟".
ووصل صوت هدير الموافقة الى أذني مارييل وهي ترتعد وقد أستندت الى جانب العربة , ترامى اليها الصوت مخيفا مثل صوت حشد تجمع حول المقصلة متعطشا للأنتقام.....


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.