شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   175- نور العمر - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة(كتابه/كامله*) (https://www.rewity.com/forum/t135176.html)

أمل بيضون 30-10-10 06:46 PM

175- نور العمر - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة(كتابه/كامله*)
 
175- نور العمر - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة
الملخص

ا

صاح قلبها (لا) للعاصفه التي ضربت حبها الأول, تركت عملها وسافرت الي جزيره أسبانية لتبقى قرب حبيب طفولتها بعد أصابته بالعمى, كرست أيامها للعنايه به وكانت له العين واليد والنور الذي شق الظلمة للبحث عن بعض الامل .


ألا ان رايك الذي كره الحياه بعدأصابته , زرع طريق أنجى بالأشواك فكانت مهمتها شبه مستحيلة ... وحربها مدمرة, حرب الضوء والعتمة , وسلاحها الوحيد حبها الذي مدها بالشجاعه وأفعم قلبها بالصبر , ولكن ألى متى؟وهناك أيزابيل فراندوس الجميلة التي أختارها والد رايك كعروس لأبنه البكر.


هل يسكت قلبها ولا يحتج حين يقرر رايك بأن أنجي صالحة كعروس لاخيه؟ ( لا ) لن تكون لسواه .


وتقرر أنجي الرحيل ولكن ألى أين ؟ قلبها المتعلق برايك رفض أن يخطو خطوة واحدهبعيدا عنه.




يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفييجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفييجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفييجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفييجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفييجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

أمل بيضون 30-10-10 07:20 PM

1- توأم الظلام

مع أقتراب اليخت من جزيرة بايلتار بدأت قمة جبلها تظهر في الأفق وترتفع وسط زرقة البحر المتوسط شامخة كمئذنة جامع عربي في الأندلس .
على سطح هذه الجزيرة أناس من جنسيات مختلفة أكثريتهم من الأسبانيين ذوي التأثير , الذين بنوامنازل لهم هناك فسكنوا الجزيرة وتحكموا بخبرتها وتجارتها.
أحست أنجي بمشاعر التأثر تنتابها وهي واقفة تراقب الجزيرة من اليخت , لقد غادرتها منذ ست سنوات طالبة في السادسة عشرة من عمرها , وها هي تعود أليها ممرضة قانونية متخرجة من أرقى الجامعات , لقد دعيت لتؤدي خدمة أنسانية رائعة في منزل كارلوس دي زالدو حاكم الجزيرة .
أنحرف اليخت بالركاب بأتجاه مرفأ الجزيرة الصغير وأثناء أنحرافه أنعكست أشعة الشمس على صفحة الماء , فألتمعت ببريق يأخذ الأنظار , أزاء شاعرية المشهد شعرت أنجي بحنين يشدها بقوة ألى هذا المكان , أن حنينها ألى هذه الجزيرة لم تخف وطأته بمرور السنوات الست التي قضتها بعيدة أناء دراستها , وتذكرت عندما كانت تأتي لتقضي قسما من عطلتي فصل الصيف وفصل الشتاء عند عائلة الحاكم.
كانت ماريا دي زالدو تدرس في أنكلترا في المدرسة نفسها التي تدرس فيها أنجي , ومنذ ذلك الوقت توطدت عرى الصداقة بينهما , وعندما أصبحت أنجي وحيدة بعد وفاة عمتها كيت , كان للدعوة التي وجهتها عائلة مايا لها للبقاء معها أطيب الأثر في نفسها , فقد أحست فورا برابط قوي يربطها بهم وشعرت بأن المنزل الأسباني الكبير الذي يقيمون فيه هو أجمل مكان في العالم على الأطلاق , لقد كانوا من أكثر أرستقراطيي الجزيرة تأثيرا ونفوذا ,وكان دون كارلوس نسخة عن نبلاء أسبانيا , يعيش مع أولاده بترف.
الأسبوع الماضي أختلطت ذكرياتها عن بايلتار بمشاعر مؤثرة عندما أتصلت بها مايا بالهاتف وأخبرتها بأن رايك دي زالدو أصيب بجراح بالغة في مهمة عسكرية في بلاد الباسك ( مقاطعة أسبانية مضطربة تقع في شمال أسبانيا قرب الحدود مع فرنسا ) ونقل ألى منزله وهو بحاجة لرعاية ممرضة.
قالت لها أنجي بعصبية وهي تضغط على سماعة الهاتف:
"أخبريني كل شيء ".
فأجابتها مايا بصوت مخنوق يلفه اليأس :
" أنه حادث مروع , أصابته شظايا القنبلة في وجهه ورأسه , لقد فقد بصره يا أنجي ".
كانت أنجي تسترجع شريط الذكريات وتحدق في اليم فيما يقترب اليخت بها من اليابسة , أنها تتذكر رايك جيدا , وكيف يمكنها أن تنساه ! لقد أقتنعت خلال تمضيتها آخر عطلة في منزل والده , أنها لن تلتقي أبدا مرة أخرى برجل يحتل قلبها مثله.
أنها تشعر بكل دقة مضطربة من دقات قلبها , فيما تسير بها سيارة التاكسي ألى المنزل عبر طريق مستقيم من ساحة الجزيرة الكبرى وحيث تنتشر المقاهي التي يجلس فيها الناس يشربون القهوة ويتبادلون الأحاديث.
على جانبي الطريق تنتشر المحلات والأسواق حيث كانت تتنزه مع مايا تحت أشعة الشمس , حينها لم يكن في الأفق ما يشير ألى أنها ستعود ثانية ألى بايلتار في ظروف محزنة , فيما سيارة التاكسي تقترب من منزل دي زالدو عبر مناظر طبيعية تخطف الأبصار , تساءلت أنجي في قرارة نفسها عما أذا كانت ستشعر بتبدل في مشاعرها عندما ترى رايك ثانية , لقد كانت غالبا ما تفكر به خلال عملها في المستشفى في أنكلترا .
أنعطفت سيارة التاكسي وسلكت طريقا تؤدي صعودا ألى كازيرا دي نوسترا حيث كانت أشجار النخيل تغطي مساحات واسعة من الأراضي بكثافة , حاجبة عنها أشعة الشمس الحارقة , ثم دخلت في طريق متعرج يمر عبر حديقة المدافن وهي حديقة واسعة جدا , كان من الواضح أن حب الجزيرة قد تأصل في نفس أنجي تماما , كحبها للأبن الأكبر لحاكم الجزيرة , هذا الحب بقي في طي الكتمان منذ نشأته فلم يعلم به أحد وعلى الأخص رايك .
بعد مرور ساعة من الزمن على مخابرة مايا دي زالدو لها , تدبرت أنجي أمرها مع مسؤولي التمريض حيث تعمل , وأستطاعت أن تستحصل على أذن بالذهاب ألى جزيرة بايلتار لتعتني بالرجل الحاضر أبدا في ذاكرتها , لقد كانت متأكدة تماما من جهل رايك لحقيقة مشاعرها نحوه , فأثناء فترة مراهقتها كانت تخجل منه وترتبك في حضوره , وخلال تلك الفترة بدا لها ناضجا ومنطويا يحب الأنفراد والتأمل .وعى أولاد كارلوس دي زالدو منذ البداية أهمية دور والدهم في جزيرة بايلتار , ومع ذلك وجدتهم أنجي بعيدين عن الغرور والتكبر , وكان طبيعيا في هذه الناحية , أن يميل طبع رايك قليلا نحو التعالي , فهو أبن حاكم الجزيرة , بالأضافة ألى نزعته نحو الأنفراد والسوداوية الرومنطيقية.

غلا البحرين 30-10-10 07:59 PM

مبين ان الروايه حلوه

في انتظارج حبيبتي

أمل بيضون 30-10-10 10:08 PM

كان رايك بهي الطلعة , فاحم الشعر ثاقب النظرات , يمشي بطريقة هادئة ومتزنة كفارس نبيل , لم تكن أنجي تتصور بأن شخصا يتمتع بكل هذه الصفات يمكن أن يصاب بالعمى ويفقد أتزانه ..... أنها ترفض في أعماقها أن تراه على هذه الصورة , ترفض أن ترى رايك الفائض حيوية وثقة بالنفس والمشحون بالقوة والشجاعة يتحول ألى شخص عاجز وبحاجة ألى مساعدة مستمرة.
توترت أعصابها عندما لاحت فيللا دي زالدو في الأفق بجدرانها البيضاء وبرج المراقبة العالي الذي لا يتواجد فيه الحرس بأستمرار .
وفيما كانت تحدق بالمنزل ولجت السيارة المدخل الرئيسي , فقفز أحد الحراس فورا من غرفة الحراسة وأمرها بالوقوف سائلا عن سبب الزيارة.
خفضت أنجي زجاج السيارة وأطلت برأسها معلنة عن أسمها له فتغيرت تصرفاته فجأة وسمح لهما بمتابعة طريقهما ألى الداخل عبر طريق معبد وسط مرج أخضر.
كانت الساحة أمام الفيللا مسيجة والنوافذ مقفلة والسكون يلف المكان , لم يتغير شيء بالنسبة ألى أنجي , ولم ينتقص مرور الزمن من سحر الماضي , ما أن خرجت من السيارة ووقفت في الساحة حتى أستعادت صور الماضي الجميل وتذكرت أوقات اللهو التي قضوها في برج المراقبة العالي وعلى درجات سلمه , وهو أحد أمكنتها المفضلة للهو في هذا المنزل , كانت الحديقة الغنّاء التي تتوسطها بركة من الرخام مبنية بشكل دائرة ومليئة بالسمك المتنوع الأشكال والأحجام والألوان , وقرب البركة تنتشر مقاعد من الخيزران ومنضدة من الزجاج الأخضر اللون , أن شاعرية هذا المكان وهدوءه كانا يستهويانها على الدوام .
تركت سيارة التاكسي المكان , وفجأة زالت رغبتها بالتأمل وبأستعادة بعض الذكريات , فهي بحاجة لبعض الدقائق تقضيها وحيدة , تستجمع خلالها قواها وتتحضر لمواجهة رايك وجها لوجه , لن تواجهه فقط كممرضة بل أيضا كأمرأة تهتم لأمره , وهذا الأمر ليس سهلا بالطبع لأنها لن تواجه الضابط العسكري الواثق من نفسه بل رجلا شارفت مهنته العسكرية على نهايتها بعد أن أصيبت عيناه وفقد بصره.
وأخذت تسترجع في ذاكرتها الحديث الذي دار بينها وبين مايا على الهاتف , لقد قالت لها أنجي :
" هل تأكد الأطباء نهائيا من فقدانه البصر؟ ربما لم تصب أعصاب العين بأذى , أذ ذاك يكون العلاج ممكنا وتصبح المسألة مسألة وقت , مع قليل من العناية والصبر قد.......".
" لقد قال الأطباء لأبي بألا يتوقع المعجزات...".
ثم أنفجرت بالبكاء على الهاتف مما دفع بأنجي للبكاء هي أيضا لشدة تأثرها , ثم تابعت مايا قائلة :
" .... آه يا أنجي , أكاد لا أحتمل النظر أليه!".
" لا , لا تقولي هذا يا مايا , أرجوك".
" لقد تضرر قسم كبير من وجهه , وقال الأطباء أنهم سيضطرون لأجراء جراحة تجميلية له , وأكدوا أن الجروح ستبقى ظاهرة للعيان رغم هذه الجراحة , أن قلبي يكاد ينفطر أسى وحزنا عندما أراه عل هذه الصورة! يا ألهي, ما الذي فعله رايك ليستحق كل هذا؟
وأنقطع حبل أفكارها فجأة عندما سمعت صوتا يناديها , فألتفتت وأبصرت مايا تركض نحوها معانقة وقائلة :
" شكرا لله على حضورك".
فسألتها :
" كيف حاله؟".
" لقد... تغير كثيرا , أصبح شاردا وساخرا لا يترك لأحد مجال الأقتراب منه , في أغلب الأحيان يجلس في الحديقة محدقا في البركة كمن يرى الأسماك فيها , يخيل لمن يراه على هذا الحال أن الأفكار تدور وتدور في رأسه ولا تترك مجالا للراحة , في الليل أسمعه عندما يتعثر أثناء سيره ,لم يتعود على هذا الوضع بعد , وقد وقع أرضا مرات عدة , أذا حاولنا مساعدته يثور ويتفوه بكلام مؤذ ولاذع , الله فقط يعلم كم كان واثقا من نفسه ومتأكدا من كل ما يقوم به , أنجي , أنت لا شك تتذكرين كيف كيف كان , أليس كذلك؟".
نعم , كانت أنجي لا تزال تتذكر رايك تماما فقالت وهي تغالب دموعها :
" هل عرف بأنني سأكون ممرضته؟".
فأومأت مايا بالأيجاب وبدا لأنجي أنها تعض شفتها حزنا وألما فقالت لها:
" يبدو لي أنه ليس موافقا على هذا الموضوع , أليس كذلك ؟".
أن رايك ذو أنفة وضرورة وجود شخص ما ألى جانبه ليراقب خطواته ويساعده على التغلب على فقدانه لحاسة النظر , سيثير غضبه دون شك , ولكن لا بد من وجود هذا الشخص لكي يراقب أصابته وليتأكد بصورة دقيقة وبأستمرار بأن الجروح لم تتسبب بمضاعفات خطيرة.

أمل بيضون 30-10-10 10:32 PM

سوف يزودها الأطباء الذين أشرفوا على علاجه بتفاصيل وضعه الصحي , ولكن خبرتها كممرضة ذكّرتها بأن مضاعفات جروح الرأس غير مأمونة العواقب ولا يمكن التنبؤ بها خاصة عندما تكون الضحية قد أصيبت بشظايا قنبلة.
حملت أنجي حقيبتها وسارت مع مايا ألى داخل الفيللا وما أن أصبحت في الداخل حتى أشتمت رائحة سيكار سيغاريللو من النوع الذي يفضله الأسبانيون , قالت لمايا:
" أشعر كما لو أنني كنت هنا بالأمس".
" لماذا بقيت بعيدة عنا؟ لم تكوني دائما مشغولة لدرجة تمنعك من زيارتنا".
فضحكت أنجي وأجابتها :
" أنت لا تعرفين مدى صعوبة عمل الممرضة ".
ولم تجرؤ عل القول أكثر من هذا , ثم لو أرادت , ماذا يمكنها أن تقول لمايا . أتقول لها بأنها أبتعدت عنهم بسبب رايك , وأنها بسببه أيضا عادت أليهم , وقفت الفتاتان في بهو المنزل تتحدثان , وجال نظر أنجي على أثاث المنزل , كانت الأرض مفروشة بسجاج شرقي غني الألوان يتزاوج بروعة مع أثاث المنزل الداكن اللون.
ثم أخذت أنجي تتأمل مايا بشعرها الداكن المعقود ألى الخلف في تسريحة رياضية تبرز جمال عينيها.
فجأة قالت مايا:
" يبدو أنك كبرت , وأصبحت تليق بك مهنة التمريض , أنا لا أستطيع أن أعبر لك عن فرحتي بقدومك ألينا , قد يسمح لك رايك بمساعدته".
وأبتسمت أنجي بتصنع للتخفيف من الأضطراب الذي بدا على صديقتها وقالت :
" سوف أصر على هذا الأمر , لقد تعلمت أن أكون صارمة مع المرضى الذين يظهرون عنادا".
" غريب أن تصبحي ممرضة".
" وتابعت مطرقة:
" كان أبي يحبك على الدوام , على الأرجح لأنك تشبهين أمي ألى حد بعيد بسبب لونك ".
" أنا أتذكر تماما كيف كانت تبدو أمك من خلال الصور , كانت أجمل مني بكثير".
ثم نظرت من أحدى النوافذ تتأمل شمس المغيب وأستطردت قائلة :
" أنا سعيدة لأن المنزل لا يزال على حاله , لا يبدو أن شيئا تغير هنا".
" لا , و..... طبعا بأستثناء رايك".
وجالت مايا بنظرها على نوافذ الحديقة الداكنة اللون فأيقنت أنجي أنه موجود في الداخل فسألت مايا بلهفة:
" متى سأراه ؟ هل تم أبلاغه بأنني سأصل اليوم ؟".
أومأت مايا برأسها أيجابا وتابعت قائلة :
" أنه لا يجتمع بنا عند الغداء , فهو لا يزال حساسا أتجاه واقعه لذلك يفضل أن يتناول طعامه وحيدا في غرفة الجلوس , وأحيانا في الحديقة , أنه هناك الآن".
" أستطيع أن أشتم رائحة السيغاريللو , هل أذهب أليه الآن ؟ علينا أن نواجهه عاجلا أم آجلا".
نظرت مايا أليها بعينين حزينتين وقالت :
" لم تتصوري أبدا أنه من الممكن أن تعودي ألى الجزيرة في ظروف محزنة ألى هذه الدرجة , أليس كذلك ؟".
"كنت أتمنى كل شيء ألا هذا".
كانت تعرف سلفا بأن رؤيتها لرايك على هذه الحال ستؤلمها وتحزنها فطلبت من الله أن يساعدها على تخطي مصاعب النصف ساعة المقبلة , لقد كان بالنسبة أليها رجلا بكل معنى الكلمة : طويل القامة نحيلها , وخطرا ألى درجة أصبحت تقدرها الآن بعد أن تخطت مرحلة المراهقة .
جذبتها مايا من يدها وسارت بها نحو الحديقة المقفلة وقالت لها :
"هيا , تعالي وألقي عليه التحية".
ما أن تقدمت عبر الباب حتى أنبعثت رائحة السيغار بشدة ممتزجة برائحة الورود التي تزين الحديقة على مدار السنة .
ومن الحديقة شع ضوء خفيف, وما أن أصبحت في الداخل حتى أدار الرجل الجالس على الكرسي في وسط الحديقة رأسه , تراءى لها فجأة أن العينين تحاولان البحث عن شيء ما دونما جدوى وشاهدت مدى الضرر الذي أحدثته الشظايا في الوجه وحدقت وهي مشدوهة برأسه عند الصدغ حيث أجريت له الجراحة لأستئصال الشظايا , لقد سبق وشاهدت حالات أشد خطورة , لكن المصاب هنا هو رايك , شعرت فجأة برغبة في الركض أليه وأحتضانه بذراعيها .
" من هنا؟".
" هذه أنا , مايا".
" من معك؟".
أتجهت مايا صوب شقيقها رايك وأنحنت عليه وقبلته ثم قالت له ضاحكة :
" حاول أن تتكهن يا صديقي ".
أشاح بوجهه عن شفتيها بحدة وبحركته هذه أستطاعت أنجي أن ترى عينيه , لم يلحقهما أي ضرر خارجي وما زالتا على بريقهما المعتاد وحدّتهما , لقد أحست فجأة بأن القنبلة لم تستطع , وأن زالت حاسة النظر , أن تزيل الجاذب المغناطيسي فيهما .

بنوته عراقيه 30-10-10 11:56 PM

يعطيك العافيه يالغاليه على المجهود

أمل بيضون 31-10-10 05:28 PM

قالت له أنجي باللغة الأسبانية التي ساعدها آل دي زالدو على أتقانها أثناء وجودها بينهم .
" رايك دي زالدو , لقد ألتقينا ثانية ".
فرد عليها بلغة أنكليزية سليمة :
" آه , لقد أتانا ملاك الرحمة , كما ترين , أنا في أيامي أعمى كخفاش في قبو وعلى حافة الجنون , أهلا يا أنجيلا".
توجهت نحو كرسيه ووضعت أنجي يدها برفق على كتفه قائلة :
" لا تغضب , فأنت تبدو مرتاحا هنا ,خرير الماء المتدفق في البركة يجعل من المكان واحدة راحة حقيقية لك".
فقال بعصبية ظاهرة:
"تماما , فأنا بقايا أنسان بحاجة للأسترخاء والراحة , فربما توقفت أذ ذاك عن رمي الأثاث من النوافذ , كيف حالك هذه الأيام؟ هل أنت مرتاحة ألى عملك؟".
" أنا مسرورة جدا من عملي يا صديقي".
كانت تود أستبدا عبارة ( يا صديقي) بعبارة لا تتضمن سوى أسمه رايك , لكنها أحست فجأة بالخجل , فهي , ومنذ فترة طويلة , لم تعد تلك الفتاة الصغيرة , لقد أحست فجأة بأنه يعتقد أنها عادت ألى هذا المنزل كمن يريد رؤيته في وضعه الجديد.
" كم تبدين متفانية , هل ستتألميم معي؟".
" لا , بل سأحاول أن أواسيك".
قال لها ساخرا :
" كيف , بأطعامي بعض الحلوى ".
" هذا أذا كنت تحبها ".
" وبعض الأكاذيب؟".
"لا".
" أيتها الممرضة , لقد بدأن لتوك بالكذب ".
" أنني لا أكذب على المرضى أبدا , هذه ليست عادتي ".
" أخبريني يا مايا, هل ستسه صديقتك على تغذيتي" وتابع مقهقها : " وتضربني عندما أمتنع عن الأكل؟".
فقاطعته مايا معترضة:
" لا تبدأ بمعاملتها بطريقة سيئة , لقد أصر الدكتور رومالدو على أن تعتني بك ممرضة , أنا أشكر المولى لأننا أستطعنا الأتصال بأنجي في الوقت المناسب , وألا لوجدت نفسك بين يدي تنين بدلا من يدي ممرضة".
فأجابها بلهجة ساخرة :
" عليّ أذن أن أتوقع من أنجيلا أن تعاملني برفق ! في كل حال تصرف كهذا لن يكون حكيما ".
ثم تابع موجها كلامه ألى أنجي :
"سوف أمزقك أربا عند أول هفوة فأنتبهي!".
" بأنتظار ذلك سوف أراقب خطواتك لئلا تتعثر أنت يا صديقي".
كانت أنجي متأكدة أن عليها أن تكون قاطعة معه فهذه هي الطريقة الوحيدة كي يتحسن نفسيا , أن أظهار مشاعرها الحقيقية أتجاهه ليس مفيدا له الآن.
أستوى رايك في مقعده وكان التوتر باديا عليه والقلق يطل من عينيه المطفأتين اللتين تحدقان بأنجي , فجأة قال لها:
" أذن , قررت أن تكوني نافذتي ألى العالم , أليس كذلك ؟ أيتها التعيسة , أنت شديدة البساطة لدرجة تحملك على الأعتقاد بأنني سأقبل هذا الأمر بكل بساطة ".
ثم تلمس وجهه وتابع قائلا:
" كان على هذه القنبلة أن تتابع معروفها معي وتجهز على ما تبقى مني , لم يكن من المفروض أن أبقى على قيد الحياة , الرجلان اللذان كانا معي نقلا ألى المستشفى وتوفيا لاحقا , أتظنان بأنني لا أعرف هذا؟".
" آه , رايك".
وأمسكت مايا بذراعه , لكنه , وبحركة عصبية تخلص منها وأنفجر قائلا:
" لا تعامليني كقاصر بحاجة ألى تهدئة! لقد أخرج الأطباء من رأسي شظايا كان بأمكانها أن تحولني ألى مختل عقليا , أنت تعرفين هذا وأنا أيضا , فلنتوقف أذن عن الأدعاء بأن المسألة مسألة وقت قبل أن أعود ألى حالتي الطبيعية , أنا غارق في ظلام دامس لا أتلمس طريقي فيه , ولا أحد منكم يستطيع أن يقدر هذا ومدى الألم الذي يسببه في نفسي " وتابع بمرارة : " أن هذا الظلام يزداد كثافة يوما عن يوم , ليل متواصل بدون أمل بأنبلاج فجر جديد , أنه نفق مظلم طويل لا ينتهي ! أنه قبري ومع هذا علي أن أبقى على قيد الحياة.....".
سمعت أنجي ما فيه الكفاية وأية كلمة زائدة ستفقدها أعصابها , فنهرته قائلة:
" أنت تخيف أختك , فكف عن هذا الكلام , أشكر الله على أنك لا تزال حيا وبأمكانك أن تشعر بحرارة الشمس وأن تسمع غناء العصافير , لا أشك للحظة بأن الجنديين الآخرين كانا يتمنيان أن يكونا مكانك الآن".
قال لها فجأة بهدوء يناقض تصرفه السابق:
" لا أعتقد أن أحدا في العالم يتمنى أن يقوده الآخرون بدهم أنجيلا , عندما يفقد الرجل حاسة البصر لا يعود للأشياء حوله أي معنى , لا يعود حتى للنساء في حياة الرجل الأعمى أي معنى , فالرجل عندما يعانق المرأة يحب أن ينظر في عينيها......".
قاطعته فجأة مايا وقالت له وهي تغادر الحديقة باكية:
" آه , رايك , لا تعذب نفسك هكذا , أنت تنشغل بأشياء ثانوية الأهمية في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها!".

أمل بيضون 31-10-10 11:08 PM

وجدت أنجي نفسها وحيدة مع هذا الكئيب الغاضب , وشعرت بأن هذا الرجل الجالس أمامها لم يبق فيه من رايك دي زالدو الحقيقي ألا الشكل الخارجي فقط هذا أذا لم تؤخذ بعين الأعتبار آثار الأصابة , كان من الصعب أن تصدق بأن هاتين العينين الجميلتين لا تريان الأشياء والألوان .
" مايا ما زالت طفلة , ولوالدي اليد الطولى في ذلك , أذ أعتنى بها بطريقة مميزة , ولكن أنت.... أنت أنجيلا عملت بين المرضى ويجب أن تتفهمي بعضا مما أقوله وأشعر به , بحق السماء , أنا لا أقدر أن أكوّن فكرة عنك الآن , أن ما أحتفظ به في مخيلتي عنك هو صورة تلميذة المدرسة الصغيرة , لذلك حتى الآن لم أستطع الجمع بين صورتك كتلميذة وصورتك كممرضة , هل تسمحين بأن أتلمس وجهك ويديك لأكوّن فكرة واضحة؟".
ردة فعل أنجي الفورية كادت أن تكون سلبية , لأنها أعتقدت بأنها لن تستطيع أحتمال لمساته لها, بسبب الشعور الذي تكنه له في قلبها .
أحس رايك بترددها ولكنه أساء فهمه فقال لها :
" هل فكرة ملامسة رجل أعمى لك تثير في نفسك الخوف ألى هذه الدرجة أنجيلا؟".
" لا , أبدا".
" أنني أتذكر الآن كيف كنت تهربين مني في الماضي وكأنك تخافين من شيء ما , كنت تنظرين أليّ بدهشة وخوف وكأنني مسعور , ما الذي أتى بك ألى هنا ما دمت تكرهينني ألى هذا الحد؟".
كادت أن تخرج من شفتي أنجي صرخة أعتراض , ولكنها كانت أكيدة من أنه سيكرهها أذا حس بأنها تشفق عليه وسيحتقرها أذا داخله شك في أنها تحبه فقالت له بلهجة باردة :
" أستطيع أن أؤكد لك يا صديقي بأنني شاهدت حالات أشد صعوبة من حالتك , الحروق مثلا وخاصة حروق الأطفال , هذا شيء لم تشاهده أنت , لقد أعتدت على كل هذا مع الوقت وكن متأكدا من أنني لست متأكدة من أنني لست متضايقة من رغبتك في تحسس ملامحي ".
فرد ساخرا :
" كم أنت كريمة , أيتها الممرضة , ولكنني أستطيع الآن أن أتذكر وجهك الخائف ولون عينيك الأسود".
" لونهما ليس أسود , أنت تتكلم عن فتاة أخرى ".
" آه , الآن تذكرتك , عيناك بلون البحر بعد الظهر وهما باردتان ونقيتان كالثلج , أليس كذلك ؟ أتذكر بأن سيب رسمك مرة ولكنه لم يتمكن من رسم التعبير في عينيك".
لقد تذكرت أنجي فورا اللوحة التي رسمها سيب شقيق رايك كما لو كانت بين يديها الآن , كان سيب يريد أن يصبح فنانا , لكنه أصبح مدير أفلام سينمائية يعمل أساسا في أيطاليا وأحيانا في كاليفورنيا .
ثم تابع قائلا بلهجة تهكمية :
" هل حاول سيب الأتصال بك ؟ كنت تفضلينه عليّ".
" كان يناسبني أكثر من ناحية العمر ".
لقد قررت أن تدافع عن نفسها فلم تخبره بأن سيب أتصل بها عندما كان في لندن لحضور مؤتمر سينمائي , وتناولا الطعام ثم ذهبا لحضور أحد العروض المسرحية , كان صحيحا أنها أعتبرت سيباستيان دائما أسلس طبعا وأسهل للمعاشرة من رايك , فمعه لم تشعر أبدا بنبضها يتسارع ولا بخجل يعقد لسانها .
قال لها رايك ببطء :
" لا تقولي بأنك تحمرين خجلا الآت ؟".
" ولماذا تعتقد بأنني سأحمر خجلا ؟".
" لأن الأنكليز لا يحبون أن توجه أليهم أسئلة شخصية من هذا النوع".
" أليس الجميع كذلك ؟ أنا أعرف بأن الأسبانيين متحفظون دوما بعض الشيء".
" بالفعل , فنحن أيضا نرفض أن يشاركنا أحد في مشاعرنا الداخلية , هل تحلمين بأن يشاركك أحد في هذه المشاعر , شقيقي سيب مثلا ؟ هل عدت ألى الجزيرة على أمل القاء به؟".
" أنت تعرف تماما لماذا أنا هنا , وتعرف أيضا بأن سيب ألطف منك".
" آه طبعا , هو يعامل النساء بلطافة ونعومة أكثر مني , لقد عرفت هذا وأنت يافعة , واليوم تأكدت منه وأنت ناضجة , أليس كذلك؟".
حدقت أنجي برايك فبدا لها أنه أكبر من سيب بعشر سنوات على الأقل , فيما يكبره فعلا بثلاث سنوات فقط , فالأيام والأحساس بالخطر والأصابة زادت من صلابة ملامحه , كان يبدو وكأنه تحسس الخطر بيديه , راحت تشعر أنجي بنبضات قلبها تتسارع .... أن دورها كممرضة لرايك لن يكون سهلا , أنه ليس ناعما وسهل الأنقياد كسيب......كان مصابا ووحيدا يهيم في ظلام دامس.


أمل بيضون 01-11-10 12:32 AM

وتابع رايك بحزن قائلا :
" أيام لامبالاتنا جميعا ولت , عندما كنا نلهو في الشمس ,كم كنا نجهل ما يخبىء لنا القدر, من كان يعتقد بأنه سيحصل لي ما حصل وبأن أنجيلا الصغيرة سوف تأتي للعناية بي ؟ أن القدر يخدعنا أحيانا بقساوة أليس كذلك ؟".
أن خدع القدر تكون أحيانا قاسية جدا ولذا حاولت أنجي أن تحبس دموعها لئلا تظهر بمظهر ضعيف , أن الذكريات عن رايك لم يكن بالأمكان نسيانها بسهولة .
" أنجي , عودي من حيث أتيت , أنا أشعر بأنك تغالبين نفسك للبقاء هنا , بالرغم من أنني لا أرى فأنا أشعر بذلك , غادري الجزيرة بحق الله".
" ما أدراك أنت بحقيقة ما أرغب فيه؟".
بدا أن ملاحظته الجافة قد جرحت كبرياءها.
" أليست كل النساء متشابهات الأطباع أساسا؟ ". وتابع بسخرية كعادته : " ألا تريد المرأة شيئا واحدا وهوالحب الرومنطيقي الأبدي , ألا تريد شخصا يكون سيدا وحبيبا ؟ هل أنت مختلفة , أمأن الممرضات يشهدن الكثير من المآسي بحيث يصبحن بمنأى عن هذا الشعور ؟ أم أن الواقعية المهنية تلعب دورها وتلطخ رومانسية الطبع النسائي؟
كان هذا الموضوع بالذات يشغل بال أنجي أبان عودتها ألى بايلتار , ولكنها الآن أصبحت في الفيللا وجها لوجه مع رايك وشعرت فعلا بأنها ما زالت تحبه , بما أن قلبها قد كبر مثل جسمها فأنها أصبحت ناضجة المشاعر ومتأكدة منها أكثر من ذي قبل .
أجابته قائلة:
" أن أمكانية الشفاء من الجروح ومن المشاعر هائلة , لذا سأحاول ألا أهتم كثيرا حين تحاول أن تسخر مني , من ناحية أخرى قالت لي مايا بأنك لا تتناول طعامك مع العائلة ".
" أنا لست مهتما بأن أدعهم يشاهدونني حين أوسخ ملابسي من جراء تناولي الطعام دون أن أراه , أن أصابة مثل أصابتي تحول الرجل ألى ولد صغير , بعد محاولتي الثانية للجلوس معهم ألى طاولة الطعام , وحين أوقعت الحساء على ملابسي خطأ وجدت أنه من الأفضل لي أن آكل وحيدا ".
" أنا متأكدة بأنك مع الوقت سوف تكون أكثر أيجابية , وتابعت بنعومة , أنا أعرف تماما أن عائلتك تفهم جيدا سبب تصرفاتك , أنت تعلم , بدون شك , بأنهم يتألمون معك".
" أتظنين بأنني لم ألاحظ هذا الأمر , لم أكن أرغب في العودة ألى المنزل لكن والدي أصر على هذا كنت أفضل البقاء في مستشفى عسكري حتى أصبح أكثر قدرة , لكنه لم يكن ليصغي ألي , سافر ألى أسبانيا وعاد بي بنفسه ألى المنزل , يا ألهي , أنه رجل خارق".
" تماما , ولأنك تشبهه , لن تسمح للعمى بالتحول ألى عجز".
" وهل هو غير ذلك ؟". قالها بفظاظة : " يبدو وكأن الجدران قد أطبقت علي ولم يعد بأستطاعتي تلمّس طريقي ألى الخارج , أضيفي ألى ذلك أنني لست أعمى فحسب , بل ومصاب أيضا بشظايا قنبلة في الرأس , ماذا ستفعلين أذا بدأت أتصرف بعنف وأحطم الأشياء من حولي؟".
" كف عن هذا الكلام , لن يحصل شيء من هذا القبيل ".
" ألا يهمك أن تسمعي الحقيقة ؟ ". وتابع زاجرا :
" لو أصبت فجأة بنوبة عصبية وحاولت أن أخنقك بيدي ,ماذا ستفعلين ؟ يقال أنه عندما يصاب شخص ما بنوبة عصبية فأنه يحاول الأعتداء أولا على من ساعده".
" أنت تتفوه بكلام لا معنى له فقط من أجل أخافتي".
وراحت تقول في قرارة نفسها : يا ألهي , ماذا لو تحركت بعض الشظايا في رأسه , أنه يعيش في رعب مدمر خوفا من جنون مفاجىء أو موت مفاجىء , لم يكن غبيا كيلا يلاحظ هذا الخطر , وكان بأمكانها التأكد من هذا الأمر بمجرد النظر في عينيه , ففيهما تلاحظ , ولا شك , قلقه على المصير.
" أنني لا أخيفك بل أخيف نفسي يا أنجيلا".
ول يكد ينتهي من عبارته حتى وقع رماد السيغاريللو على جاكيتته السوداء فخافت أنجي أن تحترق الجاكيت فأسرعت ورمت بالرماد في المنفضة على الطاولة قربه , فقال لها :
" شكرا جزيلا ".
ثم أمسك بها وراح يجذبها نحوه فمانعت قائلة :
" لا , أرجوك ".
" أتخافين من رجل أعمى ؟ أنا أشعر بهذا , أنت ترتجفين , بحق الله لماذا عدت ألى بايلتار ؟ هل هي حشرية منك أم ولاء لعائلتنا في غير موضعه ؟ أم تراه يكون الضجر من العمل في لندن؟".
" أنت سليط السان يا رايك".

ملكة النجوم 01-11-10 12:43 AM

مشـــــــــــــــــــــــ ـكوره على الروايه
وعلى سرعة التنزيل


متـــابعه


الساعة الآن 09:19 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.