آخر 10 مشاركات
رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          اسبانيا الســـــــوداء *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : CFA - )           »          229 - كذبة بيضاء - ديانا هاميلتون - أحلام الجديدة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : وهوبه - )           »          لحظات صعبة (17) للكاتبة: Lucy Monroe *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          منحتني السعادة (2) للكاتبة: Alison Roberts .. [إعادة تنزيل] *كاملة* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          هدية عيد الميلاد (84) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          رواية نبــض خـافت * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-17, 09:00 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
:jded: 187-يارمال أعيدي الخيال -يما دارسي -(كتابة /كاملة)





روايات احلام
187 - يا رمال ... أعيدي الخيال ! - أيما دارسي
الملخص :
يا رمال ... أعيدي الخيال !
لماذا يجب أن تقــــبل جانيس بعـرض براند آشتون ؟ لماذا
يجب أن تعطيه ما يريده ؟ ... ثمة حاجة ملحة في أعماقهـــا
تطالبها بإظهـــار ما أحســت به ذلك اليوم ... لكنها تطـالب
بالمستحيل . فليس لها سوى حبيب واحد ... ولهـــذا الحبيب
وحده يمكنها إطلاق العنان لمشاعرها ...
يريد منها براند آشتون أن تعيد . أمام الكاميرا , تمثيل
جمال تلك اللحظة التي لم يحسبها الزمن ... ومن أجل
ذلك, أعـــاد إلى الـــوراء الزمان والمكان, وأجبر البحر أن يكون
شاهـــداً ... ولكن ألا يفهم أن هذا كله لا يكفـــــي ؟


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



الرواية منقولة شكرا لمن كتبها

ندى تدى likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:27 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

عدد الفصول :
11
عناوين الفصــول :
1- حورية البحر ... غرقت !
2- يوم ضاع من الزمن
3- وداعاً أرض الأحلام
4- ثورة طفلـة
5- يشتري روحها
6- الحب تمثيليــة
7- تبحث عن سحرٍ ضاع
8- أنت أو لا أحد
9- كان خيالاً فهوى
10- ذهــب ليصطـاد
11- يا رمــال ... أعيدي الخيــال !


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:28 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1- حورية البحر ... غرقت !
كانت السيارة تقفز من حفرة إلى أخرى , لذا صعب علها السيطرة
والسير بشكل مستقيم . . . كانت الشجيرات الشائكة القصيرة تزداد كثافة
وتتجمع على الطريق الترابية . . . وفي الوقت الذي بدأت فيه جانيس
تفكر أنها أخطأت اختفى الدغل وظهر البحر أمامها .
أوقفت السيارة بغتة , ومالت إلى الأمام لتطفئ الأنوار الأمامية ,
فومض بوجهها نور آخر من الظلمة أمامها . . . أغمضت جفنيها
المتعبين , وعصرت بعض الإرهاق من عينيها , ثم نظرت مرة أخرى . .
لا شيء , الظلمة حولها كاملة , في هذه اللحظة شعرت بالراحة , إنها
بمفردها . . ليست بمفردها فقط بل هي بعيدة كل البعد عن أي كائن
بشري . . . يمكنها البقاء دون الخوف من قدوم أحد للسؤال أو النظر
إليها بعينين فضوليتين .
أسندت رأسها للحظة طويلة إلى باب السيارة . . . كان هواء البحر
يتسلل إلى السيارة من النافذة المفتوحة , فيداعب أنفها . . . وكانت
الأمواج الهادئة المتلاطمة تغسل بصوتها الرتيب عقلها المضطرب الذي
يرفض المزيد من التفكير , فكل فكرة تخطر ببالها تثير في أعماقها
الغثيان . . .
ترجلت من السيارة فكاد هدير البحر يصم أذنيها . . . . ولكنها
اقتربت منه وراحت تخلع نعليها وفي هذا الوقت كان زبد البحر يتلألأ
تحت ضوء القمر ويتهادى دونما نهاية منسكباً على أقدام الشاطئ وكأنه
يومئ إليها أن تتقدم قبل أن يسحب ذيوله بخجل . . . تسلل الرمل الرطب
إلى مابين أصابع قدميها . . وكم كان ملمسه رائعاً . . .
تحركت يدا جانيس غريزياً لتحرر جسمها من ملابسها الخارجية
التي رمتها تحت قدميها وعلى وجهها نظرة اشمئزاز . . فهذه الثياب لا
تنتمي إلى هذا المكان الذي ليس فيه فساد أو تحريف لمسار الكون أو
أثر للمجتمع المريض الملتوي . . . دارت نظرتها ببطء في الخليج , ها
هو البحر يقضم هذه الصخور والرمال منذ آلاف السنين , وها هو يتابع
مساره إلى ما لا نهاية غير مكترث بالحضارة المزعومة .
مرة أخرى التفت المياه حول قدميها . تدعوها إليها باغراء . . .
فانصاعت إلى جاذبية البحر مرحبة بالبرودة التي كانت تتكسر حول
ساقيها . . كانت تشعر بحاجة ملحة إلى تحرير نفسها من أحداث هذه
الليلة , تجاوزت جانيس أقدام الموج وانتقلت إلى حيث ترتفع المياه . .
هنا . . المكان هادئ يبعث في النفس الهدوء , أخذت تطـوف مع المد
وكأنها قطعة حطب طافية .
فجأة تناهى إلى مسمعيها صوت غريب . . فأخذ عقلها يترجم
الرسالة بقوة وأنبأها التعقل أنه صوت آدمــي . . حركت رأسها إلى
الجانبين وهي لا تعرف ما تسمع . . . ثم رأت رجلاً يخوض الموج
وتوجه إليها فعاد التوتر يكتسح أعصابها .
أنزلت ساقيها إلى الأسفل مذعورة منه , ثم بدأت ترفس المياه
بحدة . ولكن ما إن بدأت تسبح , حتى تشنجت عضلات ساقيها وشل
التشنج جسمها . . . بشكل تلقائي فتحت فمها وبدأت تطلق صيحة
عذاب , ولكن المياه خنقت صوتها وأصبحت ساقاها بلا فائدة . . إنها
تغرق , اندفعت تحرك ذراعيها بذعر فاستطاعت بحركتها تلك أن تصعد
إلى سطح الماء فسحبت بعض الأنفاس ولكن الألم عاد يشلها ولفها
الماء . . . كان ألماً فظيعاً لا نهاية له . . . وكادت رئتاها تنفجران طلباً
للتنفس . . . يجب أن تتنفس .
عاد الوعي إليها ممزوجاً بالألم , وانتفخ صدرها الذي امتلأ بالمياه
المالحة فراحت تئن بصوت معذب .
ـ أيتها البلهاء ! إن أردت إغراق نفسك فقومــي بذلك على شاطئ
شخــص آخــر !
ضاعت الشتيمة في عرض البحر . . . ولم تأبه جانيس بأي شيء
لأنها كانت تنتحب وتقول : (( آه ! يا إلهــي ! )) .
ثم وصلت إليها يدان ساعدتاها , وهناك على الشاطئ انهارت
جانيس وراحت تلك اليدان تدلكان عضلاتها المتشنجة . . . وشيئاً
فشيئاً . بدأ التشنج يزول حتى اختفى تقريباً . . . أرخت جانيس ضغطها
على أسنانها , وفتحت عينيها فوجدت الرجل راكعاً أمامها . . . وكان
يبدو كتلة ضخمة سوداء .
همست : (( شكراً لك )) .
قال بلهجة آمرة زاجرة :
ـ لقد انتهت تمثيلية حورية البحر هذه الليلة . . . . انهضــي على
قدمـيــك .
قبل أن تتمكن من لملمة قوتها لتتحرك , مال فوقها وجذبها إلى
فوق . . . تهاوت ساقا جانيس وكادت تقع مجدداً , لولا أنه امسكها في
الوقت المناسب .
تمتم بغيـــظ :
ـ اللعنة ! أعتقد أن علــي أن أحملك .
لم يكن هناك أي لطف في الذراعين اللتين ضمتاها , التلامس
الإجباري بينهما جلب فيضاً من الحرج وزاد من توترها .
ـ أرجوك ... يمكننــي أن أسير لو . . .
ـ اخرســـي !
جعلتها حدة الرجل النافذ الصبر ترتبك فحاولت التململ لكنه شدهـــا
إليه أكثر فأكثر .
قالت : (( أرجوك . . . )) .
ـ لن أقضي الليل اللعين كله على شاطئ بارد أتودد إليك .
ـ لو تركتنــي لما اضطررت للقلق علـي .
تجاهلها وتوجه نحو الطريق , غير أنه لم يتجه باتجاه سيارتها التي
تقف على بعد مئة متر إلى الخلف . . . وتحول الارتباك والحرج إلى
خــــوف .
سألت بصوت مخنوق حاد ؛ والذعر يملأ صوتها :
ـ إلى أين تأخذنـــي ؟
وصل إلى أرض صلبة , وأوقفها فجأة على قدميها . . . كانت يداه
تمسكان خصرها لتبقى ثابتة وكان يأخذ نفساً عميقاً ثم يزفره . . . أخيراً
تكـلـــــــم ؟
ـ اسمعي أيتها السيدة ! أنا غير مهتم بك . . النساء المتوترات
يضجرننــي . . بصراحة أنت مزعجة كالصداع . . أنا متعب . . وبسببك
تبللت واخترق البرد عظامــي . . . سأعود إلى كوخي لأستحم وللبحث عن
الدفء , وإذا كان ممكناً , أن أنام , و ستأتين معي .
ـ معي سيارتي . . . ولا داعي أن . .
صاح بنفاذ صبر : (( لا مجال ! إذا ظننت أنني سأعطيك فرصة أخرى
لتغرقي ما يكربك , فمن الأفضل أن تعيدي التفكير مرة أخرى . . . من
الأفضل لي ألا أجد جثة غارقة رماها الماء على الشاطئ . . . هذا عدا
ذكر مشقة استدعاء الشرطة )) .
ـ لكننــي لم أقصد أن . . .
ـ أنت تهدرين وقتك سدى . . .
ـ لا . . . حقاً أنا . .
ـ أوه . . . حباً بالله ! لقد رأيت أنوار سيارتك وهي تنزل ثم راقبتك
لأعرف ما تنوين فعله . . تقدمت مباشرة إلى البحر , وغطست دون تردد
ودون إلقاء نظرة إلى الخلف . . . عملية انتحار عن سابق تصور وتصميم
لم أرَ مثلها من قبل , وعندما ناديتك تجاهلت ندائي وما إن رأيتنــي وأنا
قادم إليك حتى أغرقت نفسك لئلا أراك .
ـ لقد تشنجت ساقاي و . . .
ـ الماء بارد . . وأنا أشعر بالبرد , ولن أقف هنا لأجادلك . . . ما
تفعلينه بنفسك غداً أو الأسبوع القادم , لا شأن لي به . لكنك الليلة ,
أتيت إلى شاطئي لذا أصبحت شأناً من شؤوني . . الآن اصمتي وسيري
معي , بما أنك لا تحبين أن أحملك . يقع كوخــي وراء تلك الأيكة .
أدارها ودفعها بالاتجاه الصحيح . . فاندفعت إلى الأمام متعثرة ,
فيده التي كانت على ظهرها لم تسمح لها بأي خيار , ولم يكن لديها
القوة لتقاومه . . . ثم إنها الآن ترتجف برداً . . بعد قليل بدا أمامها في
الظلام مبنى صغير . الواضح أن هذا هو مصدر النور الذي شاهدته عندما
كانت في السيارة . . . كان كوخاً مستطيلاً , صغيراً , وبدائياً , بابه الأمامــي
مفتوح . ترددت على العتبة . . . وهاجمها الذعر مرة أخرى من فكرة إغلاق
الباب عليها وهي وحدها مع غريب عدائـــي . لكن الرجل دفعها إلى
الداخل وأغلق الباب , يقول آمراً :
ـ قفــي دون حراك لأضـــيء النور .
تسمرت جانيس في مكانها . . . كان عقلها مخدراً تخديراً يجعلها
غير قادرة على أي عمل آخر . . . كان النور متدفقاً من مصباح (( كاز ))
قديم الطراز . . .
قفز وجه الرجل إلى الحياة في وهجه الأصفر . . . وجهه قاسٍ
مهيب , يحيط به شعر أسود كث مشعث . . حاجبان مستقيمان يمتدان
فوق عينين عميقتين بنيتـي اللون . . أنفه معقوف قليلاً . فكه قوي ومربع ,
خطوط عميقة محفورة من الخدين إلى الفم , فم جذاب أصبح بالتدريج
رفيعاً مستقيماً بتوتر شديد وهو ينظــر إليها .
ـ سأشغل سخان الماء . . خذي بطانية عن السرير , وضعيهــا
حولـــــــــــك .
قفزت عيناها بعيداً عنه وعن القوة الرجولية المخيفة الكامنة فيه . . .
رأت سريراً مزدوجاً في زاوية الغرفة وغطاءً من (( الموهير )) ممتداً أمامه
على الأرض . تحرك الرجل نحو الباب الخلفــي , واختفى في
الخارج . . . لأنها استراحت لغيابه , انتزعت جانيس الغطاء ولفته
حولها , وجلست على السرير . . كانت ساقاها ترتجفان بشكل كبير وهي
بحاجة للراحة ولاسترداد توازنها .
تدافعت الأفكار المشوشة إلى تفكيرها . . إنها أكثر إرهاقاً من أن
تفكر بصفاء , ومن الأسهل الجلوس ببساطة . . بانتظار الرجل ليقول لها
ماذا تفعل . لقد أنقذها من الغرق . . لولاه لماتت , لكنها غير واثقة ما إذا
كانت مسرورة لبقائها حية , ولا تستطيع أن تجد الإرادة لـتهتم بالمستقبل
الآتـــــي .
ـ تعالي . المياه تجري ساخــــنة .
نظرت مخدرة الإحساس إلى الرجل , دون فهم لكلماته . . هو أكبــــر
سناً مما ظننته قبل قليل لقسماته النضوج المستقر . . إنه أقرب إلى
الأربعين منه إلى الثلاثين , مع ذلك فجسمه جسم شاب صغير .
ـ تحركي . . اللعنة ! لقد حملتك بما فيه الكفاية لليلة واحدة .
أجبرت جانيس ساقيها على الطاعة , وأشار لها إلى الخارج ,
فلحقت به عبر شرفة صغيرة إلى غرفة مضاءة بمصباح من الكاز كذلك .
بدا أن الغرفة تحوي عدة أغراض . . ففيها أدوات صيد وخراطيم الغسيل
على جدار آخــر . . وطاولة , وحوض تستره ستارة طويلة . قال لها
الرجــــل :
ـ أسرعـــي ! فالماء يجري في الحوض .
ولكنها لم تتحرك بل ظلت واقفة جامدة فراح يتأمل جمالها .
فجأة سألـــها بقــــوة :
ـ لماذا بحق الله تخاطر امرأة لها مثل جسمك بإغراق نفسهـــا ؟
تمتمت وقد سرى دفء غادر شرايينها :
ـ لم أكن أفكر في إغراق نفســـي .
أمسك الرجل بكتفيها وهو يفكر فانبعثت منه قوة شعرت بها تخترق
أوصالها . . أمامها رجل حقيقي . . . وليس مثل ستيفنز , هذا الرجل يعي
حقاً أنها امرأة .
ـ أنتِ لست قبيحــةً أبداً .
لاقى قوله آذاناً صماء . . . وجاشت في داخلها مشاعر مجنونة , فقد
جعلتها صدمـة خيانة الرجل الذي أحبته تصرخ أنها امرأة وتريد أن تحب
كامرأة . . . تريد أن تعرف بما كانت ستشعر لو كان ستيفنز ذلك الرجل
الذي ظنته , لو أرادها وأحس بها كهذا الرجل . . كانت تتطلع بشوق إلى
ليلة زفافها . . ليلة لن تأتــي الآن ! دفعها الإحباط , والفضول المنحرف ,
إلى مد يدها إلى كتفــي هذا الرجل بأصبع ناعمة , رقيقة , مذهولة .
سحب الرجل أنفاساً سريعة ثم تبع ذلك رفض فوري فقد ضرب
يدهـــا ليبعدها عنه , ونظر إليها بازدراء متوهج :
ـ ما أنت ؟ مجنونة بالرجال ؟ أم أنك تحبين الحياة الخطرة ؟ قد يكون
عرضك مغرياً . . لكنني لست يائساً للنساء لدرجة أن أقبل أي شيء
يعرض علي . أسرعــي إلى الحوض واستحمــي وفي هذا الوقت سأعد
بعض القهوة التي ترد إليك بعض تعقلك .
عرفت جانيس أن عليها أن تخجل من نفسهـــا , والواقع أن تصرفها
ذلك صدمها . . لكن الإحساس بالفراغ عاد يغلفها مرة أخرى . . في مكان
ما من أعماق عقلها كانت مصدومة , لكن هذه الصدمة لم تبدُ مهمة , لم
يكن مهماً ما يفكر فيها هذا الرجل . إنه غريب وليس من عالمها , موجود
هنا الليلة وغداً يرحل . . هذا أمر يثير السخرية حقاً . . . فهي ليست أبداً
مجنونة بالرجال , لأنها بكل بساطة عذراء , وعذريتها لم تُهدد ولو مرة
واحدة . .
لفت الغطاء الموهير حولها مرة أخرى , وعادت إلى الغرفة
الرئيسية .
كان الرجل قد ارتدى بنطلون جينز وكنزة , ووقف قرب المدفأة التي
تشتعل على الغاز منتظراً إبريقاً ما ليغلي . كان هناك كوبان على طاولة
خشبية . . جذبت جانيس كرسياً لتجلس وفي هذا الوقت امتنع كلاهما
عن الكلام . . . الواضح أن الموقف لا يعجبه , و جانيس ليس لديها ما
تقوله له , ولن تشرح له سبب تصرفها . . . لقد أخذ زمام المبادرة لـنفسه
وجاء بها إلى هنا . . فإذا لم يكن هذا يعجبه فلا يلومن سوى نفسه . . .
صفرت غلاية الماء , فصب الماء الساخن في الكوبين ووضع واحداً
لهـــــــــــــا .
ـ في الفنجان سكر ولكن ليس فيه حليب .
ـ أنا لا أستخدم أياً منهما .
من غير المقبول أن يزيد وزن عارضات الأزياء , هذا ما ركزه ستيفنز
في ذهنها . . كان معجباً بخصرها النحيل وبوركيها غير المكتنزتين
وبساقيها المديدتين , لكنه طالما انتقد صدرها العامر وطالبها بوضع مشد
ليظهرا أصغر حجماً في بعض الصور . . . وكان يقول بقرف :
ـ عارضات الأزياء الشهيرات لسن بقرات .
بعد استعراض سريع لكلماته وتصرفاته وجدت أنها كانت عميــاء
بلهاء , ساذجة لأنها لم تدرك أن في علاقتهما شيئاً غير طبيعــي . . ستيفنز
لم يكن قط رجلاً , ليس كهذا الرجل الجالس أمامها عابساً . . طقطقت
كرسيه , فنظرت إليه , لتجده يدرسها باستهداف بارد .
ـ يبدو أنني أعرف وجهك . . فهل هذا ممكن ؟
ثار الذعر في قلبها , فآخر ما تريده هو أن يعرفها أحد انفصالها عن
ستيفنز سيجلب انتقادات ستكون أكثر من كافية ولكن إذا أشيع أنها
حاولت الانتحار فستتصدر العناوين الأولى في كل الصحف . أجبرت
نفسها على عدم إظهار أي اهتمام بما يقول :
ـ لا أرى سبباً , لأننا بكل تأكيد لم نلتقِ قط .
نظر إلى يدها : (( غير متزوجة )) .
هزت رأسها وأحـست بالراحة لأن الخطر ابتعد عنها .
ـ مشكلة مع رجل ؟
التوى فمها قرفاً : (( بإمكانك قول هذا )) .
ـ هذا ما يفسر الأمـــر .
جذب تعليقه الجاف الاحمرار إلى وجنتيها . . . فالواضح أنه يحمل
ردها أكثر مما كانت تعنــي . وأن تلك الرغبة المتهورة في لمسه , أظهرتها
على أنهـــا امرأة راغبة .
قالت : (( أنا آسفـــة لأنني . . . أزعجـــت ليلتـــك , وتسببت لك
بالمتاعب .. أنا . . . لم أعتقد أن في هذا المكان أحداً )) .
ـ من حس الحظ أنني كنت هنا .
ردت بصوت كئيب : (( أجـــل من حسن حظــي )) .
تمدد إلى الخلف في مقعده , يرجعه متأرجحاً إلى الـــوراء .
ـ ألم يرغب فيك ؟
ارتفع نظرها إليه للحظة فبان عمق خيبتها في عينيها , قبل أن
تركزهمــا عليه بتعب :
ـ لا . . . لم يرغب في . . بل كان يريد الصورة , ولم يردنــي أنا .
سأل بصوت ملؤه الحيرة :
ـ أية صورة ؟ أتقصدين الوجه والجسد ؟ أم الشخصية . . . .
قاطعته بسرعـــة :
ـ لا . . لا . . إنه لا يرغب في امرأة . . امرأة حقيقية . . . كنا
سنتزوج الأسبوع المقبل . الليلة . . . لم يكن يتوقع قدومـــي إلى شقته . .
لكننــي ذهبت . . . كانت الموسيقى مرتفعة , لذا لم يسمعني عندما قرعت
جرس الباب . . فاستخدمت مفتاحـي , ولما دخلت شممت رائحة ثقيلة ,
حلوة . . كرائحة البخور , لا ادري ما هي , ولكنها أقلقتني . دخلت إلى
غرفة النوم . . فإذا هو مع . . مع . . وكانا . . . كانا .. هربت ورحت أقود
سيارتـــي حتى وجدت نفســـي هنا .
الدموع التي حبستها جانيس لساعات طــويلة بدأت تنهمر على
خديها ... وأصبحت العينان الكبيرتان الخضراوان بركتين من البؤس ,
وبسبب انشغالها بألمها الداخلــي لم ترَ لمعان الفهم على وجهه , ولا
الشفقة التي ظهرت في عينيه .
تابعت الدموع جريانها وتدفقها , فانحنت جانيس إلى الأمام , تضع
رأسها على يدها وتبكــي دونما رادع . . . وبدا لها أن قلبها يكاد ينفجر ,
وأخذت تنتحب وتنتحب حتى شعرت بالراحة من هذا الطيف الذي
يمسك بخناقها . . مضى وقت طويل قبل أن يتحول النحيب إلى تنهيدات
صغيرة محطمة , ومسحت البلل عن عينيها بظاهــر يدها .
لحظتئذٍ فقط أحست بأصابع تنقر على الطاولة لحناً رتيباً , فارتفع
صدرها مرة أخرى وقاومت لتسيطر على نفسها , ثم اختلست نظرة إلى
الرجل فلاحظت العبوس العميق الذي شد حاجبيه المستقيمين معاً . .
توقفت الأصابع عن النقر على الطاولة , وأحست بنظرته عليها .
ـ هل ترغبين في الاستلقاء ؟
حمل السؤال الهادئ التورد إلى خديها , فأحنت رأسها لا تعرف
بماذا ترد , لقد ثابر هذا الرجل على إساءة الحكم عليها ولا تستطيع أن
تعرف ما إذا كان لطيفاً معها أم منتقـــداً .
ـ لا بد أنك تشعرين بالاستنزاف . . لقد كانت ليلة قاسية لك , وأنا
لم أسهل الأمور عليك .
تنهد . وفتح يده دلالة الاسترخاء :
ـ آسف لأننــي كنت . . غير متعاطف .
ـ لم أفكر حقاً في إغراق نفســي . . أنا فقط . . أحسست . . أننــي
بحاجة . . .
لوح يده يصرف النــظر عن حاجته لشرحها :
ـ لا داعي للشرح , احمدي الله لأنك تخلصت منه . .
همست : (( أعرف )) .
رفع نفسه ليقف , ودار حول الطاولة ثم ضغط على كتفيها بلطف .
ـ تعالي إلى السرير , وفي الصباح ستشعرين أنك أفضل حالاً . . .
وكأنه متأكد أنها ستقبل اقتراحه إذ مال إلى الأمام وأطفأ المصباح ,
لكن جانيس لم تستجب بسرعة , فاندست ذراعه حول كتفيها ترفعها
للوصول إلى السرير .
ـ أرجوك . . أنا قادرة على السير دون مساعدتك .
رفع الغطاء لها , وما إن استلقت على الفراش حتى شعرت بالراحة
والأمان . . . وما لبثت أن اتخذت وضعية النوم التي اعتادت عليها , غير
أنها سرعان ما تنبهت , إذ سمعت الفراش يتحرك , إلى الرجل الذي
جلس على السرير وفي عينيها تساؤل .
قالت بصوت مختنق : (( ماذا تريد ؟ )) .
ـ اسمعي ! لقد عاملتك بسوء وكدرتك , وعذري أننــي لم أكن أفهم
ما تشعرين به , ولم أفهم الصدمة التي واجهتها . . وما من امرأة تستحق
الأذى هكــذا . .
امتدت يده بلطف تمسك كتفها :
أنت امرأة . . امرأة . . امرأة جميلة مرغوبة وأنت كامــلة .
نظرت إليه , وعقلها في حيرة . . فابتلعت ريقها بينما يده تتابع
جرينها على كتفها , بخفــة الريش . .
ـ استرخـــي . . وأرخــي أعصابك فلن أؤذيك أبداً . . .
ثم ما لبث أن عـــــــانقها بلطف .
* * *
نهاية الفصل (( الأول )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:29 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


2- يوم ضــاع من الزمن
أنها السبب في إقدامه على معانقتا فليس هناك ما هو أوقح مما
فعلته عندما مدت يدها إليه تريد إغواءه فكيف السبيل الآن لإيقافه ! ماذا
يمكنها أن تقول ؟ يجب أن تقول شيئاً . . فتحت فمها . . . لكن أية كلمات
كان يمكن أن تقولها , انحبست في حلقها , فقد ازداد عناقه عمقاً , ففجر
في أعماقها لهيباً من المشاعر الغريبة .
شدت يدها على اليد التي تداعب كتفها . . كانت تحس بــسرور
غريب لإحساسها بقربها منه . . . ولكن صوتاً من التعقل صاح في أعماق
عقلها أن هذا غلط . . فهي لا تعرف هذا الرجل , ولا تعرف اسمه , من
الغلط الفادح الانجراف معه . . . ولكن عقلها كان يغرق برسائل أخرى .
أغمضت جانيس عينيها , وادعت لنفسها أن هذه ليلة عرسهــــا .
لكن هذا ليس عريسها , ليس ستيفنز . . لكن , ستيفنز خانها ,
وغشها . . . إن قرب هذا الرجل منها يولد في أعماقها مشاعر لم تعرف
أنها موجودة عندها . . ولكنها فجأة ثابت إلى رشدها وشعرت بالخوف
مما هو آتٍ فلم يسبق لها أن عرفت رجلاً معرفة حميمة ولن تفعل هذا
اليوم مع غريب .
شعر الرجل بترددها فابتعد عنها ولكنه لمس وجهها بخفــة :
ـ هل أنت بخيـــر ؟
حمل الصوت العميق قلقاً فشعرت بالحرج الشديد , وتمنت لو لم
يتكلـــم . . .
ـ أجل . . أجل . . أنا بخيـــر .
خرجت الكلمات رسمية مؤدبة , نسبة لموقف يدعو إلى العكس
تماماً . . وابتلعت موجة هستيريا وهي تواجه ذلك الموقف .
نظر إليها نظرة عميقة فرأى في عينيها الشوق وشيئاً آخر عرف أنه
الذعر أو الخجل وفجأة فهم . . فـهم سبب ترددها وتقوقعها على نفسها
فهي ليست امرأة رخيصة أبداً . سألها وفي عينيه الاستغراب : (( أنت عذراء
أليس كذلــك ؟ )) .
أحست بالحرج يعود إليها مجتاحاً وجنتيها بدفق من التورد .
رفعت عينيها إليه وقالت بصوت مختنق : (( لم أعرف قط رجلاً )) .
ابتعدت عنه وهي تشعر بالخجل من نفسها فقال :
ـ أنت لم تعرفــي رجلاً من قبل . . . اللعنة ! ولكنك لم تتصرفــــي
كساذجة . . . ولم يخطـر ببالــي أن هذا ممكن .
تنهد يهز رأسه . . وحين تكلم مرة ثانية كان الغضب قد استبدل
بالقلــق :
ـ حسناً . . . سامحينــي فأنا لا أريد أن أزيد الطين بلة . . . ولن أسبب
لك وضعاً أنت بغنى عنه .
ثم ابتعد عنها . . .
امتد الصمت بينهمـا , وكان هذا الصمت أشبه بجدار صلب أكثر من
ابتعاده عنها . . مع ذلك , ابتعادهما فرض عليها ادراكاً أقوى بالرجل .
كان واقفاً وقفة جامدة ولكن حوله طغى شــيء من التوتر .
صدمت فجأة بأن يكون ستيفنز قد ابتعد عن أفكارها لوقت أطول
مما هو ممكــن .
سمعته يتمتم :
ـ أخبرينــــي عن نفسك .
نظرت إلى الرجل بحدة . . إنه يعرف عنها أكثر مما اعترفت به أمام
أحد . . ولسوف تموت حرجاً لو التقت به مجدداً بعيداً عن هنا . .
سألت : (( هل تعيش هنا طوال الوقت ؟ )) .
ـ أجيء واذهب . . أين تعيشين ؟
ـ في سيــدني .
ـ ماذا ستفعلين غداً ؟
ـ لا أدري , سأفكر في الأمر وأنا عائدة إلى المنزل .
ستكره أن تشرح لأمها أن الزواج ألغــي .
ـ لن يكون الأمر سهلاً . . أليس كذلك ؟ الأفضل لك الابتعاد عن
ذلك الجو بضعــة أيام . بإمكانك البقاء هنا إذا شئت .
ردت مسرعــة : لا أستطــيع .
ـ لكنك بحاجة إلى فرصــة لالتقاط أنفاسك . . ولملمة أفكارك . .
هل ذهبت يوماً لصيد السمك . إنه عمل مريح للأعصاب , يفرغ الذهن
من كل الضغوط .
عادت إليها ذكريات من طفولتها جالبة معها موجة حنين أرقت
صوتها .
ـ كنت أذهب إلى الصيد مع أبـــي . . وكان هذا منذ زمن طويل .
ـ هل والدك في بلدتك ؟
ـ لا . . . لقد مات وأنا في الرابعة عشرة .
ـ أتعشيــن بمفردك ؟
ـ لا . . مع أمــي . أنا وهي . . .
صمتت لأنها أدركــت أنه يستدرجهـــا للكلام .
ـ سيفيدك البـقاء هنا قليلاً , والذهاب إلى الصيــد .
ـ ولماذا تدعونـــي إلى البقاء ؟ أنت لم ترغب في وجودي هنــا
قبل . . . قبل . . .
ـ قبل أن أكتشف أنك لست ما تدعين ؟ لا , أنت على حق . . . كنت
سأطردك من هنــا بأسرع وقت ممكــن .
تنهد وتحول صوته إلى سخريــة بالنفس :
ـ ربما أريد أن أعوض عليك . . . ربما أشعر بنوع من المسؤولية . . .
لا أدري . . . أعتقد أننــي أحب أن أتأكد أنك بخيــر .
ـ سأكون بخيــر .
إنها ترفض اهتمامه بها , فقد يتحول اهتمامه هذا إلى تعقيد هــي بغنى
عنه . . على كل الأحوال , هذه فكــرة مغرية . . . البقاء هنا أو الخروج
إلى الصيد , سيكون تأخيراً للحظة الضغط والدموع والجدال . . وسيكون
هروباً مفروضاً , وليس طويلاً . ولكنه وقت كافٍ لتعيد قوتها مجدداً
وتتمكن من مواجهة الموقف .
ـ هل تظن . .
وصمتت يتجاذبها الحذر والإغراء .
ـ أظن . . ماذا ؟
ـ أيمكن لنا . . لو بقيت هنا غداً . . أن نبقى غريبين ؟ أعنـي . . مجرد
أن أكون هنا , دون أسئــلة .
دفعها صمته للشعور أنها طفلة سخيفة , فقالت :
ـ آوه . . أنسَ الأمر ! سأذهب .
ـ لا . . . أريد منك أن تبقي . . أنت تريدين ترك كل شــيء خلفك
لفترة . . وسأجاريك في هذا . على أي حال , لقد جئت إلى هنــا للسبب
عينـــه .
ـ هذا . . لطف منك .
ضحك ضحكة قصيرة : (( ربما من السهل التعامل بلطف مع شخص
غريب . . هل تشعرين بالبرد ؟ )) .
ـ ليس كثيراً .
اقترب من السرير وغطاها جيداً . ثم انحنى يلثم وجنتيها برقـة :
ـ استرخــي الآن , ونامــي . .
سرى الدفء في جسمها , لكنها لم تستطع الاسترخــاء لكثرة ما
جرى معها اليوم من أحداث . أخيراً غلبها التعب , ونامت .
استيقظت فجأة تحس بدغدغة على خدها . . اتسعت عيناها وقد
صدمها الوجه الغريب المنحنـــي فوقها .
ـ بشرة رائعة . . أنت فعلاً امرأة جميلة خلابة حتى في الصباح . . .
اشك في أننــي رأيت من قبل مثل هذا الشعــر الأشقر الحقيقـي . . ما عدا
على طفــــــــل . .
طفل ! هل عرفها ؟ ارتفعت أصابعها إلى شعرها . . ليلة أمس لم يكــن
مسرحاً . . ومن المريح الإحساس بنعومته الآن . . لكن بدون التموج
المقصود الذي يحيط بوجهها من الصعب التعرف إليها , على أنها
(( جانيس الطفلــة )) .
أضاف : (( وجنتان كلاسيكيتان وقسمات وجه كامــلة , أما العينان
الخضراوان فتكفيان لسرقــة روح رجـــل . . ربما حضرت حورية البحر ليلة
أمـــــــــس )) .
أشعرتها لهجة التملك في صوته بمدى ضعفها , وتملك الخوف
دماغها . . . ليلة أمس كانت مجنونة , ومتهورة لأنها كادت تضيع نفسها
تحت سلطة غريب . ماذا لو لم يتوقف أمس ؟ ماذا لو أراد تكــرار
التجربة ؟ أمسكت بغطاء السرير وجذبته إلى ذقنها وراحت تفتش في
الغرفة مع أن المنطق يقول لها أن لا هروب فوري منه .
سألت : (( كم الساعة الآن ؟ )) .
وابتلعت ريقها تطرب حلقها الجـــاف .
ـ وقت الغداء تقريباً . . . وأنا لست ذئباً شريراً جاء ليوقظك . بل
الواقع أن بإمكانك اعتباري شخصاً أليافاً . . . فقد وجدت ثيابك على
الشاطئ وغسلتها لك . . انظري بنفسك .
وأشار إلى أسفـــل السرير , ثم أضاف :
ـ لكنها ملابس غير ملائمة للصيد .
الصيد ! أطلقت جانيس ضحكة هستيرية . . لا بد أنها فعلاً كانت
مجنونة لأنها فكرت في مثل هذا التصرف غير المسؤول .
ـ شكراً لك . . لكن يجب أن أرحل . . حقاً ستقلق أمــي علـي
وستتساءل عن مكان وجودي .
ـ أشك في هذا .
علقت أنفاس جانيس في حلقها لأن القلق تحول إلى إنذار . . ماذا
يعنــي . . نظرت إليه بإمعان . . . كان الجينز والتيشرت يبرزان عرض
منكبيه وعضلات أطرافه . . هذا مكان موحش بعيد , ولو أراد
احتجــازها . .
ـ ستقلق أمـي فعلاً . . . وإن لم أصل إلى المنزل هذا الصباح , فقد
تتصل بالشرطــة .
هز كتفيه ووقف , ينظــر إليها بسخرية :
ـ ولماذا تقلق ؟ سوف تستنتج ما هو طبيعــي ولن تقلق كثيراً . . . ألم
تذهبــي إلى خطيبك ليلة أمس ؟ دللـي نفسك . . لقد تعرضت لصدمة , ولا
يضير أن تأخذي يوم راحــة . . كما أنك بحاجة إلى وقت للتفكيــر في
المكان الذي ستقصدينه بعد هذا المكان . . سأذهب لأنظف السمــك
للغـداء هناك مكان راحة خلف غرفة الغسيل . . اغتسلـــي وارتدي ثيابك
ثم تمشــي قليلاً ولا داعـــي للعجلة .
راقبته يخرج من الغرفة . . أرح هدوؤه أعصابها . لا يبدو أنه يشكــل
خطراً عليها . . وتذكرت حديثهما ليلة أمـس . . واجتاح جسدها موجة
دفء . . .
ارتدت ملابسها بسرعة . . الآن وقت الرحيل . الرجل بعيد عن
طريقها . . وأفضل ما تقوم به هو الخروج من الباب الأمامــي , والعودة
إلى سيارتها , ثم التوجه إلى سيدني . البقاء هنا مخاطرة . . فتحت الباب
الأمامي , فتسلل نسيم خفيف إلى بشرتها كان مصدره البحر . . راحت
عيناها تنعمان باللون الأزرق المتلألئ . .
الرمل أبيض , والسماء زرقاء صافية ليس فيها غير طيور النورس .
سحبت نفساً عميقاً . . إنها رائحة التحرر من كل مساوئ المجتمع ,
فبماذا ستخاطر لو بقيت هنا ؟ ليوم واحد فقط . . يوم واحد لن يضر
أحـــــــداً .
الرجل لا يعـــرفها وهو ودود وعاقل , لم يفرض نفســـه عليها البتة ,
وهو إلى ذلك أجفل وشعر بالقلق عندما عرف أنها ما تزال عذراء . . .
وهذا إن دل فإنما يدل على رهافة مشاعره . . . وشخص كهذا لا يشكل
أبداً خطراً عليها لذا ستستمتع باصطيـــــاد السمك معه .
رحلت عيناها إلى الطريق الترابية حيث السيـارة التي ما تزال واقفة
عند حافة الشاطئ ليلة أمس وهو المكان الذي أوقفته فيها غير عارفة أن
هذا الطريق يوصل إلى منزل . . لكنها ليلة أمس , كانت مشوشة بسبب
الانفصــــــــال عن ستيفنز .
ترددت بشأن عودتــها . . . فإن بقيت فستكون مضطرة لمواجهة هـــذا
الرجل الذي يبعث في قلبها مشاعر مضطربة غريبة عنها . . . فجأة شعرت
بالجوع عندما شمت رائحة طــهو السمك, كان الباب الذي يــؤدي إلى
خلف الشرفة مفتوحاً . . فاقتربت منه بحذر , ولكنها فكرت أنه ما زال
هناك وقت لتغير رأيها وتذهب .
كان الرجل واقفاً قرب طباخ غاز يراقب السمك في المقلاة . . . مرة
أخرى صدمتها قوة رجولته . . . لم يكن نحيلاً كـ ستيفنز ولكنه رشيق
وأنيق حتى وهو يرتدي ثياباً عادية , فـلـستيفنز طراز خاص . . ولم تره قط
مرتدياً جينزاً خاص بالعمل . . . أما هذا الرجل فيشعر بالراحة بثيابه . .
وخطر لـ جانيس أنه سيشعر بالراحة مهما ارتدى , لأن ما يجذب العين إليه
ليست الثياب . . . بل الرجل نفسه , فحوله هالة من الثقة بالنفس تدل
على أنه قادر على التعاطــي مع أي شيء يقف في طريقه , إنه رجل تختاره
أية امرأة ليكون رفيق دربها ولو على جزيرة مهجورة .
نظرت عيناه السوداوان فالتقطتا أثر ابتسامة . . عندئذ استرخــى وجهه
القاسـي , وبدت ابتسامته غنية بالرضا . . وخفق قلب جانيس محذراً ,
لكن التهور عاودهــا مرة أخرى .
ـ رائحة لذيذة .
ـ لا شـــيء كالسمك الطازج .
ـ سأغسل يدي .
ـ لا تتأخري . . إنه جــاهز .
ـ سأعود فوراً .
لم تدرك جانيس أن قسمات وجههـــا مشدودة بابتســـامة عريضة إلا
بعدما لامس الماء يديها . . و أدهشها هذا . . لكن هذا أمر لا يدهش . .
لقد رمت خوفــها في مهب الريح , وتشعر بخفة النفس . . . ستستمتع
اليوم بهذا البحر الشاسع وليدر العالم من دونها . . العالم الذي سيلحق
بها في النهاية . . هذا أمر حتمــي , لا تطيق تجنبه . . لكن ليس اليوم . .
وبرزت في خاطرها لوحة كبيرة (( ذهبت لتصطاد السمك )) .
ضحكت هي تجفف يديها . . أنها جاهزة للفطــور . . للغداء . .
ولأي شــــيء .
* * *
نهاية الفصل (( الثانـــي )) ...


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:30 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3- وداعـــاً أرض الأحلام
كان السمك لذيذاً , طرياً . . . لذا أكلــت جانيس بشهية وأفرغت
الصحن مما فيه .
ـ أتريدين المزيـد ؟
رفعت بصرهــا إلى الرجل الجالس قبالتها . . كانت عيناه تبرقان
بشــيء من التسلـية . . إنهما عينان جذابتان , سوداوان , ذكيتان ,
ومؤثرتـــان .
وضعت سكينها وشوكتها متنهدة اكتفــاء :
ـ لا . . أكلت بنهم . . لا أذكر آخـر مرة أكلت فيها هذا القدر من
الطعام عند الفطور .
ـ كانت معدتك فارغة .
طقطقت الكرسي الخشبي وهي تستند إلى الخلف , لكن هذا لم
يفزعهــا . . الكرسي متين وقوي كالطـاولة الخشبية الخشنة الحفر , وكهذا
الرجل الخشن التقاطيع . نظرت إليه بفضــول وهو يشعل سيكــارة .
ـ أتدخن كثيــراً ؟
نظــر إليها دونما اكتـــراث :
ـ وهل لديك اعتراض ؟
ـ لست في وضع يسمح لــي بالاعتراض . . فهذا منزلك .
نفث الدخان ببطء , ثـم انفرجت شفتاه عن ابتسامة صغيرة .
ـ هذا صحيح . . أنا أستمتع بتدخين السيكارة بعد الأكل , لكننـــي لا
أدخن كثيراً . . وأنت ؟
وأشار برأسه يدعوها إلى علبة السكاير لكنها هزت رأسها نفياً .
سألها : (( ماذا ترغبين أن تفعلــي بعد الـظهر ؟ )) .
أدهشهــا السؤال :
ـ ألن نذهب إلى صيد السمك ؟
ـ المد لا يساعدنا . . سنحاول فيما بعد .
بددت لهجة الأمر الواقع في صوته , قشعريرة عدم الــراحة التي
استحوذت عليها . . والتفتت إلى النافذة , إلى المنظـر الجميل الذي يعود
عمره إلى عمر الزمن , منظر الرمل والبحـــر .
ـ أود السير على الشاطئ . . . هل هناك أصـــداف ؟
ـ هناك بعضهــــا .
ـ كنت أجمع الأصداف , ولدي رف كامل منها .
ـ أما زالت بحوزتك .
ارتدت إليه , مبتسمة ابتسامة أســف :
ـ لا . . حين مات والدي , بعنا منزلنا القديم وانتقلنا للعيش في
المدينة , وفي ذاك الوقت أصرت أمــي أن الوقت حان لترك الأشياء
الطفولية ورائــي . . ولأن الشقة التي اشتريتها صغيرة , تركت أغراضــي
هناك في منزلنا القديم , لكنني افتقدتها . . طالما أحببت صوت البحــر ,
وهو ما أستطيع سماعه من الصـــدف .
ـ إذن ربما يجب أن تبدئــي بجمع مجموعـة أخرى .
وقف يلم الأطبــاق .
ـ سأذهب لأغســل هذه . . ثم ننطلق في طريقنـــــــــــا .
وقفت جانيس بسرعة :
ـ سأغسلها أنا . أنت طهوت الطعــام . . قل لـي فقط أين أضـع
العظــــــــام ؟
لم يترك الأطباق , بل وقف ينظر إليها صعوداً ونزولاً مقوماً إياها
ببطء , فــاحمر وجه جانيس .
ـ يجب أن أعيرك قميصاً قطنياً إذا كنت تريدين توفير هذه الثياب لما
بعد .
ردت بهمس محرج :
ـ شكراً لك . . . أنت في غاية اللطـف .
التوت شفتاه بســخرية :
ـ القميص ليس من الطراز الرفيع , ولكن سيحسن من مظهره وضع
حزام حوله . . ستجدين القمصان في خزانة الأدراج , قرب السرير .
جعلتها سخريته بشأن [ [ الطراز الرفيع ] ] تنظر بحدة إليه وهو يخرج
إلى الشرفة . . . فقد شكت إنه عرف هويتها وهذا ما وتر أعصابها ,
ودفعها للوقوف في مكانها حيث راحت أصابعها تتلاعب دون وعــي
ببنطلونها الحريري الشبيه بالتنورة . إن هذا القماش جيد النوعية ,
وتذكرت أنه غسله لها . . ولا بد أنه عرف جودته . . ولا شك أن هذا ما
دفعه إلى هذا التعليق . . شعرت بالراحة فأسرعت إلى خزانة الأدراج
حيث وجدت (( تيشرت )) فخلعت ثيابها الرفيعة الطراز وارتدت قميصاً
عـــادياً .
تعالت الضحكة إلى حلقها وعندما طالعها منظرها في المرآة . . .
كانت أكمام القميص تبدأ فوق مرفقها تماماً , وتنتهي عند الرسغين .
وجدت حزاماً جلدياً لفته حول خصرهــا , جعل القميص فستاناً قصيراً
بعيد كل البعد عن الأناقـــــة .
ـ جاهزة !
استند إلى إطـــار الباب , والتسلية مسطورة على وجهه . . عـرفت
جانيس أنها تبدو سخيفة , لكنها لم تفهم , فاليوم لا يهم كيف تبدو .
اليوم لا وجود لـ جانيس الطفلة , ومكانها ستحل امرأة
خالية من الهموم . . . ولو لوقت قصير , على أي حال . وطارت إلى
الباب الأمامــي تفتحه . . تناديه , وفي صوتها نبرة إثــارة طفولية :
ـ فلنذهب !
سارا على الشاطــئ والنورس يسبح في السماء فوقهما , وهـي
المخلوقات الحية الوحيدة على مد النظر . . كانت الريح تعبث بشعر
جانيس وتجعله يتطاير إلى الخلف , وهي تركض أمام رفيقها . . لم تعِ
البتة مدى الإثارة التي تمثلها . . كانت عيناها ثابتتين على صدفة كبيرة ,
لمحتها عند حافة المـاء .
صاحت صيحة نصر وحملتها وكأنها تذكــار ثمين :
ـ إنها صدفة جيدة !
ثم ابتسمت ابتسامة ترقب سعيدة ووضعتها على أذنها . . ولكم كان
دوي البحر فيها مميزاً , فتهلل وجهها بالابتهاج , وعقلها يستعيد صدى
هذا الهدير المألوف . نفضت الرمل عن كـنزها الجديد راضية , ومسحته
بقميصــها .
قالت بحبور : (( أترى ! هل هــي جميلة ؟ )) .
ـ أجل . . جميلة جداً .
حمل الإعجاب العميق في صوته نبرات جذبت جانيس بحده من
تأملاتها , فرفعت نظرها إلى عينيه لتجدهما غير مثبتتين على الصدفة التي
في يدهـا . . للحظة طويلة تشابكت نظرتهما , وتصاعدت نبضات جانيس
بصوت ارتفع أكثر من هدير البحر . لم يلمسها , مع ذلك أحست
بلمسته , واقشعرت بشرتها , وأحست بضيق في صدرها يضغط حتى
أصبح مؤلماً , وأدركت أنها تحبس أنفاسها , فسارعت تزفر , وأجبرت
نفسها على الارتداد عنه , وسارت بضع خطوات ملؤها التوتر , قالت
بعدها متوسلة :
ـ أرجوك . . لا تفعل هذا .
ـ أفعـــل مــــاذا ؟
لم يكن قد تحرك . . لكن عينيه السوداوين كانتا ترميان تحدياً يجب
الــــرد عليه .
سحبت نفساً عميقاً لتهدئ صوتـــها :
ـ أخشى أن أضعف .
ـ لمـــــاذا ؟
ـ تعرف السبب . . ثم أنا لا أحبـــك !
ـ أعرف أنــي غريب بالنسبة إليك . . إنما عليك ألا تخافـــي منـي . . .
ارتجف جسم جانيس . . . واعترفت على مضض :
ـ أجل . . بالأمــس شعرت أنك شخصية غير حقيقية .
قـطـــب :
ـ شخصية غير حقيقة ؟
ـ ألا ترى ؟ بالأمــس عندما بادلتك عناقك شعرت بأنك خيال كنت
أحتــــــــاج إليه .
حدقت عيناه بعينيها لفترة لا نهاية لها . . . أخيراً أدار نظره إلى
البحر, فأراح بذلك جانيس من توتر المواجهة . . وتمتم :
ـ خيـــــــــــال .
وضحك ضحكة صغيرة ســـاخرة .
ـ أمر غريب ! فكرت أنــي أشياء كثيرة أمـــا خيال فأبداً ! ربـــما تظنين
أننــي خيال , لأننــي انتشلتك من البحر كمن يصطاد حورية كما أعتقد .
انطفأت نار المشاعر في عينيه , فتنهدت جانيس راحة وابتسمت :
ـ لكننـــي لست حورية .
ـ لا . . بل أنت طفلة صغيرة .
وخزتها التسمية , وارتجفت ابتسامها . . ثم تذكرت الصدفة في
يدها . فنظرت إليها وتنهدت .
ـ ربما هذا ما أحب أن أكونه اليوم . طفلة دون متاعب .
ـ إذن . . فليكــــن هذا .
أبهجها التساهل في صوته , فنظرت إليه ممتنة , فضحك ضحكة
عميقة .
ـ ربما تكون البراءة نعمة . . . هل نكمل سيرنا ؟ بإمكانك إعطــائي أية
صدفة تودين الاحتفاظ بهـــا .
حمل الموج قطعة خشبية رماها البحــر على الشاطئ . التقطتها
جانيس , وأخذت تـرسم مربعات متقاطعة على الرمــال , وحاولت رمـي
صدفة إلى أبعد مربع في الزاوية , لكنها انزلقت إلى أبعد من الخط . .
استعادها الرجل , ووقف مكان جانيس فصوب بدقة ثم رماها فـــي
منتصف المربع . وابتسمت له :
ـ لا تقل لي إنك كنت تلعب الحجلة . . وأنت صغير ؟
ـ كنت ألعبها حين تدفعني أختي الكبرى للعب معها , كانت متسلطة
رهيــــــبة .
ضحكت جانيس : (( لا أتصور أن أحد قادر على التسلط عليك )) .
ابتسم بثقة بالنفس :
ـ لكننــي انتقمت منها في النهاية .
ـ غريب كيف تتبدل الأمور . . لم نعد نرى أولاداً يلعبون الحجلة
الـــيوم .
ـ لأنهم داخل المنازل يشاهدون التلفزيون . . العالم كله يشـــاهد
التلفزيون . . إنه أسهل من الحياة ذاتها .
ـ لكنك تفضل الحيــــــــــــاة .
ـ أفضل أن أصنع بيدي ما يسعدنـــي . . أجل .
وهو بارع في صنع السعادة . . لكن جانيس سارعت إلى كتم
الفكـــرة . . إنها تحب صحبته , فهو رجل سهل المعشر , ولا تريد أن تفكر
أبعد من هــذا .
ـ فلنتنعم بأشعة الشمس قليلاً .
لم ينتظر موافقتها , ومدد نفسه على الرمال الساخنة قريباً من
المــاء . . فجلست إلى جانبه ورفعت ركبتيها تحتضنها , أمــا هو فوضع
يديه خلف رأسه وأغمض عينيه . ثم سأل :
ـ ماذا تفعلين للمرح والاسترخــــاء ؟
ـ ليس لدي وقـت كافٍ . . أحب القراءة .
ـ قراءة مـــاذا ؟
ـ كتب الشعر في معظـمها . يمكنك الإمساك بها ثم تركها , ثم
الإمساك بها بدون أن تفقد خيوط أفكــارها كقصة .
ـ و هل سافرت ؟
ـ لا . . ليس بعد . . مع أننــي سأسافر . . وأنت ؟
ـ كثيراً . . وكثيراً جداً . إلى أماكن عديدة ورأيت الكثير من الناس .
نظرت إليه بفضول . . لكن جفنيه ظلا مغمضين , ووجهه بقي
مسترخياً لا يكشف عن شيء .
ـ ألهذا استقريت هنا ؟
عندما لم يرد حولت بصرها إلى البحر المترامــي إلى ما لا نهاية . .
ثم قــــــــال :
ـ أحب المكان هنا إنه هادئ طبيعي لم يفسده شــــيء .
وافقت بصوت حــــالم :
ـ أجل . . وكأننا على جزيرة غير مأهولة . . والمدينة بعيدة كل البعد
عنــــــــــــا .
ضحك بصوت منخفـــض :
ـ مثل آدم وحـواء .
نظرت إليه نظرة قلق لكن بريق عينيه كان شيطانيــاً !
ردت بخفة :
ـ هذا ما قد يدعو إبليس لدخــــول الجنة .
ـ ابتعد عــني يا إبليس . . هل أنت مؤمنة ؟
ـ أؤمن بالقيود التـي يفرضها الدين .
ـ عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به ؟
ـ أجل . . ومن الخطأ أذية الناس . . قلة الشرف , الكذب ,
والخــــــــداع .
عادت صورة ستيفنز بحدة مريرة إلى ذاكرتها . . وجاءها الأمــر
الحــــــــــــــــاد :
ـ انسيه ! وأخبريني أين تحبين أن تسافري ؟
تكلمـا عن بلدان أخرى , عن شعـــوب أخرى , وعن طـــرق أخرى
للحــياة . . ولأن الحديث الدائر لم يكن شخصياً ابتعدت عن ذاكرتها
الأفكـار التي كانت تزعجها . . أخيراً تحرك الرجــل , ووقف
ـ سأذهب لأسبح . . هل تأتين معــي ؟
هزت رأسها رافضة : (( لا أريــد . . )) .
ـ من غير المحتمل أن تتشنج ساقاك مرة أخرى . . فالمياه لن تكون
باردة في حرارة الشمس , ثم إننـــي هنا لأعتنــي بك .
توقف هنيهة ثم ارتد عنها وتوجه نحو البحر تاركاً إياها لتقرر ما
تريد . . وراح يخوض عباب الماء حتى وصل إلى أماكن عميقة فغاص
فيها . . راقبت جانيس رأسه الأسود يرتفع ويهبط . . بدت المياه مغرية .
والشمس حارة . . إنها تريد أن تسبح , وتشعر ببرودة المياه على بشرتها.
رفعت نفسها للوقوف ثم ركضت نحو الماء لتسبح . . هناك أحست
أنها تتنعم بالحياة , وتركت نفسها تغـــوص . . مستمتعة بروعة المياه
ولكن يداً أمسكت ذراعها ورفعتها إلى الأعلى . . . فتلعثمت وهــــي
تحتــج :
ـ أنا بخيـر .
ـ كنت أتأكد ليس إلا . . . اتركــي رأسك فوق الأمواج , ليطمئن
بالـــي . . ممكن ؟
ـ حسناً .
لم يقترب كثيراً منها . . لكنه ظل على مسافة قصيرة . . وسبحت
جانيس وطافت واستمتعت , ولكن عندما شعرت ببشرتها تنكمش ,
اتجهت نحـــــــــو الشاطئ .
ـ اكتفيت ؟
ـ أجل . . بدأت أحــس بالبرد .
أبقت ظهرهــا نحوه . . لهذا لم ترَ الموجة الضخمة التي لحقت بها
وطرحتــها أرضاً وقلبتها . . ولكن ذراعين قويتين رفعتاها وأمسكتا بها
ثانية فراحت تسعــل .
ـ أنت تصبحين أحياناً بلهــاء حقاً , ألم تريـــها قادمة ؟
أخذت تسعل وتسعــل :
ـ لا . . لم أكن أتطلـــع .
قال مازحــاً: (( هل أنت بحاجة إلى [ [ قبلة الحياة ] ] )) ؟
نظرت إليه مؤنبة , لكنها لم تعد تستطيع انتزاع نظرها عنه . . فقد
أسرتها قوة جاذبيته , كان ضخماً قوياً مسيطراً . عندما رفعت نظرها
باندهاش إلى وجهه رأت ابتسامته تموت , وخرج نفس عميق طويل من
بين شفتيه كصفيــر . . . اليدان اللتان تثبتانها , تحولتا إلى قبضتين
متملكتـــين .
تقدم إليها . . كان التلامس الخفيف أشبه بصدمة كهربائية . فانتزعت
نفسها بعيداً . . ورفعت يديها تدفع صدره لكنه ظـــل يمسك بها فأحست
أن دفاعاتها التي جاهدت لتبنيها انهارت . . .
نظرت إلى الوجه الذي يعلوها وكأنها تبحث عن تفسير يبرر هذا
الشوق الذي يعذبها . إنها لا تعرف شيئاً عن هذا الرجل , مع ذلك ,
يستطلع تحريك مشاعرها بشكل لم تعهده يوماً .
كانت عيناه تأمرانها بالخضوع وتشتــعلان بنيران النصر , أو ما يقارب
النصر , وأحست جانيس أنها غير قادرة على المقاومــة . .
تكسرت موجة عليهما وهما متعانقان , ففرقتهما عن بعضهما
بعضاً . . وأخذ الماء المتراجع يسحب قدميها , ويسير ساقيها . .
تعلقت به وغرقت في بحر المشاعر المتلاطمة واجتاح الدفء
كيانها فأذاب روحها . . . قوته الآن هي قوتها . . . يجمع بينهما إحساس
من الأمان . و ظلا لفترة متعانقين , لا يتحركان إلا معاً مع تحرك الموج
اللطيف .
ـ ابقــي معــي . .
تسلل الهمس الأجش إلى عقلها المخدر .
أضــاف : (( انســـي العالم كله . . وأبقــي هنا . . . )) .
أرادت جانيس أن يبقيا بعيداً عن الواقع . . لكن , حتى وهي
تستجيب إلى السحر الذي يشبكها به , عرفت أن هذا يجب أن ينتهــي .
لقد خطت خطوة واسعة بعيداً عن دافع وجودها . . إن استسلامها
لهذا الرجل سيكون تصرفــاً غريباً عن طبعها وسيفقدها احترامها
لذاتها . . . البقاء مع هذا الرجل سيكون محاولة لإطالة حلم . والحلم لا
يمكن أن يدوم إلى الأبد . . عاجلاً أم أجلاً ستسود الحقيقة والواقع ,
وسينهــار الحلم .
ـ يجب أن أعـــــود .
كانت همسة حزينة , واشتدت ذراعه حولها .
ـ دعك من كل شـــيء . . . ما نحن فيه حقيقـــي أكثر من أي شـــيء
ستجدينه هناك .
أسندت رأسها إلى كتفه . . . الإغراء كبير . . . مع ذلك فلديها
حياتها العملية والوقت الضائع أسوأ عدو لعارضة أزياء , عليها أن
تعود . . . دارت نظرتها ببطء حول الخليج , حتى استقرت على الكوخ
الخشبــي . . إنه مكان للراحة , لقد حاول الرجل مداواة جراحهــــا
العاطفية . . لكن هذه أرض الأحلام . . وقد حان وقت الرحيل .
ـ شكراُ لك . . لكننـــي لا أستطيع البقاء , لدي التزامات , مقابلة
أشخاص , وترتيب حياتـــي من جديد . . كنت بغاية اللطف معـي وقد
تفهمتنــي . . وأنا شاكـــرة لك كثيراً .
كانت تنسحب , وعرف هذا . . الإحساس بأن كل شــيء بينهما انتهـى
كان ظاهراً ومؤكداً . . للحظة حسبته لن يقبل قرارهــــا . . فقد أمسك
وجههـــا بين يديه , وثَبت عينيه في عينيها .
ـ يجب أن تعودي ؟
كان تحـدياً لا سؤالاً . . . يفكر بضرورة رحيلها , ويفتح أمامها باب
الاختيار .
أحست جانيس بالإغراء . . لكن قوة جاذبيته خلقت الذعر في
نفسها . . البقاء معه يعنـي أن ترمــي عرض الحائط بكـــل ما نشأت عليه
وتتخلى عن كل الـخيوط التي تشكل حياتها . . إلى ماذا سيقودهـــا هذا ؟
وماذا سيحل بها ؟ إنها مقامرة لن تتمكن من المخاطرة بها . . مع ذلك
فكــرة الرحيل أصبحت فجأة مؤلمة جداً .
ـ يجب أن أرحل . . . آسفــة .
ـ لا تأسفــــي . . أنت حرة للذهــاب . . كنت حرة طوال الوقت .
ـ أجــل . . أعرف . . لكننـــي . . .
ارتفعت يده تلمــس وجههـــا بأصبعه .
ـ كانت رفقتك جميلة . . فلا تأسفـــي على شـيء , هل تريدين الرحيل
الآن ؟
هزت رأسها إيجاباً . . إنه يسهل الفــراق عليها , كما سهل لها كل
الأمور من قبل . . لقد قررت الرحيل بسرعــة ومع ذلك لم تستطــع دفع
ساقيها للحركـة , فهــي تحس أنها دمرت شيئاً ثميناً , شيئاً ذا قيمة قد لا
تجده مرة أخرى .
أمسك يدها وجــرها معه ليساعدها .
ـ لن تمانعي إن لم أرافقك إلى الكوخ ؟
أصبح الفراق كاملاً . . وسارت جانيس على الرمال . . تتعذب
بقرارها مع كل خطوة . لقد أتت إلى هذا الشــاطئ لتهرب , ولقد هربت
لكن هذا الهروب بطريقة ما ذهب بعيداً ليغير حياتها كلها . . عندمـــا
كانت تسير إلى الكوخ , أحست بأنها ضائعة وبأنها عالقة بين عالمين
مختلفين , لا تنتمــي لأي منها . . مع ذلك تطالبها تقاليدها وعاداتها
بالعودة إلى ما كانت تعرفــه . . .
بدا الكوخ فارغاً دون الرجل . . إنه فعلاً مكان مريح , وبدائـــي . .
وهو نقيض صارخ لمنزلها الفخم . . أسرعت نحو الفراش ولم تحتج إلا
لدقيقة حتــى ترتدي ثوبها الحريري . . توقفت عيناها لحظــات حيث
عانقها بلطف وشغف ثم تركها تنام . . مرة أخرى أحست بألم الفراق
وترقرقت الدموع في عينيها , فتحركت كالعمياء نحو الباب , تُبعد
الذكرى عنها . . سحبت نفساً طويلاً مهدئاً , ثم خرجت منطلقة فـي
الطريــق .
كان واقفاً قرب السيارة . . . وسرواله الجينز ملصق بعضلات
ساقيه , ورفع يده نحوها مبتسماً :
ـ [ [ صدفتك ] ] . . . أعتقد أنك ستحبين الاحتفاظ بها .
أخذتها منه والغصة تمسك بخناقها :
ـ شكــــراً لك .
ـ جانيس . . إذا أردت العودة . .
ما إن نطق بسمها حتى توقف قلبها عن الخفقـــان . . وأصمت
الصدمة أذنيها عمــا كان يقول .
ـ ناديتنــي جانيس ؟
لم يفكـــر ولكنه عبس ولاح التوتر على وجهه , فصاحــت باحتجاج
متــألم :
ـ تعرف من أنـــــــــــــــا !
ـ وماذا فـي هذا ؟ ماذا يهــم ؟
لكنه يهم لهـا . . فهــي لم تكن غريبـة له , م تكن مجرد فتاة تعرف
إليها صدفــة . . لقد عرف أنها جانيس يونغ .
ـ متى عرفتنـــي ؟
ـ ليلة أمس ونحن جالسان حول الطاولــة . . وجهك مشهور . .
وتعرفــين هذا .
ليلة أمــس . . وأحست بضربة حادة في معدتها . وعادت ذاكرتها
تراجع تسلسل الأحداث . . لقد عاملها بطريقة متوحشــة بعدما أخرجها
من البحـر . . . لكن قبل أن تتوجه إلى الفراش مباشرة تغيرت تصرفاته . .
وأحست بالغثيان . . فكل اللطف والحب كانا لـ جانيس يونغ . . جانيس
الطفــلة . . .
سألت بمرارة :
ـ وماذا أملت أن تكسب من وراء كل هـــذا ؟
ـ أكسب ؟
زادت الدهشــة في صوته من خشونة إذلالها .
ـ آه ! لا تتظاهر أنك لم تتوقع كسب شـــيء ! كانت لعبة عظيمة . .
أليس كذلك ؟ لقد أعطيتنـي الحبل لأشنق فيه نفســـــي .
قطب , وحيرته الظاهرة زادت من فقدانها لتعقلها :
ـ لقد عرفت من أنا . . . لم يكن يهمك أننــي مرهقة , مستنزفة
عاطفياً , ومع ذلك أردت استغلالي . لا أشك أنك كنت تظن أننــي وسيلة
كسب لك يجب أن تتمسك بها . . أتراك تريد أن تؤلف قصة حمراء
وهمية لتبيعهـــا ؟
اشتدت تقاسيم وجهه , ثم قست خلال هجومهــا الجنونــي . انتظر
حتى نفذت جعبتها من الكلام ثم تكلم ببرود قاطع :
ـ جانيس يونغ . . أو جانيس الطفلة , ليست مهمة عندي . . آخر ما
أريده أو أحتاجه هو امرأة تعيلنـــي . . فأنا قادر على الإنفاق على حياتـــي
دون أن أبيع قصص فضائح . .
صمت . . لكن جانيس كانت ساخطة سخطاً جعلها لا تعــي الخطر
الكامن في عينيه , وخرجت من حلقها ضحكة سخرية خشنة :
ـ يا إلهــي َ لا شك أننــي بدوت لك هبة من السماء ! لقد قصصت
عليك مشكلتــي بالتفصيل . . ولكن أنذرك أنك ستجلب على نفسك
المتاعب إن حملت قصتــي إلى صحيفة فضائح صفراء . . سأنكـر كل
شــيء . . وإذا جئت خلفـــي سوف . . .
صفعهــا . .
نظرت إليه , فاغرة فاها وغطت يدها اللسعة الحــارة على خدها .
ـ أيتها العمياء . . الحمقــاء !
أفزعها غضبه أكثر من صفعته , فارتدت إلى الخلف حيث السيارة
وخافت من العنف القادم . . ولما رأى ذعرهــا التوت شفتاه باشمئزاز من
خوفها , وطعنتها العينان السوداوان بازدراء . . أشار بيده دون اكتراث
يصرفها عنه بحدة وكأنها لا تستحق اهتمامه ثم ارتد على عقبيه , وبدأ
يسير مبتعداً .
ـ عودي إلى ديارك . . أيتها الفتاة التافهة !
لم يزعج نفسه بإلقاء نظرة إلى الوراء , لكن السخرية المتوحشة فــي
كلماته وصلتها بالتأكيد , واستقامت جانيس من دوارهــا المصدوم . .
واستفاقت في نفسهــا مجموعة مشاعر متشابكــة مريرة .
صــاحت : (( أنت . . أيها النذل ؟ )) .
ورمته بالصدفة متألمة محبطة , لكن هدفها ضاع بعجز . . وبقــــي
سائراً دون تردد . عندئذ أدركــت أن لا جدوى من إهراق المزيد من
الطاقة على رجـــل يتجاهلــها . دخلت مقعد السائق وأدارت المحــرك
بغضب بــارز , وأطلقت السيــارة نحــو المنــزل .
* * *
نهاية الفصل (( الثالث )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:30 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4- ثـــورة طـــــفلة
فتاة تافهة . . حقاً ! كم كانت بلهاء عندما سمحت لغريب بمعانقتها !
اللعنة على هذا الرجل !
تذكرت بوضوح لاذع قوله (الطراز الرفيع) , واستخدامه المتعمد
لكلمة طفلة . لقد خدعت بسهولة .. حمقاء ساذجة , أرادت أن تصدق
أن سرها في أمان . كان يجب أن تعرف ليلة أمس حين توقف عن
اعتبارها مصدر إزعاج .
جانيس يونغ ! (( الطفلة )) ! كان يعطي حبه وعطفه للصورة وليس
للمرأة . الفتنة القديمة قدم الزمان مابين الصبي والفتاة , هذا ما صوره
لها ستيفنز . . ونجح في هذا . المزيج المزعج لبراءة الصغار وإثارة
النضوج , هذه الصورة نجحت كثيراً وأنتجت ربحاً وفيراً .
لا عجب أن الغريب دهش عندما عرف أنها عذراء ! فلا شك أنه كان
يؤمن أن كل العارضات عابثات . . . وصحيح أن التحرشات عادية في
مهنتها , ولكنه لا يعرف أن أمها و ستيفنز طالما حمياها من أمثاله من
الرجال .
لسعت الدموع عينيها . . لقد أخبرته بقصة حياتها بإسهاب وتركت
مشاعرها تغدر بها . . صرّت على أسنانها لمنع شهقة بكاء تكاد تبرز عبر
الضيق في حلقها . . لن تبكيه . . لقد خدعها لسبب ما , لا تعرفه ولا
تريد أن تعرفه . يجب أن تنساه , غداً تضع الحادثة كلها خلفها وكأنها لم
تحدث . . يجب أن تتابع حياتها الطبيعية . . ولكن ليحدث هذا يجب أن
تصل إلى منزلها أولاً .
أجبرت نفسها على التفكير في ما هو قادم . . عليها أن ترضي أمها ,
لكنها لا تستطيع تفسير سبب غيابها الطويل . . ثم هناك ستيفنز . . ولكن
مجرد ذكره في ذهنها , حرّك كل مشاعر الكره تجاهه . . مع أنها تعرف
أن قطع كل صلة به أمر صعب سيؤثر في مهنتها , ومع ذلك ستقطع هذه
العلاقة . . . فالكبرياء واحترام الذات يفرضان عليها هذا .
ركزت على وضع الخطط للمستقبل , وبالتدريج هدّأت القيادة
أعصابها المتوترة . . وكان الوقت ظلاماً تقريباً حين أوقفت السيارة أخيراً
تحت مبنى الشقق . . لاحظت نظرتها المتعبة وجود سيارة ستيفنز في
موقف الضيوف . كانت تحس بالإرهاق العاطفي والجسدي لذا لم
تستطع أن تتحمل فكرة مواجهته وهاهو الغضب يثور ويثور في
أعماقها .
ترجلت من السيارة ثم سارت نحو المصاعد وهي تنظر إلى سيارة
ستيفنز بقرف . تساءلت كم بقيت متوقفة هنا , وماذا قال لأمها .
بالتأكيد لم يقل الحقيقة , لأن حتى إيفلين يونغ الحديدية لن تهضم
الحقيقة . الكثير من الأشياء يمكن أن تُهضم في الطريق إلى النجاح ,
لكن هناك حدود لما يمكن أن يبتلعه المرء . ولقد تعمدت إيفلين يونغ
حث ستيفنز على الاهتمام بـ جانيس , لكن حتى هي , يمكن أن ترى أن
زواجها مستحيل .
استدعت جانيس المصعد , ودخلته وضغطت بشكل آلي على الزر
الموصل إلى طابقها . صدمها فجأة أنها تفكر بـ ستيفنز دون ألم , بل بقرف
وازدراء .. إنها الآن هادئة بشكل عجيب .. وكأن المنظر البشع في شقة
ستيفنز حدث منذ سنوات طويلة , ولشخص آخر .. توقف المصعد
بحدة , وانفتحت الأبواب . هزت جانيس نفسها داخلياً وخرجت ولم
يكد مفتاح شقتها يلمس القفل , حتى انفتح الباب .
- جانيس!
ضمت ايفلين يونغ ابنتها :
- لقد عدت! شكراً لله! كدت أفقد عقلي قلقاً عليك .
ولكن قطع هذه اللهفة عبوس ستيفنز .
- انظري إلى هذه الملابس الجميلة! ماذا كنت تفعلين طوال
الوقت؟
لم ترد جانيس. كان ستيفنز يتقدم نحوها , ووجدت نفسها تنظر إليه
بطريقة متباعدة غريبة , إنه ستيفنز نفسه الذي ظنت أنها تحبه ... ستيفنز
صاحب البشرة الحمراء الذهبية , والشعر الأشقر الأملس والوجه الوسيم
والجسد الرشيق الأنيق الملبس كما دائماً ... طبعاً! إنه يتعامل مع
الصور ... متخصص في الصور الزائفة ... تماماً كما كان حبهما
المزعوم الرومانسي زائفاً .
- جانيس .
تراجعت عن يديه الممدودتين , فلوح بهما في إيماءة استرضاء وقال
بصوت منخفض:
- ما كان يجب أن تسارعي للخروج بتلك الطريقة .
كان يكلمها وكأنها طفلة تصرفت دونما تفكير!
أجفلتها لهجته ووترتها فهي تعرف أنها لهجة يستخدمها وأمها حين
تكون صعبة المراس . كانت تستسلم لهذه اللهجة غالباً , باعتبارها أكبر
منها سناً وأكثر حكمة , ولكنها لن تستسلم بعد اليوم ... صرت على
أسنانها , وارتدت إلى أمها .
- آسفة أمي .. كان يجب أن أتصل وأبلغك قبل أن أبيت ليلتي
خارجاً .. لقد تصرفت بشكل أناني , لكنني احتجت إلى الانفراد بنفسي
لأفكر .
بدا صوتها بارداً وهادئاً , وواثقاً ... هل غيرتها الساعات الأربع
والعشرين الأخيرة إلى هذا الحد ؟
أظهرت إيفلين يونغ دهشتها بسبب نبرة ابنتها المشحونة بالثقة
والثبات :
- حسناً .. لا بأس مادمت سالمة , لكن ثيابك عزيزتي ... لقد
أفسدتها , لن تعود كما كانت ..
- أهذا كل ما تستطيعين التفكير فيه أمي ؟ ثيابي !
وخرج منها كل السخط المخزون لسنوات :
- كل حياتي ثياب , ثياب , ثياب ! لا تلعبي , ستوسخين فستانك ..
اجلسي مستقيمة , ستتجعد تنورتك .. ما أنا ؟ دمية أم ابنتك ؟ هل فكرت
يوماً أن هناك إنساناً يعيش داخل تلك الثياب التي تضعينها علي؟ هل
فكرت في هذا أمي؟ هل تهتمين حقاً بما أشعر به الآن ؟ أم أن الثوب
الحريري أهم من هذا لديك؟
عارضت الصدمة الظاهرة على وجه الأم التأنيب في صوتها .
- جانيس ! أنا قلقة عليك بالتأكيد ... لكن ثيابك تكلف كثيراً ..
وتعرفين هذا!
- أجل أعرف ..
وعرفت كذلك أن لا طائل من الصياح بوجه أمها .. فستبقي
للمظاهر الأولوية عن إيفلين يونغ .. شعرها الأشقر المائل إلى لون
الرماد كان مسرحاً على الطراز الفرنسي .. وكان الماكياج الفني يخفي
التجاعيد الصغيرة التي تظهر على الوجه الجميل ... وللمرة الأولى
أحست جانيس بالأسى على أمها ... فإيفلين يونغ لن تعرف أبداً بجهة
التحرر من كل ثوابت المجتمع .
- حسناً .. لن أرتدي هذا الثوب مجدداً أمي , لذا سجليه على أنه
خسارة في دفتر حساباتك .
لقد قررت التخلص من عادة الانصياع إلى ما تمليه عليها أمها ..
إنها إنسانة لها كل الحقوق , ولم تعد طفلة صغيرة يحدّد لها ما تفعل أو
ما لا تفعل .
أدارت وجهاً بارداً إلى ستيفنز الذي تراجع مبتعداً عن النار .
- لم أتوقع أن أجدك هنا ... وبما أنك هنا , فمن الأفضل استغلال
الفرصة لنسوي كل شيء الآن .
حذرتها أمها :
- جانيس .. لا تتعجلي باتخاذ القرار . لقد كان ستيفنز متكدراً
بسبب الجدال الذي دار بينكما ليلة أمس ... وأنا واثقة ..
- جدال .. ستيفنز ؟
سخرت عيناها الخضراوان من مراوغته , وانتشر الاحمرار من أسفل
عنقه إلى الأعلى مما جعله يبدو كفتى صغير غُرّ .
- جانيس .. دعيني أشرح لك ..
- لا ضرورة للشرح ... علاقتنا انتهت ستيفنز .. و إلى الأبد .
قست تعابير وجهه وبدا التهديد على ملامحه .
- أنت بحاجة إليّ جانيس .. فمن دوني ..
قاطعته بصوت ساخر :
- سأحتاجك كما أحتاج الجحيم !
قالت أمها : (( جانيس! هلا أصغيت إلى المنطق بحق الله ... )) .
ارتدت جانيس إليها :
- لا! لن أصغي إلى المنطق اللعين لأستمر معه .
وابتعدت عنها بنفاد صبر .. لقد زُرعت بذور التمرد في نفسها
على شاطئ بعيد عن هنا , ولكن هذه البذور نمت بسرعة في جو هذه
الغرفة الخانق .. جلست دون اهتمام على أحد المقاعد الطويلة في
غرفة الجلوس .. ووقفت بوجهيهما بثقة بالذات .
ران صمت مرعب استطاعت أمها خلاله استيعاب التحدي والتصميم
اللذين أظهرتهما جانيس , ونظرت لقلق إلى ستيفنز , ثم ارتدت لابنتها
تسترضيها .
- جانيس .. عزيزتي .. الواضح أنك مرهقة ..
- بل على العكس , فكري صافٍ كل الصفاء وأشك أنني رأيت يوماً
الأشياء أوضح مما أراها الآن .. إذا أحببت أن تجلسي أمي .. فسأخبرك
ماذا يجول في فكري .
تلاشت الابتسامة وتنهدت افلين يونغ التي التفتت معتذرة إلى
ستيفنز وكم كرهت جانيس تلك النظرة , لكنها لم تعترض .. قالت الأم
وهي تلعب لكسب الوقت :
- سأعد القهوة .. هل ترغبين في شيء تأكلينه عزيزتي ؟
- لا .. شكراً , ولا أريد القهوة , أنا متعبة وأفضل أن يخرج ستيفنز
من هنا .. فوراً .
تقدم ستيفنز بعدوانية وبدأ يقول :
- اسمعي الآن , جانيس .
- أنا أسمع ستيفنز .. لقد رأيت الكثير .. ولا أدين لك بأي شيء!
- أنا صنعتك!
- صنعتني كما تريد , فهل من المفترض أن أكون ممتنة لهذا؟ كانت
الصورة ناجحة . ولقد كسبت منها بقدر ما كسبت أنا .. أما الآن
فالشراكة فسخت .. يوم الاثنين سأعطي اسمي لأفضل الوكالات في
المدينة , وسأجرب حظي معهم .
اعترضت أمها :
- جانيس هذا غير منطقي .. لقد كان ستيفنز ..
التفت جانيس إليها وعيناها تبرقان بتحذير ناري .
- أمي! لقد انتهيت من السماح لكما بدفعي بطريقتك أو بطريقته .
أنا الآن في الثانية والعشرين الآن .. ولي آرائي الخاصة , وأنا أنوي فعل
ما أريد .. أشكركما على ما أوصلتماني إليه من نجاح ولكن هذا لم يكن
لصالحي بقدر ما كان لصالحكما .. أنتما أردتما النجاح أكثر مني .
نظرت أمها إليها وكأن ابنتها أصبحت غريبة , ثم هزت رأسها
وتهاوت إلى أقرب مقعد .
- لا أفهم ماذا حصل لك جانيس .. لماذا تتصرفين هكذا؟ أنا أمك ,
ولم أفعل يوماً إلا ما هو الأفضل لك .
قالت جانيس برقة لأن الحقيقة يجب أن تقال :
- أعرف أنك تعتقدين هذا أمي , المشكلة أن ما تظنينه هو الأفضل
لي , ليس ما أظنه أنا . لقد حان الوقت لتتوقفي عن العيش من خلالي .
يجب أنا أحيا حياتي الخاصة .. لم أعد طفلتك الصغيرة أمي .. أنا الآن
كبيرة .
للحظة حادة تحول تفكيرها إلى مكان آخر ... رمل وبحر , ورجل
قاس ... وبدا لها أنها بحاجة إلى جهد مركز لتدفع عنها الذكرى .
صاح ستيفنز بغضب :
- كبيرة ! ولكن إدراكك إدراك طفلة ! أنت لا ترين شيئاً بوضوح
أبداً.. غرورك بلغ الذروة . . . تظنين أنك قادرة على الانطلاق
وحدك .. صوري أنا هي التي صنعتك .. أتظنين أن أي مصور قادر على
التقاط التأثيرات ذاتها ؟
ردت برقة دون أن تهتم بثورته :
- سنرى هذا .. أليس كذلك؟
التوى وجهه الوسيم قرفاً :
- يا لله ! لولا براءتك وغباؤك لعرفت أين هي مصلحتك .. حقاً
نستطيع الوصول إلى القمة , ولا أعني هنا .. نيويورك .. لندن ...
باريس ..
اغرورقت العينان الخضراوان بالاشمئزاز :
- لا ! أنا لست بريئة إلى هذا الحد ستيفنز . والشكر لك .. وأنا
أفضل السمن النباتي على الزبدة التي تعرضها عليًّ ... ابحث عن فتاة
أخرى تشكلها على الصورة التي تريد .. أنا غير حاضرة حتى ولو كان
ذلك يعني الوصول إلى نيويورك أو لندن أو باريس .
صاح ساخطاً: (( تقطعين أنفك نــكاية بوجهك ! )) .
-إنه وجهي .
جعله عنادها البارد يصرّ على أسنانه غيظاً .
- ستعودين إلي زاحفة حين تجدين نفسك فاشلة .
- لا تعتمد على هذا .
قال بحــدة: (( من السيئ أن تحرقي الجسور قبل أن تقطعيها
جانيس ... أرى أن المنطق الآن لن يجدي نفعاً ولكن حاولي الطيران
من دوني قليلاً ... وانظري إلى أين ستصلين )).
تقدم إلى الباب, ثم ارتدّ إليها مبتسماً ابتسامة مريرة:
- أسامحك على جحودك نحوي , حين تعترفين أخيراً أنك مخطئة .
امتنعت جانيس عن الرد , وشعرت بالراحة لأنه رحل .
قالت افلين يونغ مؤنبة:
- إنه على صواب جانيس .. أنت لا تدركين أبداً ...
- ألا أدرك أمي؟ إذن , يجب أن أكتشف هذا بنفسي .
مدت الأم يديها تسترضي ابنتها .
- جانيس .. فلنتحدث عما جرى .
عرفت جانيس اللهجة المراوغة من تجارب قديمة .
- لا .. قلت كل شي أمي , وعنيت كل كلمة قلتها . سأستحم
الآن وفيما بعد , إذا أردت الكلام فسنتكلم .. إنما ليس عن ستيفنز ..
وفيما كانت مستلقية في الحوض الدافئ , تسللت ذكرى مياه
أخرى إلى تفكيرها , وتركتها تطوف كما تشاء ... من حسن الحظ أنها
قررت تركه قبل أن تضع نفسها تحت سلطة ذاك الرجل حيث لا مجال
للتراجع . لقد تعمد خداعها , ومهما كان الدافع لهذا فهناك شيء واحد
مؤكد: لا يمكنها أن تثق به !
أخرجت نفسها من الحوض , وجففت نفسها ببطء , وهي تتساءل
كم سيطول الوقت قبل أن تنسى السحر الذي أحدق بها وهي هناك على
منزل الشاطئ . ولكنها على الأقل , خرجت من التجربة دون مخاطرة .
اشتد ضغطها على شفتيها وهي تفكر بـ ستيفنز الذي لن تزحف إليه
أبداً ... أبداً .. ارتدت روبها المنزلي , وخرجت إلى المطبخ . إنها
جائعة , ومستعدة للعراك مع أمها إذا لزم الأمر .
بدأت افلين يونغ تعامل ابنتها وكأنها شخص معاق بحاجة إلى رعاية
وتساهل وقد أذهل هذا التكتيك جانيس . لكنها لم تقاومه فالزمن وحده
سيظهر لأمها مدى تصميمها , ولسوف تعتاد أمها على وجود ابنة
راشدة .. ولكن على طموحات افلين يونغ أن تبتعد عن جانيس وتتوجه
إلى نفسها إنها امرأة جميلة الطلعة , ومازالت شابة , وعليها القيام
بشيء ما بناء في حياتها ... لقد استحوذ عليها الجهد الذي تبذله لدفع
ابنتها إلى الأمام , ولكنها الآن بدأت الخطـوة الأولى على درب
الاستقلال , لذا لن تؤلمها أكثر بالإسراع بعيداً بهذه السرعة .
يوم الاثنين , ألغت جانيس كل ترتيبات الزواج , ثم أخذت حقيبة
الصور إلى أرفع وكالات العارضات في سيدني . ولكن حماسهم خاب
عندما أعلمتهم أنها لن تعمل مع ستيفنز دراسيل وظلت على إصرارها
رغم محاولتهم إقناعها , فاسمها مرتبط باسم ستيفنز منذ بداية عملها
كعارضة .. كانا فريق عمل ! جانيس يونغ و ستيفنز دراسديل ... ولقد
ساورت الشكوك الوكالات في مسألة تسويق اسمها دون المصور الذي
أعطاه خاصيته , وارتابوا أكثر حين قالت لهم إنها لا تريد المتابعة
بالأسلوب الذي ابتدعه لها .
جلبت الأسابيع التالية إليها الإحباط , فقد تلقت العروض التي
رافقها دائماً شرط وهو أن يكون ستيفنز وراء الكاميرا , وعندما رفضت
كل العروض حذروها من أنها تنتحر مهنياً .. وبدأ اليأس يتسلل إلى
نفسها , ولم تجد تعاطفاً في البيت .
كانت أمها تهاجمها بحدة , فقد وجدت أن جانيس ليست معاقة
أبداً :
- هذا غباء وعناد!
لكن افلين يونغ ذاتها كانت أكثر عناداً , وصممت أن تعيد ابنتها إلى
الطريق الذي خطته لها من سن المراهقة , وهي التي سعت لتعمل مع
ستيفنز .. ورغم معرفتها بأمر خيانته لابنتها فقد كانت على استعداد
لإقناع جانيس بالعمل معه .. لكن جانيس تجاهلت ثرثرة أمها
وإصرارها , ويوماً بعد يوم أخذت الوحدة تتسلل إلى نفسها .
كانت بين الحين والآخر تسترجع ذكريات ذلك اليوم الذي حافظ
على سحره الخاص . رغم النهاية المريرة التي انتهى بها فهي غير قادرة
على نسيان الرجل الذي كلما تذكرته عصفت بها مشاعر غريبة عميقة ..
إنها لم تشعر بالوحدة وهي معه .. ولكنها لن تستطيع العودة فالأمور
بينهما لن تكون كما كانت .. لا يمكن .. ليس بعد الطريقة التي انتهت
فيها .. مع ذلك كان نداء البحر والرجل , قوياً بحيث كان قلبها ينفطر
كلما تذكرت .
بدا لها أن ليس هناك طريقة لتغيير هذا كله ! وأقنعت نفسها أنها
تستسلم للحلم .. حتى لو قال الحقيقة , وحتى إن لم يكن لديه دوافع
من وراء تكتمه على معرفة هويتها , وحتى لو زحفت إليه معتذرة , وأعادا
إحياء المشاعر التي كانت بينهما .. ولو أن كل هذه الأمنيات تحققت ..
فلن يكون لها مستقبل حقيقي معه .
لم يعرض عليها مستقبلاً . قال فقط : ابقي معي .. وماذا يعني هذا؟
إلى كم من الوقت يمكن أن يعيش المرء بلا هدف ؟ .. يتنقل على
الشاطىء , يصطاد السمك ويمرح .. ولكن لن يستطيع أحد تجاهل
وقائع الحياة .. فهي بالتأكيد سترغب في الزواج , وفي إنجاب الأولاد .
وحتى ذلك الوقت يجب أن نجد عملاً ونكسب عيشها .. لكن , لم
يكن هنا أي فرح في هذه الوقائع .. ليس كما أحست وهي على
الشاطئ ..
لم تتلق أي عرض من وكالات عارضات الأزياء .. لذا بدأ مستقبلها
المهني يتحول إلى ركود .. وظل ذلك حتى اتصل أحدهم فجلب ذاك
الاتصال بصيص أمل .. كانت مستعدة للقبول بأي شيء , ولكنه لم يكن
عرضاً ثابتاً .. فمؤسسة آشتون تطلب مقابلتها فقط , ولكن الطلب أظهر
اهتماماً بها .. جرى ترتيب موعد بسرعة وأحست جانيس بدغدغات
الإثارة .
مؤسسة آشتون هي من أكثر مؤسسات مساحيق التجميل شهرة في
استراليا .. وكانت أشهر النجمات العالميات يقمن بالدعاية لمنتوجات
الشركة , وإن كانت هذه المقابلة تعني أنهم يفكرون أن تكون جانيس فتاة
آشتون التالية , فستكون فرصة العمر لها . إن اختاروها , فلن تفتقد
للعروض في المستقبل .. وسيكون اسمها قد لمع ليس هنا فقط بل في
الأسواق العالمية .
عندما جاء ستيفنز دراسديل يزورها , تبين لها أن أمها هي التي
دعته .. فواجهتهما معاً وصدتهما مع أنهما حاولا جهدهما إقناعها
للإذعان للمنطق .
قال ستيفنز بقوة لا ترحم :
- كوني عاقلة جانيس .. الدعاية هي كل شيء في هذه اللعبة ...
وإن لم يظهر وجهك باستمرار .. فستخسرين مهنتك .. ضعي جانباً
العامل الشخصي , واشتغلي معي على أساس المهنة فقط , أنت تخسرين
أكثر مما أخسر أنا فعملي مطلوب دوماً .
دعمته الأم طوعاً :
- هذا صحيح عزيزتي .. كفـــاك عناداً ...
ردت جانيس بالسلاح الوحيد في حوزتها:
- هل هذا صحيح ؟ ... حسناً .. قد يثير اهتمامكما أن تعرفا أن لدي
مقابلة مع مؤسسة آشتون غداً , واستطيع أن أزيد أن هذا يعد بمستقبل لا
يمكن لك أبداً أن تعدني به .
رد ساخراً: (( المقابلة لا تعني عقد عمل)) .
لكن تأكده من أنها تحتاج إليه , أصبع مضعضعاً . ضغطت جانيس
لمصلحتها .
- لكنك لا تعرف هذا .. صحيح ستيفنز؟ سأحظى بفرصتي
معهم .. شكراً لك .
نظر إليها بحقد وهو يقف :
- لن أعود مرة أخرى جانيس .
ردت ببرود: (( لم نسألك المجيء )) .
أوصلته افلين يونغ إلى الباب , ووقفا هناك يتمتمان معاً بسخط
مشترك .. وما أن رحل , حتى ارتدت أمها إليها تهاجمها:
- لماذا لم تخبريني؟
- ولماذا لم تستشيريني قبل أن تدعي ستيفنز؟
ردت بحدة: (( كان على أحـد أن يأخذ المبادرة لجمعكما )) .
- لا أريد منك أن توجهيني أو تتدخلي بشؤوني , أمي !
- أنت ترمين كل شيء في ( البالوعة ) بعنادك الغبي .
- لا أهتم لو حدث هذا .. لن أعود إلى ستيفنز .
لكنها كانت تهتم .. ولقد أرادت يائسة فرصة لتثبت قدرتها على
شق طريقها بمفردها , فهي على أي حال , لا تعرف عملاً غير هذا ..
والمستقبل يبدو لها غامضاً .
الإحساس باليأس ذاته , جرّ قدميها وهي تصعد الأدراج العريضة
نجو مبنى مؤسسة آشتون في الصباح التالي . . يجب أن يعجبوا بها . . .
ارتفعت عيناها إلى الاسم المذهب على البابين الزجاجيين الكبيرين . .
إذا قررت هذه المؤسسة المشهورة المحترمة استخدامها , فالـخوف الذي
بدأ يعشعش في قلبها قد يزول . دفعت أحد البابين تفتحه ودخلت بهواً
رخامياً بارداً , سقفه مرتفع مقوس وفي البهو بركة فخمة ونافورة , وهي
صورة عن منتجات آشتون المعروفة بفخامتها وارتفاع ثمنها .
نظرت جانيس بقلق إلى ساعتها . . أمامها عشر دقائق حتى موعد
المقابلة .. ألقت نظرة على نفسها من خلال المرايا الموجودة على
الحائط خلف النافورة . . فوجدت أن لون بذلتها الخضراء قد زاد من
إبراز لون عينيها . . . وردت على نظرتها جانيس يونغ التي تعرف
صورتها تماماً , والتي هي على أتم الاستعداد لهذه المقابلة .
كانت راضية عن مظهرها , لذا اتجهت جانيس بثقة إلى المصاعد .
وضغطت الزر الموصل إلى طابق العلاقات العامة . كان يرأس هذا القسم
مايكل ويذرس , وهو الرجل الذي ستقابله . . سحبت بضع أنفاس عميقة
لتهدئ أعصابها المتوترة , وما إن انفتح الباب حتى رسمت على وجهها
ابتسامة وللمرة الأولى أسعدها أن ترى وميض الحسد في عينيّ موظفة
الاستقبال لأن ذلك رفع من معنوياتها .
حياها مايكل ويذرس بتحفظ هي غير معتادة عليه .. كان شاباً
طويلاً , نحيلاً , أنيق المظهر كحال جميع المدراء التنفيذيين . . لم يكـن
وسيماً , ولكنه لم يكن غير جذاب . في ابتسامته شيء من السحر, وقد
برقت عيناه بالإعجاب سريعاً, إنه رجل يجعل النساء والرجال يشعرون
بالراحة عندما يكونون معه .
قال بأدب وهو يجلسها في مقعدها :
- آنسة يونغ . . كنت أتوق لمقابلتك شخصياً .
عاد إلى ما وراء منضدته وأبتسم لها مجدداً .
- أحياناً , تكذب الكاميرا . . لكن هذا غير صحيح معك بالتأكيد . .
تمتمت جانيس ممتنة للإطراء :
- شكراً لك .
تلاشت البسمة عن وجهه . . وكسا وجهه الجو العملي .
- سأتطرق إلى صلب الموضوع آنسة يونغ . لقد طورنا عطراً
جديداً , ونريد الفتاة المناسبة لتقديمه إلى الجمهور . . كانت سياستنا
الدائمة هي استخدام النجوم المشهورين في حملات الإعلان , لكن . .
صمت قليلاً , وكأنه يختار كلماته بدقة لمزيد من التأثير .
- .. هذا العطر مختلف , إنه فريد من نوعه . وفكرنا أن تقديمه
بشكل مختلف قد يكون أشدّ تأثيراً .. ولقد وضع اسمك على اللائحة ,
ونريد استكشاف هذه الإمكانية . . أقول استكشاف , لأن مجلس إدارتنا
غير مقتنع أنك ستقدمين الصورة المناسبة .
ابتسم لها ابتسامة صغيرة يطمئنها أنه يراها مناسبة , لكن حركة
حاجبيه كانت تقول بوضوح إن الأمر ليس بيده , وقدرت له جانيس هذه
الحركة , لكنها زادت من توترها الداخلي . . وتابع :
- ما نريد أن نفعله هو أن تقومي بإعلان كتجربة . سندفع لك أجرك
المعتاد , ولكننا لا نضمن لك أننا سنستخدم ذلك الإعلان . . قـــد لا
يهمك أن تضيعي وقتك بمثل هذه التجربة التي لا ضمانات لها , لكن لو
وافقوا على عملك فستكون المكافآت كبيرة جداً , فالعقد مع شركة
آشتون عدا عن الناحية المالية , هو قوة لا يستهان بها في عالم
الموضة . . وهذا أمر تعرفينه وتقدرينه بالتأكد . .
ردت بسرعة : (( أجل . . أقدره )) .
- إذن , ربما تريدين بعض الوقت للتفكير في عرضنا .
لن تفكر في الأمر . . فليس لها خيارات أخرى , وفرصة إثبات
وجودها تتدنى أمامها , وتمسكت بها بأيد متلهفة :
- لا .. فأنا مسرورة للمضي في هذا الترتيب .
- قد لا يقودك الأمر إلى شيء .
ابتسمت جانيس , غير قادرة على احتواء إثارتها نحو العرض :
- من ناحية أخرى , هذه فرصة تستحق المخاطرة . . أبيس كذلك !
رد ابتسامته ا:
- عرفت أنك ستنظرين إليها هكذا . . فلدى القسم القانوني في
الشركة إتفاق جاهز لتوقيعه آنسة يونغ , لكن السيد آشتون يود مقابلتك
أولاً . . اعذريني لحظة !
مال إلى الأمام يضغط زراً على هاتفه الداخلي:
- أرجو إبلاغ السيد آشتون أنني سأرافق الآنسة جانيس يونغ إلى
مكتبه الآن .
الواضح أنه راض عن الموقف :
- أتسمحين لي بمرافقتك ؟
وقفت جانيس برشاقة :
- قلت السيد آشتون . . وكنت أظن ايفا آشتون . .
- لقد تنازلت الملكة لصالح ابنها .. ايفا آشتون تحتفظ فقط بلقب
رئيس مجلس الإدارة , ولا تزال هي الواجهة للمؤسسة . . لكن براندون
آشتون هو الذي يدير المؤسسة . . وهذا غير معروف للجميع , عليك أن
تعرفي أنه . . هو الذي يجب أن يرضى حتى يتم توقيع أي عقد . . وهو
رجل من الصعب إرضاؤه .
وتنهد :
عاد التوتر إلى جانيس وهما يصعدان بالمصعد إلى طابق الإدارة
العامة . . أخذت معدتها تتقلص وحاولت بذعر أن تسترخي . . الواضح
أن من الضروري التأثير في هذا الرجل . . ويجب أن تكون هادئة , واثقة
من نفسها , وقبل كل شيء , يجب أن تقنع براندون آشتون أنها الفتاة
المناسبة لتسويق عطره .
لم تكد تلاحظ الترف والفخامة في قسم الاستقبال . هز مايكل رأسه
تحية للمرأة وراء طاولتها , فلوحت بيدها نحو باب , وقِيدت جانيس
رأساً إليه . قرع مدير العلاقات العامة الباب قبل فتحه , وأدخل جانيس
دون انتظار الرد .
كان مكتباً فخماً مثيراً .. لكن جانيس لم تر سوى الرجل الذي
وقف بهدوء وسط مقعده .. البذلة الرمادية التي يرتديها متقنة التفصيل ,
ولكنها تفضل لو كان مرتدياً الجينز والتيشرت . . . ولكن أكان مرتدياً
بذلة أنيقــة أم ثيابــاً عادية فلن يشكــل ذلك فرقـــاً أبداً , فهذا هــو رجل
الشاطئ . . الرجل الذي شاركته الكوخ الخشبي البدائي . . الرجل الذي
كان يطارد أحلامها منذ ذلك الوقت ..
وهو .. براندون آشتون .
* * *
نهاية الفصل (( الرابــع )) ...



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:33 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


5- يشتري روحهــــا
وقف هناك . . . طويلاً , قوياً , سيد الموقف , كما يجب أن يبدو
الرأس المدبر في مثل هذه الشركة . . . اعترف بالتقديم الرسمــي بابتسامة
خفيفة , ثم خاطب مدير العلاقات العامة بثقة الرجل الذي يعرف أن
تعليماته ستنفذ حرفياً .
ـ هل تــم الاتفاق ؟ .
ـ أجـــل .
ـ إذن , أريد التحدث إلى الآنسة يونغ على انفراد .
لم تتحرك جانيس أو تتكلم , فقد سمرتها الصدمة بأرضها وأخفت
موجة إثر موجة من المشاعر تولد أفكارها متضاربة , إنه براندون آشتون
وليس صياد سمك مجهول . . . يالله ؟ كيف تجرأت واتهمته بأنه متسكع
متشرد طفيلــي يعيش عالة على النساء ؟ لقد قال إن هويتها لا تعنيه
شيئاً . . . ولماذا تعنيه وهو براندون آشتون ؟
هل أحضرها إلى هنا ليظهر لها هذا ؟ ليريها الحقيقة بأم عينيها ؟ يبدو
أنه المسيطر هنا . . ابقي معي . . ابقي معــي . . ودارت الكلمات فــي
عقلها . . . ماذا أراد منها هذا الرجل القوي ؟ أن تكون عشيقته لبعض
الوقت في كوخ الشاطئ ؟ لماذا احتال عليها كــي تحضر هنا الآن ؟
ليتابع معها من حيث توقفا ؟ أو من حيث تركته هــي ؟ هــي التي ابتعدت
عنه . . . ولم يكن راغباً فـي أن تذهب . كان غاضباً غضباً شديداً , وجهه
ينضج بالازدراء . . وله كل الحق . . ولكن لماذا لم يقل لها من هو .
كان قادراً على تسكين مخاوفها بكلمة واحدة , لكنه لم يفعل . . بل
تركــها تذهب مع موجة ازدراء . . والآن . .
انغلق صوت الباب وراء مايكل ويذرس , واندفعت الكلمات التي
كانت تجول في رأسها إلى الحياة :
ـ ماذا تريــــــد ؟
كان ملء صوتهــــــا الذعر .
أحنــى عبوس سريع الحاجبين السوداوين :
ـ أنــا آسف لأنك صدمــت . . الظروف تغيرت . .
ـ لا يمكن أن تتغــير أ:ثر من هذا .
ضحكت ضحكة هستيرية :
ـ الكبير العظيـــم براندون آشتون يضعنـــي في مكانـــي المناسب .
ازداد عمق عبوســه :
ـ لم تكن نيتــــي هذا .
ـ لا لم تكن نيتك هذا .
جـاءت كلماتها مشبعة بعدم التصديق .
أتــى الرد حازمــــــــاً عاصفـــــاً :
ـ لا .
لم يشرح لها أكــثر ولم تلبث العينان السوداوان أن اخترقتا عينيها
بقوة أثارت عدم ارتياحهــا وأحســت بسلطته تلفها . بدا منتظراً إشارة منها ,
فجأة أصبحت خائفة من ضعفهــا أمام هذا الرجل , خائفة مما قد يقودها
إليه لو كشف مدى تأثيره العميق فيها . سارت نحــو النافذة الواسعة
عاجزة ثائرة فأدارت ظهرها إلى القوى المثيرة للاضطراب المسماة
براندون آشتون .
تشبث عقلها بتفاصيل عرض العمل واسترجعت كل ماقيل لها
عنه . . إعلان تجريبــي غير مضمون . . إلا إذا رضـي السيد آشتون . .
رضــي . . علقت الكلمة في طاحونة أفكــارها وتشابكت مع الصور . . إنه
يريدها أن تعود لكن حسب شروطه , رجــلأ متسلط يفرض سلطته . .
وربما يعرف مدى حاجتها للعمل . . لقد أهانته , وتخلت عنه . . رجــل
مثله معتاد على الحصول على ما يريد , يكفـــي أن يشير بإصبعه لأية
امــرأة .
لم تستطع تحمل النظر إليه , لكنها تريد معرفة الحقيقة . فسألت :
ـ إنه . . . ليـس عرض عمل بماـ للكلمة من معنى , أليس كذلك ؟
أنت ترمــي لــي الطعم لأماشيك في اللعبة التــي تريدها .
ران صمت مشحون . . وتعلقت كلماتها في الهواء تنضح معانـــي
قبيحــة . . .
ـ وهل ستجــاريننــي فـي لعبتــي . . . جانيس ؟
جـاء السؤال بصوت رقيق , لكن مضامينه وقعت على رأسها
كالصاعقة . . . وعلقت أنفاسها في حلقهــا , وتكهرب كل عصب فــي
جسمها بسبب قربه منهـــا .
فتحت فمها لتتكلم , لكن يده لامست وجنتيها برقة وإغراء . عنـدئذٍ
توقف لسانها عن الاحتجاج فقد أرسلت أطراف أصابعه سحراً شريراً
سرى في جسمهــا سريان النار في الهشيم , فأيقظ تلك المشاعر التي
شعرت بها في ذاك اليوم . . وارتجف قلبها كعصفور حبيس . . وضغطت
سدهــا عليه لتحاول بيأس إيقاف خفقاته المجنونــة .
مزقت الحقيقة كل ما وضعته من قيود على قلبها . إنها تتوق لتشعر
بذراعــي هذا الرجل حولها مرة أخرى .
ـ تحصلين على العقد جانيس . . . إذا أعطيتنــي ما أريد .
كان صوته منخفضاً . . فيه كل الإغراء . . وفــي هذا الوقت كانت
يداه تنزلقان إلى خصرها ولكن حركته هذه جعلتها ترتجف .
أخذ منها حقيبة يدها التي سمعتها ترتطم بالأرض , لكن صوت هذا
الأرتطام تناهى إلى مسمعيها مخنوقاً وكأنه آت من بعيد , فطغى عليه
صوت أعلى هو خفقات قلبها المتسارعة .
ارتفعت يداها , رغماً عنها , إلى هذا الرجل الذي لم تستطع نسيانه
قط . عندما أحست بتنفسه الحاد رفعت نظرها إليه فرأت عينيه السوداوين
وكأن لا قرار لهما , ولم تكن تدري أن عينيها الخضراوين كانتــــــــــا
مشتعلتين بالمشــاعر .
قاوما مشاعرهما لجزء من الثانية , ثم تفجر عنف شديد في عناقهمــا
في رد فعل غامر فقد شدتها يداه القاسيتان إليه أكثر فأكثــر فاستسلمت
لهما لتنعم بما يفجره في أعماقها من حب . والتفت ذراعاها حوله
بوحشيــة .
اندست أصابعه في شعرها وأرجع رأسها إلى الخلف . . فشهقت
جانيس ألماً . . ورفعت نظرها إليه بتوسل حائر , ونظرت بعدم تصديق
إلى الغضب الملتهب في عينيه . .
ارتد عنها . . . ينظر إليها بازدراء كــــــــــامل .
ـ أنا لا أستبدل العمل بخدمــات جسدية جانيس , لكن من المثير
للإهتمام أن أعرف إلى أي مدى قد تذهبين في سبيل تأمين مستقبلك
المهنــــي .
صاحت : (( أنا . . لا أفهمك )) .
ـ ولن تفهمـــي .
البرودة في صوته , بردت الحرارة في جسمهـــا فارتجفت . . .
وارتفعت يداها إلى ذراعيها تدلكــانها لتعيد الاحساس إلى جسمها . كان
رأسهــأ في حالة من الدوار وبدت غير قادرة على فهم الموقــف .
قالت بصوت مرتبكٍ :
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
ـ لماذا ؟ .
ارتفع أحد حاجبيه بشكل ساخر .
ـ أتظنين أنك مغرية بشكل لا يقاوم جـانيــس ؟ أتظنين هذا لأننــي
وجدتك يوماً مثيرة . . أتعتقدين أنه ليس عليك سوى عرض جسدك حتى
أصبح ألعوبة بين يديك ؟ .
كان صوته حاداً ملؤه الاشمئزاز .
راقبته يبتعد عنها ويتوجه إلى مكتبه حيص جلس في المقعد الجلدي
المريح . . . كانت كلماته القاسية قد دمرت آخر بذور تلك المشاعر التي
حركها في كيانها . . إنه حقاً غريب الآن , غريب بارد عديم الإحساس .
بدا وهو جالس إلى مكتبه , رجل قوياً متسلطاً لا يتوانى أبداً عن تحجيم
الآخرين حتى يشعرهم بأنهم أشبه بالحشرات . . . فها هو يبعث فيها
شعوراً بأنها ليست أكثر من غبار تحت قدميه .
ـ لا تسيئي تقديري مرة أخرى جانيس . . لا أخلط العمل بالمشاعر
فأنا لا أريد شيئاً منك سوى خدماتك المهنية كعارضـــة . . . المديرون
الآخرون في مجلس الإدارة لا يعتقدون أنك قادرة على القيام بالعمل .
فإذا أرضيتهم , وأرضيتنــي , تحصلين على العقد .
كان هذا تقرير أمر واقع باتر , لا مشاعر فيه أبداً . . . كانت عيناه
تنظران إليها وكأنها مجرد (( علف )) للكاميرا .
ـ ولماذا اخترتنـــي أنا ؟ .
مال إلى الخلف في كرسيه .
ـ لأنك قادرة على القيام بالعمل . . قد رأيت فيك جانباً لم يره
غيــــري .
اندفعت الدماء الحـــارة إلى وجنتيها , وأضـــاف بسخرية :
ـ وبقدر ما يبدو هذا غريبــاً , أردت إرضاءك .
ـ إرضـــــائــي ؟ .
ابتسم دونمــــا مــرح :
ـ بعد ظهر ذلك اليوم , ظهرت لــي كم تقدرين مهنتك , فقد تخليت
عنــي . . . وهذا العقد سيساعدك للوصول إلى الجناح العالمــي . . سأقدم
لك شيئاً لن يكون لديك مقابل له , ولكن ليس عليك إلا إظهــار
أفضــل ما لديك .
أحست جانيس بالغثيان , وجف الدم في وجهها لأنها استوعبت
المعاني الكاملة وراء كلماته الآن . . . أدركت أنه كان يشعر عندما كان
هناك في الكوخ أن بينهــا وبينه صلــة روحيـة سحرية نادرة إلى درجة أنها
بدت حلماً , ولكنها سممت تلك الصلة وذاك الحلم بكلماتها المتســـرعة
التي جاءت عقب الخوف والضعف الهائل الذي أحســت به . . ولا مجــال
للعودة الآن. . . لقد حكم عليها وأدانها .
ســـألت وجسدها يرتجف احتـــجـاجاً .
ـ أكنت تعتقد أننـــي سأنام معك في سبيل . . . في سبيل أن أضمــــن
مستقبلــي المهنـــــي ! .
التوى فمه سخريـــة :
ـ إنهـــا ليست فكــرة سديدة . . . هلا اهتممنا بالعمل ؟ لا أريـــد تضييـــع
وقتـــي بالأمور التــافهـــة .
أشــار إليها أن تجلس فلما خطت خطوات مرتجفـــة إلى الكرســــي ,
اصطدم قدمها بشـــيء . . . إنها حقيبتها التي ما تزال مرمية على الأرض
حيث أوقعهـا . . لسعت الدموع مقلتيها وهي تنحنـــي لتلتقطهــا , ورافقت
موجــة من الأسى المدمــر تحركها إلى الكرســي , لكنها ركزت جــاهدة على
الجلوس برشاقة عارضة الأزيــاء المدربة . . ضمت ساقيها إلى جانب
واحد فـــي وضعية متفق عليها . الشـــيء الوحيد الذي بقــي لديها لتمسك به
هو عملها , وهو الآن في الحضيض بسبب انفصالها عن ستيفنز . . ومن
الضروري الآن أن تعض على الجرح , وتصغــي لما سيقدمه لها براندون
آشتون .
ـ أولاً . . . دعيني أشرح لك أننا غير مهتمين بصورتك المهنية
القديمة . . . بل نسعى وراء شــيء جديد فيه إبداع لتسويق عطـــرنا .
ظهرت الحيرة على جانيس .
ـ لكن . . إذا كان عملـــي لا يعجبك . . .
ـ أنا واثق أنك كنت ناجحة كل النجاح . . لكن على فتاة آشتون أن
تكون امرأة . . لكل ما للكلمة من معنى . . . وليس فتاة صغيرة مثيرة .
تورد وجه جانيس , وغضبت من نفسها لأنها أوصلت نفسها إلى ذاك
المستوى . . براندون آشتون على حق فالصورة التي اخترعها ستيفنز
كانت تتعمد الإغواء الحقــــير .
سألت بصوت جاف :
ـ بما تفكـــر بالضبط ؟ .
ـ أريد امرأة يكون جمالها طبيعياً عفوياً . . . غير متأثر بشــــيء . .
امرأة بريئة حالمة . . وباختصـــار , أريد المرأة التــي رأيتها على الشاطئ
يوماً . فإذا كنت ممثلة بارعة وأظهرت هذا في فيلم , فالعقد عقدك .
ذهلت جانيس . . . لقد كشفت أموراً كثيرة عن نفسهـــا ذلك اليوم .
معتقدة أن سرهــا في أمان مع غريب متفاهم . . لقد تركت نفسها ولسانها
على سجيتها وكانت تريد التحرر من قيود ستيفنز وكان ذلك أمراً رائعاً
ولكنها ترى أن مجرد التفكير في تحويل ذلك السحر الخاص إلى إعلان
تجـــاري هو خيانة عظمى للثقة . ومع هذا , يقترحه علها براندون
آشتون . . . لا . . بل يأمرها به .
سألت بصوت مخنوق : أتطلب هذا منـــي ؟
هذا كثير . . . كيف يجرؤ على ازدرائها باقتراح عرض جسمها
ومقايضة روحهـا بعطر .
بدت الدهشــة في عينيه :
ـ ألست ممثلة بارعة تتمكنين من إعادة تمثيل ذلك المزاج ؟
جاء سؤاله وكأنه طعنة متعمدة في الصميم .
وكرهتــه في تلك اللحظة . . كرهته بك ما أوتيت من قوة . . لقد
كانت مخطئة . . فما شعرت به كان من جانب واحد . . . فذاك السحر
الذي لفها لم يعنِ له شيئاً ذا قيمة . . لم يهتم كثيراً . . إنها مجرد
عارضة يستخدمها . . وهذا كل شــيء بالنسبة له . . فهو رجــل عرف
الكثيرات من الجميلات . . . وأفرغ قلبها يأس كليل لينعكــس ظله على
وجههــــــــــا .
ـ جانيس . .
التطلب الخشن في صوته بالكاد لفت نظرها . . ونظرت إلى جهته
مخدرة الإحساس . تتساءل لماذا قال إنها أعطته شيئاً له قيمة كبرى
لديـــه . . .
ـ جانيس .
كان صوته أكثر إصراراً , يقطع ذكرياتها . ومال إلى الأمام بتوتر لم
تلحظــه فيه من قبل .
ـ هل . . . هل عنى لك ذلك اليوم شيئاً مميزاً ؟ .
كيف تعترف بهذا الآن ؟ لقد جعل الاعتراف مستحيلاً ومخجــلاً .
ردت دونمـــا اكتراث .
ـ فقط , مثلما يكون أي خيال له خصوصيته . لكن إذا كان هذا ما
تريده سيد آشتون , فسأقوم بما فـي وسعــي كي . . كيف وصفت الأمر ؟ . . .
لإعادة تمثيل ذلك المزاج ؟ على الأقل . . . سأحاول .
يجب أن تحاول . . ولو أنها تخلت عن عرض براندون آشتون ,
سيــكون هذا اعترافاً منها بالفشل , أمــام أمها و ستيفنز .
عاد براندون آشتون للاستناد إلى الخــلف .
ـ آه . . . خيال ! أجــل . . . ذلــك هو الاسم الــذي اخترنـــاه لهذا
الـعطر . . الخيال . . وأنا واثق أنك ستعطينه حقه جانيس . على أي حال ,
أعرف أنك قادرة على خلق الخيال . . ليصبح حقيقــة .
وحدها السيطرة المتصلبة على النفــس هي التي منعت جانيس من
رمـي العرض في وجهه والخروج . أشعلت الكراهية دمها إلى درجة
الغليان , لكنها بطريقة ما أبقت زخمها محصوراً , وهــي تصر على أسنانه
بتصميم جبار . . ستريه أنها موديل تصوير محترفه , وعارضة ناجحة .
ستري الجميع هذا . . أمها , ستيفنز , والعالم كله . لكنها ستري هذا
أكثر من أي شخص آخر , لـ براندون آشتون . . وأصرت عليها كرامتها أن
لا يعرف كم جــرح هذه الكـــرامة .
قالت عبر أسنان مشــدودة :
ـ أرجــو أن تكون راضيــاً .
ـ هدفنا الأول هو إظهار مقدرتك للمدراء الآخرين . . هل أنت حرة
صبــــــــاح الغد ؟
لا داعي للادعــاء بأنها مشغولة :
ـ أجــل .
ـ جيد . . . سأدبــر لك لقاء . . كونـــي هنا في التاسعة , أم أن هذا وقت
مبكـــر لك ؟ .
ـ أبداً .
ـ لن تحتاجــي إلى الذهاب عند المزين أولاً . . أريد أن أقدم لهم فتاة
آشتون الجديدة . . . فاغسلـي عنك الزي الأنيق الأملــس , ودعـي شعرك
يجف ليصبح تموجات طبيعية . . وأرجوك امتنعــي عن التبرج , مهمــا
كان . . . هل لديك ثياباً أكثـــر أنثوية في خزانتك ؟ .
ســـألت متوترة :
ـ ماذا تقترح ؟ .
هز كتفيه .
ـ فستان يتناسب مع جسمك . . . ربما . صورك القديمة تميل إلى
إخفــــاء تفاصيل جسمك .
وانفلتت سيطرتها على أعصابها .
ـ لماذا لا تطلب منـــي الحضور عارية ؟ .
ومضت عيناه توتراً , ثم التوى فمه بابتسامة ساخرة .
ـ آشتون تهدف إلى الحساسية والإثارة . . والنساء لا يعجبهن ما هو
واضح . . . وكل أعضاء مجلس إدارتـــي من النساء . . . وأنا واثق أنك
قادرة على إظهار مكانتك الطبيعية دون أن تكونـــي واضحة بشكــل فظ .
ـ كما تشاء . . هل هـناك شـــيء آخر تريدنــي أن أفعله ؟ .
ورفعت له عينيها الخضراوين الصاخبتين كجدار دفـــاع صلب . . .
الاستسلام لمطالبه كان مصطنعاً جداً . . . وقــسى وجهه . . . ولمعت عيناه
بالازدراء . . وفي داخلها ردت جانيس على ازدرائه فهــو لن يستطيع بعد
اليوم إيلامهــا بمثل هذا الازدراء .
ـ لا . . . لا شيء آخر أريده منك . . إذا كنت مستعدة لتوقيع العقد
الآن , بإمكان ويذرس أن يأخذك إلى قسم الشؤون القانونــية .
مال إلى الأمام , فسارعت تقول :
ـ هناك شـــيء واحد بعد , سيد آشتون .
رفع حاجبيه متسائلاً فأكملت :
ـ أفهم أن هذا الاتفاق هــو على أســـاس مهنـــي تماماً ؟ .
ـ ظننت نفســــي أوضحـت هذا تماماً .
ـ إذن , فـــأنا أصر أن تنادينــي بصفة مهنية رسمية , سيد آشتون ,
أنا أكــره استخدامك الأنيق لاسمــي الشخصــي . ليس من حقك مناداتــي
جانيس .
أعطاها البريق الخطير في عينيه , تحذيراً صامتاً من أن تحديهـــــا لــه
كـــان غبــاء منهـــا .
وانفجر غضبه فجــأة . قال راعـــداً :
ـ من تظنين نفسك بالضبط لإملاء الشروط علــي ؟
السخط دفع صوته إلى الارتفــاع , مكمــلاً :
ـ أنت لا قيمة لك , ولو بمقدار ضئيل , في الصورة العالمية . . .
هناك لائحة طويلة من النساء . . . اللواتـــي ينتزعن الإعجاب لهذه
الحملة ! لكننــي أخاطر بالوقت والمال لأعطيك فرصتك للنجـــاح
الكبير . . . ويا له من شكر لعين أحصل عليه ! أولاً , أهنت فهمــي
وذكائــي . ثم تمسك غرورك المتشامخ ببعض التعليمات الضرورية . .
وفوق كل هذا , لديك الوقاحة التي لا تصدق في الوقوف بكل جلالة
قدرك , لتقولـــي لــي ما يجب أن أدعوك ! .
سحب نفساً متحشرجاً , وانخفضت لهجته قليلاً , لتصبح لاذعة
السخرية :
ـ حسن جداً . . اسمعــي هذا , آنسة جانيس يونغ ! سأناديك بأي اسم
لعين يخطر ببالي . . . يجب أن تشكري السماء وحظك الطيب , أنك
هنا , لينادى عليك بأي اسم كان . . . وإذا لم يعجبك الأمر , انهضــي من
مكانك وتابعــي سيرك . . فأنت وحق الله . . . يمكن استبدالك بكــــــل
سهولــة ! لقد كلفتنــي المتاعب أكثر مما تستحقين . هل كلامـــي واضح
أيتها الفتاة التافهة السخيفـــة ؟ .
تصاعدت الدموع إلى عينيها , وعلقت غصة ضخمة من المشاعــــــر
المتشابكة في حلقها . . دماغها اعترف بالوقائع اللعينة . . بالنظر إلى
المسألة من وجهة نظره , فهــي فعلاً سخيفة جداً . .. لكنها مذ دخت
غرفته , لم تكن قادرة على أي تركــيز واضح على عرض العمل . . فقد
كان هناك الكثير من المواضيــع الجانبية ألهت أفكرهـــا المشتتة .
قالت بصــوت مخنوق ترميه بنظــرة توسل يائسة :
ـ أنــــــا آسفة .
تنهد . . . مرر يده فوق وجهه , وكأنه يمحو عنه الغضب . وتحولت
تعابيره وجهه إلــى الإرهــاق :
ـ أنا آسف كذلك . لا فائدة . . كان المجيء بك إلى هنا غلطة .
ـ لا . . . أرجوك . . . أنا أريد العمل , وأنا ممتنة لعرضك . . الأمــر
فقط . . . لم أستطع . . سأقوم بجهدي . . حقاً سأفعل .
للحظــا طويلة مشدودة , نظر إليها بصمت . وكان لـ جانيس انطباع
قوي بأنه لا يراها أمامه أبداً , مع أنه كان ينظر إليها مباشرة .
أخيراً تمتم :
ـ خيال . . . حسن جداً ! الاتفاقية جاهزة لتوقيعها . . إلا إذا كان
ليك شــيء آخـر لتقوليه . . . والأفضـل أن ننتهــي منه .
هزت رأسهــا نفيــاً .
ضغط زر الهاتف الداخلـــي :
ـ أرسلـــــي ويذرس إلى هنـــا .
انفتح الباب ليدخل مدير العلاقــات العامـة على الفور تقريباً . . .
وقف براندون آشتون وفعلت جانيس مثله .
ـ دع الآنسة يونغ توقع العقد , وأكمل الإجراءات الضرورية
التفت إلى جانيس يهز رأسه ليصرفها .
ـ في التاسعــة صباح الغد آنسة يونغ .
لم يتحرك من وراء منضدته . بل وقف مستقيماً , طويلاً , شخص
مسيطر , قوي , سلطوي . لقد تعامل معها وصرفها . . . تنفست جانيس
بعمق تهدئ روعها , وتقدمت نحو مايكل ويذرس . . . الذي ابتسم لها
ابتسامته الفاتنة وفتح لها الباب . . لم تستطع رد الابتسامة . . . وكل ما
استطاعته هو أن تجعل انسحابهــا انسحابـــاً وقــوراً .
إنه انسحاب في أكثر من مجال . . . أجلــى غضب براندون آشتون
ضباب رأسهــا . . . إنه يحمل كل الأوراق الرابحة , ويجب عليها أن
تلعب كمــا تشاء إذا كتب لمستقبلها المهني النجاة والاستمرار , هذا عدا
الصعود إلى القمة . . . ربما كان من الأفضــل العودة إلى ستيفنز . . لكن
المنطق أنكـــر عليها هذا , فالعمل لــ براندون آشتون قصير المدى , وسرعان
ما ينتهـي . وقد تنجح عندها وحدها . . وهذا بكل تأكيــد يستحق القليل
من ألم القلب .
أما ما تبقى من ذاك اليوم الــذي أمضته حميماً معه فهـــو حدث مقرب
جداً . . . وسيبقى محصوراً إلى الأبد في بُعد زمنـــي ومكانـي آخر , لا
علاقة له بالحاضر . مع ذلك . . . حين لامسهـــــا . . .
صاحت بنفسها بعناد : انســـي هذا ! لقــد كـــان براندون آشتون . .
براندون آشتون ! وهذه فــي نهاية الأمــــر .
* * *
نهاية الفصــل (( الخامــس )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:33 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6- الحــب تمــثيلية
ـ لن تخرجــي هكذا !
تنهدت جانيس التي رمت أمها نظرة سخط :
ـ أمــي . . لقد أخبرتك بتفاصيل العرض كله , ولن أعرض هذه
الفرصــة لأي خطر بتجاهلي للتعليمات .
شخـرت ايفلين يونغ بازدراء :
ـ ماذا يعرف الرجال عن تقديم الرموز ؟ ستقابلين إيفا آشتون هذا
الصباح , ملكة أدوات التجميل ! ولن تتوقع منك أن تظهـري بوجه خالٍ
من التجميل .
ردت بحدة : (( من يدير العمل الآن , هو براندون آشتون . . أمــي )) .
ـ لن يلاحظ لمسة فرشاة , أو خطاً خفياً على العين , لن يذهب
القليل من الغش سدى . . الأسود ليس أسود والأبيض ليس أبيض فـي
عالم الأعمال . . يجب أن تظللــي الأشياء بطريقتك . . لقد آن الوقت
لتتعلمـي هذا جانيس .
قالت جانيس بصوت ســاخر :
ـ لا أظن أن السيد آشتون يحب الظلال الرمادية أمـــي .
إنها تعرف أن الأسود أسود قاتم بالنسبة له , والغش سيكون قاتماً
كثيراً برأيـــه .
ـ قال : لا تبرج . . وأنا سأتبع تعليماته بحذافيرهــــا .
اشتدت شفتا افلين يونغ بعدم رضــا . . وتمتمت وعيناها تجوبان على
ابنتها بانتقاد حـــاد :
ـ عنيدة . . حسناً . . على الأقل للفستان طرازه . . وأرجو أن يقدر
هـذا .
وهذا ما أملته جانيس كذلك . لقد أمضت طوال فتره بعد ظهــر
الأمس بالبحث ف مجلات بيع الألبسة , عن الـفستان المناسب . . .
فكرامتها تفرض عليها عدم إعطاء براندون آشتون فرصة لانتقادها . . . إنه
فستان يزيد من إضاءة لون بشرتها الطبيعــي . . وخصلات شعرهــا الحريري
الأشقــر , كانت تتناسب مع انسيابه . وقد زاد من تأثير لون عينيهـــا
الخضراوين المذهل . . عندما ألقت نظرة على نفسها وهـي على طبيعتها
شعرت بالسرور لأنها بدت أفضــل مما كانت منذ زمن طويل .
ودعت أمها بحزم , تاركــة كل النصائح وراء طهرها . . وسارت
بخفة كمـا حدث ذاك اليوم على الشاطئ . . هذا الصباح , هـي متحررة
من صورة جانيس يونغ , أو جانيس الطفلة القديمة . هذا الصباح , هـي
نفسها . . فالعامل الوحيد المثير للاضطراب هو الرجـل الذي ستقابله
عرفت أن عليها ضبط ردة فعلها أمام براندون آشتون . . مع ذلك , كلمـا
فكرت فيه كان تفكيرهــا يتشوش ومعدتها تتقلص وبشرتـها تقشعر
وأعصابها تتأرجح بشكل مدمـر . . ما إن اقتربت من مبنى مؤسسة آشتون
حتى هيأت نفسها للقاء . . وكانت عازمة النية على الظهور بوجه ملؤه
الثقة بالنفس والهدوء .
مع ذلك توترت توتراً شديداً حين دخلت إلى مكتبه . . كان واقفاً
أمام النافذة الواسعــة , وكأنه لا يعــي دخولها . أرادت أن يلتفت , أن يأخذ
المبادرة , أن تعرف شيئاً عن مزاجه اليوم . . لكنه لم يتحـــرك .
أجبرت نفسها على القول بصــوت جاف :
ـ صباح الخــــــير .
التقت إليها . . وسرعان ما أضفى وجوده المسيطر على الغرفة هالة
من القوة . مرت عيناه بها مقوماً فتشنجت معدتهــا بانتظار التعليق الذي لا
بد منه .
ـ جاهزة الآن ؟
الواضح أنه لم يتـــأثر أو يهتم .
لعنت جانيس ضعفها أمام الرجل وقالت بغضب : (( أجل . . شكراً
لك )) .
حرقت بقعتان حمراوان وجنتيها , ورفعت عينين مثقلتين راحتا
تنظران إليه بتحد . وما زاد من اضطرابها أنها رأت رقة غير متوقعة في
عينيه . . . وللحظة عم المكتب ضباب , وتغلبت عليه ذكرى البحر
والرمــــل .
ثم اقترب نحوها بخطوات بطيئة , ولمست أصابعه خدهــا بلطف :
ـ تبدين . . جميلة جداً .
كتمت أنفاسها لأنه بدا لها أنه ينحنــي نحوها .
ـ جانيس .
ما هذا الذي في عينيه . . عذاب . . أم رغبة ؟ وغشيها إحســاس قوي
غريب , أسرهــا ووتر كل عصب في جسمها ترقباً , وشعرت أنه على
وشك قول ما له أهميه كبرى . . ثم ضاعت اللحظة . . إذ رأته يحسب
ويتراجع نصف خطوة إلــى الخلف .
تنهد : (( ليس الوقت المناسب . . تعالي ! يجب أن تحافظـي على
هدوئك هذا الصباح . . فأنت على وشك الدخول إلى عرين (( اللبوة )) .
لقد شقت أمــي طريقها إلى القمة بمخالبها , والعمر لم يقلل من حدة هذه
المخـــالب )) .
كان تحذيراً ملؤه الود وكأنه من صديق , ولكن ذلك ضاعف من
ارتباك جانيس لأنها تفهم براندون آشتون . فتعامله معها الآن يتناقض
كل التناقض مع ما جرى من قبل . . رافقته وهـي مذهولة ولم تساعدها
لمسته على ذراعيها في إجلاء تفكيرها رغم المشاعر السعيدة التـي حركها
فيها . ما عليه سوى الاقتراب منها حتــى تستجيب إلى هذا السحر الذي
يجذبها إليــه .
سارا في مكتب الاستقـــبال متوجهيــــن نحو الباب , ومنه إلى مكــــتـــب
استقبال آخر . . فاجأها الديكور كثيراً فمن الديكور الحديث بشكــــل
صارخ إلى كل أناقة الماضي . . وغاصت قدما جانيس في سجادة سميكة
مشمشة اللون . . كان الأثاث ضخماً وأنيقــاً , ستائر من المخمل و الحرير
المخرم , وأثاث فريد من نوعه , وسجادة مطرزة معلـقة على الجدران ,
وخشب مصقول , ومزهريات مليئة بالورود . . حتى منضدة الاستقبـــال
جميلة . . واندفعت عينا جانيس إلى اللوحة المذهبة الإطــار . . كان وجه
ايفا آشتون المهيب تحـــذيراً كافياً فمـــن الواضـــــح أنهـا امـرأة لا تطيق
التصرفـــات الحمقـــاء .
حيا براندون آشتون موظفة الاستقبال الأنيقـة بشكــل سريع ثـــم
تجاوزاها , ولكن عينــي الموظفة برقتا اهتماماً . اقتادهـا براندون إلى
مكتب كان من الممكن أن يكون صالة استقبال في قصــر منيف أو حتـى
غرفة عرش . . وكانت ايفا آشتون بحق منصب رئيس مجلس الإدارة .
وكانت امرأة أخرى جــالسة إلى يســــــار المكتب .
سرعان ما أصبحت جانيس هدفاً لعيون حادة , ولم تتحرك أي من
المرأتين أو تتكـلم . . لكن الصمت كان مشحوناً بالأسئلة . . وكان
الواضح أنها أم ابنتها فالشبه مذهل فكلتاهما ضخمتا الجسم , قويتا
القسمـات , ولكنهما لا تعتبران على جانب كبير من الجمـال , وكان جفنا
ايفا آشتون المثقلان وفكها المتراخي يفضحان سنها . . لكن بنية هذه
المرأة الضخمة جعلت من السن أمراً تافهاً أمام التشابه الكبير .
ـ ايفا آشتون . . كلارا مارثاين . . جانيس يونغ . .
كان هذا إعلاناً أكثر منه تعريفاً . . وبدا من الغريب أن يضع الأسماء
كلها على مستوى واحد من الأهمية .
قالت جانيس بأدب حذر :
ـ أنا مسرورة جـــداً بلقائكمـا .
وتر صمتهما وتفرسهما فيها أعصابها .
وقال المرأة الأصغــر سناً بمكــر:
ـ دون شــك !
ـ كارا !
كانت لهجة إيفا آشتون حاسمة , فهــي معتادة أن تأمر فتطاع ,
وأعادت نظرها إلى جانيس .
ـ كنت انتظــر مقابلتك بفارغ الصبر , آنسة يونغ . . أرى الآن أن
صورتك السابقة كانت خادعة , وبصراحة ما كنت لأفكـر فيك ولو
لحظة . . ولكن لدى براند دائماً أفكــار غير عادية . . أظننا الآن سنكون
منصفين بحقك . . . بإمكانك الجلوس .
ـ ليس بهذه السرعة أمـي . . . أنت لا تطلبين رأيي لكننـــي أرفض أن
تتجاهلــيني فنحن لم نر بعد كيف تتحـــرك .
أرسل الامتعاض في صوت كارا مارثاين , قشعريرة ارتباك إلى ظهر
جانيس , عندئذٍ تركها براند واقترب من الكرسـي الواقع يميناً قرب
الطاولة . وعندما جلس أشار إلى جانيس بتكاسل غير مهتم , ينصحها بأن
تذعــــــن .
ـ سيري جيئة وذهــابــاً جانيس .
كان كل عملها كعــارضة يرتكز على الكاميرا , وهـي لم تختـبر قط أن
تعريها العيون وهـي تتحرك , لذا صعب عليها أن تحافظ على هدوء
أعصابها وأمامها هذه العيون الناقدة :
ـ كفى .
جاء صوت إيفا آشتون صارمــــــــــاً . .
ـ حسناً كارا ؟
التفتت جانيس للمرأة الصغيرة , تأمل أن ترى دليل الإعجاب ..
وتهلل وجه كارا مارثاين التي ابتسمت ابتسامة شريرة .
ـ أريد أن أراها تلعب دور الخيال . . الجسد شـيء . . والقدرة على
التمثيل شــيء آخــر .
ـ الآنسة يونغ , لم تتلق بعد سيناريو دور الخيال كارا . . ولقد دبر
لها ويذرس اللقاء مع مخرج الفيلم فيما بعد , هذا الصباح .
حمل تصريح براند آشتون البارد وميض الانتصار إلى عينــي شقيقته .
ـ أترين أمــي . . . ! لم تخضع حتى لتجربة !
لم يكن وجه المرأة العجوز مقروءاً , مثله مثل وجه ابنتها .
ـ ليس شقيقك أحمق كارا . . فلا شك أن لدينه أسباباً تدعوه للإيمان
أن الآنسة يونغ قادرة على القيام بالدور .
رمت كارا كلماتها بسخرية وازدراء :
ـ لديه أسبابه ! حسناً لا برهان متوفر على هذا . . هل من برهان ؟ لقد
جعل هذه . .
ولوحت بيد عابثة نجو جانيس , دون أن تعترف بمعرفة اسمها .
ـ . . . هذه العارضة المحدودة الأفق , توقع عقداً لإعلان رئــيسي
سيكلف الشركة على الأقل عشرين ألف دولار , وأنا أقول إن من حقنا أن
نرى دليلاً على أن هذا المال لن يرمـــي في البالوعة .
ارتدت إلى جانيس وعيناها البنيتان القاتمتان تومضان شراً .
ـ حسناً آنسة يونغ . . سأقول لك ماذا تريد , أنت تسيرين على
الشاطئ تجمعين الأصداف وإحدى هذه الأصداف هي عطر الخيال . .
تفتحين الزجاجة , تضعين العطر , ثم تحلمين أنك حورية بحر فاجأها
حبيب خالــي , قَلبك عناقــه إلى امرأة .
أمسكت علبة صغيرة عن الطاولة ومدتها إليها .
ـ هاك العطر . . فلنرَ كيف تضعينه والآن تحكمـــي بوجهك حتى ترى
مدى قدراتك .
وفي هذا الوقت انعصر قلب جانيس وكأنه كرة مشدودة , كانت كارا
مارثاين تتكلم عن التفاصيل ولكن جسمها كله تشنج احتجاجاً . . .
براندون آشتون لا يطالبها فقط أن تكـــون المرأة التي على الشاطئ , بل
ينوي إعادة تمثيل المشهد الذي حدث بعد ظهر ذلك اليوم بكل تفاصيله
الشخصيــة .
ـ لا أستطيع !
صاحت كارا مارثاين :
ـ لا تستطيعين ؟ ماذا تقصدين بأنك لا تستطيعين ؟ إنه مطلب
منطقــــي . هــاك !
و مـدت يدها بالعلبة بإصـــرار .
ـ أرجـــو أن تنفــذي منظر إلى ما طلبته منك .
لم تستطع جانيس إلى براندون آشتون . . بل نظرت إلى المــرأة
التي تبدو كملكة عن أمل أن تريحها ايفا آشتون من هذه المهمة
المستحيلة . . لكنهــا لم تجد المساعدة منها , فالعينان السوداوان كانتا
تراقبان جانيس بتحفظ بارد . ولم تجد العون من براند آشتون كذلك ,
وقد أبرز صمته أنها الآن بمفردهــــــــا .
أجبرت نفسهــا على التقدم إلى الأمام لتتناول العلبة . . كانت العلبة
المربعة السوداء تحمل شعار آشتون . . عندما ختمت الغطاء , وجدت
على الحــشــوة الناعمة المصنوعة من الساتان الأرجوانــي صدفة مروحية
الشكل . . مصنوعة من البلاستيك , لونهـا من الصفاء بحيث بدت
حقيقية . . وثمة زران من اللؤلؤ الصناعـي وهما عبارة عن القفل .
ارتجفت أصابع جانيس وهي فتحها . . في الداخل زجاجة صغيرة على
شكل محارة , فيها العطر .
عرفت أن لا فائدة . . فرفعت عينيها إلى ايفا آشتون تتوســــل أن
تفهم , ولكنها كانت تتوقع الرفـــض :
ـ أنا آسفــة . . لن أستطــيع . . أنا لست ممثلة تستطيع تحويل مزاجها
متى تشــاء . . يجب أن أشعر بالدور . . ولن أستطيع الشعور به في هذه
الغـــرفة .
تهكمت كارا مارثاين :
ـ أوه . . هذا رائع . . أليس كذلك ؟
وصفقت يدها على ذراع المقعد بازدراء ترسل نظرة سخط إلى
أخيها .
ـ اختيار رائع براند . . ! لقــــد خصصت ميزانية تصـــوير ليوميــــن .
يوميــن ! ماذا إن لم تشعر بأن مزاجها مناسب ؟ كم تنوي زيادة الميزانية في
سبيل الانغمــاس بنزوتك هذه ؟
جرحت كرامـــة جانيس التي تورد وجههــا غضباً .
ـ سأقوم بما في وسعـــي في الوقت المحدد , سيدة مارثاين .
صاحــت المرأة :
ـ ما بوسعك ! وما هـي الضمانة ؟
ارتدت إلى أمهـا ووجهها ينبئ بمدى اتعدادهـا بنفسها وكأنها سوت
المســــألة .
ـ لا أدري كيف تسامحين براند في هذه المسألة . . ســأذكرك مرة
أخرى أمـي أن جلب مجهولــة هو ضد سياسة الشركــة . . إن فشلت هذه
التجربــة , آمــل أن تأخذي بعين الاعتبار آرائــي . . وسأحاسبك حسابــاً دقيقاً
على هذه الـغلطــة . .
رفعت ايفا آشتون حاجبيهــا .
ـ لا تجرؤي على القول لـي ماذا يجب أن أفعل كارا . . يجب أن
يثبت خطأ هذا أولاً . وليس من حسن إدارة العمل أن تصبح السياسة في
الشركـة راكدة , جامدة . . الدم الجديد قد يكون مثيراً ومغرياً . . ولعل
براند وجد نجمــة جديدة قد تعطينا [[ إعلان العصر ]] .
ـ نجمــة ! يا إلهـي ! لم يسمع بها أحد خارج استراليا . . قريباً ترين
أننـــي على حق أمــي .
نهضت على قدميها فبدت مخيفــة أكثر . .
ـ بما أننــي غير قادرة على التصويت في هذه المسألة لذا لا ضرورة
لبقائـي ولكننــي لا أشك أنني على صواب . سأترككمـا للتخطيط لنجمتكمــا
الجديدة .
توجهت نحو الباب ونفحت أنفهــا بازدراء .
ـ كــارا . .
لم تنادها بنبرة حازمــة ولكن السيطرة كانت واضحـة . . إنها تحقق
سلطتها دون جهد . . ارتدت ابنتها على مضض , ويدها على مقبض
الباب دليل تحــد .
ـ أنت مخطئة فـي شــيء واحد . . للآنســة يونغ جسم جميل .
بدا الإحباط على وجه المرأة الصغيرة . . وترققت شفتاها لتستعيد
رباطة جــأشها , ثم نظرت نظرة حقد لأخيها وفتحت الباب وخرجت
تصفقه خلفهـــــــا .
قال براند : (( ما كان يجب أن تهينيها أمــي . . . هذا لا ينفع في إحلال
الوئـــام )) .
ـ لا مجال للوئام مع كـارا . . فهـي لا تستطيع أن ترى أبعد من
مشاعرها . . بإمكانك الجلوس آنسة يونغ
نظرت جانيس بدهشــة إلى السيدة العجوز , كانت ايفا آشتون قد
استقرت أكـثر في كرسيها واستند رأسها إلى المخمل وبدا بريق في
عينيها وكــأنه يزحف ببرود .
جلست جانيس إلى أقرب كرسـي , وشعرت بالراحة لأنها حصلت
على هذا الامتياز . عندما أطلقت كار مارثاين عليها أسلحتها في صراعهـا
للسيطرة , شعرت بأنها أشبه بفراشة أسيرة . . وأحست جانيس أن
براندون آشتون قد وضع نفســه في مركز حرج حين استخدمها . . لكن
دوافعه بدت غير واضحــة .
دارت الاسئلة في رأس جانيس . . . هل هدفه فرض سلطته وحكمه
في الشركة ؟ أم لديه اهتمام شخصــي , حقيقــي , بـ جانيس نفسها ؟ لا شـيء
يبدو واضحــاً أبداً . لقد أصيبت جانيس بالأذى من مخالب اللبوءة
الصغيرة لكن اللبوءة الأم ما زالت متوارية حتـى الآن .
قالت الملكـة برقة :
ـ أنا آسفة لأننـي عرضتك لهذا الموقف المشين . لكن من الأفضل
لك أن تدركـي أنك فعلاً أمام التجربة . أنا أحترم حكـم براند . . أردت أن
أقابلك لأعرف ما الذي رآه فيك . . وبعدما رأيتك أجدنـي في حيرة . أين
التقيت براند أول مرة ؟
فاجأها السؤال الذي جاء على حين غرة . . . واندفعت موجة من
الحرج الشديد شتت أفكــارها حتى باتت غير قادرة على الكـلام . . .
حاولت شفتاها صياغة جملة , لكن لسانها شل عن الحركــة .
قال براند : (( لقد رأيتها على الشاطئ منذ بضعة أسـابيع )) ,
ابتلعت جانيس ريقها للرد المباشر , والتفتت إليه وفي عينيها رجاء
يائس . . كان يواجه أمه التي بدت تعابيرها محايدة وأضاف :
ـ كانت كما ترينها اليوم أمـي , ولكن جمالها الطبيعي كان أكثر
وضوحـاً حين رأيتها , كان جمالاً مذهلاً لا يصدق . والحقيقة أننــي
احتجت لوقت طويل حتى تعرفت إلى شخصية جانيس الطفلة , ذلك
أنها لم تعطنـي اسمها ولم تكن لديها فكرة عمن أكون حتى دخلت مكتبــي
اليوم .
ـ آه !
كانت همهمة رضى , وعادت العينان البارقتان إلى جانيس :
ـ هذا يفسر الكثير . . . هل توقعت سماع أي خبر منه ؟
ـ لا . . لقد ظننت . .
صمتت جانيس التي تلاشى اللون من وجهها بالسرعة التي تصاعد
منها إلى شخصيتها , أنهت كلامهـا ببطء وحـذر :
ـ ظننت أنك أنت مهتمة بمقــابلتــي .
ران صمت متوتر . . وجمعت جانيس دفاعاتها لمواجهة الهجوم
التالي , ولكن الظاهر أنها أجلت الهجوم لفترة قصيرة فقد أدارت ايفا
آشتون نظرها إلى ابنها منتقدة :
ـ أرجـو أن تكون مدركاً لما تفعل براند . . فلدى كارا نقطة واحدة
محقة , أنت تستخدم مال الشركــة ووقتها .
رد باختصار : (( ولن يضيع سدى )) .
أسندت رأسها إلى الخلف , وأغمضت عينيها :
ـ قطع الأحجية تتطابق . . لا تظننــي بلهاء براند . . لقد أطلقت يدك
فاذهب وأبدا مغامرتك . . وأرجو أن تكون الآنسـة يونغ ممن يستحق كل
هــذا العنـــاد .
رفع براند آشتون نفسه ببطء عن كرســيه وتقدم إلى الجسد الثابت
دون حراك خلف الطاولة ووضع يداً على كتفها , وقال بصوت منخفض :
ـ وأنا لست أبلهاً كذلك . . أمـي .
ارتفعت يدها تغطـي يده . . ثم رفعت جفنيها إليه فرأت جانيس
للمرة الأولــى عينيها تلينان .
قالت وهـي تبتسم :
ـ أعرف معنى المغامرة , لقد قمت بهذا مراراً عديدة . . وفي الغالب
كنت ألقى المعارضة الشديدة . . أتمنى لك الحظ .
تردد وكأنه على وشك قول شــيء , ثم ارتد يواجه جانيس . .
والواقع أن الابن وأمه نظرا إليها وفــي عيونهما ذات التشدد . . فجأة
أحست بالعلاقـة المقربة بين الأم وابنها , تقارب أرواح لا تشارك فيه
كارا , ولن تشارك , فالابنة أهملت لصالح الصبــي , الوريث الطبيعي
لأمــه .
لزم جانيس قوة إرادة كبرى لتقف و تتقدم إلى الأمام , لتعيد العطر
ـ احتفظـي به عزيزتي . . أنا واثقة أنه سيعجبك , إنه أفضل شـيء
أنتجناه يومـــــــاً .
أذهلتها لهجــة الأم اللطيفــــــة :
ـ شكراً لك . . أنت . . أنت بغاية اللطف .
تنهدت السيدة العجوز :
ـ لا مجـال كبير للطف في عالم أدوات التجميل . . أتمنى بكل
صدق ألا تخذلـي ابني . . آنسة يونغ .
ـ سأخذل نفسي أكثر مما سأخذله إن لم أنجح سيدة آشتون , سأبذل
جهـــــــدي .
اتسعت ابتسامة العجوز التي ربتت على يد ابنها بتسامـح .
ـ أنا واثقة من هذا عزيزتــي , كل الثقة . . لك أفضل تمنياتي .. بل
لكما معاً أفضل تمنياتي . . ما أكثر ما قمت بمغامرات ناجحة هي أكثر
سوءاً من هــذه .
خفق قلب جانيس خفقــة غريبة لأن المرأة ربطت بينها وبين
براند آشتون . . ولقد تم هذا بطريقة معرفة غريبـــة .
وتمتم براند : (( شكــراً أمــي )) .
خرجا من الغرفة معاً وكانت جانيس مضطربة عاطفياً لذا لم تسأل
حتى إلى أين سيأخذها . . أقفل باب مكتبه وراءهما قبل أن تتمكن من
جمع رباطة جــأشها .
ـ لا تتوقف أمي عن إذهالي أبداً . . لــم أتوقع منهـا معاملتك
بلطف , لكنك بدون شك بحاجة إلى ما يهدئك بسبب ما فعلته بك كارا ,
فماذا ترغبين , قهوة أم شـــــاي ؟
تراكم ضغط الأربع وعشرين ساعة التي مرت بشكل غير محمول ,
وأحست جانيس بنفسها مرهقة جسدياً , ونفسياً , وعاطفياً . . عندما
نظرت إلى الرجل شعرت بالغضب من قدرته على الابتســـام .
انفجرت قائلة : (( أنت نذل بكل ما في الكلمة من معنى براند
آشتون , ولست أهتم إذا تم العقد أم لم يتم )) .
اختفت البسمة ودلائل اللطف من وجهه . . . وقال ببرود :
ـ تأخرت قليلاً في التفكير مرة أخرى آنسة يونغ .
ردت بحدة :
ـ وأنت تأخرت كذلك لتعرفني إلى ما تريده بالضبط . . لماذا لم
تستخدم كل ما حدث ؟ . . لكن , بالطبع . . .
رفعت نظرها إليه لأنها لم تستطع تحمل الذكريات التي أثارها فيها
بكل قسوة . . . ارتدت على عقبيها وابتعدت عنه , تنفث كل ألمها فــي
غضبها المسعور .
ـ هل تلهمك كل مغامراتك العاطفية هذه الأفكار النيرة سيد آشتون ؟
هل من عادتك التغرير بالنساء ليعدن بتنفيذ الأفكار التي تريد تحقيقها .
التفتت إليه وعيناها ملتهبتان بالسخرية .
ـ إلى أي درك من القسوة قد تصل ؟ كيف تستخدم إحساسـي ذلك
اليوم , كيف تريد إحيــــــاء شـــيء خاص جداً . . .
صمتت لأنها شعرت إن كلمات التي أوشكت على قولها تكشف
عن الكثيــــــــر .
ـ و . . مـــاذا؟
جعلها السؤال الهامس ترتجف . . أضاف بصوت ناعم ماكر قطع
أوصــال قلبها :
ـ بماذا أحسست جانيس ؟
دنا منها فانتفضت , ولما رأى منها ذلك لوح بيده بعدم اكتراث .
ـ ما دمت لم تتأثري بما جرى في ذلك اليوم , فلماذا كل هذا
الضجيــــــج ؟
احتجت بصوت ساخط : (( كان . . خاصاً . . شخصياً )) .
هز كتفيه , مع ذلك كان هنالك الحذر في عينيه .
ـ لم تجدي غضاضة في إدارة ظهرك لـي والرحيل . . بل الواقع أنه
أعجبك أننــي أعطيتك الفرصة لتخترعــي الأعذار لرمــي كل شيء خلفك . .
كان الأمر أسهل لو كنت فعلاً نذلاً بكل ما للكلمة من معنى , أليس
كــذلك ؟
لم يدرك أن خيانة ستيفنز لها قد ضعضعتها كثيراً ثم جاءت خدعته
وعدم ذكره أنه يعرفها فزاد الطين بلة . . بقد شعرت أنه طعنها وخدعها
وغشها ولكنه لم يفهم هذا , بل ظن أنها كانت ترمــي إهاناتها عليه
لتتخذها حججاً لرحيلـــها . .
قالت بصوت مختنق :
ـ آسفة لأننــي قلت تلك الأشياء , كنت مخطئة . . لكنك . . لكن
لماذا لم تذكــر لـي هويتك ؟
التوى فمه سخرية :
ـ وأعطيك اسمـي , ورتبتي , وحساب تقدير ثروتـي ؟ هل كنت
ستبقيــن معــي جانيس ؟
خرجت الحقيقة هامسة من شفتيها :
ـ لا أدري .
سخرت منها العينان السوداوان بوحشية :
ـ لقد اخترت العودة إلى عملك . . وأنا الآن نذل لأننــي لا أترك لك
مجالاً لنسيان ذلك اليوم . . بل أجره إلى الواجهة . . فماذا في هذا ؟ لماذا
هذه الحساسية جانيس ؟ يمكنك تحويله إلى حساب جيد . . عارضة
جائعة للنجاح مثلك , لن تتوقع أن تبقى حياتها الخاصة بعيداً عن
الأضواء . . فحياتك ستصبح عامة ما إن تحققــي طموحك . . فلماذا
التردد الآن ؟ أنت تريدين النجاح . . أليس كذلك ؟ ماذا تريدين أكثر من
هذا ؟ أن تصبحـي جانيس يونغ العارضة العالمية لهذه السنة ؟
كان وراء الكلمات حزم وتر أعصابها . . إنه على بعد ذراع منها وإن
لأمسها فقد . . . ماذا ؟ فجأة هاجمتها تلك المشاعر التي اجتاحتها يوماً
معه , أرادت أن تشعر مجدداً بها , لكنه ليس رجل الشاطـــئ . . إنه براند
آشتون , الرجل البارد الذي لا يرحم .
قالت موافقة : (( أجل . . هذا ما أريد )) .
أسترخـي التوتر , وحين تتكلم مجدداً لم تجد في صوته غضباً , بل
الرقة والتعب .
ـ إذن , لا جدال . . نفذي ما يطلبه منك السيناريو . . وسيكون كل شيء
سهلاً لك .
رن جرس الهاتف الداخلـي . . فارتد إلى منضدته وضغط الزر :
ـ السيد ويذرس على الخط سيد آشتون , يقول إن الأمر ضروري .
ـ أوصليه معــي. .
ما إن ابتعد عنها حتى ارتجفت جانيس تحت وطأة عجز موقفها . .
كانت متعبة وضائعة . . تقدمت إلى النافذة , تنظــر إلى المدينة خلفها
ولكنها لم تر سوى ألمها . . كانت الأمور أسهل لو بقيا دون أسماء . .
فالآن اسمه , وكل ما يمثله , يقف بينهما كحاجز يصعب تجاوزه
مجدداً . . إذا قالت له إنها تريده , فلسوف يحتقرها كما احتقرها بالأمس
عندما تجاوبت معه ولا تظن أن التوســـل سينفع معه .
ـ جانيس !
كان النداء حاداً باتراً فنظرت إليه بحذر .
ـ أيمكنك التواجد طوال الأسبوع القادم ؟ إن لم يكن ذلك ممكناً فما
هـي الأيام التـي يمكنك فيها التواجد ؟
ـ أنا حاضرة متى أردتنــي .
نظر إليها طويلاً . . ثم عبــس عبوس قلق قبل أن يتكلم مرة أخرى
هــاتفياً :
ـ فليتم هذا بأسرع وقت ممكن . تأكد من مكتب الأحوال الجوية
ومن دائرة الملابس , ثم رتب ما تستطيع . . ويذرس أنت تعرف من أين
تتلقى أوامرك . . ففـي المستقبل عليك عدم الاهتمام بأي مطلب تطلبه
السيدة مارثاين قبل أن تعيد المســألة لي .
ساد صمت قصير , قال بعده :
ـ ابق على اتصال بـي لتبلغني عن تقدم العمل . . و أرسل شخصاً إلى
هنا ليرافق الآنسة يونغ .
قطب وهو يضع السماعــة من يده , وكان لا يزال مقطباً حين
واجههـــا .
ـ جانيس . . . لو حاولت كارا الضغط عليك بشكل مباشر أو غير
مباشر فأعلمينــي . . وإن لم أكن موجوداً أخبري ويذرس . . لن أتحمل
أي تدخل في هذه المرحلة , هل ستعلمينــي ؟
عندما هزت رأسها ابتسم ابتسامة باردة :
ـ لا شك عندي أنك ستنجحين .
ـ أرجو هذا .
كان ردها همساً أجش وكان حلقها جافاً , ولم تكن تشعر بالثقة
بالنفــس .
تردد قليلاً ثم تلكم بحدة :
ـ مع ويذرس رئيس فريق تصوير الفيلم , وسيعطيك السيناريو
الكامل, وتجربة كاملة على زوايا التصوير . . وسيرافقك إلى القسم
الملابس , وما إن تمضـي فترة الصباح حتى تجدي ويذرس قد خطط
لجدول الأعمال , وعندئذ ستعرفين كل شــيء قريباً .
على الشاطــئ ؟ . . أحست جانيس بالسقم لكنها بذلت جهداً لتخفــي
ردة فعلها , أما براند فرافقها إلى الباب . . . لقد عانت بمــا فيه الكفاية
بسبب سخريته . . وطالبتها غريزة الدفاع عن النفس بإخفاء ضعفها عنه ,
وسلمها إلى رجل المنتظر وهو يهز رأسه هزة خافتة .
سحبت جانيس نفساً عميقاً . . لقد صرفها براند آشتون بطريقة
محض مهنية , وهذا ما لم يترك لها سوى أن تكون مهنية , فليكــن هذا
إذن .
سارت نحــــــو أول بداية فعلية للعمـــل الذي ينتظــرها .
* * *
نهاية الفصل (( السادس )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:36 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7- تبحـث عن سحرٍ ضــاع
اقتربت لحظة الحقيقة بسرعة . . لـــم تكن التمــــارين تسير بشكـل ســيء
ولكن جانيس عرفت أن وودي وينثرز لم يتأثر بأدائها . كان مخـرج الفيلم
الممتلئ الجســــم بحثهــا ويناشدهـا , ثم يزفــــر أنفاســــه من خلف لحيته
الكثيفة , وما أكـثر ما دلكت يداه كـرشة الضخم , وما أكــثر ما فقدت عيناه
الزرقاوان بريقهمــــا . . آخـــر كلماته المادحـة كانت تفتقر للحمـــــاس . .
الواضــــح أنه اقتنــــع أنها لن تستطيع تقديــــم أفضـــل ممـــــا قدمــت . .
لم تكـن جانيس واثقـــــة من النتيجـــة كذلك , فهــي تعرف أن الشــــاطئ
يثبط عزيمتها . . حاولت إقناع نفسها أن الموقف لا يشبه مــــا مضى . .
عربات [[ الكارافان ]] والمركبات الأخرى , كانت تصطف حول الكـــــوخ
الممتد طولاً . . والناس في كل مكــان , كل مشغول بمهمـــات مختلفة . .
كان مايكل ويذرس دائم الوجود , ليتأكد من عــــدم بروز المشاكــــــل . .
وكانت جانيس تلقي اهتماماً من جميع العاملين معها . . أما براند آشتون
فظلَ بعيداً . . كل ما كـان عليها أن تفعله , هو الانخراط بالدور المطلوب
أكثر فأكثـر . . . لــكن هذا الدور يذكرهــا بفترة ساحــرة . . والذكــريات
تـؤلمهــا .
ارتــدت ميرنـــا التي كانت تعــدل من وضعية المــرآة التي تقف أمامهـــا
جانيس . . دفعت بتوتر خصلة الشعر الأشقـر التي اندفعت إلى جبينهما ,
وضاقت العينان البنيتان الكبيرتان بجولة انتقاد .
ـ أعتقد أنه يلزمك أحمـر شفـــاه أغمق من هذا .
فتشت في الحقيبة عن [ الإصبع ] المناسب .
انفرجت شفتاها قليلاً لتستطيع أخصائية التجميل إتمام عملها
بنجاح . . ميرنا ويرنر مسؤولة الأزياء والماكياج وهي شخص كفؤ , فكل
العاملين في مؤسسة آشتون أكفاء . . كان البرنامج كله يتقدم بتقدم
الساعة . . بعد دقائق ستكون جانيس جاهزة لتصوير أول مشهد . . ستترك
المقطورة , وتقترب من المياه وتبدأ الكــاميرات بالدوران .
تراجعت ميرنا ويرنر لتتأمــل المرأة مجدداً وهذا كــاف . .
ـ هذا كافٍ . . فستبدين طبيعية جداً في الفيلم .
نظرت إلى ســـاعتها :
ـ حان وقت ارتداء ملابس الدور .
خلعت جانيس ثيابها , لترتدي التيشيرت الطويل الذي سيكون
فستاناً قصيراً لها , كان التيشيرت مناسباً أكثر من قميص براند آشتون ,
لكـن التأثير كان متشابهاً . . وبدلاً من حزام رجل , وضعت طوقاً جميلاً
من الأصداف , ولم يبق أمامها لتأدية الــدور إلا حمــل كيس بلاستيكــي
شفاف فيه مجموعة مختلفة من الأصداف .
قرع باب المقطورة .
ـ جاهزة ميرنا ؟
إنه مايكل ويذرس .
ـ جاهزة !
ربتت ميرنا كتف جانيس بود ودلت ابتسامتها على رضاهــا بمــــا
أنجزته يداهــــا .
ـ تبدين جميلة . . حظــاً سعيداً !
ـ شكــراً لك .
كان صوت جانيس متحشرجاً وتصاعدت غصة توتر إلى حلقها
استقبلهـــا مايكل ويذرس بابتسامة عريضــة .
ـ حان الوقت . . . الشمس على وشك المغيب .
نظرت جانيس إلى الأفق , كان البحر والسماء يستحمان بألوان
متألقة بهية . . الآن ستلتقط الكاميرات آخر أشعة الشمس قبل أن تتركز
على جانيس وهـي سير على الشاطئ . . رأت جانيس أن كل طــاقم
الفيلم متوتر . . وما إن بدأت المسير مع مايكل ويذرس فوق الرمـال حتى
لاحظت الجسد الطويل القوي الواقف إلى جانب المخرج , عندئــذ
تمسكت يدها بالـذراع التي كانت تتأبط ذراعها .
سألها بلهفة : (( نسيت شيئاً ؟ )) .
سحبت نفساً عميقاً لتهدي من روعها :
ـ لا . . ذلك هو السيد آشتون . . أليس كذلك ؟
ـ مع وودي ؟ طبعاً . لن يفوت التصوير أبداً , فهو المسؤول عن
المشروع كــله .
اشتد توتر أعصاب جانيس قليلاً . . كان عليها أن تتوقع حضوره .
ألم يقل لها إنه سيراها على الشاطئ . . . لكن غيابه حتى هذه المرحلة
خفف من الضغط على أعصابها . وأن تمثل أمامه . . الآن . . حيث لا
وقت للتجربة والخطأ , سيسبب لها ضغطاً فكرياً شديداً . لن تستطــيع
القيام بالعمل , لكنها مضطرة للالتزام ولا مجال للهرب ولا مجال
لتجاهل وجــوده . . أدارها مايكل ويذرس بخط مستقيم نحو الرجلين .
هز براند آشتون رأسه يلقي عليها تحية عابرة وفي هذا الوقت جالت
عيناه عليها مقوماً إياها بشكل سريع .
ـ جانيس . . أنت تتقمصين الدور . . وينثرز يقول لــي إن التمارين
كانت سهلــة .
نظرت جانيس إلى المخرج , لكن اهتمامه كان متوجهاً نحو طــاقم
العمل . . وتصاعد لون الارتباك إلى خديها , وتمتمت : (( كانت التمارين
مقبولة لا بأس بها )) .
قاطعتها وودي وينثرز فجأة :
ـ حان وقت أخذ موقعـــك جانيس . . قد تحتــــاج إلى عدة لقطــــات , ولا
أريد أن تغيب الشمس قبل أن نكمــل . . حين أعطــي الإشارة . . تصرف
برقة وعفوية كما تدربنــا . . اتفقنــا .
هزت رأسهــا موافقة , وتجنبت نظرة براند آشتون . .
تابع المخرج إرشــاداته :
سيري على الرمال الجافة لأننـا لا نريد آثــار الأقدام عليهـــا .
أحست بالعينين السوداوين تلحقان بهــا . . اليد التي تحمل حقيبة
الصدف أخذت تتعب , والرمال ضايقت قدميها . إنها تتذكر بعد ظهر
ذلك اليوم بكل وضوح وها هـي تشعر بالاختناق . . حاولت دفع الذكرى
بعيداً لتستطيع التركيـز على العمل الذي يجب أن يُنجز . . لكن براند
آشتون كان يراقبها , ووجوده يعسر عليها الأمـر ويجعلها غير قادرة على
التصرف بشكــل طبيعي . .
اتخذت الوضعية التي تدربت عليهـا , حيث يلتقـي الرمل الجاف
الأمواج المتكسرة . . ركزت نظرتها على الكاميرا التي ستُظهـر وجههـا في
اللحظــة الحـاسمة .
ـ مستعدون للتصوير ؟
رد على نداء المخــرج كل طاقم التصوير .
ـ جانيس ؟
ـ جــاهزة .
إنها جاهزة نسبة للظروف .
ـ آكشــن !
أجبرت جانيس ساقيها على الحـركة في خطوات مسترخيــة . .
وغسلت موجة الصدفة التي ستكون أول وقفة لهـا . انتحت , والتقطتها
ووضعتها قليلاً في أذنها لتصغــي إلى صدى البحــر , ثم رمتها في الكيــس
الذي تحمله . . كانت صدفة [ الخيــال ] على بُعد عدة خطوات إلى
الأمام . . أسرعت إليها , تحاول خلق الإثارة وهـي تفتحهـا . . راحت تنفذ
ما تمرنت عليه دون تردد أو ارتجـاف أو أخطاء . . أخيراً استطاعت
إغماض عينيها وراحت تداعب العطر على عنقهـــا .
صاح المخرج بشكل باتر , غــير متحمس :
ـ اقطع ! سنلتقط المشهد .
انتهى الأمر . . وشعرت بالراحة ترس خيوط الاسترخاء إلى جسدهـا
ولكن صوتاً آخـر قاطعها وأعاد إليهــا التوتر .
ـ فليبق الجميع في مكــانه , أرجوكــم . . وينثرز أريد مكالمتك .
كان صوتاً آمراً باتراً , والواضح أن براند آشتون لم يكن راضياً .
سلبت تنهيدة الانهزام كل اهتمام من نفس جانيس . . ووقفت
متململة وأصابعها تعيد غطـاء العطر بارتجـاف . . عندما رنت بطرف عينها
رأت أن الرجلين يتناقشان نقاشاً حاداً . عرفت أنها نفذت ما كان يتوقعه
وودي وينثرز منها . . . وهو دون شك يؤكـد لـ براند آشتون أن اللقطة جيدة
تفجــر السخط : (( هذا ليس ما أردته ! )) .
جاء الحكــم القاطع .
ـ لا تستطــيع أن تعطيك ما لا تملك !
نظرت جانيس إلى صدفة [ الخيال ] التي بين يديها . . فليس للعطــر
سحراُ عندهـا ووحده براند آشتون أعطاها ذاك السحر الذي تتلهف إليه
وفي مكان ما . . ضاع ذلك السحر , تبدد مع رياح الشك وعدم الثقة .
لم تكن تعــي الصورة المثيرة للشفقة التي ترسمها ورأسهـا منحنٍ
وكتفاها منهزمتان . كان أحد أصابع قديمها يرسم دوائر لا هدف لها فـي
الرمال وكانت تقاوم ألمهــا , لذا لم تدرك أن براند آشتون يتقدم نحوهـا
حتى اخترقت كلماته قلبها .
ـ ما هو الدور الذي تظنين أنك تلعبينه بحق الله ؟ [ [ ما نيكان ] ] من
صلب ؟
ارتفع رأسهــا بحدة , وكأنما شده خيط ما . . وضع يده على
كتفيها . . كانتا قويتين وفـي قوتها ما يدل على نفاذ الصبر . . عندما
أدارهـا لتواجهه رأت فمه رقيقاً مشدوداً بخط غاضب , وعيناه حائرتين
ملؤهمــا التساؤل .
ـ لم يكن المشهد حياً جانيس . . لم تضعـي في أي إحسـاس . ألا
تريدين النجاح في هــذا .
ارتدت إليه وعيناها قد خدرهمــا ذكرى ما ضاع .
تحركت شفتاها تتمتم مدافعة : (( قلت لك إننــي لست ممثلة )) .
ـ لست مضطرة للتمثيل . . كل ما عليك فعله هو أن تتذكــري . . ألا
تتذكرين بعد ظهـر ذلك اليوم . . جانيس ؟ ألم يكن رائعاً ؟
قالت بصوت مختنق : (( لم يكن حقيقياً )) .
ـ بل كان حقيقياً . . أنت كنت هنـا . . على هذا الشاطـئ . .
تخوضين هذا الماء , ووجدت صدفة وأحببت الحرية . . . لا يمكنك أن
تنســي .
همست : (( لا )) .
ـ إذن عيشــي اللحظة مرة أخرى ! افعلــي هذا أمام الكاميرا . . أليس
هذا ما تحبينه أكــثر من أي شــيء آخر ؟
تلوى الألم على وجههــا , وقالت ناحية :
ـ أوه . . يا الله !
حاولت نزع نفسهـــا من قبضته , وقالت بصوت ملؤه التوسل
واليــأس :
ـ أنت لا تفهـــم .
- ما الذي لا أفهمه ؟
هزت رأسها تبتلع الدموع .
- جانيس . . .
دفعتها اللهفة القاسية في صوته إلى الهستيريا .
- دعني! سأحاول . . سأحاول مرة أخرى . . لكن , يجب أن تذهب
من هنا . . لا أستطيع القيام بالدور أمامك . . اذهب من هنا ودعني أنهي
الأمر . . أرجوك .
حملت الهستيريا المجنونة في صوتها , التقطيب إلى وجهه :
- وهل أؤثر في أدائك؟
صاحت : (( أجل . . لا . . ))!
لانت قبضته , ومرر يديه مداعباً على ذراعيها .. فارتجفت وابتعدت
عنه : أرجوك . . لا تلمسني .
نظر إليها ودعم التصديق يتصارع مع إحساس آخر أكثر قوة , حرك
نبضاتها لتقفز بسرعة . . ثم قال ببطء :
- حسناً . . سأذهب . . ستعطيني ما أريد جانيس ؟
لم تستطع أن تعده :
- إذا . . استطعت .
أطرق برأسه . . وارتد مبتعداً يسير نحو المخرج بكل صبر
قرب أحد طواقم الكاميرات , ينتظر التعليمات التي أعطيت بإيماءات
حادة باترة . ونادى براند آشتون مايكل ويذرس إلى جانبه وناقشه في
شيء ما , ثم سار مبتعداً عن الشاطئ دون أن ينظر خلفه .. اتجه رأساً
إلى اللاندروفر المتوقف على حافة الرمال .
صاح وودي وينثرز :
- حسناً ..! فليتحرك الجميع ! امسحو آثار الأقدام عن الرمال ,
وأعيدو الأصداف إلى أماكنها . . وأعيدو الفيلم للدوران . . هيا . . هيا !
إلى مركز العمل . . . وبسرعة ؟
أشار إلى جانيس حتى تأخذ مكانها , فأطاعت . . كانت تراقب
رحيل براند آشتون . دار محرك اللاندروفر , ثم اتجه على الطريق الترابية
إلى الشارع العام .
سألها المخرج بصوت رقيق :
ـ أنت بخير ؟ تبدين مصدومة قليلاً .
ـ أنا بخير . . . كم بقى لـي من الوقت ؟
ـ حوالــي عشر دقائق . . النور يتلاشى بسرعة . . يمكننا اقتطاع مشهد
الغروب من اللقطة السابقة . . لكن من الأفضل ألا تضطر لهذا . .
أتعتقدين أنك قادرة على القيام بالدور كما هو مطلوب ؟
ـ سأذهب إلى مكــانــي .
هناك حدود لتأكدهـــا .
أمضت جانيس الوقت , تستذكر ذاك اليوم الساحر . . . وأقفلت
الباب بقسوة على كل المخاوف والشكوك . . لم تسنح لنفسها أن
تتساءل لماذا يجب أن تفعل هذا لـ براند آشتون ؟ لماذا يجب أن تعطيه هذه
الهدية من أعماق نفسها ؟ و لكن ثمة حاجة عميقة ملحة في أعماقها
تطالبها بإظهار ما أحست به ذلك اليوم لـ براند .
ـ آكشن !
دفعتها الكلمة إلى الحركـة . . . أحست بتوترها يتلاشى بعيداً وبنسيم
البحر يتلاعب بشعــرها , إنها قادرة على النجاح من أجله , إنها تحس بكل
شـيء الآن . . عطر الحرية المسكـر . . والبحر والرمال حولها فقط . .
وهناك تلك الصدفة التي أحست ببهجة طفولية عندما رأتها , وتردد
هدير البحر فـي أذنيها ممتزجاً بصدى الـكلمات التي قالت لها إنها جميلة . .
وصدفة أخرى . . خيالية وردية . . العطر . . زاد من حدة عطرها رائحة
الهواء العابث بالملح . . كانت لذيذة . . مغوية . . جميلة . . تداعب
بشرتها . . وتذكرت يدين رقيقتين تعانقانها بحب . . للآن أرادت أن
تشعر بذلك الحب مجداً . . كثيراً كثيراً جداً . .
ـ اقطــع !
جرت جانيس نفسها بطء من الحلم الذي فرضته على نفسهــا . .
وغمرتها موجة ثقيلة من الكــآبة . ولكن الواقع عاد إذ ارتفعت الأصوات
وتتالت الملاحظــات من فريق العمل وأحست بالإثارة التي عمت العاملين
حولهــا , ولكنها لم تتأثر بمن حولهــا .
صارح وودي وينثرز هادراً وارتفع صوته فوق الضجيج .
ـ ضعوا الفـيلم في علبته , واعتنوا به بقفازات وردية .
صـــاح أحدهم :
ـ هل أنت متأكـد أنك لا تريد لقطة أخرى . . وودي ؟
ضحك المخرج: (( أسكتوا ذلك الأحمق )) .
وتقدم إلى جانيس , يضمها إليه معانقاً أياها .
ـ كان عظيماً ! عظيماً ! سنغلف هذا الإعلان بالذهب إذا لعبت الدور
هكــذا غداً . . جميل ! جميل !
احمر وجه جانيس حرجاً , وتخلصت من ذراعيه , تتمتم : (( مسرورة
أن لأن المشــهد أعجبك )) .
ـ أعجبنــ] ! يا ألهــي ! لقد أرسلت رعدة فـي أوصالـي .
تلاشت ضحكته وهو يحس بابتعادهـا عن مسرحه .
ـ هاي . . أنت لا تشعرين أنك قمت بعمل بارع , أليس كذلك ؟
هزت كتفيهــا : (( أنا لست ممثلة , على الإحساس أن يكون
موجوداً . . وأنا الآن متعبة . . إذا انتهى كل شــيء اليوم , فسأذهب إلى
مقطورتــي )) .
سارع لتلبية طلبهـــا .
ـ سأوصلك .
ـ لا . . أفضل الذهاب بمفردي ولا شك أن لديك عملاً تنجزه .
ـ كما تشائين .
ارتدت جانيس لتذهب , لكن يده امتدت لتوقفها , فالتفتت إليه
متسائلة .
ـ هلا قلت لــي شيئاً ؟
ـ هذا وقف على ما هو هذا الــشيء .
ـ أنا أعمل في هذا المجال منذ زمن طويل , ولست غبياً في عملــي ,
أعرف تماماً كيف أستخرج أفضل ما عند الذين يعملون معـي . . بعد ظهر
اليوم استخدمت خبرتـي كلها معك , ولكنك لم تقومي إلا بالأداء الآلـي
فقط , ثم تكلم معك براند آشتون فتغير كل شيء , من العمل بشكل آلــي
إلى العمل بشكل حيوي خيالي فماذا قال لك ؟ أنا مستعد دوماً لتعلـــم
الخدع الجديدة .
ردت بحدة لم تكــن تريدهـــا :
ـ اســأله .
ضاقت عيناه لريبة :
ـ إنه ليس رجلاً أهتـــم بإغضابه .
شقت ابتسامة قلق شفتــي جانيس .
ـ اعتقد أننـي لن أهتم بإغضابه أيضاً . شكــراً لموقفك وصبــرك
علي . . أرجو أن أتمكن من إرضائك غــداً .
تركها دون تعليق , ولكنها لم تستطع الذهاب بمفردها إذ تقدم
مايكل ويذرس ليسير معهــا .
ـ يبدو وودي مســروراً .
ـ أجــل .
ـ الواضح أنه التقط ما يريد .
ـ بل ما يريد براند آشتون .
سارا بضع خطوات بصمت .
ـ تبدين محبطــة قليلاً . . هل هناك ما يمكننــي فعله من أجلك . .
جانيس ؟
رمته بنظرة قلق :
ـ لا . . أريد فقط تغيير هذه الملابس والعودة إلى مقطورتــي , لأنفرد
بنفسي فترة , هل ينال هذا موافقتك ؟
ـ ليست المسألة مسألة موافقتـي . . أنا أريد فقط أن أتأكد من . . .
قاطعته متنهدة :
ـ من عدم وجود مشاكل , أعرف . حسناً , لقد حصل على ما يريد ,
فلا مشكــلة إذن . . ويجب أن أعيــش مع الفكــرة , هذا كل شيء .
اغرورقت عيناها بالدموع وأصبحتا ضباباً أخضر ملؤهما الألم .
ـ أتعرف ما هو الأسوأ في كل هذا ؟ إنه لا يعرف بالضبط , ما حصل
عليه .
تحول وجه مايكل ويذرس إلى رسم كاريكاتوري لأنه لم يفهم
شيئاً . . وأشــار بيده إحبــاطاً :
ـ هلا شرحت لــي . . .
وصلا مقطورة ميرنا ويرنر . مسحت جانيس عينيها , وسحبت نفســاً
عميــقاً .
ـ لا يهم . . . أنا أهذي فقط . . رُد ذلك إلى مزاجي كفنانة . . .
أرجوك دعنــي وشـأني الآن .
قبل أن يقول المزيد , فتحت جانيس باب المقطورة ودخلتها , ميرنا
ويرنر لم تكن هناك . . سارعت جانيس إلى تغيير ملابسهــا وكانت على
وشك الخروج حين دخلت ميرنا مسرعة , تقول بأنفاس مقطوعة :
ـ آسفة ! لم أعرف أنك قادمة . أتحتاجين إلى مساعدة ؟
ـ لا . . . شكراً لك . كنت على وشك الخروج .
ـ هل أنت على ما يرام جانيس ؟ يظن مايكل أنك بحاجة إلى
صحبة . . سأرافقك إذا أحببت . . فقد يساعدك أن نتبادل الأحاديث
فحتى العاملون القديمون مثلنا لا يرون إداء كهذا إلا نادراً .
ابتسمت جانيس :
ـ وهل يفتعل مايكل ويذرس دائماً الضجة وكأنه دجاجة ترعى
صيصــانها ؟
ردت ميرنا الابتسامــة . . .
ـ لا تلوميه . . فأنا لم أشاهد قط السيد آشتون متوتراً هكذا . ستحب
السيدة مارثاين بالتأكيد رؤيته يقع على وجهه في مشروعه هذا . . فلتلك
الــساقطة . . .
صمتت , وكأنها أدركت فجأة أنها أفشت ســراً .
ـ حسناً , لا بأس , تلك سياسة الشركة . أهنئك . . . وودي يسير
نافخاً كرشه والجميع مسرور . . كلنا نحترم براند آشتون . . ونحب
طريقته في إدارته للشــركة , لكن شقيقته . . . سافلة .
قالت جانيس :
ـ لا تهمنــي كارا مارثاين كثيراً . . . شكراً لك لأنك عرضت علي
صحبتك لكننــي أفضل البقاء وحدي .
ـ حسناً . . سأراك وقت العشاء إذن .
ترددت جانيس . . العشاء سيقدم في الكوخ الخشبي . . تكدرت من
فكـرة الجلوس هناك فالذكريــات تهاجمهما شيئاً فشيئاً .
ـ أظن أننـي سأحضر لنفســي وجبة سريعة في المقطورة , وأنام
باكراً . . فهلا اعتذرت نيابة عنـي لـلآخرين ؟ أرجوك ميرنا .
جعدت تقطيبة جبين المـرأة , ونظرت بقلق ولهفة إلى جانيس :
ـ هل أنت واثقة أنك أنك على ما يرام ؟
ـ أجل . . لا تقلقــي . سأكون بخير غـداً .
عندما خرجت , هزت رأسها محيية مايكل ويذرس المنتظــر فـي
الخارج , ثم اتجهت رأساً إلى مقطورتها المتوقفة خلف الكوخ إلى يسار
خزانات الماء . صعدت إليها وأقفلت الباب . إن خزانة المؤن والبراد
ممتلئان وهذا يعني أنها لا تحتاج إلى شــيء أو أحد , يمكنها أن تتصرف
كما يشاء قلبها . . ولكن لا شيء قد يرضي قلبهــا .
المقطورة عبارة عن سرير مزدوج مريح . . . صعدت إليه لاحقاً ,
ودفنت رأسها في الوسائد . الدموع التي كبتتها طويلاً وجدت طريقها
للانهمار , دموع تعب ترافقها دموع البؤس .
أزعجها القرع على باب المقطورة , ولم تتحمله .. وجرت الوسادة
فوق رأسها , تفكر بتمرد .. فليذهب الجميع إلى الجحيم .
وتمسكت بعناد بالصمت .
ـ جانيس أعرف أنك في المقطورة , فإما أن تفتحـي وإلا دخلت .
سرت البرودة في دماء جانيس . . إنه براند آشتون . . لكنه رحل . .
لقد رأته يرحـل , فكيف يكون هذا صوته ؟ إلا إذا عاد ليتأكد من أدائها .
لكن لا بد أن وودي وينثرز طمأنه , فماذا يريد الآن ؟ ألم تمنحه ما فيه
الكفاية من نفسهـــا اليوم ؟
ـ جانيس . . سأدخــل الآن .
إنه قاس لا يرحـــم .
ـ لا ! انتظــــر !
أطلقها الذعــر إلى خارج السرير . . لا يمكنها أن تتركه يراها هكذا ,
ملطخة بالدموع , مشعثة , ودفاعاتها مشتتة .
نادت مجدداً :
ـ لن أتأخـر دقيقة . . أرجوك انتظـــر .
وركزت بشراسة حتى تستجمع ذاتها .
أسرعت نحو المغسلة ثم رشت وجهها بالماء البارد آملة بهذا أن
تضع قليلاً من اللون فيه . . بعد ذلك مررت الفرشاة في شعرها , ثم
سحبت نفساً عميقاً . وحطت إلى الباب , وما أن فتحته حتى دخل براند
آشتون .
ما إن أغلقت الباب وراءه حتى وبخت نفسها فكيف لم تفكر في
الخروج من المقطورة فقد سيطر وجوده على المساحة الصغيرة , لأنه
كان على مقربة شديدة منها . وفي محاولة للتخفيف من وجوده المثير
للاضطراب , جلست في أحد المقعدين المثبتين حول الطاولة , ولكنها
اختلست إليه نظرة وأشارت إليه أن يجلس قبالتها .
ـ أرجوك اجلس . . سيد آشتون .
كانت الكلمات فورية ولكنها جافة , والواضح أنها متململة . . .
لكنه لم يتحرك فاضطرت إلى رفع نظرها إليه , عندئذ حرقت عيناه
السوداوان عينيها , وكان فيهما تساؤل ولهفة . . غير أنها سارعت إلى
غض طرفها وتكلمت بسرعة في محاولة لإخفاء اضطرابها :
ـ لماذا تريد رؤيتـي ! لقد أنهينا العمل اليوم , كان السيد وينثرز
راضيــاً عن آخــر مشهــد صوره .
جــاء الرد :
ـ بــل أكثر من راض . . فلماذا أنت متكــدرة ؟
ـ لست متكدرة . . أنا متعبــة , وهذا كـــل شيء .
وأطرقت بــرأسها تنظر إلى الطاولة .
ـ وينثرز, ويذرس , ميرنا ويرنر , كلهم قالوا الشـيء ذاته . . أنت
متقوقعة على نفسك بشدة . . وهذا ليس رد الفعل الطبيعــي على النجاح ,
جـــــــانيس .
غضبت من هذا التوبيخ الســاخر, وأطلقت لسانهـــا قبل أن تتمـــكـن من
كبحـــه :
ـ لقد فعلت ما أردت أنت . . ولم أضيـــع مالك سدى . . فماذا تريد
الآن ؟ قل ما تريد . . قله ثم اتركنــي وشأنــي .
هل ما تراه هو موجود انعكاس للعذاب الذي في عينيها , في عينيه ؟
للحظة حية , بدأ أنهما عادا روحاً واحدة , في هذه اللحظة أغرتها نفسها
أن تمد يدها إليه تتوسل أن يفهم الحاجة التي استعادة تلك المشاعر التي
حركت كيانها كله . وبدا وكأنه يولد القوة الدافعة وراء هذا الاحساس . .
لكن لا . . لا . . لا يكون هذا . . ليس عبد كل ما قاله
وفعله . . انتزعت عينيها منه . ولئلا تغرق يضعف أحمق وضعت مرفقيها
على الطاولة تغطـي وجههـا بيديها .
ـ جانيس . . .
أفــــي صوته توسل ؟ ولكن اللهفة في صوته تشير إلى هذا , إنما . .
إنما لن سمح لنفسها أن تصدق . . سمعت نفسه الحاد وتنهيدته قبل أن
تمتد يداه إلى كتفيهــا . تقوقعت على نفسهـــا لأنها تذكــــرت كيف أدائهـا
عندما استجابت للمسته في أول لقـــاء لهمــا في مكتبه .
سحب لمــسته بســرعة .
ـ جانيس . . إذا كنت لا تريدين المتابعة . . إذا كان ما طلبته . . إذا
كان يؤلمـــك . . فسأعفيك من العقد . . لم أرد أن أؤلمك جانيس .
لمست كلمات الاهتمام قلبها بألم وذكرتها بالرجل الذي كان على
الشاطئ , ولكنها ذكرت نفسها : خيال . . وما هذا إلا تعاطــف مع
الضغط العاطفي الذي تسببه لها . . أحرقت الــدموع مقلتيها , لكنها
أجبرتها بحزم على التراجـع . . يا الله إنها لا تريد المتابعة . . لكن ماذا
يمكنها أن تفعل غير هذا الآن ؟ أين تذهب ؟ إلى أمها . . إلى ستيفنز . .
لتعترف لهمـــا بالفشل ؟
قالت بصوت مختنق بائس :
ـ ليس لدي خــيار آخـر . يجب أن أتابع .
أثار صمته أعصابهــا . . اذهب من هنا . . اذهب من هنا . . أخيراً
تكلم وبدا صــوته متوتراً كمــا تشعر جانيس :
ـ أنا آسف . . لا أقصد أن أضيع مزيداً من الضغط عليك بزيارتي
هذه . أردت فقط أن . . أن أعلمك أن لا مجال لطلب تعويض فيما لو
رغبت في التخلي عن العقد . . . وأرجــو لك النجاح غداً .
ثم ذهب . . وتردد صدى باب المقطورة في الفــراغ الذي وضع شروطــه
دون رحمـــة ؟
جرت نفســهــا وصنعت إبريقاً من الـشاي وقطعت بعض الجبن ,
وقليلاً من البسكويت . . كان على قطع البسكويت الجافة أن تغتسل لتمر
في حلقهــا , لكنهــا تابعت على مضض . . ما من جدوى في أن تجعل نفسهــا
ضعيفة من قلة الطعام , يجب أن تكمل عملها في القصر . . ولسوف
يحصل براند آشتون على الإعلان الذي يريد . . ولسوف تضطـر كارا
مارثاين أن تعترف بالهزيمة . . أما جانيس . . فستحصل على مستقبل
مهنـي . . مستقبل فارغ لا معنى له , ملـيء بالأنوار المشعة , والـظلام
النفســـي .
خلعت ملابسها . . هواء الليل كان قد انقلب بارداً بشكــــل غير
متوقع . . برجفة صغيرة ارتدت ثياب النوم , وأطـفأت النور , ثم صعدت
تحت البطانيات . أدارت الوسادة المبللة دموعــاً , وسوت نفسها بارتياح
عليها . . مع ذلك راوغها النوم . . فتحت النافذة تصغـي إلى هدير البحـر
المهدئ . . كــــان يـجــب أن يهدئ أعصابهـــا لـكنه لـــــم يفعــل . تلوت
وتقلبت , جسمها لا يرتاح مع الكثير من الأشواق المحبطــة .
سمعت أصوات الآخريـن المخنوقــة وهم يتوجهون إلى النوم . . فـي
محاولة لإبعاد الأفكـار المزعجــة , ركزت على التقــاط أصوات الطبيعة ,
أزيز الحشرات , نداء الطـيور , هسهسة أوراق الشجــر . . أخيراً استولى
عليها النوم , لكنه كان مليئاً بالظلام , أشيــاء لا اسم لها ومخيفة , عذبت
لاوعيهــا ولم تعطها أية راحــة .
* * *
نهاية الفصــل (( الســابع )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 09:36 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8 ـ أنت أو لا أحــد
استيقظت جانيس متعبة متململة . الضجة في الخارج أنبأتها أن
العمل بدأ . لن يتم تصوير المشهد الأخير في الإعلان إلا بعد غياب
الشمس , لكن تحضيرات الدقائق الحاسمة ستستمر طوال النهار . . .
وخافت جانيس من تلك اللحظات التي كانت تلوح أمامها وكــأنها
كــابوس .
حلمت مرة أن تكون نجمة شهيرة تكرم مع المشاهير , ويعجب بها
كل من في أنحاء العالم . لكنها م تحلم فقط بالثمن الذي يجب أن تدفعه
لتصل إلى النجومية . . الكلفة الشخصية الصرفة التي تعري حياتها من
كل الخصوصيات التي تئمنها , إنه ثمن مرتفع جداً . . وأن تمثل ما يجب
أن تمثله هذا المساء , سيتركهــا مهجورة عاطفياً .
لن تستطيع أن تكمــل . . ولن تكمــل , ويجب على براند آشتون أن
يكتفــي بأقل مما يريد . . حتى ولو كان هذا يعني أن تحـرق فرصتهـا
بالحصول على العقد الكبير . إنها لا تريد عقداً معه . وجوده يجلب إليها
دومـــاً الألم والارتباك .
ناداهـــــا مايكل ويذرس :
ـ جانيس . . الفطـور بعد عشرين دقيقة , هل أنت مستيقظة ؟
ـ أجل . . سأخرج في الوقت المناسب .
تناولت الفطور وهي تشعر بالكــآبة ولكنها لم تأكل إلا القليل قبل أن
تخرج من الكوخ الخشبــي بأسرع وقت ممكن . . أخذت قهوتها إلى
الخارج , إلى حيث وجدت بضعة كراســي قابلة للطــي موضوعة تحت
الأشجار وانضم إليها مايكل ويذرس الذي تغضن جبينه من القلق .
ـ هل أنت على ما يرام جانيس ؟ تبدين شاحبة قليلاً هذا الصباح .
ابتسمت : لأننــي دون تبرج .
لم يستجب لابتسامتهــا :
ـ هل هناك مشاكـــل أستطيع معالجتهــا ؟ .
تجنبت نظرته الثاقبة ونظرت إلى البحـر :
ـ لا . . . إنه صباح مشرق . . أليس كذلك ؟ .
تنهد وجلس على كرســي إلى جانبهـا :
ـ يجب أن يكون يومــاً مشرقاً . . . إذا سار كل شيء على ما يرام .
ارتشفت قهوتها , بينما أخذ مايكل يلقي نظرة على برنامج العمل
معها ليتأكد من أنها تعرف أين يجب أن تكون , ومتى . . كان هذا الشيء
غير ضروري , لكن جانيس تركته يتابع الكلام تفضل أن يكون الحديث
عاماً . . أخيراً اعتذرت لتغير ملابسهــا للتمارين الصباحية .
يتطلب منها مشد حورية البحر أن تكون في الماء . . لذا ارتدت
جانيس ثوب رقص باليه ضيق , لكن مريح . . التقت منشفة شاطئ
كبيرة , وعادت إلى مايكل ويذرس .
جذب انتباه مايكل هدير سيارة تقترب فلحقت جانيس بنظرته ثم
سرعان ما توترت عندمـا رأت لاندروفر براند آشتون .
ـ هذا بيترسون دون شك .
ـ أوليس السيد آشتون ؟ .
ـ اللاندروفر هو الشركــة . . هل كنت تتوقعين السيد آشتون هذا
الصباح ؟ .
ـ لا . . . أنا . . لا .
عندما توقف اللاندروفر قربهما , كانت قد نجحت ف إخفاء توترها
الداخلي . وسرعان ما تعرفت جانس على السائق . . إنه مدير العلاقات
العامة , أما الراكب الذي معه فقد كان ينبه بكل ثقة وتعجرف الرجل
المعتاد على التزلف إليه . كان طويلاً , أسود الشعر , وسيمــاً . . خصلات
شعره مجعدة سوداء , وعيناه بارقتان وأسنانه ناصعة البياض وجسمه
مصقول بادي القوة .
جالت عيناه على جسد جانيس صعوداً ونزولاً , وارتفع حاجبه
بخبث عنــــدما قال :
ـ أنت جانيس يونغ ؟ الساقان أعرفهمــا , لكن الجسم والوجه شـيء
آخر . . لقد تحولت حورية البحر قطعاً إلى امرأة مغرية . . شـيء ما ينبئني
أننــي سأستمتع أن أكــون حبيبك .
ردت بصمت : أبداً . . . أسخطهــا غروره الأحمق , وأغاظها أكــثر
فكرة أن تكون بين ذراعيه .
قام مايكــل ويذرس بالتعارف . . وهزت جانيس رأسها ببرود ,
وأدارت اهتمامها عمداً إلى الحديث الدائر بين الرجلين الآخرين .
ـ هل من رســالة ؟ .
هز السائق رأسه نفياً .
ـ يجب أن أعود فوراً . . مع أن لدي أخباراً لك . سأقود السيارة بعد
ظهر اليوم حاملاً معــي السيدة الكبيرة نفسهــا .
ايفا آشتون ؟ .
ـ والسيدة مارثاين , كلتاهمـا قادمتان .
ران صمت قصير ملؤه الحيرة قطعه كايرد بيترسزن ليظهر أهميته .
ـ السيدتان تريدان رؤية المشهـد , كمـا هو واضح . . ولن أخيب
أمهمــا . . .
قال مايكل ويذرس :
ـ حسناً . . لا شك أنك ستحقق غايتهمــا.
التفت بقلق إلى جانيس ليرى ردة فعلها . . لكن وجهها الجامد
بحذر لم يكشف شيئاً عن توترها الداخلـــي .
ـ شكراً للمعلومة . . واعمل على أن تكــون الرحلة مريحــة .
ضحك السائق :
ـ لا تقلق . . فلا أحصل كل يوم على شرف أن أكون سائق
الملكــة . . . أراكــم فيمــا بعد .
عاد إلى اللاندروفر ملوحاً وهو ينطلق . . وتنهد مايكل ويذرس ثم
ارتد إلى الاثنين اللذين في عهدته . . قبل أن يقول شيئاً , استرعت
اهتمامهم صيحة عن الشاطئ . . . وأحذ وودي وينثرز يشير إليهم
بالمجــيء إليه .
وضع كايرد بيترسون ذراعه على كتفــي جانيس وقال :
ـ لا راحــة للمساكين . . فلنذهب طفلتــي .
تصلبت جانيس . . وعدوانيتها ازدادت عمقاً إلى درجة الكره . هذا
الرجل الكريه هو الذي سيمثل معها دور الحبيب ! كيف تستطيع أن
تتجاوب معه بالتمثيل فيما جسدها كله يصرخ رافضاً كل لمسة من
لمســـاته ؟
قالت ببرود, وهــي تبعد ذراعه عن كتفهــا :
ـ لم نبدأ التمرين بعد سيد بيترسون .
ركزت نظرها على وودي وينثرز وتقدمت نحوه , ترفس الرمل بأقدام
غاضبة .
لحق بها كايرد بيترسون بسرعة دون أن تردعه برودتها . .
ـ هذه فرصتنـا الكبيرة لعبتــي . . . شهرة واسعة في العالم ! وأنا أريد
أن أستفيد من الفرصة أكبر استفادة ممكنـــة .
الأفظع ولأهم أنه يأخــذ نفســه على محمــل الجد . . إنه يعتقد فعلاً أنه
أكبر هبة عالمية للنســاء . . وهذا الاعتقاد امتد إلى التمارين . . فقد حاول
تحويل العناق في مشهد الحوريــة إلى تهجم واسع النطاق عليها جعلها
ترتجف قرفـــــــــاً .
قاطعه وودي وينثرز بجفــاء :
ـ لا وقت لكل هذا بيترسون . . فليكن العناق قصيراً ورقيقاً . . نحن
لا نصور فيلماً سينمائياً كــاملاً . . دع العمل يسير بسلاسة ودع الدقة لما
بعــد .
استلزم وقتاً كبيراً لتوقيت المشهد الثانـي بدقة . . فبعدما رفعها من
الماء وعانقها , كان على جانيس أن تدفع الحبيب عنها , ثم ترقـص بضع
خطوات لإظهار الفرح بالحصول على ساقين بدلاً من ذيل سمكــة . .
وكان عليها أن ترقص بفرح وحبور ثم العودة إلى الحبيب , ليرفعها في
الهواء ثم ينزلها ببطء في عناق منزلق . . . واستفد كايرد بيترسون قدر
استطاعته من ذلك العناق . . إذ راحت يداه تكتشفان كل زاوية . . وما إن
أصبح وودي وينثرز راضياً عن التقدم حتى كانت جانيس تحس بالغثيان
من ملامساته القــذرة .
ـ الغداء ثم الراحــة الآن .
بعثت الكلمات الراحة إليها . . والتقطت جانيس منشفة الشاطئ
ولفتها حول نفسها , لكنهــا أحست بالبرد يخترق عظــامها وروحهــا .
قال وودي آمــراً :
ـ جانيس تعالي وسيري معــي .
سارت إلى جانبه حافية . وسار المخرج لاهثاً على الرمال وبسبب
تقدمه البطيء استطاعا الابتعاد عن مدى السمــع .
ـ جانيس . . إذا ظننت أننـــي سأصور المشهد بالشكــل الذي مثلته قبل
قليل , فأفضــل السير إلى البحر وإغراق نفســي . . تركت المشهد يمر لأن
لك الحق التقنـي . لكننــي أقول لك الآن . . إن لم تتفاعلـي مع الحدث
حين نصور هذا المساء فسنحظى بفيلم ميت وسيضيع كل السحر الذي
التقطناه بالأمس هباء . . هل تفهمين هذا ؟ .
ـ أجــــــــــل .
نظر إليها . . . إذ لم يعجبه ردهــا المختصر .
ـ هذا الأمر بغاية الأهمية لـي جانيس . . الرجل يتعب من أفلام
الدعاية العادية حتى ولو كانت جيدة . هذا الفيلم مميز . . أيمكنك
التفاعل مع المشهد ؟
إنها كلمات براند آشتون . . كلمات فارغة لا معنى لها . . تطلب
المستحيل . . فليس لها سوى حبيب واحد . . ولهذا الحبيب وحده
يمكنهــا إطلاق العنان للمشاعر الدفينة التي يتطلبها الخيال . . لكن مع
كايرد بيترسون . . هذا مستحيل ! .
ردت بصوت مراوغ .
ـ ســأحاول .
أظهر وودي وينثرز سخطه بأن توقف وقطب بعبوس شديد نحوها :
ـ هناك وقت لمزيد من التمرين بعد الظهــر .
ـ لا . . لا أريد المزيد . . لن يخدم هذا أي هدف . فكــا قلت لـي
الحق التقنــــي .
ـ أجل ّ التقني ! حسناً , فليكن ما تريدين والله يعلم أن لا قول لــي
في كل هذا .
اعتذرت جانيس وسعت إلى نشدان العزلة في مقطورتها . هنا على
الأقل ستكون حرة من أيه أسئلة . . ولن يزعجهـا كايرد بيترسون . خلعت
ثيابها ونظفت نفسها , ثم صنعت بعض الطعـام وأكلته دون شهية . بعد
ذلك استلقت على السرير فجرها الإرهاق إلى نوم عميق لا أحــــــــــلام
فيه . . .
طالبها نداء ملح بالخارج من المقطورة لكن لا وعيها لم يرغب فــي
الاستجابة , فتمسكت بالفراغ المظلم , حتى أحست بيد تهز كتفيها . .
حركت رأسها على مضض وفتحت عينيها , للحظة أحست بالضياع
الكامل , ثم تعرفت إلى وجه المرأة التي كانت تطل عليها وبدأ الوعـي
بزحف إلى دماغها بقوة , فتأوهت مستديرة .
قالت ميرنا ويرنر بلطف :
ـ آسفة جانيس . . لكن يجب أن تنهضــي الآن . لا نريد أن نخسر
الوقت .
رفعت جانيس نفسها عن السرير , واتجهت إلى المغسلة حيث
رشت الماء على وجهها , ثم شربت بسرعة وأشارت إلى ميرنا أنها
جاهزة .
قالت المرأة بصوت ملؤه الشفقــة :
ـ تبدين مرهقة . . لكننــا سنفعل شيئاً بهذا الخصوص . . ألم تنامـي
جيداً ليلة أمس ؟ .
ردت باختصار : تململت كثــيراً .
ـ وعملت جاهدة . لا بأس . سينتهي كل شيء اليوم . . .
وقفت ميرنا التي راحت نحرس باب غرفة الغسيل , لأن جانيس
تستحم وتغسل شعرها بالشامبو . ولكنها كانت تسرع بغسل نفسها لأن
في هذا المكان ذكريات كثيرة . . لفت نفسها بروب منشفة , ورافقت
ميرنا إلى مقطورة المـــلابس .
على عكس الأمس , كان لدى ميرنا أشياء كثيرة تقوم بها , فقد
سرحت شعر جانيس بعناية أكبر وطلت أظافر يديها وقدميها بلون وردي
لؤلؤي . بعد ذلك جاء دور التبرج . وضعت لوناً خفيفاً على خديها أرضاء
بشرتهــا ولوناً وردياً على شفتيها , أما ظلال العيون فأبرزت عينيها . . بعد
ذلك لمست فرشاة ميرنا حاجبي جانيس المقوسين بلون براق
ووصلت إلى جـفنيها فظللتهما بلون أخضر قاتم ثم أخذ يخف تدريجياً
حتى أصبح فضياً أخضر فوق عينيها . تحت الرموش السفلى , كـررت
اللون الأخضر الفضي , إضـــــــــافة إلى لـــــــمسات براقة صغيــــرة .
تطلب تحضير ثوب الحـــورية ليصــــــــبح مناسباً لـ جانيس وقتاً طويلاً ,
كان عليها إلباسها تنورة ضيقة من القماش المطاطي الذي سيجعـــــل
ساقيها ملتصقين . وفوق هذه التنورة سترتدي تنورة أخرى لهــــا ذيل
مصنوع من البلاستيك وبهذا أصبح قسم السفلي في جسمها لذيل
الحورية جاهزاً أمــا الجزء العلوي فتصميمه كان أسهل .
رُصع الذيل بالخرز البراق ليكون على شكل حراشف صغيرة وهذا
الخرز البراق أعطاه مظهر السمكة المتلألئة تحت أشعة الشمس . أما
القسم العلوي فكان عبارة عن قماش رقيق بلون البشرة .
كان آخـر الزينة , عقداً مع قلادة وهو عبارة عن منمنمـات صغيرة من
أصداف [ [ الخيال ] ] الوردية التي صفت في سلسلة فضية في وسطهــا
العطر . . . وهذا كل ما ستستخدمه جانيس عند تمثيل الدور . . فهي
ستتلمس الزجاجة حالمة حين يـأتي حبيب [ [ الخيال ] ] ليفاجئها .
ابتسمت ميرنا : (( الآن أنت تبدين خيالية رائعة )) .
استلقت جانيس أرضاً على قطعة من القماش فشعرت وكــأنها ديك
رومي محشو معد طعاماً للأسود أو بالأحرى للبوءات . . . كانت ميرنا قد
أبلغتها أن ايفا آشتون وكارا مارتاين قد وصلتا منذ عشر دقائق . . ولكنها
لم تذكر أن براند آشتون وصل ولم تشأ جانيس أن تسأل عنه .. . إنها لا
تريد أن تفكر فيه أو في أي شيء آخــر فجل ما تريده هو الانتهاء من كل
شــيء , ورميه وراء ظهــرها .
قرع مايكل ويذرس الباب وما إن رأى الحورية أمامه حتى برقت
عيناه إعجــاباً .
ـ جاهزة للخروج . . هذا الزي عمل عبقري ميرنا . . لم أر شيئاً
مغوياً مثله قط . . لا أقصد إغضابك جانيس .
ردت بجفــاء : (( لا شك أنه سيساعدنــي في تمثيل أول مشهد )) .
أشار إلى الخارج , فدخل سائق اللاندروفر الشاب الذي نظر إليها
بذهـــــــول .
ـ واو . . ! ربما يجب أن أتعلم صيد السمك .
ضحكت ميرنا : (( كفى ! إذا مزقتمـــا حرشفة واحدة وأنت تحملها إلى
الخارج فسأقطــع رأسيكمــا .
التقط الرجلان جانيس بناء على تعليمات ميرنا وحملاهــا إلى
الشاطـــــئ .
أبعد وودي وينثرز نفسه عن كايرد بيترسون وأمــر الكاميرات أن
تستعد ثم أعطـى التعليمات لوضع جانيس في المكان المنـاسب عند حافة
الماء . . . الواضح أنه كان يراقب حركة الأمواج . . ووضعت جانيس في
مكان حيث تلمس المياه الــذيل برفق . ألقى نظرة على وضعيتها ثم أبعد
ذراعها التــــي تستند إليه إلى الوراء قليلاً بحيث أصبحت تجلـــس مــائلة
أكثر , ثم عاد إلى منصة الكاميرا ليتــأكد أن الزاوية صحيحة .
لم تنظر جانيس حولها . . مع أنها رأت الجموع واقفة خارج نطاق
الكاميرات , لكن كان من السهل أكثر أن تتظاهر بأن هذا أمر لا يعنيها ,
وتحرك فريق العمل حولها يمسح آثار الأقـــدام . عاد إليها وودي وينثرز
لاهثاً ووقف فوقها وعلى وجهه نظرة تجهم وتصميم .
ـ حسنــاً . . الأمر الآن بين يديك يا ابنتـي . . تبدين رائعة بما فيه
الكــفاية لتذهلــي المشاهدين على أي حــــال . ولكننـــي أريد أكثر من هذا . .
أمامك خمس دقائق للاندماج بالدور . . . وحباً بالله ! تفــاعلي معه .
ارتفعت أصابع جانيس إلى صدفة عط [ [ الخيال ] ] المعلقة حول
عنقها . . ونظــرت إلى البحر محــاولة صد كل ما في رأسها , كل الأفكـار
المؤلمة التي تعذبها . . وشيئاً فشيئاً طغى البحــــر على كل شــيء . . .
آكشــن ! .
لكن البحر كان فارغاً . . أنها بحاجة إلى شيء , إلى شخص ما
ليشاركهــا فراغ عالمها . . شخص يبعث فيها الحياة . كانت المشاعر في
أعماقها متوئبة للانطلاق والعطاء والمشاركة وهي ليست بحاجة لأكثــر
من لمسة واحدة مناســبة .
كانت اللمسة حين أتت ليدين دافئتين قويتين رفعتاها إلى ذراعين
متطلبتين احتضنتاها بتصميم . . . فشعرت غريزياً أنها تقاوم . إذ راحت
تدفع بذعر الكتفين القاسيتين و أحنت رأسها إلى الخلف تقاتل بيأس
لتتخلص من العناق الكرــــــــيه .
ـ اقــــطع ! .
بقيت تحفر تمردهــا بأظافرها حتى بعد أن أبعدها عنه . وصــــاح كايرد
بيترسون :
ـ أيتها السافلة ّ لقد أفسدت المشهد كله ! لماذا قاومتنــي ؟
فجأة وصل وودي وينثرز : (( اخرس بيترسون ! )) .
وأخذها بين ذراعيه , يدعمها بلطف .
قال كايرد محتجاً بغضب :
ـ لم تكن غلطتــي ! لقد انقضت علي كقطة الجحيم . . يالله ! قد
تظن أنــي كنت أحاول اغتصابها , أو شيء من هذا ! .
ارتجفت جانيس تخبئ وجهها في قميص صاحب الكرش .
تمتمت : أنا آســــــفة .
تلقت ربتة مواساة على رأسهـــا .
ـ لا تقلقي لشـــيء . . يمكننا اقتطاع هذا المشهد الأخيــر . . فالباقــي
كان رائعاً . . . ممتازاً ! وهذا كل ما يهم حتى الآن . . . سننتقل إلى
المشهد التالــي .
ترقرقت الدموع في عينيها . . وقالت بصوت مخنوق :
ـ لا أستطيع الاستمرار .
اشتدت ذراعاه حولهــا :
ـ بل تستطيعين : يجب أن تستمري . . يا إلهــي ! امرأة تتقمص الدور
كما فعلت الآن تستطيع القيام بكل شيء , هدئي روعك الآن بينما تعدك
ميرنا للمشهد الأخيــر .
عبث بشعرها بحنان وتشجيع ثم رفع صوته منادياً :
ـ ويذرس ؟ تحرك وعاملها بحذر ! إنها بضاعة غالية .
مرة أخرى , حملت جانيس عن الشاطئ وأغلقت أذنيها عن دمدمة
الأصوات من حولها . . لحسن الحظ أن مايكل ويذرس ومساعده بقيا
صامتين . وأنزلاها بعناية على قطعة القماش في المقطورة , وخرجا
بسرعـــــــة .
انطلقت ميرنا وينر بالعمل , تخلع عنها بسرعة ثوب الحورية ,
وساعدتها جانيس في لف الذيل البلاستيكــي , وإزالة الزي نفسه . . .
شعرت بالراحة لأنها تحررت من ذلك القيد غير المريح , لكنها لم تشعر
بالراحة المطلقة لأن أمامها محنة أخرى .
أصلحت ميرنا ببراعة وكفاءة المكياج على وجه جانيس . . ثم
أمسكت الثوب الأخضر وألبستها إياه . . كان الثوب نسخة مماثلة من زي
الحورية ما عدا الذيل . أعادت ميرنا العقد الصدف , وأصبحــت جانيس
مستعدة للمشهد الأخير . . ستعود حسب كل ما تتطلبه المظاهر
الخارجية . . لكنها لن تكون مستعدة أبداً للتجاوب مع كايرد بيترسون .
رافقها مايكل ويذرس إلى الشاطئ . . ونظرت جانيس خلسة إلى
الأشخاص المهمين . كانت ايفا آشتون تتحدث إلى وودي وينثرز , وكارا
مارثاين تثرثر مع كايد بيترسون الذي كان يضع على وجهه ابتسامة
اعتزاز بالنفس . عبست جانيس بألم وتركت نظرها يتجه إلى براند آشتون
الواقف بصمت بعيداً عن الآخرين يراقب تقدمها . ربت المخرج كتف
كايرد وانفصل عن المجموعة فأراحها بذلك من التحدث إلى أحد .
لاقاها ولف يده الكبيرة حول يدها وضغطها بطريقة تآمرية .
ـ جهد واحد بعد جانيس . . هذا كل ما نحتاج إليه . . سنكمل
المشهد من حيث تدفعين كايرد عنك . . ستجري الكاميرا على
جسدك لتلتقط لحظة تلامس أطراف أصابع قدميك بالرمال , ثم تصعد
مجدداً . ويجب أن يظهر جسمك مرناً مطـواعاً أمام تلك القطة الطويلة
قبل أن تنطلقــي .قالت بصوت جاف :
ـ دون عناق ! .
لاحظ وودي عاصفة التمرد في عينيها فوافقها على ما تريد .
ـ لا عناق . . . سندير الكاميرا ثلاثة أرباع الدورة لتبدوان متعانقين ,
ولن يؤثر هذا فيك .
تمتمت :
ـ سيساعدنــي هذا .
وصلا إلـى محاذاة المياه وهناك استلقت جانيس لتمثـل المشهد
الأخــير .
رتب وودي سيرها : (( انتظري هنا ! سأعطـي تعليمات لـ كايرد . .
سنجرب العناق لمرة واحدة , ثم نصور . . حسناً )) .
هزت رأسها . مضت عدة دقائق قبـل أن يعود ولم تنظر إليه لأنها لا
تريد أن تنظر إلى كايرد بيترسون . . ولا أي شخص آخـر
ـ حسناً . . فليكن العناق سريعاً ناعماً سهلاً .
أحست جانيس بعداء كايرد قبل أن تلتفت , ثم شعرت بيديه
تمسكــــــان خصرها بشـدة فنفذت تعليمات المخرج بأفضل ما تستطيع ,
محاولة تجاهـل الاشمئزاز الذي تشعر به .
ـ استرخـــي . . أيتها الساقطة البلهـــاء ! .
جاءت كلماته هسيســــاً ملؤه الحقد وراحت أصابعه تحفر بقسوة فــي
لحمهـــــا .
صاح به وودي وينثرز :
ـ أقفـــل فمك كايرد . . وأبقه مقفلاً ! قم بدورك كمــا قلت لك
بالضبط , وستقوم جانيس بدورها . . سأعد بشكل عكــسي حتى تستعد
جانيس . . وما إن أصبح , آكشن ! حتى تباشري .
بعدما تركهما بمفردهمــا حدق كايرد بيترسون إلى جسم المخرج
المنسحب , ثم إلى جانيس بــــــازدراء . . .
قال بصوت فظ : (( أتعرفين ما تحتاجين إليه . . أنت بحاجة لمن
يربطك في فراش حتى يذيب آخر ذرة ثلج فيك . . ويا إلهي كم أود لو
أكون أنـــــــا الفـــــاعل .
ـ خمسة . . أربعة . . ثلاثة . . .
وضعت يديها على كتفه وبدأت تضغط مبتعدة عنه . . ولكن كايرد
اغتنم الفرصة وشدهــا إليه وهو يرفعهـــا .
ـ اثنان . . واحد . . آكـــشن ! .
لا مجال لإقناع جانيس بإعادة هذا المشهد . . وهي مدفوعة بهذه
الفكـــرة وحدهــا , أكملت روتين الـتصوير بدقة .
ـ اقطــع ! .
صاحت جانيس بوجه كايرد وعيناها ترمقانه بشراسة :
ـ ارفع يديك عنــي فوراً ! .
اندست يداه حول جسمها بإهانة بطيئة وأخذ يلاعب جسدهــا وهي
تبتعد عنه فلم تستطع منع نفسهـــا من مهاجمته بأسنانها وأظافرها .
اقترب وودي وينثرز مسرعــاً وألقى الأوامر ليستعدا لتكرار المشهد
ثم تقدم نحو جانيس , ويقول بصوت ليس فيه أثــــر للرضــــا :
ـ حسناً . . ماذا تريدين غير هذا ؟ لا فائدة من هذا ! وتعرفين هذا
جيداً ! يجب أن تضعــي مشاعرك في المشهد . . فما المشكلــة الآن ! لا
جدوى من تصرفك كدمية ميكــانيكية . .
ردت بغضب :
ـ هذا كل ما ستحصــل عليه .
ارتدت على عقبيها تنوي الهرب , فأمسك وودي بذراعيها وأدارها
إليه .
ـ هل أنت مجنونة ؟ لا يمكنك رمـي كل شــيء أدراج لرياح ! لقد
أنهينا ثلاثة أرباع العمل . . مجرد جهد بسيط آخــر وسوف . . .
صاحت : لــــــــن أكمـــل ! .
كرر بعدم تصديـــق : لن تكملـــــي ؟
أمسك كتفيها وهزها وهو يصيح راعداً :
ـ بحق الله ! بل ستكملين ! وسنصور ذلك المشهد مراراً وتكراراً
حتى أحصل على ما أريد . لقد وقعت عقداً يا فتاة ! .
ـ لأن أحتمل أن يلمسني هذا الغيظ . . وابعد يديك عنـــي ! .
كانت تصيــــح وهي ترمـي يديه عنها . .
ـ ماذا بحق الله ؟
ـ مـــا المشكلة ؟ .
قطع صوت براد آشتون الحاد المتسلط حديثهما , فرفع وودي يديه
إلى الأعلى .
ـ إنها تتمرد وترفض التصــرف بشكل منطقي .
صاحــت جـانيس :
ـ منطق ! ليس هناك أي منطق في المنــاسبــة . . إذا اقترب هذا
الغوريلا القذر منـــي مرة أخرى , فســأتقيأ .
ــ بيترسون ؟ .
ارتدت نحو براند آشتون فكــــادت تنفجـر غضباً .
ـ أجل .. كايرد الخنزير الجليل بيترسون ! لقد اخترتم الحـــبيب
الخــيالي الرائع , المعتد بنفســه . . . ولكن ذلك الخيال على ما يبدو لا
يكفــيه آه . . لا ! طريقته بالتمثيل هي التهجم الجنســي . . هذا طرازه . .
وإذا ظننت أننــي سأتركـــه يمسنـي مرة أخرى .
قاطعها كايرد :
ـ اسمعـي الآن أيتها المتكبرة الباردة ! إذا كنت . .
ـ كفى بيترسون .
ـ لم أبدأ بعد . . إنها تدفعنــي عنها منذ البداية . . قل له هذا وينثرز !
هـي لا تعرف قواعد المهنة لتنفذ عناقاً بسيطــاً .
صاحت جانيس به :
ـ أنت بحاجة إلى ***** محترفــة لتتحمل عناقك .
ـ أيتهــا . . .
لا مجال للجدال مع لهجة براند آشتون الفولاذية . .
رفع صوته : ويذرس تعال إلى هنـــــــا .
سارع مايكل إلى الأمام , تلحق به كارا مارثاين . .
قال براند :
ـ تأكد من مغادرة السيد بيترسون الموقع فوراً . . . بيترسون . . لم
نعد بحاجة إلى خدماتك , وستندفع لك الأجــر المتفق عليه .
ـ مهلك لحـظــة . . .
ـ فـــــوراً ! .
سألت كارا مارثاين بحدة :
ـ لماذا يجب أن يترك العمـــل ؟ .
ـ هذا قراري كارا . . فلا تتدخـــلي . . أرجوك اذهب من هنا بيترسون
فلا فــائدة من الجدال .
سخــر كايرد بيترسون :
ـ حسناً . . . أنا راحــل ! لكنك ترتكب غلطة كبيرة , فهــي المشكلة لا
أنـــــــــــا ! .
لم يتأثر براند آشتون , وأظهر وودي وينثرز سخــطه عندما رأى كايرد
يبتعد .
ـ إلى أين سنذهب من هنـا ؟ لقد رأيت ما صورناه حتى الآن . .
كانت وكأنهـا مفسدة الملذات في المشاعر التي أظهرتها . . لقد دمرت ما
كان يمكن أن يكـــون . .
ـ لدينـــا رجل آخـــر . .
احتجت أختــه :
ـ رجل آخــر ! هل جننت براند ؟ سنحتاج إلى وقت طويل حتى
تحصل على رجــل آخر وإلى وقت أطول لإعادة المشهد كله . يومــان من
التصوير . . هذا ما قلته . ومن يقول إن الآنسة يونغ لن تعترض على
الرجل الآخر والآخــر ! لا يمكنك المضي بنزوتك هذه . . . هذا عناد
وجنون . . أعتقد أنها حصلت على فرصتــها . . أما أنت فاستنفذت
ميزانيتك وانتهى الأمــر .
ـ لدى كارا وجهة نظر صحيحة براند .
ارتد ليواجه أمه .
ـ لقد رأيت الفيلم ليلة أمــٍ . . وهو يستحق المضــي فيه .
قال وودي وينثرز :
ـ لن أرغب في هدر هذا الفيلم سدى . ويمكننــي تدبير وقت تصوير
إضافــي في برنامجــي بعد أسبوعين .
ـ أسبـــــوعين ؟
صاحت كارا بسخط : (( هذا محــال . . وحتى أنت لن تستطـــيع
المقامرة إلى هذا الحد براند )) .
ارتد بحــدة إلى وودي وينثرز :
ـ أيمكنك التصوير بطريقة مختلفة ؟ تقليل أهمية الرجل . .
أعرف أنه يجب أن يكون هناك , لكن التركيز كله يجب أن يكون على
جانيس . . ولا أظن أننــا سنخسر كثيراً إذا زدنا التركيز عليها . . وقد
يكون الرجل أياً كان بشرط أن يكون ضخــم البنية .
جاء الرد المتلهف :
ـ أن يكون مسانداً أكثر منه ممثلاً ! أجل . . يمكننــي القيام بهذا لكن ,
يجب أن نختــار بسرعة من يقوم بهذا ! إذا أردت الانتهاء هذه الليلة فسرعان
ما تتوارى آخر فلول الشمــس .
ارتد براند آشتون إلى جانيس :
ـ الأمر عائد إليك . . انظــري حولك واختاري رجلاً .
صاحت أخته ساخــرة :
ـ إذن نحن الآن بصــدد تمثيلية للهواة . إذا كانت لا تستطيع التعاون
مع ممثل محترف . . .
ـ اصمتــي كارا ! جانيس . . إنها فرصتك الوحيدة .
لم تكن جانيس قد استوعبت الجدال الدائر حولها . . فما إن أزيــح
كايرد بيترسون من أمامها حتى شعرت بجســدها كله مخدراَ وكانت تشعر
بالغثيان بحيث لم تهتم بما يجب أن تقرر . . لم تعد تهتم بالفيلم . .
بالمستقبل . . أو بمهنتها . كان اليومان الأخيران كابوســـاً من المشاعر
المتشابكــة المتشنجــة ولا تريد سوى التخلــص , من هذه المشـــاعر .
هي لا تريد فرصة أخرى , ففرصة أخرى تعنــي أن عليها التفتيش في
روحهــا عن المزيد من المشاعر التي استنفذت كلهــا . . . نظرت إلى براند
آشتون مرهقــة متعبة الروح , وفي عينيها ألم من الحمل الذي ألــاه على
عاتقــــــها .
قال بإصـــــــرار يحثهـــا :
ـ هيا جانيس . . اختـــــاري .
ســـعى عقلها إلى وسيلة نجــاة . ووجــد الوسيلة . . إنه خيار لن يقبل به
براند آشتون ! .
ـ ســـأقوم بالدور معك ! .
* * *
نهاية الفصــل (( الثامن )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:24 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.