آخر 10 مشاركات
الغرق فى القرآن (الكاتـب : الحكم لله - )           »          دَوَاعِي أَمْنِيَّة .. مُشَدَّدَة *مكتملة* ( كوميديا رومانسية ) (الكاتـب : منال سالم - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )           »          12- حصاد الندم - ساره كرافن (الكاتـب : فرح - )           »          رسائل بريديه .. الى شخص ما ...! * مميزة * (الكاتـب : كاسر التيم - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          [تحميل]فصليه لظالم وحش بقلم / سقين الشمري "عراقيه" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          إمرأة لرجل واحد (2) * مميزة و مكتملة * .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-11-10, 05:45 AM   #1

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 مـــــلاك حبـــي..رواية للكاتبة " إبتسامة ملاك"



.. مـــلاك حبي ..





" فاقد الشيء.. لا يعطيه "


هل سمعت هذه المقولة منقبل؟..بغض النظر ان كنت قد سمعتها ام لا..ما رأيك بها؟..ان أردت رأيي فأنا لا أؤيدهذه المقولة..ففاقد الشيء هو الذي يستطيع ان يعطيه ..لأنه الوحيد الذي شعر بألمفقدانه لهذا الشيء..وهو الوحيد الذي يمكنه ان يعوض من أمامه بالشيء الذي خسره ذاتيوم..فمن فقد حنانا ..يشعر بألم فقدانه ويمنحه لكل من حوله..ومن فقد حبا..يعوضه لمنفقده..لانه يشعر بحقيقة آلامه..أظنكم قد فهمتم ما اعنيه لكم..لذا أترككم مع الحكاية ..صحيح انها من محض الخيال..ولكن من يدري؟..ربما تحدث يوماما..

مقدمة :

ملاك هو اسمها..ملاك هي ملامحها..ملاك هي ابتسامتها..ملاك هي صفاتها..قلبها الكبير بحبالناس..لم يعرف معنى الكره ..معنى الكذب او الخداع..معنى الغرور والطمع..تخيلت إنهاتحيا في عالم لا وجود للشر فيه..عالم ملئ بالخير والحب..بالتسامح والطيبة..
هل أخطأت عندما عاشت على أفكارها تلك ؟..على صفاتها تلك..واي صدمة ستعيشها لو علمتبالواقع المر؟..هل سيستطيع أحد أن يمنحها حبا يساوي حبها لكل هؤلاء الناس؟..هلسيأتي يوم وترى الحب في عيون من حولها؟..وذلك الشخص الذي طالما تمنته والذي لميختفي من أحلامها لحظة ..يقترب منها وبهمس قائلا..(انت ملاك حبي)..(ملاك حبيانا)..




الجزء الأول
"هي.. وهو"




ابتسمت تلك الفتاة وهي تمشط شعرها الأسود الذي ينسدل على كتفيها بنعومة ورقة..وتتطلع الى نفسها في المرآة..كانت بيضاء البشرة..جميلة وبريئة الملامح.. تصرفاتها تجعلها اقرب الى الأطفال..مع انها قد تجاوزت سن الثامنة عشرة..
كانت أشبه بالملاك عندما تبتسم..ابتسامتها يمكن ان تذيب جبالا من الغضب الذي تعيش بداخلك..وكانت مدللة والدها وخصوصا بعد وفاة والدتها..وبعد ذلك الحادث المشئوم الذي أثر بالجميع فيما عداها هي لأنها كانت صغيرة السن لحظتها..لم تعلم بم يدور حولها..او بم يحدث..فطفلة لم تتعدى الثانية من عمرها كيف لها ان تدرك ان والدتها قد توفت في ذلك الحادث..وإنها هي..تلك الطفلة الصغيرة باتت سجينة هذا المقعد الى الأبد....
فبعد حادث السيارة المشئوم..أصيبت (ملاك)..الطفلة التي لم تتعدى الثانية من عمرها يومها..بالشلل..إثر إصابة بعمودها الفقري..
لكن هذا لم يؤثر بها كثيرا..فمن جهة والدها..يغدق عليها بلطفه وحنانه وحبه..ومن جهة أخرى هي لم تختلط بمن يماثلونها العمر ويشعرونها بعجزها..فقد كانت تحيا بمعزل تقريبا عن الآخرين..فهي تقوم بالدراسة بالمنزل..تحت إشراف مدرسين متخصصين..
التقطت ملاك تلك الزهرة الصغيرة وثبتتها بأحد أطراف شعرها ..وما لبثت ان سمعت صوت طرق الباب فقالت مبتسمة: ادخل..
دلف والدها الى الداخل وقال مبتسما وهو يميل نحوها ويلثم جبينها: كيف حال ملاكي اليوم؟..
قالت ملاك مبتسمة: في أحسن حال..ماذا عنك يا ابي؟..
قال وهو يهز كتفيه: لاشيء..عمل في عمل..
ومن ثم لم يلبث ان ابتسم وهو يغمز بعينه: وهذا ما دعاني لأعود في سرعة الى صغيرتي الغالية..
قالت وهي تفكر: ابي..لم يبقى على رأس السنة الميلادية شيء ونحن لم نقم بالتجهيز لها..
قال في هدوء: لا يحتاج الأمر لكل تلك التجهيزات..سوف نقوم بتزيين المنزل بالإضافة الى شراء بعض الحلويات..
قالت في سرعة: لا أريدها ان تكون كالعام الماضي ..أريدها ان تكون مختلفة ومميزة..
مسح على شعرها وقال: حسنا وما رأيك..ما الذي سيجعلها مميزة هذا العام؟..
قالت برجاء: ان ندعو اليها ابناء عمي ..
عقد والدها حاجبيه وقال: الم نتحدث في هذا الموضوع كثيرا يا ملاك؟..اطلبي أي شي الا هذا..
قالت متسائلة: ولماذا؟..في كل مرة ترفض البوح لي بالأمر ..إنني لم أرهم منذ ان كنت في السادسة من عمري وبعدها لم أرهم ابدا..
قال وهو يزفر بحدة: لا تسأليني عن السبب..نحن هكذا نعيش براحة بمعزل عنهم..
قالت ملاك برجاء: الى متى يا ابي؟..الى متى؟..لابد ان يأتي يوم ونضطر لأن نكون معهم..ففي النهاية عمي هو أخيك ..وابناءه بمثابة ابناء لك..
صمت والدها وهو يعلم انها على حق..ولكنه لم يعد يزور اخيه وانقطعت بينهم كل أواصر العلاقات..وهذا قبل اثني عشر عاما..أسباب عديدة دفعته لقطع تلك العلاقة..اولها كان..إصرارهم بزواجه..انه ابدا لا يفكر باحضار امرأة الى هذا المنزل لتكون بمثابة زوجة اب لابنته..ثم لا يريد ان تشعرها بعجزها وخصوصا وهو يعلم بحال ابنته وبأي آثار قد يسببه جرح مشاعرها..وإشعارها بالواقع الذي تحياه..
والسبب الثاني هو انهم دائما ما يشعرونه بعجز ابنته ويحاولون التلميج بهذا لها.. يحاولون دائما الإشارة انها لن تعيش كباقي البشر .. دون عمل ..و دون قدرة على فعل شيء ..يستكثرون عليها هذه الحياة التي تحياها .. ويطمعون بكل قطعة نقدية تمتلكها وكأنها لا تمتلك الحق في الحياة لمجرد عجزها..انهم لا يفهمون انها ابنته..حياته كلها ..ولو طلبت نجمة في السماء لأحضرها لها.. ولهذا لا يريد لأي من اخوته او أبناءهم ان يعودوا للظهور في حياته ..لا يريدهم ان يجرحوا ابنته ولو بكلمة..انها ملاك..الا يفهمون..؟..
(ابي الى اين ذهبت؟..)
قالتها ملاك لتنتزع والدها من أفكاره..والتفت لها ليقول بابتسامة باهتة: أفكر في صغيرتي الغالية وماذا اشتري لها بمناسبة رأس السنة..
- لا أريد إلا ما أخبرتك به..
قال متجاهلا عبارتها: أتعلمين يا ملاك ..اليوم وانا اقود السيارة شاهدت متجرا للمجوهرات..دلفت اليه ولم استطع مقاومة ان اشتري هذا لملاكي الصغير..
قالها وهو يخرج قلادة من جيبه ويهبط الى مستواها ويرفعها أمام ناظريها..اتسعت ابتسامتها وهي تلمح تلك القلادة الذهبية التي كانت عبارة عن شكل لقلب وبداخله يتوسط قلب اصغر غير ثابت ومتأرجح..وقالت بسعادة: هذا لي..
اقترب منها والدها وقام بوضع القلادة حول رقبتها..وقال مبتسما: ما رأيك بها؟..
قالت بفرحة : اقترب مني يا أبي..
اقترب منها وقال: لم؟..
سقطت بين ذراعيه وقالت: احبك يا ابي ..احبك..
ضمها والدها اليه بحنان شديد..وهو يفكر بالمستقبل المجهول الذي ينتظر ابنته التي لا تعرف عن العالم شيئا...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
على طرف آخر وفي مدينة اخرى..وفي ذلك المنزل الكبير الذي كان اشبه بالقصر..هتفت تلك الفتاة قائلة بانزعاج: (مازن)..اعد الي أحمر الشفاه..
قال مازن وهو يبتسم بسخرية: لا يوجد لدينا فتيات يضعون احمر شفاه..
قالت بحنق: انها حفلة..ماذا تريدني أن أضع اذا؟..
قال وهو يميل نحوها: يكفيك ما تلطخين به وجهك من ألوان..
قالت بغضب وهي تمد يدها اليه: أعدها الي..
قال وهو يلوح بأحمر الشفاه في وجهها ليغيظها: وإذا لم افعل يا آنسة (مها)؟..
قالت بانفعال:سأخبر والدي..
قال بعدم اهتمام: اخبريه..
اسرعت مها تهبط درجات السلم وتتوجه نحو والده الذي كان يحتسي كوب القهوة في الردهة الرئيسية..وسمع صوت ابنته مها وهي تقول: والدي..يجب ان تجد حلاً مع مازن..
التفت لها وقال: وماذا به شقيقك ذاك؟..
قالت بحنق: لقد أخذ احمر الشفاه الخاص بي.. ويرفض إعادته لي..
قال والدها بضجر: وليس لي عمل غير فض الخلافات بينك وبين أخيك..
قالت بسخط: هو من بدأ..
جاءها صوت مازن وهو يقول: بل هي..تود وضع احمر شفاه في حفل ساهر..لا تزال طفلة على مثل هذا الأمور..
قالت بحدة: انت الطفل..
قال والده بملل: ألم تكبر على مثل هذا الأمور يا مازن؟..لقد تجاوزت الخامسة والعشرين..
قالت مها وهي تعقد ساعديها وقالت: أخبره بذلك يا والدي..وقل له ان يعيد أحمر الشفاه الخاص بي..
قال مازن مبتسما: سأعيده ولكن بشرط..
التفتت له فأردف: ان تعرفيني على احدى صديقاتك بالحفل..
قالت وعيناها متسعتان: لا بد وان عقلك قد اصابه خلل ما..
تطلع الى احمر الشفاه الذي بيده وقال: فليكن اذا.. لا تحلمي ان تري هذا مرة اخرى.. ودعيه الآن قبل ان يصل الى سلة المهملات..
قالت باحتجاج: لا تفعل هذا.. انه باهض الثمن..
- أمامك حلان إما احمر الشفاه او أحدى صديقاتك؟..
مطت شفتيها وقالت: فليكن سأعرفك على إحداهن.. أعدها لي الآن..
كاد أن يعطيها إياه ولكنه تراجع قائلا: أقسمي أولا..
قالت بضجر: اقسم على ذلك..هل ارتحت؟.. هيا اعطني إياه..
قدم لها أحمر الشفاه.. فاختطفته منه في سرعة وعادت أدراجها الى الطابق الأعلى..اما والده فقد تطلع اليه بضيق ومن ثم قال: الا تخجل من نفسك يا مازن من ان تطلب من أختك أن تعرفك على إحدى صديقاتها؟.. وأمامي أيضا..
هز مازن كتفيه ومن ثم قال: انها مجرد صداقة بريئة يا والدي.. وجميع الفتيات اللواتي اعرفهن يعلمون مسبقا اني لن ارتبط بإحداهن.. أنا لم اخدع أحدا.. جميعهن يعرفن حدود العلاقة التي بيننا..
قال والده بضيق: ألا ترى إن هذه العلاقات لا تصلح لشاب مثلك؟.. ألا تفكر في الاستقرار؟..
ابتسم مازن وقال: أن كنت تعني الزواج.. فكلا.. لا أفكر به مطلقا..
هز والده رأسه بضيق اكبر وقال: انظر الى أخيك انه لا يتصرف مثل تصرفاتك..على الرغم من انه شقيقك الأصغر..
قال مازن بسخرية: (كمال).. انه لا يبالي بشيء ابدا.. انظر اليه على الرغم من اننا سنغادر بعد قليل.. فلم يحضر حتى الآن..
- اتصل به لتعلم اين هو اذا..
التقط مازن هاتفه ليتصل بكمال ولكن قبل ان يفعل سمع صوت الباب الرئيسي وهو يُفتح.. فابتسم مازن بسخرية وقال: لابد وانه قد ترك أصدقائه من اجلنا أخيرا.. وقرر الحضور..
التفت والده الى حيث كمال وقال وهو يعقد حاجبيه: لماذا تأخرت يا كمال؟..
قال كمال بلامبالاة: لقد نسيت أمر حفلة الليلة.. ولم أتذكر إلا قبل وقت قصير..
عقد والده حاجبيه وقال باستنكار: وهل هذا أمر يستطيع المرء نسيانه يا كمال؟..
هز كمال كتفيه ومن ثم قال: لقد نسيته وانتهى الامر..
قال الوالد بعصبية وهو يلتفت الى مازن: استدعي شقيقتك لنغادر .. فلو تناقشت معكم اكثر من هذا.. قد اصاب بمرض القلب..
ألقى مازن نظرة حانقة على كمال الذي بدا غير مباليا أبدا بما يحدث حوله.. ومن ثم عاد ليهتف مناديا مها: مها.. أسرعي سنغادر بعد قليل..
سمع صوتها من أعلى الدرج وهي تقول بصوت عالي: سوف آتي .. دقيقة واحدة فقط..
وما لبثت ان هبطت بعد قليل.. ليغادروا جميعا المنزل.. متوجهين إلى الحفلة المنشودة...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
شعرت ملاك التي كانت تنام بهدوء في غرفتها بلمسات حانية تداعب وجنتها ..فهمست قائلة: أريد ان انام..
سمعت صوت والدها يقول: هيا استيقظي ايتها الكسولة..
فتحت عينيها ببطء وارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وهي تقول : ابي.. الم تذهب الى عملك اليوم؟..
هز رأسه نفيا.. فسألته قائلة وهي تعتدل جالسة: ولم؟..
قال والدها بهدوء: هذا ما جئت لأحدثك عنه..
تطلعت ملاك اليه بحيرة وقالت: وما هو الذي جئت لتحدثني عنه؟..
مسح على شعرها بحنان ومن ثم قال: أنت تعلمين إن أعمالي كثيرة داخل وخارج البلاد.. واليوم قد حدث أمر طارئ يستدعيني للسفر..
عقدت ملاك ساعديها امام صدرها وقالت بضيق: ليس مرة اخرى يا والدي.. ستتركني وتسافر..
زفر والدها قائلا: وماذا عساي ان افعل يا ملاك؟.. انني مضطر صدقيني والا لما غادرت البلاد وتركتك..أتظنين إن أمرا بسيطا قد يجبرني على تركك وحدك.. لا إن الأمر اكبر من هذا وعلي أن أكون هناك لأستطيع تدارك أي خطأ قد يحدث..
أشاحت بوجهها عنه وقالت وهي تشعر بغصة في حلقها: في المرة الماضية ايضا تركتني.. هنا لوحدي.. لا اجد ما افعله.. سوى التحدث الى نفسي..
قال والدها بحنان وهو يضمها الى صدره: ملاك يا صغيرتي.. لا تقولي هذا.. انت اكثر من يعلم انني اتضايق عندما اراك حزينة..
أمسكت ملاك بسترته وقالت برجاء: اذا خذني معك .. أرجوك..
ربت على ظهرها وقال بأسف: ليتني استطيع.. سأكون منشغلا طوال الوقت.. وسأضطر لانتقال من مكان الى آخر.. وقد لا استقر في مكان ما الا بعد ايام من وجودي هناك..
ابتعدت ملاك عن والدها وقالت وعيناها متسعتان: ايام؟؟.. اتعني انك ستغيب كثيرا هذه المرة.. وستتركني وحيدة هنا..
- اسبوع لا اكثر..
ترقرقت الدموع في عينيها وقالت بحزن: لقد سأمت البقاء لوحدي يا ابي .. لا اريد ان ابقى لوحدي مرة أخرى.. اريد ان اجد من اتحدث اليه..
قال والدها بحنان وهمس وهو يمسح تلك الدموع التي سالت على وجنتيها: لا أريد أن أرى هذه الدموع.. تعلمين إني لا اتأثر الا عندما أرى دموعك..
قالت ملاك بإصرار: أريد أن آتي معك..
- ليتني أستطيع يا ملاك..
صمتت ملاك بحزن وهي تشعر بأن الماضي سيتكرر وتظل وحيدة من جديد.. كل عام يغادر والدها البلاد.. ليومين او ثلاثة ويتركها وحيدة.. ولكن هذه المرة سيغادره لأسبوع كامل.. لا تستطيع ان تبقى في المنزل مع عدد من الخدم فقط.. تريد ان تتحدث الى احد يفهمها وتفهمه..
وقال والدها بابتسامة: ستكون معك السيدة (نادين).. وهي المسئولة عنك كما تعلمين فلا تقلقي لن تحتاجي لأي شيء في غيابي..
قالت ملاك بحزن: لا أريد ان أبقى وحيدة..
شعر والدها بالعطف تجاهها وقال وقد احس انه يمكن ان يوافق على أي طلب تطلبه.. وهو يراها في حالتها هذه: ما الذي تريدينه اذا؟..
التفتت له ومسحت دموعها في سرعة لتقول: اريد ان اذهب لمنزل عمي للبقاء عندهم..
قال والدها في عدم تصديق ودهشة: منزل عمك؟..انت لا تعرفين احدا منهم ابدا..
قالت ملاك وهي تعض على شفتيها بالم: على الاقل سأجد من اتحدث اليه هناك..
قال والدها بحزم: ملاك.. كل شيء إلا هذا.. أنا لا أريد لك أن تذهبي إلى هناك وتختلطي بهم لأن...
قاطعته ملاك برجاء: أرجوك يا أبي.. لن اطلب شيئا آخر سوى هذا.. أرجوك..
رق قلب والدها وهو يراها تتوسل إليه.. وشعر انه ربما اخطأ عندما جعلها بمعزل عن الآخرين.. قد يكون ذلك في صالحها.. ولكنه أيضا سبب لها الشعور بالوحدة.. الشعور بأن ليس لديها أصدقاء ممن يماثلونها العمر.. وقد يكون ذلك سببا في عدم إدراكها لطبيعة البشر من حولها..
وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي والدها ليقول: كما تشائين يا صغيرتي.. سأفعل لك كل ما تريدينه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلع والد مازن الذي كان يجلس خلف مائدة الطعام الى المقعد الفارغ وقال متسائلا: اين كمال؟..
اجابته مها التي كانت تجلس بجوار والدها: لا يزال نائما..
قال والدها بضيق: انها الثانية ظهرا.. أي نوم ينامه الى الآن؟..
قال مازن الذي جلس على الطرف الآخر للمائدة: الم اخبرك انه لا يبالي بأي شيء؟..
قالت مها بحنق: على الاقل هو ليس مثلك.. دائم الشجار معي..
قال مازن بابتسامة: أنا أقوم بتسليتك.. فلو لم أكن أتشاجر معك لشعرت بالملل..
قالت مها وهي تتناول القليل من طبقها: الملل لدي افضل الف مرة من شجار واحد معك..
ضحك مازن وقال:ألأني المنتصر دائما في هذا الشجار؟..
مطت شفتيها بضيق ولم تجبه..وكاد أن يهم بقول شيء ما.. لولا ان ارتفع صوت رنين هاتف المنزل.. فقال والد مازن وهو يواصل تناول طعامه: اجب يا مازن على الهاتف..
ابتسم مازن وقال وهو يتطلع الى مها: اجيبي يا مها على الهاتف..
قالت مها بحنق: ابي قد طلب ذلك منك انت..
قال بسخرية: عليك الامتثال لاوامر شقيقك الاكبر..
قالت بتحدي: وعليك انت الامتثال لاوامر والدك..
قال والده بغضب: الا تحترمون وجودي حتى؟..
نهض مازن من مكانه وقال وهو يزفر بحدة: سأجيب يا والدي على الهاتف .. لا داعي لكل هذا الغضب.. لقد كنت امزح فحسب..
قالت مها بصوت خفيض وحانق: مزاحك ثقيل جدا..
توجه الى الردهة الرئيسية حيث الهاتف ليرفع سماعته ويجيب قائلا: الو.. من المتحدث؟..
تسائل الطرف الآخر قائلا: هل هذا هو منزل السيد امجد محمود؟ ..
اجابه مازن قائلا : اجل هذا منزله .. من المتحدث؟..
- انا خالد .. شقيقه..
قال مازن بحيرة: هل انت عمي خالد حقا؟..
قال خالد بابتسامة باهتة: اجل ..وانت من تكون؟ ..مازن ام كمال؟..
ابتسم مازن وقال : انا مازن يا عمي.. كيف حالك؟.. لم نرك منذ مدة طويلة..
- انا بخير.. هل لك ان تنادي لي والدك؟..
استغرب مازن رغبته في ان ينهي المحادثة معه سريعا ولكنه لم يفكر بهذا طويلا وقال بهدوء: حسنا سأفعل..
والتفتت الى حيث والده ليهتف بصوت مرتفع: والدي.. عمي يريدك على الهاتف..
نهض والده من خلف طاولة الطعام التي كانت تحتل ركنا من الردهة وقال متسائلا: أي عم تعني؟..
قالها وهو يقترب من حيث يقف مازن في حين اجاب هذا الاخير وهو يتطلع الى والده: انه عمي خالد..
توقف والده فجأة وقد سيطرت عليه الدهشة والاستغراب.. فشقيقه خالد لم يتصل منذ فترة طويلة تجاوزت العام والنصف.. واتصالاته كانت تنحصر على أمر يتعلق بالعمل.. او امر مهم ما..فلابد ان امر ما قد حدث حتى يتصل به..وواصل طريقه ليلتقط السماعة من مازن ويجيب قائلا: اهلا خالد.. كيف حالك؟..
هز مازن كتفيه بلامبالاة وسار مبتعدا عن المكان في حين أجاب خالد قائلا ببرود: بخير..
قال والد مازن كمن اعتاد على هذه النبرة من شقيقه : وكيف حال ملاك؟..
توقف مازن في تلك اللحظة عن السير.. ملاك؟؟.. هل لعمه ابنة؟.. لم يعرف هذا حتى الآن.. انه يستغرب عدم حديث والده عن عمه خالد بالذات.. ويستغرب هذه القطيعة بين والده وعمه.. وعقد حاجبيه وهو لا يزال واقفا في مكانه منصتا لما يقال..
وعلى الطرف الآخر قال خالد بهدوء: وهذا ما جعلني اتصل بك..
قال أمجد -والد مازن- بحيرة: ماذا تعني .. هل اصابها مكروه؟..
ازداد انعقاد حاجبي مازن.. الآن هو قد فهم من هذه المحادثة ان هناك فتاة تدعى ملاك.. وربما تكون ابنة عمه.. وابيه يتحدث عن مكروه.. وكأنها من المحتمل ان تصاب به في أي لحظة.. لكن.. لماذا؟..
قال خالد بحدة على الرغم منه: ملاك على ما يرام .. فلا داعي لان تتمنى لها ان تصاب بأي مكروه ..
قال امجد بهدوء: خالد.. انت تعلم جيدا انني لست كباقي اخوتك.. وانا الوحيد فيهم الذي عارضهم على ما يفكرون به تجاه ابنتك.. اليس هذا صحيحا؟..
قال خالد وقد هدأت حدة صوته: ولهذا اخترتك انت بالذات.. ولكن اعلم جيدا يا شقيقي العزيز انهم لو طلبوا منك أي شيء لتضر ابنتي لما تأخرت..انت لا تستطيع ان ترفض لهم مطلبا واحدا وهم شركائك.. اليس كذلك؟..
قال امجد بلامبالاة: لا فائدة منك.. على الرغم من كل ما فعلته من اجل ابنتك قبل اثني عشر عاما..
ازدادت دهشة مازن وهو يستمع لكل هذه الأمور التي اخذت تتدفق من بين شفتي والده.. اذا ملاك هي ابنة عمي حقا..وهناك شيء قد حدث قبل اثني عشر عاما أدى إلى هذه القطيعة بين عمي خالد والبقية من أشقاءه..وأبي هو الوحيد الذي عارضهم على ما يفكرون به تجاه ابنة عمي.. ولكن بم كانوا يفكرون بالضبط؟.. أو ما الذي ينون عليه؟..
قال خالد بهدوء: قبل أي شيء يا امجد اطلب منك ان تعدني.. او ان تمنحني كلمة منك.. ان ابنتي ستكون على مايرام ولن تتأذى من قبل أي منكم سواء بمضايقتها او بالتلميح لها..
قال امجد موافقا: أمنحك كلمة شرف ان ابنتك ستكون على مايرام ولن يجرؤ احد على الاقتراب منها حتى لو كانوا ابنائي نفسهم..واقسم على ذلك ايضا..
واردف بتساؤل: ولكن لم تطلب مني ذلك؟..أهناك امر ما قد حدث؟..
- انت تعلم بأعمالي العديدة.. وان علي ان اسافر بين الحين والآخر حتى أنجز أعمالي بالخارج..وفي كل مرة اترك ملاك فيها ليومين او ثلاثة.. ولكن هذه المرة الفترة قد تطول الى ما هو أكثر من ذلك.. ربما أسبوع او أكثر بقليل.. وعندما أخبرتها بالأمر صدقني لم أراها في حياتي حزينة كما رأيتها في تلك اللحظة وهي تطلب مني ان آخذها معي..
تساءل امجد بقليل من الدهشة: وهل وافقت؟..
اجابه خالد قائلا: بكل تأكيد لا.. الأمور لا تستقر الا بعد فترة من الوقت كيف لي ان اتركها وحيدة كل هذا الوقت .. وفي الوقت ذاته لا استطيع ان اتركها لمفردها في المنزل.. لهذا فقد كنت انت بمثابة الحل الوحيد..
قال امجد بهدوء: انت تعني ان تاتي لتبقى عندي في وقت غيابك .. اليس كذلك؟..
- بلى واعِلم انها هي من طلبت مني ذلك.. انها تشعر بالوحدة لمفردها وتتمنى ان يكون لها أصدقاء.. وحسبما اذكر فابنتك مها بمثل عمرها تقريبا.. لهذا ارجو ان لا يخيب ظنها بما تتمنى رؤيته في منزل عمها..
قال امجد بحزم: بيت عمها هو بيتها الآخر.. فلا داعي لاي تلميحات..
- على العموم سترافقها السيدة نادين.. ولن تكون بحاجة لأي شيء..
- ابنتك مرحب بها في أي وقت..
- سأحضرها غدا صباحا وأرجو ان تكون عند وعدك..
- لا تقلق سأكون كذلك واكثر..
- الى اللقاء..
اغلق امجد سماعة الهاتف وقال بضيق: لا يزال يضعني في دائرة الاتهام على الرغم من اني كنت اقف بجانبه هو وابنته دائما ..
سأله مازن بعتة والذي بدأ يفهم بعض الشيء من الحديث الذي دار بين والده وعمه: ابي من هي ملاك؟.. وهل هي سبب القطيعة بينك وبين عمي خالد؟..
التفت له والده وكأنه قد تنبه الى وجود مازن للتو وقال وهو يعقد حاجبيه: هل كنت تستمع لما اقوله؟..
هز مازن كتفيه وقال: ليس تماما.. ولكن الحديث عن هذه الفتاة اثار دهشتي وخصوصا وانك لم تتحدث عنها ابدا..
زفر والده بحدة وقال: اجل هي ابنة عمك.. وهي سبب القطيعة التي بيننا..
تسائل مازن بفضول: ولماذا؟..
صمت والده للحظات ومن ثم قال: لا داعي لأن نفتح صفحة الماضي.. الامور هكذا افضل..
ومن ثم توجه الى احدى الخادمات ومازن يراقبه بحيرة.. وسمع هذا الاخير والده وهو يقول لتلك الخادمة: جهزوا غرفة النوم التي بالطابق الارضي قبل الغد..
أومأت الخادمة برأسها وابتعدت.. في حين شعر مازن بحيرته تزداد.. فمن الغريب ان يطلب والده تجهيز غرفة نوم بالطابق السفلي على الرغم من ان لديه غرف نوم اكثر بالطابق الاعلى.. فما فهمه من حديث والده ان ابنة عمه ستأتي للبقاء عندهم لفترة من الوقت ريثما ينهي عمه أعماله بالخارج.. ولكن لم اختار والده الغرفة الموجودة بالطابق الأرضي بالذات؟..هل يريد ان تكون ابنة عمي بعيدة عنا ام ماذا؟! ..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(ملاك توقفي عن البكاء يا صغيرتي)
قالها خالد والد ملاك بحنان وهو يتطلع الى هذه الأخيرة التي جلست الى جواره على المقعد الخلفي للسيارة ولم تتوقف عيناها عن ذرف الدموع وهي تشيح بوجهها لتتطلع الى من النافذة بألم ..واردف والدها ليقول بصوت هادئ: انها ليست المرة الاولى التي اسافر فيها يا ملاك.. لا تبكي هكذا يا صغيرتي وكأني لن اعود اليك..
قالت ملاك من بين شهقاتها: ولكنها المرة .. الأولى التي ..تتركني لوقت طويل..
مسح على شعرها وقال بابتسامة: أريد أن أرى ابتسامة على الأقل قبل ان أسافر.. حتى اشعر بالراحة وأنا مسافر.. لا أريد ان أتركك وانا اشعر بالقلق عليك..
التفتت له وقالت بعينين مغرورقتين بالدموع: كيف ابتسم وقلبي يبكي بدموع من دم على فراقك يا ابي ..كيف؟..
التقط والدها من جيبه منديلا وشرع يمسح دموعها برفق وحنان وقال بابتسامة مغيرا دفة الحديث لينسيها القليل من احزانها: الا زلت مصرة على الذهاب الى منزل عمك؟..
قالت ملاك بعناد طفولي: بكل تأكيد على الاقل سيكون هناك من اتحدث اليه من اخبره باحاسيسي.. برغباتي.. لا ان أكون كالتائهة لا اعلم الى من اتحدث او الى أي شخص اشكي همومي..
قال والدها وهو يربت على كتفها: سأتصل بك يوميا ويمكنك ان تشكي لي ما اردت.. اخبريني ماذا تريدين ان احضر لك معي..
تنهدت وقالت وهي تنظر اليه: ما يهمني هو سلامتك يا ابي..
قال مبتسما بمكر: الا تريدين أي شيء حقا؟..
وجدت نفسها تبتسم وتقول: بلى اريد..
واردفت قائلة: اريد ان تجلب لي معك طيرا..
قال بحيرة: يمكنك شراء ما تريدين يا صغيرتي من هنا .. سأمنحك المبلغ الذي تريدين و...
قاطعتها قائلة وهي تهز رأسها نفيا: لا.. لا اريد شراءه من هنا.. بل اريده ان يكون على ذوقك.. ويكون مميزا حتى اتذكرك كلما غبت عني..
قال والدها بحب وهو يحيط كتفها بذراعه ويضمها اليه: لك ما شئت يا صغيرتي..
عقب قوله توقف السيارة.. وسمعا صوت السائق وهو يقول: لقد وصلنا يا سيد خالد..
التفتت ملاك في سرعة الى منزل عمها.. وفغرت فاهها بدهشة .. والتمع في عيناها بريق اعجاب وهي تقول: اهذا هو منزل عمي حقا؟..
فما امامها لم يكن اشبه بالمنازل التي رأتها.. بل كان اشبه بالقصور.. ببوابته الكبيرة.. وضخامة بناءه وروعة تصميمه .. وحديقته التي كانت ترى منها القليل فقط.. وان كانت تشعر بمساحتها الكبيرة..وازدردت لعابها لتتغلب على دهشتها وتشير الى المنزل باصابع متوترة بعض الشيء: اهذا منزل عمي حقا؟؟..
قال والدها بابتسامة باهتة: لا تخدعك المظاهر يا صغيرتي..
- ماذا تعني يا ابي؟..
قال بهدوء وهو يلتفت عنها: قد يبدوا لك المنزل جميلا من الخارج ولكن ماذا عن الداخل؟..
كان يعني بقوله اصحاب ذلك المنزل.. ولكنها لم تفهمه وظنت انه يعني المنزل بتأثيثه الداخلي.. وقالت مبتسمة: اكثر جمالا بكل تأكيد..
ابتسم وقال متحدثا الى نفسه: ( لن يمكنك فهم ما اعنيه ابدا يا صغيرتي.. لانك لم تكن لك اية علاقات الا معي ومع السيدة نادين..اشعر بالخوف تجاهك من كل ما حولك.. وكل ما يحيط بك.. كيف يمكن ان تواجهي العالم لو لم اكن انا موجودا .. كيف لك ان تواجهي جشع اعمامك ومكرهم .. كيف لك ان تواجهي خبث الناس من حولك.. هل اخطأت يا صغيرتي عندما ابعدتك عن الناس خوفا من ان يجرحوا مشاعرك؟ .. هل هذا هو خطأي انا؟..)
وتطلع الى المنزل وهو يتمنى من كل قلبه ان يعاملها اخيه وابناءه كما يتمنى هو او كما تتمنى هذه الملاك الصغير.. لو جرحوا مشاعرها لمرة فما الذي قد يحدث لها.. لو حاولوا ان يلمحوا يوما عن عجزها.. كيف ستتصرف؟..
ووجد نفسه يتردد في ان يترك ملاك عند اخيه .. ولكن حماسة ملاك المفاجأة جعلته يتراجع عندما سمعها تقول بسعادة: ابي اريد ان ارى المنزل من الداخل ايضا.. متى سنهبط من السيارة؟ ..
قال والدها بابتسامة شاحبة بعض الشيء وهو يفتح الباب المجاور له: الآن يا صغيرتي..
واردف وهو يتحدث الى السائق: افتح صندوق السيارة..
اسرع السائق ينفذ الامر.. فخرج خالد من سيارته وتوجه الى خلف السيارة ليلتقط ذلك الكرسي المتحرك الذي اصبح رفيق ملاك الدائم.. وفرده ليحركه الى جانب الباب المجاور لملاك.. وفتح الباب ليقول بابتسامة: هل اساعدك؟..
قالت مبتسمة: لقد اعتدت هذا.. صدقني..
قالتها وهي ترفع نفسها قليلا من على مقعد الكرسي باستخدام كلتا ذراعيها.. وتوجه ثقل جسدها الى الكرسي الموضوع بجانب السيارة..واستقرت عليه .. فابتسم والدها وهو يدفع المقعد قليلا ويغلق باب السيارة والتفت الى السائق قائلا: انتظرني هنا ريثما اعود..
عاد السائق ليومئ برأسه.. فدفع خالد مقعد ملاك امامه.. وابتسم يشرود وهو يتطلع الى المنزل الموجود امامه.. وتوقف لوهلة وهو يقول: هيا يا سيدة نادين..
كانت نادين سيدة تجاوزت الثامنة والثلاثين.. طيبة القلب وتهتم بكل شئون ملاك.. وهذا ما كان عزاءه في محنة ابنته.. ان تجد القلب الذي يعطف عليها.. وتكون كأم او اخت لها..
خرجت السيدة نادين من السيارة وهي تحمل حقيبة متوسطة الحجم وقالت في سرعة : في الحال يا سيد خالد..
وابتسمت ملاك ابتسامة تحمل ما بين السرور والقلق..القلق مما قد يصادفها خلف ابواب ذلك المنزل.. ضمت معطفها الى جسدها وتساءلت بالرغم منها متحدثة الى نفسها : (هل سيكون العيش بمنزل عمي كما تخيلته وتمنيته؟ .. أم أني سأنصدم بالحقيقة القاسية ؟)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 11-10-13 الساعة 03:52 PM
فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 05:54 AM   #2

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

الجـزء الثاني

" ..هناك
.."


قالت مها بحنق وهي تشير الى باب غرفتها: هلاّ خرجت يا مازن والا ناديت
لك والدي الآن..
قال بسخرية: لم اثر جنونك بعد..
قالت بحدة: اخرج .. اخرج الآن..
هز كتفيه وقال: على كل حال كنت سأخرج لان لدي موعد مع صديق لي.. لذا.. مع السلامة يا اختي العزيزة..
توجه إلى الخارج ليسير في الممر ومن ثم يهبط درجات السلم .. وتوقف بغتة وهو يستمع صوت رنين جرس الباب..ورأى الخادمة وهي تتوجه الىالباب وتفتحه..ومن ثم سمعها تقول: تفضل يا سيد خالد بالدخول..
عمه خالد هنا؟..ياللغرابة انه لم يزرهم منذ مدة طويـ.. لحظة.. كيف نسي هذا؟.. عمه اتصل بالأمس من اجلابنته ..صحيح!..لقد قال انه سيأتي غدا ليصحب معه ابنته الى هنا.. كيف نسي هذا؟..
وتطلع الى الباب وهي ينتظر ظهور ابنة عمه المرتقبة بلهفة..ترى كيف شكلها؟.. هل هي جميلة ام لا؟.. وكم عمرها؟ .. إذا كان ما حدث قبل اثني عشر سنة.. يعني ربما تكون هي الآن على الاقل ذات أربعة عشرة عاما.. ابتسم لنفسه بسخرية.. قدتكون ابنة عمه التي ينتظرها طفلة ليس الا.. يا لغباءه.. ايظن انها يجب ان تكون فتاةفي العشرين من عمرها و...

((
انا لست طفلة))..
((كمال.. دعهاوشأنها))

اتسعت عيناه وهو يشعر بغرابة ما جال بباله.. ما هذه الكلمات التي
دارت بذهنه.. بل من قال هذه العبارات.. يشعر انها مدفونة في عقله منذ زمن طويل.. ماباله؟.. ما الذي يقوله الآن؟..
ورفع عيناه ليتطلع إلى عمه خالد الذي دلف إلىالداخل وأخذت عيناه تجول بحثا عن ابنة عمه.. ورأى السيدة نادين وهي تدخل حاملةحقيبة أمامها.. وعقد حاجبيه.. ان هذه المرأة كبيرة جدا.. اذا اين هي ابنة عمه؟.. ربما لم تدخل بعد او...
وانتبه في تلك اللحظة فقط الى المقعد الذي كان موجوداأمام عمه خالد..وتوجهت أنظاره الى تلك الجالسة امامه.. والتي كانت تطرق برأسها وهيتداعب قلادتها بأناملها.. واتسعت عيناه في دهشة وذهول.. هل ابنة عمه تلك كانت فتاةمشلولة عاجزة ؟؟!..
فالوحيدة التي كانت يمكن ان تكون ابنة عمه هي الجالسة علىذلك المقعد.. الآن فقط فهم لم والده اختار الغرفة الموجودة بالطابق السفلي..ولميستطع مازن ان يلمح ملامحها بشكل جيد وخصوصا وهي تطرق برأسها ولكنه لمح شعرهاالأسود الذي ينسدل على كتفيها كشلال من الماء..وهبط آخر الدرجات ليتقدم منهم ويقولبابتسامة رسمها على شفتيه: اهلا عمي خالد.. لم نرك منذ مدة..
قال خالد ببرود: اهلا مازن.. اين والدك؟..الم تناديه الخادمة بعد؟..
في تلك اللحظة رفعت ملاكعينيها لتتطلع الى المكان من حولها.. وشعرت بالانبهار وهي ترى مظاهر الفخامةوالثراء الذي ينعكس في اللوحات الفنية والتحف والاثاث الفاخر.. والثريات التي تملأسقف الردهة.. ومن ثم لم تلبث ان تطلعت الى مازن الواقف امامهم.. كان شابا وسيمالملامح.. طويل القامة. . ذا شعر اسود وعينان سوداوان كذلك.. يرتدي بنطالا اسودوقميصا يجمع مابين اللونين الرمادي والأسود..وقال هذا الاخير مرحبا: تفضل يا عميبالدخول..
قال خالد بلامبالاة: الطائرة ستغادر بعد ساعتين.. انا مستعجل .. هلاّناديت لي والدك..
التفت مازن ليفعل لولا ان رأى والده يتقدم منهم وهو يقولبابتسامة: اهلا خالد..كيف حالك؟.. وكيف حال ملاك؟..
قالها وهو يتطلع الى ملاك.. فقال خالد بهدوء: بخير.. لا تنسى وعدك لي يا امجد..ملاك امانة عندك..
قال امجدوهو يتطلع الى ملاك بابتسامة: ستكون في منزلها..
وأردف قائلا وهو يتحدث إلىملاك: كيف حالك يا ملاك؟.. لقد أصبحت عروسا جميلة.. آخر مرة رأيتك فيها كنت فيالسادسة من عمرك..
ارتسمت ابتسامة تجمع مابين السرور والخجل وهي تقول: بخير ..
في تلك اللحظة وجدها مازن فرصة ليتطلع الى ملاك.. وخصوصا وانها غير منتبهةله.. وبرقت عينيه ببريق الاعجاب وهو يتأمل ملامحها التي تقطر براءة.. وابتسامتهاالتي تجعلها كالأطفال ..بشرتها الناصعة البياض وشعرها الاسود الناعم الذي ينسدل علىكتفيها برقة..ليصنعا ضدان غاية في الروعة..ولون عينيها السوداوان والذي جعلهاكالدمية ..كانت ترتدي معطفا بني اللون ذا ياقة من الفراء ..
وايقظه من تأملاتهكف والده الذي وضعت على كتفه.. وسمع صوته وهو يقول: هذا ابني مازن كما تعرف.. اكملدراسته الجامعية وهو يعمل معي الآن بالشركة..
واردف قائلا: اما كمال فهو في سنتهالرابعة بالجامعة.. ومها في السنة الاولى..
قال خالد بهدوء: اذا ملاك أصغرهمسنا.. فهي ستبدأ دراستها الجامعية للتو..
في تلك اللحظة لاحظ مازن أخته التيهبطت درجات السلم وقالت بابتسامة: ما الأمر؟.. لم كلكم مجتمعين هنا؟..
وانتبهتالى عمها الواقف وقالت بابتسامة واسعة: عمي .. انت هنا.. منذ متى لمتزورنا؟..
قال خالد بهدوء:ظروف العمل..
واردف وهو يتحدث الى امجد: ملاك كماتعلم تدرس تحت إشراف أساتذة متخصصين وسيأتون في موعدهم.. ان لم يكن لديكمانع..
قال امجد وهو يهز رأسه: أبدا.. فليحضروا في أي وقت..
شعرت مها في تلكاللحظة بمازن وهو يلكزها ويقول بسخرية: لقد أدركت اليوم فقط انك لا تملكين أيجمال..
قالت مها وهي تلتفت له بحنق: ماذا؟؟..
قال مبتسما وهو يلتفت عنهاويتطلع الى ملاك: انظري إلى ابنة عمي وستدركين مدى صحة قولي..
تطلعت مها الى حيثينظر..ومن ثم لم تلبث ان قالت بذهول وهي تلتفت له وبصوت حاولت ان تجعله خفيض قدرالامكان: تلك المقعدة؟!..
أومأ مازن برأسه ومن ثم قال: هل فهمت الآن سر تجهيزغرفة بالطابق الأرضي لها..
- ولكن.. لم أتخيل أبدا ان ابنة عمي.. مقعدة.. لماتخيل ذلك ابدا..
- اصمتي الآن والا انتبهوا لنا..
في الوقت ذاته كان خالديلتفت الى ملاك ويقول بصوت حاني: والآن يا صغيرتي علي ان اغادر..
اسرعت تمسكبذراعه وتقول برجاء: ابقى قليلا معي..
تطلع الى ساعته وقال بابتسامة باهتة: ليتني أستطيع.. ولكن لم يبقى على موعد الطائرة إلا ساعة وأربعون دقيقة وهي بالكادتكفيني للوصول الى المطار وإنهاء الإجراءات..
ترقرقت في عينيها الدموع فهبطوالدها الى مستواها وقال وهو يمسح على شعرها: كم مرة قلت لك؟.. لا اريد ان ارىدموعك.. لا اريد ان اقلق عليك قبل ان أغادر..
قالت وهي تشد من مسكتها لذراعه: لاتنسى ان تتصل بي عندما تصل.. اتصل بي كل يوم.. ارجوك..
- سأفعل يا صغيرتي..اهتميبنفسك جيدا.. ستكونين في أيدي أمينة..
واردف متحدثا الى نفسه: (او هذا مااتمناه)..
اومأت ملاك برأسها بصمت.. وهي تشعر انها لو تحدثت فدموعها ستسيل دوناستئذان.. فقال والدها وهو يداعب وجنتها: سأغادر الآن يا صغيرتي.. أراكبخير..
وجذب كفه بهدوء من يدها واعتدل واقفا ليقول للسيدة نادين: اعتني بهاجيدا..
قالت السيدة نادين بهدوء: لا تقلق عليها يا سيد خالد.. ملاك هي اختيالصغيرة..
ومال خالد على ملاك ليقبل جبينها بحنان ومن ثم يقول: الى اللقاء ياملاكي الصغير..
قالها وسار عنها مبتعدا الى باب المنزل وقلبه يعتصر بالألم وهويرى نفسه مرغما على ترك ملاك في منزل شقيقه.. والذي كان يرفض دخولها اليه مهماحصل.. لكن هي من توسلته وترجته ان تذهب الى هناك.. وهو يتمنى الآن ان لا يكون قداخطأ عندما نفذ لها رغبتها تلك...
لم يشعر احد بملاك التي اطرقت برأسها في الموحزن وهي تسمع صوت الباب يغلق خلف والدها..تبخر كل انبهارها بالمنزل.. وتبخرترغبتها في المكوث بنزل عمها منذ ان رأت والدها يخرج منه.. تريد ان تلحقه.. تذهبمعه.. لا تريد البقاء هنا.. فليأخذها معه ولو الى الجحيم.. وهتفت بغتة بحزن: ابيارجوك.. لا تغادر وتتركني.. ارجوك..
قالت نادين بهدوء وهي تتطلع الى ملاك: آنستي .. لا داعي لكل هذا الحزن.. سيتصل كما وعدك..
عضت ملاك على شفتيها بحزن وقالت: لقد غادر ولن استطيع ان اراه قبل اسبوع.. اسبوع كامل..اريد الذهاب معه.. فليأخذنيمعه.. لا اريد البقاء هنا..
لم تهتم ملاك بكل من يراقبونها.. أمجد الذي شعر انهيتطلع بطفلة متعلقة بوالدها حتى الجنون.. ومها ومازن اللذان شعرا بمدى قوة العلاقةبين ملاك ووالدها..والتفتت نادين الى امجد في تلك اللحظة وقالت: سيد امجد.. هلاّأرشدتني الى غرفة ملاك.. انها بحاجة الى الراحة الآن..
شعرت مها بالشفقة والعطفتجاه ملاك .. وهي ترى هذه الفتاة التي في مثل عمرها والتي قدر لها ان تبقى حبيسةهذا المقعد الى الابد.. واجابت هي عوضا عن والدها: سأرشدك اليها انا..
قالتهاوتوجهت الى ما خلف مفعد ملاك لتدفعها وتحرك المقعد ولكن ملاك قالت باعتراض وهي تمسحدموعها في سرعة: لا تدفعيه.. يمكنني ان أحركه بنفسي..
قالت مها بحيرة: ولكنيسأساعدك فقط..
قالت ملاك بألم: لا احتاج لمساعدة من احد.. فطوال عمري كنت اتصرفبمفردي ولا يفكر احد بمساعدتي.. لا احد سوى والدي الذي رحل..
قالت مها بابتسامة: ولكنه سيعود على اية حال.. والآن تعالي معي سأرشدك الى غرفتك..
قالتها وهي تسيرالى جوار مقعد ملاك التي كانت تحرك المقعد الى جوار مها..وفتحت مها أخيرا بابالغرفة بعد ان وصلوا اليها وقالت متسائلة: ما رأيك بها؟..
ومع ان الغرفة كانتاكبر من غرفة ملاك التي بمنزلها بمرتين ومع انها كانت ملحقة بصالة صغيرة ودورة مياهخاصة بالغرفة.. الا ان ملاك أحست بالحنين لغرفتها السابقة والتي لم تفارقها يوماقط.. لا تعلم كيف ستنام خارج منزلها.. وكيف ستقضي هذه الايام مع ابناء عمها اللذينلا تعرفهم جيدا..وقالت ملاك اخيرا بهدوء: جميلة..
ابتسمت مها بمرح وقالت وهيتدلف الى الغرفة: من؟.. الغرفة ام انا؟..
وقبل ان تجيب جاءهم صوت مازن وهو يقولبسخرية: بالتأكيد الغرفة..
وضعت مها يدها عند خصرها وقالت بحنق: ما الذي جاء بكالى هنا؟.. انها غرفة ابنة عمي..
قال بدهشة مصطنعة: حقا؟.. لم اكن اعلم.. لقدظننت انها غرفتي انا..
واردف وهو يضع حقيبة ملاك التي كان يحملها بجوار الخزانة: لقد جئت لأوصل هذه الحقيبة الى ابنة عمي..
قالت مها مستفسرة: واين تلك المرأةالمسئولة عن ملاك والتي كانت تحمل هذه الحقيبة اذا؟..
قال مازن بابتسامة وهويلتفت الى حيث ملاك الجالسة بصمت: لقد طلبت من الخادمة ان توصلها الى حيثغرفتها..
قالت مها وهي تتوجه نحوه: لو رآك والدي هنا يا مازن.. فسوف يغضب مندخولك الى غرفة ابنة عمي..
قال مازن بابتسامة وهو يستند الى باب الغرفة: اهذاجزائي لاني اوصلت الحقيبة الى الغرفة؟..
قالت مها باستخفاف: يالك من شاب مكافحونشيط.. اتعبت نفسك كثيرا..كان يمكنك ان تمنح الحقيبة لاحدى الخادمات وهي ستجلبهاالى هنا..
قال مازن وهو يعقد ساعديه امام صدره: لا اثق بالخادمات..
- منذمتى؟..
- منذ اليوم ان اردت..
التفتت مها الى ملاك التي اطرقت برأسها بألموكانت شاردة بافكارها.. وكأنها غير موجودة في المكان.. فاقتربت مها من مازن وقالتبرجاء: اخرج الآن.. دعها لوحدهاحتى ترتاح.. لا اريد ان نزيد عليها همومهابشجاراتنا هذه..
تطلع مازن الى ملاك وابتسم قائلا: معك حق..
ومن ثم اردف وهويهتف بملاك: ملاك..
رفعت ملاك رأسها الى مازن الذي هتف بها.. وتطلعت اليه بصمت.. فقال بابتسامة: سعدت برؤيتك يا ابنة عمي..
قالها واستدار عنهم ليغادر الغرفة.. في حين شعرت ملاك بغرابة حديثه اليها فهي لم تعتد ان يكون لها ابناء عم بعد.. حتىكلمة ابنة عمي.. تشعر بوقعها غريب على أذنيها ..ولكنها لم تهتم كثيرا لذلك..واخذتتطلع الى قلادتها وتداعبها بأناملها..
اما مها فقد تنهدت بارتياح وقالت: واخيراذهب..
سمعت بغتة صوت مازن وهو يعود الى المكان قائلا: لا تفرحي بسرعة هكذا .. هاقد عدت..
- ماذا تريد الآن؟..
قال مبتسما:والدي يقول ان الغداء سيكون بعدساعتين.. فأرجو ان لا يتخلف احد..
قالت مها بسخرية: لا احد سيتخلف عن موعدالغداء سواك..
غمز لها بعينه وقال: لا اظن ان هذا سيحصل هذه المرة..
قالهاوابتعد.. فالتفتت مها الى ملاك وقالت وهي تسير الى حيث هذه الأخيرة: معذرة ان كناقد أزعجناك.. ولكن هذه هي طبيعة مازن دائما يهوى استفزازي..وانا بدوري أتشاجرمعه..
هزت ملاك رأسها وقالت: لا عليك..
تطلعت مها الى ملاك وهي تشعر انهاتبدوا هادئة اكثر من اللازم.. ولا تتحدث الا اذا حدثها احدهم.. وقالت متسائلة لعلهاتجعل ملاك تتحدث اليها وتعتاد المكان: في أي سنة دراسية انت يا ملاك؟..
- سأبدأدراستي الجامعية للتو..
قالت مها بابتسامة باهتة وهي تجلس على طرف الفراش: هذايعني انك تصغريني بعام..
لم تعلق ملاك على عبارتها.. فقالت مها وهي تستحثها علىالحديث: كيف تبدوا الدراسة تحت إشراف اساتذة بالمنزل؟.. بالتأكيد افضل بمائة مرة منالدراسة في جو الجامعة والطلبة والحصص.. اليس كذلك؟..
تطلعت لها ملاك ومن ثمقالت: بل اتمنى ان أكون في جو كهذا.. بدلا من ان اكون حبيسة المنزل.. وهذا المقعدايضا..
اسرعت مها تغير الموضوع عندما شعرت انه قد يألم ملاك وقالت: انت لم تريشقيقي كمال بعد.. انه يكبرني بثلاثة اعوام.. و غير مبالي ابدا.. ولكنه افضل من مازنعلى الاقل.. فهو لا يتشاجر معي ابدا..
قالت ملاك وهي تتنهد: ليت لدي شقيق مثلك.. حتى لو كان سيتشاجر معي طوال اليوم..
شعرت مها ان كل حديثها لملاك يرجع هذهالاخيرة الى الواقع المرير التي تحياه..وقالت مبتسمة: اتعلمين.. لم نرى عمي خالدمنذ فترة طويلة.. ولم اكن اعلم انه لديه ابنة.. ولولا ذلك لطلبت منه ان ياتي بك الىمنزلنا معه عندما يحضر..
قالت ملاك وهي تهز رأسها: لن يوافق..
- ولم؟..
قالت ملاك وهي تزفر بحدة: لطالما طلبت منه ان يدعو كم الى منزلنا.. ولكنهكان يرفض..
عقدت مها حاجبيها وقالت بغرابة: ولماذا؟..
قالت ملاك وهي تهزكتفيها بقلة حيلة: لست اعلم.. في كل مرة يقول هذا افضل لك..الامور هكذاافضل..

ومن جانب آخر تطلع مازن الى والده وقال بحيرة: ماذا تعني يا والدي
بقولك ان الأمور هكذا افضل؟..
تطلع اليه امجد بحزم وقال : اعني ان لا تفتح صفحاتالماضي .. فالامور هكذا افضل بكثير..
قال مازن بحيرة: ولكني أريد ان اعرف سببهذه القطيعة بينك وبين عمي..
قال امجد بحدة: أخبرتك أنها بسبب ابنته ملاك..
- اعلم.. ولكن لماذا هي؟.. ما الذي فعلته لتكون سببا في هذه القطيعة بين أسرتها وجميعاسر أعمامي؟..
تنهد امجد بقوة ومن ثم قال: ان أردت الحقيقة فهي لم تفعل شيئاابدا..
تسائل مازن باهتمام: اذا؟؟..
أشار له والده ليجلس على المقعد ومن ثمقال: الأمر بدأ بعد وفاة والدة ملاك بعامين تقريبا.. فمن حينها وخالد يبدوا غريبا.. صامتا.. انطوائيا.. لا يهتم بشيء سوى ابنته وخصوصا بعد أن علم انها أصيبت بعمودهاالفقري وستظل عاجزة الى الابد..
قال مازن في سرعة: وبعد؟؟..
اكمل امجدقائلا:وحينها فعل شقيقي مالم يتوقعه احدنا.. فقد سجل نصف شركته باسم ابنتهملاك..
جلس مازن على المقعد وقال بهدوء: لو كنت مكانه لفعلت المثل..
عقدامجد حاجبيه ومن ثم واصل قائلا: وهذا التصرف لم يعجب عميك وعمتك ابدا.. فلو حدث شيءلا قدر الله لخالد.. فستنتقل نصف الشركة الى ابنته ملاك.. مع ان نصيبها في الميراثسيكون اقل من هذا بكثير..وخصوصا وانه ليس لديه ابناء فستتوزع حينها باقي الورثة علىاخوته.. المهم انهم يومها قرروا ان يبدأوا بأبسط الطرق اليه.. فحاولوا اقناعهبالزواج من فتاة ما .. وبالتأكيد كانوا متفقين معها ان تقنعه بعد الزواج بكتابة نصفالشركة باسمها وبالتالي يكون خالد وشركته في أيديهم..
قال مازن بغرابة: كل هذاوانت صامت يا ابي لا تفعل شيئا..
- وماذا عساي ان افعل؟.. لو وقفت الى جوار اخيلسحبوا رأس المال من شركاتي ولخسرت شركاتي ولاضطررت لدفع الخسارة من جيبيالخاص..
قال مازن بحنق: ولكن عمي لم يأبه لكل هذا.. وجعلهم يسحبون أموالهم منشركته ويتخلون عنه اليس كذلك؟ ..
تنهد امجد وقال وهو يومئ برأسه: بلى.. ولا يزالللحكاية بقية.. فبعد ذلك ذهبوا اليه جميعا..وطالبوه ان يتراجع عن تسجيل نصف الشركةباسم ملاك.. فهي ستكون عاجزة طوال عمرها.. لن تستفيد من الشركة.. ويمكنه بدلا منذلك ان يضع مبلغ في حسابها.. ولكن شقيقي خالد عارضهم وبشدة وطلب منهم ان لا يتدخلوافي حياته.. لان تلك هي شركته ومن حقه ان يسجلها باسم من يشاء.. واستمروا بتهديدهبأنه لو لم يفعل لهم ما يريدون فسيحيلون حياته وحياة ابنته الى جحيم وخصوصا ستظلعاجزة طوال عمرها واي كلمة منهم قد تؤذيها.. ولهذا انعزل خالد مع ابنته في منزلبمكان ما من البلاد.. ولا احد يعرف مكانه ابدا حتى الآن..
عقد مازن حاجبيه وقالباستغراب: الم يحاول احد اعمامي الاتصال به.. او البحث عنه؟..
- بلى ولكن دونمافائدة.. وعندما رأوا انهم يعجزون عن الوصول الى بيته.. اكتفوا بتهديده بالشركة.. ولكن.. حتى الآن لا يزال خالد صامد في وجههم..
قال مازن بحزم: والى متى سيصمد ياوالدي؟.. هل ستتركه لوحده يتحدى جشع أعمامي؟..
زفر امجد وشبك أصابع كفيه وهويقول: لست اعلم..فليس في يدي ما افعله..المهم الآن..إنني لا أريد لأحد ان يعلم انملاك ابنة أخي موجودة في هذا المنزل..
قال مازن بحيرة: وماذا نقول لعمي أو عمتيلو جاءوا لزيارتنا؟..
قال امجد وهو بلوح بكفه: أي شيء.. صديقة مها وقد جاءتلتقضي بضع أيام هنا.. ريثما يأتي والدها من الخارج.. ولا تنسى نبه على شقيقكوشقيقتك ان لا يعلم احد عن وجود ملاك ابنة عمك في منزلنا.. وبالنسبة للخدم فسأتصرفبالأمر..
وأردف بلهجة قاطعة: يمكنك الآن الخروج بعد ان عرفت كل ما تريد انتعرفه..
هز مازن كتفيه بلامبالاة ومن ثم نهض من مجلسه ليغادر غرفة المكتب.. وانكان يشعر بالشفقة تجاه ابنة عمه التي ولدت لتواجه قسوة الحياة وواقعهاالمر...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
جلست ملاك خلف مائدة الطعام بصمت.. لم تحاولالحديث الى أي احد وهي تكتفي بالانشغال بالأكل.. او التظاهر بهذا الانشغال.. كل ماكان يشغل بالها هو والدها وحسب.. لقد كانت في هذا الوقت .. تتناول طعام الغداءمعه.. يتحدث اليها ويمزح معها.. ويحاول بشتى الطرق ان يرفه عنها ولو في ساعاتهالمعدودة التي يقضيها معها..
ايقظها من شرودها صوت عمها وهو يقول: هل استيقظتللتو يا كمال؟..
رفعت رأسها الى من يتطلع اليه عمها وشاهدت ابن عمها كمال.. الذيكان يهبط درجات السلم في تلك اللحظة..كان يشبه مازن في لون شعره الاسود.. ولكنه كانحاد النظرات.. بشرته تتمتع بسمرة خفيفة ووسامة واضحة.. وان كان في طول مازنتقريبا.. ويرتدي بنطالا من نوع الجينز .. وقميصا ذا لون اسود..
وتثاءب كمال وهويقول بلامبالاة: اجل..
قال والده بتهكم: ولم لم تكمل نومك اذا؟..
قال كمالوهو يقترب من طاولة الطعام: لا داعي للسخرية يا والدي.. ها انذا استيقظت وجئتلتناول طعام الغداء معـ...
بتر عبارته وعقد حاجبيه وهو يتطلع الى ملاك التي كانتتحرك الملعقة في الطبق بلا هدف..فأسرع والده يقول: نسيت ان أعرفك .. هذه ابنة عمكملاك..وقد جاءت لتقضي بضعة ايام هنا ريثما يأتي والدها من السفر..
جذب كمالمقعدا وقال بدهشة: ابنة عمي؟؟.. أي عم؟..
- عمك خالد..وكما اخبرت مازن ومها منقبل.. هذا الكلام لا نريد ان يعرف به احد سوانا نحن.. انا اثق بكم جميعا لانكمابنائي.. الجميع من خارج المنزل سيعرفون ملاك على انها صديقة مها.. هل هذامفهوم؟..
قال كمال وهو يتناول قطعة من الجزر: ولم كل هذه السرية؟..
قال والدهبحزم: افعل كما اخبرتك فقط..
التفت كمال الى ملاك ليتطلع اليها بنظرة قصيرة.. وعاد يلتفت الى والده وهو يقول: واين كانت ابنة عمي عنا كل هذه السنين؟..
توقفتملاك عن تحريك الملعقة في الطبق وهي تنصت لما سيقال .. لو كان يعلم انها كانت تتمنىالحضور الى هنا طويلا.. ولكن والدها كان دائما ما يرفض.. لما قال هذا..
في حينقال امجد بحدة: تكلم بأدب يا كمال.. فهي ابنة عمك اولا.. وفي منزلنا ثانيا..
هزكمال كتفيه وقال: لم اقل ما يزعج.. فقط استفسر عن سر اختفاءها كل هذه السنوات.. ولملم نرها الا عندما سافر والدها..
اجابه والده قائلا: لم يكن لدى والدها حل الاإبقاءها هنا.. وخصوصا انه سيقضي فترة بالخارج ستتجاوز الأسبوع وربما...
( عناذنكم)
قالتها ملاك وهي تستدير بمقعدها مغادرة الطاولة .. فقالت مها بضيق: هلأعجبك هذا يا كمال؟.. بالكاد وافقت ان تتناول طعام الغداء معنا.. والآن انت تجعلهاتغادر الطاولة بعدم مبالاتك بها وبشعورها وانت تتحدث عنها هكذا..
صمت كمال بدهشةوهو يتطلع الى ملاك التي ابتعدت عن المكان وتوجهت الى غرفتها.. ومن ثم لم يلبث انقال وهو يلتفت اليهم والدهشة لا زالتتعلو قسماته: لم اكن اعلم من قبل انهامقعدة...
قال مازن بحنق: وهل كان هذا سيغير من لا مبالاتك شيئا؟ ..
قال كمالوهو يمط شفتيه: لست انسان معدوم الإحساس يا مازن..
قال مازن وهو يلتفت عنه: واضحجدا..
في حين قال امجد بحدة: يكفي جميعا.. وأنت يا مها.. اذهبي إليها فيغرفتها.. وحاولي ان تتحدثي إليها..
أومأت مها برأسها وهي تغادر طاولة الطعاموتتجه الى غرفة ملاك .. في حين قال امجد بعصبية: اسمع يا كمال.. ان كنت ستتحدث بهذهالطريقة الى ابنة اخي.. فالأفضل ان لا تتناول طعام الغداء او العشاء معنا مرةاخرى..
قال كمال بضيق: لم اقل ما يغضب يا والدي..ثم لم كن اعلم انها فتاة حساسةاكثر من اللازم..
- لقد تربت ملاك وعاشت طوال عمرها وحيدة.. ولهذا فهي لا تستطيعان تتقبل الامور بسهولة.. لو اردت رأيي فهي لن تكون حساسة فقط.. بل ربما عدائيةايضا.. ولهذا ارجو ان تعاملوها جميعا بلطف.. انه اسبوع واحد لا اكثر..
قال كمالوهو ينهض واقفا: ليس ذنبي ان احتمل فتاة مثلها..
قال مازن بحدة: انها ابنة عمكقبل كل شيء..
قال والده وهو يحاول ان يهدئ نفسه: حسنا لن اطلب منك ان تحتملوجودها.. فقط اطلب منك ان لا تجرحها بأي كلمات.. ولو تجاهلت وجودها سيكون ذلكافضل..
قال كمال وكأنه لم يسمع أي حرف مما قيل: عن اذنكم..
- الىاين؟..
قال كمال وهو يمط شفتيه: الى النادي..
قالها وغادر المكان.. وفي تلكاللحظة عادت مها قائلة وهي تهز رأسها: لقد رفضت العودة لتناول طعام الغداء معنا مرةاخرى..وتقول انها متعبة وستنام..
واحس مازن بالشفقة تجاه ملاك وخصوصا وهو يلمحصحنها الذي كان ممتلأ عن آخره ولم تتناول منه ولا قطعةواحدة...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تطلعت ملاك بملل الى باب غرفتها.. هل جاءتهنا لتسجن نفسها؟.. ثلاث ساعات منذ ان غادرت طاولة الطعام.. لم تعلم لم شعرت بكلذلك الضيق والالم من كلمات كمال .. ربما لانه وجه لها اتهاما صريحا في كلماته علىانها لم تأتي هنا الا من اجل مصلحة ليس الا.. لا يعلم شيئا عن إلحاحها المستمرللقدوم الى هنا.. واصرارها الكبير في ان يدعوهم والدها على الاقل في احدىالمناسبات.. وكيف له ان يعلم.. وهو يحظى بعائلة كبيرة تغمره بكل مايريده من حبوحنان..مال وأخوة وأقارب.. اما هي فلم تحظى الا بحب والدها وحنانه.. والذي لم تكنلتراه الا ساعتين او ثلاث ساعات في اليوم على الاكثر..
وتنهدت مرة اخرى وهيتتطلع الى باب الغرفة.. وأحست برغبة جارفة تدفعها للخروج والترويح عن نفسها قليلابالتحدث الى أي احد..واندفعت وراء رغبتها لتفتح باب الغرفة وتغادرها وهي تدفعمقعدها بهدوء.. وتلفتت حولها الى الردهة الخالية من أي شيء سوى الاثاث والتحفالمنتشرة بالمكان.. وتلفتت حولها مرة اخرى قبل ان تواصل تحركها في المنزل .. لعلهاتقضي وقت فراغها هذا برؤية ارجاء هذا المنزل وتحفه الثمينة..و...
(واخيرا خرجتمن غرفتك)
التفتت ملاك الى ناطق العبارة .. وتطلعت ال مازن بهدوء الذي يعقدساعديه امام صدره بثقة.. ولم تعلق هي على عبارته بل آثرت الصمت..فقال مبتسما: أتبحثين عن شيء ما؟..
اومأت براسها بهدوء.. فقال متسائلا: وما هو هذاالشيء؟..
كانت تظن انه سيتركها وشأنها ولن يتساءل اكثر.. وفكرت قليلا ومن ثمقالت: مها..
مال نحوها قليلا ومن ثم قال: ولم تبحثين عن مها؟..
اشاحت بوجههابصمت وهي تداعب قلادتها بأناملها.. فقال متسائلا: هل تودين ان اناديهالك؟..
عادت لتومئ برأسها.. فابتسم هو قائلا: اظن انك ترغبين في ان أغادر اكثر منرغبتك في نداء مها لك.. اليس كذلك؟..
لم تجبه وظلت صامتة.. وان وافقته فياعماقها على ما قاله.. فهي حقا لا ترغب في التحدث الى أي احد لا تثق به.. او تشعربه قريبا منها.. تريد ان يكون لها اصدقاء.. ولكن على الاقل اشخاص تثق بهم.. ولكنهمابناء عمها.. ومن هم ابناء عمها؟.. لم يحاولوا زيارتها لمرة واحدة في منزلها وهيتشعر بالوحدة والخوف من بقاءها في المنزل بمفردها.. حتى انهم لم يكلفوا نفسهم مشقةالسؤال عنها وعن والدها طوال السنين الماضية.. لقد جاءت الى هنا لسبب واحد فقط.. لاتريد ان تشعر انها لوحدها في المنزل.. لا تريد ان تعود اليها مخاوف الوحدة.. تريدان تشعر بالامان والاطمئنان الى ان هناك من يشاركها المنزل الذي تعيشه..
(لمتجيبيني .. تريدين مني ان اغادر .. اليس كذلك؟)
رفعت رأسها وتطلعت الى مازن الذيايقظها من شرودها وقالت باقتضاب: اجل..
اتسعت ابتسامة مازن وقال: فليكن..
واسرع ينادي الخادمة التي جاءت على عجل قائلة: ما الامر يا سيدمازن؟..
قال بمكر: اذهبي لنداء الآنسة مها من الطابق العلوي واخبريها ان تهبطالى الردهة فالآنسة ملاك ترغب بالحديث اليها..
أسرعت الخادمة تبتعد .. فقال مازنوهو يلتفت الى ملاك مرة اخرى: عذرا.. ولكن لن استطيع تلبية رغبتك..
تطلعت له ملاك بدهشة.. ومن تصرفه الغريب تجاهها.. منذ متى يهتم احد بالبقاء معها.. او الحديثمعها عندما نرفض هي ذلك..وشعرت بغرابة ذلك الواقف امامها.. ولكنها لم تلبث اناستدارت بمقعدها مغادرة وقالت: سأفعل انا..
اسرع مازن يقول: لحظة..
توقفت عندفع مقعدها.. فقال: اظن انك تشعرين بالملل.. ما رأيك ان نذهب جميعا انا وانت ومهاالى النادي.. على الاقل تخرجين من عزلتك قليلا..
شعرت برغبة كبيرة حقا في الخروجوقالت متسائلة بحيرة: وهل لديك الوقت لذلك؟..
قال مبتسما براحة من تجاوبها معه: ولم لا.. اليوم اجازة وهي من حقي في الخروج.. ما رأيك هل توافقين؟..
هزت كتفيهاوقالت: لا ما نع لدي..
وشعرت ببعض السعادة تتسلل الى نفسها.. فها هي ذا ستخرج منالمنزل وستروح عن نفسها قليلا.. وستجد من تتحدث اليه ايضا..هذه السعادة التي كانتتتمناها مع والدها المنشغل دائما باعماله.. ولكن عليها ان تلومه.. انه يبذل كل ذلكالجهد في عمله من اجلها..ومن اجل ان تحيا برفاهية وسعادة.. ولكن لو يعلم انها لاتريد أكثر من لمسته الدافئة.. وقلبه الحاني ليحتويها به بعيدا عن هذا العالم.. بعيدا جدا...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
__________________


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 05:59 AM   #3

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
افتراضي

الجـزء الثالث

"
.. معهم .."
التفت مازن الى ملاك التي كانت شاردة في أفكارها وقال: تفكرين في والدك.. صحيح؟..
التفتت له ملاك وقالت بحيرة: وكيف عرفت ذلك؟..
ابتسم بثقة ومن ثم قال: لا يحتاج الامر الى الذكاء.. حزنك.. وعزلتك.. ولا تتحدثين مع احد هنا الا نادرا ..كل هذا لا يدل الا على حزنك لفراقه..
أومأت برأسها وقالت بألم: انه الوحيد الذي يفهمني في هذا العالم..
هز مازن كتفيه وقال: بالتأكيد فهو والدك..
وأردف بابتسامة مغيرا دفة الحديث: اذهبي لترتدي ملابس اكثر دفئا.. فالجوبارد بالخارج..
ارتسم شبح ابتسامة على شفتيها وهي تستدير عائدة بمقعدها الى الغرفة.. في حين استند مازن بظهره الى الجدار المجاور للدرج .. سببه الوحيد للاهتمام بملاك.. هو طبيعته بتكوين الصداقات مع الفتيات.. لقد اعتاد ذلك منذ زمن.. واحيانا يأخذ الامر كوسيلة للتسلية.. وان كان الأمر لا يأخذ أي منحنى جدي.. ولكنهذه المرة الأمر يختلف.. فملاك ابنة عمه.. ولا يستطيع ان يتسلى .. على العكس يجب انيكون خائفا عليها كأخت له تماما.. انها أمانة في أعناقهم جميعا..اجل سيكون اهتمامهمحصورا في إطار الاخوة.. تماما كما كان سيهتم بمها..
وفي تلك اللحظة هبطت مهادرجات السلم وقالت متسائلة: أين هي ملاك؟..
اجابها مازن قائلا: لقد ذهبت لترتديملابس تدفئها لأننا سنخرج بعد قليل..
قالت مها بدهشة: انت وهي؟؟..
قال مازنبحنق: بالطبع لا ايتها الذكية.. ستكونين معنا..
قالت مها مبتسمة بمكر: ظننت انكلن تأخذني معكما..
قال في سرعة: اسرعي بارتداء شيء مناسب.. فسنذهب الىالنادي..
قالت بمرح: حسنا في الحال..
وعاودت صعودها الى الطابق العلوي.. فيحين تحرك مازن الى حيث الأريكة وألقى بجسده عليها.. وتطلع بشرود الى التحفةالموضوعة على طاولة صغيرة بجواره.. الى ان سمع صوت ملاك وهي تناديه قائلة: مازن..
التفت في سرعة اليها وقال مبتسما: اجل..
قالت ملاك بهدوء وهي تقلبكتابا بين يديها: انا جاهزة..
-
فلننتظر مها.. فسوف ترتدي ملابسها وتأتيمعنا..
لم تعلق ملاك وهي تقلب الكتاب بين كفيها..وأبعدت خصلات شعرها المتهدلةعلى جبينها..في حين اعتدل في جلسته وكاد مازن ان يقول شيئا..لولا ان هبطت مها علىدرجات السلم وقالت بمرح: ها انذا قد جهزت..
قال مازن باستخفاف: ستعاقبين علىتأخرك.. ولن نأخذك معنا..
قالت مها وهي تضع يدها عند خصرها:حاول فقط..
قالمازن وهو يلتفت عنها: هيا يا ملاك .. لنذهب نحن..
لم تتحرك ملاك من مكانها قيدانملة فقالت مها مبتسمة: هل رأيت؟.. ان ملاك تقف في صفي..
وتوجهت الى ملاك لتقولبمرح: يالك من فتاة.. لقد حطمت غروره..
قال مازن وهو يشير الى مها: هيي انت يافتاة.. لا اسمح لك بقول ذلك.. لم تخلق بعد من تستطيع تحطيم غرور مازنامجد..
قالت مها وهي تغمز له بعينها: بل انها موجودة امامك ايها الاعمى وقد حطمتغرورك منذ قليل..
-
ما حدث منذ قليل اسميه مجرد جولة وانتهت.. ثم لم تكثرينالكلام.. فلنغادر الآن ايتها المزعجة..
قالت مها وهي تفكر: لحظة واحدة .. ماذاعن السيدة نادين؟.. هل نأخذها معنا؟..
تطلع مازن الى ملاك .. فأجابت هذه الاخيرةقائلة وهي تهز رأسها: لا داعي لذلك..
قال مازن بتردد: ولكن قد تحتاجين الى شيءما.. وهي من تعرف كل احتياجاتك..
قالت ملاك بضيق: وانا ايضا اعرفاحتياجاتي..
قال مازن مهدئا: حسنا.. حسنا لا تتضايقي.. لقد اردتها ان تأتي معنالتساعدك ليس الا..
قالت ملاك بعصبية: لا احتاج الى مساعدة من احد.. واستطيعالتصرف لوحدي.. لست طفلة.. اتفهم..
استغرب مازن غضبها المفاجئ.. فلم يقل مايستدعي العصبية او الغضب.. انه يفكر في مصلحتها ليس الا.. ولكن طبيعة ملاكالانطوائية والتي لم تكن تختلط الا بوالدها الذي يغمرها بحنانه وعطفه يجعلها لاتتقبل الحديث من احد وخصوصا اذا اشار في حديثه ذاك عن شيء عن حاجتها للمساعدة ..وشاهدها مازن وهي تستدير بمقعدها مغادرة المكان.. فأسرع يقف امامها ويقول: ماالامر؟..هل اغضبك ما قلته؟..
اشاحت بوجهها عنه فقال بابتسامة: حسنا انا آسفوأرجو ان تقبلي اعتذاري.. اعلم انك لست طفلة وتستطيعين تدبر أمورك بمفردك..
استدارت له ملاك في تلك اللحظة.. فاتسعت ابتسامته وهو يردف: والآن هلنخرج؟..
رفعت ملاك رأسها له ولأول مرة رآها تبتسم وتومئ برأسها بهدوء..بادلهاالابتسامة وابتعد عنها متوجها الى حيث باب المنزل الرئيسي.. والتفتت مها الى ملاكوقالت وهي تتوجه نحوها: هل أساعدك؟..
قالت ملاك بلهجة تطوي بعض المرح غير التياعتادتها مها منها: ان شئت..
أمسكت مها المقعد وأخذت تدفعه ببطء..فقالت ملاكمستغربة: لم تدفعينه هكذا؟..
قالت مها بقلق: أخشى ان اكون سببا في مكروه قديصيبك..
-
لا عليك.. اسرعي اكثر..
قالت مها مستسلمة: كما تشائين..
واسرعتفي سيرها لتصل الى السيارة ووقفت امام الباب الخلفي لتقول : مازن تعالوساعدنا..
اسرعت ملاك تقول: لا داعي لقد اعتدت ذلك.. فقط افتحي الباب.. واستطيعالجلوس على المقعد الخلفي بمفردي..
كان مازن قد تحرك من مكانه وجاء اليهم بناءعلى هتاف مها..وشاهد ملاك وهي تحاول بكل جهدها وقوتها رفع نفسها عن المقعد المتحركوالجلوس على مقعد السيارة الخلفي.. وتساءل.. لم تفعل كل هذا وتكلف نفسها كل هذاالعناء؟.. كان بامكاني ان اساعدها دون ان تتعب نفسها هكذا.. لم يكن يدرك ان ملاككانت تحب فعل كل شيء بمفردها.. تريد ان تثبت للناس جميعا انها ليست عاجزة ابدا.. وتستطيع فعل الكثير حتى وان كانت قدماها لا تتحركان..كان اصرارها على عدم حاجتهاللمساعدة من احد هو ما يدفعها لأن تبذل كل الجهد لفعل كل شيء بنفسها..
وتحركمازن الى حيث المقعد الذي تركته ملاك ليطويه ويضعه في صندوق السيارة.. وعاد ادراجهالى مقعد السائق..لينتظر مها لصعد اليها وينطلق بالسيارة الى حيثالنادي...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛تطلع كمال بغرابة الى مازن الذي اقترب منه وقال : لماذا تتطلع إلي هكذا؟..
قال كمال بحيرة: ليس من عادتك ان تأتي الى النادي فيوقت كهذا..
اشار مازن الى ما خلفه ومن ثم قال: رأيت انا ومها.. ان ملاك ابنة عميتعزل نفسها كليا عن الجميع.. فقررنا اخراجها من المنزل واحضارها الى هنا لترفه عننفسها..
هز كمال كتفيه وقال وهو يدير ظهره عنه ويتجه الى قسم الفروسية: لا شأنلي بأحوال ابنة العم تلك..
زفر مازن بحدة ومن ثم تبعه بدوره الى ذلك القسم.. ومنجانب آخر جلست مها مع ملاك حول احدى الطاولات بكافتيريا النادي..وانشغلت الاخيرةبقراءة الكتاب الذي بين يديها..فسألتها مها قائلة: ماذا تقرئين؟..
قالت ملاك وهيتتوقف عن القراءة وتضع الكتاب على الطاولة: كتاب عن الحياة ومشاكلهاالمختلفة..
قالت مها متسائلة: وهل يوجد حلول لهذه المشاكل في الكتاب؟ ..
قالتملاك بهدوء: نوعا ما..
ابتسمت مها وقالت: مشكلتي الوحيدة في هذه الحياة هي مازن .. فهل يوجد حل لها في كتابك هذا؟..
ابتسمت ملاك وقالت: لا اظن..
تطلعت لهامها وقالت: لأول مرة أراك تبتسمين.. ان كان ذكر مازن سيجعلك تبتسمين فسأردد اسمهدائما..
ولما وجدتها صامتة ولم تعلق سألتها قائلة: وانت.. ما هيمشكلتك؟..
اجابتها ملاك بكلمة واحدة: الوحدة..
رددت مها مستغربة: الوحدة؟..
التفتت لها ملاك وقالت بحزن: اصعب شعور قد يمر على الانسان او الفتاةبشكل خاص ان تشعر انها وحيدة في هذا العالم بدون اخوة او اصدقاء..او حتى شخص ما فيمثل عمرها..انه شعور يخنقك..يقتلك.. وكل مخاوفك تتضاعف وانت تشعرينبوحدتك..
قالت مها متسائلة: وماذا عن والدتك؟..
وضعت ملاك كفها عند وجنتهاوقالت وهي تشعر بغصة في حلقها: واين هي والدتي؟.. لم أرها حتى.. لم يعد لي الحق فيذلك بعد ان فقدتها.. لا اذكر شكلها او صوتها.. والشيء الوحيد الذي بات من حقي هو انأراها في الصور..
قالت مها معتذرة: انا آسفة لم اكن اعلم..
تنهدت ملاك دون انتعلق على عبارتها.. وطغى الصمت على المكان لعدة دقائق قبل ان تقول ملاك ببعضالتردد: وماذا عن والدتك؟.. لم أرها منذ ان جئت الى المنزل..
ارتسمت ابتسامةشاحبة على شفتي مها وقالت: والدتي؟.. لا اظن انك سترينها في المنزل.. فهي لا تأتياليه ابدا..
تطلعت اليها ملاك باستغراب وحيرة فأردفت: لقد انفصلت والدتي عنوالدي وانا في الخامسة عشرة من عمري.. اذكر يومها اني لحقت بها لتأخذنيمعها..وترجيتها بعيني الدامعتين ان لا تترك المنزل .. ولكنها قالت ان الحياة فيمنزل والدي افضل لي ولأخوتي..وهي لن تعيشنا ولو بعد عشرين عاما في مثل هذاالمستوى.. لهذا تركتنا جميعا وغادرت المنزل دون أي كلمة أخرى..
تسائلت ملاكباهتمام: وهل ترونها؟..
اومأت مها برأسها وقالت وهي تحرك اصابعها على الطاولةبلا اهتمام: بلى.. نذهب لزيارتها من حين الى آخر.. ولكن هي لا تأتي لزيارتنا فيالمنزل ابدا.. لان والدي موجود فيه كما تقول..
تطلعت ملاك الى مها وشعرت بقلبهايرق تجاهها.. ليست هي الوحيدة التي تتألم.. وليست هي الوحيدة التي تعاني الحرمان منوالدتها.. ولكن مها افضل منها.. على الاقل هي ترى والدتها وتسمعها.. شعرت بحنانها.. وبلمسات اناملها الدافئة.. اما هي فانها حتى لا تذكر أي شيء مما جمعها بوالدتها كيفلا وهي كانت بالثانية من عمرها عندما فقدت امها..
وظل الصمت مخيما على المكانقبل ان يقطعه صوت مرح وهو يقول: مها جالسة بالكافتيريا وليست بأي قسم من النادي.. يا للمعجزة..
التفتت مها بلهفة الى صاحب الصوت وقالت: (حسام)..
حسام هو ابنخال مها..في الثالثة والعشرين من عمره..ذا شعر بني قاتم وعينان من اللونذاته..يتمتع بوسامة محببة ومظهرا جذابا..وذا جسم رياضي..
ابتسم وقال: اجل حسام.. اخبريني لم تجلسين هنا فقط.. ولا اراك في أي قسم من اقسام النادي..
ابتسمت مهاابتسامة واسعة وقالت وهي تلتفت الى ملاك: لقد كنت اجلس مع ابنــ...
اطبقت شفتيهاقبل ان تكمل.. يالغباءها.. هل نسيت كلام والدها بهذه السرعة.. واردفت بسرعةوارتباك: مع صديقتي..
تطلع حسام الى ملاك وقال بابتسامة يغيظ بها مها: انهاتبدوا كالملاك..
قالت مها بحنق: انت لم تخطئ ان اسمها ملاك حقا..
قال حساموهو يجذب له مقعدا ويجلس ليشاركهما الطاولة : حقا؟.. يا للمصادفة..
قالت مها وهيتشير الى حسام : ملاك اعرفك.. ابن خالي حسام..وهو عضو في هذا النادي..
قال حساموهو يرفع حاجبيه: فقط..
ابتسمت مها وقالت: وصديق الطفولة ايضا..
قال حساممعترضا: لقد نسيت اهم شيء..
اسرعت مها تهرب بنظراتها وقالت بخجل وارتباك: وماالذي نسيته؟..
قال حسام وهو يعقد ساعديه امام صدره: انني صديق مازن وكمالالمقرب..
احست مها بالغيظ .. وقالت وهي تمط شفتيها: عذرا لاني نسيت هذه المعلومةالمهمة يا صديق كمال ومازن المقرب..
التفت لها حسام وقال متسائلا: واين تعرفتعلى ملاك؟.. هنا بالنادي؟..
ارتبكت مها وتطلعت الى ملاك التي عاودت قراءة كتابهاومن ثم قالت: اجل..
تطلع حسام بحيرة الى ملاك.. فهو لم يرها في النادي قبل الآنابدا.. ولكنه لم يأبه بالامر كثيرا والتفت الى مها ليتحدث اليها.. بينما كانت ملاكتجلس في صمت وهي تقرأ الكتاب الذي بين يديها.. ومن ثم لم تلبث ان تنهدت.. وهي ترفعأنظارها الى ما امامها.. وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها وهي تتطلع الى حلبةالسباق التي يتدرب بها كل اعضاء الفروسية..واستقرت عيناها على مازن الذي كان يمتطيجواده ويقوده بكل مهارة.. كان يقفز الحواجز واحدا تلو الآخر وبمهارة متقطعةالنظير..وشعرت ملاك انها ترى امامها فارسا بارعا يقود الجواد ويحلق به فيالهواء..كانت عيناها تتابعان مازن في تلك اللحظة..وشاهدته يوقف الجواد بهتاف واحدمنه وهو يشد لجامه بكل قوة..ويهبط منه ومن ثم لم يلبث ان ربت على رأسه وداعبه قبلان يمسك بلجامه ويعيده الى الاسطبل و...
(
ملاك..ملاك..)
التفتت ملاك الى مهاناطقة العبارة وقالت وهي تلتفت لها: اجل..
قالت مها مبتسمة: ماذا تريدين انتشربي؟..
وقال حسام وهو يغمز بعينه: وعلى حسابي بكل تأكيد..
قالت ملاك بهدوء: عصير الفواكة..
قال حسام وهو ينهض من مقعده: سأحضر لكما طلبكما في الحالو...
جاءه صوت مازن وهو يقول: واي عصير لي ايضا..
التفتت ملاك الى مازن الذياقترب منها ورمى بنفسه على احد المقاعد بطاولة مجاورة لهم بانهاك وهو يقول بتعب: لقد اقترب السباق..و لا اظن اني سأفوز به ابدا..
غادر حسام المكان ليحضر مطالبهمفي حين قالت مها بسخرية: جيد انك قد اعترفت بذلك..
قال مازن وهو يلتفت لها ويرسمابتسامة على شفتيه: لم تسأليني لماذا؟..
-
ولماذا؟..
قال باستهزاء: ذلك لانكانت ستكونين موجودة بالنادي وقتها وانا أتشاءم من وجودك..
قالت مها بحنق: لن آتياذا وقتها ولا تحلم ان افكر بالمجيء حتى.. ابحث عمن يشجعك..
قال مازن وهو يعقدساعديه امام صدره: من قال اني احتاج لتشجيعك.. لدي من المعجبين اكثر مماتتصورين..
كادت مها ان تجيبه بعبارة غاضبة لولا ان قالت ملاك همسا وهي تهتف بها: مها.. اريد ان اطلب منك طلبا..
قالت مها وهي تلتفت اليها: وما هو؟..
قالتملاك بتردد وحرج: اريد ان آتي الى النادي يوم السباق ..
قالت مها بحيرة: جميعناسنحضر .. فكمال ومازن مشتركان بالسباق..
قالت ملاك بدهشة: ولكنك قلت منذ قليلبانك لن تذهبي..
ضحكت مها ومن ثم قالت: هذا حتى اغيظ مازن فقط..
قالت ملاكبدهشة اكبر: تكذبين حتى تغيظيه؟؟..
قالت مها بمرح: لا عليك.. لقد كنت امزح ولماقصد الكذب..
في تلك اللحظة وضع حسام المشروبات امامهم على الطاولة وهو يقول: لاتصدقيها .. دائما ما تكذب وخصوصا علي..
قالت مها وهي تشير الى نفسها بغرور: ولماكذب على شخص مثلك..
قال حسام بابتسامة: اسألي نفسك..
ومن ثم لم يلبث انالتقط المشروب الثالث ليأخذه الى حيث طاولة مازن ويجلس عليها برفقته وقال: ها هو ذاما طلبته..
قال مازن وهو يلتقط الكأس من يده: اشكرك..
وقبل ان يرتشف منه رشفةواحدة سمع صوت انثوي يناديه قائلا: مازن .. مازن..
التفت الى صاحبة الصوت وقالبملل: اجل يا حنان.. ماذا تريدين؟..
قالت حنان وهي تقترب منه: اين انت؟.. انياتصل بك منذ يومين ولا تجيبني..
قال مازن بضجر: منشغل بأعمال والدي..
قالتمها في تلك اللحظة بصوت خفيض: الم تسأم تلك الفتاة؟..
قالت ملاك متسائلة: من هيهذه الفتاة؟..
قالت مها بلامبالة وهي تلوح بكفها: احدى صديقات مازن.. وهي تلاحقهاينما كان.. يبدوا وانها معجبة به بشدة..
قالت ملاك باهتمام: وماذا عنههو؟..
قالت مها وهي تبتسم بسخرية: هو؟.. هو لا يهتم بأي فتاة ابدا.. ترينه يعجببفتاة ما في لحظة.. وينساها بعد يوم واحد فقط..
اتسعت عينا ملاك وقالت : ماذاتعنين بالضبط؟..
قالت مها وهي تهز كتفيها: لا شيء سوى ان أخي لا تهمه أي منالفتيات اللواتي حوله ابدا..
لم تفهم ملاك ما تنطوي عليه هذه العبارة.. فقدكانت مها تعني انه يأخذ من الفتيات وسيلة للتسلية ولا يأبه بهن ابدا.. اما ملاك فقدفهمت ان مازن لا يهتم بالفتيات اشباه حنان والتي يلاحقن الشباب..وعادت لتلتفت الىمازن الذي كان يتحدث الى حنان بسخرية ومن ثم لم تلبث حنان ان سارت عنه غاضبة.. وفيالوقت ذاته قال حسام بعتاب: انت من جلبتها لنفسك وعليك ان تتحمل ما جنتهيداك..
قال مازن بحدة: انها بلهاء.. لقد اخبرتها منذ البداية انني صديق لها لااكثر وسيكون كلامنا كله في حدود الصداقة.. ولكنها تصر على انها تحمل لي ما هو اكثرمن الصداقة واني لا اهتم بمشاعرها ابدا..
قال حسام وهو يشير اليه: لو لم تتحدثاليها منذ البداية وتطلب صداقتها لما حدث كل هذا.. والآن تحمل نتيجةفعلتك..
قالت ملاك بغتة جعلت الجميع يلتفت لها: كم الساعة الآن؟..
تطلع حسامالى ساعته وقال: السادسة والنصف.. لم؟..
قالت ملاك بسرعة: اريد ان اعود الىالمنزل.. سيأتي استاذ اللغة الانجلينزية بعد نصف ساعة..
قال مازن وهو ينهض منعلى مقعده: حسنا سنعود.. هيا يا مها..
قال حسام متسائلا بدهشة: هل تعرف ملاك يامازن؟..
قال مازن بابتسامة: اجل .. فهي صديقة مها وستقضي بعض الوقت في منزلناريثما يعود والدها من السفر..
التفت حسام الى مها وقال وهو يعقد حاجبيه: لمتقولي لي هذا يا مها..
قالت مها بارتباك وهي تنهض من على مقعدها وتلتقط حقيبتها: لقد نسيت..
اوقفها حسام وقال بشك:اشعر وكأن في الأمر سرا تخفينه عني..
تهربتمها من نظراته وأسرعت خلف مقعد ملاك وقالت: أبدا .. لا شيء..
وأخذت تدفع المقعدبهدوء.. في حين قال حسام وهو يراقبهم وهم يبتعدون: بل هو كذلك يا مها.. وهو يتعلقبتلك الفتاة المدعوة.. ملاك..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛كان الهدوء يعم المكان وذلكالمنزل الكبير قبل ان يفتح باب المنزل وصوت مها وهي تقول بحدة: ارجوك اصمت فقطوارحنا من سماع صوتك..
قال مازن بابتسامة: لماذا تغارين من صوتي؟.. ما ذنبي اذاكان اجمل من صوتك..
قالت مها بحنق: اصمت فقط..
اما ملاك فقد اكتفت بالصمت ولمتحاول ان تعلق على عبارتهما ..وجاء صوت نادين بغتة ليقطع على مازن ومها شجاراتهموهي تقول: آنسة ملاك اين كنت كل هذا الوقت؟..
رفعت ملاك رأسها الى نادين وقالتبهدوء: لقد ذهبت الى النادي ..
قالت السيدة نادين باستنكار: ولماذا لمتخبريني؟..
اشاحت ملاك بوجهها ولم تجبها فقالت نادين بهدوء: آنستي أنت تعلمينانني المسئولة عنك .. ولو حصل لك أي شيء سأكون انا الملامة أولا وأخيرا..
قالتملاك وهي تلتفت لها: عمري ثمانية عشرة عاما ولست طفلة حتى لا أستطيع ان اهتم بنفسيجيدا..
وضعت نادين كفها على كتف ملاك وقالت: انا افهم ذلك جيدا.. ولكن عملي يحتمعلي ان اكون بجوارك دائما.. وان اكون محل الثقة التي منحني اياها السيدخالد..
كادت ملاك ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان ارتفع صوت رنين هاتف المنزل.. فتوجه مازن اليه ورفع سماعته قائلا: الو.. من المتحدث؟..
صمت مازن للحظات ومن ثمقال مبتسما: اجل.. لحظة واحدة..
والتفت الى حيث ملاك وقال بابتسامة : ملاك.. لديخبر سعيد لك.. والدك على الهاتف..
صاحت ملاك بفرح: ابي!!..
ومن ثم اسرعت تحركمقعدها الى ان وصلت الى مازن وقالت بلهفة وشوق: اعطني سماعة الهاتف.. اريد ان اتحدثاليه..
قال مازن وهو يتطلع اليها: مقابل ماذا؟..
قالت برجاء: ارجوك.. اريد اناتحدث اليه..
قال مازن مبتسما وهو يناولها السماعة: لو كان خطيبك هو المتصل لماكانت لهفتك اليه الى هذه الدرجة..
لم تستمع ملاك الى حرف واحد مما قاله مازن بلاختطفت السماعة وقالت بلهفة كبيرة: أبي اشتقت إليك كثيرا..
قال خالد بحنان: وأناكذلك يا ملاك.. اخبريني يا ملاك ما هي اخبارك؟..
قالت ملاك متسائلة:انا بخير ياابي..كيف حالك انت؟..و منذ متى وصلت ؟.. ومتى ستعود؟..
ضحك خالد وقال: رويدك ياملاك.. انا بخير.. وانا اتحدث اليك الآن من المطار لأني قد وصلت لتوي اليه.. وسأعودبعد اسبوع ان سارت الأمور كما يجب..
قالت ملاك برجاء: ابي عد سريعاأرجوك..
تساءل والدها وهو يعقد حاجبيه: ما هي أحوالك مع عمك وابناءه؟..
تطلعتملاك الى مازن ومها ومن ثم قالت: على ما يرام.. لا تشغل نفسك..
قال والدهاباهتمام: هل يعاملونك جيدا؟.. وهل حاولوا مضايقتك؟..
-
الجميع يعاملني بشكل جيديا ابي .. لا تقلق.. انت عد فقط .. انا احتاج الى وجودك الى جانبي كثيرا..
قالوالدها وهو يتنهد بارتياح: حمدلله.. لقد أرحتني يا صغيرتي .. لو ضايقك احدهم اوتضايقت من العيش معهم.. اخبريني حتى أتصرف..
واردف قائلا:والآن يا صغيرتي .. سأنهي المكالمة.. اراك بخير واهتمي بنفسك جيدا.. سأعود ومعي قفص الطائر الذيطلبته..الى اللقاء يا ملاكي الصغير..
قالت ملاك والدموع تترقرق في عينيها: الىاللقاء يا ابي..
قالتها وأغلقت سماعة الهاتف وهي تتنهد بحزن. . فقال مازن وهويهز رأسه وهو جالس على إحدى المقاعد: لو كنت اعلم ان هذه المحادثة ستجعلك تبكين منجديد.. لما منحتك السماعة منذ البداية..
قالت مها باستنكار: مازن .. ماذاتقول؟..
واردفت وهي تقترب من ملاك وتربت على كتفها: لا عليك انه يمزح..
قالتملاك بصوت مختنق: اعلم..
واردفت وهي تستدير عنهم: عن اذنكم..
قالت مها لمازنوهي تراها تبتعد عنهم: الم تكن تستطيع تأجيل حديثك هذا قليلا؟..
قال مازن وهويهز كتفيه: لقد اردت ان اجعلها تنسى حزنها قليلا..
قالت مها بعتاب: ملاك ليستمثلي.. انا يمكنني ان اتقبل مزاحك وسخريتك.. ولكن هي ربما لا.. انت اعلم بظروفها ..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: بلى اعلم بظروفها اكثر من أي شخص آخر..
ومنثم نهض من على مقعده وقال: سأذهب الى غرفتي..
ابتسمت مها وقالت: ومن سألك عنمكان وجهتك الآن..
تطلع لها مازن بنظرة طويلة قبل ان يلتفت عنها ويصعد درجاتالسلم..امام مها فقد التفتت الى باب غرفة ملاك وتوجهت لها .. ولكن اوقفها بغتة صوترنين هاتفها المحمول.. فالتقطته من حقيبتها وابتسمت ابتسامة واسعة وهي ترى رقم حساميضيئه وأجابته بلهفة مازحة: اهلا حسام.. الم تصبر على فراقي بهذه السرعة؟..
قالحسام بابتسامة: تحلمين.. لقد اتصلت فقط لاعرف منك بعض الامور..
استغربت مهاحديثه وقالت بحيرة: أي امور هذه التي تود معرفتها؟..
قال حسام وهو يضغط على حروفكلماته: عن تلك الفتاة المدعوة ملاك..
قالت مها بتلعثم: صديقتي.. ماذابها؟..
قال حسام بشك: لقد قلت انك قد تعرفتي عليها في النادي.. ومع اني لم ارهافي النادي ابدا.. الا انني ظننت انني لم انتبه لوجودها به قبل الآن..ولكن عندمارأيت انها فتاة مقعدة ازدادت شكوكي حولها.. فمن مثلها لا يمكن ان تشتركبالنادي..
قالت مها بارتباك: حسام ماذا جرى لك؟.. هل تعمل ضابط مباحث او محققبالشرطة؟.. الامر لا يستدعي كل هذا .. لقد جاءت الى النادي لمرة او مرتين من قبللمجرد الزيارة وتعرفت بها خلال هذه الاثناء..
قال حسام بارتياب: لا اعلم لم اشعرانك لا تقولين الصدق..
ازدردت مها لعابها وقالت وهي تحاول ان تنهي الموضوع: بلانا كذلك.. استمع الي.. اتصل بي بعد قليل.. فلدي مكالة اخرى.. الىاللقاء..
قالتها دون ان تستمع الى جوابه.. وفي الطرف الآخر قال حسام وهو يبتسمبزاوية فمه: لا تزالين لا تعرفين الكذب علي يا مها.. استطيع ان اكشف كذبك من ارتباكصوتك وتلعثمه .. ومن إنهاءك السريع للمكالمة.. ولكن سأعلم بكل شيء قريبا.. ان اردتذلك...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 06:04 AM   #4

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

الجزء الرابع

" ..
لماذا؟ .."


(
لم يحضر كمال على العشاء أيضا)
قالها امجد وهو يجلس حول مائدة الطعام وتبدوا على ملامحه العصبية.. واردف بحدة: الى متى سيستمر هذا الشاب في تصرفاته؟..
قال مازن بهدوء: لا عليك يا والدي.. سيأتي بعد قليل..
انفعل والده وقال: منذ نصف ساعة وانت تقول لي مثل هذا الكلام.. لو كان سيأتي لجاء مبكراً..
واردف قائلا: اتصل به بسرعة واطلب منه ان ياتي فورا..
-
حسنا يا والدي سأفعل.. اهدئ انت فقط..
نهض مازن من مكانه واتجه الى الطاولة الصغيرة القريبة من المائدة ليلتقط هاتفه المحمول ويتصل بكمال.. اما ملاك فقداستمرت في تحريك الملعقة كعادتها في الطبق دون هدف.. فقالت مها بعطف: ملاك .. لماذالا تأكلين؟..
قالت ملاك بابتسامة باهتة وهي ترفع رأسها الى مها:من قالهذا؟..
قالت مها وهي تشير الى طبقها: طبقك المليء بالطعام..
تركت ملاك الملعقة من يدها وقالت وهي تتنهد: لا اشعر برغبة في ذلك..
قالت مها متسائلة: ولماذا؟.. ان كان والدك هو السبب.. فقد اتصل بك اليوم وتحدث اليك كماوعدك..
قالت ملاك بصوت خفيض وهي تتطلع الى نقطة وهمية: ليس الامر سهلا كماتظنين.. ان فراق ابي يعني لي فراق العالم بأسره.. اني لا اعرف احدا سواه..
قالمازن الذي سمع صوتها على الرغم من انخفاضه: وماذا عنا.. الا تعرفيناايضا؟..
قالت ملاك وهي تلتفت له: ولكن ليس مثل ابي..
هز مازن كتفه وسار ليكملطريقه ولكنه اصطدم بالملعقة المجاورة بملاك دون قصد.. فانحنت ملاك لتلتقطها.. ولكنمازن كان الاسرع الذي انحنى وقال بابتسامة وهو يعيد وضع الملعقة على الطاولة وينهضواقفا : لا تتعبي نفسك..انا من أسقطها وانا من عليه ان يحضرها..
وجدت ملاك نفسهاتزدرد لعابها وتقول بصوت خافت: شكرا لك..

((
خذي دميتك))
((
شكرالك))

دس مازن اصابعه بين خصلات شعره وهو يحاول فهم مادار بذهنه.. أي كلماتتلك التي مرت بباله.. ومن قالها؟.. أيكون هو؟.. ولماذا قالها ومتى؟.. ولماذا جالتبذهنه الآن؟..لم يستطع الاجابة على أي من تساؤلاته وهو يعود الى مقعده.. ويلتقطالملعقة ليتناول طعامه من جديد..ولكن.. لماذا لم تدر هذه الكلمات في ذهنه الا عندماجاءت ملاك الى منزلهم؟.. لماذا؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛جلست مها في غرفتها بعدالعشاء وهي تشعر بالتعب وهي ترى أكوام الكتب امامها على الطاولة.. وقالت بضجر: لقدتعبت..
واردفت بسأم: لا اعرف حل لهذه المعادلة الحسابية.. لقد سأمت..
نهضت منعلى المقعد ورمت بنفسها على الفراش بتعب.. واخذت تفكر بأي شيء غير الكتب التي لاتزال مفتوحة .. وفجأة قالت بابتسامة: ربما كان حسام يعلم حل هذهالمعادلة..
وكأنها لم تكن تريد الا أي حجة لتتصل به.. فالتقطت هاتفها المحمولواتصلت به قائلة بابتسامة: الو .. اهلا حسام كيف حالك؟..
عقد حسام حاجبيه وقال: انا بخير.. ماذا بك يا مها ولم تتصلين في هذه الاثناء..
قالت مها وهي تتوجه نحوالطاولة وتجلس خلفها: لدي معادلة حسابية ولا اعرف حلها.. ولم اجد سواك ليساعدني علىذلك..
قال حسام بابتسامة: مها.. ماذا جرى لك؟ .. انسيت ان تخصصي مختلف تماماعنك؟..
قالت مها وهي تلتقط قلمها وتقلبه بين اصابعها: لم انسى.. ولكن..لم اجد منيساعدني سواك..
ادرك حسام منذ البداية انها لم تتصل من اجل المعادلة الحسابيةوقال بمكر: ومن قال لك اني اعرف حل هذه المسائل؟..
قالت بابتسامة: لقد حللت معيسابقا مسألة مماثلة لها..
قال حسام وهو يجلس على طرف فراشه: مشكلتك انك لاتعرفين التمثيل والكذب..ولكن لا يهم اخبريني الآن بما عندك..
اخبرته مهابالمسألة.. فحاول ان يشرح لها طريقة حلها بهدوء.. اما الاولى فقد كان اعجابها بهيزداد.. لقد كانت معجبة به منذ ان كانت طفلة ..لا تنكر هذا.. وتولد شعور بداخلهاتجاهه مع الايام كلما يأتي الى منزلهم من اجل مازن او كمال.. كانت تلعب معه احياناوهي صغيرة..واحيانا اخرى كانت تلعب معه هو واخوتها.. وحتى عندما كان كمال يرفضاشراك فتاة في اللعب.. كان حسام يدافع عنها.. منذ ان كانت طفلة وهي تراه فارساحلامها الذي يذود عنها..ولكن.. مشكلتها هي انها لا تعرف مشاعر حسام تجاهها.. احيانا تشعر به يهتم بها.. واحيانا يعاملها كأخت له تماما.. ولكن لم تعلم ابدا بمايخفيه في قلبه.. واذا كان يحمل لها ذات الشعور الذي تحمله له..
وقال حسام عندماانتهى من شرح الحل لها: والآن هل فهمت الطريقة..
قالت بتأكيد وثقة: بالطبع مادمت قد شرحتها لي..
قال حسام بهدوء: حسنا اذا ما دام الامر كذلك.. فالىاللفاء..
اسرعت تقول: حسام انتظر..
قال حسام بابتسامة: منذ البداية واناانتظر الموضوع الاساسي لاتصالك.. اخبريني ما هو؟..
ازدردت لعابها وقالت : الموضوع الاساسي؟.. لا يوجد أي موضوع اساسي.. فقط أردت ان أسألك ان كنت ستأتي غدالمنزلنا ام لا..
قال حسام متسائلا: وما الداعي لحضوري؟..
مطت مها شفتيهاوقالت: لا يوجد أي داع ابدا.. الى اللقاء..
قال حسام بابتسامة واسعة: اراك فيالنادي اذا.. الى اللقاء..
انهت مها المكالمة لتضع الهاتف على الطاولة ومن ثمتعود لترمي بنفسها مرة اخرى على الفراش.. وقالت وهي تتنهد: احيانا اتخيل او ربمااتوهم انك تحمل لي مشاعر ما في قلبك يا حسام ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛تطلعتملاك من نافذة غرفتها الى النجوم المتلألأة في السماء.. والتي بدت كماسات تبرق فيثوب الليل الممتد بلا نهاية ..كانت شاردة الذهن.. تفكر في اشياء كثيرة.. ولكن محورتفكيرها كان ابيها..واطرقت برأسها للحظة لتتطلع الى القلادة التي حول عنقها.. كانتعلى شكل قلب يتوسطه قلب متأرجح.. كانت القلادة التي اهداها لها والدها ذلكاليوم..
شعرت بملل شديد وهي لا تشعر بأي رغبة في النوم.. خصوصا وان المكان غريبعليها ولم تعتد النوم الا في منزلها وفي غرفتها..القت نظرة سريعة على ساعة يدهاالتي كانت تشير ****بها الى الثانية بعد منتصف الليل.. وتنهدت قائلة وهي تتطلع الىالسماء من جديد: يا لهذا الليل الطويل.. متى تشرق الشمس؟ ..
حركت عجلات مقعدهاالى حيث حقيبتها.. وتطلعت الى مجموعة من الكتب والروايات التي جلبتها معها الىهنا.. ولكنها لم تشعر بأي رغبة في القراءة..لذا وجدت نفسها تحرك عجلات مقعدها منجديد الى الباب ومن ثم تحرك مقبضه وتدفعه بهدوء..وتخرج الى الردهة التي كانت اشبهبصورة ثابتة.. لا يتحرك فيها أي شيء.. ولا يسمع فيها أي صوت سوى صوت انفاسها .. ودارت بعينيها في ارجاء الردهة قبل ان تحرك عجلات مقعدها وهي تشعر بالخوف.. الخوفمن الوحدة.. الخوف من الظلام.. الخوف من كل شيء.. ووجدت قبضتاها تنقبضان على عجلتيالمقعد.. تمالكت نفسها وحاولت ان تهدئ نفسها .. وهي تردد ان ليس هناك ما يخيف.. فالصمت يعم ارجاء المكان و...
وبغتة سمعت صوت ما..صوت حركة ما.. فانتفضت بقوة .. وسرت في جسدها ارتجافة خوف..وهي منكمشة في مكانها لا تقوى على الحراك.. ودون انتحاول رفع عينيها .. سمعت الباب الرئيسي للمنزل يفتح.. ازداد خوفها وهي نخشى انيكون القادم لصا.. حاولت العودة من حيث أتت.. ولكن يداها لم تطيعاها في تحريك عجلتيالمقعد.. رفعت عيناها بخوف وهي تزدرد لعابها وشاهدت ذلك الظل الاسود يدخل الى لمنزلبهدوء شديد ..وبينما هو يسير الى حيث الدرج.. التفت بغتة الى اليسار.. الى حيث تجلسملاك! ..وهنا اخذ قلب ملاك يخفق بقوة وخوف وشعرت بانمالها ترتجف ..ولكن سمعت صوتذلك الظل فجأة وهو يقول: من هناك؟..
ارتجفت مرة اخرى.. ولكن تذكرت انها سمعت هذاالصوت من قبل وانها تذكره.. رفعت رأسها الى الواقف عند السلم وقالت وهي تزدردلعابها بتوتر: انا..هل انت كمال حقا؟..
تنهد كمال وقال: لقد ظننت ان هناك متسللادخل الى المنزل..
وابتسم بسخرية وهو يتحدث الى نفسه: ( مع اني حالك لا يختلفكثيرا)..
في حين قالت ملاك وهي تحاول تمالك اعصابها: لقد ظننت الشيء ذاته عندمارأيتك تدخل الى المنزل..
قال متسائلا وهو يعقد حاجبيه: ما الذي يبقيك مستيقظةحتى هذه الساعة المتأخرة؟..
زفرت ملاك بحدة وقالت: انه الارق.. وانت اين كنت حتىهذه الساعة المتأخرة؟..لقد سأل والدك عنك كثيرا..
التفت كمال عنها وقالبلامبالاته المعهودة: اهتمي بشؤونك ولا تتدخلي في خصوصيات غيرك..
ارتفع حاجباملاك بمزيج من الدهشة والالم وتطلعت اليه للحظة قبل ان تقول وهي تطرق برأسها بمرارةوتدير عجلات مقعدها: معك حق.. لم يكن علي التدخل في خصوصيات الغير..
قالتهاوتوجهت الى غرفتها.. واغلقت الباب خلفها بقوة.. وقالت بمرارة وهي تشعر بغصة تملأحلقها: ما الذي فعلته له حتى يعاملني هكذا؟.. ما الذي فعلته؟..
ووجدت نفسهاتتوجه نحو السرير وهي تشعر بدموعها تترقرق في عينيها.. وترفع جسدها من المقعد بالمومرارة.. عضت على شفتيها وهي تجد نفسها تفشل في رفع جسدها فقالت بعصبية: لماذا؟..لماذا؟.. تبا.. تبا..
نجحت أخيرا وارتفع جسدها لتجلس على الفراش وتتركلجسدها الفرصة ليرتاح.. تنهدت بحزن قبل ان تلقي برأسها على الوسادة..وعلى الرغم منحزنها وجدت نفسها تغط في النوم.. نوم عميق وبلا أحلام...
ولكن اسمحوا لي ان اقوللملاك..انها البداية فقط.. وان ما تراه اليوم.. هو ابسط شيء قد يواجهها في حياتهاهذه المليئة بالصراعات...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ضوء الشمس القوي سقط علىعيني ملاك.. ليجعلها تعقد حاجباها بقوة .. ومن ثم تغطي وجهها بالغطاء وهي تقول وهيتشعر بالنعاس: اريد ان انام يا ابي..
شعرت نادين التي فتحت ستارة الغرفةبالاشفاق تجاهها وهي تسمعها تقول عبارتها تلك.. وقالت بصوت هادئ: آنستي انها الساعةالعاشرة.. الن تستيقظي؟..
قالت ملاك وهي تتثاؤب: لا .. انا متعبة لم انم امس الافي ساعة متأخرة..
قالت نادين متسائلة: ولماذا؟..
فتحت ملاك احدى عينيها وقالتوهي تبعد الغطاء عن وجهها: لقد شعرت بالارق ولم استطع النوم و...
بترت ملاكعبارتها وارتسم على ملامحها الحزن وهي تتذكر ما حصل بالامس والكلمات التي قالها لهاكمال..ولكن نادين لم تنتبه لذلك وهي تقول بابتسامة: ذلك لانك لم تعتادي النوم هنابعد.. والآن هيا استيقظي..
قالت ملاك وهي تعتدل في جلستها: اخبريني اولا من يوجدبالمنزل؟..
قالت نادين وهي تقترب منها وتضع الوسادة خلف ظهرها: لا احد يا آنستيسواك انت وانا و الخدم..
قالت ملاك بدهشة: واين ذهب الجميع؟..
قالت نادينبهدوء: السيد امجد والسيد مازن غادرا الى الشركة منذ الساعة الثامنة صباحا.. اماالسيد كمال والآنسة مها فقد ذهبا الى الجامعة منذ ساعة..
قالت ملاك بهدوء مماثل: فليكن.. ساستبدل ملابسي واخرج لأتناول الفطور..
قالت نادين وهي تهم بالخروج منالباب: سيكون الفطور جاهزا..
قاليها واغلقت الباب خلفها.. اما ملاك فقد استبدلتملابس النوم.. بفستان ذا لون وردي.. جعلها تبدو كالزهرة المتفتحة.. ورفعت خصلاتشعرها بواسطة ربطة شعر من اللون ذاته..تطلعت الى نفسها في المرآة لتطمأن الى شكلهاومن ثم لم تلبث ان غادرت الغرفة وهي تتوجه الى طاولة الطعام.. رأت الطاولة خاليةالا منها وقالت بابتسامة مريرة: الامر لم يختلف كثيرا عن وجودي بالمنزل..
قالتنادين التي كانت تقف قريبة منها: آنستي لقد اتصل استاذ الرياضيات منذ قليل وقال انهسيأتي بعد ساعة..
هزت ملاك كتفيها بعدم اهتمام.. ومن ثم شرعت تتناول افطارهابصمت وهدوء..وان لم تكن تشعر بمذاق أي شيء مما تتناوله..وما لبثت ان قالت بعدانتهاءها من تناول طعام الفطور:أريد ان أذهب للتنزه في الحديقة الخارجية..خذيني الىهناك..
قالت نادين بابتسامة: كما تشائين آنستي ولكن الجو بارد بالخارج .. اذهبيلترتدي ملابس أكثر دفئا..
قالت ملاك وهي تحرك مقعدها: لا اريد..
-
ولكن آنستيالجو بارد..
قالت ملاك باعتراض: انا احب الخروج في جو كهذا وبملابسيالاعتيادية..
قالتها وواصلت طريقها فقالت نادين باستسلام: كما تشائين..
غادرتالمكان مع نادين الى الحديقة الخارجية للمنزل.. وتطلعت ملاك حولها بابتسامة وقالتوهي تلتفت الى نادين: خذيني الى حيث توجد الزهور..
قالت نادين مداعبة: انها تجلسامامي..
اتسعت ابتسامة ملاك وقالت وهي تشعر بالهواء البارد يداعب شعرهاووجنتيها: هيا خذيني الى حيث الزهور..
قالت نادينة وهي تدفع مقعد ملاك بهدوء: لست اعلم اين توجد الزهور في هذه الحديقة.. ولكن لنبحث عنها..
أخذت نادين تدفعملاك أمامها في تلك الحديقة الواسعة.. والممتلأة بالحشائش والأشجار.. وقالت ملاكبغتة: إنها هناك ..
قالتها وأشارت بيدها الى الجانب الأيسر لها..فدفعت نادينالمقعد وتوقفت بها امام حوض الأزهار تماما..فأغمضت ملاك عينيها وهي تتنهد.. ورسمتعلى شفتيها ابتسامة حالمة وقالت: كم أتمنى ان ابقى هنا طويلا..طويلا جدا..
شعرتبنسمات الهواء الباردة تعود لتداعب وجنتيها وتحرك خصلات شعرها الاسود..فتحت عينيهاوتطلعت الى الطيور المحلقة في ذلك الفضاء.. وارهفت السمع الى صوت الرياح.. ومن قملم تلبث ان مدت يدها لتداعب زهرة ما و...
(
حذار ان يجرحك شوكها)
تراجعت ملاكبيدها اثر الصوت الذي سمعته.. واسرعت تلتفت الى القادم نحوهم وقالت بدهشة: مازن.. الم تذهب الى الشركة مع ابيك؟..
ابتسم مازن الذي كان يرتدي زيا مكونا من بنطالوسترة ذا لون بني قاتم وقميص ذا لون بني هادئ (البيج) .. ولم يكن يرتدي أي ربطةللعنق..فمازن لم يكن يحب ارتداء ما يخنقه كما كما يقول..وقال: بلى.. ولكني عدت.. فقد شعرت بالملل..
وتساءل قائلا: اخبريني .. ما الذي تفعلينه هنا؟..
هزتكتفيها وقالت: كما ترى ..اتطلع الى الطيور .. اداعب الزهور.. واستمع الى صوتالرياح..
قال مازن بسخرية: تستمعين الى صوت ماذا؟..
وقبل ان تجيبه ملاك.. التفت الى نادين وقال: هل لك ان تحضري لي كأس من الماء؟..
قالت نادين مترددة: وماذا عن ملاك؟..
قال مازن بهدوء: سأبقى معها ولن اتحرك من مكاني ريثماتعودين..
اومأت نادين برأسها وقالت : حسنا اذا.. لن اتأخر..لحظات وأعود ..
فيحين قالت ملاك وهي تتطلع الى البعيد: قد تظن اني طفلة لو أخبرتك انني أحيانا أتحدثالى الزهور .. لاني لا اجد سواها لأتحدث اليها.. على الاقل .. اشعر اني أستطيع انأتحدث كما يحلوا لي.. وانها لن تتضايق مما سأقوله ابدا..
تطلع لها مازن بدهشةوحيرة.. تتحدث الى الزهور.. وتستمع الى الرياح.. أمجنونة هذه الفتاة؟..في حين اردفتملاك وهي تغمض عينيها: الوحدة شعور صعب يجعلك تتحدث الى كل ما حولك.. والى أي شيءكان..
قال مازن بهدوء غير عابئ لما تقوله: الجو بارد.. ادخلي الى المنزلالآن..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اريد..
قالت السيدة نادين بغتة: دعهاانها عنيدة.. لن تفعل الا ما تريده هي..
التفط مازن كأس الماء من نادين وأخذيشربه في حين عادت ملاك لتفتح عينيها وقالت مبتسمة: وهل أفوت على تفسي مشاهدة مثلهذا المنظر الجميل؟.. على الاقل قبل ان يصل الأستاذ واكون محتجزة في المنزل لأكثرمن ساعة..
ما ان انتهت من عبارتها حتى عادت الرياح لتلفح وجهها ولكن هذه المرةبشدة اكثر.. وبنسمات باردة.. جعلت جسد ملاك يقشعر.. فقال مازن وهو يزفر بحدة: هلستظلين بالخارج حتى تمرضي.. هيا ادخلي الى المنزل وارتدي على الاقل مايدفئك..
قالت ملاك بعناد طفولي: لا..
ابتسم مازن وقال: معك حق يا سيدةنادين.. انها عنيدة حقا..
مدت ملاك يدها في تلك اللحظة وداعبت زهرة ما ذات لونوردي يشبه لون فستانها.. فقال مازن وهو يخلع سترته ويقترب منها: ولم لا تقطفينها مادامت تعجبك؟..
قالت ملاك باعتراض: ان قطفتها ستبتعد عن بقية الوردات وستذبل بينيدي.. ولكن ان بقيت في مكانها فستزهر دائما..
ارتسمت ابتسامة على شفتي مازن وقالوهو يضع سترته على كتفيها: معك حق.. ستكون بحال جيدة ان بقيت مكانها ..
التفتتملاك بدهشة الى مازن .. ورفعت حاجباها باستغراب لتصرفه.. ولكنها لم تلبث ان تذكرتوالدها وما يفعله لها كلما احست بالبرد..لقد كان يخلع سترته ويضعها على كتفيهاتماما كما فعل مازن!.. ازدردت ملاك لعابها وتطلعت اليه لوهلة قبل ان تقول بابتسامةمرتبكة: شكرا لك..
قال مازن مبتسما: لا عليك..
وظل صامتا وهو يعتدل في وقفتهويتطلع الى أي شيء مما حوله..في حين وجدت ملاك نفسها تقول: ولكن الن يغضب والدك انغادرت العمل هكذا؟..
قال مازن بسخرية وهو يطوح بحجر صغير بعيدا: بلى.. ولكننهارغبته ..
قالت ملاك متسائلة: رغبته؟.. وكيف؟..
قال مازن وهو يلتفت لها: هو منأرادني ان اعمل معه.. لم أكن اريد ذلك ولكنه أرغمني على هذا العمل الذي اكرهه.. لهذا عليه ان يعلم اني من المستحيل ان اجد نفسي في عمل ابغضه ولا احتمل القيامبه..
تطلعت له ملاك لوهلة ومن ثم قالت: ولكن يجب عليك مساعدة أبيك..
قال مازنوهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: وها انذا افعل.. ولكن على طريقتي الخاصة..
ترددتملاك قليلا قبل ان تقول: ولكن هذا يعتبر خداعا له..
-
فليكن ما يكون.. اريد اناعمل في عمل اجد نفسي فيه لا ان اعمل في عمل أكون مرغما على ادائه.. كل ما يهموالدي ان أكون الى جواره فقط.. وماذا عني ايظن ان ليس لي طموح اتمنىتحقيقه..
صمتت ملاك ولم تجد ما تقول.. فقال مازن بهدوء: الم يحن الوقت للدخول؟.. الجو يزداد برودة..
ابعدت ملاك السترة عن كتفيها وناولتها لمازن وقالت بابتسامةباهتة: اعلم انك تشعر بالبرد .. لهذا خذها..
قال مازن باستنكار: لا.. انت فتاةويجب علي ان...
قاطعته ملاك لتقول بهدوء: فليكن .. سأدخل الى الداخل.. حتى أريحكمن عبئي عليك..
قالتها وحركت عجلات مقعدها بكلتا يديها وقد عادت اليها ذكرىالامس.. وما دار بينها وبين كمال.. وتساءلت للمرة العاشرة.. لماذا؟...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛قالت مها بمرح وهي تودع صديقتها عند مواقفالجامعة: الى اللقاء اراك غدا.. ولا تنسي اتصلي بي لتخبريني ما حدث..
قالتصديقتها مبتسمة: بكل تأكيد لن أنسى.. الى اللقاء..
لوحت لها مها بيدها وهي تجريمبتعدة دون ان تنتبه لعيني ذلك الشاب الذي اخذتا تراقبانها وهي لا تزال تلوحبيدها.. وقال ذلك الشاب بغتة وهو يراها تقترب منه: كيف حالك يا ايتهاالجميلة؟..
التفتت مها بحدة الى مصدر الصوت.. وارتفع حاجباها بدهشة وهي ترىالواقف امامها .. وزفرت بحدة وهي تقول: أرعبتني يا حسام؟؟قال حسام مبتسما: احقا؟.. تستحقين ان تصابي بالرعب بكل صراحة..
قالت مها وهي تضع كفها عند خصرها: ولماذا؟..
ولكنها اردفت بحيرة: ولكن اخبرني.. هل انتهت محاضراتك في مثل موعدانتهاء محاضراتي؟..
قال بهدوء: بل قبلها بنصف ساعة.. ولكن أخذني الحديث مع احدالاصدقاء ولم اشعر بالوقت حينها.. وبعد مغادرته.. رأيتك وانت تغادرينالجامعة..
قالت مبتسمة: من الغريب ان تنتظرني.. انها المرة الاولى التيتفعلها..
-
اولا انا لم انتظرك بل رأيتك مصادفة.. وثانيا اظن انها ستكون المرةالاخيرة..
ضحكت مها بمرح وقالت: لن تستطيع..
رفع حاجبيه باستخفاف وقال: ولم؟..
قالت مبتسمة وهي تتطلع الى مبنى الجامعة: لاننا في جامعة واحدة.. وسأراككثيرا رغما عنك..
قال وهو يلوح بكفه مغيرا جفة الحديث: اخبريني هل هناك منسيوصلك.. ام أوصلك انا؟..
ومع انها لمحت سيارة والدها الذي يرسلها لها الىالجامعة مع السائق .. الا انها قالت: لا ادري لقد تأخر السائق كثيرا ولا اريد اناتأخر على المنزل..
صمت حسام قليلا ومن ثم قال : حقا؟.. هل تأخر السائق يا مها؟ ..
اومأت برأسها وهي تزدرد لعابها.. فقال وهو يشير الى بقعة ما ويبتسم: وماهذهالسيارة التي تقف هناك اذا؟.. اليست سيارتكم؟.. والسائق.. اليس السائق الخاصبوالدك؟..
قالت مها بحنق وهي تحرك قدمها بعصبية: بلى هو.. لم اره.. الى اللقاءالآن..
قال في سرعة: انتظري..
التفتت له وقالت بحدة: ماذا؟..
قال بابتسامةجذابة: لا يهون علي ان تذهبي وانتي متضايقة هكذا.. اذهبي الى السائق واطلبي منه انيغادر.. وسأوصلك انا..
قالت بفرحة لم تستطع ان تكتمها بداخلها: حقا؟؟.. سأذهباليه في الحال..
ومن ثم تنبهت الى نفسها فقالت بخجل: اعني حتى لا أأخره عنوالدي..
ابتسم حسام وهو يراها تبتعد وتبلغ السائق حتى يغادر.. وما ان غادرالسائق حتى أسرعت بخطواتها اليه وقالت بابتسامة واسعة: هاقد غادر السائق..
قالوهو يلتفت عنها: اتبعيني اذا الى حيث سيارتي..
قالت وهي تسير الى جواره: لا احبان اتبع احد..
التفت لها وفي عينيه نظرة استخفاف.. ومن ثم واصل طريقه الى حيثالسيارة.. ففتح قفلها عن طريق جهاز التحكم عن بعد.. واشار لهاحتى تركبها.. وابتسمتمها بسرور وهي تدلف اليها.. صحيح انها ليست المرة الأولى التي يوصلها فيها حسام الىمكان ما.. ولكنها مع هذا تشعر بسعادة كبيرة كلما شعرت بنفسها قريبة منه..
في حين استقر حسام خلف مقعد القيادة وأدار المحرك لينطلق بالسيارة .. وران الصمت عليهم بضعدقائق.. فقالت مها لتقطع هذا الصمت: ستأتي الى النادي اليوم.. اليس كذلك؟ ..
اومأ برأسه وقال: بلى.. ثم انت تعلمين ذلك.. فلم تسألين؟ ..
قالت متجاهلةعبارته: ما اخبار الدراسة معك؟..
هز كتفيه بالمبالاة وقال: جيدة..
قالت مهابصيق: ولم تجيبيني باقتضاب هكذا؟..
قال مبتسما:ماذا بك؟.. الست أجيب عنأسألتك؟..
اشاحت بوجهها نحو النافذة وقالت بحنق: اجل..
سالها حسام بغتة: ماهي أخبار ملاك؟..
قالت مها بعصبية: وما شأنك بها؟.. ثم هل طلبت توصيلي الىالمنزل حتى تسألني عن ملاك؟..
قال حسام بهدوء شديد أثار أعصاب مها: انه مجردسؤال عابر ..
قالت مها بحدة: اشك في هذا.. وعلى العموم فهي بخير.. اطمأن ..
ضحك وقال: ومن قال انني اردت ان اطمأن عليها؟..
قالت بعصبية: اذا لم تسألعن أحوالها اذا لم ترد الاطمئنان عليها ..
أوقف حسام سيارته بجوار منزل مها وقالوهو يغمز بعينه: ربما لسبب آخر..
تطلعت له لوهلة دون ان تستشف من قوله أي شيءيروي فضولها .. ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تفتح باب السيارة: أشكرك على توصيلي ..
قال مبتسما: على الرحب والسعة..
ألقت مها نظرة أخيرة على حسام قبل انتغادر السيارة وتنطلق الى المنزل.. وما ان ابتعد بسيارته حتى أحست بأنها قد فقدت شيئا هاما.. شيئا عزيزا وغاليا واهم من كل مالديها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛جلس امجد في الردهة يحتسي القهوة.. ويتطلع الىالصحيفة بلا اكتراث.. والتفت الى حيث الدرج للحظات ومن ثم قال وهو يلمح مازن وهويهبط درجاته: كيف حال العمل بالشركة يا مازن؟..
توقف مازن عن النزول .. وقال وهويشعر بلهجة والده التي تخفي شيئا ما: على ما يرام.. لم تسأل يا والدي؟..
لم يجبهامجد بل ظل صامتا وهو ينتظر من مازن نزول الدرج.. وقال هذا الاخير وهو يهبط درجات السلم ويقترب من حيث يجلس والده: هل هناك امر ما يا والدي؟..
قال امجد وهو يشيرله بالجلوس: انت ابني الأكبر يا مازن.. ويجب ان تكون ذراعي اليمنى في العمل.. اليسكذلك؟ ..
جلس مازن فوق المقعد الذي أشار له والده وظل مازن صامتا فقال امجدبحدة: اجبني .. اليس كذلك يا مازن؟.. ام تفضل ان تكون مجرد فأر يتسلل الى خارجالشركة كل يوم في العاشرة واحيانا حتى التاسعة صباحا؟..
اتسعت عينا مازن وقالوهو يزدرد لعابه: من قال لك هذا يا والدي؟..
قل امجد بسخرية: أتظن اني أحمق لااعلم ما يدور في الشركة .. انني ارصد كل نفس فيها.. ولكن ابني الأكبر الذي يجب انيكون قدوة للموظفين يتسلل خارجا كل يوم كالفئران..
قال مازن وهو يكور قبضته: أرجوك ابي لا داعي لمثل هذا الكلام..
-
هل لك ان تفسر لي تصرفك هذا اذا؟..
دسمازن أصابعه بين خصلات شعره وقال: انت تعلم منذ البداية اني لا اجد نفسي في هذاالعمل.. واني لم اكن ارغب في ان اقوم به..
قال والده بانفعال: وكنت تريدني انأتركك تعمل لدى شركة اخرى منافسة.. لا.. انت ابني ومن حقي عليك ان تكون الى جواروالدك وتساعده..
قال مازن برجاء: ولكن لي طموح في هذه الحياة يا ابي.. ولو عملت في شركتك فلن أحققه...
اشار له والده بالصمت وقال: كفى يا مازن لقد انتهى النقاش .. وحذار ان تغادر الشركة مرة اخرى والا سيكون لي تصرف آخر معك..
زفر مازنبعصبية وقال: هل تريد أي شيء آخر يا والدي؟..
قال والده باقتضاب : لا..
نهضمازن من كرسيه وأسرع يتوجه الى أي مكان المهم ان يهدئ من اعصابه قليلا..ووجد نفسهامام الباب الرئيسي.. فأسرع يفتحه و ...
(
الى اين؟..)
تردد ذلك الصوت الهامس الرقيق من خلفه.. فالتفت الى ملاك ناطقة العبارة السابقة وتطلع اليها للحظات .. فيحين ظنت ملاك ان صمته يعني انه لم يسمعها جيدا.. فعادت تكرر عبارتها وقالت بصوتمرتفع أكثر: الى اين تذهب يا مازن؟..
مط مازن شفتيه بغضب ومن ثم قال وهو يستديرعنها: الى الجحيم..
لم يكن الوقت المناسب ابدا لملاك ان تتحدث اليه وهو في هذهالحالة من الغضب.. في حين تطلعت اليه ملاك للحظات بألم ومن ثم لم تلبث ان قالتبمرارة : ما بالكم جميعا؟..الكل يكره ان احدثه..ليتني لم آتي الى هنا.. ليتني لمافعل..
التفت مازن اليها بدهشة وسرعة ومن ثم قال: من تعنين بالجميع يا ملاك؟.. هل هناك من ضايقك؟..
اشاحت بوجهها لتخفي الدموع التي ترقرقت في عينيها ومن ثمقالت بألم: وماذا يهم؟.. انت مثله تماما.. تكره التحدث الي..
عاد مازن ادراجهالى حيث تجلس ملاك وافتعل ابتسامة على شفتيه وهو يقول: لم اقصد محادثتك بهذاالاسلوب.. فقد كانت اعصابي مشدودة بعض الشيء.. ولكن لم تخبريني من الآخر الذيضايقك..
تطلعت اليه بتردد ومن ثم لم تلبث ان قالت بصوت خافت: كمال..
تساءلباهتمام: وما الذي فعله؟..
-
لقد سألته عن شيء ما يعنيه.. فطلب مني ان لا اتدخلفي شؤونه وان اهتم بشؤوني فقط..
عقد مازن حاجبيه وقال وهو يهبط الى مستواها: سألته؟.. وعن ماذا سألته؟..
ازدردت ملاك لعابها وقالت: لقد أصابني الارق ليلةالبارحة.. ورأيته يدخل في ساعة متأخرة.. فسألته عن سبب تأخيره كل هذا الوقت لأن عميكان قلقا عليه..
قال مازن بابتسامة باهتة: ملاك.. لا تدعي هذا يضايقك.. فهذه هي عادة كمال.. لا يحب ان يتدخل احد في شؤونه وحتى والدي نفسه.. ثم ان تأخره امر طبيعي فهو يتأخر يوميا عن المنزل..
صمتت ملاك دون ان تعلق على عبارته.. فقال وهو يتطلعاليها: أظن اني ادين لك بالاعتذار عما فعلته قبل قليل.. انا آسف.. واعتذر كذلك نيابة عن كمال.. ولكن لا تتضايقي.. فلا احب رؤية ابنة عمي عابسة هكذا..
التفتت اليه وارتسمت ابتسامة حملت كل ما بداخلها من امتنان له فقال مبتسما وهو يربت على كفها وينهض واقفا: والآن مادمت قد رايتك مبتسمة.. فعن اذنك سأزور احد أصدقائي ..
قالها ولوح لها بكفه.. ولكن ملاك لم تكن تطلع اليه في تلك اللحظة.. بل الىكفها التي ربت عليها مازن.. وشعرت بقشعريرة باردة تجري في جسدها.. وهي تتذكر لمسته لها.. ووجدت قلبها يخفق بقوة..
ولهفة...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 06:10 AM   #5

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

الجـزء الخامس

"..
إعجاب .."

اخذت مها تتحرك في أرجاء الطابق الأول.. ولم تلبث ان تنهدت بملل.. وهي تهبط درجات السلم الى الطابق الأرضي ..وتوجهت الى غرفة ملاك لتطرق الباب عدة مرات ولما لم تسمع جوابا فتحت الباب ودلفت الى الداخل لتقول بهدوء: ملاك.. هل انت نائمة؟..
وعقدت حاجبيها وهي تتطلع الى ارجاء الغرفة الخالية من ملاك .. وسمعت بغتة صوت نادين تقول من خلفها: الآنسة ملاك ليست هنا .. انها بالردهة ..
قالت مها بحيرة: من الغريب ان تخرج ملاك الى الردهة..
قالت نادين بهدوء: لقد فعلت ذلك لأني كنت اقوم بتنظيف وترتيب الغرفة حينها..
فهمت مها الأمر.. فغادرت غرفة ملاك وتوجهت الى الردهة .. وهناك رأتها جالسة على الاريكة وامامها طاولة صغيرة عليها كتابين وبعض الاوراق المبعثرة..وابتسمت مها وهي تقترب من ملاك قائلة: ماذا تفعلين؟..
يبدوا ان ملاك لم تنتبه لقدوم مها فانتفضت بخوف والتفتت الى مها ومن ثم لم تلبث ان قالت بابتسامة باهتة: كما ترين.. ادرس ..
تقدمت مهامن ملاك وجلست الى جوارها.. كانت المرة الاولى التي تراها فيها مهابدون مقعدهاالمتحرك.. تجلس بشكل طبيعي وكأنها سليمة معافاة من أي عجز.. ولكن مها لم تصرح بأيشيء مما دار بخلدها وقالت وهي تتطلع الى الاوراق المبعثرة: يبدوا وانك مجتهدة فيدروسك..
تنهدت ملاك وقالت: شيء اشغل به وقتي بدل ان اقضيه وحيدة في القيامبأشياء من غير فائدة..
قالت مها وهي تلتفت لها: ولكنك لم تخبريني بعد.. ما هوتخصصك الذي وقع اختيارك عليه..
قالت ملاك مبتسمة: تخصص تمنى ابي دوما اناختاره.. انه الأدب..
قالت مها وهي تبتسم: ممتاز .. انه تخصص جميل جدا..
قالتملاك متسائلة: وانت يا مها.. ماهو تخصصك؟..
قالت مها وهي تعتدل في جلستها وتقولبمرح وبلهجة تمثيلية: بصراحة لقد بحثت عن شيء ما يليق بي .. فلم اجدالا...
(
التشريح)
جاءت هذه العبارة الساخرة من بين شفتي مازن وهو يتقدم منهمابعد ان دخل الى المنزل من الباب الرئيسي.. فالتفتت له مها وقالت وهي تستهزئ به: يالخفة دمك.. أكاد اموت من الضحك..
اما ملاك فقد اعتراها التوتر لأول مرة وهي ترىمازن يقترب منهما ولكنها سرعان ما نفضت هذا الشعور والتفتت الى مها لتقول مكررة: ماهو تخصصك يا مها؟..
قالت مها بكل فخر: الكيمياء..
قال مازن ساخرا وهو يجلسعلى احد المقاعد القريبة من الأريكة التي تجلسان عليها: لا اظن ان مثل هذا التخصصيصلح لحمقاء مثلك.. فربما تتسببي يوما في تفجير مختبر الجامعة ..
قالت مها بحنقوغيظ: ولا تخصص السياحة يصلح لغبي مثلك.. فقد تتسبب في ايصال كل مسافر لبلدآخر..
لم يأبه مازن بما قالته بل التفت الى ملاك الجالسة على الاريكة بهدوء وقالمبتسما: لم اكن اعلم انك تدرسين الادب من قبل.. اتهوين القراءة ام الشعر؟..
شعرتملاك بالدهشة من سماعه الحوار بأكمله تقريبا بينها وبين مها.. ثم لم تلبث ان قالتبهدوء: الاثنان معا..
وهبطت عيناه الى الاوراق المبعثرة ومن ثم قال وعيناهتتطلعان الى احد الاجابات التي كتبتها ملاك: انها خاطئة..
قالت ملاك بحيرة: خاطئة؟..أأنت متأكد؟..
اومأ برأسه ومن ثم قال وهو يلتقط قلما ويعيد كتابةالاجابة: انها تحل هكذا..
تابعت ملاك خطوات اجابته وتطلعت له بإعجاب.. في حينقالت مها وهي تمط شفتيها: من اين أشرقت الشمس هذا اليوم؟.. مازن يساعد في حل مسألةما..
قال مازن بابتسامة واسعة وعيناه تتطلعان الى ملاك: لا تظني اني ما دمت لاأساعدك انت.. فلن اساعد ابنة عمي..
قالت مها بحنق: انك لم تساعد احدا ابدا.. انها المرة الأولى التي تفعل..
-
اظن اني حر في تصرفاتي وحر في مساعدة مناشاء..
قالت ملاك بخفوت: ارجوكما لا تتشاجرا بسببي..
ضحك مازن وقال: أتظنيناننا نتشاجر؟.. لا ابدا.. انه مجرد حديث عادي..
ابتسمت ملاك بالرغم منها وهيتراه يضحك .. وشعرت بالتوتر يعود ليراودها..في حين سمعت مازن يقول في تلك اللحظةوهو ينقل بصره بين المقعد المتحرك الذي يجوارها وبين الاريكة التي تجلسعليها:اتعرفين لأول مرة اراك تجلسين على مكان يختلف عن مقعدك..ان جلوسك معنا هكذاافضل بكثير ..
كانت مها تشير لمازن ان يصمت منذ بدأ حديثه ولكن مازن لم ينتبهلها.. في حين كانت ملاك صامتة وما انتهى من حديثه حتى التفتت الى ملاك لترى ردةفعلها.. توقعت ان تغضب.. ان تغادر المكان ولكنها لم تتوقع ابدا ان تقول وعلى شفتيهاابتسامة : اترى ذلك حقا؟..
اومأ مازن برأسه ايجابيا وهو يبتسم..في حين نقلت مهانظراتاها بينهما .. كانت نظرات مازن عادية جدا.. ولكن بالنسبة لملاك.. كانت نظراتهاتجمع ما بين الخجل واللهفة.. مها تعلم ان مازن يعتبر ملاك مجرد ابنة عم له لا اكثرولا اقل..وهو يتحدث اليها كما يتحدث الى مئات الفتيات الاخريات.. ولكن كيف لملاكالتي لم تتعلم شيئا من هذا العالم ان تدرك هذا؟..
قالت مها بغتة: ما رأيكم اننذهب الى النادي الآن؟..
قالت ملاك باعتراض: ولكن لم انهي دراستي بعد..
قالمازن وهو ينهض من مقعده: يمكنك ان تكملي دراستك بعد ان نعود..
واردف دون ان يتركلها مجالا للرفض: سأذهب لأستبدل ملابسي ريثما تجهزان..
تابعته ملاك بانظارها وهويغادر ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تتحدث الى مها: انه لم يمنحني فرصةللاعتراض..
ضحكت مها وقالت: حتى لا ترفضي الحضور.. والآن هيا.. اسرعي باستبدالملابسك حتى نغادر..
رفعت ملاك جسدها بكلتا يديها ومن ثم لم تلبث ان قالت لمهابابتسامة شاحبة: هل لك ان تدفعي المقعد الى الامام قليلا..
أسرعت مها تنهض منمجلسها وتقول وهي تتحرك نحو المقعد وتدفعه: بكل تأكيد..
رفعت ملاك جسدها من علىالاريكة لتجلس على مقعدها المتحرك اخيرا.. وان شعرت بالضعف لانها احتاجت الى مساعدةمها.. وتحركت بمساعدة مقعدها الى حيث غرفتها ..في حين قالت مها محدثة نفسها وهيتتطلع الى ملاك وتتذكر نظراتها الى مازن منذ قليل: ارجو ان يكون ما افكر به خاطئايا ملاك.. أرجو ذلك..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛طرقات هادئة سمعها كمال على بابغرفته وهو جالس على طرف الفراش يرتدي حذائه استعدادا للخروج وقال بهدوء دون ان يرفععينيه الى الباب: ادخل..
فتح الباب واطل من خلفه مازن الذي تقدم منه وقال وهويتطلع الى ما يفعله: ستخرج ايضا..
قال كمال ببرود: انت ايضا تذهب الى النادي فيهذه الاثناء ..
قال مازن وهو يجذب له مقعدا ويجلس عليه: أردت ان أتحدث اليكقليلا يا كمال..
رفع كمال انظاره الى مازن وقال: بشأن ماذا؟..
-
ابنةعمك..
قال كمال بلامبالاة مقصودة: أي ابنة عمة فيهن؟..
قال مازن بحزم: انتتعلم اني اعني ملاك..
-
وماذا بها الآنسة ملاك حتى تأتي لتحدثنيبشأنها؟..
قال مازن دون ان يأبه بسخرية كمال: ابنة عمك ملاك قد جاءت لتقضياسبوعا واحدا هنا.. فدعه يمضي على خير..
ضيق كمال عينيه وقال : هل اخبرتك هيبشيء؟..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: بكل شيء..استمع الي يا كمال .. ملاك فتاةعاجزة لا تستحق منك هذه التصرفات .. على الاقل تجاهلها ولكن لا تتحدث اليها بكلماتكالجارحة هذه ..
قال كمال وهو يبتسم باستخفاف: ولم انت مهتم هكذا؟ ..
-
لانهاابنة عمي أولا.. ولانها امانة في أعناقنا جميعا ثانيا..
ونهض من مكانه وهو يكمل: فأرجو ان تكون رجلا تستطيع ان تحمل المسئولية وتحافظ على الأمانة التي كلفك بها عمك ..
لم يبد على كمال أي بادرة فعل.. فزفر مازن بحدة وخرج من غرفته .. ليسيربالممر ومن ثم يهبط درجات السلم الى الطابق الارضي..وهناك لم يشاهد أي من ملاك اومها.. فصاح قائلا بصوت عالي: مها.. ملاك.. اين انتما؟..
اقتربت منه احدىالخادمات وقالت بهدوء: لقد رأيت الآنستين يخرجان الى الحديقة يا سيد مازن..
مطمازن شفتيه بملل ومن ثم غادر المنزل الى الحديقة الخارجية .. وهناك سمع صوت ضحكات.. كانت ضحكات مها وملاك.. لأول مرة يسمع ضحكات هذا الملاك الرقيق.. ووجد قدماهتقودانه الى حيث تقف مها وبجوارها ملاك.. وقال مبتسما: علام تضحكان؟..
قالت مهاوهي مستمرة في الضحك: لقد سألتني ملاك عن شيء ما في الكيمياء ولم استطع الإجابةعليه..
قال مازن بسخرية: اخبرتك انك لا تصلحين لدراسة الكيمياء و...
قاطعهمها قائلة وهي تشير الى ملاك: وحتى انتقم من ملاك سألتها شيء ما في الأدب ولم تستطعالإجابة عليه هي الأخرى..
ابتسم مازن وقال وهو يعقد ساعديه امام صدره: ربماارادت ان تجاملك فحسب..
تطلعت اليه بحنق فقال وهو يدير ظهره عنهما: هيا اسرعا لااريد ان اتأخر..
توجهت مها الى ملاك ودفعت مقعدها بهدوء الى ان اوصلتها الىالسيارة ..في حين كانت عينا ملاك معلقة بمازن وابتسامة مرتسمة على شفتيها.. لم تعلملم شعرت بكل هذا الانجذاب تجاه مازن .. ربما لأنه الوحيد الذي عاملها برقة ولطف.. وربما لأنها للمرة التي تتعامل فيها مع شاب ما..شاب يحترمها ويقدرها ويعاملها بهذااللطف ..ويشعرها بأنها انسانة مرحب بها وانها فتاة قبل كل شيء.. فتاة من حقها انتعيش الحياة التي تتمناها .. فتاة من حقها ان تعجب بشاب ما.. ويختاره قلبها من كلالناس من حولها حتى يخفق من اجله.. وتترك العنان لمشاعرها لـ ...
شعرت بأنافكارها قد اخذت اتجاها لم تفكر به بالمرة في حياتها.. بم تفكر؟..بالمشاعر ؟..هل منحقها ان تعجب بشاب ما وتميل اليه؟..هل من حقها ان تحب حقا؟.. ولم لا؟..اليست فتاةكبقية الفتيات؟.. انها كذلك..ولهذا لن تضع أي حاجز امامها يمنعها من ترك الحريةلمشاعرها.. فهاهي ذي تعترف لنفسها انها معجبة بمازن ..ومن يدري ما الذي تخفيهالايام لها ولمصير اعجابها بمازن هذا؟..
توقفت عن الاسترسال في أفكارها عندماوصلت السيارة الى النادي..ووجدت مها تفتح لها الباب.. في حين كان مازن يتوجه نحوحقيبة السيارة ليخرج مقعدها ويقترب به منها.. وقال مازن بهدوء وهو يتطلع باتجاهها: أترغبين في المساعدة؟ ..
هزت رأسها نفيا ومن ثم رفعت جسدها عن مقعد السيارةلتجلس على مقعدها.. اما مها فقد عقدت حاجبيها بحيرة.. انها تذكر ان اول مرة أشارفيها مازن الى حاجة للمساعدة اثار ذلك عصبيتها على نحو واضح.. اما الآن فهي تقابلالامر بهدوء..
هزت مها كتفيها ومن ثم اخذت تدفع مقعد ملاك التي كانت تتطلع الىارجاء النادي الواسع .. وبغتة سمعت صوت مازن وهو يقول: اهلا حسام ..
لم تستطعمها منع نفسها من الالتفات له بسرعة.. ولم تستطع منع تلك اللهفة التي أطلت منعينيها وهي تطلع الى حسام بقامته الممشوقة وهو يتحدث الى مازن وابتسامته مرتسمة علىشفتيه .. ومن ثم لم تلبث ان رأته يلتفت لها ويقول: اهلا مها..
ابتسمت مهاابتسامة واسعة وقالت: اهلا بك.. كيف حالك؟..
-
على ما يرام..
ومن ثم لم يلبثان قال مردفا وهو يوجه حديثه الى ملاك: اهلا آنسة ملاك..كيف حالك؟..
قالت ملاكبابتسامة باهتة: بخير..
في حين قالت مها بابتسامة مرحة: لم تخبرني ما هي أحوالكبالنادي؟..
قال حسام وهو يشير بإبهامه علامة النصر: ممتازة جدا..
قال مازنوهو يضع احدى كفيه في جيب بنطاله: سأذهب انا الى قسم الفروسية..اذهبوا انتم الى حيثتريدون..
مالت مها باتجاه ملاك وقالت: الى اين تودين الذهاب يا ملاك؟..
هزتملاك كتفيها وقالت: أي مكان..
توجهت بها الى الكافتيريا ليجلسوا ثلاثتهم حولالمائدة.. فقال حسام مبتسما: سأذهب الى قسم الرماية.. اترغبين في الحضور يامها؟..
قالت مها في سرعة: بكل تأكيد سـ...
وكأنها قد تنبهت الى ملاك للتو.. فقالت بتردد: ولكن ملاك ستبقى وحيدة هنا..
قالت ملاك بابتسامة: لا عليك اذهبيالى حيث تريدين.. لقد اعتدت الجلوس لوحدي حتى اتأمل الطبيعة من حولي..
قالت مهامتساءلة: الن تتضايقي حقا لو ذهبت وتركتك وحدك قليلا؟..
هزت ملاك رأسها نفياوقالت: ابدا..
قالت مها بابتسامة واسعة: لن اتأخر..
كان مبعث فرحتها هوذهابها مع حسام .. فاسرعت تنهض من على مقعدها لتسير الى جوار حسام الذي غادرالمائدة بدوره ..وازدردت لعابها لتقول له: اتعلم ياحسام.. لا ازال اتذكر قبل عشرسنوات تقريبا عندما كنا طفلين وكنا نأتي الى النادي احيانا فتتسخ ملابسنا.. وحينهاكنت اتهرب من العقاب واضع اللوم عليك..
قال حسام مبتسما: وانا الاحمق الذي كنتاتحمل عقوبتي وعقوبة طفلة شقية.. من اجل ان لا تعاقبي انت..
ضحكت مها وقالت: أنادم انت على ما فعلت وقتها؟..
التفت لها وقال بابتسامة: ان اردت الحقيقةفكلا.. لست نادم على ما فعلته وقتها ولو عاد الزمن الى الوراء لفعلت الشيءذاته..
قالت مها بحيرة: وما الذي كان يدفعك لتتحمل عقوبتي انا ايضا؟ ..
قالحسام وهو يهز كتفيه: لا شيء محدد بالضبط.. ولكني اكره ان اراك تتألمين او حتىتتضايقي من أي شيء.. كنت مستعد دائما لتحمل عنك العقاب حتى لا تشعري بأيالم..
مست كلماته شغاف قلبها..وجعلت حلقها يجف من التوتر ..وشعرت كم هو رائعحسام هذا .. كم هو شهم ونبيل معها منذ صغره.. كيف لها ان تجد انسان يساويه شهامتهوحنانه هاذين و.. ولكن.. انها لا تزال تجهل مشاعره نحوها..انها لا تدرك ان كاناهتمامه بها ينطوي على مشاعر ما ام لا..
ووجدت مشاعرها تدفعها لسؤاله قائلة: لماذا؟..
ارتفع حاجباه بدهشة وقال: لماذا ماذا؟..
تطلعت اليه بعينين تنطويعلى اللهفة وقالت: لماذا كنت تكره ان تراني اتألم؟.. لماذا كنت مستعد لأن تتحملالعقاب عني في كل مرة؟..
التفت عنها وتطلع بنظرات شاردة الى الطريق وقال بصوتخافت النبرات: ربما لأني...
بتر عبارته بغتة مما جعل مها تستحثه على المواصلةقائلة: لأنك ماذا؟..
التفت لها بغتة وقال بابتسامة: ربما لاني اكره ان ارى دموعالفتيات..
قالت مها كالمصعوقة: هااا.. ماذا تعني بقولك هذا؟..
هز كتفيه وقال: ما سمعته.. المهم دعينا من هذا الحديث الآن.. وراقبي مهارتي في الرماية..
لم يكنحسام يعلم عن الغضب والاحباط الذي خلفه في قلب مها.. لقد ارادت ان تسمع ولو كلمةواحدة تشعرها انه يحمل لها ولو القليل من المشاعر.. على الاقل حتى تتمسك بأي امل.. ولكن اجابته لها صدمتها وجعلتها تشعر بفقدان الامل واليأس من وجود مشاعر في قلبحسام لها..وأخذت تراقبه وهو يصوب على الاهداف التي امامه بعيون شاردة لاتريان...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛كانت عينا ملاك معلقتان بتلك السماءالصافية.. وهي تتطلع اليها بشرود كبير.. ولكن وعلى الرغم منها وجدت عيناها تهبطانالى حلبة السباق مع اصوات صهيل تلك الخيول .. رأت العديد من المتسابقين يتدربون فيحلبة السباق وخصوصا وانه لم يبقى على يوم السباق سوى عدة ايام فقط.. وكل منهم يسعىللحصول على احدى المراكز الاولى.. ومن هؤلاء مازن وكمال ..
مازن الذي تعلقت بهعينا ملاك هذه المرة.. وهي تراقب كل حركة من حركاته.. وكل خلجة من خلجاته.. ابتسامته.. نظراته..حركات ذراعيه .. هدوءه.. حزمه .. وحتى طريقة مشيته..ووجدت نفسهاتبتسم باعجاب لشخصيته.. بمرحه ولطفه وحنانه..وبحزمه ورجولته ..وجدت قلبها اخذ يخفقفي قوة عندما رأته ترك حلبة السباق بغتة واقترب من المكان الذي تجلس عنده بعد انترك حصانه لكمال حتى يأخذه الى الإسطبل..
واخيرا رمى بجسده على المقعد المجاورلها وقال متسائلا: أين مها؟..
اشارت الى حيث ذهبت مها مع حسام وقالت وهي تشعرببعض الارتباك: لقد ذهبت مع حسام الى قسم الرماية منذ قليل..
-
لم يكن عليها انتتركك لمفردك..
قالت ملاك بصوت خافت: لقد اعتدت الجلوس لمفردي..
نهض من مجلسهوقال في سرعة: سأذهب لاحضار العصير لكلينا واعود لأجلس معك.. بدلا من تلك الحمقاءالتي تركتك لمفردك..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: لم تود مها تركي لمفردي.. ولكني انا التي اصررت عليها بالذهاب واخبرتها انني استمتع بالجلوس وحدي لأراقبالطبيعة..
قال مازن بسخرية: وتستمعين الى صوت الرياح.. اليس كذلك؟..
اشاحتملاك عنه بوجهها وقالت وصوتها يحمل بعض الضيق من سخريته: لن تفهم ما اقوله الا لوعشت ظروفا مما ثلة لي..
اشار لها بسبابته قائلا: سأذهب لإحضار العصير ثم سنتناقشفي ظروفك هذه..
قالها ومضى عنها.. تاركا اياها تتنهد بحرارة.. من حقه ان يستغربما تقوله .. ولكنها حقا بدأت تندمج مع العالم الذي تحياه .. وتصبح جزءا منه.. كيفلا وقد عاشت في هذا العالم منذ ستة عشر عاما.. منذ يوم اصابتها.. وهي تجد هدوءهاوشعورها بالراحة بالتطلع الى الطبيعة من حولها.. والاستماع الى صوت الريح.. ليتالجميع يفهم هذا.. ولا يعاملونها على انها فتاة غريبة التصرفاتو...
(
العصير)
ايقظها من شرودها وافكارها صوت مازن .. اعقبه بأن وضع كأسالعصير امامها وقال مبتسما وهو يجلس على مقعده: لقد نسيت ان اسألك عن شرابكالمفضل.. لهذا احضرت لك على ذوقي..
تطلعت ملاك الى كأسي العصير ومن ثم قالتمبتسمة: اتفضل شراب البرتقال؟..
اومأ برأسه وقال وقد اتسعت ابتسامته: كما ترين.. انها عادة التصقت بي منذ ان كنت طفلا.. فقد كانت والدتي تعد لنا عصير البرتقال علىالغداء كل يوم.. ومنذ ذلك الحين وانا لا اشرب عصير سواه..
وقبل ان تقول ملاكشيئا.. عقد حاجبيه وهو يتطلع لها قائلا: اتعلمين يا ملاك.. لا اعلم لم اشعر وكأنيقد التقيت بك من قبل ..
قالت ملاك بدهشة: حقا؟.. ولكن المرة الاولى التي رأيتكفيها هي عندما جئت الى منزلكم قبل يومين..
قال مازن باصرار: ليس قبل الآن بوقتقصير.. بل ربما التقيت بك منذ وقت طويل..أوربما قبل سنوات عدة..
قالت ملاكبمرارة وهي تطرق برأسها: لا اظن.. فأنا لا اخرج من المنزل الا نادرا جدا..
-
ربما احدى هذه المرات او...
قاطعته ملاك قائلة: مستحيل.. فخروجي في هذه الحالةينطوي على الاهمية.. اما للمشفى.. او ذهاب الى مكان ما مع ابي ..
قال مازن وهويحث نفسه على التذكر: ولكني اشعر اني قد ...
قاطعه صوت احدى الفتيات وهي تقولبصوت مرح: مازن.. ياللصدفة الجميلة الذي اتاحت لي رؤيتك اخيرا..
التفت لها مازنفي حدة وكذلك فعلت ملاك.. كانت امامها فتاة تمتلأ رقة ودلالا.. بملامح وجههاالحسناء.. وبابتسامتها الرقيقة.. ووجدت مازن يقول في صوت هادئ: اهلا.. كيفحالك؟..
قالت الفتاة مبتسمة بمرح: في افضل حال مادمت قد رأيتك.. المهم سأذهبالآن لألعب التنس.. لو اردت رؤيتي سأكون هناك..لا اريد الذهاب سريعا ولكن صديقتيتنتظرني..
واردفت وهي تغمز بعينها له: وكف عن ما تفعله قليلا.. فكل يوم اراك معفتاة جديدة..
واردفت بخبث: واجمل من سابقتها..
اسرع مازن يقول: ان هذه الفتاةهي ملاك صديقة اختي مها.. وانا اجالسها ريثما تعود مها فحسب..
قالت بخبث وهيتتطلع الى ملاك الصامتة: وماذا يهم؟.. اغلبهن صديقات لشقيقتك..
كان يريد انيخبرها انها ابنة عمه.. ولكنه لم يأبه بها.. فلا تهمه ان علمت انه على علاقة بفتاةجديدة ام لا.. ووجدها تبتعد غير آبهة بملاك.. الذي ظهر على وجهها علامات التساؤلوالضيق .. وقالت متسائلة لمازن: هل يمكنني ان اسألك سؤالا؟..
ادرك انها ستسألهعن تلك الفتاة فقال بابتسامة: انها زميلة لي في النادي..
ازدردت لعابها وقالت: وماذا عنت بما قالته لك منذ قليل؟..
اجابها وهو يهز كتفيه بحركة لا مباليةمصطنعة: كما تعلمين.. انني مشترك في قسم الفروسية.. وقد فزت في احدى المرات لهذافلدي العديد من المعجبين والمعجبات هنا بالنادي ..
خبرة ملاك البسيطة بالعالمالذي حولها جعلها تصدقه ودون ان تشكك في كلماته..وان ظل شعورها بالضيق يلازمهاعندما ادركت ان هناك العديد من المعجبات حوله..اما مازن فقد قال وهو ينهض من مجلسه: هاقد جاءت مها .. سأذهب انا الآن..
قالها وغادر المكان..وان خلف وراءه قلبايتلهف لعودته.. وعينان تترقبان رؤيته منجديد...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛كانت نظرات الضيق واضحة في عيني مها وهيتقترب من الطاولة التي تجلس خلفها ملاك.. وكذلك في عيني هذه الأخيرة ..كلاهما كانتاتفكران في شخص ما يشغل تفكيرها عن الاخرى وعن العالم الخارجي بأكمله ..ووجدت مهانفسها تزفر بقوة وهي تجلس على الطاولة وقالت وكأنها تحادث نفسها: لماذا لايفهم؟..
التفتت لها ملاك وقالت بدهشة: هل تتحدثين إلي؟..
قالت مها وهي تمطشفتيها وتسند ظهرها للمقعد: لا بل أحادث نفسي..
ابتسمت ملاك وقالت: ومن هذا الذيتريدينه أن يفهم؟..
تجاهلت مها سؤالها وقالت: ما رأيك أن نغادر النادي ونعود إلىالمنزل؟ ..
قالت ملاك بحيرة: لا يزال الوقت مبكرا..
قالت مها وهي تلوحبذراعها: الم تقولي إن لديك دروس لم تنهيها بعد .. فلنعد اذا لتكمليها..
قالتملاك بهدوء: لا بأس..
اسرعت مها تخرج هاتفها المحمولمن حقيبتها وتتصل بالسائقليحضر الى النادي .. في حين قالت لها ملاك بعد ان انهت المكالمة: الن تخبري مازن اوكمال بمغادرتنا؟..
قالت مها وهي ترفع حاجباها بدهشة: ولماذا افعل؟..
-
قديغضبان ان علما اننا قد غادرنا دون ان نخبرهما..
ضحكت مها وقالت: بل سيغضبان لواننا اخبرناهما وقطعنا عليهما التدريب.. دعك منهما..
ثم لم تلبث ان استرعىانتباهها كأس العصير الموجود امامها فتساءلت قائلة: كأس من هذا؟..
تطلعت ملاكالى كاس العصير الذي لم يشرب منه مازن الا القليل ومن ثم قالت: انه لمازن..
-
هلجاء الى هنا؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا.. فقالت مها مستغربة:جاء الى هناليجلس معك وترك التدريب .. ياله من شاب متقلب..
تطلعت لها ملاك بحيرة ولم تفهمسر وصف مها لمازن بالمتقلب فجعلت افكارها تتحول الى سؤال اسرعت تهتف به قائلة: ماذاتعنين بأنه شاب متقلب؟..
قالت مها بسخرية: منذ اسبوع فقط كاد ان يتشاجر معي امامكل من في النادي لاني طلبت منه ان يترك التدريب ويأتي ليوصلني الى احدالاقسام..
-
ربما كان مشغولا حينها..
هزت مها رأسها نفيا ومن ثم قالت: بل انهيكره ان يساعد أي احد..
قالت ملاك بشك وقلق: لست اظن ان مازن على هذهالصورة..
قالت مها وهي تبتسم بسخرية مريرة: انت لا تعرفينه كما اعرفه انا..
ظهر التساءل في عيني ملاك وقبل ان تجيب مها هذا التساؤل ارتفع صوت رنين هاتفمها المحمول فأجابته قائلة: الو.. اجل.. حسنا انتظر قليلا وسنحضر فيالحال..
واغلقت الهاتف لتقول بهدوء: لقد حضر السائق..
-
بهذه السرعة..
-
لقد كان قريبا من المكان.. هيا فلنذهب..
لم تجد ملاك سببا لمعارضة المغادرةفقالت وهي تزيح خصلات من شعرها عن جبينها: حسنا..
اسرعت مها تنهض من خلف مقعدهاوتدفع مقعد ملاك متوجهتان الى الطريق المؤدي الى خارج النادي..وقالت ملاك بابتسامةباهتة في تلك اللحظة: هل سنحضر الىالنادي غدا؟..
قالت مها بابتسامة: ان شئتذلك..
اطرقت ملاك برأسها قليلا ومن ثم داعبت قلادتها الذهبية وقالت: كان بوديالبقاء اكثر حتى ارى جميع ارجاء النادي ولكنك...
بترت ملاك عبارتها عندما لاحظتان مها لا تستمع اليها بل تتطلع الى يمينها باهتمام.. فالتفتت ملاك بدورها لتشاهدحسام يقترب منهما ويقول مبتسما: الى اين ايتها الهاربتان؟..
قالت مها وهي تمطشفتيها: الى الخارج كما ترى..
قال متسائلا وهو يعقد ساعديه امام صدره ويتطلع الىمها: ولماذا تغادران الآن؟..
قالت مها بحنق: لدي بعض الدروس التي ارغب في انانهيها .. هل من سؤال آخر؟..
مال حسام نحوها وقال بصوت خافت: وستتصلين بي حتىاشرحها لك .. اليس كذلك؟..
شعرت مها على الرغم منها بانعقاد لسانها وتوتراطرافها وهي ترى نظراته المثبتة عليها.. وابتسامته الواسعة التي ملأت وجهه ..واسرعتتنتزع نفسها من مشاعرها لتقول وهي تشيح بوجهها عنه: لن اتصل حتى لو لم افهم أي كلمةمما سأدرسه ..
ضحك حسام وقال: لا تقلقي سيكون الشرح مجانا..
تطلعت له مهابغيظ.. الا يفهم هذا الشاب؟..واسرعت تقول وهي تستدير عنه: افضل ان ادفع لمن سيشرحلي ما لم يكن هو انت..
كادت ان تمضي في طريقها لولا ان امسك بذراعهاليوقفهاقائلا بجدية: ماذا بك يا مها؟..
قالت ببرود: لا شيء ابدا..
ولكنها اجابت عنسؤاله لنفسها.. قالت بكل اللوعة في اعماقها: ( لقد سأمت يا حسام.. سأمت حقا منكلماتك التي لا تحمل ذرة مشاعر تجاهي.. الا تشعر بحبي لك حقا؟ ..اتظن اني حجر لاتؤثر في كلماتك الأخوية تجاهي.. اريد ان اسمع ولو كلمة واحدة تجدد الامل فياعماقي.. حتى عيناك لا ارى فيهما الا اهتمام فحسب.. لا ارى اية مشاعر.. سأمت هذاكله يا حسام.. اتفهمني؟ ..)
تطلع اليها حسام طويلا ومن ثم قال: بل هناك امريضايقك يا مها .. اخبريني من الذي ضايقك.. كمال ام مازن؟.. ام احد الزملاءبالنادي؟..
قالت مها بحدة: ولم يجب ان يكونوا هؤلاء؟.. الا يوجد شخص آخر منالممكن ان اتضايق منه؟..
قال بحيرة: شخص آخر؟.. ومن يكون؟..
قالت مهابانفعال: انه يقف امامي..انت..
اتسعت عينا حسام بدهشة من قولها هذا.. حتى ملاكالتي كانت تحاول ان تتظاهر بالانشغال بمداعبة قلادتها التفتت لها بحدة وهي تستغربجرأة مها وردها هذا الذي لم تتوقعه ابدا..
وتوقفت نظرات حسام امام عيني مهاوكأنه يحاول ان يعرف ما يدور في داخلها من افكار ومن ثم ابتسم ابتسامة باهتة وقال: مني انا؟.. اصدقك القول اني لم اتوقع هذا الجواب منك.. فطالما حاولت ان اكون سببافي سعادتك وابتسامتك.. لا ضيقك .. ولكنني وجدت نفسي اليوم اكون سببا في ضيق مهاالعزيزة دون ان اشعر.. اخبريني بالله عليك.. فيم ضايقتك؟ .. وانا مستعد لأشرح لكموقفي كله..
ارتبكت مها أمام نظراته التي تحاصرها.. ارتبكت أمام كلماته التيامتلأت بالاهتمام والحنان تجاهها.. ارتبكت من مسكة كفه لذراعها عندما حاولإيقافها.. وأشاحت بوجهها عنه لتخفي تأثيره عليها عن ناظريه وقالت وهي تزدرد لعابها وتحاول السيطرة على ارتباكها: المعذرة .. لم اقصد.. انسى ما قلته ..
وابتعدتبسرعة عن المكان.. كاد حسام ان يتبعها ولكنه لم يفعل.. ادرك انه لو تبعها فلن تخبره بسبب ضيقها منه ابدا.. لهذا عليه ان يعرف السبب بنفسه.. وان كان قد بدأ يشك في سبب ضيقها ذاك...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 06:17 AM   #6

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

الجزءالسادس

"
... مشاعرها ..."
اغلقت مها عينيها وهي تغط في تفكير عميق شغل ذهنها عن كل ما حولها منذ بداية صعودها للسيارة حتى تغادر النادي ..انها تشعر بخطأ تصرفها.. وبخطأ ما فعلته.. لم يكن ينبغي عليها ان تنفعل هكذا مندفعة وراء مشاعرها.. هو لا يعلم انها تحبه.. لهذا ليس ذنبه ان لم يشعر بها.. كان من الافضل لها ان تصبر وتخفي مشاعرها.. على الاقل حتى تنجح في تحريك مشاعره تجاهها.. ولكن كيف؟..
لقد حاولت مرارا وتكرارا ان تلمح له و لاتستطيع ان تفعل اكثر من ذلك.. لا تستطيع ان تصرح بحبها له هكذا علانية ..لا يوجد أيمنطق يجعل الفتاة تتمتع بكل تلك الجرأة لتصرح بحبها للشاب.. الفتاة بطبيعتهاالرقيقة والخجولة .. تنتظر من الشاب ان يقدم على هذه الخطوة اولا.. وليست هي منتـ...
(
مها..هل انت بخير؟)
فتحت مها عينيها لتنتشل نفسها من دوامة افكارهاوالتفتت الى ملاك ناطقة العبارة السابقة.. ومن ثم قالت وهي تزفر بحدة: اجل .. لمتسألين؟..
قالت ملاك وهي تشير الى وجهها: لقد كنت تعقدين حاجبيك بطريقة تدل علىتعبك..
-
لقد كنت افكر في امر ما ليس الا..
ازدردت ملاك لعابها وتجرأت لتقول: بخصوص.. حسام؟..
التفتت لها مها في حدة وكأنها لم تتخيل ابدا ان تفهم ملاك بماجال في افكارها طوال الطريق.. وقالت بحدة على الرغم منها: وما دخل حسامبالموضوع؟..
قالت ملاك وهي تهز كتفيها: لست ادري.. ولكن حديثك الاخير معه فيالنادي.. جعلني اظن انك تفكرين به..
قالت مها وهي تشيح بوجهها عنها في ضيق: لستافكر به ابدا.. ولن افعل في يوم..
كانت تعلم انها كاذبة.. لم تكذب على ملاك فحسب .. بل كذبت على نفسها ايضا.. وهي تأمل ان يغيب عن افكارها تماما.. ولكن كيف لشمسالحب ان تغيب وهي في كبد سماء الاحلام؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛قال مازن وهويشير لكمال من بعيد هاتفا بصوت مرتفع: كمال.. الن تغادر؟..
اكتفى كمال بأن اشارله بكفه اشارة (لا)..فزفر مازن وقال وهو يبتعد عنه: هذا شأنك..
وابتعد عن المكانوهو يجوب ارجاء النادي..كان النادي في هذا الوقت بالذات قليل الزوار..نظرا للجوالبارد ونسمات الهواء التي ترجف الابدان بعد ان انتصر الظلام على النور في تلك السماء الواسعة..مما سمح لمازن ان يجوب كما يشاء فيه دون ان يأبه بهذا او ذاك .. وطال سيره حتى توقف بغتة عند كافتيريا النادي .. وتوجهت انظاره الى الطاولة التيجلست عليها ملاك اليوم .. وتذكر ما دار بينهما اليوم من حديث.. وتذكر عبارتهالساخرة لها عن سماعها لصوت الريح.. ووجد نفسه يغمض عينيه.. ويترك المجال لاصواتالرياح ونسمات الهواء لتتسلل الى اذنيه.. وبغتة فتح عينيه بقوة ودهشة.. وابتسملنفسه بسخرية قائلا: ما بالك يا مازن؟.. هل دفعتك ابنة عمك لفعل هذا؟.. الم تتهمهابالجنون لفعلها ذاك؟.. فلم قمت بما فعلت هي اذا؟.. هل جننت انت ايضا؟..
هز رأسهوابتسامته الساخرة لم تفارق شفتيه ومن ثم قال وهو يسير مبتعدا عن المكان: ربما اردتان اشعر بما تشعر به وهي في هذه الحال..
لم يزد على ما قاله حرفا.. بل اسرعبمغادرة المكان بسيارته متوجها الى المنزل.. ولكن اتصال هاتفي جعله يعقد حاجبيهبتفكير ومن ثم يتطلع الى الرقم للحظة.. وما ان فعل حتى زفر في حدة وقال: يا الهي.. الن تتعب هذه الفتاة ابدا؟..
واجابه قائلا: اجلا يا حنان.. ماذاتريدين؟..
قالت في سرعة: اهلا مازن.. كيف حالك؟..
قال ببرود: بخير..
قالتبالم: لم لا تجيب على مكالماتي..انني اتصل بك منذ الصباح؟ ..
عاد ليقول بملل: اخبريني ماذا تريدين؟..
قالت برجاء: اريد ان اراك .. أين انت؟..
تنهد بقوةوقال: لقد غادرت النادي وفي طريقي الى المنزل.. ربما غدا.. الى اللقاء..
انهىالمكالمة في سرعة ومن ثم اغلق الهاتف بأكمله.. يعلم انه خطأه منذ البداية في تكوينعلاقة مع أي فتاة.. ولكنه مع هذا لا يزال مستمرا في هذا الخطأ.. انه لا يعد أي فتاةيعرفها بأي شيء .. مجرد صداقة عابرة لا اكثر ان ارادت .. ولكن حنان هي الوحيدة التيلا تزال متشبثة به.. وتصر على ملاحقته اينما كان.. ليس ذنبه ان كانت مشاعرها تفوقالصداقة .. لقد اوضح لها الامر منذ البداية.. وهي التي تركت مشاعرها تسترسل حتىوصلت الى ما هي عليه الآن..
وصل في تلك اللحظة الى المنزل..فأوقف سيارته فيالموقف الخاص بها.. ومن ثم غادرها ليدخل الى المنزل.. ويسير عبر ردهته الكبيرةوالواسعة..وهناك رأى ملاك.. اعاده مرآها لما فعله قبل قليل بالنادي.. وابتسم علىالرغم منه.. ولكن شيئا آخر جال بذهنه في تلك اللحظة.. شيء يتعلق بملاك.. فاليوم بدتاكثر تجاوبا مع الجميع وليس معه هو فقط.. اصبحت تتحدث بحرية.. ولا تكتفي بالكلماتالمقتضبة .. وهذا يعني انها قد بدأت ترتاح لوجودها هنا وتعتاد على المكان ..
واقترب من مكان جلوس ملاك.. التي لم تكن منتبهة له بل منشدة بحواسها كلهابقراءة قصة بين يديها ..وتسلل مازن بخفة ليجذب القصة من بين يديها فجأة وفي غمرةدهشتها ويقول مبتسما: ماذا تقرئين؟..
رفعت عينيها اليه وقالت بدهشة: مازن.. متىجئت؟..
قال وهو يلوح بكفه بلا اهتمام: منذ قليل..
واردف وهو يتطلع الى عنوانالقصة التي كانت تقرأها: والآن فلنر ماذا كنت تقرئين..
ابعدت نظراتها عنه في صمتفاستطرد هو بسخرية: (حب الى الابد).. اهذا ما تقرئينه؟.. لم اكن اعلم بأنك تصدقينمثل هذه التفاهات..
التفتت له ملاك بحدة وقالت بدهشة: تفاهات؟؟..
قال بسخريةوهو يقلب صفحات الرواية بين يديه: اجل تفاهات.. فمن يصدق وجود مثل هذا الحبالرومنسي في هذا العالم سوى في الافلام والروايات..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: هذا ليس صحيحا ابدا.. فقيس وليلى كانا من الواقع وليسا مجرد رواية..
قال مازنبابتسامة : انهما من زمن ولى وانتهى.. ولم يعد هناك ما يسمى بهذا الحب الرومنسي ..
قالت ملاك معترضة: من قال هذا؟.. لا يزال هذا الحب موجودا والا لما كتب عنهالمؤلفين..
-
لانه مجرد خيال ينبع من رؤوسهم..
-
بل هو دليل على ان الحب لايزال موجودا في هذا العالم.. ولكن انت من يرفض هذا الواقع..
قال مازن وهو يميلنحوها: اخبريني انت..اين ترين مثل هذا الحب في العالم من حولك؟..
ازدردت لعابهابتوتر حتى جف حلقها.. كانت الاجابة موجودة في اعماقها وبين مشاعرها.. كان قلبهايريد ان يجيبه بأنه اقرب مما يتصور.. فمشاعرها تجاهه تزداد لحظة بعد اخرى..وصمتتللحظة وهي تبحث عن جواب في عقلها ومن ثم قالت بابتسامة باهتة: في حب الزوج لزوجته.. في حب الابن لأمه.. في حب الاخ لأخيه..
قال مازن وهو يتخذ مجلسه على احد المقاعدويرمي الرواية على الطاولة الصغيرة الموجودة امامه: هذا غير صحيح ابدا.. فمشاعرالابن تجاه امه هو عبارة عن عاطفة قوية تتولد مع الايام وتجعله يتعلق بها ..
قالت ملاك باصرار: ويحبها ايضا..
اومأ برأسه ومن ثم قال: ولكنه يختلفتماما عن هذا الحب الرومنسي.. حب الشاب لفتاة.. يجعله هذا الحب ينغمس حتى اذنيهفيه.. ولا يفكر في شيء سوى الحب.. ومستعد للتضحية بكل شيء من اجل هذاالحب..
قالت ملاك بهدوء: وما الخطأ في كل هذا؟..
دس اصابعه بين خصلات شعرهوقال مبتسما: ان اكون محكوما ومقيدا بمشاعر لا قيمة لها..
عقدت ملاك حاجبيها منمنطقه الغريب.. وقالت بضيق: ولم تعارض انت هذه المشاعر؟..
-
اخبرتك لانها لااساس لها من الصحة..
ارادت ملاك ان تسأله عن شيء آخر ولكن وجدت خجلها يمنعهافلاذت بالصمت.. وفي تلك اللحظة اقتربت مها من المكان وقالت : وان اردت ان تختارشريكة حياتك.. كيف ستختارها اذا؟..
التفتت لها ملاك بحدة.. وارتفع حاجباهابدهشة.. فهذا هو نفس السؤال الذي دار بأعماقها ولم تقو على التصريح به.. في حين قالمازن بلامبالاة: لا يجب ان يكون الحب اساس للزواج .. هناك الاعجاب.. المعرفة.. الثقة وغيرها من تلك الامور ..
قالت مها بحنق: انت شاب معقد.. ترى الفتيات منحولك.. فتظن انهن لعبة في يدك.. وانك اذا اردت ان تختار ستختار فتاة سيكون لك مصلحةما بزواجك منها..
قال مازن وهو يسترخي بمقعده: ربما...
اما ملاك فقد تطلعت لهبمرارة وحزن.. احقا يرى الحب مشاعر تافهة لا اساس لها.. ويرى اختيار شريكة حياتهالتي ستعيش معه طوال حياتهما لا يجب ان ينبني على الحب.. اتكون بهذا فقدت املها فيمازن.. ام لأنه لم يشعر بتلك المشاعر الدافئة التي تتسلل الى قلبه فبات يتكلم عنالحب بمثل هذه الطريقة؟..لا تدري ابدا.. ولكنها قد اصبحت تخشى مشاعرها تجاه مازن.. ربما لانها تزداد قوة مع مرور الوقت.. دون ان تعلم ما هي مصير مشاعرهاهذه؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛الساعة العاشرة وقت اجتماع العائلة حول مائدةالعشاء.. والجميع كان حاضرا في هذا الوقت.. وحتى كمال الذي يتغيب معظم ايامالاسبوع..وكان الصمت مخيما على تلك المائدة مكتفين جميعهم بتناول ملعقة ومتظاهرينبتناول الاخرى ..دون ان يعلم احدا منهم بالافكار الكثيرة التي تدور في رأسالآخرين..
فمن جهة كان امجد يفكر في مصير ابناءه وفي ملاك التي اقتحمت حياتهمفجأة والتي قد تكون سببا في حدوث الكثير من المشاكل بينه وبين اشقاءه..ومن جهة اخرىكانت مها تفكر في حسام وحبها الصامت له.. وكيف تشعره بهذا الحب الذي تحمله له فيقلبها.. بينما كان كل من مازن وكمال يقكران في سباق الخيل ويتمنى كلاهما الحصول علىاحد المراكز الاولى.. واخيرا تفاوتت افكار ملاك ما بين مشاعرها التي بدأت تخشاهاتجاه مازن وما بين والدها.. والدها الذي لم يتصل بها اليوم ابدا.. ترى هل هو مشغولبأمر منعه من الاتصال بها؟...
(
عزيزتي ملاك.. فيم تفكرين؟)
التفتت ملاك الىصاحب العبارة وقالت بابتسامة باهتة: لا شيء يا عمي..
قال امجد بنبرة هادئة: اخبريني يا عزيزتي.. الست عمك؟..
اومأت برأسها ومن ثم قالت وهي تحاول ان تخفيالقلق من نبرة صوتها: ابي.. لم يتصل بي اليوم ابدا..
قال امجد بابتسامة مشفقة: ربما كان مشغولا..
وتدخل مازن في الحديث قائلا: او ربما قد نسي الاتصالبك..
التفتت ملاك لمازن وقالت باستنكار: لا يمكن ان يحدث ذلك .. من المستحيل انينسى ابي الاتصال بي..
قال مازن بدهشة: ولماذا مستحيل؟.. اننا بشر..
قالتملاك وهي تهز رأسها نفيا: انت لا تعرف ابي.. انه ينسى كل شيء فيما عداي..
واردفتوهي تعض على شفتها السفلى: اخشى ان يكون قد اصابه مكروه او...
قاطعها مازن فيسرعة: لم لا تتصلين به انت وتطمئني عليه؟..
اشارت الى نفسها مندهشة: انا؟؟..
-
اجل انت.. ما الذي يدهشك في الامر؟..
بعثرت ملاك نظراتها بعيدا عنمازن وكأنها اصبحت تخشى مواجهته ومن ثم قالت: لا اعلم ولكني اعتدت ان يتصل بي هودائما..
قال مازن بابتسامة مرحة: اذا غيري من عادتك هذه واتصلي به .. لن تخسريشيئا..بل نحن من سيضاف الى فاتورة هاتف منزلنا سعر مكالمة دولية..
هزت ملاكرأسها نفيا ولم تتحرك من مكانها قيد انملة..فقال امجد بهدوء بعد ان رمق مازن بنظرةحازمة: حقا يا ملاك.. ان ما يقوله مازن صحيح.. لم لا تتصلين به انت وتطمئنيعليه؟..
قالت ملاك وهي تشعر بغصة في حلقها: سيتصل.. انا اعلم انه سيتصل.. منالمستحيل ان ينسى الاتصال بي.. لقد وعدني..
زفر مازن بحرارة ومن ثم قال: خذي..
لم تفهم ملاك مغزى عبارته ولكنها فهمت عندما تطلعت اليه ورأته يمد لها يدهبهاتفه المحمول.. فتطلعت اليه بدهشة دون ان تقوى على مد يدها لأخذ الهاتف من يده.. في حين التفتت لها مها وقالت مبتسمة: خذي هاتفه يا ملاك.. واتصلي بوالدك حتى تطمئنيعليه..
ترددت ملاك طويلا دون ان تجرأ على مد كفها لأخذ الهاتف من مازن.. ولكنشيء ما في نظرات مازن المشجعة.. جعلها تتخلى عن ترددها هذا للحظة وتمد كفها لتأخذالهاتف منه.. واستنكرت هذا الشعور الذي اخذ يراودها تجاه مازن.. واخذت تتطلع الىهاتف هذا الاخير وكأنها تحاول ان تستشف منه شخصيته.. كان هاتفا اسود اللون في حجمكف اليد.. ولا شيء آخر يميزه.. ولكن اللون اثار انتباه ملاك ربما لانها ربطت بينلون الهاتف وبين لون القميص الذي يرتديه.. ربما كان يفضل هذا اللون.. فمنذ اليومالاول لها وهي تراه يرتدي اما قميصا او بنطالا اسود اللون..
ابعدت مازن عنتفكيرها واسرعت تتصل بوالدها.. واستمر الهاتف على الجانب الآخر بالرنين لعدة دقائققبل ان ينقطع الرنين..فقالت ملاك بصوت خافت ومتوتر: لا احد يجيب ..
قال لهامازن: عاودي الاتصال به مرة اخرى..
من جانب آخر كان كمال يتطلع لكل ما يحدثامامه دون ان يعلق ولو بحرف واحد.. مكتفي بالصمت والتفكير في ذلك السباق الذي اقتربموعده كثيرا..وكأن لا شيء يحدث امامه وفي وجوده ..
اما ملاك فقد عاودت الاتصالبوالدها واستمعت الى الرنين طويلا.. ولكن في هذه المرة سمعت اجابة على الهاتف وصوتمتعب يقول: الو من المتحدث؟..
قالت ملاك بكل اللهفة والسعادة في اعماقها:اناملاك يا ابي.. كيف حالك؟.. لم لم تتصل بي حتى الآن؟..
قال خالد والد ملاكبابتسامة مرهقة: اعذريني يا صغيرتي.. لقد انشغلت طوال هذا اليوم.. وكنت سأتصل بكبعد ان انهي اعمالي ..
قالت ملاك بحب: اشتقت اليك يا ابي.. بأكثر مما تصور.. متىستعود؟..انا بحاجة اليك.. اريدك ان تعود..
قال خالد وهو يتنهد: ربما نهاية هذاالاسبوع..
اقلقها استخدامه لكلمة (ربما).. فقالت باضطراب: ماذا تعني بأنك ربماتعود نهاية هذا الاسبوع يا ابي؟.. هل تعني انك ستتأخر لأكثر من ذلك؟..
قال خالدوهو معتاد على اسلوب ابنته وتعلقها به: انني اعد الايام حتى اعود يا صغيرتي.. اعملليل نهار حتى اعود قبل الوقت المحدد.. ولكن العمر ينتهي والعمل لا ينتهي..
واردفبابتسامة ابوية وكأن ملاك ستراها او تشعر بها: اهتمي بنفسك جيدا يا ملاك.. انا مضطرلانهاء المكالمة الآن حتى انهي ما بيدي.. اراك بخير..
قالت ملاك بصوت متحشرج: وانت كذلك يا ابي.. الى اللقاء ..
ابعدت الهاتف عن اذنها ببطء.. وشعرت بضيق كبيريعتمر في صدرها من جراء انهاء والدها للمكالمة بهذه السرعة.. ومن ثم قالت بصوتمتحشرج وهي ترفع نظراتها الى مازن وتمد له يدها بالهاتف: اشكرك..
التقط الهاتفمن يدها وقال مبتسما: العفو.. ولا نريد ان نرى دموعا..
وكأن عبارته قد لمست وتراحساسا بداخلها.. فسرعان ما ترقرقت الدموع في عينيها واطرقت برأسها في الم وحزن.. والتفتت عنهم دون ان تقوى على نطق حرف واحد.. وابتعدت بمقعدها عن المكان وعلىوجنتيها سالت دموع حزن ومرارة ..
وعلى تلك الطاولة تابعتها عيون الجميع.. وارتسم الاشفاق جليا في تلك العيون..ولكن عيني مازن وحدها كانت تحملان لهاالاهتمام.. اهتمام اثار دهشته هو نفسه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛تثاءبتملاك وهي تستيقظ من نومها على صوت نادين.. واعتدلت في جلستها لتقول ولا تزال اثارالنعاس بادية في صوتها: هل اعددتي طعام الفطور؟..
اومأت نادين براسها .. فعادتملاك لتسألها وهي تزفر بحدة: ولا يوجد احد بالمنزل كالعادة.. اليسكذلك؟..
ارتسمت ابتسامة على شفتي نادين وقالت: لا.. بل يوجد.. مها لم تغادراليوم..
قالت ملاك بدهشة ممزوجة بالسعادة: لم تغادر؟.. حقا؟.. ولم؟..
واستطردت ملاك بقلق: ربما كانت مريضة..
قالت نادين وهي تهز رأسهانفيا: لا ليست مريضة.. ولكني سمعتها تقول لشقيقها ان ليس لديها أي محاضرات هامة هذااليوم ..
قالت ملاك في سرعة: اذا اذهبي اليها واخبريها انني اريد ان اتناول طعامالافطار معها..
ابتسمت نادين وقالت وهي تضع المقعد المتحرك قريبا من فراش ملاك: حسنا سأفعل آنستي..
قالتها نادين ومن ثم غادرت الغرفة .. في حين اسرعت ملاك تنهضمن على فراشها لتجلس على مقعدها المتحرك.. وتحركت بمقعدها لتبحث في تلك الخزانة عنملابس ترتديها ..ومن ثم لم تلبث ان ان غادرت الغرفة بعد ان القت على نفسها نظرةاخيرة في المرآة..وبالردهة اسرعت تحرك مقعدها المتحرك حتى وصلت عند اسفل درجاتالسلم..ورأت حينها نادين تهبط من على درجاته وتقول بهدوء: لقد قالت لي الآنسة مهاانها ستستبدل ملابسها وتهبط في الحال..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيملاك..شعرت بالسعادة لان مها ستتناول معها طعام الافطار هذا اليوم.. ستجد من تتحدثاليه .. بدلا من الصمت المطبق الذي يسيطر على المائدة باكملها حتى يفقدها شهيةتناول أي شيء..
في تلك اللحظة قالت نادين وهي تقترب من ملاك: اترغبين بأي شيءآنستي؟..
هزت ملاك رأسها نفيا فقالت نادين وهي تهم بالانصراف: سأذهب لأضع اطباقالفطور على المائدة اذا..
لم تعلق ملاك على عبارتها بل اخذت تتطلع الى اعلىدرجات السلم وهي ترفع رأسها قليلا بانتظار نزول مها من غرفتها و...
(
ما الذيتفعليه هنا؟..)
انتفضت ملاك بخوف والتفتت الى صاحب العبارة وقالت وهي تزدردلعابها: مازن..
كان واقفا خلفها بمترين تقريبا وقال مبتسما وهو يتقدم منها: اجلهو انا .. لا تخشي شيئا لست شبحا..
قالت ملاك متسائلة: ولكن نادين اخبرتني انهلا يوجد احد بالمنزل سوى مها ..
قال مازن وهو يتحرك باتجاه السلم: لقد عدت منالخارج لاني نسيت اخذ محفظتي معي..
والتفت لها ليقول مستطردا: ولكن ما الذيتفعلينه انت هنا عند السلم؟..
قالت ملاك بابتسامة: انتظر مها..
قال مازن وهويهز كتفيه: ولم تنتظرينها ؟.. اذهبي اليها انت ..
تلاشت الابتسامة من على شفتيملاك.. وشعرت بغصة مرارة تملأ حلقها.. وارتسمت تلك المرارة جلية في عينيها.. وظلتصامتة دون ان تتفوه بحرف واحد.. في حين تتطلع اليها مازن بندم.. وهو يلوم نفسه مماقاله.. وسمعها تقول في تلك اللحظة وهي تطرق برأسها وتطلع الى قدميها: وكيف اذهب انااليها؟.. هل سأصعد اليها بفدمين عاجزتين؟..
حاول مازن ان يصلح ما افسد فقالبمرح مصطنع: اعني ان احملك انا الى الطابق الاعلى..
رفعت ملاك اليه رأسها فيدهشة.. ومن ثم لم تلبث وجنتاها ان توردتا بحمرة قانية..وانعقد لسانها عن الحديث.. فقال مازن مبتسما - وقد اسعده تبدل حزنها على هذا النحو - وهو يميل نحوها: لقد كنتامزح ليس الا..
واردف وهو يغمز بعينه: ولكن ان طلبت مني ذلك.. فلن اتأخر ..
ازداد تورد وجنتي ملاك.. وشعرت بضربات قلبها تخفق بقوة وسرعة عجيبة..ورفعترأسها لمازن لتراه يصعد درجات السلم وهو يطلق صفيرا منغوما من بين شفتيه وكأن لاشيء على باله ابدا.. وكأنه لم يلهب مشاعرها نحوه.. وكأنه لا يتعمد التقرب منها.. لوكان مازن شابا مستهترا كما تقول مها.. فلماذا يهتم بي كل هذا الاهتمام؟.. لماذا هوالوحيد الذي يحنو علي؟.. لماذا هو الوحيد الذي انجذبت له؟.. هل هو قدري يا ترى؟..هلهي لعبة القدر التي تجمع وتفرق كما تشاء؟ ..
قبل ان تواصل افكارها رأت مها تهبطدرجات السلم على عجل وقالت مبتسمة بمرح: ما هذا؟.. ملاك بنفسها من يطلب رؤيتي.. وتنتظرني ايضا..
ابتسمت ملاك وقالت: لقد علمت انك لم تذهبي الى الجامعة اليوم.. فقررت ان اتناول طعام الافطار معك..
قالت مها بابتسامة واسعة وهي تقترب منها: خيرا فعلت..
واقتربتا كلاهما من مائدة الافطار.. لتجلسان في مواجهة بعضهماالبعض.. وقالت مها متساءلة وهي تتناول رشفة من كوب الشاي الموجود امامها: متى سيحضراستاذك؟..
قالت ملاك مبتسمة: استاذة هذه المرة.. وستحضر بعد ساعتين منالآن..
قالت مها بابتسامة: اذا لدينا الوقت الكافي لنتحدث سويا..
اومأت ملاكبرأسها وقالت وهي تتناول قليلا من طبقها: بالتأكيد..
قالت مها وهي تتطلع لملاك: في الحقيقة يا ملاك.. اسعدني انك قد ابتعدت عن انطوائيتك قليلا.. واصبحت تشاركيناالحديث ..
ارتسمت ابتسامة على شفتي ملاك وقالت: لقد كنت منطوية على نفسي عندمالم ار من يهتم بي.. ولكن عندما وجدت هذا الاهتمام منكم.. قررت ان اشارككم الحديثوالنزهات..
قالت مها بخبث: من تعنين بمنكم؟.. ممن رأيت الاهتمام؟ ..
ارتبكتملاك على الرغم منها وقالت بصوت متلعثم: انت وعمي وابناء عمي جميعا..
قالت مهابابتسامة هادئة: لست اظن كمال يهتم بأحد..
واستطردت قائلة بغتة: نسيت اناخبرك..
قالت ملاك بحيرة: ماذا؟..
-
ستقام حفلة غدا في منزلنا.. اعتاد ابياقامة مثل هذه الحفلات كلما نجح في صفقة ما بشركته.. لهذا عليك ان تجهزي شيئا مالترتديه..
قالت ملاك وهي ترفع حاجبيها بدهشة: لم اجلب ما يناسب هذه الحفلات ابدا.. لم اظن اني سأحتاج لارتداء فستان يخص الحفلات في منزل عمي ..
قالت مها في سرعة: دعينا نرى ما جلبته معك من ملابس اذا وربما احدها قد يناسب لتلك الحفلة..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اظن..
فكرت مها قليلا وقالت: لو استلزم الامر سنذهب الى احد المحال التجارية المشهورة ونشتري لك ما تحتاجينه من...
(
وانا من سيوصلكم بكل تأكيد)
التفت كلاهما الى ناطق العبارة بدهشة .. وازدادت دهشتهم عندما رأوا مازن يعقد ذراعيه امام صدره وابتسامة على شفتيه .. وقالتمها متطلعة اليه: وما دخلك انت؟.. سنخبر السائق حتى يوصلنا الى حيث نريد..
اقتربمازن اكثر وجذب له اقرب المقاعد اليه والتي كانت عند رأس الطاولة.. أي بين ملاكومها..وقال: بل سأوصلكم انا .. ماذا تريدون اكثر من هذا؟..مازن بنفسه يتطوع لأخذكمالى السوق..
قالت مها وهي تمط شفتيها: لا نريد.. وفر خدماتك لنفسك..
تطلعتاليها ملاك بحيرة وتساءلت بالرغم منها..ربما كان فضولا لمعرفة السبب: ولماذا؟..
قالت مها وهي تشير الى مازن: لو وافقنا على ان يأخذنا هذا الى السوق .. فأنه لن يكف عن ترديد عباراته المعتادة.." لقد تعبت".. "لقد تأخرنا".. "يكفيهذا".. لا يجعلك تأخذين راحتك بالشراء..
ابتسمت ملاك بهدوء في حين قال مازنبابتسامة: سأترك لكم حريتكم هذه المرة..
مالت مها نحوه وقالت بحنق: اتظن اني لااعرفك يا مازن.. بعد ساعة واحدة فقط ستردد علينا هذه العبارات.. اخبرتك بأننا لانريد الذهاب معك..
تحركت اصابع مازن على الطاولة ومن ثم قال وهو يرفع احدىحاجبيه: ولماذا تجمعين؟.. ربما كان لملاك رأي آخر..
والتفت لها ليقول: ما رأيكيا ملاك؟.. اترفضين انت ايضا ان اوصلكم الى السوق؟..
تطلعت اليه ملاك لوهلة ومنثم ابعدت عينيها عنه.. ربما هو الخجل من ان ترفض قدوم مازن معهم.. او ربما هو قلبهاالذي كان يتمنى حضور مازن معها جعلها تجيب: لا .. لست ارفض ..
شهقت مها وقالتبحدة: ما الذي فعلته؟.. اتظنين انه سيتركنا وشأننا الآن.. انه لن يتوقف عن اذلالناطول فترة ذهابنا معه..
ازدردت ملاك لعابها وقالت بارتباك: وكيف لي ان ارفض؟ ..
اسرعت مها تلتفت لمازن وتقول: مازن ارجوك لا تتدخل.. انها امور خاصةبالفتيات.. دعنا نتصرف لوحدنا واذهب انت الى أي مكان تشاء.. لقد وافقت ملاك لمجردالخجل منك.. اذهب الى عملك الآن..
قال مازن بعناد: بل سأنتظر حتى تجهزون لاوصلكمالى حيث تشاءون..
قالت مها بسخط: الآن فهمت لماذا تفعل كل هذا.. لانك لا تريدالذهاب الى العمل.. ولو سألك والدي سبب مغادرتك ستخبره انك كنت توصلنا الى السوق.. اليس كذلك؟..
دفع رأسها بسبابته وقال مبتسما: جيد انك عرفت الامر بنفسك ..
واردف وهو ينهض من مقعده: متى شئتم سأوصلكم ..سأذهب الى الطابقالاعلى..
اسرعت مها تقول: لدى ملاك حصة دراسية بعد ساعة ونصف ..
هز مازنكتفيه وقال وهو يغادر: لا بأس.. سننتظرها ومن ثم نغادر..
عقدت مها حاجبيها وقالتبضيق: ولماذا لا تذهب الى العمل في هذا الوقت؟..
قال منهيا النقاش: لقد انتهىالامر..
قالها وانصرف في حين قالت مها بحنق: ينتظرنا اكثر من ثلاث ساعات افضلعنده من الذهاب والعمل عند ابي..
قالت ملاك بهدوء: ربما يشعر ان العمل لدى عميلا يشبع طموحه ..
قالت مها وهي تلوح بكفها: عمل ابي مختلف تماما عن تخصص مازن.. لهذا ترين مازن يكره العمل الذي لا يفهم منه شيئا.. ولكنه مخطأ.. ابي يحتاجه فيالعمل.. يحتاجه ليسيطر على الموظفين ويراقب سير العمل..
قالت ملاك بشرود: ربماكان من الصعب عليه ان يتأقلم مع عمل غير الذي تمناه في يوم..
هزت مها رأسها بقلةحيلة ومن ثم قالت: دعينا منه الآن.. هل ترغبين بمشاهدة احد الافلام؟.. لدي فيلمرائع جدا..
قالت ملاك بابتسامة: لا ما نع لدي ابدا..
تحركت ملاك بمقعدهاوكذلك مها التي نهضت من خلف الطاولة.. ولكن.. توقفت ملاك بغتة وهي تتطلع الى ذلكالشخص الذي كان واقفا امامها .. رفعت رأسها له ..وعرفت حينها انه كمال...
توترتملاك بغتة لمرآه.. ربما لانها خشت ان يجرحها بكلماته.. وازدردت لعابها دون ان تقوىعلى التحرك من مكانها.. في حين قالت مها بدهشة وهي تقترب من كمال: ما الذي تفعلههنا الآن يا كمال؟..
قال كمال ببرود: وما الذي تريني افعله؟..
قالت مها وهيتتنهد بحرارة: اعني لماذا جئت؟..
قال كمال وهو يلقي نظرة باردة على ملاك اقشعرلها جسد هذه الاخيرة: ليس هذا من شأنك..
قالت مها وهي تناديه: كمال .. توقف..
ولكنه تجاهلها تماما مغادرا المكان فقالت مها وهي تهز كتفيها: سيثيرجنوني كمال هذا.. مع انه هو ومازن شقيقان الا انهما يختلفان في كل شيء..
قالتملاك بصوت خافت: معك حق..
اسرعت مها قائلة: دعك منهما .. ولنذهب نحن..
اومأتملاك برأسها وان كانت تشعر بالقلق بسبب كمال ونظرته الباردةلها..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛توجهت مها بخطوات هادئة الى غرفة مازن وقالت وهيتطرق الباب: مازن .. هل استطيع الدخول؟..
وبدلا من ان يجيبها فتح الباب وقال: هلانتما جاهزتان؟..
قالت مها وهي تضع يدها عند خصرها: بلى.. ولكن الم تفكر بتغييررأيك بعد؟..
قال مبتسما: لا تخشي شيئا لن ازعجكم هذه المرة.. فقد اتصلت بحسامواخبرته بأن يلتقي بنا في احد المراكز التجارية .. فمن حقنا ان نشتري ملابس جديدةللحفل نحن ايضا..
وجدت مها نفسها تتساءل بلهفة: حسام سيأتي ايضا؟؟..
اومأبرأسه بهدوء.. فقالت وهي تتدارك نفسها حتى لا يفهم ان لهفتها مصدرها مجيء حسام: هذاجيد حتى نرتاح من ازعاجك لنا والحاحك المستمر حتى نغادر ..
قال مازن بسخرية: لاتنسي انني انا من سيأخذكم الى هناك.. ويمكنني ان ان اعيدكم الى المنزل بعد ان اشتريانا ما اريد..
التفتت عنه مها وقالت بحنق: لا استغرب ذلك عليك ابدا..
وقالتوهي تبتعد عنه: اجهز سريعا.. نحن ننتظرك بالاسفل ..
لم يجبها مازن بل اكتفى بالدخول الى غرفته مرة اخرى.. في حين ارتسمت على شفتي مها ابتسامة واسعة وهي تبتعد عن المكان..ابتسامة تعبر عن مدى فرحتها بلقاء حسام هذااليوم...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 06:23 AM   #7

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

الجزء السابع

"..
ابنةعمي .."
قال مازن مبتسما وهو ينطلق بالسيارة الى المركز التجاري: والآن يا فتيات.. اريد هدوء طوال الطريق.. لا صراخ.. لا حديث.. ولا حتى صوت انفاسكن..
قالت مها التي تجلس بجواره بسخرية: بدأت رحلة الاوامر والاذلال..
والتفتت الى ملاك لتقول بابتسامة: الم اخبرك؟.. هاانت ذا ترينه يعدد اوامره قبل ان ننطلق.. ما رأيك ان تغيري رأيك ونذهب مع السائق؟..
اسرع مازن يقول وهو يهز اصبعه السبابة نفيا: ممنوع.. ما دمتما قد ركبتما معي الآن فتحملا ما سيأتيكما..
قالت مها بضيق وهي تتطلع اليه: سخيف..
التفت لها وقال: بل احسن استغلال الفرص يا عزيزتي..
مطت مها شفتيها دون ان تعلق.. في حين اكتفت ملاك بابتسامة هادئة ارتسمت على شفتيها .. اما مازن فقدشرد ذهنه للحظات.. رأى خلالها طفلة صغيرة جالسة على مقعد ما .. تبتسم برقة وبراءة.. عيناها وشعرها كسواد الليل ..وبشرتها بيضاء كالثلج..تصنعان ضدان غريبان ورائعان ..وشاهد اثناء شروده نفسه وهو بعد في الثالثة عشرة من عمره يقترب منها ويقول متسائلا: من انت؟..
اتسعت ابتسامتها وقالت: انا اسمي ...
(
مازن انتبه!)
افاق منشروده على صوت مها الخائف والمذعور.. ورأى امامه سيارة يكاد ان يصطدم بها .. وبأقصىما امكنه من سرعة ادار مقود السيارة الى اليمين.. وتفادى الاصطدام ..وتنهد بقوة ومنثم لم يلبث ان قال مبتسما: ما رأيكم في قيادتي للسيارات؟..
قالت مها بغضب: اتسألايضا؟.. اطلبت منا ان نأتي معك حتى تقتلنا؟..
قال بمرح : لا بل لأريكم براعتي فيقيادة السيارات.. ارأيت كيف تفاديت السيارة؟..
قالت مها بعصبية: كيف تمزح في مثلهذه الامور ؟..
اما ملاك فقد كانت تشعر بالخوف في البداية من هذا الاصطدام الذيكاد ان يحدث .. ولكن كلمات مازن المرحة اخرجتها من الخوف الذي كانت تشعر به.. وابدلتها بابتسامة من تعليقاته التي يواجه بها غضب مها..
وتوقف بعد فترة منالوقت عند باب المركز التجاري وغادر سيارته ليخرج مقعد ملاك من صندوق السيارة.. وبالنسبة لملاك فقد شعرت برهبة تغزو قلبها بغتة.. لاول مرة تأتي الى مكان كهذا.. لاول مرة ترى كل هذا الجمع من الناس .. انتابها القلق والتردد من مغادرةالسيارة..صحيح انها كانت تذهب الى النادي ولكن لم تكن ترى كل هذا الجمع وقتها وكانتتبقى وحيدة مع مها في ركن منه..اما الآن فعليها ان تندمج في كل تلكالافواج...
والتفتت بحدة وخوف عندما فتح الباب الذي يجاورها بغتة وسمعت صوت مهاوهي تقول بابتسامة: هيا يا ملاك.. اجلسي على مقعدك حتى نغادر..
تطلعت ملاك الىالمقعد.. شعرت انه قد يكون شيء غير مألوف لكل اولئك الناس ..وهمست وهي تلتفت عنمها: لا اريد النزول..
تطلع اليها مها بدهشة وقالت: ماذا تقولين؟..
قالت ملاكباصرار: اريد ان اعود الى المنزل.. لا اريد البقاء هنا..
اقترب مازن من بابالمجاور لملاك وقال بحيرة: ما الذي يجعلك تقولين مثل هذا الكلام بعد انوصلنا؟..
تطلعت ملاك الى الاشخاص اللذين يدخلون المركز التجاري او يخرجون منه.. فالتفت مازن خلفه ليتطلع الى ما تتطلع ومن ثم قال بابتسامة وهو يلتفت لملاك وقد فهمما يقلقها ويجعلها ترفض النزول من السيارة: لا تقلقي.. الكل هنا يكون مشغولابشأنه.. ولا احد يهتم الا بنفسه..
هزت ملاك راسها نفيا وقالت وهي تضم قبضيتها: لا اريد النزول.. اعيدوني الى المنزل..
وبدل من ان يجيبها مازن مد يده لها وقالمشجعا: لا تخافي ابدا.. نحن هنا معك..
تطلعت ملاك الى يده الممدودة بحيرة ونقلتبصرها بين مازن ومها.. وقالت الاخيرة مبتسمة: ما يقوله مازن صحيح.. لا داعي للخوفما دمنا معك..
ترددت ملاك طويلا وهي ترى نظراتهم اليها ومن ثم لم تلبث ان حسمتامرها ومدت يدها لمازن ليتقطها ويعاونها على الجلوس على مقعدها.. كانت ارتجافة كفملاك بين انامله اكبر دليل على ما حدث لمشاعرها في تلك اللحظة.. فقد كانت لمسةانامله فقط.. كفيلة لان تفجر كل المشاعر التي تحملها تجاه مازن..وتطلعت الى هذاالاخير وهي تزدرد لعابها بارتباك ورأته يبتسم لها ويقول: يالك من فتاةعنيدة..
لم تعلم ملاك لم بادلته الابتسامة بدلا من ان يحنقها ما قاله.. ربما لانمشاعرها تجاه مازن في هذه اللحظة بالذات.. كانت كافية لتجعلها تتقاضى عن أي شيءيقوله..لا تسألوها لماذا مازن بالذات.. هي نفسها لا تعلم.. ربما اهتمامه وحنانه.. ربما مرحه وسخريته.. ربما شخصيته الحازمة عند الجد.. وربما كل هذا.. لا تسألوهالماذا؟.. فليس هي من تختار بل قلبها..
واصلوا طريقهم الى داخل المركز التجاريوتوقف مازن بغتة عن السير فتوقفت مها عن دفع مقعد ملاك بدورها عندما رأت حسام وهويقترب منهم ويقول: واخيرا حضرتم..
قال مازن بسخرية: معذرة.. ولكن الفتيات يحتجنلساعتين لتجهيز انفسهن..
قال حسام مبتسما: حمدلله ان ليس لدي أي شقيقة..
عقدتمها حاجباها وكأن لم يعجبها ما قاله حسام.. فتمنيه من عدم وجود شقيقة في حياته يعنيتمنيه عدم وجود أي فتاة اخرى في حياته ايضا..والتفت لها بغتة وقال مبتسما: اهلامها..
قالت ببرود: اهلا..
تطلع حسام الى ملاك للحظة ومن ثم قال بابتسامةغامضة: وملاك هنا ايضا.. اهلا.. كيف حالك؟..
تطلعت اليه ملاك وقالت: على مايرام..
في حين قالت مها وقد شعرت بأنه يشك بأمر ملاك: لقد جاءت معنا لتشتريفستان للحفلة.. فكما تعلم فهي ستكون موجودة يوم الحفل..
التفت حسام عنهما ومن ثمقال متحدثا لمازن: هل سنذهب للتسوق معهما.. ام لوحدنا؟..
قال مازن بسخرية: بللوحدنا.. هل جننت حتى اذهب للتسوق مع الفتيات؟.. لن استطيع شراء أي شيءحينها..
عقدت مها حاجباها بغضب وقالت: كف عن السخرية يا مازن.. فلا اظنك تنتهيمن الشراء في اقل من ساعتين..
غمز بعينه ومن ثم قال: بل اقل من ذلك.. استمعي اليستذهبون للشراء الآن انت وملاك وبعد ساعتين سنذهب لتناول طعام الغداء في أي منمطاعم المركز التجاري..اتفقنا؟..
اومأت كل من ملاك ومها برأسيهما.. في حين راقبتهذه الاخيرة حسام وهو يبتعد بنظرات حسرة.. يأس.. فقدان امل.. جميعها تجمعت في عينيمها في تلك اللحظة.. وقالت بصوت هادئ النبرات: فالنذهب للشراء الآن ياملاك..
دخلتا عدد من المحلات دون ان يعجبهما شيء.. او يعجب مها بالاحرى.. فعندماكان يعجب ملاك احد الفساتين كانت مها تقول: لا.. لا يناسب الحفلة التي سيقيمهاوالدي.. انها ارقى من ذلك بكثير..
لم تكن ملاك تفهم سر اصرار مها على شراء شيءاكثر فخامة.. فملاك لم تعتاد مثل هذه الحفلات.. بعكس مها التي اعتادت هذا الجووالفته.. واصبحت تدرك جيدا أي من الفساتين التي تصلح لحفلة والدها ..واخيرا وقعاختيار مها على الفستان الذي سترتديه للحفل وقلت مبتسمة وهي تريه لملاك: ما رأيكبه؟ ..
التفتت لها ملاك وقالت وهي تتطلع الى الفستان الذي بين يديها: رائع جدا.. سيجعلك تبدين كالنجمة في السماء..
صحكت مها بمرح ومن ثم تسائلت قائلة: وماذاعنك؟.. هل اخترت فستان ما؟..
اومأت ملاك براسها وقالت بابتسامة: بلى ولكني اخشىان تقولي انه لا يصلح للحفل..
اسرعت مها تقول: دعيني اراه اولا..
اشارت ملاكاليه .. فقالت مها وهي تهز رأسها نفيا وتضع كفها اسفل ذقنها: انه لا يصلح حقا.. دعيني اختار انا لك..
وتلفتت حولها في المحل وقالت: دعينا نرى.. شيء راقي ومناسبلحفل والدي..
وتوقفت نظراتها بغتة عند احد الفساتين وتوجهت اليه وقالت مبتسمة: هذا مناسب جدا..
تطلعت ملاك الى الفستان وقالت بتردد: اترين ذلك حقا؟..
اومأتمها برأسها ومن ثم قالت وهي تنقل بصرها بين الفستان وبين ملاك التي تتطلع الىالفستان: ثم انه يشبهك..
اشارت ملاك الى نفسها وقالت بدهشة: يشبهني؟؟..
منجانب آخر كان مازن يتطلع الى ساعة معصمه ويقول متحدثا الى حسام: ما رأيك ان نذهبالآن لتناول طعام الغداء؟.. لقد بدأت اشعر بالجوع..
قال حسام مبتسما: واناايضا.. اتصل بمها وملاك واخبرهما بأننا ذاهبين لنتناول الغداء..
قال مان بسخرية: يالك من رقيق القلب.. دعهما وشأنهما ولا يهمك ان تناولا الطعام ام لا..
قال حساموهو يخرج هاتفه من جيبه: اذا لم تتصل انت سأتصل انا..
ابتسم مازن وقال: لا بأسسأتصل..ولكن اخبرني الى هذه الدرجة تهمك الفتيات؟..
قال حسام وهو يرفع حاجبيه: اعرفك جيدا.. ستتركهن دون طعام ولا يهمك امرهن ابدا..
قال مازن وهو يهز رأسهنفيا: لا تنسى ان ملاك معنا .. من غير اللائق ان افعل بها ما افعله بمها..
زفرحسام بحدة ومن ثم قال: انني اشيد بمها التي صبرت عليك على الرغم من كل ما تفعلهبها..
ضحك مازن ومن ثم لم يلبث ان اتصل بمها وقال : اين انتما؟..
اجابتهقائلة: عند المطاعم..
-
حسنا.. سنأتي في الحال..
اغلق هاتفه ومن ثم التفت الىحسام ليقول بسخرية: ارايت يا رقيق القلب لقد سبقونا هم الى حيث المطاعم..
هزحسام كتفيه دون ان يعلق في حين اردف مازن قائلا: فلنذهب نحن لهم الآن..
غادراالمكان صاعدين الى الطابق الاعلى باستخدام السلم الكهربائي.. ومن ثم توجها الى حيثركن المطاعم وهناك لمح حسام مها جالسة خلف احدى الطاولات وبمواجهتها ملاك..فأشارحسام باتجاههم ومن ثم قال: ها هي مها وكذلك ملاك..
تطلع مازن الى حيث يشير حسامومن ثم تقدم من الطاولة وقال وهو يميل باتجاه مها: لماذا لم تتصلي بنا فورانتهاءكما؟..
قالت مها وهي تلتفت له بسخرية: الم تقل اننا سنحتاج الى الكثير منالوقت حتى ننتهي من الشراء؟.. لهذا فقد ظننت انكما قد سبقتمونا الى هنا..
عقدمازن حاجبيه ومن ثم قال وهو يبتسم بسخرية: بالفعل لقد انتهينا قبلكما.. فلا اظنانكم قد انتهيتما من شراء جميع حاجاتكم بعد..
اشارت مها الى الاكياس الموضوعةبجوار مقعدها ومن ثم قالت بابتسامة نصر: اجل والدليل امامك..
ضحك حسام وهو يقتربمن مازن ومن ثم قال وهو يضع يده على كتفه: اعترف.. لقد هزمتك..
التفت مازن الىحسام وقال وهو يغمز بعينه: ليس بعد..
وعاد ليلتفت الى مها قائلا: لقد انتهيناقبل هذا بكثير ولكننا انا وحسام كنا نسير في ارجاء المركز التجاري حتى يمضي الوقتوتنتهيا انت وملاك من الشراء..
قال حسام وهو يرفع حاجبيهمستغربا: نحن؟..
اومأمازن برأسه ومن ثم قال مبتسما: والآن هيا انهضي واذهبي للجلوس بجوار ملاك..
نهضتمها من مكانها وقالت بحنق: سأفعل دون ان تقول.. فأنا اكره الجلوس الىجوارك..
واتجهت لتجلس بجوار ملاك التي ابتسمت لها وقالت بصوت منخقض: لا تغضبي.. فأنت من انتصر عليه..
لم تجبها مها بل زفرت بحدة وعقدت ذراعيها امام صدرها.. وبالمصادفة فقد اصبح حسام في مواجهة مها ومازن في مواجهة ملاك..وقال مازن وهو يحركاصابعه على الطاولة: ماذا تريدون من الطعام الآن؟..
قال حسام هو ومها في نفسالوقت: (البيتزا)..
التفتت مها الى حسام بدهشة ومن ثم لمتلبث ان ابتسمت عندمارأته يتطلع اليها بابتسامة.. فقال مازن وهو يتطلع الى ملاك: وانت ياملاك..
اجابته ملاك قائلة وهي لا تقوى على رفع عينيها لمواجهة نظراته: لا اعلم.. احضر لي أي شيء..
نهض مازن من مكانه وقال: فليكن..
وغادر الطاولة مبتعدا عنالمكان وهنا قال حسام وهو يلتفت الى مها: صحيح يا مها.. لقد نسيت ان اسألك.. ما سرتغيبك اليوم عن الجامعة؟..
تطلعت اليه مها وابتسمت وهي تشعر بسعادة لانه اهتمبغيابها عن الجامعة ومن ثم قالت: لم يكن لدي أي محاضرات مهمة اليوم..
قال حسامبهدوء: لقد ظننت انك متعبة وكدت اتصل بك لاسال عن احوالك..ولكن عندما اتصل بي شقيقكواخبرني بأنك ستخرجين للتسوق.. علمت ان الامر ليس كذلك..
قالت مها متسائلةوسعادتها تزداد لاهتمامه بها على هذا النحو: وكيف علمت انني متغيبة هذااليوم؟..
كانت ملاك تستمع الى الحوار الدائر بصمت.. لم تحاول التعليق او التحدثوان شعرت بأن ما قالته لها مها في ذلك اليوم غير صحيح وانها كانت تفكر بحسام..واجابهذا الاخير قائلا:يسبب صديقتك التي تسيرين معها دائما.. فأنا لم ارك معهااليوم..
عقدت مها حاجبيها..صديقتي انا؟..وهل يعرفها هو؟.. لو كان يعرفها هوفلماذا؟.. يا الهي!.. هل يعقل ان يكون هو وصديقتي ... لا .. لا مستحيل.. لا يمكن انيحدث هذا .. انا احبه وهو يشعر بذلك بالتأكيد يشعر .. وبالتأكيد سيبادلني هذا الحبيوما ما و... ولكن ما الذي يجعلني واثقة هكذا و...
(
أنسة ملاك)
نداء حساململاك جعل مها تستيقظ من شرودها وتلتفت لملاك التي قالت وهي تبعد يدها التي تسندوجنتها: اجل..
قال حسام وكانه يريد التأكد من امر ما: متى سيعود والدك منسفره؟..
اجابته ملاك بحيرة: ربما بعد ثلاثة ايام..
-
وهل تضايقك مها اومازن؟..
اسرعت ملاك تقول وهي تبتسم وتلتفت الى مها: على العكس.. انني اشعر انمها اخت لي تماما..
واردفت وهي تزدرد لعابها بصوت خافت: وكذلك مازن ..
عقدحسام حاجبيه كان يريد ن يتأكد من صدق ما تقوله مها بأن ملاك هي صديقة لها.. ولكنملاك لم تتحدث بشيء يدله على صدق او كذب ما قالته مها.. واستمر في اسالته قائلا: ومنذ متى تعرفين مها؟..
همت ملاك بقول شيء ما عندما اسرعت مهاوقاطعتها قائلة: منذ شهر تقريبا..
التفت حسام الى مها وقال ببرود: ولم لم تدع ملاك تجيببنفسها؟.. فأنا قد سألتها هي..
احست مها بشكوكه وقالت بابتسامة وبلهجة حاولت انتجعلها واثقة: ملاك صديقتي وسواء اجبت انا او هي..فذلك لا يهم..
التفت حسام عنهاوتطلع الى مازن الذي اقترب بصينية المأكولات من الطاولة وقال بسخرية متحدثا الىحسام: اجل استمتع انت بالحديث الى مها وملاك ودعني انا احضر الطعام الى هنا ..
ابتسم حسام وقال: انت لم تنادني حتى اساعدك..
قال مازن وهو يضع الصينيةعلى الطاولة: اذهب انت لاحضار المشروبات..
نهض حسام من مكانه مغادرا الطاولة.. في حين قال مازن وهو يشير الى احد الاطباق: لم اعرف ماذا اختار لك يا ملاك.. فأخترتلك الطعام الذي اختاره لي دائما..
ابتسمت ملاك وقالت وهي ترفع عينيها اليه: حتىعصير البرتقال؟..
ابتسم مازن وقال: وحتى هو..
قالت مها مستغربة: ما امر عصيرالبرتقال هذا؟..
تطلع مازن الى ملاك بابتسامة ومن ثم قال وهو يلتفت الى مها: وماشأنك انت؟.. امر بيني وبين ملاك..
قالت مها بخبث: حقا؟..
توردت وجنتا ملاكوارتبكت اطرافهافاخذت تداعب قلادتها .. وسألها مازن في تلك اللحظة: هل اهداك احدهذه القلادة؟..
قالت ملاك بدهشة وهي ترفع نظراتها له: اجل .. كيف عرفت؟..
قالوكأنه لم يسمع تتمة عبارتها: ومن هو؟..
ابتسمت ملاك وقالت وهي تعود لتداعبالقلادة: انه شخص غالي جدا على قلبي..
عقد مازن حاجبيه .. ايعقل ان تكون ملاكعلى علاقة بشاب ما؟..ولم لا؟.. انها فتاة رائعة الجمال.. بريئة بتصرفاتها .. كبيرةبقلبها.. ولكن ماذا عن عجزها؟.. ايعقل ان الشاب الذي على علاقة معها لم يهتم بهذاالامر ابدا؟.. ربما..
وسألها قائلا: ومن هو هذا الشخص الغالي علىقلبك؟..
اجابته قائلة: انه...
قاطعها حسام وهو يضع المشروبات امامهم: ها هيالمشروبات..ماذا تريدين انت يا مها؟..
قالت مها مبتسمة: (كولا)..
قال حساممبتسما وهو يضعه امامها: الن تغيريه ابدا؟..
ووضع عصير البرتقال امام مازن وقال: اعرفك لا تشرب مشروب سواه..
قال مازن وهو يتطلع له بطرف عينه: وما شانك انت.. لاتدعني اتحدث عن كأس الحليب الذي تشربه على الافطار..
قال حسام وهو يضحك بمرحويتوجه الى مقعده: حسنا.. حسنا لا شأن لي.. اشرب ما تريد.. ولكن ما ذنب ملاك ايضا؟ ..
التفت له مازن وقال: هي من طلبت مني ان احضر لها أي شيء وانا فعلت..
-
لقدقالت أي شيء ولم تقل على ذوقك..
قالت مها وهي تتناول قطعة من (البيتزا): سيبردالطعام ان لم تتناولوه سريعا..
بدأ الجميع في تناولهم للطعام..وكان هناك احاديثمتفرقة بين مازن وحسام ومها.. في حين اكتفت ملاك بكلمات بسيطة ومقتضبة عندما يسألهااحد منهم عن شيء ما ..وبعد انتهاءهم قال مازن بابتسامة: كفاكم ما اكلتموه من طعام .. هيا انهضوا..
التفت له حسام وقال مازحا: ما هذا ؟..هل ستحاسبنا على ما اكلناهمن طعام؟..
قالت مها ساخرة: لا تستغرب ان فعلها مازن..
التفت لها مازن وقال : كفي عن الحديث ايتها الثرثارة ولنغادر ..
-
لا يوجد ثرثار غيرك هنا..
قالحسام وهو ينهض من مكانه ويجذب مازن معه: عدنا للشجار .. اخبرتك ان تدع مهاوشأنها..يجب ان تحمد الله تعالى على ان لديك شقيقة تتحملك مثلها..
ابتسمت مها منعبارته.. وكذلك ملاك.. فقال مازن وهو يبتسم: ان اردت الصراحة .. فأنا لا استمتع الاعندما استفزها..
عقدت مها حاجبيها فضحك حسام وقال: لا بأس.. لا بأس.. سر اماميهيا..وكذلك انتما.. مها وملاك.. اسرعا لنغادر..
سارت مها وهي تدفع مقعد ملاك خلفحسام .. واحست ببضع النشوة والسرور لدفاعه عنها امام مازن.. وما لبثتا مها وملاك انركبتا سيارة هذا الاخير بعد ان غادروا جميعا المركز التجاري.. في حين انطلق حسامبسيارته .. ولم تنسى مها عبارته الاخيرة عندما قال وهو يميل باتجاه نافذة مازن قبلان يغادر: اياك ومضايقة مها مرة اخرى ..
حينها اجابه مازن بسخرية: اظن ان مها هيشقيقتك وانا لا اعلم..
قال حسام بابتسامة: لو كان لدي شقيقة مثلها لما ضايقتهاابدا..
جعلتها عبارته الاخيرة هذه ان تحلق في سماء السعادة والاحلام .. وهي تشعربقلبها يخفق بقوة ..واغمضت عينيها وهي تتخيل ان حسام يبادلها مشاعرها هذه.. وسيارةمازن تنطلق مبتعدة عن المكان...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛توقفت سيارة مازن بجوارالمنزل وقال مازن وهو يفتح باب سيارته: اهبطي بسرعة يا مها.. فسأذهب الى الناديالآن..
تأففت مها من تصرفاته وقالت وهي تفتح باب السيارة وتتناول الاكياس معها: حسنا .. وهذه آخر مرة اذهب معك فيها الى أي مكان..
لم يهتم بعبارتها وهو يراهاتتوجه الى داخل المنزل بل هبط من سيارته.. ومن ثم توجه خلف السيارة ليفتح صندوقهاويخرج مقعد ملاك وفتح الباب المجاور لها وقال مبتسما: هل اساعدك؟ ..
قالها ومنثم مد يده لها.. مشاعر شتى هاجمت ملاك في هذه اللحظة.. وجعلت اطرافها ترتجف وهيتتذكر ما احست به عند لامست اناملها كفه..ولم تقوى على مد يدها له.. فقال مازنمستغربا: ماذا بك؟.. سأساعدك ليس الا.. اعطني يدك..
اطاعته ملاك هذه المرة.. ربما للنبرة الآمرة في صوته .. واجلسها على مقعدها ومن ثم ابتسم وقال: لا زلت مصراعلى انني قد رأيتك من قبل..
قالت ملاك بابتسامة خجلة وهي تشعر برجفة جسدها كلهمن لمسته: ربما..
مال نحوها مازن وقال: اخبريني الم تأتي الى هنا منقبل؟..
تجمدت اطرافها للحظة وهي تراه يميل نحوها ويتطلع اليها على هذاالنحو..ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تطرق برأسها: لا.. لم آتي الى هنا منقبل..
تساءل مازن بشك: أأنت متأكدة؟..
كانت ملاك تذكر انها ذهبت يوما ما الىمنزل عمها وهي بعد في السادسة من عمرها.. ولكن لا تذكر أي عم .. ولا تذكر أي شيءمما حدث لها هناك.. وقالت وهي تهز كتفيها: ربما جئت الى هنا وانا بعدطفلة..
طفلة.. ترددت هذه الكلمة في رأس مازن.. وتذكر تلك الطفلة التي خطرت علىذهنه فجأة..والتي كادت ان تتسبب في الاصطدام ومن ثم لم يلبث ان قال بتفكير: اجلربما..
واشار الى احدى الخادمات التي كانت واقفة بجوار الباب: اصطحبي ملاك الىالداخل..
عقدت حاجبيها وقالت: اعرف ان ادخل لوحدي..
ابتسم وقال: حسنافهمت..
ولوح لها بيده مردفا: الى اللقاء..
ابتعد مازن عن المكان وبقيت ملاكتتطلع الى سيارته التي ابتعدت.. ومن ثم لم تلبث ان تنهدت وهي تدخل الى داخل المنزلمتوجهة الى غرفتها و...
(
اهلا بابنة العم..)
التفت ملاك بحدة الى مصدرالصوت.. وانتابها القلق والتوتر عندما شاهدت كمال يبتسم ببرود ويقول مردفا: كيفالحال؟..
ازدردت لعابها مرتين متتاليتين ومن ثم قالت بصوت خافت: بخير..
احستملاك بغرابة سؤاله.. فلم يسبق له ان اهتم بالسؤال عنها من قبل.. ولكن من يدري ربماهي لا تفهمه.. وقال وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: لم ارك اليوم على الغداء فظننتانك غادرت المنزل..
لم تفهم ملاك ما يقصده بعبارته.. هل يريد ان يشير الى انه لايرغب بوجودها في المنزل او يشير الى انه قد اقلقه عدم وجودها؟ .. لن تفهم ابدا هذاالانسان..واجابت قائلة: لقد خرجنا للتسوق و..
قاطعها قائلا وهو يلتفت عنها: اعلم..
ومن ثم غادر دون ان يضيف أي كلمة اخرى.. لو فهم أي احد مغزى ما قالهفليفهم ملاك.. فقد ظلت في مكانها في حيرة من امرها تتطلع الى النقطة التي اختفىفيها..ومن ثم لم تلبث ان تحركت بقعدها باتجاه غرفتها لتدلف اليها ةتغلق الباب منخلفها.. واغمضت عينيها لوهلة..وهي تتذكر مازن ..ومساعدته لها .. لطفه واهتمامهبها..جعلاها تشعر بميل اكثر له .. كل هذا ومها تقول عنه انه يكره مساعدة الآخرين .. ولكنه ساعدني.. ليس مرة واحدة فحسب بل عدة مرات.. انه طيب القلب ولكن ربما لا يحباظهار طيبته هذه..ربما يحاول ان يبدوا حازما غير مبالي.. ربما...
توجهت الى حيثفراشها ورفعت جسدها من على المقعد.. لتجلس على السرير وراودتها ذكرى اول لقاء لهامع مازن..
وتطلعت الى القلادة التي تحتل رقبتها ومن ثم قالت وكأنه تحادثوالدها: ارأيت يا ابي.. ابناء عمي اللذين كنت تمنعني عن رؤيتهم في السابق يهتمونبي.. وليس كما ظننت.. لم يحاول احد منهم مضايقتي ابدا.. وحتى كمال.. ربما هي مجردكلمات يقولها نظرا لشخصيته.. ولكن كل هذا لا يهمني.. ما يهمني الآن اني مع ابناءعمي .. لو تعلم يا ابي كم اشعر بالسعادة وانا معهم.. اتمنى من كل قلبي ان تسمح ليبزيارتهم بعد ان تعود من السفر.. اتمنى ذلك..
لم تشعر بنفسها وهي تغيب عن الواقعوتغط في عالم الاحلام.. ليكون رفيقها في الحلم هو.. مازن.. ولا احدسواه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛تطلعت مها بعينان حالمتين الى الرسائل القصيرة التييرسلها لها حسام ليمازحها احيانا.. رسائل عادية جدا.. ولكنها تعني لها الكثير لأنهامنه..وشعرت برغبة شديدة في سماع صوته على الرغم من ان آخر لقاء لهما في المركزالتجاري لم يمض عليه اقل من ساعتين.. ولكن لم تعلم لم.. ربما لانها لم تأخذ حريتهافي الحديث معه هناك.. او ربما لانها تتمنى سماع المزيد من كلمات الاهتمام والحنانمنه..
ولم تكتمل افكارها.. فقد قاطعها صوت رنين هاتفها المحمول وشهقت بدهشةعندما رأت المتصل هو حسام نفسه..واجابت قائلة ودهشتها لم تفارقها بعد: حسام!..
قال حسام مبتسما: اجل هو انا لم انت مندهشة هكذا؟..
قالت مها وهيتزدرد لعابها: لاني لم اتوقع اتصالك هذا ابدا..
قال حسام مبتسما: وما هو شعوركالآن بعد ان اتصلت بك؟..
كانت تريد ان تخبره انها سعيدة.. لا بل تكاد تطير منالسعادة.. ولكنها لم تستطع قول شي من هذا.. وقالت مبتسمة: في الحقيقة.. اشعر انوراء مكالمتك هذه امر ما..
ضحك حسام وقال: معك حق انها كذلك..
قالت بفضول: ماالامر اذا؟.. اخبرني بسرعة..
صمت حسام للحظة ومن ثم قال بغتة: ملاك...
مطتمها شفتيها. ملاك من جديد.. وما شأنه هو بملاك؟.. وقالت ببرود: ماذا بهاملاك؟..
قال حسام بتساؤل: انها ليست صديقتك .. اليس كذلك؟ ..
قالت وهي تحاولان تخفي ارتباكها: بل هي كذلك..
قال حسام بجدية: مها لم لا تقولي الصدق وتريحي نفسك؟..الم اكن دائما موجودا عندما تحتاجين الي وكنت كاتم اسرارك؟.. ما الذي تغيرالآن؟.. هل تتوقعين ان أي شيء تخبرينه لي سأفشيه من فوري؟..
قالت مها وهي ترميبنفسها على الفراش: الامر ليس كذلك..
-
اذا؟..
اغمضت مها عينيها.. ماذا تقولله.. ان والدها قد حذرهم من ان ينطقوا بهذا الامر لأي مخلوق.. ولكن هذا حسام صديقالطفولة والصبا.. حسام الذي تثق به اكثر من نفسها.. حسام الذي منحته قلبها دون انتجد أي امل من مبادلته لها هذا الحب.. انها تعلم جيدا انه سيحافظ على الامر سرا لواخبرته.. ولكن ماذا لو سأله والده واصر على ان يجيبه.. هل سيضطر حينها للكذب؟.. لاتعلم ابدا.. انها تشعر بالحيرة من اخباره من عدمه.. ولكن عليها ان تحسم امرها ..
وقالت بعدان اخذت نفسا عميقا: ملاك هي... صديقتي..
قال حسام بحدة: الى متىستستمرين في هذا الكذب يا مها؟ .. اخبريني لماذا؟.. لا احد يفهمك كما افهمك انا.. وادرك جيدا انك تكذبين.. اخبريني من هي ملاك؟..
احست بغصة في حلقها وهي تشعرباهتمامه الكبير بملاك وبعصبيته تجاهها وقالت بصوت مختنق: اخبرتك..
-
لم تخبرينيسوى بالكذب..
قالت مها وهي تحاول ان تتمالك مشاعرها: اتعني اني كاذبة؟..
-
اجل مادمت ترفضين قول الحقيقة..
ظلت صامتة دون ان تجيبه.. فهتف بحدة وعصبية: منهي ملاك؟..
اندهشت مها من اسلوبه في الحديث للمرة الاولى تراه على هذا النحو منالعصبية والغضب.. اكل هذا من اجل ملاك؟.. وانا.. ماذا عني انا؟.. الست امثل أي شيءفي حياتك يا حسام؟...
وقالت مها بمرارة: لماذا تحدثني بهذه الطريقة ياحسام؟..
تنهد حسام ودس اصابعه بين خصلات شعره ومن ثم قال: انا آسف يا مها لماقصد.. ولكن تضايقت قليلا عندما شعرت انك تكذبين علي.. وانا اكره ان يكذب علي احدوخصوصا انت..
وخصوصا انا!!.. ما الذي يقصده؟.. واردف هو بهدوء هذه المرة وبنبرةحانية تسمعها مها نادرا منه: الن تخبريني من هي ملاك حقا يا مها؟..
ازدردت مهالعابها من عبارته ولهجته الحانية ومن ثم قالت :ولم انت مهتم هكذا بملاك؟..
قالحسام وهو يجلس على احد المقاعد بغرفته: ان اردت الصدق.. فلست مهتم بملاك.. بل مهتمبمعرفة الحقيقة منك ..
-
ولم لم تسأل مازن؟.. لم انا؟..
قال مبتسما: لانياعلم انك لا تعرفين الكذب ولن تستطيعي ان تستمري فيه معي.. اما شقيقك فلن احصل منهعلى حرف واحد يروي فضولي..
واستطرد قائلا: ثم انك اثبت لي ان ما اشعر به صحيح وان ملاك ليست صديقتك بعد ان طلبت مني ان اسأل مازن عوضا عنك..
قالت مها بنبرة خافته: ارجوك يا حسام.. لا اريد ان يعلم احد هذا الامر..
قال حسام بصدق: اطمئنيلن يعلم عن هذا الامر مخلوق سواي.. ولكن اجيبيني عن سؤالي اولا..
قالت مها بتردد: ان ملاك هي.. هي...
-
من هي ملاك؟.. اكملي..
قالت وهي ترمي المفاجاة في وجهه: ان ملاك هي ابنة عمي ..
ولم يعد هناك مجالا للتراجع..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 06:30 AM   #8

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

الجزءالثامن

"
.. حفل .."
صمت دام لأكثر من دقيقة كاملة ران على كل من مها وحسام بعد عبارتها الاخيرة له.. لم يسمعخلالها الا صوت انفاسهما .. صمت شعرت خلاله مها بخطأ ما فعلته وقالته.. وصمت قضاهحسام في تفكير عميق..وقاطع هذا الاخير هذا الصمت اخيرا ليقول: اذا فهي ابنة عمك..
ازدردت مها لعابها دون ان تقوى على الحديث .. احست بفداحة ما فعلته .. لقدااتمنها والدهاعلى ملاك فخانت ثقته هذه .. لم تعلم ماذا تقول او بم تجيب فآثرت الصمت.. في حين اردف حسام وهو يزفر بحدة: ابنة عمك ملاك التي يبحث عنها جميع اعمامك.. واللذين لا يعلمون لها طريق.. وفي النهاية تكون موجودة في منزلكم..
قالت مها بقلق وخوف: ارجوك يا حسام.. ارجوك لا تخبر احدا بما قلته لك..
قال بهدوء: لن افعل..ولكن اخبريني كيف وافق والدك على ان يترك ملاك عنده.. الم يخشَ عليها من اخوته؟..
-
بلى ولكن.. لم يكن هناك من حل سواه.. فوالد ملاك مسافر الى الخارج وربما سيطول سفره.. لهذا لا يريد ان تبقى وحيدة كل هذا الوقت في المنزل.. فاقترح ان يأتي بها الى المنزل .. ومن جانب والدي فقد وافق على هذا الامروطلب منا ان لا نخبر مخلوق عن هذا الامر..
واردفت بتوتر وهي لاتزال تشعر بخطأهاعندما اخبرته: ولكني اخبرتك لاني اثق بك.. واعلم جيدا انك لن تخبر عنها أي احد.. اليس كذلك؟..
ابتسم حسام وقال في لهجة صادقة: ايراودك أي شك في ذلك؟ ..
ازدردت لعابها ومن ثم قالت: لا ولكني اخشى على ملاك.. فكما رأيتها هي فتاة قليلة الخبرة والتجارب.. وليس لها أي قوة لمواجهة أعمامي اللذين لا يستهدفون منوراءها سوى الثروة..
-
معك حق..ان ملاك كالطفلة التي لم تلوثها هذه الحياة بسوادها بعد..
قالت مها في غيرة واضحة: ولم تمتدح ملاك هكذا؟..
ابتسم حسام وقال: ليس مديحا بل حقيقة..
قالت مها في ضيق: حقا؟..
قال حسام مبتسما: ولم تتضايقين عندما امتدح ملاك؟..
قالت بحدة: ولم تمتدح ملاك وتهتم لأمرها من الاساس؟..
قال حسام بحيرة: من قال اني مهتم بأمر ملاك؟..
قالت بحدة اكبر: تصرفاتك.. لا تلبث ان تسأل عنها بين الفينة والاخرى..
قال حسام مبتسما: ايتهاالغبية من قال ان ملاك تهمني.. ما يهمني فعلا هو ان لا تكذبي علي مرةاخرى..
قالت مها بصوت خافت وبلهجة خجلة: وهل يهمك ان قلت لك الصدق ام لا؟..
-
اجل..يهمني كثيرا..
واردف بلهجة حانية: لا اريد ان تكذبي علي مرة اخرى.. مهماحصل.. اخبريني بالحقيقة وسأفعل المستحيل لمساعدتك ان تطلب الامر..
قالت مها وهيتذكره: ملاك من تحتاج الينا الآن..
تنهد حسام وقال: اعلم.. لا تقلقي.. اقسم لكاني لن انطق بأي حرف لاي شخص كان عن هذا الامر..
قالت مها مبتسمة: اشكرك لأنك تفهمت الموقف..
قال حسام وهو يتطلع الى ساعة يده: اتركك الآن يا مها.. وعذرا على الازعاج..
قالت مها في سرعة: ابدا لم يكن هناك أي ازعاج..
ابتسم حسام وقال: حسنا اذا اراك بخير..
قالت مها مبتسمة: الى اللقاء يا حسام..
وما ان انهى الاتصال حتى ردفت بلهجة حانية ومليئة بكل ما اعتمر قلبها من حب: يا اول من احببت فيحياتي..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
((
من انت؟))
((
انا اسمي ملاك))
((
هل جئتالى هنا وحدك؟))
((
لا.. جئت مع ابي))
فتحت ملاك عينيها بغتة لتستيقظ مناحلامها على صوت طرقات على باب غرفتها.. وتطلعت بارهاق الى الساعة المجاورة لفراشهاوالتي كانت تشير الى السادسة مساءا..واعتدلت في جلستها لتقول وهي تتثاءب: من؟..
سمعت صوت مازن وهو يقول: انه انا..مازن..
ارتفع حاجباها بدهشة ومن ثمما لبثت ان قالت وهي تزدرد لعابها: وما الذي تريده؟..
ابتسم مازن الذي يقف خلفالباب وقال: الاطمئنان عليك فحسب..
توترت ملاك قليلا وشعرت ببعض الارتباكوالخجل.. مازن جاء ليطمئن عليها هي..رفعت جسدها عن الفراش لتلقيه على المقعد وقالتفي سرعة: لحظة واحدة..
حركت عجلات مقعدها الى حيث المرآة والتقطت المشط لتقومباعادة ترتيب خصلات شعرها المبعثرة من النوم.. واسرعت تفتح الباب بعد ذلك وهي ترفعرأسها لتتطلع اليه.. فقال هو مبتسما وهو يتطلع اليها: لقد جاءت مها قبل قليل وطرقتالباب اكثر من مرة وعندما لم تسمع اجابة منك قلقنا عليك فجئت لأطرق الباب بعدهالأتأكد انك بخير..
قالت ملاك بابتسامة: لقد كنت نائمة..
قال مازن وهو يتطلعاليها بنظرات غامضة: حسنا ما دمت قد اطمأننت عليك فسأغادر.. مع السلامة..
لاحقتهملاك بنظراتها ومن ثم قالت بصوت لم يسمعه سواها: مع السلامة..
شعرت بمشاعر غريبةتغزو قلبها وتزداد كلما رأت مازن ..لا تشعر بهذه المشاعر الا اذا رأت مازن او تحدثتاليه.. مشاعر اخذت تشعرها بالشوق له.. بالاهتمام لأي امر يخصه.. مشاعر شتى تجعلقلبها يخفق بقوة كلما رأته و...
قطع افكارها صوت رنين هاتف مازن المحمول لم يكنقد ابتعد كثيرا عنها بعد.. مما جعلها تسمعه يقول وهو يبتعد مغادرا المنزل: اجل ماذاتريدين؟..
"
تريدين".. اذا فهو يحادث فتاة..تتذكر ملاك مرة انه اخبرها ان لديهالكثير من المعجبات بسبب فوزه في احدى المسابقات .. ربما هذه الفتاة هي احدى تلكالمعجبات.. ربما..
لم تجد ما تكمل به افكارها فتحركت في ارجاء الردهة بملل ..وسمعت بغتة صوت مها وهي تناديها قائلة: ملاك..
التفتت لها ملاك وقالت بهدوء: اجل..
تطلعت لها مها ومن ثم قالت: لم ارك اليوم بأكمله.. ماذاتفعلين؟..
اشارت ملاك باتجاه غرفتها ومن ثم قالت: لقد كنت نائمة عندما طرقت بابالغرفة..
قالت مها باستغراب: اية غرفة؟..
اجابتها ملاك قائلة: غرفتي..
قالت مها وهي تهز رأسها نفيا: لم اطرق عليك الباب مطلقا.. لقد ظننت انكتدرسين..
قالت ملاك بدهشة: ولكن مازن قال لي انك قد طرقت علي الباب فقلقت عليعندما لم تسمعي مني ردا..
قالت مها بابتسامة واسعة: وصدقتيه بهذه البساطة.. تجدينه هو من طرق عليك الباب في المرة الاولى..
قالت ملاك ببراءة: ولم يكذبعلي؟..كان بامكانه اخباري انه هو من طرق علي الباب في المرة الاولى..
-
هكذا هومازن.. مكابر وعنيد..
واردفت مها قائلة: دعك منه واخبريني هل ارتديت فستانكالجديد لتجربيه؟..
هزت ملاك راسها نفيا..فاردفت مها متسائلة: ولم لمتجربيه؟..
قالت ملاك بابتسامة: لا لشيء ولكني احسست انه لا يصلح الا ليومالحفلة..
قالت مها وهي تتنهد: متى يأتي الغد؟..
تطلعت اليها ملاك وقالتمستغربة: ايهمك هذا الحفل الى هذه الدرجة؟..
قالت مها مبتسمة: ليس الحفل ولكن منسيكون فيه..
-
من تعنين؟؟..
صمتت مها دون ان تجيب.. ولكن قلبها اجاب عن هذاالسؤال..اجاب بكل الحب الذي يحمله.. اجاب بكلمةواحدة..حسام..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛هبط مازن من على ظهر حصانه وربت على ظهره وقال متحدثا الى احد الزملاء: هلا اخذته الى الاسطبل؟..
قال زميله مبتسما: بكلسرور..
والتقط لجام حصان مازن من يده واخذه الى الاسطبل.. في حين غادر مازن حلبةالسباق.. وتوجه بخطوات هادئة الى حيث الكافتيريا.. ولكنه توقف بغتة عندما سمع صوتشخص ما يناديه.. زفر بقوة وملل ومن ثم قال: يا الهي ..متى ستمل هذهالفتاة؟..
والتفت الى حنان التي اقتربت منه وقالت بحدة: لماذا تتجاهل نداءاتيوتتهرب من لقاءي يا مازن؟..
قال مازن ببرود: لاني سأمت سماع كلماتك المكررة..
قالت حنان بعصبية: ولكن كنا دائما معا ولم تكن يوما تمل من سماع ما كنت اقولهلك..
قال مازن وهو يرفع كفه منهيا النقاش: حنان اخبرتك مائة مرة ان ما بيننا كانفي حدود الصداقة فقط ولا يتعداه..
واردف وهو يهم بالابتعاد عنها: عناذنك..
ولكن حنان وقفت في وجهه وقالت: لم تكن يوما هكذا يا مازن.. كنت تعاملنيبطريقة مختلفة.. وانت تعلم جيدا ان مشاعري لك تفوق حدود الصداقة..
دس مازناصابعه بين خصلات شعره وقال بسخرية: هل وعدتك بشيء؟..
قالت وفي عينيها نظرةرجاء: ولكنك منحتني اهتماما جعلني ...
صمتت دون ان تكمل عبارتها فقال مازن بملل: ابتعدي عن طريقي اذا..
لم تتحرك من مكانها فقال مازن وهو يزفر بحدة ويعقد ذراعيهامام صدره: وما المطلوب مني الآن؟..ان ابادلك المشاعر بالرغم مني امماذا؟..
قالت حنان بصوت خافت: فقط لا تتجاهلني..
ابعدها عن طريقه وسار مبتعداومن ثم قال: سأحاول..
واردف بسخرية: مع انك مزعجة..
قالها واكمل طريقه مغادراالنادي.. اكبر خطا فعله بحياته انه تقرب من حنان ليحصل على صداقتها في يوم..لميتخيل ان مشاعرها ستتعدى حدود الصداقة.. ولكن مع هذا استمر معها حتى شعر بالملل منعبارتها الدائمة له والتي تشير الى ان مشاعرها تفوق الصداقة.. وحينها قرر ان يتركهاويتجاهلها .. ولكنها ظلت تلاحقه على الرغم من ذلك.. لهذا ليس ذنبه ان كانت لا تريدان تفهم انه لم يحمل أي مشاعر لها في يوم ...
انطلق بسيارته متوجها الى المنزلوما ان وصل حتى غادر سيارته واقفلها بواسطة جهاز التحكم عن بعد.. وفي نفس اللحظةكان كمال قد وصل بسيارته وغادرها بدوره.. واتجه نحوه مازن ليقول: انت تعلم بأمرحفلة الغد اليس كذلك؟..
قال كمال بهدوء: بلى..
قال مازن بحزم: اذا لا تغادرالمنزل وتترك الجميع ينتظرك ويسأل عنك مثل ما فعلت قبل ثلاثة اشهر..
قال كمالببرود: لن افعل..
واردف وهو يلتفت الى مازن: ثم ان هذه الحفلة مختلفة.. فأبنةعمك المصون ستكون موجودة ايضا..
تطلع اليه مازن وقال بتساؤل: ما الذيتعنيه؟..
واصل كمال سيره وقال بلامبالاة: لا شيء..
ولكن مازن امسك بذراعهواوقفه قائلا: ماذا تعني بقولك أن ابنة عمك ستكون هنا هذه المرة؟.. ما الذياختلف؟..
ابتسم كمال ابتسامة باردة دون ان يعلق فقال مازن بصرامة: لا تنسى ماقاله لنا والدي.. لا يريد لأحد ان يعلم عن موضوع ملاك.. اتفهم..
ابعد كمال ذراعمازن عنه وقال ببرود شديد: هذا ليس من شأنك ..
قال مازن بعصبية : بل من شأني ..ملاك ابنة عمي .. وانت تعلم عواقب الامر لو وصل هذا الامر الى اعمامي..
التفتله كمال وقال: لا تخشى شيئا.. شقيقك ليس حقيرا.. واكمل طريقه دون ان ينطق بحرفزائد.. في حين زفر مازن بحدة وقوة.. ان كان يخشى على امر ملاك ان ينكشف .. فيجب انيخشى من كمال.. فبأسلوبه اللامبالي ربما يخبر أي من اعمامه عنها لو سألوه عنملاك..
واصل مازن طريقه الى داخل المنزل..وابتسم بسخرية عندما رأى مها جالسة فيالردهة تتطلع الى الخاتمين اللذين ترتديهما وتتحدث الى نفسها قائلة: ايهما ارتديهللغد؟.. هذا ام ذاك؟.. لا اعلم ايهما اجمل فكلاهما...
تقدم منها مازن وقاليقاطعها وهو يجلس على مقعد مجاور لها: واخيرا وجدت الدليل الذي يثبتجنونك..
التفتت له مها ولم تهتم بسخريته التي اعتادتها وقالت وهي تريه الخاتمين: ايهما اجمل؟..
قال مازن بلا اهتمام: لا اعلم..
قالت مها بملل: لا فائدة ترجىمنك..
ومن ثم اردفت في سرعة وكأنها تذكرت شيئا ما: مازن .. ما هذا الذي قلتهلملاك؟..
تطلع اليها بنظرات مستغربة وقال: ماذا قلت؟..
قالت مها بخبث: لم قلتلها اني انا من طرق باب غرفتها؟..
قال مازن وهو يلوح بكفه: بحثت عن حجة لأبررلها طرقي لباب غرفتها..
قالت مها وهي تتنهد فجأة: مازن ابتعد عن ملاك..
تطلعلها مازن بدهشة وعيناه متسعتان وقال: مها هل بعقلك خلل ما؟..
قالت مها بجدية: مازن ملاك ليست مثل أي فتاة عرفتها.. انت بنفسك تراها قليلة الخبرة لا علم لهابالحياة..
قال مازن ودهشته لم تفارقه بعد: وماذا فعلت بها؟..
قالت مها وهيتتمالك اعصابها: اهتمامك بها الزائد عن الحد جعلها تراك كشخص مختلف..
قال مازنوهو يسترخي على المقعد: انا اعاملها كابنة عم لا اكثر..
قالت مها بحدة: وهل تعلمهي معنى ان تعاملها كابنة عم.. انها تظن انك مهتم لامرها.. وانا متأكدة مليونبالمائة انها مخطئة وانك من المستحيل ان تفكر فيها..
قال مازن وهو يدافع عننفسه: انها ابنة عمي..
قالت مها وهي تعاتبه: ولكن لن تنظر اليها في حياتك أينظرة اخرى.. لهذا اقول لك ابتعد عنها.. انها ستقضي اسبوعا واحدا هنا فدعه يمضي علىخير..
(
انها ستقضي اسبوعا واحدا هنا فدعه يمضي على خير).. مثل العبارة التيقالها لكمال ذات يوم بعد ان جرح ملاك بكلماته .. لقد قالها يومها لكمال حتى لايضايق ملاك.. فلم تقولها له مها الآن؟..
والتفت لمها ليقول: ارجوك يا مها.. انملاك ابنة عمي وانا اعطف على حالتها ليس الا..
قالت مها وهي تومئ برأسها: اعلمهذا.. ولكن كيف لملاك ان تفهم هذا الامر.. صدقني لو احست بأي مشاعر تجاهك فستكون فيموقف لا تحسد عليه.. ملاك طفلة لم ترى الحياة بعد.. فأرجوك لا تكن سبب فيآلامها..
قال مازن وهو يتنهد: سأحاول.. اية اوامر اخرى آنسة مها؟..
ابتسمتمها وقالت: لا ابدا.. ثم ان هذا في صالحك انت وملاك.. فحتى والدها يرفض صلة القربىالتي تربطنا بملاك.. فكيف لو علم ان الامر قد بتعدى ذلك..
نهض مازن من مقعده.. وقال بحدة: اخبرتك انني سأحاول ..هذا يكفي..
قالها ومضى في طريقه ومن ثم ابتسمبسخرية وهو يتحدث الى نفسه: ( ليت المشكلة تكاد تكون منحصرة على ملاك فقط يامها..)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛اضواء الثريات التي امتلأت الردهة بها وجماعاتالناس الكبيرة التي اجتمعت في ذلك اليوم.. والخدم اللذين كانو يوزعون المأكولاتوالمشروبات على المدعوين.. كل هذا جعل ابتسامة رضى ترتسم على شفتي امجد.. على انحفلته تسير على خير ما يرام..
في حين كان مازن واقفا مع حسام وكمال وعدد منابناء عمه وقال مازحا: اعلم انكم قد جئتم اليوم الى الحفل من اجل الطعامفحسب..
قال حسام مبتسما: اظن ان هذا هو شعورك انت..
قال كمال بابتسامة باردة: صدقت..
تحدث احد ابناء عمه وقال متسائلا: لم نر اختك مها حتى الآن.. اينهي؟..
قال مازن وهو يهز كتفيه: بالتأكيد لا تزال في غرفتها تتزينللحفل..
التفت له حسام وقال: ولم تسأل عنها يا (احمد)؟..
اجابه احمد ابن عممازن مبتسما: مجرد سؤال.. ثم اني اريد رؤيتها لان مر وقت طويل لم ارها فيه او اسلمعليها..
تقدمت منه احدى الفتيات وقالت مبتسمة: يالك من كاذب.. طوال طريقنا الىهنا وانت تسأل عن مها..
تطلع اليها احمد وقال بحنق: هذا ليس من شأنك ياندى..
تطلعت ندى الى مازن وقالت له: ارأيت كيف يعامل شقبقته ابن عمكهذا؟..
قال كمال ببرود: لا اظن مازن افضل منه حالا..
التفت له مازن وتطلع لهبنظرة غاضبة..ومن جانب آخر كانت مها تتحدث الى ملاك في غرفتها وقالت وهي تتطلع الىنفسها في المرآة: ما رأيك بالفستان يا ملاك؟..
تطلعت ملاك اليها وشاهدتها وهيتلتفت لها وتقف في مواجهتها .. كان فستان مها ذا لون يجمع بين الارجواني والازرق.. يتلألأ بأحجار كريمة صغيرة اعلى الفستان.. لهذا قالت ملاك عنها انها ستبدواكالنجمة..فقد بدت وهي ترتديه وكأنها نجمة متلألأة وسط النجوم..ورفعت شعرها المتموجلتترك خصلات منه تسقط على جبينها ..وابتسمت ملاك لتقول بانبهار: رائع جدا..
قالتمها باستغراب: لم اعني فستاني بل فستانك..
تطلعت ملاك الى نفسها والتي كانتترتدي فستان ابيض اللون وهذا ما اثار دهشة ملاك عندما قالت مها ان الفستان يشبهها.. ولكن مها عنت بذلك بياض قلبها الذي يشبه اللون الابيض الصافي والنقي..كانت الورودالصغيرة تتناثر عند الكتف .. لتصنع بما يشبه الخيوط.. وكانت اكمامه شفافة .. في حينابعدت خصلات شعرها الى الخلف بواسطة تاج فضي اللون.. اقترحت مها عليها انتشتريه..وقد بدت كالملاك حقا في فستانها هذا..
وازدردت ملاك لعابها لتتطلع الىنفسها ومن ثم تقول بتوتر: لا اعلم.. هل يبدوا شكلي مناسبا حقا للحفل؟؟..
قالتمها وهي تهبط الى مستواها وتمسك بكفها: بل اكثر من ذلك.. انت جميلة جدا.. وهذاالفستان يزيدك جمالا..
قالت ملاك بابتسامة مرتبكة: حقا؟..
اومأت مها برأسهاومن ثم قالت: ما رأيك ان نخرج الآن للحفل.. الجميع ينتظرنا بالخارج..
قالت ملاكبصوت خافت: اشعر بالارتباك والتوتر.. لاول مرة احضر حفلة ما..
ربتت مها على كفهاوقالت: لا تجعلي شيئا يربكك.. الامر عادي جدا.. سنستمتع بالحديث ومن ثم سنتناولالطعام .. وفي النهاية سيغادر الجميع..
ترددت ملاك وظلت صامتة.. فلمحت مها هذاالتردد عليها وقالت مبتسمة: هل نخرج الآن ام تريدين ان تسترخي قليلا؟..
التقطتملاك نفسا عميقا ومن ثم قالت بابتسامة شاحبة: لا داعي.. فلنخرج..
اومأت مهابرأسها ودفعت مقعد ملاك امامها لتفتح الباب ومن ثم تخرج من الغرفة..لتفاجأ ملاكبالاعداد الكبيرة من الناس الموجودة في الحفل..وقالت بارتباك: انهم كثر..
مالتنحوها مها وهمست في أذنها قائلة: دعك منهم ولنهتم نحن بشؤوننا الخاصة..
توترتملاك وهي ترى مها تدفعها بين جماعات الناس ..وكورت قبضتيها لتمنع ارتجافةاناملها..واخيرا قالت متسائلة: هل يعرف عمي كل هؤلاء الاشخاص؟..
مالت مها نحوهاوقالت: اجل انهم من رجال الاعمال واقرباءنا موجودون هنا ايضا..
واردفت بصوتخافت: لهذا لا تحاولي الاشارة الى ان والدي هو عمك.. اتفقنا..
اومأت ملاك برأسهاولم يفارقها توترها وارتباكها بعد..ومن بعيد.. كان مازن يتحدث الى احمد حين فاجأهصوت حسام وهو يقول:واخيرا وصلتا..
التفت مازن الى حيث يتطلع حسام وقال بسخرية: واخيرا هبطت الاميرتين من قصرهما العاجي..
وتحرك باتجاهما وقبل ان يصل الى حيثهما ببضع خطوات.. وجد نفسه يقف ويتطلع الى هذا الملاك الرقيق الذي يجلس امامه.. نظرات الانبهار لم تبارح عينيه وهو يتقدم منهما .. ومن ثم اطلق صفيرا عاليا واعقبهبأن قال بانبهار واعجاب:واخيرا تكرمت احدى الاميرات بزيارة منزلناالمتواضع..
كانت نظراته مثبتة على ملاك ففهمت انه يقصدها بكلامه.. فتوردتوجنتاها بحمرة الخجل وهي تطرق برأسها.. فاقترب منها وقال مبتسما وهو يتطلع الى مها: ما اسم الاميرة التي تجلس امامي يا ايتها الوصيفة؟..
قالت مها ببرود: لو لم نكنفي حفل لأريتك من هو الخادم هنا..
اقترب حسام من مها في تلك اللحظة وقال مبتسماوفي عينيه نظرة اعجاب: هذه انت يا مها.. صدقيني لم اعرفك لولا ان رأيت ملاك معك.. تبدين مختلفة كثيرا..
تطلعت اليه مها بنظرات خجلة فقال مستطردا وهو يتطلع اليها: تبدين كأنك نجمة هذا الحفل اليوم و...
قاطعه صوت احمد الذي تقدم من مها بدورهوقال بابتسامة واسعة: تبدين رائعة الجمال هذا اليوم يا مها..
لم تزد مها علىابتسامة مجاملة وان تقول: شكرا لك..
والتفت الى حسام التي رأت نظرات الضيق فيعينيه لمقاطعة احمد له ..وربما كانت نظراته هذه تحمل معنى آخر.. او ربما هي منتتخيل ذلك وتتمناه في الوقت ذاته..
وفي تلك اللحظة قال مازن وهو يتحدث الى مها: لم تأخرتما كل هذا الوقت يا مها؟..
قالت مها وهي تتطلع الى ملاك: ملاك كانتمتوترة من الاعداد الموجودة في الحفل..
(
اسمها ملاك اذا..)
التفت مازن في حدةوسرعة الى مصدر الصوت.. وعقد حاجبيه دون ان يعلق.. في حين ازدردت مها لعابها وقالتبتوتر: عمي فؤاد.. اهلا بك..
ابتسم فؤاد ومن ثم قال وهو يتطلع الى ملاك : من هذهالجميلة التي معك يا مها؟..
قالت مها وهي تتحاشى نظرات عمها: انهاصديقتي..
قال عمها بابتسامة خبث: وحسبما سمعت فان اسمها هو ملاك..
لم تجب مهاوظلت صامتة في حين اجابه مازن بلا اهتمام: اجل اسمها هو ملاك..
التفت لها فؤادوقال متسائلا: وما اسم والدك يا ملاك؟..
فتحت ملاك شفتيها وهمت بنطق شيء ما .. ولكن مازن اسرع يقول: اسمه محمود.. اليس كذلك يا مها؟..
اومأت مها برأسهاايجابيا بتوتر..وتطلعت الى حسام بقلق الذي ابتسم يطمئنها..فاردف مازن وهو يبتسمويتطلع الى عمه: فحسبما سمعت منذ فترة ان والد ملاك يعمل في احد البنوك التجارية ..
كان مازن يريد ان يضرب عصفورين بحجر واحد.. فمن جانب ينقذ ملاك من الموقفالتي هي فيه.. ومن جانب آخر يبعد انظار اعمامه عنها عندما يعلمون ان والدها ليسشقيقهم خالد الذي هو مالك احد الشركات بقوله ان والدها يعمل في احدالبنوك..
فقال عمه وهو يضع كفه اسفل ذقنه: هكذا..
ومن ثم التفت عنهم وقالمبتسما وهو يلمح كمال: عن اذنكم اذا..
كان مازن يتابعه بنظراته ولكنه لم يدرك انعمه يتوجه الى حيث كمال فالتفت عنه وقال متحدثا الى حسام: اتشعر بالجوع؟..
قالحسام بهدوء: بلى..
-
اذا تعال معي ..
غادر حسام مكانه بعد ان القى نظرة اخيرةعلى مها واحمد ..في حين لم تجد ملاك ما تفعله سوى التطلع لما حولها.. وسقطت عيناهابغتة على كمال.. وشاهدته في تلك اللحظة يبتسم وهو يتطلع باتجاهها وفي عينيه بريقاعجاب.. واستغربت ملاك نظراته.. لأول مرة تختلف نظراته من البرود الىالاعجاب..خصوصا ان كانت هي المعنية بتلك النظرات .. ولكن كمال التفت عنها بغتةعندما شعر بأحد يقترب منه وقال بهدوء: اهلا بك يا عمي..
تطلع له فؤاد وقال وهويضع يده على كتفه: كمال انت مختلف عن اخوتك ولهذا فقد جئت لأسألك انتبالذات..
التفت له كمال وقال متسائلا: عن ماذا؟..
قال فؤاد وهو يضغط على حروفكلمته: ملاك..
-
ماذا بها؟..
قال عمه وهو يضيق عينيه: من تكون؟..
التفتكمال الى ملاك وقد كانت لا تزال تنظر اليه ودهشتها لم تفارقها بعد..رأىفي نظراتهاالبراءة..رأى في ملامحها الطفولة.. وكل هذا جعله يشفق على حالها ويلتفت الى عمهليقول: انها صديقة مها..
قال عمه بضيق وكأن جواب كمال لم يعجبه: حتىانت..
قالكمال وهو يهز كتفيه وكأنه لم يفهم ما يعنيه عمه: ماذا تعني؟..
قال عمه بحدة: لاشيء.. اخبرني ما اسم والدها؟..
-
لست ادري..
احس فؤاد بالغيظ من اسلوب كمالاللامبالي.. فقال وهو يبتعد عنه: فليكن..
وغادر مكانه ليتوجه الى حيث مجموعة منالرجال وقال وهو يضع يده على كتف احدهم: اريد ان اتحدث معك قليلا يا عادل..
قالعادل وهو يعتذر من الرجال اللذين كان يتحدث معهم: عن اذنكم..
والتفت عنهم ليقوللفؤاد: ماذا حدث؟..
قال فؤاد وهو يتطلع بطرف عينه الى ملاك: ملاك هنا..
قالعادل بحيرة: من هي ملاك؟..
قال فؤاد بعصبية: ابنة شقيقك خالد .. ملاك.. انهاهنا..
قال عادل بدهشة: حقا.. واين هي؟..
قال فؤاد وهو يزفر بحدة وقوة: لستاعلم بعد ان كانت هي ام لا.. ولكن اشك بانها هي بنسبة سبعون في المائة..
قالعادل في سرعة: حسنا واين هي تلك التي تشك في كونها ابنة خالد؟..
اشار فؤاد اليهابطرف اصبعه وقال: تلك التي تجلس هناك..
واردف فؤاد قائلا: اولا هي في سن ملاكتقريبا وثانيا هي عاجزة كما ترى.. كما وان اسمها هو ملاك..
قال عادل بدهشة وهويلتفت لشقيقه: تلك هي ملاك؟ .. لقدتغيرت كثيرا.. باتت فتاة في كامل انوثتهاورقتها..
واردف قائلا وهو يعقد حاجبيه: ولكن كيف لنا ان نتأكد ان كانت هي ملاكنفسها ام لا؟..
-
لقد سألت ابناء امجد وجميعهم يرفضون البوح بالحقيقة.. لهذالابد ان اجد وسيلة لمعرفة الحقيقة..
قال عادل متسائلا: وما هي هذهالوسيلة؟..
قال فؤاد بمكر: ان اقرب الطرق لمعرفة اسرار أي منزل.. سؤال من يعملونفيه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ضحكت مها وقالت وهي تلتفت الى احمد: احقا سكبتالعصير على فستان ندى في الحفلة الماضية؟..
قال احمد وهو يضحك بمرح: لقد كانتتستحق ذلك..
قالت ندى بحنق: لقد احرجني يومها كثيرا وغادرت الحفلة بفستانمتسخ..
اقترب منهم في تلك اللحظة مازن وحسام وقال الاول: اضحكونا معكم..
كادتمها ان تهم بقول شيء ما.. ولكنها آثرت الصمت وهي ترى حسام يقترب منهم ولم تدلملامحه على أي شيء مما في اعماقه..وقال مازن في تلك اللحظة وهو يلتفت الى ملاك: اتريدين ان تتناولي شيئا ما يا ملاك؟..
قالت ملاك وهي تهز راسها نفيا: لا شكرالك..
همس مازن باسمها وهو يتطلع اليها: ملاك..
رفعت عينيها اليه وقالتبارتباك وهي ترى عينيه اللتان تطلعان اليها: ماذا هناك؟..
قال مبتسما : تبدينرائعة هذا اليوم..
رفعت ملاك حاجبيها بدهشة من هذا التصريح المفاجئ منه وامام الجميع..ومن ثم لم تلبث ان خفضت عيناها بخجل وازدردت لعابها بارتباك.. في حين تطلعتمها الى مازن بنظرة حانقة وكأنها تذكره بما دار بينهم من حديث بالامس.. ولكنه لميأبه بكل هذا وهو يتطلع الى ملاك..في حين قال حسام مبتسما: ما اخبارك يا احمد.. وانت كذلك يا ندى؟..
قال احمد وهو يهز كتفيه: لا شيء مهم.. الدراسةوالنادي..
اما ندى فقد قالت: لا تهمني الدراسة.. ما يهمني هو حضور مثل هذهالحفلات..
قال مازن وهو يلتفت الى ندى: لا تنسي يا ندى حضور سباق الخيل بالنادي..
قالت ندى بدلال: وكيف لي ان انسى حضور سباق سيشارك فيه ابن عمي العزيزمازن..
قالت مها مبتسمة: ولم مازن بالذات؟.. حتى كمال سيشارك فيه ..
لم تأبهملاك بما قيل.. كل ما كان يهمها في تلك اللحظة.. هو حديث مازن الى ندى.. ورد ندىعليه.. يبدوا مهتما بحضور ندى السباق؟.. ولم لا انها ابنة عمه؟..ولكنني انا ايضاابنة عمه.. لم لم يسألني انا ايضا عن رغبتي في الحضور لمشاهدة السباق؟.. ربما لانهيعلم بأمر حضوري الى النادي يومها.. ربما..
وقالت ملاك بغتة عندما لاحظت وقوفكمال وحيدا: لماذا يقف كمال وحيدا؟..
التفت مازن الى كمال ومن ثم قال وهو يهزكتفيه: دائما هو هكذا..
قالت ملاك وهي تلتفت الى مها: ناديه ليأتي ويتحدثمعنا..
قالت مها مبتسمة: لن يقبل..
لم تضف ملاك بقول أي شيء.. في حين همساحمد لمازن قائلا: تبدوا جميلة ملاك هذه.. وان كان ما يفسد جمالها هو عجزهاهذا..
التفت له مازن وقال بهمس : ليس ذنبها ان كانت عاجزة ..فهذا هو قضاء اللهوقدره..
قال له احمد بهدوء: اعلم ولكني اقول رايي فقط..
-
احتفظ به لنفسك..
وعاد ليلتفت الى ملاك ويتطلع اليها.. وفي عقله عادت تلك العبارات لتدور في رأسه..
((
انه يرفض اللعب معي))
((
دعك منه))
((
العب انت معي اذا))
((
لا بأس))
وعاد ذلك السؤال يتردد في عقله وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره : (هل انت يا ملاك من جمعتني بها هذه الذكريات؟ ..هل انت هي؟ ..)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 06:38 AM   #9

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

الجزء التاسع

"..
تأخُر .."
صوت طرقات على الباب جعلها تفيق من نومها على الرغم من انها لم تنم الافي وقت متأخر من الليل بسبب تلك الحفلة.. واحست بالصداع يغزو رأسها لكنها لم تهتم كثيرا واولت اهتمامها لمن يطرق الباب وقالت بصوت حاولت ان تجعله عاليا قدر الامكان: من؟..
جاءها صوت مها وهي تقول: هل يمكنني الدخول يا ملاك؟..
اسرعت ملاك تعتدل في جلستها وتقول في سرعة: بالتأكيد..
فتحت مها الباب وقالت بابتسامة باهتة: معذرة اعلم اني مزعجة وقد ايقظتك في وقت مبكر.. ولكن هناك امر يخصك يتوجب علي اناخبرك اياه..
قالت ملاك بدهشة: قبل ان تخبريني ما هو.. اخبريني ما الذي ايقظك فيهذا الوقت المبكر ؟..
هزت مها كتفيها وقالت: لقد اعتدت هذا حتى لو نمت في وقتمتأخر الليلة الماضية..
واستطردت وهي تتقدم منها وتجلس على طرف الفراش: في الحقيقة يا ملاك.. لقد اتصل والدك قبل ساعة..
قالت ملاك في لهفة: حقا؟..وماذاقال؟.. هل هو بخير؟.. وما هي احواله؟..الم يقل متى سيعود؟.. اخبرينيارجوك..
ازدردت مها لعابها ومن ثم قالت: انه بخير.. ولكنه قال انه لن يعود نهايةهذا الاسبوع..
رددت ملاك بذهول: ماذا لن يعود؟..
اومأت مها برأسها في توتر.. فقالت ملاك وهي تشعر بغصة مرارة في حلقها: ولكن لماذا؟.. لقد وعدني ان يعود في اسرعوقت ممكن..
قالت مها بهدوء وهي تمسك بكفها: لقد اضطر الى ذلك.. والا لما تركك وقت اطول هنا.. تعلمين كم يخشى عليك ..لقد قال لي انه لم ينهي اعماله وانه استجد مايلزمه البقاء خارج البلاد..وربما يعود بعد اربعة ايام..
اشاحت ملاك وجهها عن مها وقالت وهي تحاول ان تمنع الدموع من ان تسيل على وجنتيها: الم يطلب الحديث الي؟..
اومأت مها برأسها وقالت: بلى فعل.. واكثر من مرة.. ولكني اخبرته انك نائمة بعد حفلة الامس..
قالت ملاك وهي تزدرد لعابها لعلها تسيطر على دموعها: اذا فسأبقى هنا لمدة اطول..
قالت مها وهي تميل نحوها: ايزعجك هذا؟.. اهناك من يضايقك هنا؟..
اسرعت ملاك تقول: لا ابدا.. ولكني اشتقت الى ابي كثيرا واريد رؤيته والاطمئنان عليه..
قالت مها وهي تربت على كتفها: سيعود اليك وهو على مايرام باذن الله..ولكن لا تخشي شيئا.. وحاولي ان تصبري على ابتعاده حتى يعود..
قالت ملاكوهي تتنهد: انها المرة الاولى التي يغيب عني كل هذا الوقت.. ابي هو كل حياتي يامها.. لم اعرف في حياتي سواه.. ومنذ ان فتحت عيناي على العالم وانا اره امامي .. هومن كان بجانبي في كل خطوة اخطوها.. الكل رحل وتركني فيما عداه هو.. لم يأبه احد بيغير ابي الذي هو عالمي كله..
شعرت مها بالحزن العميق الذي تحمله ملاك بين طياتقلبها ومشاعرها .. وهي تسمع كل كلمة تنطقها هذه الاخيرة .. وكأن المرارة تقطر منحروف كلماتها.. وحاولت مها التخفيف عنها فقالت بابتسامة باهتة: ومن قال لك اننا لوعلمنا ان لدينا ابنة عم جميلة مثلك لتركناها.. كنت ستريننا كل يوم عندما نأتيلزيارتك حتى تملي من رؤية وجوهنا..
قالت ملاك وهي تلتفت لها: ليت هذا ممكن.. ليتكم تأتون بالفعل معي.. لقد مللت الوحدة.. اتمنى ان اعيش كبقية البشر .. لدياقارب واخوة.. ولست وحيدة وسط منزل اكاد اكون احد اثاثه..
قالت مها في سرعة وهيتمسك بكفها: لا تقولي ذلك.. نحن سنكون على اتصال دائم.. سأمنحك رقم هاتف منزلناورقم هاتفي المحمول ان اردت.. اتصلي بنا على الدوام.. وسنتصل بك نحن ايضا.. فمنلديه بنة عم مثلك.. كيف يستطيع التفريط فيها؟..
تطلعت لها ملاك وفي عينيها بدىالتأثر لما قالته مها.. فقالت مها بابتسامة: ما بالك؟..
قالت ملاك بصوت اقربللهمس: اشكرك..
-
على ماذا؟..لم افعل شيــ...
قاطعتها ملاك قائلة وهي تضعكفها على شفتي مها: بل فعلت الكثير لأجلي .. لو تعلمين كم انا ممتنة لك..
واردفت بصوت اقرب الى البكاء وهي تسقط بين ذراعي مها: يا اختي العزيزة..
تطلعت لها مهابدهشة لوهلة وهي تراها تبكي بين ذراعيها على هذا النحو..ومن ثم لم تلبث ان ابتسمتبحنان ولم تجد ما يمنعها من احاطتها بذراعيهابدورها...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛اسرع مازن يهبط على درجات السلم وهو يطلق صفيرامن بين شفتيه كعادته.. وسار في الردهة بخطوات هادئة.. ولكنه بغتة التفت الى غرفةملاك.. وعقد حاجبيه بعد ان خطر على ذهنه امر حيره طويلا واراد السؤال عنه..وتوجهالى مكتب والده وطرق الباب عدة مرات.. وعندما سمع صوت والده يدعوه للدخول.. دخل الىالغرفة واغلق الباب خلفه.. ومن ثم تقدم من والده ليقول بابتسامة: كيف حالك ياوالدي؟..
رفع امجد رأسه ال مازن ومن ثم قال وهو يعيد انظاره للملف الذي بينيديه: اخبرني ماذا تريد بسرعة..
اتسعت ابتسامة مازن وقال وهو يحتل احد المقاعدالمجاورة لمكتب والده: اذا فقد علمت اني جئت اليك لسبب ما..
قال امجدبلامبالاة: لا اخالكم تأتون لالقاء التحية علي قبل مغادرتكم للمنزل.. لابد وان يكونهناك سببا ما..
اسرع مازن يقول: ذلك لأنك في اغلب الاوقات تغادر قبلنا ياوالدي.. لهذا لا نعلم ان كنت بالمنزل وقتها ام لا..
قال امجد بسخرية وهو يرفعرأسه له: وقد علمت الآن عندما احتجت الى شيء ما..
واردف بنفاذ صبر: اخبرنيمالديك بسرعة.. فلدي عمل..
صمت مازن للحظات ومن ثم قال: اردت ان اسألك عن ابنةعمي..
عقد والده حاجبيه ومن ثم قال: اتعني ابنة عمك ملاك؟..
اومأ مازن برأسهايجابيا.. فقال والده بحدة: واليس لديك شخص آخر لتسأل عنه ؟.. في كل مرة تاتي اليلتسألني عن هذه الفتاة ..
-
ولم انت متضايق يا والدي؟.. انها ابنة اخيك..
لوحامجد بكفه وقال: اعلم.. والآن تحدث في الامر مباشرة او اخرج من المكتب..
تساءلمازن فجأة: هل ستظل عاجزة الى الابد؟..
تطلع له والده بغير فهم ومن ثم قال: ماالذي تعنيه؟..
قال مازن وهو يزفر بحدة: كلامي لا يحمل سوى معنى واحد يا والدي.. ملاك ستظل حبيسة مقعدها الى الابد؟..
صمت امجد قليلا ومن ثم قال: والدها هوالمسئول عن هذا الامر وليس نحن..
اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: اعلم.. وبكل تأكيدفوالدها مستعد لأن يدفع لها كل مايملك من مال لكي تشفى من عجزها هذا.. اليسكذلك؟..
قال امجد بلامبالاة: ربما..
اردف مازن وكأنه لم يسمع والده: وبما انملاك لازالت عاجزة .. فهذا يعني انه لم يجد وسيلة حتى تشفى من عجزها هذا حتىالآن..
قال والده باهتمام هذه المرة: معك حق..
قال مازن متسائلا: ما اريدمعرفته يا والدي.. هو متى هي آخر مرة اخذها والدها من اجل ان يجد علاجا لحالتهاهذه؟..
-
هذا السؤال ستجيبك عنه ملاك وحدها..ولكن لماذا تسأل سؤالاكهذا؟..
ابتسم مازن وقال: الم تعرف بعد لماذا يا والدي؟.. ان العلم يتقدمباستمرار ومن يدري.. ربما وجدت املا يقود ملاك الى الشفاء..
واردف وهو ينهض منمقعده قائلا: ساذهب لرؤيتها والتحدث اليها بهذا الخصوص..
ومن جانب آخر كانت مهاتقول لملاك في تلك اللحظة: اعرف انك تحبين التجوال في حديقة منزلنا.. ما رأيك لوتستبدلين ملابسك ونخرج اليها؟..
هزت ملاك رأسها نفيا.. فقالت مها مبتسمة: ولمهذا العناد؟.. فلتغيري من نفسيتك قليلا حتى تشعري بالراحة والـ...
بترت مهاعبارتها عندما سمعت طرقا على الباب.. والتفتت الى الباب لتقول بملل: من؟..
جاءهاصوت مازن وهو يقول: انا.. هل استطيع الدخول؟..
اسرعت مها تنهض من مكانها وتقولفي سرعة وهي تتوجه نحو الباب: لقد فقد شقيقي عقله ولا شك.. يريد دخول غرفة نوم ابنةعمه هكذا..
ابتسم ملاك بحرج.. في حين فتحت مها الباب وقالت وهي تطل برأسها منخلفه: ماذا تريد؟..
قال وهو يبتسم ويصطنع الدهشة: من مها؟.. انت هنا؟..
رددتبملل: ماذا تريد؟..
قال وهو يشير الى الداخل: اريد ان اتحدث مع ملاك..
قالتمها في حنق: عندما تخرج من غرفتها .. يمكنك الحديث اليها.. ثم انها الآن ليست فيمزاج رائق يسمح لها بالحديث معك..عن اذنك..
قالتها واغلقت الباب بقوة.. فقالمازن بحنق وهو يبتعد عن الغرفة: ستندمين يا مها.. لا احد يتحدث الى مازن امجدهكذا.. ستندمين على فعلتك هذه..
وتوجه ليغادر المنزل..وقد غاب عن ذهنه سبب قدومهالى غرفة ملاك وما كان يريد ان يحادثها بشأنه...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(
اذا .. فحتى الخدم لم يعطوك اجابة مقنعة او واضحة)
قالها عادل وهو يجلس على احد المقاعدفي مكتب فؤاد بمنزله.. فقال هذا الاخير بضيق: بصراحة لم اتوقع ابدا ان لا يمنحني منيعملون في منزل امجد اجابات شافية عن اسألتي.. على الرغم من اني عرضت عليهم مبلغوصل الى الف قطعة نقدية ..
قال عادل بشك: ربما لم تكن هي فعلا..
قال فؤادبحدة: بل هي ملاك.. انا واثق.. انت رأيتها بنفسك.. انها تشبه والدتها كثيرا..ولهانفس عينين خالد..
اومأ عادل برأسه ومن ثم قال: انا معك في انها تشبه والدتها.. ولكن اين هو الدليل على انها ملاك ابنة خالد فعلا؟..
قال فؤاد بعصبية: انا واثقانه امجد ولاشك.. تدارك الامر بسرعة.. وحرص على الخدم ان لا يبوحوا بالامر ابدا.. وبالتأكيد منحهم مبالغ كبيرة حتى يحفظوا السر..
قال عادل بغير اقتناع: اتظنذلك؟.. اننا نحن من نملك شركاته تقريبا ولو فعل أي شيءضدنا فهو يعلم جيدا انناسنهدده بسحب رأس مالنا من شركاته..
قال فؤاد وهو يلوح بكفه بعصبية: لست اعلم.. لست اعلم .. كل ما اعرفه ان هذه الفتاة هي ملاك.. وعلينا ان نتأكد من ذلك ان عاجلااو آجلا..
سأله عادل قائلا: ولو تأكدت انها ملاك فعلا.. ما الذي ستفعلهحينها؟..
ابتسم فؤاد بدهاء ومن ثم قال: حينها سيصبح خالد في قبضتنا هو واموالهوشركاته وابنته...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛اجتمعت العائلة حول المائدة كالعادةعند وقت الغداء ..وكانت ملاك تتناول طعامها وقتها كما اعتادت ان تتناوله وهي فيايامها الاولى في منزل عمها.. بشرود ودون ان تشعر للطعام أي مذاق او طعم.. كيف لاوهي تجد والدها سيتأخر عن الحضور لأكثر من اسبوع وهي التي لم تعتد على غيابه لاكثرمن ثلاثة ايام فحسب..
ولاحظ امجد شرودها وعدم رغبتها في تناول أي شيء من طبقها.. فسألها قائلا: ماذا بك يا ملاك؟..
التفتت له ملاك وقالت وكأنها للتو قد تنبهتلوجودها بينهم: ماذا قلت يا عمي؟..
قال امجد بهدوء: قلت ماذا بك؟.. وما الذييجعلك شاردة كل هذا الوقت؟..
قال مازن بسخرية في تلك اللحظة: بالتأكيد تفكر فيمن اهداها تلك القلادة..
لم يعلم مازن ان عبارته صحيحة تماما.. ذلك لانه لا يعلممن اهداها تلك القلادة اصلا.. في حين قالت مها وهي تلتفت الى والدها: لقد اتصل عميخالد اليوم يا ابي..
التفت لها امجد ومازن في اهتمام في حين اكتفى كمال بارهافالسمع.. فاردفت مهاقائلة: ولقد قال انه ربما سيتأخر لأربعة ايام اخرى..
قال مازنبابتسامة: حقا؟.. هذا امر يدعو للسروربكل تأكيد.. ما دامت ملاك ستبقى هنا وقتاطول..
تطلعت له ملاك بضيق.. ايظن انها راغبة في البقاء هنا لوقت اطول بعيدة عنوالدها.. لا ابدا.. انها تريد ان يعود والدها في اسرع وقت.. حتى ان كان هذا سبب فيوحدتها.. المهم ان تراه يوميا وتتحدث اليه.. وتتطمأن الى انه معها في نفس البلاد .. نتظره بفارغ الصبر في نهاية كل يوم حتى يمنحها ولو القليل من حنانه وكلماتهالدافئة...
وقال امجد باهتمام: ولم لم تخبريني انه اتصل قبل الآن؟..
قالت مهاوهي تلتفت الى ملاك: لقد اخبرت ملاك اولا لاني علمت ان الامر يهمها اكثر من أي شخصآخر..
قال مازن وهو يحاول ان يضفي بعض المرح: وان كانت تريد الحديث اليه.. فأنامستعد لأمنحها هاتفي لتتصل به.. بشرط ان لا تسكب دموعا..
التفتت له ملاك ورمقتهبنظرة تجمع ما بين الضيق والحزن.. واحس مازن بالدهشة من نظرتها هذه .. في حينالتفتت عنهم ملاك لتقول : لقد شبعت..
واستدارت بمقعدها عن المكان..لتتحرك بينارجاء الردهة مبتعدة عن طاولة الطعام.. وبينما هي تفعل لم تنتبه لعجلة مقعدها التياصطدمت بغتة برجل الطاولة الصغيرة الموجود بالردهة.. وشهقت ملاك بقوة وهي ترى نفسهاتسقط من على مقعدها اثر الاصطدام ..وشعرت بآلام مبرحة بظهرها ووجدت نفسها تطلق أناتالم دون ان تصرخ طالبة المساعدة..حاولت رفع نفسها مرارا وتكرار دونما فائدة بواسطةذراعيها.. وهي تشعر بآلام ظهرها المبرحة وبرجليها العاجزتين تماما.. وضربت بقبضتهاالارض بقوة وهي تهتف في صوت حمل في طياته الكثير من الالم والمرارة: تبا.. تبا.. اريد النهوض.. لا اريد مساعدة من احد.. اريد ان انهض وحدي..
رأت دموع عينيهاتتساقط على كفيها دون ان تشعر بها.. لم تأبه بكل هذا وهي ترى نفسها عاجزة.. لاولمرة تشعر بألم كونها عاجزة وهي ترى نفسها ملقاة على الارض دون ان تكون قادرة علىمساعدة نفسها...
وعلى طاولة الطعام.. عقد مازن حاجبيه وقال وهو يرهف سمعه: اتسمعون .. انه صوت ملاك؟..
ارهفت مها سمعها بدورها ومن ثم قالت: اظن انها هيحقا..
اسرع مازن ينهض من مكانه وقال في سرعة: سأرى ما بها..
لحقت به مهاوقالت في سرعة : سآتي معك..
لم يهتم مازن بما قالته .. فقد تحرك بخطوات سريعةبين ارجاء الردهة.. واخيرا شاهدها.. كانت تبكي بمرارة وهي غير قادرة على رفع جسدهاعن الارض..فقال وهو يرفع حاجبيه باشفاق: ملاك...
واندفع نحوها في سرعة ومالنحوها قائلا: هل انت بخير؟.. هل اصابك مكروه؟..
التفتت له لتتطلع اليه بعينينمغرورقتين بالدموع.. فأمسك مازن بذراعها وقال : دعيني اساعدك..
جذبت ذراعها بقوةمن كفه..وقالت بصوت خافت: لا اريد..
اقتربت منهما مها في تلك اللحظة وقالت بخوفوقلق: ملاك.. ما الذي جعلك تسقطين من مقعدك؟.. هل اصابك شيء؟..هل انتبخير؟..
قالت ملاك وهي تمسح دموعها في سرعة: انا بخير..
قال مازن بهدوء: اذادعيني اساعدك.. لن تستطيعي الجلوس على مقعدك لوحدك..
اسرعت مها تقول مؤيدة وهيتهبط الى مستواها: اجل دعيه يساعدك يا ملاك..
التفتت ملاك في تلك اللحظة الىمازن وشاهدته لا يزال يمسك بذراعها وهو ينتظر منها ردا يسمح له بمساعدتها.. فالتفتتعنه ملاك وقالت بصوت اقرب للهمس: افعلوا ما تريدون..
اسرع مازن يحمل جسدهاالصغير بذراعيه ليجلسها على المقعد .. اما ملاك فقد اغمضت عينيها عندما شعرت بأن كلخلية من جسدها ترتجف لقرب مازن منها.. شعرت بانفاسه تكاد تلفح وجهها.. وبقربه يكاديعصف بمشاعرها وكيانها.. اخذ قلبها يخفق بقوة .. وعرفت حينها ان مشاعرها لم تعدتحمل سوى معنى واحد من قرب مازن لها.. انها ليست معجبة به او تميل اليه فحسب.. انهاتحبه.. تحب!!.. تحب مازن.. بهذ السرعة؟.. هل حقا عرف قلبها طريق الحب؟.. ولكن ماذاعن مازن؟..ما هو شعوره تجاهها؟ .. لا تعلم..المهم الآن انها بقربه وهذا ما يهمها فيهذه اللحظات ولا شيء آخر..
وقال مازن في تلك اللحظة وهو يميل نحوها: واخيراانتصرت على عنادك.. وجعلتك تقبلين بفعل شيء بالرغم منك..
تطلعت مها الى مازنبحنق.. وقالت بضيق: مازن هذا ليس وقت مثل هذا الكلام..
والتفتت الى ملاك لتقول: اتشعرين بأي الم يا ملاك؟.. اتودين ان نأخذك الى المستشفى؟..
قالت ملاك بصوتخافت : لا.. اشكركم على مساعدتكم.. انا بخير الآن..
قال مازن متسائلا: سأسألكسؤالا يا ملاك؟..
خفق قلبها والتفتت له لتقول: تفضل..
قال وهو يتطلع لها: لماذا لم تناد احدا ليساعدك وفضلت لابقاء هكذا طوال تلك الـ...؟اسرعت مهاتقاطعه باستنكار: مازن.. ماذا تقول؟..
ولكن ملاك اجابت بهدوء: لا اريد ان اشعراحد بعجزي وضعفي هذا.. اريد ان اكون كأي فتاة اخرى.. افعل كل ما يخصني لوحدي.. هلفهمت الآن لماذا؟..
قال مازن وهو يتطلع اليها: ان اردت الصراحة فلم افهم.. فهاهيذي مها امامي.. لا تزال تطلب مساعدتنا في اتفه الامور ..
قالت مها بحنق وهيتضربه على كتفه بضيق: هل لك ان تصمت قليلا؟..
امسك بمعصمها وقال بسخرية: جربيفقط ان تحاولي ضربي مرة اخرى..و ستجدين يدك الجميلة هذه محطمة..
قالت مها وهيتجذب معصمها من كفه: يالك من سخيف.. هذا عوضا من ان تدافع عني وتساعدني..
التفتمازن الى ملاك وغمز بعينه قائلا بمرح: الم اخبرك؟.. ها هي ذي تطلب المساعدةامامك..
ابتسمت ملاك بشحوب ومن ثم قالت بصوت خافت: ربما اكون قد بالغت قليلا فيعدم حاجتي الى احد..
-
بل بكل تأكيد.. اسمعي يا ملاك.. أي شيء ستحتاجينه .. فمازن سيكون موجودا دائما..ثقي بهذا..
ابتسمت ملاك بخجل .. وازدردت لعابها لتخفيارتباكها.. فقال مازن وهو يهم بالابتعاد: والآن سأعود لأكمل تناول طعام الغداء.. وارجو ان تأتي انت ايضا يا ملاك.. فطبقك لا يزال ممتلأً..
تطلعت له ملاك وهويبتعد عنها.. احقا لاحظ الطبق الذي كنت اتناول منه؟..شعرت بأن مازن يهتم بها بالفعل ..ويهتم لامرها بشكل خاص.. ربما هو معجب بها.. ربما يحمل لها بعض المشاعر.. ربماوربما... دون ان تجد أي دلائل تأكد او تنفي ما تظنه.. تريد ان يكون ظنها واحساسهاصحيح بأن مازن يهتم بها فعلا وليست تتخيل هذا الاهتمام.. .
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛رنين مستمر جعل حسام يلتقط هاتفه ويجيبه بعد ان رأىالرقم على شاشته: اهلا مها..
قالت مها بهدوء: اهلا حسام.. كيف حالك؟..
قالمبتسما: بخير..ماذا عنك انت؟..
-
على ما يرام.. المهم اني اردت اناشكرك..
قال بحيرة: وعلام تشكريني؟..
قالت وهي تبتسم بامتنان: لقد كنت محلثقة بالفعل عندما اخفيت الامر عن اعمامي ذلك اليوم..
قال حسام وهو يهز كتفيهوعلى شفتيه ابتسامة: انا لم اخف شيئا عن احد.. لقد اكتفيت بعدم التعليق وحسب..
-
ولكن حقا اسعدني انك اخفيت الامر عن الجميع..
قال حسام وهو يتحرك في ارجاءغرفته: لقد فعلت ذلك لاني وعدتك ولاني لا اكون سببا في ما قد يصيب ملاك..
-
ماذاتعني؟..
-
بكل بساطة.. اعمامها قد يكونوا سببا في حزنها والمها ولا اريد ان اكونسببا في حزنها ذاك..
قالت مها بشك: لم انت مهتم بملاك؟..
قال حسام بهدوء: الاشفاق ليس الا.. خصوصا وانا اراها بالامس في عمر الزهور.. لا تكاد تشعر بنعمةالسير على قدمين..
وسألها بغتة: ما اخبار احمد؟..
قالت بدهشة: من الذي تحدثعن احمد الآن؟..
قال بابتسامة سخرية: لقد كان مهتم بك بالامس .. فقلت انك ربماتعرفين اخباره..
قالت وهي تصطنع الجدية.. ربما لاثارة غيرته: اظن انه مهتم بيبالفعل..لقد لاحظت هذا بالامس.. ما رأيك انت بالامر؟ ..
قال حسام ببرود: وماشأني به؟.. فليهتم بك.. هذا شأنه.. ولكن اخبرك منذ الآن بأنه شاب عابث.. ليس لهمستقبل على الاطلاق..
قالت مها مبتسمة وقد شعرت من تغير نبرة صوته انه ربماضايقه حديثها عن احمد: ربما.. ولكنه ابن عمي.. ووالده لديه ثروة كبيرة.. لهذا اظنان مستقبله مضمون..
قال حسام ببرود اكبر: انها حياتك الخاصة.. فأن كنت ترين هذافهذا شأنك.. اما نظرتي انا فمختلفة عنك تماما تجاه احمد هذا..
-
ولم تضايقتهكذا..
قال بهدوء: لو كنت قد تضايقت.. فلأجلك.. لا اريد ان يشغل تفكيرك شاب عابثمثل احمد..
تنهدت مها وقالت متحدثة الى نفسها: (لو تعلم يا حسام انه لا يشغلذهني سواك..)
وقالت متحدثة الى حسام: لا تقلق علي انه لا يشغل باليابدا..
ابتسم وقال: هذا جيد.. فكري بدراستك الآن.. وابعدي هذه الافكار عنرأسك..
قالت مها بخيبة امل وهي تظن انه سيهتم ويسأل عمن يشغل تفكيرها: سأفعلبالتأكيد..
-
اعتذر الآن يا مها.. فأنا مضطر لانهي المكالمة لاني سأغادر بعدقليل..
-
لا بأس الى اللقاء..
انهت المكالمة ومن ثم تطلعت الى هاتفها بيأس.. احقا لا يشعر بمشاعرها وعواطفها تجاهه.. احقا مشاعرها ليست واضحة على مرأىعينيه.. ليته يفهم.. ليته يسالني مرة واحدة عن سبب اتصالاتي المتكررة له.. او على الاقليسال نفسه عن سبب لجوئي له اولا كلما احتجت للحديث الى شخص ما..ترى يا حسام.. هلتبادلني مشاعري هذه.. ام اني احلامي اكبر مما اظن و...
قطع افكارها صوت طرقاتعلى باب غرفتها فالتفتت اليه وقالت بهدوء: ادخل..
فتح الباب ليأتيها صوت كمالوهو يقول: ما الذي تفعلينه؟..
عقدت حاجبيها باستغراب.. فالمرات التي يأتي فيهاكمال الى غرفتها تكون نادرة .. الا اذا كان في الامر سببا مهما .. واجابته وهي تهزكتفيها: لا شيء مهم.. اخبرني انت... ما الذي...
قاطعها كمال وهو يحتل المقعدالمجاور لطاولة الدراسة: بل اخبريني انت.. هل صحيح ما قلتيه اليوم علىالغداء؟..
قالت بحيرة: ما الذي قلته؟..
-
بشأن ملاك..
قالت مها مستغربة: ماذا تعني بالضبط؟..
قال كمال بملل: ماذا بك يا مها؟.. انسيت بهذه السرعة؟.. المتقولي بنفسك بأن ملاك لن تذهب غدا وستبقى اربعة ايام اخرى؟ ..
قالت مها بحيرة: بلى قلتهذا..
-
حسنا اذا انا جئت الى هنا لاتأكد ان كان ما قلته صحيح املا..
قالت مها وهي ترفع حاجبيها: بالطبع صحيح.. اتظن اني كنت اكذبمثلا؟..
قال وهو ينهض من على مقعده: انتهى النقاش اذا..
قالت مها في سرعة: لحظة.. ماذا تعني بقدومك هنا لتتأكد من امر بقاءها من عدمه؟.. هل تضايقت لانهاستبقى..
قال كمال في ضيق: كفاك حماقات انت ومازن..
قالت مها في حدة وهي تراهيبتعد باتجاه الباب: توقف..اخبرني لم سألت عن ملاك؟..
القى عليها نظرة باردة ومنثم توجه الى الباب ليخرج مغادرا غرفتها .. في حين تنهدت مها بحدة .. وهي تفكر فيمايمكن ان يشغل ذهن كمال ويجعله يسأل عن ملاك....
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛وضعت ملاككفها اسفل وجنتها وهي تجلس في غرفتها بشرود .. اغمضت عينيها لتتذكر ما الذي حدث لهااليوم .. لا زال جسدها كله يرتجف حتى الآن وهي تتذكر مازن..تذكرت نظراته.. كلماته.. وقربه الذي ارجف جسدها .. ودون ان تشعر عاد ذهنها الى الوراء.. قبل اثنتي عشرةسنة...
ابتسم ذلك الرجل وهو يدفع المقعد المتحرك امامه وقال بحنان: ما بالك ياصغيرتي؟..
التفتت له الطفلة التي تجلس على المقعد وقالت متسائلة: الى اين نحنذاهبان يا ابي؟..
وضع والدها كفه على رأسها وقال بابتسامة: لدي بعض الاعمال التييتوجب ان انهيها مع اخي..
قالت وهي تفكر: اذا نحن ذاهبان الى منزل عمي..
اومأوالدها برأسه ومن ثم قال: هذا صحيح يا صغيرتي..
قالت الطفلة بلهفة: هل سأجد هناكمن يلعب معي؟..
ابتسم والدها وقال وهو يواصل دفعله للمقعد: اجل..
-
حقا.. اذااسرع .. اسرع يا ابي..
قال والدها وهو يميل نحوها: سأفعل يا ملاك.. ولكن لاتكوني لحوحة هكذا..
عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت: انا لست لحوحة..
تلاشتذكرياتها بغتة مع صوت طرق لباب غرفتها .. فاسرعت تعتدل في جلستها وتقول بصوت هادئ: من؟..
فتحت مها الباب في سرعة وقالت: ملاك .. ملاك..
التفتت لها ملاك وقالتباستغراب: اجل..
قالت مها وهي تشير الى الخارج: والدك على الهاتف..
شهقت ملاكوقالت بغير تصديق : ابي..
اومأت مها برأسها وقالت بابتسامة: اجل .. اسرعي..
اسرعت ملاك تحرك عجلات مقعدها واسرعت مها تساعدها في دفعه.. وهناك شاهدتعمها امجد يتحدث الى والدها وما ان رآها تقترب حتى قال متحدثا الى خالد وهو يبتسم: لقد وصلت صغيرتك.. اتريد التحدث اليها؟..
قال خالد ببرود: بكل تأكيد..
قالامجد وهو يمنح ملاك سماعة الهاتف: خذي تحدثي الى والدك..
قالت ملاك بلهفة وهي تلتقط السماعة وتتحدث الى والدها: ابي.. كيف حالك؟..اشتقت اليك كثيرا..
قال خالدبشوق: بخير .. اخبريني انت كيف هي احوالك؟ .. وهل تنامين وتأكلين جيدا؟..
ضحكت ملاك وقالت: ابي أتظن اني لاازال طفلة؟..
-
انت كذلك بالنسبة لي وستبقين كذلك..
واردف بحنان: اشتقت اليك باكثر مما تتصورين.. سأنهي اعمالي قريبا واعوداليك.. هذا وعد..
قالت بسرعة: متى .. متى؟؟..
-
ربما بعد يومين..
هتفت بفرحة: حقا؟؟..
قال مبتسما: اجل.. من اجلك فحسب يا صغيرتي..
قالت بابتسامةواسعة : احبك يا ابي..
قال خالد بحنان: وانا احبك اكثر من أي شخص اخر في هذاالعالم..
ومن ثم اردف قائلا: والآن مادمت قد جعلتك تفرحين.. سأنهي المكالمة واتصل بك في وقت آخر..
قالت ملاك بابتسامة باهتة: لا بأس..
-
الى اللقاء ياصغيرتي..
-
الى اللقاء يا ابي..
وفي هذه المرة ارتسمت على شفتيها ابتسامةواسعة بدل ان تترقرق عيناها بالدموع وهي تغلق السماعة.. حتى ان مها تسائلت وهي ترفعحاجبيها بحيرة: تبدين سعيدة يا ملاك.. ما الامر؟..
قالت ملاك بسعادة: كيف لاوابي سيعود بعد يومين فحسب..
قالت مها بدهشة : ولكنه اخبرني بأنه سيعود بعداربعة ايام..اخبريني..هل اخبرك هو بذلك؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا وابتسامتهالم تفارقها بعد.. في حين قالت مها بابتسامة باهتة: سأفتقد وجودك معنا بالمنزلكثيرا..
قالت ملاك وهي تهز رأسها نفيا: ومن قال اني سأترككم؟ .. سآتي لزيارتكميوميا..
قالت مها متسائلة: وهل سيوافق والدك على ذلك؟..
قالت ملاك وهي تهزكتفيها بتردد: لا اعلم.. ولكن سأحاول اقناعه..
ربتت مها على كتفها وقالت محاولةتغيير الموضوع: اتذكرين طلبك لي؟..
قالت ملاك بدهشة: أي طلب؟..
قالت مها وهي تغمز بعينها: ان تحضري السباق الذي سيقام في النادي..
-
بلى تذكرت.. ماذاعنه؟..
قالت مها بلهجة ذات مغزى: سأحققه لك غدا..
تطلعت لها ملاك باهتمام وهيتنتظر منها ان تشرح لها عبارتها الاخيرة.. وقالت مها وهي ترى اللهفة في عيني ملاك : فالسباق سيقام في الغد..
قالت ملاك بلهفة ممزوجة بالتوتر: حقا؟؟..
-
اجل ..وبصراحة لا اعلم من اشجع لان كمال ومازن سيشاركان في هذا السباق.. ما رأيك انت؟.. من فيهما اشجع؟..
قالتها مها بمرح.. في حين خفق قلب ملاك عندما سمعت اسم مازن.. ما الذي يصيبها كلما سمعت اسمه؟.. هل هو الحب الذي يجعل جسمها يقشعر لمجرد ذكر اسمهوكأنه يقف امامها في هذه اللحظة..
وكادت ملاك ان تجيبها بكلمة واحدة.. مازن.. شجعي مازن.. ولكن خجلها عقد لسانها .. فازدردت لعابها وقالت بارتباك: شجعيشقيقيك..
قالت مها وهي تضحك بمرح: لدي اقتراح آخر.. ما رأيك في ان اشجع أيمتسابق آخر؟..فكلاهما لا يستحقان التشجيع..
قالت ملاك متسائلة: وحسام.. النيشارك في هذا السباق؟ ..
قالت مها بابتسامة باهتة: لا.. انه لا يهتم برياضة الفروسية ..
صمتت ملاك للحظة ومن ثم قالت: ومتى سنذهب غدا لرؤية السباق؟..
اجابتها مها بهدوء: عند الساعة الرابعة بعد الظهر..
قالت ملاك بابتسامة : اتمنى ان يحصل على المركز الاول في السباق ..
قالت مها وهي تميل نحوها بابتسامة ماكرة: ومن هو؟..
ارتبكت ملاك واشاحت بنظراتها بعيدا.. واعتلت الحمرة وجنتيها.. وهمت بان تقول شيء ما.. يصحح ما فهمته مها.. لولا ان تعالى صوت بغتة بالردهة يقول: انا...
والتفتت كلاهما الى مصدر الصوت.. وارتسمت الدهشة على وجهيهما .. فقائل تلك العبارة كان ..كمال...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 05-11-10, 06:44 AM   #10

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

الجزءالعاشر
" ..تجاهل .."
تطلعت ملاك بدهشة الى كمال.. وهي تستغرب قوله هذا.. في حين لم تكن مها باقل منها دهشة..فارتفع حاجبها بدهشة كبيرة والتفتت الى كمال لتقول : ماذا قلت؟..
عقد كمال ذراعيه امام صدره وقال ببرود: لماذا تتطلعان الي هكذا؟.. اجل انا من سوف يحصل على المركز الاول..
قالت مها وهي تمط شفنيها: ولماذا انت واثق الى هذه الدرجة؟ ..
قالكمال وهو يبتعد عن المكان: لاني اعرف مهارتي جيدا ..
تطلعت له مها بصمت وهو يبتعد عنهم وقالت بحنق: ان تشابه كمال ومازن في شيء.. فهو الغرور..
ابتسمت ملاكبهدوء.. فقالت مها وهي تميل نحوها: اترغبين في الخروج الى حديقة المنزل قليلا؟..
اسرعت ملاك تجيبها قائلة: اجل بالطبع..
ابتسمت مها وقالت وهي تدفعها: في الحال..
ولكنها توقفت بغتة والتفتت الى نادين التي تقدمت منهم وقالت بتأنيب: آنستي.. لم تفعلين كل شيء وحدك دون ان تخبريني..
قالت ملاك ببرود: وماالذي فعلته؟..
قالت نادين وهي تتطلع اليها: لقد خرجت بالامس دون ان تخبريني ..
قالت ملاك وهي تشيح بوجهها: انا لست طفلة..
قالت نادين وهي تومئ برأسها: اعلم ولكنك امانة في عنقي.. لو اصابك شيء.. سأكون انا المسئولة..
عقدت ملاك حاجبيها ومن ثم قالت متحدثة الى مها: فلنذهب الآن يا مها..
قالت مها بصوت خفيض وهي تدفع المقعد: ماذا بك يا ملاك؟..
قالت ملاك وهي تعض على شفتيها: لا تلبث انتشير الى اني عاجزة ويجب ان اخبرها عن أي خطوة اقوم بها..
قالت مها بهدوء: انهعملها.. الاهتمام بك..
قالت ملاك بمرارة: وانا لا اريد من يهتم بي.. ها انتذاتتصرفين بحرية .. هل يطلب منك احد ان تأخذي مرافق معك حتى لا تتعرضي لأياذى؟..
ابتسمت مها وقالت وهي تفتح الباب الرئيسي للمنزل وتخرج منه مع ملاك: لوقدر لي ان احصل على كل الاهتمام الذي تحظين به.. لفرحت وانا ارى نفسي محاطة بكل هذاالحب ..لو لم يكونوا يحبونك لما اهتموا بك كل هذا الاهتمام.. اليس كذلك ياملاك؟..
اومأت ملاك برأسها ايجابيا وقالت بخفوت: بلى ..
ابتسمت مها وهي تتجولفي حديقة المنزل: اذا لا داعي لحزنك كلما حدثتك نادين بشأنك.. فما يهمها هو انتكوني بخير..
اكتفت ملاك برسم ابتسامة هادئة على شفتيها ولم تعلق على عبارتها.. وقالت بغتة: اتركي المقعد يا مها.. سأتحرك بمفردي ..
نفذت مها ما طلبته منها.. لتراها تتوجه بمفردها الى مكان حوض الازهار.. وابتسمت ملاك وهي تمد يدها لتداعباحدى الزهرات.. ومن ثم اغمضت عينيها وهي تشعر بالهواء البارد يداعب وجنتها ويحركخصلات شعرها.. كم تحب ان تشرد بخيالها بعيدا وهي وسط هذه الطبيعة والجو الساحر ..تشعر ان كل ما حولها ساكن هادئ.. ينتظر منها ان تتحدث اليه او حتى تتطلع اليهبعينيها..
شعرت بغتة بشيء ما يداعب وجنتها.. فأسرعت تفتح عينيها وتطلعت بدهشةالى مازن الذي كان يداعب وجنتها باحدى الازهار..ازدردت لعابها بارتباك شديد وقالتوهي تشيح بوجهها بعيدا: منذ متى وانت هنا؟..
قال مبتسما وهو يتطلع الى ساعةمعصمه: دعيني ارى الوقت للحظة.. حسنا منذ خمس دقائق تقريبا..
تلفتت ملاك حولهاوقالت متساءلة: واين مها؟..
اشار مازن الى مها الجالسة تحت احدى المظلاتبالحديقة وشاردة الذهن: هناك..
ظلت صامتة دون ان تعلق على عبارته.. فقالمتسائلا: هل ضايقتك؟..
اسرعت ملاك تهز رأسها نفيا.. فقال وقد ارتسمت على شفتيهابتسامة وهو يمد لها يده بالزهرة: خذي اذا..
تطلعت ليده الممدودة لها بالزهرةومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تمد اناملها باصابع مرتجفة لتلتقط الزهرة من يده: شكرالك..
امسك مازن كفها بغتة حين كانت تهم بأخذ الوردة.. فشهقت ملاك بتوتر وخوف.. فقال بابتسامة وهو يتطلع لها: اجمل زهرة لاجمل ملاك رأته عيناي..
اخذ قلبها يخفقبعنف من كلماته.. وجسدها كله بات جامدا من مسكة كفه لكفها.. لم تعلم ماذا تقول .. واشاحت بعيناها بعيدا لتسيطر على ارتباكها وخوفها وخجلها .. فقال مازن وهو يهمسلها: هل يخيفك وجودي لهذه الدرجة؟..
لم تستطع ان تنطق بحرف واحد واكتفت بهزرأسها نفيا.. فقال وهو يحرر كفها من كفه: اذا لم كنت ترتجفين؟..
شعرت بجفافحلقها.. يكفي يا مازن ارجوك.. لم اعد احتمل.. وحركت عجلات مقعدها لتبتعد عنه وتتوجهالى مها.. فاسرع مازن يناديها قائلا: ملاك..
توقفت ملاك للحظة ولكنها عادتلتواصل تحركها بالمقعد.. وشعرت بالراحة عندما رأت مها تنهض من على مقعدها وتقولبهدوء: هل ندخل الآن؟..
قالت ملاك وهي تهز رأسها باضطراب: اجل.. اجل..
تطلعتلها مها بشك وقالت: ماذا بك يا ملاك؟.. تبدين متوترة ..
اسرعت ملاك تقول: لاشيء.. اريد الذهاب الى غرفتي..
اقترب مازن في تلك اللحظة منهما وقال مبتسما وهويلتفت لملاك : لقد نسيت اخذ هذه..
قالها وسلمها الوردة بهدوء وانصرف .. دون انتقوى على قول شيء ما.. في حين قالت مها بحدة: هل مازن هو سبب توترك هذا؟.. ما الذيقاله لك؟..
اطرقت ملاك برأسها وقالت بتوتر: لا شيء.. لقد اهداني هذه الوردةفحسب..
-
اذا لم تبدين متوترة كل هذا الـ...
بترت مها عبارتها وكأنها استوعبتالامر لتوها.. واتسعت عيناها عندما انكشفت لها حقبقة الامر.. وقالت مرددة بينهاوبين نفسها: ( لقد صدق ظني اذا.. ملاك متعلقة بمازن.. مازن الذي لديه بدل الفتاةمئة.. يا الهي .. أي صدمة ستتصيبك يا ملاك.. لو علمت بحقيقة مازن الذي تحبين.. أيصدمة؟ )
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛يوم دراسي جديد قضته مها بملل بين ارجاءالجامعة .. ولم تجد امامها سوى السير في ارجاءها وحيدة بعد ان تغيبت صديقتها اليومعن الحضور..ضمت كتبها الى صدرها وتنهدت بملل وهي تتوجه الى كافتيريا الجامعة.. ولكنها توقفت فجأة عندما سمعت صوتا يهتف باسمها..التفتت الى مصدر الصوت ورأتهامامها.. حسام وابتسامته المعهودة على شفتيه.. وقالت بابتسامة تحمل كل اللهفة التيفي قلبها: اهلا حسام..
قال حسام مبتسما وهو يتقدم منها: اهلا.. كيفحالك؟..
اجابته قائلة: بخير..
قال متسائلا: الى اين انت ذاهبة؟..
تطلعتالى الامام للحظة ومن ثم عادت تلتفت له وقالت بابتسامة: الى الكافتيريا .. وانت؟..
هز كتفيه وقال: ليس لدي وجهة معينة..
واردف قائلا وهو يسر الىجوارها: كيف حال الدراسة معك؟..
زفرت قائلة: على ما يرام ولكني اشعر بالملل.. متى ينتهي هذا العام؟..
قال متسائلا بغتة: ولم كنت تسيرين وحيدة؟.. اين صديقتك؟ ..
دهشة.. ذهول.. صدمة.. كل هذا سيطر على مها في تلك اللحظة وتوقفت بغت لتقولبحدة: وماذا يعنيك من امر صديقتي؟ ..
توقف حسام بدوره عن السير والتفت لها ليقولوقد استغرب تغير موقفها على هذا النحو: ماذا بك؟.. انا اسأل عنها لاجلك.. فقد رأيتكتسيرين وحيدة و...
قاطعته بانفعال وهي تشعر بمرارة قلبها الذي لم يحب سواه: لماذا تتعمد ذلك؟؟..
قال بدهشة: اتعمد ماذا؟..
قالت مها بصوت مليء بالحزنوالالم: تتعمد تجاهلي..
قال حسام وهو يعقد حاجبيه: انا؟.. وكيفاتجاهلك؟..
عضت على شفتيها بمرارة ومن ثم قالت: انت حتى لا تقدر مشاعري..
قالحسام بدهشة: مها .. ماذا تقولين؟.. ماذا تعنين بقولك هذا؟ ..
سمع حسام بغتة صوتصديقه يناديه.. فالتفت له وقال: ماذا؟..
ساله صديقه قائلا: الن تأتي ؟.. المحاظرة ستبدأ بعد دقائق..
قال حسام في سرعة: اذهب انت وسأتبعك بعدقليل..
هز صديقه كتفيه وقال بهدوء: كما تشاء..
ومن ثم اكمل سيره مبتعدا..فيحين عاد حسام ليلتفت الى مها التي ضمت كتبها اليها في الم.. والتفتت عنه لتغادرالمكان وهي تقول: اذهب لمحاظرتك..
اسرع يتوقف امامها مانعا اياها من التقدم وقالمتسائلا: ليس قبل ان تقولي لي ماذا عنيت بقولك؟..
اشاحت بوجهها بعيدا وقالت بضيقوالم: لم اكن اعني شيئا..
قال بهدوء: مها .. انا افهمك جيدا.. انت لا تستطيعينالكذب وعيناك في مواجهة عيني .. اليس كذلك؟..
اسرعت تلتفت له وتقول في حنق: لاليس كذلك..
مال نحوها قليلا وقال: اخبريني ما الامر يا مها؟.. ما الذي غيركفجأة.. وجعلك تنفعلين على ذلك النحو.. وتتهميني بأني اتجاهلك..
قالت مها وهيتلتقط نفسا عميقا: ارجوك يا حسام.. ابتعد عن طريقي .. الجميع ينظر الينا..
قالحسام في سرعة: حسنا لا بأس.. ولكني سأنتظرك بعد ان تنتهي محاظراتك لأفهم الامرمنك.. اخبريني.. متى سوف تنتهين؟..
قالت ببرود: الثانية ظهرا..
قال حسام وهويهم بالابتعاد عنها:حسنا سأنتهي انا في الواحدة والنصف وسأنتظرك بعدها في المواقف.. اتفقنا؟..
واسرع يبتعد دون ان ينتظر اجابتها.. في حين تنهدت مها وهي تشعربالحيرة الكبيرة من تصرفاته..ومن موقفه المتناقض.. يهتم بها ويسأل عنصديقتها..ومشاعره التي لا تزال غامضة بالنسبة لها لا تكاد تفهمها.. فلو كان يحبهاما الذي يمنعه من اخفاء هذا الامر.. اما لو كانت مشاعره تجاهها لا تحمل سوى مشاعرصلة القرابة فهذا يعني انه لا داعي لأن يخبرها بشيء من الاساس..
وابتسمت بسخريةمريرة لنفسها.. لقد فقدت الامل تماما تجاه حسام.. من قال انه يبادلها المشاعر.. اوحتى يشعر بكل ما تحمله له من حب..انه اذا اهتم بها فهذا لا يعني انه مهتم بها لسببخاص.. بل لانها ابنة عمته وحسب..
وسارت مها مبتعدة عن المكان.. وهي تكاد تودعحبها الذي لم يرى النور بعد...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛تطلعت ملاك الى ساعتهاللمرة العاشرة.. لا يزال الوقت مبكرا على السباق.. والساعة لم تتجاوز الثانية عشرةبعد.. ولكنها تشعر بالحماس له.. تريد الذهاب والتشجيع .. ستشجع مازن بكل قوة.. لنتنطق اسمه لأن هذه مشاعرها الخاصة.. ستكتفي بترديد عبارات التشجيع فقط.. ثم لم تنطقاسمه وقلبها ينبض به؟...
ارتسمت ابتسامة على شفتيها وهي تتحرك بمقعدها في غرفتها .. تطلعت الى نفسها في المرآة ومن ثم قالت مبتسمة: سأرتدي شيء اجمل هذااليوم..
اخذت تبحث بين ثيابها.. حتى وجدت تنورة ذات لون ازرق من نوعالجينز..وقميص احمر اللون.. وابعدت خصلات شعرها الى الوراء باستخدام ربطة للشعرحمراء اللون.. وابتسمت برضا عن شكلها..ترا ماذا سيقول لها مازن لو رآها؟.. سيقولانها جميلة..ام رائعة.. ام...
ضحكت بخجل من نفسها وافكارها.. يا ترى هل سيشتاقلها مازن لو غادرت بعد يومين.. تغادر!.. اجل ستغادر مع والدها الى منزلهم.. وستتركمها ومازن وكمال ايضا..ستغادر لتعود الى حياتها الطبيعية.. ولكن ماذا عن مازن؟..هلستراه مجددا؟...
ورددت بحزم و بصوت مسموع : اجل سأراه .. سأقنع ابي ان يصحبنيالى هنا.. وحينها سأراه..سأتحدث اليه و...
بترت عبارتها وتوردت وجنتاها بحمرةالخجل .. ما هذه المشاعر التي سيطرت على تفكيرها وكيانها كلها؟.. اصبحت لا تفكر فيشيء سوى مازن.. مازن ولا احد آخر..
اسرعت تلتقط لها رواية من حقيبتها علها تبعدمازن عن ذهنها .. وابتسمت وهي تتطلع الى العنوان (حب الى الابد).. مثل الرواية التيسخر مازن منها.. حتى عندما كانت تريد الهرب من التفكير بمازن عاد الى ذهنها منجديد..
اعادت الرواية الى مكانها واسرعت تغادر الغرفة.. واسرعت تنادي بصوت عاليبعض الشيء: نادين .. نادين..
لم يجبها احد فرددت بصوت اعلى: نادين.. اجيبيني.. نادين ..اين انت؟..
(
ليست هنا)
شهقت ملاك بقوة عندما رأت كمال قائل العبارةالسابقة يقف خلفها.. وقال ببرود: لا اظن ان شكلي يخيف الى هذه الدرجة؟ ..
ازدردتملاك لعابها وقالت بصوت خافت: اين نادين؟..
سار كمال متجاوزا ملاك ليجلس علىالاريكة ..ومن ثم قال: رأيتها تخرج الى الحديقة..
تساءلت ملاك قائلة: ولماذا؟..
مط شفتيه وقال: وما ادراني..
صمتت ملاك .. اذا تحدثت الى كمالفعليها ان تتجنب ان تتحدث اليه كثيرا والا اتهمها بالازعاج.. وتحركت مبتعدة عنه.. فأسرع يقول: الى اين؟..
ارتفع حاجبيها بحيرة وقالت: الى غرفتي..
قال كمالبهدوء: لماذا تسجنين نفسك؟.. اذهبي الى الحديقة ان اردت..
قالت ملاك بتردد: كنتاود ذلك ولكن .. نادين ليست هنا..
تطلع لها كمال للحظة ومن ثم قال: سأصحبك اناان شئت..
تطلعت له في دهشة.. هذا كمال.. احقا؟.. انه يتحدث اليها بكل هدوء.. ربما لم تكن تفهم تصرفاته في السابق لهذا هي مندهشة منه..وازدردت لعابها وقالت: لاشكرا لك.. سأذهب وحدي..
قال كمال ببرود وهو ينهض من على الاريكة ويبتعد عنالمكان: افعلي ما شئت..
عاد الى بروده من جديد..وابتسمت بينها وبين نفسها.. هذاهو كمال الذي تعرفه.. وتحركت بهدوء لتغادر المنزل الى الحديقة الخارجية.. وابتسمتوهي تطلع الى المكان الذي كانت عنده بالامس.. عاد لها ذكرى مازن والزهرة التياهداها لها..لقد وضعتها بين صفحات روايتها (حب الى الابد) .. لتثبت له اولا ان الحبلازال موجودا.. وان قلبها سيظل يحبه الى الابد ثانيا.. لا تفهم لماذا يرفض منطقالحب؟.. لو احب يوما فتاة ما بكل مشاعره واحاسيسه.. فيومها سيدافع عن الحب ويؤيده.. ولن يعارضه مطلقا.. سيعرف حينها معنى الحب في هذا العالم.. وربما يكون قد احب فعلاو...
احب؟.. احب من؟.. فتاة من النادي ؟.. لا .. لا.. مازن سيشعر بحبي لهوسيبادلني حبا بآخر.. انه يهتم بي كثيرا .. انه يتطلع الي بكل حنان الدنيا.. اشعربقربه بالامان والراحة..
تنهدت براحة وارتسمت ابتسامة على شفتيها وذهنها يعودليشرد بالتفكير في مازن.. وقد نست تماما انها جاءت الى هنا حتى تبعد مازن عنذهنها.. ولكنه بالرغم منها.. عاد يسيطر على تفكيرها.. كما سيطر على قلبها ومشاعرها ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛سارت مها مغادرة بوابة الجامعة وهي تتوجه حيث سيارةابيها التي تنتظرها عند المواقف.. وعلى الرغم من انها تذكر ما قاله لها حسام بأنهسينتظرها بعد ان تنهي محاظراتها.. لكنها تناست الامر تماما وهي تسير مبتعدة الىسيارة ابيها..لقد تجاهلها كثيرا ولم يقدر مشاعرها في يوم .. من حقها ان تتجاهلهوتعامله بالمثل و...
(
مها.. الى اين تذهبين؟)
كانت تعلم انه حسام لهذا لمتلتفت له وواصلت طريقها.. فعاد يهتف بها: مها .. توقفي..
لم تتوقف بل واصلتالسير فهتف بصوت عالي وصارم: قلت توقفي..
توقفت في مكانها من لهجته الصارمةولكنها لم تلتفت له ..فتقدم منها وقال بحزم: الى اين كنت تريدين الذهاب؟..
قالتمها ببرود متعمد: الى سيارة ابي.. الى اين تظن اني ذاهبة؟ ..
قال حسام وهو يقففي مواجهتها: الم اطلب منك ان لا تذهبي حتى افهم الامر منك؟..
تظاهرت بعدم فهمما يقول وقالت: أي امر تعني؟..
عقد حاجبيه وقال: انك تفهمين عن أي امر اتحدث فلاتتظاهري بالغباء..
قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها: على الاقل انا لا اتجاهلالآخرين..
قال حسام بحدة: كفي عن التحدث بالالغاز واخبريني متىتجاهلتك؟..
قالت بحدة مماثلة: دائما كنت تتجاهلني.. اقف امامك.. ومع هذا لا تنظرالي ابدا..
وضع حسام كفه على جبهته وقال وهو يحاول فهم حديثها: تحدثي مباشرة يامها.. لا اكاد افهم حرفا مما تقولين..
قالت وهي تبتعد عنه: افضل..
قال بعصبيةوهو يراها تبتعد: انتظري.. انا لم انتظر نصف ساعة حتى تبتعدي هكذا دون ان تفسري ليالامر..
قالت مها وهي تتطلع اليه بطرف عينها: ان اردت تفسيرا فأبحث عنهبنفسك..عن اذنك..
امسك بمعصمها ليوقفها وقال بعصبية اكبر: اهذا جزاءي يا مها انيانتظرتك كل تلك المدة لاني قلقت عليك؟.. تمضين وتتركيني وكأني لست رجلا اقف امامك.. ولكن.. اعلمي انك انت من اراد هذا.. وداعا..
قال عبارته وابتعد هو هذه المرة .. شعرت مها بغصة في حلقها .. كادت ان تهتف به.. ان تلحقه.. ولكن كرامتها منعتها .. جعلتها تكتفي بأن تتطلع اليه بالم وهو يركب سيارته ويمضي بها.. واطرقت برأسها فيالم وهي تكمل سيرها الى سيارة ابيها.. وان شعرت بالحزن يعتصر قلبها.. وتسائلت وهيتتنهد بالم وتجلس على المقعد الخلفي للسيارة.. هل اخطأت في تصرفها مع حسام ام انهافعلت الصواب؟؟..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(
لقد وجدتها)
قال فؤاد هذه العبارةوهو يتطلع الى عادل الذي جلس يتطلع الى احد الملفات الخاصة بالشركة.. والتفت لهعادل ليقول باستغراب: ماذا وجدت؟..
قال فؤاد مبتسما: وسيلة قد تكشف لنا امرملاك..
قال عادل في اهتمام: وهل هذه الوسيلة مضمونة؟..
-
لا يمكنني ان اخبركان كانت مضمونة ام لا .. لانها تعتمد على شخص ما..
عقد عادل حاجبيه: أي شخصتعني؟..
فكر فؤاد قليلا ومن ثم قال: احتاج الى شخص رآها من قبل وتحدث اليها.. شخص على الاقل له الحق في ان يتحدث معها بحرية وفي الوقت ذاته لا يكون من ابناءامجد..
قال عادل بهدوء: الم تكن تتحدث مع احد في الحفل سوى ابناء امجد؟..
عقدفؤاد حاجبيه وقال: دعني اتذكر.. لقد كانت تتحدث الى حسام ايضا..ما رأيكبه؟..
صمت عادل للحظات ومن ثم قال: حسام لا يمت لنا بصلة بل هو من عائلة زوجةامجد-سابقا-..نحتاج الى احد من وسط العائلة .. حتى يكون محل ثقتنا..
فكر فؤاد منجديد وغرق في تفكير عميق لدقائق ومن ثم قال فجأة: اجل ..لقد وجدت الشخصالمطلوب..
قال عادل بلهفة: من هو..
قال فؤاد بابتسامة ماكرة: ابنك يا عادل.. احمد..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ابتسمت ملاك بفرحة وهي تجلس في المقعد الخلفيللسيارة مع مها متوجهين للنادي حيث سيقام السباق.. وقالت بسعادة: واخيرا سأذهبلرؤية السباق..
واردفت وهي تنطلع الى مها: لقد كنت متلهفة لرؤيته.. فلاول مرةسأرى سباق للخيل.. وسيكون مشتركا به مازن وكمال.. وبالتأكيد سيكون الـ...
بترتملاك عبارتها عندما شاهدت مها شاردة الذهن وغير منتبهة لما تقول..ونادتها قائلة: مها.. هل سمعت ما قلته؟..
لم تجبها مها وهي على شرودها وتلك النظرة الحزينة جليةفي عينيها..فرددت ملاك وهي تهز كفها بهدوء: مها.. هل تسمعيني؟..
التفت لها مهاوقالت وكأنها تفيق من نوم عميق: هه.. هل تحدثيني؟..
تساءلت ملاك وقالت: ماذابك؟.. انت صامتة وشاردة طوال الوقت.. ما الذي حدث؟..
هزت مها رأسها نفيا دون انتعلق فعادت ملاك تقول: ولكنك حزينة.. اعلم ذلك.. عيناك تكشفان ما بقلبك من حزن .. وملامح وجهك واضحة للجميع..اخبريني ما الذي يحزنك؟ ..
قالت مها بصوت خافت: لاشيء..
صمتت ملاك عندما رأتها لا ترغب في قول أي شيء يتعلق بسبب حزنها والتفتتالى النافذة لتتطلع منها لدقائق.. ولكنها عادت تلتفت الى مها الواجمة وهي تستغربحزنها هذا.. فمنذ ان عادت من الجامعة وهي على هذه الحال.. بالتأكيد قد حصل شيء ماهناك...
توقفت سيارة السائق في تلك اللحظة بجوار النادي.. فهزت ملاك كف مهاوقالت: مها لقد وصلنا..
قالت مها وهي تلتفت لها: وصلنا الى اين؟..
ابتسمتملاك ابتسامة باهتة وقالت: الى النادي بالتأكيد..
صمتت مها ولم تجبها.. وهبطت منالسيارة لتشير للسائق ان يفتح الصندوق ويأتي ليخرج كرسي ملاك.. نفذ السائق طلبها.. فقالت مها وهي تدفع مقعد ملاك بجوار باب السيارة الخلفي : عندما اتصل بك.. تعاللتأخذنا من النادي..
قال السائق بهدوء: امرك آنستي..
غادرت ملاك السيارةلتجلس على المقعد.. ودفعتها مها بهدوء لتتوجه الى حلبة السباق.. وسألتها ملاك فيتلك اللحظة: لم لم نأتي مع مازن مثل كل مرة؟..
قالت مها بهدوء: لانه غادر المنزلقبل ساعة من الآن من اجل ان يستعد جيدا للسباق..
صمتت ملاك واكتفت بأن اومأتبرأسها في تفهم.. في حين كانت مها تدفع مقعدها وهي في عالم آخر تماما.. تفكيرها فيما حصل اليوم ..هل ما فعلته كان الصواب؟ .. لقد ثأرت لكرامتها ولكن.. ماذا عنههو؟؟..هل خسرته؟..لقد بدى غاضبا وعصبيا كما لم تره من قبل.. ولكنه هو من كانيتجاهلها ولا يقدر مشاعرها.. وكأنه يتعمد سؤالها عن أي فتاة حتى يثير اعصابها.. اجلهو من بدأ .. هو من كان يجعلني اتعذب بسببه.. وقد حان الوقت لأثأر لنفسي ولكرامتي ..
ولكن لماذا لا اشعر بالراحة؟.. لماذا اشعر وكأني آلامي قد تضاعفت؟.. وان قلبييكاد يتمزق الما ومرارة..ربما لان حسام يتألم الآن وانا لا احب ان اراه حزينا اومهموما ابدا .. احب ان اراه والابتسامة تشرق على وجهه..والفرحة تطل من عينيه.. يتحدث بهدوء ومرح.. هذا هو حسام الذي اعرفه .. ولكن...
شعرت بغصة في حلقها ولمتستطع مواصلة التفكير.. لا تريد ان تفكر فيه.. تريد ان تنسى .. تبعده عن ذهنها ولولخمس دقائق فقط..
زفرت في حدة وهي تدخل الى مدرجات السباق.. ودفعت مقعد ملاك فيالمكان المخصص..حتى وصلت الى مقدمة المدرجات تقريبا ووجدت مقعدا لها .. فتنهدتوقالت: من الجيد اننا وجدنا مقعد في المدرجات الامامية.. احيانا اضطر للجلوس فيالخلف..
قالت ملاك بلهفة طفولية: لا يهم ان نجلس في الامام اوالخلف المهم انيحصل اخويك على المراكز الاولى..
ابتسمت مها وقالت وهي تحتل مقعدها: لا تظنيانهما ماهران كما اخبراك.. لم يحصلا ابدا على أي مركز من المراكز الاولى..
تطلعتلها ملاك بدهشة وقالت: ابدا؟؟..
اومأت مها برأسها وقالت: ابدا..
ارتجف قلبملاك توترا.. اذا لم قال مازن انه حصل على احد المراكز الاولى فيما مضى ؟.. مبرراان لديه العديد من المعجبين والمعجبات ..هل كان يكذب علي؟.. لا لا بالتأكيد هو يعنيامرا آخر.. لا يمكن ان يكذب علي.. ثم لم يكذب؟..
عقدت حاجبيها بتوتر دون انتفهم سبب قوله هذا.. وان كان يعني امر آخر ام لا؟.. وقالت متسائلة: متى سيبدأالسباق؟..
تطلعت مها الى ساعتها ومن ثم قالت وهي تلتفت الى ملاك: بقي على وقتبدء السباق ربع ساعة تقريــ...
بترت مها عبارتها عندما وقعت عيناها عليه..علىحسام.. ازدردت لعابها بتوتر وهي تراه واقفا شارد الذهن يتطلع الى حلبة السباقبصمت.. يبدوا ان حاله لا يختلف كثيرا عن حالها.. هل تذهب اليه؟.. ام تناديه فحسب؟.. ام تتجاهل وجوده؟..لا تعلم الى ايهما تستمع الى قلبها الذي يتلهف للحديث اليه.. امالى عقلها الذي يصر على المحافظة على كرامتها..
في حين تطلعت لها ملاك للحظة وهيتراها تراقب شيء ما بجوارهما.. فالتفتت بدورها لترى ما الذي تتطلع اليه مها ..وارتسمت ابتسامة على شفتيها وهي تقول: انه حسام..
قالت مها ببرود ظاهر وانكانت لهفتها له تكاد تجعلها تسرع اليه وتعتذر منه: اعلم.. لقد رأيته..
قالت ملاكوهي تلتفت لها: ما رأيك ان نناديه لكي يجلس معنا.. انه يقف وحيدا..
وقبل ان تهممها بقول حرف واحد.. اسرعت ملاك تهتف بحسام وهي تلوح بكفها: حسام.. حسام.. نحنهنا..
التفت حسام في تلك اللحظة الى مصدر الصوت وتطلع الى ملاك التي قامتبندائه.. في حين ارتبكت مها ولم تجد امامها سوى ان تطرق برأسها هربا من نظراته.. وابتسم ببرود وهو يتقدم من ملاك وقال: اهلا ملاك.. ما هي احوالك؟..
قالت ملاكبابتسامة: بخير.. ماذا عنك؟..
-
على مايرام..
تعمد تجاهل مها.. تعمد عدم النظراليها حتى.. اعتصر قلب مها الحزن وهي تراه يتجاهل وجودها تماما.. هو يتجاهلها فعلاالآن؟.. هل يتعمد هذا؟.. هل يتعمد اخبارها انه لم يتجاهل وجودها في يوم وانه يفعلذلك اليوم فقط لتعرف الحقيقة؟..
التفتت له مها بالرغم منها وتطلعت اليه بتوتروالم.. فالقى عليها نظرة لا تحمل أي معنى ومن ثم التفت عنها ليتطلع الى حلبة السباق .. لم تنتبه ملاك الى الجو المتوتر بينهما وقالت لحسام: من برأيك سيحصل على المراكزالاولى يا حسام؟..
قال حسام وابتسامة هادئة مرتسمة على شفتيه: أي شخص آخر غيركمال ومازن .. فهما لا يستحقان الفوز..
ضحكت ملاك بمرح.. فالتفت لها حسام وقالمبتسما: هل ما قلته يضحك الى هذه الدرجة..
قالت بمرح وهي تشير الى مها: عندماسالت مها السؤال ذاته.. اجابتني بعبارتك ذاتها.. يبدوا انكما تتشابهان في طريقةالتفكير..
التفت حسام الى مها وتطلع لها لوهلة ومن ثم التفت عنها وهو يقولبسخرية لم تنتبه اليها سوى مها: لا اظن..
تطلعت اليه مها بالم.. بندم.. بعتاب..باستنكار لمعاملته لها.. هي لم تطلب اكثر من ان يشعر بها وبمشاعرها تجاهه.. لكنه لا يفهم.. لم تحتمل تجاهله لاكثر من هذا.. ووجدت شفتيها تنفرجان وتهمسان باسمهقائلة: حسام..
ورغم دهشته انها قد نادته .. التفت لها وقال ببرود: نعم..
ارتبكت لوهلة ولم تدر ما تقول.. ووجدت نفسها تهز رأسها قائلة بالم: لاشيء..
تطلع لها حسام وقد شعر بحزنها.. اهي حزينة لما حصل اليوم بينهما .. ربما.. ولكن هي من اخطأت.. وهي من عليها ان تبدي ندمها وتعتذر عما فعلت.. لقدكافأته بالمضي عنه وهو الذي لم يستطع التركيز في أي محاضرة من شدة قلقه عليها؟ ..
زفر بحدة وعاد لبلتفت الى حلبة السباق.. في حين قالت ملاك متحدثة الى مها: كمبقي على السباق؟..
قالت مها بصوت خافت: دقائق فقط..
قالت ملاك مبتسمة وهيتتطلع الى حلبة السباق: لا اكاد اراهم..
قالت مها مبتسمة: بكل تأكيد لن تريهم.. فالخيول تستعد عند بداية الحلبة.. ونحن نجلس الآن تقريبا عند منتصفها..
قالتملاك مبتسمة: لقد فهمت..
وعند حلبة السباق ذاتها.. ولكن عند خط البداية.. امتطىمازن جواده الذي يحمل الرقم (5) وقال مبتسما: سأحصل هذه المرة على احد المراكزالاولى..هذا وعد..
قال كمال الذي امتطى جواده الذي يحمل الرقم (2)منذ لحظاتبابتسامة باردة: لطالما رددت هذا الهتاف ولم تحققه ابدا..
قال مازن وهو يغمزبعينه: سأحققه هذه المرة..
قال كمال بحزم: سنرى من سيحققه هذه المرة.. انا امانت؟..
قال مازن مبتسما: لاول مرة اراك متحمسا للسباق هكذا..
ابتسم كمال ابتسامة غامضة وقال: لاني قد وعدت شخص ما بالحصول على احد المراكز الاولى..
وقبلان يسأله مازن عن كنه هذا الشخص.. سمعا صوت في مكبر الصوت يقول: فاليستعد جميع المتسابقين.. سيبدأ السباق بعد لحظات..
تحفزت عضلات الجميع على لجام خيولهم..فيحين استطرد الصوت قائلا: استعداد.. ثلاثة .. اثنان .. واحد.. انطلاق...
وانطلق جميع المتسابقين بخيولهم مخلفين وراءهم سحب من الغبار.. وكل منهم يأمل في الحصول على المركز الاول...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛


فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:41 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.