آخر 10 مشاركات
الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          الساحرة الغجرية (16) للكاتبة المميزة: لامارا *كاملة & مميزة* (الكاتـب : لامارا - )           »          عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          من يقنع الظلال ؟ أنك فـ أهدابي.*مكتملة* (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          شظايا القلوب(3) سلسلة قلوب معلقة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          67 - زواج بالإكراه - فلورا كيد - ع.ج ( كتابة فريق الروايات المكتوبة/كـامله )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الوهم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : hollygogo - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree20Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-01-14, 06:24 AM   #1

الفضاء الواسع

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية الفضاء الواسع

? العضوٌ??? » 32358
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 620
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي أعلى من القمة بقليل * مكتملة *



بسم الله الرحمن الرحيم .
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وقائد الغر المحجلين سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه السادة الميامين وسلم تسليما كثيرا .

يشرفني البوم أن أنزل قصة لي بعنوان : أعلى من القمة بقليل .
القصة ولله الحمد مكتملة عندي وهي من تسعة فصول إلا أن فصولها طويلة .
سأنزل بعد قليل الفصل الأول منها على أن أنزل فصل جديد بعد أسبوع , يعني أن إنزال القصة سيكون على تسعة أسابيع ( شهران وأسبوع ) .
الحقيقة القصة حصرية تماما لمنتديات روايتي ولا أسمح بنقلها ولا أي حرف فيها أو جملة أو عبارة لأي منتدى آخر كما لا أسمح باستغلال القصة تحت أي مسمى آخر أو عمل آخر لا لشيء إلا لأنني كاتبة هذه القصة .
كل حرف فيها هو من نبض قلبي وعمل فيه فكري وعقلي وآمنت بصدقه ومس صدقه شغاف فؤادي وأكره بعد كل ذلك أن أراه في مكان غير هذا المكان منتديات روايتي الثقافية .
أيضا هناك شيء آخر .
أنا لا أدعي الكمال للقصة فهناك من يكتب أفضل مني بكثير ولكن لو رأى القائمون على هذا المنتدى أن القصة تستأهل تصميمها على شكل كتاب وإرفاق صور معها فأنا حقيقة لا أمانع بل هو شرف لي قد لا أكون مستحقة له , وأنا إنما أخبر بذلك لأنني لا أفقه في أعمال الفوتشوب أو التصميم مطلقا , فلو أحب القائمون على المنتدى تصميم غلاف للقصة وإنزالها هي على شكل كتاب فأنا والله لا أمانع .
شيء أخير , سألتزم بمواعيد التنزيل يعني كل أسبوع فصل جديد , وعند تمام الفصل الأخير لو أحببتم الفصل بل وكل القصة فاكتبوا أرائكم .
آخر شيء , أنا ( واعوذ بالله منها كلمة ) وأنا أكتب القصة كنت أنا ربى الصغيرة وعشت كل آلامها وشعرت بمعاناتها ووالله بكيت معها أحيانا وأنتم لو قرأتم ذلك بين السطور فلا تبخلوا بتعليقاتكم التي هي أثمن مايحصل عليه الكاتب بعد التعب وعناء الكتابة .
تفضلوا مني أرق التحيات وأمنيات بالاستمتاع في قراءة القصة .
أختكم : الفضاء الواسع





قصة : أعلى من القمة بقليل .

المقدمة


لو خير أحدنا بين المال والحب والعقل فأي شيء سيختار ?
كثير منا سيقول أختار المال .
وجملة منا سيختار الحب .
ربى الفتاة الصغيرة والتي تعيش في مرج التلة مع والدها عز الدين حيدر كانت لها مجموعة من الأميات .
بنت حياتها كلها على مجموعة من الأمنيات .
أمنية أن ترى امها .
أمنية أن تتعلم .
أمنية أن تغدو أكبر مصممة أزياء في البلاد .
لما خيروها بين هذه الأمرو اختارت .
ماالذي اختارته ربى ؟ ولماذا كان على الدكتور غسان أن يكون هو من يقدم لها هذه الخيارات الثلاث ؟
هل يمكن للصداقة أن تكون أعلى من قمة جبل ؟
هل يمكن لأحدنا أن يتجاوز القمة ويعلوها بقليل ؟
قد تكون ربى هي الفتاة التي حدث لها ذلك .
ربى التي عاشت طوال سنوات عمرها الخمسة عشر ترسم أحلاما كانت تظن أنها لن تتحقق مطلقا استيقظت ذات مرة لتجد أنها فعلا قد تخطت القمة واعتلتها بقليل .
كيف حدث لها ذلك ؟
لم حدث معها كل ماحدث ؟
كل هذا ستعرفونه في قصة : أعلى من القمة بقليل .


روابط فصول الرواية ...

المقدمة ...فى نفس المشاركة

الفصل الاول

الفصل الثانى ج1

الفصل الثانى ج2

الفصل الثانى ج3,4
الفصل الثانى ج5

الفصل الثالث ج1
الفصل الثالث ج2

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر والاخير

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة rola2065 ; 15-03-14 الساعة 10:51 PM
الفضاء الواسع غير متواجد حالياً  
التوقيع
المرء يعرف في الأنام بفعله/ وخصائص المرء الكريم كأصله
اصبر على حلو الزمان ومره / واعلم بأن الله بالغ أمره
لاتستغيب فتستغاب وربما / من قال شيئا قيل فيه بمثله
وتجنب الفحشاء لا تنطق بها / مادمت في جد الكلام وهزله
وإذا الصديق أسى عليك بجهله / فاصفح لأجل الود ليس لأجله
كم عالم متفضل قد سبه / من لا يساوي غرزة في نعله
البحر تعلو فوقه جيف الفلا / والدر مطمور بأسفل رمله
واعجب بعصفور يزاحم باشقا / إلا لطيشته وخفة عقله
إياك تجني سكرا من حنظل / فالشيء يرجع في المذاق لأصله
في الجو مكتوب على صحف الملا / من يعمل المعروف يجز بمثله
رد مع اقتباس
قديم 16-01-14, 06:36 AM   #2

الفضاء الواسع

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية الفضاء الواسع

? العضوٌ??? » 32358
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 620
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

هناك مشكلة لدي في جهازي فكلما أنزلت القصة وضغطت إرسال لاترسل وتاتي صفحة بيضاء فارغة , ربما لأن الفصل الأول من القصة طويل وربما هناك خلل ما في الجهاز .
وشكرا


الفضاء الواسع غير متواجد حالياً  
التوقيع
المرء يعرف في الأنام بفعله/ وخصائص المرء الكريم كأصله
اصبر على حلو الزمان ومره / واعلم بأن الله بالغ أمره
لاتستغيب فتستغاب وربما / من قال شيئا قيل فيه بمثله
وتجنب الفحشاء لا تنطق بها / مادمت في جد الكلام وهزله
وإذا الصديق أسى عليك بجهله / فاصفح لأجل الود ليس لأجله
كم عالم متفضل قد سبه / من لا يساوي غرزة في نعله
البحر تعلو فوقه جيف الفلا / والدر مطمور بأسفل رمله
واعجب بعصفور يزاحم باشقا / إلا لطيشته وخفة عقله
إياك تجني سكرا من حنظل / فالشيء يرجع في المذاق لأصله
في الجو مكتوب على صحف الملا / من يعمل المعروف يجز بمثله
رد مع اقتباس
قديم 16-01-14, 11:47 AM   #3

الفضاء الواسع

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية الفضاء الواسع

? العضوٌ??? » 32358
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 620
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول : الرحيل المفاجئ
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ


الأب : لم أكن أريد لهذا الشيء أن يصير ياربى , أنت من جررتني إلى فعله جرا , لم أكن أريد له أن يحدث , لا أنا ولا أي أحد آخر , ولا حتى العمة فتحية , لقد خيبت أملي ياربى فيك تماما .
ربى : لقد كانت المرة الأولى يا أبى .
قاطعها صارخا بصوته الهادر وبحزم أذهب أي أمل لها في مجرد التفكير في الجدال الذي لا تملك أبسط حق له : ياليتها لم تكن كذلك , ياليتها لم تحدث , إن هذه المرة والتي تقولين أنها الأولى نسفت بكل ما قد أكون أردته لك داخل القرية . ..................... ( فترة صمت ) ........... مازلت حتى الآن حتى هذه اللحظة أشعر بطعم المرارة ازدرده مع لعاب حلقي , ليلة البارحة فقط عرفت معنى الشعور بالخزي والعار , لأول مرة أطأطأ رأسي خجلا داخل المقهى أمام أكبر أعدائي بعد أن كنت في السابق أنا الذي أرغمه آخر الأمر على طأطأة رأسه , إن ما فعلته حرمني من فعل أمور كثيرة تعني شرفي ووجاهتي الإجتماعية ومكانتي وسط رفقتي.
شعرت بهذا الخزي الذي حاول والدها أن يشعرها به من خلال كلماته بأضعاف مضاعفة لما قد يكون أراد أن يشعرها به حقا , لم تفكر بأن ما فعلته خطأ , لم يبدُ عليه للآن ولا عندما فعلته أنه كذلك , لكن يبدو أنه خطأ لايغتفر عند والدها إلى درجة أن تجعل والدها يكلمها بمثل هذه الحدة , لن يجدي حتى ولا فتح فمها أمامه حتى ولو كان لغرض سحب الهواء لرئتيها اللتان صارتا تشعران بضغط ضيقهما على صدرها , إنه يبدو يآئسا تماما , ولن يتردد في مد يده لضربها لو أحس أنها تريد أن تجادله , أكل ذلك لأنها ساعدت صديقتها ؟ يبدو أنها قد ارتكبت غلطة حياتها كلها , الغلطة التي ستغير مجرى الأحداث في حياتها التي ظلت ترسم خيوطها ببطأ طوال سنوات عمرها في هذه القرية مرج التلة, كما يبدو أن وجاهته الإجتماعية قد اهتزت من مكانها وهوت إلى الطبقة السابعة من الأرض بحيث أنها لن تعود إلى سابق مكانها السابق أبدا , والصحبة التي
تعني لوالدها الشيء الكثير وأنها قد فعلت فعلا ما يضرر علاقته بهم ستفقد , وكونها جعلته يشعر بالخزي أمامها فهذا أمر يعني أنها فعلا قد فعلت ما لن يغتفر لها أبدا ككل مرة .
عاد الأب ليقول من جديد : لست أفهم , أريد لأحد ما أن يفهمني كيف أقدمت على مثل هذا التصرف ؟ لقد ظللت طوال ليلي أحاول أن أفهم , ظللت طوال الليل أبذل جهدا تلو الآخر لأجعل من الأمر وكأنه أمر لايستغلق على فهمي للحياة وما يحدث فيها .
ظل طوال الليل , أين فعل ذلك ؟ في ذلك المقهى الذي ضاق به كل من فيه ذرعا , وتحت أنواع الشراب المختلفة . ( هكذا أخذت تردد داخل نفسها وهي تعلق عينها بوجه والدها المخيف )
كل ما فعلته هو ريناد وعوف , القصة كلها تتركز حول ريناد وعوف . لا تعرف صديقة مقربة إلى قلبها أكثر منها , لذلك ساعدتها , لعل عجلة الحياة الرتيبة والبطيئة على مرج التلة دفعتها لفعل ذلك , لعله إحساسها بمسئولية ما تجاه صديقتها جعلها تفعل ذلك , لكنها تلذذت , تلذذت حتى النخاع , تلذذت ولا تخجل من قول ذلك , على الرغم من الآلآم المبرحة التي يعاني منها جسدها جراء قسوة والدها , وعلى الرغم من الآم روحها التائهة التي لم تعرف حتى الآن لها قرار فقد استمتعت , على الأقل هي ستقول لنفسها هذا الكلام لأول مرة أمام نفسها ولن تكذب على روحها ككل مرة , ربما هي تقر بهذا الأمر الآن لتخفف من جراح نفسها هذه والتي ظلت إلى قبل قليل لاتفتأ تلومها على موافقتها لصديقتها فيما طلبته منها .
ولأول مرة سمحت لنفسها أن تعترف بذلك أمام نفسها وإن كانت في الآونة الأخيرة من النادر ماتفعل ذلك . لقد استمتعت بهذا العمل خاصة أن ريناد بدأت فعلا تحدثها بأمور شخصية وسرية عنها وعن عوف وعن ما ينويان فعله في مستقبلهما , أمور لم تكن تتخيل أن لها وجود في الدنيا , أمور أطربها سماع شيء عنها . لذلك لن تندم على تلك المساعدة أبدا بل إنه بدا لها أنه من الطبيعي جدا أن تساعدها لتلتقي بعوف . لقد تمنت أيضا أن تقدمها لعوف و تعرفها به لولا أنها لن تسمح لعقلها تخيل حدوث الأمور المستحيلة فهي فتاة خجلة , فقط تتمنى ولكن على أرض الواقع تتبخر الأمنيات وتتحول لسراب يتلاشى مع أول نفحة هواء أيا كان نوعها .
كما وأن عوف شاب غريب عليها ومحظور عليها لقاء الأغراب مطلقا .
والدها يحذرها من مخالطة الأغراب دائما مستخدما أصبعه السبابة والتي يؤرجحها في الهواء علامة التحذير أو مستخدما عينيه الجاحظتين الحمراوتين ليفعل ذلك ,
لقد كان يحذرها من مجرد لقاء الأغراب حتى ولو على قارعة الطريق خاصة ولو كان هذا الغريب شاب وسيم كعوف الخطيب الذي هو في خطط ريناد زوج مستقبلها .
تخشى التعمق في التفكير في أمور كتلك , لو فكرت فيها لكان الرعب قاتلها لامحالة . لكنها على الأقل لم تجعل لليأس إلى حياتها من طريق فلقد أبصرت عوف وريناد يلتقيان وهذا أمر أفرحها القيام به .
لقد سمحت لها ريناد أول الأمر بالنظر لها وهي مع عوف يتمشيان قريبا من التلة التي عليها كوخها نظير ثقتها المطلقة بها ونظير الخدمة الكبيرة التي وعدتها أنها ستسهــلهــا لــهــمــا .
اللقاء بعوف في كوخ والدها الملحق المهجور .
بدا لها لما أخذت تتأمله من بعيد وذلك لأول مرة أنه شاب وسيم حقا كما رأته في الصورة العسكرية القديمة التي قدمتها لها ريناد لتتأمله من خلالها وحذرتها من أن تنفتن به .
هي مثل ريناد مجرد فتاة صغيرة في 15 من عمرها لذلك لما قدمت لها ريناد تلك الصورة وجعلتها تحدق بملامح عوف فيها رأته رجلا وسيما كما صورته ريناد لها من خلال الكلمات .
لكنها عندما مر من أمامها ومعه ريناد في عصرية أمس رأت ذقنه المدببة المليئة بالشحم الخفيف والتي لاتتاسب ــ من وجهة نظرها مع الخشونة في الرجل .
فيما قبل أرادت أن تنتهز كل الفرص المتاحة لها لتتأمله كلما أتيحت لها فرصة لذلك , فكانت تبذل قصارى جهدها وتحاول أن تركز على ما تستطيع أن تركز عليه من ملامحه حتى بدأت تتضح لها صورة خاصة بها عن عوف .
ليلة أمس بينما هو يدخل الكوخ الصغير بصحبة ريناد رات ذقنه المدببة البارزة الممتلئة بالشحم الخفيف .
لقد كانت ريناد معجبة به حتى النخاع و بلون عينيه والذي وصفته لها بأنه لون حائر بين البني والزيتي والعشبي الخفيف .
من خلال الصورة العسكرية التي سمحت لها ريناد بتأمله فيها لم تتمكن حقا من تمييز هذا اللون بدقة , لكنها الآن وبينما كانت تقف عندما جاءت ريناد مع عوف إلى حيث تقف وأبطآ قليلا في سيرهما قبل أن يصلا للباب الرئيسي للكوخ ويتواريا من بعده عن الأنظار , استطاعت أن تميز الكثير من ملامح عوف وخاصة ذقنه المدببة وهي تقف تحت السقيفة المصنوعة من الزنك والتي تلقي بظلها على الأرض فتخبئ جسد ربى الصغير . ولقد كان لزاما عليها أن تنتظر هناك في حال جاء متطفل أثناء ذلك اللقاء .
كان عليها أن تصفر صفيرا معينا لتتنبه صديقتها ريناد للصوت وتستطيع الفرار مع عوف من المكان .
لم تكن تحب لصديقتها لقاء عوف بهذه الطريقة وكأنهما لصان يسرقان شيئا ليس لهما ولا يريدان لأحد رؤيتهما وهما يفعلان ذلك .
لقد قالت لها : علاقتك به لا بد أن تكون واضحة وضوح الشمس , اسمعي , لم حتى الآن لم يتقدم لخطبتك ؟
ولقد أجابتها بقولها : أوه ربى أنت تعرفين أمي وأخي , إنهما يمانعان شخص عوف نفسه ., هما يقولان إنه لايناسبنا كون والده مجرد فلاح بسيط وهو شاب انخرط في العسكرية قريبا , كما وأني بالنسبة لهما مازلت مجرد فتاة صغيرة السن غير مهيأة للزواج بعد , أنت تعرفين ياربى مبادئ أهلي , أنا فتاة غنية , وأمي تريد لي الأفضل ماديا , رجل غني من نفس طبقتي الاجتماعية , أما عوف , فهو كما تعرفين وقلت لك .
لقد كان عوف هو الأفضل لها من وجهة نظرها , قد يكون للأمر علاقة بمرحلة الشباب وطيشها , أو أن للأمر علاقة بجسد الإنسان ومايحدث فيه من اضطراب عندما يبدأ في الانتقال من مرحلة لمرحلة ,
لقد سمحت ريناد لها أن تنظر إلي صورته أول مرة بزهو ملأ روحها وفاضت آثاره على وجهها قائلة : وسيم , أليس كذلك ؟ لكن أحذرك ياربى أن تنفتني به .
تتذكر تلك الصورة الآن , لقد كانت صورة قديمة وأطرافها مهترئة حتى أنها قالت في نفسها ( ألم يكن عوف هذا يمتلك صورة لنفسه حديثة نوعا ما ) , وهي صورة لعوف ببذلته العسكرية ويعتمر القبعة العسكرية أيضا , كان ضاحكا وتلمع عيناه بوميض حب الحياة .
ضحكت ربى على كلماتها تلك بشكل متقطع ومرح جعلها تنسى ـــ لبعض الوقت ـــ أحزانها التي لا تنقطع في حياتها مع والدها في الكوخ في تلة مرج التلة ( إياك ان تنفتني به ) وقالت لها : أنت تعرفينني ياصديقتي , أنا لا أحب مثل هذه الأمور .
قالت لها ريناد : يا بلهاء , يوم ما ستعرفين مثل هذه الأشياء , لابد أن تعرفيها , لأنك لا بد أنك ستتزوجي وتنشئي أسرة كما أخطط أن أفعل ذلك تماما مع عوف في يوم من الأيام بطبيعة الأحوال .
ربى ترد عليها : هذا إذا وافقت أمك وأخوك عليه , أليسا رافضين له ؟
ريناد بحزن : لا أعرف لم يقولان عنه أنه غير مناسب , إنهما لا يفتأن يقولان عنه إنه شخص ضعيف , وقربت تلك الصورة له منها وراحت تتأملها وواصلت : هل هذا يبدو عليه ذلك ؟ انظري إليه إنه أوسم رجل على سطح الأرض كلها .
أفرحها تفاؤل صديقتها فأخذت بعد ذلك تحاول أن تلتقط ملامح عوف إن كان في رفقة ريناد ورأتهما ربى من أعلى التلة يتجولان هنا وهناك .
لقد فعلت ريناد ذلك عدة مرات ــ التجول مع عوف قريبا من التلة التي فيها كوخ ربى مع والدها ـــ
لكن هذه المرة لما وقفت بجوار الكوخ الملحق , بعيدا قليلا لتكون حارس لهما في لقاءهما داخل الكوخ سمحت لعينيها قبل مقدمهما بقليل أن تخطفا وبسرعة نظرة سريعة متفحصة لتطمئن إلى وضع الكوخ الذي رتبته بنفسها , حدثت نفسها كثيرا بضرورة تأمل عوف هذا بعين فاحصة أكثر , وتساءلت : مادامت أم ريناد لاتراه مناسبا لريناد وكذلك حال أخيها فما الذي تراه ريناد فيه تجعلها متشبثة به لهذه الدرجة ؟
لم تستطع إمعان النظر فيه ولا مرة من المرات التي كانت ريناد تأتي بصحبته ليتجولا على مقربة من التلة حيث يربض كوخ ربى مع والدها وذلك لبعد المسافة ولخجلها من الاقتراب لكنها قامت باختطاف ما تستطيع من ملامح عوف البعيدة والتي ترجمها عقلها برموز وعلامات ودلالات إيجابية لصالح صديقتها ريناد لتطبعها في ذهنها وتستجلبها ساعة نقاشها مع ريناد فيما بعد .
أما في عصرية يوم أمس.
تفحصت عيناها وضع الكوخ ومدى جاهزيته للقاء عوف وريناد وذلك قبل مجيئهما بقليل .
عادت الأسئلة تمور داخل عقلها الصغير , يالهذه الطريقة الغريبة التي يعبر فيها أحدهم للآخر عن حبه له واهتمامه به , لماذا أراد لقاءها في هذا الكوخ بالذات ؟ ماالذي قالته هي له عن الكوخ ليختار هذا المكان ؟ أم أنه أراد ملاقاتها على إنفراد فحسب وريناد هي من اقترحت عليه الكوخ ؟ ألم تخف ريناد من الكوخ لفرط ما أخبرتها هي بمدى رعبها منه ؟
جالت عيناها في المكان .
الطاولة الصغيرة والمصنوعة من الحديد وكوبي العصير الفارغين وقنينة العصير الفيروزي الأزرق والذي أعطته ريناد لها لتهيأه لاستقبالها هي وعوف والذي أحاطته بالثلج في الحوض البرتقالي الوحيد الذي تمتلكه طوال الليل ,
لما مر عوف وريناد من جوار المكان التي تجلس هي فيه عصرية أمس استطاعت أن تنظر له بتمعن ودقة أكثر هذه المرة لأن ريناد أبطأت السير جدا وهي تمشي برفقته حتى تمكنها من تفحصه بإمعان .
بعد أن رأته كونت رأيا عن عوف اختلفت في بعض تفصيلاته عن رأي ريناد القاطع فيه والذي لا يقبل الجدل .
لما وصفت ريناد عوف لها في أول مرة تحدثت فيه عن عوف وعن مدى حبها له قالت عنه أنه شاب وسيم نحيل الوجه , فكه صغير وذقنه صغيرة جدا بارزة ومدببة ومكتنزة بشكل جميل وشعره بني عسلي وله فم ممتليء وجبينه متوسط الاتساع ويحبها .
عصرية يوم أمس بينما كانت تتأمله وهو يمر متخطيا لها مع ريناد رأت أنه صاحب ذقن مدببة مكتنزة وجميلة فعلا ولكنها ترى أن هذه الذقن لا تتناسب مع صفة الرجولة في الرجال .
هذه الذقن لأنثى وفي أنثى ستكون أنسب .
لو كانت له أخت لها هذه الذقن المدببة لبرزت صفة الأنوثة فيها أكبر .
كانت ريناد مملوءة زهوا به ولقد أكدت لها مائة مليون مرة أنه يحبها جدا , لكنها حتى هذه اللحظة تريد أن تعرف لم صديقتها ريناد متيقنة من هذا الحب كل هذا اليقين ؟ من أين جاءت بهذه الثقة في حبه لها ؟
عاد صوت والدها الخشن القوي يقطع عليها حبل أفكارها لتسمعه يقول : على كل الأحوال ربى في هذه الأمور أنا لا أجعل من نفسي أضحوكة أبدا داخل هذه القرية , في قرية صغيرة مثل هذه القرية الشيء الصغير يضخم حتى يصبح بكبر جبل . عذرا أيتها الفتاة , لكنني لا أملك لا الوقت ولا المجهود ما يجعلني أربت عليك بحنان لأقول لك : لا عليك يا صغيرتي لا بأس سنعاود الحياة معا من جديد وكأن شيئا لم يكن , لا لا أستطيع قول ذلك أبدا .
لن يربت عليها لا الآن ولا فيما بعد , بل إنها لا تذكر أنه فعل ذلك من قبل . بدأ إعصار من لوم الذات يجوس داخل نفسها . ماذا لو أن ما فعلته حقا جرم عظيم يتوجب أن يهاجم كل أهل القرية مانشأت عليه من أخلاق ؟
لم يكن عليها أن توافق صديقتها في طلبها ذلك .
لكنها كانت تعرف أنها لم تكن تستطيع أن ترفض لريناد طلب .
ريناد صديقتها الوحيدة والتي ما فتأت تمد لها يد العون وتزرع الأمل في مساحات روحها المقفرة , لو طلبت منها أغلى شيء تملكه لما ترددت في إعطاءه لها .
صحيح أن لديها تحفظات حول لقاء صديقتها بهذا الشاب وطبيعة ما يربط بينهما لكنها أبدا لم تكن لتستطيع أن تقول لها وفي وجهها لا لا أستطيع أمام السيل الهادر من المعروف والإحسان الذي لم ينقطع حتى الآن من صديقتها لها .
ورغما عنها تذكرت أمها , هذه المرأة التي لم يقدر لها أن تراها أبدا , ورغم أن أي أحد في هذه القرية أو حتى في هذا الكون الكبير يمتلك تصور محدد لأمه إن كان مثل ربى لم يرها قط إلا أنها لا تمتلك أي ذكرى لأمها الميتة منذ ولادتها باستثناء صورة في عقلها هي من رسمتها لأمها .
إمرأة نحيلة القامة تغطي رأسها بوشاح من الشيفون الشفاف وتبتسم ابتسامة خجلى وترخي عينيها للأرض وهي تفعل ذلك , ولكن الأمر يختلف لو تعلق الأمر بربى لأن ابتسامتها الخجلى تلك تتحول إلى ابتسامة عريضة لاتتوقف أمها عن توسعتها لو كانت تنظر لربى .
عند هذا الحد تختفي ملامح الصورة , وربما ربى كونتها من طول تأملها لنفسها في قطعة الزجاج المكسورة والتي تسميها مرآة .
لو كانت أمها حية ربما لم تكن أبدا لتفعل فعلا كهذا لأنها ستجد من يتدخل ليمنعها في الوقت المناسب .
لقد أرادت فعلا أن تقدم يد العون إلى البنت الوحيدة التي ظلت ومازالت تزرع الأمل في روحها المقفرة من أي معالم للحياة , لم تفكر عندما تملكتها نخوة رد الجميل أن ما تفعله ريناد خطأ يجب على أحدهم أن يوقفه , وهكذا انساقت من حلقة إلى حلقة حتى انتهى بها الأمر إلى أنها من رتبت الكوخ لهما بل وظلت خارج الكوخ تحرسهما وتحذرهما لو حدث شيء غير متوقع .
لم يخطر على بالها آنذاك أن هناك من الأمور التي ستحدث الشيء الكثير والذي حتى لم تتخيل حدوثها في خيالها الواسع .
الآن هي لاتعرف هل والدها غاضب منها كل هذا الغضب الذي يرعبها لأنها فعلت فعلا منافي للدين والشرع والناس والمجتمع والأخلاق ــ على حد قوله ـــ , أو لأنها فعلت فعلا يضر به هو وبمصالحه الشخصية المباشرة مع الناس ؟
لو كانت أمها هنا لما كانت هي وفي كل مرة وهي على هذه السن الصغيرة تتعهد للسيد عبد الله صاحب المقهى أن والدها سيدفع الحسابات المتأخرة عليه وأنه لن يضطر أكثر من مرة أن يحضره إلى الكوخ بنفسه بسيارته وهو فاقد للوعي من كثرة ما تناول من شراب . لقد كانت تشعر عندما ترى العم عبدالله يرتقي درجات السلم الخشبي ويركل الباب بقدمه ليفتحه ويتوجه بوالدها محمولا إلى حجرته , كانت تشعر أنها أكبر من عمرها بأربعين عاما أو أكثر من ذلك , كما كانت تشعر بالحرج الشديد من العم عبد الله نفسه وكأنها هي التي جيء بها محمولة على الأكتاف وليس والدها السيد عز الدين حيدر المزارع الشهير في قرية مرج التلة , ولقد كانت تلمح ــ رغم صغر سنها ــــ نظرة تقدير في عيني العم عبد الله لها .
ربما هو كان يقدر معاناتها .
فتاة في الربيع الخامس عشر من عمرها ترى والدها يحمل كل ليلة تقريبا من المقهى إلى مكان سكنه وهو فاقد للوعي لفرط ما تناول من شراب .
وعلى الرغم من ذلك إلا أن العم عبد الله لما يفاتحها في موضوع الأموال المتأخرة ويرى مدى القلق والخوف والتوجس الذي يطفو من روحها القلقة على سطح عينيها ولا يسمع منها إلا عبارات مطمئنة وحنونة وهي تعده بسرعة تسديد المبلغ وكأنها وهي تتحدث بذلك قد استعارات عقل أحدهم ممن هو أكبر منها سنا لترد به عليه يزداد لها تقديرا داخل نفسه .
ألا يكفيها ماتعانيه من قسوة عز الدين حيدر والدها ؟
ألا يكفيها أنه يتركه وحدها كل ليلة تصارع مشاعر شتى من خوف ورعب وقلق وحيرة وتساؤل ليعود بعد ذلك ظهر اليوم التالي محمولا على الأكتاف وهو فاقد للوعي ؟
بل ألا يكفيها ــ على حد ما وصله ـــ أن والدها قد حرمها من التعليم ومنعها من مغادرة البيت إلا للمكان الذي يأذن لها هو بالذهاب إليه ؟
كان يقدر كل معاناتها تلك من خلال النظرة المشفقة الحانية التي يرمقها بها ثم يعقبها بمثل قوله : انتبهي على نفسك يابنتي , لاتجعلي الأغراب الذين يجولون في قريتنا ليلا يدخلون إلى هذا المكان مطلقا بينما والدك غائب عن الدار , اتخذي لنفسك وسائل حماية كثيرة تقيك شر اللصوص . فتهز رأسها دلالة الموافقة وهي تعرف أنها لن تمتلك من وسائل الحماية إلا أن تظل مستيقظة طوال الليل تشنف أذنيها لأي صوت غريب قد يعني لها شيئا كذلك .
كل أهل قرية مرج التلة يعرف أن ربى الفتاة الصغيرة يتركها والدها كل ليلة وحدها في الكوخ بينما هو ساهر في مقهى العم عبد الله يتناول أنواعا كثيرة من الشراب ويمارس ألعاب ورقية منوعة مع أصدقائه .
ويعرفون أنها لا تملك من وسائل حماية تحمي بها نفسها لو حدث اقتحام للكوخ أثناء الليل , لكن ربما هم يدركون أيضا أنه لايوجد في الكوخ مايستحق أن يقتحمه أحدهم ليبحث عما هو صالح للسرقة فيه فالكوخ قديم وكل مافيه قديم قد أتى عليه الزمان ولو سرق لم يأتي إلا بثمن زهيد للغاية لايجعل أي لص يفكر بأن يخوض هذه المغامرة لأجله .
اتسعت عيناها عن آخرهما رعبا وتمتمت بصوت خيل إليه أنه لم يخرج منها بعد لفرط ضعفه : مامعنى هذا الكلام أبي ؟
الأب صارخا من جديد : لا تقولي أبي , لا تنطقي بهذه الكلمة على لسانك الموجود في جسدك الخبيث , إن لهذه الكلمة قدسية لم تحفظيها يوم فعلت ذلك .ما معنى أن تعيني هذه الفتاة على لقاء ذلك الشاب , وكيف فعلت ذلك ؟ هاه , فعلته خفية عني , لقد كنت تعرفين أن مافعلته جريمة لن أغفرها لك أبدا . وأين حدث ذلك ؟ في كوخي , كوخي الذي لايجرؤ أحد أن يمر من جواره مجرد مرور , ألم تلاحظي أنت بنفسك ذلك ؟ أيجرؤ أحد مهما كان هذا الأحد على المرور بجوار الكوخ ؟ ها , هل يجرؤ أحد على المرور من هنا ؟ ها , أجيبي , أنت تتحدينني , ألست تتحدينني ؟ قال ذلك بينما أخذ بيدها وبدأ يلويها ويعصرها بقوة .
لفت جسدها باتجاه برم يديه لكفها من شدة الألم .

noor elhuda likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة rola2065 ; 22-01-14 الساعة 04:12 PM
الفضاء الواسع غير متواجد حالياً  
التوقيع
المرء يعرف في الأنام بفعله/ وخصائص المرء الكريم كأصله
اصبر على حلو الزمان ومره / واعلم بأن الله بالغ أمره
لاتستغيب فتستغاب وربما / من قال شيئا قيل فيه بمثله
وتجنب الفحشاء لا تنطق بها / مادمت في جد الكلام وهزله
وإذا الصديق أسى عليك بجهله / فاصفح لأجل الود ليس لأجله
كم عالم متفضل قد سبه / من لا يساوي غرزة في نعله
البحر تعلو فوقه جيف الفلا / والدر مطمور بأسفل رمله
واعجب بعصفور يزاحم باشقا / إلا لطيشته وخفة عقله
إياك تجني سكرا من حنظل / فالشيء يرجع في المذاق لأصله
في الجو مكتوب على صحف الملا / من يعمل المعروف يجز بمثله
رد مع اقتباس
قديم 16-01-14, 11:49 AM   #4

الفضاء الواسع

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية الفضاء الواسع

? العضوٌ??? » 32358
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 620
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


تابع الجزء الأول
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
واصل حديثه بقوله : كيف فعلت ذلك أيتها البائسة الحقيرة ؟ أأنت تبحثين عن إصابتي بمرض عضال ؟ مرض تودين لو أموت بسببه ؟ هاه , لماذا تريدين فعل ذلك ؟ لتستولي على الكوخ ؟ أنت تطمعين بهذا الكوخ مثلك مثل غيرك من هؤلاء الخونة ؟ أجيبيني , أأنت تريدين سرقتي مثل أهل هذه القرية الأغبياء ؟ ألست تخططين لفعل ذلك ؟ ألست تخططين لأمر خطير أجهل مايكون وأنت لن تتفوهي بحقيقته لي ؟ ماذا تخفين وراء هذا الوجه الذي تدعين به البراءة ؟ قال ذلك بينما صار صوته قد ارتفعت حدته إلى صراخ تعرف أنه معه يفقد كل ذرة عقل فيها لديه .
الغالب أن هذا الصراخ يعقبه ضرب لها في أجزاء متفرقة من جسدها مازالت كدمات بعضها لم يزل أثرها بعد .
عليها الآن أن تقف بلا حراك حتى إذا ما تسنت لها فرصة سحب جسدها بعيدا عنه فلتفعل ذلك وبهدوء وسرعة .
بدأت تفعل من الحركات كل ما يمكن أن يفعل لتمتص غضبه كإسبال عينيها للأرض والتوقف عن بذل أي محاولة لمقاومته.
سكنت يدها الملتوية داخل يده بينما أطرقت برأسها نحو الأرض ورغما عنها رأت الصورة الخيالية لأمها والتي رسمتها في مخيلتها ترتسم على أرض الكوخ الخشبي حيث مرمى بصرها .إمراة نحيلة الوجه عينها واسعة تتدثر بدثار من الشيفون الشفاف تغطي به شعرها وأهم تفصيل في هذه الصورة أنها تبتسم لها .
وأخيرا أفلت يدها من قبضته مما جعلها تفقد القليل من توازنها ويهتز جسدها ذات اليمين وذات الشمال .
لم يكتف بذلك لكنه أيضا دفع بجسدها الصغير بعيدا عنه في قسوة فشعرت بنفسها وكأنها مجرد قطعة مسطحة من الخشب طوح أحدهم بها في الهواء عاليا وظلت تطير في الهواء من قوة هذه الدفعة حتى استقرت على مؤخرتها جلوسا على الأرض على بعد مسافة لا تبعد عنه كثيرا .
جلست على مؤخرتها جامدة بلا حراك لكنها عقدت كفيها إحداهما فوق الأخرى وظلت رقبتها منكسة بها رأسها نحو الأرض وهي تبتهل داخل نفسها أن تعمل هذه الحركة منها عمل السحر مع والدها فتقنعه أن مافعله معها كاف فينصرف عن أذيتها .
عقد كفيها على بعضهما علامة .
علامة الخنوع التام والخضوع المطلق والذي هو أمر تقدم عليه في حالات غضب والدها مثل هذا الغضب وفي بعض المرات ينجح الأمر وتقل أذية والدها لها لو كان والدها بوعيه , لكن لو كان ذاهب العقل فإنه لاشيء على ظهر هذه الأرض يمنعه عن ضربها ضربا مبرحا مادام فاقدا لعقله .
مرآها على تلك الصورة أذهب بعض غضب والدها إذ أخذ ينظر إليها في صمت تلتهم عيناها تفاصيل خنوعها وخضوعها وإن ظلت عيناه تقدحان بالشرر .
إنها فرصة ذهبية لها لتحاول أن تستجديه الآن : أبي أرجوك , أقسم لك أنني لم أشأ أن أفعل بك شيئا مما تقول .
الأب قاطعها وقد هم أن يختطف يديها بيديه هذه المرة و بشدة آسرة ليفعل بها ما فعله من قبل من جديد: اسمعي , لقد سمعت منك مرات ومرات , ( الحقيقة أنه لا يجعلها ولا مرة تقول شيئا مما عندها أبدا ) , طوال عمرك وأنا أسمعك , والآن ستستمعين أنت لي ولكل ما سأقول , لقد صار لزاما على عمتك فتحية أن توسع لك مكانا داخل ذلك القصر لترعاك فيه كما يجب أن ترعى فتاة طائشة مراهقة مثلك تقدم على فعل أمور لامسؤولة وحمقاء وذات نتائج وخيمة , ربما على السيد الكبير أن يقبل بك عنده في آخر الأمر هناك , صرت على يقين أن عمتك صارت هي الشخص الوحيد الذي سوف يعرف كيف يكبح جماح الرعونة والطيش اللتين صارتا توجهان أفعالك مؤخرا , ولو رضي بك السيد الكبير فإن هذا شيء طيب وإلا فإن أحدا لا أظنه يقبل بك بعد كل ما فعلت .
نعم صحيح ما قاله , إن عمتها هي الشخص الوحيد الذي يعرف كيف يكبح جماحها لأنها تخاف منها إلى حد التبول على نفسها رغما عنها .
واصل قوله : لم أعم بصحبتي داخل المقهى طوال الليل , أتعرفين ذلك ؟ أشعرت بذلك ؟
تمتمت داخل نفسها : أعرف عاقبة مثل هذا القول ؟
كانت في داخلها تبث لنفسها رسائل للتفاؤل والأمل فصارت تهمس بها لنفسها همسا في شكل أفكار لا تجرؤ أن تتمتم بها على شكل حروف على شفتيها .
اهدئي كل شيء سيكون على أحسن حال , بالهدوء فقط والهدوء وحده ستحل كل الأمور ولا بأي شيء آخر غير الهدوء وظبط النفس .
واصل وقد عاد ينظر إليها تلك النظرة وعيناه محمرتان : أتعرفين ماالذي أنقذك مني هذه المرة ؟ لقد انقذك شيء واحد فقط , وسحب لها يدها اليسرى لتنتبه له , فرفعت رقبتها إلى أقصى علو تستطيع أن ترفع إليه رقبتها فيه وأشخصت بعينيها نحوه , وقد تدفقت كمية جديدة من الهلع داخل قلبها وظهرت على صفحات وجهها بوضوح وبخاصة عينيها اللتان صارتا بوسع بحر .
كادت دموع الرعب أن تتحدر على صفحة خدها على الرغم من جهودها المبذولة لمنع انحدارها , لكنها نجحت في منع خروجها من مآقيها لأنها لو نزلت الله وحده هو العليم بما يمكن أن يحدث لها بسبب نزولها .
قال بصوت خافت مخيف : لن تمكثي هنا بعد الآن , أنا أعرف أن أصل إلى بواطن نفسك , أعرف كيف أنقب في نواياك , سأعرف أن أنتزع منكم جميعا سر نواياكم الخبيثة , وحتى يحدث ذلك ستكونين هناك ( وأشار بيده لجهة الشرق حيث يقع شباك الصالة ) , سأبعدك عن هنا , لا أريد أن أراك مطلقا . بإبعادك عن هنا سيرتاح قلبي , وسيصفو تفكيري , وبعدها سأعرف في ماذا تفكرين وإلإم تخططين , لن أجعلك بعد الآن تمكثين هنا , لو سمحت لك بالبقاء فلربما غدا أجد كل أهالي القرية يدخلون ويخرجون من الكوخ ويرحون فيه ويجيئون كما يريدون , ولضاع تعبي كله , وصرخ بصوت هائل : ماذا تريدون مني ؟ هاه , خبريني بهدوء ماالذي تريدينه أنت وتلك الفتاة التي أعرف منذ وقت قليل أنها صديقة لك , يا أيتها الحمقاء البائسة , كيف تصاحبين مثلها ؟ متى كنت تلقينها ؟ ألم تكوني معظم الوقت منهكة في أعمال المنزل ؟ متى كنت تجدين الوقت لملاقاتها ؟
ماذا قلت لي اسمها ؟
أها ريناد .
هذه الريناد ؟ لقد كنت محقا عندما لم أطمئن إلى نوايا عمدة القرية , أعرف أنه يتمنى أن يمتلك الكوخ , لذلك أغلقت كل الطرق في وجهه . ولا أحد و لا أحد أبدا سيقدر أن يستغلني .
الكوخ ملكي .
والآن تأتين أنت بهذه الريناد لتلتقي بذلك الولد النكرة فيه .
في كوخي انا .
أقسم أنكم جميعا تحوكون مؤامرة .
لقد أنقذك المقهى مني هذه المرة , تعرفين لماذا ؟ لأنني فيه وفيه فقط قررت بأنك حثالة يجب أن أتخلص منها , وإلا كنت تخلصت منك بيدي هاتين .
لاتفتحي لي عينيك بهذه الصورة تتصنعين الدهشة لما أقول .
اسمعي لقد ربيتك طوال خمسة عشر سنة .
ملابس وطعام ومكان فماذا وجدت ؟
لاشيء .
نعم لا شيء .
أنت عندي حمل ثقيل , ثقيل إلى الحد الذي صرت أرغب في التخلص منه , ولو كنت بين يدي ليلة أمس لكانت هذه القرية استيقظت عليك جثة هامدة .
أرادت أن تضحك الآن فالوصول إلى قمم الأشياء يجعلك بعد ذلك تنزل في المنحدر المقابل لها من جديد وبقوة .
لقد أوصلتها كلمات والدها إلى قمة الرعب .
نفس طريقة العمة فتحية في إدخال الرعب لداخل نفسها , الفرق الوحيد هو أن عمتها فتحية هي أنثى مثلها وقد كانت تعرف كيف تفكر هي لما كانت تبدأ فصول فيلم الرعب الذي تسكبه داخل نفسها لذلك كانت بمجرد وقوفها أمامها تفقد القدرة على التحكم في المنطق عندها وتتبول على نفسها .
و هذا الذي هي فيه الآن هو ماعليه حالها مع والدها دائما , لقد وصلت مع والدها لقمة الرعب , وقمة الخوف , وقمة الخنوع , وقمة اليأس , ماالذي لم يستنفذ بعد من طاقتها السلبية معه ؟
لاشيء .
ماذا بعد ظلام الليل الحالك في هذه حياتها معه هنا ؟ لا شك من وجود بقعة من نور لا بد أن تدخل هي فيها أو حتى تدخل تلك البقعة لحياتها لتنير لها بعض معالم الطريق .
لو كانت ريناد هنا وسمعت ما يقوله والدها لها أمامها لكانت حاولت بجسدها الصغير أن تمنعه من أن يطوح بيديه الجبارتين بجسدها هنا وهناك وربما حاولت أن تحميها بنفسها وأخيرا كانت بعد كل ذلك ستمسك بيدها بعد أن يفرغ والدها من سكب تلك التهديدات المرعبة بداخلها وتجلسان أرضا وستبدأ ريناد بالضحك لتجعلها تضحك بدورها وبعد بعض الوقت ستصيبها حمى الضحك لتضحكان معا بشكل متواصل وكلما توقفت واحدة عن الضحك ستواصل الأخرى . لقد كانت ريناد بارعة في جعلها تضحك , وجعلها تنسى .
ولقد كان ذلك هو لعبتهما المفضلة معا منذ أن تعارفتا .
لقد أرادت أن تضحك الآن عدة مرات وحدها لتخفف عن نفسها القليل والقليل فقط من التوتر الذي صار الآن حملا ثقيلا على صدرها أكثر مما تقدر تحمله في مرة واحدة من مرات والدها الكثيرة لولا أن نظرات والدها النارية المرعبة جعلتها تخاف من التفكير في فعل أي شيء .
صارت تتذكر الآن .
تتذكر ذلك اليوم .
طوال بداية تلك الليلة المحزنة حينما وصلت من الكوخ الملحق الصغير إلى هذا الكوخ ممسوكة في يد والدها بقوة حيث فتح باب حجرتها ركلا بقدميه بقوة ثم رمى بها لداخل الحجرة حيث جعلتها قوة القذف تستقر إلى جوار السرير وهي تتوقع أن يهجم عليها بعد ذلك من جديد وينهال عليها بشتى أنواع الضربات من اللطم والركل والدفع القوي , أو أنه سيهجم عليها في الليل ليفعل بها ذلك , ظلت تبكي بعد ذلك الدفع فترة طويلة لاتعرف كم بلغت لكن لما توقفت عن البكاء لاحظت أن صوت خطوات والدها داخل الكوخ قد اختفت , كما لاحظت أن قرص الشمس الذي كانت تقدر أن تراقبه من شباك الحجرة التي تنام فيها قد غاب تماما وأن ضوءها كون الشفق الأحمر الذي تعودت أن تتأمله كل ليلة من شباك الكوخ في خارج حجرتها .
لم تشأ أن تغادر مكانها تلك الليلة أو تفعل شيئا غير الانتظار فلعل هذا الانتظار يأتي لها بحل يريحها من عناء التفكير , لأن والدها رماها داخل الحجرة ثم لم يحدث شيء ولو حدث ماكانت تتوقعه من ضرب وركل وقذف وشتم كان أهون كثيرا من انتظار الأمر فتوقع حدوث الشر متعب أكثر من نزوله بك .
لاتجرؤ على مغادرة المكان أو أنها لم تعد ترغب بفعل ذلك .
لكنها بمقابل ذلك أخذت تتساءل عن مصير صديقتها ريناد ومصير عوف الذي غادر الكوخ محمولا على الأكتاف .
أين توجه به أولئك الرجال ؟
زفرت عدة مرات زفرات شعرت بها حارة تخرج من فمها وأغمضت عينيها من جديد وخبأت وجهها فوق ركبتيها .
فتاة في 15 من عمرها تبدو للناظر لها على تلك الحال وكأنها عجوز في السبعين من عمرها في ثوب قديم بال متسع عليها وشعر منكوش من كثرة ماهزها والدها وصفعها على وجهها عدة صفعات وطوح بجسدها في الهواء هنا وهناك وقدم حافية ترك حذاؤها في مكان لم تعد تتذكره .
لماذا إغماض العيون لايجعلها تتلاشى وتتحول إلى ذرات غبار أو موجات طيف أو هبابات من نور ؟
لماذا الرغبة في أن تكون شيئا لا يحققه لها ؟ فقط أن ترغب أن تختفي فتختفي حقا .
لقد فقدت الرغبة حتى في التنفس أو مد يدها للأمام لتخفف عن نفسها الألم الذي كانت تشعر به .
لم يكن ألم جسدها فقط .
كان ألم الروح .
روحها الجريحة .
روح إمرأة هرمة في السبعين تعيش داخل جسد فتاة في الخامسة عشر من عمرها .
وكل ذلك لأن لها أبا قاسيا مثل عز الدين حيدر الرجل الخشن الصلف الذي يعيش كمزارع عاطل عن العمل في قرية مرج التلة التابعة للدائرة الخامسة في البلاد .
تذكرت صديقتها ريناد التي غادرت الكوخ مرغمة فبعد أن اقتحم أولئك الرجال الكوخ تأزم الموقف أضعاف مضاعفة لما كان يمكن أن يكون عليه لولا تدخلهم .
وعاد الخوف يحاول الدخول لنفسها من مكان ما من عقلها تأبى أن توصله بروحها حتى لا تجزع .
من هو الشخص الذي تبرع وذهب لوالدها وأعلمه بمخططها هي وريناد وعوف ؟
ويبدو أن هذا الشخص نفسه هو الذي تولى بعد ذلك الذهاب للقرية واستنفار أهل القرية ضد والدها الذي كان يريد الفتك بعوف داخل كوخه المهجور .
هي لاتستبعد وجود أعداء لوالدها فعلى حد مايصلها من أخبار قليلة لاتجد أحد يرحب بها كثيرا هنا أو هناك لا لشيء سوى لأنها ابنة عز الدين حيدر , كما وأنها ونظرا لتحذيرات والدها الكثيرة من مخالطة الغرباء أو الحديث معهم لم تكن تحاول ان تبذل أي جهد يذكر لتصحيح الصورة المشوهة والمخيفة على الأقل فيما يتعلق بها .
كانت علاقتها بالناس شبه مقطوعة اللهم إلا البقال وصبيه وقديما كانت لها مع الخياطة وأخيرا أقوى علاقة لها هي مع صديقتها ريناد وباستثناء ذلك فلا يوجد شيء .
سرح ذهنها لبعيد .
كانت تجلس فوق العشب الأخضر تملأ عينيها من زرقة السماء فوقها .
لقد كانت عصرية يوم جميلة فقد كانت فيها الشمس مشرقة بينما درجة الحرارة لطيفة جدا وكانت سعيدة رغم أنها كانت في قرارة نفسها ممتعضة قليلا لأمر هذه المغامرة وإن لم تبد لصديقتها شيئا من هذا الإمتعاض .
صديقتها ريناد حدثتها عن عوف أكثر من مرة وهذا أمر اعتادته منها , لكنها أخيرا طلبت منها أن تساعدها على لقاء عوف في كوخ والدها الملحق المهجور لأنه على حد قوله يريد أن يحتفل معها بطريقة خاصة بعيد مولدها .
أخذت تنظر للسماء تلك العصرية بعدما راقبت الفراشات التي أخذت تطير برقة فوق الزهرات المتفتحات في الزرع الأخضر عن يمينها , وأخذت أذنيها تلتقطان تغريد طائر ما ربما هو بلبل يصدح بغنائه في فنن شجرة قريبة .
كل شيء كان يسير كما خطط له فقد سبقت صديقتها ريناد لهذا المكان حسب الموعد المتفق بينهما وتفقدت الكوخ الذي هيأته في اليوم السابق لهذه العصرية الجميلة فوجدته كما تركته تماما , بينما تركت مفاتيح الكوخ تتدلى منه من الخارج , عادت فوق المرج الأخضر فوق التلة تتظلل بتلك السقيفة المصنوعة من الزنك والتي تحجب عنها جزء من أشعة الشمس وتحجبها عن الأنظار نوعا ما .
كان الاتفاق بين ريناد وبينها أنها ستمر بعوف من جوارها لكنها لن تتحدث معها ولاحتى عوف سيفعل ذلك .
لقد كانت ربى هي من طلب ذلك فهي لا تتخيل نفسها تتكلم مع هذا الشاب الغريب عنها فقط لمجرد أنه صديق صديقتها .
لن تفعل ذلك على الأقل من أول مرة .
لذلك أخبرتها ريناد أنها ستمر هي وعوف من جوارها وستحاول أن تبطأ من سيرها ليتسنى لها النظر في تفصيلات وجه عوف وملامحه الدقيقة لأنها تظن أنه أجمل رجل وقعت عليه عيناها حتى الآن .
فبعد أن مر عوف وريناد من أمامها وسمحت لها ريناد بتأمل عوف جيدا حينما أخذت تبطئ من مشيها معه ليتسنى لها فعل ذلك ثم أخيرا دخلا الكوخ حيث أخبرتها ريناد ان عوف يرغب أن يحتفل بعيد مولدها على طريقة خاصة .
كان كل شيء قد سار وفق المخطط له إذ بعد دخولها للكوخ سمعت ربى صوت باب الكوخ المصنوع من الزنك يتحرك لكنهما لم يغلاقانه إغلاقا كاملا .
كان هذا الجزء من الخطة قد نفذ كما رسم له ولم يتبق لها إلا أن تنتظر خارج الكوخ فهي بذلك تنتظرهما حتى يقدم عوف لريناد الهدية التي أخبرها ـــ على حد قولها ــ أنه سيقدمها لها وتعمل كذلك كحارس لهما في حال حدوث أمر غير متوقع .
لو انتهى هذا اللقاء بين ريناد وعوف فستخرج ريناد مع عوف , سيسبقها عوف في النزول من التلة بينما ريناد ستخبر ربى أن الاحتفال قد انتهى ثم ستتوجه ربى للكوخ حيث ستغلق بابه كاملا ثم ستدير المفتاح المعلق به لتغلقه ثم ستعود منطلقة لكوخهم وتعيد المفاتيح لجيب سترة والدها ثم ستوقظ والدها برفق ليقوم بعد ذلك بمزاجه المتعكر الذي يشبه بداية ثوران بركان وستقف على خدمته حتى تغيب الشمس ويتوجه هو إلى المقهى الليلي مقهى عم عبدالله وتبدأ هي مع هواجسها ومخاوفها تجاه الليل والصوص والظلام حتى تسمع صياح ديكة الجيران حيث يتسرب جزء من الأمن لداخل روحها وتغمض عينيها لتنام بشكل متواصل بعد أن نامت بشكل متقطع مفزع خلال الليل ثم تنتظر عودة والدها محمولا على الأكتاف ثم تلقى ريناد لتخبرها بما حدث لها مع عوف .
كانت هذه الخطة مرسومة بحذافيرها , وضعت خطواتها خطوة خطوة مع ريناد وشارك عوف في رسم بعض خطواتها من بعيد .
وكان الجزء الأول منها قد صار على أكمل وجه , لكن فجأة وبينما هي على المرج الأخضر تنتظر لاحظت انقطاع صوت ذلك البلبل الذي كان يصدح في الأجواء قبل قليل , ثم ارتمى عليها ظل لشخص ضخم تبينت بعد ذلك أنه ظل والدها .
في مثل هذا الوقت يكون والدها في أعلى درجة من درجات العمق في النوم وهي المرحلة التي تسبق استيقاظه من نومه الثقيل حيث يتوجب عليها أن تكون قد هيأت له كل شيء يريده منها .
لقد رتبت لكل شيء حيث جهزت في داخل الكوخ طعام والدها وغطته بغطاء نظيف .
لقد كانت متأكدة أن والدها لن يستيقظ مالم توقظه بنفسها , فكيف إذن استيقظ وحده ذلك النهار ؟ ومن الذي أخبره وجاء به نحو الكوخ الملحق الصغير ؟
عادت وتذكرت من جديد عوف الذي أخرجه أهل قرية مرج التلة محمولا على الأكتاف .


noor elhuda likes this.

الفضاء الواسع غير متواجد حالياً  
التوقيع
المرء يعرف في الأنام بفعله/ وخصائص المرء الكريم كأصله
اصبر على حلو الزمان ومره / واعلم بأن الله بالغ أمره
لاتستغيب فتستغاب وربما / من قال شيئا قيل فيه بمثله
وتجنب الفحشاء لا تنطق بها / مادمت في جد الكلام وهزله
وإذا الصديق أسى عليك بجهله / فاصفح لأجل الود ليس لأجله
كم عالم متفضل قد سبه / من لا يساوي غرزة في نعله
البحر تعلو فوقه جيف الفلا / والدر مطمور بأسفل رمله
واعجب بعصفور يزاحم باشقا / إلا لطيشته وخفة عقله
إياك تجني سكرا من حنظل / فالشيء يرجع في المذاق لأصله
في الجو مكتوب على صحف الملا / من يعمل المعروف يجز بمثله
رد مع اقتباس
قديم 16-01-14, 11:52 AM   #5

الفضاء الواسع

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية الفضاء الواسع

? العضوٌ??? » 32358
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 620
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تابع الجزء الأول ( 2 )
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ


لن يكون هناك فرق بين حالها الآن وحالها كل ليلة اللهم إلا أنها الآن تنتظر هنا في حجرتها وهي لاتجرؤ على مغادرتها خوفا مما قد تحمله لها محاولة الخروج , أو أنها فقدت كل رغبة في عمل أي شيء سوى الاستسلام التام للحال التي هي فيها أصلا ولو كان الأمر بيدها لم تكن لتبقى فيها دقيقة واحدة .
كل ليلة في مثل هذا الوقت تنتظر عودة والدها في صالة البيت الداخلية حيث تربض هناك طاولة للطعام قديمة ذات الخشب المخدوش والمجروح في أكثر من مكان فيها .
لم يحاول والدها ولا مرة أن يحدث أي تغيير ولو بسيط في هذه الكوخ القديمة فحال الكوخ الآن هو نفس حالها قبل 15 سنة وربما أكثر .
والمطبخ هو مطبخ بدائي صغير مكون من دولاب خشبي متين نوعا ما يمتد من الأرض وحتى أعلى بأرجل أربعة . هذا الدولاب يحوي عدة أوعية قديمة للطهي بدون غطيان وعدة صحون لايشبه أحدها الآخر وإبريق تستعمله لتسخين الماء وفي نفس الوقت تستعمله لصنع الشاي وأخيرا تستعمله لتسخين الماء لحمام والدها النادر .
كانت قد تعودت الانتظار , انتظار عودة والدها والتي تبدأ من ساعة خروجه عقب غروب الشمس وحتى عودته للكوخ محمولا على الأكتاف في ظهر اليوم التالي حيث يدخله لسريره العم عبد الله صاحب المقهى الذي يسهر فيه والدها .
يعني أنها تنتظر 17 ساعة كل يوم وربما أزيد قليلا أو أقل بقليل .
تعودت هذا الانتظار وصارت تعرف أن تقسم وقتها خلال هذا الانتظار والقيام بأعمال منوعة إلا أن ماينغص عليها ذلك ويدخل الرعب في قلبها سماع صوت نباح الكلاب في مكان بعيد عنها أو متوسط البعد لأن معنى ذلك أن هذه الكلاب قد رأت مايجعلها تنبح كالوجوه الغريبة مثلا والتي هي وجوه اللصوص وقطاع الطرق والذين تخشاهم ربى أكثر من خشيتها للظلام .
والظلام هو الشيء الثاني الذي تخشاه لذلك لو فكرت أن تدخل حجرتها في الليل لتنام لم تكن تفكر في توفير الغا ز مطلقا فكانت تبقي القناديل مسرجة وعلى الرغم من إمكانية تجهيز الكوخ بالكهرباء إسوة ببيوت القرية إلا أن والدها لم يقم بأية خطوة إيجابية في هذا الاتجاه مطلقا فظلت الإنارة في الكوخ تكون بنور الشمس في الصباح والتي تدخل إلى كل مكان في الكوخ تقريبا وبمصابيح الغاز المحمولة في الليل .
ورغم أنها تفضل أن يكون ذلك الانتظار في تلك الفسحة من الكوخ والتي تسميها صالة وذلك لأنها أكثر أنسا في نظرها من حجرتها إلا أنها وبمجرد سماع صوت نباح الكلاب في الخارج تدخل لحجرتها ولا تجرؤ أن تخرج منها إلا عند شروق الشمس أوسماعها صوت صياح الديكة الموجودة في أفنية البيوت المجاورة لكوخهم فوق التلة .
كان كوخهم كوخا مميزا عن باقي بيوت القرية فأنت وأنت تنظر له من أي إتجاه في القرية يمكنك أن تراه بسهولة والسبب في ذلك هو أنه البيت الوحيد الذي يقع فوق ربوة مرتفعة إلى الحد الذي تمكن أي أحد من رؤيته من أي اتجاه من الاتجاهات الأربعة , وفوق كل ذلك تلك التلة التي يوجد عليها كوخهم تلة خضراء جميلة , ولو كانت عند غير والدها ربما لاستصلحها واعتنى بها واستغل مابها من خصوبة وجمال ليجعلها مكان في قمة الجمال وربما استغلها ليجعلها مصدرا لرزقه فهي صالحة لاستزراعها بأنواع شتى من الخضار والفاكهة , لكن لا ينمو فيها غير عشب أخضر وبعض الزهور التي تتبدل بتبدل فصول السنة , لم تكن التلة هي الشيء الوحيد المميز لكوخهم فهناك شيء آخر مميز له وهو وجود كوخ آخر أصغر مساحة خلف ذلك الكوخ يبعد بمسافة ثلاثة أمتار عن كوخهم وهو مايسميه والدها الكوخ الملحق . ورغم أن هذا الكوخ هوملك لوالدها وهي ابنته إلا أنه من غير المسموح لها ولا لأي أحد آخر غيرها الدخول لهذا الكوخ , فالكوخ مغلق معظم أيام السنة ومفاتيحه لاتغادر جيب سترة والدها لا في الليل ولا في النهار .
لقد تبادلت مرة حديث مع البقال عندما خرجت لتحضر بعض الأشياء القليلة للبيت ليدونها البقال على الحساب , لم تكن تستطيع أخذ أشياء لم تخبر والدها عنها لذلك لطالما منعت نفسها من اشتهاء امتلاك الكثير من الأشياء التي كانت معلقة بشكل مغر في تلك البقالة ومنها الدمى , ثم ومع مرور الوقت عرفت كيف تجعل من امتلاك دمية علامة تدل على ضعف الفتاة .
أن تمتلك دمية لتحتضنها وتستمد منها حنانا مفقودا أو شجاعة لم تحصل عليها مطلقا هو أمر يدل على ضعف جاهدت كثيرا حتى تتخلص منه فلا يكون فيها , لذلك تعلمت كيف لاتنظر لتلك الأشياء بمثل تلك النظرات المتلهفة الراغبة التي كانت تنظر بها من قبل .
لمح لها صاحب البقالة في ذلك الحوار الذي لن تنساه عن إمكانية أن يكون والدها يزاول داخل ذلك الكوخ واحد من النشاطات المحظورة , لم تعرف بما تجيبه وفي مقابل ذلك أعطاها بعض المعلبات التي هي على وشك انتهاء تاريخ صلاحيتها وأخبرها بضرورة سرعة استهلاكها قبل انتهاء التاريخ أسفل تلك العلب .
صاحب البقالة رجل كبير في السن , نحيل القامة جدا ومعتدل القامة فلا هو بالطويل البائن ولا بالقصير البين , ولم تكن تستطيع أن تكون فكرة محددة عنه في ذهنها لأن إحتكاكها به محدود جدا فخروجها لشراء حاجيات كاد أن يتحول إلى حدث سنوي لقلة فعلها لذلك , لذلك لاشيء بشأن صاحب البقالة , لكن صبيه به كل شيء فصبي البقال فتى في مثل عمرها تقريبا لكن عينيه طويلتان وهو لايفتأ يضايقها بنظراته في المرات القليلة التي تأتي فيها للبقالة .
لو رأى والدها نظرات صبي البقال لها ربما منعها من المجيء لشراء الحاجيات القليلة التي تفرح لما تاتي لشراءها لكون ذلك يعد تغييرا في نمط حياتها البليد يسعدها أن تقوم به , لذلك لن تخبر والدها لا عن نظرات صبي البقال التي تزعجها حقا ولا عن أي شيء آخر .
كانت تعرف أنها ستستعين بريناد لتوضح لها وقت انتهاء صلاحية المعلبات التي أعطاها لها البقال لأنها فتاة لاتعرف أن تقرأ أو تكتب .
غفت عيناها عدة مرات أثناء ذلك الانتظار ثم أخيرا بدأت تفكر في أكثر الأشياء تفاءلا وإيجابية وهو محبب لنفسها ستفعله هي وريناد .
تذكرت مضغ العلك .
مضغ العلك واحد من الأمور التي أصرت ريناد أن تعلمه لها رغم اعتراضاتها المتكررة .
لقد أقنعتها أن مضغ العلكة شيء له فؤاد صحية عديدة .
لقد أخبرتها أن معلمة التربية البدنية هي التي أخبرتهن بذلك في المدرسة .
هي تعرف أن من عادات بعض الناس أنهم يذهبون التوتر الذي يشعرون به بمضغ العلك لكنها هي بطبيعتها لا تميل لفعل ذلك لتذهب القلق والتوتر الذي تشعر به .
لكن كان عليها في آخر الأمر أن تستسلم لصديقتها ريناد وتتعلم منها طريقة مضغ العلك وكيف تخبأها تحت لسانها لو أرادت فعل ذلك .
تذكرت علكة الفراولة والموجودة في درج الخزانة الصغيرة إلى جوار سريرها فسحبت نفسها زحفا نحوها لتجلب تلك العلكة , ولما بدأت تفعل ذلك وجدت أنها تشعر بألم قوي في أنحاء جسدها كله , ومع مرور بعض الوقت ولما بدأت تتفحص جسدها بمد ذراعيها وتدويرهما وجدت كدمات على ساعديها الإثنتين ووركها الأيمن . وأخيرا وصلت للعلكة فسحبتها وعادت إلى طرف السرير زحفا على الأرض كما وصلت إليه سحبا على الأرض ثم دست العلكة داخل فمها وبدأت تلوكها فتفشت نكهة الفراولة داخل فمها وعلى لسانها وبين أسنانها وخلطتها بلعابه .
رفعت نظرها نحو شباك الحجرةعلى يسارها تنتظر انبلاج النهار .
إنه نفس انتظار كل ليلة , لكن هذا الانتظار أضيفت له أشياء جديدة لم تكن بالحسبات , فهذا الانتظار إنتظار ممزوج بالقلق والخوف والتوتر والذين اختلطوا بالترقب والتوجس وتوقع حدوث الأسوأ كل تلك المور اختلطت بعضها ببعض داخل قلبها الصغير .
لم ترغب في تناول أي طعام لكنها فكرت في ريناد وما تفعله الآن . وكم تمنت ألا تتعرض صديقتها لأي نوع من التقريع أو العقاب من والدتها أو من أخيها بسبب لقاءها بعوف داخل الكوخ وبسبب كل ماحدث .
وخطر ببالها : هل وصل الأخبار لأم ريناد وأخيها ؟ هل عرفوا بما حدث ؟ لقد خرج عوف محمولا على أكتاف بعض رجال القرية متوجهين به إلى المجهول بالنسبة لها ,لكن ريناد خرجت بعده حين خلا الكوخ من أولئك المتطفلين من أهل القرية , حيث رأتها وهي تخرج من الكوخ بعدما تلقت عبارات الطرد الجارحة من والدها .
وعاد السؤال الأكبر يقرع رأسها وكأن أحدهم ممسك بمطرقة كبيرة ويضرب بها رأسها مرات متعاقبة : من الذي أعلم والدها بما يحدث في كوخه ؟ ومن الذي أسرع واستدعى أهل القرية لانقاذ عوف ؟
وعادت الذكريات تموج في رأسها لتزيد ذلك الليل الممزوج بالانتظار طولا ورهبة .
لم تستطع أن ترفض طلب صديقتها ريناد لما طلبت منها ذلك .
طلبت منها أن تلتقي بعوف داخل الكوخ الملحق .
الآن وهي تحت ظل هذه الظروف تتمنى أنها لو فعلت ذلك ., وما كل ذلك إلا لفرط الآلآم الجسدية والنفسية التي تشعر بها .
لقد كانت تحتفظ بأشياء كثيرة داخل نفسها فيما بينها وبين والدها لم تبح بها لأحد حتى ولا لنفسها هي عندما تخلو مع نفسها .
لقد كانت تخاف الكوخ الملحق أكثر من خوفها من كوخهم هذا عند حلول الظلام وإنها لتذكر المرات القليلة التي جعلتها عمتها فتحية تتوجه للكوخ لتنظيفه لما كانت تعيش عندهم . لقد وجدت في إحدى هذه المرات ثعبانا صغيرا أخضر اللون مختبأ تحت أكوام تلك الأشياء المغلفة والمتراصة بعضها فوق بعض في ذلك الكوخ .
لم تشأ أن تخذل صديقتها خاصة أنها المرة الأولى التي تطلب منها شيئا فلطالما أعطتها دون أن تنتظر منها عطاء أو رد لما أعطت .
الآن وقد طلبت منها ذلك فقد حجبت عن عينيها الخوف الذي شعرت به ساعة مانطقت ريناد بذلك ولم تجعلها ترى الرعب الذي جاس في نفسها بقوة .
ولأجل ذلك عقدت النية أن تقوم بسرقة مفتاح الكوخ من جيب معطف والدها القديم وتقوم بتنظيفه بنفسها لأجل صديقتها ريناد دون أن تخبرها بذلك .
لن تخبرها بحجم خوفها من الكوخ وستتغلب على ذلك الخوف للأبد .
لقد أرادت لها أن تنجح فيما خططت له وأن تكون قدرت أن ترد لها ولو شيء بسيط من جمائلها الكثيرة .
لقد نظفت الكوخ في اليوم الذي يسبق يوم اللقاء بينما كان والدها يغط في نومه المعتاد واعادت المفتاح لجيب سترته وكأن شيئا لم يحدث .
وجدت الكوخ لما دخلت تنظفه على خوف منها كما توقعت مجرد مكان فارغ تحيط به حوائط خشبية وفوق أحد الحوائط وقريب من السقف فتحة مستطيلة الشكل يمكن اعتبارها شباك تتسرب منه بعض الخيوط لأشعة الشمس الذهبية , إلا أن هذه الفتحة يمكن أن تكون واحدة من الفتحات التي تسمح بدخول الأشياء غير المرغوب بها للكوخ بما في ذلك الثعابين الصغيرة لذلك تنفست ريناد الصعداء لما تأكدت من عدم وجود أي شيء غير مرغوب به يختبأ هنا أو هناك في هذا المكان وذلك لما قامت بنكش الأشياء وقلبها على اتجاهاتها المختلفة قبل أن تشرع في عملية التنظيف , وما لفت نظرها هو كيس من الخيش الكبير ممتلئ على آخره وموضوع في الركن القصي من الكوخ ومغطى عليه بقطعة رقيقة من البلاستيك الملفوف حوله بإحكام .
لم تحاول أن تستكشف الأمر مطلقا بل سارعت بعملية التنظيف حيث كنست المكان باستخدام مكنسة الشعر ذات العصا ثم رشت المكان بكل الماء الذي في الدلو الذي أحضرته معها ساعة أن قدمت للكوخ ثم وجدت تلك الطاولة الحديدية الصدأة فمسحتها بالخرقة الزرقاء وأخذت صندوقين من الخشب موجودين في المكان وتأكدت من أمانهما فنظفتهما وجعلتهما كأنهما كرسيين إلى جوار الطاولة وسحبت الطاولة لتجعلها تحت قنديل الغاز المعلق وسط الكوخ ثم سحبت الصندوقين الخشبيين بجوار الطاولة .
كان عليها أن تحضر الثلج في الإناء البرتقالي الذي خصصته لهذا الأمر لتحيط به زجاجة العصير التي أعطتها لها ريناد فيما بعد وتجعلها على الطاولة الحديدية وتحضر كأسين لشرب ذلك العصير .
هذه الذكريات جلبت لها النعاس ببطأ .
ومع مرور الوقت وبينما هي تفكر في هذه الأشياء غلبها نعاس خفيف فغفت عيناها لوقت لم تعرف كم هو وعندما استيقظت بعد ذلك وجدت أنها استيقظت لأنها سمعت صوتا ما .
قررت أن لاتجعل الخوف يدمر ذلك السلام الذي أخذت تشعر به لبعض الوقت فتذكرت العلكة داخل فمها والتي وجدتها مكومة داخل تجوبف فمها الأيمن فقامت تحركها من مكانها وتلوكها لتستجلب الشجاعة منها ومن مكان آخر داخل نفسها لاتعرف أين يكون .
كان طعم الفراولة السابق قد صار صفرا ولم يتبق من العلكة إلا مادة مطاطة وشيء قليل جدا من سكر .
ازدردت لعابها فتغلغل الريق عبر حنجرتها لداخل بطنها .
هذه الحركة جعلتها تشعر نفسها بأنها ستكون على مايرام ولكن فرحتها بذلك الشعور وأدت صغيرة لأن والدها كان هو من أصدر ذلك الصوت الذي سمعته والذي أيقظها .
ملأ والدها الكوخ بصوته الهادر الأكثر من مخيف بالنسبة لها .
سمعته يناديها بصوت قوي كأنه الرعد : ربى ربى ربى ربـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـى .
خرجت إليه تجرى بأقصى ماتستطيع من سرعة بينما وقفت أمامه لما وصلت إليه مطأطأة الرأس بالكاد تسمح لعينيها تنظر لأطراف أصابع قدميها اللتان خليتا من الحذاء .
قال الأب بينما رمى بحمل جثته الضخمة على الكرسي الخشبي الخفيف :في المقهى ليلة أمس بالليل جعلتني أفعالك لا أستمتع بأمسيتي , لأول مرة من خمسة عشر عاما لا أقدر أن أستمتع بأمسيتي الترفيهية الوحيدة لي خلال اليوم , لقد جلست على كرسيي المعتاد جسد بلا روح , لأول مرة أشعر بهذا الضعف أمام أصحابي , أنت لاتعرفين أيتها البنت الصغيرة مامعنى أن يشعر الرجل بأنه لايقدر أن يواجه أصحابه من الرجال بسبب تصرفات ابنته الحمقاء الصغيرة , تعرفين بم حدثني أصحابي ؟
وضرب الطاولة بقبضة يدة فقفزت الطاولة قفزة بسيطة في الهواء قفز معه قلبها حتى خالته يكاد أن ينخلع من مكانه داخل صدرها .
واصل : لقد ظلت رفقتي طوال الليل تتندر علي وتضحك علي كل ذلك لأنك فعلت ذلك . مامعنى أن يرفض عبد الله استقبالي داخل المقهى بدعوى أن الشرطة قد تحضر في أي لحظة لجري نحو قسم الشرطة ؟ وانخفض صوته الانخفاض الذي انعصر فيه قلبها عصرا وواصل : من المسؤول عن كل ذلك ؟ من أوحى لك بهذه الفكرة المجنونة , كيف تجرأت على فعل ذلك ؟
لن تتكلم بكلمة واحدة , لو حاولت فعل ذلك فإن كفه الغليظة الخشنة ستطوح لها في الهواء بضربة ستزيد من آلام جسدها . ظلت تنظر للأرض مطأطأة رأسها وهي تقاوم تلك الدموع التي تشعر بحرارتها في مآقيها , أي شيء ستفعله الآن حتى لو كان استجداءه سيكون سببا في أنه سيضربها , لن تقدر على فعل شيء غير الوقوف مطأطأة رأسها بشكل كامل والنظر للأرض تماما وإظهار مدى الألم والأسف على مافعلته .
لن تبكي , ليس عليها فعل ذلك الآن .
الأب : لم أكن أريد لهذا الشيء أن يصير ياربى , أنت من جررتني إلى فعله جرا , لم أكن أريد له أن يحدث , لا أنا ولا أي أحد آخر , ولا حتى العمة فتحية , لقد خيبت أملي ياربى فيك تماما .
ربى : لقد كانت المرة الأولى يا أبى .
قاطعها صارخا بصوته الهادر وبحزم أذهب أي أمل لها في مجرد التفكير في الجدال الذي لا تملك أبسط حق له : ياليتها لم تكن , ياليتها لم تحدث , إن هذه المرة والتي تقولين أنها الأولى نسفت بكل ما قد أكون أردته لك داخل القرية . ..................... ( فترة صمت ) ........... مازلت حتى الآن حتى هذه اللحظة أشعر بطعم المرارة ازدرده مع لعاب حلقي , ليلة البارحة فقط عرفت معنى الشعور بالخزي والعار , لأول مرة أطأطأ رأسي خجلا داخل المقهى أمام أكبر أعدائي بعد أن كنت في السابق أنا الذي أرغمه آخر الأمر على طأطأة رأسه , إن ما فعلته حرمني من فعل أمور كثيرة تعني شرفي ووجاهتي الإجتماعية ومكانتي وسط رفقتي.
شعرت بهذا الخزي الذي حاول والدها أن يشعرها به من خلال كلماته بأضعاف مضاعفة لما قد يكون أراد أن يشعرها به , لم تفكر بأن ما فعلته خطأ , لم يبدُ عليه للآن ولا عندما فعلته أنه كذلك , لكن يبدو أنه خطأ لايغتفر عند والدها إلى درجة أن تجعل والدها يكلمها بمثل هذه الحدة , لن يجدي حتى ولا فتح فمها أمامه حتى ولو كان لغرض سحب الهواء لرئتيها اللتان صارتا تشعران بضغط ضيقهما على صدرها , إنه يبدو يآئسا تماما , ولن يتردد في مد يده لضربها لو أحس أنها تريد أن تجادله , أكل ذلك لأنها ساعدت صديقتها ؟ يبدو أنها قد ارتكبت غلطة حياتها كلها , الغلطة التي ستغير مجرى الأحداث التي ظلت ترسم خيوطها ببطأ طوال سنوات عمرها في هذه القرية مرج التلة, كما يبدو أن وجاهته الإجتماعية قد اهتزت من مكانها وهوت إلى الطبقة السابعة من الأرض حيث لن تعود , والصحبة التي تعني لوالدها الشيء الكثير وأنها قد فعلت فعلا مايضرر علاقته بهم ؟؟؟ وكونها جعلته يشعر بالخزي أمامها فهذا يعني أنها فعلت ما لن يغتفر لها أبدا ككل مرة .
عاد الأب من جديد : لست أفهم , أريد لأحد ما أن يفهمني كيف أقدمت على مثل هذا التصرف ؟ لقد ظللت طوال ليلي أحاول أن أفهم , ظللت طوال الليل أبذل جهدا تلو الآخر لأجعل من الأمر وكأنه لم يكن .
سمعته يقول بينما كانت تعالج هذه المشاعر المختلطة : لقد اتصلت بعمتك فتحية , أجل لقد فعلت ذلك . اتصلت بعمتك فتحية في القصر , لم استطع مواصلة لعب الورقة ولا حتى الاستمتاع بشرب البيرة ولا الضحك على نكات أصحابي , ظل عقلي يعمل طوال الوقت بينما أحاول تحاشي سخرية أصحابي من أفعالك السوداء .
جاءتها الفرصة أخيرا فانحنت نحو يديه وأمسكت بهما وهي تقول : أقسم أني آسفة أبي , والله لم أقصد أن أفعل ذلك .
ماخافت منه قد حدث لأنه طوح بجسدها الصغير بدفعة من يده ودفعها عنه بعيدا غاضبا فتراجعت للخلف وسقطت على قعدتها للأرض .
رأته ينظر لها والشرر يتطاير من عينيه الجاحظتين .
قال بنفس النبرة الهادئة والتي كأنها فحيح أفعى : أيتها البائسة الصغيرة , لا شك أنك حمقاء تامة الحمق , أفعالك لاتمحوها كلماتك البلهاء التي نطقت بها , أنا هنا في هذه القرية منذ كنت طفلا صغيرا, لقد ولدت هنا , ولقد عمل والدي جاهدا ليبني لأسرتي سمعة في هذا المكان , انظري بنيت سمعتي طوال تلك السنين وجئت أنت بفعل طائش لامسؤول وطوحت بكل ذلك .
لو كانت تقف مع شخص آخر لربما أفلحت ونجحت فكرة أن تعود لتستجديه مرة أخرى , لكن مع والدها ؟؟؟ لقد طوح بها في الهواء قبل قليل , لو حاولت من جديد لأنتهى بها الأمر لفقد واحد من أعضاءها .
كل ما حاولت أن تفعله هو أن تعتدل على جلستها في الأرض بعد أن طوح بها .
لن تنظر إليه ستستمر في طأطأة رأسها والنظر في استسلام للأرض .
لا ليس بخوف بل بخنوع فقد أخذت تنظر قبل قليل بخوف ممزوج بخنوعها له لأطراف أصابع قدمها العارية لتتلافى أذيته لها بأي شكل كان , أما وأنه قد دفعها بتلك القوة حتى سقطت على الأرض فإن أعظم ماتتمناه الآن ألا يكرر ذلك من جديد , ولتعمل على تحقيق ذلك عليها أن تظهر الاستسلام التام له .
لقد عاد هذا اليوم للكوخ مبكرا حقا و في هذا الوقت وهذا ليس من فعله المعتاد .
لم تعد تهتم , وكأنها تعيش كابوسا تريده أن ينتهي , حيث ظلت فقط تنتظر وهي قابعة على الأرض تظهر له الاستسلام عندما سمعته يواصل قوله : لأول مرة أضطر أيضا أن انتظر , في المقهى حين أفسدت علي أمسيتي بالكامل أضطررت أن أدفع كي أتصل بعمتك في القصر .
عمتها في القصر ؟؟؟؟؟؟
أي قصر ؟؟؟؟
واصل : اضطررت أن انتظر قرابة 15 دقيقة حتى يسمح لها بالرد علي . أتحسبين أني سعيد بإخبارك بكل ذلك ؟ عليك أن تعرفي أنني أخبرك بذلك لأن هذا هوالحل الوحيد الذي اهتديت له بعد ليلة تفكير مضنية , لأنه سيكون آخر ماستسمعينه مني .
رسمت أمام عينيها جزء من صورة ضبابية لمعنى كلماته , لم تفهم ذلك الفهم الذي يجعلها تقفز واقفة لتستجديه أو تقرن الاستسلام الذي تبديه له بالخنوع والخضوع فيرضيه ذلك منها ويغادر المكان تاركا لها للتتنفس الصعداء .
تابع يقول : لا , لا لاتحسبي أنك هنا الآن أمامي لأستشيرك . لا تحسبي ذلك , لقد حسمت الأمر هذه الليلة وفي المقهى , في المكان الذي من المفترض أن أذهب إليه لاستمتع وأنا مرفوع الرأس .
لاحظت أن نبرة صوته قد فقدت الشيء القليل والقليل جدا من حدتها .
لكن ليس معنى ذلك أن تتخلى عن إظهار الخنوع والاستسلام له .
أرادت أن ترفع رأسها لتلقي عليه نظرة واحدة بعدما أحست بفتور حدة صوته لكن عقلها حذرها .
لو فعلت ذلك فإن ذلك لامعنى له عنده إلا أنها تتحداه .
ظلت تتطأطا رأسها وهي تظهر نفس الخنوع والاستسلام الممزوجين بطأطأة الرأس الكاملة .
كانت عيناها تنظران بإمعان إلى حالها .
ثوبها القديم الذي ترتديه وقدمها التي خلت من الحذاء ويديها التي اتكأت بإحداهما على الأرض وأبقت الأخرى في حجرها مكومة تخفف بالضغط عليها من حدة إنفعالاتها التي هي براكين في صدرها يمنعها منظرها الهادئ البليد من إظهارها في مآقيها وعلى قسمات وجهها وفي إنحناءات أطراف شفتيه وفي تهدل خديها وفي تغضن جبينها وتقطيب حاجبيها وعلو صدرها وهبوطه في أنفاس حارة حزينة تكتم بها الشهقات التي وأدتها بداخلها حتى قبل أن تحاول الخروج .
واصل قوله بنفس النبرة التي هدأت قليلا : اسمعي أنا أتيت بك لا لكي أعلمك ولا لكي استشيرك , لقد مللت من فعل ذلك معك ,مللت من تقديرك ومن معاملتك كأنك إنسانة من البشر . في الماضي وعندما كنت صغيرة كنت أضطر أن أستشير عمتك في تلك الأمور التي تخصك خوفا من أن أقدم على فعل شيء أندم عليه فيما بعد معك .
نظر لها بحدة وهو يركز بعينيه على وجهها , هذه الحركة منه تعني لها أن ترفع رأسها وتنظر لعينيه مباشرة لينقل لها أمر هو في غاية الأهمية لديه .
واصل قوله : الآن سيختلف الوضع تماما , لن أضطر بعد الآن باستشارة عمتك لأخذ نصيحة منها بشأن أمر يتعلق بك , لا , لأن عمتك ستتولى أمر تهذيب سلوكك وأمر تربيتك من جديد كما كانت تفعل من قبل .
على الأقل عليها أن تفعل ذلك الآن بعد هذه السنين , ليس علي أن أقلق بعد الآن ولا أن أحمل الهم , ولا أن أقدر حجم وأبعاد خطواتي معك مادامت عمتك رضيت بفعل ذلك .
أخذت عيناه الصارمتان تنظران لها بحدة وكأنه يريد بهذه النظرات الوصول لأغوار روحها ومعرفة مايجوب داخل هذه الروح .
نظراته تلك لها كانت واحدة من الأمور التي حفرت في ذاكرتها لآخر يوم في عمرها .
أرادت أن طأطأت رأسها تحت لهيب نظراته الأكثر من حارقة أن ترفع يدها وتمسد بكفها على جبينها المتعب .
إنها تشعر أنها تمر بمشاعر متضاربة ومتناقضة يلغي بعضها بعضا وأحيانا تتراكم كلها فوق بعضها بشكل هو أكثر من تحملها .
إنها حقا في جسد فتاة بعمر 15 عاما وبروح إمرأة مسنة في عمر السبعين مرت بالكثير الكثير الكثير من تجارب الحياة .
لكنها وهي بهذه الأحاسيس لايحق لها قول ذلك عن نفسها لأن إمرأة في السبعين لاشك مرت بتجارب بعضها لاشك هو من نوع التجارب الحلوة ذات الذكريات الجميلة , أما هي فكل المخزون في أعماق أعماق روحها من ذكريات ماهو إلا أشياء بألوان ضبابية أو رمادية أو سوداء , حتى أمها التي لم يقدر لها أن تراها مطلقا لاتملك أي وصف لها باستثناء هذه الصورة التي تتأرجح في مخيلتها لها , صورة هي من صنعها ورسم ملامحها وتخاف أن تتلاشى الصورة تحت وطأة مشاعر نفسية مرهقة أخرى .
لكنها لن تجرؤ على فعل ما أرادت فعله في حضرته , فلو رفعت يدها تمسد جبينها المتعب وهو ينظر لها هذه النظرات لفسر فعلها ذلك بواحد من تفسيراته المتعددة والتي ينتهي الحال بها معه إلى الضرب .
ستبقي رأسها مطأطأ وعلامات الخنوع والاستسلام ملامح ثابتة على وجهها وتجعل أفكارها تجوس في رأسها كما تشاء فالشيء الوحيد الذي هي متأكدة انها حرة فيه تماما هو حرية أفكارها , لذلك خطر بذهنها هذا السؤال :مامعنى قوله هذا ؟
ومرت أمام ناظريها أشرطة لذكريات عدة لها مع عمتها , العمة فتحية التي يمكن أن يطلق عليها الآن فعلا وحقا العجوز العانس .
ورغما عنها استرجع عقلها دوي صوت عمتها الحاد والمجلجل وكأنه صوت صادر من ناقوس قريب فأحست بنفسها وبدون وعي منها تقطب جبينها تقطيبة خفيفة تداركت نفسها وأسرعت بإخفاءها .
لطالما أرعبتها عمتها فتحية , لطالما كانت مصدر قلق وخوف لاينقطعان عنها , إنها لاتتردد أن تقول أنها ولفترة طويلة ظلت تتبول على نفسها بسبب وجود عمتها فتحية معها هي ووالدها في نفس المكان .
وتحت تواصل تلك الأفكار وكأنها لم تكن تعي بنفسها اتسعت عيناها عن آخرهما مع تدفق الذكريات .
إنه إتساع الرعب والذي اقترن بعودة الذكريات المخيفة والمجهدة لها مع عمتها فتحية .
يبدو أن هذا التعبير المرتسم على وجهها هو النقطة الحاسمة لكلام والدها معها إذ سمعته يقول : اسمعي أمامك مدة ربع ساعة لتتوجهي إلى هذا المكان المسمى حجرتك وتجمعي امتعتك وتعودي إلى هنا لتقفي أمامي وأنت تحملين حقيبة فيها كل شيء لك هنا .
انخفضت حدة صوت والدها بشكل كبير فاسترعى ذلك الانخفاض اهتمامها .
كان عقلها الآن توقف عن العمل .


noor elhuda likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة rola2065 ; 22-01-14 الساعة 04:13 PM
الفضاء الواسع غير متواجد حالياً  
التوقيع
المرء يعرف في الأنام بفعله/ وخصائص المرء الكريم كأصله
اصبر على حلو الزمان ومره / واعلم بأن الله بالغ أمره
لاتستغيب فتستغاب وربما / من قال شيئا قيل فيه بمثله
وتجنب الفحشاء لا تنطق بها / مادمت في جد الكلام وهزله
وإذا الصديق أسى عليك بجهله / فاصفح لأجل الود ليس لأجله
كم عالم متفضل قد سبه / من لا يساوي غرزة في نعله
البحر تعلو فوقه جيف الفلا / والدر مطمور بأسفل رمله
واعجب بعصفور يزاحم باشقا / إلا لطيشته وخفة عقله
إياك تجني سكرا من حنظل / فالشيء يرجع في المذاق لأصله
في الجو مكتوب على صحف الملا / من يعمل المعروف يجز بمثله
رد مع اقتباس
قديم 16-01-14, 11:54 AM   #6

الفضاء الواسع

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية الفضاء الواسع

? العضوٌ??? » 32358
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 620
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


تابع الجزء الأول ( 3 )

ماذا قد سمعت للتو ؟
إن ماقاله والدها جعلها ترفع رقبتها للأعلى إلى حيث يقف هذا الرجل الذي ترى في قلبه الآن كل قسوة الدنيا والذي هو والدها .
مامعنى قوله هذا ؟
أخذت عيناها الموجودتان فوق تلك الكتلة المتعبة من كثرة الأفكار المتلاحقة والخيالات التي لم تنقطع و التي هي رأسها ترفعه رقبتها التي تكاد أن تلتوي لفرط مارفعت بها رأسها المجهد عاليا تنظران لهذا الأب ببلادة .
أحزمي حقائبك .
نعم لقد قال كلاما كثيرا جدا ومنه أنه أخبر عمتها وأنه لم يستطع أن يمضي أمسته باستمتاع داخل المقهى كما يفعل كل ليلة وأنه يشعر بالخزي والعار وأن رفقته صاروا يتندرون به , لكن ليس معنى ذلك أن تحزم حقائبها .
وخطر ببالها : أي حقائب .
ظلت تنظر إليه وهي تتذكر الحقيبة الوحيدة التي تمتلكها , حقيبتها البنية متوسطة الحجم التي تحتفظ فيها بقصاصات قماش بألوان شتى ومن خامات منوعة تكدسها داخل تلك الحقيبة .
ظلت تنظر له بعينيها المفتوحتين تلك نظرة جوفاء إلا من صورة حقيبة ومن صورة ريناد .
هل معنى كلامه أن تستوي واقفة وتذهب لإحضار تلك الحقيبة ؟
رأته ينحني بجسده ذو الهيكل الضخم ثم يمد يده نحوها .
لم يكن يحتاج ليبذل جهدا في مد يده نحوها ومسك أي مكان يريده من جسدها الصغير المتضاءل وسحبه للأعلى لتستوي واقفة بذلك الجزء الممسوك كلها قطعة متكاملة أمامه .
وقد فعل ذلك حيث أمسك بذراعها بقوة وجذبها لتقف في محاذاته .
قال لها بينما عيناه تحدقان بها بتلك القوة والتي كأنه يتحداها بها أن تشيح برأسها عنه فيها أو حتى أن تفكر أن تغمض عيناها وهو ينظرها لها بتلك الصورة : سأجعلها هي التي تتولى أمر أخذ القرارات المتعلقة بك نيابة عني . لم آتي بك هنا إلا لأجعلك تحزمين أمتعتك في غضون ربع ساعة . لقد جئت بك لأعلمك بأنك راحلة عن هنا وللأبد , سترحلي إلى هناك , إلى المكان الذي عليك أن تكوني فيه لتشعري كل يوم بشيء من المرارة التي شعرت بها الليلة الفائتة تنغص علي متعتي داخل المقهى . ستذهبين هناك حيث عمتك فتحية , إلى قصر السيد الكبير حيث ستعيشين تحت سمع وبصرعمتك .
فترة صمت كان ينظر فيها إليها وعيناه مازلتا تحدقان بها ومازال ممسك بتلابيب ثوبها يعلقها في الهواء في محاذاته .
ثم واصل قوله : لقد أعلمت عمتك بما فعلته , واحزري ماذا ؟ نعم لقد أخبرتها بكل شيء , أخبرتها وارحت ضميري , لن يؤنبني بعد اليوم شيء , لن أجد من يقول لي افعل كذا ولا تفعل كذا مع هذه الفتاة البائسة , واحزري ماهي النتيجة ؟ لقد حدثت المعجزة وها أنت ستغادرين هذا المكان إلى غير رجعة .
رغما عنها شعرت بعينيها تطرفان عدة مرات , وكأنها تريد طرد بعض هذه الأهوال التي تشعر بها فتثبت لنفسها أنها لاتمت لهذا الذي يحدث بصلة .
وكأنها مجرد مشاهدة لأحداث قصة تحدث لأناس لاعلاقة لها بهم .
وكأنها تستمع لريناد تقرأ عليها واحدة من القصص العديدة التي تمتلكها وهي من نوع قصص الرعب والخوف .
ريناد, عادت لها ذكرى ريناد الآن .
ترى ماالذي كانت ريناد ستفعله لو رأت منظرها الآن وهي ممسوكة بتلابيبها ومرفوعة وكأنها مجرد قشة مازالت تطير في الهواء في محاذاة والدها .
هل كانت ستبذل جهدا يذكر في محاولة إبعاد يديه عنها ليتركه فتسقط على الأرض وتتخلص من قبضته التي بدأت تصبح مؤلمة ؟
أم أنها كانت مثلا ستحضر أخاها ليدخل في عراك مع والدها وتفر هي بها من هذا المكان ؟
يبدو أن واحدا من هذه الأمور لن يحدث , ولن يحدث شيء غير مايريده هذا الرجل والذي هو والدها.
لو كانت ريناد تستطيع الوقوف أمام قوة والدها لفعلت ذلك هناك في الكوخ بينما والدها يطردها شر طردة .
لكن لا ربما كانت ريناد في الكوخ ضعيفة ولم تفعل شيء لتدافع عن نفسها لأنها كانت على خطأ .
هنا الآن لو حاولت أن تدافع عن صديقتها فستكون على صواب لأن هذه القبضة التي يمسكها بها تؤلمها حقا .
ماالذي يحدث معها الآن ؟
أول نشاط لعقلها الذي توقف عن أي نشاط هو رسم صورة ريناد أمامها .
رأتها وهي تخرج مطأطأة الرأس فتتخطاها دون أن تحاول النظر إليها وتزيح باب الكوخ الزنكي وتخرج منه ثم يتوارى طيفها عن ناظريها .
لو هناك أمنية يتمناها الإنسان ليحققوها له قبل إعدامه لكانت تمنت رؤية ريناد هنا والآن .
لو رأت ريناد ستخبرها وأبوها مازال يمسك بتلابيبها بأنها راحلة .
لاشك أنها ــ أي ريناد ــ ستتحرك لتحررها من قبضة والدها هذه ثم ستجلس لتحاول أن تستوضح منها حقيقة الأمر .
حقيقة الأمر التي لاتعرف عنها هي بنفسها شيئا .
أحقا سترحل عن هذا المكان ؟
هذا المكان الذي لم تعرف مكانا آخرا مئوى لها طوال الخمسة عشر عاما .
المكان الذي رسمت فيه كل أحلامها والتي لم تحقق أيا منها حتى الآن .
المكان الذي ولدت فيه .
المكان الذي شهدت فيه شروق شموسه كلها من يوم ماوعت على نفسها تفعل ذلك .
ظل هاجس واحد فقط يملأ رأسها الصغير المدور والذي تتدلى ضفيرتيه النحيلتين على جانبيه وهي أنها لن ترى ريناد بعد الآن ربما حتى تموت .
حتى تموت , أغمضت عينيها بينما لاتزال تحلق في الهواء في محاذاة والدها وتمنت أن تكون ماتت من قبل حقا .
لكن لا رغما عنها صارت داخلها تستغفر الله .
استغفر الله استغفر الله استغفر الله .
وراح عقلها يستجلب لها صورة أمها ذات الوشاح الذي هو من الشيفون وهي تبتسم لها .
من هي أمها ؟ وكيف كان شكلها ؟ وما هو اسمها ؟
لماذا لم يخبرها والدها عن اسمها على الأقل لتردد هذا الاسم الآن فيشعرها ذلك بقرب أمها منها ؟
لقد أعلمتها ريناد ذات مرة أنه سيأتي عليهما وقت وستفترقان حتما , ولقد كانت بارعة في إخفاء ألمها من مجرد تذكر ذلك .
لقد قالت لها عندها : لو افترقنا فلا شك أنك ستكتبين لي رسائل عدة .
فمطت ريناد شفتيها مترمة وقالت لها : ومن الذي سيقرأها لك أيتها الحمقاء .
لم تتعلم لا القراءة ولا الكتابة .
لم تفعل ذلك لأن والدها ببساطة حرمها من هذا الأمر .
كانت تعرف ان التواصل بين الأصدقاء لو افترقوا يكون عن طريق الرسائل , وهذا يعني أنه لا بد أن تكون تعرف أن تكتب , لكن والدها حرمها من أن تتعلم القراءة والكتابة .
عندما كانت صغيرة لم تكن قد استوعبت العالم من حولها بعد حتى أن الوقت الذي قضته في فهم قسوة والدها وعمتها فتحية منعها حتى من التفكير في وضعها كونها فتاة ليس لها أم .
قسوة الحياة واستيعاب تلك القسوة ملأت كل وقتها ولم تعي نفسها إلا فتاة اقتربت من العاشرة من عمرها .
لم يتغير نمط حياتها وهي طفلة صغيرة تحتاج للرعاية عن نمط حياتها عندما كبرت إلا في زيادة الأعباء عليها .
في صغرها علمتها عمتها أن تكنس الكوخ وتنظفه وتغلي الماء لتحضير المشروبات الساخنة ولتحضير حمام والدها .
علمتها كيف تغسل الملابس وتنشرها على الحبل الذي هو خارج الكوخ .
علمتها أن تحلب البقرة الوحيدة التي كانوا يمتلكونها وأن تجمع البيض من تحت الدجاج الذي كان والدها يربيه سابقا وأن تنظف خن الدجاج .
وأرسلتها للخياطة التي بدأت تعلمها أساسيات فن الخياطة ثم قطعتها عن الذهاب إليها ولم تعرف حتى هذا الوقت سبب ذلك .
ثم أرسلتها ذات مرة للكوخ الملحق الخاص بوالدها وأمرتها أن تنظفه وكأن ذلك تطبق عملي لكل ماعلمته لها عمتها فتحية .
لم تكن تعرف مطلقا بأمر التعليم بل إنها لم تكن ببساطة قد رأت شيئا له علاقة بذلك .
لم تكن تعرف شيئا عن ذلك مطلقا .
لما بدأت تعي الأمور قليلا حدث أن قدم إليهم الشاب جهاد بصحبة أخته الصغيرة التي كانت في نفس عمرها تماما حيث جاء ليساوم أباها حول البقرة الوحيدة التي يمتلكها .
في هذا الوقت كانت عمتها فتحية قد غادرت الكوخ لمكان تجهله .
قامت تلك الفتاة التي في مثل عمرها بفعل حركات في وجهها أضحكتها دون أن يلحظ لا والدها ولا أخو الفتاة بتلك الحركات .
جاءت الفتاة مع أخيها إليهم مرة ثانية حتى يتم الاتفاق شبه النهائي حول بيع البقرة .
ثم جاءت مرة ثالثة مع أخيها بصحبة سيارة ذات مساحة مكشوفة في الخلف لحمل البقرة .
ثم صارت الفتاة تأتي إليهما هي ووالدها مع أخيها لشراء البيض بدعوى أن بيض دجاجاتهم بيض طازج ممتاز .
من هنا نشأت صداقة بين ربى وبين هذه الفتاة التي هي في مثل عمرها واسمها ريناد .
كانت ريناد فتاة حلوة المعشر ومرحة وبدا لربى أول الأمر أنها مدللة .
ولما لاحظت ريناد مدى قسوة عز الدين حيدر والد ربى عليها توخت الحذر فكانت تأتي لزيارة ربى في أوقات متفرقة من اليوم حتى استقر بها المقام لمجيئها وقت الظهيرة حيث يكون والدها يغط في نوم عميق .
ولقد أخبرت ريناد ربى أن عائلتهم مكونة من ثلاثة أشخاص هي وأمها وأخوها الذي يكبرها سنا بكثير .
لم تستطع ربى أن تزور بيت ريناد ولا مرة طوال فترة صداقتهم التي بدأت من عمر العاشرة وحتى هذه السن الخامسة عشر فقد كان ممنوعا عليها حتى مجرد التفكير في ذلك وإن كانت في الآونة الأخيرة لما تذهب للبقال لشراء مؤونة الكوخ وتمر بجوار البيوت التي من ضمنها بيت ريناد كانت تبطئ في سيرها وتسمح لنفسها بتأمل تلك الدار الجميلة والمميزة عن البيوت المحيطة بها بارتفاعها واتساعها وجمال طلائها .
البيت مليء بالخدم ولقد أخبرت ريناد ربى أنها تستطيع أن تأتيها بدعوى زيارة صديقة غنية لها تشجعها أمها على زيارتها لأنها بنفس ثراء ووجاهة بيت ريناد حيث يوصلها السائق إلى هناك ثم تأتي هي بقدميها إليها حيث تظلان تمرحان وتلهوان حتى تغادر ريناد المكان قبل استيقاظ والد ربى وبدأ صراخه .
في بدايات الصداقة بين ريناد وربى كانت ريناد تأتي لربى أحيانا وهي ترتدي فستانا بلون كحلي سادة وبرباط يربط خلف ظهرها وبقبة بيضاء جميلة ملتفة حول رقبتها بشكل جميل .
عندما سألت ربى ريناد عن هذا الزي ولم هو مختلف عن الفساتين التي ترتديها أخبرتها بأنه زي المدرسة .
رددت ربى بعدها ببلادة : مدرسة , وما هي المدرسة ؟
من هنا عرفت ربى بوجود شيء اسمه التعليم حيث يوجد مكان يجتمع فيه الأولاد ومكان آخر تجتمع فيه البنات ويدخل معلمون ومعلمات يعلمون هؤلاء وهؤلاء .
لأول مرة تسمع هذه الكلمة من ريناد .
لأول مرة تعرف أن هناك مكان مثل هذا ويسمى المدرسة .
بعدما عرفت بوجود المدرسة لم تساعدها مخيلتها المحدودة على تقدير أهمية التعليم لكنها لما رأت صديقتها ريناد تحضر لها خلال زياراتها المتكررة كتبا مصورة تحوي الكثير من الكلمات المبهمة عليها ثم تقوم بقراءة تلك الكلمات لها بشكل بارع و متواصل فتسمع منها قصة جميلة بدأت تحس بحرارة في صدرها .
وأخيرا لما كبرت وصارت تذهب للبقال لشراء حاجيات الكوخ كانت تسمع من البقال عم عبد الوهاب عبارات مختلفة عرفت فيما بعد أنها تتضمن حزن وأسف لأنها لا تقرأ ولا تكتب ( أين الورقة التي كتبت فيها حاجياتك ) ( ألا تخشي أنك نسيت شيئا ؟ ) ( قليل من الآباء يمنعون بناتهن من الذهاب للمدرسة ) وغيرها من العبارات .
لم تكن لتنسى حاجيات الكوخ الناقصة فهي وإن كانت تجهل الكثير الكثير مما هو موجود في هذه الدنيا وفي قرية مرج التلة على وجه الخصوص إلا أنها تعرف أنها تتمتع بذاكرة قوية وخيال خصب واسع لذلك هي لا تنسى الشيء الذي جاءت لتشتريه , لكن عبارات العم عبد الوهاب والعبارات الأخرى التي كانت تسمعها من صديقتها ريناد ورؤيتها لريناد وهي تأتيها أحيانا من المدرسة تحمل حقيبة الكتب تضمها لصدرها في زهو أمامها هي بالذات كونها محرومة من هذه النعمة كلها أمور ظلت على المدى الطويل مختزنة في عقلها حتى طفر بها عقلها على السطح أخيرا .
الآن ومع عبارات والدها التي تلوح في الأفق برحيلها هي تتمنى أن ترى ريناد الساعة .
تعرف أن هذه أمنية مستحيلة ليس لأن ريناد لاتقدر أن تأتي فمن يدري ربما ريناد الآن تجوس في الأنحاء .
ربما تكون ريناد الآن تضع أذنيها الجميلتين على خشب باب كوخهم وتستمع لكل مايقوله والدها لها .
ليس لأجل هذا هي لن تراها .
لن تراها لأن ريناد لن تجرؤ على إظهار نفسها لوالدها عز الدين حيدر .
كانت ريناد أحيانا تسمح لنفسها عقب إنتهاء لهوهم البريء ولعبهم المرح وعقب أن تعود ربى للكوخ لتوقظ والدها ليتناول طعامه الذي سبق وحضرته له , كانت تسمح لنفسها أن تبقى حيث تلصق أذنيها بباب الكوخ وتسترق السمع لما يحدث لربى مع والدها عز الدين حيدر الرجل الذي تخشاه كل القرية وتنفر منه .
كانت تلاحظ أثناء ذلك أن ربى تظل واقفة على رأس والدها بينما هي قد مدت أمامه سفرة طعام فيها طعام أعدته بنفسها يحوي من الطعام المغذي على أقل تقدير البيض .
كان يتناول طعامه صامتا وتظل ربى واقفة في انتظار ماقد يقوله أو يطلبه .
وأخيرا تستمع له وهو يقول لها بعد مضي الوقت : إياك أن تفتحي الباب للأغراب . لاتخرجي من هذا الكوخ قيد شبر واحد . لو جاء أحد يطالبك بمال فلا تردي عليه ولا تفتحي له . لاتقتربي من الكوخ الملحق .
هنا كانت ريناد تطلق ساقيها للريح لتخبرها في اليوم التالي بمنهى اللطف أن والدها قاس جدا وأنها تخشاه , وتقول لها : ألا تخشينه ربى .
ربى قد تعودت هذه الحياة مع والدها ولم تصادف نمط آخر من الناس لتقول أن والدها أقسى أو اخف قسوة منه , لكن ريناد أخبرتها أن والدها أعلى من قمة القسوة بقليل , إنه قاس إلى حد مخيف .
لأجل ذلك وبعد كل ماحدث فإن ريناد لن تحقق لها أمنيتها الأولى الآن ولن تأتي , وحتى لو كانت تجوب في الأنحاء من قلق على صديقتها ربى إلا أنها لم تكن لتترك عز الدين والد ربى يراها مطلقا أو حتى يلمح ظلها في أي مكان في الأجواء .
هذه الأمنية لن تتحقق لها مطلقا .
إذن لتأمل أن تتواصل مع ريناد لو رحلت .
لكنها الآن بدأت خيوط الأمل تتسرب من روحها لأنها لاتعرف وسيلة تتصل من خلالها بصديقتها ريناد فتستعلم عن أحوالها وتخبرها بكل ماقد يجري لها بعد الان .
للمرة المليون ستقول لنفسها أن حرارة وحسرة جهلها بالقراءة والكتابة تعادل حرارة وحسرة فقدها لأمها وهي مازالت طفلة صغيرة .
هذه المرة هي واحدة من المرات التي تشعر فيها بطعم مرارة في حلقها أشد قوة من طعم الصبر .
على الأقل لو كانت تعرف أن تقرأ أو تكتب .
لو كانت تعرف القراءة لكانت ستقرأ خطابات صديقتها لو وصلت لها .
لو كانت تعرف الكتابة كانت ستكتب لصديقتها لامحالة .
قطع عليها حبل أفكارها صوت بوق سيارة ضربه أحدهم ثلاث مرات متتالية بين كل فترة وأخرى فترة من الزمان .
تنبهت لحالها .
مازالت مرفوعة كالريشة من تلابيبها بمحاذاة والدها .
هو الآخر تنبه لها في يده حيث أفلتها من يده بقسوة ووقف وقد وضع يديه الطويلتين حول خصره وسمعته يقول : لقد صدقت عمتك , يبدو ان هذه هي السيارة التي جاءت لتقلك إلى هناك , كما قد أخبرتك , ليس أمامك أكثر من ربع ساعة تكونين فيها قد حزمت فيها كل شيء لك هنا كل شيء , واحتد صوته وهو يركز عينيه في عينيها وواصل : أتسمعينني ؟ كل شي , لا أريد بينما أنا أنقب داخل هذا الكوخ أن أجد شيئا له علاقة بك , خذي كل شيء لأنك ببساطة لن تعودي إلى هنا .
لم يكن أمامها من شيء تقوله مطلقا .
فقط شعرت بحلقها وقد جف فجأة وشعرت بحشرجة في صدرها .
هل معنى ذلك أن والدها يتخلى عنها ?
لماذا عليه أن يفعل ذلك ؟
ألأنها مكنت ريناد من استخدام الكوخ مع عوف ؟
أهذا الكوخ هام له إلى الحد الذي يفوق في أهميته أهميتها هي لديه ؟
هي لم تسمع بقسوة آباء آخرين مع بناتهم ولكن هل قسوة الاباء كقسوة والدها هي ؟
وإذا أخبرته أنها مستعدة أن تفعل مايريده منها لكي لايجعلها تغادر هذا المكان فهل سيستمع لها ؟
أنت روحها وأن عقلها وأن كل جزء من جسدها لأنها تعرف أن محاولة فتح فمها ستكلفها غاليا .
شعرت أن قدميها ثقيلتان لاتريدان الحراك .
هل هي على وشك أن تفقد وعيها ؟
ياليتها تفقد وعيها الآن وتدخل إلى هناك إلى عالم الغيبوبة وتبقى فيه قدرا من الزمان حتى يرحل صاحب السيارة هذه وتعود الأمور إلى ماكانت عليه .
لو حدث ذلك فإنها لن تكرر أخطائها تلك أبدا , لن تجعل كائنا من كان يقترب من كوخ والدها حتى ولو كان صديقتها ريناد .
رفعت رأسها الكاسف الحزين المطأطأ للأرض والتي دارت فيه كل تلك الأفكار السابقة ورمت نظرة واحدة نحو والدها .
كانت نظرة حزينة مثقلة بالهموم والأوجاع والآلآم والشجن .
هل يمكن لوالدها أن يشعر بها الآن ؟
لم لا يغير رأيه ويريها أن كل ماقاله مجرد هراء لا أساس له من الصحة .
لم لا يقول لها ولو مازحا لقد كنت اختبر مدى حبك لهذا المكان وكل ماقلته لأعرف مقدار هذا الحب ؟
لم ولو لمرة واحدة لا يداعبها والدها ولو كان مثل هذا الكلام الذي لو كان حقا مداعبة ستكون مداعبة من الوزن الثقيل وستتقبلها , المهم ألا تكون حقيقة أبدا .
لماذا الأمنيات في عالمها هي فقط تظل مجرد أمنيات ولا يتحقق منها شيء ثم وبمرور الأيام تتحول إلى سراب بلا أي أثر وكأنها لم تخطر ببالها يوما وكأنها لم تفكر بها قط .
تمنت قبل قليل أن ترى ريناد ولن تتحقق هذه الأمنية .
تمنت أن تتواصل معها ولا تعرف إن كان ذلك ممكنا أم أنه بمرور الوقت سيصبح شيئا مستحيلا مثله مثل ماسبقه من أمنيات .
والآن هي تتمنى لو كان كلام والدها مجرد دعابات يطلقها لسانه بتأثير الشراب .
أليس للشراب عليه تأثير كبير ؟
لم لا يكون الكلام الذي تفوه به قبل قليل هو بتأثير الشراب الكبير عليه ؟
لم لا يكون كلام والدها هذيانا أو طلاسم لم يع بنفسه وهو ينطق بها أو حتى خرابيط سينتبه لنفسه بعد قليل ويسحبها ؟
رفعت عيينان متساءلتان ترمق بهما وجه , عينان مليئتان بالمعاني التي لن تقدر أن تترجمها له في كلمات , فرأته مازال ينظر لها على نفس حاله فيداه معقودتان على صدره لكن هناك تغيير بسيط طرأ على ملامحه ألا وهما عيناه , فعيناه الآن زاد إحمرارهما شدة , هذا معناه أنه بدأ يصل إلى أولى مراحل الغضب التي سينالها من بعدها ما ألله به عليم من الضرب والإهانة .
تنبهت حاسة الدفاع عن النفس وحمايتها لديها وسحبت نفسها بهدوء وبطء نحو حجرة نومها المتواضعة .
دفعت باب الحجرة بيديها .
الحجرة كما هي .
سريرها مرتب لم يمس لأنها باتت ليلتها على الأرض تترقب .
خزانتها ذات الباب المكسور المائل كما هي .
الشباك الذي تراقب منه كل يوم شروق الشمس وتلتقط منه أصوات الديكة على حاله .
غرفتها التي هي المكان الوحيد الذي تفر بأحلامها وأمانيها إليها .
هل ستترك هذا المكان حقا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كانت تريد أن تلتفت للوراء .
مازال ذلك الشجن والحزن لأنها ستغادر المكان يتملكها .
تريد أن تلتفت للوراء ليبصر والدها ماهي عليه من حال .
ليرى أنه وإن كانت هي قد نسفت له سمعة بناها طوال سنوات عمره في هذا المكان فإنه ربما سيدمر لها كل حياتها وليس فقط مجرد سمعة يمكن له بأخذ ثقة الناس بناءها من جديد .
هي لا تعرف لها مكانا غير هذا المكان , ولا تعرف ناسا غير أبيها وعمتها فتحية وصديقتها ريناد .
لماذا يريد أن يقطع أقوى الحبال التي تربطها بأكثر من تحب .
لو كانت أمها موجودة هل كانت تركتها ترحل ؟
للمرة المليون تتمنى لو أنها رأت أمها ولو لمرة واحدة .
من أين تأتي بذكرى لأمها تستدعيها الآن لتستمد منها قوة خرقاء لن تأتيها على أي حال .
سمعت صوت والدها وكأنه صفعة قوية بمائة يد صفت فوق بعضها البعض وأعطتها تلك الصفعة : لو ظللت على هذا البطأ فإن الربع ساعة التي أمهلتك إياها ستنقضي بينما أنت تزحفين كالسلحفاة , اجعلي ذلك يحدث لتري بأم عينيك ماالذي أقدر أن أفعله .
إنه صادق , يستطيع أن يعمل بها الكثير جدا , حتى أمورا جديدة قد تكون لم تتخيلها من قبل ولعل ماهي قادمة له واحد منها .
لكنها حقيقة تشعر أنها لم تعد تكترث .
لم تلتفت لتنظر إليه .
ربما أحيانا من الأفضل لك قطع اللحمة التي تتدلى منك وتسبب لك كل ألم الدنيا لترتاح على أن تبقيه متصلة بك لأنها شيء يخصك .
لتسرع إذن بجمع أشياءها القليلة ورميها داخل حقيبتها البنية ولتسلم نفسها لوالدها ليفعل بها مايشاء .
وصلت لسريرها وانخفضت من الجهة التي قضت ليلتها فيها لتنظر لأسفل السرير حيث ترقد تلك الحقيبة البنية التي أعطتها لها عمتها فتحية منذ مدة طويلة .
سحبت الحقيبة وفتحتها عن طريق سحابها الصدأ وأرجعت غطاءها للخلف لتظهر لها قصاصات الأقمشة المختلفة ولتظهر لها الدمية القماشية التي صنعتها بنفسها لتقدمها هدية لريناد بمناسبة عيد ميلادها .
نظرت للدمية , كانت دمية بدائية برأس من قماش وعيون من ترتر وفم من صوف , دمية كتلك الدمى التي يصنعها أصحاب الحرف اليدوية .
لم تكن فخورة بالدمية الآن لكنها فخورة بفستان الدمية التي صنعته بنفسها لأنها صنعته هذه المرة بقياسات مضبوطة .
أسرعت وأخرجت قصاصات الأقمشة من الحقيبة وأخذت تتناثر من بين يديها على سريرها المرتب وأبقت الدمية في الجيب الداخلي للحقيبة .
توجهت نحو الدولاب ذو الباب المائلة وفتحته فأصدر صوته المعتاد والذي يخبرك بأنه دولاب قد أكل عليه الزمان وشرب لفرط قدمه .
كان دولابا صغيرا من قسمين ضيقين أحدهما تعلق عليه عدة فساتين رثة قليلة بهتت ألوانها لقدمها والقسم الثاني تصف عليه ملابس أخرى معظمها قطنية نبشت خيوطها لكثرة ماغسلتها لترتديها كل مرة .
أخذت تلك الملابس كيفما اتفق ووضعتها داخل الحقيبة بدون أي اهتمام أو محاولة لتقوم بأي ترتيب يذكر .
توجهت لجهة الفساتين وأخذتها ثم فعلت بها مافعلته بتلك الملابس من قبل .
توجهت للجهة الأخرى من سريرها حيث تركت حذائها الوحيد الذي تمتلكه فدست فيه قدمها .
كان عليها أن تتوجه للحمام الصغير لتحضر فرشاة أسنانها ومشطها وباقي الأشياء القليلة التي تمتلكها .
خرجت للصالة لتتوجه للحمام فوجدت والدها قد فتح باب الكوخ وتركه مفتوحا .
لما وصلت للصالة سمعت صوت والدها وصوت رجل آخر .
لاشك أنه سائق السيارة .
لو كانت في ظروف أخرى لكان الفضول قتلها لترى هذه السيارة القادمة لتخبر ريناد بتفصيلات مارأت .
الآن لاتريد أن تفعل شيئا غير أن تنتهي لترى ماالذي سيحدث معها .
توجهت لحمامهم الصغير حيث أسرعت تجمع أشياءها الموجودة فوق الرف الشبك المعلق على الجدار ثم خرجت وهي تسحب باب الحمام ببطأ لتغلقه كما تعودت أن تفعل .
أغلقت حقيبتها وألقت نظرة أخيرة على حجرتها .
لقد علمت نفسها منذ أن كانت طفلة أن لاتجعل الأحداث تغلبها .
ستغلب هي هذه الأحداث هذه المرة أيضا .
ستزرع التفاؤل والأمل داخل نفسها وسترسم على شفاه روحها بسمة لن يمحوها أي شيء أبدا .



انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وهو بعنوان : Bmw

noor elhuda likes this.

الفضاء الواسع غير متواجد حالياً  
التوقيع
المرء يعرف في الأنام بفعله/ وخصائص المرء الكريم كأصله
اصبر على حلو الزمان ومره / واعلم بأن الله بالغ أمره
لاتستغيب فتستغاب وربما / من قال شيئا قيل فيه بمثله
وتجنب الفحشاء لا تنطق بها / مادمت في جد الكلام وهزله
وإذا الصديق أسى عليك بجهله / فاصفح لأجل الود ليس لأجله
كم عالم متفضل قد سبه / من لا يساوي غرزة في نعله
البحر تعلو فوقه جيف الفلا / والدر مطمور بأسفل رمله
واعجب بعصفور يزاحم باشقا / إلا لطيشته وخفة عقله
إياك تجني سكرا من حنظل / فالشيء يرجع في المذاق لأصله
في الجو مكتوب على صحف الملا / من يعمل المعروف يجز بمثله
رد مع اقتباس
قديم 19-01-14, 12:54 AM   #7

سعود2001

مراقب عام ومشرف منتدى قصص من وحي الأعضاء وكاتب في قسم وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية سعود2001

? العضوٌ??? » 52
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 3,299
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » سعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond reputeسعود2001 has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc
¬» اشجع naser
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تم نقله الى القسم المناسب


سعود2001 غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين


رد مع اقتباس
قديم 19-01-14, 02:17 PM   #8

انمار a
 
الصورة الرمزية انمار a

? العضوٌ??? » 308236
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 599
?  نُقآطِيْ » انمار a is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انمار a غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-14, 03:49 PM   #9

الفضاء الواسع

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية الفضاء الواسع

? العضوٌ??? » 32358
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 620
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

تغيير خطة .
لقد شرفني إنزال قصتي ( أعلى من القمة بقليل )
في منتداي هذا .

لكن ولطبيعة قصتي نفسها تقرر مايلي :

كنت قد أردت إنزال فصل واحد خلال الأسبوع
لكن فصول قصتي طويلة جدا فالفصل الواحد يصلح
أن يكون عدة فصول في رواية أخرى لذلك :
قررت تقسيم الفصل الواحد لعدة أقسام
و
إنزال قسم كل يوم وهكذا ستنزل الرواية كل يوم تقريبا .

بعد قليل سأنزل الجزء الأول من الجزء الثاني .

الجزء الثاني بعنوان [rainbow]bmw[/rainbow]
وغدا أو بعده سأنزل الجزء الثاني منه حتى انتهي منه تماما .

لقد لاحظت أن الاقبال الشديد على نوعية الروايات الرومانسية وللناس الحق في ذلك فنحن في زمان القتل والحروب وانتهاك الحرمات وضياع الحق .
الكثير يريد الفرار من ذلك ربما بقراءة الرومانسيات .

لكن ليس بالضرورة أن تكون القصص الرومانسية مايحقق لنا التلهي الذي نريد فأحيانا تقرأ قصة رومانسية تتمنى لو أن عيناك لم تقع عليها مطلقا .

أنا لا أستطيع أن أنسى قصة ( الشيخ والبحر )
كلما أقرأها في كل مرة أجد شيئا جديدا .
كذلك قصة مثل الأرض الطيبة .
لقد وجدنا مانريد من خلال هذه القصص .

إليكم ملخص القصة :

ربى فتاة صغيرة في ال15 من عمرها يقرر والدها القاسي عليها أصلا إرسالها لعمتها في القصر لأنها ارتكبت خطأ صغير .
تفاجأ بهذا الأمر فكل انتمائها لهذا المكان رغم قسوة والدها عليها .
وتشعر كأنها شجرة اقتلعت جذورها من أرضها بقسوة .

إن شاء الله تستمتعوا بقراءة القسم الأول من الجزء الثاني .

سينزل الثاني بعد قليل ( إن شاء الله )

noor elhuda likes this.

الفضاء الواسع غير متواجد حالياً  
التوقيع
المرء يعرف في الأنام بفعله/ وخصائص المرء الكريم كأصله
اصبر على حلو الزمان ومره / واعلم بأن الله بالغ أمره
لاتستغيب فتستغاب وربما / من قال شيئا قيل فيه بمثله
وتجنب الفحشاء لا تنطق بها / مادمت في جد الكلام وهزله
وإذا الصديق أسى عليك بجهله / فاصفح لأجل الود ليس لأجله
كم عالم متفضل قد سبه / من لا يساوي غرزة في نعله
البحر تعلو فوقه جيف الفلا / والدر مطمور بأسفل رمله
واعجب بعصفور يزاحم باشقا / إلا لطيشته وخفة عقله
إياك تجني سكرا من حنظل / فالشيء يرجع في المذاق لأصله
في الجو مكتوب على صحف الملا / من يعمل المعروف يجز بمثله
رد مع اقتباس
قديم 22-01-14, 03:53 PM   #10

الفضاء الواسع

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية الفضاء الواسع

? العضوٌ??? » 32358
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 620
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond reputeالفضاء الواسع has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أعلى من القمة بقليل .

الجزء الثاني : Bmw
الجزء الأول

رفع عز الدين حيدر رأسه نحو ابنته التي وقفت أعلى درج الكوخ تحمل حقيبة بنية اللون تجرها جرا .
سمعته يقول : هذا هو السائق الذي سيقلك للقصر .
انحنى السائق أمامها بتهذيب وهو يقول : تحت أمرك سيدي .
كان والدها ينظر لها الآن بينما هي تهبط الدرج وتجر الحقيبة جرا من تحت عينيه اللتين بدتا لها وكأنهما مغمضتين نصف إغماضة .
لم يكن هذا الوقت هو وقت عودة والدها من المقهى فلم يبد على عينيه ذلك ؟
كان يرقبها بهاتين العينين نصف المغمضتين واللتان تخبئان في النصف الآخر منها كم هائل من التهديد والوعيد لهذا أطبقهما نصف إطباق .
كم الساعة الآن ؟
إنها لم تعط وقتا حتى لتعرف الوقت أو الزمان الذي ستغادر فيه .
ماذا لو راسلت ريناد وأرادت أن تخبرها بالتفصيل عن موعد خروجها من الكوخ ؟
سيكون الأمر سخيفا لو سألتها ريناد : متى خرجت من الكوخ ؟ وترد هي عليها بقولها : لا أعرف , لم يكن عندي وقت لأعرف الوقت , سيكون هذا الأمر أمرا سخيفا .
لكنها لاتجرؤ على سؤال والدها عن الوقت .
ربما لو ركبت السيارة مع هذا الرجل ربما تفكر أن تساله عن الوقت بعد ذلك .
أما الآن فلتسرع بإنهاء كل شيء بالموافقة على كل مايقوله لها والدها أو يريدها أن تفعله .
قال السائق بصوت واضح : هل الآنسة مستعدة ؟
رد والدها نيابة عنها : نعم نعم إنها مستعدة أرجو أن تتنتظر هنا قليلا .
قال ذلك بينما جرها من يدها بقسوته المعهودة للناحية الأخرى من المكان بعيدا قليلا عن السائق وقرب رأسه من أذنيها وبدأ يقول لها : إسمعي , هل أخبرتك أن هذه هي المرة الأخيرة التي سترينني فيها , ألم أخبرك بذلك ؟
كان صوته كفحيح الأفعى يريد أن يخفضه لئلا يسمع السائق قوله ولكن يريد أن يحمله كل ذلك الكم من التهديد والوعيد .
أومأت برأسها وقرنت الفعل بالقول حيث سمعت صوتها يخرج من حنجرتها محشرجا مقطعا غريبا عنها : أجل لقد قلت ذلك .
عاد ليقول محاولا إيصال التهديدات التي تحملها كلماته إليها : يبدو أنها لن تكون المرة الأخيرة , يبدو أنك سترينني مرة ثانية لكن هناك في القصر حيث ستكونين لأنني أقسم لك أنه إذا ما وصلتني أنباء من القصر أنك فتحت فمك بكلمة واحدة عما حدث داخل هذا المكان لكائن من كان أقسم لك أنني لن أتردد حينها أن آتي لهناك بأقصى سرعة لأقطع لك لسانك قطعا صغيرة وأجعلك ترينه بأم عيونك .
هنا والدها يشبه عمتها فتحية كثيرة , كثيرا ماكانت تهددها بمثل هذه العبارات , قطع اللسان , بتر الساق , خلع الكتف , قص أحد الأعضاء .
لم يعد في قلبها مساحة لأي حزن أو قلق خوف أو أي شيء , لقد استزفت كل طاقة لديها , إن هذا ماتشعر به الآن على الأقل , لذلك حسمت قرارها , ليس عليها أن تحزن بعد الآن ولا أن تقلق ولا أن تضطرب ولا أن تشعر بأي شيء .
لتتحول إلى مجرد لوح خشبي كباب هذا الكوخ أو أحد حيطانه .
نظرت له وهي عازمة أن تنتهي من كل هذا فورا .
هزت رأسها علامة الموافقة وهي تظن أنه سيترك يدها لترحل .
لكنه لم يفعل ذلك بل خرج صوته مرة ثانية بنفس النبرة ونفس الحدة مع نفس الحرص في أن يظل كلامه غير مسموع لهذا السائق أبدا : لو عرف من هم هناك بأفعالك فلن يقبل بك أحد لأن مافعلته أمر عليك أن تظلي طوال عمرك تشعرين بالندم لأنك أقدمت علي فعله هكذا وبكل بساطة وكأن لا أحد لك سيتأذى من أفعالك البشعة , من ذا يقبل أن يضم فتاة مثلك لامسؤولة ؟ وتذكري أ ن هناك من وضح لك أمرا بشأن أولئك الناس الذين ستكونين بينهم , إنهم هناك في ذلك القصر غير ما تظنينه تماما .
أومأت برأسها من جديد دلالة الرضوخ .
لم تعد ترغب أن تستوضح عن أي شيء بدا لها غامضا هذه اللحظة .
حقيقة هي لاتعرف على وجه الدقة مامعنى قوله أنهم أناس غير ماهي تعتقده .
هي لاتعتقد شيئا بخصوص أي شيء أبدا .
هي الآن مجرد عصا يحركها الساحر كيفما يريد لتستقر أينما اتفق .
لاتملك حق في أن تستفسر أو تستوضح أو تسأل أو تبدي رأيا أو تعترض أو حتى تختار .
لم تملك هذا الحق من قبل ولن تملكه بعد الآن .
أومأت برأسها عدة مرات متوالية لفترة طويلة كافية ليقتنع والدها أنها فهمت ماقاله ووعته تماما .
أفلت ذراعها من قبضة يده المؤلمة .
شعرت بتيار من الألم يسري على امتداد ذراعها وكأنه خيوط من صوف خشن يجري فيه تيار من كهرباء محرقة .
مسكينة هذه الذراع لأنها نفس الذراع التي رضها عصرية أمس هناك في الكوخ الملحق .
تهدلت ذراعها المتألمة مع الذراع الأخرى على جنبيها .
منظر المستسلم الذي فوض كل أمره لله واستسلم لقدره الذي يساق له .
التفتت تنظر لما ينتظرها .
ينتظرها سائق واقف هناك بتهذيب تام يراقب موقفها مع والدها بهدوء كبير .
وخطر ببالها أن تلتفت إلتفاتة نحو الكوخ الملحق المهجور حيث التقت ريناد بعوف عصرية أمس و الواقع يسارها فوق أعلى المرجة .
بدت لها عصرية أمس وكأنها زمن من العصر القديم .
كأن تلك الأحداث التي مرت عليها قد حدثت من زمان بعيد .
ستنفض كل الذكريات بخصوص ذلك الكوخ وتتركها هنا .
عاد الهم لقلبها من جديد ,أليس عليها على الأقل أن تودع ريناد صديقتها الوحيدة ؟
هل تستطيع أن تودعها ؟
كانت السيارة التي وقف السائق عندها ينتظرها في أدب جم هي الأخرى سيارة سوداء مظللة الشبابيك بظل دخاني جميل كالتي رأتها مع ريناد من قبل .
بدأتت الشمس ترتفع عاليا في السماء رويدا رويدا فانعكس ضوء الشمس على صفيح هذه السيارة من الخارج وكأنها سيارة صنعت من زجاج .
أدهشها جمال لمعان هذه السيارة تلك الدهشة التي لم تكن لتظهرها على وجهها في ظل وجود والدها الذي وقف يرقب ردات فعلها بهدوء .
توجهت بخطوات قليلة نحو حقيبتها البنية القديمة وانحنت لترفعها عن الأرض .
لقد كانت فوق التلة وقريبا من الكوخ الملحق عندما تلهو مع ريناد تجلسان معا وتعدان السيارات القليلة التي تمر من تحتهما على الطريق المعبد .
كانت خبرة ريناد في دنيا السيارات أكبر بكثير من خبرتها هي في هذا المجال مجال السيارات فكانت تخبرها عن أسماء أنواع ماركات السيارات القليلة التي كانت تمر .
معظم السيارات التي كانت تمر إما شاحنات ضخمة محملة بأنواع البضائع التي يتم تغذية القرى المجاورة بها وإما وانيتات بغمارة واحدة أو غمارتين أو سيارة حمل صغيرة .
لذلك كان من النادر أن تمر سيارة فارهة كهذا .
لكن حدث ذات مرة أن جاءت شخصية ما لم تعرف لا هي ولا ريناد من هي تلك الشخصية كانت تركب سيارة تشبه هذه السيارة تماما ولقد منعهما زجاج السيارة المظلل من معرفة الشخص الذي كان يقود تلك السيارة .
عند ذلك صرخت ريناد وهي تناديها لتقدم لطرف التلة وتنظر مثلها إلى السيارة القادمة .
قالت لها : تعالي ربى تعالي بسرعة وانظري إلى السيارة القادمة .
لما نظرت رأتا سيارة سوداء تشبه هذه السيارة تماما يقودها شخص لم تتبيناه بسبب تظليل السيارة الدخاني المعتم .
قالت لا ريناد : سأخبرك عن طراز هذه السيارة ياربى , هذه سيارة من طراز bmw .
رددت وراءها ربى ببلاهة : Bmw
قالت ريناد : أجل , هي سيارة فخمة وجميلة أليس كذلك ؟
ردت ربى : أجل , إنها سيارة جميلة للغاية , هل يمتلك عوف مثلها ؟
ريناد : عوف مازال في العسكرية , لما ينتهي من أداء هذا الواجب لاشك سيتجه لتكوين نفسه , سيمتلك منزلا وسيارة وكل شيء , كل شيء .
ربى : اجعليه يشتري مثل هذه السيارة .
ريناد : وهل تعتقدي أن هذه السيارة الوحيدة الجميلة والفارهة ؟ هاه , لا هناك سيارات أخر بطرز أخرى .
ربى : مثل ماذا أخبريني .
ريناد : إنك لم تجربي الركوب في الكرسيدا أو المرسيدس أواللمبرغيني أو حتى الفيراري .
ربى : ماهذه ؟ لن أحفظ شيئا منها .
ريناد : المهم أن تكوني مازلت متذكرة لاسم السيارة التي مرت قبل قليل . مااسمها ؟
رددت ربى مبتسمة : Bmw .
وهكذا صارت ريناد تردد أنواع ماركات السيارات التي تحفظها وتردد ربى خلفها كالبببغاء وظلتا تضحكان معا لوقت طويل .
الآن وهي تقف وتنظر لهذه السيارة تذكرت ذلك .
قطع عليها حبل تلك الأفكار صوت السائق الذي سمعته يقول لها : عفوك آنستي أنا سأحمل هذه .
كان السائق ينتظرها خارج السيارة في تهذيب تام ليفتح لها باب السيارة بهدوء .

noor elhuda likes this.

الفضاء الواسع غير متواجد حالياً  
التوقيع
المرء يعرف في الأنام بفعله/ وخصائص المرء الكريم كأصله
اصبر على حلو الزمان ومره / واعلم بأن الله بالغ أمره
لاتستغيب فتستغاب وربما / من قال شيئا قيل فيه بمثله
وتجنب الفحشاء لا تنطق بها / مادمت في جد الكلام وهزله
وإذا الصديق أسى عليك بجهله / فاصفح لأجل الود ليس لأجله
كم عالم متفضل قد سبه / من لا يساوي غرزة في نعله
البحر تعلو فوقه جيف الفلا / والدر مطمور بأسفل رمله
واعجب بعصفور يزاحم باشقا / إلا لطيشته وخفة عقله
إياك تجني سكرا من حنظل / فالشيء يرجع في المذاق لأصله
في الجو مكتوب على صحف الملا / من يعمل المعروف يجز بمثله
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أعلى, القلب, تقليل

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.