آخر 10 مشاركات
أُحُبُّكِ مُرْتَعِشَةْ (1) *مميزة & مكتملة * .. سلسلة عِجافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          وأشرقت في القلب بسمة (2) .. سلسلة قلوب مغتربة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          زهر جبينها المكلل- قلوب أحلام غربية (118) [حصريا] للكاتبة Hya Ssin *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          وابتسم القدر(وعندما اقتربت النهاية...ابتسم القدر) *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : فاتن عبدالعظيم - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          1011 - ها قد اتت المتاعب - ديبى ماكومبر - د.نـــ (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] نار الغيرة تحرق رجل واطيها،للكاتبة/ black widow (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حَــربْ معَ الــرّاء ! (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree11Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-09-17, 01:19 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 350- سأبقى وحدي - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثالث و الأخير )






الرواية رائعة ومنقولة للعلم ولينال كل حقه
شكرا لمن كتبها



سأبقى وحدي - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثالث و الأخير)

350

المـــلـخص:
سلينا فتاة قوية ومستقلة , ما تكسبه من مال يغطي
ضروريات حياتها . عندما أحبت ليو كالـﭭـاني كانت تعتقد
أنه إنسان بسيط يعيش في الريف الإيطالي . وأنه مثلها
. . .
وحيـد .
لكن مـا إن وصلت إلى منزله حتى اكتشفت أنه المنزل الأفخم
في المنطقة وأنه يملك قريتين وأن عمه كونت .
ليس هـذا ليو الذي أحبته .
ليو سيصبح يوماً مـا كونتاً
. . إنه أسوأ كابوس بالنسبة إلى
سيلينا . إذ لا يمكنها أبداً أن تصبح كونتيسة
. .




للتذكير فقط السلسلة مكونة من ثلاث روايات رائعة
الجزء الأول بعنوان
الثاني بعنوان
الثالث بعنوان

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 28-09-17 الساعة 02:18 PM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:17 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 ـ
أنــا هنــا
ـ سيلينا , أنت تحتاجين إما إلى معجزة , وإما إلى مليونير .
خرج بن من تحت السيارة المعطلة , و هو يحمل المفتاح الإنكليزي
في يده , بدا نحيلاً كهلاً , وقد أمضى ثلاثين سنة من عمره في العمل
كميكانيكي للسيارات . وهذه السنوات الثلاثون جعلته يدرك الآن أن
سيلينا غايتس تريد منه إعادة إحياء جثة هامدة .
قال بكآبة وهو يتأمل الشاحنة المقفلة الصغيرة : (( لا , لا جدوى
من هذا الشيء )) .
فراحت سيلينا ترجوه : (( لكن بإمكانك أن تجعلها تعمل مجدداً
أعلم أنك تستطيع ذلك يا بن , فأنت عبقري )) .
ـ كفي عن ذلك .
قال هذا بصرامة غير مقنعة , ثم أضاف : (( لن ينفع هذا الكلام
معي )) .
فردت صادقة : (( لطالما نفع , يمكنك إصلاحها , أليس كذلك يا
بن ؟ )) .
ـ حسناً , لكنها لن تقلك سوى لمسافة قصيرة .
ـ حتى ستيفنقل ؟
ـ ثلاثمائة ميل ؟ لا تكوني متطلبة ! حسناً , قد تصل , لكن ماذا
ستفعلين بعد ذلك .
ـ عندئذ , سأربح بعض المال في الروديو .

ـ أستركبين تلك البهيمة المرهقة ؟
فانفجرت قائلة : (( أليوت ليس مرهقاً , إنه في ريعان شبابه )) .
إن ذكر أليوت الحبيب يمس وتراً حساساً لديهما , و كانت سيلينا على
وشك أن تدافع عنه بشراسة عندما تذكرت أن بن يصلح شاحنتها بكلفة
زهيدة بحكم الصداقة التي تربطهما , فهدأت . إلا أنها قالت بعناد :
(( سأربح أنا و أليوت مبلغاً مـا )) .
ـ سيلينا , ما من مال كافٍ في العالم لإصلاح هذه الخردة لتعود
جديدة . كانت مهترئة عندما اشتريتها , وهي آخذة في التراجع . من
الأفضل أن تجدي مليونيراً وتقنعيه ببعض الكلام المعسول ليشتري ك
شاحنة جديدة .
عبست سيلينا قبل أن تجيب : (( لا فائدة من ملاحقتي لأي مليونير ))
فأنا لا أملك المؤهلات اللازمة لذلك )) .
تأمل قامتها الطويلة و النحيلة , ثم اعترف : (( لعلك تفتقرين إلى
الصدر الممتلئ فقط )) .
ـ بن , إني أفتقر إلى كافة المؤهلات .
ثم كشرت ساخرة من نفسها وأردفت : (( ما من فائدة , فأصحاب
الملايين يحبون النساء الكاملات و الممتلئات الجسم , وأنا لم أكن يوماً
هكذا كما أن شعري ليس جذاباً , إذ يجب أن يكون طويلاً ومتموجـاً
وليس . . . )) .
وأشار إلى شعرها القصير الأشبه بشعر الصبية , فقد بدا شعرها
بلونه الأحمر ملفتاً يتوهج كالنار , وكأنه يصرخ للعالم : (( أنا هنا ! )) . كان
من المستحيل تجاهل سيلينا , فهي ذكية , وقحة , مستقلة , ومتفائلة إلى
حد الجنون . باختصار إنها فريدة من نوعها , ومن يحاول أن يتحداها
سيتعلم من ذات الشعر الأحمر درساً يقول له : احترس !
ثم تابعت سيلينا مقدمة حجتها المفحمة : (( كما أني لا أحب
أصحاب الملايين , فه ليسوا أناساً حقيقيين )) .
حك بين جبينه وسأل : (( ليسوا حقيقيين ؟ )) .
ـ لا , فهم يملكون الكثير من المال .
ـ الكثير من المال هو ما تحتاجينه الآن أو أنك تحتاجين إلى
معجـزة .
فردت : (( المعجزة ستكون أسهل . كن على ثقة يا بن بأن معجزة
رائعة تتجه نحوي من مكان ما وستصل بطريقة ما )) .
* * *
مد ليو كالـﭭـاني ساقيه بقدر ما ستطاع , لكن المسافة لم تكن طويلة .
استغرقت الرحلة من روما إلى أطلنطا اثنتي عشرة ساعة , وقد سافر في
الدرجة الأولى .
ليس ليو من الرجال الذين يختارون (( الدرجة الأولى )) عند السفر ,
مع أنه ثري ويمكنه أن يختار الأفضل من دون أي مشكلة , لكن التكلف
يثير عصبيته , وينطبق هذا أيضاً على المدن و الثياب الأنيقة . لهذا ,
اختار أن يسافر وهو يرتدي بنطلونه الجينز القديم وسترته , وينتعل
حذاء بالياً . فهذه طريقته ليعلن للعالم أن (( الدرجة الأولى )) لن تصبح
عادة لديه .
وأخيراً , حطت الطائرة في أطلنطا . سيتمكن قريباً من مط ساقيه
وإن لبضع ساعات قبل أن يحشر قامته المديدة في الرحلة المتوجهة
إلى دالاس .
* * *
خفض بن الفاتورة إلى أقصى حد ممكن لشدة ولعه بسيلينا , وكان
يعلم أنها ستنفق الدولارات القليلة المتبقية لديها على أليوت . وإذا ما
تبقى معها أي مال فستشتري به الطعام لنفسها , لكن إذا لم يتوفر
لما تذمرت ولاستغنت عن الأكل . ساعدها في تعليق عربة الجواد

بالشاحنة من الخلف , ثم تمنى لها الحظ وراح يراقبها وهي تخرج بحذر
من باحة مرآبه . وعندما اختفت , رفع صلاة إلى الإله الذي يسهر على
الشابات المجنونات اللواتي لا يملكن سوى حصاناً وشاحنة مهترئة ,
وقلباً كقلب الأس والكثير من العناد .
* * *
عندما صعد ليو عل متن الطائرة في مطار أطلنطا , كان التعب قد
تملك منه فنام نوماُ خفيفاً حتى موعد الهبوط . وفيما كان يمط قامته
ـ سيلينا , أنت تحتاجين إما إلى معجزة , وإما إلى مليونير .
خرج بن من تحت السيارة المعطلة , و هو يحمل المفتاح الإنكليزي
في يده , بدا نحيلاً كهلاً , وقد أمضى ثلاثين سنة من عمره في العمل
كميكانيكي للسيارات . وهذه السنوات الثلاثون جعلته يدرك الآن أن
سيلينا غايتس تريد منه إعادة إحياء جثة هامدة .
قال بكآبة وهو يتأمل الشاحنة المقفلة الصغيرة : (( لا , لا جدوى
من هذا الشيء )) .
فراحت سيلينا ترجوه : (( لكن بإمكانك أن تجعلها تعمل مجدداً
أعلم أنك تستطيع ذلك يا بن , فأنت عبقري )) .
ـ كفي عن ذلك .
قال هذا بصرامة غير مقنعة , ثم أضاف : (( لن ينفع هذا الكلام
معي )) .
فردت صادقة : (( لطالما نفع , يمكنك إصلاحها , أليس كذلك يا
بن ؟ )) .
ـ حسناً , لكنها لن تقلك سوى لمسافة قصيرة .
ـ حتى ستيفنقل ؟
ـ ثلاثمائة ميل ؟ لا تكوني متطلبة ! حسناً , قد تصل , لكن ماذا
ستفعلين بعد ذلك .
ـ عندئذ , سأربح بعض المال في الروديو .

ـ أستركبين تلك البهيمة المرهقة ؟
فانفجرت قائلة : (( أليوت ليس مرهقاً , إنه في ريعان شبابه )) .
إن ذكر أليوت الحبيب يمس وتراً حساساً لديهما , و كانت سيلينا على
وشك أن تدافع عنه بشراسة عندما تذكرت أن بن يصلح شاحنتها بكلفة
زهيدة بحكم الصداقة التي تربطهما , فهدأت . إلا أنها قالت بعناد :
(( سأربح أنا و أليوت مبلغاً مـا )) .
ـ سيلينا , ما من مال كافٍ في العالم لإصلاح هذه الخردة لتعود
جديدة . كانت مهترئة عندما اشتريتها , وهي آخذة في التراجع . من
الأفضل أن تجدي مليونيراً وتقنعيه ببعض الكلام المعسول ليشتري ك
شاحنة جديدة .
عبست سيلينا قبل أن تجيب : (( لا فائدة من ملاحقتي لأي مليونير ))
فأنا لا أملك المؤهلات اللازمة لذلك )) .
تأمل قامتها الطويلة و النحيلة , ثم اعترف : (( لعلك تفتقرين إلى
الصدر الممتلئ فقط )) .
ـ بن , إني أفتقر إلى كافة المؤهلات .
ثم كشرت ساخرة من نفسها وأردفت : (( ما من فائدة , فأصحاب
الملايين يحبون النساء الكاملات و الممتلئات الجسم , وأنا لم أكن يوماً
هكذا كما أن شعري ليس جذاباً , إذ يجب أن يكون طويلاً ومتموجـاً
وليس . . . )) .
وأشار إلى شعرها القصير الأشبه بشعر الصبية , فقد بدا شعرها
بلونه الأحمر ملفتاً يتوهج كالنار , وكأنه يصرخ للعالم : (( أنا هنا ! )) . كان
من المستحيل تجاهل سيلينا , فهي ذكية , وقحة , مستقلة , ومتفائلة إلى
حد الجنون . باختصار إنها فريدة من نوعها , ومن يحاول أن يتحداها
سيتعلم من ذات الشعر الأحمر درساً يقول له : احترس !
ثم تابعت سيلينا مقدمة حجتها المفحمة : (( كما أني لا أحب
أصحاب الملايين , فه ليسوا أناساً حقيقيين )) .
حك بين جبينه وسأل : (( ليسوا حقيقيين ؟ )) .
ـ لا , فهم يملكون الكثير من المال .
ـ الكثير من المال هو ما تحتاجينه الآن أو أنك تحتاجين إلى
معجـزة .
فردت : (( المعجزة ستكون أسهل . كن على ثقة يا بن بأن معجزة
رائعة تتجه نحوي من مكان ما وستصل بطريقة ما )) .
* * *
مد ليو كالـﭭـاني ساقيه بقدر ما ستطاع , لكن المسافة لم تكن طويلة .
استغرقت الرحلة من روما إلى أطلنطا اثنتي عشرة ساعة , وقد سافر في
الدرجة الأولى .
ليس ليو من الرجال الذين يختارون (( الدرجة الأولى )) عند السفر ,
مع أنه ثري ويمكنه أن يختار الأفضل من دون أي مشكلة , لكن التكلف
يثير عصبيته , وينطبق هذا أيضاً على المدن و الثياب الأنيقة . لهذا ,
اختار أن يسافر وهو يرتدي بنطلونه الجينز القديم وسترته , وينتعل
حذاء بالياً . فهذه طريقته ليعلن للعالم أن (( الدرجة الأولى )) لن تصبح
عادة لديه .
وأخيراً , حطت الطائرة في أطلنطا . سيتمكن قريباً من مط ساقيه
وإن لبضع ساعات قبل أن يحشر قامته المديدة في الرحلة المتوجهة
إلى دالاس .
* * *
خفض بن الفاتورة إلى أقصى حد ممكن لشدة ولعه بسيلينا , وكان
يعلم أنها ستنفق الدولارات القليلة المتبقية لديها على أليوت . وإذا ما
تبقى معها أي مال فستشتري به الطعام لنفسها , لكن إذا لم يتوفر
لما تذمرت ولاستغنت عن الأكل . ساعدها في تعليق عربة الجواد

بالشاحنة من الخلف , ثم تمنى لها الحظ وراح يراقبها وهي تخرج بحذر
من باحة مرآبه . وعندما اختفت , رفع صلاة إلى الإله الذي يسهر على
الشابات المجنونات اللواتي لا يملكن سوى حصاناً وشاحنة مهترئة ,
وقلباً كقلب الأس والكثير من العناد .
* * *
عندما صعد ليو عل متن الطائرة في مطار أطلنطا , كان التعب قد
تملك منه فنام نوماُ خفيفاً حتى موعد الهبوط . وفيما كان يمط قامته
المديدة , أقسم ألا يركب الطائرة مجدداً في حياته , وهذا ما يفعله بعد
كل رحلة يقوم بها , وما إن تجاوز جهاز الجمارك حتى سمع صوتاً
هادراً: (( ليو , أيها الفتى . . . ! )) .
أضـاء وجه ليو لرؤية صديقه يتقدم نحوه فاتحاً ذراعيه .
ـ بارتون , أيها العجــوز !
وفي اللحظة التالية , كان الاثنان يملكان بعضهما البعض بسعادة .
بارتون هانوورث في الخمسينات من عمره , وهو رجل محب ,
أشيب , يخفي طوله الكرش الصغير الذي بدأ في الظهور أمامه . أما
صوته وضحكته فيتميزان بالضخامة , تماماً كسيارته ومزرعته وقلبه .
حرص ليو على تأمل السيارة بتمعن . ففي الأسابيع الستة الماضية
أي منذ تقررت رحلته , تحدث إلى بارتون مرات عدة عبر الهاتف . ولم
يفوت صديقه فرصة واحدة للتكلم عن (( طفلته المدللة الجديدة )) , فهي
الأحداث والأجمل والأسرع . لم يأتِ على ذكر السعر , لكن ليو تحقق
من الأمر عبر الإنترنيت وتبين له أنها الأغلى ثمناً . لذا , أدرك واجباته
فراح يطري على الجميـلة الفضية اللون والكبيرة الحجم , فكـافأه صديقه
بابتسامة عريضة مشعة .
ولم يتطلب وضع حقائبه القليلة في السيارة سوى دقائق , لينطلقا
بعدئذ في رحلة تستغرق ساعتين إلى المزرعة قرب ستيفنفيل .
سأل بارتون وعيناه على الطريق : (( لِمَ سافرت من روما ؟ ظننت أن
بيزا أقرب إليك )).
فأجاب ليو : (( كنت في روما أحضر حفل خطوبة قريبي ماركو )) .
ـ أتظن أن مصير هذه الخطوبة سيكون كمصير خطوبته السابقة ؟
ـ ربما . إلا إذا أدرك سريعاً أنه متيم بهارييت .
ـ وماذا عن أخيك . ألا يسلك الدرب نفسه ؟
ـ آه , غويدو يملك من الحس السليم ما يجعله يدرك أنه يتصرف
بجنون حين يفعل . إنه بخير ودولسي ممتازة وهي تناسبه .
فقال بارتون ضاحكاً : (( إذن , لم يبقَ سواك حراً ؟ )) .
ـ أنـا حر وسعيد بذلك , ولن تتمك إحداهن من الإمساك بي .
ـ هذا ما يقوله الجميع , لكن انظر من حولك . فالرجال الجيدون
يتساقطون كالثمار الناضجة .
ـ نعم , طبعاً !
وعندئذ , ضحك الإثنان معاً . كانت ضحكة ليو بهيجة , مليئة
بالشمس والحرية , ومفعمة بالحيوية و الحياة إنه رجل يحب الأرض
ويسعى غريزياً إلى الهواء الطلق . يظهر ذلك في عينيه وجسده الضخم
المسترخي , كما يظهر خاصة في ضحكته .
قبيل الوصول إلى ستيفنفيل , راح بارتون يتثاءب , و قال : (( إن
النظر إلى مؤخرة حصان طيلة هذه المدة يصيب عيني المرء بالحول )) .
إذ كانت تتقدمهما قاطرة جياد قديمة مهترئة تعرض كفل فرس
عريضة , وهي تسير أمامهما منذ مدة .
وعاد بارتون يقول : (( المسافة لم تعد طويلة في الواقع . وهذا من
حسن حظنا , فمن يقود هذه الشاحنة لم يتعد سرعة الخمسين .
لنتجاوز ! )) .
وزاد من سرعته لتجاوز الشاحنة . نظر ليو من نافذته فرأى

المقطورة ومن ثم الشاحنة الصغيرة أمامها , ولمح السائق , وهي امرأة
شابة , شعرها أحمر لامع . رفعت نظرها إليه لبرهة , ورأته ينظر إليها .
ما حصل بعد ذلك أصبح موضع خلاف بينهما لاحقاً , فهي
تقول دوماً إنه غمزها , فيما يقسم هو أنه غمزته أولاً , وتقول هي إن
الأمر مستحيل ! ولا بد من أنها خدعة من الضوء , وأن رأسه مليء
بالأوهام . . ولم يتمكنا من حل هذا الخلاف أبداً .
بعدئذ , خفف بارتون من سرعته بعد أن تركاها خلفهما . فسأله
ليو : (( هل رأيت هذا ؟ لقد غمزتني – بارتون ؟ بارتون ! )) .
ـ حسناً , حسناً غني أريح عيني للحظة . لكن , لعل من الأفضل
أن تتحدث إلي , كنوع . . .
ـ لتبقى مستيقظاً ؟ حسناً , لا أظن أن تجاوز الشاحنة تركنا بحــال
أفضل .
قال ليو هذا وهو يراقب شاحنة أخرى كانت تتقدمهما , وهي
تتحرك بشكل غريب , منتقلة من مسارٍ إلى آخر . انحرف بارتون نحو
اليمين ليتجاوزها , لكن الشاحنة انحرفت في الوقت نفسه لتسد أمامه
الطريق ما اضطره إلى العودة إلى الخلف . كرر المحاولة ثانية , ولكن
الشاحنة انحرفت مجدداً ثم أبطأت سرعتها بغتة .
صرخ ليو بسرعة حين لم يقم صديقه بأي رد فعل : (( بارتون ! ))
لكن الأوان قد فات , إذ بم يعد بإمكانه أن يخفف سرعته تدريجياً , ما
اضطره إلى التوقف على الفور , فداس على المكابح ليوقف السيارة في
الوقت المناسب . إلا أن الشاحنة الصغيرة خلفهما لم تكن محظوظة
بقدرهما , وتعالى فجأة صوت مكابح , ثم صوت ضربة تلته هزة أصابت
السيارة , لتنتهي السلسلة أخيراً بصرخة غضب وألم . أما الشاحنة التي
تسبب بالمشكلة فانطلقت في طريقها , وقد بدا سائقها غافلاً عما
جرى . ترجل الرجلان من السيارة و أسرعا إلى الخلف لتفقد الأضرار ,
و ما رأياه روعهما .
رأيا انبعاجاً عظيماً في مؤخرة السيارة مصدر فخر بارتون
وسروره , انعكس على مقدمة الشاحنة الصغيرة . لكن الأمور كانت
أسوأ عند مؤخرة الشاحنة , فالتوقف المفاجئ أدى إلى انحراف المقطورة
واصطدامها بالشاحنة بقوة ألحقت الضرر بهما معاً كانت المقطورة
منقلبة جزئياً وتستند مترنحة إلى الشاحنة , فيما الحيوان المذعور في
داخلها مهتاج يكمل عملية التكسير .
راحت الشابة ذات الشعر الأحمر تكافح لإعادة المقطورة إلى
وضعها الصحيح , وهي مهمة مستحيلة , لكنها استمرت في محاولاتها
بقوة شديدة الاهتياج .
صرخ بها ليو : (( لا تفعلي هذا , فسوف تؤذين نفسك )) .
فالتفتت إليه مجيبة : (( لا تتدخل ! )) .
كانت جبهتها تنزف , فقال : (( أنت مصابة , دعيني أساعدك )) .
ـ قلت لك ألا تتدخل , ألم تفعل ما فيه الكفاية ؟
ـ إسمعي , لست أنا من كان يقود السيارة . على أي حال , لم
تكن . . .
ـ وبم يهمني من كان يقود ؟ فأنتم كلكم متشابهون . تسرعون في
سياراتكم اللامعة كما لو أنكم تملكون الطريق كدتم تقتلون أليوت .
ـ أليوت ؟
وجاءه الرد على شكل تحطم آخر داخل المقطورة . وفي اللحظة
التالية , وقع الباب وخرج الجواد لتنهب حوافره الأرض , ركض ليو
والفتاة خلفه في محاولة منهما للإمساك به , لكنه فر منهما واتجه إلى
وسط الطريق السريع . ومن دون أي تردد , لحقت الفتاة به متجاهلة
حركة السير . قال ليو بعنف وهو يلحق بها بدوره : (( امرأة مجنونة ! )) .
وتعالت أصوات مكابح أخرى وانهالت الشتائم من سائقين
غاضبين على ليو , لكنه تجاهلهم وركض خلفها بجنون . حك بارتون
رأس وتمتم : (( كلاكما مجنون )) .
ثم أخرج هاتفه الخلوي من جيبه .
ومن حسن حظهما , أن إصابة أليوت كانت طفيفة ما جعله غير
قادر على العدو بشكل سريع . لكنه كان مصمماً على عدم السماح لهما
بالإمساك به , وذلك لسوء حظهما . وما لم يستطع أن يحققه بالسرعة
حققه بالمكر , فراح يدور هنا وهناك حتى اختفى بين مجموعة من
الأشجار . وصاح ليو : (( اذهبي في هذا الاتجاه فيما اسلك أنا الاتجاه
الآخر , لنتمكن من الإمساك به )) .
وفي اللحظة التالية , بذل ليو جهداً إضافياً , مصدراً الأمر
لساقيه لكي تسرعا أكثر . وأطاعته ساقاه فنجح في الإمساك بلجام
الجواد على بعد خطوات من الطريق .
نظر إليه أليوت بحذر , لكن يبدو أن كلمات ليو المهدئة الأولى
أحدثت التأثير المطلوب . لم يكن قد سمع هذه الكلمات من قبل لأنها
بالإيطالية , لكن صوت ليو صوت رجل يحب الجياد , ويتكلم لغة المحبة
العالمية , وهدأ هيجان أليوت فوقف مكانه , عصبياً ومرتبكاً إنما
مستعداً للوثوق به .
لاحظت سيلينا كل هذا وهي تقطع المسافة القصيرة المتبقية . و لم
تساعد السيطرة السهلة على جوادها في تحسين مزاجها , كما لم تساعد
الخبرة التي أظهرها الرجل وهو يتفحص حوافر الحيوان ليقول أخيراً :
(( لا أظن أن الأمر أخطر من مجرد التواء بسيط , لكن الطبيب البيطري
سيؤكد ذلك )) .
رددت بلهجة لاذعة : (( مجرد التواء بسيط . ما كان هذا الالتواء
ليحصل لو لم تتوقف سيارتك فجأة )) .
قال ليو وهو يتنفس بصعوبة بعد الجهد الذي بذله : (( عفواً . أنا لم
أفعل شيئاً لأني لم أكن أقود , بل صديقي . كما أن الخطأ لم يكن خطأه
أيضاً , بل خطأ ذلك الرجل الذي خفف سرعته أمامنا , والذي رحل
منذ زمن ؟ لكن لو كان هناك عدل في العالم . . . تباً , ماذا تعرفين أنتِ
عن العدل ؟ )) .
ـ أعرف عن جوادي المصاب وشاحنتي المتضررة . أعرف أن
السبب في ما حصل هو أنني اضطررت إلى الدوس على المكابح في آخر
لحظة . . .
ـ آه , نعم , مكابحك . يهمني جداً أن أتفحص مكابحك , أراهن
على أنها مثيرة للاهتمام .
ـ أتحاول أن تضع اللوم علي الآن !
ـ أنا . . .
ـ أعرف أمثالك , تقول في سرك : (( إنها امرأة وحيدة , ولا بد أنها
ضعيفة وعاجزة . دعنا نحاول لنرى إن كنت ستخاف بسهولة )) .
فرد ليو بصدق تام : (( لم يخطر في بالي للحظة أنك تخافين بسهولة .
أمـا بالنسبة للعجز , فقد رأيت رجالاً شجعاناً أكثر منك عجزاً )) .
وكان بارتون قد قطع الطريق ووصل إلى حيث يقفان : (( انتظر
لحظة ليو . . . )) .
كان ليو عادة من أكثر الرجال هدوءاً , لكن طبعه اللاتيني قد يظهر
بشكل عنيف إذا ما أطلق العنان له .
ـ نحن هنا ألسنا كذلك ؟ لذا , ضعي اللوم علينا و . . . و . . .
وكعادته دوماً عندما تخذله لغته الإنكليزية , استعان ليو بلغته الأم
فاندفعت الكلمات من فمه كالموج الهادر في اللحظات التالية .
وأخيراً , صاح بارتون : (( اللعنة ليو ! هلا توقفت عن التصرف
بحساسية مفرطة و . . عن التكلم بالإيطالية ؟ )) .

فقال ليو : (( أردت أن أعبر عن مشاعري وحسب )) .
ـ حسناً , لقد فعلت . فلما لا نهدأ جميعاً ونتعارف ؟
ثم استدار نحو المرأة الشابة وعرف عن نفسه ببساطة وهدوء :
(( بارتون هانوورث . صاحب مزرعة فورتين , قرب ستيفنفيل , وهي
تبع حوالي خمسة أميال )) .
ـ سيلينا غايتس , في طريقي إل ستينفيل
ـ حسناً , يمكننا أن نضع عربتك في التصليح عندما نصل ,
وسنعرض الحصان على الطبيب البيطري .
شدت سيلينا شعرها : (( لكن , كيف سنصل إلى هناك ؟ هل
سنطير ؟ )) .

ـ أبداً . لقد أجريت اتصالاً هاتفياً , والمساعدة في طريقها إلينا ,
وبانتظار أ تُحل الأمور ستبقين معنا ليوم أو أكثر .
رمقت سيلينا ليو بنظرة مشككة وقالت : (( لكنه يقول إن الذنب لم
يكن ذنبك )) .
فاعترف بارتون من دون أن يجرؤ على مقابلة عيني ليو : (( حسناً ,
لعل رد فعلي جاء متأخراً بعض الشيء . في الواقع , لو أنني أبطأت
سرعتي قبل . . . على أي حال , لا تهتمي بما يقوله صديقي )) .
ثم مال نحوها وأضاف بلهجة لا تخلو من التواطؤ : (( إنه غريب . . .
ويتكلم بشكل مضحك )) .
كشر ليو وقال : (( شكراً يا بارتون )) .
كان اهتمامه لا يزال منصباً على أليوت , فراح يداعب أنف الجواد
ويهمس له بكلمات جعلته يستعيد هدوءه . كانت سيلينا تراقبه من دون
أن تنطق بأي كلمة , لكنها سجلت في ذاكرتها كل ما يجري , ومهما
كانت الأوامر التي أصدرها بارتون إلا أنها بدت محددة , إذ أخذت
الأحداث تتسارع بعد فترة وجيزة , فظهرت شاحنة تجر خلفها مقطورة
تحمل شعار مزرعة وتكفي لثلاثة جياد .
قادت سيلينا أليوت بلطف وجعلته يصعد فوق اللوح المعد
للتحميل , وكان الجواد يعرج بشكل واضح .

وقال بارتون : (( البيطري والطبيب في انتظارنا في المنزل . والآن
اصعدي معنا في السيارة لتنطلق )) .
كانت تشعر بالغضب منه من دون أن تعرف السبب , وقد تأكدت
من أنه لم يكن يقود السيارة , كما أن بارتون هانوورث , السائق ,
عرض عليها تعويضاً مناسباً . إلا أن أعصابها لا زالت ثائرة , فهي لم
تعرف هذا المقدار من الخوف من قبل . ويبدو أن سخطها كله ينصب
على هذا الرجل الذي يجرؤ على إصدار الأوامر إليها , والذي يتحدث
إليها بصوت مهدئ كالذي استخدمه لتهدئة أليوت , وهذه هي الطامة
الكبرى !
ـ سنصل قريباً , وسوف تحصلين على الرعاية المناسبة .
فردت وهي تصرف بأسنانها : (( أنـا لا أحتاج إلى الدلال )) .
ـ لكنك تحتاجين إلى العناية بعد تعرضك لحادث .
فقالت بنكد : (( أظن أن البعض منا أقوى من البعض الآخر )) .
ولم يجبها ليو , فقد بدت مريضة واعترف بأنه يحق لها أن تظهر سوء
طباعها .

للوهلة الأولى , تبدو هي نفسها جميلة , باستثناء عينيها
الواسعتين الخضراوين , وقد عكست بشرتها المتوردة الصحة والحياة في
الهواء الطلق , ولاحظت عينا ليو , اللتان كانتا تراقبانها , حركتها
باستمتاع , فهي نحيلة كلوح من الخشب , ول تكن أنيقة لكنها قوية كما
أنها تتحرك برشاقة راقصة . حاول أن يرى عينيها الرائعتين مجدداً من
دون أن يفضح نفسه , فامرأة لها عينان كهاتين العينين لا تحتاج إلى أي
شيء آخر يثبت جمالها . قال ليو وهو يمد يده : (( اسمي ليو كالـﭭـاني )) .

صافحته فأحس على الفور بقوتها , شد أصابعه قليلاً , سعياً إلى
عرفة المزيد عنها , لكنها سحبت يدها على الفور إذ لم تبقها في يده إلا
بقدر ما تقتضي اللياقة .
بدأت المقطورة تتحرك ببطء كما أصرت سيلينا , وبعد دقائق ,
أدرك أنها تتأمله بحشرية , لم تكن حشرية شهوانية كالتي اعتادها أو
افتتاناً رومنسياً كما صادف غالباً . . إنها حشرية وحسب , كما لو أنه
خطر لها أنه قد لا يكون سيئاً كما اعتقدت في البدء , وهي مستعدة
للتعويض عما بد عنها لكن ليس أكثر . . .

نهاية( الفصل الأول ) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:31 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


2 ـ
عالقة بين الحطــام
كانت مزرعة (( فورتين )) عبارة عن أربعين ألف متر مربع من
الأراضي الخصبة , حيث يرعى خمسة آلاف رأس ماشية و مئتا جواد ,
ويعيش خمسة موظفين وعائلة مؤلفة من ستة أفراد .
أدركت سيلينا أنها حضرة ثروة طائلة عندما قفزت على عجل
من المقطورة ورأت الإسطبلات حيث يضع بارتون جيده الممتازة .
كانت الأمور تسير بدقة الساعة . ففيما كانت تقود أليوت , فتح
رجل باب مربط واسع ومريح حيث ينتظر الطبيب البيطري . ورأت
طبيباً آخر , أراد أن يجرها جانباً ليتفحص جرحها لو لم يتدخل ليو
كالـﭭـاني قائلاً بهدوء : (( دعها تهتم بالجواد أولاً , فلن تهدأ حتى تطمئن
إلى أنه بخير )) .

رمقته بنظرة امتنان لتفهمه , وراحت تراقب البيطري وهو يمرر
يدين خبيرتين على جسد أليوت ليعطي بعدئذ التشخيص نفسه الذي
أعطاه ليو , مع بعض التفاصيل الإضافية ليبرر كلفة المعاينة , وقد
أعطى الجواد حقنة مضادة للالتهاب ووضع له بعض الضمادات .
سألته سيلينا بقلق : (( هل سيتمكن من المشاركة في الروديو في
الأسبوع القادم ؟ )) .
ـ سنرى , فهو لم يعد شاباً .
عندئذ , سألها ليو : (( لِمَ لا تدعين الطبيب يفحصك الآن ؟ )) .
أومأت وجلست فيما راح الطبيب يفحص رأسها . تحت ستار

هدوئها الظاهر كانت سيلينا في الواقع تغالب بأسها , فهي تشعر بالألم
في رأسها , وفي قلبها وفي أنحاء جسمها كله .
سأل ليو بارتون : (( كيف حال الجياد التي بعتك إياها منذ سنتين ؟
هل تتحسن ؟ )) .
ـ تعال لتراها بنفسك .
وسار الرجلان معاً يتفقدان المرابط . كانت الجياد الخمسة التي
اشتراها بارتون من ليو في حالة جيدة . وهي حيوانات ضخمة ذات
عراقيب قوية , تُمرن بشكل قاس لكنها تعامل معاملة ممتازة .
قال بارتون حين راحت تمرغ أنفها في كتف ليو : (( أقسم أنها
تتذكرك )) .
فابتسم ليو ورد : (( إنها لا تنسى من يحبها )) .
وفيما كانا يتأملان الجياد بإعجاب , استرق ليو النظر إلى سيلينا ,
فرأى الطبيب يضع لها ضمادة على جبينها وهو يقول : (( استريحي ليوم
أو اثنين . استريحي جيداً )) .
فأصرت : (( إنه مجرد ورم بسيط في الرأس )) .
قال بارتون : (( سأحرص على أن ترتاح , فزوجتي تجهز لها غرفة )) .
تبعتهما رغماً عنها إلى المنزل , وهو أشبه بقصر أبيض اللون جعلها
تشعر بالغرابة . وتساءلت كيف سيتصرف ليو . ففي بنطلونه الجينز
الرث وحذائه البالي بدا وكأنه في غير مكانه , كما شعرت هي بالضبط ,
لم يبدُ عليه أن الوضع يزعجه .
صرخات اللهفة جعلت ليو يرفع عينيه , وما لبث أفراد عائلة
هانوورث أن أحاطوا به .
كانت داليا , زوجة بارتون , مليئة بالحيوية والحماسة والمرح , وقد
بدت أصغر بعشر سنوات من عمرها الحقيقي , أما أولادها فهم :
فتاتان تحملان اسم كاري وبياي , وهما نسخة شابة عن والدتهما ,
وصبي يبدو و كأنه يعيش في عالم الأحلام . بعيداً عن بقية الأسرة .

واكتملت الأسرة بحضور بول أو بولي كما تصر داليا على مناداته ,
وهو ابنها من زواج سابق ونور عينيها , فقد دللته بشكل منافٍ للعقل .
استقبل بولي ليو كفرد من الأسرة , متنبئاً (( بأوقات رائعة ))
سيقضيانها معاً , كان بولي في أواخر العشرينات , ذا وسامة سطحية ,
لكن ملامحه أظهرت أنه يطلق العنان لأهوائه ورغباته , فهو يعتبر نفسه
رجل أعمال , لكن (( عمله )) هو عبارة عن شركة إنترنت , وهي الشركة
الخامسة التي يؤسسها والتي بدا أنها تسير على طريق الفشل السريع ,
كما فشلت الشركات الأربع السابقة .
وقد كفله بارتون مراراً وتكراراً وأخرجه من ورطاته , مقسماً في
كل مرة أن تكون تلك هي المرة الأخيرة التي يساعده فيها , لكنه سرعان
ما يعود ويرضخ لتوسلات داليا .

ساد اللقاء جو أنيس , فبولي يحسن التصرف ويبدو أنه عرف
سيلينا : (( رأيتك في الروديو في . . . )) .
وراح يتلو لائحة من الأسماء ثم أضاف : (( ورأيتك تفوزين أيضاً )) .
استرخت سيلينا وتمكنت من منحه ابتسامة , ثم اعترفت : (( أنا لا
أربح كثيراً , فقط بما يكفي لأستمر )) .
فقال بولي وهو يصافحها : (( أنت نجمة , إنه لفخر أن يلتقيك
المرء )) .
إذا ما ساور سيلينا الشعور نفسه فقد نجحت في إخفائه , فثمة شيء
في بولي يضفي لمعاناً كريهاً حتى على محاولات الإطراء التي يقوم بها .
شكرته وسحبت يدها كابحة رغبتها في حفها على بنطلونها , فقد كانت
يد بولي باردتين و دبقتين .
قالت داليا بلطف : (( غرفتك جاهزة وسترشدك إليها الفتاتان )) .
وتكفلت كاري و بيلي بسيلينا على الفور , فجرتاها على السلالم

الضخمة قبل أن يتسنى لها أن تعترض . فتبعهم بولي , الذي بدا من
الصعب التخلص منه , وعندما وصلن إلى أفضل غرفة للضيوف ,
احتال ليتقدمهن ويدخل من الباب المفتوح ليقول بظرف : (( الأفضل
لأشهر ضيف عندنا )) .
وبما أن سيلينا ليست مشهورة , وهي تعلم ذلك, فقد نظرت إليه
شزراً . كانت ترى فوق رأس بولي إشارة تقول : (( حذر , مصدر
للمشاكل ! )) , وسرت عندما عمدت كاري إلى طرد أخيها من الغرفة .
كانت الغرفة مؤثثة بالأبيض و الزهري و البنفسجي , وهي ألوان
داليا المفضلة , وكان لون السجادة زهرياً ما جعل سيلينا تتحقق من أن
جزمتها لا تحمل وحلاً في نعليها , أما الستائر فزهرية مطرزة باللون
البنفسجي , فيما أحاطت بالسرير الضخم ستائر ناعمة بيضاء اللون .
يمكن للسرير أن يسع أربعة أشخاص , هذا ما خطر لها وهي تتحقق من
الفراش بحذر . وبدا الفراش ناعماً وليناً ما جعلها تتراجع خطوة إلى
الخلف . كيف يمكن للمرء أن ينام فيه من دون تردد ؟
جالت في الغرفة وهي تتساءل عما إذا كانوا قد وضعوها في الغرفة
الخاطئة . فقد تخرج ملكة انكلترا من الخزانة لتقول إن الغرفة غرفتها .

الحمام بدوره بدا مثيراً للاضطراب , إذ بدا متكلفاً , يعكس ذوقاً
أنثوياً , بمغطسه الذي يشبه صدفة بحرية ضخمة , إذا كان ثمة شيء تعرفه
سيلينا عن نفسها , فهو أنها ليست متكلفة ورقيقة كغيرها من الإناث .
كانت تفضل الدوش , لكن قبعة الاستحمام لا تكفي لحماية الضمادة
على جبينها لذا ملأت حوض الاستحمام .
وعندما امتلأ الحوض , نزلت فيه بحذر تتذوق راحة المياه الساخنة
التي هدات كدماتها استعرضت أنواع الصابون المختلفة حتى وجدت
أخفها رائحة وبدأت تفرك بشرتها , وراحت متاعب النهار تزول
تدريجياً .
ما إن وقت في المغطس حتى رأت مجموعة من القوارير الزجاجية
بألوان مختلفة على رف فوق الحوض , شعرت بالفضول , فاختارت
إحداها وفتحتها لتشتم العبير الذي كان أقوى من رائحة الصابون .
سارعت لاهثة إلى لإقفالها , لكن أصابعها كانت زلقة فما استطاعت أن
تمسك بها جيداً وانزلقت القارورة لتتحطم على حافة الحوض مصدرة
صوتاً ينذر بالأسوأ . صرخت سيلينا مذعورة بسبب الاصطدام وبسبب
تناثر قطع الزجاج في كل مكان حولها .

كان ليو في الغرفة المجاورة , يخلع ملابسه ليستحم . وكان بالكاد قد
خلع قميصه حين سمع الصرخة فتوقف وخرج إلى الممر حيث وقف
مجدداً مصغياً . كان الصمت يلف المكان . ثم سمع صوتاً يائساً من خلف
باب سيلينا .
ـ آه , لا ! ماذا سأفعل ؟
وتمكنت من التقاط منشفة كبيرة فلفت بها جسدها دون تحرك
قدميها خوفاً من شظايا الزجاج .
دق بابها : (( مرحباً ؟ هل أنت بخير ؟ )) .
وصل إليه صوتها ضعيفاً : (( في الواقع , لا ))
فتح الباب لكنه لم يرَ أحداً في الغرفة : (( مرحباً ؟ )) .
ـ أنا هنـا .
بات متأكداً من أنها في الحمام , فاقترب من الباب المفتوح بحذر,
محاولاً ألا يلهث بسبب الرائحة القوية التي فاحت وأحاطت برأسه
كغمامة . سألها : (( هل أستطيع الدخول ؟ )) .
ـ سأعلق هنا إلى الأبد إن لم تدخل .
تحرك بحذر ونظر من الباب إلى الصدفة الزهرية اللون الضخمة ,
فوجد سيلينا واقفة في وسطها وهي تحدق إليه بعينين مسعورتين وقد
غطت رغوة الصابون ركبتيها وساقيها . قالت بصوت يائس : (( حطمت

أحدى زجاجات الكريستال )) .
نظر حوله وسألها : (( هل تأذيت ؟ )) .
ـ ليس بعد , كن قطع الزجاج تناثرت في كل مكان تحت الماء ,
وفي أرض الحمام , لذا لا أجرؤ على أن أتحرك .
ـ حسناً , لا تهلعي .
أحكت شد المنشفة على جسمها وهو يتقدم منها .
أخذ ليو نفساً عميقاً . كانت المنشفة تغطي جسمها حتى ركبتيها ,
تمسكت بعنقه وشعرت بيديه على خصرها كانت يداه كبيرتين ,
تكادان تطوقان جذعها , لكنه حاول ألا يركز على قربها الشديد منه .
حملها وهو يسير بحذر فوق شظايا الزجاج المتناثرة على أرض
الحمام إلى أن وصلا إلى غرفتها .
و تجمد دمه لسماع صوت منذ بالسوء , إذ تناهى إايه صوت قهقهة
فتاة , لا بل فتاتين تقفان أمام الباب . وتعالى صوت كاري : (( سيلينا ,
هل بإمكاننا أن ندخل ؟ )) .
ـ لا ! .

جاء صوت سيلينا حاداً وقفزت على الفور , فتمكنت من أن تصل إلى
الباب في الوقت المناسب ومدت يدها لتقفله بالمفتاح , فيما اليد
الأخرى تمسك المنشفة بإحكام على جسمها . لكنها لم تجد مفتاحاً ,
وهكذا لم تتمكن من إقفال الباب
صرخت وهي تسند ظهرها إلى البا بقوة : (( لا تدخلا , فلست
محتشمة . سأنزل بعد دقيقة . اشكرا والدتكما بالنيابة عني )) .
ولحسن حظهما أن الصوتان قد ابتعدا .
تمالك ليو نفسه وهو يتساءل كم سيحتمل أكثر . إذا لم يقض
احتضانها على جهازه العصبي , فرؤيتها وهي تركض في الغرفة كالغزال
المذعور قضت عليه تقريباً . لكنه كان واثقاً من أمر واحد وهو أنه أفلح
إنقاذها , إذ لم يرَ نقطة دم واحدة تسيل منها .

هرعت سيلينا إلى الحمام واستبدلت المنشفة الطويلة بثوب محتشم
يلفها , ثم عادت إلى الغرفة لتقول : (( شكراً , لقد أنقذتني من وضع مؤذٍ
للغاية )) .
وكان قد تمالك نفسه حين رد : (( من الأفضل أن أرحل قبل أن
سمعتانا )) .
ـ ماذا سأقول للسيدة هانوورث )) .
ـ دعي الأمر لي , أظن أن عليك ألا تنزلي إلى الأسفل . اخلدي إلى
النوم , وهذا أمر .
نظر إلى الممر و شعر بالارتياح حين لاحظ أنه خالٍ . لكن , ما إن
خرج من الغرفة حتى ظهرت كاري وبيلي وكأنهما كانتا تختبئان في
الزاوية .

ـ مرحباً ليو ! هل كل شيء على ما يرام ؟
أجاب مدركاً أنه عاري الصدر : (( لا , فقد أوقعت سيلينا إحدى
زجاجات الكريستال في حوض الاستحمام فتحطمت وهي فيه )) .
وتمنى لو أن الأرض تنشق لتبتلعه , فيما أضاف : (( وعدتها أن أخبر
امكما عن الزجاجة , وسأفعل ذلك . . . ما إن أرتدي قميصاً ))
ودخل إلى غرفته مسرعاً , محاولاً ألا يسمع ضحكة المراهقتين
المكبوتة والتي حملت ألف معنى من شأنها أن تجمد دم المرء في عروقه .
* * *
جاء رد فعل داليا كما توقع ليو بالضبط , فأظهرت تعاطفاً ولطفاً
إذ قالت : (( ما قيمة الزجاجة ؟ سأصعد لأتأكد من أنها بخير )) .
ثم عادت بعد دقائق ودخلت إلى المطبخ لتأمر بحمل الطعام إلى
سيلينا في غرفتها . بدا أنها تحدثت إلى ابنتيها في هذه الأثناء , إذ إن
موقفها من ليو حمل بعد ذلك بعض الخبث .

ـ يبدو أنك لعبت دور الفارس . لكن , من يمكنه أن يلومك ؟ فهي
فتاة جميلة .
ـ داليا , أقسم أنني لم أرها قبل اليوم .
وكانت غلطته فادحة , إذ ابتسمت داليا ابتسامة العارف بما
يجري , وقالت : (( أنتم الإيطاليون جريئون و رومنسيون , لا تفوتون أي
فرصة مع النساء )) .
فسألها بيأس : (( ما هذه الروائح الزكية التي تتصاعد من المطبخ ؟
إنني أتضور جوعاً )) .
الحديث عن الطعام قطع الطريق على الأحاديث الأخرى .
الشخص الوحيد الذي أثار المسألة مجدداً كان بولي الذي أعاد تقريباً ما
قالته أمه إلا أن الكلمات من فمه بدت سوقية , كريهة و مزعجة .
وعندما شرح ليو لبولي مبتسماً ما قد يفعله به إذا ما أتى على ذكر
الموضوع مجدداً , انتهت المسألة عند هذا الحد .
وفيما كان يرتدي ثيابه ليشارك في حفل الشواء , حاول ليو أن
يتفهم ردات فعله الخاصة . فبالرغم من موقف سيلينا الدفاعي وسرعة
غضبها , وهو أمر لا يمكن أن يلومها أحد عليه , إلا أنها مغرية بشكل
غريب , لم يفته أي شيء فيها للوهلة الأولى , حتى إن احتضانها ما كان
له أن يثيره , فهي تفتقر إلى امتلاء الجسم الذي يفضله في النساء . لكن
شيئاً ما فيها تمكن منه بشكل غامض , لم يتمكن بعد من تحديده . كما أن
رؤية بولي بتشدق بما يعتقد انه جرى في غرفتها أثار غضبه . وقد كبح
ليو رغبته في ضربه , بعد أن ذكر نفسه بأنه ابن مضيفته .
بدأ الضيوف بالتوافد وتوجهوا إلى الحفل الكبير حيث تقام
الحفلة , وهو الحقل نفسه الذي جرت فيه حفلة البارحة . راقب ليو ما
يجري من نافذته , عابساً متوقعاً ما سيحدث الليلة .
صاح بارتون ما إن نزل ليو السلالم : (( هل أنت مستعد لقضاء يوم
ممتع ؟ )) .
فرد ليو بصدق : (( أنا جاهز لذلك دوماً , لكن هل يمكننا أن نلقي
نظرة على الإسطبلات أولاً ؟ )) .
ـ طبعاً , إذا أردت ذلك . لكن لا تقلق يا ليو , فستكون على ما
يرام .

ـ أليوت ذكر وليس أنثى .
ـ لم أكن أعني أليوت .
قال بارتون ذلك , وقد بدا وكأنه لا يوجه كلامه إلى شخص محدد .
بدا أن الدواء المضاد للالتهاب أخذ مفعوله , كما بدا أليوت
راضياً . الطريق إلى الحقل يمر قرب مرآب بارتون , فرأى ليو عبر الباب
المفتوح شاحنة سيلينا الصغيرة وبقايا مقطورة الجواد .
قال بارتون متأملاً : (( لقد أمل الزمان على هذه الشاحنة وشرب .
أتساءل كيف صمدت كل هذه المدة )) .
صعد ليو إلى المقطورة , وما رآه فيها أصابه بصدمة .
لطالما اعتبر نفسه معتاداً على الحياة القاسية والخشنة , لكن رؤيته
(( لمنزلها )) صدمته , إذ أن محتوياته اقتصرت على الحد الأدنى الضروري .
رأى أريكة بالكاد تكفيها لتنام وموقداً صغيراً , ومكاناً صغيراً جداً
للاغتسال . و أفضل ما يمكن أن يقال عن هذا المكان هو أنه يشع
نظافة .
وأدرك أن تجارب الحياة القاسية التي عاشها , ما هي إلا تجارب
رجل غني , وجد لعبة يلهو بها – إذ مهما كانت الظروف قاسية , كان
بإمكانه دوماً العودة إلى الحياة السهلة المريحة عندما يمل من اللعب . أمـا
هي , فليس لديها مهرب ؛ هذا واقعها وهذه حياتها .
ما الذي دفعها لاختيار حياة التجوال , التي يبدو أنها لا تقدم لها
الكثير ؟

واتضحت له الأمور بشكل مفاجئ ومفزع . لقد سلب منها
الحادث كل ما تملك تقريباً . بعدئذ , لم تعد لديه فرصة ليفكر في أي أمر
كئيب , إذ فتحت الضيافة في تكساس ذراعيها له . فارتمى بينهما
مستمتعاً بكل لحظة , ومذكراً نفسه بأنه سيتمكن من التفكير لاحقاً ,
ومرت ساعات عدة سعيدة .
وعندما كان يستريح ليلتقط أنفاسه , راح يتساءل عن حال سلينا ,
هل أكلت العشاء الذي أرسلته داليا إليها , وهل هي جائعة من جديد .
ملأ صحناُ باللحم المشوي والبطاطا ووضع زجاجة مرطبات تحت
إبطه ثم توجه نحو المنزل . لكن دافعاً ما جعله يغير وجهته نحو
الإسطبلات , وكما توقع , وجد سيلينا هناك , تستند على مربط أليوت
لتراقبه برضا .
سألها ليو : (( كيف حاله ؟ )) .
أجفلت ثم ردت : (( إنه أفضل , وقد هدأ كثيراً )) .
هي أيضاً كانت بحال أفضل كما لاحظ , فقد عاد اللون إلى خديها
والبريق إلى عينيها . رفع الصحن لتراه فراحت تنظر إلى اللحم المشوي
بلهفة تدل على شعورها بالجوع .
ـ أهذا لي ؟
ـ حسناً , من الواضح أنه ليس لأليوت , هيا تعالي .
جلسا سوياً على كومة من القش وقدم لها العصير , فأرجعت
رأسها إلى الخلف وشربت جرعة كبيرة منها , ثم تنهدت : (( آه , هذا
جيد ! ))
أشار إلى الباب برأسه قائلاً : (( لِمَ لا تنضمين إلى الحفلة ؟ )) .
ـ شكراً , لكني لن أفعل .
ـ ألم تزوري قط منزلاً كهذا من قبل ؟
ـ بالطبع , وفي العديد من المرات . لكني لم أدخل من الباب
الرئيسي . قد عملت في أماكن كهذه , ألمع الأرض أنظف المطبخ ,
لكني فضلت العمل في الاسطبل .
ـ متى كان ذلك ؟ تتكلمين وكأنك كبيرة في السن , لكن لا يمكن أن
يكون عمرك أكثر من أربعين سنة .
ـ أكثر من . . . ؟

ورأت بريقاً شريراً في عينيه , فضحكت وقالت : ((كنت لأطعنك
وأتخلص منك لو لم تكن تحمل صحن اللحم المشوي )) .
فرد وهو يناولها الصحن : (( هذا ما أحبه , امرأة تعرف أولوياتها ,
إذن , إن لم يكن أربعين , فكم عمرك ؟ )) .
ـ أنا في السادسة و العشرين .
ـ ومتى حصلت هذه القصة القديمة كلها ؟
ـ بدأت أرعى نفسي منذ كنت في الرابعة عشرة من عمري .
ـ في مثل هذه السن أليس من المفترض أن تكوني في المدرسة ؟
هزت كتفيها بلا مبالاة , وقالت : (( أفترض ذلك )) .
ـ ماذا حصل لوالديك ؟
ـ وبعد صمت استمر للحظات , ردت : (( تربيت في مأوى , في أكثر
من مأوى في الواقع )) .
ـ تعنين أنك يتيمة ؟
ـ نعم , لقد عشت في بيوت الرعاية .
ـ بيوت ؟ بالجمع ؟
ـ الأول كان جيداً , ففيه اكتشفت الجياد . بعدئذ , علمت أن أي
عمل أقوم به يجب أن يكون له علاقة بالجياد . لكن الرجل العجوز توفي
وبيعت الجياد فيما أُرسلت أنـا إلى مكان آخر . هناك , كان الطعام
فاسداً , وكنت أنا يداً عاملة رخيصة . لم يرسلوني إلى المدرسة لأنهم
كانوا بخلاء ولم يرغبوا في دفع أجرة عامل . تشاجرت معهم فطلبوا مني

توضيب أغراضي لأني عصبية ولا يمكن السيطرة علي . وهذا صحيح ,
فلم أكن لأدعهم يسيطرون علي .
سألها مبهوراً : (( ماذا حصل بعدئذ ؟ )) .
ـ ملجأ جديد , لا يختلف عن سواه . هربت وقُبض علي ثم أُعدت
إلى المؤسسة . وبعدئذ , أخذوني إلى ملجأ جديد حيث بقيت ثلاثة
أسابيع .
سألها عندما التزمت الصمت مجدداً : (( ثم ماذا حصل ؟ )) .
ـ هذه المرة حرصت على ألا يقبضوا علي . كنت في الرابعة عشرة
وأبدو في السادسة عشرة . لا أظن أنهم بحثوا عني طويلاً . أتعلم , هذا
اللحم المشوي لذيذ .
قبل تغييرها للموضوع من دون اعتراض , لِمَ قد ترغب في مناقشة
حياتها إذا كانت على هذا الحال ؟

نهاية( الفصل الثاني) . . .



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:32 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3 ـ
عصر الفرسان
بعد أن خف خوفها على أليوت , استرخت سيلينا أكثر , وبدا
وكأنها تتقبل الحياة كما هي . فسألها : (( هل أنت و أليوت معاً منذ فترة
طويلة ؟ )) .
ـ منذ خمس سنوات , كنت أعمل بشكل غير منتظم في الروديو ,
واشتريته بسعر زهيد كم رجل يدين لي بالمال . كان يدرك أن حياة
أليوت العملية انتهت , لكنني رأيت أنه ما زال بالإمكان الاستفادة منه
إذا ما تمت معاملته بشكل جيد . وأنا أعامله بشكل جيد .
ـ أظن أنه يقدر ذلك .

قال ليو هذا فيما وقفت سيلينا و توجهت نحو أليوت لتداعب أنفه ,
فاقترب منها الجواد برضا و سرور .
وقف ليو بدوره وسار نحوها , ماراً بالمرابط حيث راح يتأمل
الحيوانات التي بادلته النظر بنظرات هادئة , جميلة , بدت وكأنها تشع في
النور الخافت .
انضمت سيلينا إليه وسألته : (( أنت خبير في الجياد , أستطيع أن
أرى ذلك )) .
ـ أربي البعض منها في بلادي .
ـ أين ؟ .
ـ إيطاليا .
ـ إذن , أنت غريب فعلاً .

ـ نعم . معظم الناس لديهم أفكار مسبقة عن الإيطاليين , فلسنا
جميعاُ ممن يتحرشون بالنساء .
ـ لا , أنتم فقط تغمزون النساء على الطريق السريع .
ـ من يفعل هذا ؟
ـ أنت فعلت . عندما تجاوزتني سيارة السيد هانوورث , رأيتك
تنظر إلي ومن ثم غمزتني .
ـ لم أفعل هذا إلا لأنك غمزتني أولاً .
ـ إنها خدعة من الضوء , فأنا لا أغمز الرجال الأغراب .
ـ وأنا لا أغمز النساء الغريبات . . . إلا إذا غمزنني أولاً .
وفجأة , راحت تضحك كما أرادها أن تفعل , فأشرقت الشمس
من جديد . أمسك بيدها وقادها مجدداً إلى كومة القش حيث كانا
يجلسان . فقالت : (( أخبرني عن موطنك , أين تعيش في إيطاليا ؟ )) .
ـ توسكانا , شمال البلاد قرب الساحل . أملك مزرعة حيث أربي
بعض الجياد وأزرع الكرمة وأشارك في الروديو .
ـ روديو في إيطاليا ؟ لا بد أنك تسخر مني .

ـ أبداً ! ثمة مدينة صغيرة تُدعى غروسيتو , يقام
فيها سنوياً روديو
ومهرجان واستعراض يجوب المدينة كلها . وهناك مبنى مغطى بصور
(( رعاة البقر )) المحليين . حتى سن السادسة , كنت أظن أن رعاة البقر
إيطاليون , وعندما أخبرني قريبي ماركو أنهم أمريكيون نعته بالكاذب .
يومها تشاجرنا فتدخل الأهل للتفريق بيننا .
وتوقف عن الكلام إذ راحت سيلينا تقهقه ضاحكة . بعدئذ ,
أضاف : (( في النهاية , كان علي أن آتي إلى هنا لأرى بأم عيني )) .
ـ هل لديك أقارب غير قريبك ماركو ؟
ـ نعم , لدي أقارب عديدون . لكني لست متزوجاً , فأنا أعيش
وحدي إذا ما استثنينا جينا .
ـ هل هي صديقتك الحميمة ؟
ـ لا , جينا تجاوزت الخمسين من العمر , وهي تطبخ وتنظف
وتتنبأ لي بأنني لن أجد زوجة لأن الشابات لن يتحملن ذاك البناء الذي
يعصف فيه الهواء .
ـ هل تيارات الهواء مزعجة وقوية فعلاً ؟
ـ في الشتاء فقط ! فهي تتغلغل في الجدران الحجرية الضخمة .
ـ يبدو لمكان بدائياً .
... ـ أظنه كذلك . فقد بُني منذ ثمانمائة عام , وما أن أُنهي إصلاح جزء
منه حتى يظهر الخراب في مكان آخر . لكنه جميل في الصيف , إذ يبقى
بارداً . وعندما تخرجين في الصباح الباكر وتنظرين إلى الوادي , ترين
نوراً ناعماً لا ترينه في أي وقتٍ آخر . لكن عليك أن تتواجدي هنالك
في الوقت المناسب لأنه لا يدوم سوى دقائق معدودة . بعدئذ , يتغير
الضوء , فيصبح أقوى . و إذا أردت رؤية السحر مجدداً فعليك أن
تعودي في صباح اليم التالي .
توقف عن الكلام , وقد فوجئ لاستخدامه هذا العدد من
الكلمات , ولموجة الأحاسيس الشاعرية التي اجتاحتهما . وأدرك أنها
تنظر إليه باهتمام لطيف .
ـ هل لديك أخوة وأخوات ؟
ـ لدي أخ أصغر مني . . .

وعبس ليو ثم أضاف : (( علماً أن غويدو هو الأكبر بالنسبة
للمجتمع . في الواقع , أكاد أكون غير موجود من الناحية القانونية , إذ
تبين أن زواج والدي لم يكن قانونياً . لكن ما من أحد كان يعلم ذلك
حينها )) .
ـ وهل يهمك الأمر ؟
ـ أبداً .

فقالت برضا : (( وأنا أيضاَ . فهذا الأمر يتركك حراً نوعا ما .
يمكنك أن تذهب حيث تشاء , وأن تفعل ما تشاء , وأن تكون من
تشاء . هل هذا رأيك أيضاً ؟ )) .
وعندما لم تسمع منه أي رد , التفتت سيلينا فوجدته مستلقياً إلى
الخلف , وقد أغمض عينيه وبدا جسمه في حالة من الاسترخاء . يبدو
أنه لم يستطع أن يقاوم سلطان النوم أكثر .
مدت يدها لتوقظه , لكنها توقفت على بعد إنش منه وراحت
تتأمله . فأحداث هذا اليوم المربكة لم تترك لها فرصة لتتأمله . إنه المنقذ
الذي أجاد التعامل مع أليوت , والذي هدأت يداه وصوته الحيوان
الهائج . وإذا ما تقبله محبوبها أليوت , فعليها أن تتقبله هي أيضاً . لقد
أنقذها في الحمام من جروح خطرة . حينذاك لم تسمح لنفسها بأن تفكر
في الأمر أبعد من ذلك . لكن يمكنها أن تفكر فيه الآن . . في شعورها
حين ضمها إلى صدره . . تذكرت كيف أمسك بها بيديه الكبيرتين ,
حاملاً إياها إلى بر الأمان , وكيف أبعدهما عنها ما إن أصبحت سالمة .
لقد تصرف كسيد مهذب , حتى في تلك اللحظات .
كل ما فيه يعجبها , بدءا من جبينه العريض الذي تخفي نصفه الآن
خصلة شعر شاردة , مروراً بحاجبيه الكثيفين وصولاً إلى عينيه البنيتين
الداكنتين . أعجبها أنفه المستقيم وفمه . وتساءلت عن مدى جرأتها في
التعامل معه . في الحياة يمكنها أن تخاطر , وتجرؤ على تحمل أي سقطة ,
وامتطاء أي جواد لم تتآلف معه . لكن الرجال مختلفون , وفهمهم
أصعب من فهم الجياد . إنهم غريبو الأطوار وقد يسببون الأذى أكثر
مما تفعل أي سقطة .

ومع ذلك أرادت أن ترى ليو يبتسم مجدداً . . أرادت أن تتبع
حدسها حتى النهاية .
صهل أليوت بنعومة , لكن الصوت كان كافياً ليوقظ ليو . فتح
عينيه فيما وجهها لا يزال قريباً منه , ابتسم قائلاً : (( لقد مت ودخلت
الجنة , وأنت ملاك )) .
ـ لا أظن أنهم سيرسلوني إلى الجنة . إلا إذا تم تغيير القواعد
و القوانين .
ضحكا معاً , وتوجهت سيلينا نحو أليوت الذي صهل مجدداً .
قال ليو : (( إنه يشعر بالغيرة وحسب لأنك تعيرينني انتباهك )) .
ـ ما من داع للغيرة وهو يعلم ذلك , فهو عائلتي .
ـ أين تعيشين ؟
ـ إقامتي مسجلة في مكان ما حيث أدفع الضرائب , لكني لا أقيم
فيه . أنا أعيش مع أليوت , فهو بيتي وأهلي , وسيبقى كذلك إلى الأبد .
فأشار : (( لا يمكن أن يبقى كذلك (( إلى الأبد )) . لا أعلم كم يبلغ من
العمر , لكن . . . )) .
قالت سيلينا بسرعة : (( إنه ليس عجوزاً . وهو يبدو أكبر من سنه
لأنه تعرض للضرب , وهذا كل ما في الأمر )) .
فرد ليو بلطف : (( نعم , أنا واثق من ذلك . لكن , كم يبلغ من
العمر ؟ )) .

تنهدت : (( لا أعرف بالتحديد , لكن عهده لم ينته بعد )) .
وأشاحت بوجهها سريعاً لئلا يرى الألم الذي غمرها . لكنه رآه
وانفطر قلبه من أجلها , فهذا الحيوان الهزيل , كان كل ما لديها في
العالم . وفجأة , بدا وكأنها فقدت قوتها , فأمسك بها ليو بسرعة وقال :
(( هيا , ستخلدين إلى النوم . ولا تجادلي لأني لن أرضى بالرفض
كجواب )) .
وأبقى ذراعه حول خصرها تحسباً لقيامها بخطوة مشاكسة , لكنها
كانت أكثر إنهاكاً من أن تجادل , وتركته يقودها إلى المنزل ومن ثم إلى
غرفتها . وعندما وصلا إلى الباب , قال : (( عمت مساءً . أتمنى لك نوماً
هنيئاً )) .

كان الفجر على وشك أن يبزغ عندما غادر آخر المدعوين , ملوحاً
بيده وصارخاً : (( أراكم لاحقاً )) , عندئذ , توجهت الأسرة إلى النوم
بعيون غائمة وقلوب سعيدة .
جلس ليو في سريره وقد تملكه شعور غامض سار . هذه الليلة
شهدت الكثير من المسرات , وتخللها الكثير من المرح والضحك
والرقص , لا سيما بعد أن أوصل سيلينا إلى غرفتها وودعها ليعود إلى
الحفل . شعر أنه الآن في سلام مع العالم . لكن وقع الخطى التي توقفت
أمام باب سيلينا لم يفته . وساد الصمت , ثم تعالى صرير الباب وهو
يُفتح . وكان هذا كافياً ليجعل ليو يهب واقفاً , ويخرج إلى الممر في
الوقت المناسب , ليمسك ببولي وهو يهم بالدخول إلى غرفة سيلينا . قال
بصوت جعل بولي يجفل : (( أليس هذا لطيفاً ؟ كلانا منشغل البال على
سيلينا بحيث لم نتمكن من النوم قبل أن نطمئن عليها )) .
منحه بولي ابتسامة باردة ورد : (( لا يمكنني إهمال ضيف )) .
ـ بولي , أنت مثال يحتذى به .
ودخل ليو إلى الغرفة فيما هو يتكلم ثم أضاء النور . عندئذ , توقف
الرجلان وقد باغتتهما رؤية السرير فارغاً . وتمتم ليو : (( تلك المرأة
الحمقاء عادت إلى الإسطبلات )) .
ـ لا , لم أفعل .

تناهى إليه هذا الصوت من كومة على الأرض . فأضاء ليو المصباح
الموضوع بجانب السرير , ورأى كومة تتضمن غطاء ووسادة وامرأة
حمقاء تشعث شعرها الأحمر بفعل الصدمة , سألت وهي تجلس : (( ما
الأمر ؟ هل حصل شيء ما . )) .
ـ لا , أنا وبولي قلقان عليك , لذا جئنا لنطمئن إلى حالك .
فقالت وقد أدركت الحقيقة على الفور : (( هذا لطف بالغ منكما .
أنا بخير )) .
ـ إنها بخير يا بولي . يمكنك أن تخلد إلى النوم الآن وأن تنام
هانئاً .
وجلس ليو على الأرض قرب سيلينا كرجل يعود إلى جذوره .
ـ آ . . . حسناً , أنـا . . .
تكلما بصوت واحد : (( عمت مسا يا بولي )) .
اضطر بولي للاعتراف بالهزيمة , فتراجع نحو الباب ثم خرج . وآخـر
ما رأياه هو تقطيبته . قالت سيلينا : (( أنت تعلم أنه كان بإمكاني أن
أواجه الوضع )) .
ـ بعد ما مر بك اليوم , ألا يحق لك أن تكوني ضعيفة ولو قليلاً ؟
ـ لا يحق لأحد أن يكون ضعيفاً .
ـ آسف !
فقالت بندم جلي : (( لا , أنـا آسفة . لم أقصد أن أكون فظة . أعلم
أنك تحاول أن تكون لطيفاً معي , لكن عمليات الإنقاذ هذه بدأت
تتحول إلى عادة سيئة )) .
ـ أعدك بألا أعيد الكرة . في المرة القادمة , سأتركك لمصيرك ,
أقسم لك .
ثم قالت شاكية : (( حاولت أن أنام على السرير قد المستطاع , لكن
هذا جنون . فكما تقلبت طرت في الهواء ستة أقدام . النوم هنا
أفضل )) .
ـ من الأفضل أن أتركك فبل أن أغفو . اقفلي بابك بالمفتاح بعد
خروجي . أعتقد أن ابن داليا لن يتوانى عن المحاولة ثانية .
لكنه تذكر أن الباب من دون مفتاح , ولم تستطع إقفاله حين
حاولت القيام بذلك من قبل , فتنهد . لم يعد أمامه سوى حل
واحد .
ـ ماذا تفعل ؟

طرحت عليه هذا السؤال حين عاد إلى السرير والتقط غطاءً
ووسادة . فقال وهو يرتمي أرضاً , ساداً الباب : (( ماذا يبدو لك أني
أفعل ؟ إذا استطاع أن يفتح الباب الآن فهو رجل أقوى مما ظننت )) .
وتغلب عليه النعاس , أما آخر فكرة خطرت له فهي أنه سيعاني
الأمرين في الصباح من جراء تصرفه هذا . لكنها ستبقى آمنة على
الأقل .
استيقظ وهو يشعر أنه بحال أفضل بع سهرة البارحة الطويلة .
شعر بالنشاط يدب في المنزل حوله , ورأى أنه يستطيع أن يتركها
بأمان .من الأفضل أن يرحل قبل أن تستيقظ , فهو لا يعرف ما يمكن
أن يقوله لها . وراح يسخر في سره من تصرفاته التي شبهها هازئاً
(( بتصرفات عصر الفرسان )) .

دنا منها ببطء وهدوء متناسياً الفروسية , وراح يتأمل وجهها .
لقد استعاد وجهها بعض اللون منذ الليلة الماضية , واستطاع أن يرى
أنها نامت , كما يفعل هو دوماً , من دون حراك , كحيوان راضٍ .
كانت قد نزعت الضمادة , فظهر الجرح و الكدمة في جبينها . وبدا
لونها متناقضاً مع شحوبها . خطر له أن وجهها صغير وأنها تبدو
الآن غير حصينة كطفل صغير , بعد أن تخلت عن حذرها وحكمتها
لتستسلم للنوم .
ساورته رغبة جامحة في أن ينحني ويعانقها , لكنه سُر لأنه لم يفعل ,
إذ ما لبث أن فتحت عينيها . بدت عينيها رائعتين , واسعتين وعميقتين
عمق البحار , واختفى الطفل الذي كانته منذ قليل .
ـ سألها : (( كيف حالك اليوم ؟ )) .
ـ بألف خير . لم أمضٍ في حياتي ليلة مريحة كهذه .
ـ على الأرض ؟
ـ هذه السجادة سميكة , إنها ممتازة !
ـ تمنى لي الحظ لئلا يراني أحد وأنا أخرج من هنا .
ـ سأتحقق من الممر .

ونظرت إلى الممر ثم أعطته إشارة الانطلاق . وما هي إلا لحظات
حتى وصل إلى غرفته وإلى الأمان . صحيح أنه سمع الفتاتين تضحكان
مجدداً , لكنه كثير الارتياب على الأرجح .
استـحم وارتــدى ملابسه و هــو غـــارق في التــفكـيــر لأنـه أدرك أن
ضميره يؤنبه بعض الشيء . فبالرغم من أنه لم يخبر سيلينا أي كذبة , إلا
أنه ترك لديها انطباعاً بأنه فقير بقدرها تقريباً . لقد رأته في ثياب قديمة
وسمعته يتحدث عن العيش القاسي , واقتنعت بأنه ابن مهمل . لكنه
تغاضى عن إعلامها بأن عمه هو الكونت كالـﭭـاني الذي يملك قصراً في
البندقية , أن عائلته ثرية جداً . و مــا أشــار إليه على أنه مزرعته , هو في
الواقع ملكية رجل ثري . و إذا ما شارك في العمل المضني فهذا نابع م
رغبة لديه . لكنه م يوضح لها هذه الأمور لأنه كان مقتنعاً في أعماقه بأن
فكرتها عنه ستصبح سيئة . فهو يذكر كلامها بعد وقوع الحادث . لقد
قالت : (( أنتم كلكم متشابهون . تسرعون في سياراتكم اللماعة , وكأنكم
تملكون الطريق )) .
أمضى يومه مع بارتون , يجولان في ممتلكات هذا الأخير .
فبارتون يربي الماشية لجني المال , والخيول لأنه يحبها . وكان يسعى إلى
تحسين نسلها ويدربها من أجل الروديو . ولفت نظر ليو جواد كستنائي
اللون , وهو فرس ربعي , قصير , قوي العضلات , تمت تربيته للعدو
السريع على مسافة ربع ميل , إنه حيوان مثالي للسباق .
ـ إنه جميل , أليس كذلك ؟
قال بارتون هذا وهما يتأملانه ثم أضاف : (( أصله من هنا , اشترته
زوجة صديق لي , ثم عدت واشتريته منها بعد أن تخلت عن الروديو
لتنجب أطفالاً )) .

سأله ليو مفكراً : (( هل بإمكاننا أن نأخذه معنا ونضعه في
الإسطبل ؟ )) .
أومأ بارتون إيجاباً , وفي طريق العودة إلى المنزل , علق قائلاً :
(( يبدو أنك غرقت حتى أذنيك يا صديقي )) .
ـ هيا يا بارتون , أنت تعلم ما سيقوله خبراء التأمين , سيلقون
نظرة على أليوت وأخرى على الشاحنة , وعندما يتوقفون عن الضحك ,
سيعرضون عليها عشرة سنتات .
ـ وبِمَ يعنيك هذا ؟ فمـا حصل لم يكن غلطتك أنت .
ـ ستخسر المسكينة كل شيء .
ـ حسناً , لكن ما دخلك أنت ؟
صرف ليو بأسنانه : (( هلا عدنا إلى المنزل وحسب ؟ )) .
وابتسم بارتون ابتسامة عريضة .
وصلا إلى المنزل ليجدا الجو كئيباً . كانت سيلينا جالسة على حافة
شاحنتها تحدق في الأرض , فيما تسعى الفتاتان إلى مواساتها وتعزيتها .
و كان بولي يحوم حولها كما تحوم الدجاجة حول صغارها .
قالت كاري : (( قال البيطري إن أليوت لن يكون بصحة جيدة
للمشاركة في السباق الأسبوع المقبل . وإذا ما حولت أن تمتطيه فقد
يتعرض للإصابة )) .
فقالت سيلينا على الفور : (( بالطبع , لن أفعل . لكنني لن أحظى
بأي فرصة لأكسب أي شيء , ولا بد أني أدين لك بالكثير . . . )) .
ـ لا , لكن يمكنك أن تسدي لي معروفاً .

و أشار بارتون إلى الجــواد الربعي مضيـفـاً : (( اسمه جيبرز , ثمة شخص
يود شراءه , و إذا ما ربح سباقاً أو اثنين فيمكنني أن أرفع سعره , لذا ,
امتطيه واعرضيه و سيكون هذا أكثر من كافٍ لتفي دينك )) .
أخذت سيلينا نفساً عميقاً ومررت يدها بمحبة على الحيوان , قبل
أن تقول : (( إنه جميل )) .
ثم أضافت بسرعة : (( لكنه ليس بجمال أليوت بالطبع )) .
وأطلعها بارتون على قصة المالك السابق , فشعرت سيلينا
بالصدمة : (( تخلت عن المشاركة في الروديو لتبقى في مكانٍ واحد وتنجب
أطفالاً )) ؟
فأشار ليو مكشراً : (( ثمة نساء غريبات )) .
وأظهرت النظرة التي رمقته بها سيلينا رأيها بهذه الفكرة . ثم قالت :
(( هل بإمكاني أن أضع سرجي عليه )) ؟
ـ فكرة جيدة .

خرجت الأسرة كلها لتراقب سيلينا وهو تختبر جيبرز في حلبة
بارتون التجريبية , وضعت البراميل الثلاثة على شكل مثلث . وانطلقت
سيلينا وجيبرز بسرعة من خط الانطلاق وتوجها إلى المثلث ثم دارا
بسرعة حول البرميل الأول ليعودا على المثلث , ومن ثم دارا مجدداً حول
البرميل الثاني واستدارا نحو اليسار متوجهين نحو البرميل الأخير . كل
استدارة هي عبارة عن زاوية من خمس وأربعين درجة , تضع توازن
الجواد رشاقته فضلاً عن سرعته تحت الاختبار . كان جيبرز سريعاً ,
لكنه ثابت كالصخرة , أما سيلينا , فسيطرت عليه بيدين خفيفتين إنما
قويتين . حتى ليو , وهو ليس خبيراً في هذا النوع من السباق , رأى
أنهما متناسبان ومتجانسان .
بعد الاستدارة الأخيرة , توجها مجدداً إلى وسط المثلث ومن ثم إلى
الخارج , فيما تعالى تصفيق العائلة و صراخها .
صرخ بارتون : (( ثماني عشرة ثانية )) .
كانت عينا سيلينا تلمعان : (( بدأنا على مهل . انتظر حتى نعتاد على
بعضنا البعض . سنسجل أربع عشرة ثانية في غمضة عين )) .

وأطلقت صرخة ابتهاج وصلت إلى السماء , فانضم الكل إليها .
وخطر لليو , وهو يتأمل وجهها , أنه لم يرَ قط في حياته شخصاً
بمثل هذه السعادة .

* * *
نهاية( الفصل الثالث) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:33 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:34 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



5 ـ
معجزة أم مليونير ؟
لم يكن ليو ينوي حضور الروديو في ستيغنفيل وحسب , بل
المشاركة فيه أيضاً . ومع أسماه بارتون (( جرأة دون إدراك )) كان
مصمماً على ركوب ثور .
راح يجادل بارتون : (( ثور واحد وحسب , ماذا يمكن أن يحصل ؟ ))
ـ قد تدق عنقك , ألا يكفي هذا ؟
كانا يتناولان الفطور مع العائلة , وربما أنهما جلسا على طرفي
المائدة , راح الآخرون ينقلون نظرهم من أحدهما إلى الآخر كمن
يشاهد مباراة في التنس . حتى إن جاك , الذي اعتاد أن يدرس حتى
وهم يتناولون الطعام , رفع رأسه عن كتابه ليتأملهما ويتابع جدالهما .
أصر ليو قائلاً : (( أنا أدرك ما أفعله يا بارتون )) .
رد بارتون : (( أشك في أنك تدرك ما تفعله )) .
ـ احتاج البعض التمرين فقط .
ـ وهل هذا ما كنت تفعله في إيطاليا ؟ أولاً , لديهم ثيران تطرح
راكبيها أرضاً .

ـ احتاج لبعض التمرين على الآلة التي تملكها فقط .
ـ ليصبح الذنب ذنبي ؟ مستحيل !
تنهد ليو : (( حسناً . علي أن أشارك من دون أي تمرين . وعندما
أدق عنقي , يصبح الذنب ذنبك فعلاً )) .
فصاح بارتون : (( هذه ضربة تحت الحزام )) .
وإذا بكاري تتدخل متوسلة : (( دعه يحاول يا أبي )) .
ـ أتريدينه أن يتأذى ؟ ظننت أنك مولعة به .
فهمست الفتاة وقد تملكها الإحراج : (( أبي ! )) .
كانت سيلينا مستمتعة بما يجري حتى تلك اللحظة . لكنها أشفقت
على الفتاة التي أُعلن حب مراهقتها على الملأ , وتضاعف بؤسها بازدياد
احمرار وجهها , كانت واثقة من أن ليو سيدعي أن شيئاً لم يحصل .
لكنه فاجأها حين فعل العكس , إذ أعلن مشيراً إلى كاري : (( أترى ,
لدي شخص يساندني . أتعتقدين أني أستطيع القيام بذلك يا كاري ؟ )) .
فقالت بتحد : (( نعم )) .
ـ ولا تعتقدين أني سأدق عنقي , أليس كذلك ؟
ـ أظن أنك ستبرع .
ـ أسمعت يا بارتون ؟ استمع إلى صديقتي هناك , فهي تعرف ما
تقوله .

اضطرت سيلينا للاعتراف بأنه أجاد التصرف, إذا اختفى احمرار
كاري وعادت البسمة للظهور على وجهها . في غضون ثوانٍ قليلة ,
حول ليو ولعها به إلى صداقة قدرها علناً . كان تصرفاً ذكياً ولطيفاً منه .
غمرها الدفء والسعادة . ولم تفهم لما أثار لطف ليو حيال شخص
آخر هذا الشعور لديها . لكن الأمر كان أشبه بتلقي هدية شخصية .
وكلما كان ألطف من أي رجل آخر , كلما شعرت بسعادة أكبر .
تذمر بارتون إلا أنه استسلم أخيراً . وبعد الفطور , توجهوا إلى
حيث الثور الآلي , وهي آلة كهربائية , صُممت ليتم امتطاؤها , تهتاج
وتتمايل ليتمرن راكبها على التمسك بمطيته . كانت الآلة ذات سرعات
متعددة , تبدأ بسرعة خفيفة للمبتدئين , و أصر بارتون على وضعها على
السرعة الأخف رغماً عن ليو .

وقفت سيلينا مع بقية أفراد الأسرة تتفرج بشغف على ليو الذي

تمكن من اجتياز الاختبار الأول . وبعد أن تلقى التشجيع , قرر وزيادة
السرعة وتمكن من البقاء على ظهر الآلة .
الصرخة التي صدرت عن بيلي جعلتهم يديرون رؤوسهم في الوقت
المناسب ليروا ليو وهو يطير في الجو , ليحط على الأرض حيث بقي
ممدداً من دون حراك . دفنت كاري وجهها بين يديها : (( لا أستطيع أن
أنظر . هل هو بخير ؟ )) .
أما سيلينا فقد ساورها شعور بأن المن توقف فيما كانت تركض
إلى حيث وقع ليو . وعندما وصلت إليه , صدرت عنه شهقة قوية .
أصدر هذا الصوت المفزع مرة بعد أخرى , وشعرت بأن xxxxب
الساعة عادت تدور مجدداً حين لاحظت تقطع أنفاسه .
عندما مرت الأزمة , بدا منهكاً فاستند إليها و هو يتنهد . ثم رفع
نظره نحو الآخرين الذي التفوا حوله وابتسم لهم ابتسامته العريضة التي
لا تقاوم . وقال : (( قلت لكم إني قادر على ذلك )) .

اعتباراً من تلك اللحظة بدأ العد العكسي للروديو . وراحت
المدينة تمتلئ بالزائرين فيما تردد إلى مزرعة بارتون عدد كبير من المشترين
الذين كانوا يتفحصون جياده الممتازة ثم يفتحون محافظهم . وبدت داليا
في محيطها الطبيعي , فكانت تقيم الحفلات وتشرف على مخزون ملابس
رعاة البقر وعلى سجل الأشياء التي تحتاجها للكشك الـذي ستقيمه .
كان ليو وسيلينا يتمرنان معاً في بعض الأحيان , وهو مصمم على
امتطاء ذاك الثور حتى لو كان هذا آخر شيء قد يفعله في حياته .
تمرنت سيلينا بقوة , وخاضت سباقات حول البرميل على صهوة
جيبرز بغية الحفاظ على الوقت الذي سجلته وهو أربع عشرة ثانية أو
حتى خفضه . وفي إحدى المرات حاولت أن تلتف من زاوية ضيقة
جداً , فانتهى بها الأمر مرمية عللا الأرض .
ركض ليو نحوها وكان يشاهدها من خلف السياج , لكنها نهضت
على الفور وقفزت على السرج مجدداً , لتعاود المحاولة بحذر أكبر هذه
المرة , فتراجع ليو وانسحب .

قال لها عندما ترجلت : (( ظننت أنك تأذيت )) .
فسألته جذلة : (( أنا ؟ بسبب هذه السقطة الصغيرة ؟ مررت بما هو
أسوأ , ولعل ما ينتظرني في المستقبل أسوأ , المسألة ليست هامة )) .
تنهد : (( ألا يمكنك أن تكوني ضعيفة وحساسة أحياناً , كباقـي
النساء ؟ )) .
صاحت ضاحكة : (( ليو , على أي كوكب تعيش ؟ فالنساء لم يعدن
ضعيفات و حساسات في هذه الأيام )) .
وضربته على كتفه فرنت على كل عظمة في جسمه المرضوض . وتساءل
عما يمكن أن يفعله مع امرأة كهذه , فهو لا يستطيع أن يواسيها
بالكلام , لأنها ستظنه مجنوناً وقد تدوس على قدمه لتعيده إلى صوابه .
كل ما يمكنه القيام به هو الانتظار والتمسك بالأمل , وهو على ثقة بأن
الجوهر العذب واللطيف سيظهر يوماً ما تحت جلدها الشائك , وبأن ما
هو مقدر سيحصل في الوقت المناسب عندما تصبح مستعدة , أو . .
ربما لن يحصل أبداً .
ذاك المساء , كان بارتون في مكتبه ينتظر عودتها . وعند إشارته ,
استوقف ليو سيلينا قائلاً : (( عودي معي إلى الخارج . أريد أن أريك
شيئاً )) .
ورأت في الباحة منزلاً صغيراً متنقلاً , ومع أنه لم يكن فخماً , لكنه
بدا كالقصر مقارنة مع ما كانت سيلينا تقوده في الأصل . كما رأت
خلفه مقطورة عادية إنما مصممة بشكل جيد .
قال بارتون : (( إنهما لك , بدلاً مما فقدته )) .
أخذت نفساً عميقاً : (( هل أتى مسؤولو شركة التأمين ؟ )) .
رد بارتون بشيء من الارتباك : (( في الواقع , لا أريد اللجوء إلى
شركة التأمين من أجل هذا الأمر . لم أتقدم بأي مطالبة منذ
سنوات . . . في الواقع , من الأوفر أن أستبدل ما حطمت )) .

قالت سيلينا : (( لكنني . . . لا أفهم , فالضرر الذي للحق
بسيارتك . . . لا يمكن أن يكون أرخص من . . . )) .
قاطعها بارتون : (( اتركي هذا الأمر لي , إنه أرخص الآن . . .
هكذا تحل المسألة )) .
ـ لكن بارتون . . .
فقال براتون يائساً : (( النساء لا يفهمن هذه الأمور )) .
ـ أنا افهم .
ـ لا , أنت لا تفهمين شيئاً . لقد فكرت في الأمر ملياً و . . . , لا
أريد أي جدال . ستأخذين جيبرز والعربتين فنصبح متعادلين .
سألته سيلينا وقد شعرت بدوار : (( أتعطيني كل هذا ؟ لكنني لا
أستطيع أن أقبل . فشاحنتي ومقطورتي بالكاد كانتا جيدتين . . . )) .
فقال بارتون : (( لكنهما كنتا تنقلانك من مكان إلى آخر . حسناً ,
هذه الشاحنة ستقلك من مكان إلى آخر أيضاً )) .

ختم بارتون كلامه بهذه الجملة وقد بدت في عينيه نظرة ضياع , إذ
بدأ يفقد الإلهام ويفتقر إلى حجج مقنعة .
ـ لكن جيبرز . . .
ـ إنه يحبك ويتجاوب جيداً معك . والمقطورة تتسع لحصانين , لذا
عندما يتعافى أليوت , يمكنك أن تأخذي الإثنين .
فقالت سيلينا بحزم : (( لن يطول الأمر الآن )) .
ـ طبعاً , لن يطول . لكن جيبرز سيساعدك حتى ذاك الحين .
راقبهما ليو بصمت . ثمة أمر يعرفه الجميع , إلا أنها غير مستعدة
للاعتراف به , وهو أن أيام أليوت في الروديو ولت . ترك سيلينا تتأمل
منزلها الجديد , ولحق ببارتون الذي كان في منتصف الطريق إلى البيت .
دمدم قائلاً : (( ظننت أنك ستفسد المسألة كلها )) .
ـ لم يكن الذنب ذنبي . من الطبيعي أن تشك بالأمر . لذا ,
اضطررت لأن أرتجل .

فقال ليو ساخراً : (( النساء لا يفهمن هذه الأمور . ما من رجل
يجرؤ على قول مثل هذا الكلام في هذه الأيام , لا سيما إذا أراد أن يبقى
حياً )) .
التفت بارتون إليه : (( حسناً , أظن أن أداءك سيكون أفضل .
حاول أن تخبرها الحقيقة . أخبرها أنك من يدفع التكاليف لنرى
رد فعلها )) .
فقال ليو باهتياج شديد : (( اصمت ! يجب ألا تعرف , هل ستبقى
هنا طوال الليل أم ستنضم إلي في المنزل ؟
ـ سأرافقك إلى المنزل .
أستيقظ الجميع باكراً في أول أيام الرودو . وحملت داليا وابنتاها
كومات من البضائع الجديدة في الشاحنة , فيما راح بارتون يراجع
لائحة أعدها باسماء الأشخاص الذين ينوي عقد صفقات معهم في جو
مرح . وتم تنظيف جيبرز والاعتناء به حتى بدا وبره لامعاً , ثم عن سيلينا ,
فوجدها كما توقع تماماً , في مربط أليوت , تداعب أنف الجواد وتهمس
له بحنان : (( الأمر ليس نهائياً , عليك أن تفهم ذلك , جيبرز جواد جيد ,
لكنه ليس أنت . لن تكون علاقتي به كما كانت العلاقة بيننا , سنصبح
سوياً من جديد . هذا وعد )) .

أراحت خدها على انفه , وقالت : (( أحبك أيها الحيوان العجوز
أكثر من أي شخص آخر في العالم , أسمعت ؟ )) .
حاول ليو أن ينسحب بهدوء , لكنه لم يفلح في ذلك . ورفعت
سيلينا نظرها إليه , فقال بلطف : (( أعتقد أنه يعرف كل ما تفكرين فيه ))
استدارت نحوه وفي عينيها نظرة حادة ثم سألته : (( ليو , أتظن أني
سأربح ؟ )) .
ـ حسناً , إن لم تكسبي فيمكنني . .
وتوقف عن الكلام بعد أن وضعت إصبعها على فمه .
ـ لا تكمل . فأنا لا أقبل الصدقة , ولن آخذ أي مال منك .

بقي صامتاً فالوقت غير مناسب ليعلمها كم أعطاها حتى
الساعة . وتابعت تقول : (( على أي حال , لِمَ تخاطر بمالك من أجلي ؟ لو
أني عجزت عن تسديد المبلغ , فماذا ستفعل ؟ )) .
ـ سيلينا , أنا لست في حالة مادية سيئة بقدرك . وما العيب في أن
يساعدك صديق ؟ ما من قانون ينص على أن تبقي مستقلة دوماً .
ـ بلى , إنه قانوني . وأنا أعيش بمقتضاه و لا يمكن أن أتغير . سأنجز
أموري بنفسي وأكسب مالي بنفسي .
ـ سيلينا , قبول المساعدة ليس ضعفاً .
ـ لا , لكن الاعتماد على المساعدة ضعف . تصبح ضعيفاً عندما
تعتقد أن شخصاً ما سيبقى دوماً إلى جانبك , ليساندك , إذ عاجلاً أم
آجلاً سيرحل ويتركك
عبس وقال : (( إن كنت تؤمنين حقاً بما تقولينه , فليساعدك
الرب )).
ـ لِمَ نتجادل ونتشاجر يا ليو ؟ إنه يوم رائع . سنمضي وقتاً رائعاً
و سوف أفوز . لا يمكنني أن أخسر .
نظر إليها وقد أمال رأسه جانباً : (( لِمَ لا يمكنك أن تخسري ؟ )) .
ـ لآني حصلت على معجزتي . أتذكر حين التقينا على الطريق
السريع ؟

ـ ما كنت لاختار كلمة (( التقينا )) إنما تابعي حديثك .
ـ قبل ذاك , كنت مع بن وهو صديق قديم يصلح لي شاحنتي . قال
لي إني أحتاج معجزة أو مليونيراً , لكني قلت له أن ينسى أصحاب
الملايين , فما من جدوى منهم .
فسألها ليو الذي شعر بابتسامته تشرق في داخله : (( إذن , اخترت
المعجزة ؟ )) .
ـ هذا صحيح . قلت له إني أشعر بأن معجزتي في طريقها إلي .
وابتسم أكثر : (( وهل كانت فعلاً في طريقها إليك ؟ )) .
ـ أنت تعلم الرد . كان بارتون على الطريق السريع وقد قُدر لنا أن
نلتقي .
وذوت الابتسامة : (( بارتون ؟ )) .
ـ حسناً , أليست معجزة ؟ إنه رجل صالح , صاحب ضمير , لم
يتملص من واجباته والتزاماته , كما كان ليفعل الكثيرون .
فقال ليو بصوت أجوف : (( هذا صحيح )) .
ـ إذن , فقد حصلت المعجزة . والآن سوف أربح .
ـ وأنا أيضاً . اسمعي , كفي عن الضحك .
لكن سيلينا استمرت في الضحك , فأضاف : (( أنت بذلك تجرحين
مشاعري . لقد ظننت أننا أصدقاء )) .
وعلى الفور , تمالكت نفسها ووضعت يديها حول وجهه , والندم
بادٍ عليها .
ـ ليو , أنا آسفة . لم أقصد أن أجرحك بعد أن كنت طيباً معي ,
كنت أمازحك وحسب . . .
ـ أعلم ذلك .

ـ هل أنت واثق ؟ فأنا مؤذية أحياناً . لا أتعمد القيام بذلك , لكن
هذا لا يمنعني من الأذى .
أومأ ليو برأسه متفهماً , فهو يدرك تماماً ما معنى أن يقوم المرء بأمر
لم يكن ينوي قبل عشر ثوان القيام به . وناشدته سيلينا قائلة : (( قل إني لم
أجرحك فعلاً فأنت أفضل صديق لي . وإن غضبت مني فلن أكون
سعيدة ومرتاحة )) .
ترك ليو يديه تلتفان حول خصرها . لم تكن مشاعره مجروحة , لكنه
تمكن من النظر إليها بتعاسة , بعد أن أسكت ضميره , لا يمكن لومه
لأنه يحاول أن يستفيد من الموقف إلى أقصى حد , أليس كذلك ؟
قال بشجاعة : (( أنا لست غاضباً )) .

فسألته وقد تمكنت من قراءة أفكاره بسهولة : (( ولست مجروحاً
أيضاً , أليس كذلك ؟ )) .
لكنها لم تُبعد يديها بل أنزلتهما لتضعهما خلف عنقه , كما لم تقاوم
حين شدها لتدنو منه أكثر . ثم قال : (( جرحتني في الصميم )) .
لم تجب بل وقفت جامدة تتأمل وجهه , فيما الإثارة تتراقص على
وجهها وشفتيها المبتسمتين وفي عينيها .
قال بصوت غير ثابت : (( سيلينا , قربك مني يجعلني أشعر بالتوتر )) .
ـ أتظن أن علي أن أفعل شيئاً بهذا الخصوص ؟
ـ نعم . هذا ما أظنه .
أمالت رأسها بطريقة جعلت قلبه يتخبط بين ضلوعه . ثم قالت
وهي تدنو منه : (( حسناً , تعبت وأنا أنتظر منك القيام بالخطوة
الأولى )) .
كان عناقهما كما تخيله بالضبط , لذيذاً و مغوياً إنما يخفي خلفه
الكثير من التحدي والإثارة . لم تكن فتاة ساذجة , بل امرأة صاحبة
تصميم .
راح رأس سيلينا يدور , لم تتقصد القيام بذلك , لكنها كانت
تحتاج لمعرفة شيء ما , فاقت لهفتها قدرتها على التحمل , فمعانقته
اكتشاف وتحد في الوقت عينيه . وأدركت على الفور أنه كان عليها أن
تنتظر , فما من امرأة ينتظرها يوم حافل , يمكن أن تتحمل هذا النوع
من الإلهاء . وما عليها أن تلوم سوى نفسها لأنها لطالما علمت أن هذا
الرجل يستحوذ على انتباه المرأة كله . ما كان عليها أن تستعجل
الأمور .

بدا أن شعوره يماثل شعورها , إذ لف يديه حولها بلطف لم يخفِ
قوتهما . أرادت أن تكتشف هذه القوة , فوجدتها في عناقه , هذا العناق
الذي سعى من خلاله إلى اكتشاف جوهرها الحقيقي .
خطر لها وهي مشوشة الذهن بأن عليها أن تتوقف , فالتوقيت غير
مناسب أبداً .
ـ ليو . . .
ـ نعم . . .
وتعالى صوت بارتون من الخارج : (( هل من أحدٍ هنا ؟ نحن
جاهزون للانطلاق )) .
أطلقها ليو متذمراً : (( مع أني أحب بارتون , لكن . . . )) .
عادت سيلينا إلى أرض الواقع وأدركت أنها تخلت تقريباً عن كل
شيء من أجل هذا الرجل . واستجمعت شتات نفسها بعد جهد جهيد
وقالت على عجل : (( لا , إنه محق . علينا أن نتوقف )) .
ـ هل علينا ذلك ؟
ـ سيتاح لنا الوقت لاحقاً . أما حالياً , فعلينا أن نحضر أنفسنا لهذا
اليوم . أرجع كتفيك إلى الخلف وارفع رأسك . ثق بنفسك وبقدرتك .
ـ أجد أن من الأسهل أن أؤمن بك , فسوف تفوزين . لقد
سجلت أربع عشرة ثانية على صهوة جيبرز , وما كنت أظنك قادرة على
ذلك .
رقصت لفرط إثارتها : (( كنت أعلم أن بإمكانه القيام بذلك , فهو
جواد رائع , سريع وقوي للغاية . . . )) .

ـ حذار ! فأنت تتكلمين أمام أليوت ! وقد يُصاب بعقدة نفسية .
ـ آه . . . منك !
وضربته , فأحاط كتفيها بذراعه وخرجا معاً وهما يضحكان .

* * *

نهاية الفصل( الخامس) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:34 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


6 ـ
وداع أم لقاء . . .

الوصول إلى موقع الروديو أشبه بالدخول إلى قرية . ينقسم الموقع
إلى حلبة حيث تجري المباريات , ومكان مخصص لتسليم الجياد
وتجهيزها , ومركز للتسوق حيث تعرض داليا والعشرات غيرها نختلف
أنواع البضائع .
سعى ليو إلى امتطاء الثور في اليوم الأول , (( لتنتهي الكارثة
سريعاً )) , بحسب تعليق سيلينا . وكما توقع , وجد فرقاً شاسعاً بين الثور
الذي تمرن على امتطائه و الثور الضخم الهائج الذي قابله الآن . ما من
شيء في الأيام القليلة الماضية , بما في ذلك تمارينه على الآلة , حضرة لما
يواجه . بدا وكأن الثور قرر شخصياً أن يسحق عظامه كعقاب له على
محاولته الغبية هذه .
عليه أن يحاول تحمل هذا مدة ثماني ثوانٍ , كما خطر له فيما كان
دماغه يرتطم يميناً و يساراً بجمجمته .

لكنه ثور ضخم . وتمكن من رميه خلال ثلاث ثوانٍ , حط ليو على
الأرض بقسوة لكنه نجا , فقد أصبح يجيد الوقوع أرضاً , بعد كل
التمارين التي مر بها .
وفيما كان يخرج من الحلبة , سمع تصفيق الحشود , تعبيراً عن
تقديرهم وإعجابهم بجسارته لأنه حاول الصمود على ظهر ذاك الثور .
ورأى آل هانوورث يصفقون له بحرارة الأصدقاء , باستثناء بولي الذي
بدت السخرية على وجهه بشكل فاضح .

أما سيلينا فلم تكن تسخر منه , كانت عيناها تلمعان من المتعة لأنه
نجح في محاولته , وحملت ابتسامتها وعداً وتذكيراً . ابتسم ها ليو ابتسامة
عريضة , ابتسامة سعادة ورضا . وليذهب بولي إلى الجحيم !
خلف ابتسامتها , كانت سيلينا تلوى . فعندما طار ليو من فوق
رأس الثور غرزت أظافرها في راحة يدها ترقباً حتى استقام مجدداً . لم
يدق عنقه . . . إنه حي . . . يمكن للأرض أن تدور من جديد . وبخت
نفسها لأنها بالغت في رد فعلها وقلقت حيث لا ينبغي ذلك , فكم من
رجل رأته يُرمى عن ظهر الثور ؟ لكن أياً منهم لم يكن ليو .
انسحبت لتتحضر بدورها , كان جيبرز ينتظرها بهدوء . لقد سجلا
معاً نتائج طيبة في حلبة التمرين , لكن الأمر مختلف الآن , إنها ليلة
الافتتاح . أحكمت وضع قبعتها الطويلة على رأسها , ففقدانها قد
يجعلها تخسر نقاطاً قيمة .
سبقها إلى الحلبة خمسة متبارين , وسجلوا كلهم نتائج طيبة . قالت
لجيبرز : (( حسناً , المهم ألا تدعهم يخيفونك . أنت لا بل نحن جيدان
بقدرهم . هيا يا فتى ! لنثبت لهم ذلك )) .
وما إن قُرع الجرس حتى طارت فوق خط البداية متوجهة نحو أول
برميل داخل المثلث ثم انعطفت بشكل حاد لكنها تركت لجيبرز مكاناً
كافياً ليتحرك , دار حول البرميل ثم حول البرميل الثاني وتوجها نحو
الأخير ومنه إلى خط النهاية وشعرت بالبهجة حين أظهرت الساعة أنها
في الطليعة .

كان ليو بانتظارها خارج الحلبة فوقفا معاً يشاهدان المتسابق
التالي . قال لها بصدق : (( لا مجال لمقارنتها بك , لا أحد من المتبارين
يضاهيك )) .
المتباريتان التاليتان كانتا بطيئتين . وبقيت سيلينا في الطليعة .
وأخيراً تعالى الهتاف مع دخول المتبارية الأخيرة إلى الحلبة .
ـ لا أستطيع أن أنتظر .
قالت سيلينا هذا وهي تدفن وجهها في صدر ليو , فما كان منه إلا
أن طوقها بذراعيه , فيما سألته : (( ماذا يحصل ؟ )) .
ـ البرميل الأول , إنها سريعة لكنك لا تزالين متقدمة , البرميل
الثاني . . . والآن الثالث . . .
أصبح هتاف الجمهور الآن يصم الآذان . وتنهد ليو وهو يشد
ذراعيه حولها , ويريح رأسه على رأسها .
صرخت : (( آه , لا ! لا , لا , لا! )) .
قال ليو : (( بعُشر الثانية , أنا آسف حبيبتي )) .
قال الكلمة الأخيرة بالإيطالية , فرفعت رأسها وسألته : (( ماذا
دعوتني ؟ )) .
ـ كانت كلمة إيطالية .
ـ أعلم , لكن ماذا تعني ؟
ـ حسناً . . .
لكن , وفيما راح يتساءل عما إذا كان عليه أن يخاطر ويخبرها
بمعنى الكلمة , سمعا صوت بارتون العالي والعميق يهنئها ويواسيها في
الوقت عينه . ومرت تلك اللحظة , وبقي ليو يفكر في أن تردده أضاع
عليه الفرصة , وإن لم تضع فقد تأجلت إلى وقت لاحق .
عاد الجميع مسرورين إلى البيت تلك الليلة , فقد حققت داليا
أرباحاً جيدة , وفازت سيلينا ببعض الجوائز النقدية لحلولها في المرتبة
الثانية , كما بقي ليو على ظهر الثور مدة ثلاث ثوانٍ , كل هذه الأسباب
دفعتهم للاحتفال حتى وقت متأخر من الليل .

وبالرغم من هزيمتها , شعرت سيلينا بالسعادة , فالمبلغ المخصص
للمرتبة الثانية أفضل مما تجنيه عادة , وجدها ليو جالسة على الشرفة
تتأمل المال بسعادة لا متناهية .
ـ أنا غنية , غنية !
سألها ساخراً : (( تعتبرين نفسك غنية لأنك كسبت مئة دولار )) .
ـ إنها فدية ملك حسناً , ربما ملك صغير جداً . ومن يرغب في
دفع فدية ملك , على أي حال ؟ فليذهب الملوك إلى الجحيم !
كان النجاح قد أثمها , فراحت تضحك وهي تتكلم , مهاجمة
مجتمع النخبة بجسارة ومرح . وعلق ليو : (( هذا كثير على الأسرة المالكة .
يبدو أنك لا تؤمنين بهم )) .

وسألته : (( لديكم منهم في إيطاليا , أليس كذلك ؟ )) .
ـ ماذا ؟
ـ الأرستقراطيون .
فاجأته كلمة أرستقراطيون , فقال بحذر : (( إيطاليا جمهورية . . . إنما
لا يزال لدينـا بعضاً منهم )) .
ـ هل التقيتهم يوماً , أعني هل تحدثت إليهم وجهاً لوجه ؟
ـ ليسو نوعاً من أنواع الزواحف يا سيلينا .
ـ هذا ما هم عليه . يجب أن يوضعوا في قفص في حديقة
الحيوانات .
ـ لكنك لا تعرفين شيئاً عنهم .
ـ حسناً , وهل تعرف أنت ؟
ـ أعرف أنهم ليسوا جميعاً سيئين .
ـ لِمَ تدافع عنهم ؟ ينبغي أن تكون إلى جانبي . . . فليسقط
الأرستقراطيون , وليحيا العمال .
ـ أتودين إرسالهم جميعاً إلى المقصلة ؟
هزت رأسها : (( لا , سأجعلهم يوسخون أيديهم في الحقول , مع
العمال , مثلنا )) .
فقال : (( أنت لا تعرفين أني عامل , من يعلم ماذا أفعل عندمـا أعود
إلى إيطاليا ؟ )) .

تركت ما كانت تفعله وأخذت إحدى يديه بين راحتيها . بدت يده
كبيرة وخشنة . فقالت : (( طبعاً أنا أعرف , فهذه يد عامل , لقد تعرضت
للأذى مرات عدة , فيدك تحمل ندوباً )) .
وكان هذا صحيحاً , لكن الحقول كانت حقوله و هي تدر عليه
ثروة أكبر من ثروة بارتون . خدعته الصغيرة باتت تثقل كاهله , وفجأة
لم يعد قادراً على التحمل
ـ سيلينا . . .
بدا وكأنها لم تسمعه , كانت تقلب يده , حاملة إياها بنعومة
ولطف . ثم رفعت عينيها إليه فصدمته نظرتها البريئة , كان في عينيها
بريق خطف أنفاسه وبهره فأشاح بنظره عنه . سألته بهدوء بعد أن تركت
يده : (( ما الأمر ؟ )) .
ـ لا شيء , أنـا . . .
وابتسم لها ابتسامة عريضة , مصطنعة ثم أضاف على عجل :
(( جسدي كله يؤلمني . سـأزور مجبر العظام غداً . والآن , حان وقت
دخولنا نحن الاثنين إلى المنزل , كان يومك شاقاً وطويلاً )) .
فهمست بكآبة : (( نعم , كان يومي شاقاً للغاية )) .

في الليلة الأخيرة للروديو , تقرر أن يقيم بارتون إحدى حفلات
الشواء التي اعتاد إقامتها . فما من ضيافة تضاهي تلك التي تتميز بها
مزرعة فورتين . تبعتهم مجموعة كبيرة من السيارات والشاحنات وهم
في طريقهم إلى المنزل .
ساور ليو شعور بعدم الرضا , إذ تذكر أنه سيغادر في اليوم التالي ,
لكنه لم يكن مستعداً لذلك . شيء ما بدأ هنا لكنه لم ينتهِ , ولم يكن
باستطاعته تسريع الأحداث لأنه لا يعرف طبيعة مشاعره بما يكفي .
لقد انطبعت سيلينا في قلبه كما لم تفعل أي امرأة من قبل , إنما ثمة
هوة سحيقة بينهما , تباين في أسلوب الحياة والبلاد واللغة . كما أنهما
لا يؤمنان بالمستقبل نفسه , وحده حب كبير يمكنه أن يتغلب على مثل
هذه المشاكل و يتجاوزها . وكيف ه أن يأمل أن امرأة لا تؤمن بالحب
سوف تحبه حباً كهذا ؟

فكرة الوداع آلمته للغاية , وأمل أن تكره ذلك بقدره , لكن كان من
المستحيل معرفة ذلك . و لعل هذا هو الجواب الذي يحتاجه . لم يريا
بعضهما كثيراً منذ ليلة الروديو , وكان شوقه إليها يعذبه كما يغمره
شعور بأنه يسير على حبل رفيع .
في اليوم التالي , ارتدى ثيابه على عجل واستعد للأمسية . وتعالت
من الطابق السفلي أصوات الموسيقى و الضحكات , فوقف يتأمل المشهد
السار . تصاعدت رائحة لذيذة من الشواء , فيما راحت الأضواء تلمع
بين الأشجار , وبدا وكأن الموسيقى تستدعيه بإغراء . لقد سبقته سيلينا
إلى الحفل . استطاع أن يراها وسط مجموعة صغيرة من الناس . لا بد
أن أداءها الحيوي لفت الأنظار . سيصبح مستقبلها أفضل الآن ,
وستأتي المساعدة التي قدمها بثمار جيدة , حتى وإن لم تعلم هي بذلك ,
حتى لو نسيته كلياً ولم يخطر في بالها مجدداً لبقية حياتها , وعند هذه
الفكر الكئيب , نزل إلى الأسفل لينضم إلى الحفل .
كان الحفل يعج بما يمكن أن يلهيه : نساء باسمات , طعام لذيذ ,
أحاديث مضحكة ومشوقة , لكنه فقد شهيته فجأة , وراح يراقبها
والغيرة تتآكله . رقص عندما اضطر ذلك لكنه سعى دوماً لئلا تغيب
عن ناظريه .

عندما تفرقت الجموع لتبدأ رقصة جديدة , شق طريقه نحوها ورأى
أن عينيها تلمعان . قالت بسعادة : (( أشعر أني بأحسن حال . آه , ليو ,
لو أنك تدرك شعوري هذا ! )) .
فقال بحنان : (( هذا رائع , أريدك أن تكوني هكذا على الدوام )) .
ـ لقد أجرت مع الصحيفة المحلية مقابلة للتو , وسألتني عن
نجاحي . . .
بعد أن هُزمت بفارق ضئيل في السباق الأول , كسبت في اليوم
الثاني وحققت انتصاراً آخر في اليوم الذي تلاه , وفي اليوم الأخير , تم
تنظيم حدث كبير لأفضل عشرة متسابقين من المباريات السابقة , وقد
حصدت النصر .
سألته بتعجب : (( هل تعلم كم كسبت من المال )) ؟
ـ نعم , لقد أخبرتني .
ـ لقد جنيت أكثر مما حصلت عليه يوماً .
ـ وماذا ستفعلين بهذا المال ؟
ـ سـأشارك في مسابقات أخرى , سيكفيني هذا المال للأشهر الستة
القادمة .
ـ وبعدئذ ؟
ـ حتى ذاك الحين , أكون قد كسبت ما يكفي للسنة القادمة . أنا
على الطريق الصحيح .
لم يبد من كلامها أنها ستشتاق إليه شوقاً شديداً , تأملها قليلاً ثم
ابتعد ليجر كاري إلى حلقة الرقص . رقصا حتى انقطعت أنفاسهما , ثم
سارا معاً إلى المقصف وهما يضحكان .
سألته كاري : (( هل سويت الأمر ؟ )) .
ـ الأمر ؟
ـ مع سيلينا . هل هي مولعة بك بقدر ما أنت مفتون بها ؟
منذ أن استنجد بها ليو في النقاش حول ركوب الثور , اتخذت
كاري لنفسها دور الشقيقة المتفهمة .
ـ من الواضح أنها ليست مولعة بي .
ـ لكنك مولع بها .
ـ كاري , أرجوك !
ـ حسناً أعتقد أني رأيتها تبحث عنك , وكنت أخط
للانسحاب , لكن إذا . . .
ـ أنت فتاة رائعة .

والتفت ليرى سيلينا تتأمله وقد علت شفتيها ابتسامة صغيرة
غريبة . اقتربت منه وقالت : (( لم ترقص معي بعد )) .
وانسحبت كاري كما وعدت , لكن ليس قبل أن تلقي نظرة لترى
ليو وسيلينا في أحضان بعضهما البعض كنصفين يتكاملان .
رقصا صامتين لفترة , وكل منهما يفكر في أنهما سيفترقان
وسيرحل كل منهما في طريقه في الغد . شعرت سيلينا بإرباك شديد ,
فقد ودعت الكثيرين من قبل , لكن الأمر مختلف هذه المرة . حاولت أن
تكون عملية . كل ما عليها أن تفعله هو أن تتماسك حتى يرحل ثم
تنساه . لا بد أنه من السهل نسيان رجل يعيش في النصف الآخر من
العالم . لكن قلبها ينبئها بأن لن يكون يعيداً مجدداً , لأنها ستحمله
معها في كل لحظة ولبقية حياتها .
وفجأة تغيرت الموسيقى , وتعالى عزف كمان منفرد راح يعزف لحناً
كئيباً . لحن توق ووداع . لن تراه مرة أخرى , فدنت منه أكثر فيما
اعتصر الألم قلبها .
أغمضت عينيها , فلم ترَ إلى أين كان يقودها . كل ما عرفته هو
أنهما يرقصان , يدوران ويدوران , فيما الأصوات تخفت من حولهما .
تابعت الرقص كأنها في حلم حيث لم يكن هناك سواهما , يدوران
ويدوران .
ـ سيلينا . . .
صوته وهو يهمس اسمها جعل تفتح عينيها لتجد جهه قريباً من
وجهها .
ـ سيلينا . . .
وداعبت أنفاسه وجهها , فهمست بسرعة : (( نعم )) .

وعانقها بعنف نابع من يأسه , شعر أنها تنساب من بين أصابعه ,
وبدا الإمساك بها أشبه بمحاولة الإمساك بالزئبق . بادلته العناق
بالشغف نفسه . شيء ما ينمو منها الآن . ستستفيد من قربه منها إلى أقصى
حد مهما كلف الأمر , وستعيش بعدئذ على مجد هذه اللحظات .
لم تعلمها حياتها الكثير عن الحب والحنان , وما تعرفه اكتشفته
بنفسها . لكن ما يحصل في داخلها الآن تجربة جديدة لم تعشها من قبل .

لم تكن تعلم أن عناق رجل قد يجعلها تتألم من فرط السعادة و التعاسة في
آنٍ معاً , بحيث لم تعد تعرف أيهما أقوى . لكن هذا لا يهم . كانت تعي
مشاعرها وأحاسيسها وتدرك أنها لن تندم عليها أبداً مهما كلفتها من
ألم . وسوف تتألم , هذا ما علمتها إياه حياتها .
إن حياة هذا الرجل مليئة بالنساء من دون شك , لكن لمسته تبدو
بريئة وكأنه يختبر شيئاً ما لأول مرة في حياته . ورغم اللهفة التي تسيره
ما زالت تشعر بحنانه , وكأن الحرص عليها يهمه أكثر من أي شيء
آخـر .
إلا أنه يريدها إلى حد يقوده إلى الجنون . كانت تشعر بارتجاف
جسده الضخم والقوي وبحركة تنفسه المتسارعة . وأثارتها فكرة أنها
تؤثر فيه إلى هذا الحد , أرادته أن يؤخذ بها بقدر ما هي مأخوذة به .
كان هو من وضع حداً للعناق , فأمسك بها من كتفيها وأبعدها
عنه قليلاً كي يتمكن من النظر إلى وجهها . بدا وجهه عاصفاً . وقال
لاهثاً : (( اخترنا وقتاً غير مناسب , ربما علينا . . . ))
ـ ربما علينا ماذا ؟ أن تكون أكثر عقلانية ؟ من يريد أن يكون
كذلك ؟
ـ حسناً , أنا بالطبع لا أريد , لكن أنت . . . سيلينا , غداً . . .
وتوقف عن الكلام , وسحبت الكلمات المتعقلة الحكيمة في الهواء
وماتت قبل أن ينطق بها .

همست : (( نعم , نعم . . . )) .
واقتربت منهما أصوات تتعالى من مكان ما . مزاح , ضحك ,
غناء , ضيوف يصيحون ويهتفون فرحاً قبل أن تنتهي الحفلة . نظر ليو
يائساً إلى الضوء و الضجيج اللذين تدفقا نحوه ليغمراه ثم سمعا أصواتاً .
ـ انظروا من يختبئ بين الأشجار !
ـ من هذه , ليو ؟
ضحك بصوت عالٍ , محاولاً التخلص من السؤال . وقدم له
أحدهم كأس عصير فأخذه . وعندما التفت بحثاً عن سيلينا , لم يجدها .
* * *
بدا وكأن دهراً مر قبل أن يرحل الضيوف . وأخيراً عاد المكان
هادئاً واستطاع ليو أن يتنفس الصعداء , فقد يتمكنان من الاختلاء
ببعضهما البعض للحظات , ليحلا المسائل التي أثاراها بين الأشجار .
لكنه لم يجد أثراً لسيلينا , لقد حمل عناقها الكثير من الوعود , وها هي
تتركه الآن .
صعد إلى غرفته مقطب الجبين , وهو يحاول أن يفهم ما يجري .
يمكن للنار أن تتجمد قبل أن يفكر في قرع بابها , فعليها أن تقوم هي
بالخطوة التالية . هذا ما قاله لنفسه , وعلى الرغم من ذلك , توجه إلى
بابها وقرعه بنعومة . أما أن يفعل هذا وإما أن يمضي حياته وهو يتساءل
عما إذا كان قد قام بالخيار الصحيح . وعندما لم يسمع أي رد , طرق
الباب بقوة أكبر ثم انتظر . لكن ما من رد .
توجه إلى غرفته , وقف قرب النافذة يتـأمل الأراضي المظلمة , وقد
أدرك أن من الغباء الاستغراق في الأحلام في حين أنه سيرحل غداً . لقد
فات الأوان الآن . وقف هناك محاولاً أن يقنع نفسه بأن من الأفضل أن
يتحلى بالوعي .

لم يعلم ما الذي جعله يعي أنه ليس وحيداً في الغرفة . لم يسمع صوت
تنفس واضحاً , لكن شيئاً ما تغير في الجو . وعندما مد يده إلى المصباح ,
همس صوت في العتمة : (( لا تضئ النور )) .
قال : (( أين أنت ؟ )) .
لم تجب , لكنه ما لبث أن أحس بذراعين ناعمتين تلتفان حول عنقه .
سألها : (( كنت هنا طوال الوقت ؟ لقد عدت للتو من . . . )) .
ـ أعلم , فقد سمعتك .
وسرته ضحكتها . راحت أصابعها تداعب شعره , لتنزلق إلى عنقه
وخده , فيما راحت دقات قلبه تتسارع وقد أثارت فيه لمستها مشاعر
عارمة .
سألته : (( هل تتذكر لقاءنا الأول )) .
ـ أتعنين حين أنقذتك من الزجاج المتحطم في أول يوم لك هنا ؟
كيف لي أن أنسى ؟
ـ كان بإمكانك أن تستغل الوضع حينذاك وتعانقني .
ـ خفت من رد فعلك , فبالكاد كنت أعرفك .
ضحكت وعانقته عناقاً أثار فيه مشاعر لم يعهدها من قبل . بدا
وكأنها تعرفه جيداً وتعرف نقاط ضعفه .
دمدم : (( أيتها الساحرة )) .

ـ هممم !
ـ لقد شغلت فكري منذ التقينا , كاد يقودني ذلك إلى الجنون .
همست بصوت صدمه كتيار كهربائي : (( لِمَ أضعنا كل هذا الوقت ؟ ))
فقال : (( ومن يأبه ؟ ما دمنا لا نضيع المزيد منه )) .
كان عناقه مثله , قوياً ونابعاً من القلب , بعيداً عن الحذاقة , إنما
مفعماً بالدفء والكرم والعطاء . بدا لها فريداً من نوعه , لا يشبه أي
شيء حصل في العالم أو قد يحصل . وعلمت أنها ستحلم به طيلة
حياتها .

تبادلا النظرات بعيون لمعت في الظلام . ضحكا معاً وكأنهما
يسخران من نفسيهما ومن غدهما , فما يجمعهما جميل ويشعرهما
بالرضا , لكنهما سيودعان بعضهما البعض غداً .
كانت تعلم أن ليو رجل يمكن للمرأة أن تقع في حبه بسهولة ,
لكنها تأكدت من ذلك الآن . فقد ضمها بين ذراعيه بحنان ودفء ,
وكأنه يريد منها أكثر من المتعة الآتية الجسدية .
كيف يمكن لفتاة أن تحافظ على استقلاليتها وحريتها مع رجل
يتصرف على هذا النحو ؟
وضعت ذراعيها حوله وضمته هي أيـضـاً بشغف حنون , في وداع
أخير قبل الرحيل .

* * *
نهاية الفصل( السادس) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:35 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


7 ـ
لـن أنساك



أسوأ ما في المطارات هو أنه يتوجب عليك الوصول باكراً , فيطول
الوداع إلى ما لا نهاية , ما يزيد الألم . وخطر لسيلينا أن الأمر يصبح
أسوأ إذا ما كنت تنتظر من الآخر أن يقول شيئاً , أنت نفسك لا تعرف
ما هو . لكن مهما كان هذا الشيء فإنه لم يقله .
أوصلته إلى مطار دالاس , فتحققا من موعد إقلاع الرحلة المتوجهة
إلى أطلنطا , وسجلا حقائبه ثم بحثا عن مقهى حيث جلسا يشربان
القهوة . لكن ليو قفز فجأة من مكانه وقال : (( تعالي معي )) .
سألته فيما كان يمسك بيدها ويجرها على عجل : (( إلى أين )) .
ـ أريد أن أشتري لك هدية قبل أن أرحل , وقد أدركت الآن ما
هي .
قادها إلى متجر يبيع الهواتف الخلوية , وقال : (( شخص مثلك ,
ينتقل بقدر ما تنتقلين , يحتاج إلى مثل هذه الأجهزة )) .
ـ لم يكن بإمكاني شراء هاتف من قبل .
شعرت بسعادة قصيرة الأمد حين أدركت أنه يريد البقاء على
اتصال بها . لكن سعادتها لم تدم عندما تذكرت أنه سيرحل , وأنها قد
لا تراه ثانية .
اختارا الهاتف معاً واشترى لها بطاقة الساعات الثلاثين الأولى .
كتبت له الرقم على ورقة صغيرة وراقبته وهو يخفيه في محفظته .
ـ حان الوقت لأمر على دائرة الجوازات .

فقالت على عجل : (( ليس بعد . لدينا الوقت لتشرب فنجاناً آخر
من القهوة )) .
تملكها شعور مروع بأن الأمور تتسارع وتسر بها نحو حافة هوة
سحيقة . إنها الوحيدة القادرة على وضع حد لهذا , لكنها لا تعرف
السبيل إلى ذلك ؟ لم تستطع أن تجد الكلمات المناسبة , فهي لم تنطق بها
قط , وبالكاد تعرفها . لقد حاولت جهدها الليلة الماضية لتكشف له
حقيقة شعورها . والآن , هاهو قلبها ينفطر فيما يبدو هو غافلاً عما
يجري .
أمضت الدقائق القليلة الأخيرة جالسة قبالته , تحاول أن تتذكر كل
حركة من حركاته وكل تفصيل من ملامحه وكل نبرة من نبرات صوته . .
سوف يرحل وينساها .
لم تبتسم يوماً ابتسامة متألقة بقدر ابتسامتها اليوم . ومن ثم سمعا
النداء (( إلى المسافرين . . . )) .
فقال ليو وهو يهب واقفاً : (( أظن أن الوقت حان . . . ))
رافقته تقريباً إلى البوابة , حيث توقف ولمس وجهها بلطف , قال :
(( ما كنت لأفوت هذا لقاء كنوز العالم بأسره )) .
فقالت بخفة وهي سدد لكمة خفيفة إلى ذراعه : (( أحقـاً ؟ ستنساني
ما إن تبدأ المضيفات بإغرائك بأهدابهن الطويلة )) .
لكنه لم يبادلها الابتسام بل قال : (( لن أنساك أبداً يا سيلينا )) .
بدا وجهه منقبضاً وظنت للحظة أنه سيضيف شيئاً ما إلى ما قاله .
انتظرت فيما راح قلبها يخفق بأمل جامح , لكنه اكتفى بأن عانقها عناقاً
سريعاً .
ـ لا تنسيني .
ـ من الأفضل لك أن تتصل بهذا الرقم لتحرص على ألا أنساك .
ـ سأفعل .
وعانقها مجدداً قبل أن يتركها ويرحل . حاولت جاهدة أن تجد في
عناقه الأخير صدى لعناق الليلة الماضية , لكنها لم تفلح , فلم يكن ليو
سوى رجل يرغب في العودة إلى موطنه وبيته , عندما وصل إلى البوابة ,
التفت ولوح لها . بادلته التلويح , وقد حافظت على الابتسامة التي تعلو
وجهها بفضل إرادتها الحديدية . . . ثم رحل . .
لم تغادر على الفور , كما كانت تنوي أن تفعل , بل انتظرت عند
النافذة حتى أقلعت الطائرة , ثمر راقبتها إلى أن غابت عن ناظريها بين
الغمام . عندئذ , قفلت راجعة إلى المرآب , حيث جلست خلف المقود
وراحت تحدث نفسها . ما الأمر ! أنها كمثل مركبين التقيا في بحر الحياة
ثم سار كل منهما في طريقه . هذا كل ما في الأمر . أمامها يمتد مستقبل
واعد أفضل مما عرفت يوماً , وهذا ما عليها أن تفكر فيه , ضربت
يدها بقوة على المقود , فهي لم تحاول يوماً أن تخدع نفسها بالأكاذيب ,
لكنها تحتاج الآن إلى كذبة تعزيها وتواسيها لتتغلب على ما تمر به .
قالت بغضب : (( كان علي أن أقول شيئاً , أي شيء يجعله يدرك .
ربما كان ليطلب مني أن أرافقه . آه , من أحاول أن أخدع ؟ كان
بإمكانه أن يطلب مني مرافقته , لكنه لم يفكر في ذلك قط . لن يتصل بي .
و الهاتف لم يكن سوى هدية وداع . كفي عن التصرف بغباء يا سيلينا ,
لا يمكنك أن تبكي في مرآب )) .
بدا وكأن الرحلة بين أطلنطا و بيزا ستستمر إلى الأبد , وليس إلى
يوم جديد وحسب , بل إلى بُعد آخر وعالم آخر . حاول ليو أن ينام لكنه
عجز عن ذلك . غادر الطائرة وقد أصابه دوار من شدة الإرهاق ,
وشق طريقه عبر دائرة الجوازات والجمارك . وشعر بالغرابة مع أنه عاد
إلى موطنه .
توجه نحو صف سيارات الأجرة , وهو مستغرق في احتساب
الوقت الذي يتطلبه وصوله إلى منزله بحيث لم ينتبه إلى صوت شخص .

خلفه , لم يرَ من ضربه أو عدد الذين اعتدوا عليه , علماً أن الشهود
أشاروا لاحقاً إلى أنهم كانوا أربعة . كل ما عرفه هو أنه سقط أرضاً
فجأة بعد أن دفعه أشخاص أغراب . سمع صراخاً وصوت خطى تفر .
جلس يتحسس رأسه متسائلاً عن سبب وجود هذا العدد من رجال
الشرطة حوله . وامتدت الأيدي لتساعده على الوقوف على قديمه .
وسأل : (( ماذا حدث ؟ )) .
ـ تعرضت للسرقة سيدي .
عبس ومد يده إلى حيث يضع محفظته , فلم يجدها . كان رأسه يؤلمه
إلى حد أنه لم يستطع أن يفكر أكثر . واستدعى أحدهم سيارة إسعاف
فتم نقله إلى مستشفى محلي .
استفاق في اليوم التالي ليجد شرطياً يقف قرب سريره , ويحمل
محفظته المفقودة . قال الرجل : (( وجدناها في أحد الأزقة )) .
وكما هو متوقع , كانت محفظته فارغة . لقد اختفى المال وبطاقات
الاعتماد . لكن ما روع ليو هو اختفاء الورقة الصغيرة التي تحمل رقم
سيلينا .
أخذه رينزو , المشرف على مزرعته , من المستشفى وقطع معه
الخمسين ميلاً التي تفصله عن منزله بيللا بودينا . وما إن وجد ليو نفسه
وسط تلال توسكانا حتى بدأ يسترخي . مهما كانت حياته مضطربة ,
فإن غرائزه تشير عليه بأن ما يهم فعلاً هو أنه عاد إلى موطنه , حيث
تنمو الكرمة وتمتد حقول القمح تحت أشعة شمس ساطعة .
كان يتمتع بشعبية بين العمال لأنه يدفع لهم بسخاء , ويثق بهم
ويتركهم يهتمون بأعمالهم . راحوا يلوحون له وينادونه سعيدين بعودته
لدى مروره بالقرب منهم .
كانت أراضي أسرة كالـﭭـاني شاسعة . وخلال اجتيازهما الأميال
القليلة الأخيرة , راح يتأمل حقول قريته الخاصة . مورينزا , تجمع
صغير من الأبنية تعود إلى القرون الوسطى , يقوم على أراضي أسرة
كالـﭭـاني يلتف حول الكنسية وحول بركة صغيرة يسبح فيها البط , قبل
أن يقود إلى خارج القرية , من ثم عبر حقول الكرمة المزروعة على
المنحدر لتداعبها الشمس .
في الأعلى , يقع المنزل الذي بني في القرون الوسطى أيضاً , والذي
يطل على منظر رائع في الوادي . دخل إلى المنزل بتنهيدة ارتياح ورضا ,
ورمى حقائبه على الأرض ثم التفت من حوله يتأمل الأثاث المألوف
الذي يحبه . ها هي جينا قد حضرت له طبقه المفضل , وجهزت له
عصيره المفضل , فيما راحت كلابه المفضلة تحوم حول قدميه .
تناول وجبة ضخمة وطبع قبلة امتنان وشكر على خد جينا ثم توجه
إلى الغرفة التي يستخدمها كمكتب والتي يدير منها ملكيته . وبعد
ساعتين أمضاهما مع أنريكو , مساعده الذي أشرف على الأعمال
المكتبية خلال غيابه , تبين له أن هذا الأخير قادر على إدارة هذه
الأعمال بشكل ممتاز ومن دون مساعدته . لم يكن يحتاج إلى المزيد .
غداً , سيجول على ممتلكاته مع رجال قريبين من الأرض بقدره .
أمضى الساعات التالية وهو يتحدث إلى عائلته عبر الهاتف , ليسمع
آخر الأخبار . وأخيراً , خرج ووقف يتأمل القرية التي تلألأت
بالأنوار . وقف هناك طويلاً , يستمع إلى النسيم الذي تغلغل في
الأشجار وإلى صوت الأجراس التي تردد صداها في الوادي . وفكر في
أنه لم يعرف يوماً مثل هذا السلام والجمال . ولكن . . .
إنها العودة الممتازة إلى المكان الممتاز . لكنه شعر فجأة بالوحدة كما
لم يفعل قط في حياته .
استلقى في سريره وحاول أن ينام , إنما من دون جدوى , فما كان
منه إلا أن نهض ونزل إلى مكتبه . إنه الصباح في تكساس , وكان بارتون

من أجاب على الهاتف , فسأله آملاً : (( هل سيلينا لا تزال عندكم ؟ ))
ـ لا , فقد غادرت فور رحيلك . عادت إلى هنا لتأخذ جيبرز ثم
رحلت . ألم تكن رائعة ؟ جيبرز هو الجواد الذي تحتاجه . ستصبح نجمة
مع هذا الجواد .
ـ عظيم , عظيم !
حاول ليو أن يبدو سعيداً ومرحاً , لكن , ولسبب لم يشأ أن يتعمق
فيه , لم يسر لسماع أخبار نجاحها في الجهة الأخرى من العالم .
ـ هل اتصلت بكم ؟
ـ اتصلت بالأمس لتسأل عن أليوت , فقلت لها إنه بخير .
ـ هل سألت عني ؟
كان قد وعد نفسه بألا يطرح هذا السؤال , لكنه خرج من بين
شفتيه رغماً عنه .
ـ لا , لم تأتِ على ذكرك . لكن إذا ما اتصلت بها فأنا واثق . . .
لِمَ علي أن أتصل بها في حين أنها لم تهتم حتى لتسأل عني ؟ هذا ما
خطر له .
ـ بارتون , لا يمكنني أن أتصل بها . تعرضت للسلب وفقدت
الورقة التي كتبت عليها رقم هاتفها الخلوي . هل لي أن أحصل عليه ؟
ـ كنت لأعطيك إياه لو أني أملكه . لكنني لا أعرف كيف أتصل
بها .
ـ عندما تتصل في المرة القادمة , هلا شرحت لها ما حصل وطلبت
منها أن تتصل بي ؟
ـ طبعاً .
ـ هل قالت لك إلى أين تتوجه ؟
ـ رينو , على ما أعتقد .
ـ ســأترك لها رسالة هناك .
حاول أن يركز على زيارته القادمة إلى البندقية , حيث سيحضر
زفاف شقيقه الأصغر غويدو , من خطيبته الإنكليزية دولسي . وسيقام
زفاف آخر قبل زفاف شقيقه بيوم , إذ سيتزوج عمه , الكونت
فرانشيسكو كالـﭭـاني , من ليزا , مدبرة منزله السابقة وحب حياته .
سيكون هذا الزفاف خاصاً ومختصراً .
كان ليو ينتظر بشوق مناسبة عائلية مفرحة , لكنه شعر الآن ,
وبشكل مفاجئ , بأنه لا يرغب في حضور أي عرس .
أين هي ؟ ولِمَ لم تتصل به ؟ هل نسيته بهذه السهولة ؟
أرسل أكثر من رسالة إلكترونية على موقع الروديو في رينو , فصل
فيها تحركاته في الأيام القادمة , كما ترك رقم هاتف عمه في البندقية ,
ورقم هاتفه الخلوي , وذكرها برقم هاتف منزله على سبيل الاحتياط .
بقي حتى اللحظة الأخيرة متعلقاً بأمل أن تتصل به , لكن الهاتف ظل
صامتاً . وأخيراً , غادر منزله متوجهاً إلى البندقية .
لم يكن ليو يوماً رجلاً كئيباً . وكان من النادر أن تخرج امرأة من
حياته رغماً عنه , لكنه يتصرف عادة بشكل إيجابي إذا ما حصل هذا .
والعالم مليء بالنساء الضاحكات , السهلات المعشر على غراره ,
واللواتي يسعدهن أن يمضي الوقت معهن . لكن هذه الفكرة لم تفرحه .
استقل القطار من فلورنسا إلى البندقية حيث ينتظره مركب العائلة
لينقله إلى قصر كالـﭭـاني الواقع على القناة الكبرى , وعندما وصل , وجد
العائلة تتناول طعام العشاء . عانق ليزا ومن ثم عمه , ودولسي ,
وهارييت ولوسيا , والدة ماركو . كان غويدو وابن عمه ماركو
موجودين أيضاً . وبعد أن تصافحوا , انتهى الترحيب .
حاول أن يبدو كعادته أثناء تناول الطعام , ولعله خدع أقاربه من
الرجال . لكن عيون النساء أكثر حدة في هذه المسائل , وما إن انتهت
الوجبة حتى أحاطت به دولسي وهارييت وقادتاه إلى الأريكة كزوج من

كلاب الرعاة يسوق أسداً , ثم أجلستاه بينهما .
قالت هارييت : (( وأخيراً وجدتها )) .
سألها براتباك : (( هي ؟ )) .
ـ تعرف من أعني . هي ! المرأة المناسبة . لقد علقت في الشباك .
سألته دولسي : (( ما اسمها ؟ ))
توقف عن المواربة إذ لن يتمكن من خداعهما . واعترف : (( اسمها
سيلينا , التقينا في تكساس , وقد شاركنا معاً في الروديو )) .
وصمت . فسألتاه بشوق : (( ومن ثم ؟ ومن ثم ؟ ))
ـ رحلت كما رحلت أنـا .
فقالت دولسي : (( إذن , ثمة قاسم مشترك بينكما )) .
وافقت هارييت : (( تزاوج عقلين متماثلين )) .
فاقترحت دولسي : (( لا أظن أن للعقل علاقة بذلك )) .
ـ فعلاً .
قال ليو هذا , وهو يتذكر نعومة سيلينا بين ذراعيه . وللحظة شعر
وكأن أنفاسها الحارة تلفح بشرته وتدعوه إلى شغف وحنان عظيمين .
واضاف بشكل مفاجئ : (( كان الأمر رائعاً )) .
فقالت له هارييت : (( كان عليك أن تصطحبها معك لتقابلنا )) .
وسألته دولسي : (( لكن ألم تتبادلا رقمي هاتفيكما وعنوانيكما )) .
ـ ليس لديها عنوان , فهي تجول من روديو إلى آخر وتعيش حيثما
تصل . كنت أملك رقم هاتفها الخلوي , لكن . . . لا بد أنكما تعلمان
أن محفظتي سرقت مني , وكانت الورقة في داخلها . حاولت أن أتعقبها
عبر الإنترنت , لكن يبدو أني , ولسبب ما , أفقد أثرها في كل مرة . وقد
لا أراها ثانية .
أصدرت الشابتان أصوات تعاطف . لكن ليو شك في أنهما تجدان
الأمـر مسلياً في سرهما . ولعله كذلك . ليو كالـﭭـاني , الرجل الحر , فقد
شهيته لأن امرأة شابة , ذات طبع متقد , اختفت من حياته , يا له من
أمر مضحك ! وبعد حين , انضم إلى الرجال الآخرين , لكن حتى
رفقتهم لم تنجح في تسكين ألمه . عريسان سعيدان وخطيب ليسوا ما
يحتاجه في مزاجه الحالي التعيس .
وبدأ الجمع يتفكك تدرجياً , فاختفى غويدو ودولسي معاً ليضعا
اللمسات الأخيرة على تحضيرات عرسهما الوشيك . وغادر ماركو
و هارييت ليتنزها في شوارع البندقية . خرج ليو إلى الحديقة حيث وجد
الخالة لوسيا جالسة بهدوء , تتأمل النجوم في السماء .
قال ليو وهو يجلس قربها : (( أظن أن ماركو و هارييت سيحددان
موعد زفافهما في أي لحظة )) .
فقالت لوسيا بلهفة : (( أرجو ذلك . أعلم أنهما خرجا معاً الآن ,
وآمل أن يعودا وقد اتفقا على التفاصيل )) .
سألها بفضول : (( أنت متحمسة جداً لهذا الزواج , أليس كذلك ؟
علماً . . . حسناً , أنه ليس زواج جب , أليس كذلك ؟ )) .
ـ أتعني أني دبرته ؟ نعم , لقد فعلت وأنا لا أنكر ذلك .
ـ ألم يكن من الأفضل تركه يختار عروسه بنفسه ؟
ـ أخشى أني كنت لأنتظر طويلاً . يجب أن يكون في حياة ماركو
امرأة , وإلا سينتهي به الأمر وحيداً , وهذا فظيع .
ـ ثمة أمور أسوأ من الوحدة يا خالة .
ـ لا يا عزيزي , ما من شيء أسوأ .
لم يتمكن من أن يجيبها . ولأول مرة في حياته , شعر بأن ما تقوله
صحيح . واستفهمت بلطف : (( أظنك بدأت تكتشف ذلك للتو , أليس
كذلك ؟ )) .
هز كتفيه بلا مبالاة وأجاب : (( إنها حالة نفسية وحسب . لقد
أطلت الغياب . وبعد أن عدت وجدت الكثير من العمل

بانتظاري . . . )) .
واختفى صوته .
ـ صفها لي .
أخبرها قصته مجدداً , أطـال هذه المرة في وصف سيلينا . ولأول مرة
راحت الكلمات تنساب من فمه بسهولة , فاستطاع أن يتكلم عن
الحلاوة واللطف خلف القشرة الشائكة , وكيف استطاع اكتشاف هذه
الطبيعية بلطف , كيف أسرته .
سألته لوسيا : (( أنت تحبها كثيراً , أليس كذلك ؟ )) .
فسارع يدافع عن نفسه : (( لا , لا أظن أني . . . في الواقع , لا
أستطيع منع نفسي من أن أقلق عليها . فليس لديها من يهتم بها . لم يكن
لديها أحد يوماً . لم تعرف سوى أناس حاولوا استغلالها . عائلتها
الوحيدة هي أليوت . ولهذا , انفطر قلبها حين أدركت أن أيامه
ولت . . . إنها وحيدة من دونه )) .
ـ وفقاً لما قلته , فهي تستطيع العناية بنفسها , وقبضتاها قويتان .
ـ يمكنها أن تعتني بنفسها من هذه الناحية , لكنها وحيدة في
داخلها . لا أظن أني قابلت يوماً شخصاً وحيداً بقدرها . إنها تعتقد أنها
أكثر سعادة هكذا .
ـ لعلها كذلك . فقد قلت للتو إن ثمة أموراً أسوأ .
ـ كنت مخطئاً . عندما أفكر في أنها ستستمر بحياتها على هذا النحو
لسنوات . . . وهي تخدع نفسها مدعية أنها سعيدة , فيما هي تنعزل عن
العالم أكثر وأكثر . . .
ـ قد لا يحصل هذا . ستلتقي شاباً لطيفاً وتتزوجه . وبعد سنوات
قليلة , قد تلقاها صدفة فتكتشف أنها رزقت بطفلين وتنتظر الثالث .
عبس ليو وقال : (( أنت ذكية يا خالة . تعلمين أني لا أريد ذلك )) .
ـ أتساءل ما الذي تريده فعلاً .
ـ مهما كان ما أريده , أظن أني لن أناله .
راحت الأضواء تخف تدريجياً على طول القناة . وخلفهما , بدأت
الساحة الكبرى تقفل محالها ومقاهيها . وقف ليو وساعد لوسيا على
النهوض يدورها . و قال : (( أشكرك لأنك أصغيت إلي . أخشى أن
دولسي و هارييت تسخران مني وتعتقدان أني مهرج بعض الشيء )) .
فقالت لوسيا وهي تضغط على يده : (( حسناً , كانت حياتك مليئة
بالورطات والأشراك القصيرة الأمد . لكن , إن كانت سيلينا هي المرأة
المناسبة لك فستجدها مجدداً . علماً أني أظنها مجنونة إن لم تأتِ للبحث
عنك )) .
رد ليو بكآبة : (( لعلها لا ترغب في أن تجدني . حتى وإن فعلت , فما
الفائدة بالنسبة إلي ؟ فهي لا يرغب في حياة عادية , في مكان واحد , مع
زوج وأولاد )) .
ـ لم أكن أعم أن أفكارك وصلت إلى هذا الحد .
فقال على الفور : (( لم تصل . كنت أتحدث بشكل عام )) .
ـ حسناً , حسنـاً .
ـ إنها تحب الترحال , الانتقال من مكان إلى آخر , عدم معرفة مـا
بحمله الغد . لذا , لن أتمكن من إسعادها على الأرجح .
ـ كف عن هذا الكلام . إذا قُدر لحبك أن يكون , فسيكون .
والآن , لدينا حفل زفاف في الغد , وسنستمع بوقتنا جميعاً .
وصلت سيلينا في وقت متأخر إلى باحة مزرعة فورتين حيث
توقفت لترتاح . وكان بارتون في انتظارها .
ـ سمعت أنك أبليت حسناً في رينو .
فردت : (( ســأصبح مليونيرة قريباً . بارتون , هل من خطب ؟ )) .
ـ اتصل بي ليو .
ـ أحقاً ؟

ـ لا تدعي أنك لا تهتمين للأمر . أظنك في حالة سيئة كحاله .
ـ و لِمَ هو في حالة سيئة ؟
ـ لأنه أضاع رقم هاتفك . كاد يجن وراح يتصل بك هنا وهناك ,
ويترك لك الرسائل كي تعاودي الاتصال به .
ـ لكني لم أكن أعلم بذلك . . .
ـ لا , اضطررت للتغيب فترة , لذا تركت خبراً بأن يعلموك بما
يجري إذا ما اتصلت . لسوء الحظ , تركت الرسالة مع بولي . لا أدري
إن كان كثير النسيان , أو أن الأمر يتعدى ذلك . . .
ونظر إلى وجهها ثم أردف : (( هل ذلك علاقة بالحادثة التي تعرض
لها بولي حين " داس على المذراة ؟ " )) .
ـ حسناً , لم أشأ أن أخبرك , بعد أن كنت لطيفاً للغاية معي . . .
ـ اعلمي أني رغبت دائماً في لكمه بنفسي .
ـ لقد تصرف بشيء من الوقاحة , فقمت . . . حسناً . . .
ـ أنت من فعل ذلك , وليس ليو ؟
ـ لا , لم يكن ليو . فقد وصل بعد أن انتهى الشجار . لكن , لعلي
تماديت .
فقال بارتون مستمتعاً : (( لا , لم تتمادي . لكنك أحسنت فعلاً حين
لم تخبري والدته , فهي تبالغ في ردات فعلها على هذه المسائل . حسناً ,
حسناً , لقد تمكن من الثأر منك )) .
ـ ربما علي أن أتصل بليو .
لكن سيلينا بدت غامضة وشاردة الذهن .
ـ ألا ترغبين في ذلك ؟
ـ بالطبع أرغب في ذلك , لكنه بعيداً جداً . وسيكون شخصاً آخـر
في بلاده .
ـ ما عليك إلا أن تذهبي وتعثري عليه في بلاده . اكتشف ما إذا
كان بإمكان تلك البلاد أن تصبح بلادك . سيلينا , عندما يستمر رجل
ما في الاتصال , ويبدو عليه الاضطراب كهذا الرجل , فهذا يعني أن
لديه ما يقوله للمرأة التي يبحث عنها . وهذا الكلام لا يقال عبر
الهاتف .
ـ أتعني أن . . . أذهب أنــا إلى إيطاليــا ؟
ـ إنها ليست الجهة الأخرى من القمر , تعرفين أني سأعتني بجيبرز
و أليوت أثناء غيابك . لديك مال الجوائز , فما الذي يمنعك من السفر ؟
وعندما لم تجبه , راح بارتون يقلد صوت الدجاجة وحركاتها .
ـ أنـا لست جبانة كالدجاج .
ـ لست جبانة في الحلبة وهذا أمر أكيد , فـأنـا لم أر يوماً من هو
أشجع منك . لكن هذا الأمر سهل . أمـا العالم فمخيف أكثر , ربما
عليك أن تفكري في ذلك .
* * *
في طريق عودته إلى منزله , كـان ليو يحاول أن يقنع نفسه بأن الأمور
ستتحسن . فهذه طريقة القدر في إعلامه بأنه وسيلينا لن يجتمعا .
كان الزفاف رائعاً , لكن رؤية شقيقه سعيداً للغاية بعد أن أصبح
زوج دولسي جعلته غير راضٍ عن نصيبه . وهذا لا يعني أنه كان يفكر
في الزواج . لكن مجرد تخيل سيلينا في الثوب الأبيض الناصع والمخرم
الذي اختارت دولسي أن ترتديه , أعاد هذه الفكرة إلى الواجهة . على
الأرجح , ستفضل سيلينا أن تتزوج وهي تعتمر قبعة طويلة وتنتعل
حذاء رعاة البقر .
عندما وصل إلى منزله , كان قد حسم المسألة في فكره , لقد أمضيا
وقتاً ممتعاً معاً , لكن كل هذا انتهى , كمـا ينبغي له . لن يفكر بها ثانية .
كانت جينا قد انتهت لتوها من ترتيب سريره . حيته واتجهت نحو
النافذة حيث تركت منفضة الغبار . وشرعت تقول : (( أراد رينزو أن
يراك بعد الظهر , لكي يتمكن . . . من هذا يا ترى ؟ ))

ـ من ؟
وتقدم ليقف قريباً عند النافذة المطلة على الطريق الذي يصل من
مورنزا .
شخص طويل ونحيف , يرتدي بنطلوناً من الجينز وقميصاً ويحمل
حقيبتين , كان يتجه نحو المنزل . كانت المرأة تتوقف أحياناً لتنظر إلى
الأعلى , ويدها تظلل عينيها . بدت بعيدة جداً فلم يتمكن ليو من رؤية
وجهها , لكنه عرف التفاصيل الأخرى كلها , من مشيتها المتمايلة إلى
جانب رأسها حين تميل به إلى الخلف . قالت جينا : (( لا بد أنها غريبة
عن هذه البلاد , لأنها . . . سيدي ؟ ))
لم تجد مستخدمها إلى جانبها . لكنها سمعت وقع خطاه السريعة
وهو ينزل السلالم , ثم رأته في الأسفل يركض بسرعة جعلت جينا تظن
أنه سيقع في الوادي . رمت الشابة حقيبتيها وبدأت تركض أيضاً . وفي
اللحظة التالية , ارتميا في أحضان بعضهما البعض وقد نسيا بقية العالم .
نادت جينا إحدى الخادمات : (( سيلينا , لدينا ضيفة . اتركي مـا
تفعلينه وجهزي لها غرفة )) .
وأضــافت وهي تتأمل الشكلين المتعانقين : (( وأظنها ستطيل
الإقامة )) .

* * *

نهاية الفصل(( السابع)) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:37 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


8 ـ
اعترافات رجــل



ـ أخبريني أني لا أحلم . أنت فعلاً هنـا !
ـ أنـا هنا , أنـا هنا ! المسني .
راحت سيلينا تبكي وتضحك في آن معاً . بذل قصارى جهده
لطمأنتها فسحقها في عناق قوي وتشبث بها .
ـ لطالما تخيلتك وأنت تسلكين هذا الطريق , ليتبين لي لاحقاً أنها
مجرد خدعة من الضوء .
ـ ليس هذه المرة . لو هل أنت سعيد حقاً لرؤيتي ؟
وفجأة , خذلته الكلمات ولم يعد يجد تلك التي تعبر عن مشاعره .
هل هو سعيد لرؤيتها ؟ كل ما يعرفه هو أن الغصة في حلقه جعلت من
الصعب عيه أن يتكلم . وقالت سيلينا مذهولة : (( أنت تبكي )) .
ـ لا , أنا لا ابكي . وحدهم الضعفاء يبكون .
ذكرها بكلماتها الخاصة , لكن عينيه بدتا رطبتين , ولم يحاول
تجفيفهما . إنه لاتيني , وقد تربى عل ألا يخجل من مشاعره وانفعالاته .
كما لم يكن يرغب في إخفاء هذه المشاعر عن هذه المرأة .
أمسك بوجهها بين راحتيه , وراح يتأملها بشوق وحنان قبل أن
يعانقها عناقاً طويلاً . تجاوبت سيلينا مع عناقه من كل قلبها , مدركة
أنها قطعت هذه المسافة كلها لهذا السبب , وأن ما من شيء يمكن أن
يبعدها عنه .

حمل إحدى حقيبتي سيلينا تحت إبطه والأخرى في يده , ثم وضع
يده الحرة حول خصرها , وعندئذ , صعدا التلة معاً متوجهين إلى
المنزل . سألته سيلينا بعد أن رأت بعض الوجوه عند النوافذ : (( هل
أسرتك هنا لتزورك ؟ )) .
ـ لا , إنهن . . .
ومنع نفسه من أن يقول الخادمات , فقال : (( بنات أخوة جينا )) .
وكان هذا صحيحاً , فعندما يحتاج لاستخدام شخص جديد ,
يكتفي بأن يعلم جينا فتأتي له بشخص مناسب من أسرتها الكبيرة .
وبعد قليل اختفت الوجوه , وعندما وصلا إلى الباب لم يجدا في
استقبالهما سوى جينا التي ابتسمت مرحبة وأعلنت أن غرفة الآنسة
تُجهز وأن المرطبات ستُقدم على الفور .
تركتهما جينا , فأخذ ليو سيلينا بين ذراعيه مجدداً , وأدناها منه
ليريح رأسه على شعرها . وسألته سيلينا : (( كيف علمت بقدومي لتحضر
لي الغرفة ؟ )) .
ـ رأتك وأنت تصعدين التلة , وعندما قمت . . . وعندما قمنا . . .
حسناً , أظن أن الجميع يعرف بقصتنا الآن .
كادت تسأله ما هي " قصتهما " برأيه , لكنها عدلت عن رأيها ,
فهي نفسها لا تعرف الجواب و هذا ما جاءت لاكتشافه هنا . وفي هذه
اللحظة , ما من شيء يهم بقدر السعادة التي غمرتها لوجودها معه . في
هذا البلد الغريب الذي لا تعرفه لغته , شعرت بأنها وصت إلى بيتها
وموطنها , لأنه هنـا ولأنه جزء منه .
سألها ليو : (( لِمَ لم تستلقي سيارة أجرة إلى هنا ؟ )) .
ـ لم أعرف كيف أقول له عنوانك . وجدت باصاً , على مقدمته
لافتة كُتب عليها مورنزا , لكني لم أكن أعلم أن علي شراء التذكرة من
محل السكاكر أولاً . وعندما فعلت , كـان الباص قد رحل . حسنـاً ,
اسخـر مني بقدر ما تشاء .
كان يضحك لطريقتها في الكلام , لكنه سيطر على نفسه وقال :
(( أنا آسف عزيزتي , لم أستطع منع نفسي . إنها طريقتك في رواية ما
حدث . نحن مجانين بعض الشيء في إيطاليا , ونشتري التذاكر من محال
السكاكر )) .
ـ وماذا يحصل لو كانت محال السكاكر مقفلة ؟
ـ نسير .
ضحكت ضحكة رنانة . وأنزل رأسه حتى أراح جبهته على
جبهتها , وهو يبتسم برضا و سعادة لوجودها معه هنا . ثم قالت :
(( وهكذا , انتظرت الباص التالي , ثم عرفت منزلك من وصفك له )) .
ـ لكن , لِمَ لم تتصلي بي لآتي و أستقبلك ؟
ـ حسناً . . . أنت تعلم . . .
طوال الرحلة , عذبتها فكرة ألا يرغب في وجودها هنا , وأن
تسمع الحيرة والارتباك في صوته إذا مـا اتصلت . لعله اتصل بها في
تكساس ليقول ألا تتصل به لأن ما حصل بينهما مجرد غلطة . وحده
وجودها فوق الأطلسي منعها من التراجع و الترجل من الطائرة .
ووعدت نفسها بأن تعود على الفور بعد أن تحط الطائرة , أو أن
تسمع كلمات بارتون حين نعتها بالجبن , فأجبرت نفسها على المضي
قدماً .
رافقها إلى الغرفة التي أنهت الخادمات تجهزيها للتو , فراحت
تتأمل المنزل بجدرانه الحجرية الضخمة وهما يصعدان إلى الطابق
العلوي . إنه كما وصفه بالضبط , باستثناء أنه أكبر بكثير مما تخيلت .
غرفتها أيضاً كبيرة جداً , و أرضيتها من الخشب الملمع . أمـا السرير
فهو أكبر سرير رأته في حياتها , مع ظهر من خشب الجوز المحفور .
وتحمي النوافذ مصاريع من الخشب السميك التي تمنع دخول الحر .

عندما فتحتها جينا , تمكنت سيلينا من الخروج إلى شرفة صغيرة لتتأمل
الوادي فكان أجمل مشهد ريفي رأته يوماً , إذ تمتد التلال على مدى
النظر , خضراء و زرقاء , فيما تخفي أشجــار الصنوبر الحدود .
كان الطقس لا يزال دافئاً بما يكفي لتناول العشاء في الخارج ,
وهما يشاهدان غروب الشمس . وقدمت لهما جينا حساء السمك ,
وهو خليط من الحبار والقريدس ويلح البحر والثوم و البصل
و الطماطم . شعرت سيلينا وكأنها ماتت وصعدت إلى الجنة . قالت
وهي ترتشف العصير : (( عدت لأجد بارتون قلقاً ومضطرباً , فقد ترك
الرسالة مع بولي الذي " نسيها " )) .
فغامر ليو قائلاً : (( لكن جاذبيتي التي لا تقاوم شدتك رغم
ذلك ؟ )) .
فرت بحزم : (( جئت لأشاهد الروديو في غروستو , هذا كل ما في
الأمر )) .
ـ ولا علاقة للأمر بي ؟
ـ لا علاقة للأمر بك , فلا تتباهى .
ـ حسناً سيدتي .
ـ و توقف عن الابتسام , هكذا !
ـ لم أكن أبتسم .
ـ بل فعلت , كالقطة التي أكلت الجبن . اجتيازي نصف العالم بحثاً
عنك لا يعني شيئاً , هل تفهم هذا ؟
ـ طبعاً , وتمضيتي الأسابيع القليلة الماضية وأنا أبحث كالمجنون عبر
الانترنت لأحاول الوصول إليك ومعرفة أخبارك , لا تعني شيئاً أيضاً .
ـ حسناً , اتفقنا !
ـ اتفقنا !
وجلسا صامتين يتأملان بعضهما البعض بسعادة .
قالت : (( فعلتها مجدداً , عندما وصلت إلى هنا ناديتني بالإيطالية ,
لكنك لم تقل لي ما تعنيه الكلمة )) .
كانت تنظر إليه , فقال وهو يمسك بيدها : (( عندما ينادي رجل
امرأة بهذه الكلمة ومعناها . . . )) .
وفجأة , وجد صعوبة في الكلام . فقد اعتاد في الماضي أن يستخدم
الكلمة بشكل عشوائي , من دون أن يعنيها . لكن الوضع تغير الآن ولم
يبق لديه سوى الكلام القديم الذي لطالما أثار الجدال و النقاش .
قال : (( هذا يعني أنها أكثر من عزيزة عليه , هذا يعني . . . )) .
وتوقف عن الكلام مع وصول جينا لترفع الأطباق قائلة : (( الطبق
الرئيسي سيدي )) .
ابتسم ليو وترك الحديث عند هذا الحد , ستتاح لاحقاً فرصة
قول كل ما يرغب في قوله .
أنهيا الوجبة بالعسل والكيك بالجوز . وكانت عينا سلينا تكادان
تطبقان لشدة تعبها . وأخيراً , أمسك ليو بيدها و قادها إلى الطابق
العلوي ليتوقفا عند بابها , ثم قال بصوت ناعم : (( تصبحين على خير ,
عزيزتي )) .
ـ تصبح على خير .
وداعب خدها قبل أن يتركها .
استقى في سرير من دون أن يغمض له جفن طيلة الليل تقريباً .
وجودها في بيته , تنام في الغرفة المجاوزة , جعله يشعر كرجل يخبئ كنزاً
تحت سقفه . كان الكنز كنزه وسيحتفظ به , وسيحارب العالم بأسره من
أجله إذا ما اضطره الأمر .
استيقظ مع بزوغ الفجر وتوجه إلى النافذة ففتح مصراعيها ووقف
على الشرفة الصغيرة . شعوره بالذهول لقدومها المفاجئ لم يفارقه بعد ,
فأراد أن يتأمل مجدداً الطريق المؤدي إلى القرية , الطريق الذي طالما نظر

إليه , وقد تملكه الشوق إليه , حتى ظهرت في أحد الأيام .
ظل في النافذة المجاورة جعله يلتفت . رآها تقف هناك , لكنها لم
تكن تنظر إليه بل إلى الوادي , وقد بجا وجهها هادئاً ومأخوذاً , وكأنها
في عالم آخر . وفيما كان يتأملها , رفعت رأسها بما يكفي لتمنحه
ابتسامة قصيرة , ثم عادت كرة أخرى تتأمل الوادي .
لقد فهم الآن !
وضع عباءته على كتفيه وخرج من غرفته متوجهاً إلى غرفتها . وقف
خلفها عند النافذة ووضع يديه على كتفها بنعومة . عندما استندت
إليه , أحاطها بذراعيه , فرفعت ذراعها بدورها لتضعهما على
ساعديه . وفقا هناك في أحضان بعضهما البعض , وقد تملكهما شعور
بالرضا , شعور لا يشبه كل ما عرفه في حياته من قبل .
في الأسفل , لاحظا الوهج الناعم الذي راح يزحف نحو الوادي .
في البدء , كان باهتاً , ثم راح يزداد قوة . بدا الضوء سحرياً , وكأنه من
عالم آخر , واستمر لدقائق معدودة مباركة . بعدئذ , تغير وأصبح أكثر
حدة وقوة , أصبح عادياً , جاهزاً ليوم عمل كبقية الأيام . ولم يبق منه
سوى الذكرى . تنهدت سيلينا تنهيدة رضا واكتفاء , تنهيدة هادئة بحيث
شعرت بها حواسه بدلاً من أن يسمعها . ثم قالت : (( هذا ما أردته . منذ
أن أخبرتني عن الضوء , و أنا أتوق لرؤيته )) .
ـ وما رأيك ؟
ـ إنه جميل كما وصفته . أجمل ما رأت عيناي يوماً .
قال : (( يمكنك أن تريه في الغد أيضاً . أمـا الآن . . . )) .
وشدها بنعومة إلى الخلف , وأخذها بين ذراعيه حيث اكتشفا نوعاً
آخر من الجمال في عناق لم يرغبا في أن ينتهي .
لطالما تخيل ليو اللحظة التي يعرف فيها سيلينا على باري , الفرس
التي أصبحت جاهزة للبيع منذ أشهر , لكن أناقتها وحيويتها منعتاه من
بيعها بانتظار الشخص المناسب . وسيلينا هي هذا الشخص المناسب .
كان يشتبه في ذلك وقد تأكدت ظنونه بعد أن شهد حبهما من النظرة
الأولى , وهو يعرف الآن الكثير عن الحب من النظرة الأولى . وخطر له
أن يقدم باري لسيلينا كهدية زفاف . وهو لم يعد يتهرب من هذه
الأفكار , فعل الرجل أن يعرف كيف يتقبل الأمر حين تنقلب حياته
رأساً على عقب بسبب امرأة .
أمضيا أيامهما في التجوال على ظهري جواديهما بين حقوله
وكرومه , وأمسياتهما في التسامر تحت ضوء القمر , ليفترقا على مضض
بعد عناق طويل يحملانه مشاعرهما التواقة كلها . وفي إحدى
الأمسيات , قال لها : (( تولي الاهتمام بالجياد , تولي الاهتمام بي , بأحدنا
أو بكلينا , كما تشائين )) .
رفعت رأسها وراحت تنظر إلى وجهه , كان ضوء القمر ينير
الشرفة , رامياً الظلال في وجهها , فلم يسمع سؤالها لشدة استغراقه
في تأملها .
همس : (( ماذا قلت ؟ )) .
ـ قلت إن الوقت حان لتنهي شرح معنى تلك الكلمة الإيطالية التي
لا تنفك تستعملها .
ابتسم لها ابتسامة حنون وقال : (( هذه الكلمة تعني أنك أغلى عندي
من العالم بأسره , فأنت حبي ومحبوبتي الوحيدة )) .
بعد أسبوع , قصدا ماريما , وهي منطقة جنون توسكانا , تقع على
الشاطئ . وهذه المنطقة معروفة غالباً باسم (( الغرب التوسكاني )) , إذ
تربي المواشي فيها بأعداد كبيرة , ولا تزال تستخدم فيها كفاءات رعاة
البقر التقليدية .

ويحتفل بكل هذا سنوياً عبر إقامة روديو , يتألف من استعراض
يخترق شوارع مدينة غروستو المجاورة كلها , وعرض يستمر طيلة بعد
الظهر . اصطحب ليو سيلينا إلى المدينة ليلتقيا المنظمين , واصفاً إنجازاتها
بتعابير حارة .
عندئذ , فاجأته سيلينا بدورها . فطيلة الطريق على المدينة , كانت
متمسكة بغرض عريض مسطح , رافضة أن يراه ليو . وتبين لاحقاً
أنها صور له وهو راكب على ظهر الثور .
قالت : (( أعرف الرجل الذي يلتقط الصور في الروديو , حتى
للأشخاص الذين لا يربحون . بحثت عنه فوجدت معه هذه الصورة
لك . تبدو رائعاً , أليس كذلك ؟ )) .
بدا مذهلاً , كان قد رفع إحدى ذراعيه في الهواء , كما رفع رأسه ,
فيما ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة تعكس شعوره بالسرور
والانتصار .
قال : (( لا يمكن للمرء أن يعرف أني سقطت أرضاً في اللحظة
التالية )) .
تأمل أحد المنظمين الصورة ثم سعل باحترام , وقال : (( ربما
بإمكانك يا سيدي أن تقدم عرضاً مشابهاً على ظهر الثور في هذا
الروديو )) .
فرد ليو على عجل : (( لا أظن ذلك . فلديهم في تكساس ثيران
خاص , تربى لهذه الغاية وتتميز بشراستها )) .
ـ أظن أننا لن نخيب أملك يا سيدي . لدينا هنا ثور تمكن حتى
الآن من جرح رجلين حتى الموت . . .
جاهد ليو حوالي عشر دقائق ليتخلص من هذا المأزق الذي ازداد
صعوبة بسبب ضحكة سيلينا .
قال لها وهما يخرجان : ؛؛قلت له إنك ستقدمين عرضاً لسباق
البراميل )) .
ـ جيد , لكن الأمر لن يكون مماثلاً إن لم تمتطِ أنت ذاك الثور .
ـ أغربي عن وجهي !
لم تقم عائلة ليو بالرحلة من قبل . لكنهم قادمون هذه السن
وبقوة , لأن الأخبار الجديدة وصلتهم , وهي أن ليو الذي يحب
السيدات الممتلئات الجسم , وقع (( ضحية )) امرأة بارزة العظام , ذات
قامة نحيلة ورأس أشبه بكتلة نار .
وهكذا , قرر غالبية أفراد أسرة كالـﭭـاني أن يتوجهوا إلى المزرعة
لقضاء الليل قبل التوجه إلى غروستو . لم يكن ينقص سوى ماركو .
وسيأتي الكونت والكنتيسة كالـﭭـاني , برفقة غويدو ودولسي , من
البندقية .
عندما علم ليو بما يخططون له وبأن مشاريعهم جاري على قدم
وساق , أدرك أن يوم الاعتراف لا يمكن أن يؤجل أكثر . عليه أن
يعترف قريباً لسيلينا بكل ما أخفاه عنها , من ثروته التي تستحق
الشجب إلى ارتباط اسمه الفظيع بلقب . ويبقى أن ينتظر ليرى أي من
الخبرين سيروعها أكثر .
وفيما كان لا يزال يحاول أن يتطرق إلى الموضوع , باغتته
الأحداث . فقد دخلت سيلينا إلى مكتبه في أحد الأيام بحثاُ عنه : (( ليو ,
هل أنت هنـا ؟ )) .
دفعت الباب لتفتحه أكثر . لم تجد أثراً لليو لكنها استطاعت أن
تسمع صوته آتياً من الممر الخلفي , فدخلت إلى الغرفة لتنتظره . عندئذ ,
لفت نظرها شيء ما . رأت العديد من الصور على المكتب , فدفعتها
حشريتها إلى التقدم والنظر إليها . ما رأته جعلها تعبس في البدء , ثم
راحت تحدق بارتباك .
إنها صور زواج , ما ذكرها بأن ليو حضر مؤخراً زواج شقيقه
غويدو . ها هما العريس والعروس التي بدت رائعة في الثوب البيض
المخرم , فيما بدا وجه العريس خطراً وفاتناً . وإلى جانبيها , وقف ليو ,
وقد تأنق كما لم تره من قبل , يا لها من أناقة . إنها ثياب مكلفة , ومع
قبعة على رأسه ! وماذا في ذلك ؟ جميع الناس يتأنقون في الأعراس .
لكن خلفية الصورة لا يمكن تجاهلها . ثريات , صور قديمة , مرايا
ذات أطر مذهبة . كانت الثياب ملائمة بامتياز , وهذا ما لا تفعله
الثياب المستأجرة . كما تبدو على هؤلاء الأشخاص الثقة الرهيبة التي
تترافق مع المال و المركز الرفيع .

شعور غريب , أشبه بالرعب , بدأ يسيطر على معدتها , ويهدد
باكتساحها .
ـ لقد وصلت للتو .
كان ليو واقفاً عند العتبة , يبتسم لها بطريقة يمكن أن تجعلها تنسى
أي شيء آخر . قال لها وهو يتقدم ليأخذ الصور : (( دعيني أعرفك إلى
عائلتي . هذا أخي غويدو ودولسي . هذان الشخصان التافهان هنا هما
والدها وشقيقها , و إن لم أرهما مجدداً فهذا أفضل . وهذا قريبي ماركو
وخطيبته هارييت . وهذا الرجل عمي فرانشيسكو وزوجته ليزا )) .
ـ ما هذا المكان خلفكم جميعاً ؟ هل استأجرتم قاعة البلدية أو شيئاً
من هذا القبيل ؟
فقال بنبرة متقطعة : (( لا . . . إنه منزل عمي )) .
ـ هذا ؟ أيعيش هناك ؟ إنه أشبه بالقصر .
أصبحت نبرة ليو أكثر تقطعاً : (( أفترض . . أن هذا هو ما عليه . .
في الواقع )) .
ـ ماذا تعني ؟
ـ يُدعى قصر كالـﭭـاني ويقع على القناة الكبرى في البندقية .
ـ عمك يعيش في قص ؟ هل هو من الأسرة المالكة ؟
ـ لا , لا , ليس إلى هذا الحد . إنه مجرد كونت .
ـ لم أسمع ما قلته . فقد غمغمت الكلمة الأخيرة .
فكرر ليو رغماً عنه : (( إنه كونت )) .
حملقت فيه : (( أنت قريب كونت حقيقي ؟ )) .
فأكد لها ما قاله كرجل يحاول أن يجد ظروفاً مخففة لجريمة ما :
(( نعم , إنما من الجهة الخاطئة )) .
اتهمته : (( لكنهم يعرفونك , أليس كذلك ؟ أنت فرد من الأسرة )) .
تنهد و أقر بذلك : (( أبي كان شقيق العم فرانشيسكو . ولو أن
زواجه من أمي قانوني , لكنت . . . حسناً . . . الوريث )) .
عندئذ , التفتت إليه وعلى وجهها نظرة رعب . لكن ليو استرضاها
بقوله : (( لكن الزواج لم يكن قانونياً . وبالتالي , لست الوريث . إنها
مشكلة غويدو وليست مشكلتي , وهو غاضب مني لهذا السبب , وكأن
الذنب ذنبي , فهو لا يريد هذا اللقب بقدر ما لا أرغب فيه أنا . كل ما
أردته يوماً هو هذه المزرعة والحياة التي أعيشها هنا . يجب أن تصدقيني
سيلينا )) .
ـ أعطني سبباً واحداً يجعلني أصدق كلمة مما تقوله .
ـ هيا , أنـا لم أكذب عليك يوماً .
ـ كما لم تخبرني الحقيقة يوماً .
ـ حسناً , هل أخبرتني قصة حياتك كلها منذ البدء ؟
ـ نعم .
لقد نالت منه في هذه النقطة , فقرر أن يعدل أسلوبه , فقال : (( أنت
لا تتصرفين بشك منطقي . لو كنت فقيراً , فكيف كنت لأتعرف إلى
بارتون وأذهب لزيارته ؟ )) .
ـ لقد أخبرتني أنك بعته بعض الجياد . كما يمكنك أن تشتري
تذكرة سفر بسعر زهيد في هذه الأيام . وثمة شيء آخر . . . هذا المنزل ,
هؤلاء الناس , وهذه الأرض . . . عندما تكلمت عن المكان , ظننت
أنك تستأجر قطعة أرض صغيرة في مكان ناءٍ , لكنك تمتلك كل هذا ,
أليس كذلك ؟
ـ لم أدعِ يوماً خلاف ذلك .

ـ وكم تملك ؟ أنت المالك , أليس كذلك ؟ ليس هنا وحسب , بل
في القرية ونصف المسافة إلى فلورنسيا أيضاً , على حد علمي .
فاعترف ببؤس : (( بل أكثر من ذلك , في الواقع )) .
ـ يمكنك أن تشتري بارتون , أليس كذلك ؟
هز كتفيه باستسلام : (( لا أعلم , عل الأرجح )) .
ـ ظننت أنك مجرد فتى من الريف . . . تركتني أظن ذلك . لكنك
ملك من ملوك المال .
ـ أنا فتى ريفي .
ـ أنت ملك ريفي , هذا ما أنت عليه .
بدت شاحبة من شدة صدمتها .
ـ ليو , كن صادقاً معي لأول مرة منذ تعارفنا . أنت بالغ الثراء
أليس كذلك ؟
ـ تباً سيلينا , هل ستتزوجيني من أجل مالي وحسب ؟
ـ لن أتزوجك على الإطلاق , لقد توهمت . . .
ـ لم أتقصد ذلك , وأنت تعرفين هذا .
ـ كل ما قلته لك , عن أصحاب الملايين وعن أنهم ليسوا
أشخاصاً حقيقيين . . .
ـ حسناً , تعلمين الآن أنك كنت مخطئة .
ـ بالطبع أعلم ! أظنك أثبت أني كنت محقه في ما يتعلق بالأسوأ .
ما كنت لأعتقد أن بإمكانك أن تفعل هذا بي !
قال مناشداً فضاء الغرفة : (( ماذا فعلت ؟ هلا قلتم لي ماذا
فعلت ؟ )).
ـ ادعيت أنك شيء , في حين أنك شيء آخر .
فصاح بصوت عالٍ : (( بالطبع فعلت . ما كنت لأخاطر بفقدانك .
أتظنين أني لا أعلم ؟ بالطبع , أعلم . ما إن التقينا حتى عرفت أنك
امرأة غير منطقية , غريبة الأطوار , وتفتقرين إلى الحس السليم . لم أشأ
أن أخيفك فترحلي ؛ لذا , لعبت بحسب قواعدك و شروطك . حتى
إني لم أتمكن من أن أخبرك أني قمت . . . )) .
توقف عن الكلام قد وصل إلى حافة الهاوية .
ـ تخبرني أنك قمت بماذا ؟
ـ نسيت .
لكن , عندما التقت عيونهما أدرك أن من الأسهل أن يُعلق
كالخروف المعد للسلخ .
ـ حسناً , الشاحنة , ومقطورة الجياد . . . مني .
ـ أنت . . . اشتريت الشاحنة . . . ومقطورة الجياد ؟
ـ وجيبرز . . . سيلينا , كان خبراء شركة التأمين ليسخروا منك .
كنت تعلمين ذلك . إنها الطريقة الوحيدة لتتمكني من السفر مجدداً .
أملت ألا تكتشفي ذلك , أو على الأقل ألا تغضبي مني كثيراً إذا ما
عرفته .
راح يتأمل وجهها , وهو بالكاد يجرؤ على تصديق ما يراه .
ـ لِمَ تضحكين ؟
قهقهت : (( تعني . . . أنك كنت المعجزة ؟ وليس بارتون ؟ )) .
ـ نعم , أنا وليس بارتون .
ـ لا عجب في انك بدوت غاضباً للغاية عندما قلت ذلك .
فاعترف ليو : (( كنت لأقتله . أردت أن أخبرك الحقيقة لكني لم
أستطع , لأني علمت أنك لن ترغبي في أن تديني لي . لذا , فكرت في
طريقة أخرى . يمكننا أن نتزوج , فتصبح هذه الأشياء هدية زفافنا ,
وتعود الأمور إلى نصابها )) .

حملقت فيه : (( أنت جاد , أليس كذلك ؟ )) .
ـ حسناً , بحسب رأيي , إذا ما تزوجتني , فكل هذا المال المثير
للاشمئزاز سيصبح لك . عندئذ , ستضطرين للسكوت عنه .
فكرت في كلامه ثم قالت : (( حسناً اتفقنا )) .
حينذاك , لم تقل له إنها تحبه , قالتها لاحقاً تلك الليلة بعد أن
عانقها , مطلقاً العنان لمشاعره الجامحة , وبعد أن تركها لتخلد إلى
النوم . ولم يسمع همسها وكلماتها سوى وسادتها التي أخفت السر على
غرارها .
و في أمسية أخرى , أحضر طبقاً من الفواكه وجلسا يأكلان
ويتحدثان , وسألته : (( كيف حصل أن عائلتك تملك أراضٍ هنا ؟ إذا
كنتم من نبلاء البندقية , فماذا تفعلون في توسكانا ؟ )) .
ـ كيف يمكنك أن تسألي ؟ الكل يعرف أن الأرستقراطيين الملاعين
يصادرون الأراضي أينما استطاعوا . وبهذه الطريق , نبقى مسيطرين
على رقاب الفقراء .

ـ آه , أنت مضحك للغاية ! ماذا تفعلون هنا ؟
ـ جدي , الكونت أنجلو , وقع في حب امرأة من توسكانا , تدعى
ماريا رينوتشي . وهذا . . .
وأشار إلى الوادي مضيفاً : (( . . . كان مهرها , بما أن عليه أن
يورث ملكيته في البندقية لابنه البكر ووريثه . . . وهو عمي
فرانشيسكو . أما الأراضي هنا فاستخدمت لتأمين إرث لأخوي
فرانشيسكو الصغيرين , برتراندو وسيلفيو . أخذ سيلفيو نصيبه نقداً
وتزوج من ابنة مصرفي في روما . ابنهما هو ماركو , لكنك لن تلتقيه في
الأسبوع القادم لأن مشكلة وقعت بينه وبين خطيبته الإنكليزية ,
هارييت . لقد عادت إلى إنكلترا فتبعها إلى هناك , ليحاول استرضاءها .
وأرجو أن يعيدها ليحضرا معاً زفافنا )) .
داعب وجهها , محاولاً أن يلهيها بفكرة زواجهما . تقبلت مداعبته
وعانقته بحماس , لكنه لم يتمكن من إلهائها , إذ أصرت : (( ومن ثم ؟ )) .
ـ أحب برتواندو العيش في الريف , فأتى إلى هنا وتزوج من أرملة
تدعى أليسا , التي أصبحت والدتي . وقد توفيت بعد ولادتي بفترة
قصيرة , فتزوج مجدداً من دونا , والدة غويدو . لكن تبين لاحقاً أن
والدي لم يسجل زواجها الأول في الدوائر الرسمية المختصة لأن أمي
كانت لا تزال متزوجة من زوجها الأول . وبالتالي , ام أكن أنا من
حصل على اللقب وإنما أخي , لأن الأوان على تصحيح وضع زواجها
من والدي قد فات . وتقايضنا أنا وغويدو الإرث نوعاً ما . ولا يمكن
أن أقول لك كم يسرني أننا فعلنا . وإلا , فأنـا و أنت . . .
ـ لا . . .
قالت هذا كما توقع , ثم أضافت : (( ما كنت لأتزوجك لو كنت
تحمل لقباً , فهذا مخالف لمبادئي , وفضلاً عن ذلك . . . على أي حال ,
لا يهم . لكن عائلتك ما كانت لتتقبلني ككونتيسة )) .
ـ أنت لا تعرفين شيئاً عنهم . إنسي الأفكـار المسبقة التي تحملينها
في رأسك . نحن لا نأكل في أطباق من ذهب . . .
ـ يا للعار ! كنت أتشوق لذلك .
ـ هلا صمت وتركتني أكمل حديثي ؟ و لا تنظري إلي بهذه الطريقة
وإلا نسيت ما سأقوله .
ـ حسناً , ثمة أمور مثيرة للاهتمام يمكننا أن نقوم بها بدلاً من . . .
فقال وهو يمسك بأصابعها التي حامت على وجهه : (( عندما أنهي
حديثي , عائلتي ليست كما تظنين . كل ما سيهمهم هو أننا نحب بعضنا
البعض . لقد تزوج غويدو ودولسي مؤخراً بعد قصة حب جمعتهما ,

وكذلك فعل عمي فرانشيسكو الذي انتظر أربعين عاماً حتى وافقت
المرأة التي يحبها على الزواج به , ورفض الزواج من امرأة أخرى . كان
لديها بعض الأفكار الغريبة , وكان هــو رجلاً صبوراً , لكني لست مثله .
وإذا خطر لك أني سأنتظر أربعين عاماً لتدركي ما عليك فعله , فأنت
مجنونة . والآن , كنت تتحدثين عن أمور أكثر إثارة للاهتمام . . . )) .

* * *
نهاية الفصل(( الثامن)) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:38 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

9 ـ
لن يفهمني !


حاولت سيلينا أن تأخذ الأمور ببساطة , لكن فكرة لقاء أسرة ليو
جعلها تشعر بالتوتر ولم تستطع أن تسترخي . لقد قال إن رأسها مليء
بالأفكـار المسبقة , وهذا صحيح جزئياً . كان خوفها كله مركزاً على
فكرة الإتيان بتصرف أو النطق بكلمة قد تحرج ليو وتجعلهم يرمقونها
بنظرات جليدية . إنها تفضل أن تركب ثوراً على أن تخاطر بأن تبدو
حمقاء أمامهم .

وقبيل الموعد بأيام قليلة , تغير المنزل رأساً على عقب . فقد بدل ليو
وسيلينا غرفتيهما , وانسحبا إلى غرفتين أصغر حجماً في الجهة الخلفية
من المنزل , لكي يتمكن عمه وزوجته من الحصول على أفضل غرفة ,
فيما ينزل غويدو و دولسي في الغرفة المجاورة .
وراحت سيلينا تحدق مدهوشة إلى جينا وهي تحضر المنزل
للاحتفال , بمساعدة خادمتين وطاهٍ وفتاتين إضافيتين من القرية . كما
أثار أعصابها أن يقوم بخدمتها عدد من الخدم .
قال ليو : (( حسناً , أنت سيدة المنزل الآن , يمكنك أن تصرفي
العديد منهم . اجعلي البيت بيئتك فعلياً )) .
فسألته محبطة : (( أحقـاً ؟ )) .
وكانت عينا ليو مليئتين بمرح شرير و هو يقترح : (( كما يمكنك أن
تتولي مهام الطبخ )) .
ـ وهل تذوقت يوماً طهوي ؟

ـ أكلت منذ بضعة أيام سندويشاً أعددته , وما زلت أستيقظ ليلاً
بسببه . دعيهم يقومون بعملهم يا عزيزتي , واهتمي أنت بعملك , وهو
الجياد .
كانت قد بدأت فعلياً بإدارة هذه الناحية من الأعمال , فالأمور
أسهل مع الجياد إذ أنك تعلم ما هو متوقع منك . عملها هذا جعلها
تفكر في أليوت , فتملكها شعور بالحنين إلى الوطن . كان أليوت
صديقها الوفي الذي عاش معها في ظروفها الصعبة , والذي قد لا تراه
مجدداً .

بعد نوبة الحنين الأولى , وجدت أن هذا الشعور قد يباغت المرء في
أي لحظة ومن دون سابق إنذار . فخامة المنزل المطلقة بعد أن انتهت
جينا من تغييره , تركت في فسها الأثر نفسه , إذ جعلتها تفكر في
شاحنتها الصغيرة التي تجر خلفها مقطورة , وفي أليوت وفي نفسها وهما
يطاردان الآفاق البعيد مع مال بالكاد يكفي ليصلا إلى المحطة التالية ,
ثم يتكلان على بعضهما البعض ليربحا بعض المال للمرحلة التالية . ثمة
آفاق بعيدة هنا , هذا ما خطر لها وهي تتأمل تلال توسكانا , لكنها
بدت لها الآن خالية من المتعة بعد أن عرفت أنها ملك ليو , وبالتالي
ملكها , فما من ألغاو وأسرار في أفق تملكه , و ما من إثارة أيضاً . لكنها
دفعت هذه الأفكار جانباً . كانت تعلم أن هذه الزيارة مهمة لليو .

ومهما قال لينتقص من خلفيته الأرستقراطية , فهؤلاء الأشخاص هم
العائلة التي يحب , وهي تشك في أنه يشاركهم قيمهم أكثر مما يدرك .
هذه الفكرة جعلته يبدو بعيداً بعض الشيء .
مع اقتراب اليوم المنشود , راحت معنوياتها تضعف وازداد
ارتباكها بحيث إنها لم تبدِ أي معارضة حين اقترح عليها ليو أن تشتري
بعض الفساتين . اختارت أثواباً غير ملفتة قدر الإمكان لأنـها لم تعد
واثقة من نفسها , ولم تشأ أن تلفت الأنظـار إليها .

قرر الكونت فرانشيسكو كالـﭭـاني أن يقطع المسافة من البندقية إلى
المزرعة في سيارته الليموزين الخاصة , لأنه شعر أنها ستكون مريحة أكثر
لحبيبته ليزا التي لا تحب السفر في القطار . وسافر غويدو ودولسي في
سيارتهما الرياضية الأنيقة . توقفا في فلورنسيا لتناول الغداء , فوصلا
إلى بيللا بودينا في وقت متأخر من بعد الظهر . لقد انطلقا قبل الكونت
ووصلا إلى مقصدهما قبله . قال غويدو وهو يصافح سيلينا : (( لم نعد
قادرين على الانتظار لنلقاك )) .
أحبته على الفور , لم يكن يشبه أخاه , لكن عينيه تلمعان بالمرح
نفسه . ولعل الوميض في عيني ليو أكثر دفئاً فيما هو أكثر عبثاً في عيني
غويدو .

كانت دولسي نحيفة بقدر سيلينا نفسها , لكنها تتميز بشعر طويل
أشقر متموج , حسدتها عليه سيلينا في سرها . احتضنتها المرأة , وقالت
بشوق كم يسرها أن يصبح لديها أخت جديدة قريباً . وبدأت سيلينا
تسترخي . . .
وبعد دقائق قليلة , اجتمعوا في الخــارج لاستقبال الكونت
و الكونتيسة كالـﭭـاني . انزلقت السيارة اللماعة السوداء حتى توقفت
تماماً , ثم خرج منها السائق وعمد إلى فتح أحد أبوابها , ترجلت منها
امرأة صغيرة البنية , ذات وجه نحيل وعينين مخيفتين . ساور سيلينا
شعور غريب بأنها كانت متوترة للغاية وهي تتأمل ما حولها .
وفكرت في أنها تنظر بازدراء لأنها وجدت نفسها في مزرعة ,
وهي التي اعتادت أن تعيش في قصر . . . ثم رأت الكونت يترجل من
جهته ويبتسم لزوجته التي بادلته الابتسام ووضعت يدها على ذراعه .
دخلا المنزل معاً وتم التعارف .

كان الكونت كالـﭭـاني يتمتع بسحر العائلة الموروث . صافح سيلينا
وكأنها ابنة طال غيابها , وراح يحدثها بإنكليزية ممتازة . ابتسمت ليزا
لها وصافحتها , ثم ألقت خطاب ترحيب قصيراً و رسمياً , توجب ترجمته
إلى الإنكليزية . شكرتها سيلينا بتعابير متكلفة أيضاً , تعابير ترجمها
الكونت إلى الإيطالية .

وبصفتها سيدة المنزل , رافقت سيلينا ليزا إلى غرفتها , وشكرت
دولسي التي رافقتهما وترجمت لهما . وأخيراً , فرت شاكرة الرب على
خلاصها الرحيم , وتملكها شعور رهيب بأن رد فعل الكونتيسة مماثل
لرد فعلها .
بدا ثوبها مزرياً إلى جانب أناقة الكونتيسة الهادئة وجمال دولسي
المتوهج . وعندما سحبتها جينا إلى غرفة الطعام لتلقي نظرة على الطاولة
الأنيقة , رغبت في أن تختفي عن الأنظار لاقتناعها بأن جينا تعرف أن
العشاء الأنيق سر ولغز بالنسبة إليها , وأنها تستخف بها لهذا السبب .
قال بيأس : (( عظيم , الطاولة تبدو رائعة يا جينا )) .
ـ الطعام جاهز سيدتي .

ـ في هذه الحالة . . . أفترض أن علي أن أدعوهم للدخول .
قامت بذلك عبر إعلام ليو الذي أعلن الأمر بنفسه . علمت أن
عليها أن تقوم بذلك بنفسها , لكنها تفضل أن تمتطي ثوراً على أن تقف
أمام هذا الجمع وتدعوهم إلى غرفة طعامها . وبدأت تتساءل عن موعد
الرحلات إلى تكساس .
تحسنت الأمور بعض الشيء حين وجدت نفسها تتحدث إلى
دولسي . تبادلت المرأتان القصص عن (( الحياة قبل لقاء احد أفراد أسرة
كالـﭭـاني )) , على حد تعبير دولسي , التي أثارتها خلفية سيلينا . وقالت
بتوق : (( لطالما أحببت أفلام الغرب الأميركي . أكنت تقومين بأعمال
الغرب الحقيقية فعلاً ؟ كاستخدام الحبال وامتطاء الجياد وما شابه ؟ )) .
ـ أنا أمتطي الجياد . لكنني لا أستخدم الحبال . . . إلا أنني
أستطيع ذلك . فقد علمني أحد الشبان , وقال إني أجيد ذلك .

ـ هل ستقدمين عرضاً بالحبال غداً في غروستو ؟
هزت سيلينا رأسها وردت : (( النساء لا يقدمن عروضاً بالحبال في
الروديو , بل يشاركن في ساق البراميل )) .
كانت عينا دولسي تلمعان وهي تقول : (( أتظنين أن منظمي الروديو
في غروستو يعلمون ذلك ؟ )) .
كشرت سيلينا وقالت بتقدير : (( أنت خطيرة )) .
فأومــأت دولسي برأسها .
ومن الجهة الأخرى من الطاولة , راح غويدو وليو يراقبان
شريكتيهما برضا . وعلق غويدو : (( نحن نفعل ذلك دوماً )) .
فسأله أخوه : (( ماذا نفعل ؟ )) .

ـ يقول العم فرانشيسكو إن أفراد أسرة كالـﭭـاني يختارون الأفضل
دوماً : أفضل طعام , أفضل شراب , وأفضل النساء . لقد أحسنا
الاختيار , يا أخي , كلانا .
كانت الوجبة رائعة , هنا الكونت طاهي ليو وأصبح الجو ممتازاً .
واستمر هذا الجو حتى أثير موضوع الزفاف , فأعلن الكونت على الفور
أنه سيُعقد بالطبع في كاتدارئية القديس مارك في البندقية .
قال ليو : (( رأينا وسيلينا أن كنيسة الأبرشية في مورنزا تناسبنا )) .
ـ الأبرشية . . . ؟
بدا وكـأن الكونت لا يجد الكلمات المناسبة . لكنه عاد وسأل
باستهجان : (( أحد أفراد أسرة كالـﭭاني يتزوج في قرية ؟ )) .
فرد ليو بثبات : (( هذا موطننا , وهذا ما نريده أنـا وسيلينا )) .
ـ لكن . . .
كن ليجادل أكثر , لكن الكونتيسة وضعت يدها على ذراعه وقالت
شيئاً لم تفهم سيلينا منه سوى اسمها .
قال يسترضيها : (( حسناً , حسناً , لن أضيف أكثر )) .

وغطى يد زوجته براحته وأجابها باللغة نفسها التي استخدمتها .
لا يحتاج المرء لأن يكون نابغة ليعرف ما قالاه , هذا ما رأته
سيلينا . فالكونتيسة لا ترى ضرورة لهذا الهرج والمرج حول الموضوع .
وكاتدرائية القديس مارك أهم وأفخم من أنت تتزوج فيها سيلينا
غايتس , وقد وافقها الكونت الرأي .
ولحسن الحظ , رغب الجميع في الخلود إلى النوم باكراً , استعداداً
لمسرات اليوم التالي . وقد اعتادت سيلينا أن تنام بسهولة , لكنها بقيت
الليلة مستلقية في فراشها لساعات وقد جفاها النوم , تتساءل عما تفعله
هنا .

عند الصباح , غادروا المنزل باكراً وتوجهوا إلى غروستو , لتتمركز
العائلة في غرفة الفندق التي حجزها لهم ليو , والتي تشرف على
الاستعراض . أما ليو وسيلينا , فتوجها مباشرة إلى نقطة انطلاق
المركب . كانا اليوم مجهزين بأفضل ما وجداه عند داليا , قميصا رعاة
بقر مقفلان حتى العنق , حذاءان ملونان وحزامان بإبزيم فضي . وعندما
ثبت ليو القبعة الطويلة بشكل زاوية على رأسه , واعتمرت سيلينا قبعتها
بأناقة , أصبحا جاهزين للمشاركة في الاستعراض .
بعد الاستعراض , انتقل الجميع إل حقل مجاور حيث ستجرى
المسابقات بعد الظهر . وأول المسابقات , كانت ركوب الجياد غير
المروضة , وقد شارك ليو فيها , وجاءت نتيجته مشرفة وإن لم يربح .
بعدئذ , وُضعت البراميل , وتعالى صوت عبر المكبرات يخبر الحشود عن
إنجازات سيلينا , و يشير إلى أنها ستقطع الجولة في أربع عشرة ثانية كحد
أقصى .

شكل هذا الأمر تحدياً حقيقياً لها , إذ وُضعت البراميل بعيدة عن
بعضها البعض , كما أن باري تفتقر إلى الخبرة و التمرين . أعطى الاثنان
أفضل ما عندهما , وسجلا أرع عشرة ثانية ونصف , لكن هذا لم يمنع
المعلق من أن يصرخ (( أربع عشرة ثانية )) فور انتهائها . وقد سلم
الجمهور السعيد بصحة كلامه .

إذا ما ظنت سيلينا أن اليوم انتهى , فقد أخطأت , إذ إن الصدمة
كانت بانتظارها لاحقاً . المسابقة التالية هي مسابقة إمساك العجل
بواسطة الحبال , وقد سجل شخص مؤذٍ و شرير اسمها للمشاركة في هذه
المسابقة . وقد أقسم غويدو إنه ليس الفاعل . إلا أنها تمكنت , على غرار
ليو , من أن تشارك بشكل مشرف , لم تفقد معه ماء الوجه , وانتهت
فترة بعد الظهر في جو صاخب ومرح . هللت لها أسرة كالـﭭاني طويلاً ,
باستثناء الكونتيسة التي صفقت لها , إنما بهدوء , وتركت سيلينا تتساءل
عما تفكر فيه حقاً . وخطر لها أن الكونتيسة تقول في سرها إنها متهورة ,
لا تتصرف كسيدة ولا يمكن تغييرها .

انتشرت في المكان عشرات المنصات التي تبيع الأطباق والأطعمة
المحلية , فتناول الكل الطعام بحرية بما في ذلك الكونتيسة التي أكلت
بنهم واستمتاع . وشرح لها ليو : (( إنها من هذه الأنحاء , ولا تتاح لها
غالباً فرصة تناول الطعام التوسكاني )) .
وقالت لها دولسي لاحقاً فيما كانوا يشربون القهوة : (( أتعلمين ,
أنت كما توقعت تماماً )) .
نظرت إليها سيلينا بدهشة : (( أكنت تعلمين بشأني ؟ )) .
ـ عندما عاد ليو من تكساس , لم يكن بإمكانه أن يتكلم سوى
عنك . أخبرنا كيف التقاك , وأنك رائعة وأنه فقد رقم هاتفك . كاد
يجن . ولو لم تأتي إلى هنا , لسافر بحثاً عنك , وأنا واثقة من ذلك .
رفعت سيلينا نظرها لتجد أن عيني ليو عليهما , وكان يبتسم
ابتسامة عريضة محرجاً , لكن طبيعته الطبية متعته من الاعتراض على
سخريتهما منه . وقال لسيلينا : (( بت تعرفين الآن ! )) .
سخرت منه : (( هيا الآن , على أي حال , كنت أعلم . لطالما
علمت أنك لا تستطيع مقاومة سحري )) .
وضع يداً حنوناً حول كتفيها , وقال متأملاً : (( من جهة أخرى ,
أنت التي جئت إلي هنا بحثاً عني )) .

ـ لم آتِ بحثاً عنك , بل جئت من أجل الروديو .
فقال : (( حسناً , لقد انتهى الروديو الآن ويمكنك أن تعودي إلى
ديارك )) .
لكن ذراعيه اشتدت حول كتفيها فيما كان يتكلم . وكان الآخرون
يراقبونهما مبتسمين . قالت له بتحد : (( سأرحل إذن )) .
اشتدت ذراعه : (( حسناً , إرحلي )) .
ـ ســأرحل .
ـ حسنـاً .
ـ حسنـاً .
فقال غويدو بسخط : (( هيا , كفا عن ذلك وتعانقا )) .
بعدئذ , سهروا حتى وقت متأخر , غير راغبين في ترك هذه المناسبة
السعيدة تنتهي .
وفي الصباح التالي , تفرقوا بعد أن تواعدوا على اللقاء قريباً ,
عندما يعقد ليو و سيلينا العزم على الزواج . حتى إن الكونتيسة ابتسمت
وقبلت وجنة سيلينا , ما جعلها تشعر بأنها كانت قلقة من دون داعٍ .
وقفت هي وليو , متشابكي الذراعين , حتى اختفت آخر سيارة عن
الأنظار . بعدئذ , عادا مسرعين إلى عملهما .

كان موسم الحصاد قد حل الآن . وكان على ليو أن يهتم بقاف
العنب والزيتون ؛ لذا لن يتسنى لهما أن يتزوجا حتى ينهي عمله هذا .
أصبحت سيلينا مأخوذة بهذا الجانب من حياتهما , فراحت تمضي
ساعات طويلة على سرج جوادها تجول في الأراضي معه . كانا يعودان
إلى المنزل كل مساء , مرهقين إنما راضيين وقانعين بما تثمر به
الأراضي . وخف قلقها وتململها تدريجياً . ما من شيء تقلق بشأنه ,
ويمكن لهذه الحياة السعيدة أن تستمر إلى الأبد .
وفي الصباح أحد الأيام , أتى الاتصال الهاتفي من العدم . خرجت
سيلينا من غرفتها بعد أن استحمت لتجد ليو متضايقاً .
ـ اتصل العم فرانشيسكو للتو , وهو يريدنا أن نترك كل شيء وأن
نتوجه إلى البندقية على الفور , في هذه اللحظة .
ـ هل هو مجنون . نحن عل وشك أن نبدأ بجمع غلة العنب .
ـ هذا ما قلته له . قال إن الأمر طارئ .
ـ أتظن أنه يريد فتح موضوع الزفاف مجدداً ؟
ـ أرجو ألا يكون هذا سبب استدعائه لنا . قلت له مراراً وتكراراً
إننا سنتزوج في مورانزا , وهذا قرار نهائي , إذا ما جرنا إلى البندقية
ليناقش الموضوع مجدداً , فسوف . . .
وراح يبحث عن كلمات يمكن لطبعه المحب أن يتلفظها , ثم
أضاف : (( فسأقول له إنه ما كان عليه أن يفعل ذلك )) ,
ـ إذن , سنذهب ؟

ـ بل سنذهب , علي أن أتحدث إلى رينزو ومن ثم ســأخرج السيارة .
وتنهد قبل أن يردف : (( لمَ لم يقل لي ما حدث على الأقل ؟ حسناً ,
كلما أبكرنا في الوصول كلما عرفنا أسرع ما يحصل , وكلما تمكنا من
العودة باكراً )) .
سألته سيلينا مع اقرابهما من المدينة : (( إذا كانت شوارع البندقية
من ماء , فأين سنركن السيارة ؟ )) .
ـ ثمة ممر يمتد من البر الرئيسي إلى البندقية , ويمر فوق البحيرة
الضحلة . وعند الوصول إلى البندقية , ثمة محطة تدعى بيازا لا روما ,
حيث يمكننا أن نترك السيارة ونستقل المركب لنقطع المسافة المتبقية .
ـ سنستقل الغندول ؟
ـ لا , فهذه المراكب ليست كسيارات الأجرة . إنها تقوم بجولات
للسياح في المدينة. سيرسل لنا عمي مركبه .

لكن , عند وصولهما كانت بانتظارهما مفاجأة , إذ وجدا غويدو
هناك يرحب بهما , وقد حضر لهما غندولاً وليس مركباً عادياً .
هناك ليو مكشراً : (( نسيت أنك تظن نفسك سائق غندول )) .
وأضاف موجهاً كلامه إلى سيلينا : (( الغويدو بعض الأصدقاء من
أصحاب الغندولات , فيستعير مراكبهم عندما يحلو له ذلك , وهو يرى
الكدح الشريف بهذه الطريقة )) .
قال لها غويدو وهو يساعدها على الركوب : (( تجاهليه )) .
حمل حقائبهما , ثم التفت إلى ليو وأشار إلى المركب بانحناءة
مسرحية : (( سيدي )) .
فقال ليو مكشراً : (( أنت تخطط لشيء ما يا أخي الصغير )) .
ـ من , أنــا ؟
ـ لا ترمقني بهذه النظرة البريئة , فأنت تبدو دوماً بريئاً عندما تقوم
بعمل ما يجعل الكل يعبس . أتعرف شيئاً لا أعرفه ؟
مازحه غويدو : (( ما أعرفه أنا ولا تعرفه يمكن أن يملأ كتاباً . لكن
لا تلمني في ذلك , فهذه هي الحياة , وهذا هو القدر )) .

وانطلق , فتحول انتباه سيلينا عنهما لبعض الوقت ليرتكز على أول
رحلة لها في الغندول وأول زيارة لها إلى البندقية . بدا لها أنهم وصلوا سريعاً
إلى القناة الكبرى , الطريق الرئيسي العريض الذي يمر وسط المدينة .
قال ليو . وهو يشير إلى مبنى إلى يمينهم : (( هنا يعيش عمي )) .
كان قصر كالـﭭاني مبنى ضخماً , زُينت واجهته بزخرفات حجرية
أشبه بالمخرمات , وتكاد تخفي حجمه . وأدركت سيلنا أنه قصــر
حقيقي , فالثقة و الجمال ينضحان منه على حد سواء . لا بد أنه كان
مسكناً للوردات عظام على امتداد قرون , وعظمته لا تذعن وتنحني
لأي رجل . ومع أنها استطاعت أن تقدر الجمال و الثقة , لكنها شعرت
في الوقت عينه بسرور عميق لأنها ليست مضطرة إلى العيش فيه .
وتعاظم إعجاباً عند وصولهم إلى مرحلة الرسو حيث سارع الخدم إلى
مساعدتهم , إذ بدا وكأن المنزل الضخم , الساحر , مد يديه ليحتضنهم
أيضاً . همس ليو في أذنها : (( أعلم ما تفكرين فيه , إذ يخطر لي أحياناً أني
لن أخرج حياً من هنا )) .

جعلها كلامه تشعر بالتحسن فضحكت . إن كان شعوره مماثلاً
لشعورها , فلا بأس . واتسعت عيناها دهشة عندما رأت غرفتها , إذ
حتى الغرفة التي نزلت فيها في مزرعة فورتين لم تكن خيالية كهذه .
وهمست لليو : (( إنها كبيرة كملعب كرة مضرب , سأضيع فيها )) .
ـ لا تخافي , غرفتي في الطرف الآخر من الممر .
ورأت سيلينا ما جعلها تقفز من مكانها .
ـ ليو , من هذه وماذا تفعل بحقيبتي ؟
فقالت دولسي التي ظهرت فجأة خلفهما : (( إنها خادمـة ليزا ,
وقد أرسلتها لمساعدتك )) .
ـ تعنين أنها تظن أن لا فائدة مني ؟
فقالت دولسي : (( لا تكوني حساسة بهذا الشكل ! هذا مجرد إطراء ,
لأنك ضيف مبجل )) .

وفكرت سيلينا في أن المرء يمكن أن ينظر إلى هذا الأمر بهذه
الطريقة كما يمكنه أن يعتبره إهانة مبطنة , طريقة لتقول لها الكونتيسة إنها
تعرف أنه لن يكون لها خادمة خاصة بها يوماً . هذه مشكلة هؤلاء
الناس , لا يعرف المرء كيف يفسـر كلامهم وتصرفاتهم .
اعتمدت على ليو ليدعمها , لكنها أدركت سريعاً أنه لا يفهمها
سوى جزئياً . ومهما قال عن عدم ارتياحه في هذا المكان , تبقى حقيقة
أن هذه الأسرة أسرته , وأنه يحبها . وهو يشارك أفرادها تاريخاً وأفكاراً
لا يحتاجون لحديث عنها . كانوا يدعونه (( الريفي الشديد الارتباك ))
بنبرة محبة , ساخرة نسبياً , لكنه واحد منهم كما لن تكون سيلينا . . كما
لن تكون سيلينا أبداً !
واعتباراً من تلك اللحظة , شعرت أن كل شيء يحمل معنى
مزدوجاً . عندما أتت الكونتيسة شخصياً إلى غرفتها ورافقتها إلى
الأسفل لتناول العشاء , هل كان هذا إطراء أم طريقتها في أن تقول لها
إنها أغبى من أن تجد طريقها ؟ وعندما وقف الكونت ليأخذ بيدها ,
وهمس مديحاً على أناقة ثوبها ثم قادها للطاولة , ألم يكن يشير إلى أنها
اشترت ثوبها من سوق مورنزا ؟
حسناً , لن يفلحوا في تخويفها .

أخذت نفساً عميقاً وجلست في المقعد الذي اختاروه لها , إلى يمين
الكونت . بعدئذ , أبلت بلاء حسناً . كانت تخشى أن توقع إحدى
كؤوس الكريستال الباهظة الثمن وتحطمها , لكن اللمسة الخفيفة
و الماهرة التي اكتسبتها بفضل السباقات العديدة التي خاضتها ,
ساعدتها . عليها أن تتعامل مع هذه الأغراض كما تتعامل مع أي
جواد , ببراعة تتميز بالخفة لا بالقوة .
كان الطعام رائعاً , حتى إن حساسيتها المفرطة و المرضية لم تفلح في
أن تحوله إلى إهانة . وكانت قد بدأت تسترخي حين تعالت فوضى خفيفة
من خارج غرفة الطعام . وفي اللحظة التالية , هبت أسرة كالـﭭـاني كلها
واقفة لترحب برجل وامرأة دخلا إلى الغرفة .
صرخ الكونت فرحاً : (( ماركو ! هارييت ! )).
ورأت رجلاً وسيماً , أنيقاً وطويل القامة ترافقه امرأة شابة ذات
جمال كلاسيكي .

قال الكونت : (( أملت أن تنضما إلينا )) .
وتقدم بشوق ليصافحهما . وقال ماركو : (( بالكاد تمكنا من العثور
على تذكرتي سفر . لم نكن لنفوت المناسبة العظيمة إذا ما استطعنا
المساعدة . هل . . . ؟ )) .
فقاطعه الكونت على عجل : (( لا , لا , ليس بعد . تعالا لتتعرفا إلى
الفرد الجديد في أسرتنا )) .
التفت عينا سيلينا بعيني ليو عبر الطاولة , وقد بدا الارتباك
و التشوش على كليهما . المناسبة العظيمة ؟
إذن ماركو ! القريب الذي ذكره ليو , الشخص الذي لم يظهر
يوماً مشاعره , لكنه مع ذلك سافر إلى إنكلترا , مهملاً عمله كمصرفي في
روما , بغية استرجاع المرأة التي يحب . بدت تصرفاته الآن باردة
ومتكلفة , وكأن تصرفه العاطفي الانفعالي ذاك انتهى إلى غير رجعة .
لكنها لاحظت كيف تعود عيناه دوماً تتأملا هارييت , وكأنه لا
يستطيع أن يصدق أنها معه .

لقد أحبت دولسي على الفور , ووجدت نفسها الآن تحب هارييت
التي جلست إلى جانبها و تبادلت معها أطراف الحديث بين اللقمة
و الأخرى , فيما كانت تتناول الطعام بسرعة لتدرك المرحلة التي وصلت
إليها الوجبة .
قالت : (( أنـا سعيدة للغاية لأنكمـا , أنت وليو , تمكنتما من
الاجتماع . هذا ما أملناه , أنـا و دولسي )) .
تدخلت دولسي في الحديث : (( لقد أخبرتها كم تحدث عنها )) .
فأومـأت هارييت : (( أتذكر ذلك )) .
عندئذ , قال ليو : (( في الواقع , وجدتما الأمر مسلياً للغاية أنتما
الاثنتان )) .

ثم وجه ابتسامة عريضة لهارييت وتابع : (( لكننا سنسخر من ماركو
الآن . قلا بد أنك تغلغلت في مسام جلده حتى جعلته يلحق بك إلى
لندن و يبقى هناك لأسابيع . متى ستجعلين منه رجلاً شريفاً ؟ )) .
قالت هارييت ضاحكة : (( حسناً ’ لا بد أن يحصل ذلك قريباً ,
سيعطيني المتجر كهدية زفاف )) .
ثم وجهت الكلام إلى سيلينا : (( لدي متجر لبيع القطع الأثرية ,
لكن المشكلة أني فاشلة في إدارته . لذا , يحاول ماركو أن يعلمني (( الحس
المالي السليم )) , أي أبسط القواعد المالية )) .

فسألتها سيلينا بصوت مكتوم : (( أثريات ؟ أتعنين . . . ؟ )) .
والتفتت من حولها تتام ثريات الكريستال و اللوحات الثمينة , ثم
أردفت : (( أتعنين . . . هذا النوع من الأشياء ؟ )) .
فقالت هارييت بلهفة : (( نعم . هذا المكان يثير إعجابي , فهو مليء
بالجمال و التاريخ . يمكنك قراءة تاريخ البندقية في هذا المنزل , الناس ,
المناسبات . . . )) .
لم تسمع سيلينا المزيد , فقد غمرت قلبها الكآبة وأثقلته . أملت
للحظة أن تجد في هارييت توأم روحها , أملت أن تشعر مثلها وكأنها
سمكة خارج المياه في هذا المحيط الثري , ولكن تبين لها أنها تنتمي إلى
هذا المكان , كـأي فرد من أفرد أسرة كالـﭭـاني . يمكنها أن تنسجم مع
الأسرة بسهولة وتشكل جزءاً منها , ما يظهر بوضوح أن سيلينا نفسها
تبرز بينهم كإبهام متقرح .
لكن , يبقى هناك دولسي , التحري الخاص , الفتاة العاملة التي
عرفت معنى الكفاح من أجـل كسب لقمة العيش .
عليها أن تتمسك بهذه الفكرة , لأنها أدركت أن ثمة أفكــار لا
يمكنها أن تطلع عليها ليو . فبكل بساطة , هو لن يفهمها .
وهذا أسوأ ما في الأمــر !

* * *

نهاية(( الفصل التاسع)) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:25 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.