آخر 10 مشاركات
في محراب العشق "مميزة","مكتملة" (الكاتـب : blue me - )           »          603 - يائسة من الحب - ق.ع.د.ن ( عدد جديد ) ***‏ (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          Harlequin Presents - March - 2014 (الكاتـب : Gege86 - )           »          دموع تبتسم (38) للكاتبة: شارلوت ... كاملة ... (الكاتـب : najima - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          رافاييل (50) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الأول من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : Gege86 - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          32 - خذ الحب واذهب ! - ليليان بيك - ع.ق (الكاتـب : فرح - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-12-10, 09:30 PM   #1

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
:thanks: 117 - الأفق الضائع - ساندراك رودس - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة *)


117 _ الافق الضائع _ ساندراك رودس (كاملة)

الأفق الضائع
الملخص
*******************
يلهث كثير من الناس طوال حياتهم سعيا وراء الشهرة والثروة .
ولكن هذا لم يكن حال أوما بايروت ، فقد تخلت عن الأضواء في قمة مجدها بعد موت أخيها لتعيش حياة عادية في الظل ، بائعة زهور .....
وكانت سعيدة في حياتها حتى أوقعها سوء حظها في طريق ستان اواردز، محام ناجح وسياسي على طريق المجد ، يعرف من أين تؤكل الكتف..
منتديات xxxxx
وأدرك أن أوما هي الورقة الرابحة في حملته السياسية ، فاستطاع بقليل من الجهد أن يسقطها في حبائله ..
لكن ماذا سيفعل ستان عندما يكتشف أن أوما المسكينة التي وقعت في غرامه لا تستطيع العودة الى الأضواء حتى لو أرادت هذا من أجل حبيبها ؟ وهل يضحي بها من أجل مستقبله ؟.
*******************

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 27-11-17 الساعة 08:49 PM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:33 PM   #2

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

1- لقاء عاصف ...
********************
صدحت الألحان المألوفة من جهاز الموسيقى وأخذت أوما تدندن من غير وعي... كانت ترتب زهور الأقحوان الضوئية اللون ، في الفازة .. وارتفع صوتها مع اقتراب الأغنية من نهايتها وتراجعت الى الخلف معجبة بما صنعت .
ولم تحس أن الباب انفتح أو أن شخصا دخل الى المتجر ، وكسر الصمت الذي اعقب آخر الآنغام صوت فيه رهبة :
- "ياالهي اوما ...لن استطيع ابدا ان افهم كيف تمكنت من التوقف!"

استدارت اوما مجفلة فرأت صديقتها داريا تنظر اليها وعلى وجهها تعابير الإعجاب .. فكشرت قليلا وقالت :
- "لقد أخفتني .. لم اسمعك تدخلين .. هل بلغت الساعة السادسة "..
كان اليوم يوم جمعة ، وستخرج مع داريا بعد ساعات لتناول العشاء ، ثم للذهاب للسينما . أجابت داريا :
-"تقريبا .. لقد تحايلت وأقفلت محل الهدايا أبكر بقليل ... ولو كنت اعرف انك تقيمين حفلة غنائية لكنت تركت العمل أبكر من هذا هيا .... غن لي أغنية أخرى !"

دارت حول منصة العرض ، وجلست فوق كرسي مرتفع تحتفظ به أوما هناك . وابتسمت ابتسامة تودد
فهزت أوما رأسها قائلة :
-"لا تكوني سخيفة ! ماذا لو دخل زبون سيظن أنني جننت !"
نقلت الباقة الخاصة بعيد الهالويين إلى البراد:
- "أتمزحين ؟ ان سماع اوما بايروت شخصيا سينير له يومه ! ماكان يجب أن تتوقفي عن الغناء ".

نظرت داريا اليها بفضول ، وهزت رأسها قليلا... من السهل تصور اوما في دور نجمة رغم ان قصة شعرها عادية وما كياجها كان خفيفا ... فقد كان فيها شئ ما غير محدد المعالم . لم يكن ببساطة الجمال فقط .
فهي بالتأكيد جميلة بشعرها الرائع الأحمر البني الذي يحيط بوجه بيضاوي كلاسيكي ، مكمل بعينين كبيرتين بنيتين تميلان الى اللون الكرزي ...فهناك هالة ما سحر يلفت الانتباه بطريقة لا يستطيعها الجمال العادي .

قالت داريا باندفاع :
-"كان يمكن أن تصبحي نجمة متألقة الآن "..
هزت أوما كتفيها دونما اكتراث ، وأخذت تنظف بقايا اوراق الزهور كي لا تنظر الى صديقتها ...كان فضول داريا بشأن أوما بايروت يثير الإضطراب ...
تمنت اوما لو أنها لم تبح لها بسرها ن فمنذ أن اكتشفت مهنتها القديمة كمغنية، وهي تمطرها باسئلة عن حياتها السابقة ...
ومع علمها أنها تجرح مشاعرها برفضها مناقشة الأمر معها ، فأوما لم تكن تنوي قط أن تفعل هذا .. إنه الماضي الذي مات ودفن .. ولن تنبشه لإرضاء فضول صديقتها .

ومع ذلك كانت تحس بعقدة ذنب نحوها ، واستسلمت في النهاية لرجاء داريا بالغناء لها ... وبدأت أوما بالغناء مع تحول الجهاز الى نغم أغنية أخرى .
وبعد بضعة مقاطع استدارت كي لا ترى الفتاة وجهها .. لقد غنت هذه الأغنية مئات المرات من قبل ..

فقد كانت أغنية رئيسية في عرضهما وفي أثناء تفكيرها استطاعت سماع صوت أخيها باول الجهوري الملئ بالرجولة ، يرافقها في الغناء و اغرورقت عيناها فجأة بالدموع لقد مات منذ خمس سنوات وتتساءل دوما عما اذا كان الشوق إليه سيتوقف يوما .......


مع انتهاء آخر لحن رفرفت أوما بعينيها لتبعد البلل عنهما . والتفتت إلى داريا ..لكن لم يكن وجه صديقتها الذي شد انتباهها .. لحظة طويلة, بل وجه الرجل الواقف خلفها..
ولم تستطع سوى التحديق في عينيه الزرقاوين المتفرستين بها, وهى لا تزال عالقة في سحر الماضي.. ثم رفع حاجبين أسودين بتساؤل و خطوط وجهه الوسيم تعبر عن تسليته .

اشتعل وجه أوما.. أحست بحرج رهيب بوجود شخص غريب يراقبها تغنى في محل لبيع الزهور .. وازداد امتقاع لونها وهى تتمتم باعتذار :
-"أنا آسفة! لم أسمعك وأنت تدخل".
تجاهل إحراجها, وتابع التفرس بها, وتعبير الإعجاب في عينيه.. وبينما كانت عيناه تجولان في ثناياها, التى لا يكاد يخفيها "الأفرهول" الجينز الذي ترتديه
أحست أوما بوجهها يزداد حرارة :
-"هل هناك ما أستطيع مساعدتك به؟ كنت علي وشك أن أقفل المحل".

قال بإبهام:
"أنت رائعة".
عبست أوما .. فهي لم تفكر أنه يتكلم عن صوتها.
انبرت داريا الحديث بحماسة, تبتسم له:
-"يجب أن تكون.. الم تتعرف إليها؟".
نظر إلى أوما متبسما و قال :
-"أنا آسف .. لم أعرفها".

نظرت أوما على داريا نظرة شرسة تجاهلتها الصديقة و سألته:
-"سمعت بتأكيد بأوما وباول بايروت؟".
-"آسف لا يثير الاسم في نفسي أي رنين".
تدخلت أوما:
- "أنا واثقة أن السيد على عجلة من أمره يا داريا .. أتريد أزهارا ؟" .

لسؤ الحظ ، لم يعر كلامها اهتماما ، وبقي على حاله ، ينظر إليها بفضول .
- "أنت اوما بايروت؟" .

ردت بقسوة :
-" كنت "
ثم تذكرت أنه زبون وأحست أنها مجبرة لترد عليه .
-" إنه اسمي الفني ،كنت مغنية محترفة ، الزهور .... ".
- "محليا ".
- "أرجو عفوك ".

-"أكنت تغنين محليا ؟".
دفعت داريا نفسها إلى الحديث مجددا .
-" كانت أوما وأخوها نجمين لامعين في لاس فيغاس .. وكانا ناجحين جدا أستغرب عدم سماعك بهما .. ألم تسمع أغنية " سحر النجوم ؟ كانت أنجح أغنية لهما ظلت متربعة في القمة لفترة طويلة ".

في يوم ما ، سأقتل هذه الفتاة تعرف أنني لا أحب مناقشة ماضيَ الفني .. ولما بدا لها أن داريا ستتابع إمطار الزبون بتفاصيل عن حياة الثنائي بايروت الفنية
قاطعتها بفظاظة قائلة :
-"كما قلت كنت على وشك الإقفال. إذا قلت لي ماذا تحب...".

وبدل أن يجيبها سألها:
-"إذن أنت وأخوك غنيتما "سحر النجوم"؟".
ردت أوما متوترة:
-"هذا صحيح .. كنا مشهورين .. و الآن, إذا كنت لا تمانع".
تفرس بها لحظات, ثم طافت عيناه في المحل حتى استقرتا على باقة من القرنفل
فإشار إليها:
-"هذه تفي بالمراد".
سارت إلى منصة العرض لتجلب الأزهار و حين استدارت, كان لا يزال ينظر إليها, و في عينيه بريق تفكير متأمل.

-"كم من زمن مر و لم تغني فيه باحتراف؟".
التقت عيناها البنيتان بعينيه الباردتين.. و أسر نظرتها بعض الوقت..

سألته:
-"أتريد أن تضع عليها بطاقة؟".
انخفضت حرارة عينيه بسرعة .
-" لا أظن ... الزهور فقط ".
حاكت برودة صوته برودة صوتها ...

وأخرج محفظته من جيب سترته الداخلي ، وأخرج بطاقة اعتماد مصرفي وضعها على المنصة .
وبينما كانت اوما تلف الزهور بأوراق خاصة نظرت إلى البطاقة " ستان أواردز " ، سرعان ما تعرفت إلى الاسم .. فله مكتب محاماة في الطوابق العليا من المبنى ، و لاشك أنه يمر بالمحل كل يوم .. إضافة إلى أن صورته كانت تظهر في الصحيفة.. بصفته واحدا من أعضاء المجلس التشريعي في " فانكوفر ".


أحست بقلبها يغور: مع انه لم يدخل المحل من قبل,إلا أنه من أفضل الزبائن فيه, فقد طلبت سكرتيرته المئات من باقات الزهور باسمه في السنوات الثلاث التي مرت علي أوما و هي في مهنتها هذه.و ها هي قد رأته شخصياً تعامله بغاية الفظاظة.
وضعت الباقة علي المنصة أمامه, و رسمت ابتسامة دافئة كعرض سلام. لسوء الحظ, لم تتح لها فرصة معرفة ما إذا كان سيرد لها الابتسامة.. وبينما كانت تبعد يدها عن الباقة ارتطمت يدها بوعاء ماء كان فيه منذ قليل زهور الأقحوان فانسكب محتواه البارد على مقدمة بنطلون ستان أواردز الخالي من أية شائبه.

فصاحت بذهول:
-"أوه. . لا. . !".
أخرج منديله يمسح البقعة القاتمة عن بنطلونه الرمادي الفاتح .ويمنع القطرات من أن تتسرب إلى حذائه المصنوع يدويا قبل أن تجمع اوما شجاعتها لتقول المزيد :
-" أوه سيد أواردز .. أنا آسفة جدا ... "
ودارت حول المنصة لتساعده .. لكنه رفع يده يوقفها ..وقال بصوت أجش ..
-" أرجوك .. لا تزعجي نفسك "

ومسح بنطلونه مرة أخيرة , واستقام .. تم استعاد بطاقة الاعتماد
ودسها في جيبه :
-" لقد غيرت رأيي بخصوص الزهور .. أرجو أن تسامحيني لمنعي إياك من إقفال المحل " .
حين ارتد على عقبيه ليخرج أمسكت اوما بباقة الزهور وأسرعت خلفه :
-" أرجوك سيد أواردز .. خذ الزهور .. إنها هدية من المحل .. أعني إنها أقل ما أستطيع أن أفعله .. ويجب أن ترسل لي فاتورة تنظيف البنطلون .. أنا حقا آسفة . "

التفت وعلى وجهه تعابير الغيظ .. فعرفت أنه مازال غاضبا لكنه مد يده إلى باقة القرنفل وقال بتكلف :
-" شكرا لك .. سآخذ الأزهار .. الوقت متأخر لسوء الحظ ولن أستطيع إيجاد غيرها في مكان آخر .. خاصة وأنا مضطر الآن لتغيير ثيابي .. "

وابتعد عنها ليخرج من المحل ..، وأقفل الباب وراءه .
وقفت اوما بخزي تنظر إليه وهو يبتعد إلى أن قالت داريا من خلفها :
-" اوما .. كيف استطعت هذا ؟ أعرف أنك لا تحبين التحدث عن أيام الغناء لكن أكان يجب أن تصبي الماء على الرجل المسكين ؟ "

وجدت اوما متنفسا للوم الذي كانت توقعه على نفسها
فالتفتت إلها وعيناها تقدحان شررا :
-" كان هذا حادثا ! أما بالنسبة للأمر الآخر ، فبما أنك تعرفين أنني أكره الكلام عن الماضي فلماذا قلت له ؟ لقد سئمت منك . منذ ان عرفت أنني مغنية وأنت تدورين حولي وكأنني من صنف لعين ! وها قد قررت الآن ان تفتحي فمك أمام من تلتقين به ..قائلة بأنك تعرفين اوما بايروت العظيمة ! حسن جدا .. أدخلي هذا في رأسك : لم يعد لأوما بايروت وجود ! لقد ماتت هي وباول بايروت .. فتوقفي عن نبش الماضي ! ".


أخذ صدر داريا يختلج . وقالت بأسى :
-" ظننت أننا صديقتان ".
نظرت اوما إليها دون تأثر بالدموع المنهمرة على خدي الفتاة ، وبعد صمت متوتر أكملت داريا:
-" أظن أنه من غير المتوقع أن تصادق نجمة كبيرة شخصا عاديا مثلي ! أتصور أنك تخجلين من أن يعرف الناس أي نوع من الصحبة لديك هذه الأيام ".

وزال غضب اوما مع سماع صوت الفتاة المجروحة وقالت نادمة :

-" آسفة داريا ، إننا صديقتان , ولم يكن من حقي قول تلك الكلمات لك ".
-" لكنك عنيتها .. أليس كذلك؟ ".
ترددت اوما :
-" حسنا .. ليس بالطريقة التي خرجت بها .. أنت أفضل صديقة لي ، إنما ليتك تتوقفين عن الحديث عما كنت عليه يوما .. إن هذا الجزء من حياتي مضى وانتهى ولا أريد حتى أن أفكر فيه أبدا .. "

لكن الفتاة الأخرى لم تهدأ ، فتقدمت اوما منها خطوة لكن داريا تراجعت ..
- " أوه .. أنا لا أريد مجادلتك داريا .. لكن ألا يمكنك أن تنسي ما كنت ؟ ألا يمكن أن أكون فقط صديقتك اوما دوناهو التي تدير محل زهور ؟ " ..

بدا على وجه الفتاة نظرة عناد وفي عينيها بريق .
-"حسن جداً .. لكن فقط أخبريني لماذا لا تريدين التحدث بالأمر؟ فنحن صديقتان, لذلك يجب ألا يكون هناك أسرار بيننا فلو شرحت لي لتوقفت عن التفوه بكلمة عن أوما بايروت ".

نظرت أوما إليها ثم هزت رأسها .. داريا أصغر منها بخمس سنوات , وهذا بالطبع يؤثر في علاقتهما .. لكن أوما لم تشعر قط بهذا الفارق.
قالت بلطف:
-"داريا .. هناك أشياء , حتى أفضل الأصدقاء, لا يمكنهم التحدث عنها".

-"ألن تخبريني؟".
-"لا ..".
-"إذن لا أظن أننا صديقتان".
أحنت أوما رأسها وأخذت تدلك مؤخرة عنقها بعنف.

-"إذا كان هذا ما تشعرين به, إذن فلسنا صديقتين".
ردت بحدة:
-"عظيم".
خطت متشنجة تتجاوز أوما , وخرجت من المحل.

لم تتحرك أوما عدت دقائق .. داريا لن تعود .. إنها تعرف الفتاة جيداَ ومعرفتها هذه بها أعلمتها أنه لن تستسلم هي لها وتشرح له كل شيءٍ عن أوما بايروت ,فلن تسامحها .. لكنها لن تفعل ذلك حتى لإنقاذ صداقتها.
أخيرا تقدمت من الباب, أقفلت الزجاج و أدارت اللوحة إلى جهة "مقفل" وقالت لشجرة ظليلة قرب المدخل:
-"كأنني أراهن على حياتي اليوم .. خسرت لتوي صديقة و أفضل زبون في أقل من نصف ساعة ..

وأجهشت بالبكاء ..
كشر ستان اورداز لمنظر دفتر الملاحظات السميك الذي وضعته سكرتيرته أمامه .. كان الآن نادماً علي قراره المتهور بأن يدعو الآنسة أديسون إلي العشاء , لكن عندما دعاها بدت له الفكرة جيدة .. فذلك اليوم كان عيد ميلاد العانس المتوسطة العمر و بدا لها أن لا أحد عندها لتحتفل معه بالمناسبة .

في البداية كان الحديث مربكاً .. فلا شيء مشترك بينهما خارج نطاق علاقتهما كموظفة ورب عمل .. لم تكن الأعمال الموضوع المناسب لعشاء احتفالي .. و ذكر لها الحادث التي جرت معه في محل الزهور الذي جلب منه الزهور بمناسبة عيد مولدها .. أثار دون شك الموضوع حديث عزيزاً على قلب الآنسة أديسون .

ثار حماس الآنسة أديسون لان مغنيتها المحبوبة أوما بايروت , هي في الواقع المرأة التي طلبت من عندها الزهور مئات المرات خلال سنوات.. ولم تصدق أن رئيسها لم يسمع بها .. و في الساعة التالية راحت تعوض عن "جهله".. على ما يبدو قرأت الكثير من الكتب عن الأخوين .. هذا كان رأي ستان وهو ينظر إلى دفتر الملاحظات .

كان عليه على أية حال الاعتراف بأن الأمسية كانت مسلية , فحتى تلك اللحظات, كان يشك في أن الفتاة الأخرى تبالغ في شأن شهرتها في الغناء .. لكنها على ما يبدو لم تعط القضية حقها, و أخذ يقرأ قصاصات الصحف التي تسللت من بين صفحات دفتر الملاحظات .. كان للأخوين شهرة و ثروة خلال عملهما .. فكما يظهر في كل المجلات, كانا من أكثر النجوم المحبوبين على مسارح لاس فيغاس.

رن جرس الهاتف الداخلي على مكتبه ، فرفع زر النداء :
-"نعم ؟"
-" والدك على الهاتف سيد اواردز ، هل اوصله بك ؟"
-" هيا .. صباح الخير يا أبي ."
رد جوليان اواردز :
-" ستان مسرور لأني وجدتك ، تناولت الغداء مع كاين غارلاند بالأمس هو يقول إن ماكليبنتوغ سيستقيل .. ويظن أن رئيس الوزراء سيدعو الى انتخابات فرعية لملء المنصب هذا الربيع .. ويبدو لي أن هذه فرصتك .. أنا .. "

قاطعه ستان :
-" سمعت بأمر المقعد الذي سيشغر يا أبي .. أنا ومايكل في رأس القائمة ، وسنخوض المعركة معا ..لكن مازال كل شيء قيد التخطيط . "
سأله والده :
-" حسنا .. ما هي الخطط اللتي وضعتها حتى الآن؟ ألم تقابل جوردن حتى الآن؟ يجب أل تكسبه إلى جانبك ليدعمك"..

اشتد ضغط شفتا ستان:
-"نحن بحاجه إلى عدة خطط, ولكن الأمر الأساسي الذي نحتاجه الآن هو أن يكون لى شهرة أوسع"..
-"شهرة أوسع هراء, كل ما تحتاجه هو دعم أشخاص مناسبين مثل جوردن , أتريد مني أن أدعوه إلى المنزل؟ ربما في نهاية الأسبوع؟"..

-"لا يا أبى.. لا أستطيع.. لا أظنني أريد دعم جوردن. فأن وهو على طرفي نقيض في التصور السياسي, وأعرف أنه للحصول على دعمه, سأضطر لموافقته الرأي على أمور لا يمكن أن أوافق عليها..
لا تقلق فلست بدون دعم.. والآن ما سنركز عليه هو الحصول على بعض الشعبية "..

سخر منه والده :
-"شعبيه!"..
ثم انطلق يشرح القدرة السياسية التي يمتلكها السيد جوردن ، أصغى ابنه لكلامه بعدم اكتراث .. يعرف ان اباه يحاول مساعدته ولكنه منزعج لأنه يرفض أن يتقبل واقع قدرة ابنه على اتخاذ قراراته الخاصة بخصوص مستقبله السياسي .. وبخصوص حياته أيضا ..

أردف جوليان أواردز ساخرا :
- اعلم أنك بدون دعم الاشخاص السياسين لن تنتخب .. ربما لم اترشح قط لمجلس ولكنني اعرف عما أتحدث .. سيتم انتخابك بجلوسك مع رجال في غرف عابقة بالدخان .. لا بنشر صورتك في كل وسائل الاعلام ..


كان ستان في تلك اللحظة ويا للسخرية ، ينظر إلى صورة إعلانية من مجلة ولم تكن لسياسي ، بل للمغنية أوما بايروت . يالها من طفلة جميلة . صحيح أنها الآن غير قبيحة ولكنها لم تعد تمتلك تلك النظرة الفرحة التي جعلت من المراهقة امرأة ملفتة للنظر .. فهل هو العمر فقط الذي سلبها جمالها ؟

أردف الده :
- حسنا .. أنت توافقني الرأي إذن ؟سنلتقي جوردون ؟
- لا ..يجب أن أثق بهاتفي الداخلي .. أنا آسف أبي .. لكن هكذا سيكون الأمر ..الأن من الأفضل أن أتركك .. بلغ تحيتي .. إلى أمي ... وداعا.

وأقفل السماعة قبل أن يتمعن من تأخيره أكثر ..
بقي ستان عدة دقائق يدرس الصورة .. إن والده يسخر من قيمة الإعلان في حملة سياسية لكنه يعرف أكثر منه .. فلن يتمكن من من إيصال أفكاره إلى الناس ..أن لم يجذب اهتمام الناخبين إليه .. وليس الرجال في الغرف الخلفية العابقة بالدخان ممن يستطيعون الحصول له على هذا الاهتمام .. ربما ستكون هذه فرصة حتى يظهر لأبيه أن المسألة بحاجة إلى وسائل اخرى .

رمت أوما القلم على الطاولة , ثم مدت ذراعيها فوق رأسها لتريح عضلاتها المتشنجة. إنها تحب إدارة محل الزهور , والتعامل مع الزبائن والممولين , والعمل في ترتيب الزهور .. ولكن الهم الوحيد أمامها كان المحاسبة.
فهي عدا عن عدم قدرتها على الحساب لا تستريح أبداً إلى المطالبة بدفعات الحساب المستحقة.

غنها تقدم الزهور لزبائن أثرياء , ومع أن المرء لا يظن أن هذه مشكلة .. لكنها تزيد الأمر سوءً. لقد بدأت تظن أن سبب امتلاك زبائنها لكثير من المال, هو عدم تسديدهم ثمن ما يطلبون!



فيما كانت تدعك صدغها تمنت لو أنها لم تخسر ستان اواردز كزبون .. ليس لأن يطلب الكثير من الزهور بل لأنه يسدد ثمنها حقاً! الورد , الأوركاديا , كانت تتسارع إلى خارج المحل هدايا لصديقاته ..
وما أشد ما كانت حمقاء عندما أغضبته.. وأسوء ما في الأمر أن فرصتها لإصلاح الأمر معه أقل من فرصتها مع داريا , خاصة بعد مرور أسبوع تجاهلتها فيه الفتاة بكبرياء.

ولحسن الحظ قبل أن يأخذها الحزن على فقدان صديقتها , دخلت مساعدتها آربل إلى المكتب.
-"هناك شخص يريد رؤيتك".
نظرت إلى مساعدتها وقالت وهي ترجع كرسيها إلى الوراء مسرورة بالمقاطعة:
-"قادمة".

رسمت ابتسامة على شفتيها سرعان ما خبت عندما رأت الزائر.. ماذا يفعل ستان اواردز هنا؟
سألته:
-"أتريد محادثتي؟".
لملمت شجاعتها ما إن اقتربت منه, و رفعت نظرها إليه .. عن قرب كان جميل المظهر بشكل مدمر .. قسمات وجهه رائعة التكوين و أرستقراطية.
كانت العينان الزرقاوان الصافيتان مذهلتين أمام وجهه الملوح بأشعة الشمس.. وكان علي وجهه رجولة لم تلتقطها أي من الصور التي رأتها له في الصحف ..
و مع أنها كانت تدرك أنه وسيم , إلا أنها ولسبب ما لم تتوقع أن يكون جذاباً إلى هذه الدرجة وبدت ابتسامتها متوترة.

ابتسم لها :
-"أنسه دوناهو .. أتيت بلا موعد لأدعوك إلى العشاء هذا المساء ".
عندما اتسعت ابتسامته لتصبح ضحكه , أدركت أنها تحدق إليه مشدوهة .
أسرعت تطبق شفتيها, ولكنها لم تستطع إخفاء الارتباك عن قسماتها.. ثم قالت أول ما بدر إلى ذهنها:
-"لماذا".

ضحك برقة فأثرت ضحكته الخافتة على نبضات أوما:
-"بكل تأكيد لست بحاجة لمن يقول لك كم أنت جذابة , أليس كذلك؟ لم أتوقع منك أن تطلبي الإطراء.
قال هذا بعينين يبدو فيهما الإعجاب المفضوح, فتورد وجهها بعمق.
وتساءلت لماذا رجل له الكثير من المعجبات مثل ستان اواردز يستخدم فتنته الكبيرة عليها؟

تعمدت تصنع جو من الإعتزازبالنفس, و تراجعت قليلاً عنه قبل ان تقول:
-"لا أصدق أن هذا هو سبب الدعوة".
قال:
-"حسناً, ليس تماماً. أردت التعويض عن تصرفي معك ذلك اليوم.. لأنني كنت فظاً معك , و كنت آمل أن أقدم اعتذاري عبر دعوتك للعشاء".

تمتمت بارتباك :
-"لكـ .. لكن.. ولكنني أفسدت ملابسك ..".
واعتذرت برقة كبيرة عما حصل ..
"لم اكن لطيفا معك .. أنا خجل حقا من نفسي..
آمل أن تتغاضي عن تصرفي الفظ ..أرجوك! ألن تقبلي دعوتي ليتسن لي إظهار عدم تصرفي بطريقة فظة دائما ؟

كانت لهجنه صادقة دافئة , ولكن اوما حدقت إلى عينيه قلقة..
لقد استاءت من الطريقة التي صدها بها عند محاولتها الاعتذار بعد الحادثة ولكنها لم تكن لتحلم أنه سيخجل من تصرفه .

وهي قلقة بفضول افترضت أن أسوأ ما قد يحدث لها أن يكون شخصا مضجرا أو ساذجا أو أن تسأم طوال الأمسية ابتسمت فجأة متذكرة انها لن تضطر إلى العمل على الحسابات ..
هذه الليلة وقالت تقبل دعوته بأدب :
- سأكون سعيدة بقبول دعوتك سيد اواردز ..

رد برقة :
"أرجوك نادني ستان .. سأمر لإصطحابك من شقتك حوال الساعة الثامنة .
ونظر إلى عمق عينيها ..ثم رفع يد ها يلثمها قبل أن يخرج ..

حدقت ببلاهة إلى باب المحل الذي اقفله خلفه ..ثم نظرت إلى يدها وبالتحديد على الموضع الذي لثمها فيه فتقبيل يدها لم يكن يوما هكذا.. ميتذلا بشكل لا يصدق.. ..
وتمنت لو أنها لم تضحك له بدل أن تنظر له مشدوهة وكأنها مراهقة .. يعرف بكل تأكيد كيف يفقد الفتاة توازنها ..
وتساءلت عما إذا كانت أخطأت بقبولها الخروج معه .. فركت يدها بتنورتها عابسة قلقة فجأة من ستان اواردز ..

وهي تعود إلى مكتبها تجنبت نظرة آربل الفضولية فهي لا تريد مناقشة أمر زائرها معها ، إنها بحاجة إلى التفكير لأنه لم يسألعا عن عنوان شقتها .
.وهي تفكر في الامر الآن ن لقد دعاها بدوناهو ولم يستدم اسمها الفني بايروت .. الواضح أنه استعلم عنها جيدا...
قبل أن يطلب موعدا معها.. ولكن لماذا ؟؟؟

نهاية الفصل الاول



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:31 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:36 PM   #3

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

2– عينان تخفيان اسرارا
***************************
لاحظت أوما نظرات الاستغراب التي لاحقتها وهما يتبعان الخدم إلي مائدتهما الواقعة قرب النافذة ، كما لاحظت إن أنظار النساء الأخريات تحسدها و هن ينظرن إلي مرافقها ..
نظرت إلي وجه ستان ادواردز ، و فكرت في نفسها إن من حقهن هذا .. و مع علمها أنها كانت حمقاء لوقوعها في حبائل مهارته المحترفة ، إلا أنها لم تستطع إلا أن تتأثر به .

وصل إلي بابها في تمام الثامنة ، أخذها إلي مطعم لاحتساء كوكتيل قبل العشاء .. و علي ارتفاع أربعين طابقا فوق الشارع ، كان المطعم يطل علي المدينة من كل الجهات
، مع إن اوما لم تلاحظ المنظر كثيرا ، لأنها كانت متأثرة بمرافقها .. استطاع ستان ادوار يبدي شهامة تشعر المرأة بالعناية و الحماية .. و أمام سحره و ثرائه لم تستغرب أن تجده لا يقاوم .

ما إن غادرا إلي مطعم فاخر أخر في فندق فانكوفر حتى كانت اوما في حالة دوار و ذهول .. تحفظها المعتاد تجاه الرجال بدا و كأنه تركها , و كانت عازمة النية علي الاستمتاع بموعدها هذا مع ستان بأفضل طريقة ممكنة .
لقد سئمت من الصدقات الفاترة التي لا تلمس مشاعرها أبدا .. كما أن ستان رجل مثير إلي الاهتمام .

حين وصلا إلي المائدة المخصصة لهما . امسك ستان كرسيها ليتأكد من جلوسها براحة ثم جلس .
أرسل لها ابتسامة دافئة عبر الطاولة قبل أن يتناول لائحة المقبلات من الساقي . بعدما قدم طلباته وجه اهتمامه إلي لائحة العشاء مقترحا بين الحين و الأخر علي اوما اختياره .

وصلت المقبلات و المرطبات ، ثم سجلت طلبات العشاء قبل أن يبتعد آخر السقاة . اخذ ستان رشفة من عصيره ..
وحذت حذوه قبل أن تسأله :
- هل سبق أن تناولت العشاء هنا ؟
اطرق برأسه محببا :
- إنهم عادة يقدمون طعاما شهيا ، و الخدمة ممتازة .
نظرت اوما إلي ما حولها فوجدت ساقيا ينظر إليهما نظرة صياد
او تمتمت وهي تضحك برقة :
- إنهم يشعرونك بذنب إن لم تعطيهم ما يفعلونه .

- يسرني انك لا تدخنين .. إنها عادة لا أجدها جيدة .. و لكنك لا تبدين لي شخصا فيه عيوب .
ارتشفت من كوب العصير لتخفي حرجها ... و بدا انه يتوقع منها ردا ..
و قالت اخبرا :
- شكرا للإطراء .. ولكني أؤكد لك إنني من البشر .. لدي هفواتي كأي شخص كان .

مد يده عبر الشمعتين علي الطاولة و اخذ يدها . و بدت خطوط التسلية علي لحاض عينيه و هو يضحك لها .
- و ماذا تخبئين ؟ لك عينان جميلتان . أجمل من ان تخفيا اسرارا قاتمة .


عاد الساقي في تلك اللحظة بمزيد من المقبلات ، فترك يدها و سمح للساقي أن يضع الأطباق أمامهما .. أسرار قاتمة .. ! لماذا استخدم هذا التعبير ؟ ففي ماضيها الكثير من الأسرار القاتمة .. أسرار لن تتمكن أبدا من بوحها لأحد .

أخذت تتذوق طبقا من المقبلات ، مع إن فكرة الطعام كانت في تلك اللحظة بعيدة عنها .. فقد تلاشي سحر الأمسية ، ولم تعد تعرف كيف تستعيده .. و دون أن تنتبه لتحفظها ، قال ستان :
- ارجو ان تكوني قد غفرت لي تصرفي معك في ذلك اليوم .. فلم أكن اقصد أن أكون بليد الذهن حين فشلت في التعرف الى اسم اوما بايروت .

تجمدت يدها التي تحمل شوكة مليئة بالطعام متجهة الي فمها .. ما
أغباها ! كانت تفكر طوال الوقت في سبب دعوته هذه .. و لم يخطر ببالها إن تفكر في السبب الواضح كالشمس .
أجبرت نفسها علي رفع رأسها مبتسمة ..لسوء الحظ ستان ادواردز انه سيصاب بخيبة أمل ، فأخر ما يمكنها ان تفعله الحديث عم اوما بايروت .

- لم يكن هذا متوقعا منك ، فلا شيء يتطلب السماح . أرجوك .. فلننس الأمر ..
أعادت اهتمامها إلي طبقها :
- هذا لذيذ حقا .. و أنا مسرورة لك زكيته لي .
تحول طعم السلمون في فمها إلي طعم الكرتون .
- و أنا مسرور باستمتاعك به .. و لكنني آسف فعلا علي الطريقة التي تصرفت بها عصر ذلك اليوم . أؤكد لك إنني لست عادة صعب المراس .

دفعت طبقها جانبا :
- ليس الأمر بهذه الأهمية ستان .. إضافة إلي إنني لم أكن لطيفة كذلك .. ارجوان تكون الزهور قد أعجبت من قدمتها إليها .
- نعم أعجبت كثيرا بها .. كانت لسكرتيرتي .. هدية بمناسبة عيد مولدها . و صدف أن ذكرتك أمامها فتبين لي انها من كبار المعجبين بك . في اليوم التالي حملت إلي دفتر ملاحظات فيه قصاصات من الصحف و المجلات تتحدث عنك و عن مهنتك .. كانت حياتك مثيرة و استغرب تخليك عنها .. اعتقد انك رفضت الاستمرار وحدك بعد وفاة شقيقك .

- هذا صحيح .
كيف يمكن إن تتابع الحديث دون أن تكون فظة .
لا شك إن موت شقيقك كان ضربة موجعة _وخاصة فقدت أبويك قبل بضع سنوات .
صمت مرة أخرى بانتظار أن تتكلم .. لكن ما عساها تقول ؟
- كان والدك قسيسا ؟ لم يكن من السهل عليك التكيف مع حياة لاس فيغاس الغنية وأنت منحدرة من هذه العائلة المحافظة ، و لقد أحسنتما أنت و أخوك التعامل مع الحياة الجديدة .. فالكثير من الشبان عرضة للفساد في مثل هذه البيئة الفاسدة .. مع إنني اعتقد أن أبويكما أحسنا تربيتكما و زرعا في نفسيكما الروادع التي حصانتكما من الوقوع في مالا تحمد عقباه .

ارتشفت اوما قليلا من شرابها ، فوجت صعوبة في الابتلاع و قاومت اندفاعا الي الضحك .. ليته يعرف !
لو حذت حوا مها لوجدت من السهل التكيف جدا مع حياة لاس فيغاس .. لقد تمكن تود مانسون مديرهما من تلفيق قصة حياتهما الزائفة و هي مذهولة لأنهما لم يفضحا حتي الآن .

لا احد اشد خيرة من تود بالخداع ، فهو يصلح ان يكون ضابط تمويه متفوق في الجيش .. عضت اوما شفتها ، فهي لا تحب التفكير في تود و في الاسرار التي كتمتها .
كيف تمكن هو و لاري من اخفاء شيء كهذا عنها ؟ انها تفهم مبررات تود .. فمساعدة باول كانت تتطلب الرعاية . وما كان باستطاعته ان يفعل شيئا يعرض حياتهما العملية للخطر .. لكن لاري كان صديقهما !

للحظة رعب تذكرت صورة اخيها باول كما رأته اخر مرة ، قسماته جمدها الموت و جسده ممدد علي المقعد الأمامي لسيارته .. اغمضت عينيها بسرعة تضغط يدها علي جبهتها ، وكانما تريد ان تدفع تلك الصورة بعيدا عن تفكيرها الي الأبد . لن تفكر ابدا في الثنائي بايروت ، ولا في باول ، ولا ما حدث .

اردف ستان بإصرار :
- اخبريني اوما .. كيف هو الاحساس عندما يكون المرء مغنيا ناجحا ؟
اخترق سؤاله افكارها .. فجاة احست بغضب شديد ، فرفعت رأسها و نظرت اليه بوجه جهم و لكنه اضاف :
- اتصور ان حياتك كانت مختلفة كل الاختلاف .

ردت باختصار :
- هذا صحيح .
- الا تشتاقين اليها ؟
- لا ... ابدا .
ركزت بصرها علي نقطة ما خلف كتفه .. هل اشتاقت اليها ؟ لم تكون تعرف الرد حاليا كانت تتذكر الحقيقة .
اندفاع الادرينالين الي شريينها ، حين كانت تخطو الي المسرح .. و الاحساس المثير بانها محلقة في الهواء .. الذي كانت تشعر به عندما يتعالي التصفيق و الاستحسان من الجماهير , اما الغناء فهو جزء صغير من كونها اوما باريوت
اما ما تبقي .. فلن تعود اليه , ما ان وصلت الي هذه الفكرة حتي وجدت نفسها تشد يديها في حجرها .

التقت بعيني ستان علي المضض و كانت عيناه باردتين .
قالت باقتضاب حاد :
- ليس لدي ما اضيفه الي ما قرأت في مقالات الصحف .
كسر الصمت المتوتر الذي تلا قولها وصول الساقي الذي ازال الاطباق المستخدمة . في هذه الاثناء كانت اوما تتلاعب بمنديلها بتوتر اخيرا عندما اصبح الصمت الطويل مزعج جدا ، بدأت الجوقه الموسيقية بعزف انغام لاتينية صاخبة .

و سألت اوما بيأس :
- اتظن ان بإمكاننا الرقص علي هذه الانغام ؟
عبس ستان قليلا ، لكن حسن الاخلاق فرض عليه الموافقة فوضع منديله ، ووقف ليرافقها الي باحة الرقص .
فيما كان يراقصها علي خطوات الرومبا نظرت اليه و ابتسمت بتردد لكنه لم يكن ينظر اليها .. شعرت بالذنب لانها اساءت التصرف . الا انها لم تجد وسيلة اخرى لايقاف تطفله .

ما ان عادا الي مائدتهما حتي وصل الساقي من حسن الحظ يجر عربة عليها اطعمة فتوقفا عن الحديث .. حضر الساقي السلطة بإيماءات مبالغ فيها ، ثم قدمها بحركات مسرحية .
ما ان ابتعد الرج حتي ضحك ستان بصوت منخفض :
- الواقع انني لا احب هذه السلطة .. ولكنني اطلبها دائما لأشاهده وهو يمثل روتينه المعتاد .

نظرت اليه بسرعة ، فرأت ابتسامه دافئة الجذابة قد عادت الي وجهه .. إذن لقد غفر لها رفضها الكلام عن ماضيها .. و اضاءت عيناها سعادة وهما تلتقيان بعينيه . و التهمت السلطة بشهية غامرة .
فيما كان يرتشفيان القهوة بعد العشاء لم تستطع اوما ان تتذكر متي استمتعت بامسياتها كما الآن .. صحيح ان الامسية بدأت بداية سيئة و لكنها كانت امسية جميلة بعثت البهجة الي قلبها .. كان لستان شخصية مذهلة فهو مثقف و ضليع في كافة الامور ، ومع ان ثقافته اوما كانت قليلة ، الا انه لم يحاول ان يشعرها بأنها اقل منه شأنا .

لفترة ما ناقشا طموحه و بدات اوما تعلق بحماس .. فهو يخطط للانتقال الي مرحلة السياسية الوطنية العامة في القريب العاجل .. و بينما كان يناقش افكاره وجدت ان انجذابها اليها يتعاظم .. فمع انه يملك رأيا محددا في كافة المسائل ، لم يكن من المتعصبين لم و كان يصغي أفكار بصدق و اهتمام الي ملاحظاتها .

انهيا القهوة .. و بينما كان يرافقها الي خارج المطعم ، شدها فجأة الي طاولة قرب المدخل .
- مايكل .. آبي ! لم الحظكما من قبل .. كان بالإمكان ان تنضما الينا لتناول القهوة .
وقف الرجل مبتسما وقال
و عيناه تومضان وهو يرى تورد وجه اوما :
- فكرنا في هذا .. لكنكما لم تبدوا كشخصين يرحبان بصحبة أحد .
ضحك ستان :
- يا للمراعاة !

دس ذراعه حول خصر اوما مبتسما لها :
- اما .. اود ان نلتقي بصديقي اللبق مايكل كوبر .. وهذه شقيقته آبي .. مايكل ، آبي ، هذه اوما بايروت .
انتفضت اوما و احست بذراعه تشتد حولها .. لماذا لم يخطر ببالها بأنه سيقدمها باسم بايروت لا باسم دوناهو ؟
مد مايكل يده يصافح يدها و لزمها لحظة لتجمع شتات نفسها و تقدم له يدها ، متمنية الا يلاحظ الارتعاش الذي لم تستطع السيطرة عليه .

كرر مايكل اسمها اوما بايروت .. انها لسعادة لي .. ظننت ان وجهك مالوف .. لقد شاهدتك و اخيك تقدمان برنامجكما منذ سنوات عدة .. ما رأيكما بالانضمام الينا للقهوة ؟ لقد احتفظت بهذه السيدة الجميلة لنفسك بما فيه الكفاية .
كررت الشقيقة الدعوة . ونظر ستا نالي اوما متسائلا ، فنظرت الي ساعتها متعمدة
انها لا تريد تكرار الحديث السابق ذاته مع مايكل :
- انا آسفة . هلا أرجانا الامر الي وقت آخر ؟
رددت لنفسها : بعد مئتي سنة الآن .

هز مايكل كتفيه بأسف :
_سألزمك بوعدك .
ونظر الي ستان :
- هل ستنظم اوما الي حفلتك ؟

- لم اسالها حتي الان و لكنني امل هذا .
- عظيم ساعتني بها جيدا وانت تلقي خطابك .. هكذا لن تضجر .
غمز ل اوما لكنها لم تلاحظ .. حفلة .. خطاب .. لابد من وجود مراسلين صحفيين وعلي الرغم من ان ستان يرافقها سيكون وجودها من ابرز الاخبار ..
سألت:
_ متي الحفلة ؟
- في الاسبوع المقبل .. يوم السبت
حاولت ان تبدي اسفها
- اخشي الا استطيع الحضور ..املك محلا لبيع الازهار و الواقع انني متعاقدة مع عائلة تريد الازهار لحفلة زفاف ، لذا يجب ان اعمل ذلك المساء .. ربما في وقت آخر .

سألها ستان :
- اليس بإمكان مساعدتك ان تحل محلك ؟
ردت :
- لم يمض علي وجودها معي وقت طويل ، وليس لديها الخبرة لتتولي مثل هذه الامور .. انا آسفة .
ران صمت قصير قطعه ستان بقوله :
- افهم .. حسنا .. ان كنا سنمشي ، فمن الافضل ان نتحرك الآن . اراك فيما بعد مايكل ، آبي .. وداعا .

وضع يده تحت مرفقها ، و رافقها الي الخارج مع انه قبل عذرها الا انه كان علي وجهه شيء من الريبة .
سألته اوما وقد وصلا امام باب شقتها .
- اترغب بالدخول لشرب شيء ما ؟
- من الافضل الا ادخل . لدي موعد في الصباح الباكر .

وجدت المفتاح ، فأخذه ستان منها بفتح بابها ، ووقفت مترددة :
- حسن جدا .. شكرا لك علي هذه الامسية الجميلة .
رفعت نظرها اليه وقد جف حلقها .. لقد انتظرت هذه اللحظة ساعات حين توقعت ان يعانقها .. و يبدو انه لن يفعل .. غمرتها خيبة الامل فارتدت علي عقبيها بسرعة لئلا يقرأ شيئا في تعابير وجهها .

دخلت الشقة قائلة :
- عمت مساء ستان .
ادراها نحوه مجددا و قال بصوت هامس :
- اوما .. هل تظنين انني اتركك بلا وداع ؟
بدأت نبضاتها تتسارع , كان عناقه دافئا و عاصفا و كبحت بصعوبة تامة الاندفاع بان تذوب بين ذراعيه ..
ببطء و كانما علي المضض ابعدها عنه و قال بصوت هامس :
- الافضل ان اذهب . عمت مساء اوما .

وارتد علي عقبيه بسرعة مبتعدا.
كانت تتساءل احيانا عما اذا كانت بارده عاطفيا ، فهي عادة تتردد كثيرا في ردة فعلها لتحرشات الرجال بها ، ولم تتصور قط انها ترغب في دفع اية علاقة الي الامام .. و لكنها مع ستان لم تشأ ان يتوقف وهذا ما اقلقها .
ناداها حالما وصل الي آخر الممر :
_ سأتصل بك .
ثم اختفي عند الزاوية .

قبل ان تدخل الي الفراش جلست الي طاولة الزينة امام المرآة و راحت تمشط شعرها الطويل البني الأحمر ، كشرت في وجه صورتها في المرآة .. عندما حررت شعرها من عقدته تورد وجهها قليلا و تذكرت كيف كانت تبدو وهي مغنية .. ان ما طرحه من اسئلة عن تلك الايام كانت الشائبة الوحيدة في سهرة رائعة . و تمنت ان تكون فظاظتها نجحت بإقناعه انها لن تناقش ماضيها ..

وقفت فجاة تنظر الي السرير بتردد. تعرف انها وهي في هذه الحالة من التفكير لن تجد الراحة في سريرها هذه الليلة ، دخلت غرفة الاستقبال و اتجهت الي مكتبها و فتحت الدرج السفلي ، و اخرجت البوم اسطوانات موسيقية طويلة .. كان لديها مجموعة من التسجيلات في صندوق قرب جهاز الستيريو .. لكن هذا الالبوم ، لم يكن جزءا من تلك المجموعة .

وقفت لعدة دقائق تنظر الي غلاف الالبوم ، فرأت صورتها و شقيقها علي الغلاف ، لكنها ركزت النظر علي وجه شقيقها ..
كان شابا وسيما .. تأملت شعره الاسود المتموج و ابتسمت ، تتذكر كيف كان يلعنه لأنه لم يكن يستطيع منع غرته من الاسترسال علي جبهته كلما تحرك .. ثبتت عينيها علي العينين الزرقاوين في الصورة
وعلي الابتسامة الملتوية التي احبتها كل المعجبات .. علي انفه نمش و بشرته مشرقة ..
عضت شفتها و عبست .. لقد التقطت هذه الصورة قبل اسابيع علي موته .. لم يكن يبدو عليه ابدا انه مدمن مخدرات .. لكنها لم تستطيع تكذيب الادلة ، فمنذ موته وهي تعيش مع معرفتها بادمان اخيها !

تقدمت الي جهاز الستريو و شغلته .. عندما صدحت لولي نغمات استقرت علي الاريكه ، تغمض عينيها .. نادرا ما تسمح لنفسها بالتفكير في الماضي ، لكن الذكريات الليلة كانت تتجمع ، و ترفض الانصراف ..
منتديات *****
ما اشد ما كانت حياتهما في البداية ! مازالت تذكر التقدير العظيم و المجد اللذين نالاه .. و التكهنات بان الأخوين بايروت سيرتفعان عاليا في سماء الفن .. كان الأخوان بايروت شيئا جديدا في عالم ردئ من مراكز القمار . كانا علي المسرح و خارجه نظفين .. زوج يعيش علي القيم القديمة و الاخلاق التقليدية .

كانت تظن ان المجد و السحر لن يزولا .. و انهما بعد كفاح الطفولة سيجدان الجنة .. و لكنها لم تكتشف الا بعد موت اخيها ان اجنتهما كانت وهما مثل الطفولة التي ابتدعا لهما تود مانسون .
ذلك اليوم ، عندما لم يظهر باول في تمارينهما الصباحية شعرت بان هناك خطبا ما . اذا كيف يتاخر وهو يعلم انهما علي وشك افتتاح موسهما الغنائي الجديد .
غضبت اوما و خرجت كالعاصفة من قاعة التمرين ، و قادت سيارتها الي شقته لكن لاري مايبوري مرافقه و صديقه ، قال لها انه لم يرجع الي الشقة من الامس و انه عاد لتوه من جولة كان يبحث عنه .

سرعان ما تلاشي غضبها في فورة قلقها .. منذ بضعة اشهر ، اشتري باول سيارة بورش توريو فائقة السرعة ، وكان ياخذها باستمرار ليقودها في الصحراء عند الفجر وهي الآن لا ترى السيارة في مكانها المعهود .
اصرت علي الاتصال بمدير اعمالهما تود مانسون، فلقد تولي امر عملها من البداية . حين وصل تود الي شقة باول طلب منها العودة الي تمارينها ، و قال انه سيذهب هو و لاري الي صحراء نيفادا للبحث عنه .

تذكرت انها ارادت ان تتصل بالمستشفيات و بالشرطة ولكن تود رفض .. قائلا انه لا يمكنهم تحمل اية دعاية مضادة حتي يعرفوا ما الذي حدث .
وبشكل عجيب وقف لاري الي جانب تود .. ومع كل هذا رفضت العودة الي تمارينها و ارادت مرافقتهما .

و بشكل عجيب مرة اخرى . لم يتأخروا بإيجاده .. فيما بعد تساءلت اوما عما اذا كان تود يعرف اين يبحث عنه .. عندما شاهدت جسد اخيها ممدا علي المقعد الامامي لسيارته ..
لم تتقبل ما حدث .. جرعة هيرويين مبالغ فيها .. لا ليس هذا صحيحا ! ما اخوها بمدمن مخدرات .. انه لا يتناول المخدرات فكيف يبالغ بتجرعها .. لا يمكن هذا !

حتي حين ارها تود ادوات المخدرات و الادمان في جيب باول لم ترد ان تصدق .. لكن عندما اعترف انه و لاري يعرفان منذ اشهر انه يتعاطي المخدرات استوعبت الحقيقة ..
فقد يكذب تود في مثل هذه الامورلأسباب خاصة ، لكنها تعرف ان لاري شخص ثقة بقول الحقيقة .. مع ذلك , لم تستطع مسامحتهما لأخفئهما الامر عنها حتي فات الاوان و فقدت اخاها .

حين اشارات تكتكات الستيريو الي انتهاء الاسطوانة ، كانت وجنتاها غارقتين بالدموع ، مسحت عينيها بظاهر يدها ثم وقفت و اعادات البوم الي الدرج ، ليتها عرفت بادمانه فلو عرفت لتمكنت ربما بمنعه من تدمير نفسه .
لقد وافقت علي القصة التي اختلقوها للتغطية سبب موته ليبدو الأمر انه حادث سيارة حتي تبقي صورته نقية . ولكنها عرفت ان مستقبل الثنائي بايروت انتهى .. فثمن النجاح كان مرتفعا جدا .

نهاية الفصل الثاني



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:33 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:41 PM   #4

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

3-العمل قبل الحب أحياناً
***************************
في الصباح التالي جلست أوما في مكتبها ،تنظر حالمة إلي باب الغرفة .حساباتها المدونة في دفاترها بحاجة إلي تعديل الفوضي التي حلت بها .. لكن من المريح أكثر أن تجلس وتفكر في ليلة أمس وفي ستان قال إنه سيتصل ..لكنها كانت متفائلة بأنه سيزورها .يقع مكتبه في المبني نفسه ،ولن ينزعج من زيارتها .

تنهدت والتقطت قلمها . . ضرائب المبيعات . . من يريد أن يهتم بضرائب المبيعات؟ مع ذلك بدأت العمل، وسرعان ما انغمست ضائعة في إشكالات مربكة،وحسابات، لم تترك لها مجالاً لأفكار أخري .
عندما رن جرس الهاتف ،مدت أوما يدها وهي شاردة الذهن سبعة في المائة من . . وحاولت التشبث بالفكرة وهي ترد آلياً .

-أزهار دوغووود.
تناهي إلي أذنها صوت ستان الأجش، فتطايرت الأرقام من رأسها .
-صباح الخير أوما .. هل أنت مشغولة ؟
قالت كاذبة :
_لا.
-عظيم، فانا لم أرغب في مقاطعتك عن عملك .
-لم أكن أعمل شيئاً مهماً.

-كنت أتساءل إن كنت حرة غداً مساءً؟
ردت بحذر :
-حسناً . . لست واثقة كل الثقة .. لماذا السؤال؟
_هناك حفلة موسيقية في مركز مسرح الإذاعة ..ولشركة مقصورة هناك ..فتصورت أنك قد تتمتعين بحضور الحفلة .
-أوه..هكذا إذن ..

إنه عرض مغري ..ستقدم فرقة الماونتي عرضاً علي ظهور الجياد ترافقه الموسيقي .. كانت قد شاهدت مقاعد المقصورات في الستاديوم علي شاشة التلفاز في يوم افتتاحه .
وعلمت أنها كالأجنحة الفخمة ،أكثر مما هي مقاعد في المسرح ،وعرفت أيضا أن هذه المقصورات تتسع لدزينة من المشاهدين .

سألها ستان :
_هل أنت مهتمة ؟
أجابت بعد طول تفكير عميق :
-تبدو لي دعوة مغرية .. لكن لا أعتقد أنة يمكن الاعتماد عليّ
-ألديك خطط أخري ؟
كان صوته باردا ،عضت أوما شفتيها .. فأشارت لدفتر الأستاذ وقالت ضاحكة:
-هو ليس بموعد بطريقة ما، بل لقاء ولكن مع رجل الضرائب يجب أن أجهز ضرائب المبيعات يوم الاثنين ،وإن لم أنهها ليلة الغد ،فلا أعلم متى أنهيها.

-ألا تستطيعين إنهائها قبل مساء الغد؟
-سأعمل بها علي الأرجح ..لكني لست بارعة في الحسابات .لذا لست متأكدة من قدرتي علي إنهائها غداً.
-هكذا إذن ..كنت أظن أن لديك محاسباً يتولي مثل هذه الأمور نيابة عنك.
-أنا أعتقد انه علي ّ مراجعة حساباتي بنفسي.

-مادمت تواجهين المتاعب ،أفليس من الأفضل استخدام محاسب محترف؟
-ليس ضرورياً ..أعني، أنا لا أغش في حساباتي .
-كذلك الأمر بالنسبة لغالبية المحاسبين .
-لم أقصد القول إنهم ليسوا كذلك ،الأمر.. لست أدري .. تعرف مايقال:لايلدغ مؤمن من جحر مرتين .

-أوه . . وهل غشك احدهم ؟
- ليس فعلياً. لاأحب أن يهتم أحد بشؤون عملي غيري .آسفة بالنسبة لليلة الغد .. لكنني متأكدة انني مضطرة للعمل غداً.
ساد صمت قصير، ثم قال ستان بصوت بارد :
-أفهم . . أنا أسف ..حسبتك ستستمعين بالعرض .

ردت برقة:
-هذا مؤكد .. لكنني سأكون حرة مساء الاثنين ..لقد ساهمت منذ بضعة أسابيع بتزيين مطعم
جديد بالأزهار في شارع هايستنغز، أعتقد أنه مكان جيد لتذوق الطعام اليوناني فيه.
تحدثت بسرعة وتوقفت وأخذت نفساً عميقاً . . لاشك أن تحرير المرأة موجود منذ سنوات بعيدة .. ولكنها لم تطلب قط من رجل موعداً:
"هل تتناول العشاء معي هناك مساء الاثنين؟"
كتمت أنفاسها وهي تنتظر رده. .

-أحب هذا.
وتنفست الصعداء .
-أوه . . أنا شاكرة لك.
ثم تنحنحت :
-أوه . . ليس لدي سيارة .هل تستطيع ملاقاتي إلي هناك؟
-لماذا لا تنتظرينني فأخذك من شقتك؟ وأنا سأدفع الفاتورة .
-لا يمكنني تركك تفعل هذا . . فأنا. .

- لا تجادلي . . وإلا لن أتي .
-أوه . . في هذه الحالة ..
-عظيم . . في السابعة إذن في شقتك؟
-سأراك عندئذ..
كانت تبتسم بعد وقت طويل علي إعادة السماعة إلي مكانها .
علق ستان بعدما تركهما الساقي ليحضر طلباتهما:
-تبدين جميلة الليلة أوما .

ابتسمت ابتسامة دافئة :
"أشكرك".
برقت عيناها علي ضوء الشموع ..إنها تشعر بسعادة لم تشعر بها من قبل ،خرجت مع ستان أكثر من مرة في الشهر المنصرم
وبعد كل لقاء تشعر أنها وقعت أكثر فأكثر تحت وطأة سحره وهو يقنعها بنسيان ارتباكها أمام الناس لرؤيتهما معاً .. كانت شكوكها تتفاقم عندما ترفض التفكير بها.

قال ستان:
-أوما ..هناك ما أريد أن أطلبه منك.. سيقيم مايكل كوبر حفلة عشاء صغيرة ليلة الغد ..وأريدك أن ترافقينني .
-مساء الغد؟
-أجل ..اساساً إنها أمسية اجتماعية ..مع أنني لا أستطيع ضمان أننا لن نتحدث ببعض الأعمال ..بعض ممن سيكون هناك هم من السياسيين النافذين ،وسأحاول كسب دعمهم لترشيحي في الانتخابات المقبلة ..وأريدك أن ترافقينني .

كررت سؤالها كسباً للوقت :
-ليلة الغد؟ هذا غير مناسب أبداً . . لأني لا أستطيع .
ضاقت عيناه ،مع أنها أحست أنه لم يتفاجأ من ردها.
-وهل أنت مشغولة؟
-لدي أعمال متراكمة في المحل .. هناك الفواتير علي إرسالها ٍ.بعد الغد،لذا سأضطر للعمل عليها غداً مساءً.

رأت لمحة من نفاذ الصبر وغضب بارد علي وجهه ـ وعلمت بأنه لم يقتنع بجوابها ،وكان ستان يزداد توتراً من أعذارها الواهية لرفضها أن تري معه في مكان علني
قال بلطف لكن بصوت مبطن بالغضب:
-لن تستطيعي مرافقتي أبداً .. أليس كذلك أوما؟
حاولت تجنب الرد عليه :
-لست أعلم قصدك .. لدي عمل أديره ،وعلي أن اهتم به.
-اسمعي أوما .. لنتوقف عن التلاعب ..أريد أن أعرف ماذا يجري .
هزت رأسها ،تعلم أنه حشرها بالسؤال:
-لست أدري عما تتكلم.

-بل تعرفين بالضبط ما أقصد ..هذه المرة الثالثة التي أطلب منك فيها مرافقتي إلي مكان يعج بالناس ،وفي كل مرة ،تخرجين بأعذار واهية ..فلماذا؟
-ألم يخطر ببالك أنني قد لا أهتم بالتحدث بالسياسة طوال الوقت؟
-هل هذا كل شيء ؟ لا أظن هذا .. هناك سبب آخر لا أعرف ما هو ،لكنني أريد أن أعلم الآن ماذا تخفين ،في الأسبوع الماضي ،عندما كنا نتناول العشاء ودخل المراسل الصحافي كيرك وايت مثلاٍ.. أردت أن أخذك لتتعرفي إليه، فجأة شعرت بصداع عنيف فأقعدتك إلي المنزل.

-أتقصد أنني لم أصب بصداع؟ وأنني كاذبة؟
-وهل كان لديك صداع؟ لدي انطباع بأنك لا تريدين أن يعرف أحد أنك أوما بايروت.
شعرت أوما بأن لونها أصبح شاحباً، وتمنت أن لا يلاحظ ستان هذا في عتمة المطعم
وقالت بصوت خفيض :
-لا تكن سخيفاً ستان . . ما الذي أعطاك هذه الفكرة السخيفة؟

- وهل هي سخيفة؟ عندما رأيتك للمرة الأولي لاحظت أنك محرجة لأنني دخلت وأنت تغتنين.
تمسكت بهذا العذر :
-حسناً لقد كنت محرجة .. أعني أن مستقبلي المهني كمغنية انتهي ،وليس من الضرورة أن يعرف الجميع ما كنت أعمل لأعيش .

-لكن هل هذا كل شيء؟ حين قدمتك إلي مايكل كوبر باسم أوما بايروت ،قفزت مجفلة .. ومنذ ذلك الوقت وأنت تثيرين في وجهي المتاعب قبل أن توافقي .
-اعتقدت أنك فهمت لماذا لا أستطيع تقبل كل دعوة تقدمها لي .. عملي لا يمكن له أن يدير بنفسه، ومن الطبيعي أن أديره بنفسي لذلك تراني مشغولة ولا أستطيع الخروج معك.

تابع هجومه بعناد:
-ليس الأمر هكذا فقط .. كلما ذكرت مهنتك السابقة ،تصدينني.. لقد أخبرتني كل شيء عن عملك ،وأصدقائك، لكن لم تخبريني شيئاً عن مهنة الغناء، ولا عما حصل قبلها .. وكأنك خلقت في محل الزهور!

- لا أحب نبش الماضي!
- لماذا؟
-لأنني بائعة أزهار الآن ، ولست أوما بايروت المغنية ،يبدو أن الناس تظن لأني كنت أعمل في المسرح أن لهم الحق في معرفة كل ما أفعله خارجاً.. لكنني لم أعد أعيش تحت الأضواء الآن وأستطيع المطالبة بحقي في حياتي الخاصة .

مررت يدها علي جبهتها قبل أن تنظر إليه ،وأكملت:
-لقد أحببت أخي ،لكنه رحل .. مات .. بالنسبة لي أوما بايروت ماتت معه .. وأنا قانعة بحياتي كما هي الآن، ولا أريد نبش ما حدث منذ خمس سنوات.
لحسن الحظ وصل الساقي مع السلطة، وتراجعا في مقعديهما ليسمحا له بتقديمهما . .
بعد دقائق
دفع ستان طبقه بعيدا:
-أستطيع أن أتقبل أنك تفضلين عدم المناقشة ماضيك .لكن هذا لا يفسر سبب استمرار رفضك لمقابلة أصدقائي أو مرافقتي إلي أية مناسبة عندما تسنح الفرصة لأن تكون علاقتنا علنية .

تنهدت أوما بتعاسة، تعرف أنها عليها أن تعطيه التفسير المناسب .. أخيراً
قالت:
-أنا لم أقبل دعواتك لأنني أعرف أنك ستقدمني باسم أوما بايروت . فما إن يعلم الناس من أنا، سيرغبون بمعرفة كل شيء عني وعن أخي وعن عملي السابق، وعن حياتي السابقة . . وأنا أفضل تجنب هذا .
-هل ذكرياتك عن تلك الحقبة من حياتك مؤلمة جداً؟
ردت بصراحة :
_أجل إنها كذلك ؟

لعدة لحظات تفحصها ستان بصمت .. تلاعبت أوما بأدوات الطعام بتوتر ،تتمني أن يتخلي عن هذا الموضوع .. مد يده وأمسك يدها وهي تتلمس الملعقة .
-أوما .. أنظري إلي .. إذا كانت ذكرياتك مؤلمة فالهروب منها لا يخفيها ..لقد تخليت عن عمل ناجح منذ خمس سنوات لكن هذا لم يعد بأخيك إلي الحياة .. رفضك الاعتراف بتلك الحقبة من حياتك لن نعيده إليك وهذا غير منطقي .. لقد آن لك الاعتراف بماضيك .. فالتظاهر بأن "بايروت" لم يكن لها وجود،لا يحل شيئاً.

هزت رأسها راضخة للواقع :
-أنت لا تفهم .. ولا أستطيع أن أشرح لك .. لكن ماضيّ هو أخي .. من الأفضل أن أنساه.
قال بأصرار:
-لا. . ليس أفضل .. أنا أحاول مساعدتك علي إعادة حياتك إلي مسارها الصحيح .
-أنا سعيدة جداً بنمط حياتي الحالي ، ولا أريد إعادتها إلي الطريق الصحيح .

بدا التوتر علي وجهه، واشتد ضغطه علي شفتيه حتي أصبحنا كخط مستقيم رفيع .. ثم كسر الصمت بقوله:
-سأفتح كل أوراقي أمامك . . أنا معجب بك، وأريد الاستمرار في رؤيتك، لكن لدي الكثير من الالتزامات الاجتماعية في حياتي .. وأحتاج لامرأة إلي جانبي حين أحضر مثل هذه المناسبات الاجتماعية . . وأريدك أنت أن تكوني تلك المرأة.

بقيت صامتة، مشاعرها مزيج غريب من البؤس والفرح، ستان يريدها إلي جانبه، لكن كيف يمكنها هذا؟ فلو اكتشف تود مانسون أمرها فسيلاحقها ليجبرها علي إكمال عقدها معه . . وهذا ما لا تحتمل مواجهته . .
ولن يكون هناك تود أو أي عرض فني بعد الآن . . وكما قالت لستان ،إن أوما بايروت ماتت . . وبهذه الطريقة لن تضطر إلي مواجهة ألم خيانة من أحبتهم ووثقت بهم.

تفرس ستان بها لعدة لحظات
ثم قال بلطف :
-ظننتك تخصينني بمشاعر معينة . . وأننا نقترب من بعضنا البعض أكثر فأكثر منذ أسابيع .
ردت باسمة :
-أنا مغرمة بك ستان .. لكن لو وافقت علي مرافقتك حيث تريد ،ألا يمكنك تقديمي باسمي أوما دوناهو؟
-ألن يكون هذا مجرد هروب من المسألة كما تجنبتها منذ خمس سنوات؟

-أنت لا تفهم.
-لا . . أنت لا تفهمين .. أنت أوما بايروت .. لقد آن الأوان لتتوقفي عن التظاهر بالعكس .. تقولين إنك مغرمة بي ..ألم تفكري يوماً أنك تستطيعين مساعدتي؟
-ماذا تعني ؟
تردد ستان قائلاً:
-لازال اسم أوما بايروت في ذاكرة سكان هذه البلدة .. وستكون دعاية جيدة لمستقبلي السياسي بمعرفة الجميع أنني أخرج معها .

قالت ببطء:
_أنا .. فهمت .
وتمنت لو لم تفهم .. أحست بخفقات قلبها تختلج في صدرها وكلماته تخترق دماغها المتوقف عن العمل فجأة تحول الحديث بينهما إلي اتجاه مختلف تماماً..
لقد مضي زمن طويل لم ترتبط بموعد مع أحد علي أنها أوما بايروت، المغنية . كان هذا مع رجال لا تهتم بستان ..
وأحست بالبرودة في أعماقها وهي تدرك أنها بدأت تهتم لأمره ،رغم أنه اعترف لتوه أنه لا يراها سوي دعاية مفيدة له ..
نظرت إلي كوب شرابها تديره بين أصابعها ،وأدركت لماذا كان يصر علي منادتها باسمها الفني .. كل الشكوك التي رفضت مواجهتها تسارعت إلي تفكيرها ..
إنها تتعرض إلي الخيانة مرة أخري . . عن طريق غير مفهومة، عن طريق الرجل الذي أغرمت به وهذا ماآلمها ..
مدّ ستان يده عبر الطاولة ليمسك بأصابعها:
-هل فهمت حقاً؟

أبعدت يدها بلطف، تبتسم ببرود لتخفي مشاعرها:
-أفهم جيداً..فأنت لست الرجل الأول الذي يطلب مني الخروج معه لإبراز صورته العامة .
جف حلقها ،فارتشفت قليلاً من العصير.
تمتم ستان شيئاً، ثم رفع صوته :
-لم أقل هذا . . حاولي أن تتفهمي . . مستقبلي السياسي مهم جداً لي .. ولقد استثمرت الكثير من قوتي فيه وممن حولي ،من عائلة ومن أصدقاء ..ألا ترغبين في أن تشاركي؟
-باسم أوما بايروت؟

رد بثبات :
-أجل .. سيفيدك هذا بقدر ما يفيدني ،إن كان الماضي مؤلماً لك فعليك مواجهته.
نظرت إليه باهتمام تتفحصه . . جرحها انقلب إلي غضب :
-أيها النذل المنافق ! لا شك أنك تظنني حمقاء كلياً! أنت لا تكترث لي ولا بإعادة حياتي إلي مسارها الصحيح .. كل ما تريده هو التجارة باسم أوما بايروت .. لكن ،لسوء الحظ سيد اواردز ،لا أنوي أن أتركك تمضي في هذا الأمر . . فأنا لا أري أية منفعة من الاستمرار بلقائك.

تصاعد إلي وجهه لون أحمر قرمزي ، والتوت عضلات فكه ،ورأته مطبقاً شفتيه بانهزام ، فتراجعت دون وعي منها في كرسيها . . فمع كل سحره ،لستان نزعة تعجرف لا ريب فيها في تركيبة شخصيته ،ولقد تعمدت إهانته، وهو رجل لا يقبل الإهانة بلطف .. لكنه ابتسم فجأة ،هذا إذا كان الالتواء القاسي لشفتيه يمكن أن يعد ابتساماً، وسخرت بها عيناه:
-ألا تستطيعين رؤية شيء؟ لدي انطباع أنك تتمتعين بالخروج معي .. وبغزلي .

ابيضّ وجه أوما وكرهته لإثارته الموضوع هذا . . فقد كانت دائماً تعجز عن إخفاء ردة فعلها عند مغازلته لها . . حفرت أظافرها في راحتي يديها وأحست أنها لم تغضب يوماَ من نفسها كما غضبت اليوم. .
في مكان ما من أعماق دماغها ،أدركت أنها كانت تتوقع منه أن يطلبها للزواج منه . . وأنه ينتظر ليلة زفافهما . . كم كانت حمقاء ! وكم كانت تخدع نفسها!

نظرت إلي الرجل الجالس في مواجهتها ،تلاحظ التعبير المتعجرف في عينيه ،الساخر قليلاً، وشحبت أكثر بعد ان صدمتها الحقيقة , , إنها تحبه! قالت لنفسها بذعر إن هذا مجرد تعلق وهمي .. انجذاب مجرد وبسيط . . وتمسكت بهذه الفكرة وهي تأخذ نفساً عميقاً معذباً، لمساعدتها علي جمع شتات نفسها .. أخفضت عينيها ،وحين رفعتهما
كان وجهها قد استعاد هدوؤه .. وقالت بنعومة:
-ربما أنا ماهرة في التمثيل مثلك تماماً ستان .. فرجال في المدينة لديهم نفوذ واسع النطاق .. ومن المفيد جداً أن يكون للمرأة مرافق منهم ،إذا أحبت لعملها الازدهار.
وابتسمت له ابتسامة متشددة . . لكنه رد بنعومة:
-إذن هناك فائدة ما من لقائك معي .

لاحظت كم تهورت بملاحظتها
فسارعت تقول:
-لم تعد هكذا ستان . . لسوء الحظ لم تنجح . . لقد أدركت أنك لن تفيدني كما كنت اعتقدت .
ابتسم برضي:
-آه . . لكنني لم أكن أحاول مساعدتك . . وأستطيع هذا الآن ،محل الزهور مهم جداً بالنسبة لك،أليس كذلك؟أستطيع أن أفعل الكثير لمساعدتك ، فكما تقولين لدي النفوذ ،والعديد ممن سأقدمك لهم هم من زبائن الذين ترغبين بالتعامل معهم . . فهم يشترون الكثير من الزهور . . ومن يعلم، قد تجدين نفسك ناجحة جدا ًبحيث تفتحين محلاً آخر، أو توسعين عملك.

-لقد تمكنت حتي الآن من تدبر أموري جيداً . . ولا أظن أنني بحاجة إلي مساعدتك .
نظر إليها وضحك:
-حبيبتي . . لديك محل صغير جميل ،لكنني أشك في أنه يكسب ما يغطي فواتيره في هذه المرحلة . . فلا تقولي لي أنك نسيت إحساسك عندما تتواجدين في الأماكن العامة وارتداء الملابس الفاخرة والأنيقة والمجوهرات.

ازدادت ابتسامته كياسة وهي تستقر علي اللآليء في عنقها،وأدركت أنه يفترض بأنها مزيفة ..أحست بالتكدر لسبب ما فاللآليء والجواهر الأخري التي احتفظت بها من سنوات غنائها ,يمكن أن تجمع لها ثروة صغيرة إذا أرادت بيعها . . وهي تبدو مرشحة للفقر . . كما يبدو أنه يلمح .. وتابع بلهجة مختلفة
قبل أن تجد الكلمات للرد عليه :
-كنت مشهورة ،ولا تستطيعين القول إنك لم تشتاقي للشهرة ،في الواقع قد تقررين مزاولة عملك القديم من جديد متي تغلبت علي خوفك من معرفة الناس لشخصيتك .
أزعجها استمراره في سوء الفهم:
-أنت مخطئ في هذا .. فأنا لن أعود إلي الغناء كمهنة مجدداً.
-أنا لم أقل هذا . . أنا أتمتع بصحبتك و بالخروج معك ،لكنك لا تسمحين لي بمرافقتك إلي أي مكان عدا العشاء ،ولوحدنا فقط .. لكن مستقبلي يتطلب أن أنغمس أكثر في حياة اجتماعية أوسع من هذا وأريد أن تشملك تلك الحياة الاجتماعي ،وهذا كل شيء . . في المقابل ،سأفعل ما بوسعي لمساعدتك في عملك.

أخذت نفسا عميقا .. إنه يجعل المسألة تبدو بسيطة ومنطقية ،لا يمكنه أن يفهم كم صعب طلبه بالنسبة لها ،جلست في صمت تنظر إليه متفحصة ،كان وجهه مسترخيا علي ضوء الشموع المتراقص ،وعيناه فقط تفضحان أمر انتظاره لردها . .
مع أنها وجدت مسألة استعادة هويتها القديمة مزعجة إلا أنها كانت مترددة ،كانت متأكدة من أنها لو رفضت طلبه لن تراه مرة أخري .. ولن تتحمل هذا ..مع ذلك فهي ستكون غبية بالكامل أن تابعت رؤيته.

لكنها لم تستطع إسكات صوت ضعيف في داخلها أنها لو استمرت معه، فما الضرر في هذا ؟ كما أنها لا تعارض فلسفته السياسية ..
ولن تكون أول مغنية تعطي الدعم لسياسي . وبما أنها لن تغني ،لن يكون لتود ممسك عليها .. وليس محتملا أن يكتشف أمر علاقتها بستان أحد ..

سألها ستان :
-أوما .. هل طلبي صعب الي هذه الدرجة؟ بكل تأكيد ،بعد كل هذه السنوات ،يمكنك مواجهة بضعة أسئلة حول مهنتك كمغنية؟
وقف يأخذ يدها :
-تعالي ،ارقصي معي ..سنتكلم فيما بعد .

عندما وصلا إلي باحة الرقص ،غمرها بين ذراعيه تدريجيا فوجدت نفسها تسترخي ..كانت الفرقة الموسيقية تعزف لحناً حزيناً ،وأراحت رأسها علي صدره واسترخت علي كتفه .. فجاة أحست أنها ستبكي .
انتهت الموسيقي وأعلنت الفرقة استراحة .. ولحقت أوما بستان بانقياد وهي تتمني أن لا يعاودا حديثهما السابق ..
وقال متمتماً بعد جلوسهما :
-نحن ننسجم في الرقص جيداً أوما ..ويمكننا النجاح في أشياء كثيرة معا،فهل ستفعلين ما أطلبه منك؟

-سأتركك تقدمني لأصدقائك ستان ..لكن لا تطلب مني الظهور الفني ..لأنني لن أفعل .أتفهم؟
هز رأسه إيجاباً مع ابتسامة مشجعة ..وتساءلت لماذا ورطت نفسها به ..فهل تطن انها ستتغلب علي تعلقها به بالاستمرار برؤيته ؟أم أنها ببساطة لا تتحمل التفكير بتركه؟

تظاهرت أنها تتمتع بما تبقي من الأمسية مع ستان .. لكنها أحست بالراحة أكثر عندما تركا المطعم ،ورافقها إلي سيارته حتي وصلا إلي شقتها .
بعد إطفاء المحرك ،استدار في مقعده وكانه ينوي الخروج ..
بسرعة قالت:
-لا تزعج نفسك بإيصالي إلي الداخل .

مدت يدها إلي مقبض الباب ،لكنها أجفلت حين امتدت ذراعه لتمنعها ،فتراجعت منكمشة في مقعدها .
-ألن تدعيني إلي القهوة؟
بدأت أعصابها تنتفض ،إنه يريد إستغلالها ،يتاجر باسمها لمساعدته في عمله .. فجأة اشتعل غضبها .. وعرفت أنه يريد أن يدخل معها الشقة وكأن شيئاً لم يحدث !
وربما لم يحدث شئ بالنسبة له ..لكن بالنسبة لها .. كانت ذراعه حولها ،فأبعدتها عنها بقوة.

-لا .. لن أدعوك . لقد اتفقنا الليلة .. ستساعدني في عملي ،وسأساعدك في عملك ،أنه اتفاق عمل ،وتقديم القهوة لك في شقتي ليس جزءاً منه.
تراجع إلي الخلف في مقعده .. وعيناه تتفرسان بها ،وحاولت أوما تهدئة أنفاسها وهو يقول بنفاذ الصبر بارز في صوته :
-ظننتك فهمت..موافقتنا علي مساعدة بعضنا لا تعني أننا لم نعد صديقين .

ردت وهي تمد يدها تبحث عن مقبض الباب :
-لقد توقفت عن كونك صديقي منذ أن أصريت علي أن أكون أوما بايروت ،قلت إنني سأفعل هذا ،لكن لا يعني هذا أنني سأحب أن أفعل ،أو سأحبك.
أحست بفمه يشتد متوتراً ،وعرفت أنها أغضبته ،وفجأة أدارها بخشونة لتواجهه.
-ـأنا صديقك صدقتي هذا أم لا ...وأنت أوما بايروت ,وأن لأحد أن يوقظك لتواجهي الأمر , لسنوات خمس كنت تلومين نفسك ,لآن أخيك مات ،حسنا . . الكثير من الناس يخسرون من يحبون ،وآن لك ان تتوقفي عن دور الشهيدة التي تنفي نفسها ,فانضجي


وشدها بقسوة إليه ,وكانه يعاقبها . . وحاولت أن تحرر نفسها .لكن يديه الفولاذيتين أبقتاها مسمرة وأخيراً استسلمت . . وعندما شعر بضعفها بين ذراعيه , خفف ضغطه عليها لكنه لم ينه العناق .
رفع ستان رأسه ينظر إليها ,وجهه متجهم وهو ينظر إلي تعابيرها المذهولة ,وعيناها المشتعلتين .وأبقاها بين ذراعيه
فتأوهت :
-دعني أذهب ! لقد انتهي الاتفاق بيننا!

انتزعت نفسها من ذراعيه , وفتحت الباب تخرج إلي الرصيف ,ثم تستدير :
-وداعا سيد اواردز . . وسامحني إن لم أقل إنني كنت سعيدة بمعرفتك!
ناداها وهي تهم بالابتعاد :
-انتظري . . أوما . . !

سمعت صوت بابه ينفتح ويصفق ،وتقدم نحوها والتصميم بادٍ علي وجهه . . أمسك ذراعيها بقبضة حازمة ولطيفة :
-أعرف أنني تصرفت بسوء الآن, وكان علي ّ ألا أفقد أعصابي هكذا . . وسأعوض لك . . أعدك . . لن ألمسك ثانية إلا إذا أردت أنت . . أرجوك . . تعالي معي ليلة غد!

كانت مضطرة أن ترفع رأسها إلي الخلف لتنظر إليه ، وجهه كان يلتمع بنور مصباح الشارع الفسفوري ,وشعره مشعث , وخصلة واحدة تتدلي علي جبينه تثير فيها ذكري باول . .عليه اللعنة . .
سألت بغضب :
-وهل ستدعني وشأني ؟

-أعدك.

-وتتوقف عن التطفل علي حياتي كأوما بايروت؟
هز رأسه بعد تردد قليل , فأسرعت تقول قبل أن تغيير رأيها :
_حسن جداً .
وتركها ,فوقفت تراقبه يعود إلي سيارته ويدير المحرك ثم همتّ بالدخول إلي مدخل شقتها وهو يبتعد.

لقد كانت داريا حقا .. لكن حين تطفلت الفتاة كثيرا علي ماضيها ,أخرجتها من حياتها ..فلماذا لم تستطع ترك ستان يرحل كذلك؟ وهل لديها القدرة أن تخدع نفسها أكثر من هذا ؟عرفت أن لديها الرد علي هذا السؤال.
لكنها كانت تتمني لو كان لديها الرد علي ما دفعها لتترك نفسها تقع في حبه .

نهاية الفصل الثالث



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:36 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:44 PM   #5

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

4- لعبة في قبضته
************************
كان المنظر هو العامل الرئيسي الذي دفع ستان كي يقرر موقع مكتبه في هذه الغرفة .. فغرفته تطل علي الحديقة العامة وفي الايام المشمسة يراقب جمال الطبيعة لدرجة النسيان انه وسط المدينة .. في أوقات اخرى كان يراقب زحام حركة البواخر في الخليج بوارد لساعات وهو يعمل علي حل مشكلة ما .

هذا الصباح ، لم يستطيع ستان ان يستمتع بهذا المنظر ، انه يوم رطب كئيب من ايام تشرين الثاني يضغط علي النوافذ .. مع ذلك ، كان يحدق اليه ، متجاهلا النشرة القانونية المفتوحة علي الطاولة خلفه ، بينما هو يفكر بمعضلة أوما بايروت .. و افترض ان عليه ان يكون راضيا لأنه اقنعها بلقاء اصدقائه .. وهذه هي الخطوة الأولي في خطته التي تشمل مساعدتها له في حملته السياسية مع ان جدالهما ليلة أمس ترك اثرا سيئا في نفسه .

عمله ناجح في القانون ، وهو من اصغر الرجال الذين انتخبوا للمجلس التشريعي المحلي في تاريح فانكوفر .. وله مستقبل مشرق في السياسة الوطنية .. وهو لم يصل الي ما هو عليه اليوم , بسوء فهمه للناس .. لكنه ارتكب غلطة فادحة مساء امس ، خلال الشهر الذي امضاه في مقابلتها .. اطلق نحوها حملة ماكرة .. و بااستخدامه كلماته بحذر ، كسب اهتمامها ، و أخيرا كسب حماسها لطموحه و مستقبله .


خلال ذلك الوقت ايضا ، ادرك انها مصابة بهسترية في مسألة كشفها عن هويتها كأوما بايروت .. لكنه كان يظن ان هذه مشكلة من السهل حلها ، سيناقشان ماضيها و يبديان كل شيء الي العلن ، ثم يلعب ورقته الرابحة .. كان يعي حقيقة مشاعرها نحوه .. قد لا تكون مغرمة به لكنها متورطة عاطفيا معه .. و سيستخدم هذه المشاعر الرقيقة ليكسب تعاونها فالمرآة لا تستطيع ان ترفض استغاثة رجل ترغب به .

خطط لها .. ولك ينجح بأسئلته عن ماضيها ، وعن الاسباب التي جعلتها
اخيرا ، انتقل الي مرحلة الثانية حملته لكسب تعاونها .. وقطب هل كان مخطئا حول مشاعرها نحوه ؟ مع انها اعترفت بتعلقها به ، الا انها اصرت فيما بعد ان علاقتهما كانت علاقتهما علاقة عمل فقط ، و أنها تقابله علي امل ان تفيد محل ازهارها ، مع انه لم يكن واثقا ما اذا كانت تعني هذا أم انها مجرد أقوال للدفاع عن نفسها .

احس بالارتياح عندما رن جرس الهاتف في المكتب الداخلي و قطع عليه افكاره ..
تحرك في كرسيه و رفع السماعة :
- سيد ادواردز .. السيد كوبر هنا .. يبغي رؤيتك .
- عظيم دعيه يدخل و حضري لنا القهوة ، ارجوك ! بعدها اهتمي بتلك الرسالة الصغيرة .

وهو ينتظر ابتسم مفكرا يقول أوما ان ما بينهما مجرد ااتفاق عمل .. هذا الصباح قرر ان يستخدم هذا لمصلحته .. و سيلعب لعبتها حسبما تريد .. لكنه سيتأكد قبلا انها ستكون مدينة له ، كي لا تغير رأيها .
وقف ستان يحي صديقه وهو يدخل الغرفة .. وصلت القهوة و انسحبت السكرتيرة تقفل الباب ورائها .
فتح مايكل حقيبته ارواقه واخرج منها ملفا وهو يقلب ورقة اخرجها من الملف :
- نحن مستعدون تمام لهذه الليلة . غوليان قادم . و كذلك سايمون و براكس .. لكن ركز علي غوليان ، فالآخرون يتعبونه بما يفعل .. انه مهتم .. لذلك لن يكون الامر صعبا .. دعمه سيكون ثمينا .. علي فكرة .. من ستأتي معك ؟

- أوما .
ارتفع حاجبا مايكل :
- حقا كيف تمكنت من هذا ؟ ظننت ...
- لم يكن الامر سهلا . لكن اصنع معي معروفا مايكل و اجلس الليلة الي جانبها و حاول استجوابها .. لقد اصدمت بجدار في كل مرة سألتها عن مهنتها القديمة .. حاول جاهدا ان تعلم لماذا تكره الكلام عن ماضيها .
- أتظن انني ساعرف أكثر مما عرفت انت ؟
- حسنا انا لم اصل معها الي أي جواب .

- لكنك اقنعتها بالمجيء معك الليلة .
استدار في مقعده الدوار مجددا بوجه غاضب :
- هذا فقط بعد ان لويت ذراعها ، لا استطيع فهمها .. لقد قرات كل ذره معلومات عنها ، ولا شيء يفسر تصرفها . تقول انها تركت الغناء بسبب موت اخيها ، لكن يجب ان يكون السبب اكثر من هذا .ز اعرف ان الصحافة اضطهدتها لأنها لم تحضر جنازة اخيها .. لكن الأمر يبدو انه نتيجة لرغبتها في تجنب الدعاية .

حلت علي وجهه نظرة اكتئاب بدل الغضب ، و جلس مايكل بصمت يراقب صديقه ..
و اقترح أخيرا :
- ايمكن ان تشعر بأنها مسؤولة عن موته ؟
هز راسه ستان فورا :
- لست ادري كيف .. كانت حادثة سيؤ ، و كانت حادثة مروعة .. السيارة احترقت ، و لم يبق شيء من الجثة ليستعاد ، لكنها كانت حادثة ، لقد افلت رغي من آلية القيادة ، ووقعت السيارة من فوق الصخور .. فكيف تلوم نفسها لهذا ؟



صمت عدة لحظات ثم أكمل :
- استطيع ان افهم لو كانا مثل معظم لمغنين ، كان باول متزمتا جدا ، وهي لم تكن تتلائم مع حياة الحفلات الصاخبة ، و العبث الذي ينغمس فيه معظم الفنانين في عالم الفن .. الثنائي بايروت لم يفعل هذا يوما .. كانا طاهرين حتي انهما كان يحولان المسرح الي مكان أخلاقي ! .
صمت مجددا و عاد الي التحديق باكتئاب خارج النافذة . اخيرا قال مايكل :
- اعتقد ان عليك تركها .

استدار ستان ليواجهه بتعبير جامد فأكمل مايكل :
- لأكن صادقا معك يا ستان ، انت لست في موقف يمكنك فيه تحمل لعب دور عالم النفس الهاوي .. فالأمور قد بدأت لتوها تت حرك بالنسبة لك .. و ستتمكن علي الارجح ان توصلك الي الانتخابات الثانوية .. و بصارحة عليك ان تركز تفكيرك علي هذا الامر .. اسمع لقد سألتني ان اعمل معك في حملتك . و انت تدفع لي ثمن النصيحة .. و هذا نا افعله .. فأنس أمر أوما بايروت .
- يمكنها ان تساعد كثيرا .
- من تحال وان تقنع ستان ؟ انها لم تغن من 5 سنوات والناس نسيتها تقريبا .. وانت تحاول اكراهها لحضور حفلة عشاء عادية .. انها غير مستعدة للتعاون .. ماذا سيحدث حين يصل وقت الانتخابات الفرعية ؟ سنظهر للعلن ظهورا بعد آخر . فهل تظن انها ستفعل هذا بإرادتها ؟

رد ستان بعناد :
- ستكون قد اعتادت علي هذا .
- وهل ستعتاد؟ حسن جدا .. ماذا عن والدك ؟
- ماذا عنه ؟
- سيتسبب لنا بمشكلة حين يجد انك تتواعد معها .. و دعمه لك مهم جدا .. ولا يمكنك تحمل اغضابه .
- والدي سيكون اول من يعترف بقيمة شخص مثل اوما بايروت في دعهما لي .. اضافة الي هذا ، ليس من شانه مع من اتواعد .
- اظنك تسعي الي شيء اكثر من الدعم منها ، مع انني اعتقد انك تعش حلم غبي اذا اعتقدت ان جوليان اواردز سيقبل اوما بايروت كنة له دون تذكر .

اجفل ستان :
- انا لم اقل ابدا انني انوي اخطط للزواج منها .
- اذن لماذا لا تتخلي عنها ؟
- لأنني اظنها ستكون مفيدة في حملتي .
- الا تحبها ؟
قال ستان بحزم :
- لست مغرما بها ... وانا اتخذ قرارتي بنفسي .. اعتقد ان اوما اوبايروت مصدر قوة لي .. و بامكانها مساعدتي .. وستري بنفسك .. الليلة .. الآن ، اذا لم يكن لديك شيء اخر نناقشه ، لدي هذه الاوراق ادرسها .

و اشار الي كومة اوراق علي طاولته .
وقف مايكل يتقبل الطرد :
- طبعا .. اراك الليلة .
بعد مرافقة مايكل الي الخارج ، عاد ستا نالي طاولته و التقط ورقة الاولي من الملف امامه .. ثم رماها مجددا .. ووضع ذراعيه خلف رأسه ينظر الي السقف و شعور بالغضب يتملكه من مايكل ، ومن اوما , لو انها تعاونت ، ما كان مايكل لستنتج مثل هذا الاستنتاج المجنون . لقد كانت نجمة كبيرة و النس لم ينسوها بعد .. وهذا هو السبب الوحيد الذي يريدها من اجله الي جانبه .

اخذت اوما تنفض نقاط المطر وهي تسرع الي دخول مبني غرايس .. شكرا لله لوجود اريل !
فبعد ان تركها ستان ليلة امس ، لم تغف قبل مضي ساعات ، و نتيجة لهذا نامت رغم انطلاق جرس ساعة المنبه في الصباح .. لكن علي الاقل ، كان مع اريل المفتاح المحل ، ولا شك انها فتحته .

دفعت الباب و دخلت . كالعادة توقفت لحظة وقت الدخول تتنش بابتهاج الراوئح العالقة في جو محلها .. كان هذا اكثر ما يمتعها بامتلاكها لمحل الازهار . فحتي غندما يكون المطر منهمرا لأيام دون ان توقف تشعر دائما ان الصيف في المحل . وهذا ما يرفه معنوياتها .
خلعت معطف المطر و شقت طرقها الي مؤخرة المحل .. تتوقف هنا و هناك لتلتقط زهرة ذابلة .. وكانت اريل تقف خلف منصة الخدمات ، تراقب زبونة اخري تتفحص ورد حريرية ..
و قالت اوما معتذره :
- اسفة للتأخير هكذا اريل .. لقد نمت رغم رنين المنبه هذا الصباح ، هل واجهتك اية متاعب
هزت الفتاة رأسها نفيا .

- لم يكن هناك عمل كثير .. لكن هذه السيدة تنتظر لتتحدث اليك .
اشارت الي المراة المتوسطة في السن التي كانت تتفالزهور المعروضة . ومدت المرأة
يدها تصافح اوما مبتسمة :
- مرحبا .. لا استطيع ان اعبر لك عن مدي غبطتي بمقابلتك اخيرا آنسة بايروت . انا سكرتيرة السيد اواردز ، نورما اديسون .. اشعر انني اعرفك منذ سنوات . فماذا عن ملاحقة عملك .

مساعدة أوما لا تعرف شيئا عن عملها السابق ، و تتساءل دون شك كيف يلاحق شخص عمل بائعة الزهور ..
و اقترحت وما بهدوء :
- ربما نستطيع الكلام في مكتبي .
- بكل تأكيد .
سارت الآنسة اديسون خلفها الي المكتب .
اقفلت اوما الباب خلفهما و اشارت الي كرسي تسل ضيفتها ما اذا كانت ترغب بشرب القهوة ووافقت ، فابتعدت اوما تحضر القهوة . صبت كوبين ، و سألت الآنسة اديسون كيف تحبها .

- دون سكر .
كانت المراة تحدق بالاكوام الاوراق علي طاولة اوما .. و احست اوما بالحرج .. بدت السكرتيرة قديرة جدا بدون شك .
قالت المرأة بلطف بينما كانت اوما تجلس :
- الآن اعود للسبب الذي دعا السيد اواردز الي الطلب من ان ازورك .

فتحت المراة حقيبتها و اخرجت قطعة من الورق و قالت :
- السيد اواردز يريد ان تكون لك مجموعة ملابس جديدة و هاك لائحة بالاشياء التي يعتقد انك بحاجة اليها .. و اسماء المحلات حيث تستطعين تسجيلها عليه لأن له حساب جاري معها .
و اعطت اوما الورقة .

كانت اوما تصغي الي السكرتيرة برعب .. وهي تقرأ اللائحة ازداد احتقان عينيها حتي اصبح قرمزيا .. ملابس سهرة ، فساتين يومية ، ملابس ركوب ، احذية و حقائب يدوية .. رفعت رأسها الي المرأة غير مصدقة .. بعد ملاحظاته بالأمس لم تكن متفاجئة من كونه يريدها ان تهتم ملابسها ، لكن لم يخطر بيالها انه فعلا ينوي شراء مجموعة جديدة كاملة .. كان وجهها يحترق غضبا وهي تنظر الي المرأ بحرج . كيف يمكن ان يكون بلا احساس هكذا ليضعها في مثل هذا الموقف ؟
- هو ...
وصمتت تتنحنح لتجلي حلقها :
- هو يريدني ان اشتري هذه الاشياء ؟

ابتسمت المراة الاكبر سنا كأنها تقرر امرا واقعا ، مما دعا اوما الي التساؤل كم مرة دعيت لتنفيذ هذه المهمة .
- السيد اواردز يعرف كم انتي مشغولة ، لكنه يرغب في ان تبدأي التسوق عندما يصبح الامر ممكنا .
رأت اوما امامها نافذة للخلاص ، فقفزت اليها كأرنب يختبئ فر جحر .
- حسنا .. هذه اللائحة طويلة جدا .. ولا يمكن ان اتمكن من ايجاد الوقت لتسوقها .. لأنني مشغولة جدا في ادارة متجري .
ضحكت الآنسة اديسون .

- أوه .. انه يعرفك جيدا .. هذا بالضبط ما قال انك ستقولينه .. لهذا ارسلني الي هنا .. سأتولى العمل في اعمالك المكتبية ليكون لديك الوقت للخروج .
لقد كانت محقة ! فكرت اوما فاغرة الفم .. لكن قبل ان تهم بالكلام قالت المراة بسرعة :
- لا حاجة لن تقلقي هكذا . انا معتادة علي مثل هذا العمل .. فقبل العمل مع السيد اواردز . كنت اعمل في الحسابات كمهنة حرة .. ولن اواجه مشكلة في اكمال العمل بشكل صحيح .

- لا اظن ...
لكن قبل ان تتابع قولها ما لا تظنه ، كانت المرأة قد بدات تطلع علي الفوضى الورقية فوق الطاولة ، و كانت اوما خارج المحل ، بطاقة اعتماد مصرفي بلاستكية تحمل اسم ستان اواردز في يدها ، ولائحة ما ستشتريه في الأخرى ،
اشتدت قبضتها حول الورقة ، تكورها وهي تستدير لتسير في الردهة متجهة الي المصعد الذي سيوصلها الي مكتب ستان . خطت خطوة ثم توقفت ، و تظرت الي بطاقة الاعتماد . اذن هو يظن انها ترتدي ثياب رخيصة ؟ حسن جدا ن ربما هذا صحيح و لكن ربما كذلك عليها ان تظهر لكم هو ذوقها مكلف حين تكون في مزاج لشراء الثياب ! مغمورة بموجة غضب للانتقام ، استدارت علي عقبيها و خرجت من المبني بسرعة .

بعد ان ارتدت اوما ثوبها ذلك المساء تفحصت مظهرها في المرآة الطويلة ... كان الفستان من الجيرسي الازرق اللماع يلتصق بحنايا جسمعها و يعطيها قامة ممشوقة .. لكن افضل ما فيه ثمنه فبثمنه يمكن شراء سيارة مستعملة ممتازة .
اذا كان لفستان ان يصنع خصيصا لأرتداء الألماس ، فهذا هو الفستان . تقدمت اوما الي صندوق مجواهرتها ، و اخرجت طاقما الماسيا .. القرطين كانا مجرد دمعتين تتناسبان تماما مع العقد بالماسيته النتدلية من سلسلة بلاتين . ووصعت الاسوارة المماثلة في معصمها و تلك العبارة عن طوق ضيق من البلاتين المزين بالالماس .. ورفعت شعرها بربطة عند مؤخرة عنقها .
رن جرس الباب . فرفعت الوشاح الابيض المخملي الذي اشترته بعد الظهر و ذهبت لترد . فتحت الباب رأت ستان ينتظرها . يبدو انيقا بشكل مذهل في بذلة سهرة و قميص مكشكش ابيض .

لم يرف له جفن حين اعطته ايصالات مشترياتها وضعتها خيبة املها في مزاج عدائي ..
و سألته باختصار :
- حسنا . هل الاقى استحسانك ؟
اشتد ضغط فمه في ردة فعل العدائية في صوتها و تابع تفحصها .. رأت بروز ذقنه من الغيظ و بدن عيناه باردتين وهما تمران علي فستانها .. اخيرا قال بصوت فاتر :
_ تبدين جميلة .

تقبلت الاطراء بصوت ملئ بالسخرية :
- انا مسرورة لستحسانك ، لأنني ارغب في ان تحصل علي ما يساوي مالك من اتفاقنا ...
رأته يجفل و عرفت انها لامست وترا حساسا .. ولكي تزيد من سخريتها رفعت ذقنها بكيرياء ..
تابع تفحصها لحظات ثم سأل :
- لماذا تصففين شعرك دائما هكذا ؟
ردت بفظاظة باردة :
- لأنني احبه هكذا .

رأته يتوتر و يصر علي اسنانه من شدة الغضب .. انها تتعمد ان تكون معادية لكنها لم تكن تهتم .. ولمعت عيناها بتحد في وجهه للحظة ظننته لن يستجيب لكن حين بدات ابتسامة رضى ترتسم علي شفتيه قال فجأة :
- انا لا احبه .. دعيه ينسدل .
تجاهلت الأمر و ادارت ظهرها متعالية له . فتقدم منها خطوة ليقول بلهجة جافة :
- لا تدريري لي ظهرك اوما .

امتدت يده لتمسك معصمها بينما ارتفعت الاخرى الي شعرها تنتزع ملاقط الي تثبت شعرها .
حين حاولت مقاومته استخدم ذراعها ليشدها اليه . وا خذت تبعد راسها بعدما وعت لنه ينظر اليها بتعال و يلاحظ ارتفاع اللون الاحمر الي خديها ..
- انا .. سأفكه بنفسي .

و تركها علي الفور .. دون ان تتمكن من تحمل نظرته الساخرة المتسلية . دخلت مسرعة الي غرفة نومها تنتزع الدبابيس المتبقية .. بغضب . مررت فرشاة في شعرها الطويل الاحمر البني ، تكشر الما حين علقت الفرشاة غلي خصلة صغيرة منه ، اخيرا اجبرت نفسها علي الهدوء . مع انها كانت لا تزال ترغي غضبا حين عادت الي غرفة الجلوس .

- هز ستا رأسه :
_هكذا افضل .
وقعت عيناه علي العقد الالماسي المستكين علي بشرتها العاجية و لامست اصابعه عنقها وهو يتفحصه .
- اهي حقيقية ؟
- طبعا .. لكن لا تقلق فانت لم تدفع ثمنها .. فهمي من ممتلكاتي الخاصة املكها منذ سنوات . ولدي مجوهرات رائعة كثيرة معظمها حقيقي .. بما فيها اللآليء .
و كرهت نفسها لهذرها الطفولي .. وهي تخطو مبتعدة عنها عادت الالماسة تتدلي علي جيدها و قال :
- هل انت جاهزة للخروج ؟

وامسك وشاحها فادرات له ظهرها ليضعه علي كتفيها .
و سألها بغضب يدريها لتواجهه :
- اوما .. اتقولين ان تلك الآليء و المجوهرات الأخرى التي رأيتك تضعينها ليست مقلدة ؟
ردت بحدة :
_وماذا في هذا ؟
_فهمت
_مالذا تحاول الوصول اليه بالضبط؟
- لا بأس في هذا .. آن لنا ان نخرج .

ضربت اوما قدمها في الارض بعد ان غاص معني كلامه في رأسها .
- لن اتحرك قبل ان ترد علي . اتظن ان رجلا ما اشتراها لي . اليس كذلك ؟
- بالطبع لا . لم اقل هذا .. فلنترك الموضوع ايمكن ؟
تقدم الي الباب يفتحه ثم استدارقائلا :
- هل انت قادمة ؟
- لا .. لك خيال قذر ستان و لن اخرج معك.

كتفت ذراعيها امامها ووقفت تحدق به بغضب .
تقدم اليها يمسك معصمها بقبضة شديدة :
- بلي .. ستخرجين معي . انت قلت ان ما بيننا اتفاق عمل . وانا الان اطالبك بتنفيذه .. لقد اشتريت صحبتك الليلة بهذا الفستان الذي ترتدينه . وهو الجزء الخاص بي من الاتفاق .
قاومته مجددا لتتخلص منه :
- اتركني .. لن اذهب الي اي مكان !

لكن قبضته كانت قاسية ..
توقف عند الباب :
- انت قادمة معي .. و الاكثر من هذا ستحسنين التصرف . دعيني اقولها بلغة تفهمينها .. انت تكلفينني كثيرا لأحضرك .. بيننا اتفاق . و لسوف تلتزمين به .
- وكيف تظن انك ستجيرني ؟
ابتسم التواء بشع لشفتيه جعلها تحس بالبرودة :
- هل تساءلت يوما لماذا يوجد مكتبي القانوني في مبني غرايس ؟ دعيني اقول لك .. السبب انني احد مالكي البناء و انا اكيد انه لو كان لدينا مستأجر لم يكن سعيدا به ، لن اجد مشكلة في اخراجه .. فهل فهمت رسالتي !

نظرت اليه متحدية :
- لدي عقد ايجار .
- و انا محام .. و اعرف كل شيء عن فسخ الايجارات .
فتحت اوما فمها ثم اغلقته .. لقد باتت حياتها كلها و رهنتها للمتجر ولا تريد ان تخسره .. وهمست :
_سآتي .

ترك معصمها فاحست بوخز في يدها مع عودة الدم اليها ، وقد ظهرت دوائر حمراء من ضغط اصابعه عليها .
قال بغطرسة يضع يده علي مرفقها :
_كنت اعرف انك ستنظرين الي الامور بطريقتي .


توقفت سيارة المرسيدس العاحية اللون امام مبن سكني فخم .. وخرج ستان ليفتح لها الباب ، و يساعدها علي الخروج . ثم يرافقها الي ردهة البناء و كانت قد تجنبت حتي الآن التفكير بانها ستقدم الي قاعة مليئة بالناس باسم اوما بايروت .. لكن ما هي الا بضع ثوان و يحدث هذا .
قال ستان و ابواب المصعد تقفل ليحملهما الي الطابق العلوي من المبني :
- توقفي عن هذا اوما .. ما بالك ؟ تبدين و كأنك سيغمي عليك .

اخفت ارتعاش يديها في ثنايا وشاحها :
_انا بخير .
كيف يمكنها ان تشرح له ان فكرة لقاء عدد كبير من الناس باسم اوما بايروت يجعلها تحس بالسقم من شدة الخوف ؟ ماذا لو سمع احدهم شائعة ما ؟ ماذا لو سألوها عن باول ؟ لن تتحمل اية غلطة او زلة لسان .
وقف ستان يواججها مقطبا بعمق بعد ان لاحظ سحوب خديها .
و النظرة الخائفة في عينيها :
- انا اسف لأنني كدرتك قبل قليل .. لم اكن احاول ان المح الي شيء حيت علقت علي مجوهراتك .. كنت اعرف انك اشتريتها بنفسك .

- اذن ماذا كنت تعني ؟
- الامر فقط . انني حين ادركت الحقيقة صدمتني خسارتك في تركك لمهنتك .. هل تعلمين كم من الناس يمكنهم الحلم بما حققته من نجاح ، ثم ابتعدت عنه ؟ لقد كان لديك كل شيء .. و ادرت ظهرك اليه .
- المال و النجاح ليس كل شيء ستان .
- اعرف هذا .. لكن لا شك انك اردتهما في البداية و الا ما وصلت الي حيث وصلت .

- لم اعد اريدهما .. كل ما اريد ان اترك و شاني ، ان يكون لي متجري و حرية ادراة حياتي كما اريد دون تدخل منك .
- حتي لو كان التدخل لصالحك ؟
- اوه .. انت حقا تهتما لصالحي اليس كذلك ؟ منذ خس دقائق كنت تهددني بأن تدمر عملي و تسلبني اياه !
تنهد ستان بنفاذ صبر :
- لم اعن ما قلت .. لقد فقدت اعصابي . كنت مستعدة لشجار منذ ان دخلت شقتك .. وماكان يجب ان ادعم تحرضيني .. لكن الا يمكن ان نتوقف عن الجدال ؟ انا لن اسلبك متجرك .. بل سأساعدك في عملك .

حررت يدها منه و فمها مشدود .
- اتمني لو انك تركتني و شأني .. انا لم اكن راغبة في المجيء هذه الليلة .
- ستتمتعين بالحفلة . فتوقفي عن الظهور وكأنك ذاهبة الي الاعدام .. اذا كنت تتصرفين هكذا لأنني سأقدمك كأوما بايروت فتوقفي عن هذا التصرف .
- شدها اليه و طبع قبلة سريعة علي جبينها .
تحررت منه بسرعة و اخذت تلعنه:
- اللعنة عليك .. لقد وعدت الا تلمسني !

ضحك ستان بخفة مبتسما برضي :
- علي الاقل دفعت ببعض اللون الي وجنتيك .. ابتسمي الآن ... لقد وصلنا .
وهي تغلي من الاحباط ، وعندما وصلا الي باب الشقة رن ستان الجرس و هو ينظر اليها :
- قلت ابتسمي .
رفعت رأسها اليه بتمرد .. لكن حين خطا نحوها ابتسمت بسرعة ..
و فتح الباب.. لتبدأ محنتها

نهاية الفصل الرابع



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:38 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:47 PM   #6

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

[align=center]
5– و في النهاية بكت ..
***********************
تقدمت امرأة نحو اوما و غمرتها بعطر ناعم مفعم برائحة الازهار :
- لا تتصورين مدى سعادتي عندما سمعت انك ستكونين هنا الليلة .
بشكل آلي ابتعدت اوما فوجدت انها مستندة الي المدفئة السوداء .. لطالما تمنت بان يكون للمرمرء خلوته الخاصة و لم يزعحها شيء اكثر من ان يتطفل احح علي خلوتها بنفسها ، خاصة ان كان غريبا .

تفرست عيناها بغرفة الجلوس ، تبحث عن ستان .. عندما وصلا قبل قليل اندهشت اوما بشقة مضيفتهما .. شقة في الطابق العلوي مفروشة بأسلوب فريد من نوعه .
لمحت ستان يقف علي بعد اقدام . مستغرقا في الحديث مع رجل آخر . مع انها التقت بعينيه . الا انه ابتسم لها فقط قبل ان يركز اهتمامه علي الرجل .. لا امل في انقاذها .. لا شك انه مسرور لأنها علقت في فخ هذه المراة
التي كانت تقف الي جانبها تقول وكانها تسر لها :
- هذه الحفلات عادة مملة .. الرجال دائما يتجمعون في زواية يتحدثون في الرياضة او الساسية ، و يتركونا لوحدنا نحن الزوجات .

كانت امراة مسنة تجازوت الخمسين .. وضعت يدا لطيفة علي ذراع اوما ..
التي حالت ان تجفل منها مبتعدة :
_انا مسرورة جدا لأن هناك احد مثير للاهتمام مدعو الي هذه الحفلة . لطالما كنت معجبة بك و بأخيك . كنتما طفلين رائعين ، انها مأساة كبرى انتهى اليها اليها عملها الفني .. لكنني افهم ما هي مشاعركى حول الاستمرار بعد مقتله .. وكنت اتساءل ..
قاطعتها اوما بحده :
- انا اسفة .. لأنني لن اناقش موضوع عملي القديم الان ، لو سمحت لي .. ارجوك ؟

بدت المراة مجفلة و اوما ان تتجاوزا مسرعة الي الغرفة لتقف الي جانب ستان . دس ذراعه حول خصرها ، ينظر اليها ثم تحركت عيناه نحو المرأة التي كانت تتحدث اليها ، و قطب قليلا عندما لاحظ ان المراة محمرة الوجه ساخطة ..
استدار الى الرجل الذي كان يتحدث اليه و قال :
- لماذا لا نكمل حديثنا فيما بعد ؟ ساجول باوما بين الحضور لأتأكد من انها تعرفت الي الجميع .

ابتعد يأخذها معه لكن عوضا عن الانضمام الي جماعة اخرى ، اصطحبها الي زواية هادئة خلف شجرة تين مزوعة في اص ضخم همس بصوت منخفض :
- ماذا قلت للسيدة غوليان ؟ تبدو و كأنك اهنتها .
- حسنا .. ربما فعلت .. انا فقط .. لم استطع ان اكلمها اكثر من هذا .
ارتجفت يدها وهي ترفعها لتبعد خصلة شعر عم وجهها ، كانت تشعر بارهاق و بانها غير مؤهلة للجدال معه .
- اسمعي اوما .. اعرف انها امراة مزعجة احيانا .. لكن الا يمكن مسايرتها ؟ زوجها رجل مهم جدا .

نظرت اليه بعجز ، كانت تعلم انه بحاول جاهدا السيطرة علي نفاذ صبره .. لكنها لم تعرف كيف تتمكن من الشرح له انها لن تستطيع تحمل اسئلة المراة المتطفلة ثم ضحك رجل من خلفهما :
- جئتما الي هنا اذن
التفتت اوما حولها بارتياح فوجدت مضيفهما يتقدم نحوهما :
- آسف ، لكن عليكما ان تتوقفا عن الحديث الآن . فالعشاء اوشك ان يجهز . و سأطالب بأفضليتي كمضيف ان ارافق السيدة الجميلة الي المائدة .
رد ستان بطلاقه :
_ للعشاء فقط .



و تركها لمايكل . عيناه تلمعان سخرية الي يمين المضيف و سلاها ان ستان كان يجلس في ابعد مكان عنها قرب السيدة غوليان .
احست برضى عارم لمعرفتها انه مضطرالآن لتحمل اخلاق المراة الخرقاء و ملاحظاتها الشخصية طوال الوجبة .. بعد دقائق استرقت نظرة خفية باتجاه ستان و اصيبت بخيبة امل لرؤيته يتمتع بصحبتها .. مع انها ادركت ان الامر له علاقة اكثر . بالشقراء الجالسة علي الجانب الاخر .

شغلت نفسها باحتساء الحساء الذي امامها ن لكنها فجاة لم تشعر بالجوع ، و تساءلت عما اذا كانت تلك الفتاة واحدة ممن يتلقين الازهار التي كان يبتعاها من ملحلها.. كانا زوجا فاتنا .. و رأسيهما منحيان قرب بعضهما .. احدهما شديد السواد و الآخر اشقر .. واجبرت اوما ملعقة اخرى من الحساء ان تدخل فمها .. كيف يمكن ان تسمح لنفسها بان تغار مع ان كلامه كان عن الصداقة فقط ظ فستان قد اوضح لها انه مهنم باسمها اكثر من اهتمامه بها ؟
سمعت صوت قربها :
- يجب ان اقول اني معجب بذوق ستان .

رفعت رأسها و رات مضيفها يتفرس بها و ابتسامة خفيفة بادية علي شفتيه ، فابتسمت له بحرارة اكثر من الازم فاثنان يمكن ان يلعبا لعبة ستان .. و رفضت ان تترك العنان لمقلتيها ان تقوداها الي الطرف الاخر الي حيث كان ستان يعبث مع الشقراء .
قال مايكل :
- كنت ابدي اعجابي بذوقه في النساء فقط .

رغما عنها نظرا باتجاه ستان و ابتسامتها تتلاشى فقال مايكل بسرعة :
- يا الهي لا يمكن ان تظنيني عنيت شيئا ؟
- انها جذابة جدا ...
و جالت اوما عينيهاوهي ترى ستان يلقي برأسه الي الوراء و يضحك لما قالته الشقراء ..
ورد عليها مايكل :
- لكنها ليست بمنافسة .. صدقيني .. سوف يبعدها ستان عنه ما ان ينتهي العشاء . كل ما كان يتحدث عنه في الشهر المنصرم هو اوما بايروت .. حتي انني ظننته لن يتوقف عن الاحتفاظ بك لنفسه !

تمتمت اوما بكلام غير مفهوم و عادت تركز اهتمامها بالحساء .. لقد تحدث ستان مع مايكل عنها . وتساءلت عما قاله .. ولم تكن بحاجة الانتظار طويل لتعرف ..
اذا تابع مايكل :
- قال لي ستان انك ستساعدينه في حملته .. لذا اعتقد اننا سنراك كثيرا في الاشهر القادمة .. هل ذكر لك انني اعمل معه ؟
هزت رأسها نفيا .. ماذا يعني انها ستساعده في حملته ؟ انها لم توافق سوى علي لقاء اصدقائه و هذا كل ما في الامر !
- انا مدير حملته ، وهو مؤمن انك مصدر منفعه له .

احست في لهجته ما جعلها تنظر اليه .. وكان يبتسم لها . مع ذلك شعرت انه لا يشارك ستان رأيه .. حسنا . جيدا جدا ! ربما يقتنع ستان بان يدعها و شأنها .
جاءت الخادمة بالطبق التالي .. بعد رحيلها علقت اوما علي اناقة شقة مايكل الفريدة من نوعها فقال مايكل مقاطعا طعامه وهو يبتسم :
- انها ستعجبك اكثر مع الوقت .. شقيقتي آبي زينتها لي .. وكدت اقتلها عندما شاهدت اول مرة .. كنت مسافرا وحين عدت وجدت هذا .

وادار ذراعه في الهواء :
- لم اكن اعتقد انني ساحب العيش هنا .. لكنني الآن وقد اعتدت عليها ، اصبحت احبها ، مع انني لا اعترف بهذا لآبي ! و انا ممتن لشقيقتي بشيء واحد .. لقد هيات لي جهاز ستريو عظيم ، و انا مجنون بالموسيقى . عليك ان تأتي مع ستان فتستمعي الي مجموعتي الموسيقية من بينها اسطوناتك .
ابتلعت اوما طعامها بصعوبة .. هل تقود كل الطرق الحديث الي اوما بايروت ؟
اخيرا قالت بصوت ممازح :
- انت اذن من يحتكرها .. كنت اتساءل من ؟
ضحك و قال يؤنبها :
- عليك الا تكوني متواضعة لهذه الدرجة .
التوت شفتاها بابتسامة خشنة :
- في الواقع ، هذا ليس بعيدا عن الحقيقة .. صحيح اننا نجحنا كثيرا في حياتنا ولكن الالبومات كانت كارثة . المصاريف و الاعلانات استهلكت كل ارباحنا .
- حقا ؟ هذا يدهشني .. كنت اظن ان تسجيلاتكما مربحة جدا .

هزت كتفيها :
- اعتقد انها لم تكن سيئة المبيعات . لكن وقعنا عقد اتفاقامن تلك التي يحصل الجميع فيها علي الربح عدانا .
ولقد عرفت هذا بعد موت باول .. صحيح ان ليس فيها ما هو غير قانوني .. فتود ماتسون اذكى من هذا .. مجرد استثمارات فاسدة و مصاريف مبالغ فيها و لولا مجوهراتها لكانت مفلسة تماما .
قدمت القهوة في غرفة الاستقبال بعد الشعاء و ما ان جلست علي الكنبة حتي احتل ستان المكان الي جانبها ، تاركا سينثيا الساخطة تفتش عن مقعد لنفسها .. وبقى الحديث عاما و ارتشفت اما قهوتها بهدوء دون ان تنضم الي الحديث ، واجابت علي
ل اسئلة الاصدقاء ستان بهدوء ، ربما يدرك الآن انها لا تكلاه ماضيها بقدر ما تفضل ببساطة ان تكون اوما دوناهو ، باعئة الهور علي ان تكون اوما بايروت المغنيه .

حين وقف ستان اخيرا ، ساعدها علي الوقوف و سألها بعذوبة :
- لم تكن الامسية محنة كبيرة .. اليس كذلك ؟
ابتسمت وهي تهز رأسها :
- لا .. فانا .. تمتعت بها .
- فتاة طيبة ! فلنذهب ونودع مايكل .
كان مايكل واقفا قرب الباب يودع الزوجين غوليان .. لوح لهما ، ثم حول اهتمامه الي ستان و اوما ..
- ستذهبان الآن ؟

- لدي عمل في الغد و انا واثق ان اوما منشغلة كذلك . كل شيء كان علي مايرام الا تظن هذا ؟
وافق مايكل ثم قال لأوما :
- انا مسرور لحضورك .. وكما قلت سابقا اتوقع ان نلتقي كثيرا في المستقبل القريب . ربما نتاول الغذاء معا هذا الاسبوع و نناقش دورك في حملة ستان .. هناك حفلة رقص خيرية كبيرة في الشهر القادم و ..
قاطعه ستان :
- كما كنت تقول .. سنتناقش كل الامور وقت الغداء .. اتصل بي غدا لنرتب الموعد .. فلندع الآن اوما .

قادها بسرعة خارج الشقة .. في الممر جذبت ذراعها منه و نظرت اليه غاضبة :
- ماذا كان مايكل سيقول ؟ لقد وافقت علي لقاء اصدقائك فقط ، ومع ذلك كان مايكل طيلة السهرةبتفوه بملاحظات حول مساعدتي لك في حملتك .. فماذا تخطط ؟
عاد و امسك ذاعها متوجها الي المصعد :
- لا نستطيع الكلام هنا اوما .. سنناقش الامر حال وصولنا الي شقتك .

العودة الي شقتها تمت بصمت مميت و ما ان اوقف ستان سيارته المرسيدس حتي قفت اوما منها و صفقت الباب خلفها ثم دخلت المبني تاكرة ستان يلحق بها .. وبعد اقفال الباب خلفهما قالت له :
- عما تكلم مايكل ؟ عن مساعدتي لك في حملتك ؟
مرر يده علي عنقه بنفاذ صبر :
- و لماا انت غاضبة هكذا ؟ لقد ناقشنا كل الامور ليلة امس ووافقت علي متابعة رؤيتي و الظهور الي جانبي في المناسبات الاجتماعية .

سألت ساخرة :
- وهل تحتاج الي مناقشة هذا مع مايكل حول الغداء ؟ انتما الاثنان تبخئان شيئا .. ماذا اراد ان يقول عن الحفلة الخيرية ؟
- هناك حفل خيري في فيكتوريا بعد اسبوعين .. وبما انه سيتواجد العديد من المراسلين نريد فقط مناقشة الاسئلة التي قد يطرحونها عليك و كيف سيكون ردك عليها .
- لن اذهب معك ستان .. قلت انه علي ان اقابل اصدقائك وان اذهب معك الي بضع حفلات ولم اوافق ابدا علي الحديث مع الصحافيين .


- لن يجرو معك مقابلة صحفية .. قد يرغبون فقط ان يطرحوا عليك بضع اسئلة .. الفكرة كلها هي ان يعرف الجميع اننا نتواعد معا ، و هذه الحفلة هي الفرصة الجيدة .
هزت رأسها قائلة :
- لم يكن جزءا من الاتفاق الحديث مع الصحافيين و تركهم يتطفلون مجددا علي حياتي .
اخذ يتمتم بالشتائم ثم صاح غاضبا :
- انت و ذلك الاتفاق الغبي ! الا يمكنك النظر الي الامور من منظاري لمرة واحدة ؟ يمكننا ان نحصل من كل هذا علي دعاية جيدة .. ولو حاولت التعاون لأمكننا ذلك من جعلك تغنين بضع اغنيات في الفرقة الموسيقي .. وهذا سيترك انطباعا مذهلا ..

صرخت في وجهه مذعورة :
- لا ! لا ! قلت لك انني لن اظهر مهنيا .. لن افعل !
- ولماذا لا ؟ سمعتك تغنين في المحل و صوتك لا زال رائعا كما كان .. و انا لا اقترح استعراضا . بل مجرد اغنية او اثنين و ستكون للحفلة الخيرية .. مع قليل من التمرين ..
صرخت بشكل هستيري :
- لن اغني ! ولن اتكلم مع الصحافيين ..و بامكانك نسيان كل ما اتفقنا عليه .

- تعقلي اوما
صاحت مجددا :
- لا ...!لا استطيع ستان . يمكنك تهديدي او اخذ متجري ، لن اهتم ، لن يجعلني افعل هذا لا كلامك ولا فعلك .
نظر اليها ستان و قد ذاب غضبه .. ووجهها مخطوف اللون و عيناها قاتمتان معذبتان .. ووضع يديه علي كتفيها و قال بلطف حسن _ اهدأي .
ترقرقت الدموع في مآقيها الي ان انسابت علي خديها
- انا لم و لن اوافق ابدا علي الغناء . لا يمكنك اجباري .. لن اعود ! لن اكون اوما بايروت مجددا ، عندما مات باول كانت النهاية .. انتهى كل شيء .

صوتها كان همسا فضمها ستا نالي صدره اخذ جسدها ينتفض بالعبرات وهي تدفن وجهها في صدره .
همس مجددا :
- هس .. لا تبكي اوما .. اهاي الان . لن اجبرك علي شيء .. ستعود الي اتفاقنا الاول و سننسى الاتفاقات و الحملة السياسية .. لكن لا تبكي ابدا .
***
وقفت اوما علي رؤوس اصابع قدميها و ومطت جسمها لتصل الي علبة في مؤخرة الرف ، فترنح السلم الصغير تحتها و تمسكت بطرف الرف لتستعيد توازنها ... تلك الغرفة ليست اكبر من خزانه .. وكانت كلما احتاجت الي شيء من الرف العلوى كان يتواجد في مؤخرة الرف . في الحالة هذه كل ما تحتاجه صندوق رباطات مطبوع عليها عام سعيد بألوان مبهجة .

قبل ثلاثة ايام من الميلاد كان العمل يجري علي قدم و ساق فمنذ الصباح و الزهور تتدفق من المحل كلوحات رائعة الالوان .. لحسن الحظ خف تدفق الزبائن فعد الغداء .. مما سمح لأوما ان تجمع ما تريد اخذه معها .. المحل سيقفل صبيحة الميلاد .. لكنها نوت التحضير لباقات رأس السنة خلال العطلة ز حاولت مجددا الوصول الي العلبة و سالها صوت مالوف من خلفها :
- ماذا تحاولين ان تفعلي بحق الله ؟

التفتت مجفلة .. كان ستان يقف بالباب و صاح بنفاذ صبر :
- لأجل الله اوما .. اتحاولين كسر عنقك ؟
ووضع يديه حول خصرها يساعدها علي النزول عن السلم .
بللت اوما شفتيه و تسارعت نبضات قلبها بضربات غير مألوفة لقترابه منها .. رؤيته مجددا جعلتها تدرك كم اشتاقت اليه .. فبعد ايام من حفلة مايكل اتصل بها و اخبرها انه مضطر للسفر وانه سيراها عند عودته .. ومع تحول الأيام الي اسابيع اقتنعت ان الرحلة كانت مجرد عذر كي لا يراها ما ان عرف انه ليس بامكانه تقديمها كمغنيه .. ولم يعد يحتاج اليها و بعد ان بدأت تتقبل هذا .. فجاة عاد الي حياتها .

صاحت ساخطة :
- انه عنقي .. و اذا اردت ان اكسره فلا شأن لك بما سأفعل .
و حاولت التملص من قبضته و لكن حركتها افقدتها توازنها فوقعت يداها علي كتفيه لتثبت نفسها .. فرفعها عن السلم بسهولة .
ابقاها بين ذراعيه .. رأت خطوط التعب بادية علي محياه الوسيم .. و استرخت اساريره و ابتسم :
- هل اشتقت الي نصف ما اشتقته اليك ؟

و ضمها اليه بلطف و رقة .. وارسل الشق الي داخلها . دون وعي تسللت ذراعاها و التفتا حوله ... لقد اشتاقت اليه اكثر مما تصورت .
لقد اصبح جزءا من حياتها و جزءا مهما جدا .. انها بحاجة اليه .. لم تكن تدري لماذا جاء الي هنا ، كل ما تعرفه انها مهما تمنت العكس فهي تحبه و تحتاج اليه .
عندما ابعد رأسه الي الوراء و قال بلهجة انتصار :
- انا مؤمن بأنك اشتقت الي اوما .

سارعت لتخرج من دائرة عناقه غير قادرة علي ملاقاة عينيه كيف سمحت له ان يفاجئها هكذا ؟ تأكيد هذه اللحظات لم تعن له شيئا و تنحنحت و قالت :
- من المفترض الا تعانقني ؟ اتذكر هذا ؟
ابتسم وهو يكذب اكبر كذبة بالعالم :
- نسيت .. اتقولين انك لم تتمتعي بنعاق الميلاد ؟

ابتعدت عنه بسرعة ة تسأل :
- كيف كانت رحلتك ؟
هز كتفيه :
- مثيرة للاهتمام لكنني سعيد بعودتي .. كنت احوال الاتصال بك لكن لم تتح لي الفرصة .
- هل اتممت كل اعمالك .
- لم تكن رحلة عمل .

اذن كان في عطلة : أوه .
و كأنه قرأ افكارها بدا لمعان التسلية في عينيه :
- أظننت انتي كنت اقضي عطلة في جزيرة استوائية ؟ لا .. ليس الامر هكذا .. لقد سافرت الي الصين .
- اين ؟
- الصين .. تجولت هناك مع رجال اعمال لمدة اسبوعين .. لم اذكر هذا من قبل لأنني قد قررت عدم الذهاب .. لكنني غيرت رأيي .

فكر قليلا مشيحا بعينيه وهو يتسأل عن ردة فعلها لو علمت لماذا غير رأي اخر ليلة لهما معا حين بكت بين ذراعيه ، كانت نقطة تحول بالنسبة اليه .. لقد ايقظت فيه شيئا لم يعتقجد انه يتملكه ..
وللمرى ااولى في حياته يشعر انه يريد حماية امراة . و الرحلة كانت آخر محاولة لأقناع نفسه بأنه قادر علي نسيانها .. لكنه لم ينس فقد احتلت كل افكاره .. و عندما رآها
رآى الوجه المحبب الذي لاحقه في فتره غيابه و اقبل اليها قائلا :
- اشتقت اليك اوما ..لكنني الآن مضطر الي السفر مرة آخرى . اتيت لأعلمك انني مضطر للسفر بعد الظهر الي منزل والدي في فيكتوريا .. و سأقضي فترة الاعياد معهما .. لذا جئتك بهدية الميلاد .. تركتها في الخارج .

اسبلت رموشها كي لا يقرأ تعابير عينيها .. و ابتسمت و خطت مبتعدة عنه :
- لكن هديتك ليست هنا .. تركتها في شقتي .
لم تكن تعرف لماذا خصصته بهدية ، فقد كانت واثقة انه خرج من حياتها .. مع ذلك اختارت زرين ذهبيين لكمي القميص كانت لباول ، و لفتهما لمجرد الاستعداد ، كان الزران من الذهب المرصع بالزفير ولم تكن متأكدة لماذا تريده ان ياخذها .
- لا تشغلي بالك .. بامكانك ان تعطينها عند عودتي .

اتخذت تعيد ترتيب الزهور دون وعي منها :
_طبعا .
- ماذا كنت تريدين من اغراض عن الرف عندما دخلت ؟ سأنزلها لك قبل ان اذهب .
- لا بأس هذا تيري عامل التوصيل عندي سيحضره لي .
صعد السلم :
- لا امانع ، قولي لي ما تريدين انزاله .
- العلبة الزرقاء في الخلف .

وصلها بسهولة و اعطاها اياها يراقبها وهي تضعها في الصندوق الكرتون الكبير مع حاجاتها الآخرى و سأل :
- ستاخذينها معك الي المنزل ؟
- اجل .. لدي الكثير من الطلبات احفلات راس النسة و سأبدأ بتحضيرها في العطلة .
ضاقات عيناه :
- افترضت انك ستافرين
قالت مترددة :
- ليس لدي وقت كاف لقضاء علطة ، ولن اقفل المحل سوى ثلاثة ايام فقط .
- واين ستمضين العيد الميلاد ؟
لم تعرف كيف ترد عليه .. فقال فجاة :
- اوما .. اليس لديك خطط ؟ .. بما ان الامر هكذا بإمكانك المجيء معي الي فيكتوريا .

فكرة قضاء عيد الميلاد معها جعلت قلبه يغتي و ردت مذهولة :
_ الي فيكتوريا ؟
- اظنك ستستمتعين بالرحلة .
ان شعوره هو الشفقة عليها و قطبت :
- اوه .. حسنا شكرا لك علي الدعوة لكنني لا اظن انني سأذهب .
- ولماذا لا ؟ ليس لديك خطط اخرى ؟

لم تنظر اليه :
- في الواقع لدي عمل كثير علي انهاؤه خلال العطلة .
- لا تكوني سخيفة اوما .. ما من احد لا يأخذ عطلة يوم الميلاد ..
- أوه .. ستان
نظرت اليه فرحة لأن الدعوة راقت لها .. فهي لا تريد شفقته .. و اخيرا قالت :
- ربما لو سألتني مسبقا لفكرت بالامر ، ولكن ليس في وقت قصير هكذا . لا استطيع ان ارمي نفسي علي عائلتك في الميلاد .. فانا غريبة و لن يكون هذا مريحا .
- ارجوك اوما .. ! آن الوقت لتقابلي عائلتي .

احتجت مع احساسها بالضعف :
لا اظن هذا .. ليس لدي ما اخذه لهما و الوقت متأخر لشراء هدية الميلاد .
- لن يتوقعو وصولك محملة بالهدايا اوما .. سيفهمان انه لم يتح لك الوقت ..
ابتسم لها و هو يقنعها :
- ارجوك اوما .. اذ لم تأتي معي ستفسدين العيد لي .
- لا تكن سخيفا .. ولماذا تهتم كيف امضي العيد ؟
مد يده يلامس بقد سوداء تحت عينيها وقطب وجهه فجأة :
- سأقلق عليك ان بقيت وحدك هنا .. تبدين متعبه .. ويجب ان يكون لديك المزيد من السماعدة في المحل .. اراهن انك ام تأخذي يوم راحة منذ اسابيع .

ابتعدت عن لمسة يده و ادرت له ظهرها .. اللعنة عليه .. لا تريد شفقته ..
قالت بصوت متوتر :
- اسمع .. لا داعي للاشفاق علي .. انا لم اركز قبلا علي الميلاد . واريد تمضيته علي طريقتي الخاصة .
قال بعناد :
- لن اتركك هنا وحدك .. اعرفك .. فكرتك في قضاء اليوم علي طريقتك تعني متابعة العمل .
- لا تحاول السيطرة علي ستان لا شأن لك بما اعمل . الا يمكنك ان تدعني و شأني ؟

رد صارخا فجأة :
- لا .. لا استطيع .. ستأتين معي الي فيكتوريا اردت هذا ام لم تريديه .
نظرت اليع بحنق وردت :
_لن اذهب !
تصادمت عيونهما ثم لانت قسوة عينيه و قال :
- هل تعلمين ان عينيك تطلقان شرارت ذهبية عندما تكونين غاضبة ؟

ضحكت و تحولت اساريره الي التسامح :
- هذه من اولى الملاحظات التي لاحظتها فيك .
متجاهلا وقفتها المتحدية . جذبها بلطف بين ذاعيه وهو يمسكها بحزم عندما حاولت مقاومته .. وحولت عيناه الي الونا لازرق نام دافئ وهو يأسر عينيها .
- لقد حل الميلاد .. فلماذا نتخاصم .. الا يمكن ان نعقد هدنة لبضعة ايام ؟ ارجوك اوما ,, لنكن صديقين .
- احست بنفسها تضعف .. سيكون عيد ميلاد وحيدا لو رفضت الذهاب معه وهي تريد حقا ان تقضي الوقت معه .. واخيرا استيلكت متذمرة :
- حسن جدا ستان .. سأذهب معك .

نهاية الفصل الخامس



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:40 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:49 PM   #7

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

6– ضيفة غير مرغوب بها
*****************************
بعد ساعات كانت اوما تتصفح مجلة بينما كان ستان يقرأ صحيفة المساء .. لم تكن تعلم كيف استطاع اقناعها ورغم احتجاجها وجدت نفسها الان في العبارة البحرية .. استطاع اقناعها بقضاء عدة ايام معه و مع ابويه .. فتركت المحل باستلام آريل التي ستتدبر امر اية طلبات ، تيري سيعمل معها في المحل ، سيتولى زوجها تيري المسرح من عمله مهمة التوصيل ..

كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة ذلك المساء عندما وصلا الي منزل والديه في ضاحية فيكتوريا .. منزل اسرة اواردز محاطا بالمياه من كل جانب ، كان ستان قد وصف لها موقع المنزل قبل مغادرتهما فانكوفر و شرح لها ان والديه بينياه بنفسيهما منذ بضع سنوات . علي أي حال عندما دخل بسيارته الي الطريق الداخلي لم يكن المبنى الكبير هو الذي استرعة انتباهها و انما عدد السيارات الكثيرة المصطفة خارجا .

شعرت اوما بعنوياتها تهبط وهي تلتفت الي ستان بصمت وهو يطفي محرك السيارة .. سألته برويه :
- هل لدى ابواك ضيوف ؟
- اظن انني ذكرت لك ان منزلهما سيكون مليئا بالضيوف .. فهما يقيمان عدة دعوات عشاء مناسبة يوم الميلاد .
ودار حول السيارة ليساعدها علي النزول .. احست اوما بالغليان و خيبة امل عميقة .. كان عليها ان تعرف ان دعوته لها ليست غيرة عليها من ان تقضي عطلة الميلاد وحدها. فهو لا يهمه ابدا كيف تمضي عيد الميلاد . لقد دعاها لترافقه ، كي تسنح له فرصة لعرض اوما بايروت .

فتح لها الباب و مد يده لمساعدتها .. مع انها تعمدت جاهدة ان تسيطر علي تعابير وجهها .. الا انه عبس حين تأملها .
- هل هناك من خطب اوما ؟
خرجت من السيارة تتجاهل يده المدودة و قالت بحدة :
- بالطبع لا ...
تمتم بهمهمات من بين اسنانه :
- التواجد معك كالعمل في مصنع ديناميت ! لا اعرف ابدا ما قد يشغلك .. اتمانعين ان شرحتي لي ؟

- كنت تستطيع ان تكون صادقا معي علي الاقل اذا كنت تريدني ان اكون اوما بايروت مرة اخرى لأجلك .. كان يجب ان تخبرني بدلا من تفوهك بذلك الكلام الهراء عن بقائي وحدي في لميلاد .
امسك بها يضمه بحزم :
- لم يكن كلاما هراء . كنت قلقا عليك . انت لا تعتنين بنفسك كما يجب .. وفكرت ان آتي بك الي هنا .. العطلة ستكون جيدة لك .. ستتحلصين من بعض الظلال تحت عينيك .. ولم اكن اعلم ان والدي يقيمان حفلة اليوم .

ادارت راسها لئلا يرى دموع الالم التي امتلات في عينيها .
- اوما .. لست مضطرة لحضور حفلة .. سنسلم علي ابوي ثم تذهبين الي غرفتك .. انا لا اريد منك سوى ان تستريحي و ان تسترخي .. وان تتمتعي بوقتك في الايام المقبلة .
صمتت اوما .. انها لم تصدقه . لكنها لم تقاومه عندما ضمها الي صدره بلطف :
- لا تتكدر حبيبتي .. اريد منك ان تتمتعي بميلاد سعيد .

استرخت مرتاحة بين ذراعيه عندئذ سالها ستان :
- هل انت افضل حالا الآن ؟
هزت رأسها تبتسم قليلا.. ورد بالابتسامه :
_فلندخل الآن ..
صعد بها عتبات القليلة المؤدية الي الباب الذي فتح و خرجت امراة صغيرة القامة فضية الشعر تحييهما
- اخيرا وصلت ! ظنناك ستسقل عبارة ابكر من هذه .

مع انها كانت تخاطب ستان الا ان عيناها كانتا مركزتان علي اوما بفضول ظاهر .. واحمر وجه اوما تحت نظراتها ..
و ابتسمت المرأة لها :
- لا بد ان اوما بايروت .. انا والدة ستان ، ليتدسي اواردز . لكن ارجودك نادني ليندا .. وساناديك أوما .
مدت يدها و صافحت يد اوما بحماس ثم ادخلتهما معها . قالت وهي تساعد اوما بخلع معطفها :
- منذ ان اتصل ستان و اخبرنا بقدومك معك و انا اتحرق شوقا لرؤيتك .. لقد سمعت عنك الكثير ...

كانت ترفع صوتها ليكون مسموعا اكثر من الاصوات السموعة بالداخل .
- ستان .. ادخل حقائبك بينما ارافق اوما لأقدمها الي الضيوف .. لقد كانو مهتمبن مثلي بملاقاتها .
اطلقت اوما نظرة استغاثة نحو ستان بينما بدات امه بالسير وهي مستمرة بالكلام كالببغاء .
قاطعها ستان بصوت متوتر :
- امي .. لن ندخل ال الحفلة .

بدت خيبة الامل علي وجه الام .
- ماذا تعني .. ؟ بكل تأكيد ستدخل .. الجميع يتوقع قدومكما .
اخذت تنقل نظرها من ستان ألي اوما
قالت اوما مترددة : ستان ؟
- امي .. اوما متعبة .. سأخذها الي غرفتها .. اية غرفة خصصت لها ؟

بدت الهزيمة علي السيدة اواردز مما جعل اوما تشعر بالاستياء اكثر مما لو تابعت الجدال ..
لكن الأم ابتسمت بحرارة :
- سامحيني اوما .. بالطبع انتي متعبة .. لقد خصصتك بغرفة تلي غرفة ستان .. سأريك اياها بينما يدخل ستان الحقائب .
غرفة النوم التي اخذتها السيدة اواردز اليها كانت في الطابق العلوي . تطل علي المياه المحيطة بالمنزل . كانت مريحة و واسعة ، و مزينة بألوان جذابة من تدرجت الازرق الشاحب مع لمسات كحلية .

بينما كانت السيدة ترشد اوما الي الحمام في اسفل الممر و اين يمكنها ان تجد بطانيات اضافيةاذا احتاجت اليها . لم يكن بامكانها اكثر لطفا و مودة ..و لا ان تشعر اوما بالذنب اكثر . واخذت اوما انطباعا عن المراة بانيها ليست محبطة لنها لن تقدم اوما بايروت لاصدقائها.. بل تود تقديم صديقة ابنها .. واضح ان ليندسي اواردز
أم محبة و مخلصة لأبنها .

بعد ان تاكدت ليندسي ان اما قد استقرت في غرفتها بارتياح تحضرت للخروج .. اخيرا تمكن ضمير اوما من السيطرة عليها .. فابتسمت لمضيفها ووافقت علي الظهور في الحفلة عد ان تغير ملابسها .. بحبور تركتها المراة المسنة لتعود الي ضيوفها .
وصل ستان بالحقائب بعد دقائق و بسرعة كبيرة فتحت له الباب وهي تراجع في رأسها الثياب التي احضرتها معها .. ربما احد فساتين السهرة التي احضرتها معها نجا من الانكماش مطويا في الحقيبة ..
وضع ستان الحقائب علي الخزانة ادراج قرب السرير وقف بقربها :
- اسف بخصوص امي اوما .. اعتقد انه كان علي تحذيرك لكن لا تقلقي ، سأنزل لأتحدث معها هيا استعدي انت الآن .

بعد خمسة عشر دقيقة من هذا ، كانت اوما مرتدية احد فساتينها و سارت عبر الممر الي السلم .. لم تكن قد ارتدت بمثل هذه السرعة منذ كانت على المسرح و الغناء حيث كانت مضطرة الي تغير زيها بين فاصل و آخر .. ارتدت الآن فستان كوكتيل اسود . مع خصر منخفض يعطيه مظهر ازياء العشرينات من القرن العشرين .
كانت السدو اواردز في الردهة عندما نزلت السلم .. علي الفور سارعت المرأةتلقي نظرة رضي علي فستان اوما .. كان وجهها مليئا بالابتسامات .. دست ذراعها في ذراع اوما و قادتها الي مؤخرة المنزل ..
وكانت اوما مرتبكه جدا عند وصولهما الي غرفة الاستقبال الضخمة التي تطل علي البحر . كان يمكن ان يخيب املها لو ان أم ستان لم تستلطفها مع ان اهتمامها و رضاها القلبيين كانا يقاربان الحرج ..

اخيرا انتهي التقديم و تركتها ليندسي مع اخر مجموعة عرفتها .. اخذت تتفحص المكان وهي تصغي الي الاحاديث المختلفة الدائرة في الغرفة .. انها مثالية لاستقبالات ومع وجود حوالي ثلاثين شخصا الا انها لم تكن مزدحمة .. اتغصان الشجر الميلادية كانت تزين المدفاة الحجرية حيث النار تبهج النفس تصطك خلف حاجز زجاجي ..
في الجهة الاخرى من الغرفة يوجد بيانو ضخم قديم من خشب الماهونغي اللماع . و الي جانبه شجرة الميلاد اغصانها الصنوبرية مزينة باوراق ذهبية و الانوار المتعددة الالوان و المتناسقة مع اثاث الغرفة .

كانت اوما تتعجب كيف ادخلت الشجرة عبر الباب التي تصل الي السقف بارتفاعها . عندما لاحظت ان المجموعة حولها صمتت. رفعت رأسها لتجد عينين سوداوين باردتين تحدقان بها من وجه وسيم و ناضج .. التشابه العائلي مع ستان لا مجال للغلط فيه ، و عرفت علي الفور انه والده..
لكن لم يبد أي تقبل ودي علي وجهه كالذي ابتدته زوجته بل كانت نظراته لها مزدرية .
- اذن انت اوا بايروت الشهيرة ؟

نظرت اوما ما حولها فوجدت المجموعة التي كانت تقف معها قد تفرقت .. و السيدة بايروت مستغرقة بحديث عميق قي طرف الغرفة ..
فلعقت شفتيها متوترة قائلة :
- كان هذا اسمي الفني .. و اسمي الاصلي هو اوما دوناهو .
- لكن اسمك الفني هو الذي سمع به كل الناس .
صمتت قليلا و عيناه تتفقدان عينيها ثم :
- قال لي ابني انك مساعدة سياسية كبرى له .

ردت بنفس لهجته :
- بقدر طلب مني مساعدته .
- وما المفترض ان تكون تلك المساعدة ؟
تنحنحت اوما :
_مرافقته الي مناسبات مختلفة ، وان يراني الناس الي جانبه .. وان يعرفوا انني السيدة في حياته .
وكان هذا تبججا غبيا القصد منه ازعاج جوليان اواردز لكن عندما رأت فكه يشتد عرفت انها نجحت، واحست بالسعادة و الرضي في سرها لأنتصارها عليه .

هبطت عيناه لتطوفا بحنايا جسمها بتقيم جسدي محض .. ثم عاد و نظر الي وجهها مبستما لرؤية وجهها المحمر خجلا من تحديقه بها .
- اجل .. انا متأكد انك ستعودين علي ابني بالمتعه في مجالات محددة في حياة ابني .
تنفست بحدة :
- لا اظنني اهتم كثيرا بما تعنيه سيد اواردز .

رأت ستان يدخل غرفة الجلوس مع مايكل كوبر فتحركت نحوهما فورا
تريد الخلاص من هذا العجوز .
عندما تحركت اوما امتدت يد السيد اواردز لتمسك بمعصمها بقبضة مؤلمة ..
و قال بصوت ناعم شرير :
- قبل ان تذهبي سأخبرك امرا واحدا بعد .. اوما بايروت .. مع كل مجاهرتك بمساعدة ستان سياسيا .. لا يعجبني ابدا اايتان ستان بمنحرفات الصغيرات الي منزلي تحت ستار مساعدات عمل .. هذه اهانة لي و لزوجتي .. لكن ، بما ان جاء بك الي هنا فلا تغتري بالظن ان هذا مهم و يعني شيئا .. ما من مغنية سابقة لديها أي شيء تقدمه لأبني علي اسس دائمة .

اشتدت قبضة يده و لمعت عيناه كالزجاج البركاني الاسود ثم تركها فجاة و ابتعد عنها دون ان ينظر الي الخلف .
راقبته وهو ينضم الي مجموعة تقف قرب الشجرة وهي مصدومة ثم نظر اليها بازدراء وفمه يلتوي بابتسامة رضي عن نفسه . الأنكى من هذا سخريته منها بأنها مغنية سابقة كانت مؤلمة .
ارتفع رأسها قليلا وهي تلاقي نظرة جوليان اواردز .. كانت قد اعتقدت ان احترمها لنفسها و فخرها بكونها اوما بايروت . فقد تدمر .. معرفتها بإدمان باول ، دمر اوهام الكمال الذي احاط بالثنائي بايروت ..وهم ادركت الان انها آمنت به .. كانت مضطرة للأيمان بهذا الوهم ليعطيها الكرامة اللازمة لتؤدي عملها .. لكن مع موت باول . وبسبب هذا الموت توضحت حياتها علي حقيقتها .. وهم مبني علي اكايب فأخفت هويتها . و صدت الاسئلة لتجنب الذكريات المؤلمة .

لكن والد ستان اظهر لها للتو ان الكبرياء فيها لم يمت كله .. و ربما ليس لديها الدم الازرق الذي يجري في عروق عائلة اواردز . و ربما كان اخوها مدمنا . لكن اوما بايروت ليست قطعه تراب تحت قدم جوليان اواردز !
عندما وصل ستا ن اليها ابتسمت بحرارة له . ودست ذراعها بذراعه .. لقد اطلق جوليان اواردز شعورا في داخلها .. انها اوما بايروت . ولن تتظاهر بالعكس بعد اليوم . فقد كانت مغنية ممتازة و مؤدية رائعة .. هذا فخر لها مهما حدث بعده .. اعطت نفسها تماما لبهجة الحفلة و هي ضاحكة .

في الساعات التي تلت كانت تعرف ان ستان كان ينظر اليها بعينين محتارتين . غير قادر علي فهم التغير الذي جري .. كانت تضحك دائما و عيناها تلمعان حين يسألها احد عن عملها كمغنية ولم تكن تختبئ وراء جدار الصمت كما كانت تفعل عادة . بل كانت ترد علي اسئلتهم بطلاقة و دون حرج .
عندما تجمع الحضور حول البيانو لغناء تراتيل الميلاد انضمت اليهم و كان ستان يقف الي جانبها . وكان من المحتم ان يطلب احد الضيوف تغنية منفردة منها .. وللحظات قصيرة و الرفض يتأرجح فوق لسانها ، رأت جوليان اواردز يراقبها .. نظرته تشير بوضوح الي انه يتوقع رفضها .. التفتت الي عازف البيانو و طلبت منه ان يعرف لحنا كلاسكيا قديما سيستعرض دون شك مدى قوة صوتها .


غرفة الاستقبال منزل آل اواردز لا تشبه القاعة الرئيسة في فندق ، ولا عزف هاو علي بيانو يماثل عزف الاوركسترا الكاملة .. مع ذلك بدا السحر الغناء امام الجمهور يتملكها من جديد ، و احست بان الضيوف المجتمعين هو المئات التي تغني لهم ..
اختبرت اوما مرة اخرى ذلك التواصل الحميم بين المغني و الجمهور .. وصدح صوتها ساحرا بالنغمات العالية وهي تصب روحها لترضي المستمعين .. كونها مغنيه محترفة لديها واجب الغناء ، و كانت تشعر بلهفة استماع الضيوف المأسورين .

استقبل الصمت العميق آخر النغمات .. ثم استعاد الضيوف وعيهم و بدؤوا التصفيق و الهتافات .. عندئذ امسك ستان بكلتا يديها و شدها نحوه قائلا بصوت ملؤه العاطفة و الحنان :
- كان هذا رائعا و ممتعا اوما .
آليا اتجهت عيناها الي والده و الانتصار يطلق تحديه الخاص .
فيما بعد جلست الي جانب ستان علي الصوفا بينما كان يتحدث الي مايكل ثم استسلمت للارهاق .. لحظات الشجاعة التي ساندتها طوال الامسية تلاشت وحل محلها تعب شديد .

مع انها امضت ساعات طويلة في متجرها خلال الاسابيع الماضية الا انها تمنت فجأة لو تعود مرة اخرى الي ازهارها. انها تجد هناك الرضي و الأمان بكونها اوما دوناهو .. وهذا شيء لن تحصل عليه وهي اوما بايروت ..
فأوما تعيش تشعر بالسمو الي القمم الجبارة امام جمهورها . مع تفجر صراخ الاستحسان و الهتاف . ثم ينتهي الاستعراض و مرة اخرى تهبط الي الوادي .. حياة اوما دوناهو كانت فوق الارض منبسطة من الهضاب الممتدة .. ليس فيها قمم مرتفعة ولا منخفضات سحيقة .
سألها ستان بنعومة ممسكا يدها بشدة :
_متعبة ؟
- قليلا .

- ستنتهي الحفلة قريبا .. ولا اظن ان احدا سيعترض ان ذهبت الآن الي غرفتك .
جلست مستوية :
- أظن ان هذا ما سأفعله .. اذا كنت لا تمانع .
وقف ستان و ساعدها علي الوقوف : سأرافقك .
ووقف مايكل معهما :
- قبل ان تذهبي اوما .. اريد ان اخبرك كم تمعت بغنائك . لم تفقدي لمستك رغم السنين .

- ابتسمت له اوما :
_ شكرا لك ..
ارادت ان تنسي اوما بايروت لفترة ما ... فالليلة لأول مرة تشعر منذ سنوات طويلة بأنها اوما بايروت .. لكنها الآن تحس انها عادت اوما دوناهو مجددا ، و تريد الذهاب الي غرفتها و لا تريد التفكير بالشخصية الاخرى .
قال مايكل :
- لا .. اظن انني انا من عليه ان يشكرك .. لقد خسر العالم فنانا مميزا عندما انهيت عملك . اكان السبب فقط موت اخيك ؟
ترددت اوما وهي تحاول ن تكبح جماح نفسها بالموافقة .. لقد تحدثت كثيرا عن عملها كمغنية الليلة .. اساسا هي لم تكن مرتاحة لهذا .. فسنوات من تفادي الاسئلة و تقديم الحقيقة المجزأة ، لا يمكن نسيانها بسرعة ، اخيرا ردت علي سؤال مايكل بالنفي .
- كان هذا جزء من اسباب عدة .. كان هناك عدة عوامل اخرى جعلت من الصعب الاستمرار .

انضم ستا نالي الحديث :
- وما هي ؟
- أوه.. عدة اشياء .. مثلا . لم تعد لي ثقة بمديرنا ولم ارغب ان يستمر بادراة اعمالي . كان علي ان اجد وسيلة لتخلص فيها من عقدي معه . ثم هناك مشكلة ان اجد كمديرجديد و انا حقا اريد الذهاب الي غرفتي الآن .
- طبعا .
امسك ستان ذراعها ليرافقها.. توقفا قرب البيانو وهما يهمان بالخروج ليتمنيا ليلة سعيدة للسيد و سيدة اواردز . وركزت اوما اهتمامها علي ليتدسي اواردز .. التي كانت تشكرها لأنها غنت لضيوفها بينما شعرت طوال الوقت بالاستهجان بعيني زوجها .
اخيرا ، علي المضض حولت اهتمامها الي والد ستان .
ومدت يده تصافحة مواجهة نظراته بشجاعة .
- شكرا لك سيد اواردز علي استقبالك لي عمت مساء .

- انت ضيفة ابني آنسة بايروت . ولا حاجة لأن تشكريني .
وارتد علي عقبيه و ابتعد الي الجهة الأخرى من الغرفة و ساد صمت متوتر بين الثلاثة لعدة ثوان و بدت السيدة اواردز محرجة فعلا . ويداها ترتجفان بتوتر .
رأت اوما الاحمرار يتسلل الي وجه ستان وهو ينظر الي ابيه و عضلات فكه مشدودة بقسوة .. خلال الاسابيع الاخيرة بدأت تعرف كيف يبدو عندما يكوون غاضبا .. وعرفت انه اوشك علي فقدان اعصابه الآن ..
تحرك باتجاه ابيه و لكن اوما امسكت بذراعه بشدة :
- انا حقا اريد الصعود الي غرفتي الان .. ارجوك ستان .
نظر اليها و عيناه تستشيطان غيظا , فكررت :
_ارجوك .
اخيرا هز رأسه , و اخرجها من الغرفة

نهاية الفصل السادس



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:42 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:53 PM   #8

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

7- رجل وحواجز
***********************
ارتقت أوما الدرج ببطء شديد يرافقها ستان . كان يرافقها الشعور بالذنب مع كل خطوة علي الدرج . . كانت تعرف ما هو رأي والد ستا ن بها . . ولقد تعمدت إغاظته الليلة . . جذبت الاهتمام لنفسها متعمدة الي اوما بايروت . كل هذا لانها سمحت لجوليان ان يثير غضبها برايه فيها كمغنيه .

جعلتها نظرة مختلسة نحو ستان تعرف انه لا زال متكدرا .. استطاعت ان تشعر بتوتر باعصابه و غضبه .
لا تريد ان تصبح مصدر خلاف بين ستان ووالده .. فمنذ خمس سنوات تجنبت دور اوما بايروت . لكن عندما خرجت اخيرا من الظل نسيت ابارباك كل شيء .

امام باب غرفتها .. التفت ستا ناليها وضع يده بلطف علي ذراعها ..
وللحظات نظر الي وجهها المرتفع نحوه ثم قال :
- انا مدين لك باعتذار .. انا آسف لما حدث الان .
هزت رأسها بعجز :
- لم تكن غلطتك .
كشر وجهه و مرر يده في شعره الاسود .
- لست ادري ماذا دهاه .. لكن عليه الا يكلمك هكذا .. انه .. اريد منك ان تفهمي شيئا اوما .. لن اترك هذا يؤثر بعلاقتي بك . ولا ايد منك ان تتأثري بهذا . اما بالنسبة لأبي فسوف اتأكد من ان عليه ان لا يكون فظا معك .. ولن يحدث هذا مجددا .

- نظرت اوما اليه وهو قريب منها و عضت علي شفتها .. لقد بدأت تمش فان حب شخص ما ليس امرا سهلا .. انها تكره جوليان اواردز و تكره عجرفته الوقحة و كبرياءه البغيض .. لكنها تحب ستان ولا تريد الحؤول بينه و بين والده .. وقالت له :
- - ربما من الافضل ان ننسى كل شيء .

- ماذا تعنين ؟
- اعني .. اعني .. والدك لم يحبني .. ومن الافضل ان اعود الي منزلي .. سأخذ العبارة الائدة الي فانكوفر في الصباح .

امسك رأسها :
- لا اوما ..لا .. لن ادعك تهربين . ابي لا يدير لي حياتي كان التوتر موجود بيننا منذ سنوات الماضية . يجب ان يتقبل هذا . لقد دعوتك الي هنا .. ولن اسمح ان يبعدك عني .

ترددت اوما .. ربما ما يقوله ستان هو الحقيقة . وان علاقته بأبيه متوترة منذ وقت طويل وقبل دخولها حياته .. لكن لا مجال للشك حول واقع انها السبب في العداء الحالي بينهما .. لم تكن تريد حقا ان تعود الي منزلها لكنها ايضا لا تريد ان تكون محور خلاف بين افراد العائلة بعد مراجعتها في ذهنها لما قاله جوليان لها .
سألت فجاة :
- اتظنني حقا استطيع مساعدتك يا ستان ؟ وان اكون نافعة سياسيا لك ؟

رأت الدهشة تقفزفي عينيه الزرقاوين ..
ثم ابتسم :
- دون ادنى شك اوما .. الليلة كان غناؤك و الطريقة التي تواصلت فيها مع الجمهور رائعين ، و كنت فخورا جدا بك .. بأمكانك مساعدتي بطريقة لن يقدر عليها غيرك .. ليس لأنك فقط امرأة جميلة موهوبة بل لأنك لك صورة جيدة و سمعة نظيفة . الناس معجبون بك لأنك اوما بايروت .. و هذا الاعجاب سينعكس علي لعلمهم انني الرجل المهم في حياتك .

تردد قليلا ثم اكمل :
- لطالما كنت اهتم بالحكم و السياسة .. عندما بدات حياتي فكرت انه كي اكون سياسيا ناجحا . لن احتاج سوى الي الافكار الجيدة . و القدرةو الطموح لأنفذ الافكار .. لكن المسالة ليست هكذا . هناك الكثير الكثير غيرهم يصوتون فقط لمظهر الرجل او لقدرته علي القء الخطابات . او لمجرد ان شحصا يحبونه يدعمه .. مثل اوما بايروت .. ولا زلت عندي افكار جيدة اوما .. هناك الكثير من الاعمال التي اريد ان تتم انتحابي فيه هذا البلد و اظن ان لدي الكثير لأقدمه .. لكن يجب ان يتم انتخابي قبل ان اعمل أي عمل .. وهذا يعني الاصوات .. بأمكانك مساعدتي للحصول عليها .

عضت اوما شفيتها .. وقالت عاجزة :
_ لست ادري ...
كانت تعرف انها تاثرت برأى والده ، و التحدى الذي اطلقه في وجهها, وان موافقتها علي مساعدة ستان سببها حبها له و ارادتها في البقاء الي جانبه ... لكن الاكثر من هذا كله ايمانها به و بأفكاره.. لكن .. لو اكتشف تود ماتسون امرها ..


قاطع ستان افكارها :
- لا تشغلي بالك بالنسبة لوالدي بامكاني التعامل معه .. انت هنا لبضعة ايام .. وانا واثق انه عندما يتعرف اليك بشكل افضل سيدرك مدى اهميتك لي و سيعير تصرفاته .

مع ذلك بقيا مترددة .. فأكمل :
- اسمعي اوما .. لا تتخذي قرارا فوريا .. وانا سأتحدث مع ابي .. مايكل سيبقي هنا .. كنا نريد ان نبحث خظة للاشهر القادمة . هناك مقعد سيشغر . و نتوقع ان يدعو رائيس الوزراء الي انتخابات فرعية .. والدي سينضم الي النقاش ، و اريدك ان تكوني هناك كذلك .و سيظهر لك تماما . وله ايضا . ما يمكن لأوما بايروت ان تفعل لأجل حملتي .

تقدم اليها ووضع يديه علي كتفها محدقا بوجهها , رفعت وجهها اليه تبادله النظرات .. يمكنها ان تفعل الكثير لحملته ، ولا تريد افسادها و اذا عرفت الصحافة السبب الحقيقي لموت باول او اكتشف احد ان صورتها هي مجرد كذبة فستسبب لستان ضرارا لا يمكن اصلاحه .. و يجب ان تخبره الآن و قبل فوات الاوان . وتجعله يخرج من حياتها .. ! لن تستطيع مواجهة هذا .. ليس بعد ان عاد اليها .

- جربي اوما .. ! ارجوك!
هزت اوما رأسها موافقة .. علي اية حال في لاس فيغاس لم تكشف الحقيقة .. فمن غير المحتملان يحدث هذا هنا الآن .
ابتسم ستان :
- فتاة طيبة ! يجب ان اعود الي الحفلة .. نامي الآن . تصبحين علي خير .

***
وضعت اوما المجلة التي اشترتها لتوها تحت ابطها و عادت و انضمت الي ستان و مايكل .. بينما كانت تتقدم نحوهما لاحظت انهما مستغرقين بحديث عميق .. و بسرعة غيرت اتجاهها و خرجت عبر احد الابواب العبارة الي السطح الخارجي .

تطاير شعرها بسبب الريح فشدت معطفها فوق عنقها .. سطح المركب كان مهجورا و باردا .و تحركت لتجد مكانا يحميها من الريح و مع ان الوقت لم يتجاوز اليومين من الميلاد ، كان الطقس رائعا رغم قوة الهواء اللاذعة و السماء فوق خليج الجزر كانت زرقاء صافية و ما عذا بضع غيمات مرتفعة تتحرك مع الريح .

استندت اوما علي احد الاعمدة و عيناها ترقبان الجزر التي تمر بها خلال رحلة العودة .. كانت العطلة مليئة بالاحداث .. مع ذلك وجدت انها لا تريد التفكير بها .. ولا بالمستقبل القريب كذلك .. لنه مستقبل مرتبط بالماضي . مستقبل ستعود فيه الي ان تكون اوما بايروت .. لقد الزمت نفسها بأن تفعل كل ما تستطيع لجل ستان .. خلال الساعات طويلة في مكتب والده انجذبت الي حماسه .. لكن لو انها فقط تستطيع اكمال الطريق .

تحركت افكارها الي باول وهي تكبح ترددها بان تعود كاوما بايروت مجددا .. كانت تفكر به دائما خلال الايام الماضية .. كانت صورته تلمع في ذهنها ووجهه و صوت ضحكته و التعبير الشقي في عينيه . عندما كان يمازحها حتي فقدان صبرها . ثم يتأملها و شرارات الغضب متطايرة من عينيها .

لم تكن قد فكرت به حقا منذ وفاته . حاولت ان تبعد صورته عن تفكيرها .. لكنها مؤخرا وجدت نفسها تفكر بآخر اشهر من حياته .. هل افترقاعن بعضهما الي تلك الدرجة ؟
توقفا عن السكن مع بعضهما . كان له شقته و اصدقائه . ولكن هل اصبحا حقا غريبين ؟ كانا يشاهدان بعضهما يوميا وقت التمرين علي المسرح و دائما يشاركان الطعام و الخروج .

في ذلك الوقت كانت تعرف انه يفكر بشيء ما .. وشعرت بفكره المشغول .. لكن اكان هذا سببه المخدرات ؟ عضت علي شفيتها .
حزنها و الألم الغامر الذي الم بها لخيانته لها اقفل في دماغها بابا عل ذكراه .. ولم تترك العنان لتفكير به .. كان مؤخرا تجدد كل الماضي امامها مجددا...
دون وعي منها هزت رأسها .. لا يمكن للمرء ان يكذب الوقائع .. لا شك انه كان مدمنا .. والا فكيف تناول جرعة كبيرة ؟ كالعادة قادتها افكارها الي نهاية الرحلة .

رأت ستان يسير علي سطح المركب متجها اليها .
فنظرت بارتياح .. كم هو وسيم ! كانت الرياح تعبث بشعره الاسود و تزيد من حدة اللون في وجهه الاسمر
لتعطيه مظهر القرصان .
وصل اليها بسرعة :
- البرد قارس هنا ! ماذا تفعلين ؟


ابتسمت له :
- ليس سيئا عندما تخف الرياح .
انضم اليها علي العامود :
- لهذا لم اتعلم التزلج .. لأني اكره البرد ! خلال الايام القليلة الماضية .
كانت اوما ترى وجها جديدا لستان .

قالت توبخه :
- لا تكن طفلا هكذا ستان .. كيف ستتمكن من العيش في اوتاوا و انت غير قادر علي تحمل هذا الطقس .
احاطها بذراعيه و جذبها اليه :
- اعتقد انني سأضطر لأخذك معي ليدفئتي .. اليس كذلك ؟ اتهمك الوظيفة ؟

غير واثقة من ردها عليه .
ابتعدت عنه و قالت :
- انا لم اشكرك بعد بشكل ملائم علي دعوتك أي الي منزل والديك .. شكرا لك .

ارخي قبضته عنها مستندا الي العمود .
لكنه ابقاها بين ذراعيه ليقول متجهما :
- لا تشكريني ابدا اوما ... كانت الدعوة كارثة . و تعرفين هذا .. اعتقدت اننا سنمضي اياما جميلة معا .. نتمتع بالرفقة سويا .. لكني لم امض معك خمس دقائق بعد الليلة الاولى .. و الفضل لأبي ! لم اكن اتصور انه يكون جاافا هكذا ابدا .

- ارجوك ستان .. لا تقل هذا .. فبعد الليلةالاولى لم يقل شيئا لي
- لا تدافعي عنه .. لم يكن مضطر لقول شيء .
المشكلة ان ستان ووالده غير معتادين علي رفض ارادتهما كلاهما عنيدان .
رجلان متعجرفان غير مستعدين للتنازل ولو قليلا .. كان ستان يتوقع من ابيه ان يرحب بها بذراعين مفتوحتين .. عندما لم يحصل ما تمناه اصبح اكثر اصرارا عليه

اخيرا قالت اوما :
- الا يمكنك التحدث بموضوع اخر فانه من غير المحتمل ان ارى والدك مجددا . لذا الا يمكننا نسيان الامر ؟احيانا بعض الاشخاص لا ينسجمون مع بعضهم البعض .. ولا احب ان اكون السبب في شقاق بينك و بين ابيك .

- ليست غلطتك ..لقد حاولت ان اكون دبلوماسيا معه في الماضي . اسأله رأيه و نصيحته و ادرك انه من الصعب عليه ان يتقبل انني اصبحت رجلا وفي الثالثة و الثلاثين من عمري و لم اعد طفلا تحت سيطرته .. لكنه سيفهم في النهاية ان ارادتي افرضها دون ان يمليها علي احدا !

ابتعد نحو السياج وهو ينظر الي الماء .. راقبته اوما مفكؤة . احست بانها فجرت غضبه و شعرت كم هو مجروح و مرتبك من تصرفات ابيه .. وضعه مع والديه في الايام الاخيرة جعلها تدرك ان كليهما افسدا ابنهما دلالا .. مال والده و محبة امه اجتمعا ليمهدا له الطريق في حياته .. فدوما كان يحصل علي مبتغاه ومع موافقة والديه .

تنهدت اوما .. ارادها ستان سبب ما . ولم يستطع اقناع والده بها.. من الغريب التفكير ان شخصا مثل ستان عاش حياته دون ان يعرف الفشل و الحرمان و خيبة الامل .
التفت فجأة و تلاقت عيونهما ..
ليقول :
- لا تشغلي بالك به اوما .. لدي ايمان انه سيعترف في النهاية بأنه علي خطأ قد لا يفهم الآن .. لكن عندما يرى بنفسه كم انت مهمة لي . تعالي .. دعينا نعود الي الداخل حيث الدفء . ستجد مايكل هناك لتناول معا فنجان قهوة .


دست يدها في ذراعه و مشي يقودها ال الداخل .. احست انه يبالغ بالتفاؤل ان والده ستغير ، لكنها امتنعت عن اجابته .
ان المشاكل وجدت ليكون لها حلول و التحديات تظهر ليرد عليها .. نظرت اليه و حسدته علي ثقته بنفسه .. بينما هي دائما كانت تهرب من مشاكلها و تختبئ منها عوضا عن مواجهتها مثلما تفعل الان .. و ابعدت الفكرة عنها .

كان مايكل في المقهى عندما وصلا . وجلست اوما معه بينما اشترى ستان القهوة ..
استقبلهما مايكل بابتسامة حارة و سألها :
- هل الطقس بارد في الخارج ؟

- ليس سيئا .
وجه نظر الي ستان :
- الا زال ممتعضا من والده ؟
- لست واثقة .. قال انه يعتقد بأن والده سيفهم فيما بعد .
- الا توافقيه الرأى ؟

- لست ادري .. الامر فقط .. ماذا لو لم يفهم ؟
عندما راى التعبير المتهجم امسك يديها يؤازرها مشجعا :
- و ماذا في الامر ؟ عادة مثل هذه المشاكل لها طريقة خاصة تحل نفسها بنفسها .. فلا تدعيها تكدرك .
- يعتقد ستان ان اباه عندما يرى مدى قدرتي علي مساعدته في حملته سيستقبلني .. و لست واثقة من هذا . ماذا لو لم استطع مساعدته كثيرا ؟ حتي ولو فعلت فهذا لا يعني ان السيد لواردز سوف يحبني بشكل افضل . ماكان علي ستان ان يأتب بي معه . انا لا احب ان اكون سببا لخلاف عائلي . و من الافضل لو ان ستان ابقاني بعيدة .

هز رأسه مايكل :
- لا .. ربما ستان متفائلا اكثر من اللازم .. لكنك لن تستطيعي تركه .. انه يحتاج اليك و ليس للحملة فقط .
قبل ان تستوضح سؤاله .
عاد ستان مع القهوة جلسو يحتسونها و يتحدثون لعدة دقائق وبدا مايكل مصمما علي ابعاد تفكيرها عن جوليان اواردز .. و سرعان ما اضحكهما براويته عن حادثة حصلت معه .

تراجعت اوما في مقعدها بعد الانتهاء و ابتسامة حقيقة لا تزال علي شفتيها .. كانت تعي وجود ستان و تشعر برجولته . ذراعه فوق ظهر مقعدها .
لمس ستان ذراعها فقفزت مجفلة :
- اوه .. انا اسفة .
شعرت باحمرار وجنتيها وهي تعي ان الرجلين ينظران اليها قالت برباطة جأش :
- اعتقد انني كنت شادرة الذهن .. كنت .. افكر بالمتجر .. هل سألتني شيئا ؟

رد عليه مايكل :
- كنت اتسائل عن البرنامج التلفزيوني الطويل الذي سيعرض في شهر شباط . سيحضره ستان بالطبع ليجيب علي الاتصالات الهاتفية .. ان تمكنت من تقديم عرض ما كمساعدة سيكون هذا مدعاة فخر لنا .. سيعيد اسمك الي اذهان الجماهير .. و هذا ما سيساعد ستان كثيرا .. ولن يكون هناك مشكلة في ادخالك بالبرنامج .. فهم سيعجبهم جدا استضافة فنانة عظيمة مثلك .

كانت اوما تهز رأسها قبل ان ينهي كلامه .
- ظننت ان ستان شرح لك الامر .. انا لن اشارك بعمل فني . حتي ولو كان لأعمال خيريه .. انا اسفة مايكل لأنني ببساطة لا استطيع .

عقد حاجبيه عابسا و سأل :
- لماذا ؟ اسمعي اوما . سمعتك تغنين في حفلة عائلة ستان و كنت عظيمة . مع شيء من التدريب سوف تشعلين الجماهير .. وانت قادرة تماما علي هذا .
قالت بحدة :
- لم اقل انني لست قادرة .. بل قلت انني لا استطيع .

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتلقي فيها اقتراحا بان تقدم عرضا خلال الايام القليلة الماضية . و ازعجها مايكل ان اثار الموضوع ثانية .
- لقد تناقشنا كيفية مساعدتي .. و قلت اني سوف ارافق ستا نالي المناسبات و اللقائات . و سألقي خطابات اذا اضطررت . لكنني ظننتك فهمت انني لا استطيع ان اغني .
انضم ستا نالي الحديث :
- تستمرين في القول لا استطيع و قلت هذا من قبل فلماذا لا تستطعين ؟
اخذت نفسا عميقا وقالت شارحة الامر :
- انا لا زلت مرتبطة بعقد .
- ماذا تعني ؟

- اعني .. ان تود ماتسون لا زال يحتفظ بعقدي في حوزته . ولا استطيع الموافقة علي ظهر فني مهني دون موافقته .. ولا يهم ان كنت اتقاضي اجرا ام لا . لا استطيع ان اغني الي ان يعطيني الموافقته .
الآن عرف ستان .. عهرف انها لن تظهر فنيا مرة اخرى و لماذا .

قال مايكل :
- حسن جدا .. هذه لن تكون مشكلة .. اتصلي بماتسون هذا ، و اطلبي منه الاذن .
ردت ساخطة :
- الأمر ليس بهذه البساطه مايكل .. تود لن يسمح لي دون ان يستفيد . فهو لم يكن راغبا بتركي العمل .. و الطريقة الوحيدة للسماح لي بهذا هو ان اقوم بعمل مماثل له . وهذا يعني عودتي الي لاس فيغاس مرة اخرى .. و انا لا اريد العودة الي الغناء .

اخذت فنجان قهوتها متعمدة و ارتشفته كله .. اشارة واضحة الي ان الحديث انتهى . ولم ينبس ببنت شفة .. فهل خاب امله ؟ ايحاول ايجاد طريقة للخلاص منها بعد ان عرف انها لن تستطيع الغناء ؟
كسر ستان الصمت المطبق وهم مجتمعون حول الطاولة :
- اوما .. اليس هناك طريقة لتخلص فيها من ذلك العقد مع ماتسون ؟

وضعت اوما فنجانها بحدة :
- انت لا تعرف تود ماتسون . اما انا فأعرفه .. طريقة الخلاص الوحيدة موجودة معه و الي جانبه .. هذا ما استطيع قوله لك .. انه يمتلك اوما بايروت . وله المطلق السيطرة علي حياتها الفنية .
سألها ستان :
- وماذا عن شرائه ؟ والي اية مدة يبقى العقد صالحا ؟

- كان عقدا لسبع سنوات .. وقعته قبل موت باول بأمد قصير و هذا يعني انه لن ينتهي مفعوله قبل سنتين . اما بالنسبة للشراء فهو لن يوافق ابدا حتي ولو كان لغير سبب سوى انني تركته وهذا مالم يعجبه اطلاقا .
قبل ان يرد احد الرجلين .. اعلن مكبر الصوت ان العبارة تقترب من المرفأ .. جمعت اوما اغراضها ووقفت تنظر الي الرجلين . ثم قالت :
_ا نا آسفة .. ارغب حقا في السماعدة .. لكنني لا استطيع في هذا المجال .. و انا لا اريد العودة الي الغناء .

لكن هل سيفهم ؟
وقف ستان يضع ذراعه حول خصرها .
- افهم هذا اوما .. لكن علي الاقل يجب ان اكلع علي العقد ؟
هزت كتفيها ثم اطرقت مفكرة .. سيضع وقته وتشك في آن يصدقها لو قرأت له بهذا .. مع انه قال انه يفهمها . وربما لن ينزعج كما تظن عندما يطلع علي العقد و يتاكد من انه لا يمكن فسخه .

استيقظت اوما مجفلة .. و شعرت بضيق تنفسها. و بضربات قلبها خافقة بشدة .
كانت غرفة النوم غارقة في الظلام . ماعدا النور الضئيل من ساعة الراديو الرقمية تسجل الثالثة و سبعة و ثلاثين دقيقة صباحا . كانت مبللة بالعرق .

جلست و اضاءت المصباح .. بماذا كانت تحلم ؟ شيء ما عن باول .. وحاولت ان تركز تفيكرها لكن التذكر ابتعد عنها و كانه سمكة هاربة . دفعت الغطاء بعيدا عنها . وخرجت من السرير .. لن تقدر علي النوم بعد هذا . وهي لم تتمكن يوما من النوم بعد كابوس حلمت به .

في الحمام . ادارت الماء و ملأت المغطس . وملأ البخار الحمام و دخلت المغطس مستلقية الي الوراء و اغمضت عينيها .
تراءت لها صورة ستان .. في الشهر الذي مر بعد الميلاد ترسخت علاقتهما .. الجدال الذ شاب هذه العلاقة قبل الميلاد توقف .. و اصبح ستان يعاملها بمحبة مع انها لم تكن قد وفت بعد بأي وعد لسماعدته ..
يوم عادا الي فانكوفر اضطرا الي قضاء اسبوع الذي تلاه وهي تعمل في المتجر .. فالاسبوع الذي مر ما بين الميلاد و رأس السنة كان من اكثر الايام انشغالا لها .

سرعان ما حل رأس السنة الجديدة . مرت معه بفترة من الرااحة ثم اصيبت بانفلونزا . مع انها لم تكن خطرة الا انها اضطرت الي قضاء عشرة ايام الوائل في الفراش . تبع هذا اسبوع اخر من العمل .

كان ستان خائب الامل الا انه كان اللطف بعينه في خلا ملازمتها الفراش . كان يزورها كلما سمح له برنامجه الحافل بالعمل . و يمطرها بالهديا الصغيرة ..
حتي عندما لم يستطيع ايجاد وسيلة لأخراجها من العقد يؤكد لها انها حتي لو لم تستطع الغناء فهمي مساهمة نفسية في حملته . وكانت مخطئة في الشك به ..
بكت قليلا لهذا مع حالتها الضعيفة .. ومع ذلك ايضا لم تستطع اجبار نفسها علي قول الحقيقة حول حياتها و موت باول .. ولم يعد ستان يذكر جوليان اواردز و كان من الواضح انه لم يكن يهتم بانها سبب خلافه مع والده .

اذن .. لماذا تشعر بهذا القلق ؟
مع مرور الايام .. ازداد تخوفها من العودة الي الظهور العلني امام الناس .. و اكثر من هذا اعترافها لنفسها ان مصدر تعاستها بكل بساطة هو ان ستان سعيد جدا ..
كان يفيض سعادة و كلما رأتها عيناه تضيئان سعادة .. بينما كانت معنوياتها مستمرة بالهبوط .. لقد حصل علي ما يريد .. حصل علي اوما بايروت في فريق عمله .. لكن اين يترك هذا اوما دوناهو ؟

لقد كانت غبيه لتقع في حبه ! تريده ان يحبها هي لا اسمها .. لا الشبح الذي كانته مرة . تريد ان يحبها . لنفسها الحقيقة اوما دوناهو . و ليس المغنية اوما بايروت .
ذرفت قطرات من الدمع في الماء الساكن .. تحركت اوما لتخرج من المغطس و تلف المنشفة حولها .. وما يضير له انه يفضل يكون لاي منهما مكان في حياته متي وصل اوتاوا .. ولقد وعدته ان تساعده ليصل الي هناك .

نهاية الفصل السابع



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:44 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:56 PM   #9

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

8-من هو المجنون؟
********************
وصلت أوما من المحل إلي منزلها متأخرة . . كانت الآنسة أديسون قد اتصلت بها وسألتها ما إذا كانت بخير للخروج مع ستان لحضور حفل عشاء هذا المساء . . فأكدت أوما لها أنها بخير ،ثم تناست الموعد وهي تتابع العمل علي جهاز الحسابات ،تحضيرا للمحاسب الذي استخدمته مؤخرا ..ولم تتذكر الموعد إلا عند مغادرتها المتجر .

ذهبت مباشرة إلي الحمام فور وصولها إلي الشقة وابتلعت بسرعة حبتين من الأسبرين قبل ان تخلع ملابسها وتدخل تحت رشاش الماء . . سيصل ستان ويصطحبها بعد أقل من ربع ساعة .. وهي دائما تحرص علي أن تكون جاهزة قبل وصوله .. لكن ،الليلة ،بدا هذا من المستحيل .

كانت بينها وبين نفسها مشتاقة إلي النوم في سريرها طلبا للراحة .. يا إلهي كم هي متعبة ! شعرت بصداع مؤلم ،آخر ما كانت تتمناه هو الخروج مع ستان الليلة ..رن جرس الباب بينما كانت تخرج من تحت الرشاش الماء الساخن .. اللعنة عليه ..لماذا لا يتأخر أبدا؟ بسرعة لبست رداءها ,وربطته وهي تقطع غرفة الجلوس لترد علي رنين جرس الباب ..
فتحته وصاحت به قبل أن يحييها:
-لا تقل شيئا ..أعرف أنني متأخرة!
طافت عيناه بالروب ،مع نظرة حيرة خفيفة لسماعه لهجته الحادة،وقال ممازحا وهو يبتسم ،آملا أن يغير مزاجها :
-لم أتوقع منك الذهاب بهذه الثياب .

أفسحت له الطريق ليدخل ،وسألته بلهجة متذمرة ما إذا كان يريد شراباً بينما ترتدي ثيابها .
التفت إليها و هز رأسه متفحصا وجهها بعجب ,فأشاحت وجهها بسرعة لتدخل إلي المطبخ وتحضر له كوباً من العصير .كانت تسكب العصير عندما وصل إلي المطبخ ووقف خلفها مستندا علي الباب .. ولاحظ أنها تصب العصير بارتجاف ظاهر علي يديها.

تقدم من خلفها وأخذ الإبريق منها بلطف
أدارها إليه واضعاً يديه علي كتفيها وعيناه تطوفان بالإرهاق البادي علي وجهها:
-تبدين مريعة ..لماذا قلت للآنسة أديسون إنك قادرة علي الخروج معي الليلة، بينما من الواضح أنك لم تستعدي قوتك بعد الأنفلونزا؟
-لقد شفيت .. وعدت إلي مزاولة العمل منذ أسبوع .

جذبت نفسها من قبضته متضايقة من تعليقه علي مظهرها ..
ورفعت شعرها عن وجنتيها :
-لم تسنح لي الفرصة بعد لوضع الماكياج ،اشعر بصداع خفيف .هذا كل ما في الأمر .. أخذت بعض الأسبرين ،وسأكون جاهزة بعد دقائق .
قال ينظر إليها بصراحة:
-ربما علينا أن نلغي موعد الليلة ,تبدين وكأنك بحاجة إلي النوم مبكر .. وسيفهم الجميع بأنك متوعكة .

-سأكون علي ما يرام .
صممت فجأة أن تكون بخير .. يجب أن تبدأ بمساعدته في وقت ما, ولا تريد التأخر أكثر من هذا .. تركته يحتسي شرابه في غرفة الجلوس وذهبت إلي غرفتها وأقفلت الباب وراءها .. أخذت زجاجة العطر من علي الطاولة الزينة ,وتعطرت بها قبل أن ترتدي ملابسها .. ما إن انتهت من استعمال العطر حتي هاجمها دوار قوي .تمسكت بطاولة الزينة تهدئ نفسها ,فأوقعت زجاجة العطر فانكسرت بصوت قوي .

انفتح الباب الغرفة فجأة ودخل ستان بسرعة:
-ما الذي حدث ؟هل وقعت؟
هزت رأسها بحذر .. لقد توقفت الجدران عن الدوران حولها لكنها كانت لاتزال تشعر وكأنه لا روح لها .. قطع الغرفة وأمسك يدها ,وتمكنت من إجابته .

-لقد أوقعت الزجاجة ..أنا بخير .
لكنها لم تكن تعي أن شحوب لونها ،وبرودة يديها كانا يكذبان قولها .


التفت ذراعه حول خصرها تقودها إلي السرير :
-من الأفضل أن تستلقي قليلاً.
ووضعها بلطف ،وجلس إلي جانبها وارجع شعرها إلي الوراء عن جبينها .
-لا يبدو أن حرارتك مرتفعة .. متي تناولت طعاماً آخر مرة ؟
أبعدت عينيها عن عينيه ..هل تناولت الغداء اليوم ؟ أدركت أنها لا تذكر، ولكن الظاهر بأنها لم تتناوله .. فلا عجب إذن أن تصاب بالدوار .. لم تأكل سوي التوست والقهوة عند الفطور صباحاً .

نظرت إلي وجه ستان الصارم والغاضب.
-هل أكلت شيئا اليوم ؟ اللعنة أوما ..لماذا لا تهتمين بصحتك أكثر؟ ما كان يجب أن تعودي إلي العمل بعد!
لامس بأصبعه عظام عنقها
-انظري كم أنت نحيلة ؟ آخر ما تحتاجين إليه هو نسيان وجبات الطعام .. خاصة انك تجاوزت لتوك مرضك .

كانت لمسته ترسل موجات مجنونة فيها ،وتحركت بقلق ..مع أنها كانت تريده أن يشعر بها ،تريده أن يضمها ،وأن يواسيها ..عرفت أنه لاحظ تسارع نبضاتها .فبدأ اللون الأحمر البطيء يتصاعد إلي وجهها ..حاولت أن تتظاهر أنها لم تتأثر ,تتظاهر أنها لا تعرف أنه أحس بها وبمشاعرها لكنها لم تستطع النظر إليه
وأخيرا أخفضت رموشها لتخفي عينيها:
-سأكون بخير ..لقد أصابني دوار للحظة فقط .

لكنها كانت لا تزال دائخة ,ضعيفة وكأن عظامها أصبحت مطاطاً .. لكن هذا لا علاقة له أبداً بنقص الطعام أو بمرضها الأخير.
مرر أصابعه علي وجهها:
-أوما ..انظري إلي .
تنفست بحدة،متجاهلة طلبه ..فارتفعت يده تداعب كتفها ،ولم تكن مستعدة أبدا لصدمة الكهرباء التي سرت في جسمها ،وارتفعت عيناها إلي وجهه .. أنه يريدها أيضاً .. هذا أمر مكتوب بوضوح وكأنه العنوان الرئيسي علي صفحة الأولي لصحيفة في عينيه وفي فمه المتجهم وفي الحمرة التي لطخت وجنتيه.
ادني وجهه منها..فأدارت وجهها،تهمس :
-لا..ستان .

لكن أطرفها لم تطع أوامر دماغها ..فارتفعت ذراعاها لتدفعه عنها.. لكن بدلاً من دفعه ،التفت في خصلات شعره الأسود الحريري ..رفع رأسه إليها وعيناه تحرقان عينيها:
-أوما..هذا ا مر كان محتماً بيننا منذ أول مرة عانقتك فيها.
حلقت بمشاعرها ,وأخذت تقاومها مثل سباح غير ماهر علق وسط التيار ..وأصبحت غير قادرة علي التفكير ..بل سيطرت عليها المشاعر الجياشة .. وغدا كل شيء كالحلم.

أفلتت منها آهة ناعمة وهو يبتعد عنها ويقف .أسرت عيناه عينيها لحظة ,ثم قال:
-أنت تريدينني أما..وأنا أريدك.
نظرت إليه مسحورة ،تتفحصه وهو واقف أمامها ..عالقة في سحر شغف شلها..لكن ما هي إلا لحظات حتى صدمتها حقيقة ما حصل ،وما سيحصل .. وبحركة سريعة ,تدحرجت علي السرير حتى طرفه البعيد ..ثم قالت هامسة ،خائفة من هذا الالتزام وما قد يفعله بها :
-لا .. ستان لا تستطيع فعل هذا !لا أريد حدوثه.

للحظة ،بدت عليه الحيرة ،ثم فجأة لان وجهه وسأل بلطف :
لماذا؟
تقدم منها خطوة، ووجدت نفسها مسمرة في مكانها ،وقال :
-لا أظنك تعرفين ما تريدين أوما.. هذا ما كان يعتمل بيننا منذ أسابيع ،فلا تحاولي التظاهر بالعكس .
قطع المسافة بينهما بخطوة واحدة،وشدها إليه ..حاولت المقاومة .. تقاوم نفسها بقدر ما تقاومه .
قالت:
_أرجوك ابتعد فلم يسبق أن عاشرت رجلاً.

ما أن سمع كلماتها حتى انتفض وارتد إلي الوراء ثم قال :
_تعالي إلي غرفة الجلوس ..من الأفضل أن نتكلم .
وترك الغرفة .
كان ستان ينتظرها قرب النافذة عندما دخلت إلي غرفة الجلوس رأت كأس العصير في يده , ارتشف منه رشفة ثم أشار إليها بالجلوس.. فجلست متوترة:
قال لها برقة :
-أترغبين بشرب عصير ما؟

أحست ببرد شديد رغم دفء الشقة , فحزمت الروب حولها بقوة :
-لماذا لم تخبريني أن لا خبرة لك مع الرجال؟
بدأت تشعر بالسخط يتصاعد في نفسها ..ليس له الحق بأن يغضب لهذا ؟ انه يصورها وكأنها معاقة اجتماعياً.
نظرت إليه بتمرد ..فقال بحده:
-يا إلهي .. كم عمرك؟خمسة وعشرون أم ستة وعشرون..أنا لم أكن أشك أبداً..

ردت بسخط:
-آسفة لأنني لم أكن كما توقعت ..لكن هذا أمر لا يمكن بحثه كأي حديث عابر.
ابتلع ريقه بصوت مسموع:
-آسف ..اعتقد أنك متضايقة ..وأنا كذلك .. يجب أن تعرفي أنني ما كنت لأحاول ..

قاطعته بغضب :
-اسمع ..لقد أوضحت وجهة نظرك ستان ..وأنا آسفة لآن قلة خبرتي قد قطعت متعتك ..لكن لا تقلق ،فلن يحدث هذا مرة أخري .
قاطعها بصوت كالسوط:
-اخرسي أوما..!ليس الوقت وقت ثورة غضب مجنون!

-مجنون!
-أجل .. مجنون ..أي شخص يحيط نفسه بمثل هذه الأسرار كما تفعلين ،لآبد أن يكون فيه عيب ..الحصول علي معلومات منك مثل خلع الأسنان ! كل ما أعرفه عنك حاربت لأجده بنفسي..حسن جداً..هذا يكفي !
سحبت نفساً عميقاً لتكبت دموعها..إنها تكره ستان اواردز كيف يجرؤ علي القول بأنها مجنونة؟ جعلت وجهها يخلو من أي تعبير ،عيناها فقط تلمعان ..ستريه من هو المجنون!
تفحص ستان وجهها الشاحب الهادئ ،ثم قال ما صعقها:
-هل تتزوجينني ؟

-ماذا قلت ؟ !!
-قلت هل تتزوجينني؟
هزت راسها:
-ستان ..عم تتكلم ؟
تقدم إلي الطاولة يسكب المزيد من العصير :
-سمعتني .
-لماذا؟
-بل لماذا لا أطلب منك الزواج؟
-لن أتزوجك ستان ..ولا شك أنك فقدت عقلك!

-لماذا ترفضين ؟ألست معجبة بى ؟
صّرت علي أسنانها تحاول احتواء غضبها:
-بل أظنك سخيفاً .. المرء لا يتزوج لمجرد الإعجاب بشخص ما،قل لي أتعرض علي الزواج من أجل مستقبلك؟ ألا تفكر في غير مستقبلك أبداً؟
نظر إليها لحظة ،ثم تلاشت كل قسوة من وجهه فجأة .. بدا لها أكبر سناً ،قسمات وجهه محفورة بخطوط التعب ..
وقال بهدوء :
-ليس مستقبلي فقط ..فانا أفكر فيك أيضاً.

تقدم ووضع يديه بلطف علي كتفيها ..التغيير المفاجئ في مزاجه ،أفقدها توازنها..وذهب بعدائيتها ،فلم تقاومه عندما ضمها إليه ،استراح رأسها آلياً علي صدره.
قال هامساً :
-أوما ..قلت إنني لا أعرف شيئاً عنك . لكنك مخطئة .. لقد راقبتك خلال الأسابيع الماضية ..راقبتك تخنقين نفسك لأنك لا تستطيعين مواجهة ما حصل منذ خمس سنوات ..ولا أظنك قادرة علي تحمل المزيد ،وحدك ..قد تحاولين ،أنا لا أقول العكس ..
أسندت نفسها عليه ..إنه علي حق .. وتعرف هذا ،من بين كل الناس:
-حسناُ ..إذا كنت واثقاً ..أعتقد ..بإمكاننا أن نتزوج ،لكن ،لسنا مضطرين للاستعجال.

-الاستعجال هو أفضل الطرق أوما .. الانتخابات الفرعية ستعلن في أي يوم ابتداءً من اليوم ،ولن نستطيع الزواج فجأة وفي خضم الحملة . . سيبدو هذا سخيفاً .. سنتزوج في أسرع وقت ممكن .
قالت هامسة :
-أجل ..أعتقد أننا يجب أن نتزوج قبل الانتخابات .
- عظيم .. سأتصل بالمطار ،لأري إذا كان بمقدورنا السفر الليلة إلي "ريتو" أو "فيغاس" أو صباح الغد .
-لماذا ؟ لماذا لا نتزوج هنا؟

لا تريد الذهاب إلي نيفادا ... ليس حيث أوما بايروت .
-سيبدو الأمر أفضل هكذا ..وكأننا هربنا معاً.. وستعتقد الصحافة أن ما جري هو أمر رومانسي ..اذهبي واصنعي لنا بعض القهوة ،بينما أجري بعض المكالمات الهاتفية ..وأحضر ما تأكله .
بعد ساعات وصلا إلي لاس فيغاس وعند خروجهما من الطائرة أخذت أوما تفكر .. منذ موافقتها علي طلب ستان بالزواج ،كانت عالقة في خدر لا مبالي .. تصرفاتها أوتوماتيكية ،افترضت أن ما يعتريها ليس إلا صدمة .فهي لا تفكر حتى , دماغها مرتبك وملبد كالضباب .. بطريقة ما تمكنت من توضيب حقيبتها ,لكنها تركت كل ما تبقي لستان .

سارت عبر البوابة الخروج مع ستان ،أنوار المدرج الطائرات الملتمعة عن بعد بدأت توقظها من سباتها وتعيدها إلي وعيها .. بعد ساعات ستكون متزوجة .. زوجة لستان .. أحست بقشعريرة ليس سببها الهواء البارد للساعات الأولي للفجر في الصحراء ..
وبدأت تذعر وترتجف ..علي الفور أمسكها ستان كي لا تتهاوي بمرفقها وهما يتابعان طريقهما في الخروج .

توقفت فجأة وقد وصلا إلي مدخل المبني :
_ستان ..
شد علي مرفقها بنفاذ الصبر :
--هيا بنا الآن أوما .. نحن نقف وسط الطريق .

صاحت يائسة :
-لا ستان .. أرجوك! لا أستطيع .. لم يفت الأوان بعد ,لسنا مضطرين لهذا .
تذمر بنفاذ الصبر :
-لقد بحثنا الأمر مراراً قبل الآن أوما .. ولقد فات الأوان كثيراً ..

ودفعها إلي الباب .. تحت الأنوار البيضاء ،كان وجهها رمادي اللون ،وعيناها بركتان مرتبكتان واسعتان ..
أكمل بصوت ألطف :
-ستغدين أفضل حالاً بعد أن ترتاحي و تأكلى قليلاً من الطعام ،سنأخذ سيارة ونذهب فوراً إلي الفندق .

وشدها معه حتى وصلا إلي الصالون وأجلسها في مقعد ونظر إليها مقطباً:
-انتظري هنا لأحضر الحقائب وأضعها في السيارة .. وتوقفي عن القلق .. سيكون كل شيء علي ما يرام .
ابتسم لها مشجعاً وابتعد .

استندت أوما بتراخي علي المقعد ,وأغمضت عينيها .. قاعة الاستقبال كانت مزدحمة حتى في مثل هذه الساعة ..تضج بالحركة والمسافرين
لو أن الأمر فقط يتم كما قال ستان ،وكل شيء يكون علي ما يرام ،لن تستطيع التراجع الآن، لم تكن تريد أن تجرح مشاعره ،وستفعل إن رفضت التعاون الآن ..بطريقة ما ستعمل علي إنجاح زواجها .. مهما كلف الأمر.

نهاية الفصل الثامن



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:46 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-10, 09:58 PM   #10

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

9-القليل من الحقيقة
*********************
سمعت أوما وقع أقدام تقترب منها وسط أصوات المطار .. مضي علي غياب ستان عدة دقائق ،ولابد أنه رجع فتحت عينيها وجلست مستوية ،مصممة علي أن تبعد شكوكها عنها ،وأن تنسي مخاوفها من المستقبل .

-أوما .. أوما بايروت .. ! اعتقدت أنك أنت !
رفرفت عينيها بشدة وسرعة .. مع أنها هنا في لاس فيغاس لا سبب أبداً يدعوها إلي أن تتوقع رؤية تود مانسون .. مع ذلك لم تندهش لرؤيته يقف أمامها .. للحظات حدقت به مشدوهة ،تتساءل لماذا لا تشعر إلا باللامبالاة.

-"مرحبا تود".
وتابعت تفحصه .. لقد تغير قليلاً ،لكنه لا يزال ذلك الرجل النحيل بقسماته الحادة ،مثلما كان منذ خمس سنوات ..لاحظت أن بذلته عتيقة الطراز،وأن أكمام قميصه مهترئة قليلاً.. ولطالما تفاخر تود بمجموعة ملابسه ،وأحذيته المصنوعة باليد ،ربما سقط بعد أيام صعبة .. وتساءلت لماذا لم تعطها هذه الفكرة أي رضي .

لابد أن كرهيتها خفت خلال سنوات ،أو خفت قليلاً وهي الآن لا تحس سوي بثورة خفيفة ضد مديرها السابق.
ابتسم تود لها ،وجلس علي مقعد بجوارها .
-ما الذي جاء بك إلي فيغاس ؟ أنت لم تأت لتفتيشي عني ؟ هل أدركت أخيراً أهمية ما تخليت عنه يوم هربت؟
مال نحوها يدرس وجهها،وكانت أكثر حكمة من أن تذكر ستان له . . وقالت كاذبة:
-أنا هنا في إجازة .

بدأ تود يضحك :
-أوما بايروت في إجازة في لاس فيغاس ؟ هذا غير متوقع حبيبتي .. بكل تأكيد يمكنك أن تقولي لي ماذا تفعلين هنا؟علي أي حال ،نحن صديقان قديمان .. ولطالما فكرت بك كأخت لي!
نظرت إليه مذهولة .. كيف لإنسان أن ينطق بكذبة مكشوفة كهذه؟
هي وباول لم يكونا بالنسبة له سوي مصدر للمال . . وتأكدت من الأمر يوم أخفي عنها واقع إدمان باول ،وكل شيء آخر .. ترك باول يموت بدلاً من أن يعرض تلك الصورة الثمينة التي رسمها بدقة لهما وجني ثمارها لوحده للحظة ..
أحست بالغثيان وبتقلص معدتها ما أن تحركت كراهية هذا الرجل مرة أخري في أعماقها .. وقفت فجأة غبر قادرة علي تحمل صحبته لحظة أخري .

-لا وقت لدي للخوض في مثل هذا الحديث تود .. وداعاً!
وقف بدوره ،وأمسك ذراعها ليبقيها بقربه .
-لا تديري ظهرك لي حبي .. مهما كان الذي جاء بك إلي هنا ،ألم تشعري أنه ما كان عليك أن تتركي ؟ لكن الوقت غير متأخر بعد.. بإمكان أوما بايروت أن تعود إلي المسرح .. كمغنية منفردة ستصبحين أكثر شهرة مما كان الثنائي بايروت .
داعب أصبعه معصمها ،وابتسم لها مشجعاً .تصاعد غضبها ..
فاجتذبت ذراعها منه وهي تقول بلهجة آمرة:
-لا تلمسني أبداً.. حتى لو أردت العودة ،وهذا ما لا أريده ،فلن أعود إلي المسرح .. فلو غنيت لكنت مديري .. طننت نفسك حدقاً حين جعلتني وباول أوقع العقد .. وامتلكت الثنائي بايروت لحماً ودماً وروحاً .. لكنك لا تستطيع امتلاك شيء لا وجود له .. أليس كذلك؟ لم يعد لباول بايروت وجود.. انت لم تفهم أنني أفضل التخلي عن مستقبلي الفني علي أن يكون لي علاقة مع جرذ قذر مثلك.

ارتجفت عضلة في فك تود،وتحولت عيناه الرماديتان إلي صخر:
-طالما كنت سليطة اللسان ,هل نسيت أنني أعرف كل ما هو مدفون ؟ يجب أن تكوني أكثر حذراً .. مع انني سأسامحك هذه المرة .. لكن تذكري .. أوما بايروت لا تستطيع الغناء إلا إذا قلت أنا أنها تستطيع .. أفهمت هذا؟
-من المستحيل أن أنسي .
رأت ستان يتقدم نحوهما .. نظرت إلي تود نظرة اشمئزاز نارية ،ثم هرعت نحو ستان .. حين وصلت إليه سألت بسرعة:
-هل أنت علي استعداد للذهاب ؟

عرفت أوما أن وجهها شديد التورد ،وأن عينيها تلمعان بما تبقي فيهما من غضب، وعرفت أن ستان لاحظ هذا .. وتحركت عيناه نحو تود
الذي لا يزال واقفاً حيث كان معها منذ لحظات:
-هل من خطب ..أوما؟
أمسكت ذراعه واتجهت معه نحو الباب:
-ما من مشكلة .. دعنا نذهب.

كان مع ستان في الخارج سيارة بانتظارهما .. وكان قد أحضر حقائبهما ووضعها في صندوق السيارة ،لم يكن الفندق يبعد كثيراً عن المطار بضعة دقائق فقط بالسيارة
وكان ستان صامتاً طوال طريق يركز علي قيادته بين الزحام الذي كان شديداً حتى في مثل هذه الساعة ..
وقبل أن تعي ما كان يحدث حولها كان ستان يعطي الحمال إكراميته ،بعد أن أوصل الحقائب إلي باب الجناح المحجوز لهما.

سألها بعد أن أصبحا وحدهما :
-أترغبين في وجبة سريعة أو شيء ما؟
-أومأت بالإيجاب ،مع أنها كانت متعبة ولم تكن جائعة ،إلا أنها كانت تعرف أنها إن اندست في الفراش الآن فلن تتمكن من النوم ،رؤيتها لتود مرة آخري حركت فيها الذكريات القديمة والمخاوف القديمة .. كيف يمكنها الزواج من ستان دون أن تخبره عن ماضيها؟ وكيف ،أو من أين ،ستجد الشجاعة لتفعل ؟

قال ستان :
-هذه فكرة جيدة علي الأرجح .. لاحظت أنك لم تأكلي في الطائرة .. ستنامين بشكل أفضل إن تناولت بعض الطعام ،سأطلب من مكتب الاستعلامات أن يرسل لنا قهوة وسندوتشات.

منذ وصولهما إلي لاس فيغاس ،كان ستان لطيفاً جداً ،وجزع كثيراً عليها .. الغضب الذي كان بادياً علي محياه في فانكوفر تلاشي وكأنه لم يكن .. بينما كانت تراقبه يتصل بمكتب الخدمات حيرها تصرفه ..
فهو يتقبل الوضع بهدوء أكثر منها وأكثر مما توقعت ,وهي تعرف أنه لا يحب أن تجري الأمور عكس ما يريد .. مع ذلك فهو يتصرف وكأنه سعيد ،أو علي الأقل راض بما انقلبت إليه الأمور .

قال ستان بعد أن أمسك يدها بلطف :
-الأفضل أن تنعشي نفسك بينما نحن ننتظر .. هيا ارتدي ثياب النوم ، لتتمكني من النوم قليلاً فور انتهاء طعامنا .
نظرت إليه بعد أن جف فمها فجأة .. بدا عليه التعب حتى الإرهاق ،لكن هذا ما زاد من جاذبيته ..
فقال بهدوء :
-لا يجب أن تنظري إليّ هكذا.

ثم أخفض رأسه .. فأحاطها بين ذراعيه ،يضمها بإحساس وحنان .. ولا قلق ..
لكن صوته كان جافاً متوتراً وهو يقول :
-اذهبي وغيري ملابسك.
ثم أبعدها عنه، وسار عدة أقدام ،مديراً ظهره لها .

-بدلي ملابسك أوما ..فسيحضر الطعام قريباً.
جاءت خدمة الغرف بالطعام في غيابها ،أعطاها ستان فنجان القهوة بصمت ثم أشار لها بالجلوس .. صينية السندويشات كانت علي طاولة صغيرة ،أعدت لنفسها سندوتشا بعد أن ارتشفت القليل من قهوتها .

مع أنه هو الذي طلب السندويشات إلا أنه لم ينضم إليها ليأكل معها .. وبدا مكتفياً بارتشاف قهوته بينما كانت تأكل ،لم ينظر إليها في تلك الأثناء ..بل جلس يحدق بالأرض
تنامي التوتر بينهما لذلك قفزت وجلة حين سأل فجأة :
-من كان الرجل الذي كنت تتحدثين إليه في المطار؟
تنحنحت باضطراب :
_تود مانسون.
-مدير أعمالك السابق؟
-أجل.

-إذن هو هنا .. في لاس فيغاس ،أليس كذلك؟ ربما هذا أمر جيد .. أريد أن أقابله لأري إذا كان بإمكاني أن أجد طريقة ما معه لفسخ العقد بينكما .. لا تجزعي أوما .. أعرف أنك لا تريدين العودة إلي عملك السابق .. لكن لا تعجبني فكرة ارتباطك به بهذه الطريقة .
ولم تكن الفكرة تعجب أوما كذلك .. ولم يعجبها أيضاً فكرة تكلم ستان مع تود ..فمن يعرف ما قد يخبره به تود ؟

-أظن أنه من الأفضل ألا تراه.. وكما قلت لا أريد العودة إلي مهنتي السابقة .. فلا فارق إذن إن كنت متعاقدة معه أم لا . و.. لا أريد أن يكون لنا أي ارتباط به.
-أفهم هذا أوما .. لكنني أستطيع تسوية هذا الأمر دون أن تقابليه . . علي أي حال سأصبح زوجك . . اعتقد أن علي الرجل أن يعتني بزوجته ، وأن يكون سداً منيعاً لها في مواجهة كل المواقف الصعبة . . لا تقلقي .. سأتعامل مع مانسون بالنيابة عنك.

-أتمني أن لا تزعج نفسك .
-أعتقد أته من واجب عليّ التدخل . . فذلك العقد يعطيه الحق الكثير .. إنه يمتلكك تقريباً كمغنية.
وقفت أوما وسارت حتى النافذة حتى أصبح ستان خلفها .. أخذت تزدرد طعامها بصعوبة
ثم تنفست عميقاً:
-أعرف أنه يمتلك أوما بايروت . . لكن ربما له الحق ، فهو الذي اخترعني .
-ماذا تعني .. أخترعك؟
ضغطت بجبينها علي الزجاج النافذة :
-معظم ما كتب عن ألا ثنائي بايروت كان مبتكراً،نتاج مخيلة تود ،أراد أن يكون لنا صورة محددة ،هكذا اخترع الخلفية العائلية لتناسب الصورة ،لكن الحقيقة لم تكن شيقة هكذا.
-هل ستخبرينني الحقيقة الآن؟
-سأحاول .. لقد نشأت أنا و باول في تورنتو .. والدنا لم يكن قسيساً . . حتى أننا لم يكن لنا أب .

هزت كتفيها وتابعت :
_ آمنا لم تكن من النوع الذي يتزوجه الرجال . . هل تفهم قصدي ؟ معظم الأوقات كانت تعيش علي الإحسان . . مع أنها كانت تحصل أحياناً علي عمل . . ربما في حانة أو مطعم . . لم أكن أفهم هذا تلك الأيام . . لكن لها الكثير من الرجال الأصدقاء . . علي أي حال هجرتنا عندما كان باول في الخامسة عشر وأنا في الثالثة عشر ،لم أفتقدها أبداً .. كان باول بعد رحيلها كأب لي أكثر مما كانت أم لي . . ربينا بعضنا البعض .

-لست أفهم . . ماذا عن الجمعيات الخيرية الاجتماعية ؟ لماذا لم تذهبا إلي بيوت التربية ؟
ضحكت بصوت خافت:
-لم يستطع أحد أن يلقي القبض علينا ! فنحن خفنا من الفراق هكذا . .
وهزت كتفيها .
-كيف عشتما؟

-أوه . . لم يكن الأمر سيئاً . . حصلنا علي غرفة . . المالك لم يكن ليهتم لعمرنا ما دمنا سندفع له . . وكان أحد "أصدقاء" أمي قد ترك غيتاراً خلفه عندما رحل . . وعلم باول نفسه العزف . . كنا نغني في زوايا الشوارع ليعطينا الناس مالاً.
-لست أدري كيف أن السلطات لم تقبض عليكما . . ماذا عن المدرسة ؟

ابتسمت أوما قليلاً لسماعها السؤال ،فهي تعي عدم الفهم والحيرة في صوته :
-لم نذهب إلي المدرسة . . ومن الصعب علي رجل مثلك أن يفهم . . في مدينة مثل تورنتو أو فانكوفر ،هناك مئات الأولاد يهيمون علي وجوههم هرباً من ذويهم ،أو مهجورين مثلنا.
صمت ستان لحظات
-ألهذا لم تتكلمي يوماً عن الماضي ؟ ألانه كان أتعس أيام حياتك؟

وقف خلفها فشاهدت صورته تنعكس علي الزجاج النافذة . لم تكن تريد التفرس جيداً في القسمات الضبابية ،ولا تريد رؤية الشفقة التي توقعت رؤيتها مرتسمة علي وجهه . . الوقائع بحد ذاتها تبدو كئيبة وقاسية وصادمة . .
مع كل ذلك ، عندما كانت تتذكر طفولتها تعود إلي الأيام التي أمضتها مع أخيها وإلي ارتباطها الدائم بأخيها. .

قالت محتجة ،صوتها مفعم بالمشاعر :
-لا . . لا تسئ الفهم . . في تلك الأيام كنت أكثر سعادة من أيامي التي تلت تلك الذكريات وحتى اليوم . . أنا و باول كنا قريبين جداً . . كان يحميني . . يعتني بي . . كان الأولاد الأصغر مني يجوبون الشوارع ويتحايلون للحصول علي وجبة طعام . . لكن باول حماني من هذا النوع من الحياة.

-إذن . . ما هو دور تود مانسون هنا؟
-سمعنا نغني وصور لنا مستقبلاً مضيئاً كالقمر ،إذا جاز التعبير . . باول الذي اكتسب من حياة الشوارع الحكمة لم يثق به، لكنني كنت متلهفة للموافقة معه، أخيراً استسلم باول . كان هذا قبل ستة أشهر من مجيئنا إلي لاس فيغاس . . أعطانا خلالها تود دروساً في الغناء ،والرقص ،والإملاء ،والدين . . كان قد خطط لتمثيلية ، جمعها ، ونفذ كل شيء ،واخترع الثنائي بايروت .

التفت ذراعا ستان حولها
فالتفتت إليه باسمة :
-لماذا كنت خائفة من قول هذا لي قبلاً؟ صحيح أنها ليست الطفولة المثالية التي تتحدث عنها الدعاية لكنها تجعلني أعجب بأخيك وبك أكثر ،لأنكما رميتما كل هذا خلفكما وبنيتما حياة شريفة .
لم يكن منزعجاً ! رفعت نظرها إليه .

-لكن . . ماذا عن مستقبلك السياسي ؟ قلت إنك تحتاج إلي صورتي النظيفة .
ابتسم قليلاً :
-لا زالت الصورة النظيفة موجودة ، ولن يبحث أحد عن الحقيقة الآن .
ابتعدت عنه بلطف ، وذهبت لتقف بعيداً عنه . . إنه حتى الآن لا يعرف إلا جزءاً من الحقيقة . . جزءاً صغير جداً . . وعليها أن تبوح بكل شيء . . لكنها لا تستطيع !

-ستان . . أنا متعبة . . أتمانع إن نمت الآن؟
-بالطبع لا أمانع ..كانت ليلة طويلة ومتعبة لك.
تقدم منها وأحاطها بذراعيه ورافقها إلي باب غرفة النوم :
-هناك غرفة نوم أخري في الجناح سأستخدمها ،تصبحين علي خبر أوما.
ثم فتح لها الباب لتدخل .

خلعت روبها وأبعدت القماش الحريري الذي يغطي الفراش وهي تشعر بالتعب . . إنها مذهولة من تصرفات ستان وردة فعله ،لم تبد عليه أنه اهتم كثيراً بأن تكون صورتها كذبة . . وشكت أن يكون مشفقاُ عليها بعد سماعه قصة طفولتها . .
وربما لم يصدقها عندما قالت إنها سعيدة يومها ،لكن هذه هي الحقيقة ..
توسدت مخدتها وعيناها مبللتان بالدموع . . كيف حصل أن ابتعدت هي و باول عن بعضهما وقتذاك . . حتى أنها لم تشك يوماُ أنه يتعاطي المخدرات إلي أن فات الأوان ؟
ولماذا لم يخبرها تود؟ كان لا بد من وجود طريقة لمساعدته دون أن يعرف الجمهور ..

في اليوم التالي تناولا الغداء في مطعم جميل في أحد الفنادق شارع "ستريب " الفخمة .. ثم أخذها ستان إلي مكتب العدل حيث ستتم مراسم الزواج ..كانت ترتدي بذلة صوفية خفيفة ،بلون الكريم ،وتحته بلوزة "كريب دوشين" بلون أصفر فاتح .. أحضر لها أوما ودون توقع باقة ورود صغيرة البراعم بألوان اللافندر غير العادية ،كانت تتناسب مع المجوهرات الجمشيت الليلكية التي ترتديها .
كان هناك نوع من التصلب في مراسم الزواج وهي تجري في غرفة مكتب مع اثنين من الموظفين يشاركان كشاهدين ،ويبدو عليهما الضجر .. عندما دس ستان الخاتم الذهبي في أصبعها وقبل خدها وجدت من الصعوبة أن تتقبل أنهما تزوجا فعلاً .
لكنها كانت مخطئة .

فما إن خطيا عتبة الباب الأمامي للمحكمة حتى وقفت مذهولة .. لماذا لم يحذرها ستان ؟ السلم الأمامي الذي يقود إلي الشارع كان مكتظاً بالناس .. أشخاص يحملون آلات التصوير ،وميكروفونات وآلات تصوير فيديو .. لقد وصلت الصحافة .. تلاشي تفكرها في الهواء الذي امتلأ بصيحات :
_آنسة بايروت . . هل هناك حقيقة في الشائعة . . لماذا اخترتما لاس فيغاس . . أين . . شهر العسل . . أوما . . هل ستعودين إلي المسرح؟

أحاطها ستان بذراعيه دليل الأمان فنظرت إليه بغضب
فأمال رأسه إليها وقال بصوت خافت :
- لا تنظري إلي هكذا أوما . .لم اتصل بهم . . لكن بما أنهم هنا يجب أن نواجههم ..هيا . . ابتسمي !
نظر إلي المراسلين المزدحمين وابتسامة مصطنعة علي وجهه ، ولم يكن أمام أوما خيار سوي أن تفعل مثله . . وكان يساعدها علي نزول السلم وهو يكرر وكأنه اسطوانة مكسورة :
"لا تعليق .. زوجتي ستصدر تصريحاً فيما بعد".

لحسن الحظ كانت السيارة متوقفة في مكان قريب .. ومع أن المراسلين لحقوا بهما إلا أن ستان تمكن من وضعها في السيارة ، وأخذ مكانه خلف المقود دونما حاجة لقول أية كلمة للصحافيين .

جلست أوما مستقرة في مقعدها تنظر بصمت من النافذة ،ستان يقود السيارة نحو الفندق . . للحظات كان يناور السيارات الأخري بصمت . . ثم قال فجأة نافذ الصبر :
-توقفي عن لومي . . لم أتصل بهم . .
-حسن إذن . . كيف عرفوا؟
صاح:
-كيف أعرف . . اسمعي أوما . . توقفي عن الغضب والتفكير بالأمر . . كانوا سيعرفون في النهاية . . فلا فائدة من إغضاب نفسك .

ردت ساخطة :
_ كنت أتمني أن نتمكن من تجنبهم .
كانت تعرف أنها تتصرف كطفلة بإلقاء اللوم علي ستان . . لكن وجود الصحافيين صدمها . . الآن ،وهي تفكر بما حصل ، أصبح لديها فكرة واضحة عمن أعلم الصحافة . .
ولم تكن واثقة كيف عرف تود أنها قادمة لتتزوج .. لكنه كان يعرف أنها هنا.. اللعنة علي تود!
إذا كان يظن أنه قادر علي استخدام ضغط الرأي العام لإجبارها علي لا عودة إلي العمل له . . فلا شك بأنه مجنون.

نظرت إلي ستان خلسة .. بدت قسمات وجهه جانبياً جامدة عنيدة ،فعرفت أنه منزعج منها .ومن حقه أن ينزعج .عندما شاهدت كل أولئك المراسلين أحست بالذعر . .لكنه أخرجها من الموقف المزعج . . وكل ما تفعله أنها صاحت به غاضبة.

قالت بنعومة :
_آسفة ستان . . أعرف أنك ل لم تتصل بهم . . أعتقد أن تود هو من فعل هذا .لابد أنه اعتقد أنه قادر علي إجباري علي العمل إن ضغطت علي ّ الصحافة .
نظر إليها ستان ثم ابتعد بسرعة عن طريق الرئيسية إلي طريق فرعية .. أوقف اليسارة إلي جانب الطريق ،والتفت إليها وضمها بين ذراعيه.
-لا تهتمى بما جري أوما . . تود لن يتمكن من إجبارك علي العودة إلي العمل . . أنا من سيتدبر أمره .أما الصحافة . .

صمت قليلاً، واشتدت ذراعاه حولها:
-أتمني أن أعدك بعدم اضطرارك إلي مواجهتهم مرة أخري. . لكنني لا أستطيع . . لقد عملت طويلاً وهناك أناس كثر يعتمدون عليّ، ولا أستطيع التخلي عن مستقبلي السياسي الآن، وسيبقي الناس دائماً فضوليين فيما يتعلق بنا. . أنا لأنني سياسي، وأنت لأنك أوما بايروت . . لكن أستطيع أن أعدك بهذا أوما: سأحاول أن أحميك بقدر استطاعتي . . وسأسعى إلي إبعاد حياتك كمغنية عن أذهان الناس. .سنجعلهم يعرفون أنك الآن السيدة ستان اواردز، زوجتي ، وأن الماضي مات.. ولن أدع أحداً ينبش تلك الجروح القديمة حبيبتي .

فجأة لم تعد تستطيع النظر إلي عينيه ،دفنت وجهها في صدره. . لقد جعلها تحس بالأمان و الحماية،وهي لم تخبره كل شيء حتى الآن .همست بصوت مخنوق :
_ستان. .يجب أن تعرف. .
قاطعها بلطف:
_ لا أوما. . ربما في يوم ما,سنتكلم أكثر . .لكن ليس اليوم . . ليس يوم زواجنا. .اليوم هو يوم للمستقبل ،وليس للماضي ..
عند وصولهم إلي الفندق تفاجئوا بزمرة أخري من المراسلين المتعطشين للأخبار بانتظارهما في بهو الفندق .. لكن مرة أخري أخذ ستان زمام الأمور علي عاتقه، ومرر أوما بينهم دونما صعوبة . .
وكان في انتظارهما في الجناح طاولة مليئة بالمرطبات والمقبلات مع ستة دزينات من الورود الحمراء ،تقدمة من تود مانسون ،مما أكد شكوك أوما .

صفر ستان :
_هدية مؤثرة جداً!
والتفت إلي أوما الجالسة علي الصوفا:
-لا شك أنه يريدك أن تعودي إلي العمل بشكل يائس.
هزت كتفيها :
_لا بد أن قدماه مصابتان بالحكاك.
-ماذا؟
-قدماه تحكانه . .أنا وباول كنا نعلق ونضحك علي لهفته علي المال وكأنه قدميه تحكانه .. كان يسعد بمتعة صغيرة وهو مدير لنا ،هي اضطراره إلي السفر الكثير لجمع المواد لعملنا ، كان يجد الأغاني لنا بالفرنسية أو الإسبانية ،ويترجمها لنغنيها .. ومع أن هذه المواد لم تكن جديدة ،إلا أن ألحانها لم تكن مألوفة للسوق التي تتكلم الإنكليزية .. نظرياً أعتقد أنها كانت فكرة جيدة.

-من هذه الملاحظة ,أفهم أنها لم تكن ناجحة عملياً.
-معظم ما كان يأتي به كان مجرد نفايات تافهة..أغنيات لم تكن نستخدمها ،أذ كانت تبدو سخيفة بعد الترجمة .
-يدهشني استمراره في هذا إذا كنتما لا تستطيعان استخدامها .
-كما قلت :قدماه كانت تحكانه .. الرحلات كانت من مصاريف العمل، وكانت تقتطع من أرباحنا.

نقل إلى الورود ،واشتد ضغطه علي فمه قليلاً ،أخيراً قال:
-أعرف أنك لا تريدين هذا،لكن أعتقد أنه يجب أن أتكلم معه ،لأجد وسيلة لإخراجك من ذلك العقد معه؟
هزت أوما رأسها رافضة فانزعج ستان من هذا ،لكنه مع ذلك تخلي عن الموضوع
وقال:
-أعتقد أنه من الأفضل لنا تناول العشاء هنا ،لتجنب أصدقائنا في البهو،إذا أردت تغيير ملابسك فافعلي ،فأنا لدي بضع مكالمات هاتفية .. ثم نجرب هدية الصديق تود لنا ..كان من المفترض أن ألتقي بوالدي اليوم في فيكتوريا ،ولقد نسيت كل شيء ،ثم ،أريده أن يعرف ماذا يجري ،حتى يكون متحضراً حين يصله الخبر.

كانت أوما قد نسيت كل شيء عن جوليان اواردز في الأربع وعشرين ساعة الماضية . . هو لم يحبها كصديقة لستان ،فكيف ستكون ردة فعله عندما يعلم أنها الآن زوجة ابنه؟
وقفت ببطء لتدخل غرفة النوم وتغير ملابسها ..وكان ستان قد بدأ الاتصال هاتفياً .. ابتسم لها مشجعاً .. ولو أنها لا تعرف ،لكانت مستعدة للظن أنه سعيد بزواجهما المفاجئ .

في غرفة النوم خلعت سترتها وعلقتها في الخزانة ،ثم خلعت القرط الجمشتي ،وبدأت تفك السلسة الذهبية عن عنقها والتي تحمل قلادة مماثلة للقرط ،لكن المشبك كان قاسياً ،فحاولت إدارته إلي الأمام لتنظر إليه بشكل أفضل ،لسوء الحظ ،كان قد اشتبك بخيط يتدلى من بلوزتها ،ولم يتحرك ،ويجب أن تستدعي ستان لمساعدتها.

كان وقع أقدامها مكتوماً بالسجاد السميك ،هكذا دخلت غرفة الجلوس دون أن يشعر ستان بوجودها ..كان لا يزال يتحدث في الهاتف وظهره لها ،بقيت أوما قرب باب غرفة النوم ،تنتظره حتى ينهي مخابرته .

مع أنها لم تكن تنوي استراق السمع ،لم تستطع إلا أن تسمع جانباً من الحديث . . وسمعته يجاهد لوصف الثوب الذي ارتدته للزفاف .. ثم ضحك عالياً
تقريباً وقال ساخطاً:
-أمي لست أدري نوع القماش ! كان أصفراً وناعماً ..الآن ،دعيني أتحدث إلي أبي .

كان الحديث مع أبيه أقل مرحاً ،والسبب الأساسي أن ستان لم يقل شيئاً كثيراً ،وكانت هي بعيدة عنه لا يمكنها أن تسمع قول الطرف الآخر ..
فجأة انتفض ستان متوتراً وقال بخشونة :
-أنا أعي تماماً فائدة مستقبلي في اختيار المرأة "المناسبة " كزوجة لي .

ثم صمت يصغي إلي الرجل في الطرف الآخر من الحظ
ثم صاح :
-أعرف كل ما أحتاج أن اعرف عنها .. لا .. لاعتقد أن من الغريب أن تنهي عملها الفني بعد موت أخيها .. ليست أدري ما تحاول أن تلمح إليه ،لكنها قد أصبحت زوجة ابنك الآن .. لذا يجب أن تتقبلها..

اشتدت بياض أصابع اليد الممسكة بالسماعة :
-كان واضحاً .. حادث سيارة ،ولا فضيحة في هذا .. كانا قريبين جداً ..أما بالنسبة لغنائها الآن ،فقد شرحت ..

نهاية الفصل التاسع



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-12-10 الساعة 11:48 AM
lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:48 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.