شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات أحلام المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f203/)
-   -   66 - الوعد الأسمر - كوين وايلدر - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة *) (https://www.rewity.com/forum/t141335.html)

lola @ 11-12-10 08:28 AM

66 - الوعد الأسمر - كوين وايلدر - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة *)
 
66 - الوعد الاسمر . لكوين وايلدر ،


الملخص .

" ..... لم يكن يظن انه سيتذكرها اطلاقا ، ورغم ذلك تذكرها حالما شاهد هاتين العينين الرماديتين العميقتين كبحيرة من غموض ......

هل يعتذر لها عن الطريقة التى صدمها بها منذ عشر سنوات ؟ لاشك انها نسيت الامر فلماذا يثيره ؟ لكنه كان يعرف انها لم تنس ولم تغفر ....."

" رغم حفاظها على لامبالاتها شعرت جورجينا بارتون بالصدمة عندما قابلت عيناها نظرته . لم يكن هناك مجال لانكار جاذبية تاليس واند اللاعب الرياضى المشهور ، ولكنها لم تعد تلك المراهقة الحساسة التى كانت يوما ، ولن تدع سحره يؤثر فيها ثانية ....."

..... واتخذت جورجينا قرارا سريعا : لن تستطيع ان تعيش مع هذا الرجل تحت سقف واحد ، ولن تقبل ان تعبث بعواطفها ، بينما قلبه مع فتاة اخرى .... يجب ان تتخلص من تاليس واند باسرع وقت ممكن ، ولكن كيف ؟ .....


يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

lola @ 11-12-10 08:30 AM

1-خفايا لا تموت 0


****************


يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

lola @ 11-12-10 08:31 AM

تنهدت جورجينا .... فامها تصر على ان تعتبر ان نصف العالم يفصل بينهما ، وهى فى الواقع لا تبعد عنها سوى منطقة زمنية واحدة فقط . قالت بصبر ، ولو انها تكرر هذا للمرة الالف : الفرق بين وقتنا ووقتكم ساعة واحدة يا امى 0
-هيه .... اذن ماذا فعلت حتى نمت ؟ الناس الاصحاء المنظمون لا ينامون فى مثل هذه .... جورجينا .... هل انت مريضة ؟
سجل وعى جورجينا رنة الذعر فى صوت امها غير انها كبحت فى الوقت المناسب الرد بانها فى سن تسمح لها بان تختار لنفسها موعد نومها : امى ، انا لست مريضة .... انا بخير تماما .... تاخرت فى النوم فقط بسبب الاصدار الاخير 0
-اوه .... المجلة 0
كانت تقول " المجلة " دائما برنة الالم ذاتها ، رنة الاتهام ، وكانها ذلك القاطع الطريق الذى سلبها بدون شفقة او رحمة ابنتها المحبوبة 0
-امى .... ليتك لا تقلقين على . الامر سخيف ، انا فى السادسة والعشرين من عمرى 0
احست جورجينا بمزيج من السخط والحنان وهما شعوران تحس بهما كلما تحدثت الى امها ، التى ردت : بلوغك هذا السن لا ينفعك كثيرا فى وحدتك فى ذلك المنزل المخيف ، ماذا لو اصابك شئ واحتجت الى مساعدة ....
قاطعتها جورجينا تكبح انفاسها جاهدة : لدى الكلب 0
-الحماية الوحيدة الممكنة التى يقدمها هذا الكلب لك ، هى فى ان يدوس المتهجم عليه ويقع ليكسر عنقه 0
غضت جورجينا النظر عن مهاجمة امها للكلب لانها ادركت ان مخاوف امها الفارغة تتحول الان الى مخاوف محددة .... فامها دون شك تفكر فى ان التهجم بعد دقائق من الحديث سيصبح معتديا يحمل سكينا على عنقها وهى تصبح عاجزة ، ولا احد يسمعها على بعد اميال ....
-كيف حال الطقس فى " ادمونتون " امى ؟



كانت محاولة لتغيير الموضوع .... لكن امها ردت بلهجة فظة : جورجينا ، لا تصرفى اهتمامى عن الموضوع ! تعرفين شدة قلقى عليك بسبب وجودك فى ذلك المنزل المخيف وحدك وساشعر باننى افضل حالا حين تستخدمينه فقط كفندق للنوم والفطور فى الواقع ....

اغمضت جورجينا عينيها .... انها تشك فى ان الكذبة الصغيرة التى اطلقتها يوما ستلاحقها طوال ايام حياتها . والداها .... عائلتها كلها ، بمن فيهم اخويها ، عارضوا شرائها المنزل القديم ، وكان السبب الاساسى خوفهم على سلامتها لكن السبب الاهم هو انهم من التقليديين الميسورين الذين لا يوافقون ابدا على ان تعيش امرأة عزباء وحدها فى الريف 0

جورجينا تعرف من خلال تجربة طويلة ، ان عائلتها لن تتفهم الوضع ولن تتفهم الشعور الهانئ الذى يوفره لها المنزل .... ولا الحب من النظرة الاولى الذى احست به حين شاهدت شكله " الادواردى " وزخرفته الممتدة فى سقف الرواق ، او حين رات النوافذ ذات المصاريع الخشبية التى بدت لها اشبه بعيون دائخة ودود 0

وعوضا عن تكبد مشقة عمل مستحيل فى جعلهم يفهمون ، ارضت ثورتهم بكذبة متهورة ، ولكنها فى الواقع لم تكن كذبة لانها حتى تلك اللحظة ، كانت قد فكرت للحظات انها قد تحول المكان الى " نزل " . فالمنزل ضخم وممتد واسع وهو اكبر من ان يسكن فيه شخص واحد وفيما كانت يائسة منهم اقنعت نفسها بان من الممتع ادارة نزل قديم الطراز على ان يكون عملا ثانويا لها 0

لكنها لم تخدع نفسها لوقت طويل . فلقد شغفت بمنزلها الجديد ، حتى فى وضعه المزرى ، ولم تكن تحس باى قلق وهى فيه وحدها . فقد كانت تثق بجروها الجديد " البولدوغ " ، حتى ولو نظرت اليه عائلتها نظرة استهجان .... والحق انها شخصية مستقلة لذا لا تتصور نفسها فى منزلها مع غرباء لمجرد سلامة مشكوك فيها او حتى ربح مشكوك فيه اكثر ، كما اثبتت لها

حساباتها . ومع ذلك فخرافة تحويل المنزل الى نزل ظنت انها فكرة مفيدة . على امل ان تبعد عن نفسها تطفل العائلة بقصص عن تفاصيل اصلاحات غير متوقعة تمنعها ، حتى الان ، من افتتاح المشروع ، ويوما ، سيعتادون على فكرة عيشها وحدها ، وستنزوى فكرة ان تصبح جورجينا بارتون مالكة فندق من اذهانهم 0

ولكنها امنية ساذجة ، وهذا ما ادركته جورجينا .... فقد مرت سنتان ، وامها ما انفكت تزداد رغبة من رؤية نزلاء يقيمون بسعادة فى نزل ابنتها 0
-ماذا قلت امى ؟

كانت الام تتبع نسقا اسبوعيا محددا فى كلامها ، يسمح لجورجينا ان تصغى بدون اهتمام ، هذا اذا اصغت .... ولقد وصلت الام فى هذه اللحظات الى نقطة القول انها تندب فرص جورجينا فى ان تجد لنفسها زوجا ، فى منطقة ريفية قفراء من كولومبيا الريطانية ، الا ان جورجينا ادركت فجاة ، ان امها لم تكن تسرد عليها محاضرتها الاسبوعية ....

-كنت اقول : انه بحاجة الى مكان يقيم فيه فورا ....
-من هو ؟

اجابت الام وصوتها يضج بالفخر : اول نزيل عندك .... عزيزتى 0
كبحت جورجينا ذعرها : لا !

-لكن لماذا لا ؟ قلت لك منذ برهة انه لا يمانع اذا كان المنزل غير سوى تماما .... فهو ببساطة يحتاج الى مكان بعيد عن الاعين ليختبئ فيه ....
كررت جورجينا بحزم : لا .....

بل لم تنتظر لتسال اذا ما كان اول نزيل هارب من وجه العدالة ام لا .... يختبئ ؟ .... ابدت اقل اهتمام قد يشجع امها لتصل الى نقطة اللارجوع : ليس لدى غرفة جاهزة 0


-الغرفة التى اقمت فيها مع والدك فى الميلاد رائعة جورجينا ، وان كانت بسيطة ، وفى الصيف لن يشكل وضعها مشكلة ، اليس كذلك ؟

-امى .... سانهى تحضير الغرفة العليا المثلثة السقف هذا الصيف ، وعندها ساضع كل ما فيها من اثاث فى الغرفة التى استخدمتها مع ابى 0

-جورجينا .... هذه ليست مشكلة حقيقية . ضعى ذلك الاثاث المحطم فى القبو بالله عليك ...

شدت جورجينا قبضتها ثم فتحتها ثلاث مرات فى جهد لتسيطر على اعصابها .... انها فى الواقع لم تكن معجبة بالسرير المصنوع من خشب السنديان الذى يناهز عمره المئة سنة ، ولا بالخزانة المماثلة له ، التى لم تكن مخدوشة البتة خاصة وانها طلبت منذ اقل من ثلاث سنوات 0

-امى .... الامر مستحيل بكل بساطة ، فبغض النظر عن الغرف . احتاج الى فترة راحة .... كنت افكر بالسفر هذا الصيف .... وانا ....

-لكننى قلت له انه قادر على الاقامة عندك ....
فى صوتها رنة انتصار ، وكان قولها يسوى كل شئ .... فسالتها جورجينا ببرود : استميحك عذرا امى ؟

راحت الام تتملق ، وانطلقت تتحدث بسرعة : حسنا .... لكنه ليس غريبا .... فنيوتن يعرفه منذ سنوات ، واظنك تعرفينه ايضا . اجل فقد سبق ان قابلته ! اصطحبه نيوتن الى المنزل مرة فى عطلة الفصح .... فى السنة التى لعب فيها مع فريق الجامعة فى اميركا 0


lola @ 11-12-10 08:33 AM

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


lola @ 11-12-10 08:34 AM

ضحكت فسالها نيوتن بريبة : جورجينا ؟
ردت ساخرة : انا ابكى .... اعرف تماما متى اعترف بالهزيمة 0

رد برضى الرجل الواثق من نفسه : عظيم .... سيصل تاليس يوم الاثنين 0
-الاثنين ؟
-فى الواقع انه فى طريقه اليك 0
-انك واثق جدا من نفسك اخى الاكبر ؟
تشدق متفاخرا : اوه .... بل اعرف كيف اتدبر امور النساء 0
-يا الهى ! كيف تتحملك كريستى ؟

سترى اذن كيف تتدبر امور النساء .... اذا استطاعت لعب اوراقها ببراعة فستكون هى من يضحك اخيرا ، وعندها لن تتاثر بمزاح ثقيل غبى يصدر عن اخيها نيوتن او عن صديقه المتعجرف تاليس واند ...

واكملت بعذوبة : ساكون بانتظاره مع الفواتير 0
قال بقلق : جورجينا 0
-يجب ان اذهب الان .... اخبر امى اننى احس بالانفعال لاننى اتوقع وصول اول ضيف 0

اصبح فى صوته توسل : جورجينا 0
-اوه .... ماذا ايضا يا نيوتن .... ان استخدمت مرة اخرى مسالة النزل لابتزازى ، فساتصل بصحف البلاد جميعا لاخبرهم باسم صاحب القدمين الشهيرتين 0

صاح كانه يصرخ : جرجى 0
ردت تتصنع الضحك 0
-هه .... هه ..... تاليسوس 0
واقفلت السماعة بحزم 0


اعادت ترتيب الوسائد على الاريكة ، وهى للمرة الالف التى تفعل ذلك سعيا للحصول على وضعية مناسبة . كانت كمن تقنع نفسها بعدم اهتمامها البتة بحضور تاليس واند الى هنا .... تنهدت .... لقد حدد نيوتن الاثنين .... لماذا لم تمارس السيطرة على لسانها اللاذع لتعرف بالتحديد الساعة التى سيصل فيها .

انها مضطرة الان للانتظار طوال اليوم . وازدادت كراهية لهذا الامر لان عليها الا تنتظر او تترقب قدومه . انها تتصرف وكانها مبهورة بنجوميته . احست بالاشمئزاز من نفسها .... لديها شقيقان يلعبان كرة القدم ، ولقد ترعرعت وحولها غرور الرياضيين . ولطالما هزات من المعجبين بل من المولعين الى درجة الهوس بمن يستطيع التقاط كرة او ركلها الى خارج الملعب دون فعل اى شئ اخر 0

وقد علمتها خبرتها ان الرياضيين انانيون محبون لذواتهم بشكل مفرط وكان هذا رايها منذ ان بلغت الثالثة عشرة وذلك بعدما احترف اخوها الرياضة . وكان اخوها لا ينفك عن اصطحاب اصحابه الرياضيين الى منزله المؤلف من ثلاثة غرف 0

ولكنها تذكرت انها مرة ، مرة واحدة شعرت بالانفعال الشديد بشان صديق نيوتن الذى امضى عطلة الاسبوع عندهم .... وذلك الصديق كان تاليس واند . كانت تظن ، من خلال صورة انه مختلف . ظنت انها لمحت فى عينيه البنيتين سفافية عميقة من الاحاسيس ، وظنت انها رات فى استدارة شفته الثابتة العليا قدرة على الضحك .... والاهم من هذا ، الضحك على النفس وعلى المجتمع الكروى 0

الان عرفت ان هذا ما تراه النساء فيه ، نيوتن مخطئ فى عزو جاذبية تاليس الرئيسية الى تكتمه واسئثاره عن الاضواء فالسبب الحقيقى هو النظرة المطلة فى عينيه والضحكة الخفيفة المكشوفة للاخطار .... ولكنها تعرف ان هذا غير حقيقى لانها تلقت صدمة كبيرة عندما اظهر لها تعاليا كبيرا وانانية مفرطة هى ميزة الرياضيين عادة 0

رات كل شئ بمنظار عقلها فجاة . كان نيوتن وتاليس فى غرفة الجلوس ، يشاهدان مبارة كرة قدم يبثها التليفزيون فى ذلك الحين انتظرت بصبر الفرصة المناسبة لمفاتحته بالحديث . وكانت لها هذه الفرصة فاقتربت بقلب واجف وبراحتين تتضحان عرقا باردا وطرحت السؤال : سيد واند .... تاليس .... هل استطيع ان اجرى مقابلة لصحيفة المدرسة ؟

لم تكن تتوقع اطلاقا الرفض . تصورت نفسها تجلس على الطاولة المقابلة متوثبة متهيئة لطرح اسئلة ذكية تؤثر فيه الى ابعد مدى .... تصورت عيناه تبرقان بالاعجاب والدهشة وتصورت الضحكة ستعلو شفتيه حين يرى سرعة بديهتها بل تصورت تلك اليد السمراء القوية ، تمتد من فوق الطاولة لتبعد خصلة من شعرها عن وجهها الجميل الوضاء 0

وعوضا عن هذا كله رفع بصره اليها بلا اهتمام ، وقال بصراحة ، انه لا يجرى مقابلات صحفية مع احد .... ثم عاد لينظر الى المباراة .... واكملت ذلها بان اجهشت باكية وهرعت الى خارج الغرفة ولاذت فى غرفتها حتى انتهت مدة اقامته هناك 0

على اى حال جرت مقابلتها القصيرة التى لم تتعد ثلاث دقائق منذ زمن بعيد .... ولكنها تعرف ، اكثر من اى شخص اخر ، انه بالرغم من عينيه المؤثرتين فى النفس والواعدتين بالدفء وبالمرح مجرد رياضى اخر مفعم بالغرور بالنفس 0

اذن ، لماذا تشعر بهذا الشعور الان ؟ لماذا لا تشعر بانها مختلفة كثيرا عما كانت عليه وهى فتاة خرقاء فى السادسة عشرة ؟ اما زالت ترعى ، وفى اعماقها اللاواعى الرغبة الساذجة الطفولية ، فى ان يدخل تاليس واند من الباب ليقع بجنون وياس فى حبها ؟

نفضت غبارا عن السروال الازرق الحريرى الذى اشترته قبل يومين وكان السروال مع السترة بسيطين ولكنهما مناسبان لناشرة ناجحة لم تترك النجاح يسيطر على عقلها ، كما يحدث للرياضيين الناجحين ....

قالت لنفسها : دافعى الوحيد هو الانتقام 0
سيقول لها : انسة بارتون .... كدت لا اعرفك !

ثم سيطلق دعوة لها لتنضم الى عشاء رومانسى يكونان فيه على انفراد فى مطعم المدينة . ولكنها سترفع حاجبها باستغراب وتبتسم بلطف قبل ان تقول بلطف فائق : انا اسفة .... فلا اخرج مع رياضيين 0

ثم ستعود للنظر الى التليفزيون ، بتصرف بارد 0
تمتمت ساخطة : اللعنة .... ليس لدى تلفزيون !
سمعت صوتا فى الخارج لا خطا فيه . انه صوت باب سيارة 0

*****

lola @ 11-12-10 08:37 AM

2- لم تتغيري ابدا 0


***********************

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

lola @ 11-12-10 08:41 AM

رغم حفاظها على لا اكتراثها شعرت بصدمة عميقة عندما قابلت عيناها نظراته الواعدة بخبث . اخفضت نظرها عنه بسرعة ، وقد اربكتها الحركة الثائرة فى نفسها . حسنا جدا ليس هناك مجال لانكار جاذبيته الفائقة . ولكنها بكل تاكيد وهى فى السادسة والعشرين من العمر تملك سيطرة تفوق تلك التى كانت تملكها قبل عشر سنوات ! دعم ارتباكها قرارها بالتخلص منه باسرع وقت ممكن .

فسالته بصوت عملى : كم من الوقت ستقيم هنا ؟
هز كتفيه : لماذا ى ننتظر ونرى كيف ستسير الامور ؟
-لاباس 0

كانت تعرف مسبقا كيف ستجرى الامور .... فهو سيرحل بعد اسبوع ، وستتمكن من تنفيذ خططها للصيف ...

قادته الى المنزل .... وما ادهشها انه وضع الحقائب من يده ، ليتلمس باعجاب الحفر اليدوى الرائع المحفور على الباب الخشبى .
وتمتم باعجاب : خشب رائع ....انه من الماهوغونى .... لا يمكن للمرء رؤية الكثير مثله هذه الايام .... ليس مثله .... ولديك قطع اثرية رائعة هنا كذلك 0

-شكرا لك 0
شاهدت مرة اخرى الاعجاب الدافئ فى عينيه ، واستطاعت ملاحظة دهشته ، الصبيانية تقريبا ، وهو يتامل الحفر اليدوى على الطاولات . ووجدت نفسها تقول : احاول ان اجمع قطعا اثرية اميركية قديمة ... اثاث بسيط ، قوى البنية للمستكشفين الاوائل ... لا اصبر على ما هو هش سريع العطب ، ولكننى لا اعتبر نفسى هاوية جمع التحف . اننى اهتم بروح المنزل وانوى الحفاظ عليها 0

احست فجاة بالغباء لانها تشاركه سرها .... فقد يرى فى قولها اعتذار عن بعض القطع الحديثة التى تملكها ، وهذا بالتاكيد غير صحيح .... او قد يراها مخبولة غريبة الاطوار ... روح المنزل ... حقا !



ولكنه نظر الى ما حوله فى غرفة الجلوس وهز راسه بوقار : اظنك قمت بعمل رائع ... هذا القسم يشع بشئ ما من روح المستكشفين الاوائل ... البساطة ، والدفء ، والقوة 0

نسيت ان فى مقدمة اولوياتها التخلص منه وفى اسرع وقت ... لانها وهبته بشكل لا ارادى ابتسامة حقيقية ردا على تقديره للاهداف التى حاولت جاهدة تحقيقها فى المنزل 0

سالها وكانه لا يصدق عندما تركز بصره على خزانة من خشب الارز: ما هذا ؟
تبعت نظرته نظراتها ، ثم ابتسمت لذنب متارجح داخل الخزانة : انه كلبى .... وهو يخاف الناس قليلا ....

نادت الكلب بلطف " سنوكل " فاختفى الذنب ، ثم عاد الى البروز من جديد . بعد ذلك راقبت عينان سوداوان خائفتان تاليس وجورجينا 0
سالها تاليس : وكيف دخل الى هناك ؟

-انه عبقرى عندما يريد . وهذا امر غير دائم عادة 0
وضحكت ، عند سماع رنين ضحكتها ، انفتح باب الخزانة اكثر ليكشف عن بشاعة وجه " سنوكل " البولدوغ ....

فقال تاليس : يالهى ! ان من يحمل وجها كهذا غريب عليه ان يخاف الناس انه يشبه الوحش ....

خسر تاليس كل تقدير اكتسبه حين ابدى اعجابه بالمنزل والاثاث . لا شك ان ملاحظته التى تتعلق بالمنزل كانت من قبيل اللياقة لانه اعتاد اثناء حضور حفلات الكوكتيل ان يبدى استحسانه بشان ديكور منزل مضيفيه . ولابد انه زير نساء ميؤوس منه يعرف بالبديهة كيف يشق الطريق الدافئة الى عواطف ضحاياه ! هه ! حسنا .... قد يكون قادرا على لعب دوره مع الشقراوات الباردات اللواتى يحببن لاعبى كرة القدم ولكنه واجه اشياء مختلفة كل الاختلاف هنا !

ردت بحدة ، ودفاع بارزين : سنوكل كلب ممتاز وهو مرح ولكن من يعطى احكاما بناء على الظاهر يفته مثل هذا الواقع .... كما يفته اشياء اهم فى الحياة 0

رد بخشونة : سامحينى ....
-هل ارشدك الى غرفتك ؟
-تفضلى 0

توقفت امام الدرج ، تسال : هل سيشكل الدرج عائقا لك ؟
تجهم وجهه : انا واثق من اننى ساتدبر امرى 0
-هناك غرفة فى الاسفل هنا يمكننا ....
-قلت اننى ساتدبر امرى 0

ارتدت جورجينا عنه ، تدير عينيها بنفاذ صبر . كلما خرج تاليس واند من منزلها فى مدة اسرع ، كلما كانت حياتها افضل .... من يحتاج الى احمق مفرط الحساسية مغرور هنا ؟

لكن ، للمرة الثانية تمكن اعجابه بالمنزل من فتنتها ... اهى فتنته ؟ ام انه يحب التحف الاثرية ؟

شاهدته يقف فى فسحة الدرج قبل ان يتحول الى الدرجات بحدة . عندما نظر الى خارج النافذة شاهدت كتفيه العريضتين ترتفعان ثم تهبطان . اهذه تنهيدة رضى ، كتلك التى تنهدتها حينما وقفت للمرة الاولى هنا ؟ كانت قد نظرت الى الخارج الى ما فوق رؤوس الاشجار فرات عن بعد البحيرة تلمع تحت اشعة الشمس فى الوادى البعيد ، واحست احساسا رائعا بانها فى منزلها وبلادها ....

-هل هناك غرفة تطل على هذا المنظر ؟
-اجل .... غرفتى ....
-اهناك فرصة للمبادلة ؟

اجال ببصره فى ردهة الدرج ثانية ثم اعتلت وجهه ابتسامة صغيرة خبيثة . تلاشى لبرهة الالم والتوتر عن وجهه ، واصبح من اليسير رؤية ما جعل تاليس واند محبوبا من قبل النساء وحلما لهن 0

-لدينا ردهة مماثلة فى المنزل الذى ترعرعت فيه . لا احد يعرف كيف تبنى ردهات سلالم كهذه .... اليس كذلك ؟ السلالم الان ضيقة حادة الارتفاع يستخدمون الفسحات فيها باقتصاد للوصول الى الطابق الاخير ، ولكن من دون فعل شئ لتكون رحلتك ممتعة 0


حدقت جورجينا اليه . انها فى هذا المنزل منذ سنتين ... وقد زاره والداها واخواها وزوجتاهما واولادهم . كما قضى عدة اصدقاء عطلة نهاية الاسبوع هنا ... ولكن لم يبد اى منهم ذرة اعجاب بمنزلها . كان يعتقد الجميع انها مجنونة لانها اشترته وعاشت فيه . ما من احد ابدى اعجابه بالخشب الماهوغونى او بالافاريز المحفورة ، وما مرر احدهم اصابعه بخفة على الخشب المصقول او توقف فى هذه الفسحة متنهدا برضى 0

رفع نظره فجاة فضبطها تحدق اليه . استدارت بسرعة وتابعت ارتقاء السلالم وهى تقول ببرود ان من الخطر الشديد ان تشعر بان بينها وبين تاليس واند شيئا مشتركا ... انها تحس بهذا نحوه والدافع الوحيد هو عزلتها عن الناس ، ولقد مضى وقت طويل منذ تحدثت فيه الى من يحب المنازل القديمة كما تحبها هى 0

حسنا ... لا ... هذا غير صحيح تماما ... فجمعية اصدقاء التاريخ يلتقون بها مرتين فى الشهر ، وهم يحبون منزلها ... ولكن الامر مختلف كل الاختلاف عن ابداء نساء تتجاوز اعمارهن الثانية والسبعين الاعجاب به 0

وهنا يكمن الخطر ... انه مخلوق جذاب وهذه نظرة يجب ان تتذكرها وتتذكر انها تشاركها مع الاف النساء ... وان تتذكر ان عنده الافا من المعجبات منهن عارضات ازياء ونجمات السينما ... فلماذا يهتم بفتاة غريبة الاطوار قليلا ، مستقلة تماما ، ليست سوى ناشرة مجلة لبعض الوقت ، فتاة فضلت العيش بعيدا عن الحياة العصرية التى اختارها لنفسه ، فتاة لا تحب كرة القدم كذلك ؟

اجل ... الخطر يكمن عندما يباشر تاليس باغوائها ، خاصة وهى تبدو منجذبة اليه بشكل صاعق . وهذا يطابق تماما ما كانت تشعر به تجاهه وهى فى السادسة عشرة 0

تنهدت ... هل النساء جميعهن حمقاوات مثلها ؟ ولكن كيف تشعر بهذا الانجذاب وهى امرأة تمقت النساء اللواتى يقعن فى حب الوجه الوسيم والجسد الرائع كما تمقت المتحلقات حول حول اصحاب الشهرة . اضافة الى ذلك ، تعرف من خلال الخبرة ان جميع الرياضيين مغرورون . انهم يطلبون الكثير فى المقابل . ولكنها منطقيا تعرف ان لا شئ اطلاقا مشترك بينها وبين تاليس واند ، ومع ذلك تجد نفسها تخطط استراتيجيا لئلا تقع فى حبه ، بينما هى فى الواقع تشك فى ان هذا جاء متاخرا 0

-علام كان هذا ؟
انتفضت وحدقت اليه عن غير وعى وكانه مجرم : ماذا ؟

-تلك التنهيدة القوية 0
-وهل تنهدت ؟

هز راسه بثبات ....
فقالت : لا شك انها تثاؤب ليس الا 0

وتثاءبت ثانية ، لتظهر له عدم تاثرها بصحبته ، ثم اشارت الى باب غرفته : هذه لك ، ارجو ان تجد فيها كل ما يرضيك 0



ان تقدم الانسان فى العمر لا يعنى ابدا ان المرء قد يزداد حكمة وتعقلا . والعيش مع تاليس واند قد يؤدى الى تحطيم قلبها هذا ان لم تنتبه لنفسها . لذا عليها ان تظل بعيدة عنه والافضل ان تلتزم خطتها الاولى بالتخلص منه فى اقرب فرصة واسرع وقت 0

احنت راسها تحييه من باب اللياقة ، واسرعت تتركه 0
-جورجينا ؟

استدارت تنظر اليه : نعم ؟
-ما معناه ؟

-ماذا ؟
-اسم جورجينا ؟

ارادت ان تركض عبر الممر لتضربه بقبضاتها ... سيكون من العسير عليها ان تبقى غير مكترثة به . لم يكن السؤال يحمل شيئا خاصا يغضبها ، ولكن شيئا ما فى عينيه كان يحمل تساؤلا خاصا 0

نظرت اليه بريبة وفكرت فى ان عليه الا يدس انفه الطويل فى حياتها الخاصة لمجرد وجوده معها فى منزل واحد . ابتسمت ابتسامة جافة : اسفة ... فهذه معلومات اعتبرها فى غاية السرية 0


-لكننى ساعرف 0
ان بقيت هنا مدة طويلة فقد تعرف ....

ارتدت عنه ثانية ، ثم ورغم قرارها بالا تشجعه على رفع الكلفة ، قالت : وماذا يعنى اسم تاليس ؟

رد بتشدق : سيدتى . اظنه اسما يونانيا 0
علت فمها بسمة على مضض : سيقدم العشاء فى السابعة والطعام سيكون ديكا روميا مع توابل 0

-انه طعامى المفضل 0
تمتمت لنفسها : سنرى 0

لكنها بطريقة ما ، لم تكن راضية عن اللعبة التى كانت موشكة على الانخراط فيها ، كما خططت ان تفعل 0

دخل تاليس الى الغرفة التى اشارت اليها ، ووضع حقائبه واغلق الباب وراءه ... ثم استلقى فوق السرير ، يدلك عن غير وعى ساقه . لقد اعجبته الغرفة لانه يستطيع عبر نافذتها النظر الى الخارج مع ان المنظر لم يكن جميلا كالمنظر الذى راه حين نظر من ردهة السلم . شاهد الان قطيعا من الماشية السوداء والبيضاء يرعى عند جانب التل الاخضر ، كان المنظر بالنسبة له مهدئا لاعصابه ، واحس فى اعماقه بالشوق الى الهدوء والصمت . توقف عن تدليك ساقه ، ووضع ذراعيه خلف راسه مستلقيا الى الخلف ناظرا الى السقف ....


lola @ 11-12-10 08:42 AM

اجل ... لديه احساس بان هذا المكان هو ما يحتاجه . فهنا لن يزعجه احد وعليه سيكون هذا المكان الانسب للعمل 0لاحظ الافريز المحفور بازها " التوليب " حول اعلى الجدران ، واخذ يدرسها باهتمام . كان مستعدا للمراهنة على انها من صنع يدوى ... وفكر ... ان لها طريقة خاصة فى انتقاء الاشياء ... طريقة تعجبه ... ان ذوقها يعكس بطريقة مخيفة ذوقه هو فى الاشياء 0

عبس قليلا ... جورجينا بارتون ... لم يكن يظن انه سيتذكرها اطلاقا ، مع ذلك تذكرها . ما ان شاهد العينين الرماديتين الواسعتين حتى تذكرها ... تانك العينان الذابلتان المغريتان الغامزتان الضاحكتان الباكيتان ، الحاملتان الكون كله فى اعماقهما . كان هذا ما عناه حين قال انها لم تتغير كثيرا : لقد قصد ان عينيها ما زالتا كما كانتا ، بحيرتين رائعتين من الغموض ، تذكرهما ما ان القى نظرة قصيرة اليهما . تلك النظرة التى صدمته صدمة فائقة جعلته يشيح نظره عنهما الى التليفزيون ... لانه خاف بطريقة ما ان يضيع وان يقع فى الاسر ....

ازداد عبوس تاليس عمقا . ايجب ان يقول لها انه اسف لانه رفض اجراء مقابلة معها منذ تلك السنوات الطويلة ؟ صحيح ان رده لن يختلف ، ولكن طريقة قوله لها قد تكون مصقولة اكثر . لقد صدم يومذاك حينما هرعت من الغرفة راكضة ، باكية . لقد ظن انها اكبر سنا واكثر حكمة مما كانت . واليوم قالت له انه كان فى وجهها نمش وبثور وقوائم اسنان ، ولكنه لا يتذكر كل هذا ... وحدهما عيناها اللتان اغرورقتا بالدموع يذكرهما 0

كان نيوتن قد صرف النظر عما حدث بتلويح من يده متمتما : تتصرف جورجينا على هذا النحو احيانا 0

بدا له فى لحظة انه يعرف حياتها كلها ويفهمها ، يفهم حساسيتها المفرطة لوجودها بين نجوم مشهورين كما يفهم كيف ان مواهبها الخاصة لا يسمح لها بالظهور . انها الصغيرة ، والاخيرة بعد اخوين عظيمين مشهورين . ولقد راهن يومذاك ان هذا يؤلمها كما راهن الا يتفوه بكلمة عما فهمه 0



كان قد صعد الى غرفتها فيما بعد ، وقرع الباب برقة . اراد ان يشرح لها سبب رفضه ولكنها لم ترد ... وعندما عادت الذكرى اليه استطاع ان يعرف الى اى حد كان تصرفه صبيانيا . فى الحادية والعشرين لم يكن يفهم كل الاجوبة ولا يملكها . ولانه فجاة وجد نفسه حائرا فى ما سيقوله لها ولانه خشى ان يسئ اخواها الظن ان وجداه فى غرفتها . لم يكرر الطرق على الباب ومنذ ذاك الحين لم يفكر فى الامر ولا فيها ، حتى عاد الى مشاهدتها ثانية منذ ساعة 0

ايذكر لها هذا ام لا ؟ لا شك انها نسيت الامر ، على اى حال ... فلماذا يثيره ؟ ولكن ، بطريقة ما ، كان يعرف انها تنس 0

ايمكن لحادثة جرت منذ عشر سنوات ان تفسر مزاجها الغريب الذى بدا واضحا الان ؟ ففى لحظة كانت تبدو دافئة متحمسة ، متشوقة وفى الثانية ، متباعدة قلقة ، مدافعة 0

ابتسم لنفسه فهى لا تزال حساسة ... يا الهى ... كانت ردة فعلها حين سخر من كلبها ردة من هوجم جسديا . ولكن لاباس بردة الفعل تلك فهو يحب الحساسية التى تبدو له ميزة مفقودة فى عالمه للاسف ... ولقد سئم ان يصر على اسنانه امام قسوة وعناد وفراغ رؤوس المزيفين فى دائرته 0

ضحك ، ونظر الى ساقه ... يبدو انه لن يبتعد عن المتطفلين ورجال الصحافة وقتا طويلا اذ لن يتحمل مثل هذا الهروب ومن اجل هذا ليس لديه الوقت الكافى ليحلل شخصية جورجينا ، مهما كانت تثير اهتمامه 0

فتح احدى حقائبه على مضض ، واخرج صورة موضوعة فى اطار ، ونظر اليها مطولا ... ثم همس اخيرا بصوت ممزق : اللعنة مارلين ... اظنك طلبت منى الكثير !
وضع الصورة الى جانب السرير ، وتنهد ... فمعدات التمرين ستصل غدا 0


*****

انتهى الفصل الثانى 0


lola @ 11-12-10 08:45 AM

3- عندما تقتل الابتسامة 0**********************************

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

lola @ 11-12-10 08:59 AM

فكرت مرة اخرى بجهد كيف لها ان تبتعد عن الامور الشخصية ، وفاجاها السؤال التالى الذى انطلق من ثغرها 0

-لماذا لم تتزوج تاليس ؟
-صدمتنى ... لم يسالنى احد هذا السؤال 0

-لا اصدق 0
-ولماذا اهتمامك ؟ يا الهى تبدين وانت تطرحين هذا السؤال كامى 0

ردت ساخرة : وكامى ايضا . السبب اننى اتصورك بسهولة تحمل طفلا بين يديك تهدهده .....

ها هى تخوض فى امور شخصية بحتة . شعرت بالندم الحقيقى لانها تطرقت الى هذا الموضوع 0

-جورجينا .... ! امامى صورة عامة يجب ان احميها 0

ورغم خفة رده ، استطاعت رؤية الاسى يغشى عينيه فكان ان اردفت : هاه ! انت لم تفعل ما يوحى الى تلك الصورة 0

-يصدق معظم الناس اننى شاب عابث .... فلماذا لا تصدقين انت ، جورجينا ؟

-لانك عندها ستحتاج الى قوة الاسد ، واندفاع الفيل ، ورشاقة ماعز الجبل ، لتعطى المصداقية الى نصف ما تنسبه الصحافة لك 0



ترددت قليلا ، وغادرت الخفة صوتها حين اكملت : ربما صدقت هذا يوما ... لكننى لا اصدقه الان واراهن ان جميع من يتكلم معك ولو لخمس دقائق لا يصدق الكثير من الاقاويل الدائرة حولك 0

اطبقت يد قوية على يدها تضغط عليها بتودد : شكرا لك جورجينا ... فمنذ زمن بعيد لم اسمع كلاما لطيفا كهذا 0

سحب يده ، فاحست بالوحشة لان يده عندما ضمت يدها كانت فى مكانها المناسب 0

ثم فجاة اشتعل ضوء انذار احمر صغير فى راسها ... خطر ! انه قطعا ساحر موهوب حتى وان كان غير عابث ... انهضى واغسلى الصحون ، لكنها نظرت حولها ، فالعشاء الجاهز لا يترك صحونا كثيرة .

سالت يائسة : اتريد قهوة تحملها الى غرفتك ؟
-هل سئمت من صحبتى ؟

مد شفته السفلى متظاهرا بالحرد ، فصاحت : طبعا لا ! لكننى واثقة ان لديك اشياء اهم من تسليتى 0

سال بفرح مبالغ فيه : وهل كنت اسليك ؟ فى الواقع ليس هناك ما هو امتع من تسلية سيدة جميلة ... لكن ، فى الغد ....

استدارت حينما سمعت رنة القلق الغريبة فى صوته . اكمل : .... حسنا غدا سيكون الامر مختلفا 0

مع ان التغيير الذى طرا على صوته اقلقها ، قاومت ليبدو صوتها صبيعيا : لماذا ؟

-ستنتهى عطلتى ... فغدا تصل معدات التمرين 0
-اوه 0

كان هذا كل ما استطاعت التفوه به مع انها فى الواقع كانت تتحرق شوقا لمعرفة سبب الحزن الدفين المتعلق بوصول معداته ، وتمنت لو تتوسل اليه لئلا يفعل ما يمكن ان يبعده عنها او بغيره عن الشخص الذى راته الليلة 0

ارادت ان تساله ما اهمية هذا ، ولكنها كانت تعرف .... السبب هو كرة القدم ... تنهدت ... لعبة كرة القدم سلبتها دون رحمة او شفقة من العاطفة والاهتمام طوال حياتها ... فلماذا تستغرب ان سلبتها المزيد ؟ خاصة تاليس واند الذى التزامه بكرة القدم التزام مطلق ، وهذا ما يجب الا تنساه ابدا 0

سمعته يقول لها ردا على حديثهما السابق : اتعلمين ... انا ارغب فى ان اتزوج . ولكننى وجدت ان من عدم الانصاف الحاق زوجة بكرة القدم . فانا متزوج من مهنتى ستة اشهر من كل سنة ... وهذا يسلبنى طاقتى كلها . ومن غير المنصف الا اجد ما اهبه لزوجة او اولاد . انا فى الواقع احب الاولاد ، لكننى لا اريد ان اصبح شخصية مزدوجة بالنسبة لهم . ستة اشهر " الاب الرائع " وفى الستة القادمة الاب البعيد عنهم ، وحينما لا ابتعد اكن متعبا ومتالما ، الى درجة العجز عن اللعب معهم وفى الوقت ذاته سيهتم زملاؤهم بصورة ابيهم اكثر منهم 0

هز راسه : لا ... اب يحظى بشهرة فى الخارج لن يكون مشهورا بين افراد عائلته 0

رفضت ان تستدير عن المغسلة لتنظر اليه ، فقد عرفت ان لونها قد شحب ... ايفعل هذا متعمدا ؟ ايحاول التلاعب ليجبرها على البوح بسرها كما وعد ؟ ان زاد الان على كلامه وجود اخوين حذوا حذو ذلك الاب الذى وصفه ، فستستدير لتقذفه بابريق القهوة ! لكنه لم يزد على كلامه شيئا ، فخاطرت باستراق النظر اليه ... هل هو فعلا غارق فى افكاره المتعلقة بالعائلة ؟

سمعته يقول : انت تتنهدين كثيرا 0
-حقا ؟

-اما هذا او انه الكلب تحت الطاولة 0
-الكلب فى الخزانة فى الخارج 0

هز راسه بوقار ... فعلمت ان حساسيتها تجاه الكلام عن سنوكل اصبحت واضحة له ... مع ذلك لم يستطع منع شفتيه من الالتواء 0

-متى يخرج الكلب من الخزانة ؟

-ربما حين ترحل انت . هكذا كان الامر حين كان والدى هنا ، واخواى ايضا . انه يتصرف بهذه الطريقة مع الرجال فقط . يظن البيطرى انه تعرض للتعذيب 0

اعتمت نظرة غضب وجه تاليس : وما نوع الانسان الذى يفعل هذا بحيوان عاجز ؟



وضعت كوب قهوة امامه ، ونظرت اليه بامعان : وما نوع من يفعل هذا بنفسه ؟
-ماذا تعنين ؟

-لماذا تحاول العودة الى كرة القدم تاليس ؟ انت فى الواحدة والثلاثين من عمرك . لقد انتهى الامر . انت تعذب نفسك .... وتعرف انك ستصاب باذى مضاعف وبذلك لن تعود كما كنت قبل الاصابة .... قلت ان الكرة تاخذ منك نصف وقتك فى كل عام ، فهل تريد وهبها ما تبقى من ايامك ؟ اتريد ان تظل متالما الما مبرحا طوال حياتك ؟ هذا ما لا افهمه ... انا لا اقول ان لارى ونيوتن راجحا العقل كل الرجاحة ولكنهما على الاقل عرفا متى يتوقفان .... سيتقاعد نيوتن الاصغر منك سنا فى نهاية هذا الموسم ... ولارى غدا مدربا مذن سنوات 0

صاح بها امرا : لا تقولى هذا ... يقول الجميع اننى لن العب ثانية . الاطباء والصحافيون ولكنهم لا يفهمون ... وانت لا تفهمين ايضا ... يجب على ان العب !

وقف على حين غرة ، ناسيا قهوته التى يتصاعد البخار منها ، وابتعد وهو يعرج 0

حدقت اليه بحزن وعرفت بالبديهة انها لن ترى تاليس واند مرة اخرى كما كان الليلة وربما لزمن طويل طويل ... فقد بدا كفاحه وحيدا . انه ملك للعبة ... قلبا وقالبا ، فكرا ، وروحا ... وهى ... يجب الا تهتم بهذا القدر .... لكنها تهتم !


*****

انتهى الفصل الثالث


الساعة الآن 06:39 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.