د. نبيل فاروق: أدهم صبرى توفى منذ عامين

[MooNy87]

نبيل فاروق : أدهم صبرى توفى منذ عامين


أجرى الحوار : محمد فتحى

بتاريخ 30 أغسطس 2016

* عملية جاسوسية شاركت فيها أدخلتني عالم المخابرات.. وأصبحت على اتصال برجال الجهاز بسبب مجلة "الشباب"
* كتبت "رجل المستحيل" عندما شعرت باليأس
* هددوني بالقتل وكفّروني بسبب تنبؤاتي في ملف المستقبل
* ملف المستقبل لمصر يقول: إنها ستكون مختلفة بعد 5 سنوات.. وهي تحتاج لشعب المستحيل

أكد المنتج هانى أسامة أنه حصل على حقوق روايات رجل المستحيل والعميل السرى ورجل المخابرات أدهم صبرى، من أجل تقديمهما سواء سنيمائيا أو تليفزيونيا، مؤكدا أن العديد من الأعمال الأدبية العربية لا تزال غير مستغلة حتى هذه اللحظة، فى الوقت الذى تمتلك فيه هذه الأعمال احتمالات نجاح ضخمة عند اقتباسها سينمائياً وتليفزيونياً ، وسلسلة روايات رجل المستحيل من تأليف الكاتب نبيل فاروق، وهى إحدى أشهر سلاسل روايات الجيب التى لاقت نجاحاً فى مصر خصوصاً وفى العالم العربى، وقد صدر منها 160 عدداً فى الفترة من 1984 وحتى 2009 ، واستطاع د. نبيل فاروق أن يجعلنا نتفاعل مع بطولات رجل المخابرات أدهم صبري.. ولذلك خصنا د. نبيل فاروق من داخل صومعته الخاصة بفتح صندوق ذكرياته مع رجل المستحيل والمخابرات في هذا الحوار..

* ما بين البداية والنهاية قصة نجاح لأشهر روايات الجيب رجل المستحيل وملف المستقبل.. فكيف كانت تلك البداية؟
كانت لدي ميول للتأليف منذ أن كنت طالبا، وكنت أرسل ما أقوم بتأليفه لدور النشر والجرائد، ولكن الكتاب الجدد والذين لا يملكون اسما مشهورا لم يكن أحد يسأل فيهم، وعندما كنت في البكالوريوس قررت أن أنزل بنفسي وأذهب لدور النشر، وكانت بالنسبة لي مغامرة أن أقوم بذلك في القاهرة، فلم أكن أخرج من طنطا من قبل، والمغامرة باءت بالفشل، فكل شخص أذهب إليه يرفض الفكرة دون أن يقرأها، حيث إني كنت قادما بشخصية جديدة في سوق الروايات، والفكرة التي كانت مسيطرة على الجميع في هذا التوقيت "المغامرون الخمسة والشياطين الـ13"، فكانت فكرة الفريق هي المسيطرة، فكانت فكرتي ترفض إلي أن وجدت، مسابقة في احدي المجلات اشتريت منها عددا واحدا فقط وكأنه كان النصيب، وكانوا يريدون كاتب خيال علمي، فبدأت في ملف المستقبل، ثم عرضت رجل المستحيل، وكنت قد استقلت من الطب قبلها، وبدأت الحدوتة.

* ولماذا تركت الطب بعد كل هذه السنوات الدراسية؟
الفكرة التي كانت مسيطرة عليّ أن السنوات الماضية لن أرجعها، ولذلك يجب أن أخاف على المستقبل وأرمي ما فات وراء ظهري، فبالنسبة لي لا يوجد شىء اسمه خسارة سنوات، حتى أن كل درجة سلم نصعدها تعتبر جزءا من المستقبل، فقد تكون دراستي العلمية هي التي جعلتني اكتب، بجانب عملي في الصعيد الذي أفادني، فلم يكن لدي مشكلة في أن أترك الطب بعد كل سنوات الدراسة لأني كان أمامي مستقبل أتطلع إليه، فاستقلت من الطب لأني لم أحتمل العمل فيه، وكنت أفكر هل أعمل في عيادات خاصة أم أترك المجال كله، فقررت أن أتركه نهائيا، ثم جاء موضوع الكتابة واحترفتها، وربنا وفقني وكانت خطوة انتحارية ناجحة.

* وكيف جاءتك فكرة رجل المستحيل؟
كان من الممكن أن أقوم بتأليف تلك الروايات، فما حدث أني في طنطا تعرفت على اثنين أجانب لكي أتعلم لغة إنجليزية، ثم عرفت أنهم جواسيس، وجهات أمنية طلبت مني التعاون معهم لكي يلقوا القبض عليهم، وقمت بالمهمة، فدخلت هذا العالم المخابراتي دون قصد، وانبهرت من الشخصيات التي تعمل فيه، وقلت بما أننا لدينا تلك الشخصيات فلماذا نشاهد وننبهر بالأجانب وجيمس بوند وغيره، فأرسلت للكاتب محمود سالم مؤلف "المغامرون الخمسة" لكي يفكر ويكتب في هذا الموضوع، وعرضت الأمر على أكثر من شخص، فعندما شعرت باليأس من أن أحدا لم يقدم تلك الشخصيات المصرية في عمل فقررت أن أفعلها أنا، ومن هاجموني في ذلك الوقت كانوا يرون أنها شخصية فردية ولن تنجح في مصر، وهناك ناشر راهنني منذ 20 سنة على أنها ستفشل، ووصل الأمر إلي أن الرواية توزع 100 ألف نسخة، فأنا من أعداء النمط ولا أحب أن أمشي على النمط والناس نفسها في حاجة إلي كسر النمط وعندما قدمت تلك الشخصية كان مغامرة مني ومن الناشر وقلت له إنها ستكون من أعلى الكتب مبيعا.

* ولماذا كتبت نهاية تلك السلاسل الروائية الشبابية؟
لأنك عندما تحب شيئا فتتمنى أن يظل الناس يحبونه طوال عمره، ولذلك كنت لازم أبحث عن أكثر أوقات نجاحها وأوقفها فيظل القراء يتساءلون لماذا توقفت، فلو كنت انتظرت أكثر من ذلك كان من الممكن أن يحدث العكس ويسألون لماذا استمرت، فعندما وصلت إلي حد معين من النجاح ووصلت لأعلى المبيعات لها قررت أوقفها وهي ناجحة لكي تظل في الأذهان دائما ناجحة، وقررت هذا القرار بالرغم من أنه أثر عليّ ماديا، ولكن الرزق بيد الله.

* ومن وجهة نظرك لماذا اختفت كتابة الروايات الشبابية؟
لا أعلم ولكن أصبح هناك هوجة الكتابة بالعامية وأنا أرفضها تماما، فلو كتبنا بالعامية الآن سنجد أنفسنا نحتاج لأحد دارسي اللغة لكي يقرأ المصحف، لأننا نبعد عن الفصحى تماما وغيرنا لن يفهمنا، فكان فيه لغة مشتركة وهي الفصحى، فممكن نستخدم العامية في حياتنا ولكن الأدب لا، بجانب نظام استخدام المصطلحات الإنجليزية التي يأخذونها وجاهة اجتماعية.

* هل ستظل شخصية أدهم صبري لغزا مجهولا دون أن نعلمه؟
الشخصية بشكل عام استوحيتها من الشخصيات التي قابلتها في المخابرات، ولكن كان هناك شخصية رئيسية تأثرت بها من الأساس، وهو شخص رائع في الحقيقة، وكل ما أستطيع أن أقوله عنه إنه توفى منذ عامين.


* ألم يفكر أو يطلب الظهور طيلة هذه السنوات؟
جهاز المخابرات أعظم عمل وطني في مصر، لأنهم شخصيات تكافح وتناضل وتحارب وتموت وهي واثقة أن أحدا لن يعلم عنهم شيئا، فهذه هي ذروة التفاني في الوطنية، بجانب أن المخابرات لا تتبع أي نظام فهي تتبع وطن وتحمي هذا الوطن حتى ولو من النظام، أما تبعاتها فهي تتبع رئيس الجمهورية ورئيسها بدرجة وزير ولكنه يدين بالولاء للوطن لا للرئيس، وعندما أقيل رأفت شحاتة فكان السبب أنه أقسم الولاء لمرسي فهذا يشكك الناس في نزاهة الجهاز، فرجل المخابرات يتربى علي ذلك، ولذلك لم يفكر في الظهور.

* وكيف وجدت عالم الجاسوسية؟
هو مثل الشطرنج، وكنت منبهرا من أني أتعامل مع عالم يعتمد على الذكاء واللعبة الجيدة، وقواعده ثابتة، ومن الذكاء أن يكون هناك خدعة، فمتعة أن تشاهد كيف تدار اللعبة، والعمليات الناجحة تكون بكسر القاعدة، فالعملية التي حدثت في الحرب العالمية الثانية هي قمة الذكاء، عندما استخدم الإنجليز شخصا متوفيا يعتبر آخر جاسوس ميت، وكان جثة لضابط طيار ألقوه على شاطئ أسبانيا ومعه وثائق مسربة تدعي أن الحلفاء سيغزون أوروبا من كاليه، فقامت ألمانيا بتأمين تلك المنطقة، ولكن جاء الغزو من نورماندي، فما جعل الحلفاء ينتصرون أنهم كسروا القواعد، فهو عالم مثير وكل عملية فيه حدوتة، فتعاونت معهم وكان لدي خيال أديب فهذا فجّر بداخلي كل الخيالات الممكنة، وقرأت عن الجواسيس والمخابرات ولدي مكتبة كاملة عن ذلك، ولدي كتب إنجليزية وفرنسية فاللغات تساعد على الإلمام بالمعلومات، والموضوع سار خطوة خطوة إلي أن وصلت إلي أني أحد الدارسين الخبراء في عالم المخابرات.

* وهل سببت لك كتاباتك في عالم المخابرات أي مشاكل؟
لم تحدث أي مشاكل ولكن ما حدث هو أني كتبت في البداية دون أن أعلم أن هناك قانونا يمنع الكتابة عن المخابرات دون إذن، ففي سنة 1990 كنت أكتب في مجلة "الشباب"، ووجدت آمال زكي سكرتيرة عبد الوهاب مطاوع الله يرحمه تطلبني وهي مرعوبة وتخبرني أن المخابرات العامة تريدني، فأخذت منها رقم التليفون الذي تركوه وكلمتهم وقابلتهم، وأعطوني نسخة من القانون، ولكني كنت" حمقي" في هذا التوقيت، وقلت لهم ليس من حقكم ذلك فقالوا لي براحتك، وذهبت بعدها لأسلم عبد الوهاب مطاوع المقال فأكد لي أن المخابرات تحدثت وأنه لا يمكن النشر دون إذنهم، وبعدها طلبوني مرة أخرى وذهبت إليهم ووضحوا لي الأمر وقالوا لي من الممكن أن تكتب شيئا يكون خطرا على الأمن القومي وأنهم فقط سيقرأون ما أكتبه قبل النشر، ووافقت ووجدت أن ذلك كان أفضل شىء حدث في حياتي، حيث إني أصبحت على اتصال بشخصيات كثيرة داخل الجهاز، وأصبحت أحصل على المعلومة من منابعها الأصلية.

* وهل تدخلوا في أي عمل لك؟
لا أبدا فهم يقرأون ما أكتبه فقط، وكانت في البداية، وبعد ذلك شعروا بأني أصبحت أفهم ما يكتب وما لا يكتب، وأصبح هناك ثقة، وهي مجرد إجراءات ولكني بمرور الوقت عرفت المحاذير.

* وهل قمت بالاضطلاع على ملفات لديهم كما يقال؟
لا أحد يضطلع على أي ملفات داخل جهاز المخابرات، فأي شخص يحصل منهم على ما يريدوا هم أن يقولوه، فمستحيل أن يقرأ أحد أي ملفات، فمن الممكن أن أحصل على ملخص لحاجة معينة، ولكن الملفات سرية، فالتفاصيل الفعلية لا أحد يضطلع عليها بالطبع، ولكني أبني على ما بين النقاط التي يعطونها لي ويخرج العمل في النهاية شبه الحقيقة ولكنه ليس كل الحقيقة.

* وماذا عن تجاربك مع النشر وكتابة السيناريو؟
نشرت لآخرين ولم أنشر لنفسي ونشرت للشباب، وكان من الممكن أن أنشر لنفسي لأنها أعمال مضمونة الربح ولكن كان الهدف أن يخرج مجموعة شباب، أما عن السيناريو فأنا لست من هواة هذا المجال، فهو عالم مختلف، ولا أهوى السيناريو ولذلك الأعمال التي أقدمها قليلة.

* وسط الألغاز والمخابرات كان لك أعمال رومانسية.. فماذا عنها؟
هي تكون لحظة معينة أو حالة، فأنا أكتب خيالا علميا وأكشن ورومانسي وأكتب مقالا ولي كتب سياسية، فأجد نفسي أريد أن أكتب حاجة رومانسية فأكتبها، فأترك نفسي لما تريده، ولكني لا أستطيع أن أكتب بالطلب ولكن أكتب ما أحبه ولذلك أنا مقل جدا في الأعمال الدرامية ولكن الخيال العلمي بالنسبة لي هو الأساس.

* وهل مصر في حاجة الآن إلي رجل المستحيل؟
مصر تحتاج إلي شعب مستحيل، فماذا يفعل رجل المستحيل مع شعب متخاذل، فلن يفعل شيئا، فمصر تحتاج لناس لديهم استعداد للعمل، فنحن في حاجة إلي إعلاء قيمة العمل والأخلاق.