https://im2.gulfup.com/2011-04-18/1303122453935.jpg
بصدر يعلو ويهبط بفعل صفعات الرئتين المتشوقتان لأكسجين لكي يداعبهما
وبقلب نفر نبضه عن رتمه المعتاد
أخذت تهيؤ نفسها
لطلقة نار تخرق روحها
قبل جسدها
أمسكت ذالك المقبض كروي الشكل
البارد الأوصال
التي لشدة عصف
رياح الجنوب الملتهبة
الغازية بداخلها
لم تشعر بصقيعه
كيف تشعر به ؟
وهي تتصبب عرقا غزيرا
بدأت يدها الممتدة لتقي المقبض من برد الشتاء ترتعش بجنون الخوف
هجمت على مسمعها جحافل الموسيقى
من وراء حاجز الباب
الذي يفصلها بين الجحيم والنجاة المؤقتة
بتأكيد هي صافرة بد أول حرف في عالم جاهدة لكي تبعد عنه
بعد المشرق عن المغرب
لكن
الحياة
هي التي حبستها في ظلمة الفقر
ونهشت بجسد أخوتها الصغار بجوع غادر
سلب لحمهم
ليتكرم عليهم بعظامهم
وسلبت هذه الحياة المُتجبرة
أنفاس والديها
لتسكن أجسادهم المسلوبة الروح
تحت الثرى
وتصبح
هيي
في وجه مدفع المسؤولية
فمن غيرها هي البكر
يستطيع أن ينقذ ما يمكن إنقاذه
من أجساد ندية
جفت في صحراء الجوع
والمهانة
وقلت الحيلة
أخذت يدها تنزلق مبتعدة
رويدا
وهي تجر يدها
في اتجاه قدميها المتراجعتان عن عزم خاوي
نُفِث في روح رفعت الراية البيضاء
أمام هجوم الحياة الكاسح
لجسدها الغض
الذي لم يكمل عامه التاسع عشرة بعد
أخيرا تحرر المقبض من قيد يدها
https://im2.gulfup.com/2011-04-18/1303122452763.jpg
لكن روحها المعذبة بسياط الخوف
ظلت تستجدي الهواء من غرفة باردة
تزيد من كبت أنفاسها المتعطشة
وقلب بات كعصفور في قفص
يمنعه من ملامسة
حريته
فثار وماج
في نبضه المحاط بسهام الخوف الحادة
غطت وجهها بستار كلتا يديها
وهي تدرك فداحة ما سوف تقدم عليه بعد فوات الأوان
فبات الخجل يأكل وجهها المرتاع
ذا الشكل البيضاوي
هوت جاثية
على الأرض الجرداء
https://im2.gulfup.com/2011-04-18/1303122452814.jpg
فقدميها
خارت قواهما
فما قويتا على حمل جسدها المكبل بسلاسل من الخوف والخجل
ليزيد من وجع روحها النقية
التي أبت أن تدنس
وقفزت الدموع الأبية
لتعلن عزاءها
على ما آلت إليه حالها المنكوبة
جاءها صوته المترقب من وراء حجاب الباب الساكن بشموخ يرفض التزحزح عن مسكنه:
- مالكِ لا تخرجين, ألم تنتهي من الزينة؟!!
نظرت بعينان ترسماني الخوف, ووجه ينحت الجزع, نحو جهة صوت ذابحها
لم تجبه
فالروع شل لسانها
فما خرج منها إلا صوت الوجع المكتوم في صدرها
فعاود سؤالها بمكر الذئاب المتربصة:
- أأنت تريدين بأن يذبحني الشوق إليكِ يا حُبي؟!!
وختم جملته بقهقهات مصطنعة
لتنحرها من الوريد إلى الوريد
وتسكب تساؤلات حارقة, في نفسها التي لم تعجن بعد ببريق الحب:
- حُبي ... أليس هذا اللقب يجب أن يطلق على شخص تحبه, تعشقه؟!! .. كيف تحبني, وأنت لم ترني إلا ثواني معدودات, لتتعين بضاعتك, قبل استخدامها, كيف تحبني ... كيف؟!!!!!!!!!
بنفاذ صبر نفذ
فغرائزه الذكورية
تلح عليه بعنف
لنهش في جسدها الذي كغصن البان
وشن أول هجوم لذكوره
على بدن لم يذق هذا الكأس بعد
فالعذرية تحيط به بحواجز شاهقة
قال:
- هذا يكفي, فأنا لم أعد أطيق أكثر, هيا, لقد حان الوقت, هيا..
لا جواب يجف ريقه الذي بدأ يجف في حلقه من ثورانه
أخذ يقرع الباب بيده المكتنزة التي أخذت الشكل الكروي بخفة الريش
https://im2.gulfup.com/2011-04-18/1303122453127.jpg
لكن لا رد ينهي سلسلة انتظاره
عاد مجبرا يلجئ إلى الكلمات المستدرجة للفريسة:
- كل هذا الوقت تتزينين؟!! خلاص... لا أريدك أن تتزيني, أنت جميلة بدون تلك المساحيق التي سوف تقتل جمالك الطبيعي, فخروجي وجعلني أتلذذ بشفتيك الكرزيتان, تعالي وجعلني أطوق خصرك الرشيق, وأخلل أصابع يديه في شعرك الأسود الحريري, وأشتم ريحه العطرة, تعالي ... ولا تقصي عليه كثيرا, والله بأني لم أعد قادرا على التحمل أكثر من ذلك.
لم يجبه إلا صوت الصمت الذي أجج غضبه
فلهيب الشوق لقتل عذريتها
أذهب بصره وبصيرته
فقرع الباب بقوة
تهز الباب
قبل أن تهز ما حوله
https://im2.gulfup.com/2011-04-18/1303122454588.jpg
بدا كأن الباب يريد أن يستسلم أمام قذائف يديه المتسلسلة
والتي لم تدع له مجالا لالتقاط أنفاسه
فهاج وماج
وحشد غضبه الملتهب
في كلماته
الناطق بها بحنق
يكسو وجهه
الثلاثيني المنفوش:
- هذا يكفي يا هذه ( حتى أنه لم يتعب نفسه لسؤال عن أسمها, فهي بنسبة له جسد يتغذى عليه, لا بشر من لحم ودم مثله ) أخرجي, فلا تنسي بأني دفعت سعرك أموالا طائلة, فخروجي حالا, هيـــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــا ...
شحنه ردها الصامت أكثر بجمر الغضب
فما عاد يقدر على كبت بركان غضبه أكثر
فأطلق حممه من خلال فمه:
- إلى هنا ويكفي, حسنا أنت لا تردين الخروج, أنا سوف أدخل إليكِ يا أيته الساقطة, الآن تتعففين, الآن ...!!!
فدفع بأرطاله الزائدة نحو ذلك الباب الهزيل
الذي بدأت أوصاله تتهشم
حتى أستسلم
وهوى
بألم المهزوم
ليرقص الذئب الجائع طربا بنصره
فالوليمة العذرية دنا موعد التهامها
لكن ...
لكن رقصه لم يدُم على أنغام النصر
وقد وقعت عيناه
على وجبت عشائه
منغمسة
في مسبح الحمام
مسلوبة الروح
https://im2.gulfup.com/2011-04-18/1303122454279.jpg
يتدفق الماء الناضحُ من المسبح
ليسري على أرضية الحمام
الشاهد على آخر لحظات حياتها
التي آثرت على أن تكتم أنفاسها
على أن تُدنس بفحولته النجسة
وكأي فأر ارتدى لباس الأسد
هُلع من شدة الخوف المحيط بقلبه
https://im2.gulfup.com/2011-04-18/13031224547510.jpg
الذي هو غذاءه
وهرب جزعا ...
جاعلا جثمانها ينغمس في بحر الموت الرحيم
https://im2.gulfup.com/2011-04-18/1303122453816.jpg النهاية