قلمٌ اِفتقدناه وفارقنا لبارئه _ نجم روايتي وكاتبة سابقة بالمنتدى ? العضوٌ???
» 169342 | ? التسِجيلٌ
» Apr 2011 | ? مشَارَ?اتْي » 8,446 | ?
نُقآطِيْ
» | | = نبض الحياة = | | | | عدت إليكم ببوح جيد أرجو بأن يستحق مروركم عليه
ويخلف إنطباع في داخلكم
سواءاً كان بسلب أو الإجاب فكليهما يدفعاني للمضي للأمام
أقصوصتي الجديدة الآن بين أيديكم
قراءة ممتعة | | | | | | | | | = نبض الحياة = جالسة في ظلمة الليل, تائهة في غياهب الأفكار المتناثرة, التي تهجم عليها الواحدة تلو الأخرى, لا تعلم أين منها
الأصح, وأين منها الخطأ, طال تفكيرها العقيم, وهي في زاوية غرفتها, تنظر إلى تلك السماء القاتمة اللون,
الخاوية من نور الأمل, تنهيدة طويلة خرجت من فمها, تعكس عجزها, وتعلن استسلامها, وعدم مقدرتها على
اتخاذ القرار, نظرت إلى خلفها, لتجده نائماً بهدوء وسكينه, كأن الغد لا يعدُ بإعصار مدمر لهما, تمنت حينها لو
كانت تستطيع أن تنام ملء جفونها مثله, عادت لتنظر إلى تلك الظلمة, وقالت بصوت المقارب للهمس:- " لأول
مرة أتمنى بأن هذه الظلمة ألا ترحل, وألا تبزغ شمس الصباح"
أسدلت الستار, وأجبرت نفسها على المسير ناحية السرير بخطى متثاقلة, ونسلت تحت الغطاء, وحاولت أن تجبر
نفسها على تذوق طعم النوم الذي هجرها تلك الليلة.
::::::
فتحت عينيها بعد أن شعرت بحركته وهو يقوم من على السرير, نظرت إلى المنبه المجاور لها, فوجدتها الساعة
الرابعة, لقد أقترب وقت الصلاة.
خرج من الحمام فوجدها جالست ٌعلى السرير, تنظرُ إلى العدم, كان الشرود مسيطراً عليها لحظتها, سألها وهو
يمسح وجهه بالفوطة من قطرات الماء المتناثرة بعشوائية على وجهه:- " لقد استيقظتِ ؟"
لم ترد عليه, ظلت في سرحانها تسبح, وضع الفوطة على أقرب طاولة إليه, وأخذ يقتربُ منها, وجلس بجوارها,
وضع يده على كتفها, هنا أجفلت ونظرت نحوه بفزع السكون المخترق, فسألها:- " روحي, ماذا بكِ لا تردين
عليه؟"
فردت عليه قائلة:- " لم أسمعك " وطأطأت رأسها.
فعاد يسألها:- " في ماذا كنتِ سارحة ؟ "
هزت رأسها بأسى, وقالت:- " لا أعلم كيف تتصرف هكذا, كأن الغد يوم عادي"
بدرت منه ضحكة لم تدم طويلاً, تبعها بقوله:- “ وهو يومُ عادي, ألا تعلمين بأن كل يوم يعتبر تحدياً؟"
وغمزها
نظرت إليه بعينان تحملان التعجب:- " لكن هذا التحدي صعب, صعبُ جداً"
أحاطها بذراعيه, وقربها منه, وهمس بأذنها قائلاً:- " لن يصعب علينا شيء ما دمنا معاً"
أخذت تحدق به, وإلى تلك الابتسامة التي زينت شفتيه, فوجدت نفسها رويداً رويداً تبتسم.
فقال بنشوة الفرح:- " هكذا أُريدكِ, الابتسامة لا تفارق شفتيكِ "
أخذت تهز رأسها يمنةً ويساراً وهي تقول:- " لا أعلم أي سحرٍ هذا الذي تلقيه عليه "
جعل جبينه ملاصقاً لجبينها, وقال والابتسامة تتسع على شفاهه:- " هذا السحر يدعى الحب "
::::::
لقد أشرقت شمس هذا اليوم المحمل بالأسى, يوم لا تعلم كيف سوف تخترق جسره نحو اليوم الذي يليه, كيف
سوف تهدم ذلك السد المنيع المتمثل بخالها, كيف سوف يستقبل أجندت حياتها الجديدة, الماسحة لوجوده فيها,
والتي أسكنت مكانه قطعة قلبها, وعديل روحها, كيف سوف تأتي صفعة الخبر عليه, بتأكيد لن يجعلها تمر مرور
الكرام, فكلمته فوق كل شيء, عندما خطرت لها تلك الهواجس السوداوية, ارتعدت أوصالها, شعر بيدها المغلفة
بيده تاهتز كورقة خريفية هبت عليها ريحٌ لا ترحم ضعفها, استوقفها بقيد يده, لتنظر إليه بتعجب يرسم تعابير
وجهها, ليبتسم لها بحنان, ويحيط وجهها الندي بكفيه, وهوى بجبينه ليصافح جبينها, ويقول والبسمة لكلماته
عنوان:- " لا تخافي, أنا معكِ, ولن أدعكِ أبدا ما حيت "
لتخط بسمة أاخترقت حاجز الخوف في قلبها, وتقول:- " أعلم ذلك "
ليزيد من حيز بسمته, ويقل بعد أن طبع قبلة على أنفها الرفيع:- " إذا هيا "
أخيرا سكنت الأرجل عن المشي, وهما يقفان أمام باب فارع الطول, عريض المنكبين, يبعث الكآبة لناظرين له,
بلونه الخاوي من لغة الفرح, كان ساكن بشموخ لا يتزحزح.
بدأ قلبها ينبض بجنون الخوف
وتلحق به تلك الرئتين المستجديتان للأكسجين لكي يزورهما كعادته
ابتلعت ريقها ببقايا لعاب قد نضب في جوفها, من هجوم الجزع الذي استغل ضعفها, فنهش في محياها الطفولي
الملامح.
غرست تلك الأنامل النحيلة في ذراعه الصلبة, لعلها تستمد منه القوة التي خذلتها ساعتها, نظر نحوها, وبث نور
ابتسامة طمأنينة من شفتيه المحاطتين بذقن وشنب بالكاد يمكن ملاحظتهما, وربت على يديها الخانقتين لذراعه
الأيمن بحنان, رفعت عيناها المرتعشة جفونها, لترى ضوء الطمأنينة يشع من وجهه الأسمر, كانت تعلم في قرارة
نفسها بأنها في أيدي أمينه معه, لكن ماذا تفعل بخنوع نفسها التي اعتادت على ظلمة الخوف, كلما جاء ذكر
خالها, فما بلكم برؤيتها له, فله هيبة تجبرها للقنوط بدون التفكير بالمقاومة حتى, فهذا الذي تربت عليه, منذ
فتحت عينيها عل هذا الرجل الملقب بخالها, فلقد جسد الجبروت والطغيان بحذافيره, وتفنن في تطبيقه عليها, فهي
في نظره وصمة عار, نبتت من رحم علاقة مشينة, لطخة اسم عائلتهم بعار إلى أبد الآبدين, نجت أمها بأنفاسها
الراحلة, لتبقى هي فريسة الانتقام بنسبة له, ينهش بها ليشبع غريزة الكره والبغيضة التي يتغذى عليها قلبه
المريض.
دوى صوت يخرم الآذان من جهة الباب الضخم, ليعلن ساعة اللقاء العاصف, حاولت أن تتدثر بجسد حبيبها, الذي
كشر عن أنيابه المقاتلة لحماية روح قلبه.
بان الجلاد من وراء الباب المعدني, وقد زاد اشتعال شعره بالشيب, وأمتص الضعف لحمه, ليبقى بقايا جسد.
بعينان كسيتا بالحمرة, وأحيطتا بحلقة سوداء قاتمة, نظر إليهما, فثارت تلك الأنفاس المتهالكة, وسحب تلك الساق
الصائمة عن الحركة, وهو يزفر كثور هائج.
احتكت أوصالها ببعضها البعض, وهي تلتقط بعينيها ذلك الموج الهائج يمد براثمه نحوهما, فأغمضت عيناها
المتزينتان بملك الألوان, وغرست رأسها وراء جدار ظهره الحصين, وهي تتمسك بقميصه كمن يتمسك بروحه,
أما هو فلم يصمت لذلك الهجوم الزاحف نحوهما, فقد أظهر أسلحته, فهو مستعد للقتال لآخر نفس من أجل
محبوبته.
ما إن اقترب منهما حتى بدأ أول قذائفه, المنبثقة من ذراعه البارز عروقها النافرة عن الحياة, فنقض الأسد المدافع
عن لبوته لينهى حياة تلك القنبلة قبل أن تصل إلى هدفها, وأخذ يهشمها بين أصابعه المُفتِت لِعظامها, ليتأوه
متحجر القلب, ويقول له القلبُ الحنون زاجرا له:- "إياك حتى أن تفكر بلمس شعرة منها, فهي ملكي الآن, ملكي
أسمعت "
نظر إليه وهو يرص تلك العينان المتقدتان بجمر الغضب, ويحك تلك الأسنان داكنتا اللون ببعضهما, وهو ينفث
غله من ورائهما:- " لم أسمع, فهي لي, وأنت سوف تدفع الثمن على الذي فعلته بي, وعلى تلك السنين التي
جعلتني أقضيها في السجن "
ليختم كلماته الملتهبة, بسعلات اخترقت حنجرته بدون سابق إنذار.
ليصرخ به بصوت يتدفق من روح الاستبسال في حماية حبيبة قلبه:- " ألم تتب بعد, ألا زلت تفكر بهذه الطريقة
الخالية من مشاعر بني البشر, ارحم نفسك, وارحمنا, وجعلنا نعش بسلام "
من بين تلك السعلات الآبية الرحيل من جوفه, قال بصوت لم يخلو من روح التحدي:- " لا والله لن أترككما
تتهنيان بحياتكما, أيه الفاجرين "
لتُطبع في خده صفعة دوى صدها أرجاء المكان المتصحر, ويتهاوى ذلك الهيكل المكسو بجلد جف نبعه على
الأرض, ليسقط ذليلا رغما عنه, وتجتاحه نوبة سعال شديدة, لم تدع له مجالا لقذف المزيد من سياط لسانه
الرافض للغة الاستسلام.
ليقول له بأعلى طبقة من صوته الرجولي المفخم, وقد تشوه وجهه البشوش, بتقطيبة الغضب , المبرز لعروق
جبينه:- " إياك بأن تنعتنا بهذا الكلمة مرة أخرى, فنحن نحب بعضنا, حبا لا يعرفه أمثالك, الذين ملئ قولبهم
بالكره والبغيضة"
جذبها من وراء ستار جسده, في حين غرة منها, وأكمل كلماته النارية:- " ما ذنب هذه المسكينة, لكي تعاقبها على
ذنب لم ترتكبه؟ هي لم ترغم أمها على أن تفعل المنكر, هي لم تقدم لك إلا كل الحب والاحترام, لتقابلها بماذا؟
بالكره , بالجبروت, بالضرب, الذي لم يجعل ركنا في جسدها سليما, كل جسدها موشوم بضرباتك التي تأبى أن
تزول, ألا يكفي هذا, ألا يكفي؟ حاولت معك بلغة التفاهم, لكنك لم تصغي لي, ورفضتني من فوري, ولم تجعل لي
مجالا لأقول لك بأني أحبها, طردتني كالكلب, وأهنتني وأهنت أهلي, لماذا ؟؟؟!!! ألانني أحببتها من أول نظرة,
ألانني أردتها بالحلال؟!! أهذا جرم؟ بأن يجتمعا قلبان محبان لبعضهما البعض تحت سقف واحد؟ متى أصبح هذا
حرام بالله عليك؟!! كفى كرها وحقدا, أنظر لحالك يا رجل "
من خلال سلسلة السعلات المتواصلة, على صوت ضحكة ساخرة, رفع رأسه المتثاقل جهتهما, وأخذ يمرر ظهر
يده اليسرى على وجهه المملوء بأخاديد السنون, وقال ونظرة تحدي تشر من عيناه, وهو متكئ بيده اليمنى على
الأرض :- " أتعلم بأني لم أحب المحضرات قد, لهذا وفرها لنفسك ( لتبتر سعلاته الخانقة لصدره كلماته المقاتلة
لأجل الظهور لمسمع خصمه) هي لي, وأنت سوف تدفع الثمن لزجي بسجن, أقسم لك"
وبزق نحوه
وأخذ يضحك بهستيريه لم تخلو من مقاطعة صوت السعلات التي بحت من كثرت صرخاتها.
ليهز رأسه بنفاذ صبر, ويندفع نحوه وهو يقول بصوت شابه الضيق:- " يبدو بأن السجن قد أعجبك, وتريد بأن
ترجع إليه"
أستوقف جرفه مسكتُ يدها المحيطة برسغه
لينظر إليها باستغراب يصرخ من عيناه
فيفجع بدمع يحرق وجنتيها
ويحفر شوارع على وجنتيها المحمرين
فتنطق بعد صمت طويل, بنبرة هامسة يعصرها البكاء:- " هذا يكفي, أنه ليس هو, ليس هو "
ومن ثم أنهت حياة تلك الدموع المتساقطة بغزارة من مقلتيها براحة يديها
واستبدلت نظرت الخنوع المهيبة
بنظرة قوة تسلط أشعتها نحو الجسد الممتد على الأرض الرملية المرتدي قناع القوة الزائف
وهي تزفر من صدرها غبار الخوف الذي خنقها لأعوام طوال
ومن ثم شدت الخناق على رسغه, وهي تقول بصوت بات يتسم بالصلابة, ولم يعد خانعا للغة الهمس:- " هيا
لنذهب حبيبي, فبيتنا ينتظرنا "
ولم يطرف لها جفن, وهي تصوب تلك النظرات المتحدية نحو ما كانت تدعوه بخالها.
لتشق البسمة من جديد طريقها على شفتيه التواقتان لها
ويغرس جسدها الذي كغصن البان في صدره المنتعش بهواء الحرية, ويقول وهو يتكئ بذقنه على شعرها المجعد
المغموس بلون الليلي الصافي:- " هيا بنا يا عمري "
وطبع على رأسها قبلة ملتهبة بأنفاس الانتصار
في حين أنها لم تزحزح مجهر عيناها عن سجانها
الذي أشتعل وجهه بحمرة الغضب
وغرس أنامله المتصلبة بوقود البغيضة في الرمال الملتهبة بحرارة الشمس الحارقة, وهو يجاهد من أجل أن
ينتصب, لينهي هذه المهزلة, وينقذ ما تبقى من كرامته المبعثرة.
لتجد نفسها قد بدأت تتفشى في عروقها قوة غريبة, تدفع بالسكينة إلى قلبها الذي تعب من خناجر الرعب
وتنبض الحياة في روحها التي أثقلت بقيود الخوف زمنا خيل لها بأنه لن ينتهي
فتذوق ولأول مرة شفتيها طعم بسمت الطمأنينة
فبهرت عيني عاشقها ببريقها الأخاذ
وهي أخيرا تشيح ببصرها عن مرعبها
وتخصه بابتسامتها العطرة
وتشاركه رحيقها العبق
بدمج تلك الشفتين الزاهيتان بشفاهه المتعطشة لزيارتهما
فينفجر بركان الغضب في داخل من كان يكبلها بقيوده الخانقة لحريتها
فتصهر تلك الحمم نبض قلبه الضعيف النهاية ....
أرجو بأن قد راقكم ما باح به قلمي المتواضع
وأن التمستم الفرحة فيه على غير عادته السوداوية, استجابة لطلب بعض القراء الأعزاء, الذي
كدرهم قلمي الكئي في المرات الماضية | | | | | |