لحظة مذهلة

[فاطمة البار]

النداء الأخير للرحلة رقم 2011 والمتجهة إلى فانكوفر..


- هيا يا أحمد أسرع إنه النداء الأخير


بسرعة يتوجه أحمد وصديقه مصطفى للبوابة وتسقط مذكرته الشخصية ليلتقطها من خلفه رجل يناديه لكن أحمد مسرع جدا لم ينتبه لنداء الرجل ,أخذها الرجل لتأكده أنه سيعطيها لصاحبها لأنه في ذات الرحلة,سقطت ورقتين منها حملها الرجل ليتفاجأ مما كُتب فيهما


"وطني الحبيب ..ها أنا أغادرك وللأبد ..سأتوجه اليوم إلى فانكوفر في كندا ربما أجد شيئا مما فقدته هناك..


أحبك وطني جدا لكن العقاب الذي أتلقاه كل يوم بسبب أني لقيط يؤلمني جدا ..


يسلبني أقل حقوقي ..


الناس تنظر لي نظرة احتقار ..


لم أجد طعم الأمان في مدرستي كنت أعُيَّر لأني أنتمي لدار الحضانة .


ولم أكن أدري لماذا حتى كبرت ..


تعبت وعانيت من إهمال مجتمعي الذي لم يحفظ لي أقل الكرامة ..كنتُ آخرَ كلمةٍ في صفحته يقرئها بعجل ولا يفهم ما تريد


ظنوا المطعم والملبس يكفيني ونسوا أني أحتاج إلى قلب يعطف ويربيني ويبني خُلقي ..


اليوم أودعك بعد أن ذقت أمر المر وناداني الصبر لترحل يابني ..


قررت أن أبتعد علِّي أجد من يوظفني ويحترمني ويحفظ حقوقي الكاملة


لن يُعَيِّرَني أحد هناك لأني لقيط فبالمقام الأول أنا إنسان ..


لن يقفلوا أبواب العمل أو يهملوا صحتي لأني أيضا إنسان


سامحني يا وطني أحبك وأعتذر عن خطيئة والديّ اللذان لا أعرفهما..اللذان ألقياني


غدرا لشهوتها العارمة , حتى وجدت نفسي في غير المكان الذي يجب أن أكون فيه .


لم أعرف معنى الأسرة والإخوة والأعمام والأخوال ..كنت أستمع إلى جميل القصص عنهم من أصدقائي في المدرسة .


أرأيت يا وطني كم أنا مسكين ..ويجب أن أسعد في باقي حياتي ..أن أجد نصفي الضائع بين اتهامات المجتمع لي وكأني أنا من اقترف الجرم . ..


ربما عدت يوما وأنا أحمل كرامتي المفقودة التي نُحتت على ملامحي ..


ربما عدت إليك طبيبا أو أكاديميا كبيرا أو أبا رائعا لأسرة مليئة بالحب والعطف ..


ربما لم أعد إن وجدت من يقدر كرامتي ويحفظ من سلب مني..


اعذرني ياوطني ..


لكن ربما أعود ولو لتقبيل أرضك التي طرحت فيها .


أحبك وطني ..


بكى الرجل رغما عنه ..واشتد أزيزه حتى أحس به من كان جواره ..


توجه مسرعا للطائرة وهناك كان يبحث عن أحمد ولما وجده ..


قبله..بني ستعود ..فلا تحزن ..


أعتذر لك نيابة عن الوطن والأرض والشعب والأم والأب وكل من دفعك لهذه الرحلة .