آخر 10 مشاركات
رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          على ضِفَّة لوحة انتظار ! وَ في لحظاتٌ تُحَيّكَ بهما الأَشْواقُ.(مكتملة) (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          61 - الشبيــه - نان اسكويث- (مكتوبة/كاملة) (الكاتـب : SHELL - )           »          68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - ع.ق(كتابة /كاملة)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          0- عاشت له - فيوليت وينسبر -ع.ق- تم إضافة صورة واضحة (الكاتـب : Just Faith - )           »          030 - خيمة بين النجوم - دار الكتاب العربي (الكاتـب : Topaz. - )           »          [تحميل] الحظوظ العاثرة،للكاتبة/ الرااااائعه ضمني بين الاهداب " مميزة "(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree63Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-02-22, 09:33 PM   #1

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 ما كان هوى ديار الليل... إلا من هواك/فاطمة صالح(مكتملة)







بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

ما كان هوى ديار الليل... إلا من هواك


الكـــا🖋تـــبــة : فاطمة صالح



قراءة ممتعة لكم.......




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 28-05-22 الساعة 04:06 PM
"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-22, 03:07 AM   #2

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية


هنـــــــــــــــــــــــ ـــــــــا





هواك إستعباد ، وإنتماء
هواك جُوع ، وشبع
هواك وجع ، وضماد
هواك جنُون ، وتعقُل
ولولا هواكَ ، لما كان للعمُر عمُر !

--
ماكان هوى ديارُ الليل .. إلا من هواك !




--
- من مهد الطفولة . . وُلد الحب!
- ومن رحم الحب .. وُلدت المعاناة !

" كل مكان لا يضم بين حناياه سيرتك
لا رغبة لي بالسير إليه
كل بيت تتلاشى منه ضحكاتك لا أعده لي مستراح
كل وجه غير وجهك عابرُ وحدك الثابت
ووحدك المسكن والضحكة
- وأنت الحياة والأمان
بعد خوف مُوجع دك حصون القلب
- وأنتي الوجع وجرح القلب المخفي وخُدش بوسط الفؤاد أبى أن يبرى
وبرد مُوحش بعد دفء حنون "

- باتت كل الأماكن بدونك مُوحشة وكل الأماكن معك بُقعة أمان وبت أمقت ديار لا تضُم بين ثراها آثار خطواتك لذلك :
( ماكان هوى ديارُ الليل .. إلا من هواك )
_
_

(١)
على إمتداد حبَات الرمل التي تراكمت فوق بعضها واحتضنت كل حبّة رفيقتها بكل قوة وإنسجمت بشكل مثالي في منظر مهيَب إمتد على مساحات شاسعة بعيدة عن محيط العين ، تتسلط أشعة الشمس على إمتدادها لتظهر هذه الحبّات باللون الذهبي اللامع معُلنة بذلك غروب شمس هذه الليلة ككل ليلة تغيّب فيه الشمس في منظر بهييّ تتعب له القلوب من شدة رقته وعذوبته !
بوسط السيارة الحمراء " الدسن" اللي تتمايّل عجلاتها على حبات الرمل وبوسط تمتمه بالدعاء بصوت خافت ، تزايدت البسمات على وجهه بتنهيّدة عنيفة إنجبر يحررها من وسط صدره من شدة روحانية هالساعة الأخيرة بأيام العشر الأخيرة من رمضان
وقف بالمكان المُعتاد ، قُرب الجبَل بوسط هالمكان واللي نُحت بكل صلابة بيدين ما تعرف الرقة لها باب وجُهز لأجل يكون مكان يتردد عليه بس لأجل صاحبّه
إستقرت سيارته بالمكان المحدد ونزل وهو يدفع خطواته بإتجاه الباب الخلفي ويسحب بين يدينه الصحن الكبير والي يحتوي على فطوره هالليلة مع صاحبه اللي أعتزل من أيام طويلة ديـرتهم وسرقه شغفه عنهم وحاجة الناس له ودمّر صدورهم من لهفتهم عليه وأولهم صاحببّه اللي عجز يصبر عنه أكثر رغم إنه أكثر شخص يعرف مدى غضبه من قطع خلوته بنفسه ومع هالمكان بالذات الي تحيّط فيه جماعات كثيرة وما تنعد من" الإبل " واللي رضى هو تبقى بهالمكان
مازالت البسمة تتمايل على ثغره وعيونه تنتقل للمكان تمّشطه بشكل تدريجي يبحث عن الغائب من أيام لعله يطفي جوع عينه بشوفه ، ولكن بعد لحظات عنيف شهقة عنيّفة دمّرت خلايا صدره تلتها رجفة هائلة إهتزت على إثرها كل أوردة جسده إستشعر أن روحه تتلاشى وإن قلبه أوشك على الإنفجار بسبب الشعور البّشع اللي دمر سكونه وبسبب دقات قلبه الهائلة اللي أعلنت التمرد وغسلت مجرى الدمع بعيونه بملوحة هائلة أهلكت محجر عينه وأجبرت كفه يرتعش بلا رحمةx#هوى_ديار_الليل


-
رُميت بسببها كل الصحون الصغيرة مُحدثة صوت دويي مزعج نافسه في هالإزعاج صوته الصارخ والحاد والمرتجف وهو يركض بكل طاقته وكل الي يلهث فيه ويتكرر على مسامعه هو إسمه بس " شاهيييييّن "
كان يناظره بوسط توسيّعه لخطواته وهو مرمي على الأرض بجسده الصلبَ والقوي كورقة هاملة لا روح فيها إلتف على عُنقه نحر الناقة الطويل بشكل حجب رؤية وجهه للمحيطين حوله يريح يده بجنبه بعشوائية ، هذا المنظر بحد ذاته كان أشبّه بكارثة مُدمرة ل " صقر " صاحب هالشاهين من مهد الطفولة ، صوته المزعج والي أنفجر بالمكان بشكل كارثي سرق الأمان من هالناقة وإنجبرت ترفع رأسها بتوجس وخوف في ظل إزاحة شاهين لعنقه ورفعه لرأسه بضيق وهو يلمح الي أنهار بجنبه باللحظة اللي رفع رأسه فيها يناظره بذهول وصدمة أخذت من عمره عمر ومن راحته الشيء الي مُستحيل ينرد ولا لسنين طويلة !
كان منظرة والناقة ملتفة حول عنقه في سكون فاجعة ومصيبة كارثية ظن فيها إنه فقده وللأبد لذلك تنهيّدة الراحة اللي إستقرت بصدره هاللحظة نسّته خوفه بلحظات بسيطة
رفع رأسه لفوق وهو يأخذ نفس بصعوبة ويمسح عيونه بعجلة وببراءة بطرف كمه لأجل يلمح اللي أستقر برأسه من جديد على حبَات الرمل ولكنه أسند يده تحت رأسه بهدوء يريح يده الثانية فوق عينه وصوت تنفسه الهادي يخترق سكون المكان بعدما إستقرت الناقة بمكانها المعتاد مع القطيع ، قال بسخرية ومازال على هيئة جلوسه الهادية : لا تكون طفل يا صقر ، ولا تنفث أنفاسك الحارة على رأسي تظن بسواياك إني بقوم وأطبطب على كتفك لأن أفكارك الغبية تركتك ترمي الفطور بوسط التراب

شد على كفوفه بقهر ينقل نظراته للمكان بضيّق وهو يضرب كتفه بحنق :أنت غبي ؟ ما تخاف الله يا مسلم ؟ زرعت الموت في قلبي مثل ما يزرعون نبتّة سامة بأرض خصبة أنت شفت منظرك ؟ ورب العبّاد إن الموت تسلل لروحي وإني حسيت إن نهايتي قربت ، هذا مكان تنام فيه ؟ وإعتكافك ماكان بوسط جبلك ، مادامك متلهف ومتشفق على حضن تزوج وريّح قلبي من حضن هالناقة الي دمرتني فيه

راقب برود الشخص اللي مازال على حاله وملامحه ساكنة وهادية وما كإن هالشخص ينثر عتابه بكل غلاظة على سمعه ! تأفف بقهر وهو يمسح على وجهه ويوقف وهو يثبت يدينه بوسط جسده بعصبية : والفطور ؟ ماباقي شيء على الآذان ؟

راقب الشخص اللي مازال صامت وهادي تنهد ونقل نظراته للمكان : تعرف ؟ العتب كله علي أنا صقر اللي أهلكني الشوق وجيَتك يالي تشبه هالصحراء المعتكف فيها
#هوى_ديار_الليل


-
-
"أنا ما أدري وظيفة القلب الي بين ضلوعك وش هي ؟ معقولة ما يعرف للمشاعر مثلنا ؟ يعني يضخ الدم بس ما يعرف للمشاعر درب مستريح ومريح رأسه ، ما أشتقت لي يعني ؟"

سكت للحظات قبل أن يكمل بتوجس : وخلك من شوقك لي ، ما خفت ؟ ما قلت خلني أروح أبقى عند أهلي قبل قيام الدنيا بعد بكرة وقبل ينهار هالكوكب علينا ؟ أنت ما تدري إن الديرة مشتعلة من الخوف والكل يجمّع أهله حواليه لأجل لا صدقت التوقعات يلاقون الفاجعة سوى ؟ وأنت متهرب وتبي تواجهها لوحدك ؟ ندري إنك قوي وما ينهد لك حيلّ بس ياشاهين ..."

سكت بسبب تغضن جبينه الدال على إنزعاجه التام بسبب ثرثرة هالرجل اللي ما أنقطعت بمجرد حضوره وتمتم بهمس : طيب أنا تركت أهلي وجيّتك من خوفي ، مال لخوفي عندك ...

سكت وهو يبتسم بضحكة لما وقف والغضب له النصيّب التام والكلي من ملامحه الي تشربّت تعابيره بهالشعور ، نفض ثوبه بحركة سريعة وهو يناظر بنظرة خاطفة ويقول ببرود عكس نظراته : كل الي بيصير قدرنا يا صقر ، إترك عنك أفكارهم الي بتدمرك قبل تجي هالسنة الجديدة وتدمر كل أفكارهم ، بتشرق الشمس وبتغيب مثل كل يوم وكل مرة ، ليه مكبرين الموضوع بهالشكل ما نيّب فاهم ؟

ناظره بتوجس وهو يقترب ويقول : مانت بمستوعب ؟ بعد يومين نهاية العالم يعني إحنا " رفع يده وأشر بها على رقبته كعلامة الذبح " بنموت بنودع كلنا وبنفس اللحظة

ناظره بسخرية وهو يهز رأسه ببرود وتسللت يدينه لجيبه وهو يمشي بخطوات هادية بإتجاه الجبل اللي نحته بيدينه وبجهده وقوته ووقته بينما لحقه صاحبّه بثرثرته المُعتادة وهو يقول بصوت منزعج ومقهور : لا تعاملني كأني بزر يا شاهين وتهز راسك لأجل أسكت ، أقولك بعد بكرة بتنهد هالدنيا على رؤوسنا وأنت بارد وساكن

أبتسم للحظات بصمت وقال وهو يكمل سيل كلماته الي ما أنقطعت : وبعدين الفطور الي تعنت لأجله سُهاد الحبيبة عانق أطراف الرمّل ، وأنتهى آخر فطور من يدينها وبنبّقى جوعاني...

سكت وهو يبّلع ريقه بسبب اللي توقف بوسط صعودهم للجبل وألتف له بنصف جسده وهو يناظره بحدة بسبب إنزعاجه الواضح من ثرثرته فرفع صقر يده بإستسلام وهو يبتسم : ندري طبعك هادي وصامت ، بس اللي أقرب لك من ظلك ثرثار ولسانه ما يبقى بفمه للحظة ، وش السواة بهالنقطة ؟

قال بعد لحظات بسيطة بنبرة باردة : الحل يتحكم في لسانه قبلما ينقطع ويبقى خارج هالفم على طول ونريّح رؤوسنا منه

شهق بضحكة وهو يغطي فمه بعفوية ويقول بذهول : تسويها ياللي ما تخاف الله وبكل دم بارد ، وبعدين من وين لك صقر يزين لك أيامك ؟ يالخايييّ..
#هوى_ديار_الليل


-
-
قطع سيل كلامته شهقة عالية هالمرة ولكنها كانت نتيجة الخوف اللي تأجج بصدره وكتم أنفاسه بشكل كُلي وهو يرتد بخطوة عنيفة وكبيرة للخلف إختل بسببها توازنه بشكل كبير وإنهارت قواه بكل ضعف بعدما تعثر بالحجر الي قرب رجله وتدحرج جسده بشكل سريع وموجع على حدود طريق الجبَل المنحدر ، وسط إلتفاتة شاهيَن السريعة له ولحظة إستيعابه للموقف ركض بكل طاقته بإتجاه صقر وهو ينحني له بذهول ويتأمل الخدش الي أمتد على حدود رقبته جهة اليمين بإستنكار شديد ، جلس قدامه على ركبه وهو يطبطب على وجهه بربكة وخوف وهو يتأفف بضيّق : صقر ، صقر يا ولد قم والله إن التعب هاد ضلوعي ماعندي قوة أشيلك

لما ما لقى منه رد أخذ نفس بقهر وأنحنى أكثر له وهو يثبت يدينه خلف عنق صقر ويسحبه له للأعلى وهو يقول بقهر : الشرهة مهيّب عليك علي أنا ، في الوادي من لمحت الذيّب الحقيقي هجيت ووهو وراك وتركتني أصيبه أنا ، وهالذيب الي من صنع يديني فقدك عقلك وقدرتك على الإستيعاب ، أنا مدري متى بتتسنع ..

سكت بدهشة وهو يشوف صقر يشد بيدينه على عنقه ويرفع رأسه له وهو يحضنه أكثر ويقول بضحكة : ماادامك متلهف ومتشفق على الأحضان ، وترمي بجسمك للنيّاق ولصقر ليه ما تليّن قلبك وتخضع للنساء ، ليه ما توافق على سُهاد ، منك لله لي ثلاث سنين أخطبك لأختي وأنت رافض لو إنه جماد كان حسسّ ...

سكت بصدمة لما إستشعر بجسده يرتطم على الأرض بكل قوة بعدما رماه شاهيّن من يدينه بعشوائية وبعدم إهتّمام وهو يتخطاه ويرجع يصعد حدود الجبل بإتزان ، وقف بعجلة وهو ينفض ثوبه ويمشي بخطوات مهدودة حِيل مُقاومة بسبب الضربة وحاول يجاري خطوات شاهيّن : لا تظن إني مرخصها ولا أرميها عليك ، أنت بنفسك تعرف من هي سُهاد بقلب صقر والله ماذقت مر السُهاد إلا بسبب خوفي عليها ، وأنت تعرف ليه أنت بالذات أبيك لها وو...

ألتفت له شاهيّن بنصف جسده وهو يتنهد وقاطعه بهدوء : أخبر كل هالحكي يا صقر ، ماهو بأنت الي ترخص عيونك وأخبر محد بأغلى مني عندك غيرها ، ولكن ياخوك كم مرة عدنا وزدنا بهالحكي ؟ أنا ماني بوادي الزواج وأنت لك سنين ما لان رأسك لأجل تستوعب

قاطعه بقهر وهو يمسك ظهره بتعب : إي والله إنك صادق الحجر يلين وأنت ما تلين يالمتحجر والله إن قلبك حجر ورأسك حجر ومحد يأخذ منك شيء ماودك تعطيه

أبتسم بسخرية وهو يحك طرف جبينه بحركة مستفزة وقال : وبلاك تبي ترمي أختك شر هالرمية على واحد رأسه وقلبه حجر ، غير الوجهة ورح لحرب أبو ضحكة تشفي الجرح ، أنا أمور النسّاء ودربهم ما أجيه وأنت بنفسك تعرف فلا تزيدني ضيّق والله حيلي منهد ومن أيام ما هدأ لي ضلع
#هوى_ديار_الليل



-

دخل المغارة المنحوتة بأكثر اليدين خشونة وصلابة بهالمنطقة ، المغارة الي إستمر حفرها وبناءها بالشكل المطلوب شهور طوويييلة واللي على مدخلها كان منحوت شكل الذيّب اللي تعرض لشاهيّن وصقر قبل شهور وحاول ينال من صقر لولا الرصاص الي صابه فيه شاهيّن والي من بعدها علقه على المغارة أسابيع نكال له ولكن بعدما إنتهى من نحته قرر يرمي جثته ، وصقر لما لمح المنحوت تسلل الرعب لقلبه كونه كان متقن بشكل مخيف جداً وكإنه ذئب حقيقي
وقف على مدخل المغارة وهو يستند بجزءه اليمين على طرفها ويتنهد بضيّق : حرب له بقلبي مكانة محد يعلمها إلا الله ، ووالله وربي يشهد إني أعزه وأغليه وعاد ربي أعطاه القبول هالرجل ضحكته تهد الجرح وقلبه حنيَن ووجه عطوف ويحب خلق الله ويحب مجالسهم وإجتماعي وشخصيته تنحب عكسك تماماً يا وجه الحجر

ناظره شاهيّن بطرف عينه وكإنه ينبهه عن" مادام كل هالصفات فيه ليه ناشب لي أنا" واللي فهمها صقر على طول فأبتسم بضحكة ورفع كتوفه بعشوائية وهو يتنهد ويقول : بس أغليك أكثر منه ومحد يفهمك كثري ، وأنا ودي يخالط هالقسّى الي بقلبك ليّن ، والله يا شاهيّن محد بكاسر هالرأس الي مبني من حجر غير مرأة ومحد هاد حيلك غيرها ، حنا ما قوينا وهي بتقوى

ناظره بعدم إهتمام وهو ينحني قدام قدر الماء ويغسل وجهه بهدوء وسط إقتراب صقر منه الناقد : أنت مابعمرك نمت ولا قيّلت وقت المغرب ، علمني اليوم بعد مشيت تسد وتصلح بعد؟

هز رأسه بإيجاب وصقر تأفف وهو يمسح على وجهه بضيّق : يارجل متى بتقطع عمرك من هالأمور ؟ تقاتلو تبارزو تناحرو منهم لله وش عليك منهم ؟ أنت من أصلحت بين قبيلتكم وقبيّلة الساري وهم معتبرينك شيخ المصلحين وهادين حيلك بكل مجلسك تركض ورى قضاياهم وتحلها لهم ، ولنفسك ولأهلك عليك حق ياشاهيّن لك منهم شهور طويلة تشوفهم يوم بالسنة بس وتلقاهم هاللحين ناسين وجهك
بعد بكرة بتقوم الدنيا ويمكن ينتهي عهدنا وأنت للحين ...

قاطع كلامه وقوف شاهيّن الي تنهد وهو يمسح وجهه بطرف كمه المتبعثر ويقول بهدوء : صقر أنت ما تعرف تسكت ياخوي ؟ أنت تنكتم طوال فصول السنة وتجي تفك لسانك على رأسي ؟ ياخوي خلاص رأسي مشتعل نار وجسمي منهد ومالي قوة ، لي خمسة أيام مانمت وأنا من مجلس لمجلس خلني أجلس وأعين من الله خير

تنهد وهو يسكت بضجر وأخذ يكتف يدينه ويقول بقهر : والفطور الي متعنيّة عليه سُهاد ؟ تبينا الحين نفطر على الحجر حقك ؟

#هوى_ديار_الليل



-
تنهد بضحكة وضجر وهو يبتعد عنه ويدخل للمغارة أكثر وهو يتجه للسراج الصغير ويشعل الفتلة بإتقان وسرعة كبيرة بحكم تعوده وأخذ يقترب من المكان اللي صقله بإحترافية كمطبخ صغير بطاولة من حجر في الوسط ودافور صغير على جنب ، أخذ يسحب القماش من على الصحن الكبير ويرفع الصحن وهو يتقدم لمحل الجلوس ويجلس بهدوء وهو يناظر لصقر المنبّهر : هذا الفطور من وين يالسلوقي ؟

ناظره بطرف عينه وقال وهو يتعدل بجلسته ويوقف : جلوي كان ضيفي قبل تقبّل ، وقبل تسأل سبّب زيارته كان سبّبك أنت بعد

خرج من المغارة وتأمل المغيّب وتسلل الخيط الأسود من بين الخيوط البيض معلنة إنتهاء وقت الصوم وبذلك كبّر وبدأ يلقي الآذان على مسامع صقر اللي جلس وإستمع له بخشوع وصمت ، فكون المغارة بعيدة عن المساجد كان شاهيّن هو اللي يآذن ويراقب أوقات دخول الصلاة اللي تعلمها من إمام حارتهم
بعدما إنتهى جلس قبال صقر وأخذ يدعي بما تشتهيه نفسه وسط سكون صقر وتأمله الهادي له ومن إنتهى رفع رأسه له ولاحظ نظراته مع ذلك ما تكلم ، سحب دلة القهوة وأخذ يصب لهم بالفناجين واللي إنتشرت رائحتها بسرعة الضوء بالمكان وأنعشتهم وأخذ يبدأ فطور بالعجوة واللي حرص جلوي على زوجته لأجل يكون النصيّب الأكبر لشاهيّن ، بعدما أفطر ناظر لصقر الي مازال يتأمله وتنهد بضجر وهو ينزل الفنجان ويقول بتأفف : موضوع الزواج لو تفتحه من جديد فتحت رأسك وعلقته بدال هالذيّب ، قلت لك أنا علاقتي بهالجنس صعبة وقاسية حيل ياصقر وأنت تشهد ، لا توجع أختك مع شخص مثلي وأنا والله لولا حدودي كان شريتها بماء عيني وماهيّ بأخت صقر اللي تنرد ، ولكن خبرك قديم وعتيّق وهي تستاهل شخص يداريها ، وأمّا مسألة رجوعي للديرة فأنا بكرة راييح وعلى سيارتك بعد ولك من هاليوم ليين بعد العيد متفرغ لك ولأهلي ولنفسي وللديرة ، بخاطرك شيء بعد ؟

تنهد صقر برااحة وهو يضحك ويضرب فخذ شاهيّن بقهر : لي ساعة ياللي ما تخاف الله عاقد النونة ومنتظرك ، وأنت تشرب وتأكل ولاعليك مني
صدقني لو بقيت دقيقة بعد قمت وغرقتك بدلة القهوة الي تليّت قلبيي بها

أبتسم بهدوء وهو يقول بخفوت : وأنا لو ودي أقسى عليك يوقف قلبي ضدي ياصقر وأنت تدري

أبتسم وهو يحرك حواجبه بضحكة ويقول بعدما أفطر وبّل ريقه : وبإذن الله بنلقى اللي ما تقدر تقسى عليها والي تهد حيلك

ضحك شاهيّن بقلة حيلة على إصرار صقر على هالموضوع رغم رفضه الشديد له ، رغم عرض أكابر الشيوخ الي ينصد لهم بناتهم وتكفلهم حتى لكل الزواج ، رغم كثرة البنات حوله واللي يعرف إن قيمتهم كبييرة وإن هالشيوخ ماقللو من قدر بناتهم يوم قالوله عنهم
#هوى_ديار_الليل


-
".. ولكن كان يدري إن قدره كبير بعيونهم لدرجة ودهم يكون نسيبهم ولكنه مُعرض وكارهه لهالطريق ولاوده يمشيه ولا ينتمي له لإنه "يظن"إنه وجع رأس وهو رجل مشغول وباله ضيّق وصدره ماهو بشمالي أبداً والكل يعرف بأطباعه مع ذلك مصرين عليه وأولهم صقر اللي قال بحالمية : بكرة يصبح الصبح على الديرة بأحلى الأوصاف

ناظره بإستغراب وصقر أردف بإبتسامة عريضة : بكرة بنت مهاب بتشرف الديرة

ناظره شاهيّن بحّدة كونه تطرق للموضوع من جديد وبعدها شتت نظراته للمكان يحاول يدعيّ عدم الإهتمام برغم إكمال صقر للكلام : تصدق لهم من بعد عيد الفطر السنة الي فاتت ماجاءو ، وعاد هالديرة مشتاااقة والله يا شاهيّن

مارد عليه شاهين وهو ملتزم بصمته وعدم إهتمامه وصقر مازال يحكي عن غرُور بطلته الوهميَة والبنت الي تصغرهم بسنيننن طويلة وتكون بنت عم شاهيّن ، كان يستمع لصقر ومواويل الحب اللي ما تنتهي والي برغم إنه قوم قيامته وكسر حيله وأهلكه من غضبه وهو ينهاه عن فتح موضوع بنت عمه معه وحبه لها كونه يحس الغيرة تنهش عظامه على محارمه وأهله ولكن صقر كان مصُر يفتح قلبه لهالشخص بالذات
لإنه الوحيد الي يحس فيه وينتمي له ! ورغم إنه هالحب طيش ومراهقة إلا إن شاهين كان يحاول بكل قوته يغض الطرف عن هالموضوع لدرجة "ظن"إنه ماصار يلقي له بال متناسي النار الي تكوي ضلوعه كوي ، من بدأ صقر يتكلم عن جيتها وعن إقتراب رجوعهم للديرة وهو يبتعد بتفكيره بعيد عنه ويسهى عن الموضوع ويفكر بأشياء يعتبرها أهم بكثير من مواويل الحب التافهة والي الخوض فيها ماهو بأطباعه أبد ، مازال يظن من قديم الأزل إن الحب ماهو إلا مضيعة للوقت ومهزلة ولا يعترف به أبداً لأسباب تخصه ..


إنتهت ليلتهم بين سواليفهم الي ما تنتهي ، وبين ساعات النوم والذكر والصلاة والسحور في ظل الأجواء الروحانية، أشرقت شمس الخير وبثت أشعتها على المكان ، تحكي بذلك قصة غزل طويلة إمتدت عبر سنين كثيرة بينها وبين صفحات الأرض ، وبعدما وادع شاهيّن مغارته ركب السيارة بجانب صقر اللي يدندن ويبتسم بين كل لحظة ولحظة وسط إبتسامات شاهيّن الخافتة والي من لما قربّ من الديرة قال بضحكة متهكمة: فرحتك لي ولا لبنت العم ولا لإن الدنيا بكرة بتقوم ؟

ضحك صقر من قلبه وقال بعدما دخل الديّرة ووقف بالسيارة وألتفت لشاهيّن وهو ينزل : بتعرف البلاء هاللحظة ، أنت بعيد عن الديرة وماتعرف وش صاير فيها

قبل يرد شاهيّن ألتفت بإستغراب للمكان اللي فعلاً وكإن أحد رامي قنبلة وإنتشرت أشلاءها بالمكان على هيئة ناس
#هوى_ديار_الليل


-
-
كل أهل الديرة مجتمعين بالسوق الكبير ، وكل قرايبهم البعيدين تقاربو وصارو هالأيام بوسط الديرة بعد حرص أهاليهم على قدومهم ، وماكان لأجل عيد الفطر الي ماباقي له غير أيام ولكن لأجل يوم بكرة ! اليوم اللي خايفين من وصوله وخايفين من الشمس الي بتشرق فيه
هز رأسه بإستياء وقال وهو يتنهد : متى بتتجملّون بالعقل ياديّرة الليل ؟ والله محد بخايف ولا طاق خبر بهاليوم غيركم ، حتى القيامة جعلتوها بتقوم ببكرة ، ياويلكم من الله

ضحك صقر وهو يسحبه معه ويقول : إسكت لا يسمعونك بس والله ماغير يفرشونك هنا ، يارجل لاحظ حتى سيقانهم ترتجف كلما تذكرو بكرة

ضحك بهدوء وهو يأشر عليهم ويقول : ويعني جايين السوق يعبون بيوتهم ؟ يعني بكرة ماهم بميتين ؟

رفع صقر كتوفه بعشوائية وهو يقول : يارجل محد يعرف وش بيصير ، الي يقول القيامة والي يقول البنزين بينقطع والي يقول الكهرباء بتنقطع والإتصالات والأكل معد بنشوفه والي يقول بيهجمون علينا اليهود
محد يدري وش العلم الأكيد

تنهد بإستهزاء وهو يمشي مع صقر بشوارع ديرة الليل ، اللي غربّ نفسه منها ليالي طويييلة وماهو بقصد منه كثر ماهو إجبار وقل وقت وضيّق حال ، تغرب بسبب الناس اللي يلجئون له من كل ديرة يقصدون حكمه ويطلبونه يصلح بينهم بعدما إنتشر إسمه وصار أشهر من النار على علم بهالموضوع ، لذلك نسى نفسه وأهله في سبيل الناس
بوسط مشيهم بالديرة اللي مشتعلة من شدة الناس فيها واللي كل شوارعها مزدحمة والحياة فيها تنبعث بكل بقعة كان يقول بنفسه"كيف بينطفي ضي هالديرة بليلة يس ؟ ياقل حكمتكم يا أهل الليل"
بُترت أقدامه وسط عُقدة حاجبه المخيفة وإستنكار صقر والي قبلما يتسائل عن سبّب وقوفه الطويَل لإنه كان يوقف للحظات يسلم ويرد الترحيّب ويمشون ، ولكنه هالمرة طوّل بوقوفه! أنفجع من ملامح شاهيّن اللي تحولت للحدة بجزء من الثانية ومن غير سبَب صريح وواضح ، هو يعرف إن شاهيّن مزاجي وعصبي بشكل غريب ولكن يكون له أسبابه ، ولكن بوسط هالمكان وبلحظة مثل البرق وش الي بيشعل نار هالقلب يا شاهيّن ؟
إنبترت تساؤلاته بصدمة وهو يشهق ويرجع لورى لما إندفع شاهيّن للأمام وهو يتشبث بقوة بياقة الرجل اللي أمامه واللي من لمحه ناظره بفجعة وصدمة وحاول يفلت منه ولكنه عجز ، بحكم بُنية شاهيّن الجسدية والي تفوقه بكثييير ، حاول يتكلم ولكِن شاهيّن ضغط على رقبته بكل قوة وهو يناظره بحدة ومن شدة قهره تورمت الأوداج المُحيطة بـ عُنقه وهو يقرب منه ويقول بهمس مقهور : كرر كلامك يا سلمان الخسيس ، كرره لو ودك تموت قبل العيد

#هوى_ديار_الليل



-
تحول وجه سلمان للسواد من الإحراج والقهر ومن تجمّع الناس حولهم وهو يحاول يفلت من شاهيّن اللي ظهر له من العدم والي ماتوقع وجوده أبداً : فكني ياشاهين لا تفضحني وتفضح نفسك

قرب منه وهو يكرر ويهمس بقهر : أنا سيرة أختي على لسانك ، أنا شاهيّن بن عسّاف آل جلوي أسمع طواري أختي على لسانك يا للي ما تستحي ؟ ناوي تموت ؟ ناوي أبني قبرك هالليلة؟

سلمان اللي تصدد وهو يبتلع ريقه بصعوبة بعدما قال كلامه لصاحبه بعفوية وما توقع أبداً يكون شاهيّن وراه ، كان يلوم حظه اللي ترك شاهيّن يوقف وراه من بين الخلق كلهم ، ووقف بالضبط وقت قال " وخلنا نروح نتسلى عند أهداب اللي تتَل القلب والله يا جلوي سوى فينا خير لما ترك طواريها تدور بالمكان عالأقل تستشف قلوبنا بمكانها ولا وجهها بالجنة"
ضغط أكثر على ياقته وضربه بكل قوة على بطنه بيده اليمين وقلبه يشتعل قهر وضيَق ، عيال ديرتي يحكون في أختي ؟ ويل قلبك يا شاهيّن
وويل حالك ياسلمان
ضربه أكثر وسط سكون الجميع وعدم محاولتهم لفكهم عن بعض حتى صقر اللي من شدة الصدمة واقف ويراقب ، يناظر لسلمان اللي يتلاعب به شاهيّن على يدينه وكإنه من حجر من أحجاره اللي ينحتها بسهولة ، أقترب منه صاحب سلمان وهو يحاول يفكه ويقول : لا تبتلي فيه يا شاهيّن فك الرجل وكبّر عقلك ، نعرفك حكيم

ناظره بعصبية تراجع خطوة لورى بذهول من غضب شاهيّن العنيف والي ما يظهر إلا إذا انهارت الدنيا على رأسه ! قال بتردد وهو يهمس له : سلمان ماكان يقصد أختك بذاتها ، أنت رح للشارع الي فيه محلكم حق الذهب وتعرف !

بقى يناظره بحدة للحظات معدودة ومن بعدها ألتفت لسلمان الي يتنفس بصعوبة ويحاول يفك نفسه ، ومن بعدها فلته بعشوائية وناظره وكإن شياطين الكون تسّتل روحه من شدة غضبه ، يغااار ويحترق من الغيرة على محارمه ، طواري إسمهم على رجل غريب يكفي لأجل يقتله فكيف بهالطاري !! أبتعد عنهم بعدم إهتمام لنظرات اللي حوله واللي ماكان يعيرها أي أهمية لا من قديم الأزل ولا بهالوقت بالذات ، يحبونه كلهم ويقدرونه ويعرفون حجمه المهم بهالديرة وبهالقبيلة بالذات ، ويعرفون إنه لاعصبّ ينتهي العقل عنه وتنهار حصون حكمته ولكن غضبه يكون له سبب مقنع لأجل كذا محد يتدخل !
تعداهم بخطوات متزنة وبنظرات حارقة ووجه متجهم من شدة الغضب اللي يفتك برأسه ، وصقر تبّع خطواته بإستنكار شديد وعدم فهم يسيطر على عقله ! وش الي أشعل قلب هالرجل البارد بثواني معدودة؟
وقف وهو يعقد حواجبه لشاهيّن الي وقف أمام محل الذهب ولكن عيونه للمكان الي يواجهه ، وزادت حدته وتراكم الغضب بروحه ..!
#هوى_ديار_الليل


-
-
أقترب بعجلة ووقف جنبه ، ومن لمح المكان اللي يدل على إنه لبقالة بسبب الأطفال الي منتشرين حوله ناظر للوحة ومن لمح إسمها الي كان " بقالة " وكلمة " هدب " منتشرة بكثرة على باقي الللوحة "
حتى كتم ضحكته لجزء من الثانية قبل يقول شاهيّن بحدة : لا أسمع لك نفس

حتى أنفجر يضحك بكل قوة وهو ينحني ويثبت يدينه على ركبه وينخرط بموجة ضحك هائلة واللي صار يكح بسببها ويشهق ويمسح دموعه وسط غضب وقهر شاهيّن اللي أشتعل من جديد ، "وش هالسوايا يا أهداب ؟ وش لعب الأطفال الي تعيشونه ؟ يعني أهد حيّل رجل لأجل هاللعبة وتنجاب سيرتك بكل مكان بسبب هالسوايا الي يضحك خويي علي بسببها؟"
رفع رأسه صقر وهو يمسح دموعها ويقول بصوت ضاحك : والله قوية يا أهداب ، الا تمشي كلمتها وتحط البقالة بإسمها
وهاللحين أنت معصب بسببها ؟ لو أدري كان قايَل لك بدال ما تكسر عظام هالمسكين

تأفف شاهيّن وهو يمسح وجهه ويتجهه للبرادة الي كانت بجنب محل الذهب وأخذ يرمي الماء على وجهه بعشوائية لعلها تطفي غضبه وسط ضحكة صقر اللي قال بعدها : يارجل الناس خايفين على نفسهم من بكرة وأنت مازلت تغار حتى على إسم أختك؟

مارد على صقر وهو يحاول يجمّع أعصابه اللي تلفت قبل يروح يقتل أهداب ويرتاح من هالمهزلة اللي سببّتها له
وقف وهو يمشي بإتجاه بيتهم وسط سوالف صقر اللي تطرق لموضوع غرور من جديد وهو يضحك ويقول : تعرف ؟ هي لها سنين تغطت فيها عننا ما أدري للحين تتذكر سواياها فيني ؟

وقف شاهيّن بإستغراب وألتفت له بعدم فهم وصقر ضحك وهو يرجع شماغه للخلف ويأشر على الجرح الي بوسط رأسه ويقول : الحجر اللي فجرت بها رأسي وهي طفلة ، لا تقول نسيت حتى أنت كنت معي ، وكاني أنا وياك نتهاوش على الكورة لين فجرت رأسي الخبلة

تخبَت إبتسامة هادية بثغر شاهيّن ولكن بسرعة البرق تلاشت وهو يحكم عقله ويلتفت لصقر وهو يقول بهدوء : تعرف ليه كنت بصير قاتل قبل دقايق ؟

ناظره صقر بإستغراب وأردف شاهيّن بضيق : لإن سلمان جاب طاري أختي على لسانه ياصقر ، طاريها بس كنت بسببه بصير قاتل ، ووالله وخالق هالكون وباسط هالأرض لو إني ما أعرف نيتك وقلبك الطاهر كان دمك مسفوك ورقبتك حدّها السكين ، هذولا محارمي وعرضي يا صقر والله إن كإنك تستل روحي من جسمي وأنا أسمعك تحكي عنهم بطاري هالحب الي الله ينهيه من الوجود
يارجل فكني من هالطاري قبل أبتلي فيك معهم ، لاعاد تجيب طاري بنت العم على لسانك قبل أقصه لك
#هوى_ديار_الليل



-
ناظره صقر بطرف عينه وما فكر يتكلم أبداً لإنه يعرف إن شاهيّن وصل لأقصى مراحل غضبه لذلك ألتزم الصمّت لإنه إستشعر إنه فعلاً زودها وبرغم غضب شاهيّن بكل مرة كان مصر على فتح الموضوع معه وشحذ طاقته وشاهيّن كمل الدرب مشي وهو يتجه لبيتهم وناوي نية على أهداب الي أستغفلته وإستغلت غيابه ونفذت اللي ببالها برغم رفضه الشديد له !



بوسّط السيارة اللي تحتضن بداخلها أجسّادهم اللي تحمل بداخلها أرّق الأفئدة ، وأكثرها غرور وسيطرة وحنيّة

كانت تستقر بجسدها الممشُوق على المقعد الخلفي وترمي أطراف ليلها الأسود للخلف بعبث وهي تناظر بغرُور لأختها اللي تأففت بصمت وهي تبتعد عنها وتزحف للشبّاك الي على جهة اليسار وهي تستند برأسها عليه بعشوائية بينما تحرك خواتمها العشرة بحركات عشوائية، وسط حرص أمهم الي قالت بغضب : غرُور لفي شعرك عن أختك وتغطي قبل أجيك أنتف شعرك شعرة شعرة ، نعنبو حيّك الرجال مليانين الشارع ماعاد فيه حيَاء

ضحكت بعبّث ضحكة شيطانية وهي تلعب فيه بعشوائية وتقول : لاتنسي إن غالب مشتري راحتنا وهالسيارة مغيمة يعني محد بيقدر يشوفنا ، ولا يا أبو غرور ؟

ضحك بهدوء وهو يهز رأسه بإيجاب وهنا تساهيّل " أمهم" قالت بغضب أكبر وهي متحملة تصرفات غرُور من بداية سفرهم للديرة وطوال الوقت كانت تحاول تمسك أعصابها ولكنها فلتت بالنهاية : محد نافخ ريشها غيرك ياغالب ، فقدت السيطرة عليها بسببك - إلتفت لغفران الصامتة وتنهدت بضيّق وهي تقول - عالأقل عط من دلالها لغفران الي مالها حس والي مأكول حقها

رفع رأسه بحرص وهو يلتفت لغفران اللي حتى لما سمعت إسمها ماكلفت نفسها ترفع رأسها وتستمع لهم ، قال وهو يناديها بهدوء وكلام أمه من هالناحية يهز قلبه دائماً يخااف يفرق بينهم أو يظلمهم : غفران لها عيوني يا يمة ، والله لو تطلبها هاللحظة ما تغلا عليها ولو إني مقصر عليها تقص من رقبتي وتأخذ حقها - سألها بنبرة أبوية حانية - مقصر عليك ولو بطرف أنملة ياخوك؟

وهنا إستعدلت بكامل جسدها وألتفت له وهي تبتسم بهدوءها الطاغي وقالت بحب وهي تتأمل حنيته الي مغرقة عيونها : لاوالله ، خيرك مغرقني وزود ياعيوني

أبتسم براحة وألتفت لأمه اللي سكتت وسرعان ما ضحك ضحك خافتة لما ألتفت يدين غرور على رقبته من خلف المقعد وقالت بعتب وبنبرة بها لوم مغلف بالضيق : هي لها عيونك ، وغرورك؟ يعني كذا تقلب علي عشان أمي وأصير برف الإحتياط ، خابت الهقوى ياغالب

ضحك أكثر وهو يقول : أنتي غالب يا غرُور ، أنتي كله والله أنتي القلب والروح والفؤاد والرئة ولو تبين الكلية بعد ولايهمك

#هوى_ديار_الليل


-
ضحكت ضحكة صغيرة من كلمته الي أرضتها وهي تميّل رأسها على طرف المقعد بحركتها الطفولية اللي أعتادها غالب من سنين طوييلة وهي تسولف معه بينما هو مندمج معها ويناظر لوجهها من المراية الأمامية وبين كل لحظة ولحظة يبتسم بهدوء وإفراط ، كانت دائماً البسمات تتخذ منحنى كبير بصدره وتستقر مجبورة عل ثغره من تبدأ تسرد سوالفها على مسمعها ، فلذة كبده وحبيبته وبنته وأخته ، لها بقلبه منزلة ما بلغها أي بشري سوى غفران اللي تشاركها نفس الحب ، ولكن غرور كانِت المسيطرة تعرف كيف تحببّ بنفسها !

من بين سوالفهم ميّلت شفايفها بزعل لما نهرتها أمها وهي تقول : أقولك بنجلس لبعد العيد ، أعمامك وش بيقولون جاييّن قبل العيد بكم يوم ومن صار يوم العيد هجو بالليل؟ عيّب عيّب
غالب خل لك كلمة عليها ، حنا نهجرهم شهور طويلة ومن بعدها عشرة أيام ما نجلسها
ياولدي أهلك لهم حق عليك ، لا تزيد الهجر بينكم لا تطول المسافة يكفي الخطوات الطويلة الي بينكم ، يكفي السنين المرة مادامك تنازلت وجيت هالعيد كمل جميّلك

قالت غرور بضيّق وهي تتأفف من الوضع : يمة أنتي ما تدرين وش هالعيشة الي عايشينها ، يعني حتى التلفزيون منقطع أصله عندهم ، وبس أجلس أناظر بالسقف وروحي تعتل عندهم ، لاتقولين شوفي أختك وتعلمي ،غفران مختلة عقلياً طوال حياتها تناظر للسقف بس ! عشان كذا مارح يتغير عليها الوضع .. يكفي جايين قبل العيد بأسبوع وياربي تعديها على خير أنا مدري كيف بكملها بسبب إزعاج غنمهم ودجاجهم الي يصيح من الفجر وديكهم الي ما ينام وعاد جدي يبي يسوي فينا خير ويأخذنا للبقر والإبل حقته يظن إنه يودينا لباريس وييبينا نشق الضحكة ما يدري إننا ماسكين بكاءنا عشان ما ننحرج بس

غالب الي أنزعج من كلام أمه وما وضح ، ليّن عليه الوضع كلام غرور ونبّرة صوتها اللي ضحكته ولكنه كتم ضحكته بصعوبة
رفع عيونه للمراية لما ضغطت على كتفه وهي تميّل شفايفها بطفولية وتناظره ببراءة وهي ترمش بحركة سريعة كحركة إعتادها لإستدراجه ولما هز رأسه بالنفي وهو يأشر بعيونه لأمهم وكأنه ينبّبها بإنه" إقنعي أمي " إلا إنها هزت رأسها بالنفي وهي تقترب وتهد آخر حصونه ب "قُبلة الكتف " اللي تكسر كل حواجز الرفض بينهم ويخضع بأكبر مقاومته لما تكمل هالخطوة ب : تكفى يا أبو غرُور

تنقطع كل سُبل الرفض وتنفتح كل أبواب الموافقة على مصراعيها ، كانت دائماً تلجأ لهالدرب لما تلاقيها يعاند أو يرفض وهو بعدها يعانده حتى قلبه لأجل يرضخ لها ..!

#هوى_ديار_الليل


-
-
من لما أبتعدت عنه حتى قال غمز لها بإبّتسامة بمعنى " على عين أبو غرُور " وهنا ضحكت ضحكة صريحة تركت أمها تتأفف بإنزعاج لإنها عرفت إنه وافق لها وهنا رجعت غرور ظهرها للخلف وحررت عُنق غالب وهي تلتفت لغفران وتقول بضحكة : وش رأيك ؟ يلا كسّبت التحدي ومن توصلين تحلبين بقرة جدك ولا سحبتك مع شعرك

ناظرتها غفران بطرف عينها وكتفت يدينها وهي تقول : قلت لك لا تستغلين إسمي وتجيبيني بالطاري وجبتيني ، عشان كذا خسرتي أنتي ...

سكتت بصدمة لما تمسكت كفوف غرور بحجابها وسحبته بقوة وهي تشد شعرها : أقولك خسرتي أنتي يعني تحلبين البقرة وحتى الغنم وجدتي بعد

إنقضت غفران عليها بعد وهي تودع هدوءها اللي ما يقدر يكسر حاجزه غير غرُور وهنا بدأت المعركة كالعادة وبدأ صوت أمهم يعلى وهي تحاول يفلتون بعض ولكن لا حياة لمن تنادي ، وسط صمت غالب وغضب تساهيّل أمه اللي قالت بغضب : هذي نهاية دلالك لهم ، فضحونا بشوارع الديرة فكهم من بعض قبل نوصل لبيت جدك وتصير سيرتنا بكل لسان ، تعرفهم فضايح والله ما يفكون بعض غير بوسط بيت جدك

شهقت وهي تحط يدينها على صدرها وتقول : هذا هو بيت جدك ، ياويلي قصرو أصواتكم ياقليلات الأدب - إلتفت لهم بغضب - غرور فكي شعرها غفران بعدي عن أختك

ولكن كانت أصواتهم تعلى بقهر من بعض ، ومن توقفت السيارة حتى قال غالب بهُدوء : ماعاد لوجودي إحترام ولا عاد لي إعتبار ؟

من إنطلقت الجمل من ثغره حتى تباعدو عن بعض وهم يرتبون شكلهم ويناظرون لبعض بغضب ولكِن كلام غالب أجبرهم يقطعون هوشتهم المعتادة ، تنهدت تساهيّل وهي تحط يدينها على بعض وتقول : مافيهم أمل ياغالب
والله ضاعو ولاعاد عليهم قدرة

ألتفت لهم غالب وناظرهم بهدوء وعتب وهم ملئهم الإحراج وشتت غفران نظراتها بضيّق وهي تلوم غرور على تحديهم السخيّف
ولكن غرور ناظرت لعيونه وهي تبتسم بغرورها المعتاد ، ماكانت تكسر نظراتها أبداً ماكانت تشتتها ولا تنزلها للأرض بخضوع .. كانت العيون تخضع لنظرتها داااائماً
سواءً عتب ولا ضيّق ولا فرح، ولاحتى إستدراج للعطف كنظرتها اللي رمتها لغالب واللي ماكان يقوى عليها هي بالذات لذلك إنكسرت نظرته وأبتسم بتنهيّدة وهو يهز رأسه بتنهيَدة : الله يعين قلبي عليك يا غرور ، محد يكسر نظرتي غيرك
إنزلي أنتي وياها ولا أشوف الهواش هذا ببيتهم ، جايين عشان ما نقطع الرحم ولا نأخذ ذنوب القطاعة ولا والله ما خطت رجولنا لهالمكان

فتحت تساهيّل الباب وهي تقول بغضب : غالب ، لا تفتح هالسيرة من جديد ياويلك لو أسمع هالحكي قدامهم

تنهد وهو يفتح الباب وغرور أخذت تلف حجابها على شعرها بعشوائية

#هوى_ديار_الليل



-
سحبت غُفران خصل شعرها الخارجة من تحت الحجاب وهي تقول بضحكة ساخرة : ناسيته يالزينة !
تأفتت غرور وهي ترفع شعرها الطويّل وتثبته بيدها وهي تتغطي وتنزل ، وبلحظة نزلوها أخذت نفس وشتت نظراتها للمكان وهي تميّل شفايفها بإنزعاج، ما تستطلف هالمكان ولا تحبّه ولا يستهويها من سنين طويلة مالقت شيء يلفت إنتباههها هنا مالقت شيء يستوجب حبها ولا مكوثها لأيام طويلة ، آخر خطواتها للمكان هذا قبل سنة وماتذكر غير هالعشرة الأيام الي بقو فيها وإنتهت بغضب غالب كالعادة ورجوعهم وسط ضيّق جدها وإبتعادهم عن هالمكان سنة
وما تدري ليه جاءو هالعيد برغم عدم جيتهم بعيد الأضحى ، ماتعرف ليه تنازل غالب يرجع للمكان هذا برغم عدم حبه ولا رغبته بالرجوع
هو ما يخضع أبداً ودائماً كلمِته النافذة ، هي تعلمت كُل الغرور منه فكانت تتسائل عن السبب اللي كسّر هالغرور ؟
قبل يخطون لداخل البيت ألتفت بإستنكار للخطوات الواثقة والمسموعة اللي تتجه لهم ، ورفعت عينها وهي تترقب وجه الشخص اللي يحمل هالجسد العريض والمتزن ومن لمحت تفاصيله عقدت حواجبها بإستنكار شديد لملامحه الغاضبّة ونظراته المرعبة الي تحمل كم هائل من الغضب وكإن شيطان متربص بها
وكإنها ألسنة نار مشتعل تخضع كل من حولها ،
تعجبت من العروق البارزة بجبهته والي تنبض بشكل عنيّف وأيقنت إن مُسبب هالغضب رح يكون مدفون هالليلة لامحالة ، بقت مكانها تترقب وجهة هالشخص ووين بيتجه كونها تناست ملامح وجهه وعجزت تميز هويته ومن لمحته يتقدم لها كتمت شهقتها بصعوبة وغمضت عيونها برعب لما تخطاها بعدم إهتمام سرت قشعريرة عنيفة بجسدها ولفت يدينها حول ذراعها وهي تفتح عيونها بخوف للشخص اللي قصّد بيت جدها .. وعلامات إستنكار هائلة تغزو أطراف رأسها ؟
إلتفت من جديد وهي تلمح " صقر " اللي يمشي خلفه بخطوات خائفة ومهزوزة وواضح متوتر والضيّق بادي على وجهه ونظراته تائهه ، عرفته من أول لمحة كونها قابلت وجهه مرات عديدة كيف لا وهو ولد جارة جدها ، وكيف لا وهو يرمي بوجهه قدامها بكل مرة يسمع طواري إسمها فيها
لما ميّز صقر غالب اللي وضح على ملامحه الإنزعاج والغضب من شاهيّن اللي تعداه ودخل البيت بدون ترحيَب ولا حتى سلام حتى إبتهجت كل خواطره وضحكت روحه وهو يتلفت يدور بعيونه على محبوبته المغرورة ومن لمحها تناظره حتى توهج قلبه وخبى ضحكته بصعوبة وهو يلمحها تبتعد عن مكانه وتمشي بعدم إهتمام
أبتسم وهو يقبَل ويرحبَ بغالب وهو يقول : يالله إنك تحيييّ طويل العمر ، وينك يارجل تعبت قلوبنا بفراقك

أبتسم بتحفظ وهو يقول بهُدوء: الله يحيك وماظنتي والله فقدتوني
#هوى_ديار_الليل



-
إستوعب صقر إنه يقصد شاهين فضحك وهو يسلم عليه ويحبّ خشمه وهو يقول : ماعليك هاللحين مايشوف شيء من غضبه ، من يهدأ بيبدأ يستوعب

تنهد غالب وهو يقول بسخرية : شاهيّن وأطباعه الي ما تتغير

ضحك أكثر وهو يربت على كتفه ويقول : جاييَ قبل موعدك بخمسة أيام ، لايكون طواري بكرة تركتك تجر الخطاوي لنا

أبتسم بضحكة غالب وهز رأسه بإيجاب : والله مضيّعيين العقول يا ديرة الليل ، جدي اللي ما يرفع السماعة علي ولا يدري وين وادييّ يتصل يطلبب حضوري وحضور خواتي ويصّر علينا
والله لولا إتصاله اللي صارلنا منه شهور ماجيت ولاحتى للعيد

هز رأسه صقر بضيَق من علاقتهم مع ذلك أبتسم وهو يكمل السوالف مع غالب الي أندمج معه بسهولة كون صقر محاور جيد وسوالفه دائماً توسع الصدر ، ولكنه حرص ما يجي طاري غرور أبداً لإن إذا شاهيّن كان بيفتح له قبر ويدفنه فيه ، غالب وش بييسوي فيه ياترى ؟ هو كان يكفيه نظرة لشهور طويييلة لذلك أكتفى هالمرة وحاول يسيطر على نفسه ويذكرها بالحدود الي المفترض يتبَعها



بحدود البيّت اللي تحوفه الطمأنينة ، تسترق الحب شتلات الورد بكل أركانه ، ملتفة الجهنمية حول بوابة البيت بكل تملك وكإنها تحكي قِصة وصل إستمرت لسنين طويلة ، تحكي أجيال مرت وأعمار متفاوتة وضحكات متعششة بين أوراقها
وكإن البوابة على وشك الإختفاء من شدة إنتشار الورد حواليها ، البوابة اللي مر من تحتها إعصار غاضب متجهم وثاائر ، ماهو شخص أبسّط الأشياء تستفزه وتغيضه ولكنه شخص مايحب الإستغفال ، شخص أنقهر إنه بيكون كم شخص يضحكون عليه هاللحظة بسبب تسرعه وعدم فهمه للموضوع وهو اللي عُرف بحكمته، شخص أنحط بموضع سخرية كونه رفض تماماً يكون إسم البقالة بإسمها وشدّد عليهم ، وهي بتصرفها العفوي أشعلت القهر بصدره وأجّجت الضيق بداخله وهو بطبعه لأستقر الغضب بداخله يتجاهل كل اللي حوله ويغيّب الوعي عنه وكل تصرفاته تكون رهيّنة الشعور اللي يسيطر حتى على أطرافه
الشعور اللي أجبره يوصل لوسط هالبيت وهو جاهل عن الي حوله ، كان يستمع لضحكاتها العفوية مع عمتهم واللي من لمحوه إستنفرو ووقفو على حيلهم ، مايدرون وقوف ترحيّب بعد غيابه أو خوف من وجهه المتجهم أو إحترام لحضوره !
ولكن دخوله عليهم يجبرهم يوقفون بهالطريقة ، والي من بعدما أستقر قدامها ناظرها بنظراته القاتلة من شدة غضبه وهي إنكمشت على نفسها برجفة ، برغم عدم معرفتها لسبب كل هالإعصار ولكن الي تعرفه إن غضبه ماله سبب هيّن أببببداً !
من لمح إنكماشها قال بقهر وهو يزفر بكل غضب : لا تنكمشين وكأني بمد يدي عليك وأنا مابعمري ضربتك

#هوى_ديار_الليل


-

بلعت ريقها بصعوبة من نبّرة صوته الغاضبة والعاتبّة بنفس اللحظة ورفعت رأسها بخوف وهو أردف بقهر أكبَر وأحتدت نبرته بشكل هائل : تستغفليني يا أهداب ، تكسرين كلمتي وتهزيني قدام الي يسوى والي ما يسوى ؟ علميني أنا ماقلت لك قبل شهور إسمك لاينحط على اللوحة
أنا ماقلت لك ماودي ينجاب طاريك بكل مجلس ظناً منهم إننا نقدر نمشي الوضع ونقول يقصدون البقالة ماهم بلم بنتنا ، أنا ماقلت لك هالرجال الي هنا كلااااب يدورون للي يهز العقل من الغضب ، أنا ماقلت لك ماودي أبتلي بأحد بسبب ألعاب الأطفال الي تمارسينها أنتي وجدك
قلت ولا لا ؟

أرتجفت كل أوصال جسدها وأرتشعت أصغر عضلة وهي تحاول تشرح الوضع أو تستوعب غضبه أو تحتويه ولكنها عاااجزة ، وبقدر عجزها عارفة إن محد يقدر يحتوي غضب هالرجل أبداً
محد يقدر يهديه ولا يليَنه وهو هادي فكيف وهو غاضب ؟ إكتفت بهز رأسها بإيجاب وكإنها بهالحركة أشعلت النااار على أقوى معيار وعصفت بنفسها بأسوء حال لما صرخ بقهر وهو ينهرها : مادامك تدرين ليه تستخفين بكلامي ، ليه تفرضين رأي أنا رفضته ليه ما تستوعبون إن أسبابي ماهي بتافهه أنتي وجدك ، ماني بمتحجر ولا قليل عقل ولكني شخص أفهم الناس وأعرف نواياهم ، تستغفليني يا أهداب تظنيني بعقل جاهل لأجل تفرغين إسمك وتنشريينه وكإنك تستغفلين طفل رضاعته باقي بحلقه

تناثرت دموعها بشكل كارثي على وجهها وكتمت شهقاتها بصعوبة وهي تغطي فمها بيدينها لما إستوعبت إنها فعلاً أخطت ، ماتدري وش صار لأجل يجي بهالإعصار ويكسر كل ضلوعها بصوته ولكن الي تعرف إنه سمع أو شاف شيء يوجعه لأجل ينقهر بهالطريقة ماكانت تبي تكمل الخطوة وتكتبه ولكن إصرار جدها أرضاها وتركها تكتبه بهالطريقة ، بكت بكل قوة ووضح صوتها المبحوح لشاهيّن اللي من سمع إشتّد غضبه أكثر وقال بقهر بعدما إحتّد صوته أكثر : لا تبّكييين ما ينفعني بكاك
تمشين ورى شور جلوي وترمين شاهيّن ورى ظهرك ، مادام غايّب يعني ماعاد لكلمته سمع صح

قالت من بيّن شهقاتها وهي تحاول تجر الكلمات اللي عجزت تنسمع بسبب بكاءها : إلا لك كل السمع والطاعة

وهنا حاولت تدخل عمته واللي تدري مثل مالكل يدري إن التدخل يعني مصيبة بينصاب بها هالشخص الي تدخل مع ذلك ماقوت على صوت بكاءها : شاهـ...

قاطعها بنظرته الحادة واللي بسببها إلتزمت الصمت ، وهنا أقترب أكثر وإنجبرت أهداب ترجع خطوة لورى وهو سحب طرف قميصها بغضب : علميني وش أسوي فيك ، علميني وش اللي بيخليني أنسى الموقف السخيف الي عشته مع هالرجل ، علميني كييف بخليهم يستوعبون إن نيتك طيبة ولكنهم كلاب بقلوب سوداء علميني...

#هوى_ديار_الليل



-
-
سكت بذهول وسيّطرت الدهشة على أطرافه وهو يعقد حاجبه بكل صلابة لما تراجع جسد أهداب للخلف وإستقر جسد أنثوي صغير جداً مقارنة بجسده ، ما يختلف عن طول أهداب ولكنه كان غير تماماً عنها من ناحية القوام ، كان ممشوق وغض بطريقة مُلفتة ، ملتف بالسواد حتى عيونها غايبة عن مرأ عينه ، تقطيّبة حواجبه إشتدت بغضب أكبر وقبل يحاول ينفث نيران غضبه بالي تدخل قالت بعدم إعجاب وبنبرة طبيعية ولكنها كانت ملفتة بطريقة غريّبة : مادام نيتها طيّبة وقلبها أبيض ، ليه ما تلتفت لدمعها اللي أحرق وجهها ؟ من الي عطاك الحق لأجل توجعها بالطريقة ذي ؟

رفع حاجبه بطريقة مستنكرة وأخذ يلقي نظرات تفحصية لهالجسّد يحاول يعرف صاحبته ، نظرات تركت أقصى ضلع بجسد غرُور يرتجف بشكل واضح برغم محاولة سيطرتها على رجفتها ولكنها عجزت ، شدت على كم عبايتها وهي تحاول تقاوم وتمثّل الثبات ولكن نبرته الرجولية الرنّانة هزت كل كيانها وهو يتسائل بصوت حاد مثل حدّ السكين على الجسد : من تكونين يالغريبة ؟

بلعت ريقها بصعوبة ، ولكنها قالت بثبَات عكس إهتزاز أوردتها ، بنبرة واثقة بنبرة أنثوية برغم محاولتها جعلها خشنة إلا إن الرقة الطبيعية تغلب : أنا غرور بنت مهابَ

سكت للحظات لما تردد الإسم بعقله وميَل شفايفه بعدم إعجاب لموقفها فقال بصوت خشن مغتاظ : أجل لاهنتي يا بنت مهابَ خطاويك إعرفي وين توقفينها ، لا تجبرين الشخص على الشيء الي ما يبيه ، لا تتدخلين بشيء ما يعينك لأن النتائج مارح ترضيك

قالت بغضب وهي اللي تدخلت في الموقف اللي مر على أنظار جميع من في الحوش ، والي إجتمعو بسبب صوته الحاد واللي ما كلفو نفسهم يفرقونهم عن بعض أو يفزعون لأهداب االي مابقى على إنهيارها غير لحظات بين يدين المتوحش اللي ماهزته دموعها ، كانت حتى جدتها واقفة تناظرهم بنظرات عاتبّة ولكن ماحركت ساكن ، لذلك إنقهرت وإشتعلت قهر لما نطّق إسمه " شاهيييّن " إية هذا ولد عمي عسّاف الحاضر الغايّب ، اللي لها منه سنين والي بوقت حضورها مايكون له أثر ، الي برغم تفاوت أوقات حضورهم لهالديرة مايكون له أثر
برغم كل الأشياء الي تعرفها عنه وعن غضبه إلا إنها مارضت تتوجع أهداب أكثر لذلك إنجبرت توقف بوجهه : تقدمت خطوة ولا تراجعت النتائج كلها مارح تكون مرضية ياولد العم ، ماهو من حقك توجعها على سبَب تافهه مثل هالشيء ، مادام لها نية تشابه طهر الغيم لا تلومها على سواد قلوبهم ، كان بعقلك غضب تبي تفرغه فرغه بالأشخاص الصح لا تنشر جنونك على ..
#هوى_ديار_الليل



-
سكتت بخوف وتجرعت الصدمة وهي تنكمش بكل رجفة لما تقدم خطوة وكإنه ناويي يضربها ، غمَضت عيونها لا إرادياً ولكن بعد ثواني طويلة فتحتها وهي تشوفه يضرب الجدار الي بجنبهم بقهر ويلتفت عنهم وهو يجر خطواته الي من شدة ضربها للأرض وكإنها بتهد القاع عليهم من غضبها ، بلعت ريقها بصعوبة وألتفت لأهداب اللي من لمحت شاهيّن يبتعد عنهم حتى ركضت بأقصى طاقتها ، لوين ؟ ما تعرف المهم تبَتعد
أخذت غرُور نفس بصعوبة ولما حاولت تمسح وجهها شهقت بذهول لما إستوعبت إن الحجاب إنزاح عن وجهها باللحظة الي إنكمشت على نفسها فيها ، بلعت ريقها بصعوبة وماكانت تدري وش سبب غضبه اللي وصل لأقصاه لدرجة أبتعد عنهم ، هل بسبب كلامها اللي تربَص بشياطين عقله ولا بسبب عبّثها وعدم حرصها على التمسك بغطاء وجهها وإهمالها له لدرجة لمح ملامحها ، كانت تتسائل " هروبه كان غضبّ ولا إحراج ؟"
ألتفت بخوف لأمها الي ضربت كتفها بقهر وهي تقرصها بغضب وتهمس : ياويلك مني يابنت مهابّ ، والله ما دلَلك غير غالب اللي فقدك عقلك لدرجة تحاورين شاهيّن وتردين عليه ياللي ما تستحين ، حتى السلّلام ما سلم من فجيعته بوقحاتك ياقليلة السّنع

تنهدت وهي تدعيّ عدم الإهتمام ، وسحبت حجابها بكل حرية وهي تنزعه عن شعرها وتحرره بإبتسامة وكإنها ما تتلقى التوبيّخ من أمها هاللحظة ، رفعت رأسها للجو اللي غلب عليه الخوف بسبب شاهيّن وغضبه وقالت وهي تحاول تلطّفه وهي تنشر عفويتها المعتادة بالمكان وتسيطر عليه وتهيمن كعادة كل بقعة تجر خطاويّها فيها نبّرتها الأنثوية الرنانة صدعت بالمكان بخفة ممزوجة بثقل غريب كغرابة غرُور : أفا يا جدة ، يعني بعد غيابنا ما تستوعبون حضورنا ؟

ألتفت لها الجدة " مودة " وهي تبتسم بهدوء بعدما كان الضيَق يحوفها وقالت بضحكة وهي تفتح يدينها على وسّعها لها وتناظرها بلهفة: أسفرت وأنورت ياابعد كل الأحباب ، تعاالي يالكايَدة

ضحكت لها غرُور وهي تتقدم وتستولي على حضنها بعدما سلمت عليها ومودة تكمَل بضحكة : كااايَدة محد قدر يوقف بوجه غضبه وينهاه عن مبتغاه الي ضارب الدرب لأجله غيرك ، والله يلييّق يابنت مهابَ

ما أستوعبت غرور كلامها مع ذلك أبتسمت وهي تبتعد لما وكزتها غُفران لأجل تسلم عليها وبدأت التراحيَب اللي توهم يتنبّهون لها بعدما تربص غضب شاهيَن بأفئدتهم ، الشوق اللي تولع بقلوبهم لهالوجيه الي إنقطع الوصل بينهم شهور طويلة ، والخوف بفقدهم صباح اليوم الجديد ..!



بوسط تبادل الحديث مع صقر ، كان واقف قدام بوابة البيت العتيّق ،بوابة الجهنميّة كما أُطلق عليها،برغم كل شيء كان يحب هالشخص يلاقي فيه براءة مُزجت برجولة تليق فيه هو بس!
#هوى_ديار_الليل



-
قُطعت أحاديثهم بسبب فزة صقر ونظراته للشخص اللي فتح بوابة البيت وخرج وهو يجر كل شياطين الأرض خلفه من شدة غضبه ، دخل بإعصار وخرج بكوارث الأرض الطبيعية كلها
عقد حواجبه بإستنكار شديد لعروقه البارزة اللي صارت تنبّض بشكل هائل وأقوى من دخوله
سمع تنهيَدة صقر المكتومة لما تخطاهم ومشى من جنبهم بدون ما ينتبه لهم حتى !
أيقن صقر بهاللحظة إن لحاقه رح يسبب مصايّب أكبر ، لذلك أعتقه منه وأستأذن من غالب كون بقاءه هاللحظة ماله سبّب
تنهد غالب وهو يهز رأسه بآسى وتقدم للبيت وهو يدخله بصمت وينقل نظراته الهادية لأنحاء البيت اللي يجهل شعوره نحوه ! يحبّه ؟ ولا يبغضه ؟ هو اللي يدور بقلبه هاللحظة شوق ولهفة ولا نفور وضيق ؟
أخذ نفس بصعوبة وهو يغمّض عيونه بلحظة تراكم كل المشاعر بقلبه وإختلاطها ببعض لدرجة عجز يفهمها إستشعر إرتطام عنيف على أجزاء صدره ففتح عيونه بإستنكار شديد ، ومن لمح الجسد الأنثوي اللي مازال مستقر على ضلوع صدره والحجاب الأسود يغطي شعرها حتى تبّسم بضحكة وهو يلف يدينه على أكتافها ويقربها له بعنُف حنون حتى تقاربت ضلوعه بضلوعها وهو يقول ببسّمة رقيقة : ياسرع ما زار الشوق قلبك لهالضلوع ، كلها دقايّق

إستشعر إرتجاف هالجسّد بشكل كارثي بين يدينه وكإنه ضُرب بأقوى الوصلات الكهربائية عقد حواجبه بعدم فهم وأخذ يحرر هالجسد الرقيَق واللي يشابه بشكل كبير قامة غرُور اللي توقع تكون هي ، ولكن من رفعت رأسها حتى بلع ريقه بصعوبة وهو يرمش بذهول ، هالعيون الواااسعة اللي تشابّه عيون الغزال ماهي لغرور والله ، هالعيون حارِقة قاهِرة ومزلزلة ، وهالوجه الرِقيق ما ينتمي لغرُور وطغيان غرُور ، صد بصعوبة وهو عاجز عن تمييّز صاحبة هالوجه ولكن اللي يعرفه إنه قاهِر وموجع بطريقة تركت كل ضلوعه تنتفض ، كان لعيونها صفّ هدب يركع الي ما يركع !
أما هي من كانت ناوية تبتعد عن الشيء الي هز ضلوعها إرتجفت أوصال جسدها بسبب اليدين اللي ألتفت بكل حنية العالمين وأحتوتها بطريقة تركت كل حزن مرّها يتلاشى ويذوب وكإنه ماكان ولا صار ولا حتى سكن بقلبها ! هالحنيّة غريبة عليها هالتملك اللي إحتوى كل جسدها وغرقها بكل دفءه ماهو بقريب منها أبداً ، هي ماتعرف هالحنيّة ولا قد تعرفت عليها بأي فصول حياتها ، هالشخص ما ينتمي لها ولا تنتمي له ، ولكن ليه شعور بقلبها أجبرها تبّقى أسيرة له ؟ وكإنها ما صدقت على الله تلقاااه بعد عناء شديد ؟ كانت تجهل هويته ولكن الي تعرفه إنه مستحيل يحتويها غريب عنها ولكن صوته اللي زلزل مسامعها نفى كل توقعاتها وترك قلبها يهبّط لسابع قاع بهالأرض

#هوى_ديار_الليل
إنتهى.





التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 28-05-22 الساعة 04:08 PM
"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-22, 10:01 AM   #3

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




-
-
تلخبطت بطريقة مضنية وكل جوارحها إرتجفت لدرجة زارت الرجفة هدبَ عينها الهائلة وهي توزع نظراتها على وجهه الشخص الي مازالت باقية بحدوده لحد هاللحظة وهي تنقل نظراتها له .. سواءً من سماره الواضح والي مميز بطريقة ملفتة أو من سواد لحيته المشذبة بأفضل طريقة وكإنها مرسومة رسم ، ماكانت تدري ليه تأملت هالتفاصيل بهالجزء من الثانية والي لحظة إستيعابها للموقف شهقت شهقة عنييَفة وكإنها خرجت من أقصى وريد بقلبها تركت الهلع يستقر بقلب غالب الي ظن إنها بتودع الحياة بعد هالشهقة وأقترب منها يحاول يفهم ولكنها دفعته بكل قوة عنها وهي تناظره بصدمة أُمتزجت بحدة ،نظرة كانت بتكون عابرة ولكن لإنها كانت من عيونها أُجبرت تبقى بوسط الخلايا لإن عيونها تميّز كل المشاعر الي تمرها !
أرتبّك بسببها غالب وقال وهو يحاول يوضح موقفه : كنت أظنك غرور و..

قاطعته وهي تبتعد عنه للخلف وأهلكته الدموع اللي مازالت محتجزة برموشها الكثيَفة والي كان يظنها بسببه ولكن إبتعادها عنه أجبَره يتنهد وهو يغرز يدينه بشعر رأسه الأسود وهو يرجعه للخلف بطريقة تعبر عن ضيّقه وهو يستغفر ويتأفف بقهر للموقف الي عجز يتداركه واللي أجبر الضيق يزوره بشكل هائل وهو عاجز ينسى نظرات عيونها اللي كانت تحتجز الدمع بطريقة موجعة ، تأفف أكثر وألتفت لصوت " مودة " اللي قالت بإبتسامتها الهادية : الواضح يا وليدي هالجيّة ماهي من قلبك ، رغم إننا تشفقنا للقياك وهد الشوق قلوبنا

أبتسم بهدوء وهو يحاول يطرد الضيّق من الموقف الي ما يدري هو رح ينحسب ضده برغم إنه فعلاً كان يجهل هويتها : لابالله جايكم وسيّع صدر ياجدة ، بس يا وسع وجيهكم مستقبلينا بالغضب

ضحكت ضحكة صغيرة وهي تقترب منه وترفع يدها بعشوائية وهي تقول : بنّ عساف أوجعوه وما مشو على درب رسمه لهم وهذي العواقب ، ولكن من يهدأ بيفرش الورد لك وأنت تعرف

أبتسم بسخرية وهو يقترب ويقبّل رأسها وهو يقول بضحكة بها بنبرة إستهزاء : نعرف إستقباله الي لنا منه دهر ياجدة ، وكإنه يعرف حضوري ويهرب منه ، معلينا منه عسّاك طيبة ؟ والله لك وحشة تهد القلب ياجدة

أبتسمت وهي تتشبث بيدينه وتقول بضحكة : طيّبة ماحولي خلاف وأبشرك حتى التيس الي يشبهك أشتاق لوجهك

ضحك بصدمة من كلمتها وناظرها بذهول وهو يقول : أفا يالعلم ، تشبهيني بتيس ياجدة؟

هزت رأسها بضحكة وهي ترفع يدها الثانية وتدس الريحان بطرف شيلتها لأجل ما يطيح وهي تقول : أهداب من ولد هالتيس وهي تقول والله ماله شبيه غير غالب ، ماهو بشبه وجهه ولكنه ولد وقت كنت عندنا السنة الي فاتت ؛ فصار هالتيّس لك

#هوى_ديار_الليل.


-
-
أبتسم بهدوء وهو يقول بضحكة : لعله خير هالشبة عالأقل صار لي تيس ولا ؟

أبتسمت وهي تهز رأسها بإيجاب وبعد صمت مادام طويل وهم يتجاوزون الحوش الكبير اللي يضم شتلات الورد والريحّان اللي زُرعت بيدين الجدة وتعبها ، الحوش الي يغلب عليها الجو القديم والأُلفة الواضحة ، والي يحتوي على "العريش" اللي بنهاية الحوش والي كان سقفها سعف وأرضها بساط صغير والي تحتوي جلساتهم وضحكاتهم من شهور طويلة ، جلست وهي تلتفت له لما قال بتساؤل : ياجدة ، من هي اللي خرجت من الحوش قبل حضوري ؟

سكتت مودة وهي تحاول تتذكر وعلى طول عرفتها لإن محد تزلزل الحوش من بكاءه العالي غيرها : أهداببّ يايمك ، بنت عسّاف - أكملت بهدوء- ليه تسأل ؟

تورط وهو يميّل شفايفه بإستياء يحاول يلاقي لنفسه عذر قبل يلاقي لها " ليه سألت يا غالب فعلاً ؟ "
أنقذه من الجواب تقدم غرور اللي جلست بجنبه وهي تأخذ ذراعه وتثبتها على كتفها وسط إبتسامته ووسط جلوس أمه وغفران وحتى عمتهم اللي سلمت عليه وهي ترحب بحبور بحضوره .. وسط شعور مُقيت سكن قلبه للحظات معدودة قبل ينّدمج معهم بالسوالف قبل الفُطور ..!



صوت تنهيدته العالية تركت كل مزلاج باب صدره ينفتح بكل رحابة ، وكإنه كان ينتظر الإبتعاد عن طواري الغضب لأجل يقدر يسيطر على نفسه ، يحلّف لو بقى لحظة وحدة بس كان سفّك الدم وأرهب القلب ووزع الضيّق بالتساوي على كل أجزاءها ، كان غاضب وكإنه بركان سُدت فوهته وتركو أعاصيره تتراطم ببعض وتهلك كل أجزاءه ، زاد على غضبه نظرات التحدييّ الي بعيونها ووقوفها بوجهه وهي تجهل أسبابه وتجهله ك شاهيّن اللي يرفض وقوف أي شخص ضده وهو غاضب ! لإنه يوجع ، يدمّر ، يهلك !!
مازاد هالغضب سوى الخوف من إنه يضربها وهو اللي مابعمره رفع طرف إصبع على إمرأة ، وما أهلكه غير ملامح وجهها اللي دمّرت وأخلت بتوازنه .. يجهلها ويجهل وسَع وجهها اللي تركها تقدم هالخطوة بإتجاهه !
تأفف من هالطواري اللي خذت منه نص يوم لأجل ينساها وخذت منه أول فطور عائلي برمضان ورفع رأسه وهو مستند بطرف باب القهوة وعيونه على التلفزيون وضحكة ساخرة تملأ أركان وجهه ، وهو يتأمل لعب حرب المستهتر وغضب المعلق وحتى الجمهّور على تهوره ، ينقل أنظاره مابين التلفزيون الي ينقل إعادة المباراة ولجُلاس أهل القهوة القليلين واللي بين كل لحظة يمر شخص ويسلم عليه ويرحب ويهلييَ وهو يردها برحابة كونه تعود على سعة صدورهم معه وكونهم أصلاً يحاولون يوادعونه بسبب جهلهم بمصيرهم بكرة ..هو الوحيد اللي ماهو مصدق اللي يصير




-
كان يداري بسمة ساخرة بسبب غضبهم المكبوت من حرب اللي عجزو يظهرونه بحضوره ، يدري إنهم أهلكوه بالسب بليلة المباراة ولكن حتى بالإعادة المُفترض يكون له نصيب من القهر !
عقد حواجبه بإستنكار لما تدخل حرب بكل قوة على اللاعب واللي بسبب تدخله وقف الحكم وهو يرفع البطاقة الصفراء! إشتدت تقطيبة حواجبه بعدم فهم وهو يشوف حرب يزيد الغضب ويتحاور مع الحكم بطريقة عشوائية يجهل مضمونها ولكن الواضح إنه دمّر هدوء الحكم وأغضبه بشكل كارثي لدرجة أعطاه الكرت الأحمر والإبتسامة الي توسدت وجه حرب عقبها تُشير إلى إن هالطرد هو مُناه الي يبحث عنه من البداية
توزع الذهول على وجهه شاهييّن اللي أعتدل بوقفته ونفض يدينه عن بعض وهو يناظر للكاميرا الي تثبتت على حربّ يمشي بعدم إهتمام بالأحرى يركض وهو متجاهلهم تماماً ، تنّهد من أساليب حربّ ومن سكوت صقر عن موقف حرب وعدم معرفته إلا من الإعادة واللي لو مامر المقهى صدفة ماعرف تهوره!!

ألتفت للصوت المُتزن الوقور وضربات العصا اللي على الأرض الممُيزة و اللي لها نغمة ممّيزة قبل تطرب السمع تطرب القلب وأوتاره وتتركك تتلهف وتتشفق لأجل تلمح صاحبها ، صاحب الوجه الوقور السمّح والقلب المعجُون بالحنية
" وينك يالغايب " الصوت اللي يترك شاهيّن بكل مرة يلتفت بلهفة بعد غياااب ولكن هالمرة العتاب أكبّر والشرهة كبييرة وحيل لدرجة ألتفت بهدوء وهو يقترب ويقبّل رأسه بدون تتعانق عيونهم ببعض : كيفك يا جلوي ، عسّاك بخير؟

عقد حواجبه الجد شاهِر بإستنكار وقال بعد صمت بسيَط : الشرهات كبيرة يابن عسّاف ، ما تشيح عيونك إلا لامن العتب يملأ نظراتك
-سكت للحظات وقال بنبرة عاتبّة- : علمني أسباب ضيّقك هي اللي تركتك تغيب عن فطور العائلة بأول يوم لحضورك ، يرضيك نجلس كلنا على السفرة ووحدك الغايّب !!

رفع رأسه بهدوء ورفع عيونه وتأمل عيون جده وهو يقول بنبّرة حاول يخفف حدتها ولكن عجز : يرضيني يا جلوي ، لامن كلمتي تتساوى بالقاع وتستغفلوني بأسخف الطرق وكأني سفييّه وجاهل وكإنك تتجاهل الشنب االي على وجهي وتعدني طفل البارحة ، هذا إستقبال ؟ ودك أجلس على سفرتك ومالي كلمة عليها ؟

تنهد شاهِر وهو اللي عرف عن مشكلة سلمان وشاهييّن والي أصلاً كل أهل الديرة يتكلمون فيها ، اللي تساوت مع مصيبتهم اللي بتحل عليهم بكرة وحتى إن أبو سلمان تشرّهه ولكن حضور صقر تركهم يستوعبون فذاحة تفكير سلمان ولدهم وترك أبوه بنفسه يعتذر وقال بضيّق : يابوك أختك كان بخاطرها وهي بنفسها ماكتبت إسمها ، ودك أخليها بخاطرها بسببهم؟ من متى وأنت تهتم لكلامهم
أنت قلت لا تكتب إسمها وهي عطتني طريقة وقالت محد بيفهمها




-
-
ضحك بسخرية وهو يدخل يدينه بجيبه ، يحلف إنه ماهو بصغير عقل لأجل يقوم هالقيامة بسبب هالشيء الصغير ولكنه يحترق ويذوب برماده بسبب تفكير أشبّاه سلمان ، يعرف وش يفكرون فيه ويعرف كيف يحرفّون الموضوع على طريقتهم لذلك من البداية رفض ، ناظر لجده وشاهِر عض على شفايفه بقهر كونه يعرف إن شاهيّن لا عاتب يشيَح بنظره ولكن إذا عصبَ يناظر وبكل حدة ولكن مع ذلك ما يتجرأ يناظر لجده بهالحدة كونه يحترمه بكل جوارحه لذلك نظرته كانت قهر وضيَق !
ضرب بالعصا على الأرض وهو يقول ويحاول يقلب الموضوع عليه بغضب : نعنبو حيَك ولد عمك جاييّ من آخر الدنيا هاد شغله ودنياه وأنت مريت من جنبه وكإنه غريب حتى السلام ما سلمت ، وأختك للحين تبّكي وكإنه ميت لها أحد من ضيقها ، وسلمان مكسَره عظامه ببيتهم وباليالله يتنفس ويسحب له أكسجين وسفرتنا خالية منك وحنا لنا منك ثلاثة شهور يالي ما تستحي ، وهذا كوم وأنت تدري بمصيبة بكرة واللي ماندري بيصبح علينا الصبح وحنا بخير ولا بيصير فينا شيء يشتت جمعنا وأنت متجاهل كل هذا وجايي بمشاريّهك يا ولد عسّاف؟؟ -أشار بعصاه للخلف - حتى حرب هد الملعب وأخذ طرد لأجل يلبي ويجيني وأنت يالعاصي جايي تراكم الضيق على قلبي زود وكإني ناقصك

ناظره شاهييّن بهدوء وهو فاهم مقصد جده ولكن شاهِر مشى وما أعطاه وجه وهو يمثل الضيَق والزعل
وقبل يتقدم حرب ويلحق جده وقف قدامه شاهيّن وناظره بطرف عينه وهويقول بحدة : على وين يالطيّب ؟

ضحك حرب بورطة وهو يحك مؤخرة رقبته ويقول : بلحق جدي ، ياعمري عليه تشوفه ضايق وموجوع منك يالوحش بروح أراضيه

ناظره بحدة وقال بغضب : خذلت آلاف الناس ومستانس ياحرب ؟

تنهد حرب وهو يشتت نظراته للمكان ويمسَك وسط جسده وهو يقول : أنا قلت للمدرب ماني بلاعب ولكنه تحداني ونزلني غصب ، قلت له مرتبط بشيء مهم ولإنه كتبني بالإحتياط إنجبرت أروح الملعب ماهو بس كذا لما كنت ناوي أرجع للديرة نزلني للملعب غصب عني ، وأنا مستعد أضحي حتى بحلمي ومستقبلي لأجل كلمة من جدي يا شاهيّن ، أخذل مليون شخص ولا يزوره الخذلان مني هو بالذات ، تحترق المباراة والفريق والمدرب حتى المشجعين بعد ولا يضيق جدي

تنهد وهو يمسح على وجهه بضيَق : وأرضيت جدك يعني ؟ هو راضي عن تصرفك يومنك تمشي وراه بكم خطوة!

رفع كتوفه بعشوائية وقال : لا ، عصب علي وضربني بعصاه على رأسي بعد لإن أهل الديرة شرهّو ، يارجل الفريق بكبره طايح جاءت على طرد لي

ناظره بضيَق وقال بهدوء : ووش كان العقاب ؟

حرب اللي كان منهد أقصى ضلع بصدره وضايق به الكون على وسعه لإنه أنجبر يسوي كل هالأفعال لأجل يلحق جده الي قال "الليلة تكون عندي" ..




-
-
كان دنياه وعالمه كله حدود الملعب الرياضي كيف ينجبر يطرد نفسه من عالمه ولا يضيق به كونه ؟ ولكنه إعتاد من صغره إن شاهِر يكون أول أولوياته ضيقه وفرحه وحزنه وعتابه قبل حتى حرب نفسه ! لذلك تجاهل كل شيء وبما في ذلك مستقبله ولبّى شاهِر ! قال وهو يدعي عدم الإهتمام بضحكة : توقيف عن اللعب كم مباراة وغرامة خمسة آلاف ماهي بهينة بس تهون لعيون جدي

سكت للحظات وهو ملاحظ كل الضيق الي يحاول يخبيه حرب ولكنه واضح لعيونه وضوح الشمس وتنهد وهو يصد عنه ولكن سرعان ما أبتسم بخفوت لما أقترب حرب وقبّل رأسه بإبتسامة: صحيح مالي منك غير خمسة أيام بس كيف الحال يا الكبيّر

هز رأسه بإيجاب وهو يربت على كتفه وألتفتو كلهم لضربات العصا الغاضبة هالمرة والي كانت صادرة من شاهِر اللي يرمقهم بكل غضب ، أنفجع حرب ومشى على عجل بينما شاهيّن تنهد ومشى وهو يقترب من شاهِر ويمشي وهو يجاريّه بالخطوات يمشي بمحاذاته برغم الغضب الي بينهم لبعض ، بينما حرب كان يمشي خلفهم بخطوتين وهو يشد على كفوف يده .. كموقف يُكرر ويعاد تطبيقه من طفولتهم ومن سنين طويلة
شاهييّن اللي لو يحرق ويضرب ويهّد حيل ويكسر كلمة يمشي جنب شاهِر ولا يهمه أحد ولا ينهز له شعرة، بينما حرب كان عكسه تماماً كان أبسط شيء يضايق قلب شاهِر منه يتركه يتراجع للخلف بحياء ويترك خطوات بينهم لين ينجلي الضيّق .. تعودوا على هالمواقف وتعودت الطُرق على مشييّهم لدرجة حتى المسافات تصير بينهم لامرهم ضيَق
-

تحت العريش .. سقفه سعّف وقاعه بسّاط بسيط
يفترشون الأرض حُب وأُلفة ويتلحفون نجوم السمّاء في ليلة يطغى عليها ضوء القمر اللي ما غارت عليه الغيوم هالليلة وتركت له الحرية بالظهور ونشر ضوءه لكل شبر بهالأرض
يطّغى على سكون الليل وبديرة الليل ضحكاتهم العائلية ، سوالفهم الرحبّة ، ووجودهم اللي يزيد أُلفتهم
برغم كل تباعدهم وضيّقهم ، برغم اللي بقلوبهم والوجع المتراكم من سنين طويلة ،قرروا هالليلة يخضعون ويتركون بقلوبهم " الحب " وبس !
الجدة " مودة " اللي جالسة بالوسط ومن حوالينها بنتها وأحفادها ، والي من بعد صلاة التراويح فرشو بساطهم وزيّنو أرضهم بالحلا والتّمر ورائحة القهوة تداعب أنوفهم وتربك قلوبهم ، في ظل ضحكاتهم ما أنتبّهو لخطوات شاهِر واللي من تقدم وخطى خطواته لهم شقت إبتسامة طاهرة طريقها من بين تجاعيد وجهه وأخذ ينقل نظراته بينهم وقلبه يرتجف بضحكة
يناظر "ياسين "اللي ضاق الكون فيه وهو يرجى وصله وهو بوسط بيته ولكنه كان عاجز لإن هالرجل يحب ينزوي بزاوية خاصة فيه ستة وعشرين سنة من وجوده على هالحياة وصخبها برغم ذلك كان الهدوء عنوانه كان يحب يكون لوحده ولحاله!x




-
-
"..بجنبه أخوه المدلل والشخص العفوي اللي ضحكاته تنشرى " هارُون " الحفيد الوحيد اللي مرضيّه طوال الثلاثة عشر سنة الي عاشها تحت ظله ،يناظر ل " غالب " حفيّده اللي أهلك قلبه بُبعده والي هادّ حيله بحقده وغضبه عليهم والي حتى السنيّن ماتركت هالضيق يتلاشى !
ينقل أنظاره ل " غرُور " حفيّدته العاصية الكايّدة مثل ما سمتها جدتها واللي لها شخصية غالب وكإنه نسخ نفسه فيها ! ويبتسم ل " غُفران " الهادئة اللي تجلس بجنب أختها بصمت شديد ، وتتزايد البسّمة بشكل هائل وصريح لما لمح " تناهيّد " واللي آخيراً زارت مجالسهم ، آخيراً زينت المكان بحضورها ! وتتراكم التناهيّد بقلبه لما لمح " أهداب " اللي جالسة بعيدة عنهم وهي ما تبتعد إلا من ضيّق !

عمَ الصمت أرجاء المكان ، وتاهت الضحكات عن دربها وألتفت كل الأعناق للشخص الي يفرض وجوده ، واللي صوت خطواته على مر الزمن كان لها رنيّن مُختلف كان لها صوت يترك كل اللي حوله يتنبّهون له ، للبُنية الجسدية الهائلة اللي تقدمت لهم وللرأس القابع على هذا العُنق الشامخ واللي له ملامح هاديّة ، ولكن من شدة إشتدادها يظن المتأمل إنه طوال وقته غاضب وشارِهه
كان واقف يتأمل جلستهم بصمت ، وهو اللي تخطاه جده ودخل قبله لما لاحظ صوت الضحكات أما هو ألتفت لحرب وبقى يخطي معه بصمت شديد ، لُوحظ الصمت فألتفت شاهِر ببسَمة هادية إتجاه " شاهيّن " وقال بضحكة : يابُوك ضيعو الضحكات بسبّبك ، ردها لهم

ميَل شفايفه بخفوت ، وألتفت لهم من جديد ولقاهم بصمتهم يناظروه فتنحنح وهو يناظر لغالب دون عنهم وقال بصوت جهُوري رنّان له نغمته الخاصة اللي تشببَه شخصيته واللي يتفرد بها هو نغمة برغم خفتها إلا إنها تترك رجفة بالقلب : جعلها ترحبّ ملايين يا ولد العم ، نورت ديّرة الليل بحضورك ، وجمَلني بالعذر ظهر هاليوم ماكنت بوعييّ

قبل يرد غالب تقدم حرب منهم وقال بضحكة : إلا ترحب فيك وفيهم بعد ، لاتنسى إنك غايّب حالك حالهم

ناظره بطرف عينه وغالب وقف وهو يبتسم بهدوء ويتقدم منه : الله يبقيك يا شاهيَن ، وكلنا ندري من يجيك جنونك تنسى حتى نفسك

ناظره بصمَت وأكتفى بالنظر بينما ياسين وقف وهو يتقدم ويسلم على شاهيّن الي له من سلامه أسابيع طويلة ببسمة هادئة خاصة فيه ها وتلاه بالسلام على حرب وهو يعاتبه على طرده من المباراة في ظل تمثيَل حرب عدم مبالاته ، أما شاهيَن فتقدم لمودة بعدما أبتعدو البنات عنها وسلم عليها برحابة وسط عتابها الكثيّف ووسط إبتساماته الكثيّفة ليدينها اللي لازمت يدينه طوال الجلسة




-
-
إنضمو للجلسة العامَرة ولكن وجود شاهِر وشاهييّن بأحد أركانه سلب منهم الصوت العالي والضحكات العالية وترك هالحضور بصمة يلزّم عليهم إحترامه
في ظل هالجلسة كانت نظرات شاهيّن تتبع أهداب بكل تصرفاتها ، ملاحظ ذبُولها وضيقها وقلبَه يحترق مهما إدّعى الللامبالاة ، المشكلة اللي مهو بقادر يسيطر عليها بنفسه هو "غضَبه " واللي لاأضرمَت نيرانه داخل صدره حتى أقوى رجل مايقدر يطفيها !
أنتبّه لشاهِر الي كان على يمينه واللي قال له بهدوء وهو ملاحظ نظراته: صُنع يدينك ياولد عسّاف

ألتفت له بضيّق وهو يتنهد : لاتزيدها علي ياجد أنا في وجهك

أكمل وهو ينقل نظراته لأهداب الصامتة واللي برغم تلحفها بالسواد اللي يغطي كل تفاصيلها وللنقاب الي يحجب عنهم ملامح وجهها وهذا لبسهم بكل مرة يجتمعون فيها : ماربيتك على الوجع يابُوك ، أوجعتها لأجلهم وأنت تعرف قلبها شلون ليَن

ناظره بقهر ونظرتها تحتَد وتشتد : أعرفه ، وأعرفهم يا جد ورب الكون أعرفهم ، كلاب ونذليّن وقلوبهم سُوداء؛ لا تظن إني صغير عقل وفكري قليل ومالي قوة على التفكير ولكني ياجد أعرفهم وأعرف طريقة تفكيرهم وكيف كل شخص فيهم يسَبح بالموية القذرة والي يصنعون من إسم بس محل للدعارة ولبخس الشرف ياجد ، سمعتهم بإذني وجلست بمجلس لهم ودارت هالسوالف على مسمعي ، أنت ماتعرف وش صار ببنت مسفر اللي كان لها محل بإسمها ماتعرف وين وصل الموضوع من إسم بس لقضية شرف ، ظنك ليه سحبت نفسي من مجالسهم ؟ ليه عزلت نفسي عنهم ؟ لأنهم كلاب مسعورة يلهثون ورى طواري النسوان يدنسون هالطاري حتى بأتفه الأشياء

مسَح شاهِر بظهر كفه على شيّب وجهه وهو يتأمل ملامح شاهيّن اللي إشتدت بشكل مُخيف حتى إن أوردة وجهه تورمّت ووضحت بشكل مرعب وهي تنّبض وكإنها تنبض غضبّ وقهر ، تذكر سالفة مسفر فعلاً واللي ماكانوا يعرفون وش سبب القضية وكيف إشتعلت وماكان يدري إن بدايتها شيء تافهه مثل هذا ! تذكر اللوحة اللي كلما إرتفعت كانوا يصحون الصبّح ويلاقونها مهدودة وأيقن إن هذي سوايا يدين هالرجل الي بجنبه لاحظ إكمّال شاهيّن كلامه وهو يقول بضيّق : ياجد والله أعزّها ولاودي يمسّ قلبها ضيق ، بس إفهموني تكفون ولا تخلون شياطيني ترقص على رأسي لإن من بيوقفها لابدت ترقص؟

هز رأسه بإيجاب وهو يرفع يدينه ويربَت على كتفه بإبتسامة : هالمرة عدّها يابوك ، وهاللوحة بتبّقى

رجعت ملامح وجهه تشتد بشكل مُخيف وكان بيوقف لولا يدين شاهِر الي أحكمت القبض على كتفه وهو يضحك :إلا إذا أرضيتها

عض على شفايفه بقهر وهو يشتت نظراته للمكان ويقول بعدم إعجاب : رجعنا بالخيارات ياجد ، تعرف إنه ما ينفرض علي شور



-
أبتسم وقال بهدوء : أعرف إنك بالحالتين بتقلع هاللوحة من جذورها ، بس ودي ترضيها يابوك لها من الظهر والضحكة غايبة عن وجهها ، ولانعرف هو خوف ورجفة منك ولا ضيق لإنها زعلتك
تراني الي فرضت عليها هالشيء وليّنت قلبها لين رضت ولا هي لأجلك كانت رافضة

تنهد وهو يجلس ويهز رأسه بإيجاب وجلوي أردف : مانعرف وش بيصير بكرة يابوك ، خله لاصار شيء نموت وقلوبنا مستريحة

تأفف بضجر وهو يوقف من جديد ويقول : حتى أنت ياجد لك تفكيرهم ؟ خبَرتك عاقل
ناظره بإبتسامة باهتة وهو يتنهد ويقول : سوايا الزمن يابوك ، وسوايا العشرة تخلينا نأخذ من تفكير اللي نعاشرهم

هز رأسه بعدم إعجاب وناظر للي ألتزمو الصمت بسبب وقوفه الجاد فأشر لهم بإنه بيخرج من البيّت وخرج بصمت ، ولكن أي صمت؟
حتى صمته يفرض نفسه ، وهدوءه يعتبر ضجيج هائل !
-

قبل إقتراب مطلع اليوم الجديد وإنتصّاف الليل ، بوسّط حوش آل جلوي الخلفي
واقفة بشموخها وضحكتها العابّثة وهي مكتفة يدينها بإنتصار وتناظر لغفران الي مميَلة شفايفها بغيظ وتناظرها بقهر : غرور إتركي عنك الجنون ، بكرة من يصبَح الصبح رح أنفذ التحدي ، ترى ما بتطير الدنيا

رفعت كتوفها بعدم مبالاة وقالت ومازالت البّسمة تسيطر على مبّسمها : سمعتي وش يقولون أهل ديرة الليل ؟ يمكن ما يصبّح الصبح علينا ، ويمكن نموت وتقوم الدنيا ، عاد قبل يصير هذا كله أبيك تنفذين التحدي ولا شكلك تتناسين تمردك علي لما فزتي آخر مرة!خليتيني أغسل سبع بطانيات بلا رحمة بوسط الحوش وبعز الظهر ولوحدي

لمحت الإعتراض على وجهه غفران فتلاشت البّسمة وضربت الأرض بقهر وغضب : غفران والله لو ما تنفذينه لأخذك من شعرك هاللحظة ، مادامك خايفة وركبك ترجف من تنفيذه ليه جبرتي نفسك تهايطين وتدخلينه؟

ناظرتها غفران بضيّق وبدأت تشتم وتسب نفسها باللحظة اللي قررت فيها تدخل بهالتحديات مع غرور واللي لسوء الحظ كانت أغلب الوقت تخسر فيها مع ذلك ما تتوب ، تأففت بقهر وهي تقول بعصبية : وتبيَن أحلبها بالأرض ؟ وين الصحن
تكررت نفس البّسمة العابثة على وجهها وضحكت بخفة لما لمحت أهداب تقترب منهم وبيدها الصحن وهي تتسائل عن سبّب طلب غرور هالطلب منها ومن أقتربت وكانت بتسأل بادرت غرور بقولها بحماس : بقرة جدي المحببّة وينها ؟ دلينا عليها عندنا وحدة تبي تتعلم كيف تحلب

ناظرتها أهداب بإستغراب ومن ضحكت غرور ولمحت الإستيّاء على وجهه غفران أبتسمت بخفوت وقالت : ما تركتي جنونك للحين ؟

رفعت كتوفها بعشوائية وهنا أهداب قالت بذات البسمة : ولكن بقرة جدي ودعت قبَل سنة




-
شهقت غرور وغفران زارتها الفرحة كونها بتتمّلص من هالتحدي ولكن سرعان ماذابت ضحكتها لما قالت أهداب بضحكة وهي تجر خطواتها بإتجاه الزريبة ( الحظيرة) : ولكن الغنم للحين هنا ، أظن ينفع تحلب نعجة صح ؟

ضحكت غرور بفرحة وسحبت غفران المحبطة من خلفها وهم يمشون خلف أهداب
-
بوسط الزريبة اللي كان فيها لمبّة بسَيطة إنجبر هارُون يركبّها لأجل ترتاح مودة وتتطمن على حلالها حتى بالليل ، واللي كان صوت الأغنام يتعالى بفجعة بسبب غفران المرتعبة ورغم ذلك تركض خلف النعجة ووسط ضحكات البنات العالية على شكلها ، من بين ضحكاتهم وقفت ويدينها توسطت جسدها وهي تقول بقهر : والله والله لو ما تسكتون لأخذ نفسي وأروح

سكتت أهدابّ وغرور رفعت يدينها وهي تسحبها على شفايفها وكإنها تقفل سحاب وتحاول تكتم ضحكتها بصعوبة ، بعد لحظات من التعب والمحاولات وقفت غفران بتعب وهي تناظر غرور وتقول وهي تدعيّ العطش وتميَل ملامحها للتعب والهلاك : أحتاج موية ، تكفين غرور أجليه دقايق بس

كانت بتعترض غرور ولكن ملامح غفران أجبرتها ترضخ مع ذلك ماكانت غبية لأجل تتركها تروح بنفسها لذلك طلبت من أهداب تروح هي ، بعدما مرت دقايَق طويلة وهم ينتظرونها تعبت غفران فعلاً ورجعت تناظر لغرور برجاء لذلك ناظرتها غرور بقهر ووافقت مُكرهة ولكن أعطتها مهلة لو ماجاءت فيها يعني رح تخسر بهالتحدي والمصيّبة إنهم الثنتين"يعتبرون التحديات بينهم مسألة موت وحياة " لذلك مستحيَل تتخلف
فبقت غرور تنتظرها بهالمكان وهي بين كل لحظة ولحظة تتأفف بعدم إعجاب وتناظر بإشمئزاز مرتعب للمكان ، وبعدما إختنقت بين ثقل النقاب والحجاب و سحبته عن رأسها وهي تأخذ نفس من بين رئتيها من شدة غلاظة الشعور الي يحيط فيها ، تكرهه هالديرة بسبب الحجاب والنقاب الي تنجبر تنلف فيه حتى بوسط البيت بسبب عيال أعمامها ورغم إنها أبتعدت عن مكان جلوسهم وبرغم إنها سمعت إنهم رح يخرجون للقهوة مع عيال الديرة إلا إنهم ما ينزعونه إلا للضرورة ، ونزعته الآن لإنها تعتبر ذلك ضرورة ، حررت شعرها من الربطة وهي تفرده على ظهرها ، ك سواد الليل اللي يخيّم على الغيوم أخذت تبتسم بضحكة وهي تناظر للغنم وتقول : الحمدلله إنكم حيوانات وما تفقهون ولا كان أنا الحين متغطية لأجل ما يشوفوني هالتيوس

ضحكت أكثر وهي تسد خشمها بيدينها وتتأفف بضجر بعدما تلاشت ضحكتها من الرائحة وأصوات الأغنام الي تكرهها و"تخاف منها" ولولا هالتحدي ما بقت لحظة وحدة




-
بعدما مرت ثواني بسيطة بدأ الإستياء يستولي على تعابير وجهها كون غفران تأخرت عليها لذلك ضربت الأرض بأقدامها بقهر ولما ضربتها تعالت أصوات الأغنام ف خافت ورجعت خطوة لورى تحاول تبتعد عنهم وتخرج من المكان ، ولكنها تجمّدت بمكانها وماكانت أقدامها فقط الي تجمّدت حتى الدم الي بمجرى عروق جسدها تجمّد ، جفل فؤادها وتعالت نبّضات قلبها وكإنها رُبطت بساق راقصة بالية تتراقص بها بكل ما أوتيت من سرعة ، وإختار الرعب قلبها كمستقر له وهبّط الخوف على جميع أعضاءها لدرجة تلاشى صوتها من حنجرتها وعجزت حتى تصرخ فكانت الدموع هي الي تترجم كل هالرعب اللي يحيّط فيها هاللحظة وبلارحمة في التوقيت حتى !
_
_
متكِي بعضده على طرف الجدار ، وكإنه يرخي همومه عليه ويسندها على طرف الجدار بيَنما هو يفكر بهم واحد لعله يقدر يداريه ويحله ، يناظر بضجر لطرف " البسكويّت " اللي بيدينه ويقلبه يمين ويسار بين كل لحظة والثانية ، قبل لحظات كان مع صقر واللي طلب منه يساعده في حل المشكلة اللي سبّبها غضبه ،طلب منه بغلاظة كالعادة وإقتصر طلبه ب " تعرفني شخص مايدلّ للرقة باب ، تعرفني أهدّ حتى جبل وقت غضبي فمابالك بأختي ، وتعرفني ما بيني علاقة بيني وبين هالجنس حتى بينها ولا أعرف كيف أتصرف يا صقر ، شاهِر يقول إن الضيّق صار بيتها وودي أراضيها بس ما أعرف ، أخاف لانويت أقرب منها أجرحها زيادة تعرف أطباعي أنت ، علمني وش أسوي ؟"

صقر اللي تعود حتى طريقة طلب شاهيّن واللي حتى لو حاول يبين الرجاء بنبّرة صوته أو بنظراته يعجز ، لذلك يبّان إنه يأمر وبس برغم إنه يحااول يبيّن الرجاء
لذلك ما كان أبدًا يعلق على طريقةطلبه وينفذه على طول ، بعد سيَل من النصائح اللي عصبّ بعدها شاهيّن وكان بيقوم يضربه بسبب كثرة كلامه إختصر عليه الموضوع وقال " راضها بشيء تحبّه"
لذلك بقى طول الجلسة ساهم وبعقله تتراقص كل الأفكار والذكريّات القليلة مع أهداب ، للحظة إستوعب إن مواقفه مع أخته كانت قليلة ،قليلة حيّل لدرجة ماعرف وش اللي تحبه ؟ وش اللي تكرهه ؟ وش بيرضيها ؟ من بين المواقف القليلة اللي تذكرها ؛ تذكر مواقف لهم بالطفولة لما كانت تصّر عليه يوديها البقالة وتشتري نوع واحد بس من البساكيَت كانت تحبه حيّل،فقرر يكون هو أداة الصلح لعل هالشيء البسيَط يرضيها
تنهد وهو يدخله بطرف جيّبه وأخذ يمشي بوسط الحوش وهو ينقل نظراته المعتادة للمكان ،النظرات الي يظن متلقيها إنها غاضبة وحادة ولكنها كانت بالنسبة له طبيعية،توجه لغرفة جدته اللي إلتمت فيها مع"عفراء"بنتها وأم ياسين واللي من دق الباب وأذنت له وقفت عمته من لمحته ووجهها مكفهر وعيونها مشتدة من الغضب !



-
عقد حواجبه بإستنكار من ملامحها ومن الضيّق البادي على وجه جدته ، ولكن ماكان طبّعه السؤال وما جذبه الفضول اصلاً لأجل يسأل لذلك قال بعدم إهتمام وإختصار شديد وهو موقن إنه موضوع ما يخصَه ، بنبّرة كلها تساؤل : أهداب ؟

وقفت مودة وقالت بعد تنهيّدة : مايكفي الظهر ياي....

قاطعها الإنزعاج الي بدا على وجه شاهيّن والي قال بعدها : وينها ياجدة ؟

تنهدت وهي تقول بضيّق : راحت مع بنات عمها بإتجاه الحوش الخلفي عند الزريبة

هز رأسه بإيجاب ومشى وعلى ظل مسامعه وهو يقفل الباب تسلل لها صوت جدته المقهور "عفراء لا تهبّلين فيني ، الدنيا منّهدة على رؤوسنا وما نعرف بنموت ولا بنحيّا وأنتي بهالموضوع التافهه ، متى بتعتقين الناس من غيرتك ؟"

كمّل طريقه بعدم إهتمام وهو يتجه للحوش الخلفي واللي يضم فيه زريبة (حظيرة)الأغنام والدجاج منتشر فيه ، وأخذ يمشط الحوش بنظراته لعله يلقى لأهداب أثر ولكنه ما لقاها ! تنهدّ بضجر وألتفت للخلف من وسط الحوش وهو يعود أدراجه للداخل ولكنه عقد حواجبه بإستنكار بسبب إختفاء كل إضاءات المكان وإنقطاع الكهرباء بشكل كُلي عن كل الديّرة واللي بعدها إستولى الظلام بكل المكان بشكل مخيّف وهائل والقمر هاللحظة أعلن خيانته وتخبّى بين غيومه تاركهم من غير نوره ومواساته لهم بهالليلة ! ماكان الرعب بس بسبب الظلام الدامّس واللي يرعب أقوى القلوب ولكن زاده أصوات الصراخ المتفاوتة والعالية اللي بدأت تنتشر بالمكان بسبب خوفهم من تحقق ظنونهم وإن هالليلة هي الليلة الفاصلة فعلاً ، وقف بمكانه وهو يتنهد بخفوت وأخذ يدخل يدينه بطرف جيبه وهو يسحب الشمّعة اللي يحتضنها قماش ثوبه
واللي موقن إن لو حتى أقرب شخص له عرف بوجود شمعة بوسط جيبه بكل مرة يبتعد فيها عن مغارته أو بيته ويعاملها مثل معاملة شيء ما يبتعد عنه كان ظن إنه مختل ، سحب الولاعة الي بجنبها وأشعل نارها وهو يمررها على فتلة الشمعة ورفعها بالمكان ينقل نظراته المُدققة يحاول يلاقي باب الخروج من الحوش ، ومازال صدى صوت الصراخ يعلى حتى من داخل بيتهم لذلك كان يحاول يسارع خطواته لأجلهم ولكنه وقف بمكانه بتوجس والقلق عمّ أركانه وهو يسمع الدق على باب الحوش من جهة الغنم عقد حواجبه بإستنكار لإنه يعرف إن هالباب ما يتقفل أبداً ، والي واقف جنبه يقدر يعبر منه بدون هالدق ! كان بيتجاهل الدق ولكن شعور بقلبه أجبّره يجر خطواته بإتجاه مصدر الصوت ، والشمّعة مستقره بين كفوف يدينه تُضييء له مابين خطواته
-




كلما إقترب سمع صوت شهقات خافتة وكإنها لشخص يحارب الموت هاللحظة ، لشخص يحاول يتمسك بآخر حبال الحياة ؛ أقترب والخوف بدأ يتسلل لقلبه البارد بحذر شديد يحاول يتعرف على هيئة الشخص ولكنه عقد حواجبه بذهول وهو يدقّق بالجسد الأنثوي المنثني عوده على طرف الباب ويدينها تدق على طرفه وبيدها الثانية مثبتة نفسها لأجل ما تخر صاعقة على الأرض ، كانت الدهشة تخترق كل تفاصيل عقله ولوهلة كان بيتجاهل المنظر ولكن اليد اللي إمتدت له أجبرته يقترب بتوجس ، كانت بينهم خطوة وحدة فاصلة و الشمعة تضيء كل أطرافهم الي تحيَط فيهم ولكنها عجزت عن إضاءة المكان اللي يحتوي وجهها لأجل يتعرف على هيئة هالشخص ، ماكان عنده فرصة لأجل يتدارك الموقف ويعرفها لإنها تمسكت بذراعه بكل قوة وضغطت عليها بكل ما بقى بجسدها من طاقة وهي تغرز أظافرها الحادة بمعصمه و تلهث تحاول تسترجع أنفاسها وصوتها بالكاد وصل لمسامعه بسبب الغّصة اللي سكنت بمحلها الأساسي من تراكم الخوف بقلبها !
كانت تلهث بكلمة وحدة وتكررها بشكل مضني ومدمي للقلب وكإن الشموخ والغرور إستقر بداله رعب العالمين أجمع " خايّفة " كلمة وحدة قدرت تنتزعها من بين سيل الكلمات اللي أُحتجزت بحنجرتها وبصعوبة شديدة !
و بمجرد ملامسة يدها لذراعه وإفراغ كل خوفها فيه بمجرد ما وصل لمسامعه صوتها المرتجف حتى تلاشت عقدة حاجبّه بدهشة غريبة إمتزجت بذهول وهو يقول بنبرة عميقة : هذا أنتي ياطاغية ؟
-
#هوى_ديار_الليل
إنتهى.



الشخصيات :
آل جلوي
- الجد ، شاهِر
- الجدة ، مودة
١ - الإبن البكر ~عساف
زوجته ~ سُكينة
أولاده - شاهين ٢٨ سنة
- حرب ٢٧ سنة
- أهداب ٢١ سنة
٢ -عفراء (طليقها نيّاف آل فزاع)
أولادها - ياسين ٢٦ سنة
-هارون ١٣ سنة
٣ ~ مهابّ
زوجته - تساهيَل
أولاده - غالب ٢٧ سنة
-غُفران ٢١ سنة
- غرُور ٢٠ سنة
٤ ~زايد
زوجته ~مناهل
بنته الوحيدة - تناهيَد ١٧ سنة
-
-غزيّل جارة آل جلوي
أولادها
- صقر ٢٨ سنة
~صادق٢٤سنة
سُهاد ٢١ سنة
--
#هوى_ديار_الليل
إنتهى.
كل شخصية تواجدت عندها علامة الـ(~)متوفية ..



"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-22, 10:02 AM   #4

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




-
" طاغيَة ، لا تخافي ياطاغية ،وسّعي صدرك خبرتك قوية ياطاغية ، طفلة أنتي ياطاغية..."

والكثير من الجمل اللي تحمل هاللقلب دمَرت عقلها فوق تدميَره غزت على كل خلايا مخها ، نفضت كل إنش برأسها ، أمتزجت بمشاعر الخوف العنيفة الي تحاصر قلبها ، أرهبتها بطريقة غريّبة جعلتها تهبَ كل رهبتها في أظافرها التي تغزو على ذراعه بكل كرم ، تغرزها بكل تبجل وكأنها ترمي كل خوف إنتهك صدرها بين جلده الي أدمى بسببها .. كانت كل أوصالها ترتجف وكل بقعة بجسدها تناجي وتبَكي بكل تكلف ، تعرف صاحب هذه النغمة الرنّانة التي إحتوت خوفها هذه اللحظة ، تعرف الشخص اللي أطلق عليها هاللقلب من سنيّن عتى عليها الزمن ، تعرفه ولكنها تجهله بنفس اللحظة
تجهل حضوره بكل لحظة تتسلط عليها هالمخاوف لدرجة تتهاوى ساقها بسببها ، شهقاتها الناعمة الي تصدر من ثغرها كانت مُوجعة ، كانت تبّكي بصمت مخيف والإحراج يكسو ويستقر بصدرها مثل إستقرار الرعب فيه ، كانت تبّكي بكل كثافة عاجزة عن كبح خوفها ومستسلمة له بكل كرم برغم الإحراج الي تلبَسها ، للحظة خاطفة سكنت كل جوارحها برعب هائل وهي تستشعر ذراعه تنسحب من كفوفها كادت تصرخ ولكن الشمعة مازالت مستقرة بالقرب منها معلنة إنه قريَب منها ، حاولت الخروج من إطار هذا الرعب ولكن تهاوي ساقيها جعلها تخر صاعقة على الأرض وهي تبكي بفزع شديد وأصوات الصراخ تنخر طبلة إذنها بدون شفقة ، إستشعرت اليد الخشنة الي تلتف بكل صلابة على كفها والي تطبطب عليه بتأني بدقات رتيبة ولها ترتيب ما تجهله وكأنه يحاول يذكرها إنه هنا وهو يهمس بتفاوت بنبّرة غريبة جمعت الغرابة الي يتسم بها : لا تخافي ياطاغية ، خبّرتك قوية !
خبَرت إن غرورك ماهو ظاهري وبس

كانت خشونة يدينه تلامس نعومتها الطاغيّة يعرف إن حدوده تنتهي عند هالملامسة ، يعرف إن هذي خطوط حمراء لو تعداها أُختل وزن دينه وعُرفه وعاداته والأهم أُختل وزن " شاهيّن " ذاته .. ولكن الموقف ذاته يتكرر ، الخوف ذاته يسيطر ويرعش كل خلاياها ويمنعها من التنفس حتى ، وهل يرضى شاهيّن يسمع شهقاتها الي تُعلن تمسكها بالحياة بصعُوبة ويلتزم بالعُرف ويبَقى خلف حدود الخط الأحمر ؟ كسّره وتعداه من سنين طويلة وهالمرة مارضخ له ، طمّنها بطريقته الخاصة فيه بلقبها الي تمكن من مسامعها من طفولتها ولحد صبَاها ، اللقب الي ظنته مُحي وأنتهى عهده مع صاحبه اللي من سنين طويّلة نسّاهم ، ولكن رفرفة " طاغية" على مسامعها تركتها ترفع رأسها له وتلمح وجهه القريَب منها يمسح على كفوفها بخشونته يطبطب بكلامه على سمعها لعلها تستوعب الموقف !



-
كان يقول بهُدوء شديد ، يناقض شاهيّن تمامًا يناقض تكوين شخصيته : الأمور بخيَر ياطاغية ، بتعدي لاتخافين،خذي نفس وصلي على النبي

كانت ترضخ لكلامها وكأنها تحولت لدُمية تعمل بالأوامر فقط ، وكأن غرورها يبّهت في حضره الخوف ، وحضرته هو !
أخذت نفس بصعوبة شديدة وإزداد بعدها تنفسها وكإنها في سبّاق ماراثون ، كانت الشمعة تذبذب بضوءها وكإنها تشح عليها به وهو كابّح نفسه عن النظر لملامح وجهها اللي من شدة قربها، أنفاسها اللاهثة والحارة تلفح شعرات ذقنه الأشعث ، وهو ولو إنه عاقد الحرب مع هالجنس بشتى نساءه ولكنه في النهاية ، رجل وهي غُرور !
ضغطت على يدينه بكل قوة وهي تقول بصعوبة : شاهييّن ، أنت صح صح؟

وكإنها تنتظر تأكيده لأجل تستريح كل سُفنها ، همسه وقربه وصوته يأكد ولكن تحتاج التأكيد الأكيد ، تحتاج همسه اللي نسته من سنيّن طفولتها الغرّة ، ضحكة خافتة تهادت لسمعها أردف بعدها بخفوت : شاهيّن بذاته وبعزه ياطاغية

تحشرج صوته بعدم إرادة منه وهو يبتعد قدر أنملة مِنها لعله يخفف النار الي بصدره ولكنها شدت على يده أكثر فقال بقلق من تغير طريقة تنفسها : أنتي بخير ؟

شهقة رجولة خافتة تمردت من صدره لما إستشعر ميّلان جسدها وكإنه بيتهاوى على الأرض ولكن ذراعاه تلقفتها بكل قوة وهو يجذبها له بخًوف العالميّن أجمع .. يالله !

شاهيّن المتمرد ، البارد ، الهادي بطريقته الخاصة
سكّن رعب العالمين قلبه بهذه اللحظة ! ما ينكر إنه عاش هالموقف معها مرات عديّدة لما كانت طفلة صغيّرة وهو مراهق ، ولكن أختلف الوضع
لإنه ماكان ينتهي الوضع بإغماءها ووصولها لحضنه بطريقة سهلة ، وماكان بينهم حدود الديّن والعُرف !
--
بذات اللحظة كان " هارُون " واقف على عمود الإنارة الطويل تتهادى ضحكاته بطريقة مشاكسة شيطانية وهو يستمع لصراخ أهل ديرته من كل بيت الأطفال ؛ النساء ، وحتى الرجال ، كان يضحك وكإنه ماضحك طوال حياته بهالكثرة ، وبعد نصف ساعة أخذ يرجع الأسلاك بمكانها الصحيح وإنتشر الضوء بأنحاء الديّرة لتهدأ الأصوات بشكل متفاوت ويحل الصمت المتدرج ليبّتسم بخفوت : لأجل تتعلمون الدرس يا أهل الليل ، تصدقون كلام واحد مجنون وتؤمنون بقيام الساعة وهي ما يعلم بها إلا الله! ويّلكم من الله وهذا أصغر الدروس من معلمكم الصغير هارُون !

ضحك من جديد وهو ينزل بطريقة إحترافية من عمود الإنارة ويهذب ملابسه بطريقة مسرحية وهو يرجع بخطواته لبيت الجد شاهِر بإبتسامة ضاحكة على أهل الديرة اللي خرجوا وآخيراً نازعين عن قلوبهم رداء الرعب ليكتشفو الوضع!
-
-
بعد الفجـر .. في أول يوم من أيام الألفية
١-١-٢٠٠٠
--




مستندة بجذعها على أطراف الشبّاك بعشوائية وهي تنقل نظراتها ما بين مزارع الديّرة وما بين أختها الملتصقة بالفراش من ساعات طويَلة ، تناهيد عميقة تستقر بقلبها وهي تتذكر رعبها وخوفها الرهيّب باللحظة اللي إنقطعت الكهرباء فيها والي أستقبلت فيها أول أيام السنة الميلادية ، جفل فؤادها برعب العالمين على أختها غرُور حتى ظنت إن قلبها بيغادرها ، تعرف أشد المعرفة إن كابوس غرور والشيء الوحيّد اللي يكسر غرورها ويوجعها هو " الظلام" تعرف الحالة اللي تعيشها وهالة الرعب الي تسحب الحياة من يدينها بسببها ، لذلك رمت كأس الموية من يدها بدون وعييّ وبسبب رميتها جفلت أهداب اللي كانت واقفة بالقرب منها وحاولت تركض وراها ولكِنها توقفت بمكانها بعجز وأطلقت " آه" مكتومة بسبب كسر الزجاج اللي دخل بقدمها فشل حركتها عن اللحاق بـ غُفران والي لحظة إضاءة المكان توقفت بمقدمة الحوش وهي تعقد حواجبها بذهُول ، وكل مفردات العالمين تلاشت من ثغرها ، إنتفضت كل أضلعها سطوة وإستنكار وعدم إستيعاب و"خوف" وهي ترى جسَد غرُور يتدلى بعشوائية بين ذراع المهيّب " شاهيّن " بملامح جامدة لا تكاد تُقرأ وهو يحتضن جسدها الطرييّ بين ذراعه وبين صدره العريض ، تضيع بأريحية على فوضويته ورأسها مستند على كتفه ، فاقدة للوعي من شدة خوفها !

كانت تنقل نظراتها ما بيّن ملامح شاهيّن الهادية ومابين غرُور المُغلف جسدها بعبائتها وترك حجابها يغطي رأسها وباقي أكتافها بعشوائية ، فأقتربت بخوف وهي تناظره برهبّة لا إرادية عاجزة عن كبَح صدمتها وخوفها من الموقف " شاهيّن الوحش اللي ما يلتفت لأي وجع يحمل يين ذراعينه غرُور اللي تباريّه بوحشيتها .. يالله أي المصايّب رح تكتمل بها هالليلة الغريبة؟"

إرتشعت كل أوصالها وهي تلمح نظراته الثائرة وهمسته الحادة : منتظرة أحمَلك معها؟

إستوعبت إنها واقفة بطريقة وإنتقضت وهي تبتعد بربكة وتقول بخوف : كيفها ؟ بخير هيي ؟ طمنييي ؟ كنت معها ؟ غالـ..

سكتت بذهول وهي تلمحه يتعداها ويكمل طريقه بنفس الصمَت المنبوذ والمكروُهه وهو يصل للجناح المخصص لعائلة عمه مهابَ ، دفع باب الغرفة بأريحية بقدمه وكأنها ملك له ودخل وهو يقترب من الفراش ويسند جسدها الواهي من الوجع النفسي على أطرافه برقة غريبة عليّه وجديدة! لمح ثورة شعرها الهائج واللي تمرد على سواد الحجاب وإنتشر بعبثية على الفراش ، غض بصره بصعوبة وإنتفض جسده وهو يوقف بكل قوة ويشتت نظراته للمكان ، ومن لمح غُفران واقفة ونظرات وجلة تجول بعينها




-
أخذ نفس بهُدوء وقال وهو يثبّت يدينه بطرف جيبه بعشوائية وبرود يُحسد عليه بهالموقف اللي كل خلية بجسد اللي قدامه ترتعش رهبّة ورعب وخوف عجزت تبوح فيه وعجزت توضحه بسبب هالة الشخص الواقف أمامها : هي بخير ، وبتكون أحسن إذا أرتاحت

هالجمل فقط اللي تكرم فيها على مسامع غُفران بعد أن أسبّل أهدابه بهدوء وهو يبتعد بخُطوات متزنة للخارج بصمت شديد وغير محبب ، ولا كأنه الشخص الي قبل لحظات يحمل بين ذراعينه جسد يضج أنوثة ! بارد وثابت ومتزن .. شخصية غريبة بكل حذافيرها وكأنها عُجنت ببرود العالمين شخصية ماتخضع حتى لفطرتها وحتى لو خضعت تتراجع بأول خطوة !
بينما غفران كادت تتهاوى أقدامها وهي تقترب من غرور وتمسح على شعرها بوجع بوقت لمعان عيونها بدموعها الغافية تحت أهدابها ، تناظرها بأسف وعذر كونها تركتها لوحدها ، تركتها تعيش بشاعة هالشعور مع شاهييّن !!

تنهدت وهي تعود للواقع وتأخذ نفس بصعوبة وهي تلتفت لغرُور اللي بدأت تستعيّد وعيها بعد ساعات من فقدانه ، تمشَط المكان بنظراتها التائهه وهي تحاول تفهم وين موقعها ومن لمحت غُفران تجلس بجنبها وهي تمسح على شعرها برقة : وآخيراً صحيتي !

حتى عقدت حواجِبها و حاولت تسترجع الموقف اللي حصّل معها ، وبعد ثواني بسّيطة كل الي تهادى لسمعها " طاااغية " يالله يهالكلمة اللي أشتاقتها ، وأشتاقت سمعها وتذوق إذنها لها !
الكلمة اللي تبّغضها لإنها ماتعرف ليه سُميت فيها وأرتبطت بها ، ولكن بنفس الوقت تشتاقها لأنها كانت تظهر ك مواساة بأسوء أوقاتها ،اللي يحضر فيها شاهييَن بطريقة سرمدية غريبة لمفاهيم العقل !
على مرور سنوات عتيّقة قضت فيها طفولتها بين طيَات هالمكان وبكل مرة تعيش هالة الرعب هذي تلاقيه معها .. يواسيّها ، يطبطب عليها ويغدق عليها من طمأنينته فتطمئن وتستريح
ولكنه أختفى بشكل مثير للشفقة ، لسنين طويلة نسته ونست حضوره ونست إن لها إبن عم ينقال له"شاهيَن" ماكانت تدري كم عدد السنين اللي أختفى عن نظرها ولكن الي تعرفه إنه من أول حضور له بعد كل هالقطاعة ، أهلكها !
بلعت ريقها بصعوبة وهي تزيّح جفنها عن سوادها الحالك وتنشر نظراتها بالمكان بصمَت وقبّلما تنطق أو تتكلم رفعت رأسها بإستنكار لأصوات الزغاريد والضحكات الهائلة والتحميَد والتهليل الي على بالمكان بشكل رهيب !
-
-
فوق سطح بيَت شاهر جلوي، ، واقف بإبتسامة خافتة وهو ينقل نظراته لجيرانه وأصحابه الي يكبّرون ويهللون والفرحة تنتشر بالمكان بشكل هائل بمجرد إنبّلاج نور الشمس وإنتشارها بالمكان ، وكإن بخروجها تدحض كل الأكاذيب والخرافات الي أُلقيت على السّمعx




-

فوق سطح بيَت شاهر جلوي، ، واقف بإبتسامة خافتة وهو ينقل نظراته لجيرانه وأصحابه الي يكبّرون ويهللون والفرحة تنتشر بالمكان بشكل هائل بمجرد إنبّلاج نور الشمس وإنتشارها بالمكان ، وكإن بخروجها تدحض كل الأكاذيب والخرافات الي أُلقيت على السّمع ، وكأنها تحاول تخفف عليهم رعب ليلتهم وخوفهم لليالي طويلة بسبب أقاويل إنتشرت وصدقوها بشكل هائل ، جيرانهم المتوزعين على سطوح بيتهم وبالشوارع وبكل مكان بهالديرة ، والي ماغفت عيونهم ينتظرون هالشروق بفارغ الصبر وبكل رعب ، وبمجرد إستجابة دعواتهم سطّى صوت الفرح بالمكان وإنتشرت الضحكات بكل لهفة
ضحكة ساخرة على وجهه " شاهيّن " اللي يقف على يمين جده وينقل نظراته المتهكمة على الموقف اللي تكّون أمام مرأ عينه ، يستنكر تفكيرهم ويستصغره بكل إقتضاب ، ليه هم جهلة للدرجة هذي!!
أما نظرات إستنكار وعدم فهم تلوح بعيون غالب اللي عاجز عن تصديَق وضعهم لما حكى له حرب ، وبعدما فهم إستوعب إن سبّب طلب جده حضوره كان هذا !
أما هارون كان كاتم ضحكته عليهم بصعوبة ، واقف بجنب أخوه ياسين الهادي الصامت ونظرات اللامبالاة تنطق من عيونه ولكن من وقف حرب بجنبه تغير الهدوء تماماً وضرب كتف بضحكة عاجز يسيطر عليها : تشوف الجهل لوين وصل ، فرحانين لأن الشمس أشرقت من مشرقها !

هز رأسه حرب بضحكة وهو يأشر على ثغره بسبابته : لا تتكلم بالطريقة ذي ، بيأكلونك بقشورك وهم ليالي ماناموا من خوفهم

ضحك غصب عنه وهو ييقول : يارب لا تسخط عليهم

ولكن ذابت ضحكته بوسط ثغره بسبب نظرات شاهر الجامدة والي ضرب بعدها بعصاته الأرض وقال بوقار بعدما شمّخ برأسه وهو ينقل نظراته لأحفاده : لا تبّقون بالبيت وكأنكم تحرسونه كلكم

قال هارون بسخط وهو يناظره بصدمة : تكفى ياجد وش اللي لا تبقون بالبيت ، رمضّااان ياجدي يعني نرقد هالصبح وخصوصًا بعد ليلة أعتبرها جريمة بحق تاريخي ، حرام عليك..

سكت بسبب نظرات جده وتنّهد بينما جده قال بإستنكار : خمسة رجال بترقدون بالبيت بوسط هالصبح؟ يا جهر عينك ياشاهر!

إلتزم الصمت بسبب شاهيّن اللي قال بهدوء وهو يوقف بجنبه : مانيّب جالس يا جلوي، عندي كم شغلة بحلها وأرجع

قبَل رأسه بصمت قبل ينتظر رد جده وأبتعد عنهم والبقيّة تناوبو بنفس فعل شاهيّن وبعدها أنصرفو لذات المكان " محل الذهب " والي ماعندهم مرسى الا هو ، بينما شاهر أبتسم بخفوت وهو يداعب رأس عصاته بهُدوء ويهز رأسه بترقُب : هالحال بيبّقى لسنين طويلة يا أحفاد شاهر، نذر علي لأسخّر باقي عمري لأجل تبقون هنا
-
بعد ساعات الصُبح الأولى ، كانت تمشي بوجع وتسحب رجلها بصعوبة ولكنها عاجزة تبّقى مكانها !




-
بعد الموقف الي حصّل ليلة البارحة تحس إن الحياة دبّت بروحها ، تحس إن الكون كله راضي عليها .. يالله
كلمة وحدة منه قادرة على إحداث هدنة بكل العالم ، كلمة وحدة منه تكفى لأجل ينهد كل الزعل والخصَام والضيق، كلمة وحدة تكفي ولكنه برغم كل هذا بأوقات كثيرة كان شحيّح لدرجة إنه يبخل فيها ولو إنه بيكون بعدها السلام بكل الأرض !
أبتسمت بخفوت وهي تضغط على طرف عبايتها وتتذكر الموقف اللي حصّل ليلة البارحة ، بوسط الخوف ، والرعب والوجع !
" لما كانت تجر خطواتها والدم يقطر من قدمها دون ما تنحني حتى وتمسحه من شدة خوفها من الوضع الغريّب اللي حصل للديرة وترك حتى شيابّها يصرخون بأعلى صوت !
وقفت بوسط الحوش وهي تلمح شاهيّن يخرج من جناح عمها مهاب وملامحه جامدة ، عقدت حواجبها بإستنكار غريب وهي تلمح قطرات الدم على طرف كُمه ومنتثرة بعشوائِية بجيبه ولكن الواضح إن شاهيّن ماهو بمنتبه أبداً ليده المجرّحة بشكل كبير وكأن هالخدوش تفننت فيها قطة وخدشتها بأظافرها! قبل تقترب منه وخوفها عليه طغى على خوفها منه ، توقفت بمكانها بسبب نظراته الوجلة والي كتمت نفسها بذهول من لمحته يقترب منها بهالخوف ، شهقت شهقة خافتة وهي تتأمله ينحني لها ويرفع قدمها وهو يعقد حواجبه من لمح الجرح اللي فيها
بلعت ريقها بصعوبة وبصمت مهيّب كان حاضر دايماً بوقت حضور شاهيّن وكتمت صرختها المذهولة بصعوبة وهي تستشعر نفسها ترتفع للهواء وهو يلتقطها لحضنه ويقترب من الخزان الصغير الي بوسط الحوش، يفتح الصنبور الموجود فيه ويدخل قدمها تحته ومازال صامت ، ومازالت ملامحه هاديّة وطغى على عيونه الجمود والثبَات ، بينما يستشعر إرتجافها ، خوفها ، وجلها ، رعبها بالإقتراب منه بهالشكل
وما كأنها أخوها اللي يكبَرها بست سنين ، أخوها الي بحسّبة أبوها ، واللي اليُتم علمهم إن الأخ ممكن يكون فعلاً أب ، إلا إنه كان صارم ، بارد ، بعيد ، مخيف بدرجة الرعب ؛ ماكان مثال للأب الحنون أبداً
كان دائماً بعيد عنها ، بعيد عن العائلة والجو الحمَيمي ، وبرغم بعده فرض هيَبته ، فرض شخصه وقوته على أكبر شخص بهالمكان ، فرض مكانه وحضوره وحتى غيابه اللي ما يعوض عنه أقوى شخص بهالكون !
لذلك كان زعله مخيف موجع ومكروهه سواءً منها أو من بقيَة العائلة !
صامتة ، ومرتجفة وهي مغمضة عيونها وصّادة عنه بخوف بينما هو تركها بوسط البّساط اللي يعلوه السعف ، من توقف النزف البسّيط وأستخرج الزجاجة الصغيرة وسط شهقتها المتوجعة ، تنحنح وهو يلتقط أنفاسه بهدوء
وأقترب منها وهو يسحب كيسّ البسكويت ويتركه بجنبها ويهمس بجمود.."



الجمود اللي ألتصّق بنبرته وصوته من سنين طويلة ، حتى بالمواقف الي تستدعي حنانه كان جامد تماماً : أنا واثق فيك وبتفكيرك يا أهداب ، بس ماني واثق بالمحيط الي تعيشين فيه ، أعرف ماهي بنيتك تخالفيني ولكنك سويتيها بالنهاية

سكت وهو يلمح الضيّق البادي على تعابيرها ، ولمعة عيونها المُعلنة إن دمعها على أهبّة الإستعداد ، تنهد بخفوت وأيقن إنه بدال ما يصالحها أوجعها زيادة ، شد على قبّضة يده وهو يحاول يداري ثغره لأجل ينطق بكلمة يجمّل بها الموقف وأخذ نفس بصعوبة يستشعر صعوبة نطقها أو تجميَل أي من حروفه ، لطالما إعتاد على قول الكلام من ثغره بدون تكلف أو تجميّل ولكن الواضح بهالنقطة إنه يحتاج لتلميع حروفه ، وهو يلمح دموعها
"يالله ، هذي بنتك ياشاهيّن ، صغيّرتك أهداب كيف مايحن قلبك لدموعها؟"
رفع رأسه للسّماء وأخذ نفس بصعوبة ، ورجع ينحني لها بنظراته وهو يقترب منها وينحني لها بهامته العالية ، حجب بميلانه عليها كل الضوء عنها ومن شدة خوفها من تصرفه ما أنتبهت لتقّبيله لرأسها الصامت واللي من إستشعرت فيه إمتلأت عيونها بالدمع الحار الكثيّف اللي زارها من فرط الشعور ، "يارب شاهييّن يقبّل رأسي ؟ شاهييَن هنا قدامي يتخبط لأجل يصالحني ؟ معقولة حنّ ؟ يالله يارب.."
بُترت تساؤلاتها البريئة وهي تسمعه يقول وهو يبتعد عنها : لا تبّكين يابنت عسّاف ، بتغضب علينا أم شاهيَن بتقول ما حافظتو على أمانتي ، لاتبّكين يا أخوك

ابتعلت بكاءها بصعوبة وهي تستشعر حشرجة عنيفة بقلبها لما لمحت النظرات الغريبة بعيون شاهييّن ، وبعد لحظة فقط تحولت نظراته للجمود وأبتعد عنها بنفس اللحظة
غمّضت عيونها للحظات وهي تعيد الموقف برأسها وأبتسمت ببكاء ومن فتحتها ولمحت البسكويت جنبها والي ما أنتبهت له ، واللي من عرفت إنه عربون الصلح من شاهيّن حتى أخذته بيدينها وهي تناظره ، وهنا تفجَر الدمع بعيونها بشكل هائل تحتضن البسكويت لصدرها وتبَكي مثل طفلة ، طفلة حُرمت من حنيّة أبوها لسنين طويلة ، طفلة أبوها شحيح عليها حتى ببّسمة لتتفجر كل دموعها بمجرد لفتة رضا منه "آه من قسوتك ياا شاهييّن ، من جمودك وبرودك الي تُحسد عليه !"
إستعادت واقعها وهي تجر خُطاها بإتجاه البقالة اللي سبّبت الشرخ بعلاقتها مع شاهيّن ، توقفت أمام بابها وهي تُلقي نظرات خاطفة بإتجاه المكان تمشطه بنظراتها ومن تطمنّت إن كل الزوار هالساعة أطفال الحارة حتى تبّسمت وهي تفتح الباب وتُلقي تحيتها الصباحية على الشخص اللي جسده الهزيل متوسط الكرسي : صباح الخيير على الرجال الحلوين



عقدت حواجبها بإستنكار لما ما تلقت رد التحية ومن أقتربت ولمحته مرخي رأسه على طرف الطاولة ومغمض عيونه بهدوء حتى شهقت وهي تقرب منه وتسحب طرف العصا الي بجنبه ، أخذت تضربه بخفوت على كتفه ولكن لما مالقت منه إستجابة ضربت الطاولة بقوة وهو فز بعجل من مكانه وأنتفض وهو يقول بإحترام خالطه نُعاس : والله وربّ العبّاد يا جد إني مانمت غير دقيقة ، أصلاً قبل تدخل وأنا صاحي...

قاطع كلامه صوت الضحك الأنثوي الخافت ومن إستعاد وعيه تأفف بغضب ورجع يجلس على الكرسي ويقول بقهر : عاجبَك الوضع يعني ؟

ضحكت أهداب بخفوت وتقدمت وهي تجلس على الطاولة بطرفها السفلي وأخذت تدلي أقدامها وتحركها بطفولية وهي تقول له : والله رح يسرقون بقالتي وكل مالي وأنت راقد ، كيف تبيه يعجبني الوضع؟

تأفف أكثر وهو يرجع رأسه للخلف ويناظر نظرة سريعة خارج البقالة ، لمحل الذهب اللي بالشارع الي قبال البقالة وتنهد : يابنت الحلال تغربلت غربلة الله وكيلك الدنيا لو تعرفيها رح تبكي من شدة القهر علي ، يعني من يروح بظهر رمضان بهالحر الي يسّلخ الجلد لأجل يوقف على طاولة ويبيع لبزران الديرة ، لا ومهب بس كذا يجيك رجال الشنب خاط وجهه يقول عطني فطيرة لولد أخوي ، يعني يضحك على من هذا ؟ أي ولد أخ وأنت أصلاً وحيد أبوك؟

ضحكت بعفوية ، ضحكتها الهادية المعتادة وهي تسحب الغطاء عن عيونها وتناظر لهارون بنظرات مفضوحة وهي تقول : أنت اللي مسوي البَلبلة بالديرة أمس صح ؟

ناظرها ببراءة وهو يرمش بطفولية وأخذ يوقف ويقول : أفا ، هذا ظنك بولد عمتك الحنون ؟
وبعدين الديرة هذي والله خارج نطاق العقل ، كلهم مجانين وأولهم جدك

شهقت بعدم إعجاب ونزلت من على الطاولة بضيق : هارون لا تتكلم عن جدي كذا مرة ثانية

عض على شفايفه وهز رأسه بإحترام ، كون فعلاً عدم حضور جدهم مايعني تقليله لإحترامه : له كل الإحترام جلوي الكبير ، وين رايحة الحين ؟

ضحك وهو يجذب حجابها ويغطي عيونها بهدوء : خايفة من الصقر الحقيقي لأجل كذا بتهربين اليوم بسرعة؟

تنهدت بضيَق وهي تسحب الحجاب بعدم إهتمام وتقول بقهر : خايفة وحيل ، خايفة إني أوجعته وقهرته ، وخايفة من نظرته عني
أنا أصلاً جيتك اليوم عشان تشيّل كل الهدب الموجود باللوحة وتخلي هدب واحد

ضحك من قلبه وتزايدت ضحكاته بتعب من جفاف حلقه وأخذ يتوقف مجبر ويناظرها : أصلاً تفكيرك بالمسرحية ذي كلها ماكان لها داعي ، وبيني وبينك البقالة كلها مالها داعي حسبي الله فيكم كسرتو ظهري وأنا جالسٍ على هالكرسي ، ليت جلوي يجيب لها عامل ويعتق هالمسكين هارون




-
ميلت شفايفها بخفوت وأخذت تقول وهي تستعد للرجوع للبيت وتمشي وهي تلتفت له بضحكة ، لإنها ما قررت الخروج إلا لما أيقنت خلو الديرة من شاهيّن : تعرف جدي ، حلاله ما يأمنه غير على أحفاده ، ولكن أنت بالذات مثل الي يأمن الحلال للسـ..

غمضت عيونها بقوة وإرتدت للخلف بشهقة قوية وهي تضم ذراعينها لجسدها بكل طاقتها بعد إصطدامها الخفيف بشيء ثقيل وصلب ، وبرغم خفتها إلا إنها تحس إن ضلوعها إرتجت بعنف
تزايدت دقات قلبها بخوف وعجزت عن فتح عيونها خوفاً من إنها فعلاً صادفت أحد رجال هالديرة ببقالتها وهنا فعلاً رح يذبحها شاهيّن مثل ذبح الأضاحي ، فتحت عيونها بإستنكار لما تهادى لسمعها صوت ساخِر : أعتقد إن رمي نفسك على ضلوع غيرك هواية جديدة نجهلها عنك يابنت العم

رفعت رأسها بإتجاهه وهي عاقدة حواجبها بذهول ، وبإستنكار مهَيب لكلامه ، لصوته ، لمضمون حكيه ، ولوجوده بحد ذاته
بلعت ريقها بصعوبة شديدة وتوشحت عيونها بالضيَق والحرج والخجل الأنثوي الفطري ، والرعب
إرتشعت أطرافها بكل ضلع من ضلوعها فيها ، تذكرت موقفها معه بوقت وجعها من شاهييّن ، سرت قشعريرة مهلكة بكل جسدها لما تذكرت إرتعاشتها بحضنه ، ذراعينه الي ألتفت حولها
ونظراته لها ، تحلف إن الوسن غاب عن عينها طوال الليل وأعتكفت مع السُهاد ليلها كله ولاهو من خوفها مثل سبب أهل ديرتها ، كان بسببه
وبسبب شاهيّن
موقفههم سوا مامر عليها مرور الكِرام ، لأول مرة تتحفز كل حواسها بلحظة من الثانية ، لأول مرة تحس بمعنى " إنتماء " وماكانت تدري هل هي فعلاً مجنونة مثل باقي ديرتها ، لو فعلاً أعلنت الإنتماء بجزء من الثانية؟
إرتجفت أوصالها وتجمدت أعصابها لما أكمل سخريته بصوت متهاون بشخصها : ماكفاك الوجع من شاهيّن أمس لأجل هالمكان ، متعودة على تكسيَر مجاديفك وسكوتك عنها ؟

إمتلت عيونها دموع بشكل تلقائي وعنيّف ، وتحولت العيُون المُهلكة من شدة الرِقة لغيوم سوداء هالكة ، أهلكت كل الناظرين لها لما أمطرت الدموع بلحظة من الثانية على إثرها سكت غالب بصدمة ورجع لورى وهو يحك طرف جبهته ويناظر لهارون الي يناظره بحدة غريبة عليه ، واللي قال وهو يتقدم ويحضن طرف أهداب بحنيَة : يجهلك يا أهداب ، هذا الغبي مايعرف إنك كل يوم لازم تمرين على بقالتك لأنك عارفة إني بضيَع كل شيء لو ما مريتي ، عاد أنتي إرجعي الحين صدق قبل يجي شاهيّن والله ليحرقني ويحرقك بنفس اللحظة

شهقت وشهق هارون بأعلى منها لما إستجمع غالب نفسه بعدما شتّته الغيوم الحارِقة ورفع كتوفه بعشوائية وهو يغمغم ببساطة : شاهيّن بالمحل الي قبالكم!
-
#هوى_ديار_الليل
إنتهى




"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-22, 10:04 AM   #5

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




-
دفعها هارون بكل قوته وهي بدورها ركضت بكل طاقتها غير عابئة بالمكان أو بالي حولها المهم تختفي عن أنظار شاهيّن بهالمكان بالذات
تنهد هارون براحة لما أختفت عن نظره ، ورجع يجلس على الكرسي ويناظر لغالب اللي وقف عند باب البقالة ويناظر لأثرها بصمت شديد ، بملامح ماقدر هارون يفسّرها أو يفهمها
ما علّق على الموقف لإنه فعلاً كان مهلوك من التعب ورجع يسند رأسه ويغمض عيونه لعله يقتنص له ساعة نوم قبل يجي جده شاهِر ويكسر ضلوعه !


أول يوم بالسنة الميلادية الجديدة ، إنتهى صيامه بأحن من المُعتاد ، جمعتهم اللي أنهت تشتتهم وحضور كل أحفاد العائلة اللي من سنين طويلة ما أجتمعو سوا ، كانت ليّلة بمثابة كل الليالي بقلب شاهر جلوي ، اللي إستغل هالإشاعة بأفضل شكل من الأشكال وألهم الكل إن تفكيره محدود بنفس تفكير أهل ديرته المصدقين للخبر ؛ كان راضي إنه الكل يصنفه معهم لإن النتيجة تستاهل
تجمع أحفاده عن يمينه ويساره كان يكفيه ، سواءً من شاهييّن الي أنشغل بالناس بعيد عنهم ، غالب الي كان رافض الحضور قبل موعد العيد ولولا نبرة الجد الحازمة ماكان تواجد واللي يحبه حيل برغم جموده ببعض الأوقات ، ياسين الهادِي المنعزل واللي عجز يثبت مكانه برغم كل سنينه هنا وبرغم حيوية شخصيته مع أحفاد شاهِر إلا إنه ما يبي يكتفي فيها بس يبيه طول وقته حاضر وضاحك
أما حرب وهارون فكانوا في زمِام يدينه ، الوحيدين اللي مريّحينه بآخر عمره ، ليلة روحانية إمتلأت بضحكاتهم ، بحبورهم تحت السعف القديم ، وبجمعتهم اللي كُلها ألفة
على إثر إنتهائها وتشتت أهلها ، كانِت واقفة بجناحهم الخاص مشدِدة بكفوف يدينها على طرف الشبّاك وشارِدة بأبعد نقطة مستحيلة
لطفولتها ، والأهم لمواقف معينة لطفولتها
للمواقف إلي جمعتها معه
المُحير والمهلك لقلبها المغرور إن حضوره أنحصر بالوقت الي تتوجع فيه ..شاهيّن المهيب
كان يحضر من العدم بكل لحظة كانت تتوجع فيها من خوفها بهالمكان ، شاهيّن اللي من سنين طويَلة تناساها وعجزت تلتقيه خلال آخر سنينها
موقنة إنها عنده ماتعدت منزلة " بنت العم " الي لازم يداريها والطفلة اللي إعتادت على اللعب بين رحاب هالديرة بطفولتها ، وموقنة إنه ماكان ولد العم بالنسبة لها وبس
تكذب وتكون عرّافة ومنافقة لو ماهي تتسائل هاللحظة عن سبّب غيابه عنهم طوال هالسنين
تنهدت بسخط ومسحت أطراف وجهها بيديّنها الناعمة وهي تندبّ نقطة ضعفها اللي تزلزل ثباتها وتخدش غرورها الي يعجز أكبر رجل عن خدّشه ، وتكذب لو ماكان قلبها يغلي ويفور من القهر لما إسترجعت ليلتها معه البارحة !



-
أكدت شكوكها كلام غُفران لما أكدت لها إنها فعلاً ليلة البارحة كانت متوسطة حضن هالوحش ، برغم ضعفها ووجعها وهوانها في ذيك اللحظة إلا إنها ترفض بكل قوتها هالخطوة منها ، ملأها السخط حتى فاض من ضلوعها ولولا إحترامها "لغالب " لكانت نفضت جلستهم قبل لحظات وفرغّت قهرها بشاهيّن قدام كل العيون ، أما عن سبب القهر الأساسي وهالضيق المتراكي بصدرها فهي تجهله !
أخذت نفس بملل وهي تناظر لباب الحوش اللي من أنفتح تحفزت كل حواسها وأخذت تعتدل بوقوفها ، صدقّ حدسها وكان فعلًا شاهيّن اللي تقدم بخطواته الثابّتة ولكن العجب إن ملامحه مسترخية وثغره العابَس مرتخي بحيث شكت إنه " يّبتسم" فعلاً !
ماكان أسطورة العبوس ولكن المتعارف عليه بالعائلة إنه شحيح التبّسم بشكل يتركك تظن إنه مايعرف يبتسم ، تحررت نظراتها الهادية لـ قامته الخشنة الصلبة والقوية اللي أكتسّبها بسبّب الهواية الي بُنيت معه من مهد الطفولة وبّنت كُل هالعضلات ، بثوبه الأنيّق القاتم ،دائماً قاتم يشابه شخصيته الغامضة واللي عجزو يفكو شفراتها ويحلَلونها، بوسامته غير المروضة وملامحه الخشنة،ملامحه اللي عمقها وتميزها غطى على الجمال المتوارث من عائلة عسّاف ، سواءً تميزهم برسمة الأنف الحادة أو العيون الكِحيلة الموروثة عن أمهم سُكينة وكانت عيون أهداب المختلفة بتميز بينهم
تحفز جسّدها بشعور غريب جذبت بسببه قبضة يدها بكل طاقتها وهي تأخذ نفس بصعوبة ، سحبت حجابها بعشوائية وثبّتت هالمرة نقابها بكل قوتها على مدار رأسها لأنها مارح تترك لنفسها ثغره لأجل يسخر فيها منها !
تجاهلت التوقيّت ، المكان ، والناس ولبّت نداء أفكارها فقط .. كالعادة !
محد يسيّرها غيّر عقلها وكبريائها ، حتى قلبها ماله عليها سُلطة !
توجهت له بخطوات ثابتة متزنة توازي ثبّات شاهيّن واللي كان راجع من جلسة طويلة مع صقر واللي لأجله قطع جمعته مع أهله بالنص وسخط عليه جده شاهِر لولا إنه قال بسخرية " جايبني لأجل تحكم علي القفل ياجلوي مثل طفل العشر؟"
بدوره شاهِر تنهد وسكت عنه وإستمرت جلسته مع صقر اللي ضحك فيها لساعات طويلة لحد هاللحظة ، لذلك كان رايّق !
تغضن جبينه بإستنكار وتتبّعت كفوفه أثر جيبه وأندست فيه بآلية وهو يلمح جسد أنثوي محكم الإغلاق بالسواد القاتم يتقدم بإتجاهه ، كل الواضح كان كفوف صغيرة تتدلى من طرف العباية وعيُون كان واضح إن الغضب معميّها
هاللحظة ماتسائل عن صاحبة هالعيون لإنه ما يجهلها ، تسائل عن سبب الثورة الكبيرة الي تنطق بها ، والحرب الهائلة اللي تتقدم لأجل تشَنها عليه!
وقف بمكانه بملامح جامدة لا تُقرأ كالعادة !





-
وقفت على بُعد خطوات منه وكإنها مشت من على منحدرات جبلية بسبب لهاثها العالي وصوت تنفسها الحاد
بقى ثابّت بمكانه ، ينقل نظراته للمكان بآلية إعتاد عليها بحضور بنات حَواء ، كعجز فطري عن تأملهم وحياء رجولي بحت
مرت دقايَق طويّلة على حضورها وعلى وقوفه تملّل بوقفته وأعتدل وهو يسحب أطراف يدينه من جيبه ويرفع رأسه بشموخ أعتاد عليه ، مازالت واقفة ومازالت تتنفس بكل سرعة وكأنه في إختبار مدرسي وعجز يلاقي الإجابة المناسبة ! عاجز عن فهم موقفها وماكان يبي يسّتبق الحديث ولكِن ماكان عنده رفاهية الوقوف وتضييّع وقته بهالساعات الفضيلة ! قبل ينطق بحرف وبعد صمت شديد ومُقيت إلا من صوت حشرات اللليل وتهادي صوت السعف والورق على إثر هواء الليل اللطيَف قالت وهي تنحر هالصمت بصوتها الحاد المعترض واللي رغم محاولاتها بجعله خشن إلا إنه ظهر كصوت طفلة معترض وثائر ببراءة : إسمي غرُور ماني بطاغية

عقد حواجبه بذهول وإرتد للخلف وهو يناظر طيفها بجهل إمتد لكل عقله عجز بسببه يفهم منطقها ، قال بعدم إعجاب وببرود العالمين الي أكتساه بعدما غضب بسبب وقوفه اللي وكأنه طفل ينتظر عقاب أمه والي ضيّعه مع طفلة فعلاً: كبَرنا على حركات الأطفال ، ماهقيتك للحين بالمهد ياطاغية

دكّت الأرض بقدمها بغضب وهي تأشر له بسبابتها : أنا غرُور ، إسمي غرُور وماني طفلة الأمس ، لأجل كذا مايحق لك ولا بأدنى طرف إنك تتجرأ وتقترب مني بغير وعي مني ، مايحق لك تستغل لحظة ضعفي وتتخطى حدود الشرع والدين يا مستغل الفرص

هاللحظة كان وده يقترب ويكسر ضلوعها أو يعتصر عنقها بين يدينه مثل مايعتصر الحجر أو حتى يسحب لسانها ويخنقها به ، لأول مرة ينجح أحد بإستفزازه بالطريقة المهلكة هذي
والمصيبة ماكانت بعيونه غير طفلة فعلاً ، توشح بالبرود المُعتاد ولولا إن نظراته لوهلة سيطر عليها شعوره بالغضب إلا إنه أكتست بالبرود من جديد : ولا يهّمك مرة ثانية حدود العرف بتكون بيننا ، لو لقيت إنك على شفا حفرة من الموت ما خرجت عن العرف لأجلك

ناظرته بصمت وأسبّلت أهدابها بحيرة ، ماكان هذا الرد الي تنتظره ، أصلاً وش كانت تنتظر من المسرحية الغريبة اللي كانت البطلة فيها ؟ وجذبته عنوة عن نفسه لأجل يكون بطل ؟
تأفتت بنفسها وقالت بعد صمت طفيّف : والأهم إني ماعهدتك نقال حكي لأجل كذا الي صار أمس يبّقى بيننا

تجاهل كلامها بعدم إهتمام وقال بنبّرة غريبة على مسامعها : للآن تعيشين هالمواقف ؟

تحفز جسدها بغضب هائل كونه يكررها على مسامعها من جديد ، تجاهلت نبرة الإهتمام بصوته تجاهلت نبرة الإهتمام بصوته وهي تقول بقهر كونه يذكرها بضعفها في حضوره:لا تتدخل يا شاهييّن !




-
".. لا تمثل دور المهتم وأنت سنين طويلة غايّب ، لا تعيش دور البطل بمسرحية أنا بطلتها

تغضن جبينه بغضب ، وإشتدت ملامحه وتلاشى البرود وحلّ محله الإستهزاء الممتزج بغضبه : طفلة الأمس تعلمت الوقاحة وقلَ السنع بوجيّه الرجال يابنت العم ، الواجب نعيَد المسرحية لأجل تكونين واعية وين حدودك فيها ، ماني صغير القوم ومنتي طفلة الأمس لأجل تتعدين حدودك بالحكي ، بمررها هالمرة ولاني بكاسر رأسك ولكن ثاني مرة لنا جلسة طويلة في تعليمك الآداب من جديد ، الآداب على يدين بن عسّاف

توشح بالبرود من جديد وتعداها بصمت وهو يتجهه لجناحه الداخلي بيّنما هي كانت صامتة وصمتها صدمة نابعة من نفسها بعيداً أتم البعد عن كلامه نهاية الحوار ، كانت مذهولة والقهر تأجج وشكّل جماعات تنهش ضلوع صدرها بلا هوادة ، الآن إكتشفت سبّب قهرها الأساسي ، الي أجبرها تتخلى عن خجلها الفطري وحياءها الأنثوي واللي تسّلحت بسببه بالغرور والشموخ لأجل تقتص لأجله ! آه منك ياغرور !

الموقف مّر على زوج من العيون اللي كان مراقب كل الحدث بإستمتاع شديد ، الجارح المعتلي كل قمة مع الجامحة المغرورة ، معادلة صعبة ولكن لو تكونت رح تحرق الأخضر واليابس ، إبتسامة عابَثة وتكتيف يدين بثبات ويقين تام إن النهاية مارح تكون عند هالخط !
-
-
بوسّط حوش شاهر .. الي يضُم هاللحظة حفيّداته
وزوجته ، كانت مرتخية بجسدها الي مر عليه كل المشاعر خلال سنيّنها الي عاشتها ، على مُحياها إبتسامة رضا وهي تنقل نظراتها بيّن حفيداتها اللي منتشرين بالمكان ، تتذكر طفولتهم مع لحظات صباهم الحالية وتنتشر كل البسّمات على روحها !
ضحكت بهدوء بسبب غرُور اللي شمّرت عن يدينها ورفعت أكمام بلوزتها للأعلى وهي ترتبها بعشوائية ، تأملت للحظات سيل خصلات شعرها اللي رفعتها للأعلى وثبّتته بإحكام وهي تناظر لأهداب بتحدي : هلُمي إلي

ضحكت أهداب برقة وهي توقف قدامها وتقول بضحكة عفوية : غرُور أنتي مكانك بجنب حرب في الملعب مو هنا

رفعت خصلتها الوهمية للخلف وقالت بضحكة : لا تنسين ، كنت بصغرنا أطيح فيه وأعدي وأراوغ وهو مثل الغبي وراي ، يعني مو لإنه صار بنادي رياضي صار قوي ، لو يجي الحين رح أكسر غروره

ضحكت أهداب وأبتسمت مودة على إثر كلامها بينما غفران قالت بتنهيّدة يأس : غرُور لاتنسين إنك محسوب علينا يالبنات ، وغطي شعرك قبل تجي أمي وتوريك يومك

تأفتت غرُور وهي تتلاعب بالكورة تحت أقدامها بإحتراف وإتقان شديد كون طفولتها مرت أعتابها وهي تتخذ من كورة القدم هواية مفضلة سواءً بأركان الديرة أو ببيتهم بالعاصمة : البيت خالي من كل الرجال !



-
يعني أتغطى من جدتي مودة ؟ يعني مايكفي ماعندنا تلفزيون أشوف حلقاتي المفضلة بعدما أنحرمت منها

وقفت وراها تساهيّل وشدت طرف شعرها فضحكت أهداب وأبتسمت غفران بتشفي بينما الموقف كله يمر على عيون تناهيّد بعدم إهتمام : أنا ماقلت لك حجابك لا تشيلينه من على رأسك

ألتفت غرُور لها بحركة سريعة وقبّلت كفوفها بنعومة وهي تناظرها بإبتسامة لعوب : حبيبتي يا سوسو تعرفيني أكثر وحدة ماتحب تشيل حجابها ، بس ماتحسين إني حرام أظلم جدتي لما أحرمها من إنها تتأمل أعجوبة من أعجوبات الدنيا القليلة ؟ كلنا ندري إنه بدل ماهي تروح وتتأمل صنع الله جبتوني أنا لها لأجل تتأملني ، لأجل كذا لاتكونين شحيحة بعطاياك يا سوسو وخليها تتأمل على راحتها

ضحكت تساهيّل مُجبرة من ثقة غرُور واللي هي تعرف إنها بمكانها الصحيح فعلاً ، هالبنت ولو كانت داهية عقل وقلب ، فجمالها هو أكبّر الدواهي اللي تحير قلب الشخص اللي يوقف قدامها ، فلتت خصلة شعرها وأبتعدت وهي تضحك وتقول : ويلك مني يابنت مهابّ

أبتسمت غرُور وهي تعيد عقد شعرها هالمرة بعشوائية وتقول : الويّل منك يتل القلب يايمة ماعرفتي ؟ وبعدين عيال عمي مختفين من البيت

جلست تساهيّل بجنب مودة اللي ضحكت لها
وقالت : مالك عليها قوة هالكايّدة ، تخليك تغيرين قراراتك وأنتي معمية

أبتسمت للحظات وتلاشت بسمتها خوف على آخر العنقود لها ، تخاف عليها وحييل
تخاف عليها من غرورها ، ومن الناس الي حولها
لما إنتهى التشفي من قلب غفران رجحت فكرة اللعب معهم كون فعلاً الوقت مايمر بهالصبح ، ورغم إن العطش رح ينال منهم أكبر نيّل بركضهم ولعبهم إلا إنه أتمّوه بأفضل شكل وكالعادة تغلبت غرُور عليهم بكل بساطة ؛كونها أساساً لعبتها المفضلة! وقبل ينفضو من الحوش الخارجي واللي الجلسة ممتَدة على طوله وقفت غُفران بوسط الحوش وتخلت عن رداء الهُدوء تماماً وأخذت تناظِر بغرور الي دائماً بسببها تتخلى عن رداء الصبر : ياويلك مني هالمرة ، وتعرفين الويّل مني مايشبه ويّل تساهيّل!

ضحكت غرور ضحكتها المعتادة، الضحكة الي رغم التعب كلها غنج وأنوثة إستنفرت حواس غفران كونها خذتها تحدي،رجعت للخلف عدة خطوات وأخذت تتقدم بكل قوة حتى ركلت الكورة بكل قوة وأختفت الكورة لخلف الحوش مما إضطر غرور للتأفف الضاجر:هذا تحديك،ياليتك وصلتيها للقمر بس

ضحكت أهداب اللي إستندت على جذع النخلة تستعيد أنفاسها وتسترجع طاقتها اللي هُدرت باللعبة بينما غفران إنحنت تمسك مقدمة قدمها بوجع وهي تقول : خطأ،غش الموضوع المفروض إنك مسكتيها

ناظرتها غرُور بطرف عينها ومشت عنها وهي تمتم بضجر:ليه بايعة نفسي لأجل أمسكها من مبتدئة باللعب ؟



-
وصلت لخلف الحوش وأمام البوابة الأمامية لبيت شاهر وأخذت تتلفت تدور على الكورة بنظراتها ، ومن لمحتها أبتسمت بشيطانية ونواياها إستنفرت على غفران ، قبل إقترابها من محيط الكورة توقفت بخوف وإرتدت خطوة للخلف بشهقة عنيفة وهي ترمش بعدم إستيعاب ، للشخص اللي شاركها نفس ردة الفعل !

إرتّد للخلف بإجفال من الأنثى اللي إقتحمت المحيط اللي كان واقف فيه ، وأسهب بالنظر لها تحت صدمة ذهوله بحضورها وعدم إدراكه!
قبل يستوعب الحدث ، قبل يهرب أو يصّد أو حتى ينهرها لأجل تستوعب سمع صوت الأنثى من بعد عنها : غروررر لا تهربي بالكورة للقمر ، إرجعي بسرعة

أسبّل أهدابه بذهول وهالمرة صد عنها وهو يحك طرف وجهه بضحكة عجز يكبحها ، برغم سوء الموقف برغم صدمته وقباحة وقوفه بهالمكان بالذات وقدامها وهي منزوعة من السواد الإصطناعي بكاملها وواقفة بأبهى وصوف ، كان موقن إن خلف العيون المتمردة جمال يذهب نصف العقل إذا ماكان بأكمله ، ثواني وإنما تعدت الدقيقة فقط بوقوفها وهي تحاول تسحبَ أقدامها سحب ، وقوفه قدامها جمد أطرافها وخدّرها وعجزت تهرب من الرهبة
ومن إستوعبت إنها واقفة أمام"صقر" والأهم صاحب شاهييّن حتى شهقت ورجعت لورى وقبَل هروبها تجمدت من جديد إثر صرخة عفراء الحادّة والمستنكرة اللي أرهبتها وزرعت بقلب صقر الرعب والخوف باللحظة الي ظهرت بسمة لا إرادية بوجه صقر وهي واقفة أمامه: ياللي ماتخافون الله بنص البيت وبظهر رمضان ؟؟

صرختها الحادّة أربكت قلب وهزت عقل وزرعت خوف ورعب بسبب سوء نيتها اللي تركتهم يلتزمون الصمت ، الصرخة اللي وصلت لمسامع كل المحيطين بالمكان !
إبتداءً من شاهيّن اللي كان بالقرب من البوابة الأمامية واقف بجنب هارون اللي إمتلأ ثوبه بانزين وديزل وبيدينه معدات وقدامه مولد الكهرباء الصغير واللي بعد ساعات من وقوفه ، رفع رأسه وأبتسم ببطولية وقال بإحترام : أبشرك إنه تم

ناظره شاهيّن بتحذير وقال بعد نظرة شاملة للمولد الكهربائي الصغير : متأكد ؟ لو طفت الكهرباء لأي سبب من الأسباب رح يشتغل المولد بنفس اللحظة ؟

هز رأسه هارون بقوة وقال وهو يترك المعدات ع جنب : إيوة لاتخاف ، دار شاهِر مارح تظلم من جديد خذه مني عهد

أقترب وهو يربت على كتفه كحركة شكر فتبّسم هارون بفخر لما قال شاهيّن : كبر الصغير والله

قبل تنتهي فصُول الشكر ، تسلل لمسامعه صوت عمته عفراء الغاضب ، ولا كانت حدته اللي أستفزته وأجبرته يوسَع الخطى لهم ، كان "مضمون حكيها" اللي وصل بكل دقة لسمعه !
وصل لأعتاب البوابة وبعدما لمح وقوف صقر المرتعش إشتدت عقدة حاجبه بغضب عارِم ظن لوهلة إنه قادر على تدمير كل هالمكان بلحظة وحدة بس !
#هوى_ديار_الليل
إنتهى



"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-22, 10:05 AM   #6

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




وكإن نييران الكون أُضرمت بداخل روحه وشتت كل ساكن فيها ، وكإنه ضُرب بعاصفة أرخت بعبثها الموجع على كل أركانه ، تقدم بكل جموح وكإنها تلبست عيونه شياطين الأرض بسبب حدّة نظرتها ، النظرة اللي مشطت وقوفهم واللي من لمحها صقر بلع ريقه بصعوبة ، لأول مرة يستولي على غضب شاهييّن لأول مرة تتمرد هالشياطين ويسكن المارد روح شاهيّن بسببه !
قبل ينطق ويبرر أو حتى يستوعب الموقف ويختفي من المكان ، رمش بصدمة بسبب شاهيَّن الي قبض بكفه على ذراع الواقفة أمامه بكل قوة ككماشة من حديد صلب سحبها بكل عنف بعدها غير عابئ بوجود صقر أو حتى عفراء الي رجعت بعدما لبست حجابها أو حتى البقية الي بسبب الصوت كانوا يركضون لمصدره ، كان يسحبها بكل غضب أعمى عيونه تحت أنظارهم المصدومة والمعترضة واللي برغم خوفهم من صوت عفراء تضاعف بسبب شاهييّن وغرور هاللحظة ، رعبهم كان من سكُون غرور ورضاها على سحبه لها بالطريقة ذي والأهم على ملامح شاهييّن اللي تنذر بوجود كارثة على وشك الحصول ، غير عارفين بالسبب وجاهلين لكل الحدث بتاريخه ولكن النتيجة اللي وصلو لها كارثيَة بحق !
-
غِشاوة الصدمة الي تعلى عيونها من وجود رجل غريب بوسط البيّت ، ومن صوت عمتها اللي أرهبّ كل خلاياها لما إتهمتها بالباطل لمجرد حضورها بالوقت الخطأ ، ومن سحبها كما تُسحب الشاة من قِبل شخص أقل ما يقال عنه شيطان بأوج غضبه حجبت عنها رؤية نفسها وكيانها ، كانت مذهولة لدرجة الصُم واللاوعي وهي تسحب والوجع يخترق خلايا ذراعها بسبب الكماشات البشرية اللي عليها !
قُطعت الخطوات أمام جناح عمه مهاب ، دفعها للخلف بكل قوة لدرجة إصتدمت جسدها الواهن بفعل الصدمة على باب الجناح فرُض خصرها بمقبض الباب ، من فرط الوجع إستوعبت الوضع فشهقت بذهول وأرتد لها النفس وهي ترجع خطوة لورى وتتحكم بوجعها اللي فتّك بكل جزء بجسدها ، رفعت رأسها وتأملت كتلة النار القابعة أمامها ، كان شهيقه لهييّب وزفيره نار موقدة من شدة اللهب اللي يحرق صدره ، يتطاير الشرر من عيونه وكأنه على وشك حرق الأمة بأكملها ، الأوداج الي تعانق جبينه وجبهته إنتفخت لدرجة يخيَل للمرء إنها على وشك الانفجار ، إنتفاضة مهيب سرت بجسدها وألجمتها عن النُطق ، عاجزة عن الخروج من هالة غضبه اللي تجبر كل شخص يلتزم الصمت من شدة الرهبَة ، كائن مختلف تماماً إذا غضب ، يعصف ويترك الخراب يعم كل بقعة يمرها كانت مصعوقة لدرجة إنها تغافلت ونست شكلها العابّث وخصلات شعرها المتطايرة بفعل جذبه العنيف لها ، ووجهها المشتدة حمرته من غضبها المكبوت وخوفها وحرجها !x



-
الشخص اللي نسى كيانه ومنطقه بوقت غضبه ناظرها نظرة صقرية وقال بغضب خالطه سخرية : العُرف اللي تتبجحين فيه ليلة البارحة يُقام حده على ناس وناس لا يابنت العم ؟
البارحة كنتي بقمة دينك وظهر هاليوم صرتِ فرجة لأهل الديرة ؟ ليه قصرتي خطواتك ؟ ليه ماكملتي وعرضتي نفسك للميت والحي والراغب والعايّف ؟

إشتدت حمرة خجلها بكل سطوة وشبَ جسدها نار إستشعرت للحظة إنها تغلي بسبب الغضب الي تأجج وتراكم بصدرها ، تناست من هو
وتناست موقفها البشع اللي عاشته واللي بسبب خطأ عفوي بسيط إشتعلت نار موقدة : ضايّق صدرك لأني صديت عنك وعفت قربك وسجيت بالنظر لغيرك لأجل كذا تنثر حقدك علي يا شاهين ، لأني ما ألتفت لك وكان لغيرك لذة النظر؟

ماتدري كيف تكونت هالجمل من فمها ، ما تدري كيف نطقت هالكلام ولا كيف طوعت لها نفسها
ولكن كل اللي تعرفه إنها كانت تبي تحرق صدره مثل ماكان للنار نصيب من صدرها ، وفعلاً وفت بوعدها وملامح وجهه اللي إسّودت من الغضب وعيونه اللي زاد لهيَبها أكبر دليل إنها وصلت لغايتها ، أقترب منها ورفع يده وكإنه ناوي يضربها أما هي ما أهتز لها هدبَ وما أنحنت لها نظرة ، تناظره بشموخ وما كإنها رشت البانزين على النار بكل بجاحة لمحت الخدوش اللي تعلو كفوف يده وذراعه بسبب أظافرها ولكن ما أهتمت ، ماكان نيته يضربها كثر ماكانت نيته يفرغ غضبه اللي إستوحشت روحه بسببه لدرجة خاف يحرقها بمكانها فعلاً ، ضرب الجدار اللي بجنبها بكل جموح وبغضب العالمين اللي فتّك بصدره وأحرق كل بقعة فيه بكل طغيان ترجم هالغضب كفوفه اللي تمردت بالجدر واللي ضربت بدون رحمة وسط ذهولها وصدمتها وهي تناظره ، ردة فعل ما توقعتها كثر ماتوقعت إنه يضربها هي فعلاً ولكن كالعادة هالشخص محد يقدر يتوقع أفعاله
بعدما أنهال بالضربات على الجدار ألتفت لها وناظرها وصدره يعلو ويهبط من شدة غضبه ، وأوداجه تنبأ عن وشوك إنفجارها من فرط عصبيته : هالغضب ماهو لأجل إنك أرخصتي نفسك وعرضتيها وظنيتي إني شخص غار على بضاعة غيره ، هالغضب لأني سمحت لنفسي أتمادى بالنظر ...

قطع كلامه بكل سرعة وصد عنها وهو يسحب شماغه بكفه اللي تلطخت بدمه ورماه على وجهها وهو يدفعها للخلف من جديد : لا تساوميّن بنفسك مرةٍ ثانية على حساب تردين الكلمة بضعفها ، لا ترخصين نفسك من جديد يابنت العم لأجل ما أحرق هالديرة كلها

رصت على أسنانها بكل قوة ، وغمضت عيونها وكل هيجان الأرض يجتاح روحها ، غضبها وإن كان على شاهيّن كبير وحيل ولكنه على نفسها أكبر بكثير ، الآن أستوعبت إنها تحارب عن ذاتها وهي مكشوفة قدامه !x




-
الآن عرفت وش معنى كلامه ووش مقصده المبطن لذلك قبّضة يدها اللي أعتلت خصرها وأشتدت على طرف الشماغ كانت دليل على كبَتها لكل غضبها العارِم ، ولكن حتى بأوج إنكسارها وحرجها وضيقها مستحيل ترضى ينكسر لها طرف أو يذلها ولو على حساب نفسها : ماني ببضاعة لأجل أساوم وأرخص من قدرها ، أنا حفيَدة شاهر بن جلوي ياشاهيّن لا تعاملني وكني بنت الأمس الجاهلة ، أنا وإن أخطيت أنت آخر واحد تحاسبني هذا إن كان لك حق حسابي ، لا تطوع لك نفسك تسحبني وكأني شاهه بين يدينك مرةٍ ثانية لأجل ما تطال النار رجلك وتطالك أنت بعد

تحّلى بالسخرية وهو يقبض على كفه ويتّنحى عنها بعدما سمع خطوات جدته وعمته من خلف وقال بصوته الساخر الغاضب : مادامك تنحسبين على جلوي ، تصرفي مثل بناته ، لا تلبسّين أطباع غيرك وتجين تتمردين هنا ، هنا ينقص جناح وماله خيط لأجل ينجبر بعدما نخيطه ياطاغية

قال كلامه وما أنتظر ردها ، جرّ خطواته وقبل يتخطى عمته تساهيّل الغاضبة بجنون من طريقة تعامله وجدته والبنات اللي غاضبيّن ومن أستوعبو الوضع توجهو له بخوف وقبلما تنطق جدته وتعاتبه سكتت بشهقة بسبب الدم الي يملأ كفوف يدينه وقبل تتكلم أمها بعدما أنخطف لونها من خوفها قال وهو يوجهه كلامه لعفراء اللي تِتجه لهم تترنح بحرج بسبب إتهامها ومقهورة من تسرعها ومن لمحت تعابير وجه شاهييّن بلعت ريقها بصعوبة على إثر كلامه : لا تطوع لك نفسك تسوين هالبلبلة من جديد ياعمة ، هذي ماهي بسوايا عُقال
هذي فيه قطع رقاب ، وأنتي تعرفين إني ما أتوانى عن قطعها ولو فيها روحي ؛ إعقلي وأتركي عنك الجنون اللي بيضيعنا

قبل تبرر وتنطق بحرف واحد تجاهلها بذات الجمود والغضب ، تأفتت بقهر بينما تساهيّل ركضت لبنتها بلهفة وخوف ومن لمحتها مسحت دموعها بكل قوة وهي تسحب الشماغة من على وجهها تنهدت براحة لما لمحتها سليمة معافاة وضربتها على كتفها بغضب أمومي نابع من خوفها : رضيتي الحين ؟ شبيتي نار بالبيت

تأفتت بضيّق وهي تناظر لأمها وتقول بشموخ إعتادت روحها على سُقياه لكل جسدها وكإنه نبع
ما ينضب من لحظة ولادتها ، ولا كأنها الشخص اللي تعرضّ لأبشع الإهانات قبل لحظات ، ولا كأنها الشخص الي كُسر كبريائه على حساب موقف عفوي كان ممكن يمر مرور العابريّن ويُنسى بذات اللحظة لولا تواجد المُسببات ! سواءً أشخاص أو مشاعر : لا تتهميني بشيء ماهو بسواة يديني يمة ، أنا ما قلت لصقر تعال وقف بجنب البوابة لأجل تشوفنا عمتي وتنشر فضيحتنا عالملأ ، أنا كنت قدامك ولو قلت له كان كنتي أول السامعين صح ؟

زمّت شفايفها تساهيّل بضيق وأهداب أقتربت منها وهي تمسح دموعها من شدة خوفها !



-
كانت ترتجف كل أوصالها بمجرد شوفة شاهييّن بهالمرحلة اللعينة من الغضب ، لإنه يحرق
وحتى إذا أستوعب الي أحرقه بعد هدوءه مارح يرجع شيء طبيعي بعدها ! لمحت دمه اللي غطّى الجدار وعضّت على شفايفها بقهر وهي تناظر لعمتها : يرضيَك ياعمة ؟
تأفتت عفراء بصوت مسموع وقالت بغضب : أنا وش عرفني إنه شافها بالغلط

ضحكت غرور بسخرية وهي تتحجب بالشماغ وتقول بإستهزاء : لو صبرتي ثواني كان عرفتي ياعمة ، ولكن إختصاصك هو ...

سكتت بسبب ضربة أمها الخافتة لها وتنهدت وهي تصد بضيّق ، بينما مودة سحبت عفراء معها بغضب : أنا ماقلت لك لو شفتي هالعيال يتقاتلون سوى لا تفتحي فمك بحرف واحد ياعفراء ، ماودك تعتقينهم؟

زمّت على شفايفها بغيض وألتزمت الصمت كونها فعلاً أيقنت إنها أخطأت هالمرة!
من جانب شاهيّن اللي مازال بأوج مراحل غضبه ومازالت عيونه وكأنها تقذف حمم بركانية حارِقة أتجه لخارج البيت وكان ناوي يبتعد عن المكان قبل يتورط أحد بغضبه ويفرغه كله فيه ، كان وده يكمل صيام هاليوم بنفس طيّبة ولكن وجود صقر قدام عيونه أنهى كل مخططاته ، صقر اللي اكفهر وجهه وجفل فؤاده بمجرد رؤية شاهيّن على هالحال من الغضب قبل ينطق بحرف واحد بس أنصدم وأنفغر فاهه وهو يرجع خطوة لورى بسبب ضربة شاهيّن الموجعة على كتفه واللي أتبعتها ضربات عنيفة قال بأوج وجعه منها : كانت ثواني بس ياشاهيّن ، وأنت تدري إنها بالخطأ

إستمر شاهيّن بضرب كتفه بدون رحمة ومازال صقر يتلقى الضربات بخشوع ولكنه مازال يقول :
أنت تدري إنها بالخطأ وتدري بي

ضربه بغضب أكبر وإشتدت قبضة يده وهو يقول بصوت غاضب أمتزج بالقهر المُميت : أنا أدري بك ، أنا أعرف نيتك ، أنا تربَيت معك وأفهمك أكثر من نفسي ولو مرّ دهر ما خنت ياصقر

أستنكر صقر كلامه لإن ردة فعله منافية تماماً لمعناه وقبل يتسائل خفّف شاهيّن لكماته وقال بصوت شبّة هامس من القهر : بس هم ما يدرون يا صقر ، ما يدرون وش مقصدك ووش تبي ووش نواياك ، توّها طفلة ياصقر توّها ماتفهم وهم كلاب ، هم بيكسرو جناحها وبيلبسوك تهمة كسّره ، الثواني الأولى عدّت ولكن كل الي بعدها تنحسب ضدك ياصقرر ضدك أنت

صد بضيَق من كلام شاهيّن واللي توه يستوعب مقصده اللحين وأيَقن لوهلة إنه يستحق ضرباته ، لأن الثواني بعد الدقيقة الأولى اللي مرت وهو مستمر بتأملها وكأنه ينتهز فرصة وقوفها المفاجىء قدامه تستحق عالأقل هالضربات حساب لها ! وكل شيء بحسابه بهالديرة حتى الثانية
لما ضربه شاهيّن الضربة الأخيرة على كتفه صرخ بوجع وثبت ظهره على الجدار ، ومسك كتفه بكفه وهو يناظر لشاهيّن اللي توقف عن ضربه !



-
رجع للخلف خطوة وصدره يعلو ويهبط بشكل كارثي وملامحه مازالت مشتّدة وكأنه كان بساحة حرب شرسة ! قبل ينطق صقر بكلمة تجاهله شاهيّن وصد عنه وهو يتخطاه ويمشي بيّنما يدينه مازال دمها مسفوك ومازال وجعها ينبض بكل عروقه ولكنه ما توّجع منها
لإن وجع فؤاده هاللحظة يكفيه لأجل يحجب عنه أي وجع جسدي غيره ، أما صقر غمض عيونه وصدره صار أضيّق من خرم إبرة من شدة ضيقه
سبّ نفسه بأسوء الشتائم على اللحظة الي فكر فيها ينتظر شاهيّن بجنب البوابة وعلى اللحظة اللي سمح لنفسه يتمرد فيها ويناظر لشيء ماهو من حقه ، ألتفت لهارون اللي كان واقف قريب منه ولكن شوفة غضب شاهيّن أرهبته وتركته يرجع خطوات لورى مفجوع والصدمة إستحكمت بقلبه وهو يتسائل"لو كان هذا غضبه على صقر واللي يعتبر المرتبة الأولى مكرر بقلبه مع جلوي، أجل لاكان شخص غير صقر وش بيصير فيه ؟ بيمــ.." إقشعر جسده قبل يكمل تساؤله وركض على طول يساعد صقر اللي فعلاً يتوجع واللي توقع أصلاً إن كتفه خُلع هاليوم !
ما إنتهت المشكلة عند هالنقطة ، بعد معرفة غالب بالموقف وبعدما حكَت له غفران كل اللي حصل والأهم الجزء اللي يخص شاهييّن وأظافره اللي مازال أثرها بذراع غرور كان له من الغضب النصَيب الأكبر واللي نثره بكل مكان بالبيت لإن شاهيّن مارجع ، كان ناوي يرجع يغيب من جديّد ويترك هالمكان بدون رجعة وهالمرة للأبد لولا دموع جدته مودة اللي ماهانت عليه بعدما هدأته وأستحلفته يبَقى ، وفعلًا لان ورضى ولكن رضاه ماكان على شاهيّن أبداً ولا كان على عفراء اللي أفتعلت مصيبة من العدم ..!
-
-
-

من بين زيّنة العيد اللي مالت على أغصان الشجر تتراقص طيُور الصبّح اللي تنفس قبل ساعات قليلة وغازلت خيوط شمسه الأرض بجرأة شديدة ، كانت واقفة بجنب الشجرة شهيقها ضيّق وزفيرها عدم راحة ، تكذب لو تقول إنها تلقى الراحة بالمكان هذا وخصوصاً مكان ما إعتادت على العيش فيه دون مقومات الحياة إللي كانت متوفرة بالعاصمة خصوصاً إنه عدّى يوم العيد وثاني أيامه بدون ما يكون لغالب نية بالرجوع للعاصمة بعدما أعطاها كلمة عن رجوعهم ! ماقدرت تجادل أو تفتح الموضوع معه بعد صمته الشديد بعد الحادثة اللي صارت لهم ، واللي برغم تصديقه التاام والنظيَف إنه الموقف عفوي وبريء ولولا عفراء وشاهيَن ماكبر للدرجة هذي ولكنه رغم كل هذا كان صامت أغلب الوقت وبمجلس جدّه شاهِر بسبب مباركات العيد اللي ما أنتهت من يوميَن والضيوف اللي ما أنقطعت خطاويَهم عن مجلس جدها ، وضيَقها كان سببه مجهول أو هي تظن إنه مجهول رغم إنها حاولت تتجاهله ولكنها عاجزة
يالله .. عاجزة تنَسى كل كلمة إنقالت بآخر حوار معه




-
عاجزة تتناسى نبرته الساخرة وملامحه الواجمة وصوته الغاضب ، عاجزة تنسى تقليله من قدرها وإهاناته اللي كانت بالصميَم ! عاجزة وغيابه اللي أستمر لكل هالأيام ماأعطاها حتى الحق تنسى ، حتى العيّد تخلف عن حضوره وماعاش مراسيمه بين أهله وناسه
من اللحظة اللي خرج فيها بعدما رمى كلماته !

لا لا ماكانت كلمات وبس ، لأن لو صيّرنا كل كلماته لأداة بتكون سكيّن مارح تكون ضماد ومجرد كلمات وبس ، كانت حادّة إخترقت كل دروع غرُور المتينة وأحرقتها بشّدة ، خصوصاً إنه يدري إن الموقف بريىء وعفوي ولكنه كواها بأبَشع طريقة وبالتالي هي من فرط وجع الحرق ردّت له الكلمات من غير قيَاس ،وبرغم كل هذا ماتوقعت إنها بتأثر بشخص مثله بتاتاً ، شخص مثله ماهو بالكلام اللي يأثر فيه ولاحتى أقوى ظرف يأثر فيه؛ ولكن هي برغم شموخها ، خشونتها ، قوتها ، غروها
كانت أبسّط الكلمات من"أشخاص معينين" تهلكها وحتى النظرات لها نصَيب من ضيقها ، خصوصاً نظرات جدتها مودة اللي برغم عدم توضيحها لها إلا وكأنها تحس إنها تتهمَها بغياب شاهييّن عنهم بهالعيد برغم فرحتهم الشديدة فيه !
تنهدت وهي تسحب طرف النقاب عنها وتأخذ نفس بكل قوة لعلها تحرر طيور الضيَق اللي بصدرها ولما ألتفت لمحت غالبَ يخرج من المطبخ بيدينه دلة القهوة وملامحه مرتخية معلنة هدوءه إقتربت منه بعجلة شديدة وأحاطت خصره بحرص كبير بذراعها وهي تقول بنبرة ضيَق : خاصمتني ؟

توقف بمكانه وثبت الدلة بيمينه وهو يميّل شفايفه بخفوت : ليه بيننا مواقف تتطلبَ الزعل ؟

رفعت كتوفها بلا معرفة وقالت بنبرة متسائلة : أنت صادّ عني طوال هالأيام ، حتى بصبَح العيد سلمت على الكل -مالت نبرتها للزعل -وأنا كنت آخر وحدة

تنهد للحظات وأبّعد يدينها عن خصره وأخذ ينزل الدلة ويلتفت لها وهو يثبّت يدينه على كتوفها بحنية ويبتسم لها بخفوت : ما بيننا خصَام ، ظنك بين الأخ وأخته ضيَق وزعل؟

قوسَت شفايفها بحزن وهو تنهد وقال بضيَق : غرُور يابوك ، أنتي كبرتي ياعيونه وماعدتي طفلة الأمس وصرتي مجبورة تلتزمين بكل الحدود سواءً هنا ولا برى هالمكان ، يابوك ماودي أحد يلاقي زلة عليك ماودي يضيقّ لك خاطر بسببهم
لأجل كذا - عانق وجهها بكفوفه وأبتسم- وجهك هاللي تفتح الورد من بين وجناته تغطينه ولا تفتحينه أبد بهالمكان لأنك تدرين إنه بيت العائلة كلها ما بتآمنين من حضور عيال عمي ، فهمتيني يابوك؟

هزت رأسها بخفوت وقالت بضيق : لو تبي أغطي نفسي بالكفن بعد وأنتظر موعد موتي بسكات ماقلت لا ، المهم لا تصد عني كذا ياغالب




-
توحشت ملامحه بسبب كلِماتها وأيقن إنه فعلاً أوجعها بغير وعي منه فتنهد وأقترب وهو يعانقها بصمت وبعد لحظات أبتعد وقبّل رأسها بإبتسامة : إقبلي عذري ياغروري ، وربّك ماهي بنية خصام ولا ضيَق ، ولكن خوف وحرص
وإذا على سلامي عليك فأنا والله كنت ...

سكت بإبتسامة خافتة لما أرتفعت على أصابع أقدامها وقبّلت كتفه بهدوء وإبتسامة عابثة تلون ثغرها : المهم لا تضايقني مرة ثانية ، تعرفني لاضقت زعلي كايّد صح ؟

هز رأسه بإيجاب وهو يضحك بخفوت بينما هي أردفت : ومتى بنرجع ؟ أنت قلت أول يوم بالعيد

وكأنه تنّبه على اللي ينتظره ففز وهو ينحني
ويأخذ الدلة بين يدينه ورفع رأسه لها وهو يقول : بكرة أو عقبَه ولا يهمَك ، كنت بمشي هاليوم بس صقر يقول يبيَني بأمر مهم لأجل كذا أجلت

تجعدت ملامحها بغيض من طاريّه وصدت عنه وهو يتجه للمجلس ، تنهدت بخفوت وثبَتت نقابها على وجهها وأخذت تتقدم لخلف الحوش الخارجي ، اللي يطل على مزرعة جدها الخلفية ومن لمحت الأرجوحة المثبّتة بسعف النخل ، ثبّتت جسدها الغض الطري على أطرافها وأخذت تهز نفسها وأفكارها تتأرجع برأسها مثل أرجحة جسدها
-
بيّنما بمجلس شاهِر اللي مرت ساعة على جلوس صقر وتبادله لأطراف الحديث معهم ، واللي من ضمنه سؤال شاهِر عن مكان شاهيّن وعدم المعرفة كان جواب صقر اللي فعلاً من بعد ما طعن رُوحه بنظرته قبل أيام أختفى تماماً وكأنه يعاقبه وكأنه يقول " سامحتك لأجل الحكي والقول لأنه يبّقى حكي يا صقر ، بس تماديّت بالنظر والفعل " وكأنه يعاقبه بطريقته الخاصة الي تهلّك أكثر من غضبه ، عاقبه بالتجاهل والبُعد وهذا عند صقر أحرّ وأهلك من غضب شاهيّن ؛ لذلك قرر ينهي هالوجع ولعله بيقدر يخفَف من شدة وطأة غضبه وبيقدر يليّن قلبه بسبب هالموقف اللي أشعل كل هالنار بليّا حطب
غزى سكُون المكان وهدوء الجَلسة والصمت الرهيَب جملة صقر اللي توسّعت الأحداق بسببها بذهول " أنا جاييَ أطلب القرب منكم ياجد شاهِر ، بالأخص من غالب وبأصغر خواته"!

-
-
#هوى_ديار_الليل

المعركة على أشّدها ولا ؟


زمردانكا likes this.

"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-22, 02:00 AM   #7

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




-
هبّات نسِيم عاتية مستنفرة وكإنها تهرب من ألم محتوم وموجع وصارم لألم أبشع ، وكإن تنافسها برطم وجهه تعبر عن كمية إصطدامها العنيَف ببعض من شدة وجعها ، هبّات نسيم كان عندها القدرة الحتمية على جرح وجهه من شدة حِدتها لولا إنها تلثم بطرف شماغه! نزل من السيَارة على أعتاب ديَرة الليّل وهو يلتفت للرجل الي معه واللي ضحك بخفوت : ديَرة الليّل تخاصمني لأجل بعدك عنها بسببي ياجلوي

أبتسم شاهيّن بخُفوت وهو يقول : خابّر إنك هارب من مواجهة شاهِر لأجل ما يقتص منك على غيابي

ضحك وهو يرفع يدينه بإستسلام ويقول بخوف : إلا شاهِر بن جلوي تكفى ، هو بالذات لو يشوفني ويعرف إني اللي حارمَهم من شوفتك صبّح عيد كان علق مشنقتي فوق باب بيته

أقترب منه شاهيّن وربت على كتفه وهو يقول بخفوت : هالمرة عدّت يا حزام لأني تدخلت ، المرة الثانية..

قاطعه وهو يرفع سبابة يدينه ويقبَلها بضحكة : توببة ورب العبَاد توبة ، والله لو تقول يمين لأقول وراها يمين ، يارجل هالمرأة شيّبت بعيني وبقلبي وأجبرتني أجيَب جلوي برأسه لأجل يتوسط لي عند أبوها ، وتبيني أفرط فيها بعد!

أبتسم بخفُوت وهز رأسه بإيجاب وهو يتذكر لما خرج من الديرة قبل أيام وألتقى بطريقه حزام اللي كان قاصد درب ماهو بهيّن لأجله وحكى له مشكلته مع زوجته اللي أنتهت بمصيبة وبعناد من أبوها وأهلها ماترجع لو يوزنها ذهب ، وهو لولا حبه الشديد لها ماعانى فعلاً ، ما ترك كل اللي بيده وسعى لأجل ترجع له ، ما إستعان بأغلب رجال ديرته الي فعلاً رفض أبوها الصلح معه واللي لولا حضور شاهيّن بفطنته اللي أكتسبها من مجالس الشيوخ واللي حضرها لشهور طويلة كان فيها أحد الأعمدة اللي يرتكز عليها الصلح ماكانت هالعيد متوسطة بيته ، لذلك الدين اللي برقبة حزام لشاهيّن ماهو بهين قال على إثره : تعرف يا بن جلوي ، لو تبي رقبتي بأي لحظة حدّ السكين وأنا جاهز

ناظره نظرة سريعة ومال ثغره بشبّة إبتسامة وهو يقول بخفوت : لهالحد ؟

تنهيَدة عميييقة أتبعتها آه موجعة تسَببت بضحكة شاهيَن الخافِتة : وصل الجواب يا حزام ، ولكن لا ترغي وتزبد بالمواوييل تعرف إني عايّفها

هز رأسه بإيجاب وأبتسم وهو يقول بهدوء : دينك علي ماني بناسيَه وحياك بأقرب وقت لمجلسي يابن جلوي

قابّله بإبتسامة على دعوته ولكنه تجنب تلبيتها كونه يعرف إن مجلس حزام قائم على حد كبير على كلامهم عن النساء ومغامراتهم بزواجاتهم اللي ما تنتهي واللي ما يحب الخوض فيه ، اللي تستفزه بكل حواسه ويعُوف أصحابها لذلك يتجنب مجالسهم ولذلك قال حزام بضحكة يربت على كتفه مستذكراً تأمله لشاهيّن بمجلسه بالأيام الي مضت..



-
كانت دائماً ملامحه مقتضبة وعيونه تنظر بإشمئزاز وتعابيره تنبأ عن عدم إستسياغه للحديث والواضح إنه ماجذبه ولو للحظة من الزمن مع ذلك قال: صدقني بنتظرك لأجل تفتح مجلسي أنت بحكيك يابن جلوي ، مالك مـفر

رفع كتوفه بعشوائية ومارد عليه سوى بإبتسامة ساخِرة على كلامه ومن بعده ودّعه بسخاء كبير وأنطلق يجر الخُطى بإتجاه بيت شاهِر بن جلوي
يعرف إن العتب كبييير .. وهو مستعد يتنازل عن أشياء كثير ولا يزعل منه جلوي ، ولكن كان شيء أكبر منه !
يعرف إن غيابه عن العيد مارح يمر مرور الكرام لذلك كان مجهز نفسه للمسائلات وللعتاب اللي مارح ينتهي ، قبل يوصل للبيت توقفت خطواته بسبّب السيارة البيّضاء الدِاتسن اللي توقفت على جانب الشارع واللي ترجّل منها الجسد العريض بعضلاته الواضحة بسبب الرياضة اللي مانقطع يمارسها حتى بليلة العيد ، أبتسم له شاهيّن بينما حرب أخوه تقدم وسلم عليه بحفاوة وقبّل رأسه وهو يبتسم : عيدّك مبارك يابن عسّاف ، مخاصمنا هالعيد!
ويلك من زعل شاهِر الي طالنا كلنا بسببك

ضحك بخفوت وقال وهو يتنهد : يعني يارجل خلني أرد عالأقل على الجزء الأول لأجل تكمل فصول العتاب

شاركه الضحك وقال بعد صمت طفيّف : هالمرة لازم تشد حيّلك بصلحك ، لأني هربت من التدريبات اليوم بس لأجل لا يسوي تحديد للكل ويعتب علي معك ، تعرفه يسوي تحديد لعيال عسّاف ويشملنا كلنا

تنهيّدة الضيق دلالة على عدم إعجاب شاهيّن بكلام حرب اللي قال بعدها عاتِب : لا تلعب بمستقبلك ياحرب ، تعرف إن الإحتياط يحرق صح؟

هز رأسه بإبتسامة عابَثة وغير مبالية وقال بتفاني : كله يهون إلا جلوي يا شاهيّن وأنت تدري

هز رأسه بإستياء من حرب وإيثاره الغريب وسلم عليه من جديد وهو هالمرة يلقي عليه المباركات بإبتسامة خافتة أبتعد بعدها يتجه للبيَت متجهز لفصول العتاب وراضي فيها ، لأنه يستاهل وهو شخَص يقر بذنبه لنفسه بكل بساطة إذا أيقن إنه أخطأ!
توقفت سيّل خطواته قدام مجلس جده وأستنكر صحون الفناجين الكثيرة المركونة بجنب الجدار الخارجي ، لا لامجال للإستنكار كونه تذكر مجلس جده العاامر بأيام العيد وأيقن هاللحظة إنه غارق لامحالة في زعله
برغم كل هذا دخل برزانته المعتادة ، بهيَبته اللي تجبّر كل الجالسين على الإلتفات ، الصمت ، التأمل
للكيان الشامخ العظيّم اللي ينسل جَسده بشموخ ويتقدم بخطوات ثابّتة بإتجاه صدر المجلس وهو يقبّل رأس جده بخشوع تام ويلقي عليه مباركات العييَد واللي أستقبلها جده بإقتضاب شديد


-
سّلم شاهيّن على جميع الجالسين اللي بادلوه الترحيّب بحفاوة العيد ، وحفاوة وجوده جلس بهدُوء ورزانة يُحسد عليها على يمين جدَه يُلقي نظرات الهاديّة على عيال عمته ياسيّن وهارون اللي جالسين بجنب بعض والواضح إنهم مجبورين على هالجلوس من ملامحهم وياسيّن اللي يأشر لشاهيّن بتوعد وهو يحاول يكتم ضحكته فأبتسم شاهيّن وأيقن إن ياسيّن يحاول يسلي نفسه في ظل الأجواء الي تزعجه

بعد لحظات تأمل إحتضان كفوف يدين جده لرأس عصاته المصنوعة من الخشب الغض واللي نُقش إسمه بصلابة شديدة على رأسها المعقوف بإتقان شديد ، وإحتضانه القوي كان ينُم على ضيقه وتوتره واللي تنبأ شاهيّن إنه بسببه لذلك كتم تنهيّدته بصعوبة! بعدما إنفضت الجموع وجَدها هارون فرصة لأجل يتحرر من الرسمية ويهرب بينما ياسيّن إنسّل من بينهم ورجع لمخدعه الخاص ، بيّنما شاهيّن كان بَاقي مكانه يترقب بصمت تقلب أحوال شاهِر اللي تتحول من الضيّق ، للغضب ، للإقتضاب الشديد ، للتجهم !
برغم ذلك ماكان بنيّة شاهيّن التبرير أو التوسل للصفح ، كان ملتزم بالصمت ومنتظر لتحرر الكلمات من ثغر جده
ولكن مرور دقايّق طوييلة أيقن بعدها إنه ما بينقطع حبل هالصمت ولما كان ناوي ينسحب من المجلس ، تيّبست خلاياه وتجمّد الدم بعروقه لدرجة توقع لوهلة إن قلبه اللي يضخ هالدم توقف عن الحركة وتسبّب بسحب كل الألوان عن جسده حتى صار شاحب من شدة الذهول لما تطّرق جده للكلام وقال بدون مقدمات " صقر بن سلمان خطّب غرُور بنت عمك"

جملة من كلمات قليلة كانت قادرة على هزّ كيان شخص ما إعتاد غير الثبّات ، كان شاخص البصّر يناظر لجده بجمود وكإن كلمات العالم أجمع رفضت تستقر بطرف ثغره اللاهث من شِدة الصدمة ، كانت ردة فعله أقل مايقال عنها كارثية
الشخص الصعبّ الواثق الي عُرف برزانته يقع في لحظة إهتزاز عنيّفة ! وما أكتفى بهالذهول والصاعقة اللي حلّت عليه كانت بسبب نظرات جده الحذرة والمرتقبة واللي أضفى عليها الغموض لما نطق ثغره وقال بنبّرة واثقة وملتوية تفردت بالشموخ المعتاد لشاهِر بن جلوي وكإن المواضيع كلها الشائكة والمعقدة تنتهي بكلمة منه لأجل تنحل العُقدة : قل أبيها لأجل تكون الليلة حليلة لك !



-

لمع سواده ب الدهّشة ، الذهول ، وعدم الإستيعاب
فطنته وقوة نباهته وإنتباهه غادرته بخيانة هاللحظة ، كان يرمّق جده بنظرات وجلة مُستنكرة يحاول يستدرك كلامه يحاول يستوعب محتواه ولكنه عجز .. يالله
رئته هاللحظة أصلاً على وشك الإنفجار من شدة كتم أنفاسه وعجزه عن الإسهاب بالتنفس بشكل طبيعي ، وكأن جمل برّك على صدره لا لا الجمل صغير مقارنة بالشعور الفظ البشع اللي تواقح وجثى على صدره !
وكأن سكون الكون تلاشى وتلبّست قلبه الوحشة ، الوحشة اللي عجز عن تفاديها لدقايّق طويلة
لأول مرة يتعايش مع هالإحتراق اللي يظن إنه بيرديه رماداً ، أيقن إنه هالك لا محالة من شدة وجع هالشعور
مُخيف .. يالله مخيف جداً اللي يعايشه هاللحظة
وكأن الدنيا بهتت ألوانها بلحظة وحدة بس
وتوشحت بالسواد اللي غشى كل مكان
إفترش الصمت المكان بكل قوة ، وصوت تنفس الجد الحاد يقابله رعشة أنفاس شاهييّن

حاول يستدرك نفسه ويلملم شتات روحه بكل طاقته ، ماهو بشاهيّن إن رضخ للوجع هذا للحظة وحدة بس ، هو قاومه وبشدة سنين طويلة
من صبّاه وهو يحاربه ، ولما صار كامل العقل رح يتركه يتغلب عليه رافع راية الإستسلام بكل بساطة ؟ هو موقن إن النهاية كانت بتكون بالطريقة هذي ، ليه لما صارت واقع كان وقع وجعها مضااعف لدرجة عجز يتدارك نفسه بعدها ؟

بعد لحظات بسيَطة رفع رأسه بشموخ تلبّسه ، وتوشح برداء البرود وهو يناظر لجده بجمود
سهل جداً يلبس هالقناع ، تأمل جده بثبات بينما شاهِر تنهد بخفوت : حفيدتي ولد عمها أولى فيها من الغريّب !

قابله رد شاهيّن الهادي واللي يعكس تماماً أشياء غير اللي بداخله : صقر ماهو بغريّب ، صقر أعده لي أخ

تنهد شاهِر بضيق ماخفى عن عيون شاهيّن وأخذ يدك الأرض بعصاه ويقول بقهر : تسمعني وش أقول ؟ قل أبييها يا شاهيّن لأجل تنتهي هالسالفة
ونريح قلوبنا

ميَل شفايفه بهدوء وعجز يكبَح تنهيدته المُرة كادت تنهي حياته من شدة مرارتها قال شاهر مستدراً الكلام : تفهمني إن الزواج ماهو بدربك ؟

رفع كتفه بعشوائية وقابل رده الصمت اللي أستفزه وضرب الأرض بعصاه بعجز إتجاه هالرجل البارد الجامد ، للحظات كان يظن قلبه مصنوع من حديد ولا حتى أقوى العواصف تقدر تهّده ، كان عاجز يستوعب موقف شاهيّن ،لوهلة توقع إنه بيقدر يسيطر عليه وبتكون خطوة صقر هذي في صالحه لأجل يقنعه بالزواج وتكون غرور له بكل بساطة ، ولكن اللي ماكان مستوعبه شاهر
إن خطوة صقر هذي ، هدمت كل اللي يتوقعه ويظنه !



-
بنّت أكبر حواجز ولا أي قوة بالأرض قادرة على هدّها قال بسخط وغضب تمكّن من نبرته الحادة : أبوك تنفس هواء هالدنيا وأنا أصغر منك بعشر سنين يا شاهيّن ، ناهيَك إنك جيت وأبوك بنفس عمري يوم جبته
وأنت تعديت هالسنين بالحييل يا بن عسّاف ، تعديتها كثير ياتربية يديني ، إن كان فيه سبب يرضيني علمني به ، وإن كانت أسبابك الواهية نفسها فصدقني الليلة بتكون ملكتك ببنت عمك

نظرة شاهيّن الحادة واللي عصفت بكمية مشاعر متداخلة عجز شاهِر يحددها أو يفهمها ، غضب ، حقد ، خيَبة ، وجع ، أمل ؟
لمعان عيونه بشتى هالمشاعر شتَت غضب شاهر بحيرة وعدم فهم ، ونبّرة شاهيّن الساخِرة أجبّرته يميَل شفايفه بإستنكار : مامليت من فرض رأيك علي يا جلوي ؟ ماصرت رجل بعينك لأجل تجبّرني وكأن مالي رأي؟

تحولت نظراته للغضب بعدما كان ليّن لوهلة : أجبّرك وأكسر رأسك بعد ولا لك علي سلطة ، لا تنسى إني جدك يا شاهيّن ، قوتك وجبروتك تعلقها على باب مجلسي قبل تجر خطاويّك لي
أنا شاهر جلوي لا يكون تغافلت ونسيت من أنا لأنك نفيت نفسك عني ياتربية يديني ؟

ناظره شاهيّن للحظات بشموخ وقال بإستخفاف : ودامني تربية يدينك أنت موقن أشد اليقين إن ولاقوة بهالأرض قادرة على إجباري ياجلوي - تحولت نبرته للسخرية - وخصوصاً الزواج من بنت ولدك المدللة طويلة اللسان ؟ هذا بالذات آخر آمالي

ناظره شاهِر بحدة وأشر بالعصا له بنية ضربه وقال : حفيدتي لا تطولها بلسانك يا شاهيّن
وكلمتي مارح تنثني ، بنت ولدي مارح تروح للغريب وولد عمها متوسط صدر مجلسي ، الليلة بتكون لك

كان يحاول يجبّره ، لأجل يستوعب إنه الشخص الصح لها ، لأجل يفهم إن صقر ماله مستقبل مع هذه المدللة حسب كلامه ، ولأجل يوقن إن شاهِر ما بيترك غرُور لشخص غيره لمجرد إنه قرر يتنازل !!!
ولكن اللي عجز يستدركه إن شاهيّن هاللحظة كان نصب عيونه " صقر " مستعد يرمي الدنيا كلها ورى ظهره بس لأجله ، مستعد يدهس على قلبه ويحرقه بكُل برود ولا يلمح خيبة الأمل بعيونه ، يالله هو مستعد يرمي نفسه بالنار لأجل صقر فكيف بقلبه ؟؟ شاهيّن هاللحظة وتحت إجبار جده إستزفت كل طاقته وبدأ يراوغ بإستفزاز وببرودة عجيبة تملكت بصدره هاللحظة وهو يقول بجفاف : بنت ولدك وما أبيها ، مرخصها لدرجة تفرضها علي ياجلوي ؟

ناظره شاهِر بحدة ونطق بغضب : يخسى أكبر شنب يرفضها يا شاهيّن ، تعرف غلاة بنت مهاب عندي وماهو بأنا الي أرميها على الرجال
هي بنت عمك ، منك ولك وفيك ووجبّ عليك تفهم هالشيء بالطيب



-
أبتسم بضحكة ساخرة : أستحلفك بالله ياجد إترك هالطرق عنك لأنك تقدر تجيَب فيها رأس غالب ماهو برأس شاهيّن
صقر شاريها وأنا بايعها له ، من الي عنده كلام غير هالكلام ؟

شحب وجه شاهِر من كلامه ومن بروده وهالشحوب إمتد بشكل تلقائي لشاهيّن اللي تفرد الذُهول بوجهه وإستقرت الصدمة بملامحه لما دوى صوت إنكسار زجاج في الجدار اللي يستند عليه و بالقرب من إذنه
حتى إن تطايره جرح طرف إذنه وبدأ الدم يسيَل بكل بساطة على تعوجات إذنه ، لمح الفنجان اللي تكسر وتبعثرت أصغر أجزاءه بالأرض ولولا لُطف الله وأزاح وجهه بمقدار إنش واحد فقط ولا إرادياً لكان الفنجان فجّر وجهه
رفع نظراته لجده شاهِر المصعوق ، واللي تلون وجهه بالغضب ممتزج بالضيّق ووالقهر
عيونه تلمع بالوجع وكإنه لمح قطة صغيرة مجروحة وصوت مواءها يملأ المكان ، بالأحرى لمح طفلة صوت شهقاتها مكتومة بصعوبة ولكنها مسموعة للقلب قبل الإذن
ألتفت بعجل للباب ومن لمح الشّبح الأسود اللي يكتسح مدخل المجلس حتى عقد حواجبه بإستنكار للحظات ، هذي العيون !!!! يارب الثبات ...!
-
العيون الي لطالما كان للشموخ والكبرياء مستقر وموطن بنظراتها ، اللي توشحت حتى بأوقات ضعفها بالغرور اللي ينفي وجعها وضيقها، المُهلكة واللي صفّ أهدابها قادر على هزم صف رجال مهيمنين !اللي لطالما كانت ثابّتة وأعتى الوجع عاجز عن إهدار طاقتها
يالله كيف كانت مكسورة هاللحظة ! كان يملأها الكمّد !
كانت نظرة كفيلة بالعيش بكل أحلامه ، بل بالعيش بصحوته ووعيه وسكونه !
للحظة بس سمحت لنفسها تنكسر ، ولكن بعدها شعت عينها بالغرور الشامخ العنيّف اللي لطالما عُرفت فيه برغم صغر سنها،هه وكأن غطرسة هذا الرجل قادرة على زعزعتها ؟

وقفت بوسط المجلس متجاهلة صدمتهم وذهولهم اللي أمتد بملامحهم بشكل واضح ، ولكن نظرة الذهول ما أستمرت بوجه شاهيّن
اللي برز الغضب بوجهه وتدارك وضعه وهو يستهل الكلام معها ويقول بغضب : مجلس الرجال ما يطولونه الحريم يابنت مهابّ

ناظرته بعدم إهتمام ممتزج بغضب لو سمحت لنفسها هذي اللحظة لأنقضت عليه وشوهت وجهه ونزعت عيونه اللي تناظرها بهالبرود والغضب واللي كان من حقها هي هالشعور!

ألتفت لجدها وقالت بغضب أعترى كل خلاياها بل تمدد لروحها حتى ضيّق عليها الخناق : ماهو بغرور اللي تنرمي شر هالرمية على مستذئب بشري يظن نفسه ملك القوم وسيدهم لأن كم شخص سفيه وجاهل يمجدونه ، ماهو بأنا الي أنباع وأنشري بمجلس جدي ، ماهو بأنا اللي ترخصني لرجل مثله هواياته إستنقاص قدري ياجد ، ياخيبة الهقوة !!




-
لمعت عيون شاهر بالضيَق والعطف ، وحاول يوضح موقفه ولكن شاهيّن أكمل عنه : أنا هنا يابنت العم ، وجهَي كلامك لي لأن جلوي خارج المسألة

- أنت مالي معك حكي ، أنا عيّب علي أهدر طاقتي بالكلام معك يا جاهل ، كلامي مع الرجال العُقال بس
قالتها بطريقة مستفزة وساخرة تركت كل خلاياه تستنفر بغضب وذهول وقف وهو يقول بغضب : إشتري سلامة روحك يا بنت مهابّ ، لا تتركي نفسك لجنوني

أبتسمت بسخرية وهي تناظره بحدة : ليه وش تظن باقي مني ؟ مادام كرامتي تعتبرها ممسحة تمشي من عليها وتتركها لغيرك وش بأشتري غيرها ؟

ناظرها بنظرة غريبة وهي أشاحت نظرها عنه وضمت أصابعها المرتجفة بقوة تقبض على قبضتها تحاول تستعيد رباطة جأشها وأكملت تناظر لجدها الصامت واللي يترقب ردات فعلهم بهدوء حكيم : إسمعني ياجد ، لو كان آخر يوم بعمري
لو إنقرضو كل رجال هالأرض وما بقى غيره ولو كان مصير البشرية بالتكاثر معتمد عليه هو بس ما ألتفت له ، هالرجل لو يزحف زحف لأجل أعفو عني ماعفيت بحق كرامتي ، وأنت معه ياجد والله ما أسامح بمقدار ذرة إهانته لي بمجلسك في ظل سكوتك ، ماهو بأنا ياجد اللي تتركها بالموقف هذا ، مااهو بغرور وأنت تدري

ناظرها شاهيّن بغضب ، والواضح من أودّاج عُنقه وجبهته اللي تورمت بشكل كبير إنه يكبت غضب مفجع ، غضب قادر على سفك روح بدم بارد
لو بس يترك العنان له لكانت القاضية ! ماكان يعرف كيف قدر يتحكم فيه ويسيطر عليه
إنفجارها وإنتقامها بحق كرامتها كان كبير ، ولكن لا غرابة مادام الواقفة قدامها بشموخها هي نفسها " غرُور !"

أكملت مسترسلة بذات الشموخ وماكإن الشرخ اللي بصدرها ينزف وجع كان قادر على قتلها بذات اللحظة ! كانت قوية ، أقوى من شعورها
والأهم كان كبريائها هو اللي يحركها هاللحظة : أنا ماني رخيصة لأجل ترميني على هذا - أشارت لشاهيّن بلا مبالاة وكأنها تقلل من قدره وسط صدمته ومحاولته الإنقضاض عليها متناسي إنها فعلاً بنت من شدة غضبه ولكن عصا جده اللي يستمع بهدوء وما كسر رأسها على تطاولها وصوتها العالي بمجلس الرجال أجبرته يوقف مكانه ويتنفس بصوت مسموع من شدة غضبه بينما هي أكملت بذات النبرة- أنا بنت مهاب وأخت غالب اللي يطلبونها الرجال من صدور المجالس ،ماهو بلأجل شيء
بس لأن صقر جاء وكبّر قدري وصان كرامتي اللي عجز يصونها ولد عمي أنا موافقة عليه
ومادام كانت الليلة بتجبر ولد عساف لأجل يملك علي في ظل نفوره الأفضل تكبر من قدري وتربطني بشخص يقدَرني ياجد ، والليلة تكون ملكتي على صقر



-
ضرب شاهر العصا بالأرض بغضب، وقال وهو يناظرها بحدة:تعديتي الحدود ياغرور ، رضيت بأول كلامك وإندفاعك لأنك تثأرين لكرامتك ميّر إنك تتطاولين وتمشين بسلم ماهو من سلومنا ذا كثير ، من متى وبناتنا يعلنون موافقتهم بوجيه الرجال بكل هالوقاحة

قاطعته بإبتسامة ساخرة : من لما كانوا رجالهم يرخصون من قدرهم

ناظرها بغضب وهي تنهدت وأيقنت إن طاقتها بدأت تتلاشى فجمعت ماتبقى منها وهي تناظر لجدها غير مهتمة تماماً بالجسد العريض اللي يشغل حيز محترم بالمجلس : أنا موافقة ياجد على صقر لأجل كذا ماله داعي تعرضني وكأني بضاعة لشخص غيره ، الغريب الحنون أولى مر قريب متجبر ياجد ، لو كان على غالب أنا بقنعه بطرقي لأجل كذا خبّر صقر برأيي

قالت آخر كلامها وهي تلتفت بقامتها العالية ، بكتفها الرفيَع واللي ما أنحنى ولو للحظة وحدة حتى وهي تنزف قهر وخيبة وأكملت طريقها خارج المجلس بكل ثبات وإتزان غير مهتمة بالحريق الي أشعلته خلفها وغير عابئة بالرجلين اللي يناظرونها بجمود وصدمة وصمت
شاهيّن اللي يتأمل قفى جسدها بصمت مباغت وكل فوضاء الكون تلاشت وحل محلها سكون مهيب أعقب كلمتها " موافقة"
كانت مثل حموضة الليمون اللي تنعصر على جرح طري وطازج!لحظة سكُون مخيفة تلاها عجز يستمع بعدها لكل الحكي الي ينساب لسمعه،كان صوتها بعيد تماماً عنه حتى غضب جده ما أنتبه له ولا كلماته الحادة ولا حتى زمجرته العنيفة ودكّه للأرض بعصاه وهو يشتم ويسب كبرياء شاهيّن اللعين اللي بيسبب بحرب ويتلاها شتائم بغرور غُرور اللي مارح يكون الا من أكبر الأسباب بالحرب هذي!
كان موقن إنه بيقدر يحل هالمسألة بكلمة وحدة من شاهيّن كان يكفيه يسمع كلمة" أبيها" لأجل تنتهي كل هالمعركة،ولكن ردة فعل شاهيّن دمرت الموازين وأذهلته لدرجة عجز يجاريه بكلماته حتى جارته هي،غرُور!
كان مازال واقف بصدر المجلس وهو يلمح شاهيّن يناظر للمكان بهدوء مري بوأعتدل بعدها بوقفته وأخذ يناظره بخفوت بعدما أقترب وقبّل رأسه بإحترام وهو يقول على مضض بصوت أجش :لبّ طلباتها،بنت مهاب ما ينرد لها طلب ياجد

قالها بنبرة غريبة تركت الحيرة تتوسد قلب شاهِر اللي بدوره لمح شاهيّن يسارع الزمن وهو يحاول يخرج من المجلس بكل عجلة،ولكن بذات الشموخ،بذات الكبرياء والي يوضح فيه إن شعره فيه ما أهتزت وإن هالموقف ماكان إلا موقف عابر،مثل غيره!
بالبقعة المختلفة تماماً عن الحيرة والضيق،كانت واقفة تشتعل من غيظها،كل طرف من أطرافها يعاني من شدة فورانها وغليان مشاعرها
تستشعر إنها تحترق من شدة حرارتها، يالله
هذا اللي يحرق عيونها وش؟لاتكون غلالة دموع ! تشوشت الرؤية عندها ولما إستشعرت غرق النقاب بسبب دموعها حتى..



-
لما أستوعبت فعلاً إنها بدأت تذرف الدموع بسببه تزايدت شهقاتها الخافتة وهي ترفع يدينها المرتعشة من جديد وتمسد على قلبها وكأنها تحاول تخفّف الوجع اللي يتوسد صدرها ، كان مخيف ويضغط عليها بكل قوة لدرجة توقعت إنها بتلقى حدفها من شدة بشاعة الشعور
ماتدري كيف صمدت ، كيف تزلزل كيانها لما داهمهم هارون بجلوسهم وصدمها بخبر خطبة صقر لها ، واللي بدورها سألت عن غالب وجدها وأعطاها خبّر هارون إنه سمع الخبر من غالب نفسه لما حكى لجدتهم بعد خروجه من مجلس جده ، وبنفسه أعطاها خبر إن الجمّع أنفض ومابقى غير جده بالمجلس ، وهي بدورها توجهت للمجلس بذهول العالمين ، أنخطبت ومن من !! صقر !!!!
شعور غريب أجتاحها وقبل تخطي خطوة جديدة للمجلس تجمدت أطرافها وهي تستمع للحوار اللي طرق أبواب سمعها بوقاحة وهاجمها ببشاعة ومن غير شعور بالخزي وهو ينخر ضلوع صدرها ويدكها دك بلا رحمة
إستشعرت إنها رخيصة فعلاً وهم يرمونها على بعض وكإنها حمل شنيع على كتوفهم
يالله ، ماتعرف كيف توصف بشاعة شعورها هاللحظة وهي تسمع كلامه عنها ، جمّرة مشتعلة كان أدّق وصفها للشيء النابض القابع خلف ضلوع صدرها ،ماظنت إنها تهون للدرجة هذي
كل اللي صار بعدما سمعت الكلام كانت مُسيرة فيه ولا خيار لها ! سيّرها كبريائها العنيّف وجرحها وخيبة أملها
هي الغُرور بحد ذاته ، ماتعودت على الإنكسار
ولكن بعد كل هالمعركة معه ، كانت تحتاج تذرف بعض الدموع ماهو لأجل الموقف ولا لأجله كلامه ولا خيبتها ؛ ولكن لأن شيء بصدرها يجبّرها تبكي !
بعد لحظات بسيطة وصلت لأقصى المزرعة بالمكان الي كانت جالسة فيه قبل لحظات مع البنات لمحتهم جالسين بجنب البِركة ويتناقلون الحديث بضحكات خافتة ، ولا وسيّلة للترفيه عن النفس بهالمكان إلا"تبادل السواليف" وهذا الحاصل بهذه اللحظة
في قمة فورانها ودموعها اللي ما توقفت ، وغليان كل خلاياها بنفس اللحظة ، ماحست بنفسها إلا وهي تشهق بكل قوة وتغمض عيونها بكل رضا
وهي تستشعر جسدها يطفو على سطح البركة بعدما رمت نفسها فيها بلامبالاة وسط صدمتهم وشهقاتهم العالية
ضحكت بهدوء بعدما إختلط دمعها مع ماء البركة ونزعت نقابها وهي ترميه على غفران بضحكة : يالله ، أفضل شيء سويته اليوم

غفران الي ألتقطت النقاب من على وجهها بقرف قالت بغضب : غرُور يامجنونة ، ما يكفي الي صار قبل؟ تبي تصير مصيبة أكبر هالمرة !!

ضحكت بعشوائية وهي تتحرك بإنسيابية بين أطراف الماء بعدما حررت شعرها وأخذت تغزل يدينها بخصلاته وتنقل بسماتهم ببلاهة وهي تناظرهم بإبتسامة : كنا عقال،ولكن أكتشفت إنه أكبَر جنون تصيرين عاقلة بهالعمر



-
ناظرتها غفران بغضب بينما أهداب قالت بإستغراب وفضول : وش صار بموضوع صقر ؟ كنتي رايحة تعرفين السالفة من جدي ؟ قالك شيء ؟

رفعت كتوفها بعشوائية وهي تقول بلامبالاة : ماهو بشيء كايّد ، قال لي فعلًا عن الخطبة وأنا وافقت

قالتها ببساطة تركت أحداقهم تتوسّع ، وذهولهم يشتد بكل فجعة على وجييهم ، غُرور اللي تكرهه كل بقعة بالديرة هذي ترضى بأحد رجالها كزوج
لا والأدهى إنها قبل لحظات تتوعد بصقر وجدها لو كان الموضوع حقيقي ، والآن تلقي على مسامعهم موافقتها بكل بساطة .. إذا ماكان هذا جنون وش يكون ؟
ناظرتها غفران بغضب وهي تحاول تقترب منها لأجل تسحبها : غرُور أنتي أكيد ضيعتي عقلك وأنتي رايحة لمجلس جدك ، أو صدمتي رأسك بوحدة من النخل وألتصق مخك بسعفها
تسمع إذنك وش يقول لسانك هذا؟

ناظرتها ببرود وهي تتقلب بين موجات الماء بهدوء وقالت بإختصار : اللي سمعتيه هو الي صار

ناظرتها غفران بصدمة من ردودأفعالها وتمتمت بكلام غير مسموع وبعدها أبتعدت عنهم
أما أهداب كانت تناظر لغرور ببعض من التوجس والحيَرة ، اللمعة بعيونها ! مثيرة للريبة
بالأحرى غريبة حيل ، وكأنها دموع؟؟
عقدت حواجبها بإستنكار وصدمة ، معقول كانت تبكي ؟نفت هالشيء بتشديد لإن فكرة إن"غرُور "تبكي بحد ذاتها مستحيلة
ولكن نظرات التوجس والقلق اللي كانت توزعها على غرُور تمثال اللامبالاة والبرود هاللحظة كانِت واضحة وصريحة ، كانت متأكدة إن فيها شيء تغير وملامحها اللي تمثل الجمود أكبر دليل !
-
-
وسط إعلان قرص الشمس خيبته هذه الليلة ، وإعادة تكرار ما يحصل كل ليلة في حين غيابه الزعول عن هذه الأرض وحجب أشعته الرقيقة عن أركانها ، في آواخر العصر في حين الشفق المُحمر الزعول كانت تستقر بجسدها الرقيّق على أوتار الأرجوحة بأريحية شديدة " تائهة " أبسط كلمة قد تشرح وضعها في هذه اللحظة
مشتتة بالأحرى تارة يجول فكرها لمواقف كانت عاجزة عن تخطيّها وتارة يرجع لغُرور
عاجزة عن التحرر من الهالة الغريبة المحيطة بها خلال هاليوم .. !
تغير حالها الكبير أجبّر كل المحيطين بالتفكر بحالها ، غريب بشكل يستدعي كل شكوك الأرَض على الإستقرار بقلبها
ولا تنكر توجسّها من وضع شاهيّن ، واللي سلّم عليهم بعد عتاب عنيّف من جدته بصمت شديد
وبهدوء مُريب ، لطالما كان محيط فيه هالهدوء
ولكن هالمرة هدُوء خالطه ضيّق
لأول مرة يفلت الخيط من بين يدينه ويتسَرب ضيقه ويبَان ، لطالما كان لشاهيّن قوة منيعة بالحفاظ على هالة الجمود اللي يتبّعها من سنين طويلة، ولكن هالمرة أي كان السبب فالأكيد إنه كبير وحيل لدرجة كان قادر على زعزعة شاهيّن !



-
تنهدت تنهيّدة مُتعبة بعدما عاشت في زوبعة أفكار عنيفة وأخذت تسحب حجابها بعشوائية وتحرر خُصلها البنية برتابة وهي تلقي نظرات حذرة للمكان
موقنة إن البيت خالي تماماً من حس غالب ، وهو الشخص الي وجب عليها تتوارى عن الأنظار بسببه
لأن غالباً كانت ماخذة راحتها قبل وصوله ، فـ ياسين كان أغلب وقته بجناح عفراء وهارون هو أصلاً معها أغلب الوقت
تنهدت من جديد وهي تمرر يدينها على أطراف صدرها بإبتسامة تسلطت على ثغرها بعدما عانقت خصرها بضحكة رقيقة ،تستذكر موقفها معه
يسّتحيل تترك أي شوائب تدمر الشعور اللي تفجَر بأعماقها بلحظة عناقها له ، كانت بأمس الحاجة للدفء العنيّف هذا
يتقافز الندم والخوف من هالشعور كون هالمحيط مُحرم عليها ، ولولا عفوية وبراءة الموقف لكان عاقبت نفسها بأشنع الطرق
ولكن هالشعور ، مالها قوة عليه !
شعور برييء أول مرة يمر بحنايا صدرها أول مرة يخالجها !.
قشعريرة عظيمة سَرت بجسدها لما
بدأت الأرجوحة تتحرك من تلقاء نفسها ، عقدت حواجبها بخوف ووأخذت تلتفت بسبب الإنسحاب البسيط بأحد الحبال ، شحب وجهها وبردت أطرافها بكل ذعر وهي تلمح اليدين الخشنة اللي تحيط بالحبّل ، إنسحب كل الهواء من رئتها وتضخمت بشكل مخيف وهي ترفع رأسها وتتأمل وجهه الهادي ذو الملامح الرائقة القريب من وجهها بلحظة أرجحتها له
ما غاب عن عينه توسّع حدقات عينها بشيء أشبّه بالذهول والخوف والأهم الصدمة من عيّشها معه هذا الموقف
بأي صفة يتقدم هالخطوة ؟ أي جراءة يمتلكها هالرجل ؟
حاولت تتحرك وتهرب ولكنه تدارك الوضع وأخذ يأرجحها بقوة أكبر لأجل يحبط أي خطة لها للهرب وفعلاً تجمدت بمكانها وهي عاجزة عن الإستيعاب ، التحرر من الشعور اللي يخالطها هاللحظة
كان واقف ببرود يتأمل كل إنش فيها ، جسدها الرقيّق المنحني بتفاصيل مهلكة على طرف الأرجوحة ، شعرها البني ذو الخصلات العابّثة والمنسدل بأريحية على ظهرها ولكن مع دفعه العنيّف بات يتطاير بعنفوانية شديدة بالهواء
ملامح وجهها ، عيونها الحوراء بأهدابها الكثيَفة والهائلة يُخيل للمرء أنها قبيلة من شدة كثرتها ما أستنكر تسميتها لهالإسم نسبّة لأهدابها فعلاً
أنفها المدبب ، شفتيها الرقيّقة الممتلئة بشكل مغري وطريقة تقوسها للأسفل بطفولية أجبرته يبتسم بهدوء متهكم ،
تعابيرها الخائفة ولمعان عيونها بشيء أشبّه بالدمع أجبره يخفف من دفعه للأرجوحة وهو يقول بصوت شبَة هامس : يالله يا أهداب ، أكره وجودك أكره إني هنا ومضطر أشوفك ، كان المفروض ما ننوجد يا أهداب
أنا وأنتي كان المفروض ما نكون هنا ولا نتنفس نفس الهواء !



-
كان يتوقع إن صوته منخفض وكان مفروض لهالة الخوف اللي تجتاحها تحجب عنها كلامه وصوته
ولكنه كان خائب لما تسلل لمسامعه كل الحكي
بطريقة مؤذية جداً ، طريقة تؤذي أقسى القلوب
فكيف بقلب رقيّق صغير مثل قلبها
إعترتها نوبة بكاء عنيفة وتقوست شفايفها ببراءة وبحزن عميَق ، ماكان يكفي قطعه لخلوتها مع نفسها وتجاوزه للحدود وحصارها بهالطريقة المؤذية لينهال عليها بأبشع الجمل ؟
غالب ، لها منه سنة ثلاث مئة وستين يوم تخللها شمس وقمر ونهار وليل ، وش السّبب الي بيتركه يعنفها بهالكلام وهي بعيدة عنه ؟
بالأحرى وش المواقف اللي تركته يقول هالكلام لها ، ليه عنده كل هالجراءة ولا يملك أي مسار للندم على وجهه وكأنه واثق وغير مبالي بتواجده معها بهالحالة ؟ هو بنفسه يدري وش صار بغرور بلحظة لمحها شاهيّن مع صقر ، وهو بنفسه الي إحتواها بصدره لما عنفها شاهيّن بسبب إسمها بس
لو يحضر هاللحظة ؛ ويلمحه واقف معها ينقل نظراته التأملية على كل جزء فيها بلا خجل ! لتُقام الحرب العالمية الثالثة بلا شك

من بين زوبعة مشاعرها ، مالقت نفسها إلا وهي ترمي جسدها من الأرجوحة بدون تفكير حتى كتمت صرختها المتوجعة بسبب تخدش راحة كفوف يدينها وركبتها جرّاء إحتكاكها بسطح الأرض
وسط توسّع عيون غالب بذهول من تصرفها وعجزه عن إسبّال أهدابه من ردة فعلها اللي ما توقعها أبداً
أقترب منها بخطوات سريعة يتأكد من سلامتها
خصوصاً إن وجهها مُزاح عن نظره بسبب شعرها المنسدل على كتفها ونصف وجهها
ولما إستشعرت إقتراب خطواته منها ، وقفت وهي تضغط على نفسها بسبب الخدوش الموجعة وأخذت تزيّح شعرها عن وجهها بكل قوة وتناظره بعدما توّردت وجنتها وتبللت بسبب دموعها اللي سلكت مسارها المعتاد ، تلطخ وجهها بالضيّق والوجع والدليل زمّها لشفايفها بكل قوة وهي ترفع سبابتها المرتعشة بغضب طفولي إعتاد يصاحب تصرفاتها : لا تتجرأ مرة ثانية على تعدي الحدود ياغالب ، رح يكون بوجهك مرة ثانية شاهيّن صدقني

ناظرها بنظرة غريبة وهي ركضت بعجل بكل خوف ووجع إعترى روحها الرقيقة هاللحظة تاركة خصلات شعرها تتأرجح بصخب على ظهرها في منظر مثير للعين قريب للقلب ، ولكن ماهو قلبه
لقى نفسه يبتسم بسخرية وهو يضغط بيدينه على صدغه بخفوت : جاهلة إن مافيه شيء يفصل بيني وبينك إلا عدم رغبتي فيك يا أهداب

أخذ نفس ثقيل وهو ينقل نظراته للمكان ، من لمحها قبل دقايقّ وبرغم شعوره الثقيل إلا إنه رغبة عنيفة إعترته بالإقتراب منها
لا ينكر إن طفولتتها ورقتها تجذبه ، ولكنه يبغضها ويبغض هالإنجذاب ويضيّق منه



-
لا مجال للإنكار لإنجذابه لعيونها لحظة خطت قدمه لهالمكان ولحظة عناقه لها ، كونه تناساها بسبب بعده عنهم وبسبب السنين الطويلة اللي غابت عن نظره فيها
آخر مرة لمحها كانت مراهقة بجسد صغير وملامح طفولية ، ولاينكر إن هالملامح مازالت طفولية ولكن المراهقة باتت صبيّة صاخبة الجمال كل جزء منه يصرخ بجمالها الرقيّق
ولكن كل هذا ما يغرييه كثر ماهو يمقته ويبّغضه بشكل عنيف ، يتمنى لو يمّزق كل الروابط والأوصال بينهم ، ولكنه ببساطة "عاجز"
تنهد ووهو يمسح على أطراف وجهه بخفوت وأبتعد عن المكان يفكر بالمصيبة الثانية اللي نسّاها بسبب موقفه مع أهداب ، صقر وخطبته لغرور
من الصبح عاجز عن الرجوع للبيت بسبَب تفكيره ، ولكنه موقن إنه بيختار الخيار الصح بالنسبة لها !
-
-
قمَران ، وشمَسان تنافست على الظهور .
نهاران إنقضت
وليلتان تكاد تكون عبارة عن سُهاد .
كيف مرت ؟ وكيف هان على الشمَس
الولوج للسمَاء بأشعتها وكأن لا قلوب
موجوعة تكاد تكره بداية يوم جديد !
شعور مُر ! بالكاد تتلاشى الغصّة التي
تتكون ببجاحة حاجبة عنّا المقدرة حتى على الكلام ، لايُعرف سببها
ولا يتهادى للعقل معرفة سبب كل هذي المرارة
يكاد القلب ينفجر ، والسبب ؟ لا يُعرف ! ياللمهزلة
-
في حيّن دخول كفوف يديه لمعتقلها الأساسي
وتشبّثها بأطراف الثوب وكأنها تحمي نفسها من تهشيم أصابعه من شدة ضغطه عليها
يُلقي نظرات غيَر مكترثة للمكان ، بملامحه الجامدة والهادئة ، لا يعرف ما آلت إليه الأمور في موضوع صقر و..... يالله ماعنده القدرة على ربط أسماءهم بنفس الجملة أو حتى بنفس السطر فكيف بحياة تجمعهم ؟
أخذ نفس بصعوبة لعله يخفف الحرائق اللي بجوفه ، وتمتم بالشتائم العنيفة للوضع اللي أنجبر يعيشه
يومين ما ألتقى بأي شخص ، سوا هارون ، وجده اللي مازال يرمقه بنظرات العتب والضيّق والغضب!
تجنب البقيَة بكل قوته تجنب الخوض بأي نقاش رح يفتح له هالموضوع
تجنب حتى صقر ، ولكنه قطعة منه كيف بيبقى يتجنبه كل هالفترة ؟ وعلى إثر تفكيره بصقر
وكأنه إستدعاه ليخرج من العدم يتجه بخطوات سريعة ك طفل إلتقى بوالده بعد ضياعه ، نظرات صقر المشتاقة المتوحشة والقِلقة كانت تنهش روحه ، يستشعر بأن هالنظرات تعصر قلبه بلا رحمة ، يالله من يرضي ؟ قلبه ؟ عقله؟ تلاشت أفكاره لوهلة بسبب صقر اللي مامنع نفسه يقترب ويعانقه عناق أخوي مُعاتب بعدما تناسى كل الموقف اللي عاشه معه قبل أيام وهو يقول بضيّق : صرت أهون يا شاهييّن ؟

أرتخت ملامحه لوهلة وهو يأخذ نفس بصعوبة ويزفره بهدوء بعدما رفع يدينه وبادله العناق بإبّتسامة مضمرة كبّح فيها كل اللي بداخله : ماتهون والله!




-
تراجع صقر لحظات للخلف وهو يتأمل ملامحه الهادية وإبتسامته الصغيرة وأخذ يتنهد بضيَق : يالله يا شاهييّن لو تعرف ، كنت أعاني الموت بسببك ، ماغفت لي عين ولا أكلت ولالقمة حتى ، تخيل عفت الأكل والشرب حتى إني كنت بمـ...

تحولت نظرات شاهيّن للسخرية وهنا صقر ضحك وقال وهو يرفع يدينه : كأني بالغت صح؟

أومأ بإيجاب بينما تلاشت ضحكة صقر وقال بضِيق واضح: لا تعاقبني بغيابك مرة ثانية يا شاهيّن ، أنا أكثر من قادر على تحمل غضبك
ولكن تجاهلك ينهشني ، أنا أدري إنك أبتعدت من شدة غضبك وخوفك علينا من تبّعاته ، ولكنك تجهل إن غيابك يوجع أكثر من غضبك .. ما أدري عن غيري بس أنا مستعد أحتويك بكل حالاتك لأجل كذا لا تتركني وراك من جديد
ضرب كتفه بكتف شاهيّن وهو يقول بإبتسامة : تفهم ؟

ناظره شاهيّن بشرود للحظات وهز رأسه بإيجاب وهو يّبتسم ويقول بضحكة : الوكاد إنك ركبَت تلفزيون ببيتكم صح لأجل كل هالمسرحية؟

ناظره صقر بإستغراب ولما فهم مقصده ضحك من قلبه وهو يقول : لا لا والله تعرف ما أتابع مسلسلات ولا متأثر فيهم ، وأصلاً خاف ربك وين تنعرض هالأشياء ؟

رفع كتوفه بعشوائية وصقر تنهد وهو يتكاتف معه ويقول بإبتسامة ذابلة : العيد ماهو بعيد بدونك ، لا تنعاد يا شاهيّن ، تخيل إن هذا آخر عيد لي معك وأنت أخذته مني بغضبك وش شعورك؟

أبَتعد عنه بنظرات قاتمة وصقر أبتسم أكثر وقال بضحكة : يارجل يمكن أسافر وأعيش برى يمكن تسافر أنت يمكن تصيَر معجزة وأرجع لبلد أخوالي ليه تفكيرك النكدي هذا ؟

ناظره بصمت بيّنما صقر أبتسم وأكمل : يمكن أتزوج وزوجتي ترفض أشوفك يوم العيد ؟ عاد أنت تعرف كم أنتظرتها لأجل كذا ماني برافض لها طلب

عقد حواجبه وأستدرك كلامه لما طرى بباله الموضوع اللي ما سمح له قلبه ينساه أصلاً ولو لثواني ، معقولة صقر بيفتـ...

قاطع تفكيره صقر اللي فعلاً قال وهو يرفع كتوفه بضحكة والفرحة لطخت وجهه وهو يقول : بجتمع بحب الطفولة ياشاهيّن ، هالمرة أوعدك ماعاد أوجع رأسك فيها وكل الحكي الي بقلبي بقوله لها هي بنفسها

عقد حواجبه شاهيّن بإستنكار وصقر تقدم منه خطوة وقال بجدية : صحيح كنت ناوي على هالخطوة بس بسبب الي صار قدمتها كثيير ، ماهانت علي نظراتك ياشاهيّن وقررت أصلح الموضوع بطريقتي أنا وأرضيّك وأرضيني بنفس الوقت
أنا خطبَت بنت عمك قبل يومين ، واليوم جدك شاهِر رد لي خبر وقال بعد إسبوع من اليوم ملكتي عليها بالمعنى إنهم موافقين

لمح صمت شاهيّن وهدوءه وملامحه الجامدة المُعتاد عليها فظن إنه تضايّق لذلك برر لذلك برر بضيق : آسف ياشاهيّن !



-
"أعرف إنك أخ لي وعيّب علي أخطي هالخطوة بدونك ، بس وينك عني ؟
أنا خطيتها لأجل ترجع وتعفو ، علمني عفيّت؟وبتنسى الموقف الي صار معي ومعها"

ناظره شاهيّن بنظرات غريبة للحظات وثم أرتسمت إبتسامة خافتة على وجهه وأخذ يقول بهدوء : بالمبّارك ياصقر

تهللت أسارير صقر وأخذ يضحك بفرحة وكأنه ملك الدنيا بمباركة شاهيّن له ويناظره بسعادة غمرت كل وجهه : الله يبّارك فيك ، من يصدق ياشاهيّن ، غُرور بتكون زوجتي أنت مصدق ؟

ناظره بإبتسامة وهز رأسه بإيّجاب بينما صقر وقف بمحاذاته متناسي كتفه اللي مازال يوجعه من ضرب شاهيّن للحين ، متناسي نظرات وغضب شاهيّن اللي كان مثل نار أحرقت جوفه ليالي طويلة ، متناسي كل الخلافات وراااضي هاللحظة
أصلاً الدنيا ما وسعته من اللحظة اللي أرسل فيها شاهِر عليه وقال له عن موافقتهم ، وكمّل عليها فرحة شاهيّن له وإبتسامته ، إية إبتسامة شاهيّن كانت تكفيه لأنه يدري كم تكلف شاهيّن هالإبتسامة خصوصاً لو كانت من قلب كما يظنها هاللحظة !
بدأ يرمي كلماته حول ملكته وكيف بتنقضي المدة لأجل تكون زوجته وآخيراً،في حين صمت شاهيّن وهدوءه وملامحه الهاديّة وهو يستمع له بدون تجاوب معه تارك له حرية التعبير عن فرحته


كمن كان يمَلك حفنة أمل منذ الصغر
وأتت ريح وبعثرتها ، ولم يكفي هذا
ساعد الرياح بنفخه على بواقي الأمل لتتبعثر
بلا عودة !

الفرحة الي غمرت أنحاء الديرة ماكانت هينة
ملكة بنت مهاب ولد شاهِر ،كان حكيهم اللي يتناقلونه
وماكان هذا،كانت الريبة والإستنكار لها محل ومستقر
كيف رضى غالب الي عاش أغلب سنواته بالعاصمة يزوج أخته بصقر اللي فعلاً بيستقر بالديرة؟ وش السبب الكبير وكيف أقتنع ورضى؟بالأحرى من الشخص اللي قدر يقنعه؟
خالط الإستنكار فرحة غامرة إنتشرت بكل المكان في حين اليوم موعد ملكتهم

شاهيّن اللي كان غايب أغلب الوقت وحتى لاحضر يطغى عليه الهدوء،ما عُتق من نظرات جده اللي يطغى عليها اللوم والعتب،والضيق!
في صبح هاليوم كان جالس بوسط مغارته بعدما أبتعد عن الديرة من البارحة،قدامه مسدسه والسيكتون(أداة للإصطياد) يحشوها بالرصاص في ظل هدوءه وسكون المكان إلا من أصوات الإبل البعيدة وأصوات الريح الصاخبة بسبب علو المغارة عن سطح الأرض
لحظات بسيطة قبل يدمر السكون صوت فرامل قوية إستدعت تنهيدة خافتة من صدره وهو يكمل بصمت شديد
تِسلل لمسامعه أصوات نقاش تتداخل ببعضها بنبرات قلقة وغاضبة بنفس اللحظة وبعد ثواني بسيطة قدر يميز أصحابها،صقر وهارون وحرب!

رفع رأسه بإستنكار بعدما تخطت خطاويهم مدخل المغارة ولكن قُطعت أصواتهم بذات اللحظة على إثر نظراتهم المصدومة والدهشة اللي سرت بكل ملامحهم!



"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-22, 02:01 AM   #8

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





-
تأملهم للحظات قبل يرجع يحشو مسدسه ويقول بصوت بارد : كان المفترض أسوي لك غسيل للمخ بعدما علمتك عن موقع هالمغارة ياصقر
لو أدري إني كلما جيتها بتلحقني معهم كان فعلاً سويتها لك

ما لقى رد على كلامه ومازالت عيونهم شاخصَة بعدم فهم حتى زلزل هالصمت خُطوات حرب الصلبة على سطح المغارة غير المستوى بسبب الصخور الصغيرة وهو يرمي نظراته المستنكرة للمكان ، أقل وصف قد يُوصف وضع هالمغارة كان بإنه" حصلت حرب " هوجاء غير راحمة وضيّعت معالم هالمغارة بعشوائية .. كل التُحف اللي صنعها ، كل جهده وطاقته اللي قّضى عليها ونحتها لشهور طويلة كانت مُفتتة لقطع صغيرة بكل مكان بالمغارة ، كان المكان أشبّة بساحة حرب ولكن الفرق أنه لا جنود فيها غير"شاهيّن"
المكان مُدمر عن بكرة أبيه ، كل الجهد والتعب تلاشى وكأنه ماكان للحظة ، كل الُتحف اللي كانت تآسر من شدة جمالها حُولت لفُتات صغيرة
وكأنها ماكانت أبداً ، وكإنه إنتشلها إعصار مُدمر وقضى على كل الإبداع بلحظة غضب عنيفة!
ماكان أحد قادر على كل هالعنف غيره ، وماكان ضحية كبّته لشعوره غير جهده الي أستمر لشهور ولربما لسنين طويلة
قال صقر بعد صمت مُخيف : من اللي ضيّع جهدك ياشاهيّن ؟ وش صاير بالمغارة وش..

قاطعه شاهيّن بهدوء وهو يقول : ماصار شيء

شهق صقر وهو يمسح على وجهه ويقول : هذا كله وماصار شيء ؟ أصلاً باقي شيء بيصير ؟ يعني بتتحول كل هالقطع الصغيرة لرماد

رفع كتوفه بعشوائية وكأنه يقول " يمكن" حتى قال هارون بذهول : يمكن سارق دخل أو أحد من الديرة الثانية ، أو يمكن سلمان ؟ لأنه للحين حاقد عليك بعدما فشلته قدام أهل الديرة

ما علّق شاهيّن على كلامه بيّنما بدأ على ملامحه الهدوء التام حتى قال بعد لحظات : ليه مشرفّيني بجيتكم ؟

حرب بعد دقايّق من الصمّت المستنكر قال بهدوء : من أمس مختفي ..

قاطعه بضيق بارد : أول مرة تصير ؟

- لا ماهيّب أول مرة ، بس الوضع مهب نفس كل مرة ، بكرة ملكة بنت عمنا ، بالأحرى ملكة صقر يا شاهيّن
- أعرف
- ودامك تعرف ليه نافي نفسك بآخر الدنيا وكأن الموضوع ما يهمك ؟ ودك تسبب لجدي بجلطة ؟ ولا تحب تكسر خاطره كونك ما تشاركه هالفرحة ؟
- حرب ، الملكة بكرة فلا تكبر الموضوع ، ليه جايين أصلاً وكأني طفل صغير وخايفين علي ؟ إعقل ياحرب وأرجع للنادي وخل عنك هالحركات
كانت ردود حرب غاضبة ويحاول يمسك زمام نبرته لا تعلى على أخوه الي يكبّر بسنة بس ولكن تقابله نبرة باردة جافة من شاهيّن وكإنه غير مهتم بالحوار وهلة ماكان صوت حرب الي دوى ولكن صوت صقر اللي للحظات كان متصّلب والذهول تجرع صلابة ملامحه!




-
تسربّ القلق لكل تفاصيل وجهه ولكنه تقدم وهو يرسم إبتسامة خافتة على وجهه ويغض الطرف عن كل اللي حاصل ويناظر للمسدس : آوه دامك مجهز هالمسدس يعني النيّة صيد صح ؟

ناظره شاهيّن بهدوء بينما صقر أبتسم وقال بضحكة : يعني جيت بوقتي صح؟ وين الوجهة

-ناوي تطلع للصيد وبكرة ملكتك ؟

-دامك بتطلع وأنت خوييّ ، ليه ما أطلع ؟ علمني الوجهة بس

ناظره شاهيّن بهدوء للحظات وأكمل يحشو المسدس بالرصاص في ظل إبتسامة صقر الخافتة ونظرات هارون المضطربة والمستنكرة كونه جاء بعد غضب جده العنيف والي أصلاً إسبوع كامل وأعصابه مُضطربة ودايماً معصب وهالمرة بسبب غياب شاهيّن زاد غضبه أكثر وطلبهم يجيبونه الليلة قبل بكرة ، بيّنما حرب يتأملهم بصمت شديد علاقتهم ، متينة !
قوية لدرجة إن صقر قادر على تغيير مزاج شاهيّن بكلمة وتصرف بسيط بس ، قوية لدرجةإن صقر قادر يتغافل عن سيئات شاهيّن ويتناساها ماهو بس كذا قادر يتقبلها ويحولها لشيء إيجابي ؟
من كان يظن إن صقر بعدما تغافل عنه شاهيّن بأكثر الأوقات اللي المفروض يفرح فيها رح يجي ويشاركه الصيّد ببساطة شديدة ؟ لأي مدى تمكّن شاهيّن من قلب صقر ولأي مدى يعتبره أخوه ! حتى حرب ماهو قريب من شاهيّن للدرجة ذي !!

كان يلاحظ ملامح شاهيّن اللي تحولت من الجمود والبرود للهدوء وهو يتحاور مع صقر الواقف بمحاذاته ويتنقلون بين الجبّل بعدما إختارو منطقة صيّد معينة ، فعلاً هم خرجو للصيد قبل يوم واحد بس من الملكة الغريبة !
والي ما أستوعبو حدوثها للآن !
-
-
بالمُقابل،كان بيت الجد شاهِر عامر
الضحكات وكأنها عدوى تتناقل بشكل سريع على الأفواه ، الفرحة تطغى على سكون المكان
ولكن هذا لا يعني الإستنكار الشديد ، الإستغراب وعدم الفهم ، ولا يخفي غضب تساهيّل ورفضها الشديد ماهو رفضاً لشخص صقر ولكن لزواجها بالديرة ولولا موافقة الجد شاهِر بعد موافقة غالب وغرور وإقناع الجدة مودة لها وتشييّدها بصقر كان بقت على رفضها ، الجميع مستنكر رضا غالب الجميع مندهش من غُرور اللي لطالما كرهت كل ركن بهالديرة كيف رضت تكمل باقي فصول حياتها فيها ، هالة الهُدوء واللامبالاة اللي تحيط فيها غير مفهومة وغريبة جداً
محد قادر يحدد شعورها محد قادر يفهمها ، الكل يتأمل لامبالاتها وضحكاتها الي تنثرها على المكان وكأنها "تصطنع الفرحة " وتمحي ضيقها عبر هالضحكات ، هي بذاتها اللي أقنعت غالب
ومحد يدري بأي طريقة أقنعته ولكن المهم إنها قدرت عليه وهنا بيّت القصيد
خلال هالإسبوع زارتهم " غزيّل " أم صقر و"سُهاد" أخته واللي كانوا جيرانهم اللي بحسبة أهلهم أصلاً



-
كانوا موقنين إن هالزواج بيزيد من إرتباطهم سوا أكثر
كونهم بيرتبطون ببنت مهاب جلوي ، كان هذا بحد ذاته مدعاة للفخر بالنسبة لهم كونهم أهل، خصوصًا غُرور البنت اللي لاطالما كانت"مميزة" بشكل كبير جداً لذلك ضحكاتها اللي تنُم عن فرحتها بنظرهم كانت تكفيهم
في ظل تجهيّز الجدة مودة لكل الترتيبات وإستعاناتها بجيرانها وحتى غزيّل أم صقر
محتويّهم العريش وجالسين مع غرُور والبقية تحت دفئه
غُفران تسترق النظر لغرُور الهادئة وملامحها المرتخية بإبتسامة عابّثة ، مستنكرة وهي أكثر وحدة رافضة هالخطوة منها ، ولكن برغم كل شيء من بيقدر يعذل غرُور عن شيء هي تبيه ؟
لطالما كانت تسعى لأجل تلبّي طلباتها ،وخصوصاً إن كونها أخت غالب اللي يمّدلها بساط من جلده يدعمها !
لمحت دخول غالب وومرُوره من جنبهم ، إبتسامة بسيطة متنهَدة كانت على وجهه وهو يتأمل غُرور اللي غمزت له ،تلاشت بلمح البّصر لما لمح العيُون الغاضبة واللي تلطخت بنظرات غريبة عجز يفهم معناها ، تأملها للحظات لدرجة لفت الإنتباه وبعدما أستوعب تحرك وهو يكمّل طريقه لمجلس جدَه يتحاور معه بأمور كثير
أهمها بكرة ! بينما غُفران ماغاب عن عينها الموقف واللي لمحت غضب أهداب اللي تترجم على شرر يتطاير من عيونها لعيونه ولما تخلى عن الوقوف وراح ، تحولت نظراتها بشكل غريب
اللمعة اللي بعيونها ماهي مفهومة ، دافئة ؟
تنهدت وهي تنزع نفسها من زوبعة هذه الأفكار وأخذت تكمل الحرب مع خواتمها في تركيب اللؤلؤ بالخيوط اللي أجبّرتها غرُور تغزلها بالإسوارة لأجل تزيّن بها كفوفها بكرة ، ووجبّ عليها ترضخ
بالنّهاية .. غرُور عرُوس !


وفي أحد أمكنة الصيّد المعروفة ، واللي تعودت أقدامهم على الولوج لها بأغلب أوقاتهم ، وحتى بأكثرها حرج وضيَق ، بوسطها وفي ظل سكُون المكان إلا من أصوات الحشائش الي تتحرك بفعل نسمات الهواء النديّة ، وأصوات الطيور الحُرة اللي تبّحث لصغارها عن ما يسد رمقهم
وأصوات الحيوانات اللي إتخذت هالمكان مسكن لها ، بعيد تماماً عن صخب المدينة وعن حتى الديّرة وما حولها !
كان متكي براحة يدينه على الأرض وعلى مُحياه يبّان الضيَق والقهر ، يتأمل الغزال اللي سفك دمها بيدينه وبين كل لحظة ولحظة يتنهد بآسى ويكتم ضيقه بصعوبة
ناظره شاهيّن بهدوء وكتف يدينه وهو يقول بضجر : مادامك بترويّنا الويلات ومابقى على بكاك إلا القليل ليه تصيّدها ؟

هارون اللي أخفى ضحكته بصعوبة عن ملامح صقر الذابلة قال : وهو صادق ، برغم إن شاهيّن قال لك إتركها ياصقر ، فردت عضلاتك وصدتها

تنهد صقر بصمت وحرب ضحك وهو يقول : الدمّعة الدمّعة ياصقر طاحت



-
ناظرهم بضيق وقال وهو يأشر على الشّادن الصغيرة واللي كانت أمها تركض بإتجاهها بخوف في حين صيّد صقر لها : لو أدري عندها بنية صغيرة ما صدتها ، أنت مستوعب إني تركتها يتيمة بسبب هوسي وحماسي الزايد ؟

أنفجر هارون ضحك وأشر على الشّادن بصدمة : هذي بنية صغيرة ، خلف الله على عقلك ياصقر

تأملها صقر بضيّق وأقترب منها أكثر وهي متكورة على نفسها بالأرض وأخذ يمرر يدينه عليها بقهر : واضح مالها يومين من ولدت ، ياويلي من الله عقابي بيكون كبيَر

تنهد شاهيّن بخفوت وناظر للحزن الي فعلاً أرتسم على تفاصيّل وجه صقر ، كان متضايق بصورة واضحة ، وبرغم إن الوضع يضايق ولكن ردة فعل صقر كانت مبالغ فيها وجداً : صارت يتيمة مثلي

حرب تنهد بضحكة وقال بآسى وضيّق : كلنا أيتام يا صقر لا تسحب المواضيع لأشياء غريبة

قال هارون وهو يقول بعشوائية : صح أبوي عايش بس أعتبر نفسي يتيم لأني أشوفه في السنة مرة بس ، أحتسب معكم صح ياحرب؟

ناظره حرب للحظات بصمت وعجز يحدد ردة فعله ، يضيق ؟ ولا يضحك على كلامه ؟
قاطع تردده صقر اللي قال بشرود : أنتم لكم شاهِر .. عن مية أب

شاهيّن ميَل شفايفه بخفوت وكان بيتكلم لولا إن
هارون تلتفت للحظات وقال بإستغراب : ولكن علموني يارجال ، هالغزلان لاتكون بمحمية وفاكينها ترعى وحنا قضينا عليها ؟ ياويلك مرتين يا صقر مرة من الله ومرة من المسؤولين

توسع الضيّق بوجه صقر بالتالي تأفف شاهيّن بصوت مسموع وأنحنى وأخذ الشّادن بين ذراعينه متجاهل تماماً شهقة صقر ونظراتهم المتوسّعة ، حاولت الشّادن تهرب بالبداية ولكنها بعد لحظات إستقرت بسكون في حضن شاهيّن اللي كان يداعب وبّرها ويناظر لهم بهدوء : ماودكم تنهون فصول الحزن السخيفة هذي ؟ وبعدين ياصقر تعرف إن جلوي يعدّك سادس أحفاده وواحد منهم ، فلا تستغل هالنقطة في غير صالحك يالجاحد

ناظره صقر للحظات بإستنكار ثم لاشعورياً بدأت ترتسم ضحكة على وجهه وهو يلمح ثوب شاهيّن اللي تلطخ بالتراب وبالطيّن وحتى ببعض الدم في سبيّل يمحي العبُوس من وجه صقر . وفعلاً نجح
صقر اللي قبل لحظات يناجي ومابقى على بكاءه غير ثواني هاللحظة يضحك بلا شعور ، لأي سبب ؟ ما يعرف
كل الي يعرفه إن شاهيّن اللي تنهد الجبال الرواسي لا لقى بثوبه بس لمحة من التراب ، هالمرة تنازل بثوبه كله لأجله ، موقف بسيط ولكن ما كان عابر عند صقر
ولاعند حرب اللي من لمح صقر يضحك بعد عبوسه حتى تنهد بهدوء ، لأي عُمق وصلت هالعلاقة بينهم؟ مايعرف
بكل مرة يشوفهم يتسائل عن هالشيء ولكن ولامرة لقى الجواب الي يرضيه



-
بعد وهلة لقاهم يبّتعدون عنه وصرخ بذهول وهو يلمح الغزال اللي صاده صقر وبجنبه أرنب كان من صيّد شاهيّن اللي وقف بسبب صقر : والغزال وهذا الأرنب يا المغوار الشجاع أنت وياه ؟؟؟

ألتفت له شاهيّن وناظره ببرود وهو يقول : العضلات اللي تحرث الأرض فيها ليل ونهار وش فايدتها ؟

ناظره حرب بصدمة وكان بيرد ولكن شاهيّن ألتفت وكمّل طريقه بلامبالاة وسط ضحكة هارون الخافتة اللي أخذ الأرنب بيده وهو يقول : هذا بلاء أبوك ياعقاب ، ما أستفدنا شيء من عضلاتك خلها تعطي مفعولها هاللحين

مشى عنهم في ظل تمتمة حرب بالسب والشتم فيها وهو يحاول يأخذ الغزال اللي ماكانت كبيرة حتى كان جسدها صغير وهذا يفيّد وجودها للحين بهالمكان بدون محد ينتبه لها

بعدما إنتهوا من الغداء في الجلسة اللي كانت بعيدة عن منطقة الصيد بالشيء القليل كان صقر مستلم دفة الحديث ومتمسك فيها بكل قوة وهو يدخل ويخرج من موضوع بنفس اللحظة في ظل سكوت شاهيّن اللي كان متعود على مواويل صقر وصدمة حرب وحلطمة هارون
بعدما أنسحبو حرب وهارون لعل عقولهم تهدأ من إزعاج صقر ، رفع رأسه شاهيّن بإستنكار وهو يناظر صقر اللي ألتزم الصمت بشكل غريب .. قال بهدوء : علامك؟

رفع رأسه صقر ورسم إبتسامة غريبة على وجهه وقال : ليه هالأيام متضايق ؟
- ومن يقول لك إني متضايق ؟
-صقر يقوله ، تعرف تلبس القناع قدام أهلك كلهم ، حتى جلوي ، ولكن هالقناع يطيح ويتلاشى قدامي ياشاهيّن ، ليه رايح تصيّد قبل ملكتي بيوم واحد بس ، ليه غايب عني بأكثر وقت أنا محتاج لك فيه ؟

ناظره بهُدوء والبرود عكس نظراته لصقر وبعدها رجع ينظف مسدسه من الرصاص وهو يتمتم بجفاف : لا تفتح لي مواويل مالها سنع ياصقر ، وش تبي فيني قبل ملكتك بأيام ؟؟ كل المهم أكون بوقت العقد لأجل أشهد فرحتك الكبيرة ، قبلها خلني على راحتي ، أنت بنفسك تعرف إني أكره الضغط علي ومع ذلك جاي مع حرب وهارون للمكان اللي ماودي حد يدري عنه وعديَت الموضوع ، لأجل كذا لا تختبر صبري

-تعرف ؟ قبل أجي كنت مع سُهاد
رفع رأسه بإستنكار لنبّرة صوته الغريبة ولتغيير الحوار بطريقة مريبة فقال بضيق خفي : لاتفتح لي مواضيع الزواج من جديد ياصقر ، يكفيني زواجك أنت

ولكن صقر أستمر بنفس النبّرة وهو يتذكر موقفه مع سُهاد بعد رجوعه من صلاة الفجر ، "لما لمحها جالسة بجنب باب البيت تسند رأسها على رُكبها وتهز نفسها برتابة ، من إستشعرت خطواته فزت من مكانها وناظرها بخوف : سُهاد ، أنتي بخير ياعيوني ؟

وقفت وهي تقترب منه وأبتسمت بربكة : إية إية بخير لاتخاف ، كنت أنتظرك أشتقت لك



-
ضحك بخفوت وهو يقترب ويحضنها بهدوء : مالي منك غير يوم وليلة ، لو أدري بتنتظريني عالأبواب كان طولت بعد لأجل المرة الجاية تنتظريني على باب الديرة

سكتت للحظات بعدها شدت بقوة على طرف ثوبه وهي تقول بنبَرة يشوبها الخوف والقلق: صقر ، حلمت حلم حيل شين يا صقر
حسيت بسببَه وكأن أحد ينزع روحي من جسدي ويكتم على أنفاسي ويمنعني من الحياة ، صقر بتكون بخير صح ؟

تمتم بالبسملة وهو يمسح على شعرها ويقول بحنية : أفا يالعلم ، الكبيرة سُهاد للحين تخاف من الأحلام ؟ لاحد يسمع تكفين

هالمرة ماضحكت على سخريته منها وقالت بخوف : صقر تكفى ، كل شيء بيكون بخير صح ؟

أبتسم بهدوء وهو يّبعدها عن حضنه ولكنها رفضت رفض تام وتمسكت فيه بكل قوة وهي تدفن رأسها بصدره في ظل ضحكاته : قولي الوضع مهب وضع خوف وأحلام ، تبغين تستغلين الوضع وتشبعين من حضني صح ؟ عشان بتجي صاحبته بعد يومين

ضربته على كتفه وهي تقول بقهر : صقرر

ضحك أكثر وهو يضمها بحنية ويقول بهُدوء: كل شيء بيكون بخير بإذن الله ياعين صقر ، كل شيء قضاء وقدر ، حياتنا مرسومة من بداية ميلادنا ومحد يقدر يغير قدره لأجل كذا لا تخافين ؛ لأن هالقدر بيّد أرحم الراحمين وكل اللي يجي من الله يا حيا به
ناظرته بضيَق للحظات ولكنها قررت فعلاً تستودع نفسها وأهلها الله وتكمل يومها براحة"

كان شاهيّن يستمع بصمت لصقر وهو يحكي الموقف حتى لما أنتهى ورفع صقر رأسه وتسائل وكأنه طفل السبّع ويستدعي الرجاء من أبوه لأجل يلقي عليه كلمات يقتاد الأمل منها : كل شيء بيكون بخير صح يا شاهيّن ؟

ناظره شاهيّن بهدوء بينما صقر رمقه بأمل ، لطالما كان شاهيّن بالنسبة له بؤرة الأمان وفي مقام الأب ، الأخ ، الصاحب والكتف اليمين
لذلك كانت مخاوفه تنطمس تماماً لما يكون شاهيّن بجنبه ، مايقدر يكذب ويخفي خوفه من نبَرة سُهاد ، اللي ما بعمرها إعترفت بخوفها حتى بأبشع الأوقات فكيف إنها أنهارت على صدره بسبب حلم بس ؟
إيماءة رأس شاهيّن وإبتسامته الهادية تركت صقر يبتسم إبتسامة عنيفة ويتنهد من وسط جوفه وهو يقول : يهمني أعرف إنك حولي ، وهذا يكفي
-أفهم إنه لأنك خايف جيت مع حرب وهارون؟
-أفا يالعلم ، يعقب الخوف ، تراني صقر صقر
يعني حتى أنت برأسك ياشاهيّن مجرد لقب مقبتس مني كيف تبيني أخاف!

أبتسم شاهيّن بسخرية وصقر ضحك بعدما تغيَر جوهه وتلاشت هالة القلق والإضطراب اللي كانت تحيط فيه
وفي ظل مناوشاتهم اللي ما تنتهي بسّبب إزعاج صقر اللي زاد عن حده بسبب حماسه كلما تذكر ملكته اللي بتنعقد بكرة يقابلها غضب شاهيّن اللي بكل مرة يحذره يسكت ولكنه كان عاجز هالمرة!




-
كان جالس قدام شاهيّن بالضبط ويناظره بضحكة وهويقول : أقولك يعقب الخوف تقوم تناظرني بهالنظرة ، يعني بخاف زيادة؟
رماه شاهيّن بنظراته الهادية وشتت نظراته للمكان ولكنه رجع يناظره بضيّق وهو يقول بغضب : ماقلت لك إترك هالمرض عنك ؟

صقر اللي أشعل الدخان بيدينه وأخذ يستنشقه وهو ينفث دخانه حول المكان مسبب هالة متزعزعة قال : هذا مني وفيني ، من المراهقة مالي حيل على تركه

قاطعه شاهيّن بغضب وهو يقول : لا تكذب ، تركته ولكنك ضعيف لدرجة رجعت له من جديد

ضحك صقر وهو يقلبها بين أصابعه ويقول : لو فيها موتي ماقدرت أتركها ، تعرف ياشاهيّن
الدخان مثل الحب ، كلهم نعرف إننا بنموت بسبيلهم مع ذلك مقاومين ونركض وراهم بكل لهفة ، البني آدم ضعيف بنفسه من شدة جهله يركض ورى سبب موته وبعين مغمضة ، فلا تلومني لا بالحب ولا بالدخان

سكت شاهيّن بضيق وهو يضغط على أطراف المسدس وهو موقن مهما حاول ينزعها من بين أصابع صقر ما بيقدر ، لأنها صارت منه وفيه على قولته
رفع رأسه بإستنكار لصقر الي قال بضحكة : ماودك تجرب ؟

ناظره بإشمئزاز وقال بعدم إعجاب : صقر إبعد هالسم عني عشان ما أتوطاك ، أنا ماني من أهله

ضحك صقر أكثر وهو يقول : يارب ماتصير من أهله ، لأنك لاصرت مارح تبّعد عنه ياشاهيّن أبد
الدخان بس اللي أبيك تبتعد عنه ، بس الحب لاا ياشاهيّن ودي أشوفك تهيّم بالحب وتنهار على وجهك قبل أموت ، ودي أشوفك وأنت مضيع الدنيا بسبب تفكيرك فيها وتضحك زي المجنون لأنك تذكرت ضحكتها بس ، ودي أشوفك تتقلب على جمّر الغضا لأنك ضايقتها وماعرفت كيف ترضيها ، يالله يا شاهييّن
ودي أعيش كل هالفصول معك ، ودي أسايرك فيها بكل خطوة

ناظره شاهييّن بجمود وكأن الموضوع مانال إستحسانه وقال بعدم مبالاة : مارح تعيشها ياصقر ، لا تدور بمدار ماهو بمداري وتجبر فلكي يكون فلك غير عني

ضحك صقر وهو يرمي الدخان بعدما أنتهت وقال بهدوء : وإن ما عشتها معك ، بس صدقني كل هاالكلام بيتلاشى من تظهر هي ، وإن قاومت وحاربت وبقى قلبك البارد جامد لسنين طويلة
من تتواجد هي بيذوب وكأنه جمر يا شاهيّن
هذي شيء فوق قدرتك ، هذي شيء ماهو بيدينك
هذا الحب يااشااهين ، الحبب

تنهد شاهيّن وهو ينهي آخر خطوة بتنظيف المسدس ويتحسس الأمان فيه ، ناظر صقر للمسدس وهو يمسك يدين شاهيّن ويضغط عليها بضحكة : تكفى ياشاهيّن والله حتى لو فيه رصاصة مندسة(متخفية) كان ذابت وتلاشت من الخوف وأنت تنظفه لك ساعة

شاهيّن قال بإقتضاب وعدم راحة : هالمسدسات مالها أمان ، لازم تأخذ حذر...




-
ناظر لصقر بصدمة وهو يضغط على الزناد ويضحك : يارجل الدنيا عوافي ، أقولك أنا بنفسي بتأكد لك إن المسدس بنفسه بيذوب من شدة النظافة

ناظره بصدمة ودهشة وهو يحاول يسحب المسدس ويقول بغضب : صقر وخر عن المسدس وخل عنك هالحركات كأنك طفل مايفقه شيء ، أقولك هالأشياء ماهي للعب حتى لو أنت متأكد إنها فاضية

تأفف صقر وهو يضغط أكثر وبكل قوة على إصبع شاهيّن المتمسكة بالزناد وأبتسم بضحكة وهو يقول : يارجلل بأخذها تحدي ، هالمسدس فاضي وإن كان فعلاً فاضي الليلة ترجع معي الديرة وتنام ببيتي بعد قطعتك هالأيام كلها وتنتظر ملكتي معي بنفس حماسي

ما رد عليه شاهيّن وهو يناظر بضيق للمسدس وليده اللي تعلوها يد صقر واللي حتى عجز يبعد اصبعه عن الزناد بسبب صقر اللي يضغط على يده ويرجع يرمّق صقر بنظرات الغضب وهو يقول : صقر لا تتبّنى جنوني ، وخر وخل هالليلة تعدي على خير

ضحك وهو يغمز له ويضغط على الزناد بضحكة وعدم مبالاة: ماخبرتك خواف يا جلوي ، خبرتك جبل ما يهزك ريـ...

تلاشت الضحكة تدريجياً ، وإختفت الكلمات بشكل قاطع عن السّمع ، لا لا مو الكلمات وبس اللي إختنقت بالحلق حتى النفس ذاب وتلاشى وماعاد له قدرة على إسترجاعه

يالله .. هذي رجفة اللي تتملك جسد شاهيّن الصلب ؟ هذا الجمود الي كان يتلبّسه بعشوائية هالمرة كان خوف ورعب ورهبّة ؟

بعد لحظات تفجرت أصوات خطوات مفجوعة من كل مكان وهو يتجهون لصوت الرصاصة اللي فجرت المكان بصداها كون هالمنطقة كانت إستراحة وغير مخصصة للصيد ، ومن بينهم هارون وحرب اللي من أستدرك مكان خروج الصوت حتى تلبست الرجفة جسده
وصل لمكانهم ، وقف للحظات وهو يستشعر جفاف عنيف بحلقه عجز بسببه يبّتلع ريقه
عجز يسبّل أهدابه وكأن جفاف العالمين أستقر بكامل جسده ، عجز يسترد نفسه وعجز يستوعب كل اللي حوله ، يارب هذا حلم ولا هو علم ياربّ العباد ؟

هو فعلًا جسد صقر منحني للأمام وسط بركة دم هائلة بدأت تحيط المكان الي يحتوي جسده بكل إسراف وكأن خلاياه تبّكيه دم ؟ هو فعلاً يلمح ثوبه الأبيض ملطخ بالدم لدرجة التبذير والبذخ وتحول ثوبه للإحمرار التام ؟

معقولة هالقطع الصغير بطرف ثوبه والتجويف الواضح بجسده هو رصاصة إخترقت صدره ؟ صدى هالرصاصة كانِت تشهد خروجها من جسد صقر ؟

رفع يده اللي ترتعش وهو يفرك عيونه يحاول يستوعب الموقف ، لأن من شدة بشاعته عجز يستوعب إنه فعلاً حقيقي

فتح عيونه من جديد ببطء شديد وهالمرة ركّز بعيونه على شاهيّن أخوه اللي لطالما كان صامد ، ثابّت ، قوي
حتى بأصعب المواقف اللي تستدعي البُكاء من شدة التعب كان هادي وواثق الخُطى .. يالله !




-
هل توقف الزمن ؟ هل إنتهت الدنيا وقامت الواقعة فعلاً ؟ معقولة أنا للآن عايش وأتتنفس ؟
يالله يارب ، هذا اللي بعيون شاهيّن غلالة دمع ؟
هذا الي بعيون شاهيّن ضعف وعجز وخوف ورعب ؟ يالله هو فعلاً جسد شاهيّن يرتجف ويدينه ترتعش وهو عاجز عن الوقوف حتى من شدة إختلاال جسده ؟

بلع ريقه بصعوبة وهو يتقدم بخطوات مختلة من شدة الوجع ، مرارة الإستيعاب دمّرته ، كوته ، أحرقت جوفه

صقر غاب عن الدنيا ، برصاصة إخترقت جسده كان يحتويها المسدس اللي مازال بيدين شاهّين
هذا المشهد حقيقي فعلاً ؟
وقف قدام شاهيّن ، بالأحرى إنهار قدامه وهو يتأمل عيونه اللي تحترق من شدة كتم الدموع ، يناظر لعدم الإستيعاب والصدمة اللي تتملكه

صحى من شروده وهو يلتفت لصقر اللي ألتفو الرجال حوله بنفس اللحظة ، ومن سمعوا الفاجعة من أحد الرجال اللي إستشعر نبضه وقال بضيق " إنا لله وإنا إليه راجعون "

حتى إنهد الجبّل وزاد الحِمل وهل الدمّع ..

صقر مات .. وعلى يدين شاهيّن
وبقُربه وأمامه !
معقولة عُمق العلاقة ،
وصل لكل هذا السخط ولهذي القوة ؟
إنه تتلاشى كل الطرق والأسباب اللي
ممكن يموت بسببها ، ويموت على يدين
أحبّ الناس لفؤاده وقبل فرحته الكبيرة
بيوم واحد بس ؟ أي وجع هذا يابشر !
أي حرقة رح تصحب قلب شاهييّن عساف طوال هالحياة؟

أي دمع رح يندثر ؟ وأي جبّل رح يبقى بعد
كل هالوجع ؟

"الجبل ماعاد ثابت ياصقر ، الجبل طااح
بطيحتك يابسّمة شاهيّن الحلوة والمُرة ، وإختياره المُوجع"
-
-



"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-22, 02:15 AM   #9

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



٧٨
-
في دِكة البُدلاء
حُلم ضائع .. أو ربما كان في طور الراحة
أو في لحظة ضعف ، قد أُنهك صاحبه
لدرجة أنه بات ينسى معنى"حلم"

المباراة كانت في دقايّقها الأخيرة ، يسترق النظر بملل على أعضاء فريقه وهم يتناوبون على رمي الكرة بين أقدامهم ، تململ بجلسته وأخذ يثبّت قلنسوة جاكيته على رأسه بإتقان ،يشعر بالخزي يقطع فؤاده بأي لحظة ممكن يبان فيها وجهه وهو مركون بالدكة ،خصوصاً هاللحظة
" بحضور شاهِر بن جلوي " لأركان الملعب
ماكان يدري هو الضيق اللي فعلاً متأجج بصدره وحابّس عليه النفس ، ولا الغصّة اللي بحلقه
هي السبب !
كل اللي يعرفه إن السّنة والنص من بعد الحادثة الشنيعة مامرت أبد ،كلهم بقو بنفس اللحظة
كلهم لازالوا يعيشون مرارة شعورها مراراً وتكراراً
بكل ثانية يتنفسون فيّها يتقلبون على جمر الغضا من شدة بشاعة الشُعور
للآن عايش بوسط بركة دماء صقر ، وعايش بين نظرات الضعف والهوان بعيون شاهيّن
بعدما كان ضمن اللاعبين الأساسين والكورة تتراقص بين أقدامه تسعيّن دقيقة ، صارت الخمس دقايَق نعيم ينعم فيه ، صار من ضمن اللاعبيين المركونين بآخر اللائحة واللي تواجده يهدم تعب فريق كامل ، مايدري هي فعلاً لحظة ضعف منه إنه عاجز عن الإستمرار في حياته ؟
ولا بهت حلمه فعلاً وصار روتين ممل ؟

كانت الغّصة تتزايد بشكل يسّد عليه تنفسه ، لاهو عاجز يبلعها ولا عاجز يفرغها من حنجرته
بكل مرة يتذكر إنه هو " حرب كان شاهد وحاضر فقط على الموقف" وعاش كُل هالوجع وعجز يستمر في حياته
فكيف بصاحب صقر ، كيف بالشخص الي عاش مع صقر حلاوة الدنيا ومراراتها ، كيف بالشخص اللي آخر درجات حرارة كفوف صقر تحولت لصقيع بارد بين كفوفه وعجز يفلتها من شدة صدمته ، كيف بالشخص اللي عايش بين أسوار السجن لسنة ونص كاملة بتهمة قتل ذراعه اليمين وصاحبه اللي يعده من أولي القُربى أو هو أقرب !
صقيع بارد غلف قلبه باللحظة اللي تذكر فيَها شاهيّن وأخذ نفس بهدوء وهو يرفع رأسه باللحظة الي أعلن فيها الحكم نهاية المباراة وفوز فريقه بهدفين مقابل هدف وسط فرحة الطاقم الإداري واللاعبين وبقية لاعبين الإحتياط الي بجنبه وبرغم إنه حاول يفرح أو عالأقل يمثل الفرحة ولكنه عجز ،بكل ما تملك يمينه من عجز
رفع رأسه وتأمل فرحة الجمهور وماكانت رغبته بالفخر بمستوى فريقه لأن ماكان له فضل إنما كان يبّحث بعيونه عن سنده وذخره
ولحظة اللي وقعت أنظاره عليه حتى تنهد تنهيَدة عمييقة من وسط جوفه وهو يبتسم بخفوت !
#هوى_ديار_الليل


٧٩
-
شاهر بن جلوي .. اللي عجزت الدنيا تكسره بمصايبها قدر شاهيّن يكسره وبسهولة !
من يصدق إن العظيم الثابّت القوي ينحني ظهره وتنزل هامته بعد هالحدث ، شاهِر تغير بالحيل
شاهِر ماعاد بشاهِر الأولي في ظل غياب قرة عينه
شاهِر تفطر فؤاده بموت صقر وبهّتت حياته بغياب شاهيّن
حتى بسمته تلمح مراراتها على بعد خطوات طويلة ، حتى بتبسُمه هاللحظة لحرب وكأنه يعزز له أو يقويه على دنيته توضح المرارة فيه
لمح ياسيّن اللي بجنب جده ، واللي تِكفل بتوصيله للملعب بالعاصمة واللي سِجن شاهيّن قابِع فيها ، برغم رفضه لزيارتهم بآخر الشهور إلا إنه شاهِر ماكل ولا مل وهو يحضر كل أسبوع لعله يحن ويرضى ،ولكن لاحياة لمن تنادي !
قرر هالمرة يحضر مباراة حرب ، وهو ملاحظ تدني مستواه وإقصاءه من مباريات الفريق بكل وضوح وعنده كل العلم عن السبب ولكن ما بيده شيء ، غير يحضر ويؤازر
إذا شاهِر بنفسه ماعنده حل لعلة قلبه ، كيف بيحل عُقد أحفاده وأمانته بهالدنيا ؟

خرجو من الملعب ، وإنتظروا حرب اللي بعدما بارك وهنأ وأنهى إجراءات خروجه إستأذن وأتجه لجده اللي من وقف قباله قبّل رأسه بخشوع تام وهو يقول بنبرة هادئة : نور المكان ياجد ، كان ودي من تطأ أقدامك المدرجات أكون مهاجم أساسي بالمباراة بس ..

قاطعه إبتسامة حانيّة من ثغره الوقور وهو يربت على كتفه ويقول بحنُو : يكفي وجودك بينهم ، يكفيني والله يابّن عساف فلا تحمل نفسك فوق طاقتها

تنهد ورفع كتوفه بعشوائية ونقل نظراته لياسيّن وهو يقول بإبتسامة : صاير المرافق الشخصي لشاهِر بن جلوي

أبتسم بهُدوء إبتسامة تليّق بهيئته المرتبة والأنيقة وملامحه الي تجلب السكينة للنفس : ياسعد عيني لامن رافقت شاهِر

أبتسم الجد وهو يربت على كتفه وأخذ يقول : مشيَنا ، شاهيّن بن عساف ينتظر ملفانا

ناظره حرب بتنهيّدة وكان وِده يعارض ويقول " شاهيّن نسى إنتظارنا من شهور طويلة ، شاهيّن ماعاد على حطة يدينك "
ولكن الفرحة الي بعيون جده بكل مرة يحضر لهالمكان تجبّره يجر خطواته بصمت من خلفه
وكل خلية بفؤاده تردد " لعله يِحن هالمرة "

بعد وصوله للسجن العام اللي يضُم بأحد حناياه قطعة من قلوبهم ، توقفت سيارة ياسيّن أمامه وهو يترجل منها بعجلة ويفتح الباب لجده اللي نزل بوقاره المُعتاد ، بهيبته اللي برغم تزلزله من داخل إلا إنه باقي من الخارج ثابّت ثبات الجبال الرواسي ،كذا تعود وكذا تربّى وكذا ربّى عياله وأحفاده
ما يتركون للعدو ولا للصديق فرصة يشوفون فيها إنهيارهم وضعفهم ، الضعف لك بس

نزل من خلفه حرب ومشو بجنبه وهو يدك بالأرض عصاته الخشبية الي شاركته لوعته بآخر عشر سنين قضاها على سطح هالأرض
#هوى_ديار_الليل



٨٠
-
لحظة وصولهم للمدخل توقفت خطواتهم بإستنكار شديّد ، لصوت المرأة الثقيّل والقوي
والي قال من طياته : مبارك العفو عن حفيدك يابن جلوي

إنتقلت أنظارهم لها بصدمة وعجزو يتداركون الموقف أو يفسرونه ويلقون له تحليّل منطقي
هالمرأة من ؟ ووش هالحكي اللي تتفوه به ؟
وكم مقدار صدقها من كذبها لأجل تبّشر بهالبشارة قدام السجن العام ؟
معقولة تكذب ؟ شكلها ما تدري من إن قلوبهم من شدة تزلزلها كانت على وشك السقوط بأمعائهم والخروج من الصدمة من جسدهم
من شدة رعشة يدينهم ! ضغط بقوة على رأس عصاته يخفيها عن الأعيُن وقال بصوته الثابت الرزين : ما بيّننا كلام يا بنت الأجواد

كان بيخطي خطوة جديدة ولكن قطع عليه كلامها من جديد : شاهيّن بكرة بيقابلك ..

قاطعها بضجر والضيق خيّم بصدره من الآمال الزائفة واللي بكل مرة يقطعها شاهيّن بلا رحمة : من يقول هالحكي ، شاهيّن رافض يقابل أم صقر لأجل يرضى بالعفو ، شاهيّن اللي رافض وهذا الي كاسّر ظهورنا

إنتظرت بإحترام أجبرها عليه هيبته وجموده وثباته الكبير وقالت بعد صمت وهي تقول بثباتها اللي إكتسبته بآخر شهورها والي تحتم على شاهِر وأحفاده ينسون صوتها بسبب بعدها كل هالفترة: أنا أم صقر
ورفضه ما ينطبق علي ،أنا عفيت عنه لوجه الله تعالى قبل سنة وهاللحين ، ودام إني قدرت بنفسي أجي وأوقع عن تنازلي بعدما حرص هو على عدم جيتي لهنا فماله عندي عهد ولا شرهه
الله يحله ويبيحه من دم صقر ولدي ، الله يحله من دم أخوه ياشاهر بن جلوي ، العسكري يقول بكرة الصبح رح يفرجون عنه

سكتت بصدمة وهي ترجع خطوة لورى لما رمُو شماغاتهم بنفس اللحظة وصدح صوت التكبيّرات بالمكان بنبرات متفاوتة مابين ضعف وفرحة وعدم تصديق ، أتبعها سجود الشكر أمام مدخل السجن في ظل خوفهم وعدم إستيعابهم للموقف ، كانوا يحتاجون دفعة أمل في ظل قنوطهم ويأسهم
كانوا في جفاف مُوجع ومُهلك لدرجة قطرة مطر صغيرة أحيّت جذُور ماتت من شهور طويلة
مسحت دموعها برجفة وهي تناظر لإبن أختها
اللي إستدعته من بلد أهلها واللي حضوره طال بسبب مشاكل بجوازه ، ولو حضر قبل سنة من الآن ماكان شاهيّن أسير السجن حتى هذي اللحظة
ناظرهم ولد أختها بضيّق ويحلف إنه اللي تسبب بمشاكل في جوازه بس لأجل يطول شاهيّن بالسجن
برغم كل شيء هو رافض هالعفو ولولا إصرار خالته ماكان رضى ووافق ، بالنهاية صقر ولد خالته هو اللي مات !
راقبهم بصمت وهم يرمون الشكر الكبير على خالته غزيّل وبرغم إنهم بلحظة ضعف إلا إن فرحتهم كانت واضحة
بشكل يجبر العيّن تدمع ، وإلا من يلمح جبَال تكتم الدمع بصعوبة وما يحن قلبه !
#هوى_ديار_الليل



٨١
-
من يلمح رجال تخلل الشيّب شعر رأسه يحبس الدمع القرير وكأنه طفل من شدة فرحته ولكن كبرياءه يجبره يحبس الدمَع ، من يلمح رجال بشنبهم يقاومون الإنهيار من شدة فرحتهم
يقاومون الرغبة الكبيرة بالإرتماء في أحضان أم صقر اللي لطالما كانت بحسبة أم لهم
يقاومون هالرغبة بصعُوبة كونها كانت طوق النجاة لهم قبل تكون لشاهيّن ، اللي أصلاً كان رافض هالطوق والود وده يظل يغرق ويبقى يتخبط بالوجع سنين وسنين دون إكتفاء
رمُو عليها الشكر بحنية وهي أستقبلته برقة وإبتسامة موجعة ودموع ما نضبّت على الحال اللي وصلوا له!
-
-
على أحد الأسِرة المكسُوة بغبار الوجع
المُنهارة أعمدتها من فُرط ضيق قلب
صاحبها ، كان متكي برأسه على طرف الجدار
وبصره شارد في البعيد .. بعيد تماماً
عن هواء هالمكان العفِن ، بعيد عن رائحة
الإجرام ولو خُلطت بالبراءة ، يتنفس الضيق
في كل الأحوال ؛ ولكن ضيق عن ضيق يفرق
ويوسَع ولو للقلب القليل
كان شارِد بفكره لعله يرتاح هاليوم ، لعله
مايعاني ولكن ؛ من متى الضيق يحن ؟
إستعاد وعيه من شرُوده بسبّب أحد السُجناء
اللي مرر له كأس شاي وهو يقول بفرحة
خالطتها ضحكة : إشرب ياجلوي ، عقيق أنتهت إجراءات خروجه بعد جهد جهيد!

رفع رأسه بخمول وأعتدل بجلوسه وهو يأخذ
كأس الشاي ويناظره بهدوء بدون كلام ، وملامح وجهه المرتخية كان تكفي كتعبير للشكر ، ماكان عنده طاقة لأجل يمرر نظراته للمكان ويبحث عن زِناد ،وماكان يحتاج هالطاقة لأن زِناد (عقِيق) لبّى نداءه الداخلي وجلس عنده على السرير بكل قوة حتى أهتزت أعمدة السرير المُهترئة بكل قوة وسط ضحكته الرنانة وهو يقول : وصل الخبر قبل وصولي من عند أخوي ، سمعت ياجلوي ؟؟ سمعت بكرة برجع لهلي ياافرحتيي

ناظره بإبتسامة خافتة وهو يربت على كتفه ويقول بهدوء: بالمبّارك ياعقيق ، وهنيالك الفرج

ضحكة زناد تحولت لإبتسامة وثم تلاشت وكأنها ماكانت وتحولت ملامحه للهدوء : ماودك ترضى ولو بزيارة لأمه بس ؟ ماكنت تقول إنها بحسبة أم لك ؟

عيون شاهيّن الي أعتادت على الهدوء تحولت لجمَر مشتعل بلحظات بسيطة وهو يقول بقهر : قلت لك لا تفتح مواضيع ما ودي أفتحها ، لا تضايقني فوق ضيقي يا عقِيق

تنهد بضيق وهو يرجع ظهره لورى ويقول بقهر : وتظن مالي حق أفتحها ؟
ناظره بجمود وقال ببرود وهو يرتشف من كأس الشاي : ومن عطاك الحق لأجل تتدخل بخصوصياتي ، خل عندك علم ولو إن سريرك فوق سريري ووجهي مقابل وجهك سنة ونص إلا إن هذا كله ما يعطيك أدنى حق التدخل في شيء يخصني ، وخصوصاً شيء ماودي أحد يتدخل فيه
لاتحدني على الردى يا عقِيق ، ماودي أصير لك ضيق أُفق

#هوى_ديار_الليل



٨٢
-
أبتسم بضحكة وسط إستنكار شاهيّن اللي رمقه بإستهزاء بينما زناد قال بضحكة : يارجل خاف ربك أنا بسببك إسمي بكبره تغير وتقول مالي حق

قال بنبرة تشارك نظراته المُستهزئة : لا تقول إني أنا اللي غيرته و دون رضا منك

هز رأسه بهدوء وهو يضغط على خاتم العقِيق الأسود بيده : برضاي ، وتستاهل من يغير إسمه عشانك، بس أنا ما أستاهل تشاركني فرحتي ؟ وما أستاهل أشوفك برى هالشقاء ؟

تنهد شاهيّن بهدوء وشتت نظراته للمكان بخمول وهو يقول : هنا مكاني ياعقيق ، هنا لازم أكمل
باقي حياتي ، هنا بندفن بعدما أعيش كل الشقاء والضيق
أنا فرطت ، وأستاهل العناء والله إنه حرام على ثغري كل ضحكة ، حرام وأنا سلبتها من ثغر غيري ظلم وعدوان

تنهد زناد بضيق وهو يمسح على أطراف وجهه اويقول بعدم إقتناع : ياجلوي ، خاف ربـ..

قاطعه نظرات شاهيّن الحادة وهنا ألتزم الصمت بعدما تنهد بإستسلام ، سنة ونص وهذا الجامد
قابّع بين أسوار السجن بدون هدى ، وبرغم إن إفراجه كان بيده ولكنه رافض، رافض يتنازل عن حق صاحبه عنده ،من يصح له النور ويلجأ للظلام ؟ "شاهيّن بن عساف بن شاهر آل جلوي
"مازال كيان شخصيته غير قابل للفهم وللإدراك
بكل موقف تكون ردة فعله مخيفة أكثر من الموقف السابّق له ، يهالرجل اللي عقّد اللي حوله بكل العُقد وعجزو يفكونها أو يلقون لها حلَ
رفع رأسه بكل قوة لما نُقر باب السجن بنقرات متفاوتة تعرفوا على صاحبها العسكري اللي كان ينقر هالنقرات في حال وجود زيارات للسُجناء
بادر بقراءة الأسماء وتوقف عند شاهيّن الغير مُبالي وقال بهدوء : شاهيّن بن عسّاف لك عندنا..

قاطعه شاهيّن وهو يرفع رأسه ويقول بهُدوء : لي عندك كل خير ، ولكن زيارات مقطوع عهدها وأنت تدري

ميّل شفايفه بهدوء وألتفت وناظر للعسكرييّن الي واقفين من خلفه والي نقلوا له الخبر من رئيس القسم وكانوا بيعلنونه بشكل رسمي ولكنه حبّ هو ينقل البشارة ، بس ما يدري هل هي فعلاً بشارة ولا بتكون نقمة ؟
تنحنح بخفوت وقال بصوت تغلب على نبراته الفرحة : هالمرة مامن زيارات ، بس بما إني وصلت لهالزنزانة وجب علي أنقل الخبر أنا

ناظره شاهيّن بهدوء وهو فعلاً غير مبالي بأي أحداث تحيط فيه،رغبته بالحياة تلاشت لدرجة مايمر الفضول على روحه حتى بأموره
أردف العسكري بذات النبرة وهو يلمح الترقب والفضول من السجناء بينما عدم الامبالاة من صاحب الشأن:لهم شهر ونص يكملون الإجرءات وشهر ونص وهم يتعنون

وقف زناد بضيق وهو يضع يدينه وسط جسده ويقول بقهر:يارجل تكلم وإنطق

ضحك العسكري بخفوت وقال وهو يأشر على شاهيّن:بالمبارك ياشاهيّن، أهل صقر عفُوعنك
وقُبل تنازلهم بفضل الله وبكرة خروجك#هوى_ديار_الليل



٨٣
-
صمت عاِرم سكن حنايا المكان ، صمت مُخيف
مُوحش ، حتى الضحكات ماكان لها مكان
برغم الفرحة الي بقلوبهم ولكن الخوف شيّد خيامه ، الكل بحالة ترقُب الكل بحالة إنتظار
لردة فعل بن جلوي اللي مازال جالس بهدوءه اللي أستنكروه ،للحظة فكرو إنه بيكسر الفنجان الي بيده على رأس العسكري أو بيتمرد أكثر ويكسر السجن على رؤوسهم وبالتالي بيقتلونه بتهمة الفساد وبيرتاح ، للحظة فكرو إنه حتى بيشعل نفسه أو بيحرق روحه وهو اللي عارض سنة ونص على خروجه وسوى المستحيل لأجل يبَقى هنا ،ولكن وبعد كل هالعناء بكل سهولة يكون خروجه بكرة ؟ بين ليلة وضحاها يخرج
بدون تعب أو تفكير أو تشويه للصورة؟
وقف شاهيّن وهو يترك الفنجان على طرف الطاولة بكل هدوء ويتجه لدورة المياة تارك لأفكارهم الحق بالتلاشي بعدما كانت ردة فعله بعيدة تماماً عن مدار أفكارهم .. يااا هالرجل
الي محد يقدر يتنبأ بأفعاله

سمحُو لفرحتهم تنتشر بالمكان ، لأن وبالرغم من شخصيته القوية والمُستهزئة والباردة كثير من الأوقات إلا إنه كان وبشكل ما مجروح لدرجة غضو البصر عن تصرفاته ، الفرحة الكبيرة كانت لزناد اللي زار الدمّع عينه وهو يسجد سجود شكر ويضحك من قلبه وهم ينهونه ع خروج شاهيّن
محد بيدري عن معاناة هالرجل مع شاهيّن ، وكيف قضى السنة والنص في سبيل التقُرب منه ولكنه عجز يقرب إلا بالمسافة الي سمح له شاهيّن فيه
بعدما مسح دموعه بعجل أتجه لدورة المياة
ومن فتح الباب حتى كحَ بصدمة وهو يأشر بيده للمكان ويحركها بعشوائية وهو يقول بذهول : ياهييه ، شاهييّن ، ضيعت عقلك ؟

بين زوبعة الدخان وكثرته بالمكان وبين نفثه له من خشمه ظهر وجه شاهيّن الجامد واللي يحرق الدُخان بين ثغره بعدم مبالاة لصدمة زناد الللي قال بعدها : لو يكتشفونك ليحين أجلك ويتأخر خروجك ، تكفى ياشاهيّن ماصدقت على الله تستجاب دعواتي ، علمني هالمرة من سربه لك ؟ من أعطاك هاللي بيحرقك وكل يومك يروح فيه

ضحك بسخرية وهو يكمل إحراق الدخان بين شفتيه وقال بإستهزاء : السجن يعلمك أشياء كنت تجهلها ويخليك ترغب بأشياء كنت تبغضها ياعقيق

تنهد بضيق وبرغم كرهه لرائحة الدخان إلا أنه جلس بجنب شاهيّن وأتكأ بظهره على الجدار وهو يقول بتنهيدة : ماعاد عندي قدرة على تحليل تصرفاتك يابن جلوي ، علمني الوجهة ؟

رد بصوت جاف و ببرود : لا تتبّع دربي ياعقيق من شهور طويلة قلت لك ، أنا دربي ملتوي وماله وجهه تسّرك أبد

أكمل زناد بعدم مبالاة : أنا ماودي بالمسّرة ، ودي أكون معك وبس - ناظره وهو يرتشف الدخان وكأن وده يحرق نفسه بدل هالدخان-
#هوى_ديار_الليل



٨٤
-
قال بضيق واجم : يارجل يكفي خاف ربك ، كم مرة تدخن باليوم علمني ؟؟ بتحرق نفسك وما بتنحل الأمور بطريقتك هذي ، بعد كل هالشهور تغلبُو عليك هم
وإنتصرو على شاهيّن اللي يبي يسفك دمه بنفسه وأخرجوه غصب عنه من السجن ، ماتعبت من التخبط يابن جلوي ؟ ماتعبت وأنت تقفل الطريق عليهم بكل مرةً وتتركهم يرجعون يدورن الوجهة من أول وجديد ، محد يموت مع الميت يا ..

سكت بسبب شاهيّن اللي رمى الدخان المشتعلة على أرضية المكان ودعسها برجله مراراً وتكراراً بكل غضب وكأنه يفرغ غضبه على هالدخان لدرجة صارت فُتات صغيرة وهو يضرب بدون كلل وكأنه ناوي يهز المكان من شدة ضرباته
تنهد زناد بجزع ووقف وهو يناظر شاهيّن اللي أشتعل ناار بأوج صقيعه ، بين لحظة كان فيها بارد وغير مبالي للحظة صار محترق من شِدة القهر ، حاوط كتف شاهيّن ولكنه رمى ذراعه عنه وهو ينقل نظراته اللي تحولت لحمُم بركانية ملتهبة من شدة القهر وهو يقول : إشتر سلامتك وإبتعد عني ياعقيق ، لأجل أبقى هنا أنا مستعد أقتل من جديد فلا تكون أنت ضحيتي

وسّع حدقات عيونه بصدمة ورجع خطوة لورى وهو يرمش بعدم إستيعاب لجملة شاهيّن اللي ألجمته وأنجبر يبتعد عنه خطوات طويلة بسببها وهو عاجز عن إستيعاب كمية غضبه اللي فعلاً ممكن تحرق المكان عن بكرة أبيه لولا قدرته على السيطرة عليه أو كبّته لدرجة كان خايف
خايف كثير لو يفقد شاهيّن السيطرة عليه ، هو كلامه يرميّه وكأنه سكين ينهش أصغر شعور ، فكيف بأفعالـه ؟ يامُعين الصابرين كن مع الشخص اللي يتفنن شاهيّن برمي غضبه عليه بأفعاله
-

قبّل صلاة الفجر ، تحرك زِناد من مكانه بتململ
وهو يفرك عيونه بصعوبة ، يستشعر إن جسده يئن من شِدة الوجع ، ليلة البارحة بقى كلها واقف ولا أرتاحت عظامه سوى دقايق بسيطة إن أعتبرها راحة
كان واقف طوال الوقت مع شاهيّن اللي يجُوب الزنزانة ذهاباً وإياباً وكأنه شايل حمول الدنيا فوق ظهره عجز يستريح وعجز زناد بنفسه يرمي جسده ويريحه ، حتى إن شاهيّن ما أنتبه له وما أعاره إهتمام ومع ذلك كان مستمر بالوقوف معه ويحاول يحاوره ويفهم نواياه ولكنه عجز ، شاهيّن كان غاضب وغضبه صمت ، غضبه برُود
وهذا أشّد أنواع الغضب مثلما كان يقول عنه صقر !
بعدما تعب زِناد وذابت ضلوعه من التعب قرر ينسحَب بساعة متأخرة وينام ولو بضع ساعات
لأجل يصحى يصلي الفجر ، بينما إستمر شاهيّن بوقوفه وكأنه يعاقب نفسه وكأنه مو مستشعر الوجع من شدة الغضب أصلاً
إعتدل بجلسته بإنهاك وهو يضغط على رجوله بتعب وأخذ ينحني برأسه للسرير اللي تحته ومن لمحه فارغ ومرتب حتى عقد حواجبه وهو يرفع رأسه يبّحث بالزنزانة عنه !
-
#هوى_ديار_الليل



٨٥
-
عقد حواجبه لما لمحها فارغة من وقوف أي قدم ، برغم إن الضوء خاافت ولا يكاد يُرى شيء ولكن لو كان فيه شخص واقف كان لمحه وهذا الأكيد ، نزل بعجلة من على سريره متجاهل تعبه ووجعه وصار يركض بالزنزانة مثل المجنون ، أتجه لدورة الميَاة وكانت فارغة ورجع يدور بأنحاء السرير ومن لمحه مرتب بالشكل اللي يستقبل فيه سجين جديد حتى رفع رأسه وأخذ نفس بصعوبة وهو يتنهد بتعب : آه منك ياشاهيّن آل جلوي آه

وقف وهو يتجه للباب وينقر عليه بخفوت وعلى عجل لبّى النداء العسكري المناوب بإستغراب : زِناد العقيَق ؟ علامك ؟

أبتسم بضيّق وهو يتمتم : ويله من الله ياعالم
ترك بصمته علي وراح دُون وداع

أستنكر العسكري همسه فقال بخوف : فيك شيء يوجعك ؟ أن...

قاطعه زناد وهو يقول بهدوء : شاهيّن آل جلوي
خرج صح ؟

تنهد العسكري براحة من كونه بخير وبعدها هز رأسه بإيجاب وهو يرفع كفه ويقول : تقريباً له ساعة من لما بدأت إجراءات خروجه وطلب يخرجونه قبل الفجر وبما إنه بدأ يوم جديد يعني إنتهت المدة المعلنة وبدأ وقت الإنفراج عنه

هز رأسه بهدوء وهو يتنهد بضيّق ، يحلف إن شاهيّن خرج وهو رامي العشرة الي إمتدت لسنة ونص عرض الحائط ، وغير مهتم بأي شخص رح يشره عليه من كل هالرجال اللي يعزونه وكأنه واحد منهم ، عدم اللامبالاة اللي عايش فيه مُنهك وجداً
يحلف لو إنه ماكان خروجه اليوم كان مات بحسرته بسبب بن جلوي ، بعد صمت بسيط فز من مكانه وناظر للعسكري بلهفة وهو يقول برجاء : يعني لو إنتهت إجراءات خروجي بقدر أخرج معه ؟

العسكري أستنكر ردة فعله وبعد لحظات ضحك وهز رأسه بإيجاب : القرار ساري عليك أنت بعد ، بعد بدء يوم جديد إنتهت محكوميتك وهو تفعل قرار العفو عنه

شد على كفه من الحماس وقال بلهفة : تكفى طلبتك ودخيلك ، تبدأ إجراءات خروجي هاللحين قبل يطلع شاهيّن

ناظره بتردد للحظات ولكن لمعة عيونه أجبرته يهز رأسه بإيجاب : تبّشر بالسعد ، من حظك وحظ شاهييّن إن الرائد مُناوب هالليّلة وبيقدر يخلص الإجراءات والصبح بداية الدوام يرفعها للوزارة ، وهاللحين جهز نفسك لحد ما أعطيهم خبر وأرجع لك ،بتودع أصحابك ولا بتروح دون وداع مثل سواة بن جلوي ؟

أبتسم للحظات بضيق من هالشاهيّن وبعدها هز رأسه بالنفي وقال : بعد صلاة الفجر بطلع الأكيد مايقدر شاهيّن يخرج من المركز إلا بالصبح صح ولا ؟

هز رأسه بإيجاب وزناد تنهد وبدأ يجهز نفسه ، واللي كانت أشياءه جاهزة من أسابيع طويلة بعدما تحدد إن موعد محكوميته ينتهي اليوم
ولحُسن حظه أقترن خروجه بخروج شاهيّن !
#هوى_ديار_الليل



٨٦
-
بعدما صحو لصلاة الفجر وأستوعبوا غيابه بدأت الشّرهات تتكاثر والعتب يكبر ويزيد عليه
مقهورين من غيابه دُون وداع ، حضر بدُون داعي وغاب بدُون .. هالرجل كارثة محد يقدر يتنبأ به
سلمُو وودعوا بحب زِناد اللي عاش معهم سنتين كاملة قبل حضُور شاهيّن بنص سنة فقط ، ودعوه بالدموع والدعوات وهو شاركهم ضيَق فراقهم
هالناس صارو أهل وأصحاب ومستحيل ينسى الفترة اللي عاش فيها معهم ،كانوا السّعة بوقت الضيق تماماً مثل ماكان له شاهييّن بن جلوي بدون علمه !

إنتهت إجراءات العفو عن شاهيّن بأسهل ما يُمكن ، لأول مرة تتيّسر لشخص بهالدرجة من السهُولة ، كلما حاول يعرقل الموضوع
كلما حاول يزيد الطيّن بله ويضاعف سنين حبّسه تنفرج دون علمه لحتى صار خارج أسوار السجن
بيوم شمسَه شرقت بكل رقة وكأنها تهادي قلب شاهيّن البارد على أشعتها ، وقف أمام السجن العام بجسده العريض اللي زادته وحشة السجن صلابة وقُوة ، بعدما ترك كل أغراضه وراه بدون ما يأخذ قطعة وحدة
أخذ نفس بصعوبة وهو يوزع نظراته للمكان ويخبي كفوف يدينه بداخل جيُوبه وكأنها تتوارى عن الأنظار من حرجها ، تبّسم بسخُرية وهو يتمتم : قاتلك صار يشم هواء الحُرية يا صقر ، لله دُره بيعيش حياته وكأنه ما قتلك ، كل هذا لأنه كان صاحبّك الوحيد .. آه ياصقر يا خيبتي المُرة ويا وجع كسّر ضلوع قلبي دون ما نلاقي له ضماد ، ولاودي ألقى!

ألتفت بإستنكار للجمع الغفِير من الناس اللي أحاط الشارع القريب من السجن بشتى أنواع السيارات ، عقد حواجبه للحظات وهو يحاول يتعرف على أحد منهم ولكنه فشِل ، للحظات إستنكر قدُومهم من اللحظة اللي بزغ فيها ضوء الشمس! فوج كبير وكأنه ديرة عن بكرة أبيّها حضرت .. ولكن هي تؤازر بفرحة ؟ ولا قادمة تعاتب بغضب !
-
-
#هوى_ديار_الليل



زمردانكا likes this.

"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-22, 01:31 AM   #10

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,009
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



٨٧
-
إستنكر قدُومهم من اللحظة اللي بزغ فيها ضوء الشمس ! من هو صاحبهم لدرجة يعانقُوه بكل هالفرح
ألتفت لما سمع الباب ينفتح بكل قوة ، ومن لمح الرجل اللي خطى بخُطوات صلبة لخارج المركز حتى رفع حاجبه بإستنكار وهو يتعرف على ملامح هالرجل اللي تتوسط ثُغره ضحكة لعوبة قال على إثرها وهو يقترب منه : ناوي ترميني وراك يابن جلوي ؟ ترمي عقيق ؟

ميَل شفايفه بإستنكار وزِناد ضحك وهو يضرب ل كتفه : هنيالك الفرج يابن جلوي ، وهنيالي لحقت عليك، تعال والله ما أرجع لأهلي إلا بعدما أوصلك بنفسي لأهل الليل

حاول يسحب يده وهو مازال مندهش من هالزِناد وتصرفاته وكان بيعارض لولا إن زِناد سحب طرف غترته الي تخبي وجهه ورفع يده وهو يصرخ بأعلى صوته : سلام الله عليكم

لحظات بسيَطة قبل يدوي فيها صوت عالي ، شخصت أبصار المتواجدين القلة بسببهم
كان ترحيب عالي ، ورد للسلام بأفضل مايكون وسط ضحكات زِناد اللي عرف أبوه وإخوانه وعيال عمه اللي جايين يستقبلونه ، وأخذ يثبت كفوف شاهيّن بكفه ويقول بضحكة : هاللحين مالك مفر

قبل يستوعب شاهييّن لمح أهل زِناد اللي أقبلو عليهم وهم يحتضنونه بكل قوة وضحكاتهم تتعالى فرحة وغيمة من سُرور حفتهم حوُف وسط عناقهم له ومازالت كفوفه بكفوف شاهيّن والي بعدما سلم عليه أبوه قال ووجهه يتهلل : وهذا إبن الكرام من هو يا عقيق؟

ضحك زِناد بقوة لما تذكر حرصه على أبوه يناديه بهاللقلب حُباً له وهو يقول بخفوت : هذا اللي سماني ب عقيق يُبه

ضحك أبوه وهو يوقف قدام شاهيّن ويقول بإبتسامة وقُورة : يعني أنت اللي ينقال له شاهييّن حفيد شاهِر بن جلوي

أستنكر شاهيّن معرفته فيه ولكن برغم ذلك تسلَح برجولته وقال بهدوء : إي بالله ، بذاته وبعزه شاهيّن بن عساف ، حفيد شاهِر

أبتسم بخفوت وهو يسلم عليه بحبُور وحفاوة تركت الإستغراب يتشعب بفؤاد شاهيّن مع ذلك ما وضّح له حتى زاد لما قال : والله ما نسري على ديرتنا إلا بعدما نوصلك لوسط بيتك ، وهذا رد لجمايلك

ناظره بإستغراب وهالمرة سمح لدهشته بالتسُرب لملامحه وكان بيعارض وينكر ويقول " أي جمايّل وأنا سنة ونص كاف خيري وشري ؟ هذا إن صح وكفيت شري أصلاً !"

ولكن زِناد إستدرك كل شيء قبل يتحرك عقل شاهيّن اللي رحمه هاللحظة وزارته الدهشة وإستراح لذلك سحبه بعجل وهو يتقدم ناحية سيارتهم اللي يسوقها أخوه الكبير وجنبه أبُوه
وأحتل المرتبة الثانية شاهيّن وزِناد وبس
#هوى_ديار_الليل

٨٨
-
تفرقوا البقية على باقي السيارات ، بغمُرة فرحتهم وضحكات زِناد وهو يسمع ضحكات أبوه وفرحته بخروجه وكأنه ملك الدنيا كان شاهيّن بأوج ضيقه اللي تُرجم على شكل نظرات باردة ووجهه متهكم وصمت كبير وهو يراقب الي حوله بهدوء شديّد قطع عليه ربتات زِناد الحنينة على فخذه وهو يقول : رايحين لأهل الليل ولـ آل جلوي اللي إعتكفوا على باب السجن لأجلك شهور بلياليها وأنت رافض شوفتهم ، تخيّل شوفتهم وموقفهم وهم يشوفونك وإبتسم ياشاهيّن ، لا تضيع هالفرحة عليك

ناظره شاهيّن بهدوء وهو ما يعرف لو كان فعلاً لهم خبر بخروجه أو إقتصرت أم صقر على العفو والتكتم على الخبر وبس ! وبعد صمت بارد
سرت بسببها قشعريرة بجسد زِناد أنجبر يربت على كتوفه بسببها قال شاهيّن بهدوء وبنبرة غريبة وهو يناظر لزناد ببرُود : علمني ، ليه كل هالسوايا والقُرب ؟
-لأنك رجل يستاهل ، ولأني صاحبك
-أنت تعرف بأي جُرم دخلت السجن صحيح ياعقيق؟
-محد يجهل هالعلم يابن جلوي
-ودامك تعرف إني رجل قتلت أقرب أخوياه ليه مُصر تخاويني وتسمي نفسك صاحبي دون علم مني ورغبة ؟ وتسوي سوايا ماودي تصير وتجبرني أتقبلها ليه ما تخاف مني وتسلم نفسك وتصون روحك من يدني ؟
-قتلته بالخطأ هذا الي لازم تستوعبه والشهرين بالشرع صمتها ، وإن كان سواياي تغيضك كان بإمكانك ردها لأن مهب بن جلوي الي ينلوي ذراعه بشيء ما وده به ، وإماررأسي فهو فدى يمينك
-لا تجبرني على سوايا ماودي بها ، أنتهى عهد معرفتي بك على حدود السجن ياعقيق ، وجبّ عليك تنساني لأن مالك فيني منفعة
-أنا الي أقرر وين أبقى ووين أروح ياشاهيّن ، ولاودك تتحكم في حياتي مثل ما غيّرت إسمي ولأجلك أجبرت الي حولي ينسون الي كبّر معي لسنين ويتذكرون عقيق وبس ؟
-مافرضت عليك شيء لاتنسى وتكبّر الشرهات وتكيّل الملامة والعتب علي وأنت
أنت الي عرضت بنفسك وأنت الي رفضت يسمونك بغيره
تنهد زِناد بضيق وهو يقول بقهر : الله أكبّر عليك يارجل ما تبّقى كلمة بدون رد

ناظره شاهيّن بحنق وأشاح بنظره عنه بهدوء وهو يربت على طرف الزجاج برتابة وملل وهالة الهدُوء والغموض مازالت تُحيط فيه ، حتى إنه سحب الدخان وبدأ يحرقه بثغره بغير مبالاة
وسط صمت أبو زِناد وأخوه سواءً عن الحوار اللي دار على مسامعهم أو على الدخان اللي إنجبرو يفتحون الشبابيّك لأجل تتسرب الرائحة وتختفي
ووسط تنهيَدة زِناد الهادية وهو يهز رأسه لأبوه بمعنى" إنتظر التفسير مني ولا تحكم على إبن الكِرام بسبب كلامه المناقض لشخصيته "
-
-
بحدُود العاصمة .. وبفجر هاليوم
صوت جرس الباب يدوي بأرَكانه مُعلن حضور صاحب هالبيت ..
#هوى_ديار_الليل

٨٩
-
لحظات بسيطة قبل ينفتح البَاب ، ومن لمحته مستند بجذعه على طرف الباب بإنهاك ، ببذلته الرسمية السوادء المخصصة لعمله كمُرشد سياحي لبعض الوفُود الي يجون بزيارات رسميّة ، تنهدت بإبتسامة وهي تميل بجسدها بجنبه على طرف الباب وتتأمله بمودة ، كانت ولازالت تحبّه وحيل لما ينكسى جسده ببذلاته ،كانت تبّان ضخامة جسده
وعضلاته البسيطة والأهم لأنها تعودت عليه بالبذلة بحكم شغله ووجودهم عنده قالت بإبّتسامة هادية : أصبّح الصبح من نورك يا أبو غرُور

ضحك غالب بهدوء متناسي تعبه وأخذ يرفع يده وهو يداعب شعرها بحنية : ليه بنت أبوها للحينها صاحية ؟

رفعت كتوفها بعشوائية وقالت بصدق مصطنع : صحيَت ألحق عالفجر

أبتسم بخفوت وهو يهز رأسه وهي أردفت ب : ليه من بدّ كل الأوقات جاي هاللحين ، وأنت تدري إن إحتمالية فتح الباب صفر بالميّة؟

ضحك وأخذ يسحب المفتاح من جيبه ويرفعه على مستوى عيونها وهو يقول: مفتاحي بجيبي ولكني عارف إنك صاحية

أعتدل بعجلة لما تذكر سبب خروجه من المقر الرسمي وطلبه للإذن وهو يتمتم بشرود : اليوم صدر قرار العفو عن شاهيّن

رمّى الجملة على مسامعها وهو غير مدرك عن ثقل الجملة على قلبها ، غير مستوعب بالإنهيارات اللي دوت بدواخلها وأحدثت ضجيج عنيّف ، قاهِر زعزع كل اللي بقلبها ، رفعت عيونها وهي متمالكة نفسها بصُعوبة وناظرته وهو يربت على كتفها ويقول كأنه يكلم طفلته: كُلنا ندري إن القتل كان عن طريق الخطأ صح يا غرور ؟

هزت رأسها بإيجاب وهو أبتسم وأردف : وهالحكي زدنا وعدنا فيه شهور طويلة ، وشاهيّن أخذ حقه وزود بالسجن وأم صقر بنفسها متنازلة عن حقها في ولدها ، لأجل كذا لازم نمشي اللحين للديرة عشان إستقبال شاهيّن ، جدي جامع أهل الديَرة وكلهم على قدم وساق لأجله ، عيب علينا ما نحضر وحنا عيال عمه ،ها وش قلتي ياعيونه؟

إبتلعت ريقها بصعوبة وناظرته بتشتت وهي تقول بعشوائية : مالي قول فوق قولك ياغالب ، لا ترمي الموضوع علي

تنهد وهو يدخل ويقفل الباب من خلفه ويتلقفها بأحضانه بحنية تامة بعدما زفر بصعوبة : أعرف ، بس كل شيء ولا ضيقك يابوك ، أنا وأنتي نعرف صقر وش كان بيكون لك لولا اللي صار ..

قاطعته وهي تقول بهدوء : قدر ، واللهم لا إعتراض
غمض عيونه بخفوت ومسح على شعرها بحنية ، مُدرك تماماً هاللحظة إنها تخفي رعشتها بصعوبة عنه لذلك حررها وناظرها يقول بهدوء : أجل أنتظرك،جهزي نفسك وأنا بنقل الخبر لأمي وغفران لأجل يتجهزون ،نص ساعة بالكثير يابوك لا تتأخرين طيب ؟

هزت رأسها بإيجاب وأقفت وهي تبتعد عنه بخطوات ثابتة لطالما كانت شامخة
قوية
ثابتة
لطالما كان لها
كيان لا يُهز أبداً
#هوى_ديار_الليل


٩٠
-
لما تلقت الخبر قبل سنة ونص من الآن ، كانت الوحيدة الصامدة في ظل الزعزعة والإنهيارات والصدمة اللي حلَت عليهم ، كان الكُل بأوج بكاءه وإنهياره سواءً على صقر ولا على شاهيّن بينما هي بقت ثابتة،تهدي وتربّت بدون ما توضح إنها بحاجة للي يربت على قلبها
كانوا يوقفون جنبها ويعزونها بشخص كان بيكون بعد ليلة بس زوجها ،وما يدرون إن عزاءها أكبببّر ووجعها مهييّب

دخلت غرفتها اللي كانت تُخصها هي وبس واللي أصرت على غالب يكون لها غرفة خاصة بدون غُفران وهو بدوره لبّى بدون إعتراض ، قفلت الباب وأستندت على ظهره وهي تأخذ نفس بصعوبة أخذت ترفع كفوف يدها وهي تمسد على قلبها بحنُو شديد ، ميّلت شفاهها وهي تستشعر إن عيونها تحترق من شدة كتمها لدموعها واللي كأنها تنازع روحها لأجل ما تتحرر وتنزل لمسارها همست بصوت متهدج تعب: يارب ، إعتقني يارب من هالتعب وعذاب الضميّر تكفى ، يارب كيف أفرح لخروج قاتل صقر ؟

غمضت عيونها وهي تبّلع ريقها بصعوبة ،تضغط على قلبها بقوة أكبر لما بدأت تزداد دقات قلبها بعُنف شديد وبدون رتابة ، كانت نبضات قلب عشوائية عنيفة مخيفة وخائنة ، تحضر بكثرتها باللحظة اللي تِتذكره ويخطر على بالها
إبتداءً من طفولتها ،صحيح هي ما تذكر كل فصول طفُولتها ولكن لها مواقف كثيرة ما تتزحزح من ذاكرتها ، مثل لما كان يلمحها هي بالذات بين كل البنات ويخُصها بضحكة وإبتسامة كان يجبّر نفسه يخليها لطيفة ، لما كان يرفض هو تلعب معهم كورة بحكم خوفه عليها وغيرته من اللي حوله حتى لو سمح لها غالب ، حتى تذكر الموقف لما كان شاهيّن وصقر يمشون مع بعض ولوهلة دار بينهم نقاش حاد وشاهيّن كان بيضرب صقر لولا إنه تفاداها وبلحظة تشتت شاهيّن ضربه صقر على بطنه وأنحنى شاهيّن بوجع للأمام وهي من شدة قهرها وهي تلمح ملامح شاهيّن المتوجعة أخذت تنحني وتأخذ أكبر حجر لقته عالأرض ورمته بكل حنقها على رأس صقر اللي أحتاج غرزات بقت واضحة بسببها لآخر يوم بحياته مازالت تذكر نظرات شاهيّن المذهولة لما تلاشى وجعه من الصدمة وناظرها وهي تبتسم له بحمائية وهي تدقّ الصدر وتقول بطفولية "أنا بحميك مثلي ما حميتني لا تخاف" مازالت تذكر لما كتم ضحكته بصعوبة وهو يحاول يتدارك نفسه بسبب صراخ صقر ونزيفه اللي بلل وجهه بسببه إجتمعوا عيال الحارة عليه من بينهم غالب اللي ماكان يعرف من السبب لهذا اليوم ، مازالت تتذكر لما كانت بكل مرة يزورها خوفها من الظلام ، لما تخر قواها وتتلاشى قوتها ويتسرب الضُعف والخوف بيّن أوردتها يكون هو الحاضر من بين الكل ، لما يكون هو الشخص اللي يحتضنها بصمت ويهدهد قلبها بهدوء وكل كلماته الي يهمس لها فيها لأجل تهدأ.."
#هوى_ديار_الليل


٩١
تتذكر لما إنقالت " طاغية " أول مرة على مسامعها وألتفت له بقهر وهي تقول " أنا غرور ماني طاغية " وهو كان يكتفي ببسمة هادية ويبتعد عنها بصمت !
الأدهى والأمر على حبل ذكرياتها إن كل هالمواقف مرت معه بالوقت اللي كان الكُل يقول إنه تغير ، بعد الحادث الشنيع اللي عاشه شاهيّن قبل سنين مضت ، إكتسب بسبب حِدة وبرود وغضب فوق حِدته الفطرية والموروثة من شاهِر
كان يبتسم لها إبتسامته الخاصة فيها بالوقت اللي الكُل يقول إنه يوجع وبس ، وهي كل اللي بيدينها قلب مال وهي بأول الصبِا ، كيف يستقيم قلب تربّى على الميلان له ؟
"..حتى لما صار يتهرب من مقابلتهم سنين طويلة ، لما كانوا يحضرون للديرة وكان غايب دائماً لا حسه ولا حضوره يبلل ريق القلب ، ست سنين من صباها كان غايب لدرجة ظنت إنه كان سراب وإنه كان شخص عابر فقط بطفولتها ، كان شخص عادي ولاهو مُميز أبداً حتى إنها فقدت ملامحه من ذاكرتها وتلاشت بشكل بسيط ، ولكن حضوره بعد غيابهم عن الديرة بسنة كان آسِر .. لما عرفته لاحت له تفاصيلهم من جديد ، تذكرت كل شيء وكأنه ماغاب عنها بليلة أبداً ، تذكرت براءتهم
الي إنولدت من مهد الطفُولة ،تهادى لذاكرتها مواقف كثيرة كانت تخاف تفكر فيها لإنها تعتقد إنها سراب أو عقلها صَورها لها مم شِدة يأسها
هذا هو الحاضِر الغايّب "شاهيّن بن عسّاف
اللي زلزل سكوني وكنت أظنه سراب من الطفولة حتى ظهر إنه وسّم بالقلب يكبر من الصغر لين الصّبا ، يالله ياحفِيد شاهِر وش كبر ذنبك لصغيرة آل جلوي اللي زلزلت سكُونها وأحدثت ضجة لمدة سنة كاملة وأتبعها ست أشهر ما هدأت إلا بعد حريتك "

معقولة بتكون آثِمة وقليلة وفاء للشخص الي كان بيكون زوجها لو فرحت إن شاهيّن خرج وتحرر ؟ معقولة بتكون حقيرة وقلبها حجري لو كان ضيقها الأكبر لإن شاهيّن أنسجن مو لأن صقر مات ؟ يمكن لأن صقر أرتاح من كل هالدنيا وشقائها بينما ترك خلفه قلب شاهييّن يتعنى وبيبقى طوال عمره شقِي !
ضغطت على قلبها وهي تضغط على شفايفها بكل قوة وهي تهِمس : ضيّعت وجهتي بسببك ، أشكيك لله ياشاهيّن

أخذت تنسدح على السرير وهي تتكور على نفسها بوجع لما بدأت معدتها تعزف سيمفونيتها المعتادة من الوجع لما تكتم كل مشاعرها وينجبر جسدها يفرغ مشاعرها على شكل أوجاع جسدية سواءً كدمات أو وجع بمعدتها اللي لازموها من ليلة موت صقر لما كتمت بكاءها ووجعها في ذيك الليلة الي غاب فيها ضوء الفرح
وتلاشت السعادة لشهور طويلة والي ما أستردوا بسماتهم بعدها إلا بصعوبة
بوقفت بإنهاك وهي تحاول تتدارك الوقت وتجهز نفسها بعجلة شدِيدة
-
#هوى_ديار_الليل

٩٢
-

وفي دِيرة الليل ، غازلت خيوط الشمس كل شِبر على أرض الليل بكل بهاء وكأنها تنشر بنورها الفرح وتوزعه بكثافة على أهلها ، أهل الليل
اللي تجمهروا بكل كثرة على مدخل الدِيرة بسياراتهم ، جمُوعهم ، شيبانهم وأطفالهم وفرسانهم.. يترأسهم بن جلوي اللي واقف بجنب سيّارته وهو يتخطى المكان ذهاباً وإيابًا بكل سرعة وكأنها يسابّق الزمن ، بكتفه رشاشه العِتيق اللي من سنين طويلة كان من نصيبه ينتقل بأنظاره على جمُوع الديرة المجتمعين والبّسمة ماغابت عن فؤاده ، كانت الفرحة واضحة بتقاسيم وجهه وماغابت عن نظر أي شخص يلمحه .. لوهلة تذكر الليلة اللي صدح خبر وفاة صقر ياااا مُرها
كانت مُوجعة بشكل هائل ، وبعد وصول خبر
موته ، وصل خبر إن الي قتله صاحبّه " شاهيّن"
يااا كثر الوجع من شدة كثافته ماكان أحد قادر على وصفه ، الكُل موقن إن القتل كان غير متعمد ؛ لأن صقر كان قلب شاهيّن ، من تطاوعه نفسه يقتل قلبه ؟

ولكن برغم ذلك كان الوجع مُضاعف بشكل يفتّت القلب لكل شخص بهالديرة خصوصًا إنهم قبل ساعات يتجهزون لليلة ملكته وهاللحين يلفونه بالكفن ، كان مُهلك لـ آل جلوي وأهل صقر بشكل خاص لأنهم فقدوا إثنين ،كلهم عندهم علم إن شاهيّن ماعاد بيتعافى من هالوجع، ولو إدّعى ذلك والدليل رفضه لمقابلة أم صقر لأجل العفو

ولكن اليوم كان غير تماماً عن سواد الأيام الي مضت ، اليوم أشرقت شمس الفرح وشعشع ضيّها على كل شبر بهالمكان ، اللي من الفجر وهو يشتعل فرح ،من لحظة رجوع شاهِر البارحة وهو ينقل الخبر بضحكات ودموع الفرح والكل تجهز لأجل يستقبله ، سنة ونص ماهي بهينة
وشاهيّن بن عساف ماهو بهيّن أبداً بعيونهم ، برغم كل شيء هو فرد منهم ولو كان مخطي صدق ما عفت أم صقر ، مارضت يشّم قاتل ولدها هواء هالديرة من جديد
توقفت خطوات شاهِر وألتفت لغالب اللي وصل قبل ساعات وقال له بلهفة : هذي سيارة حرب صح ؟

إستقام غالب بطوله وأخذ يناظر للسيارة اللي تتقدم من الشارع الرئيسي لمدخل الدِيرة حتى قال بهدوء : إييي بالله ياجد هذا حرب
هز رأسه بإيجاب وهو يبتسم ويوقف على المدخل ويأشر لهم بضحكة وبصوت عالي : جااء الحفيّد الغالي يا أهل الليل ، رجع شاهييّن شيعو فصول الفرح

لحظة دخول السيارة حدود الدِيرة حتى أشعلوا السماء رصاص وسحب شاهِر رشاشه وهو يفك قرن الرصاص كامل و يبتسم بفرح وسط أحفاده اللي واقفين على يمينه،غالِب ، ياسيّن، و هارُون وعلى يساره جموع الديرة وأكابرها اللي ترجلوا من سياراتهم ولكن يد غالب الي ربتت على كتف شاهِر أجبرته يتوقف ويسحب يده عن الزناد وهو يقول : علامك

غالب اللي دققّ النظر على سيارة حرب قال بإستنكار : شاهييّن ماهو بمعه
#هوى_ديار_الليل


٩٣
-
أرتجفت يد شاهِر بدون شعور وفلت الرشاش من يده وهو يتمسك بعصاته من جديد ويضغط على بكل قوة وهو يثبت الرشاش على كتفه ويقول بصوت ثابت : متأكد ؟

غالب ألتزم الصمت وبعد لحظات إستقرت سيارة حرب أمامهم وترجل من السيارة وعلى وجهه يتضح الضيَق وعلامات القهر منتشرة على ملامحه تقدم لهم وقبل يتكلم ضربه شاهِر على كتفه بغضب : وين أخوك ياحرب ؟

تنهد حرب اللي أعطاه شاهِر أمر إستقبال شاهيّن أمام السجن وأخذه لهم وهم بيتولون أمر إستقباله بالديرة ، قال بإحراج وخيبَة : لما وصلت قال العسكري إنه من الفجر أخلوا سبيله

ناظره شاهِر بحدة وقال بغضب : لو هالحكي صحيح كان شفناه وحنا من قبل الشروق منتظرينه بهالمكان -شدّد بكلامه بقهر - وين شاهيّن ياحرب ؟؟؟

نكس حرب رأسه بضيق وهو فعلاً القهر يعتريه ويأكله أكل كون شاهيّن فعلاً توارى عن الأنظار قبل أحد يشوفه ، ألتفت شاهِر لغالب اللي همس له بخفوت : شهور وهو يصدنّا عن زيارته ، معقولة ...

ناظر لحرب بحدة وهو يدك الأرض بعصاته بغضب عاِرم : حفيد شاهِر آل جلوي ما ينكس رأسه

ومن بعدما رفع حرب رأسه أكمل شاهِر بذات النبرة الحادة : ولا يهرب من دِيرته ، ولا يتخلى عنهم يا غالب

سكت غالب بضيق وقبل يردف شاهِر قال صوت خافت تسلل لمسامعه : وهذا هو هرب وفشل شاهِر آل جلوي وكسّى وجهه ملامة ، هذا وإحنا مجتمعين بالديرة عشانه صدق إنه خايّب رجاء

تلون وجه شاهِر بالغضب وضرب الأرض بعصاته اللي عاصرت معه كل المشاعِر بشتى أنواعها وقال بنبّرة مخيفة من شِدة حدتها وكأنه بُركان وبقي على إنفجاره لحظات معدودة فقط : ما خبرتكم رخوم يا أهل الليل ، الهمس الي يوصل لسمعي المفروض ينقال بأعلى الصوت لو كنتوا رجال

عمّ الصمت للحظات بذهول من غضبه ، كان قبل لحظات ضحكته تتوزع من كثرها وتبّدل حاله بثواني بسيطة لإعصار هائج ،ماحد يستغرب من شاهيّن اللي يشابهه جده بشكل هائل
قال حرب بقهر وهو مُوقن إن المتكلم سلمان واللي توارى عن النظر عنهم : حفيّد شاهِر ما يهين قوم ينتظرونه لو عنده علم يا سلمان ، كلنا نعرف من هو شاهيّن

لما صارت الأنظار كلها على سلمان حتى أرتبك للحظات وقال وهو يحاول يتخلى عن إرتباكه بغيظ : صح يا حرب كلنا نعرفه ، شاهيّن قاتل صقر

توسّعت نظرات حرب بقهر ورد عنه غالب بغضب : قاتله بالخطأ ياسلمان ، شاهيّن يعز صقر وكأنه أخوه وماوده له بالمضرة كيف بموته ؟

أردف سلمان بذات نبرة الغيظ : لاتدافع عن قاتل خطيب أختك اللي مات قبل ليلة من إنه يكون زوجها ياغالب ، لا تمّثل الطيبة
#هوى_ديار_الليل


٩٤
-
شعت عيونه بنظرة الغضب وقال بحدة : شاهيّن ولد عمي وضلع من ضلوعي ياسلمان ، ماهو بأنت اللي تشبّ نار الفتنة بيننا ، إذا أم صقر عفت أنت من لأجل تشرهه ؟

قال سلمان وهو يتمالك نفسه بسبب هجومهم عليه : أنا رجل كان صقر ولد ديرته ، وسنة ونص ما تشفع لشاهيّن أبد الود ودي مايخرج من السجن أبد دامه دخل بدم صقر ،لا توقفون بصفه لأنه حفيّد شاهِر ...

تقطع صوته برجفة بسبّب ضربة شاهِر للأرض بعصاته وهو يناظره بنظرات تركت الرعب يدبّ بقلبه بشكل هائل ووضح الخوف بكل تقاسيم وجهه ، بلع ريقه بصعوبة وما درى كيف تمادى وتكلم ولكن نظرات الرجال الي عليه تركته يقول كل الي سكت عنه ليلة كاملة وكأنه لوهلة ينتقم لنفسه من شاهيّن اللي فشله بوسط الديرة قبل سنة ونص ، ولكن اللي نساه إن غضب شاهِر ماهو بهين وهو أشتراه بسعة صدر أرتجفت أوصاله لما قال شاهِر بنبرة واضحة من شدة القهر : حفيّد شاهِر له كل الدروب تنفتح ياسلمان ، ماعشت بشقى لأجل ينهان حفيد لي على سمعي ، صقر ولدي مثل ماشاهيّن لي ولد ،والله وباسط هالسماء لو عندي أدنى شك إن شاهيّن قاتله متعمد ما وقفت بهالمكان وما سعيّت بخروجه وتركته في غيابة السجن ، ولكن لأني أعرف وأنتوا تعرفون إن شاهيّن وده يموت ولا يمس صقر شوكة وقفنا نستقبله ، وبرغم ذا كله ماضغطنا على أم صقر بطلب من شاهيّن هي بنفسها عفت ،ولأنه ماجاء هاللحظة ماهو يعني ..

سكت بإستنكار لأصوات البواري العالية وصوت سيارات الواضح إنها ماكانت قليلة أبداً ألتفتوا كلهم لمدخل الديرة ومن لمحو موكب سيارات هائل يتقدم منهم حتى علت على وجيههم الدهشة والإستنكار بعدم فهم ، توقفت خطواتهم أمام المدخل وهم يلمحون السيارات تتقدم منهم بذات السرعة وصوت البوري ما أنقطع وكأنه موكب عريس
بعد لحظات ضحك شاهِر وكأنه ماكان إعصار هائج قبل لحظات وقال وهو يأشر بيده : شاهييّن ما يجي بالساهل يا أهل الليل ، شاهييّن يجي ويجيب الفرح معه

ضحك حرب من تغير حالة جده بلحظة بسيطة وفعلاً أيقن إن هذا حضور شاهيّن ، كيف ؟ ومن أصحاب هالسيارات اللي ماكان عددهم قليل؟ ما يدري !
كل الي يعرفه إن هالسيارات تحتوي جسد شاهييّن واللي مابيدخل الديرة بصمت في سيارة حرب ، كان يحتاج دخول يهز المكان بحضوره
يعلن إنه حضر بكل بهاءه وقوته وعِزته اللي مابتنطفي ومحد له قدرة على جعلها تنطفي
شاهييّن بن عسااف حفيد شاهِر آل جلوي
يعود بكل قوته لديرة الليل بعد إنقطاع سنة ونص
جعل حضوره كل أهل الليل ينذهلون وأولهم سلمان الي توقع إنه غايب من حرجه وفشلته وما ظن إنه تأخر لدقايق لأجل يرجع بحضور يهز أفئدتهم دخلت السيارات الدِيرة #هوى_ديار_الليل


٩٥
-
ألتفتوا للي خرج برأسه من طرف السيارة وهو يلوح بغترة بيضاء ويقول بصوت عالي وضحكة كبيرة على وجهه من إستقبال ديرة الليل ل شاهيّن واللي بقو كل أهل زِناد مذهولين من حضور كل هالرجال : شاهييّن آل جلوي حضرر يا رجال ، جبنا لكم شبَل هالديرة

وماكان هالصوت إلا صوت زِناد اللي تهيض قلبه من هالجموع وسكنت الرهبَة قلبه من اللحظة الي أتضح له وقوف هالرجال كلهم في إستقبال شاهييّن ..صغارهم وكبارهم وكإن هالديرة وقفت على قدم وساق لأجل حضوره
حتى إن أبو زِناد قال بإبتسامة مذهولة : الواضح إننا لفينا مع شيخ من شيوخ هالديرة

ضحك بسببها زيد إبنه الكبير اللي قال وهو يتأملهم بدهشة : إي بالله يُبة الحمدلله تكرم علينا وخلانا نوصله لأجل نشوف كل هالفرحة

أبتسم زِناد وألتفت بصعوبة لأجل يشوف شاهيّن ، كتم تنهيّدة وهو يلمح هالة البرود مازالت تحوفه والهدوء كاسِي وجهه حتى بسمة بسيطة عاجز عن فردها على تقاسيم وجهه وكأنه يشح عليهم حتى ببسماته ووكأن هالمنظر المهيب اللي هز أفئدتهم ماحرك بقلبه ساكِن
حتى لما صرخ زِناد وخرج من السيارة وتوالت بعد صرخته أصوات الرجال وتكبيرهم وضحكاتهم الهائلة كان صامت وهادي ،وكأن الموضوع ما يخصه أبداً !
-
" شاهيّن حفيّد شاهِر ما يحضر بهُدوء .. يجي ويزلزل،يجي ويثبّت حضوره يهد ويبّني ويزلزل ويثُور هذا اللي تعودناه منه ولا نرضى بأقل"
كانت هذي الجملة اللي تركت حرب يبتسم لما تسللت لسمعه من رجال الدِيرة لما توقفت سيارة أبو زِناد أمام جموعهم الغفِيرة،وأول ما خطت خطاوييّه على أرض الديَرة تعالت صيحات الترحيب والفرحة الهائلة تركته يرفع رأسه بكل هيبة وهو ينقل نظراته الهادية لهم إبتداءً من فرحة جدته المهيَبة لأخوه وعيال عمه لجموع الديرة كلها المجتمعين من صغيرهم لكبيرهم لأجله ، ضغط على نفسه لوهلة وتبّسم بخفُوت وهو يرفع يده ويسّلم عليه بنبرة عالية شديدة البأس : سلام الله على ديرة الليل وأهلها

تفاوتت أصوات الرد وهم يردون سلامه بفرحة عاشوها كثير مع كل فرد من أفراد هالديرة ولكن هالمرة كانت كبيرة لأن صاحبها كبير
وصلته الأصوات المتفاوتة اللي تقول " مبارك العتق،يهنيك الخلاص،الحمدلله اللي فك عوقك،بالمبارك ياحفيِد شاهِر "
كان على نفس البّسمة المصطنعة الي جبر يرسمها عشان شخص واحد بهالمكان وعيونه عليه وهو يرد عليهم : الله يبارك فيكم ويبّيض وجيهكم السمحة،والله يجعلني أرد فرحتكم بأضعافها يا أهل الليل يا ديرة شاهييّن وصقر

بلع ريقه بصعوبة وهو يشيح بنظراته عنهم بعجل لما زَل لسانه وذكر طاري قطعة منه بوقت حساس جداً ، إعتاد يقول هالجملة إعتاد يلحق إسم شاهييّن بصقر من سنين كيف بينسى؟
#هوى_ديار_الليل

٩٦
-
من قال إسم صقر خُفتت الأصوات للحظة من الوقت قبل يتقدم شاهِر وهو يوقف قدام شاهيّن ويقول ببسمة وقورة وصوت أجش حنون : إرفع عينك ياحفِيد شاهِر

عانقت عيونه عيون جده وتنهد وهو يرفع هامِته ويتزن بوقته يبتسم بهُدوء وهالة البرود أحاطت فيه بحرص شديد وكأنها تحميه من أي تسرب لوجعه على تضاريس وجهه أخذ يعانق جده عِناق قوي ، وكأن شاهِر وده يدخله بضلوعه من شدة لهفته عليه همس بقهر : شهور طويلة يابن عسّاف ، هان عليك جلوي ؟

أبتسم شاهيّن وهو يربت على ظهره ويقول : مايهُون ، بس أنت تعرف أسباب بن عسّاف ياجلوي لا تتغافل عنها

أبتعد عنه وهو يضرب على كتفه ويقول ببسمة : ما أجهلها ولكن ما تخارجني يا تربية يديني ، العتب كبير والملامة تكسيك بس نأجلها لوقتها الصح ، وهاللحين شاركنا فرحتنا بحضورك ، جيَناك من صغيرنا لكبيرنا

هز رأسه بإيجاب وقبل يكمل السلام على ربعه قال وهو يأشر على زِناد : هذا عقيق وأهله تكفلوا بتوصيلي ، حياكم بديرة الليل

أبتسم زِناد وهو يوقف بجنبه ويضحك بخفوت : آخيراً تذكرتنا يارجل كنا بنروح من الحياء

ناظره شاهيّن بطرف عينه وشاهِر ألتفت وهو يرحب بأهل زِناد بأكثر الكلمات كلافة وتقاسيم وجهه وفرحته المهيَبة توضح كمية إمتنانه لهم على وجودهم ، على حضورهم ، على الوقت اللي صادف خروج شاهيّن فيه
أنتقل شاهيّن يسلم على رجال الدِيرة بوجهه متجهم وبسمة واضح إنها مجاملة ولكنه كان عديم المبالاة ، بينما زِناد ينقل نظراته عليه ببسمة خافتة وهو مُوقن إنه بيكون بخير مادامه بين أهله وناسه ، قبل يلتفت ويرجع مع مُوكب أهله قال شاهِر : حرام حرم الدم إن هالليلة ملفاكم عندنا ، أفاا يالعلم توصلون حفِيد شاهِر وترجعون خايبيّن حتى من فنجان قهوة ؟ ماهيب من شيمنا
رغم رفضهم إلا إنه من يوقف بوجه إصرار شاهِر ؟
ركبوا سياراتهم ، وهالمرة شاهيّن كان بجنب جده وعلى يمينه في سيارة حرب
وأنتقل الموكب لداخل الدِيرة وسط أصوات البوري وصرخات الأطفال الضاحكة ويدينهم اللي تعلى وتهبط من حوض سيارات الدسن، فرحة إنجبرو أهل الليل يتشاركونها لأنه شاهييّن !

بينما هو كان بيمين جده كانت نظراته على الدِيرة ، نظرات جامدة وباردة ووجهه متجهم بينما أوداج عُنقه ووجهه متورمة بشكل هائل وواضح وكأنها تنبأ على إنفجارها بأي لحظة
وكأنها كاتِم كل شعوره بإحترافية حتى تجي أوداجه وتفضحه بسهولة !

ينقل نظراته الباردة كالصقيع على أنحاء الديرة بصمت مُميت "
هنا كبّرنا وكبرت أمانينا
هنا ضحكنا وعلى هالجدران كتبّنا أسامينا
هنا خطينا أول خطاويّنا ولأجل الحلم كتبنا أمانينا"#هوى_ديار_الليل

٩٧
-
"هنا لعبنا وبين الشوارع تلاحقنا وكل دمعة من عيُوننا بأكمامنا مسحنا
هنا عزفنا للحياة أغانينا وهنا خابت هقاويّنا
هنا كنا يا وجعنا ، هنا كنا يا صقرنا وياليتنا ما كنا "
كل زاوية بالديرة تشهد على حياته مع صقر ، من أي حديد صُنع قلبه لأجل يقدر يقاوم كل هالتعب ؟ ولكن لأنه شاهييّن، عيب عليّه ينحني أو يلمح أحد ضعفه
ألتفت بعجل لشاهِر اللي عانق كفوفه بصمت وناظره بهدوء للحظات ومن لمح نظرات جده صد بقهر وهو يرجع يناظر للدِيرة بصمت
وصلوا لبِيت شاهِر ، المُقابل لبيت صقر

ووقفت السيارة وأنفتحت بوابة الجهنمية
البوابة الأمامية لبيت شاهِر بن جلوي ، ولكن قبل تدخل السيّارة أشر شاهيّن لحرب يوقف
وفعلاً وقف بإستغراب نزل على إثر وقوفه شاهيّن ينقل نظراته على بيت صقر بهدوء وهالمرة الذبُول بدأ يظهر على وجهه بشكل تدريجي عجز يكتمه،عجز يخفيه عن أنظارها،بهاللحظة هي بالذات ضيقه وقهره ووجعه
من لمحها واقفة بجنب بوابة بيتها حتى تجمّع الوجع بصدره وهالمرة بشكل أكبّر تركه يوقف قدامها فائض وجع،أبتسم بضحكة ساخرة وهو يصد بوجهه لما سمع زغاريدها تعلى بالمكان
غير عابئة بأي شخص يحيط فيها،غير مهتمة باللي حولها وباللي يناظرها كل الي ببالها تعبر عن فرحتها بأبّهى صورة ، كانت تزغرد ودموع عينها تبّلل نقابها وزغاريدها ملت المكان حياة
قالت بنبّرة باهتة من بين بكاءها : حياا الله ولدي شاهييّن ، حياا الله الي تركني أتعنى له شهورٍ طويلة، مبارك الخلاص ،مبارك ياعيون غزيّل

شد على قبضة يده بكل قوة وهو مازال صاد عنها ، يحاول يتحكم بأعصابه ، يحاول يجمع شتاته ويوضح قوته وبروده اللي لطالما تسّلح بها
وبعد لحظات رفع رأسه بقوته المعتادة مثل صقر شاهييّن
وأبتسم بهدوء وهو يتقدم ويوقف قدامها وهو يقول بصوت أجش : أهلكتي شاهيّن يا خالة

أبتسمت وهي تمسح دموعها وتقول بقهر :إلا أوجعت غزيّل يا شاهيّن ، كذا ياولدي تهد حيلي فوق هده ؟

قال بقهر وهو يناظرها بضيّق : أرضيتي قلبك يوم حررتِ قاتل صقر يا غزيّل ؟

قالت بصوت حنون دافي : حررت أخو صقر الي وده إنه ينتهي عهده ولا تصيب صقر مضرة
آه ياولدي هذي سواه تسويها؟تكسر ظهري بعيالي الثنين!واحد راح للي أرحم مني ومنك
تكسر ظهري بك ياشاهيّن بعد وأنت كبرت مع صقر قدام عيوني تنهد وهو يرفع رأسه للأعلى ويوزع نظراته للسماء وكأنه بهالحركة يمنعها تلمح ولو جزء من مشاعره بهذي اللحظة رجع بعدها يناظرها بهدوء وهي أبتسمت ولمعت الدموع بعيونها من جديد بصوت يدنو منه الحنين الشديد ، الحب الصادق ، العطف المهيب : مبارك خلاصك ياشاهيّن
وهو رد بصوت متهدج من شدة التعب : عظم الله أجرك بصقر
#هوى_ديار_الليل


٩٨
-
إبتسمت بوجع هالمرة وهي تهز رأسها بخفوت لما تذكرت إن هذي أول مرة تلمحه من لحظة موت صقر ، أول مرة يعزيها بولدها .. يالله
عون منك يجملَنا
ألتفت بعدها شاهييّن وهو يناظر للسيارات الي توقفت على حدود الطريق والي كلهم أتجهو لمجلس شاهِر لإستقبال أهل زِناد ولأجل يتركون له الحرية مع أم صاحبه ، الي ياما كانت بحسبة أم له
تنهد وهو يلمح حرب مِتكي على بوابة الجهنمية وبسمة عذبة تزين أطراف وجهه وكأنه وآخيراً ردت له الحيّاة ، ناظره بهدوء وبتعابير خالية من أي برود ثم أبتسم له بخفة أعاد النظر لأم صقر اللي قالت : رح يا يمك ، رح شاركهم فرحتهم فيك ، رح فرح قلب مودة برجعتك ياولدي،أشقيتنا ببعدك

كتم تنهيّدة وهز رأسه بهدوء ويدينه تحضن أطراف جيبه وهو يمشي بإتزان لبوابة الجهنمية ولكنه توقف للحظة بوسط الطريق، يأخذ نفس شديد وكأنه يحاول يرجع النفس لصدره
وكأنه يحاول يسترد روحه للحظة بعد حرب طاحنة مع ذكرياته اللي مارست أساليب منوعة بإوجاعه ، هالمرة كان يحاول يبّث الطاقة لقلبه ومن رفع رأسه للسماء حتى لمح طيّف يستقيم بجذعه على طرف السطح بوضوح شديد له، وماهو شاهييّن الي يخيب وما يعرف صاحبته وصاحبة هالعيون الي تنِطق وجع خالطه فرح
تجهمت ملامحه لوهلة وتحول الوجع لبرود وحِدة وغضب،رمقها ببرود شديد سرت بسببه قشعريرة بجسدها من ذهولها بسبب تحوله
وأخذ يشيح نظراته عنها بغضب مُخيف وهائل ، دخل بعدها بذات الهيَبة،بذات القوة،والجبرُوت اللي لاطالما أنعرف به
شاهييّن الي بكُل مرة يوضح للكل إنه يولد من رماده من جديد وما يطيح ،ما ينحني،ما ينكسر ولو كلفه هالشيء روحه وقلبه
هذا إن كان باقي في هالقطعة الصغيرة الي يسمونه قلب حياة بعد سوايا يدينه ..!
-
بوسّط أركان بيت شاهِر آل جلوي
دمعة تنزاح بكفوف رقيقة وبسمة عذبة ترتسم على ثغرها ، كانت تتأمل جدتها وهي تعاتبه والقهر يتسرب على شكل دموع بللت تجاعيّد وجهها وهو يجاريها بعتبها ويبتسم لها بين فينة والأخرى بعدما سّلم على عماته وعلى تناهيّد وغُفران من بعيد كانت واقفة هي وتناظره بدمع بارد يترقرق بعيونها بكثافة وتتكفل كفوفها بمسحه برحابة صدر
رفع رأسه وكأنه يبحث عن أحد ومن لمحها وعانقت عيونه عيونها رفع يده وأشر له بيدينه بمعنى" إقربي" تبّسمت أكثر من بين دموعها وأقتربت على مهلها وهي توقف قدامه وتناظره ودموعها تِهل برقة بمدارها الطبيعي،ناظرها بهدوء بينما هي إرتبكت من نظراته ومن وقوفها قدامه ومن هالته المهيّبة اللي تركتها تتلعثم وتتوه وحاولت ترتب شتاتها وهي تقول بربكة : الحمدلله على السلامة يا أبو صقر

#هوى_ديار_الليل


٩٩
-
أبتسم بسخرية وسط شهقة جدتها وضربها على كفها وكأن هالإسم بات محظور بسبب الفاجعة ناظرته ببكاء وهي تغطي ثغرها بيدينها بخوف
كونها تقريباً رشت الملح على الجرح بدون وعي منها .. لطالما إعتادو على مناداة شاهيّن " بأبو صقر " من الصغر مثل ما إعتاد صقر على كونه " أبو شاهيّن "
ناظرها بإبتسامته الساخِرة وقال بخفوت : ما أختفلنا يا أهداب ، مازلت أبو صقر لو حصل وصار لي ولد

ناظرته مودة بعتب وقالت بقهر : يعني بتحرق قلبي وبتخليني أموت بدون ما أشوف عيالك ؟

تلاشت البسمة وقال بهدوء : ماهو بموضوع ينفتح بهالمكان ولا رح ينفتح ياجدة - ألتفت لأهداب ومسح على شعرها وهو يقول بهدوء - الله يسلمك يابنت عسّاف ولا تتردديّن وأنتي تنطقين إسمه ، طواري صقر حاضرة وما بعمرها بتغيب

أبتسمت له بخفوت وكتمت شهقتها بصعوبة لما إستشعرت يدينه على رأسها ، كانت أول مرة يمسح على شعرها فيها بعد سنين طويلة ، كانت هذي طريقته البسيطة بالتربيت على وجعها وهو بادلها البسمة بهدوءه المُعتاد،مازالت هالة البرود تحيط فيه ومازالت الأفئدة اللي إعتادت على بُعده ترتجف من هيبته الي تُحيط بالمكان، ألتفت بإلتفاتة تساهيّل للدرج وهي تلمح غرُور تنزل من على درجاته بشمُوخ وكاسيّها السواد بينما بنظرات عيونها طُغيان شديد تلحفت فيه بسببه ناظرها بغضب للحظات ولكن قابل غضبه هُدوء مهيَب أنجبر يبتسم بسخرية بسببه ويقول بصوت هادي : عظم الله أجرك بزوجك يابنت العم ..

عمّ الصمت أطراف المكان وألتفت الأعناق لها لما إستطرد ..:

--
#هوى_ديار_الليل
🎬🤍






"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.