آخر 10 مشاركات
156 - الهروب من ليلة الزفاف - روايات ألحان (الكاتـب : MooNy87 - )           »          155 - الحقيقة المرة - روايات ألحان (الكاتـب : MooNy87 - )           »          153 - الصفقة الرابحة - روايات ألحان (الكاتـب : MooNy87 - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          152-الصراخ والعذاب -ألحان (الكاتـب : Just Faith - )           »          151 - قسوة الحب - روايات ألحان كاملة (الكاتـب : عيون المها - )           »          147 - سجينة حبى - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )           »          146 - الساحرة الصغيرة - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )           »          145 - الرجل الذى حطم احلامى - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree4Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-07-11, 10:16 PM   #1

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
B10 64 - حتى تمو ت الشفاه - سارا كريفن - ع.ق ( كتابة / كاملة )




64- حتى تمو ت الشفاه - سارا كريفن - روايات عبير القديمة



الملخص



حين يصادف الأنسان حلمه أمامه متجسدا في شخص طالما بحث عنه وأنتظره , هل يتركه يتجاوزه , أم يلحقه ويتثبث به كطوق النجاة , وهل يكون خائنا إن فعل؟ ميندوزا عاهد نفسه على الأنتقام من رودريغو الذي قتل والده وبقي باحثا عنه , فجأة التقى بسوزان التي كانت تبحث عن شقيقها ... هل يساعدها ميندوزا في بحثها ويتشبث بها , أم يتركها ويتابع وحده... وهل يلتقي بحلمه من جديد إذا تركها؟ لكن ما هو موقف سوزان من شروطه القاسية التي فرضها عليها في سبيل مساعدتها... تقبل أم ترفض ....تنساق لتوقعها اليه أم تطوي سرها وترحل ؟ يبقى السؤال يضج في رأسها , يحبها أم أن شروطه مجرد كونها أمرأة؟



روابط الرواية

word

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



text

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة miya orasini ; 11-03-16 الساعة 08:27 PM
أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-11, 10:18 PM   #2

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

1-المرأة الجليدية


كان الوقت شتاء , وحين دفعت سوزان كريشتون أجرة التاكسي , كانت ندف الثلج تتساقط بكثافة , أسرعت , بعد ذلك , لتقرع جرس البيت في ألحاح , فتحت الباب أمرأة طويلة , نحيفة , ترتدي فستانا أسود وأستقبلتها مبتسمة , وقالت:
" ها قد وصلت أخيرا , كان يسأل عنك في أستمرار بينما كان الطبيب كينغستون يريد نقله الى مصح موردانت , إلا أنه يرفض الذهاب قائلا أنه يريد لقاءك أولا , أنه في حالة سيئة فعلا".
" أعرف ذلك".
أجابت سوزان وهي تضغط في مودة على يد مدبرة المنزل مدركة أن السيدة ثرستون , وهذا أسمها , ورغم مرور عشرين سنة على بدء عملها مع جدها لا تستطيع حتى الآن أن تقبل رفض السير جايلز كريشتون لأي شيء يتعارض مع رغباته.
" جئت حين أستلمت رسالتك , كيف حاله ؟ هذا شيء غير متوقع , أذ بدا أخيرا وكأنه تعافى من النوبة السابقة".
توقفت سوزان عن الكلام حين رأت أن السيدة ثرستون تهز رأسها .
" هذه النوبة أسوأ بكثير من النوبة السابقة , لهذا يريد الطبيب كينغستون نقله الى المصح حيث سيخضع للأشراف المباشر , كنت معه حين أصيب بالنوبة القلبية وظنت أنه هالك لا محالة".
" أوه تريستي! لا بد أنك مررت بوقت عصيب معه , كان يجب علي الحضور فور أنتهائي من العمل في المسرحية , أي منذ أسبوع".
قالت السيدة ثرستون وهي تساعد سوزان على خلع معطفها , وأضافت:
" قضى السيد جايلز الأسبوعين الآخرين في لندن , وحين حاولت أن أذكره بنصائح الطبيب , كاد ينفجر غضبا , منذ ذلك الحين سكت لكنني أتساءل هل في أمكانه تجنب النوبة لو ألححت عليه في اللجوء الى الراحة؟".
" لا أعتقد ذلك يا عزيزتي ثرستي , لا داع للوم نفسك".
وتنهدت سوزان وهي تضيف:
" نعرف أصرار جدي على تنفيذ رغباته , ولكن ماذا فعل في لندن؟ هل ذكر السبب؟".
" كلا , ألا أنه ظهر في شكل مختلف , ربما كان للأمر علاقة ما بالسيد مارك".
" لا أعتقد ذلك".
قالت سوزان في هدوء وأضافت:
" برغم أملي أن يحقق ذلك , والآن من الأفضل الذهاب برؤيته".
صعدت سوزان درجات السلم المؤدي الى غرف نوم الطابق الأول ثم سارت في أتجاه بابي غرفة النوم , وحين أصبحت على مبعدة خطوات منهما , أنفتح البابان وظهر بينهما رجل أشيب الشعر بدا متعبا وقلقا ألا أن عينيه لمعتا حين رأها , ثم ألتفت الى الغرفة التي غادرها منذ قليل.
" كيف حاله يا عم أندرو؟".
" لا أسوأ ولا أحسن".
قال الطبيب في هدوء وأضاف:
" لا بد أن وصولك سيساعده , أعطيته مهدئا وأرجو ألا تدعيه ينفعل لأي سبب سأذهب الآن لتدبير سيارة الأسعاف".
ثم توجه نحو السلم.
كانت غرفة النوم دافئة , لهيب النار في الموقد القديم يرتفع , نظرت سوزان الى جدها المستلقي في فراشه , كان شاحبا جدا , لكنها حرصت ألا تظهر قلقها وهي تخطو بأتجاه الكرسي قرب السرير , جلست منتظرة أن يفتح هينيه ويراها , غير راغبة في إيقاظه , أخيرا فتح عينيه بدتا وكأنهما فقدتا بعض بريقهما السابق , نظر السيد جايلز اليها للحظة ثم قال:
" وأخيرا أنت هنا".
حاولت سوزان تجاهل لهجته التهكمية وتذكرت ما قالته السيدة ثرستون عن ذهابه يوميا الى لندن بدون أن يحاول الأتصال بها هناك , حاولت أيضا نسيان موقفه منها منذ ولادتها , لأنه أراد أن يكون المولود الأول صبيا , وبقي شعوره هكذا حتى بعد ولادة مارك.
أنحنت وطبعت قبلة على خده وهي تقول:
" أنا الى جانبك يا جدي , هل تحتاج شيئا؟".
" كلا يا طفلتي".
بدا وكأنه يبذل جهدا كبيرا ليتحدث , أغلق عينيه مرة أخرى وبقي صامتا , كان يسترجع قواه , ثم قال :
" هل سمعت شيئا عن مارك؟".
" كلا , لا شيء أبدا".
" ليس هذا مهما , أعرف أين هو".
" هل تعرف ذلك حقا ولم تخبرني من قبل؟".
" ها أنا أخبرك يا طفلتي".
قاطعها , فهدأ غضبها وهي تتذكر نصيحة الطبيب ألا تدعه يغضب , ثم أضاف:
" أكتشفت ذلك صدفة , أذ توجب علي الذهاب الى لندن وبعد تناول الغداء في النادي , جاء لاري فورسايث , هل تذكرينه؟".
" أعتقد ذلك".
أجابت سوزان في آلية وهي ما تزال مشغولة بالخبر الذي سمعته عن مارك , ثم سألت:
" هل كان ديبلوماسيا؟".
" نعم , ولا يزال , أنه يعمل في كولومبيا منذ سنوات , وقد ألتقى مارك هناك منذ ثلاثة أسابيع".
" في كولومبيا؟".
وسألت سوزان ثم قالت:
" أنه أمر لا يصدق , هل كان متأكدا من أنه مارك نفسه؟".
" طبعا كان متأكدا , عرفه فورا , وقد تعرّف عليه مارك أيضا , وهو يتناول العشاء مع مجموعة من الأصدقاء بينهم شخص اسمه أرفاليز , وكما يتذكر لاري فان أرفاليز هو أحد المحامين المشهورين في العاصمة الكولومبية بوغوتا".
" أتذكر أن لمارك صديقا يحمل هذا الأسم , كان معه في الجامعة , لكنني لم أعرف بأنه من كولومبيا كما لم أعرف بأنه صديق مقرب من مارك".
توقفت عن الكلام مدركة أن مارك لم يكن يخبرها كل شيء عن صداقاته وعلاقاته بالآخرين.


قطبت جبينها للحظة ثم سألت جدها .
" هل أخبرك فورسايث ما يفعله مارك هناك؟".
" كلا , لا بد أنه أفترض أنني ملم بالموضوع , هل تعتقدين بأنني مستعد لنقاش قضايانا الخاصة مع الآخرين؟".
ألتمعت عينا السيد جايلز مما دفع سوزان الى الأجابة بسرعة:
" كلا , كلا , كان سؤالا سخيفا , هل تحدّث اليه مارك في أي موضوع؟".
" كلا , لذلك سألتك أذا سمعت شيئا منه , ظننت أنه بعد أدراكه لمعرفتنا بمكانه , قد يكتب اليك".
سكت الجد ليستعيد أنفاسه , سوزان شاركته السكوت مستعيدة في الوقت نفسه بعض أحداث الماضي.
في الماضي أعترض الجد بعنف على أختيارها التمثيل , لم يستطع تقبل فكرة أختيار حفيدته التمثيل كمهنة ولكنه لم يكن جديا في أعتراضه , أذ فكر أن لا ضرر في أمتهانها التمثيل لحين عثورها على زوج ملائم , أما بالنسبة الى مارك , فقد كان الوضع مختلفا حيث خطط الجد لمستقبل مارك بدون الأخذ في الأعتبار شغف مارك بدراسة الجيولوجيا ومن ثم رغبته في مواصلة دراسته الجامعية , أعتقد الجد أن دراسة الجيولوجيا لم تكن غير رغبة صبيانية وأن مارك سيتخلى عن الفكرة , ألا أن مارك أثبت عكس ذلك وتخرج ليبحث عن عمل له كجيولوجي.
وهكذا بدأت المعركة الحقيقية بين الأثنين وشهدت سوزان ذروة الخصام حين جاءت لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع العائلة ولم تستطع التدخل بين الأثنين وكانا على وشك تمزيق أحدهما للآخر.
حدثت المواجهة بينهما مساء يوم أحد أثناء تناولهم وجبة العشاء , نظرت سوزان اليهما وفكرت أن المشكلة الحقيقية تكمن في أنهما يتشابهان , حيث أن كلا منهما يعتقد أنه المحق دائما وأن لا وجود لأي وجهة نظر أخرى , جلست سوزان بينهما مقاومة رغبة ملحة في وضع يديها على أذنيها لتصمهما عن سماع الأتهامات المتبادلة , بلا توقف , بين الأثنين.
" ستكون مسؤولا , هل تسمعني ؟ ما الذي تتوقعه غير منصب بائس في جامعة تتسول الصدقات قاضيا عطلاتك كدليل لعجائز في رحلات تجمع فيها الأحجار , هل هذا المستقبل الملائم لشخص ينتمي الى عائلة كريشتون؟".
" أنت تثير فيّ التقزز , أنت وأفقك الضيق وعدم أقرارك لما يفعله الآخرون , هل تعرف ما هو الراتب الذي يتقضاه جيولوجي من الدرجة الأولى يعمل في أحدى شركات النفط؟".
" هل تظن أنك جيولوجي من الدرجة الأولى؟".
ضحك السير جايلز بسخرية وأضاف:
" يتطلب الأمر سنوات لتصبح كذلك وأظن أنك ستعود الى هنا بعد عام لتستجدي مصروفك اليومي , حينئذ ستسمع أي جواب ستتلقى".
شحب مارك لدى سماعه هذه الكلمات ثم حدّق في وجه جده وقال في صوت واضح:
" أذا ما عدت في يوم ما , فسأكون غنيا , سأملك من المال ما يكفي لجعلك تبتلع كل كلمة قلتها الآن . لن أعود ما لم أحقق ذلك".
ترك مارك الغرفة وتبعته سوزان طالبة منه العودة لكنه نظر اليها وكأنه لا يستطيع رؤيتها , قالت له أخيرا:
" مارك , أنه رجل عجوز , يجب عليك معاملته بطريقة أخرى , لا تتركه أرجوك".
" هل يبيح له التقدم في العمر الحق في أن يدوس على رغبات الآخرين؟ منذ وفاة الوالد والوالدة ونحن نعاني من تعسفه , أعتقد أنني نلت الكفاية حتى الآن ولا أرغب في مواصلة ذلك طوال حياتي , يعتقد أن المال غير موجود في أي مدينة عدا لندن , سأحاول جهدي أن أثبت عكس ذلك".
ثم قال لها:
" سأعود ذات يوم يا سوزان , فلا تقلقي".
بعد أسبوع , عانى الجد من نوبته القلبية الأولى , كتبت سوزان الى مارك تخبره بما حدث , ثم حاولت الأتصال به لكنها لم تستطع العثور عليه في أي مكان , فقد أخلى شقته وأختفى , أتصلت بأصدقائه ولم ييجبها أحد بشكل واضح , منذ ذلك الوقت والأسرة في أنتظار سماع أي شيء عن مارك , وها هو جدّها , بعد ستة أشهر من أختفاء مارك , يخبرها أنه موجود في كولومبيا.
نظرت مرة أخرى الى وجه جدها , وذعرت للجفاف الذي كساه , كم يبدو متعبا ومريضا.... هل صحيح أنه في طريقه الى النهاية؟ لم يقترح العم أندرو من قبل , نقله الى المصح , لا بد أن حالته خطيرة في هذه المرة , لجأت الى الصمت وأنتظرت.





أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-11, 05:40 PM   #3

كان يا ماكان

? العضوٌ??? » 172107
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 202
?  نُقآطِيْ » كان يا ماكان is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل بيضون مشاهدة المشاركة
1-المرأة الجليدية


كان الوقت شتاء , وحين دفعت سوزان كريشتون أجرة التاكسي , كانت ندف الثلج تتساقط بكثافة , أسرعت , بعد ذلك , لتقرع جرس البيت في ألحاح , فتحت الباب أمرأة طويلة , نحيفة , ترتدي فستانا أسود وأستقبلتها مبتسمة , وقالت:
" ها قد وصلت أخيرا , كان يسأل عنك في أستمرار بينما كان الطبيب كينغستون يريد نقله الى مصح موردانت , إلا أنه يرفض الذهاب قائلا أنه يريد لقاءك أولا , أنه في حالة سيئة فعلا".
" أعرف ذلك".
أجابت سوزان وهي تضغط في مودة على يد مدبرة المنزل مدركة أن السيدة ثرستون , وهذا أسمها , ورغم مرور عشرين سنة على بدء عملها مع جدها لا تستطيع حتى الآن أن تقبل رفض السير جايلز كريشتون لأي شيء يتعارض مع رغباته.
" جئت حين أستلمت رسالتك , كيف حاله ؟ هذا شيء غير متوقع , أذ بدا أخيرا وكأنه تعافى من النوبة السابقة".
توقفت سوزان عن الكلام حين رأت أن السيدة ثرستون تهز رأسها .
" هذه النوبة أسوأ بكثير من النوبة السابقة , لهذا يريد الطبيب كينغستون نقله الى المصح حيث سيخضع للأشراف المباشر , كنت معه حين أصيب بالنوبة القلبية وظنت أنه هالك لا محالة".
" أوه تريستي! لا بد أنك مررت بوقت عصيب معه , كان يجب علي الحضور فور أنتهائي من العمل في المسرحية , أي منذ أسبوع".
قالت السيدة ثرستون وهي تساعد سوزان على خلع معطفها , وأضافت:
" قضى السيد جايلز الأسبوعين الآخرين في لندن , وحين حاولت أن أذكره بنصائح الطبيب , كاد ينفجر غضبا , منذ ذلك الحين سكت لكنني أتساءل هل في أمكانه تجنب النوبة لو ألححت عليه في اللجوء الى الراحة؟".
" لا أعتقد ذلك يا عزيزتي ثرستي , لا داع للوم نفسك".
وتنهدت سوزان وهي تضيف:
" نعرف أصرار جدي على تنفيذ رغباته , ولكن ماذا فعل في لندن؟ هل ذكر السبب؟".
" كلا , ألا أنه ظهر في شكل مختلف , ربما كان للأمر علاقة ما بالسيد مارك".
" لا أعتقد ذلك".
قالت سوزان في هدوء وأضافت:
" برغم أملي أن يحقق ذلك , والآن من الأفضل الذهاب برؤيته".
صعدت سوزان درجات السلم المؤدي الى غرف نوم الطابق الأول ثم سارت في أتجاه بابي غرفة النوم , وحين أصبحت على مبعدة خطوات منهما , أنفتح البابان وظهر بينهما رجل أشيب الشعر بدا متعبا وقلقا ألا أن عينيه لمعتا حين رأها , ثم ألتفت الى الغرفة التي غادرها منذ قليل.
" كيف حاله يا عم أندرو؟".
" لا أسوأ ولا أحسن".
قال الطبيب في هدوء وأضاف:
" لا بد أن وصولك سيساعده , أعطيته مهدئا وأرجو ألا تدعيه ينفعل لأي سبب سأذهب الآن لتدبير سيارة الأسعاف".
ثم توجه نحو السلم.
كانت غرفة النوم دافئة , لهيب النار في الموقد القديم يرتفع , نظرت سوزان الى جدها المستلقي في فراشه , كان شاحبا جدا , لكنها حرصت ألا تظهر قلقها وهي تخطو بأتجاه الكرسي قرب السرير , جلست منتظرة أن يفتح هينيه ويراها , غير راغبة في إيقاظه , أخيرا فتح عينيه بدتا وكأنهما فقدتا بعض بريقهما السابق , نظر السيد جايلز اليها للحظة ثم قال:
" وأخيرا أنت هنا".
حاولت سوزان تجاهل لهجته التهكمية وتذكرت ما قالته السيدة ثرستون عن ذهابه يوميا الى لندن بدون أن يحاول الأتصال بها هناك , حاولت أيضا نسيان موقفه منها منذ ولادتها , لأنه أراد أن يكون المولود الأول صبيا , وبقي شعوره هكذا حتى بعد ولادة مارك.
أنحنت وطبعت قبلة على خده وهي تقول:
" أنا الى جانبك يا جدي , هل تحتاج شيئا؟".
" كلا يا طفلتي".
بدا وكأنه يبذل جهدا كبيرا ليتحدث , أغلق عينيه مرة أخرى وبقي صامتا , كان يسترجع قواه , ثم قال :
" هل سمعت شيئا عن مارك؟".
" كلا , لا شيء أبدا".
" ليس هذا مهما , أعرف أين هو".
" هل تعرف ذلك حقا ولم تخبرني من قبل؟".
" ها أنا أخبرك يا طفلتي".
قاطعها , فهدأ غضبها وهي تتذكر نصيحة الطبيب ألا تدعه يغضب , ثم أضاف:
" أكتشفت ذلك صدفة , أذ توجب علي الذهاب الى لندن وبعد تناول الغداء في النادي , جاء لاري فورسايث , هل تذكرينه؟".
" أعتقد ذلك".
أجابت سوزان في آلية وهي ما تزال مشغولة بالخبر الذي سمعته عن مارك , ثم سألت:
" هل كان ديبلوماسيا؟".
" نعم , ولا يزال , أنه يعمل في كولومبيا منذ سنوات , وقد ألتقى مارك هناك منذ ثلاثة أسابيع".
" في كولومبيا؟".
وسألت سوزان ثم قالت:
" أنه أمر لا يصدق , هل كان متأكدا من أنه مارك نفسه؟".
" طبعا كان متأكدا , عرفه فورا , وقد تعرّف عليه مارك أيضا , وهو يتناول العشاء مع مجموعة من الأصدقاء بينهم شخص اسمه أرفاليز , وكما يتذكر لاري فان أرفاليز هو أحد المحامين المشهورين في العاصمة الكولومبية بوغوتا".
" أتذكر أن لمارك صديقا يحمل هذا الأسم , كان معه في الجامعة , لكنني لم أعرف بأنه من كولومبيا كما لم أعرف بأنه صديق مقرب من مارك".
توقفت عن الكلام مدركة أن مارك لم يكن يخبرها كل شيء عن صداقاته وعلاقاته بالآخرين.


قطبت جبينها للحظة ثم سألت جدها .
" هل أخبرك فورسايث ما يفعله مارك هناك؟".
" كلا , لا بد أنه أفترض أنني ملم بالموضوع , هل تعتقدين بأنني مستعد لنقاش قضايانا الخاصة مع الآخرين؟".
ألتمعت عينا السيد جايلز مما دفع سوزان الى الأجابة بسرعة:
" كلا , كلا , كان سؤالا سخيفا , هل تحدّث اليه مارك في أي موضوع؟".
" كلا , لذلك سألتك أذا سمعت شيئا منه , ظننت أنه بعد أدراكه لمعرفتنا بمكانه , قد يكتب اليك".
سكت الجد ليستعيد أنفاسه , سوزان شاركته السكوت مستعيدة في الوقت نفسه بعض أحداث الماضي.
في الماضي أعترض الجد بعنف على أختيارها التمثيل , لم يستطع تقبل فكرة أختيار حفيدته التمثيل كمهنة ولكنه لم يكن جديا في أعتراضه , أذ فكر أن لا ضرر في أمتهانها التمثيل لحين عثورها على زوج ملائم , أما بالنسبة الى مارك , فقد كان الوضع مختلفا حيث خطط الجد لمستقبل مارك بدون الأخذ في الأعتبار شغف مارك بدراسة الجيولوجيا ومن ثم رغبته في مواصلة دراسته الجامعية , أعتقد الجد أن دراسة الجيولوجيا لم تكن غير رغبة صبيانية وأن مارك سيتخلى عن الفكرة , ألا أن مارك أثبت عكس ذلك وتخرج ليبحث عن عمل له كجيولوجي.
وهكذا بدأت المعركة الحقيقية بين الأثنين وشهدت سوزان ذروة الخصام حين جاءت لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع العائلة ولم تستطع التدخل بين الأثنين وكانا على وشك تمزيق أحدهما للآخر.
حدثت المواجهة بينهما مساء يوم أحد أثناء تناولهم وجبة العشاء , نظرت سوزان اليهما وفكرت أن المشكلة الحقيقية تكمن في أنهما يتشابهان , حيث أن كلا منهما يعتقد أنه المحق دائما وأن لا وجود لأي وجهة نظر أخرى , جلست سوزان بينهما مقاومة رغبة ملحة في وضع يديها على أذنيها لتصمهما عن سماع الأتهامات المتبادلة , بلا توقف , بين الأثنين.
" ستكون مسؤولا , هل تسمعني ؟ ما الذي تتوقعه غير منصب بائس في جامعة تتسول الصدقات قاضيا عطلاتك كدليل لعجائز في رحلات تجمع فيها الأحجار , هل هذا المستقبل الملائم لشخص ينتمي الى عائلة كريشتون؟".
" أنت تثير فيّ التقزز , أنت وأفقك الضيق وعدم أقرارك لما يفعله الآخرون , هل تعرف ما هو الراتب الذي يتقضاه جيولوجي من الدرجة الأولى يعمل في أحدى شركات النفط؟".
" هل تظن أنك جيولوجي من الدرجة الأولى؟".
ضحك السير جايلز بسخرية وأضاف:
" يتطلب الأمر سنوات لتصبح كذلك وأظن أنك ستعود الى هنا بعد عام لتستجدي مصروفك اليومي , حينئذ ستسمع أي جواب ستتلقى".
شحب مارك لدى سماعه هذه الكلمات ثم حدّق في وجه جده وقال في صوت واضح:
" أذا ما عدت في يوم ما , فسأكون غنيا , سأملك من المال ما يكفي لجعلك تبتلع كل كلمة قلتها الآن . لن أعود ما لم أحقق ذلك".
ترك مارك الغرفة وتبعته سوزان طالبة منه العودة لكنه نظر اليها وكأنه لا يستطيع رؤيتها , قالت له أخيرا:
" مارك , أنه رجل عجوز , يجب عليك معاملته بطريقة أخرى , لا تتركه أرجوك".
" هل يبيح له التقدم في العمر الحق في أن يدوس على رغبات الآخرين؟ منذ وفاة الوالد والوالدة ونحن نعاني من تعسفه , أعتقد أنني نلت الكفاية حتى الآن ولا أرغب في مواصلة ذلك طوال حياتي , يعتقد أن المال غير موجود في أي مدينة عدا لندن , سأحاول جهدي أن أثبت عكس ذلك".
ثم قال لها:
" سأعود ذات يوم يا سوزان , فلا تقلقي".
بعد أسبوع , عانى الجد من نوبته القلبية الأولى , كتبت سوزان الى مارك تخبره بما حدث , ثم حاولت الأتصال به لكنها لم تستطع العثور عليه في أي مكان , فقد أخلى شقته وأختفى , أتصلت بأصدقائه ولم ييجبها أحد بشكل واضح , منذ ذلك الوقت والأسرة في أنتظار سماع أي شيء عن مارك , وها هو جدّها , بعد ستة أشهر من أختفاء مارك , يخبرها أنه موجود في كولومبيا.
نظرت مرة أخرى الى وجه جدها , وذعرت للجفاف الذي كساه , كم يبدو متعبا ومريضا.... هل صحيح أنه في طريقه الى النهاية؟ لم يقترح العم أندرو من قبل , نقله الى المصح , لا بد أن حالته خطيرة في هذه المرة , لجأت الى الصمت وأنتظرت.



شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


كان يا ماكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-11, 06:10 PM   #4

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

قال الجد فجأة :
" كنت على وشك الذهاب لأعادته , أعددت كل شيء للسفر , ستجدين كل شيء في درج مكتبي تذكرة السفر وحجز غرفة خاصة في فندق بوغوتا , خططت للذهاب الأسبوع المقبل الآن عليك الذهاب بدلا مني ".
للحظات ظنت سوزان أنها لم تسمع جيدا ما قاله , لكنه كرر ما قاله وأضاف:
" نعم عليك الذهاب يا سوزان , أنها الطريقة الوحيدة لأعادة مارك اليّ قبل فوات الأوان".
كانت سوزان تخبر الطبيب كينغستون بكل ما جرى لها في لقائها مع جدها المريض.
قال كينغستون بغضب:
" هذا أسخف شيء سمعته في حياتي , أنك لا تعنين ما تقولين فعلا؟".
أجابت سوزان بصوت متعب:
" هل لديّ خيار آخر ؟ أخبرتني كم هو مريض وأنه معرض للأصابة بنوبة أخرى في أي لحظة..... أنه يريد رؤية مارك قبل أن يموت وسأحاول تحقيق رغبته , ثم أن مارك وريثه ومن حقه رؤيته".
هز الطبيب كينغستون رأسه في يأس , كانا في مكتبه الخاص في مصح موردانت حيث نقل الجد منذ نصف ساعة فقط.
رافقت سوزان جدها الى غرفته لتتمنى له ليلة سعيدة , لكنه كان تحت تأثير المهدىء , لم يتعرف عليها , كل ما قاله كان :
" يا طفلتي العزيزة".
ثم صمت.
قالت سوزان:
" كل شيء مهيأ , حتى أنني حصلت على موعد , غدا , لأجراء التلقيحات المطلوبة , جوازي معد أيضا ولا أحتاج الى أية تأشيرة سفر لأنني لا أتوقع البقاء أكثر من ثلاثة أشهر".
قطب الطبيب كينغستون وقال:
" عزيزتي , أنه أسوأ شيء يمكن أن يحدث لفتاة جميلة مثلك , ما الذي كان جايلز يفكر فيه حين قرر أرسالك وحدك الى أميركا الجنوبية؟".
قالت في هدوء:
" كان يفكر في أعادة مارك".
ساد بينهما الصمت وأنشغل كل منهما بأفكاره الخاصة , تذكر كينغستون المقالة التي كتبها في أحدى صحف الأحد عن سوزان وكيف أن الكاتب وصفها بأنها فتاة المسرح الجليدية , ولعل الكاتب نسي أن ينظر الى عينيها وأن يحدس أية مشاعر يمكن يخفيها هذا الوجه المحاط بشعر أشقر وطويل.
قال كينغستون موجها سؤاله اليها:
" ولكن ماذا عن عملك ؟ المسرحية التي تمثلين فيها والبرنامج التلفزيوني؟".
ابتسمت سوزان وهي تجيب :
" انتهت المسرحية كما أنني أنهيت البرنامج التلفزيوني , قدم الي وكيلي الفني بعض العروض ألا أنها ليست مهمة جدا , أطمئن من الناحية العملية ليس هناك ما يؤخر ذهابي الى كولومبيا , كما أنني أفكر بعطلة أرتاح فيها من الشتاء الأنكليزي".
" أطمئني من هذه الناحية , فالجو هناك مختلف تماما".
" لن أتراجع عن وعدي الذي قطعته لجدي , خاصة أنك حذرتني من مخاطر تعريضه للغضب , أعتقد أنه الوقت الملائم لكليهما لأنهاء هذا الخصام السخيف بينهما , أنا متأكدة بأن مارك سيعود معي حالما يعرف خطورة حالة جدي".
سأل كينغستون :
" ولكن هل يتوجب عليك الذهاب بنفسك؟ أليس في مستطاع فورسايث القيام بذلك؟".
تنهدت سوزان وقالت:
" ألا ترى أن جدي يرفض تدخل أي شخص غريب في شؤوننا العائلية الخاصة , أنك الوحيد المطّلع على ما يجري بين أفراد العائلة , وكل شيء مهيأ لسفري , كل ما عليّ عمله هو معرفة مكان عائلة أرفاليز , ثم أقناع مارك بالعودة , هذا أذا أراد رؤية الجد حيا , أعتقد أن بقائي في العاصمة سيكون قصيرا".
أومأ الطبيب كينغستون برأسه بينما واصل تحريك قلمه في هدوء , ثم قال:
" يا طفلتي العزيزة , ما الذي تحاولين أثباته؟".
رأى تغير لونها وسمعها تقول:
" ليس من العدل أن تقول ذلك".
" أنها الحقيقة يا سوزان , أجيبيني".
نهضت سوزان عن كرسيها وسارت في أتجاه النافذة لتحدق في الظلام , قالت:
" هل تعرف أن الثلج لم يتوقف عن السقوط".
ثم أضافت بنبرة مختلفة:
" ألا تدرك كم هو مهم بالنسبة اليّ ؟ أنها المرة الأولى التي يطلب فيها مني تنفيذ شيء له , كان هو الشخص الواهب دائما ولم يتوقع , مقابل ذلك , أي شيء مني لأنني ببساطة , فتاة".
" لكنه فخور بك , وها أنت تثبتين أهميتك على المسرح , لا بد أن ذلك أمر يفرحه".
" أعتقد جدي دائما أن للمرأة مكانا واحدا هو البيت وليس المسرح , وأن مهمتنا الأساسية هي الزواج وأنجاب الأطفال , ومن الأفضل أن يكونوا ذكورا".
" سوزان , ما تقولينه مجرد هراء".
" كلا , أنها الحقيقة, وكلانا يعرفها , لقد غفر منذ فترة طويلة لأنني أمرأة , ألا أنه لم ينس ذلك , والفرصة الوحيدة هي المتاحة الآن لأرد له بعض فضله عليّ , أنني في حاجة اليه , والى أمتنانه , وهذا ما لن أحصل عليه أذا لم أساعده في أعادة مارك , وأنا بحاجة الى مساعدتك لأعطائي حقن التلقيح الضرورية بدلا من الطبيب الآخر , تعرف كم أخاف من حقني بالأبر".
لم يبق أمام الطبيب كينغستون غير القبول بالأمر.
" أذا كان هذا قرارك الأخير , لم يبق أمامي سوى تنفيذ ما تطلبين".

أراحت سوزان رأسها المتعب على زجاج نافذة التاكسي وحدقت في المطر المتساقط بغزارة وتمنت لو أنها بقيت فترة أطول في الفندق لتأخذ قسطا أوفر من الراحة , لكن لم تبق غير فترة قصيرة سجلت فيها أسمها , تركت حقائبها في الغرفة ثم طلبت من كاتب الأستقبال عنوان السنيور أرفاليز , ولدهشتها تم تنفيذ كل ذلك في دقائق , حيث أعطى الكاتب العنوان الى أحد السائقين وطلب منه أيصال السيدة , لاحظت سوزان بيوت ضواحي بوغوتا الضخمة وأحست برعشة برد تسري في جسمها برغم أرتدائها بدلة من الصوف الناعم ذات لون يناسب بشرتها , لا بد أن لأختلاف مناخ بوغوتا عن مناخات بقية مدن أميركا اللاتينية علاقة بأرتفاع المدينة ثمانية آلاف قدم عن مستوى سطح البحر , تذكرت كيف مرّ الأسبوع السابق لسفرها في سرعة , قضت معظم الوقت في زيارة جدها وأعداد حقائبها , وهكذا لم تجد فرصة ساعة للقراءة عن بوغوتا وأحوال العيش فيها.
وكما توقعت , فحالما أستعاد جدها وعيه في اليوم التالي وعلم أن صحته أفضل , طلب منها الغاء السفر لأنه يود القيام به بنفسه فيما بعد , ولم يتراجع عن قراره ألا بعد أن أخبره الطبيب كينغستون أن شفاءه يتطلب أشهرا عدة , وحتى بعد سماعه ذلك , بقي متحفظا لفكرة سفر سوزان , وحذّرها قائلا:
" أن المجتمع في كولومبيا محافظ حيث للمرأة مهمة تعرفها وتحافظ عليها".
" ألم أفعل الشيء ذاته دائما".
تساءلت سوزان في لهجة متهكمة:
" أنك فتاة طيبة , إلا أنك جميلة جدا أيضا , وأنت مقدمة على الأختلاط بمجتمع رجال مختلفون , هل فكرت في ذلك جيدا؟".
أجابت سوزان:
" أعتقدت دائما أنهم يهتمون بالذهب أكثر من الأنتصارات العاطفية , ثم أنني قادرة على الأهتمام بنفسي خاصة وأنني أعمل في المسرح , ويطلقون عليّ لقب (افتاة الجيليدية)".
" هراء , أليس لكاتب المقالة علاقة بك ؟ ما الذي حدث , هل تخاصمتما؟".
سكتت سوزان للحظة , لم يكن في مستطاعها أخبار جدها العزيز الحقيقة , حقيقة أن لي , كاتب المقالة , وبعد أن أكتشف فشله في أغوائها , أطلق عليها ذلك اللقب , تذكرت كم كانت فخورة بصداقته وخاصة أنه كان من نقاد المسرح اللامعين , ثم كيف تطورت علاقتهما الى حد أصبحت معه ضرورة يومية وكيف أنه قبل بشروطها بعد أن أدرك أنها لن توافق على كل ما يريده منها ما لم يوهمها بحبه وتعلقه بها , وقد صدّقت اللعبة ودعته لزيارة جدها , صحيح أن جدها تصرف بطريقة مهذبة وأبدى أهتمامه به , غير أنه لم يستطع أخفاء مشاعره الحقيقية وعدم موافقته على علاقتها به, علّلت سوزان نفسها بأنهما في حاجة الى وقت أطول ليفهم كل منهما الآخر خاصة وأنهما ينتميان الى جيلين مختلفين تماما , ثم حدثت الصدمة الكبرى حين دعاها لزيارة عائلته وفرحت هي لذلك , ألا أنه قضى نصف النهار يسوق السيارة في طريق مجهولة وأخيرا وصلا الى كوخ ريفي ناء لا يسكنه أحد , وحين واجهته بأتهاماتها , أعتذر وبرر الخطأ بسوء التوقيت , ألا أنها ومنذ تلك اللحظة فقدت ثقتها به ولم تعد تفكر فيه كأنسان محترم , ظهرت مقالة ( الفتاة الجليدية ) بعد أسبوعين من تلك الحادثة , صحيح أنه حاول جهده بجعل المقالة موضوعية , غير أنه أستخدمها بذكاء في مهاجمتها وأتهامها بالسذاجة والضحالة.
" نعم , لقد تخاصمنا".
" حسنا , لا أعتقد أنه خسارة كبيرة , لسبب ما لم أستطع تقبل وجوده".
أومأت برأسها في صمت وشعور بالعزلة يجتاحها.
تظاهرت في الأسابيع التالية أنها تفضل البقاء وحيدة وأقنعت نفسها بموقفها من لي مفضّلة الأعتزال على أن ترضخ لمطالبه التي لم تستسغها , ولجأت في وحدتها الى الجد ومارك , ولكن ما حدث بعد ذلك بين مارك والجد أدى الى زيادة عزلتها.
حاولت سوزان التخلص من هذا الماضي كله من خلال نظرة متفحصة على مسار السيارة , بدا وكأن الأسلوب المعماري في شوارع المدينة خليط من ناطحات السحاب وأبنية تشير الى الطراز الأسباني القديم , أضافة الى أقواس وأعمدة الكنائس , قررت بأنه مكان مثير للأهتمام ومن المؤسف أنها لن تستطع البقاء فترة أطول وأملت في المكوث فترة ما , بعد العثور على مارك وأقناعه بالعودة الى بريطانيا.
بدأت المشاهد تتغير كلما ابتعدت السيارة عن المناطق التجارية في أتجاه الأحياء السكنية , لم يكن هناك ما يدل على الفقر بل العكس فأن البيوت وحدائقها الجميلة عكست هدوء ورخاء المنطقة , وأيقنت أن عائلة أرفاليز تنتمي الى هذا العالم الغني , حين توقفت السيارة أمام أحد البيوت.
طلبت من السائق أنتظارها وتقدمت لترق الباب , كان البيت جميلا له سقف منخفض تحيط به النباتات المتسلقة وأزدهرت الورود على جانبي الممر المؤدي الى الباب الأمامي , تمنت لو أن مارك موجود هنا كي تستطيع العودة معه حالا ما دام التاكسي في الأنتظار.






أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-11, 09:48 PM   #5

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

فتحت الباب أمرأة ضخمة ترتدي فستانا أسود مغطى بصدرية بيضاء , نظرت الى سوزان في أرتيب , تذكرت ما قرأته في كتاب ( تعلم اللغة الأسبانية ) وسألتها عما أذا كان في أمكانها التحدث الى السنيور أرفاليز.
صمتت للحظة حين رأت الأستغراب المرتسم على وجه المرأة لكنها فتحت الباب لها لتدخل , ثم قادتها عبر صالة كبيرة الى غرفة الأستقبال حيث طلبت منها الأنتظار.
كانت الغرفة مؤثثة في شكل فاخر ومريح , ألا أنها شعرت بالقلق ولم ترغب بالجلوس بل بقيت واقفة في أنتظار رؤية السنيور , أضافة الى ذلك فأنها شعرت بصداعها يزداد سوءا.
( أنني حمقاء ) قالت لنفسها , كان علي البقاء فترة أطول في الفندق لأتناول شيئا من الطعام ولأتناول قسطا من الراحة , لكن فكرة تناول أي طعام , برغم جوعها , لم تبد مستساغة لها وشعرت بأمتنان غريب حين أنفتح الباب أخيرا.
دخلت الغرفة أمرأة قصيرة القامة , تبعتها شابة تشبهها الى حد أنهما بدتا لسوزان أما وأبنتها , رغم أختلاف الملابس , حيث أختارت الشابة ملابس ثمينة وبسيطة بينما فضلت الأم أظهار غناها بأرتدائها فستانا أسود زاد من بريق العقد الماسي والخواتم التي أرتدتها , تقدمت الفتاة خطوة الى الأمام لتقول في لغة أنكليزية متعثرة:
" والدي غير موجود في البيت الآن لذلك ترجو والدتي أن تكون قادرة على مساعدتك , أنها لا تعرف اللغة الأنكليزية , والآن كيف نستطيع مستعدتك يا سنيورا؟".
" أسمي سوزان كريشتون , كنت آمل العثور على أخي هنا أو ربما تساعدونني في العثور عليه".
توقفت سوزان لتعطي الفتاة فرصة ترجمة ما ذكرته للسبيورا , ثم تقدمت سنيورا أرفاليز نحوها ورجبت بها , لم تفهم سوزان كلمة واحدة مما قالته السنيورا ألا أنها أدركت ترحيبها بوجودها بينهم , وأبتسمت أستجابة لذلك.
تقدمت الفتاة وقالت:
" أنت أذن أخت ماركوز , أنا أيزابيل , ربما ذكر اسمي أمامك من قبل".
" لم ي1كر مارك أي شيء لأنني لم أسمع عنه منذ أشهر , لذلك جئت للبحث عنه لأن جدنا مريض جدا ويود رؤيته".
بدت أيزابيل في حيرة:
" ولكنه ليس هنا , لقد غادرنا منذ ثلاثة أسابيع ليعود الى بريطانيا , ألم يعد بعد؟".
شعرت سوزان بالحزن ينتابها , أذن سفرتها كانت عبثا , ربما عاد مارك فعلا الى بريطانيا في الوقت الذي جاءت فيه الى هنا , ربما عاد لرؤية الجد وهو معه الآن.
" تبدين شاحبة يا سنيوريتا".
ألحّت أيزابيل , وطلبت منها الجلوس , سرت سوزان للدعوة لأنها أحست بأن ساقيها تخذلانها , سألت سوزان:
" لكنه كان معكم!".
" نعم , جاء مع ميغيل لأنه يحب دعوة أصدقائه الى البيت".
" ربما كان ميغيل على معرفة بمكان مارك , هل أستطيع التحدث اليه؟".
" أنه ليس هنا , ذهب الى كارتاغينا للبقاء مع عائلة خطيبته".
تدخلت الأم في حديثهما طالبة من أيزابيل توضيح الموضوع لها , وأثناء قيام أيزابيل بالترجمة , بقيت سوزان صامتة تفكر بما ستفعله فيما بعد.
أفترضت سوزان أن عليها الأتصال بالمصح لتسأل عن صحة جدها وعن وصول مارك , ربما كانت هناك طريقة تستعلم من خلالها أذا كان مارك قد ترك البلاد فعلا , عليها أن تلتقي بارفاليز لتسأله عن أي أقتراح آخر.
رفعت رأسها فأذا بها تشعر بدوار غريب مما دفع الأم للسؤال عما بها وهرعت أيزابيل الى جانبها.
" ماذا جرى ؟".
" أعتقد أنني سأتقيأ".
كانت الساعات التالية كابوسا متواصلا عاشته سوزان , تذكرت كيف نقلت الى غرفة النوم في الطابق العلوي , ثم ساعدتها فتاة أسمها دولوريس على خلع ملابسها ووضعت أناء كبيرا قربها , واصلت سوزان التقيؤ فيه بينما أعدت دولوريس كمادات باردة وضعتها على جبينها.
أرادت سوزان التعبير عن أمتنانها لدولوريس لكنها أيقنت عبث المحاولة , فكلما حاولت رفع رأسها عن الوسادة أنتابتها الحالة نفسها من جديد , الى أن أستسلمت أخيرا لنوم عميق.
حين فتحت سوزان عينيها أخيرا كان الظلام سائدا , تحركت في فراشها بهدوء خوفا من أن تتقيأ , ألا أنها شعرت بتحسن كبير حالما جلست فتحت أيزابيل الباب:
" أستيقظت؟ هل تشعرين بالتحسن وهل تريدين التحدث الى والدي؟".
أومأت سوزان رأسها بالموافقة وقالت :
" آسفة لأنني سببت لكم كل هذه المتاعب".
" لم تسببي أية متاعب لنا , أنه الأرتفاع عن مستوى سطح البحر , غالبا ما يعاني السواح من الظاهرة نفسها ألا أنهم يعتادون الجو بسرعة".
جلبت أيزابيل شالا واسعا ووضعته في عناية على كتفي سوزان وعادت لتفتح الباب لوالدها.
كان السنيور أرفاليز متوسط القامة , له وجه ذكي ومرح , حيّا سوزان ثم جلس على كرسي مجاور لسريرها , ألا أن ما أثار دهشة سوزان هو بقاء أيزابيل في الغرفة برغم عدم ضرورة ذلك .

بعد تبادل كلمات الترحيب العادية , أنتقل أرفاليز الى الموضوع الأساسي مباشرة:
" آسف لأننا لا نستطيع أخبارك شيئا جديدا عن أخيك , كل ما نعرفه هو أنه توجه عائدا الى بريطانيا".
ثم نظر الى سوزان في عطف وقال:
" صدقيني , أتمنى لو أستطعت مساعدتك , ألا أن مارك بقي هنا فترة قصيرة ثم غادرنا , زيارته كانت أقصر مما توقعنا وتمنينا , لأنه علم بذهاب ميغيل الى كارتاغينا".
" ألم يخبر مارك أحدا عن رغبته البقاء في كولومبيا؟".
" كلا , أثناء بقائه معنا , زار مع ميغيل أماكن عدة , أعتقد أنه شاهد ما يكفي في كولومبيا".
فكرت سوزان بضرورة العودة الى بريطانيا والأعتراف بفشلها ولكن ما الذي سيحدث لجدها؟ لا بد أن تفي بالوعد الذي قطعته على نفسها.
" ما رأيك في البقاء معنا لأيام يا سينيوريتا؟ نحن على أستعداد للترحيب بأخت ماركوز في بيتنا".
" ولكنني لا أستطيع البقاء فترة أطول , يكفي ما سببته من متاعب حتى الآن".
ثم تذكرت التاكسي الذي ينتظرها في الخارج , ضحك أرفاليز وأخبرها أنه دفع الأجرة كما أنه أتصل بالفندق ليطمئنهم.
حين أبتسمت سوزان لما ذكره عن قلق أصحاب الفنادق , قال أرفاليز :
" ألا تصدقين ذلك ؟ تذكري أنك في كولومبيا وليس في بريطانيا , في تاريخنا أحداث دموية وبعض الأحداث جرت مؤخرا , أعتقد أنه من الأفضل لك البقاء معنا وفي صحبة زوجتي وابنتي الى أن توصل الى معلومات أكثر عن ماركوز".
كانت لهجته حاسمة , فكرت سوزان أنها اللهجة ذاتها التي يستخدمها عادة أذا ما أسدى نصيحة غير مرغوبة الى أحد المتاجرين معه.
" حسم الأمر أذن".
نهض أرفاليز عن كرسيه , ثم قال :
" أستريحي يا سينيوريتا , وسنقوم بالترتيبات اللازمة , أما الآن فأن دولوريس ستجلب لك بعض الحساء".
حيّاها ثم غادر الغرفة تتبعه أيزابيل وقد أرتسم على وجهها يدل على تفكير وأنشغال.
كان الحساء لذيذا , أستغربت سوزان لشهيتها برغم مرور وقت قصير على تخلصها من آلام التقيؤ ,وحين سمعت أحدهم يطرق الباب , ظنت أنها دولوريس قادمة لتأخذ صينية الطعام , لكنها دهشت لرؤية أيزابيل بديلا منها.
أبدت أيزابيل أعجابها للسرعة التي أستعادت فيها سوزان صحتها , ثم جلست على الكرسي المجاور في وضع يدل على توترها وقلقها.
" هل كل شيء على ما يرام".
سألت سوزان مقاطعة تعداد أيزابيل للمتاحف والأماكن الممكنة زيارتها أثناء وجودها ي بوغوتا.
تساقطت دموع أيزابيل فجأة وهي تجيب:
" كلا , لا أدري ماذا أريد أن أقول".
" أخبريني أرجوك , وأعد بأنني لن أخبر أحدا ما ستقولين , هل تعرفين أين ذهب أخي؟".
" ربما , هذا كل ما أستطيع قوله , أنا على وشك أخبارك بشيء مخجل , أنني أحب أخي كثيرا لكنه أناني ولا يرغب في صحبتي , خاصة أذا جاء الى البيت مع أحد أصدقائه فأنه يأخذه مباشرة الى غرفته بعيدا عن الجميع , ولكنني لوجود باب يفصل بين غرفته وغرفتي , أستطيع سماع محادثاتهم وتعليقاتهم".
أحمر وجه أيزابيل بعد هذا الأعتراف ثم أكملت حديثها:
" أنني أشعر بالخجل لذلك الآن , لكنني أعتدت الضحك على ذلك من قبل لأعتقادي بأنني أشارك أخي مع أصدقائه أسرارهم".
" سمعت أذن حديثا خاصا بين بمارك وميغيل , أليس كذلك؟".
" نعم , وأدركت أن والدي سيغضب أذا علم بذلك حيث تحدث ميغيل عن أشياء محرمة".
" أشياء محرمة؟".
" الزمرد! حيث أن مناجم الزمرد في كولومبيا هي من أشهر المناجم في العالم وهي مصدر الثروة الوطنية للبلد , ولكن الأمر يتحول الى خسارة كبيرة أذا تم تهريب الزمرد خارج البلد , هل تفهمين ما أعني؟".
" تهريب؟ هل تعنين أن مارك وميغيل كانا يتحدثان عن تهريب الزمرد الى الخارج؟".
" نعم , وفهمت من حديث ميغيل أنه غالبا يقوم بذلك , أذا عرف والدي بالأمر فأنه سيغضب كثيرا لأن القانون بالنسبة الى والدي هو كل شيء وسيعتقد أن ميغيل بسلوكه هذا أساء الى كرامة العائلة".
" هل تعنين أن ميغيل أقترح على مارك العمل كمهرب؟".
" كلا , بدا وكأنه يحذره حيث أن عددا من الأشخاص مات بسبب الزمرد أنه عمل خطير , وأخبره بأنه يظن أن سلوكه جنوني ولكن ماركوز أجابه قائلا لن تظنني مجنونا أذا عدت ومعي لهيب ديابلو)".
سألت سوزان :
" ما هو لهيب ديابلو".
" أنها أسطورة سمعتها حين كنت طفلة , يقال أن في مكان ما في التلال الشمالية يوجد منجم يحوي من الزمرد ما يساوي الملايين , ويقال أيضا أن أي أنسان لم يعثر على هذا المنجم منذ أيام الدواردو , أي منذ عهد الأنسان الذهبي أثناء أعتاد تزيين نفسه بزمرد ديابلو".
" ديابلو , أذن , أسم مكان ما؟".
" نعم , وسمي كذلك لأنه مكان الشيطان , الكثيرون يبحثون عن منجم ديابلو والشعلة الخضراء المحترقة ألا أنهم لا يعودون , يقول والدي أن السبب بسيط فهو مكان خطر حيث الأرض زلقة والأنهار ذات تيارات خطيرة وهناك أسماك صغيرة بالملايين تستطيع ألتهام حصان وراكبه قبل أن يلفظ الراكب كلمة أخيرة , كما أن هناك نمورا قاتلة وثعابين كثيرة , أضافة الى كل هذا , هناك رجال أشرار , قد يكون كل هذا صحيحا ولكن التفسير الآخر للأسطورة هو حراسة المنجم من قبل رموز غامضة".
ورغم كل ما حاولت سوزان التظاهر به من رباطة جأش , فأن رعشة خوف سرت في جسمها كله , كان من السهل القول أن ما ذكرته أيزابيل مجرد هراء لو أنها سمعت ذلك في بريطانيا , ولكن , في هذه المنطقة النائية وحيث الكل يعتقد بالأساطير لم يكن سهلا عليها تجاهل خطورة ما أقدم عليه شقيقها.
سألت سوزان:
" وأنت تعتقدين أن مارك ذهب الى ذلك المكان المخيف؟".
" في البداية ظننت أنه أهمل الفكرة لأن أخي نصحه كثيرا , أما لدى سماعي ما قلت عن عدم عودته الى بريطانيا , فأظن بأنه نفذ ما تحدث عنه , كما أعتقد بأنه أخبر ميغيل عن عودته الى بريطانيا ليريحه وكي لا يدفعه للشعور بالندم لأنه أخبره بالأسطورة , أعتقد أنه لم يتبادر الى ذهن ميغيل أن مارك سيصدقها".
" مارك جيولوجي ولا بد أنه يعتقد , أذا كان المنجم موجودا , فمن المحتمل أن يعثر عليه".
ثم خاطبت نفسها قائلة:
" هذا أذا لم يمت قبل ذلك , غرقا أو قتلا أو سقوطا من حافة جبل , ألم تقرأي في مكان ما عن وجود عصابات تهاجم المارة في الطريق المهجورة؟".
" ما الذي ستفعلينه سنيوريتا؟".
" لا أدري".
قالت سوزان في عجز ثم أضافت:
" أنه ليس لدينا ما يثبت ذهاب مارك أو الجهة التي توجه اليها برغم أحتمال ذهابه الى المنجم".
صمتت سوزان لحظة لتتذكر كلماته التي وجّهها الى الجد:
" أذا عدت ذات يوم فأنني سأكون غنيا وسيكون لدي من النقود ما يكفي لجعلك تبتلع كل كلمة تلفظت بها , لن أعود ما لم أحصل على ذلك؟".
لا بد أن مارك ومن خلال ميغيل عرف بوجود منجم الزمرد الذي سيحقق أمانيه , ومن خلاله أيضا عرف كيفية تهريب الزمرد أذا عثر عليه , أنها تعرف عناد مارك وتعرف أيضا أن ذلك صفة متوارثة في العائلة.
أبتسمت سوزان لتطمئن أيزابيل , ثم قالت:
" علي أن أعود الآن الى بريطانيا , أذ لا فائدة من بقائي , وفي أي حال , ربما عاد مارك الى هناك وما نتحدث عنه الآن هو مجرد وهم , كما أنني سأبلغ السلطات المحلية عن أختفاء مارك كي تبحث عنه , عدا هذا , لا أعتقد أن في أمكاني القيام بأي شيء آخر".
وافقتها أيزابيل ولكن سوزان كادت أن تضعف وتخبرها بحقيقة نيّتها في التوجه بنفسها , صباح اليوم التالي الى ديابلو , لكنها تحكمت في مشاعرها خاصة وهي تعلم مقدار خوف أيزابيل من والدها , الأمر الذي يدفعها للبوح بما ستقدم عليه.
أقنعت سوزان نفسها أن ما تفعله هو الشيء الصحيح , وذلك لتجنب عائلة أرفاليز القلق عليها وعلى أخيها , لكنها كانت مقتنعة في أعماقها أن هذا ليس الحقيقة كلها وأنها هي الأخرى تحمل عناد العائلة المتوارث بين عواطفها.
أنا ذاهبة الى ديابلو , أسرّت لنفسها , حتى لو تطلّب الأمر مواجهة الشيطان نفسه.







أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-11, 09:50 PM   #6

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

2- يتحرك في الظلام


أستدار الباص بسرعة كادت أن تدفع سوزان عن مقعدها , ألا أنها سيطرت على نفسها , وكبحت رغبتها في الصراخ , لاحظت أن الركاب معتادون على منعطفات الطريق , حيث واصلت أمرأة هندية تغذية طفلها بدون أن تتأثر بما جرى , نظرت سوزان الى تمثال العذراء الصغير والمثبت أمام السائق , كما لاحظت أن الركاب والسائق يرسمون أشارة الصليب على صدورهم كلما أنحرف الباص أو كلما أقتربوا من منحدر خطير وشعرت بالتعاطف معهم , ألا أنها لم تستطع منع نفسها من التمني أن يحاول السائق السيطرة على المقود بيديه الأثنتين.
أدركت الآن لماذا حدّق كاتب الفندق , برعب , في وجهها حين سألته عن الباص , وكيف نصحها بأستئجار سيارة بدلا من ذلك , ألا أنها لم تستمع لنصيحته مفضلة أستخدام وسيلة عامة للنقل وحريصة في الوقت نفسه على عدم تبذير نقودها , أرادت في البداية أستئجار سيارة لتقودها بنفسها ألا أن مشاهدتها لسلوك سائقي السيارات جعلها تدرك صواب أختيارها الأخير.
كانت النافذة المجاورة لمقعدها مغطاة بالغبار ألا أنها لم تتضايق بل شعرت بالأرتياح لأن ذلك منعها من مشاهدة بعض الوديان العميقة والمثيرة للخوف , أضافة الى الأفاعي المنتشرة في الطرق.
أي رحلة هذه؟ أنها جنون مطلق , ما الذي تفعله هنا , في باص يقوده سائق نصف مجنون ,ويحتل مقاعده ركاب يحملون أعدادا من الدجاج والعنزات ؟ تذكرت نظرات الرعب في عيني كاتب أستقبال الفندق حين طلبت منه أن يدلها الى الباص المسافر الى ديابلو , وأكثر الطرق سهولة , حاول جهده أن يثنيها عن عزمها محاولا أقناعها بأن تلك المنطقة لا تصلح لزيارة السيدات , ثم حاول أقناعها بأستئجار سيارة خاصة حيث ستكون على الأقل , تحت حماية سائق السيارة , ألا أن الملاحظة الأخيرة وما فيها من أشارة الى ضعف المرأة جعلها ترفض الأقتراح .
" في أستطاعتي الأهتمام بنفسي , شكرا سنيور".
أجابت سوزان بوضوح وبرود.
كانت لحظة سادها التوتر ألا أنه أقتنع بأنها مجنونة , ورأت ذلك الأقتناع مرتسما على وجهه حين أستدار ليتحدث مع زائر آخر , وها هي الآن توافقه على فكرته حيث أنها لم تجلس من قبل في مقعد غير مريح كهذا وتخيّلت أن الباص تنقصه النوابض والمعدات الأخرى , قررت بأنها أذا ما قدّر لها أتمام الرحلة فأنها ستكون بالتأكيد مقعدة نتيجة الأهتزاز الذي تعرضت له.
أقنعت سوزان عائلة أرفاليز بوجوب عودتها الى بريطانيا للبحث عن مارك هناك , فشعرت أيزابيل بخيبة أمل لأنها لم تبق معهم لأيام أخرى , ألا أن سوزان لمست نبرة الأرتياح في صوتي السيد والسيدة أرفاليز لقرارها بالسفر , لعلها كانت تتخيل ذلك خاصة وأنهم كانوا يرغبون في بقائها معهم فترة قصيرة من الوقت , ألا أنها لا تستطيع نسيان ضيافتهم وكرمهم أتجاهها.
أحاطت سوزان شعرها الطويل الأشقر بمنديل ملون , وضعت نظارات شمسية كبيرة غطت نصف وجهها , ألا أن هذا كله لم يمنع بقية الركاب من مراقبتها وخاصة لأختلاف بشرتها البيضاء عنهم , وأيقنت من نظراتهم أن قلة من السواح يأتون الى هذه الجهة من البلاد وخاصة النساء منهم.
تساءلت عما أذا كان مارك قد سلك الطريق نفسها قبلها , وحاولت ألقاء بعض الأسئلة على السائق قبل بدء الرحلة , ألا أنه نظر اليها بتذمر جعلها تتوقف عن الكلام.
بدا وكأن الباص ينحدر ببطء ,مما دفع سوزان الى النظر خلال النافذة , فرأت مجموعة أبنية مما دفعها الى الأعتقاد بأنهم وصلوا الى أسانكيثين , لم تر سوزان أي أختلاف بينها وبين بقية التجمعات السكنية الصغيرة التي مروا بها من قبل , أستخدم سائق الباص مزماره ليبعد بعض الأطفال والكبار عن وسط الشارع ثم أستدار بأتجاه ساحة كبيرة.
كانت الساحة مختلفة حيث بذل المعنيون بعض الجهد لطلاء الجدران وأنشاء سوق محلي , لا بد أن السوق هو الموقف النهائي لبيع الدجاج والعنزات , حيث ترجل أصحابها هناك.
واصل الباص , بعد ذلك , مساره ليتوقف أمام بناية أدركت سوزان فيما بعد أنها فندق أسانكشن الوحيد , نظرت الى جدرانه القديمة والى طلاّئها المتساقط , فكرت بأنها منحت الخيار لما أختارت هذا المكان للمبيت ولو لليلة واحدة , ولكن أي خيار أمامها الآن ؟ ثم أن هناك أحتمالا بأن مارك قضى بعض الوقت فيه سيمنحها فرصة لمعرفة أخبار أكثر عنه.
كان مكتب الأستقبال خاليا فوضعت حقيبة ملابسها الصغيرة جانبا وأنتظرت قليلا قبل أن تقرع الجرس الموضوع على المكتب , ما أن فعلت ذلك حتى سمعت صوت ضحك عال ينطلق من مكان قريب ما جعلها تشعر بخوف غريب.
( أتمنى لو أشاركهم سماع النكتة).
قالت سوزان لنفسها ببطء , حينئذ فتح الباب الواثع خلف المكتب وتوقف لوهلة وألقى ملاحظة أخيرة باللغة الأسبانية مما دفع الموجودين في الغرفة الى الضحك من جديد , أحس بوجود سوزان خلفه فتغيّر التعبير الضاحك على وجهه الى دهشة وصاح:
" سنيورتا".
كانت لهجته مؤدبة ألا أن سوزان شعرت بالحرج لنظراته المتفحصة والدّالة على عدم الأرتياح لوجودها.
سحبت كتاب تعليم اللغة الأسبانية وحاولت أفهامه رغبتها في قضاء ليلة في الفندق , ألا أن قال:
" أنني أتكلم بعض الأنكليزية , هل أنت أنكليزية؟".
" نعم".
شعرت بالراحة لأنها لم تضطر لأستخدام كتابها المعقد.
" أنني أحاول تعقّب أنكليزي آخر , أنه أخي".
أضافت بسرعة لدافع لم تفهمه تماما.
" هل قدم هذا الأخ , الى أسانكشن؟".
قال الرجل وراقبها بصمت.
" لست متأكدة , أظن ذلك".
تردد الرجل قليلا ثم جذب سجل أسماء نزلاء الفندق ووضعه أمامها.
" أنظري بنفسك يا سنيوريتا ليس هناك أي أنكليزي عداك".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-11, 09:53 PM   #7

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

تفحصت سوزان قائمة الأسماء معتقدة بأن مارك ربما لجأ الى تغيير أسمه , ألا أنها ظنت بأنه لن يغير توقيعه , تفحصت ذلك أيضا ولم تجد أي كتابة مماثلة لخط يد أخيها مما دفعها للأحساس بالمرض لشدة يأسها.
" لا يأتي السواح الى هذه المنطقة عادة يا سنيوريتا".
كان على وشك مغادرة المكتب حين سألته:
" هل أستطيع حجز غرفة لليلة واحدة ؟ كما أنني بحاجة الى دليل , أريد أن أستأجر دليلا أذا أمكن".
" سنيوريتا , أنني لا أسمح ببقاء نسوة وحيدات في فندقي".
شعرت سوزان بضعف لم تشعر بمثله من قبل في حياتها , ألا أنها حاولت أستجماع شجاعتها فقالت:
" بما أن هذا هو الفندق الوحيد فأنني أرجو أن تستثنيني من قاعدتك لهذه الليلة ألا أذا أستطعت أن توفر لي دليلا في الحال".
" وأين تريدين أن يأخذك الدليل؟ هذا أذا أفترضنا وجود مثل هذا الشخص".
" أريد الذهاب الى ديابلو".
قالت بسرعة.
وكما لو أنها صفعت الرجل فجأة وبقوة , تراجع الى الوراء بسرعة وبدا كأن فكه السفلي قد تحركت من مكانها.
" هذا مستحيل يا سنيورتيا , أين عائلتك ومن هم أصدقاؤك الذين وافقوك على هذه المغامرة المجنونة؟".
قطبت سوزان جبينها وغادرها كل حس بالواقع , ولكن قد يكون هذا بسبب التأثير الذي كان دافعه تراكم الأحداث التي جرت لها في الأيام الأخيرة , ألا أنها قررت أن تواصل القيام بدورها الذي بدا أسهل من محاولة أقناع الآخرين بصحة ما تقوم به.
كانت خائفة ومذعورة ألا أنها لم تظهر أي جانب من مشاعرها .
" أنه أمر جيد أن تبدي قلقك يا سنيور , ألا أنه أمر غير ضوري , فأنا قادرة على الأهتمام بنفسي كما أنني لست بحاجة لأحكامك بصدد أفعالي وخياراتي".
لم تقل الكثير ألا أنها أملت أن تكون كلماتها قد أثرت , ففي موقف كهذا فأن عليها أن تزن كلماتها بدقة وحذر.
نظرت الى صاحب الفندق وشعرت بأنه لم يعد واثقا من نفسه بل بدا مترددا كأنه أدرك بأنه يتحدث مع فتاة مختلفة وأحس بشيء جديد في حديثه معها , أرادت سوزان أن تبتسم لتلك الأفكار ألا أنها أدركت خطأ ذلك وعمقت التعبير الهادىء على وجهها .
" لا بد من وجود شخص يعرف هذه المنطقة جيدا , لا يتوجب عليك الشعور بالمسؤولية أتجاه ما أقوم به , عرفني به فقط وسأتكفل أنا بالباقي".
نظر اليها الرجل لفترة ثم هز كتفيه:
" هناك رجل يعرف المنطقة , أنه فاتاس دي ميندوزا , ولكن هل سيأخذك الى ديابلو ؟ أنها مسألة أخرى".
" هذه مشكلتي وسوف أتكفل بها , متى أستطيع الألتقاء به؟".
أستعادت قوتها وثقتها بنفسها بعد نجاحها في أقناع صاحب الفندق , وفكرت أن بأمكانها أقناع العالم كله بما تريد.
" فيما بعد يا سنيوريتا , سأخبره بطلبك أولا , أنه مشغول الآن".
نظر بأتجاه الغرفة حيث سمعت من قبل ضحك لبقية الرجال.
" أفضل رؤيته حالا , أنها مسألة ملحة وأنا لست مجرد سائحة بل قادمة للبحث عن أخي".
" وأنت تعتقدين أن أخيك توجه الى ديابلو؟ أذا كان الأمر صحيحا فأن لدي فكرة جيدة , ستمر من هنا دورية عسكرية غدا , أو بعد غد , فأذا تحدثت الى الكابتن لويز فأنه سيبحث عن أخيك".
صمتت سوزان للحظة وفكرت في ما قاله , ربما كان من الأفضل ترك مهمة البحث عن أخيها للجيش , ولكنها تذكرت ما قالته أيزابيل عن تهريب الزمرد , ماذا سيحدث أذا عثر الكابتن لوبيز على أخيها ومعه الزمرد؟ بلعت ريقها وقررت أن ترفض ذلك الأقتراح خاصة وأنها لم تكن تعرف العقوبة التي سيتعرض لها , ألا أنها خمنت عقوبة كبيرة وثقيلة , تذكرت بعض ما قرأته عن قسوة السجون الكولومبية , كما أن أعتقال مارك سيؤدي الى وفاة جدها.
عليها أذن , أن تتقبل فكرة البحث عن أخيها والعثور عليه بنفسها وبمساعدة الدليل , أملت أن يكون الدليل رجلا يعرف كيف يحافظ على السر أذا ما وجدا مارك وفي حوزته الزمرد.
" ليس لدي وقت كاف لأنتظار الجيش , ثم أنك غير متأكد من وقت وصولهم وقد يتأخرون , يجب أن ألتقي بهذا الدليل فورا , أذ يجب أجراء بعض الأستعدادات قبل التحرك مباشرة".
تركت حقيبتها الى جوار المكتب ثم خطت خطوات بأتجاه الباب ألا أنه بقي ساكنا في مكانه وخاطرت بالأستدارة الى الوراء وألقاء نظرة على وجهه الساكن بشكل غريب وشعرت بالرغبة في الضحك , كل ما عليها الآن فعله هو أقناع الدليل بأن يأخذها الى ديابلو , فتحت الباب وخطت الى داخل الغرفة.


أتقنت دورها كممثلة الى حد كبير حيث توقفت في اللحظة الملائمة في أنتظار نتائج ما فعلت , كان جو الغرفة مثقلا بالدخان ولم تستطع الرؤية في اللحظات الأولى ثم أكتشفت وجود ستة رجال يجلسون حول مائدة مستديرة موضوعة في وسط الغرفة ومغطاة بشرشف أخضر, شعرت سوزان بمرارة في حلقها , أذن هذه هي الصحبة التي تردد مالك الفندق في مغادرتها.
نظرت الى الرجال متفحصة أياهم , بدا الأستغراب واضحا على وجوه بعضهم والأستحسان على وجوه البعض الآخر , ألا أنها رأت الأستهزاء في وجه واحد تجاهلته أولا ثم تظرت اليه ثانية كما لو أنها لم تصدق ذلك الأنطباع في المرة الأولى.
كان أصغر من أصحابه , في الثلاثين من عمره على الأغلب , بعينين سوداوين وشعر أسود وبشرة داكنة , كالبقية , لوجهه ملامح صقر عنيف , وزاد من تأثير حدة ملامحه الربطة السوداء التي غطت عينه اليسرى.
نهض الرجل القريب من الباب عن كرسيه وتقدم اليها مبتسما:
" أقتربي , تعالي , هل ترغبين في صحبتنا!".
نطق تلك الكلمات بلهجة أميركية , تغامز البقية فيما بينهم وتحدثوا بالأسبانية وبدأوا الضحك من جديد.
ألا أن رجلا أعور لم يشاركهم الضحك , نظرت اليه سوزان مرى أخرى , كان يرتدي ملابس سوداء , قميصه مفتوح وظهر صدره القوي , رن في رأسها صوت أيزابيل وهي تقول :
( قطاع طرق , رجال أشرار).
شعرت أن البقية مسالمون , ربما كانوا مشاكسين , ألا أنهم أساسا أناس مسالمون , أمام الرجل صاحب الربطة الذي بدا مختلفا , أقتنعت بأنه أحد قطاع الطرق وتخيلته , في القرون الماضية , مرتديا ملابس من مخمل أسود , حاملا في يده سيفه الملطّخ بدماء الهنود المسالمين , ولا شيء يمنعه من تحقيق حلمه , في أستطاعتها تخيّله على سطح سفينة قراصنة تجوب البحار بحثا عن الذهب.
" هل تريدين أن تشربي شيئا؟".
سأل الرجل الواقف قرب الباب.
أبتسمت بأدب وهي ترفض أي شيء يقدم اليها , فكرت أنه قد يكون دي ميندوزا الذي تبحث عنه.
أبتسمت مرة أخرى ولكن بشكل مختلف هذه المرة محافظة على المسافة الفاصلة بينها وبينهم , عدا الرجل صاحب الربطة السوداء , الذي تجاهلها منذ البداية.
ترى ما الذي يفعله هنا ؟ أنه يختلف عن البقية , من الواضح أنهم جميعا رجال أعمال محليون أجتمعوا لقضاء بعض الوقت سوية , ما عداه , لعله مقامر محترف؟ ربما , خاصة أذا كانوا يمارسون مثل هذه الأشياء في كولومبيا , أنتبهت الى كمية النقود الموضوعة أمامه على الطاولة , فكرت أنه لا بد يغش في اللعب , ثم أدركت سخافة أفكارها , ها هي واقفة هناك تتأمل رجلا غريبا وتضيّع وقتها الثمين.
" أريد أ ألتقي بفاتاس دي ميندوزا , وأود التحدث معه بشكل شخصي".
قالت في صوت واضح.
أنتظرت بضع لحظات وتوقعت الأجابة من أحد الرجال , ألا أن أيا منهم لم يتحرك من مكانه , شعرت بخوف يسري في أعماقها.
" أنه هنا , أليس كذلك؟".
أهتز صوتها قليلا , وكأنما أدركت صحة مخاوفها , كما أدركت صيغة الجواب الذي ستتلقاه , تمنت لو أنها على مبعدة مليوم ميل من هذا المكان , قال الرجل الواقف الى جوارها:
" ألا أستطيع الأحلال في محله سنيوريتا ؟ فاتاس أنك الفائز دائما".
نظرت عبر المائدة الى الرجل , رأته يلوي شفته السفلى تعبيرا عن الأستهزاء , لم يحاول في الوقت نفسه , تغيير وضعه المريح بل نظر اليها نظرة متطلعة أشعرتها بالحرج.
لا بد أن مالك الفندق رجل مجنون , فكرت سوزان , وألا لما أقترح أتخاذ هذا الرجل كدليل لها , كيف تصوّر أنها ستتبعه في مناطق مجهولة , كيف تتبع رجلا يبدو وكأنه مارس كافة الجرائم المعروفة؟
كان يقرأ أفكارها , أبتسم الرجل , فجأة ,عارضا أسنانه البيضاء , فكرت أنه رجل جميل ولا يمكنه , لذلك , أن يكون عنيفا مع المرأة .
وقف حينئذ , وبدا أطول من بقية الرجال في الغرفة , جسده مرن مرونة النمر , أرتدى حزاما عريضا في وسطه نجمة فضية وقلادة لم تظهر بوضوح لأختفائها في شعر صدره الكثيف.
تذكرت كيف صممت على العثور على أخيها حتى لو كلّفها مواجهة الشيطان , وأدركت أنها في مواجهته الآن وسرت في جسدها قشعريرة الخوف.
أتسعت أبتسامته وأدركت أنه أحس بردة فعلها وأنه يمتع نفسه الآن بمراقبتها , أجبرت نفسها عل الوقوف بسكون في مكانها حين أقترب منها وقال:
" أنا فاتاس دي ميندوزا , ماذا تريدين مني؟".
رغبت أن تجيب بأن المسألة كلها عبارة عن خطأ فادح , ألا أنها أدركت في الوقت نفسه أن هذا سيظهرها بمظهر أمرأة حمقاء أمام مجموعة رجال , وهذا ما لم ترغب فيه.
" أرغب في شراء خدماتك يا سنيور".
أدركت بعد أن نطقت تلك الكلمات , خطأ التعبير الذي أرتكبته ولكن بعد فوات الأوان , أجاب:
أنني أقدر طلبك ولكني لست معروضا للبيع".





أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-11, 09:55 PM   #8

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

ضحك أثنان من الموجودين ألا أنه كان ضحكا عصبيا , لاحظت سوزان ذلك حتى من دون النظر اليهما , وشعرت بحرارة الأرتباك تسري في جسمها لأنها أضطرت أن تقول شيئا لم ترغب في قوله.
" لم أعن ذلك".
ورغم أرتباكها رفعت سوزان ونظرت اليه بأستقامة.
" أنني بحاجة الى دليل أعتمد عليه تماما , لقد أوصاني أحدهم بأستئجارك".
أحست مرة أخرى بالقلق يسود الغرفة.
" أنت دليل , أليس كذلك؟ أخبرني مالك الفندق".
" هل تحدثت مع راميريز ؟ أنه محق , أنني أعرف هذه المنطقة أحسن من أي رجل آخر , نصيحتي لك هي العودة الى بوغوتا والأنضمام الى أحدى الرحلات السياحية الجماعية , ذلك هو المكان الملائم للمرأة".
" كلا , أنتظر".
صرخت قبل أن تدرك ما الذي ستفعله ثم مست ذراعه قبل أن يتحرك مبتعدا , توقف ونظر اليها , فكرت :
( كيف يجرؤ على النظر اليّ بهذه الطريقة؟ صحيح أن لهجته أفضل من البقية , ألا أنه مجرد دليل , وعليه أن يتقن عمله ليعيش).
" من الأفضل أن نناقش هذا الموضوع بشكل خاص , أنني مستعدة لدفع المبلغ الذي تطلبه أذا كان هذا ما يقلقك".
" ليس هذا ما يقلقني".
أجاب ووجهه خال من أي تعبير , ثم أضاف:
" أنك سيدة عنيدة , من ناحية أخرى لا يتوجب عليك عرضالدفع ما لم تعرفي السعر المطلوب منك أولا".
" سيكون هذا جزءا من النقاش وأرجو أن تحدثني به".
أصغت لنفسها وهي تتحدث بلهجة ضعيفة لم تسمعها من قبل , ولم يكن ذلك جزءا من مخططها.
" وهل تظنين أن قوة أقناعك ستكون فعالة أكثر أذا كنا وحدنا؟".
سألها وضحك من رأى أحمرار وجهها من الخجل:
" حسنا , سنتحدث أذا كنت تعتقدين أن ذلك سيغير الأمور , ولكن فيما بعد".
رفع يده ثم ربت عل كتفها بطريقة دفعتها الى الأنكماش كما لو أنها تلقت صفعة , أستدارت وغادرت الغرفة وصفقت الباب خلفها بأصرار وهي تسمع ضحكات الرجال خلفها.
كان مكتب الأستقبال خاليا ألا أنها سمعت أصواتا خلال باب الغرفة المقابلة , نصف المفتوحة , كانت غرفة كبيرة ذات مجموعة من المناضد ووجدت فيها راميريز وهو يجفف بعض الصحون والأقداح.
ظهر مندهشا لرؤيتها ولم تعرف نوع الأستقبال الذي ستلقاه – ترى هل أصغى الى ما جرى في الغرفة الأخرى من حديث ونقاش؟ سأل راميريز مباشرة:
" هل عقدت صفقتك يا سنيوريتا؟".
" ليس تماما".
أجابت بلطف , ثم أضافت:
" سنناقش الأمر فيما بعد , أعتقد أنني مضطرة للبقاء هنا بعض الوقت".
نظر اليها للحظات , ربما كان يسأل نفسه عن سبب عدم عودتها الى بوغوتا معترفة بفشلها.
" هل قال السنيور ميندوزا أنه سيتحدث معك فيما بعد؟".
" نعم , أن أوضحنا بعض الأمور المعلقة , بدا وكأن لديه فكرة غريبة عن سبب أهتمامي بخدماته ومعلوماته , أنه واثق تماما من قابليته الخاصة".
أضافت بلهجة محايدة , ألا أنها أدركت أن ما قالته خال من الصحة وأن ميندوزا لم يكن رجلا متوهما قدر ما كان واثقا من نفسه.
" أن لميندوزا أسبابه الخاصة , كانت هناك أمرأة أميركية جاءت مع زوجها لمشاهدة هذه البلاد , ثم عادت بعد ذلك لوحدها لتذهب مع فاتاس الى تلال وقد قضيا فترة طويلة معا , كان شعرها أشقر مثل شعرك يا سنيوريتا".
" أؤكد لك أن هذا التشابه هو الوحيد بيننا , هل أستطيع الآن , أن أرى غرفتي , أشعر بالتعب الشديد وأنا بحاجة ماسة الى الراحة".
" نعم يا سنيوريتا".
لم تكن الغرفة كبيرة , بل نظيفة والفراش مغطى ببطانيات هندية ذات ألوان بهيجة وناعمة , تذكرت سوزان أنهم كانوا يبيعون بعض البطانيات الشبيهة في السوق القريب من الفندق وكيف أنها رغبت في شراء واحدة ألا أنها أجّلت الأمر.
كل ما أرادته هو الأسترخاء في الفراش ونسيان رحلة الباص , توجهت أولا الى الحمام الموجود في نهاية الممر , أخذت حماما وأزالت عن جسدها التراب والتعب , شعرت بالراحة وهي تعود الى الغرفة لترتدي ملابس نظيفة بعد أن أغلقت الباب والشبابيك لتتخلص من الضجة في الخارج , أخيرا تمددت على السرير.
رغم تعبها الشديد , لم تستطع سوزان النوم حيث واصلت صور مشتتة أجتياح ذهنها : أشجار تحيط بنهر وظلمة الجبال خلفه , رجل يرتدي ملابس سوداء ويمتطي صهوة جواد ظهر وكأنه جزء منه , ثم أمرأة شقراء واقفة بين الأشجار تمد ذراعيها الى الأمام حيث أنحنى الرجل ورفعها من ذراعيها وشعرها يحيط به.
تقلبت سوزان في فراشها بقلق محاولة التخلص من تلك الصور , ألا أن الحصان واصل أقترابه منها حتى أستطاعت أخيرا رؤية ملامح الفارس , وراقبت المرأة الشقراء وهي ترفع ذراعيها محاولة جذبه اليها.
مدت سوزان يدها لتحاول منعهما لأنها لم تكن ترغب أن ترى كل ذلك , ألا أن حركتها أستدعت أنتباه الفارس , فنظر بأتجاهها وكذلك المرأة الشقراء , رأت سوزان أن الوجه الذي أستدار نحوها والمغطى بخصلات من الشعر الأشقر كان وجهها هي.
صرخت ثم تلاشت الصور لتجد نفسها جالسة في الفراش , في الغرفة الصغيرة ويدها تضغط بقوة على صدرها , كان في مستطاعها رؤية نفسها في المرآة الموضوعة في الجهة الثانية من الغرفة , قالت لنفسها كنت أحلم أذن.
شعرت بالأرتياح لأن ما حدث كان مجرد كابوس وليس صورا تعمدت أختلاقها , ثم ألتقطت ساعتها الذهبية من على المنضدة المجاورة للسرير , أكتشفت , لدهشتها الشديدة , أنها نامت أكثر من ساعتين.
نهضت من فراشها وأرتدت بنطالها البني مع قميص بني غامق , شعرت أنها بحاجة الى شد شعرها بدلا من تركه منسدلا على كتفيها , ألتقطت مشبكا وجدته في حقيبتها وربطت شعرها بأحكام , أحست أن هذه التسريحة تمنحها شكل أمرأة أعمال أكبر سنا من عمرها.
علقت حقيبتها الجلدية على كتفيها ونزلت الى الطابق الأرضي , كان المكان هادئا جدا فتوجهت الى الغرفة التي كان فيها الرجال , فتحت الباب , لم يكن هناك أحد , الطاولة مرتبة والكراسي موضوعة قرب الجدار.
شعرت سوزان بالغضب وظنت أنه أنتهز فرصة ذهابها الى غرفتها ليذهب في حال سبيله , وبعد أن أدرك أنها أفضل وسيلة للتخلص منها بدون الدخول معها في أي نقاش حول الموضوع.
" حسنا , ليذهب الى الجحيم , قد يكون أفضل دليل في المدينة , ألا أنه وبالتأكيد ليس الوحيد في أسانكشن".
وعدت نفسها ألا تدع هذا الحدث يؤثر على عزيمتها بل أقنعت نفسها بأنه ربما كان من الأفضل التخلص منه , خاصة بعد الحلم الذي رأته , أذا كان هذا تأثيره عليها بعد فترة قصيرة من معرفتها به , فما الذي سيحدث أذا ما قادها في رحلتها؟
أستدارت وغادرت الفندق , كان السوق مزدحما وفي زاوية من الساحة جلس عدد من الموسيقيين يعزفون لبعض المارة , طافت حول العربات وشاهدت الى جانب البطانيات الملونة القبعات المدورة التي أعتاد الهنود أرتداؤها.
فكرت بأنها ستحتاج قبعة أذا ما بدأت رحلتها ولكنها أرادت قبعة أعرض وأقل أرتفاعا من المعروضة للبيع , في عربات أخرى عرض الباعة الخضار والفاكهة مغطاة بمجموعة من حشرات المنطقة , مما دعا سوزان الى الأستدارة والتظاهر بالنظر الى شيء آخر مؤكدة لنفسها بأن الأحوال قد تكون أكثر بدائية في ديابلو.
كانت جائعة وفكرت بأنها قد تحصل على وجبة طعام في الفندق ألا أن صاحبه لم يذكر شيئا عن ذلك ذلك , أستطاعت أن تشم رائحة طعام في مكان ما , وربما كانت تتخيل ذلك , بعد لحظات عرفت الجواب , ففي نهاية السوق عثرت على ما يشبه مطبخا مفتوحا للجميع , لم يكن المظهر صحيا بالتأكيد , ألا أنها لم تكن في حالة تناقش فيها الأوضاع الصحية , خاصة وأن مظهر الدجاج المشوي لم يدع أمامها أي فرصة للتردد , فأشترت فخذ دجاجة وتجولت وهي تأكل , لاحظت أن الجميع يفعلون ذلك , مما دفعها الى الأقتناع بأنهم لم يموتوا جميعا من الأصابة بالجراثيم .
توقفت أمام عربة تباع فيها الأدوية الهندية , ذات الألوان الجذابة والمزينة بالتطريز اليدوي الجميل , حين سمعت صوتا خلفها يقول:
" سنيوريتا".
أستدارت ورأت رجلا قصيرا يرتدي بدلة بيضاء ضيقة , كان وجهه منتفخا ربما بتأثير شاربه الأسود الطويل , وواصل بحركة عصبية مسح جبينه بمنديله الملون.
" هل السنيوريتا بحاجة الى دليل؟ أنا دليل جيد وسآخذك الى أي مكان ترغبين فيه".
حدقت سوزان في وجهه بفرح , خاصة وأنه كان مختلفا عن دي ميندوزا , أنه قصير وسمين وليس في مظهره ما يجذب الأهتمام.
قالت:
" نعم أنا بحاجة الى دليل , ولكن كيف عرفت ذلك؟".
" أخبرني السنيور راميريز بذلك في الفندق".
" حسنا , أذن".
فكرت أن راميريز بذل جهده للتخلص منها في أسرع وقت ممكن.
أضافت قائلة:
" أريد الذهاب الى مكان يدعى ديابلو".
توقفت بعد أن نطقت بأسم المكان وتوقعت أنه سينظر اليها بأستغراب , ألا أن ذلك لم يحدث , بل كل ما قاله كان:
" نعم يا سنيوريتا , سأنفذ كل ما تريدين متى ترغبين ببدء الرحلة؟".
" غدا أذا أمكن".
أجابت ذلك وقد غلبتها الدهشة".
" سأعد كل شيء , هل تستطيع السنيوريتا ركوب الحصان؟".
" نعم , ولكنني فكرت بأستئجار سيارة جيب و...".
" كلا , لا تصلح سيارة الجيب للرحلة , الطريق وعرة , كما أننا قد نصادف أماكن حيث الحصان أفضل فيها من السيارة , أسمي كارلوس أرنالدز".
" حسنا جدا يا كارلوس".
لم تكن سوزان تريد مناقشته , أذ أنه يعرف المكان أحسن منها بكثير , سرت لأنها وجدت بنطلونا من الجينز بين ملابسها وتذكرت أنها رأت زوجا من الجزم الجلدية معروضا للبيع في أحدى العربات فتوجهت لشرائه.
حين عادت الى الفندق كانت مسرورة جدا , قد لا يكون كارلوس وسيما ألا أنه يبدو كفوءا , توجها بعد لقائهما الى أحد المقاهي حيث أتفقا على أجرته والنفقات التي سيصرفها لشراء المعدات الضرورية ولأستئجار الأحصنة اللازمة.
قلقت قليلا حين ناولته النقود لشراء المعدات وفكرت بأنه قد يأخذ النقود ويختفي , ألا أن مظهره وسلوكه أثبتا عكس ذلك , أكد لها بأنه سيشتري ما هو ضروري فقط وسيجلب بها الأيصالات اللازمة.
شربا الشاي معا وتمنيا لبعضهما رحلة سعيدة وناجحة.
لم تخبر سوزان كارلوس عن غرض الرحلة وفضلت أيهامه بأنها سائحة ترغب في أمتاع نفسها بأي طريقة كانت , وأعتقدت أن الوقت لم يحن بعد لأخباره الحقيقة وأنها ستحاول ذلك بعد أن تبدأ رحلتهما , شعرت أن في أمكانها أن تثق به.
مرة أخرى كان مكتب الأستقبال خاليا , ورغم أنها قرعت الجرس , ألا أنها لم تلق أي جواب.
بدلا من الأنتظار , مدّت يدها وتناولت مفتاح غرفتها من مشجب المكتب , وأذ صعدت الى غرفتها دهشت لسرعة حلول الظلام في الخارج فقد أنيرت المصابيح في الأسواق وتلاشى صوت الموسيقى تدريجيا.
بدت السماء مخملية في لونها النقي وألتف بعض الناس حول الفرقة الموسيقية مشكلين حلقة راقصة , توقفت سوزان وراقبتهم لفترة من الوقت ألا أنها شعرت أثناء ذلك , بوحدة غريبة , ساهم في ذلك أختلاف لون بشرتها وشعرها وتذكرت التحذيرات التي تلقتها أثناء وجودها في فندق بوغوتا عن مهاجمة بعض قطاع الطرق للسواح وكيفية وقوعهم طريدة سهلة تحت رحمتهم.
فتحت باب غرفتها ودخلت بعد أن أغلقتها بأحكام , أنتابها حالا الأحساس بأن شيئا ما حدث في غرفتها أثناء غيابها , شعرت بالخوف يشل مفاصلها , عرفت أن هناك شخصا آخر في الغرفة , دلت على ذلك رائحة السيكار وحركة بطيئة في الظلام.
تقلصت عضلات جسدها , أمسكت الجزمة بأحكام , قد لا يكون ذلك سلاحا فعّالا ألا أنه كان كل ما كانت تمتلكه في تلك اللحظة , شعرت أنها حتى لو صرخت فأن أحدا لن يسمعها.
سمعت الحركة مرة ثانية , تلاها أزيز نوابض السرير .
ترى هل تخيلت ذلك , وهل دخلت غرفة أخرى غير غرفتها؟
أذا كان الأمر كذلك , فأن كل ما تمنته هو أن يكون الموجودون في الغرفة نائمين وستحاول مغادرة الغرفة بكل هدوء.
تذكرت ملاحظات راميريز عن النساء الوحيدات , ترى هل أرتكبت خطأ كبيرا بمجيئها لوحدها؟
تلمست طريقها في الظلام لتحاول فتح الباب حين سمعت صوتا ساخرا جمّد الدم في عروقها.
" هل ستقفين هكذا في الظلمة طوال الليل؟".
ثم سمعت صوت ضغط زر المصباح المجاور للسرير , ووجدت سوزان نفسها وهي تحدق في وجه فاتاس دي ميندوزا!







أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-11, 12:28 PM   #9

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

3- الشبح


كان متمددا على سريرها , في وضع مريح , ويدخن سيكارا , سألت سوزان بألحاح:
" ما الذي تفعله هنا؟".
" يا لها من لهجة , ما الذي حدث للسيدة الهادئة التي ألتقيت بها منذ فترة قصيرة ؟".
فتحت الباب بقوة وصرخت:
" أخرج من هنا".
" يقول رجال بلدك أن للمرأة حقا في تغيير رأيها , أليس كذلك ؟ ثم هل يجب أن تتصرفي بطريقة معاكسة تماما , منذ ساعات كنت ترغبين بالحديث معي في خلوة وها أنا مستعد لذلك بينما تحاولين , الآن , التخلص مني , أن سلوكك غير ودي".
" كيف دخلت الغرفة , خاصة وأنني أغلقتها قبل مغادرتها؟".
" راميريز أعطاني المفتاح , بالطبع".
" آه , بالطبع".
أجابت بتهكم , وأضافت:
" لم يستدع الأمر أستغرابه بل أعطاك المفتاح لتستطيع دخول غرفة نوم أحد نزلاء فندقه".
أتسعت أبتسامته هو يجيبها:
" لا شيء يثير الأستغراب في هذه الظروف".
شعرت سوزان بالغضب يجتاحها , في أمكانها أن تغادر الغرفة وتتركه لوحده , كما في أمكانها مواجهة كل التحديات التي يواجهها بها , ألا أنها أحست بأنها مشلولة الأرادة والتفكير أمام هذا الرجل , فقد كانت معجبة به الى حد كبير , أخيرا نجحت في تمالك نفسها وفكرت ربما كان يتصرف بهذه الطريقة لأنه يظن بأنها بحاجة ماسة الى خدماته كدليل الى حد يجعلها ترضخ لكل طلباته.
حسنا , أنه على وشك مواجهة غلطة , ولكن ليس الآن , فربما تستطيع أرضاء غروره أولا لتهيؤه للمفاجأة الكبرى حين تخبره بأنها ليست مستعدة حتى للذهاب معه حتى الى نهاية الشارع.
" أنا مدينة لك بالأعتذار يا سنيور , ربما كان الأمر عكس ذلك , أنها المفاجأة أن أجدك في غرفتي , أعرف أنك ستتحدث معي فيما بعد , ألا أنني لم أتوقعك في هذا الوقت المتأخر".
ابتسمت وهي تلاحظ الدهشة على وجهه الأسمر , وفكرت سوزان وهي تواصل النظر اليه أنها ليست المفاجأة الوحيدة التي ستتلقاها هذه الليلة.
" هل أقلقك التأخير؟".
سألها وهو يلتقط سيجارة.
" كلا".
أجابت وهي تعرف أنها تكذب , ثم سحبت الكرسي الموضوع قرب طاولة الزينة , جلست على مبعدة من السرير , الأمر الذي دفعه الى الأبتسام من جديد , وقال:
" مع ذلك يا سنيوريتا , ليس هناك ما تخشينه , فكما أخبرتك أنا لست معروضا للبيع , كما أنني لا أرغب في شراء شيء أو الأستحواذ عليه بالقوة".
" كم هو رائع أن تحاول طمأنتي".
قالت سوزان بلطف.
لو كنت محلك لما شعرت بمثل هذا الأطمئنان , فلو قررت بأنني أريدك لا أعتقد بأنك ستعارضينني".
" هل تعتقد هذا فعلا؟".
" نعم يا سنيوريتا".
أجابها بهدوء ثم أضاف:
" أنا أعتذدت ذلك فعلا".
شعرت سوزان بالغضب في داخلها لهدوئه وثقته بنفسه , ألا أنها لم ترغب في أظهار غضبها كما أنها شعرت بالغضب للطريقة التي واصل فيها مراقبتها وخاصة تحديقه فيها , شعرت برغبة ملحة في تغطية نفسها , ألا أنها سيطرت على نفسها: فمثل هذا التصرف قد يكشف عن مخاوفها , الأمر الذي لم ترغب في الأعتراف به حتى لنفسها.
" كنت على وشك النسيان بأن لك رغبة خاصة مع الشقراوات , أليس كذلك ؟ لو كنت في محلك لما قلت....".
أطفأ سيجارته في المنفضة الموضوعة على الطاولة وقاطعها قائلا:
" يبدو أن راميريز لم يضيّع وقته".
شعرت سوزان بضجره من الحديث فأدركت أن الشقراء الأميركية كانت حدثا قديما وأن دي ميندوزا رجل لا يعيش على الذكريات.
تمطى بجسده بكسل جاذبا أنتباهها , أضاء المصباح الصغير قلادته الصغيرة .
" تحدث راميريز عنك أيضا , أخبرني أنك تريدين الذهاب الى ديابلو بحثا عن أخ لك؟".
" نعم".
قطب جبينه متسائلا:
" لم أنت في عجلة من أمرك , خاصة وأنه أخبرك عن دورية الجيش؟".
" أريد أن أعثر على مارك بنفسي ولا أرغب بتدخل أي شخص آخر".
أجابت سوزان وهي تسمع دقات قلبها المتسارعة.
كان يراقبها من جديد , ولم تدر لماذا أنتابها الأحساس بأنه يستطيع الرؤية بعين واحدة أكثر من أي أنسان آخر بعينيه الأثنتين.
" أنني أتساءل لماذا؟ ولا تعنيني الأجوبة الجاهزة, أخبريني يا سوزان هل لمارك علاقة ما بالكوايكرز؟".
" لا أفهم ما تعنيه".
أجابت وهي تعصر يديها بقوة.
" حقا؟ سأوضح الأمر لك أذن , كوايكرز هم مجموعة من حفاري المناجم اللاشرعيين : رجال ونساء وأطفال يبحثون عن لهيب الثروة الأخضر في قنوات تنهار عليهم , صخور تسحقهم وأنهار تغرقهم , أنهم , جميعا , يحلمون بثروة ستكون لهم وحدهم , ولكن هل تعرفين عدد من أنتهى منهم في شوارع بوغوتا مقتولا ضحية لما يملك؟ لذلك من الأفضل لك أن تخبريني الآن أذا ما كان مارك يبحث عن الزمرد في ديابلو".
" أخي يعمل كجيولوجي وهو في رحلة تنقيب خاصة".
قالت أخيرا.
" لا أعتقد أنه يبحث عن الزمرد , والسبب الوحيد الذي يدفعني للبحث عنه هو رغبة جدي المريض في رؤيته".


فكرت سوزان : ربما كانت هناك مكافأة لمن يلقي القبض على مهربي الزمرد وربما كان دي ميندوزا أحد الباحثين عن هذه المكافآت , أذ من الواضح أنه لا يعتمد في معيشته على عمله كدليل فقط فقد أكتشفت من المبلغ الذي طلبه منها كارلوس , أنه غير كاف حتى لشراء قميص له فكيف يستطيع أذن توفير نفقاته وأختيار ملابسه الغالية , ما لم تكن هدية من زبائنه الذين رضى رغباتهم وطموحاتهم.
خاطبت سوزان نفسها بمرارة.
" جيولوجي؟ أنه أذن خبير في معرفة أماكن الزمرد".
" أعتقد ذلك".
أجابت سوزان وهي تتمنى أنتهاء المحادثة.
" وأختار حقل أبحاثه في ديابلو ؟ أنه أختيار غريب حقا".
" كان له صديق جيولوجي في الجامعة , وربما ذكر له أسم المنطقة وأقترح أجراء التنقيبات فيها".
" ربما كان الأمر كذلك , وهذا بالضبط ما يثير مخاوفي".
أرادت سوزان أن تنهي حديثهما عند هذا الحد , وشعرت بأنهماكهما في مسار لم تخطط له , ثم تذكرت أنه خاطبها بأسمها , فكيف عرف ذلك؟ أنها لم تذكر أسمها لأي شخص في المنطقة.
" كيف عرفت أسمي؟".
سألت فجأة غير مكترثة بأعتقاده أنها ربما تحاول تغيير موضوع حديثهما.
" بينما كنت في أنتظار عودتك , متعت نفسي بقراءة تفاصيل جواز سفرك الموجود هنا بجانب سريرك , حيث وجدت المعلومات مسلية والصورة , صورتك , جميلة , لكنني بحثت عبثا تحت بند ( العلامات الفارقة ) عن أشياء تميّزك".
لم تستطع سوزان الأجابة , أذ أحست بأنها تحولت الى قطعة حجرية.
" أحسست أنك أنزعجت لتأخري مع أنني جئت الى غرفتك في وقت مبكر مستخدما المفتاح الأحتياط للغرفة , كنت نائمة بهدوء , وبشكل جميل الى حد أنني لم أستطع أيقاظك".
لم تكن غرف المسرح والكواليس الخلفية خصوصية بل مشتركة لجميع العاملين في المسرح حيث يغير الممثلون ملابسهم, لم تكن سوزان فتاة تخجل من تغيير ملابسها أمام الآخرين عند الضرورة وتلافيا للتأخي في آداء دورها , ولكن حساسها بأنها كانت معرضة للمراقبة وهي نائمة في سريرها , دفعها للشعور بخجل لم تحس بمثله من قبل.
" شكرا لأنك لم توقظني على الأقل , الآن أرجو أن تصغي لطلبي وتغادر الغرفةحالا".
" يبدو أنك نسيت يا سنيوريتا حاجتك اليّ".
هزت رأسها ببطء وأحست بلذة الأنتصار وهي تجيبه:
" شكرا , كلا لست بحاجة الى خدماتك حيث قمت بأجراء الترتيبات الضرورية بدونك".
نهضت واقفة وقال:
" أنك لست الدليل الوحيد في أسانكشن يا سنيور دي ميندوزا , وفي هذه الظروف أشعر بالأمان أكثر مع شخص آخر , والآن أرجو أن تغادر غرفتي حالا وأن تختفي عن ناظري الى الأبد".
وقف ساكنا فجأة , وأدركت أنها أستطاعت السيطرة على الموقف وشعرت بفرحة كبيرة تجتاحها , ها هو السنيور دي ميندوزا القوي الشخصية , وصاحب الجاذبية الطاغية يجد من يرفضه أخيرا , أنه في وضع لا يحسد عليه.
تقدم نحوها ببطء وأحست بغضبه في كل خطوة خطاها نحوها , طلبت منه مغادرة الغرفة ألا أنها أحست بالحاجة الى الهرب والأبتعاد عنه أذ ظهر من حركاته أنه سيطالبها بالأعتذار لكبريائه المجروحة ولم ترغب هي في معرفة ما يريده , أمسك بذراعها , تماسكت لتخفي صرخة الألم التي أنطلقت من فمها.
" من هو الرجل الذي أستأجرته؟".
سأل بهدوء متعمد , وقال:
" أخبريني".
" أتركني , أنك تؤلم ذراعي".
" وسأفعل أكثر أذا لم تخبريني بما أريد , من هو الذي أستأجرته ليأخذك الى ديابلو؟".
" لن أخبرك بأي شيء؟".
علمت سوزان بأن قبضته ستترك بعض العلامات على ذراعها وشعرت بأنها ستكره تلك العلامات كذكرى في الأيام المقبلة.
" أذا كان ما تفعله , تعبيرا عن قوتك , فالأمر كله لا يهمني لأنني لا أستجيب عادة للعنف".
" ما هو الشيء الذي تستجيبين له أذن؟".
سألها وهو يجذبها نحوه , أرادت التراجع لتحمي نفسها ألا أنها فقدت توازنها , كان لذراعيه قوة قضبان السجن.
وكانت الكلمات الأخيرة له وهو يغادر غرفتها:
" عزيزتي , ذات يوم قد تتعلمين كيف تكونين أمرأة".
لم تكن الخيول التي أستأجرها كارلوس للرحلة جميلة ألا أنها كانت قوية , وهذا هو المهم في أختياره لها لرحلة في منطقة وعرة.
أبتدأت الرحلة عند الفجر وبمرور الوقت أحست بالتعب يسري في أماكن من جسدها , ألا أن تفكيرها في نهاية الرحلة واساها قليلا أضافة ألى أته أنساها الأضطراب العاطفي الذي تعرضت اليه في الليلة الماضية, حيث لم تستطع النوم جيدا ونهضت في الصباح متثاقلة ومتعبة , توقعت أن يسألها راميريز بعض الأسئلة حين توجهت لدفع الحساب , ألا أنه لم يعلق بأي شيء , لا على مغادرتها ولا على أختيارها دليلا لرحلتها , رغبت في تأنيبه لأعطائه مفتاح غرفتها الى ميندوزا , ألا أنها فضّلت الصمت وتجنّب أثارة المتاعب.
حذّرها كارلوس ألا تجلب ألا ما هو ضروري , وهكذا أختارت بنطالها الجينز مع سترة تتناسب معه , ووضعت كل شيء آخر في جيب السرج بينما تركت بقية أمتعتها في الفندق لتأخذها عند عودتها من الرحلة , وحين أخبرت راميريز عن نيتها , أبتسم بصمت وهز كتفيه أشارة لعدم أقتناعه بعودتها من الرحلة أطلاقا , فشعرت بالخوف ينتابها من جديد رغم حرارة الجو.




أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-11, 12:31 PM   #10

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

كان الجو حارا وأزدادت حرارته كلما تقدم النهار , وواصلا سيرهما في منحدرات أسكانشن وأبتعدا تدريجيا عن الطريق المعبّد الى دروب ترابية تتبّعا فيها آثار أقدام من سبقهما , الأمر الذي دعا الى أطمئنانها على الأقل.
هكذا كانت سوزان تفكر في بداية الرحلة.
تمنت أنتهاء الرحلة قريبا ولقاء مارك قبل أن تتحول الرحلة الى كابوس لا تستطيع مقاومته , تساءلت عن المسافة الباقية , ولم تكن ماهرة في حساب ما قطعاه من مسافة حتى الآن , زاد الأمر سوءا تغييرهما الأتجاه في كل ساعة , ألا أن كارلوس بدا واثقا من نفسه ومدركا لكل خطوة أتخذها , ثم أنه وفى بوعده بصدد التموينات وأعطاء الأيصالات بالأشياء والمعدات التي أشتراها للرحلة وهكذا لم يكن أمامها غير الوثوق به في الطريق الذي أختار سلوكه رغم أحساسها بقلق غريب ينتابها كلما نظرت اليه , ومنذ بدء الرحلة , ولم يفارقها تماما مثل الأحساس بألم أسنان بسيط ينكد على الأنسان يومه.
بقيت تنظر خلفها مراقبة كارلوس في كل خطوة , رغم أدراكها لسخافة مت نفعله ثم قررت أن مصدر أحساسها هو ما حدث لها مع دي ميندوزا في الليلة الماضية.
توقفا في موقع قريب من شلال صغير يصب في بركة تبعد عنه قليلا , أستراحا هناك ورويا عطش الخيول , أوقد كارلوس النار ليعد الغداء المكون من علبة خضار وعلبة حلوى الرز , وأذ ألقت نظرة خاطفة على بقية المعلبات , علمت سوزان أن وجبات الطعام المقبلة ستكون شبيهة بالحالية وأنها ستعاني , بعد ذلك , طوال حياتها من سوء الهضم.
كارلوس أخبرها حين ناقشت الرحلة معه في البداية , أنهما سيلجأت الى تناول ما هو متوفر في الطبيعة , الأمر الذي أراحها قليلا , ونظرتحولها للتأكد من خلة المكان من الأفاعي السامة , أقشعر جسمها خوفا.
كانت القهوة قوية بعض الشيء لسوزان , وحين شربتها كلها أنطرحت جانبا مستخدمة سترتها الزرقاء كمخدة , محدقة في زرقة السماء والجبال المرتفعة , ذات القمم الشامخة والقريبة من الغيوم وبدا المكان جميلا مثل المشاهد الخيالية وحايات الأطفال برغم بروز الألوان الداكنة في بعض الصخور المظللة بصخور أخرى.
واصل أحد النسور دورانه في السماء , أنه أحد جوارح الأنديز المشهورة , فرأت سوزان , ذات مرة , أن لجناحيه قوة يستطيع بها دفع الحصان وراكبه من على حافة طريق , لم تستطع تذكر أي حكاية لطيفة عن البراري ومرتفعات المنطقة , كل ما تعرف عنها يتضمن القتل والموت.
شعرت بالراحة عند عودتها الى ظهر حصانها , خاصة بعد تزايد حرارة الجو ورطوبته , بدأت الصخور بالأختفاء ليظهر عدد من الأشجار على جانبي الطريق أضافة الى النباتت الشوكية المكونة حاجزا طبيعيا , سرّت لأنهما تفاديا أجتيازها.
أزداد عدد الحشرات وزاد الأمر سوءا ضيق الطريق الى حد لم يكن فيه مجال لمرور الخيول , مما أضطرهما الى سحبهما.
قالت سوزان:
" لا بد أن هناك طريقا أفضل للوصول الى ديابلو؟".
شعرت بالخوف من صمت وسكون المكان , وغدا صوت أيقاع حوافر الخيل وأنفاسها الثقيلة ثم الأصوات المفاجئة لبعض الطيور والحيوانات المخيفة بسرعة , لم يكن هناك أحد سواهما طوال الطريق وكان عزاؤها الوحيد في أن كارلوس غدا متعبا مثلها حيث أنحنى بجسده على الحصان , نائما , وواصل جسده التأرجح الى اليمين واليسار عاكسا حركات الحصان , وتمنت لو أنها أصرت على أستخدام طريقة أخرى للنقل حتى لو تطلب الأمر قضاء فترة أطول.
حركت كتفيها فشعرت بالعرق , تتطلعت بشوق للوصول اى المكان الملائم لقضاء ليلتهما فيه , أملت , رغم من سمعت عن الشروط الصحية لهذه الأماكن , توفر حنفية وماء يكفيان لأخذ حمام مناسب , ولم تدرك قبل هذه الرحلة كم هي رائعة تلك الأشياء اليومية الصغيرة التي يستخدمها الأنسان , عادة , حتى يحرم منها ذات يوم.
رغم مواصلتهما السير لم يلح في الأفق ما يشير الى أقترابهما من أي مكان مأهول , وأحست بالقلق ينتابها , أذ شعرت يوجود من يراقبهما ثم توصلت الى الأقتناع بوجود حيوانات مختفية بين الأحراش وأن لا سبيل لوجود أنسان هناك , كانت متعبة جدا بعد قضاء اليوم بأكمله وهي تمتطي الحصان , بأستثناء توقفهما في فترة الغداء أضافة الى أنها لم تنم الليلة السابقة لبدءرحلتهما , ألا يكفي أنها موجودة في منطقة وحشية لتتذكر أيضا الذكرى المرة الليلة الماضية؟
وجدت نفسها تتذكر دي ميندوزا , لا بد أن المرأة السبقة , العائدة من أميركا لتقضي معه فترة قصيرة , لم تكن الوحيدة التي قامت بذلك , وراقبت نفسها وهي تتمادى في الغيرة ثم هزت رأسها لتبعد الأفكار التي لم تكن في حاجة اليها في تلك الآونة.
لم ترغب بالضحك , بل أرادت نسيان الذكرى ونسيان فاتاس دي ميندوزا وأبعاد صورته عن حياتها كلها خاصة وهي تمر بالمصاعب الحاليّة , وحيث لديها ما يكفي من المتاعب , أنها لا تعرف كيف هي صحة جدها خاصة وأنها لم تسمع أي شيء منذ مغادرتها بوغوتا , ثم أن هناك أحتمال عودة مارك الى بريطانيا بعد سفرها أضافة الى الأحتمال الأسوأ وهو قيامها بالرحلة كلها وتحمل مصاعبها وأكتشافها أن مارك لم يأت الى ديابلو ولم يفكر بالبحث عن الزمرد أو تعقب أيا من الأساطير التي سمعت عنها.


لا بد أن الناس الذين أطلقوا على عالم المسرح لقب الغابة , لم يشاهدوا أبدا الغابة الحقيقية , خاطبت سوزان نفسها.
كان الوقت متأخرا وبدأت درجة الحرارة بالأنخفاض , خاصة بعد مغيب الشمس , ألتفتت سوزان حولها باحثة عما يشير الى وجود أي شكل من أشكال الحياة , وأذ حل الظلام قبل وصولهم الى المكان المنتظر , كان عليهم قضاء ليلتهم في العراء , وهذا ما دفع سوزان الى حالة من الأنهيار العصبي , سمعت عن بعد صوتا مألوفا , صوت المياه الجارية , أنحنت لتصغي بطريقة أفضل وكذلك فعل كارلوس مخاطبا أياها لأول مرة منذ ساعات , ألا أنها لم تسمع ما قاله بل أكتفت بالأيماءة والموافقة على ما قال حتى بدون أن تفهم ذلك.
بدا على وجهه الأرتياح , ربما أخبرها عن أقترابهما من ملجأ يقضيان ليلتهما فيه مكان تغتسل فيه وتشرب الماء وأخيرا لتأكل , قد يوجد بعض السكان هناك حيث يستطيعان تناول بعض الطعام المطبوخ , تماشيا مع أفكارها , نكزت حصانها بقوة لتدفعه للسير بسرعة ومتابعة حصان كارلوس.
أصبحت الأحراش أقل كثافة , أرتفعت معنوياتها وأحس الحصان بذلك , فتحرك بسرعة أكبر , ها هي نهاية اليوم الأول , المتعب , قريبة , كل ذلك جعل خيبتها أعمق حين عثروا على مصدر الصوت , جدول ضحل مجراه يشير الى منبع بعيد , كان ذلك كل ما عثرا عليه , لا شيء آخر لا ملجأ ولا ناس ولا طعام , نظرت سوزان حولها فوجدت كارلوس مترجلا عن حصانه ويريد مساعدتها لتحصل على بعض الراحة, سألت سوزان بألحاح:
" ما هو هذا المكان؟".
" أنه مجرد مكان وسنبقى الليلة هنا , فقد أصبح الظلام شديدا".
حاول جهده أن يطمئن مخاوفها.
" هنا؟".
سألت سوزان وكان رعبها شديدا الى حد لم تستطع معه أخفاءه.
" لكنك قلت أن هناك أماكن تقدم فيها بعض الخدمات , ولا أرى أي شيء يشبه ذلك هنا".
أجاب كارلوس بشكل غير ودي:
" نعم , هناك مثل تلك الأماكن , ولكن يتطلب الوصول اليها أمرا طويلا , ما نحتاجه الآن , هو النار وسنقضي الليلة في خيمة جلبتها معي".
" خيمة؟".
سألت سوزان ولم تتذكر أنهما تحدثا عن خيمة من قبل , لا بد أنها صغيرة ما دام كارلوس قد وضعها طوال الوقت على صهوة حصانه.
أنتابها أحساس بالغثيان حتى تخيلت نفسها تشارك كارلوس خيمة واحدة , مهما كان حجم هذه الخيمة في هذه البرية الموحشة.
قالت:
" رغم متاعب السفر أفضل مواصلة السير على البقاء في بقعة موحشة كهذه".
" لسوء الحظ يا سنيوريتا , لن نستطيع ذلك , ويتطلب الأمر قضاء الليلة كلها سائرين لنصل الى أقرب مكان مأهول".
ولأن معارضتها لم تنفعها , قررت سوزان أن تتظاهر بالهدوء وألا تدع كارلوس يحس بمخاوفها , ثم أن كارلوس لم يحاول حتى الآن أيذاءها , ففكرت أن مخاوفها مجرد أوهام , ومن الأفضل التصرف بشكل طبيعي معه , أن ما يخيفها هو المكان , الظلمة , المياه الضحلة وصوتها البطيء , ولم تتصور أن كارلوس القميء يستطيع أيذاءها , وقررت أن الخطأ وقع حين لم تناقش معه تفاصيل الرحلة وضرورة العثور على مارك بأسرع وقت ممكن , فلا مجال هنا لتلك الأسباب , لكي تلوم كارلوس على أصراره في الحصول على بعض الراحة.
قال كارلوس:
" أنه مكان جيد يا سنيوريتا ومن الأفضل أن نبقى هنا , سأحضّر النار".
ثم أضاف مبتسما:
" في أستطاعتك قضاء الليلة لوحدك في الخيمة".
تصرف كارلوس بدقة كعادته , فخلال فترة قصيرة نصب الخيمة لها ثم هيأ النار ووضع قدرا مملوء بالماء عليها.
شعرت سوزان بالبرد فأعطاها كارلوس بطانية لفتها حول كتفيها وواصلت شرب قهوتها , كان للنار تأثير ساحر كاد أن يدفعها للنوم ألا أنها حاولت جهدها البقاء مستيقظة , وفكرت أن من واجبها على الأقل مساعدته في أعداد العشاء , أرادت أن تسأل كارلوس عن مكانهم بالضبط وأتجاههم وما بقي للوصول الى ديابلو , ألا أن تعبهاالشديد حال دون ذلك كله.
تمنت وجود شخص تشاركه الحديث عما جرى لها خلال الأيام الأخيرة , رحلتها والمصاعب التي تعرضت لها وحتى مخاوفها وشكوكها , ألا أنها لم تكن راغبة في مشاركة كارلوس أي نوع من أنواع الحديث والمجاملة , وتصورت وجهه المثير للسخرية وهي تقص عليه مشاعرها , ففضلت الصمت على ذلك.
كانت سوزان غارقة في أفكارها الى حد أنها لم تشعر بتحركه من مكانه وأقترابه منها , فأفترضت أنه يريد سؤالها عما أذا كانت تريد مزيدا من القهوة , فمدّت يدها لتعطيه الكوب , ألا أنه ركل الكوب فتناثرت القطرات الباقية منها على البطانية , حدقت فيه وأدركت للمرة الأولى سبب أحساسها بالقلق , وجّه اليها نظرات شهوانية.
بعد ذلك قضت بعض الوقت تتقاتل معه وتمنعه من تحقيق نواياه السيئة , وفجأة سمعت صوت ضربات شديدة , فتحت عينيها ورأت كارلوس وقد أنطرح على الأرض رغم مواصلته التنفس بصعوبة.
لم تصدق ما حدث , ففي االظلمة , بدا حصان وفارسه , برزا من عالم منسي , حفر باللون الأسود , رأت بندقية الفارس منخفضة حين ترجل عن حصائه سائرا بأتجاهها.
عرفته سوزان حالا , كان ذلك فاتاس دي ميندوزا.






أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:19 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.