شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   1109 - شىء من الحقيقة - شارلوت لامب جزء 1- د.ن (كتابة فريق الروايات المكتوبة) كامله** (https://www.rewity.com/forum/t175165.html)

essaerp 22-09-11 05:37 PM

1109 - شىء من الحقيقة - شارلوت لامب جزء 1- د.ن (كتابة فريق الروايات المكتوبة) كامله**
 

https://www.rewity.com/vb/members/13...icture7579.gif

سداسية شارلوت لامب مكتوبة كاملة:


1109 - شئ من الحقيقة ( العدد الأول )

https://www.rewity.com/forum/t175165.html

1107 - معركة التملك ( العدد الثانى )

1108 - دورة الأيام ( العدد الثالث )
https://www.rewity.com/forum/t305015.html#post9401375

1110 - الدلال ( العدد الرابع )
https://www.rewity.com/forum/t326212.html
1111 - الحلم ( العدد الخامس )
https://www.rewity.com/forum/t171100.html
1112 - الإستسلام ( العدد السادس )
https://www.rewity.com/forum/t308223.html




الجزء الاول من سدسيه شارلوت لامب



1109
شيء من الحقيقة
شارلوت لامب
الملخص
مقر سنتال حيث الالم والحب والعواطف المشبوبة ادركت جينا ان نيكولاس كاسبيان سيد الصحافة هو رجل مزعج وذلك منذ اللحظة التى تعرفت فيها اليه فقد كان قاسيا خطرا رغم مظهره المهيب كان رجلا يعرف ما يريد .
وما كان يريده هو مجمع باربرى وارف مقر اكثر صحف لندن محافظة ووقارا . كان يريد سنتال وكان يريد جينا .... المراة التى وقف وفاؤها للسير جورج وصحيفته فى طريقه .
ظن بييت فان ليدن مساعد كاسبيان ان بامكانه تغيير راى جينا , ولكن لم يحسب حساب تعرفه الى هيزل مساعدة السير جورج التى وقع فى حبها .
روابط كتاب الرواية
وورد
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
pdf
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
txt
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

essaerp 22-09-11 05:48 PM


الفصلالاول
كاننهارا شتائيا ماطرا كان فيه الضباب يغمرمنطقة باربرى وارف ,فتملك جينا القلق علىالرجل العجوز اخذت تراقبة طوال الوقت بعينيها الخضراوين المائلتين ...كيف يسيرمتكئا على عصاه بخطواته منحنى الكتفين كان اكبر سنا من ان يمشى فى موقع بناء مكشوفلتيارات الهواء وذلك فى يوم كهذا .
ولكنه فى صباح كل اثنين وقبل ان ينطلق الى مكانعمله فى شارع الصحافة فليت ستريت كان يصر على الوقوف هنا ليتحدث الى المهندس وعمالالادوات الصحية والكهربائيين والبنائين والمبلطين حتى ان متخلفات البناء من حجارةوحطام مختلف ازالت مكومة تحت السلالم والسقالات .
لو انها قالت له اى شىء لضايقه ذلك طبعا فهو يكرهان يعترف بانه لم يعد شابا وكانت هى نفسها لا تكاد تصدق ذلك فقد كان يبدو شابا حينتعرفت اليه وذلك منذ ثمانى سنوات فقط ...كان السير جورج تيريل وهو يقترب من السبعينعملاقا عريض الكتفين مستقيم الجسم ذا طاقة يحسده عليها الشبان ولكنه اصب حالانهيكلا لذلك الرجل القوى الذى كانه مرة وقد حدث هذا ما بين ليلة وضحاها منذ اليومالذى مات فيه حفيده شاب شعره وتهالك جسمه لقد فارقته حيوية الربيع فى كيانه نهائيا .
تنهدت بينما كانتالريح تتلاعب بشعرها الطويل البنى الممزوج بالاحمرار خمس سنوات ...هل مر حقا كل ذلكالوقت الطويل على صوت جايمس ؟كان هذا يبدو وكانه حدث امس فقط رغم انها حين تنظر فىالمرآة كانت ترى مقدار ما غيرها الزمن هى ايضا عندما مات جايمس كانت فى العشرين منعمرها ولكنها الان تشعر بنفسها على ابواب الشيخوخة وطالما تمنت لو كانت حياتهاانتهت هى ايضا فى ذلك اليوم اظلمت عيناها الخضراوان فقد كانت تشعر احيانا ان حياتهاانتهت فعلا .
قالالسير جورج وهو يدنو منها "انك ترتجفين يا جينا لماذا لم تنتظرى فى السيارة كاىفتاة عاقلة ؟ما كان لك ان تقفى فى هذه الانحاء فى مثل هذا الجو "
فقالت باسمة "ولاانت "
فبادلهاالابتسام قائلا :"لاتزعجينى بالنصائح مرة اخرى "
فقالت :"ازعجك؟انا؟"
فضحك قائلا :"اننى باحسن حال واستطيع قضاء ساعة فى باربرى وارف دون ان انهار انكم انتم الشبابالذين لا تستطيعون الاحتمال ..." واذا به يسكت فجاة ويستقيم جسمه وهو يحدق الى مدخلالبناء :"ما الذى يفعله ذلك الرجل هنا ؟"
اجفلت جينا للهجته الغاضبة وعندما نظرت حولها راتثلاثة رجال يسيرون متوجهين نحوهما عرفت واحدا منهم كان رجلا نحيف البنية بادىالاناقة ذا شعر بنى اللون ووجه بشوش لم تكن تحبه كثيرا ...فقد كان ادبه المبالغ فيهلاينبىء عن صدق ...ولكنه كان شريكا فى المصرف التجارى الذى يتولى شؤون السير جورجكما ان الرجل العجوز كان دوما على مودة معه ...فلماذا كان هذا الاستياء لزيارةالسيد مارك هاكسلى لباربرى وارف ؟
سالته مترددة :"هل قام السيد هاكسلى بما يزعجك ياجدى ؟"
اجاب السيرجورج ببطء :"مارك ؟اه ...نعم ....ان ماركمعه لم الحظه قبل الان والان ماذا يعنى هذا؟وما الذى يهدف مارك اليه باحضاره الى هنا من وراء ظهرى؟"
تملكت جيناالحيرة انه لم يكن يعنى مارك فسألته :"من هو الذى تعنيه؟"
تمتم السير جورج :"اعنى نيكولاس كاسبيان ." اتسعت عينا جينا انها تعرف ذلك الاسم رغم انها لم تره منقبل او تتعرف اليه .

ابتدات تقول :"اليس هو ....؟"
فقاطعهابقوله :"انه اخطبوط هذه هى حقيقته انه يملك صحفا فى معظم البلاد الاوربية ماعدا هنا ...ان اذرعته تزداد امتدادا كل سنة وسيصبح عالميا قبل نهاية القرن ."
ابتسمت وهى تعجبلاستياء السير جورج :"يبدو ان هذا مخيف تماما ".
اجابها :" صدقينى انه كذلك انه يريد ان يبدا هناانه يريد السيطرة على صحيفتنا سنتال "
اتسعت عينا جينا وهى تتنفس بعنف :"ولكن ...ولكنه لنيتمكن من ذلك ابدا ...اليس كذلك اعنى انك مازلت تملك غالبية الاسهم كما اظن "
قبل ان يجيب السيرجورج كان الثلاثة وصلوا اليهما ومارم هاكسلى يقول بلطف "صباح الخير يا سير جورج "كان يبتسم ولكن العجوز نظر اليه حانقا :"ماذا تفعل هنا؟"
لم تتغير ابتسامةمارك كما انه لم يحاول الاجابة على السؤال بل قال :"اظنك تعرف السيد كاسبيان يا سيرجورج ومساعده بييت فان ليدن ؟"
اجاب السير جورج عابسا :"اعرفهما ...."
فقال مارك موجها سؤاله الى جينا :"لكننى لااظنكتعرفينهما يا جينا ؟اقدم اليك السيد نيكولاس كاسبيان ...اقدم اليك جينا تيرتل يانيكولاس "
لم يفسرقرابتها للسير جورج ما جعلها تشتبه فى انهم سبق وتحدثوا بذلك .
مد اليها يدهمصافحا فمدت يدها بحركة آلية فشعرت باصابعه الحازمة المسيطرة تحتويها ما جعلها ترفععينيها اليه مجفلة رات السبب الذى جعل العجوز يصفه بالاخطبوط وتملكها شعور غير مريحبانها قد لا تتمكن من استعادة يدها من يده .
" السيدة تيريل ؟"قال ذلك بصوت عميق وقد ضاقت عيناهالرماديتان الصارمتان وهما تتفحصان وجهها .
كادت تتعلثم وهى تجيبه :"مرحبا بك يا سيد كاسبيان "
كان مذهلا ...رجلااشبه بمولد كهربائى ينبض بحيوية شعرت بها تتسرب من يده الى جسمها جاعلة اعصابهاتتوتر ودمها يسرع فى جريانه لم يكن وسيما ولكنها ادركت انها لن تنسى ابدا ذلك الوجهكانه منحوت او مرسوم باليد ,عاكسا قوة ورشاقة جسده كان له انسياب وقوة فهد اسود ومعذلك فقد ذكرها بالرجل العجوز نوعا ما اثار حيرتها .
لم يكونا متشابهين ولكن هناك شيئا فى العينين والفكذكرها بالسير جورج بشكل غريب ولكن ذوقة فى الملابس كان افضل فقد كان السير جورجيرتدى بذلاته الكلاسيكية التى كان اشتراها منذ سنوات وينوى ارتداءها حتى تهترىءبينما كانت ملابس نيكولاس كاسبيان عصرية الطراز بذلة انيقة داكنة اللون مفصلة علىاحدث طراز وقميص ابيض منشى الى ربطة عنق حريرية بلون القرفة .
كم يبلغ عمره ؟خمسة وثلاثين ؟سبعة وثلاثين ؟اتراه ورث امبراطوريته الصحفية ؟لم تستطع تجنب شعورهابالفضول نحوه ...فكل ما كانت تعرفه عنه هى الاقاويل التى قراتها فى الصحف والتىكانت تسخر منه لمجعه ثروته من بيع امثال هذه الصحف سالها رافعا حاجبيه بشىء منالسخرية :"اظنك تعملين عند السير جورج بصفة مساعدة شخصية؟"
اومات بتردد لاناسم المهنة بدالها اكثر اهمية مما تقوم به عادة .
قال بلهجة باردة "انك اذن تعرفين كل اسراره ؟"فشعرتبالسير جورج يتململ بجانبهم .
قالت بسرعة قبل ان ينفجر السير جورج مرة اخرى :"لااعرف اية اسرار ."كانصوتها مبحوحا منخفضا وهى تراه يبادلها النظرات المتفحصة بشكل حرك مشاعرها كان يتأملمتمهلا وجنتيها العاليتين وفمها الوردى الممتلىء وعينيها اللوزيتين الخضراوينوشعرها الحريرى بلونه الشبيه باوراق الشجر فى الخريف .اثارت نظراته اعصابها ما شعرتمعه برغبة فى ان تنزع يدها من يده ثم تهرب بعيدا ولكن هذا كان مستحيلا اذ عليها انتبقى مكانها متظاهرة بالبرودة.
ولكنها شعرت بالارتياح عندما ترك يدها فتمكنت من الالتفات الى الرجلالاخر تحييه بينما كان مارك يقدمه إليها :"اقدم اليك بييت فان ليدن يا جينا "
كان بييت فان ليدناصغر كثيرا من نيكولاس كاسبيان كان نحيف الجسم فى اوائل الثلاثينات من العمر ليساطول منها بكثير ذا شعراشقر ناعم وعينين زرقاوين براقتين الى بشرة داكنة السمرةجعلتها تتساءل عما اذا كان يعمل خارج الجدران ام انه يمضى كثيرا من وقته فى بلادمشمسة كانت ملابسه اكثر بساطة عبارة عن بنطلون بلون الكهرمان وسترة من التويد وكنزةصفراء فوق قميص ابيض .
قالت :"مرحبا بك "
اجاب بلطف "لى الشرف الكبير "احمر وجهها بينما كان نيكولاس كاسبيان ينظرإليهما .
سالته بصوتمنخفض :"هل تعمل انت ايضا فى الصحافة ياسيد بييت فان ليدن؟"
"من بعض النواحىيجب ان اخبرك بمبلغ اعجابى بهندسة بناء هذا المجمع ياسيد تيريلاننى لم ار شيئا بمثلهذه الروعة فى انكلترا من قبل "
"آه ,اتظن ذلك ؟"واخذت تنظر حولها متشككة الى جدران مجمع باربرى وارفالمبنية من القرميد الاحمر والاسود والنوافذ الزجاجية السوداء التى كانت تبدوكالمرايا الهيكل المثمن الاضلاع ...كل ذلك كان اخر صيحة فى الحداثة والتجديد كانتصميمه يجعل الطباعة وآلاتها فى الطابق السفلى تحت الارض بينما مكاتب الصحيفةالمكيفة الهواء والعصرية تماما بالكمبيوترات كانت تحتل الطوابق العليا ولكن جينا لمتكن تحب كل تلك المظاهر العصرية للغاية .
بدا الهزال على وجه بييت وهو يسالها :"الاتحبينهاانت ؟آه ,انظرى الى تلك الطريقة الاغريقية فى فن استعمال القرميد الشكل المثمنالاضلاع المصاعد الزجاجية الارض المكشوفة التى يمكن تقسيمها بسهولة بحواجز متحركة ,فى المجمع هذا مزايا كثيرة جديدة مثيرة كما اظن "
"لكن بناءها كلف الكثير "وكان هذا صوت السير جورجالذى كان ما يزال عابسا "
فقال بييت بشى من التهكم "انك لاتحصل على الاشياء القيمة بثمن زهيد "
فقال نيكولاسكاسبيان متدخلا بهدوء "ان بييت منهدس ممتاز "
قال بييت وهو يمنحه ابتسامة عريضة ثم يعود ليتحدثالى السير جورج :"بصفتى مهندسا لدى طبعا ما يدفعنى الى القول ان المهندس الجيديستحق ما تدفعه له ولكن صدقنى اننى معجب جدا بمهندسك وبك انت ياسير جورج ,كانتشجاعة منك ان تختار هذا التصميم البالغ الحداثة وانا احسد مهندسك على هذه المنطقةبجانب النهر وكم اتمنى لو اشتركت فى تصميم هذا المجمع "احمر وجهه قليلا وهو يرىنظرة كاسيبان الساخرة ولكنه تابع يقول :"ولكننى مكرس عملى لمؤسسة كاسبيان العالميةولهذا ماكنت ساتمكن من الاشتراك فى مسابقة التصميم التىاقمتها"
فقال السيرجورج :"لغتك الانكليزية جيدة جدا هل تعمل دوما هنا ؟"

essaerp 22-09-11 05:49 PM

اجاب الرجل الهولندى:"كلا ,فانا اعمل فى جميع البلاد الاوربية حيثما يريدنى نيكولاس كاسبيان ان اشرف على بناء ما".
اخذت جينا تتفحص نيكولاس كاسبيان من زاوية عينيها لم تكن فى لهجته لكنة غريبة وهو يتكلم الانكليزية رغم انه يبدو اجنبيا دون شك هل هو لاتينى من شواطىء البحر الابيض المتوسط ؟ان له ذلك اللون.شعر اسود وبشرة سمراء .

سأل السير جورج فجأة :"مازلت لم تخبرنى ماذا تفعل هنا هاكسلى "
احمر وجه مارك هاكسلى ونظر الى نيكولاس كاسبيان
مترددا فكان ان اجاب كاسبيان بنفسه باختصار :"لقد طلبت انا منه ان يرينى المكان "تجاهله السيرجورج وتابع حديثة مع هاكسلى :"هذا ليس تهذيبا تماما اليس كذلك يا مارك ؟اعنى ان تجول بهذا الرجل فى انحاء مجمعى الجديد دون ان تسالنى اولا ؟"
تملك مارك هاكسلى الارتباك البالغ واحمر وجهه :"آسف اذا كنت جرحتك دون قصد ياسير جورج ولكن السيد كاسبيان هو احد عملاء البنك المهمين جدا ..."
فزمجر السير جورج رافعا ذقنه :"وهل انا لست كذلك؟"
بدت التعاسة على مارك هاكسلى بينما هز نيكولاس كاسبيان كتفيه :"اذا كان وجودنا هنا سيسبب ازعاجا يامارك فالافضل ان نغادر المكان "
وقبل ان يتحرك ابعد عن جبينه خصلة من شعره الاسود الكثيف كان حركها الريح وهو يلقى على السير جورج نظرة ادهش جينا ان ترها مزيجة من العبوس والعطف ثم قال بهدوء "ولكن اصغ الى سير جورج لا يمكنك مواجهة الحقائق الى الابد وعاجلا او اجلا سيكون عليك ان تتحدث معى "
فصرخ الرجل العجوز فيه :"اخرج من هنا "ونفر عرق فى صدغه ما جعل جينا تشحب قلقا فتضع ذراعها حول الرجل العجوز فتذعر وهى تراه يرتجف .
فانفجرت تقول لكاسبيان :طارجوك ...انك تغضبه...ارجوك ان تذهب "
فقال السير جورج وهو يبعدها عنه :"لاتتوسلى يا جينا "
إلتقت عينا كاسبيان الباردتان بعينيها لحظة قصيرة ثم قطب جبينه :"هناك هاتف فى سيارتى هل اتصل بطبيب ؟"بدا السير جورج متشجنا وهو يتنفس بعنف :"هل تخرج من هنا او آمر بطردك من المبنى ؟"
فقالت جينا محتجة وقد ازداد شحوب وجهها :"هذا كثير عليه فهو رجل مسن "
أوما نيكولاس كاسبيان براسه فجأة ثم تحول مبتعدا دون ان ينطق بكلمة ,بينما اسرع الرجلان الاخران خلفه .همست جينا وهى تعود فتحيطه بذراعها :"فلنذهب يا جدى "كان الغضب ؟انه دوما نارى الطبع وقد اصبح اكبر سنا من ان يتغير ولكنها على كل حال كانت من الحب له بحيث لم تكن تريده ان يكبح طبعه ولكنها كانت تخاف أن يأتى يوم يقتله فيه حدة طبعه البالغة هذه .
قال لها ساخطأ :"لاتعامينى وكاننى طفل يا جينا "
ولكنه مال يتكىء عليها بثقل جسمه كانا فى طريقهما عائدين الى شارع الصحافة ولكن جينا كانت تتساءل بقلق عما اذا كانت تستطيع اقناعه بالذهاب الى البيت راهما السائق فاسرع يساعدها بامساك ذراع مخدومة متجها به نحو السيارة .
اتكا فى مقعده ثقيل الانفاس والسيارة تتجه بهم الى شارع الصحافة فتحت جينا فمها تقترح عليه الذهاب الى البيت واذا به ينفجر فجاة قائلا وهو يهتز :"اظن احيانا ان لعنه اصابتنى لقد فقد كل شخص ذى شأن بالنسبة الى ...زوجتى اولا ماتت بالسرطان وهى شابة ثم ابننا جاك مات مع زوجته فى حادث طائرة "
شعرت بغصة فى حلقها وهى تمر بيدها برقة على جلد يده المجعد الجاف واصابعة التى تصلبت بفعل الروماتيزم كان نادرا ما يتحدث عن الماضى او عن أموره الشخصية كان يتجنب الافضاء بمشاعرة الى الاخرين وهو يعتبر ذلك خطأ بالغا .
قالت له بهدوء :" عليك ان لاتفكر فى الماضى "ولمنه لم يكن يستمع اليها كان حديثه موجها الى نفسه اكثر مما هو اليها عيناه بركتان من دم ووجهه شاحب كالشمع فتملكها القلق لمظهرة ."تمنت لو كنت مت معهما ولكن ابنهما كان موجودا كان جايمس فى السابعة فقط من عمره عندما قتلا وكان بحاجة الى "
قالت له بلطف :"لقد كان شغوفا بك "عند ذلك ابتسم لها لكن الندم ظهر فى عينيه :"ولكننى اغرقت نفسى بالعمل لكى انسى ولهذا لم اكن اراه كثيرا كنت اتركه دوما مع اناس اخرين واذ كنت اشعر بالذنب لعدم منحه مايكفى من وقتى دللته كثيرا كما اظن فكنت احضر له الهدايا واعطيه ما يطلب واتركه يفعل ما يريد ..."
اخذت جينا تفكر باكتئاب فى ان هذا الدلال تناول امرها ايضا فقد كانت تعرفت الى جايمس عندما كانت هى وجايمس مازالا تلميذين فى المدرسة وفى السابعة عشرة من العمر وفى الثامنة عشرة عرض عليها الزواج منه كانا مايزالان صغيرين وقد احب الواحد منهما الاخر بكل عنف البراءة والصبا كان جايمس متلهفا الى الزواج منها بينهما كانت هى تريد الانتظار كان لدى جينا تعقل فى اعماقها طلب منها التفكير مرتين بالنسبة لهذا الزواج المبكر كانت تحب جايمس بقوة ولكنها كانت تشعر بنفسها اصغر من ان تتحمل مشاكل الزواج ومسؤولياته .
كان والدها حيا عند ذاك فتملكه الرعب احتج وحاول ان يرفض وتملكها شبه رجاء فى ان يفعل ذلك رغم ان حبها لجايمس يجعلها لاتستطيع رفض طلب له ولكن جايمس نجح فى ما يريد لانه كان يحرك كل شىء باصبعه الصغير بما فى ذلك جده وهكذا استعمل الجد الخشونة والفظاعة نحو الوالد المسكين موضحا بجلاء ان جايمس اذا كان يريدها يجب ان يحصل عليها وهكذا اذعنت هى والدها .
لكنه كان والحق يقال يعاملها بنفس الحب والرفق اللذين يعامل بهما جايمس ما جعلها فردا من اسرته وعندما مات والدها قبل وقوع الحادث لجايمس بوقتقصير كان السير جورج من الرقة والحنان نحوها بحيث تعلقت به واحبته حبا شديدا ذلك انها وجدت وراء مظهرة الخشن قلبا محبا حنونا خصوصا نحو الاحداث فى السن .
وكان السير جورج يتابع قائلا :"ثم فقدت جايمس فى ذلك الحادث نتيجة طيشه "
شعرت بعينيها تغروقان بالدموع فاشاحت بوجهها وهى تمسح عينيها بقفا يدها .
فتأوه الرجل العجوز :"انا اسف ياعزيزتى تبا لى تبا لعدم لباقتى اننى اعرف كم يحزنك الحديث عنه ..."
فقالت بحزن "ولكن هذا صحيح فقد كان جايمس طائشا "

essaerp 22-09-11 05:52 PM

الم يكن هذا هو احد اسباب انجذابها اليه فى البداية ؟لقد كانت من حداثة السن بحيث كانت سرعته وعنفه يثيرانها .
اجاب الرجل العجوز عابسا :"نعم هذا صحيح وكل هذا كان ذنبى انا فانا الذى دللته حتى اعتاد التصرف كما يريد لو اننى كنت علمته ان يستعمل عقله لما حاول قط ان يقفز من فوق ذلك السياج بحصان لايستطيع هو السيطرة عليه .ولكان بقى حيا حتى اليوم "
فقالت وقد بدا وجهها شاحبا :"عليك ان لاتلوم نفسك "
فقال عابسا :"ان لك قلبا حنونا ياعزيزتى ولكن الحقيقة هى اننى دوما اقدم عملى على اسرتى "
كانت تعرف اناسا يوافقونه على ذلك فقد كان لديه الكثير من المنتقدين هذا اذا لم يكونوا أعداء ولكنها لم تجد فائدة من لومه فى هذه السن على الطريقة التى امضى بها حياته او لما فعلته به الايام او طبيعته التى خلقت معه .
قال فجاة :"اذا انا فقدت صحيفتى سنتال الان فهو عقاب لى "
التفتت تحدق اليه ذاهلة :"تفقد سنتال ؟ما الذى تتحدث عنه ؟"
تنهد واحنى راسه يسمر نظراته فى الارض :"اظنك ستعلمين عاجلا ام اجلا "
"اعلم ماذا ؟"
"ان لدينا مشاكل ياعزيزتى "
"مشاكل ؟اى نوع من المشاكل ؟"
فتمتم بمرارة :"مالية ان لدينا مشاكل فى السيولة او ما تسمية دوائر الاعمال (صعوبات مالية خطيرة )اما رجل الشارع فيسميه (نحو الافلاس)."
تملكها الذهول وهى تحدق فى وجهه المتحول عنها لم يحدث قط ان نطق بكلمة عن اى من هذا امامها ...ولكن هذا لم يدهشها اذ رغم انها تعمل فى مكتبه الا انه مازال يبقيها فى الظلام بالنسبة الى عمله كانت تعلم ان معظم الناس يظنون انه اوجد لها هذه الوظيفة لكى يعطيها شيئا تعمله بعد موت زوجها وكان فى هذا بعض الحقيقة بحيث لايمكنها الانكار .
كانت تعلمت اعمال السكرتارية ولكنها كانت فى العشرين من عمرها فقط عندما ترملت ولم تكن تستطيع القيام الا بوظيفة بسيطة ولكن السير جورج ما كان ليقبل بذلك اذ كان يقول ان من المحرج له ان تشتغل ارملة حفيده فى وظيفة بسيطة الشأن كما انه لم يسمح لها بالعمل فى شركة اخرى ...فهذا ايضا كان محرجا له كما قال توسل اليها ان تسمح له برعيتها وان يبقيها بجانبة قائلا انها آخر ما يربطه بحفيده الراحل وسيفتقدها لو انها غادرت منزله وشركته وبعد ذلك كانت جينا من الضعف بحيث لم تناقشه فى ذلك لقد كان يخفف من حزنها معرفتها بان ثمة من يحتاجها .
فى البداية لم يكن لديها الكثير من العمل وكان عليها ان تخترع وظيفتها بنفسها وما لبثت ان ادركت بالتدريج ان ثمة فراغا فى المكتب الواسع المزدحم بالعمل والذى يحيط بالسير جورج كان لديه الكثير من السكرتاريين الذين يقومون بكل الاعمال ولكن ماهو بحاجة اليه هو شخص يكون دوما بجانبه ليرعاه شخصيا ويخفف عنه اعباء الحياة مبعدا عنه الناس بمن فى ذلك سكرتيرته الاولى احيانا عاملة كوسيط بينه وبين العالم فتتحدث الى من لا يريد التحدث اليه شخصيا ولكنه لايريد ايضا ان يحرجه ان تكون له بمثابة العين والاذن فى الشركة تتوسط بينه وبين بعض المستخدمين الذين لديهم مشكلات لاتصلح لان يعرضوها من خلال الوسائل المعتادة لقد اصبحت جينا بشكل ما امتدادا للسير جورج نفسه ولكن فى نواح خاصة فقط فهى لم تكن تعلم شيئا عن احوال الصحيفة المادية .
كانت رئيسة السكرتارية وهى امرأة فى منتصف العمر قد كرهت وجود جينا بينهم فقدمت استقالتها املة ان تدفع السير جورج الى الاختيار بينهما ولكنها اخطأت فى ذلك اذ ان السير جورج قبل استقالتها بادب لم يخف ارتياحه للتخلص منها واستبدل بها على الفور امرأة اصغر سنا منها هى هيزل فوربس كانت هيزل تكبر جينا بحوالى السنتين فقط ولكنها كانت فتاة هادئة صافية الذهن لم يكن لديها مشكلة تشغلها عن ادارة المكتب الكبير ما وجدت معه من السهل ادارة شؤون بقية الموظفات وقد اصبحتا هى وجينا صديقتين فى وقت قصير وذلك منذ تاكدت هيزل من ان جينا لن تزعزع مركزها او تستولى عليع لنفسها .
ولكن صديقتهما لم تكن حميمة على كل حال فقد كانت جينا بالغة الخجل فهى لم تخرج مع رجل منذ موت زوجها منذ خمس سنوات دوما كان هناك رجال يتوددون اليها بشىء من التردد ولكنها كانت توقفهم عند حدودهم بادب فقد كان حبها لجايمس عنيفا وكان لشدة الصدمة والالم اللذين عانتهما عند مقتله ما جعلها تخاف من الوقوع فى الحب مرة اخرى .
كانت تعلم الكثير عن هيزل والتى كانت جميلة جدا ومحبوبة رغم انها حتى الان لم تعقد علاقة جدية مع اى من الشان الذين تخرج معهم .
على كل حال كانت هيزل متحفظة تماما فى ما يتعلق بالعمل واذا كانت تعلم شيئا عن الصعوبات المادية التى تواجهها الصحيفة فهى لم تنطق بحرف عنها لجينا ,رغم انها جينا كانت تعلم كغيرها ان الصحيفة تعانى من مشاكل بالنسبة الى هذا الانتقال من شارع الصحافة فليت ستريت الى مجمع باربرى وارف والذى يبعد نصف ميل تقريبا عن ضفاف النهر ا ناول مرحلة من بناء المجمع الجديد كان ينبغى ان تتم منذ اشهر .
وفى الواقع كان المفروض الان ان يكونوا انتقلوا الى مجمع باربرى وارف من البناء القديم والذى يعود طرازه الى القرن التاسع عشر وذلك من فليت ستريت والذى ليس فقط لم ينتقلوا بعد من المبنى القديم وملحقاته بل هم لم يبيعوا ذلك المبنى بعد .
سالت السير جورج :"هل كلف بناء المجمع الجديد كثيرا ؟"
هز هذا كتفيه :"هذا جزء من الامر فالتقييم الاساسى كان مئتى مليون "
فشهقت :"كم ؟"
ابتسم بجفاء :"نعم يبدو هذا كثيرا عندما اخذنا قرضا بهم فى البداية كانت الفائدة نصف ماهى عليه الان ولو ان البناء لم يستغرق هذا الوقت الطويل لكان بامكاننا اعادة المال الى البنك قبل ان ترتفع الفائدة وهكذا استمرت فى الارتفاع ما جعلنا بالكاد نتمكن من دفع الفائدة فكيف بالقرض نفسه ؟"
فقالت مقطبة الجبين :"اليس فى بيعكم للمبنى القديم فائدة محسوسة ؟"
فقال بضيق :"هذا واضح لو استطعنا ولكننا لم نجد من يشتريه حتى الان ان سوق بيع الاملاك فى لندن سىء للغاية وليس هذا نهاية مشاكلنا بسبب هذا الركود الاقتصادى اصيب واردات الاعلانات بنكسة شكلت كارثة حقيقية ,وهكذا هبط دخلنا بينما مدفوعاتنا ارتفعت ومازال علينا سداد هذا القرض "
والقى على جينا نظرة سريعة عابسة وتابع :والان لا اريد التلفظ بكلمة عن هذا المبنى امام اى شخص سينعقد مجلس الادارة هذا الاسبوع ولا احد يعلم نتيجته "
كانت تعرفهم جميعا اعضاء مجلس الادارة اولئك باناقتهم وابتساماتهم ومظاهر حسن التغذية عليهم لو حدث الأسوأ فهم سيبحثون عمن يلقون عليه باللوم وكبش الفداء سيكون السير جورج تيريل دون شك ذلك انه هو وحدهصاحب مشروع مجمع باربرى وارف منذ البداية .
كان المكان الاصلى رصيف ميناء تبحر منه السفن الى شاطىء باربرى فى شمال افريقيا كما ان الرصيف يدعى وارف فى لغة ثديمة وكانت السفن تعود بالعاج والبرتقال والبهارت والسجاد والنحاس والحلى الفضية واكن الاسم بالنسبة الى جينا غريبا رائعا شاعريا انها تذكر زيارتها مرة الى المخازن فى ذلك المكان وكيف كانت الابنية عالية معتمة نوفذها مغبرة تسدها العنكبوت فهى هناك منذ اكثر من مئه عام لم يجرؤ حينذاك على متابعة السير الى الداخل وانما وقفت قرب البوبات العالية تتلصص بنظراتها الى الداخل لقد اختلفت تلك المخازن الان بعد ان جرفها البلدوزر وهكذا وضعت الاسس وارتفعت الجدران نحو الفضاء ولكن عند ذلك كان جايمس قد مات فذهب معه بعض طاقة وحرارة جده العجوز .
وقفت السيارة الليموزين امام مكاتب صحيفة سنتنال القديمة فى فلينت ستريت ثم ترجل السائق ودار حول السيارة يساعد السير جورج وجينا على الترجل .
ابتسمت للسائق قائلة :"اذهب وتناول كوب شاى ياجون لابد انك تشعر بالبرد سنتصل بك عندما يريدك السير جورج ان تأخذه الى الغداء انه سياكل فى النادى اليوم "
امسكت بذراع الرجل العجوز فشعرت به يميل بثقله عليها اكثر من المعتاد كان تعبه يزداد يوما عن يوم اخذا يسيران على الرصيف ببطء الى ان دخلا من الباب الدوار الى الردهة حيث السقف العالى المعتم والارض المرصوفة بالقرميد وفى الداخل كان هدير المكنات تحت الارض حيث تطبع الصحيفة وكانت اجراس الهواتف يتعالى رنينها فيتجاوب صداها فى المكاتب العتيقة فى الطابق الارضى .
حياهما الحارس على الباب ثم هرع لينزل المصعد وتمتمت موظفة الاستقبال بتحية مهذبة اوما السير جورج براسه وقال صباح الخير لاحد من موظفى هيئة التحرير ثم ابتسم لسكرتيرة كانت صاعدة الى مكتبها كان يحب التفكير فى انهمازال على اتصال بمن يعمل فى سنتنال رغم انه منذ وفاة جايمس لم يعد يقوم بجولة بطيئة فى الانحاء يوميا كما اعتاد .
قال لمن كان صاعدا معه فى المصعد :"ان طقس اليوم بارد "فكانوا يبادرون الى الرد بالموافقة فى صوت واحد كما كان يتوقع ولكن لم يحاول احد تبادل الحديث معه عبست جينا قليلا وهى تنظر الى وجوههم المؤدبة لقد اصبح بالنسبة اليهم شخصا نائيا ...اتراه يحس بذلك ؟
كان مكتب رئيس الصحيفة فى الطابق العلوى وعندما خرجا من المصعد قالت جينا :"ياليتك كنت اخبرتنى بمبلغ قلقك فربما كنت ساعدتك بالحديث عن ذلك انك تحمل اعباء كثيرة "
"لااريد ان اضع اثقالى على كتفيك الفتيين كان هذا اخر ما اريد فى الواقع وعندما ابتدا كاسبيان بالمفاوضة اصبح الامر مزعجا لقد تساءلت من اين اتى بمعلوماته تلك ولكن الان اصبح الامر واضحا فقد باعنا البنك "ولمعت عينا الرجل العجوز .
نظرت جينا اليه بانزعاج :"ماذا تعنى ؟"
"اعنى انهم دائنونا الرئسيون فاذا ظنوا اننا قد لا نستطيع مواجهة قرضنا فسيعقدون اتفقا سريا مع كاسبيان "
"من المؤكد انهم لن يفعلوا ذلك اليس مثل هذا التصرف من البنك هو عمل لا اخلاقى ؟"
فضحك بعبوس قائلا :"لا اظن الاخلاقيات تشغل بالهم "
كانا وصلا الى مكتبه فوقف محدقا فى اللوحة المصنوعة من خشب الماهوغانى والموضوعة على بابه ثم قرأ lالرئيس ...السير جورج تيريل ).
ابتسم باكتئاب :"لقد امضيت السنوات الاخيرة اخطط لهذا الانتقال الى مجمع باربرى وارف وسيكون من السخرية ان اترك صحيفتى سنتنال حتى قبل ان اترك هذا المبنى ,اليس كذلك ؟"
وضعت وجنتها على كتفه بحنان :"انك ستفكر فى شىء ما يخرجك من مشكلتك فلا تكن انهزاميا "
قبل قمة راسها وقال :"اذا كان هناك شىء فساجده هذا وعد منى "
وفى مكتبه سعادته على خلع معطفه الكشمير ثم علقته فى غرفة الملبوسات خارج المكتب وما ان جلس السير جورج خلف مكتبه حتى ظهرت هيزل انيقة رشيقة بتنورة رمادية وبلوزة زرقاء وشعرها البنى الداكن يموج حول وجهها البيضاوى بنعومة قالت وهى تضع امامه ملفا :"انك جئت فى الوقت المناسب لاول موعد لقد صنعت القهوة هل اسكب لك فنجانك الان ام تريد انتظار وصول السيد ديردن ؟"
أجاب وهو يضع نظارتيه ثم يفتح الملف :"اريد كوبا الان ولكن احضرى كوبا اخر للسيد ديردن"
سالته جينا :"هل تريدنى ان ابقى اثناء رؤيتك للمحرر ؟"
وكن هو يطلب منها البقاء احيانا اثناء مقابلته الصباحية لرئيس التحرير فقال وقد ابتدأ بالقراءة :"ليس هذه المرة ياعزيزتى "
تبعت هيزل الى خارج المكتب وما ان انغلق الباب خلفها حتى قالت :"اننى بحاجة الى قهوة ثقيلة حقا ,فالبرد جمدنى لوقوفى ذاك فى ناحية باربرى وارف مدة طويلة كما انه هو ايضا بدا متجمدا من البرد ,ياليته لا يصر على الذهاب الى هناك كثيرا "
"قولى له ذلك فربما يسمع منك "
"لقد تعبت من كثرة القول له ولكنه لايهتم"
لم تبد الدهشة على هيزل فقد كانت تعرف الرجل العجوز كما تعرفه جينا تقريبا كانت سكرتيرة درجة اولى هادئة وانيقة للغاية مترقبة اية اشارة من رئيسها وبامكانها قراءة ما بذهنه احيانا ...
ابتسمت جينا لاوية شفتيها ثم حملت فنجانها وسارت نحو مكتبها ,كانت لديها كومة من الاوراق تنتظرها فهذه الايام اصبحت كل الاقسام تفضل الاتصال بالسير جورج عن طريقها راجين ان يستغنوا بذلك عن هيزل التى كانت تحمى رئيسها ازاء اى تطفل غير مرغوب فيه ولكن املهم كان يخيب على الدوام لان اخر ما كانت جينا تريده هو استياء هيزل منها القت جينا نظرة على الرسائل فى حالة كا بينها شىء هام ثم راجعت نسخة من برنامج السيرجورج لهذا اليوم وعندما رات ان ليس لديه موعد فى المساء اتصلت بالمنزل وتحدثت الى مدبرة المنزل السيدة توماس لتقترح قائمة للعشاء تحتوى الانواع التى يحبها السير جورج .
وعندما وضعت السماعة اصطدمت يدها بكومة من صحف اليوم كانت موضوعة على حافة المكتب فانحنت لتجمعها كانت واحدة منها قد انفتحت اثناء سقوطها واذا بصورة نيكولاس كاسبيان فى بذلة السهرة ويضع ذراعه حول كتفى شقراء مذهلة الجمال عرفتها هى ايضا كريستن زوردستروم عارضة ازياء سويدية احتلت مؤخرا أغلف المجلات اتراها اخر صديقات نيكولاس كاسبيان ؟
اعادت جينا طى الصحيفة واعادتها الى حيث كانت ان اعمالها الكثيرة لاتسمح لها بان تضيع الوقت على التفكير فى حياة كاسبيان الخاصة .
اخذت تقوم بالاتصالات الهاتفية احداها الى قسم الاخبار الاجنبية لتتحدث الى صديقة لها من ايام المدرسة روز ايميرى ,والتى حصلت على وظيفة فى الصحيفة حديثا .
سألتها باسمة :"هل اعجبتك الحياة فى سنتنال يا روز؟فقالت روز بحذر :"ليست حسنة دوما "
قطبت جينا جبينها :"هل حدث شىء ؟"
فقالت روز :"لايمكننى الكلام الان ما رأيك فى تناول الغداء معا ؟"
"اليوم ؟"
"هذا عظيم فى اى وقت ؟"
"الثانية عشرة والنصف اتريدين الغداء خارجا ام هنا فى الكانتين ؟"
"خارجا اذا كان هذا يناسبك"
"بكل تاكيد سارى ان كان يمكننا حجز مائدة فى شيشاير شيز ما ريك ؟"
فضحكت روز :"لما لا والا اخذنا شطائر من اى مقهى عام الى اللقاء "
كانت روز بطبعها لاتحب تضييع الوقت وتذكرت جينا انها حتى المدرسة كانت تعرف ما عليها ان تفعل عندما كانتا فى العاشرة كانت روز تدعى انها ستصبح عندما تكبر احسن مراسلة اجنبية وقد دخلت الجامعة لدراسة اللغات ثم ذهبت الى باريس لتعمل فى وكالة انباء لمدة عام مختصة بارسال اخبار فرنسية الى صحف لندن ومن باريس ذهبت روز الى روما حيث امضت عدة اشهر ثم الى برلين وذلك قبل ان ترتب حصولها على منحة دراسية للسفر فى جولة حول العالم لمدة سنة وقد أرسلت ريبورتاجات من كل كمان مرت به فى طريقها وعند عودتها منحها السير جورج وظيفة فى سنتنال .
غالبا ما كانت جينا تحسد روز على رؤيتها الواضحة لما تريده من الحياة ذلك ان جينا لم تكن واثقة من نفسها الى هذا الحد فهى كما يبدو تنجرف مع التيار بين لحظة واخرى ومن مكان الى اخر كالسمكة ويبدو انها دوما تدع الاخرين يقررون امورها عنها ...اولا جايمس ثم جده .
عندما اتصلت بمطعم شيشاير شيز المطعم الشهير فى شارع فليت والذى كان على خريطة السائحين وعادة ما يملاه السائحون من اميركيين ويابنيين حتى الباب تملكتها الدهشة وهى تحصل على مائدة لشخصين لم تكن تناولت الطعام فيه سوى مرة واحدة وذلك منذ سنوات ,ولكنها لم تنس ما قدمه اليها من ستيك وكبد وفطائر .
تصاعد طرق على بابها فقالت وهى مازالت تبتسم "ادخل "وانفتح الباب فرفعت بصرها واذا بعينيها تتسعان ذهولا وهى ترى نيكولاس كاسبيان.
"انت؟"
"انا؟" ثم اغلق الباب خلفه وتفدم نحوها بخطوات واسعة وجعلتها السخرية البادية فى ملامحه تشعر فجاة بالغضب .
سالته بحدة "ماذا تريد ؟لايمكنك ان ترى السير جورج فقد كدرته هذا الصباح بما فية الكفاية بظهورك المفاجىء فى باربرى وارف لاادرى من منكم الاسوا انت ام اصحاب البنك على كل حال لن ادعك تراه مرة اخرى هذا النهار "
جلس على الكرسى امام المكتب دون ان يجيب وقد امال راسه الى جانب ووضع ساقيه الواحدة على الاخرى .
كانت عيناه الرماديتان غامضتين لايمكن قراءتهما كان وجهه فى الواقع دون تعبير على الاطلاق حتى تلك المحة الساخرة فيه قد تبددت ولكنها كرهت منه ثقته الهادئة بنفسه .
شعرت بحماقتها فقد فقدت اعصابها دون ان تؤثر فيه احمر وجهها وقالت بتعاسة :"اه لماذا لاتذهب وتتركه لشانه ؟"
فقال برقة :"اننى لم احضر لرؤيته لقد جئت لادعوك الى تناول العشاء معى "




نهاية الفصل الاول قراءة ممتعة

intisar 23-09-11 09:11 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

anvas 23-09-11 10:23 PM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفك خيتوآأآ
مشكووره جدآ ع القصه
ومبين انهآ مشووقه كثير
جاري القرأه ،،ولي عوده
بالتعليق ان شاء الله
،،
وبانتظار الفصل القادم
عواافي



intisar 24-09-11 12:23 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اريج المروج 24-09-11 01:26 PM

مشكوووووووووووووورة

anvas 26-09-11 08:58 AM


السلام عليكم ورحمه الله
اعجبتني القصه بعد قرآئتهآ
ومتشوقه للاحدآاث
:::
اتوقع انه
جينا راح ترفض دعوه العشاء
،،
وانه العجوز راح يصير لنوبه
ويمووت:30-1-rewity:
اممم وشركاء الصحيفه
راح يبعونهآ للبنك الي راح يشتريها
نيكولاس
ومن هناك راح تبدأ الاكشناات
:a555:

:::
مدري كذآ اتوقع مجرى الاحدآث
:smailes102:

:::
بانتظآر الكماله صبايا
:amwa7:



ام مزن 26-09-11 11:12 AM

الفصل الثانى

لم تصدق جينا أذنيها :
- ماذا قلت ؟
أخذ يهز قدمه :
- هل تحبين الطعام اليونانى ؟ سمعت اخبارا طيبة عن مطعم يونانى افتتح حديثا فى شارع نايتون استريت . اليس هذا قريبا من منزل تيريل ؟
قالت وقد اهتز صوتها من الغضب :
- ان لك اعصاب باردة ,انك ستحطم شخصا اكن له بالغ الحب , ومع ذلك تدخل الى هنا وتتحدث ببرودة الثلج , وتطلب منى تناول العشاء معك
- اذا كنت تحبين السير جورج حقا .....
فقاطعته :
- اذا كنت تريد ان تصل الى السير جورج عن طريقى , عليك ان تنسى هذا , انه لا يسألنى النصحية بالنسبة لشؤون العمل , ليس لدى نفوذ عليه
فقال ببطء :
- انه يدعك فى الظلام , اليس كذلك ؟
القت عليه نظرة باردة :
- اننى لن اتحدث معك عن السير جورج او اعماله
يبدو ان برودتها لم تخفه , اخذ ينظر اليها متاملا , ثم سألها :
- منذ متى مات زوجك ؟
فزاذ ذلك فى غضبها :
- كما اننى لن اتحدث معك عن حياتى الخاصة
فسالها بلهجة هادئة :
- هل هناك رجل فى حياتك
فالتهبت عيناها :
- اخرج من مكتبى
التمعت عيناه بالتسلية وهو يقول :
- كنت اعلم ان ليس لديك صديق
اوشكت لشدة غضبها ان تضرخ به وهى تقول :
- انا لم اقل ذلك
ولم تعلم كم كان انكارها الغاضب بعيدا عن الحكمة الا بعد ان ابتسم ساخرا :
- هذا واضح دون ان تقوليه
خفضت بصرها عابسة مالذى يعنيه بقوله هذا ؟ لماذ عدم وجود رجل فى حياتها واضح عليها ؟ القت نظرة على مرآة على الجدار المقابل متمنية لو كانت وحدها لترى ان كانت هناك أثار لما قد يكون كاسبيان رآه على وجهها بينما كان هو يقول :
- كما سبق وقلت ان كنت حقا تهتمين لما يحدث للسبر جورج عليك ان تتناولى العشاء معى وبذلك يمكننا التحدث عن هذا الوضع
كان يبدو وهو يقول ذلك بأتم راحة واسترخاء , ما اثار غيظها لانها لم تستطع هى نفسها الاسترخاء , كانت من التوتر بحيث اشتبهت نفسها بقطعة مطاط مشدودة , ان وجودها معه فى غرفة واحدة يكفى لجعل اعصابها تتوتر
قالت له باختصار :
- انا مشغولة
سالها :
- هل لديك موعد آخر مع رجل ؟
ترددت لحظة لاتريد ان تكذب , ثم أومات ايجابا حدق اليها بعينين عنيقتين ضيقتين , وبعد لحظة كان واقفا على قدميه ليدور بعد ذلك حول المكتب ثم يجلس على حافة مكتبها بجانبها , تراجعت فى كرسيها الى الخلف وهى تطرف بعينيها , وبان عليها الحذر وهو ينحنى فوقها هتفت به :
- ما ......... ماذا تظن نفسك فاعلا ؟
مد يديه ممسكا بذراعى كرسيها , ثم اداره نحوها لتواجهه , وعيناه الساخرتان لا تبعدان عن عينيها اكثر من انش واحد
كانت ترتدى ثوبا بلون الكهرمان عالى العنق طويل الكمين ذا تنورة واسعة تصل الى منتصف الساقين مبرزة تقاطيعها الانثوية , اخذ كاسبيان يجول بنظراته بين تقاسيم جسمها من شعرها حتى القدر الذى تمكن من رؤيته من ساقيها الرشيقتين , كان تحديقه هذا شخصيا جدا , مما جعل وجهها يتوهج احمرارا .
- لا اصدق ان لديك موعدا آخر
- لا يهمنى ماتظنه
- لماذا تكذبين على اذن ؟
رفعت وجهها تنظر اليه متحدية :
- لاباس ليس لدى موعد اخر , ولكننى اريد تناول العشاء معك
فقال ببرود :
- هذا احسن فانا احب الصراحة , حتى ولو كانت اهانة
اخذ ينظر الى اهدابها المرتعشة , فاحست بنظراته رغم خفضها بصرها , وبعد لحظة قال :
- السير جورج يتصرف بحماقة ولكن ليس عليك ان تقلديه فى ذلك مهما كانت درجة محبتك له , عليك ان تتحدثى اذا كنت عاقلة , تنازلى عن عليائك واقبلى تناول العشاء معى
التمعت عيناها الخضروان :
- لا ادرى ان كان كلامك هذا تهديدا ام ابتزازا , ولكنه مهما كان لافائدة منه , فانا افضل القفز من النافذة تلك على تناول العشاء معك .
فانفجر ضاحكا :
- اعزرينى اذا انا اعتير القفز من نافذة فى الطابق الثانى عشر هو تعبير زائد عن اللزوم عن رفض دعوة للعشاء .
شعرت مرة آخرى بانها حمقاء , وادركت انه ارادها ان تشعر بذلك , فقد اخذت تتدرك اسلوبه , كانت عيناه تسخران منها بصمت , مماجعلها لاتشعر نحوه بالنفور فقط بل بالكراهية ايضا , دوما كانت جينا تعتبر نفسها هادئة , فهى ليست من النوع الذى يطلق تهديدات عنيفة او يرغب فى ضرب رجل بشئ ثقيل ولكن يبدو ان لنيكولاس كاسبيان تأثير غريب على اعصابها اذ لم يسبق لها قط التفكير بهذا الشكل المتفجر, مازاد فى انزعاجاها منذ بلغت الثامنة عشر من عمرها وتزوجت جايمس , حرضت على تذكير نفسها بانها اصبحت كبيرة راشدة , وان عليها ان لاتنسى ابدا انها اصبحت فردا فى اسرة تيريل , مما يجعلها محط انظار الناس اينما ذهبت , ولم يكن هذا سهلا فى البداية ولكنها عودت نفسها على الهدوء والسبطرة على نفسها , حتى بعد مقتل جايمس والحزن البالغ الذى تملكها ........... وهى لن تفقد تلك السيطرة على نفسها الان مهما اغاظها نيكولاس كاسبيان .
تنفست بعمقا محاولة التظاهر بالهدوء مع الحزم :
- اسمع , هل يتوجب على ان اتصل بالحرس الامنى ليخرجوك من مكتبى ؟
لكن التهديد لم يحركه , بل العكس جعله اكثر تهكما وهو يسالها :
- هل المفروض ان يخيفنى هذا ؟
وعندما لم تجب عاد يسالها :
- هل عرفت رجلا قط عدا زوجك ؟
فقالت بصوت كالفحيح وهى تقبض يديها :
- اخرج من هنا
نظر الى قبضتيها رافعا حاجبيه بشكل هزلى يثير الغيظ :
- لماذا يساورنى شعور بانك تريدين ان تضربينى ؟
فانفجرت تقول قبل ان تتمكن من منع نفسها :
- لاننى اريد ذلك فعلا ......
فضحك قائلا :
- انك مليئة بالمتناقضات, ظاهرا تبدين حلوة رزينة تماما , ولكن هناك بركان يغلى وراء هذا , اليس كذلك ؟
اجفلت جينا لقوله هذا , ماجعلها تخرس عن الكلام , فجعله هذا يعود للضحك ثم يقول :
- حسنا . رغم استمتاعى بحديثنا القصير هذا , أرانى مرغما على الذهاب الان اذ عندى موعد للغداء .......
ردت بحدة :
- هذا حسن ...
القى عليها نظرة جافة :
- على السير جورج ان يتعقل , اظنه متعلق بك بقدر تعلقك به , وهكذا رغم ادعائك بانه لايطلب منك النصيحة , انا واثق من انه سيضغى اليك , عليك ان تجعليه يفهم بان ليس له خيار آخر , وسواء تحدث الى ام لا , فانا ساستلم الصحيفة سنتنال
- انه سيجد مخرجا لمشاكله
قالت ذلك بعناد , مماجعل كاسبيان يتأملها وعلى وجهه تعبير غريب , كما بدا فى عينيه هدوء اقرب الى الرقة :
- اكاد اتمنى , لاجلك فقط لو ان كلامك صحيح
شعرت بقشعريرة فى ظهرها , لقد شعرت فى تلك اللحظة بخوف حقيقى على الرجل العجوز , كان فى كلام نيكولاس كاسبيان من التأكد مما بقول , مماجعلها تشعر بالخزف , كان يبدو عليه انه رجل يعلم انه سينجح , وان من غير الممكن ان يتوقف , ولكنها مع ذلك رفعت وجهها تحدق اليه قائلة :
- انا اعرفه اكثر منك
- لكننى اعرف اكثر منك نوع الورطة التى هو فيها الان ..... انه فخ تقليدى يقع فيه رجال الاعمال ....... مؤسسة قديمة تقرر القيام بتغييرات جزرية من توسيع وبناء فروع جديدة واقتراض مبالغ باهظة لتقع آخيرا فى الديون
كان هذا وصفا دقيقا للوضع الذى رسمه لها السير جورج مؤخرا فى السيارة , وتملكها الذعر وهى تدرك مقدار علم كاسبيان بهذا .
قالت بغضب :
- قلت لك اننى لااريد التحدث معك عن هذا الامر .
وحاولت ان تنهض عن كرسيها ولكنه امسك بذراعيها وقد ازداد انحناء عليها اجفلت وقالت بحذر
- اتركنى
- ليس قبل ان تبداى بالاستماع الى جيدا ....... لا اظنك تعلمين الكثير عن دنيا الاعمال , ليس لدى السير جورج أمل بعد الان فى اكتساب مزيد من المال الا اذا باع اما المجمع الجديد الذى يبنيه ....
فقاطعته بقولها :
- انه سيبيع هذا المبنى القديم وليس باربرى وارف
فنظر اليها ساخرا :
- انه معروض للبيع منذ اكثر من سنتين فلم يشتره احد
عضت شفتيها , انه يعلم الكثير , كيف امكن للبنك ان يخون ثقة عميله العجوز بهذا الشكل ؟ ام ان مارك هاكسلى وحده هو المتآمر مع كاسبيان ؟ وهل الشركاء الاخرون فى البنك يعلمون بما يجرى ؟
- بل تقدمت اليه عروض شراء
قالت ذلك محتجة رغم علمها بان جميع تلك العروض لم تكن مقبولة , البعض اراد شراء المبنى بثمن رخيص . لكن السير جورج لم يكن بمثل تلك الحالة الماسة بعد , وتابعت تقول :
- والان من الممكن بيعه فى اى وقت , وبذلك يسددون قسما كبيرا من القرض
- وكيف يمكنهم فى الوقت نفسه دفع الاقساط الشهرية من القرض بينما يجدون صعوبة فى دفع الاجور شهريا , كما تعلمين ؟
اتسعت عيناها ذاهلة لم يكن السير جورج اخبرها بشئ عن ذلك , لم يكن لها شأن طبعا بقسم المحاسبة فى الشركة كما انه ابعدها تماما عن اجتماعات مجلس الادارة والتمويل , ولكن لابد انها سمعت بعض الشائعات , فهذا المكان مصدر غنى للاقاويل التى تتناول كل شئ من آخر علاقة حب بين اثنين من الموظفين الى آخر مرحلة من المفاوضات بشأن الاجور , والمنعقدة بين هيئة الادارة والاتحاد الوطنى للصحفيين , فلو كانت المشاكل خطيرة الى هذا الحد . لكانت سمعت همسات من قسم المحاسبة .
اخذ كاسبيان يراقبها لاويا شفتيه :
- هذا صحيح مع الاسف , ياسيدة تيريل انهم يعيشون من اسبوع الى لاسبوع لا يكادون يستطيعون سداد القوائم المتوجب دفعها , السيولة النقدية لديهم اصيبت بضربة سيئة جدا , ومقدرتهم على الاستمرار فى دفع كمبيالاتهم متوقفة على ان يكون لديهم دخل اكبر الى حسابهم فى البنك وهذا غير حاصل لديهم .
فسالته بغضب :
- من أين علمت كل هذا عن شؤون شركتنا الخاصة ؟
فقال بهدوء :
- ان لدى وسائلى الخاصة , صدقينى فانا اعلم مااقول , ان الدخل يتبدد على الدوام , وليس لديهم من المال مايكفى , ليس بامكانهم الخروج من هذا المحنة الا بحقنة جديدة فى راس المال
حدقت اليه بوجه شاحب بينما استطرد يقول :
- وهذا هو السبب فى ان البنك تحدث الى ومايدفعنى الى التحدث الى السير جورج , ان بامكانى توظيف اموالى فى الصحيفة بشروط معينة
- ليس للبنك الحق فى التحدث اليك
- بل لديهم كل الحق فى حماية استثمارتهم , ان لديهم حاملى اسهم كما تعلمين , يتوقعون الحصول على الفائدة منها من خلال البنك , وطبعا يريدون استعادة اموالهم , وانا واحد ممن لديهم اسهم فى البنك , ولهذا تكلموا معى .
- ما كان لهم ان يخبروك عن اعمال زبون آخر
- كنت اعلم بالامر قبل ان يخبرونى به
فقالت له ساخرة :
- هذا ما ينبقى عليك ان تقوله , اليس كذلك ؟ ان البنك يريد منك ان تحتفظ بهذه المؤامرة الضغيرة سرا
اشتدت يداه على ذراعيها وكأنه يريد ان يهزها :
- ليس هناك مؤامرة , اتظنين حقا انه يمكن لاى مؤسسة ان تغرق الى هذا الحد دون ان يعلم بها احد ؟ لقد سمعت تقولات عن مشاكل السير جورج فى جميع انحاء اوروبا , اخبرونى عن هذا ذلك برلين , سمعت همسا فى باريس , ان اوروبا عالم ضغير ولايمكنك هذه الايام ان تخفى اى شئ مدة طويلة .
عضت شفتها وهى تصدقه مرغمة , لقد لاحظة شيئا هى ايضا , ومنذ وقت طويل وهى تعلم ان هناك مشاكل رغم انها لم تكن تدرك مبلغ خطورتها .
قالت بصوت مبحوح :
- حسنا على كل حال لم يكن من حسن الخلق ان يتآمر البنك معك
فاصر على قوله :
- انهم لم يفعلوا ذلك , لقد ذهبت اليهم أسالهم عن مبلغ صحة ما اخبرونى به , كنت ابحث عن اصحاب صحيفة فى انكلترا لادخل معهم مستثمرا , مفكرا فى انه اذا كان صحيحا ما سمعته عن مشاكل فى صحيفة سنتنال , يمكننى اذن التعاقد مع صاحبها
- ومع هذا ليس عندهم الحق فى التحدث اليك من وراء ظهر السير جورج
فعاد يصر قائلا :
- انهم لم يفعلوا ذلك , لقد حاولوا التحدث اليه بالنيابة عنى , طالبين اليه ان يقابلنى لكى نتحدث فى احتمال التعاقد ....... ولكنه رفض هذه الفكرة
- هل يدهشك هذا ؟ انك تريد ان تأخذ منه صحيفته
تخلل شعره الاسود الكثيف باصابعه عابسا :
- فى عمره هذا كان عليه ان يتقاعد على كل حال , انه اكبر بكثير من ان يستطيع مواجهة كل الضغط والقلق الذى تسببه مؤسسة ضخمة كهذه , خصوصا اثناء الازمات , انظرى الى كيفية مواجهته المشكلات الحالية , انه يتصرف كالنعامة , مدعيا ان ليس ثمة خطرا , بينما هذا يزداد اقترابا كل يوم , ان ماتحتاج اليه المؤسسة واضح ..... زيادة فى راس المال , مبلغ استثمارى جيد من مكان ما , ومع ذلك عندما اقدم له ذلك يرفض التحدث الى , الا ترين هذا جنونا واضحا
- لا اعلم عن الامر مايكفى لكى احكم
قالت هذا ببطء , ولكنها كانت متأثرة بما سمعت منه , المؤسسة بحاجة الى مبلغ استثمارى جديد كما يبدو .... ولكن لابد ان هناك سبب جيد يجعل السير جورج يرفض التحدث مع نيكولاس كاسبيان , كان يخاف منه , يخاف من تحركاته واهدافه السرية .
اجابها قائلا :
- آه , بل تعلمين
وازاداد اقترابا منها فابتعدت الى الخلف ضاغطة بجسمها على مسند الكرسى , شاعرة بالانزعاج , فقد جعلها قربه البالغ هذا منها , جعلها ترى العروق تحت جلده , تألق عينيه السوداوين , خشونة عظام وجنتيه , كانت حدثت نفسها بانه غير وسيم , ولكن الرجولة التى تفيض منه خطفت انفاسها , لم تستطع ان تحول عينيها عنه
- اذا افلست المؤسسة فستصبح مرتعا لكل من يريد منها شيئا
كان يقول ذلك بينما عيناها على حركات فمه شاعرة وكأنها منومة مغنطيسيا , همست تقول :
- لن يسمح السير جورج لمثل هذا ان يحدث
فقال بحدة :
- وكيف يمكنه ان يمنع ذلك ؟ وماذا عن كل هولاء المهددة وظائفهم ؟ وماذا عن اولئك الذين يمولون المؤسسة ؟ وعن الدائنين الذين سيخسرون اموالهم ؟عندما تفلس مؤسسة ما فان من الصعب جدا ان تعود للوقوف على قدميها .
ووجدت نفسها تصدقه ومقتنعة بما يقوله
قالت ببطء
- ان باربرى وارف وحده يساوى ملايين .....
- نعم مازالت المؤسسة تملك اشياء بالغة القيمة , ولكن عندما تتلاشى الثقة بمؤسسة ما يبدا المساهمون ببيع اسهمهم, فتهبط اثمانها كالاحجار , وهى تهبط الان ليس بسرعة بعد , ولكن بشكل قاسى لا يرحم
نظرت جينا اليه بحدة :
- اظن هذا فى صالحك اذ يمكنك شراء اللاسهم بسعر زهيد
فابتسم ساخرا :
- هذا صحيح طبعا , لكن الاسهم المعروضة غير مهمة , لان كميات الاسهم الكبرى هى ملك اشخاص لا يريدون بيعها ولايستطعون ذلك مثل سليد الشاب الذى لم يحصل بعد على ضيعته التى ورثها عن ابيه , اننى بحاجة الى كمية كافية من الاسهم تسمح لى بمقعد فى مجلس الادارة , حيث يمكننى التاثير على طريقة ادارة المؤسسة
كان كلامه معقولا تماما , فلماذا يقف السير جورج ضده الى هذا الحد ؟
قالت :
- من المؤسف انك قمت بزيارة مجمع باربرى وارف دون حصول مسبق على اذن منه بذلك , لم يعجبه هذا , اذ جعله يشك فى امرك .
قال عابسا :
- هذا ما ادركته لو كنت اعلم قد يكون هناك لما ذهبت , ولكننى كنت رأيت المجمع عن بعد فاردت رؤيته عن قرب لاتخذ قرارا نهائيا بالدخول الى المؤسسة , انه قطعة هندسية خلابة تجعلنى استمتع بالنظر اليه لو لم اكن افكر فى الانضمام الى المؤسسة , كما ان بييت يتلهف شوقا الى الطواف فى انحائه هو ايضا عندما كان هنا فى لندن لعدة ايام
تالقت عيناها :
- لقد اعجبه كثيرا , اليس كذلك ؟
فقال بابتسامة ساخرة :
- وقد اعجبته انت ايضا
سكتت جينا مجفلة وقد احمر وجهها , فقال ببطء :
- لماذا تدهشين ؟ ظننت ذلك كان واضحا عليه , وان واثق من انك تعلمين ان تأثيرك عليه كان كبيرا , انه لم يستطع تحويل عينيه عنك , ولكن الافضل ان احذرك ....... ان بييت رجل ظريف , ولكن ليس ثمة امرأة حازت على اعجابه وذلك منذ زمن طويل , ولهذا الافضل عدم التورط معه
- ليس فى نيتى التورط , كما تقول مع اى منكما
قالت ذلك وقد خرجت عن اتزانها وازداد احمرار وجهها .
فقال :
- ولكنك ستتناولين العشاء معى هذه الليلة , فانا لا اراك تعرفين مايجرى , واذا كنت تريدين مساعدة السير جورج , فمن الافضل فى رأيى ان تعلمى كل شئ
كان هذا معقولا , اذا كانت تريد مساعدة الرجل العجوز, عليها ان تحيط علما بكل مشاكله , وببطء اومات تقول :
- ولكن عليك ان تفهم اننى بجانب السير جورج , واننى لن افعل ماقد يؤلمه
قال :
- انك اوضحت ذلك تماما , اذن فسأتى لاخذك عند ....
فقاطعته بقولها :
- كلا , يجب ان لايعلم اننى ساراك , والا سيغضب جدا
وكان هذا منها تخفيفا لمشاعر السير جورج , وهو الذى فى سنه هذا اصبح يرى التآمر عليه فى كل مكان , ولم تكن تريد ان يشك فى ولائها واخلاصها له
- ساقبلك فى المطعم , اننى اعرفه وان لم اذهب اليه قط , مطعم كنوسوز هو عند زواية الشارع عند منزلنا , بامكانى الوصل الى هناك فى دقيقتين مشيا
- لاباس الساعة الثامنة اذن
- ساكون هناك
لم تكد تقول ذلك حتى كان يسير نحو الباب يفتحه وذلك بخفة البرق , نظرت الى الباب وهى تطرف بعينيها , لقد اخافها حقا
قال لها بلطف :
- الى اللقاء
ثم انغلق الباب وساد المكتب السكون , لكن جينا لم تستطيع الحركة بقيت خلف مكتبها تحدق الى لا شئ متذكرة الالفة الغريبة التى كانت تسود حديثهما , وابتسامته الساخرة , روح السيطرة التى تنبثق من شخصيته وجود التهديد الذى يمكنه ان يثيره انها لم تعرف رجلا مثله قط .
تصاعد طرق على الباب فاجابت :
- ادخل
دخلت هيزل وقد استدارت عيناها وبدا فيهما الفضول :
- من هو ذلك الرجل ؟ لقد مضى وقت طويلا هنا , هل كان لاباس فى سماحى له بالدخول دون تنبيهك ؟
فقالت جينا عابسة :
- ياليتك لم تفعلى , اريدك فى المرة القادمة ان تنبهينى الى قدومه قبل اربع دقائق , ان حضوره المفاجئ يمكن ان يحدث صدمة
قالت هيزل ضاحكة :
- هذا مايبدو ان آسفة عندما قلت له اننى ساتصل بك الى مكتبك واخبرك بوجوده لم يسمح لى بذلك , قال انه يريد ان يفاجئك
- وقد فاجانى حضوره حقا
- حسنا , اخبرينى بكل شئ عنه , من هو ؟ ومنذ متى تعرفينه ؟ ولماذا لم تخبرينى عنه ؟
- ان فكرتك خاطئة . فهو ليس .....
ثم سكتت فجاة وقد تذكرت ان هى اخبرت هيزل عنه سيكون عليها ان تجعلها تقسم على حفظ الامر سرا والا فستخبر السير بذلك , وهذا لن يكون مناسبا بالنسبة الى هيزل ووضعها . ومن الافضل ان لا تذكر لها شيئا .
لكن صمتها الطويل زاد من فضول هيزل , لسوء الحظ , فقالت ضاحكة :
- هو ليس ماذا ؟ ليس جادا ؟ الاترين انه الشخص المطلوب من زمن طويل ؟ انه جذاب للغاية وهذا لايدهشنى , لابد ان لديه امراة فى كل مكان , ولكن من يقول ان الحب ان يكون جادا او يدوم وقتا طويلا ؟ ( اغتنم اذن دقائق السعادة قبل ان تذهب ) هذا هو شعارى , لو كنت مكانك لتمسكت به اثناء اهتمامه بى
احمر وجه جينا وبدا عليها الغضب وهى تقول :
- اننى لست متلهفة الى رجل الى هذا الحد
فاسرعت هيزل تقول :
- أعلم ذلك وليس هذا ماكنت اعنيه ...... ولكن اذا اعجبك فلا تترددى يا جينا , انك وحيدة منذ زمن طويل
قالت جينا عابسة :
- فى الحياة ما هواهم من وجود رجل بجانبك .
غمزت هيزل بعينها تقول :
- انهم يجعلون الحياة اكثر سعادة , هيا اعترفى بذلك , انهم اكثر اثارة بكثير من فنجان كاكاو تشربينه وحدك او ساندويتش تاكلينه امام التلفزيون .
لم تستطيع جينا ان تمنع نفسها من الضحك , بينما قالت هيزل ضاحكة :
- اذن تعلمين اننى على صواب , اننى اعرف كم كانت مصيبتك فى زوجك عظيمة , ولكن عليك ان تبداى الحياة مرة آخرى تعلمين ان الزمن لايتوقف .
شعرت جينا بالارتياح عندما رن جرس الهاتف فتناولت السماعة بسرعة :
- الو , هى هنا سارسلها اليك
فتحت هيزل فمها تسالها دون صوت :
- السير جورج
وعندما أومات جينا اسرعت هيزل الى الباب وهى تقول لها من فوق كتفها :
- اخبرينى فيما بعد كل شئ عن ذلك الرجل الرائع
بينما كانت جينا تقول فى الهاتف :
- انها فى طريقها اليك
قال السير جورج باستياء :
- انتن الفتيات تمضين وقتا طويلا فى الثرثرة , كلما اردت هيزل اجدها فى مكتبك
فقالت جينا برقة :
- انا آسفة
لم يكن ماقاله صحيحا , فقد كانت هيزل فتاة نشيطة للغاية وسكرتيرة غاية فى الكفاة لاتكاد تغادر مكتبها , ولكن الرجل العجوز كان متوتر الاعصاب ومتضايقا , ولهذا لم تجادله وتظهر له عدم عدله فى الحكم عليها
فقال بحدة :
- واريدك انت ايضا هنا حالا
عندما دخلت الى مكتبه وجدته مزدحما بالناس كانت الكراسى مصطفة نصف دائرة حول المكتب كل شخص حول نظره اليها ومعظم الوجوه مالوف لديها ابتسمت لهم بينما غمزت لها هيزل بحذر .
قال السير جورج مشيرا الى كرسى بجانبه :
- تعالى واجلسى بجانبى ياعزيزتى
جلست جينا آملة ان تبدوا اكثر هدوءا مما تشعر , متوترة الاعصاب لجلوسها بهذا الشكل المميز, كان هولاء الرجال ذوى مهابة ونفوذ وسلطة بينما كانت تعلم انها اكتسبت مركزها من مجرد كونها كانت متزوجة من حفيد السير جورج ولهذا كانت اعلى وظيفة ممكنة لها هى سكرتيرة , اخذ السير جورج يتأمل وجوه الحاضرين ثم ربت على يدها وقال :
- كلكم تعرفون ارملة حفيدى , السيدة تيريل ولاشك انكم تساءلتم عن السبب الذى جعلنى احضرها الى المؤسسة وابقيها بقربى , حسنا انها ليست هنا لاننى اريدها بقربى , انها كل مابقى لى فى العالم , اسرتى الوحيدة , واريدها ان تتعلم ادارة الاعمال بسرعة وذلك لكى تصبح مستعدة لاخذ مكانى عندما ارحل .
تصاعدت شهقات خافتة من كل شخص فى الغرفة بينما شحب وجه جينا واتسعت عيناها وهى تقابل عينى هيزل المجفلتين
تاخذ مكانه لايمكن ان يكون جادا , ماذا يعنى ؟ انه سيترك لها اسهمه فى الصحيفة ؟ جعلت هذه الفكرة دمها يجرى باردا فى عروقها , كانت بقيت معه بعد موت زوجها لعدة اسباب ....... لانه بحاجة اليها , ثم لانها كانت وحيدة تعسة , وعلى الاخص لانهما احبا هما الاثنين جايمس , الى اقصى حد ماجعلهما عند موته يبقيان مع بعضهما ابتغاء العزاء والسلوان , لقد اصبح السير جورج هو اسرتها وكل شئ لها فى الحياة , ولكن مهما كان تعلقهما ببعضهما البعض الا انه لم يخطر فى بالها قط انهسيترك لها اسهمه فى المؤسسة , كانت ورثة بعض المال من جايمس على كل حال , لقد استثمرتها بعناية ولم تمسها على الاطلاق لانها لم تكن تحتاج الى كثير من النقود , فقد كانت تعيش مرفهة فى منزل السير جورج , ولم تكن تنفق النقود الا على ثيابها وشؤونها الخاصة دافعة ثمنها من راتبها , كان يتملكها شعور غامض بان السير جورج سيترك ثروته لقريب له , وكان له عدة أقرباء لايرى منهم احدا ابدا .
كان له اقرباء فى استراليا تلقى منهم رسائل تعزية عند موت جايمس , ولكنهم لم يأتوا الى الجنازة , ربما عدم مبالاتهم هذه جعل السير جورج غير راغب فى جعلهم ورثته .
كانت هذه هى المرة الاولى التى يشير فيها الى انه سيجعلها وريثته , وقد افزعها هذا , لم تكن تريد منه ان يفعل ذلك , اذ ليس بامكانها قط مواجهة هذه المسؤولية , رفعت بصرها ومازالت عابسة بالغة الشحوب لتجد انها عادت منسية مرة أخرى , لقد كان السير جورج يتحدث عن مسابقة جديدة قد تنشرها سنتنال , وهى محاولة اخرى لزيادة التوزيع واجتذاب المعلنين .
كان يقول لمدير التسويق بيل واطسن :
- لست واثقا من قراءنا يهتمون بلعبة البليارد
- اننى نتلقى دوما رسائل تطلب منا نشر المزيد من نتائج هذه اللعبة , اذا شئت ان تلقى نظرة شاملة على النتائج .....
ثم انخرط فى سلسلة من الاحصائيات وسرعان مابدا الدوار على السير جورج فقاطعه قائلا :
- حسنا , هل نسأل رأى الاخرين ؟ من منكم يوافق بيل فليرفع يده
كان بيل قد اقنع اكثرهم فارتفعت الايدى ونظر السير جورج حوله بضيق :
- حسنا جدا , تابع المشروع اذن يابيل , والان كيف يسير باب الاعلانات
اجاب محرر الاعلانات بسرعة :
- اننا نتدبر امر ابتكار افكار جديدة , والاعلانات تتوافد علينا بشكل جيد جدا
فقال مدير الاعلانات بجفاء :
- ليس بالسرعة الكافية , أرى ان تبحث عن افكار فى مناطق ابعد , ان الشرق الاقصى هو منطقة اعلانات واعدة
فاوما المحرر موافقا :
- اننى اوافقك وقد صدف اننى .......
نظرة جينا من النافذة الى السماء الغائمة , متى يأتى الربيع ؟ يبدو وكأن سنينا مضت على آخر مرة رأت فيها الشمس .
بعد ذلك بنصف ساعة ذهب السير جورج الى ناديه بينما ذهبت جينا للقاء روز , التى جذبت الانظار ببنطلون التزلج الاسود الذى ترتديه وكنزتها البيضاء ومعطفها الاحمر الخشن النسيج , بدات اشبه بغلام بجسمها البالغ النحافة وشعرها الفاحم السواد والمقصوص قصيرا جدا وبشكل أشعث , قالت لجينا :
- انك تاخرت
- آسفة فقد كان فى اجتماع داخلى , لكننى استطعت حجز مائدة فى المطعم على الاقل
عندما وصلتا الى الباب الرئيسى المؤدى الى الشارع مر بهما شخص نحيف طويل كاد ان يصطدم بروز , تمتم من فوق كتفه دون ان ينظر اليها قائلا بالفرنسية :
- آسف
فصاحت فيه :
- هذا حسن , ابطحنى فى الشارع
فالتفت اليها وعندما رآها منحها ابتسامة عريضة متألقة :
- كان لمحرر الاخبار الاجنبية رجل روز المفضل دانيال برونى , لسان كحد السيف , واذا زاد الضغط عليه يصبح عقربا , وكان كثيرون فى الصحيفة يعتبرونه محررا لامعا , ولكنه كان مخيفا بالنسبة لموظفية , ناداها يقول وعيناه تسخران منها :
- - ماهى مشكلتك , براعتمى ؟
ثم اختفى فى المطعم , بينما احمر وجهها غضبا وهى تقول :
- اذا دعانى برعم مرة أخرى
فقالت جينا تنصحها :
- لا تهتمى به
- من السهل ان تقولى ذلك لانه ليس عليك ان تعملى معه
اجتازتا الشارع ثم انعطفتا تدخلان الزقاق حيث المطعم , كان شارع فليت استريت مزدحما تماما , ولكن قبل ان تبدا المؤسسات الصحفية الانتقال الى مناطق أخرى من لندن , كان الشارع اكثر ازدحاما , لقد اختفى اثنان مهمان من معالمها حتى الان , سوق كوفن غاردن , وشارع فليت استريت
قالت روز بصوت اهدأ :
- معطفك جميل جدا
اخذت جينا تسوى من القلاب مسرورة :
- لقد اشتريته من السويد عندما ذهبت مع السير جورج الشتاء الماضى , انه مريح جدا
نظرت روز الى فرو الاستراغان على اطرافه وقالت :
- يبدو روسيا
- هذا صحيح
كان مطعم شيشاير شيز مزدحما , كالعادة ولكن النادل قادهما الى مائدتهما على الفور , حيث اخذتا تراجعان قائمة الطعام , قالت لها جينا :
- احب هذا الاستيك الانكليزى والكبد , وفطائر محار البحر
مطتت روز وجهها :
- هذا دسم جدا كلا , ساتناول سمكا مشويا , ودون ذبدة هذا مع السلطة
طلبت جينا سمكا هى ايضا , ولكن مع خضار مسلوق , وطلبت الاثنتان شماما , وشربتا مياها معدنية فقط , عندما ذهب النادل , نظرت جينا الى روز متأملة وقد لاحظت هالة قاتمة حول عينيها وتوترا فى فمها غير عادى
- كلامك كان غريبا على الهاتف , هل حدث شئ ياروز ؟
- لاشئ لااستطيع مواجهته , وعلى كل حال انا اكره الحديث عن حياتى الخاصة
فضحكة جينا :
- آه فهمت , هل هو رجل ؟ انك دوما سيئة المزاج عندما تقعين فى الغرام اليس كذلك ؟
أحمر وجه روز :
- هراء ان لديك افكار حمقاء .... ثم لاتبداى فى تحليل نفسيتى الم تسمعى مايقال ..... ( لقد مات فرويد ) ؟
سالتها جينا بحذر :
- من هو ياروز ؟ هل اعرفه انا ؟
- من ؟ فرويد ؟ كان عجوزا نمساويا مهووسا بالنساء , حتى انت لابد سمعت عنه
ضحكت جينا ورغم انها كانت تعلم ان روز ترواغ لاضاعة الموضوع الا انها أصرت قائلة :
- انك تعلمين من أعنيه , رجلك الجديد
فقالت روز باختصار :
- انه ليس كذلك , ليس جديدا وليس رجلى
قطبت جينا جبينها بحيرة :
- ليس جديدا ؟ هل يعنى هذا انك تعرفينه منذ زمن طويل ؟ هل اعرفه انا ايضا ؟ ولكن .... من هو ؟
واخذت تستعرض فى عقلها كل الرجال الذين تعرفهم فى الصحيفة , لابد انه شخص فى القسم الاجنبى ثم اذا بها تفتح فمها شاهقة :
- لااظنك تعنين دانيال برونى
كانت روز قد توهج وجهها الان بالاحمرارا , وتالقت عيناها الزرقاوان غضبا :
- هل انت مجنونة ؟ دانيال برونى ؟ اننى اكره حتى رؤية ذلك الرجل , ودوما كنت اكرهه حتى عندما كان أبى يقول انه نابغة
سألتها جينا باهتمام :
- هل قال ذلك عنه حقا ؟
ربما كان هذا هو السبب فى كراهية روز له الى هذا الحد , لان والدها الذى يشغفها حبا معجب به
- حسنا , ان دانيال رجل جيد
فقالت روز غاضبة :
- ربما ولكن اذا لم يكف عن مضايقتى فساقتله يوما


الساعة الآن 02:59 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.