28-11-11, 10:43 PM | #1 | ||||
قاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| // انتقـــام القـــدر // لم يكن صغيرا بالدرجة التي لا تعينه على ادراك الحب الحقيقي ، ولا كبيرا بالدرجة التي تشين به إذا أحب .. ولكنه في كثير من الأحيان يعجز عن تحديد مشاعره وتفسيرها بدقة. كثر ما كان بعيدا كل البعد عن رؤية ملامحها بوضوح .. أو أنه كان يتعمد ذلك! ولكنه على كل حال لم يكن ينوي إيذاء أي شخص. ولكن كم أسقط من ضحايا في سبيل البحث عن الحب الذي يغنيه عن كل البشر .. كما يبرر! فيجلس في نهاية كل قصة أمام محبته، دامع العينين، خافت الصوت، واضعا رأسه بين كفيه .. وتجلس هي رابطة الجأش، متماسكة، محاولة منها أن تخفي ما يشتعل داخلها من لهيب يبدد كل أثر للأمــان، ويحطم كل أحلام اليقظة والمنـــام. ويهشم آخر ما تبق من القلب الجريح حين يقول : "لم أجد فيك المعشوقة التي طالما حلمت بها!" وتختلف ردود الأفعال من قصة لأخرى باختلاف البطلة .. فتبكي حينا .. وتتذمر وتغادره أخرى .. وثالثة توبخه بألذع الكلمات .. ورابعة تلومه وتعاتبه ... ولا مانع من بعض الأرق في تلك الليالي التي تتكرر مرارا بسبب بعض اللوم من المعاتب الخفي الذي يسمى "الضمير"! .. حتى يجد فريسة جديدة تدخل حقل تجاربه، وتأخذ ترتيبها الرقمي في مسلسل حياته .. وينسى كل ما مضى حين يفتن بجمالها، أو رقتها، أو لباقتها .. فيزعم أنه قد وجد مأمله .. ثم لا يلبث أن يكتشف أن عواطفه لم تخرج قط عن محيط الإعجاب! بينما تقع الفتيات في غرامه لكلماته المعسوله، واهتمامه البالغ الذي لا يدوم طويلا .. فتنكسر آمالهن الوردية! وترددت كثيرا أصداء تلك الجملة، التي قد سمعها للوهلة الأولى من إحداهن اللاتي قد فهمنه حق الفهم : "ستجد ضالتك يوما فيمن تعذبك بجفائها" فاضطرب لتلك الكلمات، وازداد الأرق ليلتها .. فلم تعد حينئذ مبرراته مقنعة، فعليه البحث عما هي أكثر اقناعا لفتياته، وأقل تأنيبا لضميره الذي يعكر عليه أحيانا صفو لياليه. كان يخشى أن تتحقق تلك النبوءة، فيقرر ذات يوم أن يتوخى الحذر في علاقاته واختياراته .. ولا يلبث أن ينسى ذاك الأمر حين يتعثر في أحد الجميلات! ولكن اختار له القدر ما هو أسوأ من ذلك وأعظم ألما .. وألقاه ذات يوم عصيب منهارا بجوار جثة مضرجة بالدماء! وكنت أنا ممن أفزعهم بكاؤه وحرقة نواحه .. فأسرعت وأمثالي من المارين نصنع –من دون اتفاق- حلقة دائرية عريضة حول ذاك المشهد المأساوي! كان يدرك أنها قد لفظت أنفاسها الأخيرة بعد أن نطقت بالكلمة التي قد طال انتظارها –للمرة الأولى- من أول فتاة قد خفق لها قلبه حقا! فأخذ يحيطها بذراعيه صارخا عله يستطيع أن يحميها من صفعات الموت التي اصطفت روحها الطاهرة! وترسل يداه على جبينها أجمل عبارات الغزل والعشق، وتُوْدِع قبلاته على جبهتها روحه المهزومة لتسافر معها إلى حيث لا ألم ولا شقاء .. فالسماء رحبة بالقدر الذي يتسع لقلبيهما، وبيضاء بالقدر الذي لن يمزق نسيج سعادتهما! ولكن اختارتها السماء من دونه لتتركه معذبا إلى جوار محبوبته الأولى، وقد أسلمت الروح .. هكذا قص لي الشاب كيف ألقته آثامه إلى تلك المأساة .. وقد اصطحبته إلى منزلي بعد أن فقد صوابه، وشرد في الضواحي بخطوات السكير. فكان يضرب الأرض عبثا لا يدري لأي اتجاه يسير! ارتعشت شفتاه وتلعثم لسانه حين مضى يصف براءة الأطفال التي لم تتوارى عن وجهها لحظة منذ شجار أول لقاء في أحد مراكز التسوق. لم يكن يتصور أن ينبض قلبه بالحب بعد مشاحنة مع احداهن، ثم تصبح تلك التي أثارت غضبه .. معشوقته! باغته الحب، وأخذ يشتعل بدرجات سريعة. وأفصحت عيناها عن الاستجابة لنداءات العاطفة. وكم تمنعت الشفتان عن كلمات كادت ضربات قلبها الصخبة أن تجهر بها! ولم تنكسر كل تلك الموانع والأسوار حتى سالت الدماء وأوشكت الروح على الصعود! فحررت جناحي حبها وأطلقته يغرد في عنان السماء بلا قيود، ونطقت بها في وهن .. فلم تخفق شفتاه في الابتسام وسط انهمار الدموع، مودعا قبلاته على كفيها، فبادلته الابتسامات .. حتى جمدت الأطراف بلا حراك، بلا نفس، فقط عينان مغلقتان، وجسد شاحب تناثرت على أطرافه البقع الحمراء! وكثرما سمعته وسط جموع المشاهدين من عبارات الشفقة والأسف .. وبعض الصياح الذي يتباعد حتى يختفي مناديا "الاسعــاف".. ثم تضرب الكفوف بالكفوف في أسى، ويصيح آخر بعد أن سكن الجسد إلى الأبد : "المشرحة" وها قد مر ثلاثة أيام على الحادثة .. ومازلت أستضيفه في منزلي، ولا أجده مستيقظا بقدر ما أجده نائما! .. أدركت أن ذلك الفتى طيب القلب، ويحمل بين ثنايا قلبه أحاسيس بيضاء .. ولكن عجزت الفتيات عن استفزاز هذه المشاعر النائمة للنهوض .. سوى المتوفــاه. حاولت أن أيقظه منذ قليل خشية لأجله من طول ساعات نومه، فما قوبلت سوى بعينين حمراوين، وجملة تدعو للأسى : "فضلا، لا تزعجني أثناء الجلوس معها" هدير زهدي بتاريخ : 26/9/2011 | ||||
28-11-11, 11:49 PM | #2 | ||||
| جميلة حزينه قصتك عزيزتي هدير.. صحيح هو كان يبحث عن معشوقته و لكنه في سبيل ذلك حطم الكثير من القلوب و كان من الطبيعي أن ينتظر القدر فرصته ليأخذ حق الفتيات منكسرات القلوب.. يسلموا عزيزتي و بأنتظار جديدك. | ||||
29-11-11, 05:27 PM | #3 | |||||
روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| ربما يكون أبيض القلب و المشاعر و لكنه حطم و مزق الكثير من القلوب و المشاعر و يبدو أن نصيبه كان الألم الدائم بعد فقدان الحبيبة >>> إنتقام القدر ... أحزنتنى جملته الأخيرة للغاية ففى النهاية ما هو إلا بشر ... هدير شكراً لك على القصة الرائعة و فى إنتظار جديدك ... | |||||
29-11-11, 08:05 PM | #5 | ||||
نجم روايتي وقاصة وعضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الأعضاء وعضو متألق ونشيط بالقسم الأدبي
| مساء الخير لا اعرف تختلف المشاعر ما بين الكره والشفقة فما الذي كان ينتظره بعد ان حطم وجرح ألم يتخيل للحظة ان احداهن قد تكون أحبته بصدق لدرجة الجنون فكان الحب الاول والاخير لكنه حطمها من دون شفقة يبدو ان كفتي الميزان اعتدلتا فكما تُديت تُدان لكن النهاية تجعل القاريء يشعر بالشفقة والحزن لما آل اليه حاله شكراً هدير القصة رائعة | ||||
02-01-12, 02:11 PM | #7 | |||||||
نجم روايتي وكاتبة وقاصة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وأميرة حزب روايتي وشاعر متميز بالقسم الأدبي ومراسلة أخبار فنية
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حزينة هذه القصة رغم غرابتها ... ما هو الا بشر ... و بالفعل لم تفهمه احداهن لدرجة استفزاز مشاعره كي تستيقظ من سباتها ... فعاقبهن بدمي و قتل قلوبهن ... حتى ادمى قلبه حين وجد ضالته و فقدها مرة واحدة... شكراا لك | |||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|