|
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-02-12, 06:30 PM | #21 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| لم تعد ألانا تسمع من مناقشتهما شيئا فقد شردت افكارها ومرة أخرى ذهبت الى الماضي البعيد ، تفكر في كونون بلطفه ، رقته ، كرمه وحبه .... ولكنه اصبح الآن الرجل الذي قاده قدره الى سوء السبيل ، وصار ضحية لأخطائه ، تزوج زواجا فاشلا ، زواجا ترك جروحا عميقة أليمة في نفسه ، جروحا لا تلتئم. فهو يلومها ، ولماذا يفعل ؟ ألأن خطأه.... كان صوت ماكس عاليا قطع عليها افكارها وأعادها من تأملاتها ، وسمعته يقول: " آمل أن تعقد ولو صفقة واحدة على الأقل ، سيد كونون". " هناك إحتمال كبير يا سيد ماكس". فجأة غدا كونون المضيف اللبق وهو يتابع: " سوف نكمل حديثنا هذا المساء .... بينما تاخذ السيدة قسطا من الراحة". إحمر وجه ألانا ولكنها لم تقل شيئا. اجاب ماكس بجفاء: " إن سكرتيرتي تبقى عادة معي ، عندما أقوم بأي عمل ، وأنا أفضل هذا ، إذا لم يكن لديك مانع ". لمعت عينا كونون ونظر نظرة غريبة نحو ماكس واجاب: " وأنا افضل أن يكون حديثنا للرجال فقط ، أعني ان العمل الذي اريد ان أبحثه معك يخصك وحدك". ثم توقف عن الكلام ، واخذ ينظر الى الانا ، جف ريقها ، وشحب لونها ، واحست أن شهيتها للطعام قد زالت ، ولكنها لم ترغب أن يلحظ مضيفها ذلك ، فرفعت الشوكة الى فمها. " سوف تأوين الى فراشك بعد العشاء". كان أمرا ألقي من قبل كونون ولكن بطريقة لطيفة ، ولم تجرؤ ألانا ان تعصي ، على اية حال فإنه من المفرح والمريح ان تبتعد عنه ، فهو يريد ان يهزمها ، وان يسيطر عليها ، أن يتركها لا حول لها ولا قوة. خرجوا الى الفناء الواسع ، جلسوا حول الطاولة ليشربوا القهوة ، كانت الأزهار جميلة في احواضها ، أخاذة بأشكالها وألوانها ، رائحتها تشرح الصدر وتنعش الفؤاد ، ولكن الانا لم تلتفت لكل هذا ، وكان همها أن تسرع في شرب قهوتها ، متلهفة للذهاب. مما لا ريب فيه أن ماكس كان حانقا ، مغتاظا بينه وبين نفسه ، ولكنه لا يملك إلا الإذعان لما يمليه كونون ، فقد جاء لغرض معين وليس من مصالحه أن يعادي الرجل الذي يامل ان تتم معه الصفقة ، ولذا ، فإنه لم يعترض ، عندما وقفت الانا ، وقالت تصبحان على خير ، ثم تركته وحيدا مع كونون. بعد أن أمضت الانا ما يقرب من الساعة وهي تمشي في غرفتها جيئة وذهابا ، عزمت على الخروج والسير في الهواء الطلق ، عله يصلح من حالها ، او على الأقل يبعد عنها القلق الذي يساورها ، ويساعدها على النوم . وعلى الفور خرجت ، وسارت في الممر الذي يؤدي من الفيللا الى حديقة الورود ، تستنشق عبيرها الذكي ، وتمتع ناظريها بجمالها الساحر . كانت هذه الجزيرة حقا قطعة من الجنة ، نظرت الانا نحو الجبال العالية ، راتها وقد سلب جوالمساء اللطيف خشونتها ، تبدو ناعمة ، قبالة صفحة السماء المتألقة بنجومها الوضاءة. أضواء تطل بفضول من هنا وهناك ، تنبىء بوجود منازل تسترخي بإرتياح على سفوح الجبال. أشجار الزيتون قديمة ، قديمة ، ولكنها لا زالت تزدهي بأوراقها الفضية اللامعة وكأنها في عناق دائم مع شعاع القمر الذي إختلس طريقه اليها ، خلال أشجار السرو العالية. جلست الانا على حائط منخفض ، حيث احست بغتة بالسلام ولأول مرة منذ مجيئها الى هذا البيت الفخم الرائع ، يملكه الرجل الذي كان يمكن أن يكون زوجها في يوم من الأيام ، رجل تبدل كثيرا وكثيرا جدا ، حتى أنها لم تستطع ان تميزه للوهلة الأولى.. أجفلت ، وسمعت دقات قلبها الذي علا وجيبه ، فإلتفتت لترى خيال إنسان آت نحوها من جهة المنزل ، إنه كونون ! هبت من غير ثبات ، تريد أن تهرب من الخيال الذي رأت ، لو إستطاعت ، ولكن قدميها سمرتا في مكانهما ، ثم بدل ان تمضي عادت الى حيث كانت تجلس ، فسار كونون نحوها ، طويل القامة ، يرتدي بدلة سوداء. " هكذا لدينا بضع دقائق اخرى نقضيها منفردين". صوته كان منخفضا ، وأحست بيده باردة كتلك التي في القبور ، عندما تناول يدها. جاهدت ألانا لتتحرر من يده ، ولكنها تعثرت فأمسك بها ، الرجل الذي بدات تكرهه. " دعني أذهب ! اين ماكس ؟ سوف املأ الدنيا صراخا ، إذا لم تتركني حالا". هز رأسه ، وكأنها تطلب المستحيل ، وقال : " ادعك تذهبين ! لقد تركتك مرة ، ألانا ، ولكن لن يتكرر ذلك مرة اخرى ، أنت الآن أسيرتي ، وستبقين كذلك حتى يفرّق الموت بيننا". وضمّها اليه يعانقها. " أنت مجنون ، مجنون ، هل تسمعني؟". ولكنه لم يابه لكلامها ، فعادت تقول وهي تحاول الإفلات من بين يديه : " مجنون .... هي ايضا قالت لك ذلك....". ذهبت هذه الكلمات بكل شوقه ورغبته ، وصاح فيها: " هي؟ من هي؟". " زوجتك". إرتفعت يده كأنه يريد أن يصفعها ، يسكتها عن الكلام ، ولكنه تمالك نفسه وأنزل يده الى جانبه ، وقال بصوت خشن: " أنا لم أتّخذ زوجة أبدا ! انت التي كان يجب ان تكوني زوجتي ، وسوف تكونين ! لقد كانت زوجة الوهم ، وليست لي !". قالت بإضطراب : " أنا.... آسفة ، كونون.....". ضحك بخشونة وقال: " أمن أجلي ؟ شفقتك لم يعد لها نفع الآن ، لقد إستغنيت عنها ! دعي الشفقة لنفسك ، فسوف تحتاجين اليها عما قريب ". | ||||
09-02-12, 09:50 PM | #22 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| أحست ألانا بالخوف ، وإرتجف جسمها ، ولكنها قالت بلطف: " كونون دعني اذهب ، أنا لا الومك على أي شيء فعلته مع زوجتك". ولكنه بدل أن يتركها ، سأل بخشونة : " لماذا تزوجت؟". " لقد أخبرتك ، انني كنت مرغمة.... ولم ارغب في الزواج مطلقا ....". " لكنك تزوجت ، تزوجت وتقريبا مباشرة.......". قاطعته الانا قائلة : " ليس مباشرة ، وعلى أية حال كان هناك سبب هام لزواجي.....". " طبعا سبب هام ! لقد بعت نفسك للأكثر ثراء". رشقها بنظرات حادة متفحصا وتابع: " كيف عملت مع هذا الرجل ماكس نيولاند ، انا لا استطيع ان أفهم ، ايمكن أن يكون كل تخطيطك قد إنتهى الى العدم ، فلم يترك لك زوجك شيئا في وصيته؟". " هذا من شأني وحدي". كان قلبها يخفق أملا ، ولكنها حاولت أن تبدو هادئة باردة ، لعله يطلق سراحها ، ومن الغريب أن ألانا كانت تخلق له المعاذير لكل ما يفعل ويقول ، بينما تعلم منطقيا أن لا عذر له. قال كونون وفي صوته شيء من السخرية : " لم يترك لك شيئا ، وإلا لما كنت هنا الآن ". كانت تريد ان تنتزع نفسها من يده وتسرع راكضة نحو المنزل ، ولكنها قاومت هذه الرغبة ، مخافة أن حركة مثل هذه قد تثير غضبه من جديد ، فتذرعت بالصبر وقالت بلطف: " كونون ، إنني متعبة جدا ، أرجوك دعني اذهب". بقي واقفا من غير حركة ، ينظر اليها نظرات شاملة ، ثم قال بلهجة الواثق مما يقول : " ستكونين زوجتي ، ولا مفر من ذلك ، وسيتم هذا في غضون أسبوع". قالت بحدة : " إنك تتكلم قبل ان تفكر ، انت تعلم أنه لا يمكنك ان تجبرني على ذلك ، ومما لا ريب فيه انني لن أتزوج منك بإرادتي". وقف أمامها مطبقا فمه بحزم كان كرجل يحمل سلاحا سريا ، سلاحا يوجهه الى أعزل ليس له حماية. " سوف نرى ، يا ألانا الحلوة ، نعم ، سوف نرى". كان صوته مليئا بالثقة ، وتعابير وجهه تدل على النصر الأكيد ، ولكنها كانت ترى غير رايه ، وتحسب أن كلماته كلمات رجل لا يعرف ما يقول ، اما أنه غير صحيح العقل فهذا ليس حقا ، ولو أنها نعتته بالجنون ، ولكن يبدو أن الحقيقة هي انك ونون لا يزال يريدها زوجة له ، هذا ما تراه واضحا ولذا فهي آسفة لأجله. " أين ماكس ؟". سألته اخيرا ، وتابعت: " هل ذهب الى الفراش؟". أحنى كونون راسه: " نعم ، لقد ذهب حالما إنتهينا من عملنا". كان كنون ينظر أمامه ، ونسمات من البحر تداعب شعره السود ، الأشجار تنشر طلالها في ضوء القمر ، وكلما لامست هذه الظلال وجه كونون ، كانت الانا ترتعد ، كانت ترى معالم شيء شرير ، شيء يحثّها على الهروب ، الهروب بسرعة وفي تلك اللحظة ، قبل أن يجرها الى الأسفل . ولكنها قالت تتابع الحديث: " لقد ذهب مبكرا ". " قال انه متعب". " هل اعطى سببا لتعبه؟". تعجبت الانا من سماعها أنه متعب ،فهي تعرف ماكس ، وتعرف جيدا انه شديد القدرة على العمل والتحمل ، لا يكل ولا يمل ، كثير النشاط والمهارة ، خاصة عندما يكونان على سفر ، فهو لا يتوقف عن العمل مطلقا ، حتى يستطيعا العودة بأسرع ما يمكن ". وبعد برهة من الصمت اضافت وهي مقطبة الجبين: " مثله لا يتعب". نظر اليها ومن غير تحذير رفع يده الى جبينها ليزيل التعبير الذي بدا عليه ، وقال : " لا تفعلي ذلك ، فالجبين المقطب لا يناسبك". إبتعدت عنه ، فلم يحاول ان يوقفها ، ولكنه بقي واقفا بينها وبين الممر الذي يجب أن تسلكه إذا عادت الى المنزل. " أرجوك ، لا تلمسني ". ولكنه مرة اخرى إقترب منها وحاول أن يعانقها عنوة وهي تجاهد للتخلص منه ، فقال : " الأفضل ان تعوّدي نفسك على لمسات يدي ، لأنك ستشعرين بها حتى آخر يوم في حياتك". " أنت إنسان قلبك مليء بالحقد والكراهية ! كم انا سعيدة لأنني كنت حكيمة بما يكفي ، حتى انني لم أتزوجك ، ما هذه التصرفات المشينة التي تصدر عنك ؟ هل تظن أن بإمكانك أن تجبرني على الزواج منك؟". " أنا لا ألقي الكلام عبثا". قال ذلك بسرعة ، ووقف أمامها باردا ، جامدا ، قاسيا ، كتمثال عظيم من الرخام ، وقف بعيدا عنها ولكن بقيت عيناه تنطقان بروح السيادة المطلقة. شعرت حياله أنها صغيرة تافهة ، وإعتراها خوف شل تفكيرها ، ولكنها إستجمعت قواها ، وقالت: " ولكنك فعلت هذه الليلة ، لقد قلت الكلام عبثا.". قاطعها بلطف: " لا يا عزيزتي ألانا ، سوف تعرفين قريبا جدا أنني اعني كل كلمة قلتها ". تضاعف خوفها ، وكان سهما اصابها ، إلتفت اليها حيث إستطاعت ان ترى وجهه جيدا في ضوء القمر ، كان صارما قويا مليئا بالثقة ، حتى انها لم تعد تستطيع ان تقنع نفسها بالنجاة ، فاحست وكان الدماء تقف في عروقها وقاربت على الأغماء ، فامسكت بشيء قريب منها حتى تقي نفسها من السقوط ، وقالت : " أريد أن أذهب". كانت عيناها الجميلتان تتوسلان بالرغم من أنها كانت تعرف أن عليها أن تبدي شيئا من الكبرياء والغضب من الطريقة التي عوملت بها ... ولكنها تابعت : " إنني متعبة". | ||||
10-02-12, 07:48 PM | #23 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| ولدهشتها وجدته يتنحى عن طريقها مشيرا بيده يدعوها للمرور. " رئيسك سيتحدث اليك في الصباح". كان في صوته نغمة لم تلفت نظرها فحسب ، بل زادت في ضربات قلبها ، ترى ما الذي حل بها حتى تخاف هذا الرجل الى هذا الحد ؟ ولكنها سألت : " سيحدثني عن أي شيء؟". سألت وهي تحاول السير فتعثرت بحجر وكادت تسقط ، ومرة ثانية كانت قبالته ، وإقترب منها ، كان باردا نظيفا هذه المرة ، كنسمة الهواء الناعمة التي تمر بالأرض البكر غير المزروعة ، شعور غريب المّ بها ، وإنثنت كمثل بنفسجية خجلة على سفح جبل ، وبخفة إبتعدت عنه. وإجابة على سؤالها قال كونون : " سوف تعرفين كل شيء عندما يتحدث اليك ". ولكن الانا توقفت وأخذت تستوضح منه ببعض الأسئلة ، فاضاف: " لقد قلت انك متعبة....". ومرة أخرى قاطعته قائلة: " ولكن ليس الى حد يمنعني أن أعرف الأمر الذي سيحدثني به ماكس". فقال بهدوء : " لقد اسأت فهمي ، فأنا افصد أنني لو أخبرتك به الان ، لطار النوم من عينيك". سالت ألانا صائحة: " لا أستطيع النوم ! ماذا تعني؟". أخذ كونون يهز كتفيه بلا مبالاة وهو يقول: " انت تعرفين منذ وقت طويل انني منيع امام مكر النساء ، ولن أقول الان شيئا ، سوف تعرفين كل ما يجب ان تعرفيه ، عندما يتحدث اليك ماكس في الصباح". ولما وصلا الى الفيللا ، قال : " إدخل انت الآن ، فأنا اريدان امشي قليلا ". ومن دون اية كلمة أخرى ، إستدار ومشى ثم غاب مسرعا بين ظلال البستان . لم تستطع ألانا ان تتحرك ، بقيت تنظر خلفه حتى ختفى كليا عن ناظريها ، إختلطت عليها الأمور وإحتشدت عشرات الأسئلة في رأسها ، فمثلا لماذا في هذه اللحظة بالذات كانت تبحث في قرارة نفسها عما إذا كان كونون سينتصر عليها؟ شردت افكارها في الماضي البعيد ، الصراع العنيف الذي إعتمل في نفسها قبل أن توافق على زواجها من هوارد بيومونت ، ترى هل هذا هو السبب الذي جعلها تتساءل عن كان من الممكن أن ينتصر كونون عليها ايضا؟ وتساءلت الانا ، ترى على أي اساس يؤكد كونون أنها ستصبح زوجته ؟ ثم هزت كتفيها من غير أن تصل الى نتيجة وصعدت الدرج مسرعة ، وهي تقول في نفسها أنها لا يمكن باي شكل من الأشكال أن تكون زوجة لرجل مثل هذا ، رجل اقل ما يمكن ان يقال فيه انه ليس بافضل من وحش.... دخلت غرفتها واخذت تذرعها جيئة وذهابا ، لم تستطع ان تذهب الى فراشها ، يجب أن تعرف الأمر من ماكس ، هذا الأمر الذي سيسرق النوم من عينيها طيلة الليل عن عرفته ، وقد سرق النوم من عينيها حتى قبل أن تعرفه.... عندما وصلت الى باب غرفة ماكس ، تريثت قليلا قبل أن تقرع وتناديه برقة وعذوبة ، فتح الباب مباشرة وهو لا يزال بكامل ملابسه ، إذن ماكس ايضا لا يزال يقظا ، علت الدهشة وجهها وخرج من بين شفتيها صوت يدل على عدم تصديقها لما ترى ، نظرت اليه فلاحظت وجهه الشاحب ، لاحظت أنه يبدو أكبر سنا وأنه غارق في اعماق الياس ، قالت صائحة: " ما بك ؟ ماكس ، ما الذي حدث؟". تردد قليلا ، ولكنها كانت تعلم أنه يريد أن يوضح لها الأمر ، وأخيرا تكلم: " ذاك اللعين ، ذاك الهمجي الذي أحضرنا الى هنا بحجة مهمة كاذبة....". قطع كلامه ، وإبتلع ريقه بصعوبة واخذ يهز راسه ذات اليمين وذات الشمال ، فسالت بإستغراب: " مهمة كاذبة". تحركت ببطء نحو رئيسها الذي رفع يديه بإيماءة تدل على اليأس وانه لم يعد باليد حيلة ، ثم تركهما تضربان جانبيه بإستسلام. تابعت الانا إستفسارها : " هل تعني انه إحتال علينا للمجيء الى هنا؟". كان صوتها مليئا بالدهشة والإستغراب ، نظر اليها ماكس مستوضحا ،وقبل أن يسأل ، أضافت: " لا شك ان لديه أمورا خفية ". " أكنت تتحدثين اليه؟". أحنت راسها ، وقالت : " إنه غريب جدا...". توقفت عن الكلام قليلا ، وإصطبغ لونها بالحمرة عندما تذكرت تصرفه معها ، ثم تابعت: " قال انني سأكون زوجته في القريب العاجل". نظرت ألانا في وجه ماكس ، لترى تاثير هذه الكلمات عليه ، فلم تر سوى قناع لم تستطع أن تفهم ما وراءه ، ثم لمحت بعض التغيير فيه ، لم تفهم سببه ايضا مما زاد في تلهفها لمعرفة ما قاله له ، وأضافت: " ماكس ، قل لي ، ماذا قال لك ؟ فهو لا شك كان يضمر شيئا عندما أخبرني بانك ستتحدث اليّ في الصباح ، فلم أستطع الإنتظار ، ولذا تجدني هنا الآن ، أحس ان ثقته ترتكز على اساس قوي ، مع ان عقلي يحدثني أنه لا يمكن ان يتزوجني من غير موافقتي ، وهذه لن يحصل عليها بالطبع". فسالها بقلق: " ألانا ، هل انت متاكدة الى هذا الحد ؟ ألن توافقي على الزواج منه ولا تحت أي ظرف من الظروف؟". تراجعت الى الوراء أمام اسئلته ، وسالته بدورها بحدة: " ما هذا الذي تقوله ؟ لا يوجد هناك اية ظروف يمكن أن تجبرني على الزواج منه..". قاطعها بهدوء ، ولكن قبل أن يترك لها فرصة للإجابة ، تابع قائلا: " إنسي ذلك ، عزيزتي ، سوف أخبرك كل شيء وبكلمات موجزة قدر الإمكان". وبمنتهى الياس أخذ يتابع قوله: " لقد دمرني يا ألانا ". توقف قليلا ليأخذ نفسا واضاف: " لقد عرف كونون سرا خطيرا كنت أحتفظ به لنفسي". | ||||
11-02-12, 04:51 AM | #24 | ||||
نجم روايتي
| لالالالالالالالالالالالال الالالالالالا انا مو قادره اصدق بصراحه كونون شرير مررررررررررررررررررررررره ايش براسوا قاهرني والله يلا حبيبتي كملي الروايه تراني مو قادره استحمل بسسسسسسسسرعه :heeheeh::heeheeh::heeheeh: | ||||
11-02-12, 06:48 PM | #25 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| توقف ماكس عن الكلام مرة اخرى وإستدار نحو النافذة ، سار اليها ببطء ، يسحب الستائر عنها ، كل شيء في الخارج كان يخلد الى السلام والراحة ، الزهور الجميلة العطرة ، الجبال العالية الصامتة ، البحر الفسيح الداكن ، واشجار النخيل المتمايلة تتطلع الى فوق بإتجاه السماء المتلألئة ، أما هذان الإثنان في الداخل ، ماكس والانا ، فقد فقدا كل سلام وراحة ، وخيم عليهما الخوف والقلق. وعاد ماكس للكلام: " منذ زمن طويل ، إحتلت على رجل كبير السن وسرقته ، وصدف أنه ذو قرابة بكونون ...". فصاحت برعب: " أنت سرقت مال أحد ؟ هذا مستحيل ! فانا منذ عرفتك ، منذ عملت معك عرفت انك مثال الأمانة والشرف". " اليوم نعم ، ولكن قبل مجيئك لا ، لقد اصبحت مرة على وشك الإفلاس حيث فقدت تقريبا جميع أموالي في طيش الشباب". صمت عن الكلام لحظة وإبتلع ريقه ثم قال: " دخل علي مرة في مكتبي رجل يوناني كبير السن ، يعرض علي قطعة من الأرض واسعة لأشتريها ولما كان على خصام مع إبنه الوحيد ، ويريد أن يحرمه من الميراث ، أراد أن يبيع جميع ما يملك من أراض ، ذهبت معه الى اليونان وعاينت الأرض فلم أصدق أن الحظ سيوافيني هكذا ، كانت الأرض افضل وأجمل ما في البلاد ، فإشتريتها منه بثمن بخس ، ثم بعتها بريع مليون من الجنيهات ....". صاحت الانا مرتعبة مما تسمع: " ماكس ! لا ! آه ، لا ، لا يمكنك ان تفعل ذلك !". إستدار ماكس وخفض ناظريه ، غير قادر على تلقي نظراتها ، وتابع : " نعم ، ألانا ، لقد فعلت ، كل منا لديه نقطة ضعف ،جميعنا لديه ما يخفيه ، وحسبت ان سري سيبقى طي الكتمان ، يا الهي ! تصوري أن كونون كان على علم بهذا السر طيلة هذه المدة.........". " وهو يهددك الان ، أليس كذلك؟". كان إيمانها بماكس قويا ، كانت تثق بكل ما يعمل ، وترتكز في عملها معه على امانته المطلقة ، والآن تعلم بهذه الجريمة النكراء ، وليس من احد آخر ، بل من ماكس نفسه". كررت سؤالها ، لتعرف الحقيقة. " اهو يهددك ، ماكس؟". بدت المرارة في قسمات وجه ماكس وبصعوبة تكلم: " نعم يمكنك ان تسمي ما يقوم به تهديدا ، ومن قبل أن اصف أي شكل من التهديد يستعمله معي ، يجب أن أشرح لك بعض الأمور". صمت قليلا يستجمع أفكاره ، ثم قال: " إن ذاك الرجل المسن اللطيف من ماني ، وهي منطقة من مناطق اليونان مثل جزيرة كريت ، لها تقاليدها وعاداتها ، ومن هذه العادات واحدة لا يكاد المرء أن يصدقها ، وهي الأخذ بالثأر ، أظن أنك لم تسمعي بالثار ، فدعيني أوضح لك ". اخبرها ماكس ان الثأر عادة متأصلة عندهم ، وإذا لحق أي ظلم أو ضرر بشخص ما ، فإن أفراد عائلته مستعدون للأخذ بثأره ، والإنتقام من الشخص الذي ألحق به الأذية ، ون لم يجدوا ذلك الشخص فغنهم يوقعون العقاب بشخص آخر من افراد عائلته ، عقابا قد يكون أحيانا أمر من القتل". " وكونون هو الذي أخذ على عاتقه مسألة الثأر منك؟". تطلعت الى ماكس ، فرأت تعابير اليأس القاتل بادية في عينيه الرماديتين ، وأضافت: " ولكن ماذا يمكنه ان يفعل ؟ أعني انك إشتريت الأرض ودفعت ثمنها ، فبأي شيء يستطيع ان يهددك ؟ هل يستطيع؟". وبعد برهة صمت قال ماكس: " في خلال ساعات بعد توقيع العقد ، جاء الرجل يريد ان يلغي العقد ، ولكنني رفضت ، وأظن أنه قضى بسبب ذلك ، ألانا ، لا أدري ما الذي اصابني ، لم فعلت ذلك ؟ إنه لا شك الطمع ! مجرد الطمع!". كان يعاني الكثير من عذاب الضمير ، فقالت له لانا: " شيء فظيع يا ماكس!". " أعرف ذلك ، آه ، انا أعرف ذلك يا ألانا ! ". اخفى عينيه بيديه ، إهتزت كتفاه ،وإمتلأت عيناه بالدموع. أثرت حاله في الانا كثيرا ، وصعب عليها ان ترى رجلا يكاد يبكي ، ففاضت عيناها بالدموع، وخيم عليهما الصمت فترة ، حتى إستطاعت أن تمسك نفسها وقالت : " ماكس ، كنت أريد ان أقول قبل ان تقاطعني ، إن الأمر ولو كان شنيعا ، ليس لك أن تخشى كونون ، لقد قلت أنه يهددك ، وانا لا اجد فيما قلت ما يجعله متمكنا من ذلك ، أريد ان أعلم لماذا يهددك؟ ماكس ، عزيزي ماكس ، لا تخشى شيئا ، فهو لا يملك ماخذا عليك...". " العقد لم يكن قانونيا....". تكلم ببطء ، ينظر اليها وشفتاه ترتجفان .... وتابع: " انا اعرف أنه لم يكن قانونيا ، ولكن الرجل المسن لم يكن يعرف". تكلمت الانا ، وقد جف ريقها وبصعوبة خرجت الكلمات من بين شفتيها : " أنت.... أنت خدعته يا ماكس ، كما....". ومن قبل ان تكمل ، قال : " نعم فعلت ، ألانا". " إذن يمكنه أن يقدمك للقضاء؟". " نعم هو كذلك ، وإذا حوكمت ، فإنني سأقضي وقتا طويلا في السجن هنا ، بالإضافة الى إعادة المال الذي إستلمته ثمن الأرض ،وهكذا ستنهار المؤسسة وسمعتي ستلوث ". " ستنهار .... مستحيل !". كان ماكس قد وسّع أعماله ، وفتح لمؤسسته فروعا في كندا وأوستراليا ، كما كان اكثر تجار الأملاك إحتراما في لندن ، كلمته فوق الشبهات ، وجميع الذين يقصدونه ، يأتون اليه وكلهم ثقة به وبأمانته ، ومع ذلك فقد كانت في حياته هذه الوصمة السوداء. | ||||
12-02-12, 06:11 PM | #26 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| لقد صدمت الانا بما عرفت ، وبأنها كانت تعرف القليل جدا عنه ، كان حزينا وآسفا على ما فعل ، وهذا يعني في رأيها ، أنه غير شرير ، لقد كان يافعا في ذاك الوقت والتجربة قوية فلم يستطع مقاومتها ، وأما الآن فليس لديها أي شك على الإطلاق ، انه يستطيع مقاومة جميع التجارب. وبعد فترة صمت ، عادت تقول بصوت راح ينخفض حتى أصبح كالهمس: " لن تنهار، ماكس ، لن تنهار اعمالك الرائعة...". " يجب أن أواجه الحقيقة يا الانا ، لقد إنتهيت !". إقتربت منه حتى كادت تلمس يده : " لا ! انت لم تخبرني عما يريد بالضبط ، فأنا متأكدة أن هناك طريقة للخروج من هذا المأزق". إبتعد عنها وسقطت يدها الى جانبها ، لقد كان يمر بماساة ، ولكن لا بد ان يكون هناك مخرج. " هناك طريقة واحدة للخروج ، ولكنني على غير إستعداد لأن أخبرك بها...". قاطعته الانا بتلهف: " ولكنك قلت انك ستخبرني بكل شيء ، فقد اخبرتني الكثير ، وما عليك إلا أن تكمل الباقي". " لا أستطيع". كان صوته ثابتا ، ولكن ألانا توصلت الى حل ، ولمعت عيناها الجميلتان ببارقة امل ، وقالت: " أنت تملك الآن مبلغا كبيرا من المال ، ويمكنك ان تستدين مبلغا آخر ،وعندئذ يمكنك ان تعيد المال للإبن". خيم سكون عميق عليهما وعندما تكلم كان الحزن يقطر من كلماته: " لقد إنتحر الإبن ، ألانا...". توقف عن الكلام بضع دقائق وكتفاه تهتزان ، ثم تابع: " لم أكن اعلم بذلك ، حتى اخبرني كونون هذه الليلة ، ألا تدركين يا ألانا ؟ لقد قتلت رجلا!". احست الانا وكأن دفق الدم توقف في عروقها ، وسمرت في مكانها لا تستطيع الكلام . وتابع ماكس قوله: إنني أتعذب... ويجب علي أن أعاني حتى خر يوم في حياتي!". حاولت ألانا ان تتكلم ، أن تخفف عنه بعض آلامه ، وخرجت الكلمات من فمها بصعوبة ولكن برقة وعذوبة: " ماكس لا تقلق الى هذا الحد ، فأنا لا أستطيع ان احتمل رؤيتك على هذه الحال". إغرورقت عيناها بالدموع ، وسرعان ما تذكرت كلمات كانت تقولها والدتها لها: " مشكلتك أنك رقيقة القلب ، فأنت لن تصادفي الأذى في حياتك فحسب ، وإنما ستخدعين أيضا بأناس أكثر منك حذقا ، كوني حذرة يا بنيتي ، وحاولي أن تري ما في داخل القلوب". كانت والدتها تحذرها وتريدها أن تغير من طبيعتها ، ولكن ألانا لا تستطيع أن تفعل ولا تريد ، فإن كانت رقّتها وحنانها يبعثان العزاء والسلوى في قلوب الآخرين ، فهي تكون سعيدة جدا بقدرتها على المساعدة ، والآن ، رغبتها الوحيدة هي ان تساعد ماكس ، ماكس الذي كان لطيفا معها ،وحسن المعاملة ، طيلة الوقت الذي عملت معه ، فهو الذي اعادها الى العمل عندما إحتاجت لذلك ، واكثر من ذلك فهي لن تنسى ما دامت على قيد الحياة ، إنه جازف مرة بحياته من أجل ان يخلصها من بناء كان يحترق وهي في داخله ، فهي مدينة له بحياتها، ولن تنسى انها وعدت أن ترد له الجميل في يوم من الأيام. بعد ترة صمت خيم عليهما ، قال ماكس: " إذهبي الى فراشك عزيزتي ، لا بد أنك متعبة جدا". اجابته بصوت حازم: لن أذهب ، أريد أن أعرف ما هي مطالب كونون ". الح عليها بالذهاب ، واصرت أن تسمع الجواب. " ألانا ...". " نعم ، ماكس". خرجت الكلمات متقطعة من فمه وهو يقول: " أنا لا استطيع ان أخبرك عن ماهية تهديد كونون". " تهديد؟". رددت كلمته ،وقد حل في نفسها إحساس بأن ماكس يريد ان يخبرها كل شيء عن إنذار كونون ، ولكنه يتظاهر بأنه غير راغب في ذلك ، واضافت: " لم افهم شيئا !". " ارجوك إذهبي الى فراشك ، ولا تصري اكثر ". ضاقت عيناها وبدا صوتها جافا باردا وهي تقول: " أظن انه من الأفضل أن أذهب وأسأل كونون نفسه ، لعلي استطيع أن اعرف منه أكثر". توقفت قليلا وبقي ماكس صامتا ، ثم اضافت: " أن الأمر يشملني ، اليس كذلك؟ ولولا ذلك لما سألتك اية إيضاحات ، كونون قال لي أنه إذا اخبرني فلن يغمض لي جفن". لاحظت جمود ماكس ،وإستدارت نحو الباب ، وما كادت تبلغه حتى سمعته يقول بصوت منخفض: " ساوفر عليك مشقة الذهاب اليه ، فإن تهديده....". وتوقف مرة أخرى ، وعادت اليها تلك الفكرة الغريبة بانه تظاهر بالإمتناع عن القول ، ولكنه تابع: " هذا لن يغير في الأمر شيئا ، الانا ، فانا لن اسمح لك بأن تضحّي بنفسك من أجلي". دارت ألانا على نفسها ، وقد زاغت عيناها: " أضحّي بنفسي !". قشعريرة إعترتها ، هزت جسمها هزا ، اشبه بقشعريرة الموت ، وإستطاعت بصعوبة ان تسال : " ماذا تعني ماكس ؟". جمد لحظة ثم قال : " إنه يمنحني حريتي، إذا إستطعت أن أقنعك بالزواج منه ، فهو يعرف انني أنقذت حياتك مرة من الحريق ، ويعتمد الآن على ردك للجميل :, " هو يعرف انك انقذت حياتي ؟ كيف عرف ذلك؟". هز ماكس راسه وقال: " يبدو انه يعرف كل شيء عن كلينا ، أنه أمر يكاد لا يصدق ، ولكنه الواقع ، يبدو أن له في لندن من يدوّن له حركاتنا وسكناتنا". صمت لحظة ، ينظر اليها مباشرة ، ثم تابع: " يظهر أنه لم يتوقف عن رغبته في الزواج منك طيلة هذه السنين، ولست أدري ما الذي يدفعه للإصرار على الزواج منك بهذا الشكل ، اهو الحب مثلا ؟ حاولت ان أستدرجه لعرف السبب ولكنني لم أفلح". " اهو واثق أنني ساتزوج منه كي أنقذك؟". | ||||
13-02-12, 08:17 PM | #29 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| جاهدت كي تضبط نفسها كما كانت تفعل دائما ، ولكن الحكم بالموت أهون عليها الف مرة مما يطلبه ، وأخذت تفكر بالماضي ، تتذكر مشهدا تتخيله في ذهنها ولكنها لم تره ، مشهدا قيل لها عنه ، إن ماكس كان بطل الساعة في ذلك الحين ، خاطر بحياته ليخرجها من المكتب الذي إشتعلت فيه النيران ، كانت فاقدة الوعي ، وإستطاع ان يخرجها سالمة قبل ان يسقط سقف الغرفة وينطبق على الرض بثوان معدودة خرجت ألانا من الحريق سالمة ، لا اثر للحروق على جسمها ، اما ماكس فسيبقى مدى الحياة يحمل علامات الحروق على كتفيه وظهره. إنتبهت ألانا الى أنها شردت طويلا ، وعادت تقول: " لقد كان واثقا من أنني سأكون زوجته ، والآن عرفت سبب هذه الثقة " . " ثقة في غير حلها" قال ماكس ذلك وهو يهز راسه ، كأنما يريد بذلك أن يضيف قوة الى كلامه ، وتابع: " لن ارضى بنفسك من اجلي ، وأنا أعني ذلك". صوته كان ثابتا ، ولكن ثمة شيئا مبهما فيه ، تجاهلته ، وافكارها عادت الى كونون الذي يبدو انه كان يتابع كل ما يجري معها ، فلماذا؟ لماذا يريد أن يتزوجها؟ ألا يمكن أن يكون الحب ، فلا شك أن هذا الشعور قد مات منذ زمن طويل ، أما الرغبة في تنفيذ كلامه فقط ، فهناك إحساس في داخلها بأن الحقيقة ليست كذلك ، فإذا لم يكن لديها الرغبة لتتحقق من ذلك حاليا ، وقالت : " يعني أن زواجي من كونون يحميك من العقاب ومن الدمار...". " ألانا......( قاطعها قبل ان تتمكن من إتمام كلامها) لن اسمح ل كان تضحي بنفسك ، دعينا ننسى كل شيء عن هذا ، إنسي الجميل الذي تذكرين دائما أنك مدينة به الي ، وكذلك الوعد الذي قطعت على نفسك ، فأنا أذعن للدمار ، والعقاب، والسجن". إنقطع عن الكلام ، وألانا تنظر اليه ، ومع كل ما رأته من تعابير محزنة على وجهه ، فإنها قطبت حاجبيها بكثير من الشك ، لم يكن من الضروري ان يذكر الدين الذي له في ذمتها ، وان يذكرها بالوعد الذي وعدت ، فقالت: " ماكس ، أنت أنقذت حياتي بمحض إرادتك ، وإذا جاء يوم أستطيع فيه أن أرد المعروف ، سوف افعل ، مهما كان الثمن". صممت ألانا ان تفي بوعدها ، من غير أن يذكرها بذلك ، فسوف تنقذ ماكس ، طالما ذلك في قدرتها ، إنها مجبرة أخلاقيا ان تنقذه من اجل شرف الوعد الذي قطعته عن نفسها ، وصممت أن تفي به وقت الحاجة ، والآن جاء الوقت المناسب لتفعل. وفي لحظة رعب وجدت نفسها تتردد ، عندما فكرت في حياتها وكيف ستقضيها مع كونون ، كما فكرت بمرارة القدر القاسي الذي يعبث بها للمرة الثانية ، الضمير ، الشرف ، المسؤولية ، كل هذه كانت تلح عليها ، وايقنت أن لا مهرب لها البتة. مفزعة عي الحياة وتعسة مع كونون ، الرجل الذي ، وبدون رحمة ، إستغل معرفته بالخفايا كشبكة يجرها بها اليه ويضعها تحت سيطرته. " ماكس.......". وإضطرت ان تنتظر بضع لحظات قبل ان تستطيع ان تهيء الكلمات لتخبره ، إنها قررت ان تكون زوجة كونون. " لكن، الانا.....". قطعت كلامه بإيماءة من يدها. " لقد قررت ، ولذا ، ارجوك دعنا من هذا الأمر نهائيا ". هرب الدم من شفتيها بعد أن نطقت بكلماتها الأخيرة وإستدارت نحو النافذة ، وبكل المرارة التي تعتمل في نفسها ، أخذت بجو الهدوء والسلام الذي يلف الطبيعة خارجا ، ذاك الذي فقدته والى الأبد. في المرة الأولى ضحت بنفسها، وكان القدر لطيفا بما يكفي فحررها سريعا ، ولكن الآن ليس لها أي أمل في الخلاص ، فعليها ان تعوّد نفسها على حياة العذاب مع رجل أحبها مرة ثم كرهها ، يلومها على زواج غير سعيد أكرهت عليه. وإستطاعت أخيرا أن تقول : " لماذا لم يقم بهذه المساومة من قبل؟". " كيف يمكنه ن يتزوج منك ، ولديه زوجة ؟ ولكن عندما ماتت زوجته ، قام بهذه اللعبة الحقيرة". توقف ماكس عن الكلام ، ولاحظت ألانا أنه لم يعد يبدي إعتراضا وهذا يعني انه إرتاح لإختيارها الذي يرفع التهديد الجاثم على صدره وتابع يلمح انه من الممكن ان يكون كونون هو الذي قتل زوجته ، فصاحت: " ماذا تعني بالضبط؟". هز كتفيه وقال: " أنا لا أنزهه عن القتل ، ولكن لا يمكن ان يرتكب معك جريمة كهذه ، فلا تقلقي على سلامتك ، ألانا إنتظري الي بهذه الطريقة ! ". إبتعدت ألانا لتخفي عنه التعاسة التي بدت في عينيها ، فهو إذن لا يبالي بما يحدث لها ، والآن عرفت أنه منذ البدء كان يتعمد أن يخلق وضعا تكون نهايته التضحية بها . ذكرت الآن إحساسها منذ دقائق ، فقد كان ما يبديه من عاطفة مجرد وسيلة حتى يفلت بجلده ، فهو لم يعد يحاول ان يثنيها عن القرار الذي إتخذت. كانت على حق ، ففي الصباح التالي غادر باكرا ،وترك ملاحظة سلمها الخادم لألانا فور نزولها من غرفتها. اخذت تقرأ : (الوداع ، وأشكرك ، أرجو الا تكون الأمور سيئة جدا ، على أية حال فلديك جميع وسائل الراحة والرفاهية). وكانت الورقة موقعة بإسم ماكس. شحب لونها ، ورفعت نظرها نحو اليوناني الداكن الذي ظهر من غرفة الطعام ووقف الى جانبها ، يقرأ من فوق كتفها الورقة التي كانت بين يديها ، وردد: " على أية حال فلديك جميع وسائل الراحة والرفاهية ، نعم يا جميلتي ألانا سوف يتوفر لك كل هذا ، لأن هذا كل ما يهمك ! فالمخلوق الذي فضلته علي لم يترك لك شيئا ، وذاك ما كنت تستحقينه". كان النصر يشع من عينيه ، والسخرية تبدو على شفتيه حين تابع يقول : " والآن بعد كل شيء ، اصبحت لي ، أنت التي إتخذت القرار وأنا قبلت به ، رئيسك لعب لعبة بمنتهى الأنانية عندما سرق ذلك الرجل المسن ، لقد كنت مخطئة في رأيك فيه ، أليس كذلك؟". أحنت الانا رأسها وقالت: " بدات أدرك أنه منذ البداية كان يريدني أن أقطع الوعد الذي يلزمني بالوفاء ". " إنه رجل شرير حتى ولو أنه أنقذ حياتك". " لا اريد أن أتحدث عن ماكس ، فأنا مدينة له بحياتي ... والآن أرهن هذه الحياة ، من أجل حمايته من شرورك". " كوني حذرة من كل كلمة تقولينها". لقد حذّرها وهو يقترب منها ، وبيد خشنة رفع رأسها ، وتبع يقول: " أنا لست الشاب المريض بحبك الذي عرفته مرة ، لقد تغيرت والى الأسوأ ، وأعرف تماما كيف اعاقب الذين يغضبونني". شدد الضغط على ذقنها ، واضاف: " تعلمي كيف تنحنين امام إرادتي ! ستكونين زوجة يوناني خاضعة كلية لسلطته". فر اللون من وجه ألانا ، وأخذ قلبها يضرب بشدة بين جنبيها ولكنها لم تتكلم. " حسنا ، اليس عندك ما تقولينه ؟ شيء تسالينه؟". " سؤال واحد فقط". " ما هو ؟". " لماذا تزوجتني؟". " للإنتقام ! تزوجتك كي انتقم منك ، بسببك قضيت سنوات طويلة اعاني اقسى العذاب... والآن ، الانا ، عليك ان تدفعي الثمن ، سوف اعاقبك من أجل تلك السنين الضائعة ، السنين التي كانت ستختلف لو انك قبلت بي زوجا ، يوم طلبت منكذلك ، يوم كنت أحبك ، اقسم بالله ، لسوف أعذبك عذابا لا يمكنك إحتماله ، واجعلك تتمنين لو انك أنت االتي مت ، بدلا من ذاك الحيوان الذي كنت تفخرين به زوجا ضبطت الانا أعصابها ، وقالت بهدوء: " يبدو انك تعرف الكثير...". " جعلت ذلك شغلي الشاغل لأعرف بإنتظام كل شيء عنك". " ولكن يظهر انك لم تعرف الظروف التي قادتني الى ذاك الزواج". تقدم كونون نحوها ، ولكنها لم تنسحب فقد فر الخوف من قلبها في تلك اللحظة وإمتلأ بالكراهية التي طغت على كل عاطفة سواها. بعد لحظة صمت قال : " في ذاك الحين صدقت انك لن تتزوجي ، وكان عندي امل في أن اغير رأيك ، ولكن مع الأسف سرعان ما تزوجت ، قبل ان أصل الى بلدك وألاحق أخبارك". توقف عن الكلام لحظة ، واخذ نفسا عميقا ثم تابع: " أنت على حق ، فانا لا أعرف الظروف التي قادت الى زواجك ، ولا اريد ان اعرف ، وكل ما يهمني أنك فضلت ذاك المخلوق علي ". نظرت ألانا اليه تريد ان يعطيها فرصة تبرر زواجها ، ولكنه أصر على أنه لا يريد أن يسمع شيئا، فهزت كتفيها تحاول ان تمضي ، ولكنه أمسك بها فجأة بعنف يمنعها من الذهاب ، ويقول: " لا تنظري اليّ بهذه الطريقة وإلا سأجعلك يندمين على ذلك ". | ||||
13-02-12, 08:20 PM | #30 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| 4- في تلك اللحظة التي اراد أن يحتفظ بها لنفسه ، حين إستسلم لآلامه وازاح قناع الشر عن وجهه ، رأته الانا وقد ألقى سلاحه جانبا... كانت الأيام تمر تباعا ، وإشمئزاز الانا من زوجها يتضاعف مما يزيده غضبا على غضب ، وعنفا على عنف ، لا شك انها كانت تخافه ولكنها كانت تخفي هذا الخوف ، وتتظاهر بالبرود وتعامله بكل إحتقار ، وفي عرفها كان يستحقه. " سوف تندمين على هذه الغطرسة". حذرها بهذه الكلمات ذات مساء ، بعدما إنتهيا من تناول طعامهما وخرجا الى فناء المنزل ليشربا القهوة. " لقد أهنتني أمام كوستاجيس وكاتينا". نظرت اليه بإستغراب: " تحسب أنك تستطيع أن تقنع خدمك أن ما يربط بيننا هو الحب ؟ ". " إحذري". قال ناصحا ، وكان صوته منخفضا لكن مخيفا ، واضاف: " لقد هددتك أكثر من مرة ،وقلت أنني سأجعلك تندمين ! ". شحب لون ألانا ولكنها لم تتكلم ، وإستمر هو في كلامه . " سوف أخضعك لرادتي ، فالنساء اليونانيات يتعلمن الطاعة بسرعة....". قاطعته قائلة: " لكنني لست يونانية ، أنا أنكليزية ، والخضوع ليس من شيمي". كان الغضب باديا في عينيه ولكن كان هناك ايضا بريق من الإعجاب . " يجب أن أعترف انني معجب بروحك". " شكرا لك". " مع ذلك ، فإنه يسرني أن أحطمها ". " هل سبق وحطمت روح زوجتك السابقة؟ يبدو لي أنها هي التي حطمت روحك". توقفت وهي تصرخ من الألم ، فقد أمسك بمعصمها ولواه. " إياك أن تذكريها ثانية ، فأنا لا أسمح لأحد أن يذكرها في هذا البيت ، وقد أقتلك لذلك". إنكمشت ألانا في مقعدها ، تفرك معصمها ، وتساءلت ، ترى هل فيه مس من الجنون ؟ كاد الخوف يخنقها وهي تفكر بكلمات ماكس عن كونون ، عندما قال لها انه من الممكن ان يكون قاتلا ، فهل قتل زوجته يا ترى ؟ وقتلها خنقا؟ بصعوبة حاولت أن تبعد هذه الأفكار عن مخيلتها ، ويدها على عنقها ووجهها شاحب كوجوه الموتى ، وقفت لتذهب ، ولكنها لم تستطع أن تتحرك. سأل كونون : " ما الأمر ؟ هل أنت مريضة؟". كان ينظر اليها ، يتفحصها ، ولاحظ لونها الشاحب وشفتيها المرتجفتين . " نعم كونون ، إنني مريضة". خرجت كلماتها سريعة من بين شفتيها ، وإستدارت لتغادر المكان ، ولكن صوته الحاد اوقفها وجعلها تستدير ثانية ، قال: " إبقي مكانك ! انا لم أقتنع أنك مريضة". " آسفة... ربما لست في وضع يسمح لي أن أبرهن على ذلك ، فعليك ان تثق بكلامي ، أريد ان أدخل.....". " افي مثل هذا الوقت؟ والليل لا يزال في أوله ، فتيا ، جميلا ، غنه ليل المحبين يا جميلتي ، ونحن محبون ، الانا ، أليس كذلك؟". " لا تكن سخيفا". صاحت الانا وقد إنقلب خوفها الى غضب ، وتابعت : " يا للسخرية ، اتتحدث عن الحب وقد إعترفت انك تكرهني ؟ وانا ايضا متأكدة أنني لا أحبك ، ولن استطيع !". ولدهشتها لم يعلق على كلامها ، بل قال في هدوء: " إجلسي يا الانا ، فانا في حالة حب لا احب فيها ان أكون وحيدا". فتساءلت الانا ، ترى لماذا يخشى أن يبقى وحيدا ؟ أيريد ان يهرب من افكار تقلقه ، افكار شريرة مثلا ؟ وفجأة فكرت بزوجته الأولى وأحست برغبة شديدة ان تعرف شيئا عنها ، وعن موتها! كونون كان ينظر اليها بكبرياء وهو يأمرها بالجلوس ، رفعت الانا وجهها اليه وبريق الغضب يشع من عينيها ، وقالت: " أنا متعبة ، ليلة سعيدة". " ستبقين في رفقتي". اجابت الانا وقد ضبطت اعصابها بصعوبة: " لست مجبرة على ذلك ، فلو كنت أنت الذي يريد الذهاب الى الفراش لفعلت من غير ان تسالني". " بالتأكيد ، فأنا السيد هنا ، أفعل انا ما اريد ، وتفعلين انت ما آمرك به" كان كلامه قاطعا لا يقبل الجدل. " إجلسي". وبعد تردد قصير فعلت الانا ما أمرت به ، ثم أضاف : " أرى انك تتعلمين بسرعة ، يا فتاتي". وبقيت الانا صامتة لا تجيب ، اما كونون فقد تابع كلامه تبدو في صوته نبرات السخرية المعتادة: " أنا أعرف أن الغضب يغلي في صدرك ، ولكنك لا تجسرين على إظهاره ، الواقع أنني أهنئك على حكمتك". إرتجفت ألانا والكره المميت يملأ قلبها وعيناها تتقدان بالحقد العميق ، وقالت: " ربما لا أستطيع أن أكون حكيمة دائما ! ولو كنت انت تملك شيئا من الحكمة ، لما إستعملت مثل هذا الأسلوب في معاملتي ، فبذلك تدفعني بعيدا ". إبتسم كونون قائلا: " بعيدا ، الى أي شيء مثلا ؟". " الى عدم القدرة على الإحتمال ، انت نفسك إعترفت أن لي روحا عالية ". " وإن كنت تذكرين ، فقد قلت أيضا انني اريد أن احطمها ". نظرت الانا اليه بإزدراء ، وقالت: " أعتقد أنني هنا ، حتى لا تكون وحيدا ، وبناء على ذلك فإنني اقترح ان نحاول ان نجعل نقاشنا مسليا ، فتهديداتك المستمرة أصبحت مملة ". كانت جريئة في كلماتها ، وخلال الصمت القصير الذي تلا ذلك ، كانت تتوقع إجابة قاسية مليئة بالإهانة من زوجها ، ولكن لدهشتها ، رات في عينيه بريقا من المرح خفف حدة القسوة التي كانت تطل منهما ، حتى أنها في لحظة تائهة لمحت فيه معالم الرجل الذي عرفته منذ زمن. | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|