138- إذا كان له قلب - آن هامبسون - ع.ق (كتابة أكملتها strawberry )**

[أمل بيضون]

" انه مكان مدهش حقا".
" مدهش؟".
قالت شيرلي في استغراب:
" مدهش لمن يهمه علم الطبقات الارضية".
تابعوا سيرهم بمحاذاة جداول تنحدر من الجبال ، وهناك انبسطت امامهم البحيرة تغلي وتزبد وبخارها يقفز عاليا في الهواء.
" هل هذا جدير بالجهد الذي قمنا به ؟".
لم يدروا اذا كان سؤاله طلبا للاستحسان م اسفا على الجهود المبذولة ، الا انه كان جليا أن غراهام يفخر بايصالهم سالمين عبر أدغال منيعة بكثافتها وجبال صخرية وعرة .
جدير حقا! استدارت بني بنظرها وهي تتصور الثوران الناري تحت اقدامهم داخل الارض ، لأن سلسلة الجزر هذه هي في الواقع قمم جبال كان تحتها آتون هائل من الرماد الحار والصخور الذائبة.
" تبدو كانها على وشك الانفجار ".
قالت شيرلي مرعوبة:
" يكون هنا جحيمنا اذا انفجرت الارض وفجرتنا معها".
" سرف لا تنفجرين ، ستدفنين فقط ".
قال غراهام ساخرا:
" تدفنين تحت الأوحال والصخور الغالية".
" لا تتكلم هكذا".
قالت بني وهي تضحك:
" قد تخيف شيرلي حتى الموت".
" هذا يخيفني انا أيضا".
اعترف تريفور:
"فإذا اعتبرنا الحياة على هذه الجزر ، نراها مزعزعة.... قد تثور هذه البراكين في اية لحظة ودون سابق انذار....".
" البراكين لا تثور في معظم الأحيان ، كانت بني مفتونة بالمشهد امامها وتتوق لتأتي مع نورا لتقوما بأعمال التنقيب هنا".
" وجزيرة المارتينك ؟".
" جبل بليه ؟ اسطورة قديمة تقول أن الجبل كان يسكنه رمز النار الذي كان ينتقم ليهود بارسال كتل تلتهم الناس البيض ، عندما ثار جبل بليه في اول القرن ، قتل ثلاثون الف مدني من سكان بيير في بضع دقائق".
" أنذر الجبل الناس مدة طويلة ، لكنهم لم يعيروه انتباها ، وبالفعل كانت النيران تندلع من فوهة الجبل من حين لآخر ، وتقذف الجبل بالحمم على فترات متقطعة مدة ثلاثة اشهر ، وكان الناس يعملون وينامون ويلهون كأن شيئا لم يكن ، حتى عندما غطى رماد البركان الشمس واعتمت الدنيا ، ثم حلت الكارثة".
" كان من الممكن إنقاذ حياة جميع الناس دون استثناء ،ومن غير المعقول ان القليل القليل رحلوا عن المدينة ، وتقع كل اللائمة على موظفي الدولة الذين كانوا يهزأون من اولئك الذين كانوا يقولون ان مدينتهم الجميلة سيقضى عليها ".
لاحظ غراهام ان شيرلي كانت شاحبة اللون فاندفع نحوها عفويا وأمسك عليها.
" لا تخافي يا شيرلي ، كل ذلك حضر من زمن طويل".
" قد يحدث مجددا ".
والتفتت الى بني متوسلة:
" هل نبدأ بالعودة الان ؟".
" حسنا ، لنعد".
بداوا يتضايقون في تنفسهم بسبب بخار ورائحة الكبريت الذي كان يتحول الى لون المعدن الرمادي في الهواء ، والابخرة هذه قتلت حتى رجالا اقوياء".
وبعد مسيرة ساعتين لاحظت بني أن غراهام لم يكن متيقنا من طريقه ، وأن شيرلي بدأت تتباطأ في مشيتها.
" هل نحن على الطريق الصحيح؟".
سألت بني بقلق شديد.

هذا ليس الطريق الذي أتينا منه".
" فكرت في سلوك طريق آخر....".
واخذ غراهام يدير نظره حوله .
" هذه المنطقة تختلف تماما ، كلها أعشاب".
" يقول ماكس بضرورة تقطيع النبات الكثيف لشق الطريق".
" عادة يستطيع الفرد شق طريقه بسهولة".
" لا تقل اننا ضللنا الطريق ( قالت شيرلي وهي تقترب منه) أشعر بتعب".
قال تريفور:
" تقوّي ، الطريق طويل امامنا " تبعته بني لتحثهم :
" يجب أن نتحرك وإلا لن نصل لودان قبل حلول الظلام".
من أصعب المجازفات أن يفقد الانسان وجهته في وسط دغل غدار كهذا ، ولم تعد بني تشتهي أن تاتي مع نورا للتنقيب.
قال غراهام:
" هذا هو الطريق ، هذا أكيد".
ورغم تاكيده كانت في صوته نبرة شك ، وتملكها الخوف لأنهم كانوا يتخبطون بين أعشاب وعليقات تحيط بهم من كل جانب.
" نحن نسير في الاتجاه الصحيح ، هذا كل ما استطيع قوله ".
قال غراهام ذلك وهو ينظر الى جهة الغرب حيث بدأت الشمس تغيب :
" بني ؟ أنا تعبة".
قالت شيرلي :
" هل نستريح قليلا؟".
" أعطيني يدك".
قال غراهام.
" لا يجب أن نتوقف قبل ان نجد طريقنا ، وإلا فنحن في وضع حرج ".
دهشت بني لمعاملته اتجاه شيرلي منذ بدء الرحلة .
" أخشى اننا لن نكون في لودان قبل الليل".
قالت شيرلي وهي تبكي:
" ليتني لم آت".
رفعت بني حاجبيها استهجانا لن شيرلي لم تكن صادقة في امنيتها بالبقاء في البيت.
قال تريفور متشائما:
" لن نجد طريقنا حتى قبل حلول الظلام ، أقول هذا مرغما يا غراهام ، واشك كثيرا في الوصول الى لودان هذه الليلة".
قالت بني:
" يجب ان نكون هناك باي ثمن ".
كانت كلمات ماكس ترن في اذنيها على أنه لن يرسل نجدة للبحث عنهم بعد أن حذّرها من القيام بالرحلة دون دليل ، لأنه يعرف احتمالات الاخطار ، وعضّت شفتها ندما وحسرة لتحديها ماكس بقولها أنهم لن يحتاجوا الى دليل ، هل تكون لها الجرأة على مواجهة ماكس إذا صح ما كان يؤكده ؟ وكررت بني حثها :
" يجب ان نصل لودان قبل حلول الظلام ، اقول هذا مرغما يا غراهام ، والا فلن ننام في بيتنا هذه الليلة"."

[خفايا الشوق]

شـكــ ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

[أمل بيضون]

" وماكس ؟ ماذا سيقول لنا؟".
قالت شيرلي معاتبة:
" غضبت تماما عندما علم انك رضيت بمجيئي معكم ، وسيثور غضبا إذا ضعنا كما قلت يا بني".
دهش تريفور لقول شيرلي ، وابدى ملاحظة بانه يفهم من كلام شيرلي انها تود اغضاب ماكس.
"وهذا ما فهمته نا أيضا".
قال غراهام مرتبكا.
تطلعت بني في شيرلي لكن هذه اخفت ما قد تعبر عنه عيناها لأنهما كانتا ترفان ، فعبست بني .... مسلك شيرلي غريب منذ البداية.
" لا أدري لماذا تقولين يا شيرلي انني انا التي سمحت لك بمرافقتنا ، بينما كنت تؤكدين انك حرة في تصرفاتك تفعلين كما تشائين".
" هذا صحيح ، وانا قلت أنها راشدة وتعرف ما تريد".
" لكنني ما كنت اتيت لو انك رفضت يا بني ، ألا تقرّين بذلك؟".
" لا أقر بذلك".
اجابتها بحدة.
ولكنها كانت ترتجف من الغيظ داخليا لأن شيرلي كانت تخطط مؤامرة لتحملها المسؤولية في عدم انصياعها هي لأوامر ماكس، واضافت بني:
" حاولت جاهدة ان اثنيك عن المجيء ولكنك كنت مصممة ".
قال تريفور:
" هذا صحيح ، كنت عنيدة، أن تلومي لا يجب ان تلومي بني مهما حدث ".
" مهما حدث".
قالت بني:
" هل يعني ذلك اننا لن نصل لودان ؟".
" قلت ذلك لمجرد الكلام ، لا أدعي بأنني أعرف هذه المنطقة ، أو بأن غراهام لا يعرفها ايضا ، ما أعنيه فقط هو اننا ضعنا وأننا لن نصل قبل الليل حتى اذا وجدنا طريقنا".
" سنمضي الليل في لودان".
قال غراهام ذلك ليخفي ارتباكه بعد أن كان يؤكد لبني بانه يساوي الدلاّء في معرفة الطريق ، واحست بالشفقة عليه ، أردف غراهام يقول:
" لا اقول اننا سننجح في ذلك قبل الليل ، ولكن فقط اذا عثرنا على الطريق الصحيح".
كانت تلك المسافات الشاسعة مغطاة بالأعشاب اليابسة واشجار العليق ، واقرت بني مرغمة بحكمة ماكس في اضراره على استخدام الدليل ، فأدلاّء المنطقة يعرفون كل شبر من الأرض ، ولهم غريزة غريبة في إقتفاء الآثار وسط الأدغال والمستنقعات.
لحسن حظهم كانوا قد اتوا بالوفير من الطعام ، وبالمشروبات الباردة والساخنة ،وعندما اعترف غراهام بفشله جلسوا وتناولوا شيئا من الطعام ، كانت بني كل ذلك الوقت صامتة اما اثلاثة الآخرون فحاولوا تلطيف الجو بقليل من المرح والثرثرة ، ولم تمض برهة حتى خيم السكون فوق رؤوسهم.
" هل استرحت الآن؟".
سال غراهام شيرلي.
ولاحظت أن اهتمامه بشيرلي فاق الحد الذي نصحته به قبل الرحلة .
" أشعر بتحسن لأننا جالسون".
كانت ملتصقة به تقريبا وقدّم لها قطعة ساندويش".
" هل سنمضي الليل هنا يا غراهام؟".
سالته شيرلي مستوضحة وآملة في آن واحد.
شعرت بني بجفاف في حلقها ولم تستطع ابتلاع الأكل، حتى القهوة لم تستمرئها ، وتضايقت من نفسها لأنها لم تعرف سبب اكتئابها.
اذا لم تكن لماكس سلطة عليها فلماذا تحسب له هذا الحساب وتتخوف من مواجهته ؟ اذ انه سيصب جام غضبه على شيرلي لا عليها ، وبالرغم من كل هذا التحليل والتأويل لم تقتنع بني بالنتيجة ، وخوفها من ماكس ليس بسبب شيرلي بقدر ما هو بسبب الاساءة الى علاقتها هي معه حيال زواج والدها ، وحتى هذا الاستنتاج لم يقنعها ، واخيرا تقبلت الحقيقة المرة.

[bkb]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

[أمل بيضون]

6- المأزق ....والرجل اللغز

بالرغم من ان ماكس أكّد لبني أنه لن يبعث نجدة لانقاذهم ، كان رجاله يشقون طريقهم باستعمال الفؤوس والبلطات في تقطيع الاغصان المتشابكة في تلك المناطق الساخنة من الدغل حيث يغلي الكبريت ، كانت بني والباقون جالسين كومة واحدة ، وعندما بان القمر أصرت بني على أن يجربوا حظهم في السير من جديد ، الا أنهم كانوا يدورون في نفس المكان دون أن يدروا عندما سمعوا صوتا يناديهم عن بعد ، فارتمت شيرلي على الارض مغمى عليها.
يا للسماء... بدأت فرائص بني ترتعد لدى سماعها الصوت واحتمال ظهور ماكس أمامها خارجا من الظلام ، ما عساه أن يقول اذا راى شيرلي على هذا الحال ؟ فصرخت بغراهام وتريفور ان يعتنيا بشيرلي فورا ، ولكن شيرلي كانت في اغفاءة وكل ما عملاه هو انهما حملاها بين ايديهم عندما وصل اول أفراد النجدة.
" جان ، كيف وصلتم بهذه السرعة؟".
" عاد السيد ردفيرن بعد الظهر وفي أول الليل طلب الي ان أجمع الرجال لنخرج ونبحث عنكم ، جنّ جنونه لتغيّب الانسة شيرلي في الرحلة...وهاج حتى انه فقد لون وجهه....".
ورفع جان مشعله ورأى الشابين يحملان شيرلي فخرجت من حنجرته أنة رعب وقال:
" الانسة متالمة؟ السيد ردفيرن سيصاب بأكثر من نزوة جنون الآن ...".
برز ماكس من الظلام حاملا مشعلا يتبعه فليكس ومعه زنجيان قويان هما موزز وولسون اللذان اكتسبا شهرة بإخلاصهما ومهارتهما كدليلين .
" ما هذا ؟ ماذا جرى لشيرلي؟".
وسلط الرجال المشاعل على شيرلي فتحركت عيناها وفتحتهما وهي تتمتم:
" ماكس ؟ انت أتيت لي ، اعرف ذلك".
جمدت بني في مكانها لهذه التمثيلية وشعرت ببرودة تسري في ظهرها ، اضافت شيرلي تقول:
" ما كان يجب أن آتي إلا ان بني رأت انني استطيع مرافقتهم".
ومدت يدها لتتلمس يد ماكس ، فقاطعتها بني صارخة:
" هراء ، لم اقل شيئا كهذا ، كيف تجسرين يا شيرلي على قول ذلك؟".
" جان ، موزز ، خذا شيرلي .... احترسا".
" ربما أستطيع المشي اذا وضعتموني على الأرض .... أوه".
" ما بك؟".
انحنى ماكس ليتبين موضع المها:
" أنه.... انه ظهري".
" لم يحدث لظهرك أي شيء ".
قال تريفور بدهشة.
" ظهري يؤلمني جدا يا تريفور".
نظر غراهام في وجه بني وصرخ موجها كلامه الى شيرلي:
" كيف آلمت ظهرك ، ولماذا لم تقولي شيئا في حينه؟ لم تتكلمي عنه الا الان".
" لا يهم ذلك كيف ومتى تاذت ، أعطياها الى جان وموزز".
تكلم ماكس بجفاء ولكن بصوت خافت لا يكاد يخفي غيظه ، تناولها جان وموزز واختفيا معها في الظلام.
وسالهم ماكس:
" هل جميعكم بخير ؟".
اجاب غراهام وتريفور بأنهما على احسن حال ، اما بني فظلّت صامتة ، رفع ماكس المشعل امام وجهها ومن ثم سلط ضوءه على جسمها من راسها حتى قدميها وقال:
" سالت اذا كنتم بخير".
دلّ صوته على ثورة الغضب المتمكنة منه وارادت بني ان تدعي بأنها تأذت هي الاخرى ، الا انها أجابت بعد ان ترددت قليلا:
" شكرا ، ليس بي شيء".
" اذن ، لنتحرك نحو سيارة الجيب الموجودة على الطريق".
" الطريق؟".
سال غراهام باستغراب:
" كم يبعد عنا هذا الطريق؟".
" اقل من كيلومتر ".
وصلوا بيوتهم عند الفجر ، وحمل ماكس شيرلي من سيارة الجيب وادخلها البيت وظهرت تريزا والخوف يملأ عينيها الواسعتين.
" يا الهي ! هل حدث لها حادث؟".
" ستكون بخير ، ناوليها شيئا منعشا وامسحي وجهها بماء ساخن".
وضع ماكس شيرلي على ديوان وفتحت عينيها وكافأته بابتسامة جميلة:
" انت طيب معي يا ماكس .... ولطيف ، أنا الان احسن حالا ".
" كلا ، لست أحسن".
قال غاضبا:
" لا تغضب مني وإلا سابكي ، تملكنا الرعب والبرد ، ضللنا اتجاهنا ساعات وساعات وظننت اننا سنموت هناك ولن يجدنا أحد!".
فقالت بني:
" ما كان مات انسان ، كل ما هنالك هو اننا كنا امضينا ليلتنا هناك ووجدنا طريقنا في ضوء النهار".
خرجت تريزا لتاتي بما طلبه ماكس بيما كان يجس نبض شيرلي ، وفكرت بني أن تخرج على الفور فتنام ليلة تستريح فيها من عناء الرحلةوتستعد في يومها التالي لمواجهة غضب ماكس.
" طابت ليلتكما ، أرجو ان يتحسن ظهرك".
تلاقت عينا بني بعيني شيرلي واغمضتهما هذه الاخيرة فتاكدت بني من التمثيلية التي لعبتها شيرلي لتثير مشكلة بينها وبين ماكس ، وقد تلعب غيرها فتختلق مشاكل وشكا.
انتصب ماكس وسلط على بني نظرة باردة كالجليد ، وسألها ان تبقى حيث هي لأن لديه ما يقوله لها.
" ربما نستطيع تاجيل ذلك الى الغد....".
" افضل قوله الان ، ارجوك ان تبقي حتى انتهي من شيرلي ".
" انني منهوكة االقوى ".
" لن يطول ما أقوله اكثر من دقيقة".
جلست بني مستسلمة ، تفادت شيرلي نظراتها ، وكانت تراقب تريزا وهي تنظف وجه شيرلي بالاسفنجة ، وتساءلت اذا كان وجهها هي خاليا من الغبار والوحل ، قدمت تريزا لشيرلي شرابا منعشا ورافقتها الى غرفتها ، هل صدّق ماكس حقا أن ظهر شيرلي يؤلمها ؟ لا تعتقد ان هذا سيفوت عليه اذ انه لم يفحص ظهرها بعد.
كانت بني متعبة كثيرا ولكنها تاثرت بمكر شيرلي التي قامت بهذا الدور القذر بعد ان أشفقت عليها لأنها كانت تتلهف الى صداقتها ، ولكن شيئا في ضمير بني لا يسمح لها بان تحكم على شيرلي حكما قاطعا ، وكانت تبحث عن عذر يبرر مسلكها.

[أمل بيضون]

في كل الأحوال لم يسمح الوقت للتمادي في تحليل هذا الوضع ، اذ ان ماكس وقف امامها بنظراته الباردة بعد ان خرجت تريزا مع شيرلي ، سخرت من نفسها لأنها سمحت لماكس ان يزعجها ويبقيها رهن تصرفاته ، فأرادت ان تسبقه:
" أعرف ما ستقوله وأعترف انه كان من الحكمة ان نستأجر دليلا ، الا ان هذا لا يمنع من ان اكون سيدة نفسي وان اتصرف بأموري حسب أهوائي ، فإذا كان ما ستوجهه الي من هذا القبيل ، فوفر على نفسك هذا العناء".
كان واقفا فوقها وعيناه تقدحان غضبا وغطرسة ، ولكن بني ترى نفسها فريسة قامته الشامخة وقوته الجذابة التي تجعلها أضعف من أن تطرده من ذهنها.
" ما انوي قوله يتصل بأمر اهم بكثير من مجرد انتقاد".
كان صوته خشنا وقاسيا :
" ولكن عنادك في مقاومة رغباتي يدفعني الى اتخاذ منحى جديد، متى تنتهي مدة خدمتك هنا ؟".
"مدة......".
اختفى الدم من وجهها كليا ، ورأت الشماتة التي واتته ولكنها لم تجبه اجابة مباشرة ، قالت:
" لا افهم ما تحاول قوله".
نظر اليها باستهزاء ولوى شفتيه احتقارا ، وقرأت افكاره قبل ان يبدأ بالكلام.
" عباراتك تكشف أنك تفهمين ما أعني تماما ، بما أنك تصرين على تحدي ونصحي ، وبالتالي تورطين نفسك وغيرك أيضا في مخاطر ، أرفض أن تبقي تحت سقفي ، متى سينتهي العمل الذي بين يديك الان؟".
"تريد أن تفهمني انني لا استطيع البقاء في هذا البيت ".
أحست برطوبة الليل تتسرب الى جسمها والبرد يخترق عظامها :
" قالت والدتك أننا سنمكث هنا مدة سنة ".
" ان والدتي لعلى خطأ ، لن أتحمل هذا الاستهتار المقصود لرغباتي ، مرارا وتكرارا قدمت النصح في مصلحتك وسلامتك ، ولكنك متعنتة في اعتقادك أنك تفهمين أكثر مني وتتمسكين بطرقك ، وتناسيت انك ضيفة علي وأن عليك تقديم شيء من الاعتبار لي ، وعليه ، وبما أنك اهملت هذه الناحية ، وبما أنني لم تعد لي لي أية رغبة في مواجهة متاعب اخرى ، اكون ممتنا اذا انت وجدت مكانا آخر تعيشين فيه".
ارتبط لسان بني ولم يدر في خلدها ابدا ان ماكس سيصل به الأمر الى حد اتخاذ مثل هذا الاجراء ، وكانت صادقة مع نفسها اذ انها اقرت ضمنا ان رد فعله معقول وحكمه عليها في محله ، ولكنها لا توافقه على انها تتحداه متعمدة ، ولو أنها تسببت له في بعض المتاعب ، مثلا ،عندما اعتبرها ماكس مسؤولة عن ضياعها مع أمه ذات مرة ، ولولا شرود ذهن نورا ونسيانها بان بني كانت قد حذّرتها ، لما حاسبها ماكس على ذلك ، وبني لا تلومه على شيء ، وله كل الحق في تذكيرها بانها ضيفته ومن واجبها أن تحترمه ، اما من وجهة نظرها فالاشياء تحدث بعكس ما تتوقع لسوء حظها ، فهي توقعت مثلا أن تلقى فيه أخا ، وأخيراتوقعت أن تدوم الهدنة بينهما.
رفعت نظرها اليه ومرارة الندم والاسى تاكل قلبها ، لأنها تسرعت في الاجابة بدل أن تتقبل انصباب جام غضبه عليها وبدل أن ترى نفسها في هذا المأزق الحرج:
" ستجد نورا ... والدتك ، صعوبات في تسيير العمل اذا انا عشت في غير هذا المكان".
رفع حاجبيه وقال بهدوء تام:
" هل كنت في انكلترا تعيشين في بيت واحد مع والدتي ؟".
" كلا ، كنت مع والدي".
" وهكذا كنت تذهبين الى عملك كل يوم ، أليس هذا طبيعيا؟".
كان صوته رغم جاذبيته باردا ، وكان تلون نغماته وهو يتكلم احد من السكين في قلبها ، ورات نفسها مرغمة على ان تجيب على سؤاله فقط بايماءة من راسها.
" في هذه الحال لا ارى فرقا بين هنا وانكلترا ، قد تجدين ماوى في فندق او في بيت في روزو او قريبا منها ".
شعرت بالبرد في كل انحاء جسمها ، وكاد التعب يجعلها تغط في النوم حيث هي ، تنهدت وقالت أنها تريد ان تذهب لتنام ، ولكنها أضافت قبل ان تذهب وهي نصف نائمة:
" ابي ، هل سيبقى ابي هنا؟".
وارادت ان تقول ايضا ( مع ابن زوجته ) ولكنها عدلت.
" بل سيفضل والدك البقاء معك في الفندق".
أزاحت بيدها خصلة من شعرها جانبا بحركة بطيئة جدا ، ما بها؟ اخذ كل جسمها ينتفض وهي تقول:
" اذا كان هذا كل ما اردت ان تقوله لي فانا ذاهبة الى الفراش".
نهضت ولكنها عبست بشدة ، شعرت بان ساقيها لا تحملانها وأمسكت بالكرسي كيلا تسقط.
" آسفة لكل ما حصل ، ستكون شيرلي بخير .... بعد أن تستريح ".
" ليس بشيرلي أي شيء".
قال باقتضاب:
" ولكنها لو تأذّت لألقيت كل الملامة عليك".
لوت شفتيها الجميليتين وقالت:
" كنت اعلم انك ستفعل هذا".
" انت اكبر منها وكان عليك ان تتعقلي ولا تسمحي لها بالمجيء معكم في مخاطرة جنونية كهذه ، ما الذي جعلك تأخذينها مع العلم بانني كنت امانع؟".
رات بني شرايينه تتراقص تحت جلد وجهه ، وكان يجهد نفسه لئلا ينفجر من الغضب ، وارادت ان تتخلص منه قبل ان تنهار كليا ، اذ نها كانت متعبة ويائسة تشعر بضعف شديد.
" ربما كانت شيرلي ستوضح لك كل شيء في الصباح".

[كرم حسان]

مرحــــــــــــــــــــــ ــــــــــبا
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
تحية عطرة لكل الموجدين

[خفايا الشوق]

يسلمووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووو

[أمل بيضون]

بزغت الشمس وراء الجبال ورغم تعبها اطالت بني النظر في هذا المشهد العجيب ، كانت السماء كأنها مطرزة بخيوط من ذهب ، والجبال غارقة في الضباب فوق البحر الكريبي الهادىء ، ستحرم من هذه المشاهد الخلابة اذا هي عاشت في فندق بالمدينة ، تذكرت تلك الساعات الحلوة التي كانت تمضيها في السباحة مع ماكس ، وكانت تأمل في الخروج بقاربه الزجاجي القعر لتستكشف اغوار الحديقة المرجانية ، لم تتمالك بني من البكاء اعياء وياسا وقالت:
" يجب ان اذهب".
ولكن ماكس اوقفها وقال:
" لا اريد أي ايضاح من شيرلي ، اريد ايضاحا منك ، انت شجعتها لتتحداني ، هل كان ذلك اخذا بالثار مما تعتقدين نه تدخل مني في شؤونك؟".
"تدخل؟".
" أي اصراري على استخدام دليل ، قد تعتبرين هذا تدخلا في ارادتك ، الا اذا كنت مخطئا".
كان انطباعها انه يحاول كبح جماحه ، حاولت أن تمشي ولكنها لم تستطع دون ان تتكىء على الكرسي.
" آسفة لأننا لم نتمثل بنصيحتك في استخدام دليل".
وحاولت المشي مرة ثانية ولكن قدميها ظلتا مسمرتين في مكانهما ، لم تكن تنظر في وجه ماكس خشية ان يرى الدموع في عينيها ، وأضافت تقول:
" أما قولك انني دفعت شيرلي لتتحداك ، فلم يكن الأمر كما تظن ، الا أنني اعرف انك لن تصدقني".
" لن اصدقك لأنك فعلت هذا لازعاجي ".
توقف فجأة عن الكلام اذ تبيّن ما بها من سوء:
" هل انت مريضة؟".
" أنا، انا........".
التفتت اليه وأصابها دوار ، ارتخت يداها وكانت على وشك ان تسقط لولا أن ماكس اسرع فامسك بها وحملها الى غرفتها ، مدّدها على سريرها وجلس على حافته.
" ستجدين لنفسك زوجا يوما ، واول شيء يفعله هو ان يدخل في عقلك ذرّة من التعقل اذا اكتشف ما أنت عليه من طباع!".
كان وجهه يشبه الغيوم المرعدة وشفتاه ترتعشان.
" لا أفهم مسلكك ، انك تدهشينني بمنطقك ورزانة تفكيرك ، كما تذهلينني باعمال رعناء متهورة وصديقك ليس افضل حالا منك ، الم تقولي أنه يعرف الطريق؟ لو انكم اتبعتم ارشادي لما وقعتم في هذه الورطة ، كيف تشعرين الآن ؟ هل انت مريضة ام انه التعب؟".
نظرت اليه من خلال دموعها اذ ظنت انها رأت بصيصا من الاشفاق في عينيه مع ان صوته كان فظا.
" هل تشعرين باي الم ؟".
تنفست طويلا قبل ان تجيب:
" انني متعبة فقط ، متعبة وتعيسة".
لم ترد ان تستدر شفقته ، لكنها لم تتمالك من البكاء.
" لم تكن هناك حاجة لكل ذلك، وسيوقعك تمردك هذا في مآزق حرجة جدا ذات يوم".
" ماكس.... أرجوك ، كفى!".
قالت متوسلة وهي تحاول ان تضبط أعصابها كيلا تنفجر بالبكاء".
واضافت بصوت خافت:
" فقط.... فقط لو أنك عاملتني كاخ لأخذت بنصحك".
ولكن ما بها؟ لماذا تذكّره بأشياء تضعه في موضع اخ؟ اما زال غاضبا؟
" يجب ان تسرّي بأنني لست اخاك ، وإلا تسببت لك في ازعاج سيلاحقك مدى اسبوع كامل".
توردت وجنتاها قليلا وقالت:
" هل من الممكن ان تساعدني تريزا في خلع ثيابي؟".
لم تكن تملك القوة الكافية لتتحرك لأن ثيابها كانت ملتصقة بجسمها بسبب الرطوبة.
" آوت تريزا الى فراشها ، سهرت معنا طوال الليل ونحن ننتظر عودتكم!".
لم يكن ينتظر عودتنا جميعا ، بل عودة شيرلي ، انه مسؤول عنها وقلق بسببها ولهذا عاد الى البيت ابكر مما كان ينوي.
" عدت الى البيت قبل موعدك ولم تكن تعرف أن شيرلي كانت معنا في الرحلة ، قال جان انك عدت لأنك كنت قلقا ، واذا لم يكن قلقك بسبب شيرلي فما الذي اقلقك اذن...".
حتما لم يقلق بسببها هي ، الم يؤكد لها أنه لن يرسل فرقة نجدة لانقاذهم اذا هم ضاعوا ؟ لم تتغير ملامح وجه ماكس لتدل على انه تاثر بقولها ولم يجب على سؤالها.
" نامي الان ، سآتي لك بشراب منعش وبعض الماء الساخن".
حاولت أن تنهض لتخلع ثيابها ولكن ضعفها منعها من ذلك ، عاد ماكس بعد لحظة ووجدها متمددة على السرير لا داخل الفراش.
" ماذا ، ظننتك في الفراش ، لا تستطيعين البقاء هكذا بقية الليل".
كان صوته اكثر قساوة من ذي قبل ، وقارنت معاملته لشيرلي بمعاملته لها هي ، لم يلق حتى ولا نظرة علي وما كان أغتم لو متّ حرقا في البحيرة ، عند ذلك فقط انهمرت دموعها سيولا ، ورق صوته قليلا عندما كرر سؤاله لماذا لم تندسي في الفراش.
" لا... لا استطيع الحركة وما من أحد يساعدني".
لم تعد تهتم بما تقول ، كان همها الوحيد ان تجعله يشعر بالذنب ويخجل من نفسه.
" طلبت من تريزا ان تعتني بشيرلي ، وعليّ انا ان أتدبر امري وحدي!".
رات من خلال دموعها تغييرا طفيفا في تقاطيع وجهه وفوجئت بطلب اعتبرته مستهجنا:
" اجلسي ! ساساعدك انا شخصيا".
جلست بدافع من الاستغراب أكثر من أي شيء آخر ، اخذ يفرك وجنتيها بيده وناولها منديله فمسحت عينيها وانفها واعادته اليه.
" ساتدبر أمري".
حتى وهي تقول هذا كادت تسقط فسارع وطوّقها بذراعه ، واستندت عليه:
" لا ادري ما حل بي ، اعتقد أنه التعب فقط".
" فقط يا بني؟".
كان صوته خافتا واهتمامه ظاهرا ، اختفى من عينيه ووجهه كل اثر للغضب ، وحلت محله نظرة حنان ولمسة عطف وهو يمرر يده على ذراعها.

[أمل بيضون]

" انت متعبة ، هذا لا شك فيه، ولكنك كنت قلقة على شيرلي وهذا سبب توترك ، والآن اخلعي كنزتك".
أمسك بكنزتها وبدأ بخلعها ، حاولت منعه الا أنه تابع عمليته بكل هدوء ، وحاول ان يفك ازرار تنورتها فارادت ان توقفه:
" يا عزيزتي بني ".
قال بصوت غليظ:
" يبدو ان هدفك الرئيسي في الحياة هو تحويلي الى أخ لك ، قولي لي الآن ، هل تعترضين على اخيك اذا رغب في مساعدتك في ظرف مماثل؟".
رفعها الى السرير فسقطت التنورة وبقيت بني في التنورة الداخلية
" طبعا لا ، لأنك لست.....".
" هذا يعني؟".
توقف وراته يعبس .
" لا تعرفين حتى اية ثياب تلزمك ؟ في الحقيقة يا بني تستحقين ان اصفعك .... صفعة قوية !".
كان وجهه قريبا من وجهها وفمه مطبقا تماما وعيناه تقدحان نارا .
" اخلعيها الآن !".
لم تقاوم وبعد بضع دقائق كانت في الفراش ، أدخلت معها تحت الغطاء قنينة ماء ساخن ووضعتها بجانبها لتدفئها ، وتناولت شرابا منعشا لم يرق لها الا أنها ابتلعته علما منها ان ماكس سيرغمها على ذلك ، اجلسها لتتناول المنعش واسندها بذراعه فأحست بدفء ملامسة يده مما ادخل سرورا الى قلبها ، وأرقدها ثانية واضعا راسها على الوسادة :
" هل مرتاحة انت الان؟".
اشارت بنعم وجفناها نصف مغمضين ويدها على فمها لتوقف تثاؤبا ، وقالت نصف نائمة :
" شكرا ، أنا أحسن بكثير".
وابتسمت لتجاوبه اللطيف:
" اشكرك على كل ما تحملته من اجلي".
لم يجب على هذا ، وطلب منها ان تلازم الفراش اليوم كله ، واليوم الثاني اذا ارتأى أن ذلك ضروري ، حتى الطف نصائحه يلقيها بلهجة الامر ، هذه خصلته ، تتاكد بني من رسوخها فيه يوما بعد يوم ، غير انها لم تشعر بنفور من النصيحة التي اسداها الآن.
" سأكون في احسن حال بعد نوم هادىء ، لا تنس أن لدي عملا اقوم به وسيكون تغيبي مضايقة لوالدتك اذا انا مرضت".
" اذن ، دعيها تتضايق".
وقال بهدوء:
" أنا الذي يقرر اذا كنت مستعدة للعمل ، وفي خلاف ذلك ستبقين حيث انت".
" اوه ، لكن...".
" اعملي ولو مرة واحدة كما يطلب اليك".
نهرها بعصبية وانحنى فوقها ورتب الفراش وقال:
" نامي الآن ، واياك ان تنهضي بدون اذن مني!".
أغلق خشب النافذة الخارجي فأظلمت الغرفة وخرج واغلق الباب وراءه.
قال لها أن تنام ، وقد تنام اسبوعا كاملا ... لولا تشوش افكارها التي أبقتها يقظة فترة لا باس بها بعد ذهابه ،قال جان ان ماكس كان كثير القلق حيال الرحلة ، فقطع زيارته للمارتنيك وعاد الى بيته قبل يوم من موعده .... وهذا يعني ان علة قلقه لم تكن شيرلي ، لأنه لم يكن يعلم أنها ذهبت معهم ، فهل هناك سبب شخصي جعله يعود مبكرا ؟ قد يكون محتملا أنه استبق حدوث متاعب لهم في رحلتهم ، فعاد ومهد كل شيء لأغاثتهم اذ رأى انهم يحتاجون اليها ، أو لأنها ضيفته في بيته ، يعد نفسه مسؤولا عن سلامته ، ارادت ان تكون علة اهتمامه بها لشخصها هي لا لغيرها ، وخاب ظنها في ذلك ، غير ان ملاطفته لها عوّضت عليها هذه الخيبة : والآن ، هل ماكس جاد في طردها من البيت؟
في كل الأحوال لم تزعجها هذه المشكلة في الوقت الحاضر ، لأنها عندما فتحت عينيها في ساعة متاخرة من النهار أحست بالم شديد واغمضتهما حالا ، كان كل جسمها يؤلمها وكانت تشعر بوجع في راسها كأن احدا ضربها بمطرقة ، وبصعوبة كبيرة مدت يدها وأشعلت النور وضغطت على زر الجرس ، دخلت عليها تريزا فورا ، ربما انصياعا لتعليمات ماكس.
" سيدتي ليست على ما يرام".
وقالت بعد القاء نظرة عابرة:
" السيد ردفيرن قال أنك ستكونين مريضة بضعة ايام ، وطلب أن اعلمه انك قرعت الجرس".
" كيف الانسة شيرلي؟".
سألتها بني بقلق.
ابتسمت تريزا عن اسنانها البيضاء الناصعة:
" ظلت في فراشها كل الصباح وهي الان في الحديقة".
" اذن ، هي في صحة جيدة؟".
" نعم .... صحيحة ، ولكن السيد ردفيرن غضب منها وهي تتجول في الحديقة ، ساخبره أنك ناديتني".
قالت ذلك وخرجت.
أتى ماكس وفتح النافذة فغمر النور الغرفة ، وقف بجانب السرير وأخذ يتفحصها ، قالت له:
" تريزا أخبرتني انك قلت بأنني لن اصح قبل بضعة أيام".
" عدت من عملي قبل الغداء ، تنفسك يدل على أنك مصابة ببرد شديد".
ثم وضع يده على جبينها وقال:
"ستلازمين الفراش حوالي الأسبوع".
" سياتي والدي بعد اسبوع من الآن ".
وقالت متحسرة:
" يجب أن أنهض قبل أن يأتي".
" ستفعلين ما أقول وانت تحت سقفي ، لكن لا موجب لطبيب ، كل ما يلزمك البقاء في درجة حرارة غير متقلبة".
لم تستطع استقراء افكاره من وجهه الذي لم يدل على أي انفعال ، وتساءلت اذا كان ما زال غاضبا ، وقالت باستعلاء متغاضية عن شعورها :
" لو استطيع الانتقال الى الفندق.......".
" لا تكوني غبية مجنونة !".
ادهشتها عبارته ولكنها ارغمت نفسها على القول:
" يسبب وجودي هنا انزعاجا لك وقلت ان علي ان ارحل".
تريث قبل ان يعلق على كلامها ، وكان ينظر في وجهها وفي عينيه تأنيب وعتاب:
" أعتقد انه يمكن التغاضي عن نزوتك في الاشفاق على على نفسك".
أجابته بحدة:
" لست في نزوة ولا اطلب الاشفاق لنفسي !".