آخر 10 مشاركات
ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          العيون الحالمة -شرقية زائرة- للكاتبة الآخاذة: Jάωђάrά49 *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية (الكاتـب : لامارا - )           »          استسلام رايدر (31) للكاتبة: Marin Thomas ..كاملة.. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          رواية : أغلــى زمـآن ' (الكاتـب : غفوة - )           »          130 - لن اطلب الرحمه - ان هامبسون ع ق ( كتابة /كاملة)** (الكاتـب : فرح - )           »          فضيحة فتاة المجتمع الراقي (83) لـ:مورين شايلد (الجزء1 من سلسلة فضائح بارك أفينو)كاملة (الكاتـب : * فوفو * - )           »          زواج على حافة الانهيار (146) للكاتبة: Emma Darcy (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          تَدْبِير موريتي(104) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء3من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          67- حارس القلعة - ريبيكا ستراتون - ع.ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-11-12, 08:48 PM   #1

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
:jded: 1073 رواية شيء بالمقابل كارين فان ديرزي (كتابة /كاملة)**




اسمحوا لي أن اساهم في كتابة هذه الرواية اللي بالنسبة لي تعتبر من أوائل الروايات اللي قرأتها وعرفتني على روايات عبير .. واللي أتمنى أنها تعجبكم ..
بحاول أنزل أكبر قدر ممكن كل يوم باللي أقدر عليه ..
ومثلي مثل كل العضوات المخلصات .. ما أحلل كل من يحاول أن ينقل هذه الرواية لمنتديات أخرى ..
ما أحلل نقل تعبي لأني جد لما بدأت أكتبها حسيت بالتعب اللي يقومون فيه عضواتنا المخلصات .. فلهم مني كل التقدير والاحترام والشكر على مجهوداتهم الرائعة ..


وادعوا لي ما تكون هذي أول رواية أكتبها ..


روابط الرواية




word

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

text

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة miya orasini ; 16-06-16 الساعة 08:39 PM
anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-12, 08:48 PM   #2

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
B10

الملخص




لقد أحبت أوليفيا الطريقة التي كان يعاملها بها كلينت حين يحضران معاً المناسبات المتنوعة .. والطريقة التي يبتسم فيها لها . ولكن كان عليها أن تذكر نفسها على الدوام ، بأن كل ذلك لم يكن سوى تمثيل ليبعد النسور عنه . ولكن ذلك كان يبدو لها أحياناً حقيقة إلى حد كان يعجبها التفكير في أنه لايخرج عن كونه مجرد إدعاء .



التعديل الأخير تم بواسطة miya orasini ; 16-06-16 الساعة 05:41 PM
anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-12, 08:52 PM   #3

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الأول

www.rewity.com
الفصل الأول
" أوليفيا ، هنالك سيارة فيراري في الخارج ، سيارة فخمة يجلس في داخلها سائق خاص ".
خطت أوليفيا فوق صندوق يحتوي على حساء معلب ، وهي تفتش عن ويليام الأصلع النحيل ، وكانت كافيتيريا المدرسة ، ليلة الجمعه هذه مزدحمة بالمتطوعين للعمل الذين احضروا صناديق طعام ، موائد طعام ، أكياس طعام ، كل ذلك مما جمعوه من المواطنين الذين تبرعوا به لجيرانهم .
" أوليفيا ؟ هل سمعت ما قلته؟ هنالك سيارة فيراري عملاقة في الخارج " .
نظرت أوليفيا إلى وجه سيليا المنفعل ، ثم قطبت حاجبيها قائلة : " نعم ، لقد سمعتك " وأبعدت خصلة من شعرها الداكن إلى ما خلف أذنها وهي تتابع قائلة : " انني لا اعرف شيئاَ عن تلك السيارة ، وأظنها تخص ذلك الرجل الواقف هناك " . وأشارت إلى نهاية الغرفة ، حيث كان يقف رجل أسمر طويل القامة يرتدي بذلة من ثلاث قطع وكانت قد لاحظته منذ حوالي العشر دقائق ، متسائلة عما يفعله هنا ، ولكنها كانت مشغولة جداً عن البحث في أمره .
ونظرت سيليا إلى الرجل وهي تسأل وقد تملكها العجب : " أوه .. ومن أين أتى يا ترى ؟ " .
فأجابت أوليفيا : " لا أدري ، ولا يهمني ذلك في الوقت الحاضر .. انني بحاجة إلى ويليام . هل تعرفين أين هو ؟ "
أجابت سيليا : " كلا لماذا؟ " .
قالت أوليفيا : " أن القائمة عنده ، لقد اتصل بي مركز الخدمات الإجتماعية بشأن أمرأة لديها طفلين ، هرب منها زوجها بسيارتهم الوحيدة ، ودفتر شيكاتهم ، وكل مدخراتهم من النقود ، والكلب والتلفزيون .. آه ، ها هو ذا .. " واجتازت الغرفة تنقض عليه تقبض على ذراعة النحيلة قائلة وهي تدفع إليه بقطعة ورق : " وليام ان عندي هنا اسماً آخر . " .
فأخذها منها قائلاً : " شكراً " ، وألقى نظرة عبر الغرفة وهو يسأل : " من هو ذلك الرجل ذو الشخصية المميزة ؟ " . فعادت تنظر إلى ذلك الرجل الطويل القامة المهيب الشكل الذي يقف فرب الباب ، يستعرض ما يجري أمامه بعينين قاتمتين حادتين ، لقد بدا بشكل عام في غير مكانه المناسب ، في بذلته ذات الثلاث قطع تلك وقميصه الأبيض وربطة عنقه ، وخلفه كان معطفه القاتم ملقى على كرسي هناك . ولم تشك أوليفيا في أنه صاحب الفيراري التي تساءلت سيليا عنها أو أنه وصل فيها على الأقل .
أجابت وليام قائلة : " ليس لدى فكرة . " ذلك أنها لم يسبق لها أن رأته من قبل ، كما أنه لم يكن يبدو عليه أنه أحد اولئك المتطوعين الذين اقبلوا للمساعدة ، لقد كان أنيقاً خالياً من كل عيب كان شخصاً من عالم آخر ، عالم الغنى والثراء .
ونفضت عن قميصها أثراً من دقيق كان عالقاً به ، وكانت ترتدي بنطالاً يناسب قميصها ذاك ، وحذاءً قديماً مريحاً يصلح للركض ، وكان شعرها قد أفلت من الشريط المطاطي الذي كان يمسك به ، فسحبت الشريط وأعادت ربطه مرة أخرى ، ولكن بالنسبة إلى الأناقة لم يكن في مظهرها العام ما يؤهلها لنيل أي جائزة . إنما بالنسبة إلى البشاشة فقد كانت أفضل كثيراً من ذلك الرجل الواقف عند الباب .
لم تكن ذات خبرة بملابس الرجال ولا طرازها أو نسيجها .. ولكن ، حتى من هذه المسافة البعيدة ، لم تكن بذلته تبدو لها رخيصة عادية ، فقد كان بالغ الأناقة والرشاقة ، كما كانت شخصيته توحي بالسلطة والتحفظ ما وجدت معه صعوبة في عدم التأثر بتلك الرجولة الرائعة البادية أمامها .
ما الذي كان يفعله هنا ؟
كانت هناك طريقة واحدة لمعرفة هذا . وسكبت لنفسها فنجاناً من القهوة أضافت إليها السكر والقشدة ، ثم أتجهت نحو ذلك الغريب .
ومدت يدها اليمنى تحييه قائلة : " مرحباً ، إنني أوليفيا بل ، وقد رأيتك واقفاً هنا ، فتساءلت عما إذا كنت استطيع مساعدتك بشيء . "
مد يده لها مصافحاً وعيناه البنيتان العميقتان تنظران في عينيها قائلاً : " إنني كلينت مورغان ، وأنا هنا لمراقبة ما يجري . " كان ذا أنف دقيق ، وذقن مربعة بارزة ، كما كانت قسمات وجهه نحيلة بارزة المعالم كان وجهه ملفتاً للنظر أكثر منه وسيماً .
فقالت : " لا أظنني فهمت شيئاً "
أجاب : " ولا أنا "
ابتسمت قائلة : " آه ، انني اعشق الغموض أظن سيارة الفيراري التي تقف في الخارج تخصك . "
فأجاب : " نعم " .
سألته : " وكيف جئت إلى هنا ؟ أعني من طلب منك الحضور إلى هنا ؟ " .
فأجاب : " ابنة عمي باميلا " وأشار باختصار إلى حيث تجلس باميلا مرتدية بنطال جينز وكنزة وهي تفتح أكياس بقالة مملوءة بالأطعمة قائلاً : " لقد سحبتني من واشنطن بدعوى زائفة " .
فقالت : " دعوى زائفة ؟ كم هذا مثير " ذلك أن باميلا كانت تمثل رئيسة المنطقة ، وكانت ثرية رائعة الجمال وذات ارتباطات طيبة ، كما أنها كانت مخلصة كذلك ، ومتحمسة وماهرة جداً في إيجاد حلول المشكلات ، وتابعت اوليفيا تسأله : " ما الذي اخبرتك به ؟" .
فأجاب : " قالت أنها ستحضرني معها إلى العشاء هنا لنتحدث في أمور مالية جادة " .
وعضت أوليفيا شفتها تغالب ضحكة كادت تنفجر من بين شفتيها ، وهي تسأله : " هل فعلت ذلك حقاً ؟ " فقد كانت باميلا تملك روحاً مرحة بشكل غريب ، تابعت تقول : " فهمت حسناً . أن العشاء يقدم هناك " ، وأشارت إلى مائدة قريبة من المطبخ حيث مجموعة من الأطباق الساخنة والسلطة والخبز قد وضعت عليها لمن يشاء أن يأكل ، أشارت إليها قائلة : " إنه طعام رائع ، حاول أن تتناول شيئاً " وألقت على بذلته الأنيقة نظرة متفحصة . ربما لم يكن يتوقع أن يأكل سمك التونة المعلب المطبوخ بالشعرية ، وذلك في كافتيريا مدرسة إبتدائية وضيعة المظهر هي من نعم ولاية دالاس وهي نفسها لم تكن قد تناولت طعامها بعد إذ كان عليها أن تنتظر إنهاء بعض الأعمال .
لكن الرجل لم يتقدم نحو المائدة ، وإنما قال وهو يتفحص المكان : " ما الذي يجري هنا؟ " .
رأته اوليفيا رجلاً قياديا يربو أن يعرف كل شيء . أجابت : " إننا نعد صناديق الأطعمة لتوزيعها على الأسر المحتاجة فالجمعية مازالت تجمع الأطعمة منذ أسابيع ، وكذلك المؤسسات الأخرى ، ونحن نقوم بنفس هذا العمل في كل مناسبة " .
قال وهو ينظر إليها : " فهمت .. كم يبلغ عدد الأسر المحتاجة تلك ؟ " .
أجابت : " ثمان وسبعون "
لم يبدُ على ملامحه أية ردة فعل . ولاحظت أن وجهه قد لوحته الشمس . ولا يبدو مطلقاً أنه كان يمضي وقته مؤخراً في نيويورك بل من الواضح أنه كان في نيويورك .
كانت الأطعمة المعلبة الآن قد فرزت أنواعها وأصطف المتطوعون ليأخذوا الصناديق المرقمة لملئها ، تحضيراً لتوزيعها على الأسر المحتاجة .
وعندما رأته يقف صامتاً ، عادت تسأله : " لماذا إذن أحضرتك باميلا إلى هنا " .
أجاب : " لا شك أنها تريد نقودي "
أومأت اوليفيا برأسها قائلة : " آه بإمكاننا استعمال تلك النقود "
قال : " وكذلك بإمكان أي شخص آخر " .
قالت : " طبعاً ." وجالت في فكرها فكرة خبيثة وهي تستطرد قائلة : " عن إذنك " ثم توجهت نحو وليام الذي كان يسلم الصناديق ، وقالت له : " أعطني واحداً " .
وعادت بالصندوق إلى السيد مورغان قائلة : " تفضل هذا . إنه مدون عليه شخص بالغ وثلاثة أطفال " .
نظر إلى الصندوق بين يديه وكأنه لا يصدق أنه حصل عليه ، وهو يسألها : "ما معنى هذا؟ "
أجابت : " قف مع البقية في الصف ، وأخبرهم عند كل منضدة ، أنك تريد مؤونة لشخص بالغ وثلاثة أطفال ، وسيعطونك أي شيء .. خضر ، دقيق ، معكرونة ، .. إلخ ، إنه أمر بالغ السهولة ، حتى إنه ليس عليك أن تفكر بشيء " .
قال : " حسناً ، لقد ارحتني بكلامك هذا " .
ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة ، إذ بدا لها من منظره غريباً . فهو لا يبدو مطلقاً أنه مناسب لمكان كهذا وهو في بذلته الأنيقة هذه ، يتشبث بالصندوق الكرتوني ضاماً إياه إلى صدره . لقد كان كل شخص آخر يرتدي بنطال جينز وكنزه ، بينما يقف هو في كبرياء وقد بدا عليه وكأنه مقبل إلى اجتماع رفيع المستوى .
قالت بلطف : " سآخذ معطفك لأضعه في المطبخ " .
واشتبكت نظراته بنظراتها دون أن يتحرك وغالبت هي الضحك وعيناها في عينيه لا تريد أن تخفضهما . ثم وضع الصندوق على الأرض ، وخلع جاكتته وناولها إياها بينما كانت عيناه مازالتا في عينيها طيلة الوقت ، وهو يقول : " خذي هذه أيضاً ، من فضلك " وأخرج الأزرار الذهبية من القميص ووضعها في جيبه ، ثم ثنى أكمام القميص فبدت ذراعاه القويتان السمراوتان اللتان كان يكسوهما شعر قاتم خفيف . وكان يضع في معصمه ساعة غالية الثمن . ثم عاد يلتقط الصندوق من على الأرض .
أخذت اوليفيا تنظر إليه وهو يقف في الصف ، بينما تمسك بمعطفه وجاكتته . وضحكت مرة آخرى اذ عاودها ذلك السرور الخبيث . ووضعت أشياءه في المطبخ ، لتعود إلى الكافيتريا مرة أخرى .
جاءت باميلا تناديها : " اوليفيا " وكانت تمر بيدها على شعرها البني الأحمر . كانت في مطلع الثلاثينات من عمرها ولكنها كانت تبدو أصغر كثيراً . وكان وجهها مكتمل الزينة بينما يلتمع في أذنيها قرطان من الماس . وكانت تسألها : " أين هو ؟ " .
أشارت اوليفيا إليه وهي تجيبها قائلة : " إنه هناك ، حيث البازلاء المطبوخة " .
فغرت باميلا فمها بدهشة ، ولكنها ما لبتثت أن ضحكت قائلة : " كم هذا مضحك ، كيف استطعت ان تجعليه يقوم بهذا العمل ؟ " .
أجابت اوليفيا : " لقد سلمته صندوقاً وطلبت منه أن يقف في الصف " .
قالت باميلا : " ولكن كلينت مورغان لا يقف في الصفوف " .
أجابت اوليفيا : " ولكنه يقف الآن " .
كتمت باميلا ضحكتها وهي تسألها قائلة : " ما الذي قلته له ؟ لا بد أنك قلت شيئاً " .
أجابت اوليفيا : " لم أقل له سوى أن يذهب ليملأ ذلك الصندوق " .
نظرت إليها باميلا غير مصدقة وهي تسألها : " ذهب هو ليقوم بذلك ؟ " .
أجابت اوليفيا ضاحكة : " نعم "
قالت باميلا : " لابد أنك تملكين تأثيراً قوياً ، اوه ، كم أتمنى لو كانت معي آلة تصوير ، ان زوجي لن يصدق هذا إذا أنا اخبرته به ، ذلك أن كلينت شخص ذو غطرسة غير معقولة "
سألتها اوليفيا : " هل هو ابن عمك ؟ "
أجابت : " نعم لقد كنا متآلفين جداً ونحن أطفال رغم أنني من فرع فقير في الأسرة " . وابتسمت ابتسامة عريضة وهي تتابع قائلة : " إنما علاقتنا هي القرابة فقط " .
وتمنت اوليفيا لو أن الأمر كان كما تقول . ذلك أن كلمة الفقر لا يفكر فيها المرء وهو يرى باميلا بلهجتها المسيطرة وثيابها الغالية الثمن .
قاطع حديثهما وليام طالباً مساعدة ، كما أن العمل كان يستدعي الانتباه من اوليفيا . وكان عليها في كل لحظة ان تتفقد كلينت ، إذ أن قوة غريبة كانت تشد نظراتها إليه . كان ثمة شيء في شخصية هذا الرجل ذي العينين القاتمتي اللون والسلوك المتحفظ يطغى على أحاسيسها .
وبعد حوالي الساعة ، ظهر إلى جانبها وهو يقول وقد وضع يديه في جيبي بنطاله : " كل شيء قد تم إنجازه . لقد قمت بثلاث دورات هل يعجبك هذا ؟ "
التقت عيناها بعينيه وهي تقول بابتسامة مهذبة : " إننا شاكرون لك عونك " وشعرت وهي تتكلم بقرقعة في معدتها ، فأضافت تقول : " أعتقد أن علي أن اتناول شيئاً أتحب أن تشاركني الطعام ؟ "
أجاب : " ولم لا " ومشى معها نحو المائدة التي وضع عليها الطعام .
وبعد عدة لقيمات اسكتت اوليفيا بها جوعها ، سألته : " لماذا أحضرتك باميلا إلى هنا ؟ لماذا لم تقتصر على طلب نقود منك ؟ "
أجاب : " كان قصدها أن أرى كل هذا عسى أن يلين قلبي فأدفع مبلغاً أكبر " .
قالت : " آه ، نعم بإمكان الشخص ان يقوم بأعمال رائعة بواسطة النقود "
سألها : " وما طبيعة تلك الأعمال الرائعة ؟ "
أجابت : " حسنا ، إن هذا يعتمد على قيمة المبلغ الذي تملكه ، بالطبع ولكن ، لنفرض أن عندنا مبلغاً كبيراً من النقود ، إذن يمكننا أن .. "
قاطعها قائلاً : " قولي أن عندك أنت مبلغاً كبيراً منها "
أطلقت ضحكة صغيرة وهي تقول بدهشة : " عندي أن شخصياً "
فقال : " نعم أنت شخصياً ، ما الذي أنت بحاجة إليه ؟ "
باغتها سؤاله هذا ، فقالت : " آه انني لست بحاجة إلى شيء "
قال : " ولكن كل شخص بحاجة إلى شيء ما "
فقالت : " ولكن عندي كل ما احتاجه ، لدي وظيفة جيدة ، بيت يأويني ، وموقد خشب وسيارة تأخذني إلى حيث أريد ".
فقال : " لا بأس اذا لم تكوني بحاجة إلى شيء فماذا تريدين لنفسك ؟ "
أخذت تضحك قائلة : " لا أدري انني سعيدة صدقني "
قال : " ماذا بالنسبة إلى المجوهرات وعمليات التجميل ؟ "
كادت تغص باللقمة وهي تجيبه ضاحكة : " عمليات التجميل ؟ هل أنت جراح تقوم بالدعاية لمصلحتك ؟ "
لوى شفتيه وهو يقول : " كلا ، ولكنني أظن أن جميع النساء هذه الأيام يرغبن في إجراء عمليات تجميل سواء كن بحاجة اليها أم لا "
قالت : " حسناً ، انني لست منهن ، فأنا راضية عن نفسي تماماً "
ألقى عليها نظرة متفحصة وهو يقول : " هذا حسن جداً وماذاعن المجوهرات والملابس ؟ والأسفار ؟ لا بد انك تتمنين شيئاً من ذلك " .
هزت كتفيها قائلة : " انني اصنع معظم ملابسي بنفسي ذلك أن الملابس الجاهزة إما غالية الثمن وإما سيئة التفصيل ، أما المجوهرات فلا تهمني كثيراً ، انني احب الأقراط وإنما لا تهمني الغالية الثمن منها " .
سألها : " هل الجميع هنا متطوعون ؟ "
أجابت : " نعم فليس لدى مؤسسة ميرسي موظفون يقبضون رواتب "
فعاد يسألها : " وما هي تلك الوظيفة الجيدة التي تحدثت عنها إذن ؟ "
أجابت : " أوه ، وظيفتي ليست في مؤسسة ميرسي هذه وإنما أنا معلمة ابتدائية هنا " . وأشارت بشوكتها إلى ما حولها تشير بذلك إلى مبنى المدرسة ، وهي تتابع قائلة : " ان غرفة صفي هي في آخر القاعة ، تلك التي يوجد على بابها صورة مهرج له ثلاثة أعين " ربما كانت هذه آخر سنة تدريس تمضيها هنا . فقد كان بناء المدرسة قديماً ، وكما كانت هناك مدارس عديدة انشئت في الضواحي ، وكان من الصعب عليها التفكير في أنها ستترك مدرستها العزيزة فريندلي هذه .
في هذه اللحظة اقبلت باميلا لتجلس معهما إلى المائدة وكان قرطاها الماسيان يقدحان شرراً في أنحاء الغرفة . وابتسمت لكلينت الذي أخذ يحدق فيها طويلاً ، ليسألها بعد ذلك قائلاً : " ما الذي حدث لثوبك ؟ "
هزت باميلا كتفيها ببساطة وهي تجيبه قائلة : " لقد غيرته في غرفة استراحة السيدات " وعضت شفتها وهي تقول : " انني آسفة إذ تحايلت عليك بهذا الشكل ، ولكن كان علي أن أجد طريقة أحضرك بها إلى هنا " .
قال : " وهكذا جعلتني أظن أن ابنة عمي المحبوبة تعانى من عسر مالي مخيف ، وعلي أن أحضر لانقاذها " وسكت برهة مفكراً ثم استطرد قائلاً : " وكان أن ألغيت عشاء عمل في سبيل أن أحضر إليك " .
بدا على باميلا الندم وهي تعض شفتها المصبوغة مرة أخرى ، ثم قالت : " لن أسامح نفسي أبداً . أرجو أنك ستبقى على شعورك الذي يدفعك إلى التبرع بهبة إلى مؤسسة ميرسي "
رفع لقمة بشوكته إلى فمه وهو يقول : " سنرى "
تابعت باميلا قائلة : " اننا نحاول المساعدة انظر إلى كل هؤلاء المتطوعين أليس ذلك رائعاً ؟ "
أجاب بجفاء : " هذا ممتع جداً كهذا الطعام "
سألته اوليفيا : " وما الخطأ في هذا الطعام ؟ "
أجاب : " لا شيء ، لا شيء أبداً ، هذا إذا كنت تحبين طعام سمك التونه المعلب المطبوخ بالشعيرية والمبالغ في طبخة ما جعل منه خبيصاً ، هذا إلى أنه بارد الآن "
قالت له باميلا وهي تقضم قطعة من كعكة الشيكولاتة أمامها : " إنك جندي شجاع " وتساءلت اوليفيا عما إذا كانت باميلا ستفلت من العقاب للحيلة التي أحضرت بها كلينت مورغان إلى هنا . لا بد أن هذا تطلب منها شجاعة كبرى ، فهو لا يبدو من الرجال الذين يجرؤ المرء على استغفالهم . ومع هذا لم يظهر عليه ما يدل على السخط فقد كان متحكما في مشاعره ضابطاً لأعصابه .
رفع حاجبيه الداكنين وهو يسألها بعد اذ رآها تطيل التحديق فيه : " اترينني أوقع طعاماً على ثيابي ؟ "
عضت شفتها وهي تندفع قائلة : " أوه ، كلا كنت فقط أنظر إلى ربطة عنقك "
سألها قائلاً : " هل فيها أي خطأ ؟ "
تنهدت قائلة : " كلا اظنها مضبوطة تماماً .انني اشعر دوماً بالأسى نحو الرجال الذين يرتدون بذلات قاتمة اللون ، إذ أنهم بذلك يبدون مكتئبين "
تأملها صامتاً برهة ، ثم قال : " مكتئب ؟ دعيني اطمئنك إلى انني استمتع تماماً بحياتي . إذن فأنت تشعرين بالأسى تجاه الرجال في البذلات القاتمة اللون ؟ "
ضحكت قائلة : " هذا صحيح لماذا لا ترتدي ملابس ألوانها أكثر بهجة ؟ لم لا تقول مثلاً فليذهب التحفظ والاعتدال إلى غير رجعة . فأنا ثري وبإمكاني أن اصنع ما أشاء "
لمعت في عينيه الداكنتين شرارة من الفكاهة وهو يقول : " سأهتم باقتراحك هذا " ومسح فمه بمنشفة من الورق وهو يقف على قدميه ، فارع القامة مشرفاً عليها ، ناظراً إليها وكأنه من علية القوم ، قائلاً : " والآن إذا كنت تأذنين لي في الانصراف "
بعد ذلك بساعة وبعد أن حزمت كل الصناديق وأرسلت ، مضت باميلا تتوسل إلى من يوصلها إلى البيت ذلك أن كلينت مورغان قد انصرف بسيارته الفيراري تاركاً إياها وحيدة .
في الصباح التالي ، كانت اوليفيا داخلة إلى بيتها متأبطة خشباً للموقد سمعت رنين الهاتف يتصاعد . فتركت حملها على أرض المدخل ، وركضت ترد على المكالمة ولو كانت جدتها موجودة لقالت لها : " دعيه يرد يا طفلتي فإذا كان الأمر مهماً ، سيعاودون الاتصال " ابتسمت اوليفيا وهي ترفع السماعة قائلة : " آلو "
جاءها الجواب : " اوليفيا بل ؟ هنا كلينت مورغان " وقفز قلبها في صدرها لدى سماعها صوته العميق . وتنفست بعمق وهي ترد عليه قائلة : " نعم يا سيد مروغان انني اسفة لتقطع انفاسي فقد جئت راكضة من الخارج إثر سماعي رنين الهاتف " وعادت تلتقط أنفاسها ثم قالت : " ما الذي بإمكاني أن افعله لأجلك ؟ "
أجاب : " انني اتساءل عما إذا كان بإمكاني أن ادعوك إلى رحلة في الأرياف " .
سألته : " لماذا؟ "
أجاب : " انني أرغب في صحبتك " لا بد أنه يمزح . وتابع قائلاً : " كذلك أحب ان اناقشك في شأن مؤسستك . لقد فهمت أنك الرئيسة "
أجابت : " نعم . هذا صحيح ، في هذه الحالة فإنني أرغب جداً في رحلة في الأرياف يا سيد مورغان " وكانت تقول ذلك بتزمت وهي تبتسم للسماعة في يدها .
قال : " سأكون عندك خلال عشر دقائق " وأقفل الهاتف .
عشر دقائق ؟ لا بد أنه يتحدث من السيارة . وألقت نظرة على بنطال الجينز الباهت الذي ترتديه والمزين برقع على ركبتيه بشكل قلب ، والجاكتة ذات النقش الاستكتلندي بلونيها الأحمر والأزرق والتي كانت يوماً ما لجدها . ربما عليها أن ترتدي بدلاً من الجينز بنطالاً عادياً فضفاضاَ ومعطفاً . وألقت بجاكتتها على كرسي . مازال عليها أن تزين وجهها .
واندفعت إلى الحمام ، فغسلت يديها ، ووضعت على جفنيها الكحل والظلال ، ثم بعض اللون على شفتيها وأسدلت شعرها على كتفيها . ذات يوم كانت تتمنى لو أنها شقراء زرقاء العينين مثل سيليا ، ولكن ذلك كان منذ وقت طويل ، أما الآن ، فهي راضية تماماً بشعرها القاتم الجعد وعينيها البندقيتين . وإن كانت تتمنى لو أنها أطول قامة قليلاً مما عليه قامتها الآن . حسناً ، ها انها أنهت كل شيء الآن ، وليس له أن يتوقع منها أن تبدو كعارضات الأزياء في غضون العشر دقائق التي منحها إياها . هذا إلى أنهما ذاهبان لجولة بالسيارة فماذا يهم ؟ وركضت إلى غرفة النوم حيث أخرجت قميص الجامعة القديم وجاكتة صوفية كانت أنهت حياكتها لتوها جاعلة إياها بطراز إيطالي مشرق باللونين الأزرق والأخضر .
قرع جرس الباب بعد تسع دقائق من وضعها سماعة الهاتف . أخذت نفساً عميقاً ، ثم ذهبت تفتح الباب ، وقلبها يخفق بعنف .
قال لها حالما فتحت الباب : " صباح الخير " وبدا في بنطاله القاتم والجاكتة التويد والقميص ورباط العنق ، بدا أقل تزمتاً مما كان عليه ليلة أمس . أنما بنفس الأناقة .
قالت له : " أدخل ، إذ لم أتمكن بعد من تغيير ملابسي ، أعني ... "
قال : " لا حاجة بك لذلك " وجالت نظراته في أنحاء الغرفة ناظراً إلى الجدار المغطى بالكتب ، والأثاث المختلط ما بين عصري وقديم ، فالمدفأة القديمة ، والستائر والوسائد ذات الألوان المشرقة ، والسجاد المكسيكي الملون .
قالت : " إن الغرفة هذه لا تخضع لقواعد الديكور فقد توخيت فيها مجرد الراحة الكاملة ، كذلك لا تخرج عن الطراز الحديث مطلقاً ، لهذا أنا لا أقلق من فكرة انني قد أصبح مصدر هزء الجيران ، إذ يرونني أعيش في زمن متخلف ، فهو شامل على الدوام ككل شيء كلاسيكي " .
قال وعيناه مسمرتان على وجهها طيلة الوقت ، بشبه ابتسامة : " فهمت "
كانت اوليفيا قد نشأت في منزل صغير ، وقد رباها جداها . وبعد موتهما منذ سنوات قليلة ، أصبح المنزل ملكها ، ومرة حاولت أن تنتقل إلى مدينة أكبر ، ولكنها كانت مسرورة لأنها لم تفعل ، إذ كانت تعشق قرية فريندلي في ولاية دالاس ، فقد كان اصدقاؤها هنا . وكانت تعلَّم هنا في المدرسة ، كما كانت تحب العيش في هذا المنزل الصغير المريح المألوف لديها ، والذي زخرفته بنفسها بطريقتها غير الملتزمة .
سألها :" هل أنت جاهزة؟ "
أجابت : " نعم " والتقطت جاكتتها وحقيبة الكتف وهي تستطرد قائلة : " آه ، انتظر دعني أريك شيئاً " وفتحت الباب إلى إحدى غرفتي النوم وهي تقول : " هذه غرفة الأطعمة المختصة بمؤسسة ميرسي " .
وكانت تقوم على طول الجدران رفوف من معدن رخيص ووضعت عليه مختلف أنواع المعلبات .
وأخذ كلينت يمعن النظر في الغرفة ، ثم سألها : " من أين يأتي كل هذا؟ "
أجابت : " اغلبها من دور العبادة ، ففي كل شهر يخططون لجمع الأطعمة من المصلين ، ثم يحضرونها إلى هنا ، فأضعها أنا على الرفوف ، ثم أجمع ما نحتاجه لذلك اليوم ، فيأخذها المتطوعون لتوزيعها . على كل حال ، إذا حدث يوماً ووجدت نفسك دون طعام ، فأنت تعلم الآن إلى أين تأتي " .
قال : " اشكرك . سأتذكر ذلك "
خرجت من الغرفة واغلقت الباب خلفها ، ثم قالت له : " هل نذهب ؟ "
كانت تقف عند الباب سيارة باميلا ، الفولفو الفضية اللون ، فسألته : " أليست سيارتك هنا ؟ "
أجاب : " لقد أعدتها . واستوليت على هذه السيارة من باميلا لكي أمضي الليلة هنا " . وفتح لها الباب ، فدخلت بينما استدار هو حول السيارة ليصعد إلى مقعد السائق .
سألته : " أظنها قد اخبرتك أين أسكن ؟ "
أجاب : " هذا صحيح ، قالت أنك تسكنين في منزل خرافي صغير أبيض اللون مزخرف بالأحمر ، وهو المنزل الخامس قبل المدرسة " ونظر إلى الرقعتين على ركبتيها واللتين تمثلان قلبين ، وسألها : " أتحبين اللون الأحمر ؟ "
فأجابت : " نعم أنه لوني المفضل ، فهو متألق غير معقد "
سألها : " والآن أخبريني عن مؤسسة ميرسي وعملها "
أجابت : " ألم تخبرك باميلا ؟ "
أجاب : " أريد أن اسمع ذلك منك "
هزت كتفيها قائلة : " لا بأس " وانطلقت في الحديث بينما كانت السيارة تسير خلال الطرق الريفية الملتوية بين البيوت الجميلة القائمة في الحقول . وكانت المناظر تبدو رائعة حتى في الشتاء ، ولو أن فصل الشتاء لم يكن قد ابتدأ رسمياً بعد إذ كان الوقت اواخر تشرين الثاني (نوفمبر) ، وذلك بمنظر الخضرة الداكنة إزاء زرقة السماء الساطعة . ونظرت إلى مظهر وجهه الجانبي الذي كان رائعاً واعجبها لمعان شعره القاتم .
سألته بصورة عفوية : " ما هو عملك الذي تزاولة ؟ "
أجاب : " انني رئيس شركة مورغان "
قالت : " ما معنى هذا ؟ وما الذي تقوم به شركة مورغان ؟ "
ألقى عليها نظرة سريعة وهو يجيب قائلاً : " إنها شركة عالمية تتعلق بالهندسة ، فنحن نبني جسوراً وسدوداً وخنادق وما اشبه من الأبنية الضخمة في العالم " .
سألته : " هل تحب عملك هذا ؟ "
رفع حاجبيه بدهشة وقال : " أحبه! من المفروض ذلك "
قالت : " هذا حسن ، إذ من الفظاعة أن تمضي حياتك تقوم بأشياء لا تحبها . لقد كنت دوماً أرغب في أن أكون معلمة وراقصة باليه " . وضحكت وهي تتابع : " ومن سوء الحظ لم أستطع القيام بالأثنين معاً ، فكان علي أن اختار احدهما "
سألها : " وهل أنت سعيدة بالخيار الذي اتبعته ؟ "
أجابت : " آه .. نعم ، فأنا أعشق التعليم " وامعنت النظر في وجهه ، ثم تابعت تقول : " انك لم تقم بهذه النزهة لكي تتكلم فقط عن مؤسسة ميرسي ، أليس كذلك ؟ " وكان هذا السؤال لأنها لم تستطع أن تتصور أنه يقوم برحلة كهذه بين الأرياف لكي يستمتع فقط بجمال المناظر . فهذا لا يتفق مع الصورة المفروضة بالنسبة لشخص يحمل مثل هذه المسؤوليات الضخمة التي لا بد ينوء بها شخص مثله .
أجاب : " في الواقع .. كلا . ولكن الأمر بمثابة اصطياد عصفورين بحجر واحد . ذلك أن لدي موعداً مع صديق لي يقطن في واينرغ ، وهو موعد من المفضل القيام به شخصياً ، ولكنه لن يأخذ مني وقتاً طويلاً . وفي نفس الوقت ، نستغل هذا الوقت نحن الاثنين في الحديث " .
وهكذا تحدثا ، أو بالأحرى تحدثت اوليفيا . فقد كان كلينت يلقي عليها أسئلة مختصرة ، فترد عليه بأجوبة مطولة . وإذا ألقت عليه سؤالاً ، أجابها عليه بأقل ما يمكن من الكلمات . وبدا عليه عدم الاهتمام كلياً بالحديث عن نفسه لقد كان حوله جو متحفظ غير بعيد عن التآلف ما أثار في نفسها الفضول .
استدارات السيارة في منعطف حاد ، ومن ثم وقفت وهو يقول : " ها نحن قد وصلنا " .
ظهرت أمام عينيها مزرعة وسط اراضي فسيحة قام في وسطها بيت ريفي تاريخي رائع تحيط به حدائق منسقة ، لا بد أن تبدو أروع ما تكون أثناء فصلي الربيع والصيف .
هتفت وقد تملكتها الرهبة : " أوه .. ما أروع هذا المكان ! هل هو يقطن هنا حقاً ؟ "
أجاب : " أنه يمضي فيه قسماً من السنة فقط "
نزلا من السيارة ، ثم تقدما نحو باب ذي مصراعين فتحا امامهما قبل أن تلمس أصابع كلينت المقرعة النحاسية الكبيرة .
وقادهما خادم إلى غرفة جلوس واسعة تزهو بأثاث أثري وسجاد شرقي ، ولوحات زيتية على الجدران كانت دون شك ، النسخ الأصلية ما يجعلها لا تثمن ، فبدا المكان بذلك كمتحف جعل اوليفيا تتفحص المكان وقد توقفت انفاسها . هل هناك من الناس من يعيش حقاً في بيوت كهذه ؟ وبعد ذلك بلحظات ، دخل عليهما بلهفة رجل وامرأة .
كان الرجل طويل القامة بالغ النحافة ، يرتدي ثياب الركوب التقليدية . أما المرأة فكانت أصغر منه كثيراً ، ربما في أواخر العشرينات من عمرها ، وترتدي ثوباً أنيقاً من الصوف وحذاءً غالي الكعب .
هتفت وهي تتقدم مادة يديها : " كلينت ما أجمل أن أراك ! لقد مضى وقت طويل لم نتقابل فيه "
وتبادلوا التعارف . ومنحت المرأة ، وأسمها آن ، اوليفيا ابتسامة لم تواجه هذه مثل زيفها قط من قبل . وارتسم في تلك العينين الزرقاوين الشاحبتين لمحة من الترفع حالما شملت اوليفيا من رأسها حتى أخمص قدميها بنظرة سريعة متفحصة . لتلتفت بعد ذلك فجأة ، وكأنها تنبذها من واقعها ، لتلتفت عائدة إلى كلينت تسأله : " انك ستبقى للغداء . أليس كذلك ؟ لقد نسيت أن ادعوك لذلك الليلة الماضية حين تحدثنا هاتفياً " .
أجاب : " انني لا أريد أن اسبب لكما اي ازعاج فأنا وروبرت لا نحتاج اكثر من ثلث ساعة ، ثم نترككما أنا واوليفيا " .
قالت : " هذا كلام فارغ . سنتناول بعض العصير ، ثم الغداء ، وبعد ذلك يمكنكما أن تتحدثا في شؤونكما العملية " .
حنى رأسه قائلاً : " لا بأس ، إذا كنت تصرين على ذلك "
قال روبرت : " نعم .. نحن نصر . والآن ، ماذا تشربون ؟ "
ونظر إلى اوليفيا مستطلعاً ، فقالت : " انني في الواقع ، أفضل فنجاناً من القهوة إذا كان بالامكان ذلك " .
قال : " طبعاً لا مشكلة في هذا . وأنت يا كلينت ؟ "
أجاب : " ليكن كوباً من عصير البرتقال ، من فضلك "
كان واضحاً أن آن لم ترحب مطلقاً بمجئ اوليفيا ، ولم يكن التكهن بسبب ذلك صعباً . وهكذا امتلأ جو الغرفة بذبذبات العداء .
استقامت اوليفيا في كرسيها . لم تشأ أن تدع هذه المرأة الفظة ترهبها ، سواء كانت تلبس حذاء بكعب عالٍ أم لا .
وعندما جلسوا إلى المائدة ، لم تتحسن الأمور .
قالت آن تخاطب كلينت : " إن لدينا لحم غزال . لقد اصطاده أبي بنفسه منذ يومين "
أضاف روبرت قائلاً : " بالقوس والنشاب "
ذلك أن فصل الصيد بالبندقية لم يكن ابتدأ بعد . كان جد اوليفيا صياداً مشهوراً ، وكان يمد اسرته بنصف احتياجاتهم من اللحم تقريباً ، كل عام . وكان لحم الغزال على مائدتهم على الدوام .
سألتها آن بلهجة حلوة : " هل سبق وذقت لحم الغزال من قبل ؟ "
أجابت اوليفيا باسمة وهي تتناول السلطة : " نعم لقد سبق لي ذلك " فقد صممت على أن لا تدع هذه المرأة تنال منها " .
كان الطعام لذيذاً استمتعت به اوليفيا كلياً . لقد قررت عدم الاهتمام بتلميحات آن ووخزاتها ، وقابلت كل ذلك بدعابة مهذبة ، واعية إلى عيني كلينت اللتين كانتا تلاحظانها عبر المائدة . وبعد ذلك انسحب الرجلان إلى مكتب روبرت ، تاركين اوليفيا وآن وشأنهما . ولم تشعر اوليفيا بالسرور لفكرة قضاء ثلث ساعة أو اكثر مع هذه المرأة ذات المشاعر العدائية نحوها .
قالت لها آن بعد لحظة تأملتها فيها : " حسناً ، من أي مكان في العالم التقطك كلينت ؟ "
أذهل هذا السؤال اوليفيا ، ولكن ليس لفترة طويلة إذ اجابتها ساخرة : " من حمام عمومي في إحدى المقاطعات من أعمال واشنطن ، إذ كانوا يفركون جسدي بعد أن بقيت دون استحمام مدة شهر " .
فغرت آن فاها وهي تحملق فيها ذاهلة وقد بدا أنها لم تجد ما تقوله ، واغتنمت اوليفيا هذه الفرصة ، لتنهض وتترك الغرفة . وفي الردهة عند المدخل وجدت جاكتتها فارتدتها ثم خرجت .
كان الجو ما يزال بارداً ، ولكن الشمس كانت مشرقة فاستنشقت الهواء النقي بعمق وهي ترفع بصرها نحو السماء الزرقاء ، وما لبثت أن انفجرت ضاحكة .
وتمشت اوليفيا في الحدائق فترة قبل أن تعود إلى مدخل المنزل . وكانت ترتجف من البرد ، ولكنها لم تشأ العودة إلى الداخل إذ ربما كانت السيارة ما تزال مفتوحة.
كان الأمر كذلك ، فتدخلتها ثم اغلقت الباب ، وكانت السيارة موضوعة في ظل المنزل ، ولهذا كان البرد في داخلها لا يكاد يختلف عنه في خارجها إلا قليلاً .
ومر الوقت . ربع ساعة .. نصف ساعة . وازداد شعورها بالبرد أكثر فأكثر ، ما جعلها تزداد غضباً على غضب . ما الذي جعل كلينت مورغان يتصرف بهذا الشكل ؟ فقد دعاها إلى نزهة في الأرياف للتحدث عن مؤسسة ميرسي ، ولكن ها هي هنا تكاد تموت من البرد ، في الوقت الذي يدير هو فيه أعماله وكأن وقتها هي لا يستحق شيئاً ، أو كأن لا عمل لها سوى انتظار حضرته ليتفضل بالقدوم . وخرجت من السيارة وأخذت تقفز على قدميها تستجلب الدفء . وكان بإمكانها ، طبعاً أن تعود إلى الداخل ، ولكنها فضلت على ذلك ، الشعور بمثل هذا الصقيع . ومرت نصف ساعة أخرى دون أن يأتي ما جعل غضبها يستحيل إلى ثورة عنيفة . فلو كان المفتاح في السيارة لقادتها حتماً مبتعدة بها .
وازداد انكماشها في جاكتتها وهي ترتجف من البرد . وتمتمت : ويحك يا كلينت مورغان انك متغطرس عدم الاعتبار للآخرين . ويحك رغم اموالك وسلطتك وسيارتك الفيراري ، وياليت السباع تلتهمك .
وبعد عشر دقائق فكرت بعدها بالدخول إلى المنزل والذهاب رأساً إلى مكتب روبرت طالبة من كلينت إعادتها إلى منزلها ، إذا بباب المنزل الأمامي يفتح ويخرج منه كلينت . وأخذت اوليفيا تنظر إليه وهو يتقدم نحوها بخطوات واسعة بينما هي تصرف أسنانها .
صعد هو إلى مقعد القيادة ، ثم ألقى عليها نظرة نفاذة وهو يقول : " كنا نفتش عنك . ما الذي تفعلينه هنا في مثل هذا البرد ؟ "
قالت : " ان الصحبة هنا هي أفضل "
فتح باب المنزل مرة أخرى ليخرج منه روبرت متقدماً نحوهما إلى حيث باب السيارة المفتوح ، ثم انحنى ليرى داخلها وهو يقول مبتسماً لاوليفيا : " الاثنين اننا هنا اثناء فصل الاجازات عودا لزيارتنا "
ابتسمت له اوليفيا وهي تقول : " شكراً للغداء ، لقد كان لحم الغزال لذيذاً للغاية "
وانتهى الحديث المهذب وسارا بالسيارة عائدين إلى الطريق العام . وكانت من الغضب بحيث لم تستطع الكلام ، فأخذت تحدق من النافذة إلى الخارج ، مشيحة بوجهها عن كلينت .
سألها بعد فترة صمت : " كم لبثت هنا في الخارج؟ "
أجابت : " نفس المدة التي امضيتماها ، أنت وروبرت في المكتب تقومان بعملكما المهم " .
قال : " لقد دخلنا في بعض المشكلات ، وكان علينا أن نتصل بروما ، وكنت متوقعاً من أن آن ستكرم وفادتك . فما هي المشكلة ؟ "
استدارت تواجهه قائلة : " مشكلة أم مشكلات ؟ أولاً ، لقد دعوتني لنزهة في الأرياف ، وإذا بي أنتهى في قاعة مليئة بالتحف حيث هناك ذئبة شقراء مخبولة . ثانياً ، لقد قلت انك ستتحدث في شؤون العمل لمدة ثلث ساعة أو نحوها ، فكان ان تركتني وشأني مدة ساعة ونصف ، إلى أن كدت أموت برداً هنا خارج المنزل ، وبعد ذلك تسألني ما هي المشكلة . وربما يدهشك أن تعلم أن لدي ما هو أفضل لاستغل وقتي به بدلاً من الطواف في الأنحاء في انتظارك . ان كونك ثرياً لا يعطيك الحق في ان تشغل اوقات الآخرين دون اعتبار لمشاعرهم ، او احتياجاتهم . انني لا أحب استغلالي بهذا الشكل ، ليس بواسطتك انت أو أي شخص آخر ! حتى ولو كان عندك مليون دولار بين يديك وكنت أنا احتطب في الغابة " .
وتنفست بعمق وهي تضغط على اسنانها بشدة . ها قد قالت ما تريد وربما جعلها ذلك تودع أي أمل في اكتساب مبلغ منه لمؤسستها . ولكن فليكن هذا ، وربما استطاعوا ان يحصلوا على التمويل من مصدر آخر .
قال وهو يحدق في الطريق أمامه : " انني اعتذر "
عادت تقول : " ثالثا كان عليك أن تخبرني أنك ستزور بعض الناس ، إذن لارتديت شيئاً آخر غير بنطال الجينز القديم هذا "
ألقى نظرة على الرقعتين بشكل القلب واللتين على ركبتيها وهو يقول : " ان بنطالك هذا يعجبني "
قالت : " ليس هذا هو الموضوع "
قال : " الموضوع هو طبعاً ، أنني كنت انانياً متغطرساً لا أداري شعور الآخرين "
قالت بلهجة حلوة : " ان معرفة النفس هي أولى درجات الحكمة , هذا ما كانت تقول جدتي "
قال : " سأتذكر هذا . والآن اخبريني ما الذي حدث لكي يجعلك تخرجين من المنزل ؟ "
أجابت : " لقد كانت تلك المخبولة المعجبة بك كريهه للغاية ، فلم أشأ ان اعرض نفسي لذلك . ففكرت في أن أخرج إلى الباب الأمامي لكي انتظرك هناك ، إذ لم تكن ثلث الساعة بالمشكلة ، ولكن ساعة ونصف جعلت البرد يصل إلى عظامي "
قال : " هل مازلت تشعرين بالبرد ؟ "
أجابت : " نعم "
قال : " هنالك فندقاً صغيراً آخر هذا الطريق . سنقف عنده لكي نتناول شراباً ساخناً "
قالت : " لاتزعج نفسك سأتناول شيئاً في منزلي "
قال : " بل سنتوقف "
كان المطعم في ذلك الفندق الصغير يقع في بناء أثري يحوي جمال العالم القديم إلى جو مريح ، وكانت النار تتوهج في المدفأة .
قال للمضيفة التي بدت وكأنها صاحبة المكان: " اننا نريد مائدة بجانب المدفأة " ونظر إلى اوليفيا يسألها : " اتريدين قهوة "
اومأت برأسها قائلة : " أي شيء يطرد البرد عني "
قالت المرأة : " إن عندي شاياً مع النعناع وهو أقوى مفعولاً من القهوة "
أجابت : " حسناً ، هذا رائع "
وهكذا كان . وأدفأها هذا الشراب الحار ، ما جعل غضبها يتلاشى . وحدقت في نار المدفأة ، شاعرة بالدفء ، وهي تسألة قائلة : " هل تعرفها منذ مدة طويلة ؟ أعني بذلك آن "
أجاب : " منذ سنوات "
عادت تسألة : " هل تطمع بك؟ "
أجاب بجفاء : " انها تطمع في اموالي "
قالت : " وكذلك أنا "
فارتسمت على شفتيه ابتسامة ملتوية ولكنه لم يقل شيئاً ، وإنما جلس ينظر إليها .
قالت تلطف من الأمر : " أريد النقود لأجل مؤسسة ميرسي ، وهذا هو سبب قدومي معك هذا الصباح "
قال : " طبعاً "
آه ، انها اضاعة وقت ليس إلا ، وعادت تقول : " اظنني لا اصلح للسعي في تمويل المؤسسة "
قال : " ولكنك تقومين بذلك بشكل حسن "
نظرت إليه بارتياب ثم قالت : " إن الذي يسعى لمثل هذا عليه أن يعرف كيف يتملق الناس ويجاملهم " ذلك أن تملق الآخرين لم يكن من عادتها . فقد كانت تتكلم كثيراً ولا تستطيع امساك لسانها .
استند إلى الخلف وهو يتأملها بهدوء قائلاً : " هذا ليس ضرورياً إن لدي عرض لك "
نهاية الفصل الأول


anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-12, 08:55 PM   #4

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثاني

www.rewity.com
الفصل الثاني
عرض لها ؟ وحدقت اوليفيا في كلينت ما الذي يعنيه بهذا ؟ وأخذت رشفة من كوب الشاي بالنعناع وهي تسأله قائلة : " وما هو نوع هذا العرض ؟"
نظر إليها مباشرة وقال : " إنني أريد أن أقدم هبة إلى مؤسسة ميرسي بخمسة آلاف دولار "
ابتدأ قلبها يخفق ، خمسة آلاف دولار ؟ هذا شيء عظيم ورائع ، ولكنه لم يكن عرضاً . وتنبه في نفسها جهاز الخطر .
قالت له بحذر : " تلك هبة سخية جداً ، ولكن شكوكاً تراودني في أن ثمة شيئاً آخر خلف هذه الهبة "
أجاب وهو ينظر إليها بغموض : " إن لدي في فترة الاجازات هذه عدداً من الالتزامات ما بين عملية واجتماعية عليّ أن أقوم فيها بنشاطات متنوعة ، وأنا أريد منك أن تكوني تحت تصرفي في مرافقتي ، أثناء ذلك "
فغرت فاها دهشة لماذا يريد أن يأخذها معه ؟ ولكن لا بد أن هناك نساء كثيرات يحمن حوله ، متشوقات إلى لفت انتباهه . نساء رائعات يملكن المال والملابس الأنيقة الغالية . فما الذي يريده منها ؟ ولم تفهم من هذا شيئاً .
أخيراً قالت : " لا بد أنك تمزح "
أجاب : " كلا ، إنني لا أمزح "
قالت : " لماذا تحتاجني أنا لأمر كهذا بينما هناك كثيرات يمكنك أن تطلب ذلك منهن ؟ "
أجاب بلهجة حازمة : " حسناً ، إنني لا أريدهن "
ضحكت لقد كانت الأمور بعيدة عن التصديق ، وقالت : " إذا كنت لا تريد أن ترافق أياً من تلك النساء اللاتي تعرفهن ، فلماذا لا تذهب وحدك ؟ "
أجاب : " هذا غير ممكن ، ذلك أنني إذا ذهبت وحدي ، فستنقض عليّ النسور "
نظرت إليه ذاهلة وهي تسألة : " النسور "
قال : " إن رجلاً مثلي لا يحسن أن يبدو بمفرده عند القيام بمثل تلك النشاطات . إن ذلك يدفع نوعاً من النساء إلى أن يحاولن ملء ما يفترض وجوده من فراغ في حياتي . وأنا حالياً لا أريد مثل هذه الأشياء "
قالت : " آه فهمت ، ما أشد الضيق الذي يسببه لك هذا "
قال بدعابة جافة : " إنه لا يمكن وصفه "
إذن ، فهو يحتاجها لكي تبعد عنه النسور . لأنها لا تعدو أن تكون امرأة مجهولة ، معلمة بسيطة لا يمكن أن تجتاحها تصورات طموحة أو أن تهدد طمأنينته النفسية ، ويمكنها أن تكون لائقة المظهر إذا هي ارتدت الملابس المناسبة ، كما أن بامكانها التحدث بما يناسب المقام . صحيح أنها ليست رائعة الجمال ، ولكنها كانت حسنة الشكل بما فيه الكفاية .
قالت له وعيناها في عينيه : " أتراك تعنى بالنسور أمثال آن ؟ "
أجاب : " نعم "
قالت ومازالت عيناها في عينيه : " وهذه النزهة القصيرة في الأرياف كانت مجرد امتحان ، أليس كذلك ؟ "
لوى شفتيه قائلاً : " طبعاً "
فساورها التردد وهي تعبث بكوبها برهه ، ثم قالت ببطء : " لقد أعجبتني هبتك البالغة خمسة آلاف دولار . ولكن خروجي معك لتفادي تلك الأمور التي تتحدث عنها ، لهي فكرة غريبة ، إذ لم يسبق لي قط أن زاولت أمراً كهذا ، فأنا لن أعرف ما عليّ أن أتحدث به ، وليس لديّ أي نوع من الملابس لمثل تلك المناسبات "
قال كلينت بإشارة فيها بت الأمر : " من الطبيعي أن أتكلف أنا بكل نفقاتك من ثياب وأحذية وحليّ مهما كان نوعها ، اعتبريها نفقات عمل "
قالت تجيبه : " هل كل ما عليّ أن أفعله هو أن أتأنق وأتزين لكي أحضر تلك الاجتماعات معك ؟ "
أجاب : " بالضبط "
قالت : " وبعد أن ينتهي الاجتماع ، تعيدني إلى منزلي؟ "
أجاب : " إن هذا سيكون مزعجاً ، إذ أن تلك الاجتماعات غالباً ما تنتهي في وقت متأخر " وكان صوته بارداً عملياً وهو يتابع قائلاً : " فإذا لم يكن لديك عمل في المدرسة في الصباح التالي فستكونين ضيفتي "
غاص قلبها بين ضلوعها وهي تقول : " هذا ما كنت أخاف منه "
بقي وجهه جامداً لا يعبر عن شيء وهو يجيبها قائلاً : " إن لدّي غرفة جاهزة لك ، وستكونين مرتاحة فيها تماماً " أجابت : " لا أشك في ذلك لحظة واحدة ، ولكن إذا كنت تخطط لشيء آخر في نفسك .. فإنني أحذرك من أنني لن .. "
ورفع حاجبه بدهشة ساخرة . وشعرت تجاه ذلك بارتباك جعل وجهها يتوهج خجلاً .
وألقى عليها نظرة طويلة ، ثم قال : " أترينني رجلاً كريهاً إلى هذا الحد "
ازدردت ريقها قائلة : " ليس هذا ما قصدته ، إنني فقط .. "
قاطعها قائلاً : " أعلم ذلك حسناً ، دعيني أوضح الأمر . إن هذا عرض عمل لا يحتوي على أي شروط عاطفية "
استقامت في جلستها وهي تقول له : " هل لك أن تضع هذا البند في العقد ؟ "
أجاب دون أن يعبر وجهه عن شيء : " لا بأس ، إذا شئت ذلك "
قالت : " نعم ، أريد ذلك "
وقف كلينت قائلاً : " دعيني أحضر حقيبة الأوراق من السيارة لكي ننهي هنا كل شيء . ويمكنك أن تراجعيه لترى ما إذا كا ن يحوز رضاك "
أحضر حقيبته من السيارة وفتحها ليخرج منها ورقة وقلماً وابتدأ يكتب ، بدت يداه رائعتي الجمال بسمرتهما المكتسبة وأصابعهما الطويلة القوية ، وأظافره المربعة ولم يكن يضع خاتم زواج .
قال لها وهو يناولها الورقة : " هاك ما تريدين "
قرأت ما كتبه على الورق بخط قوي واضح ، ما سبق وقاله بالضبط ، إلا أنه لم يذكر مؤسسة ميرسي ولا مقدار الهبة التي سيقدمها ، وربما كان من الأفضل ترك هذا الأمر خارج الورقة هذه .
سألته : " كم قلت مقدار المبلغ ؟ "
أجاب : " خمسة آلاف دولار مضافاً إليها النفقات "
أومأت برأسها مفكرة ، ثم عادت تسألة : " ما نوع ثرائك أعني هل أموالك نظيفة المنشأ أم قذرة ؟"
ارتسمت على فمه ابتسامة صغيرة ملتوية وهو يقول : " بالنسبة إلى شخص يبدو عليه عدم الاهتمام بالمال ، تظهرين أنت عكس ذلك "
قالت : " أوه ، إنني أهتم كثيراً بالمال فلا تخطئ في هذا الشأن ، إنني أريد عشرة آلاف دولار " وتصاعدت خفقات قلبها حتى خشيت أن يسمعها هو أو احداً من الموجودين في المطعم .
ولم تتغير ملامح وجهه وهو يقول : " إنك تساومين بشدة "
ابتسمت قائلة : " إنني كعكة خشنة المذاق ، وأنت تطلب مني الكثير " وكان لفكرة اختلاطها بالأثرياء والمشهورين صدى خاص . كما كان يبعث فيها هلعاً لا ينكر ، فقد كانت مدرسة جيدة كما هي منظمة جيدة ، وهي تعرف أيضا كيف تطبخ وتخيط الملابس كل يوم . أما الدخول إلى المجتمعات فلم يكن في حسبانها .
أخذ كلينت يتفحصها بهدوء ، ثم قال : " سأعطيك ثمانية آلاف دولار على شرط أنك أثناء العطل المدرسية ، عليك أن تمكثي عند حاجتي إليك ، في المدينة أنثاء النهار "
سألته : " تحتاجني لأي شي ء ؟ "
أجاب : " لتناول وجبات طعام عمل ، أو أي شيء طارئ "
أزعجتها لهجته الحازمة وكأنه يعتبر أن عليها أن تمنحه كل وقتها . فقالت له : " إن لي حياتي الخاصة كما ترى ، وغرفة الأطعمة التابعة للمؤسسة هي في بيتي حيث يتعين علي البعض أن يأخذوا منها التوزيع اليومي . وعلينا أن نجهز وجبات خاصة للعيد الكبير . وعليّ أن أكون موجودة للاهتمام بأي وضع طارئ ، لا يمكنني أن أوقف كل أعمالي "
هز كتفيه قائلاً : " حاولي أن تتخذي ترتيبات بالنسبة إلى كل ذلك "
طبعا هذا أمر بسيط قال إن عليها أن تتدبر أمورها وطبعا هذا ما يناسبه . فالرجل الذي يملك نقوداً يمكنه أن يتخذ أية ترتيبات لأي أمر كان ، بإمكانه أن يلقي بأوامره إلى من حوله ، أن يطلب ما يريد ، فالغني يمنح المرء السلطة والنفوذ .
قال لها : " لا تنظري إليّ هكذا . ضعي على خط هاتفك رقم هاتفي لينقل إليه مكالماتك . وأنا سأتصل بمكتب الخدمات لكي يسلّم الأطعمة عندما تكونين في الخارج ، وعندما يصبح ذهابك إلى منزلك ضرورياً ، يمكنك عندها أن تضعي جدولاً وأتصور أنه سيكون لديك وقت كافٍ "
بدا لها هذا معقولاً تماماً . وبثمانية آلاف دولار يمكنها أن تستنتج أي شيء . وثمانية آلاف دولار تستحق بعض التضحيات .
أومأت قائلة : " لا بأس . إنني أقبل بهذا ولكن ليلة العيد سأمضيها مع صديقتي سيليا وأسرتها " وكانت سيليا أفضل صديقاتها منذ كانتا في روضة الأطفال ، كما أن أسرة سيليا كانت كأسرتها .
قال : " ليس في هذا أية مشكلة "
قالت : " هنالك شرط آخر . إنني أريدك أن تمنح الهبة مباشرة لمؤسسة ميرسي على أن تعدني بأن لا تذكر مطلقاً الترتيبات التي اتخذناها لأي شخص كان . أرجوك "
أومأ برأسه قائلاً : " هذا مفهوم ، والآن ، المهمة التالية ستكون يوم السبت القادم وهو عشاء خيري "
السبت القادم . وغاص قلب اوليفيا بين ضلوعها . ذلك أن عليها أن تذهب إلى فيلادلفيا حيث داون وريبيكا لقضاء الإجازة الإسبوعية . حسناً ، يمكنها أن تعود صباح السبت بدلاً من الأحد . ذلك أن الفرصة قد فاتت لتغيير رأيها .
سألته : " عشاء خيري؟ هل هو من تلك المناسبات التي يتباهى فيها كل إنسان بأمواله وملابسه الغريبه ويدفع مئتين وخمسين دولار للطبق الواحد ؟ "
أجاب يصحح كلامها : " بل خمسمائة للطبق الواحد . وريع هذا العشاء يعود إلى إنشاء متحف جديد "
قالت : " لا بد أن الطعام سيكون ممتازاً "
أجاب : " هذا ليس دائماً . ولا أعدك بذلك "
وأخرج من حقيبته دفتر الشيكات وابتدأ يكتب وهو يقول : " أربعة آلاف الآن ، والأربعة آلاف الأخرى في أول شهر كانون الثاني يناير " وأخذ يكتب شيكاً آخر قائلاً : " وهذا للنفقات ، ابتاعي لنفسك أثواباً وأحذية وكل ما تحتاجينه ، ولتكن الملابس مما تصلح للمناسبات " ورفع عينيه لحظة ينظر إليها ، ثم عاد يقول : " وإذا أردت أية مساعدة فاطلبيها من باميلا ولا تهتمي بالتباهي بالملابس الغريبة ، وتذكري ان الملابس الكلاسيكية هي دائما الملابس الصحيحة المفضلة "
قالت مازحة : " نعم ، يا سيدي الكريم "
عادا إلى السيارة ، ورغم برودة الجو فقد كانت الشمس رائعة متألقة . وربما بدت لها أكثر تألقاً وهي تفكر في الهبة المتوقعة من كلينت لمؤسسة ميرسي وكانت الفرحة تغمر قلبها حتى كادت معها أن تهتف ضاحكة بصوت عالٍ .
اجتازا جسراً ريفياً بسيطاً فوق جدول مياه ضيق ، وكان على الناحية الأخرى من الطريق فتى وفتاة بدا أنهما يعيشان الحب والرومانسية .
قالت اوليفيا وهي تتنهد بشكل مسرحي : " آه ، يا للحب الفتيّ "
قالت كلينت : " انما سيصابات بالبرد "
ضحكت وهي ترفع شعرها من فوق كتفيها قائلة : " ولكنها لا يشعران بأيّ برد "
سألها : " هل تتكلمين عن خبرة "
أجابت ضاحكة : " طبعاً . لقد أحببت عندما كنت مراهقة . وقد دام حبي لأكثر من أسبوع "
قال : " يبدو أن حبك ذاك كان جاداً "
قالت : " في ذلك الحين كنت جادة حقاً ، فقد كنت دوماً أظنه حباً حقيقياً ، إلى أن انتهى "
سألها : " وبعد ذلك ؟ "
أجابت : " لقد وقعت في حب حقيقي عندما كنت في الثانية والعشرين ، وذلك في الجامعة ، وقد دام حبي ذاك أكثر من سنة "
سألها : " وبعد ذلك ؟ "
أجابت : " اكتشفت أنه مرتبط في بلدته ويخطط وعروسه "
رفع حاجبيه متسائلا : " وما الذي حدث بعد اكتشافك هذا؟ "
أجابت : " قال إنه سيلغي الزواج . ولكنني قلت له كلا ، شكراً لك "
وكانت عند ذاك من الغضب والذهول لصحوتها المفاجئة إزاء خداعه ذاك لها ، بحيث لم تعد ترغب في استمرار علاقتهما .
عاد يسألها : " وماذا حدث بعد ذلك ؟"
أجابت : " لقد كرهت كل الرجال ، بالطبع وذلك لمدة ستة أشهر تقريباً . ولكنني لم استطع الاستمرار في ذلك فهذا يستوجب كثيراً من الصبر ، كما تعلم ، هذا إلى انني رأيت أن ليس من الإنصاف أن أسيء الظن بنصف الجنس البشري لمجرد أن رجلاً واحداً كان دنيئاً معي . كذلك كان لدي الكثير من الأصدقاء الذين أعرف جيداً أنهم موضع للثقة تماماً " .
وابتسمت ابتسامة عريضة وهي تقول : " وهكذا أنا الآن في السادسة والعشرين من عمري ، معلمة عانس . وهذا محزن أليس كذلك ؟ "
أومأ برأسه قائلاً : " إنها مأساة ، هل تحبين أن تكوني متزوجة ؟ "
أجابت : " نعم ، ولكن بالرجل المناسب وإلا فالأمر لا يستحق المتاعب . وماذا عن شؤون الحب عندك ؟ لا بد أنك تعرف نساء متألقات وافرات الغنى ؟ "
ولم تصدق نفسها أنها كانت تلقي عليه حقاً سؤالاً كهذا . ولكن ، بما أنها أخبرته عن نفسها فقد جاء دوره الآن .
أجاب : " لقد كانت سمعتي في ذلك ، مبالغاً فيها جداً "
وكان هذا كل ما قاله . وادركت هي أن عليها أن لا تلح عليه في السؤال .
سألته اوليفيا : " أين تسكن ؟ "
أجاب : " إنني اسكن في شقة في نيويورك ومنزلي واسع وكوني أعيش وحدي فأنا أستعمله في المناسبات فقط " .
اجتاز المدينة الصغيره ، وكان كلينت يزيد من سرعته قليلاً . سارا في طريق ضيق متعرج قادهما عائدين إلى فريندلي التي لم تكن أكثر من مجرد قرية تحوي حوالي الثمانين بيتاً ومحطة بنزين ومتجراً صغيراً ، هذا إلى جانب مدرسة إبتدائية .
سألها : " هل نشأت هنا ؟ "
أومأت اوليفيا برأسها قائلة :" نعم ، لقد رباني جداي وكذلك داون بإرشاداته . إنه عمي في الواقع ولكنه بالنسبة إليّ هو أخ ، فهو لا يكبرني بأكثر من اثنتي عشرة سنة ،وهو يعيش الآن في فيلادلفيا مع زوجته ريبيكا وابنتيه التوأمين . وأنا ذاهبة إليهم في العيد " . ولوت شفتيها وهي تقول : " إنني اسفه إذ ادخل الضجر إلى نفسك فأنت لم تطلب مني سرد قصة حياتي " .
قال : " لا بد أن قصة حياتك تحوي أكثر من ذلك "
أجابت : " أوه ، ليس الكثير ، فأنا فتاة عادية تماماً "
رمقها بطرف عينه بنظرة سريعة ، ولكنه لم يقل شيئاً وأجتاز الطريق القصير ليقف أمام منزلها . وفتح لها الباب حيث نزلت منه .
كان واقفاً قريباً منها ، مشرفاً عليها بقامته ، ما جعلها ترفع رأسها لتنظر إليه ، وتلاقت عيناها بعينيه ما شعرت معه بإحساس غريب جعل قلبها يخفق .
ومد يده الكبيرة السمراء ، قائلاً : " إذن ، فقد أصبح ثمة تعامل بيننا "
صافحته وهي تنظر في عينيه قائلة : " نعم . أشكرك للهبة تلك ، فالمال سيفيد إلى درجة كبيرة "
أجاب : " هذا حسن ، سأراك في الأسبوع القادم إذن . وسأتصل بك هاتفياً "
دخلت منزلها لتقف في النافذة تراقبه وهو يدخل سيارته بقامته الفارعة الضامرة .
عند ذلك فقط ، داخلها الرعب .
ما الذي أوقعت نفسها فيه الآن ؟ .

نهاية الفصل الثاني


anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-12, 09:03 PM   #5

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثاني

اعتذر نزلت المشاركة السابقة .. وما عرفت اعدل حجم الخط فنزلت هذي
www.rewity.com
الفصل الثاني
عرض لها ؟ وحدقت اوليفيا في كلينت ما الذي يعنيه بهذا ؟ وأخذت رشفة من كوب الشاي بالنعناع وهي تسأله قائلة : " وما هو نوع هذا العرض ؟"
نظر إليها مباشرة وقال : " إنني أريد أن أقدم هبة إلى مؤسسة ميرسي بخمسة آلاف دولار "
ابتدأ قلبها يخفق ، خمسة آلاف دولار ؟ هذا شيء عظيم ورائع ، ولكنه لم يكن عرضاً . وتنبه في نفسها جهاز الخطر .
قالت له بحذر : " تلك هبة سخية جداً ، ولكن شكوكاً تراودني في أن ثمة شيئاً آخر خلف هذه الهبة "
أجاب وهو ينظر إليها بغموض : " إن لدي في فترة الاجازات هذه عدداً من الالتزامات ما بين عملية واجتماعية عليّ أن أقوم فيها بنشاطات متنوعة ، وأنا أريد منك أن تكوني تحت تصرفي في مرافقتي ، أثناء ذلك "
فغرت فاها دهشة لماذا يريد أن يأخذها معه ؟ ولكن لا بد أن هناك نساء كثيرات يحمن حوله ، متشوقات إلى لفت انتباهه . نساء رائعات يملكن المال والملابس الأنيقة الغالية . فما الذي يريده منها ؟ ولم تفهم من هذا شيئاً .
أخيراً قالت : " لا بد أنك تمزح "
أجاب : " كلا ، إنني لا أمزح "
قالت : " لماذا تحتاجني أنا لأمر كهذا بينما هناك كثيرات يمكنك أن تطلب ذلك منهن ؟ "
أجاب بلهجة حازمة : " حسناً ، إنني لا أريدهن "
ضحكت لقد كانت الأمور بعيدة عن التصديق ، وقالت : " إذا كنت لا تريد أن ترافق أياً من تلك النساء اللاتي تعرفهن ، فلماذا لا تذهب وحدك ؟ "
أجاب : " هذا غير ممكن ، ذلك أنني إذا ذهبت وحدي ، فستنقض عليّ النسور "
نظرت إليه ذاهلة وهي تسألة : " النسور "
قال : " إن رجلاً مثلي لا يحسن أن يبدو بمفرده عند القيام بمثل تلك النشاطات . إن ذلك يدفع نوعاً من النساء إلى أن يحاولن ملء ما يفترض وجوده من فراغ في حياتي . وأنا حالياً لا أريد مثل هذه الأشياء "
قالت : " آه فهمت ، ما أشد الضيق الذي يسببه لك هذا "
قال بدعابة جافة : " إنه لا يمكن وصفه "
إذن ، فهو يحتاجها لكي تبعد عنه النسور . لأنها لا تعدو أن تكون امرأة مجهولة ، معلمة بسيطة لا يمكن أن تجتاحها تصورات طموحة أو أن تهدد طمأنينته النفسية ، ويمكنها أن تكون لائقة المظهر إذا هي ارتدت الملابس المناسبة ، كما أن بامكانها التحدث بما يناسب المقام . صحيح أنها ليست رائعة الجمال ، ولكنها كانت حسنة الشكل بما فيه الكفاية .
قالت له وعيناها في عينيه : " أتراك تعنى بالنسور أمثال آن ؟ "
أجاب : " نعم "
قالت ومازالت عيناها في عينيه : " وهذه النزهة القصيرة في الأرياف كانت مجرد امتحان ، أليس كذلك ؟ "
لوى شفتيه قائلاً : " طبعاً "
فساورها التردد وهي تعبث بكوبها برهه ، ثم قالت ببطء : " لقد أعجبتني هبتك البالغة خمسة آلاف دولار . ولكن خروجي معك لتفادي تلك الأمور التي تتحدث عنها ، لهي فكرة غريبة ، إذ لم يسبق لي قط أن زاولت أمراً كهذا ، فأنا لن أعرف ما عليّ أن أتحدث به ، وليس لديّ أي نوع من الملابس لمثل تلك المناسبات "
قال كلينت بإشارة فيها بت الأمر : " من الطبيعي أن أتكلف أنا بكل نفقاتك من ثياب وأحذية وحليّ مهما كان نوعها ، اعتبريها نفقات عمل "
قالت تجيبه : " هل كل ما عليّ أن أفعله هو أن أتأنق وأتزين لكي أحضر تلك الاجتماعات معك ؟ "
أجاب : " بالضبط "
قالت : " وبعد أن ينتهي الاجتماع ، تعيدني إلى منزلي؟ "
أجاب : " إن هذا سيكون مزعجاً ، إذ أن تلك الاجتماعات غالباً ما تنتهي في وقت متأخر " وكان صوته بارداً عملياً وهو يتابع قائلاً : " فإذا لم يكن لديك عمل في المدرسة في الصباح التالي فستكونين ضيفتي "
غاص قلبها بين ضلوعها وهي تقول : " هذا ما كنت أخاف منه "
بقي وجهه جامداً لا يعبر عن شيء وهو يجيبها قائلاً : " إن لدّي غرفة جاهزة لك ، وستكونين مرتاحة فيها تماماً " أجابت : " لا أشك في ذلك لحظة واحدة ، ولكن إذا كنت تخطط لشيء آخر في نفسك .. فإنني أحذرك من أنني لن .. "
ورفع حاجبه بدهشة ساخرة . وشعرت تجاه ذلك بارتباك جعل وجهها يتوهج خجلاً .
وألقى عليها نظرة طويلة ، ثم قال : " أترينني رجلاً كريهاً إلى هذا الحد "
ازدردت ريقها قائلة : " ليس هذا ما قصدته ، إنني فقط .. "
قاطعها قائلاً : " أعلم ذلك حسناً ، دعيني أوضح الأمر . إن هذا عرض عمل لا يحتوي على أي شروط عاطفية "
استقامت في جلستها وهي تقول له : " هل لك أن تضع هذا البند في العقد ؟ "
أجاب دون أن يعبر وجهه عن شيء : " لا بأس ، إذا شئت ذلك "
قالت : " نعم ، أريد ذلك "
وقف كلينت قائلاً : " دعيني أحضر حقيبة الأوراق من السيارة لكي ننهي هنا كل شيء . ويمكنك أن تراجعيه لترى ما إذا كا ن يحوز رضاك "
أحضر حقيبته من السيارة وفتحها ليخرج منها ورقة وقلماً وابتدأ يكتب ، بدت يداه رائعتي الجمال بسمرتهما المكتسبة وأصابعهما الطويلة القوية ، وأظافره المربعة ولم يكن يضع خاتم زواج .
قال لها وهو يناولها الورقة : " هاك ما تريدين "
قرأت ما كتبه على الورق بخط قوي واضح ، ما سبق وقاله بالضبط ، إلا أنه لم يذكر مؤسسة ميرسي ولا مقدار الهبة التي سيقدمها ، وربما كان من الأفضل ترك هذا الأمر خارج الورقة هذه .
سألته : " كم قلت مقدار المبلغ ؟ "
أجاب : " خمسة آلاف دولار مضافاً إليها النفقات "
أومأت برأسها مفكرة ، ثم عادت تسألة : " ما نوع ثرائك أعني هل أموالك نظيفة المنشأ أم قذرة ؟"
ارتسمت على فمه ابتسامة صغيرة ملتوية وهو يقول : " بالنسبة إلى شخص يبدو عليه عدم الاهتمام بالمال ، تظهرين أنت عكس ذلك "
قالت : " أوه ، إنني أهتم كثيراً بالمال فلا تخطئ في هذا الشأن ، إنني أريد عشرة آلاف دولار " وتصاعدت خفقات قلبها حتى خشيت أن يسمعها هو أو احداً من الموجودين في المطعم .
ولم تتغير ملامح وجهه وهو يقول : " إنك تساومين بشدة "
ابتسمت قائلة : " إنني كعكة خشنة المذاق ، وأنت تطلب مني الكثير " وكان لفكرة اختلاطها بالأثرياء والمشهورين صدى خاص . كما كان يبعث فيها هلعاً لا ينكر ، فقد كانت مدرسة جيدة كما هي منظمة جيدة ، وهي تعرف أيضا كيف تطبخ وتخيط الملابس كل يوم . أما الدخول إلى المجتمعات فلم يكن في حسبانها .
أخذ كلينت يتفحصها بهدوء ، ثم قال : " سأعطيك ثمانية آلاف دولار على شرط أنك أثناء العطل المدرسية ، عليك أن تمكثي عند حاجتي إليك ، في المدينة أنثاء النهار "
سألته : " تحتاجني لأي شي ء ؟ "
أجاب : " لتناول وجبات طعام عمل ، أو أي شيء طارئ "
أزعجتها لهجته الحازمة وكأنه يعتبر أن عليها أن تمنحه كل وقتها . فقالت له : " إن لي حياتي الخاصة كما ترى ، وغرفة الأطعمة التابعة للمؤسسة هي في بيتي حيث يتعين علي البعض أن يأخذوا منها التوزيع اليومي . وعلينا أن نجهز وجبات خاصة للعيد الكبير . وعليّ أن أكون موجودة للاهتمام بأي وضع طارئ ، لا يمكنني أن أوقف كل أعمالي "
هز كتفيه قائلاً : " حاولي أن تتخذي ترتيبات بالنسبة إلى كل ذلك "
طبعا هذا أمر بسيط قال إن عليها أن تتدبر أمورها وطبعا هذا ما يناسبه . فالرجل الذي يملك نقوداً يمكنه أن يتخذ أية ترتيبات لأي أمر كان ، بإمكانه أن يلقي بأوامره إلى من حوله ، أن يطلب ما يريد ، فالغني يمنح المرء السلطة والنفوذ .
قال لها : " لا تنظري إليّ هكذا . ضعي على خط هاتفك رقم هاتفي لينقل إليه مكالماتك . وأنا سأتصل بمكتب الخدمات لكي يسلّم الأطعمة عندما تكونين في الخارج ، وعندما يصبح ذهابك إلى منزلك ضرورياً ، يمكنك عندها أن تضعي جدولاً وأتصور أنه سيكون لديك وقت كافٍ "
بدا لها هذا معقولاً تماماً . وبثمانية آلاف دولار يمكنها أن تستنتج أي شيء . وثمانية آلاف دولار تستحق بعض التضحيات .
أومأت قائلة : " لا بأس . إنني أقبل بهذا ولكن ليلة العيد سأمضيها مع صديقتي سيليا وأسرتها " وكانت سيليا أفضل صديقاتها منذ كانتا في روضة الأطفال ، كما أن أسرة سيليا كانت كأسرتها .
قال : " ليس في هذا أية مشكلة "
قالت : " هنالك شرط آخر . إنني أريدك أن تمنح الهبة مباشرة لمؤسسة ميرسي على أن تعدني بأن لا تذكر مطلقاً الترتيبات التي اتخذناها لأي شخص كان . أرجوك "
أومأ برأسه قائلاً : " هذا مفهوم ، والآن ، المهمة التالية ستكون يوم السبت القادم وهو عشاء خيري "
السبت القادم . وغاص قلب اوليفيا بين ضلوعها . ذلك أن عليها أن تذهب إلى فيلادلفيا حيث داون وريبيكا لقضاء الإجازة الإسبوعية . حسناً ، يمكنها أن تعود صباح السبت بدلاً من الأحد . ذلك أن الفرصة قد فاتت لتغيير رأيها .
سألته : " عشاء خيري؟ هل هو من تلك المناسبات التي يتباهى فيها كل إنسان بأمواله وملابسه الغريبه ويدفع مئتين وخمسين دولار للطبق الواحد ؟ "
أجاب يصحح كلامها : " بل خمسمائة للطبق الواحد . وريع هذا العشاء يعود إلى إنشاء متحف جديد "
قالت : " لا بد أن الطعام سيكون ممتازاً "
أجاب : " هذا ليس دائماً . ولا أعدك بذلك "
وأخرج من حقيبته دفتر الشيكات وابتدأ يكتب وهو يقول : " أربعة آلاف الآن ، والأربعة آلاف الأخرى في أول شهر كانون الثاني يناير " وأخذ يكتب شيكاً آخر قائلاً : " وهذا للنفقات ، ابتاعي لنفسك أثواباً وأحذية وكل ما تحتاجينه ، ولتكن الملابس مما تصلح للمناسبات " ورفع عينيه لحظة ينظر إليها ، ثم عاد يقول : " وإذا أردت أية مساعدة فاطلبيها من باميلا ولا تهتمي بالتباهي بالملابس الغريبة ، وتذكري ان الملابس الكلاسيكية هي دائما الملابس الصحيحة المفضلة "
قالت مازحة : " نعم ، يا سيدي الكريم "
عادا إلى السيارة ، ورغم برودة الجو فقد كانت الشمس رائعة متألقة . وربما بدت لها أكثر تألقاً وهي تفكر في الهبة المتوقعة من كلينت لمؤسسة ميرسي وكانت الفرحة تغمر قلبها حتى كادت معها أن تهتف ضاحكة بصوت عالٍ .
اجتازا جسراً ريفياً بسيطاً فوق جدول مياه ضيق ، وكان على الناحية الأخرى من الطريق فتى وفتاة بدا أنهما يعيشان الحب والرومانسية .
قالت اوليفيا وهي تتنهد بشكل مسرحي : " آه ، يا للحب الفتيّ "
قالت كلينت : " انما سيصابات بالبرد "
ضحكت وهي ترفع شعرها من فوق كتفيها قائلة : " ولكنها لا يشعران بأيّ برد "
سألها : " هل تتكلمين عن خبرة "
أجابت ضاحكة : " طبعاً . لقد أحببت عندما كنت مراهقة . وقد دام حبي لأكثر من أسبوع "
قال : " يبدو أن حبك ذاك كان جاداً "
قالت : " في ذلك الحين كنت جادة حقاً ، فقد كنت دوماً أظنه حباً حقيقياً ، إلى أن انتهى "
سألها : " وبعد ذلك ؟ "
أجابت : " لقد وقعت في حب حقيقي عندما كنت في الثانية والعشرين ، وذلك في الجامعة ، وقد دام حبي ذاك أكثر من سنة "
سألها : " وبعد ذلك ؟ "
أجابت : " اكتشفت أنه مرتبط في بلدته ويخطط وعروسه "
رفع حاجبيه متسائلا : " وما الذي حدث بعد اكتشافك هذا؟ "
أجابت : " قال إنه سيلغي الزواج . ولكنني قلت له كلا ، شكراً لك "
وكانت عند ذاك من الغضب والذهول لصحوتها المفاجئة إزاء خداعه ذاك لها ، بحيث لم تعد ترغب في استمرار علاقتهما .
عاد يسألها : " وماذا حدث بعد ذلك ؟"
أجابت : " لقد كرهت كل الرجال ، بالطبع وذلك لمدة ستة أشهر تقريباً . ولكنني لم استطع الاستمرار في ذلك فهذا يستوجب كثيراً من الصبر ، كما تعلم ، هذا إلى انني رأيت أن ليس من الإنصاف أن أسيء الظن بنصف الجنس البشري لمجرد أن رجلاً واحداً كان دنيئاً معي . كذلك كان لدي الكثير من الأصدقاء الذين أعرف جيداً أنهم موضع للثقة تماماً " .
وابتسمت ابتسامة عريضة وهي تقول : " وهكذا أنا الآن في السادسة والعشرين من عمري ، معلمة عانس . وهذا محزن أليس كذلك ؟ "
أومأ برأسه قائلاً : " إنها مأساة ، هل تحبين أن تكوني متزوجة ؟ "
أجابت : " نعم ، ولكن بالرجل المناسب وإلا فالأمر لا يستحق المتاعب . وماذا عن شؤون الحب عندك ؟ لا بد أنك تعرف نساء متألقات وافرات الغنى ؟ "
ولم تصدق نفسها أنها كانت تلقي عليه حقاً سؤالاً كهذا . ولكن ، بما أنها أخبرته عن نفسها فقد جاء دوره الآن .
أجاب : " لقد كانت سمعتي في ذلك ، مبالغاً فيها جداً "
وكان هذا كل ما قاله . وادركت هي أن عليها أن لا تلح عليه في السؤال .
سألته اوليفيا : " أين تسكن ؟ "
أجاب : " إنني اسكن في شقة في نيويورك ومنزلي واسع وكوني أعيش وحدي فأنا أستعمله في المناسبات فقط " .
اجتاز المدينة الصغيره ، وكان كلينت يزيد من سرعته قليلاً . سارا في طريق ضيق متعرج قادهما عائدين إلى فريندلي التي لم تكن أكثر من مجرد قرية تحوي حوالي الثمانين بيتاً ومحطة بنزين ومتجراً صغيراً ، هذا إلى جانب مدرسة إبتدائية .
سألها : " هل نشأت هنا ؟ "
أومأت اوليفيا برأسها قائلة :" نعم ، لقد رباني جداي وكذلك داون بإرشاداته . إنه عمي في الواقع ولكنه بالنسبة إليّ هو أخ ، فهو لا يكبرني بأكثر من اثنتي عشرة سنة ،وهو يعيش الآن في فيلادلفيا مع زوجته ريبيكا وابنتيه التوأمين . وأنا ذاهبة إليهم في العيد " . ولوت شفتيها وهي تقول : " إنني اسفه إذ ادخل الضجر إلى نفسك فأنت لم تطلب مني سرد قصة حياتي " .
قال : " لا بد أن قصة حياتك تحوي أكثر من ذلك "
أجابت : " أوه ، ليس الكثير ، فأنا فتاة عادية تماماً "
رمقها بطرف عينه بنظرة سريعة ، ولكنه لم يقل شيئاً وأجتاز الطريق القصير ليقف أمام منزلها . وفتح لها الباب حيث نزلت منه .
كان واقفاً قريباً منها ، مشرفاً عليها بقامته ، ما جعلها ترفع رأسها لتنظر إليه ، وتلاقت عيناها بعينيه ما شعرت معه بإحساس غريب جعل قلبها يخفق .
ومد يده الكبيرة السمراء ، قائلاً : " إذن ، فقد أصبح ثمة تعامل بيننا "
صافحته وهي تنظر في عينيه قائلة : " نعم . أشكرك للهبة تلك ، فالمال سيفيد إلى درجة كبيرة "
أجاب : " هذا حسن ، سأراك في الأسبوع القادم إذن . وسأتصل بك هاتفياً "
دخلت منزلها لتقف في النافذة تراقبه وهو يدخل سيارته بقامته الفارعة الضامرة .
عند ذلك فقط ، داخلها الرعب .
ما الذي أوقعت نفسها فيه الآن ؟ .

نهاية الفصل الثاني


anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-12, 09:25 PM   #6

شوشو سالم
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 247117
?  التسِجيلٌ » Jun 2012
? مشَارَ?اتْي » 260
?  نُقآطِيْ » شوشو سالم is on a distinguished road
افتراضي

كانت هناك امرأه حامل ،، وتحلم بأن تأتيها طفله لتسميها " لين " ﻻنها كانت تحب اسم لين . ولكن صدمتها كانت حين أنجبت ولد ... ... ... ولحبها لﻼسم اطلقت اسم " لين " على ابنها وبعد مرور عده سنوات أصاب الملك مرض تشقق في قدميه فأقام مسابقه ان من يستطيع اختراع عﻼجا لتشقق قدميه يتزوج ابنته ودخل لين هذه المسابقه واخترع عﻼجا وفاز بالمسابقه ... فاصبح الناس يهتفون بكل مكان فاز لين ،، فاز لين ،، فاز لين وسمى الملك العﻼج ) فازلين ( مكافأة له xd ترقبوا قصة البنادول في الحلقه القادم هههههههههههههههههههههههه

شوشو سالم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-12, 06:02 PM   #7

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثالث

هذا الفصل الثالث

www.rewity.com
الفصل الثالث
لم تستطع اوليفيا الرقاد جيداً تلك الليلة ، فقد امتلأ ذهنها بالقلق ، وساورتها أحلام متقطعة متشابكة ، بدا فيها كلينت بقميص قصير الكمين وعيناه تنظران في عينيها بعمق .
واستيقظت ترتجف من البرد ، إذ كان اللحاف قد سقط على الأرض ، فغطت جسمها جيداً وعادت إلى النوم ، ولكن نومها لم يأتها بمزيد من الراحة ، وعندما استيقظت كانت متعبة للغاية .
قالت لسيليا أثناء ذلك النهار : " إنك لن تصدقي ما حدث " وكانت مدعوة لغداء يوم الأحد في منزل والدي سيليا ، وكانت الفتاتان في المطبخ معاً يعدان السلطة .
أخبرتها اوليفيا بالذي حدث معها نهار أمس . واستمعت إليها سيليا وهي تحملق فيها غير مصدقة ، وقد تملكها الفضول ، ثم هتفت بها قائلة : " تصوري كيف ستصبحين ، فكري في كل تلك الملابس الرائعة التي ستشترينها ، فكري في تلك النقود لمؤسسة ميرسي " .
تجهم وجه اوليفيا وهي تجيبها قائلة : " من الممكن أن أستفيد من النقود ، أما كيف سأصبح ، فهذا ما أنا غير مطمئنة إليه " . وشعرت بالارتياح إذ وجدت من تكاشفه بمشاعرها هذه . وسرها أن سيليا لم تظن بها الغفلة لقبولها بعرض كلينت هذا .
قالت لها سيليا بأسف : " أتمنى لو كان بامكاني الذهاب معك إلى المتجر لشراء ثوب لك ، ولكن عملي مازال هذا الاسبوع من الثالثة إلى الحادية عشرة " . وكانت سيليا ممرضة تعمل في المستشفى في مدينة واينبرغ ، وتابعت تقول : " لم لا تطلبين من باميلا أن تصحبك ؟ " .
أجابت اوليفيا : " إن لديها أصدقاء ضيوفاً من إيطاليا يقيمون في بيتها ، أتذكرين ؟ فأنا لا أريد أن أطلب منها ذلك فأحرجها ، لا بأس ، ستذهب معي ريبيكا يوم الجمعة في فيلادلفيا " .
وفي تلك الليلة لم يكن نوم اوليفيا بأفضل منه في الليلة السابقة . إذ كانت لا تفتأ تتقلب وتحلم بكلينت .
في اليوم التالي بعد انتهاء الدراسة يوم الأربعاء ، ركبت سيارتها البيجو قاصدة إلى فيلادلفيا لتمضي العيد مع داون وريبيكا وابنتيهما ، ولم تستطع الصبر طويلاً على إخبار ريبيكا عن كلينت مروغان .
ولم تتكلم ريبيكا وإنما ضحكت قائلة : " حسناً ، سنذهب إذن يوم الجمعة لشراء الثوب " .
هتفت اوليفيا : " آه يا ريبيكا ، أشكرك جداً . لقد توقعت منك هذا " . ولوت ملامحها وهي تسألها قائلة : " أتظنين أن عملي ذاك كان جنوناً ؟"
أجابت هذه : " طبعاً ليس بالنسبة إلى كل هذه النقود الممنوحة لمؤسسة ميرسي ، طالما أنك واثقة من أنه ليس محتالاً على مستوى عالٍ " .
أما داون المحامي ، فكان أقل حماساً وهو يقول : " دعيني أتحرى عن هذا الشخص قبل أن تقومي بأي شيء ، يا اوليفيا . سأجري لذلك بعض الاتصالات " .
ولكن الاتصالات الهاتفية اتفقت جميعاً على إعطاء إفادات ممتازة . وعاد داون من مكتبه وقد بدا عليه الذهول وهو يخاطب اوليفيا قائلاً : " إنه أحد أكثر الرجال ثراء في الساحل الشرقي . أين التقيت به يا اوليفيا؟ ".
أجابت على الفور : " في كافيتيريا المدرسة " .
أمضت اوليفيا وريبيكا صباح يوم الخميس في إعداد ديك الحبش لعشاء العيد . وكان الجو أثناء هذه العطلة دافئاً رائعاً ، كما هي العادة دائماً عندما كانت تمضي عطلتها مع داون وأسرته .
صباح الجمعة ، مضت ريبيكا باوليفيا إلى السوق في سيارتها ، وهي تقول : " إنني أعرف المكان المناسب لذلك انتظري وسترين " .
كانت واجهة المتجر رائعة ، حيث كانت عارضات الأزياء المانيكان الممشوقة القوام ، الرافلة في الحرير والأطلس تنحدر بنظراتها باحتقار إلى النساء المتلهفات اللاتي كن يحدقن فيها بذهول .
هرعت إليها البائعة التي كانت ترفل في ثوب حريري ، قائلة : " هل أستطيع المساعدة أيتها السيدتان ؟ "
رفعت اوليفيا ذقنها باسمة وهي تقول : "إنني بحاجة إلى ثوب ، لأنني ذاهبة إلى حفلة عشاء رائعة يوم السبت "
قالت البائعة ببرود واضح : " فهمت "
منحتها اوليفيا ابتسامة حلوة ، وقد عاودتها روح الفكاهة لتقول : " إنني أعلم انني لا أبدو كما ترغبين ، ولكن عندي أطنان من النقود فلا تخافي " .
وبهتت البائعة ، ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها لتقول : " حسناً ، دعينا نرى ، هل تطلبين زياً لمصمم معين ؟ "
أجابت : " كلا ولكنني دوما أحب الأشياء الحديثة ، ذات الأفكار الجديدة ، لا شك أنك فهمت ما أعني " وأشرق وجه اوليفيا بالابتسام .
أجابت البائعة : " بالطبع ، دعيني أرى " وألقت على اوليفيا نظرة شاملة ، ثم سألتها : " هل رقم مقاسك ثمانية ؟ " أومأت اوليفيا بالايجاب وهي تراقب البائعة التي توجهت إلى حيث أخرجت ثوباً أسوداً متألقاً عادت إليها قائلة : " ما رأيك في شيء كهذا؟ إنه أنيق تماماً واللون الأسود محبوب على الدوام " .
قالت ريبيكا وهي تفحص القماش باصبعيها : " إنه رائع الجمال ".
قالت اوليفيا : " إنني أكره اللون الأسود ، إذ أبدو به وكأنني ذاهبة إلى جنازة "
حملقت البائعة فيها وهي تقول : " إن اللون الأسود أنيق جداً وشيك جداً كما يقول الفرنسيون " .
قالت اوليفيا : " إنني أعرف فقط ما يقوله الفرنسيون من أن الأسود هو لون الموت . أريد شيئاً مشرق اللون " .
وهكذا أحضرت البائعة أثواباً ذات ألوان مختلفة ، ياقوتي وفيروزي ، وأحمر ، وأخضر ، وأزرق ، وأشرق وجه اوليفيا بالابتسام وهي تقول : " هذه هي الألوان التي أحب " .
واستغرق منهما التجوال في المتاجر ساعات لكي يجدا الثوب الذي أعجب في النهاية اوليفيا ، وكان ثوباً طويلاً أخضر مذهباً من الحرير اللامع وقد لاءمها تماماً .
لكن الثمن كان خيالياً ..
ولكن ريبيكا أخذت تناقشها كما فعلت طيلة الصباح وذلك بقولها : " إنه ليس غالياً جداً ، إنه لم يمنحك ذلك المبلغ لكي تشتري ثوباً رخيصاً من الأوكازيون ، إنه يريدك أن تظهري بمستوى رفيع ، وأنت تعلمين ذلك . فكري في أولئك الذين سيكونون هناك من مشاهير الفن والسياسة وأرباب الصناعة والتجارة ، ونجوم السينما والنبلاء . فكري في ما يمكن أن تظهر به النساء هناك من ملابس " .
احتجت اوليفيا بقولها : " إنني أشعر بنفسي غير حقيقية انظري إليّ ، إنني لم ألبس في حياتي مثل هذا الثوب الأنيق "
قالت لها : " إنك تبدين رائعة " .
قالت اوليفيا : " ولكنني لا أرى نفسي كما أعهد "
أجابت ريبيكا :" لأنك لم تتعودي على رؤية نفسك بهذا الشكل . فأنت تعودت على ارتداء الملابس المريحة العادية ، ممضية أيامك مع الأطفال . ولكنك حقيقة تبدين رائعة في هذا . إن لك قواماً بديعاً فأظهريه في هذا الثوب ، واختالي به كما تختال راقصة البالية الكامنة فيك " .
أخذ منهما العثور على حذاء مناسب وجوارب وحقيبة يد مناسبة للمساء عدة ساعات أخرى ما عدا الشال والحلى . قالت ريبيكا : " يمكنك أن تستعيري مني قلادة جدتي وقرطيها وهما من الزمرد الأخضر وسيتلاءمان تماماً مع ثوبك هذا . كذلك لديّ شال أسود من القطيفة يمكنك استعماله " .
قالت اوليفيا : " آه ، يا ريبيكا لا يمكنني ذلك " .
أجابت ريبيكا : " يمكنك بالطبع ، إنني أصرّ عليك وقرطي الزمرد مؤمن عليهما ، فلا تقلقي "
قبلت اوليفيا دون أن تطمئن تماماً . وعلى كل حال ، فقد كان هذا النهار مليئاً بالمغامرات وعدم الطمأنينة . ذلك أنها لم يسبق أن أنفقت في حياتها قط مبلغاً في يوم واحد يماثل ما أنفقته هذا النهار " .
وبينما هما في طريقهما إلى البيت ، قالت ريبيكا : " كنت أفكر في أنك ستمضين وقتاً طويلاً مع هذا الرجل و .. " قطبت حاجبيها وهي تتابع قائلة : " إنك ستأخذين حذرك ، أليس كذلك يا اوليفيا ؟ إنني لا أريد أن يصيبك أي أذى " .
أجابت اوليفيا : " آخذ حذري ؟ ولكنني سبق وأخبرتك عن الورقة التي كتبها لي ، إنه لا يبحث عن أي شيء يتعلق بالعواطف معي .. وهذه هي النقطة الأساسية . إنه .. "
قاطعتها هذه : " ليس هذا ما أعنيه . إن الذي أعني هو .. آه ، إن ما أريده هو أن لا تقعي في غرام هذا الرجل يا اوليفيا " .
حملقت اوليفيا في ريبيكا وقد عاد إليها ذلك الحلم بكل زخمه وتنفست بعمق قائلة : " لن أسمح لنفسي بهذا ، فأنا لست غبية يا ريبيكا . فالمسألة كلها عبارة عن علاقة عمل ، ولا تساورني أي أوهام بهذا الشأن " .
قالت ريبيكا :" ولكن الوقوع في الغرام لا يكون عن سابق تصميم يا اوليفيا " .
أجابت هذه : "حسناً ، عليّ إذن أن أصمم مسبقاً على عدم الوقوع في الغرام " .
بدا التشكك على وجه ريبيكا وهي تجيبها قائلة : " إنه وسيم وثري .. وهو سيأخذك إلى كل أنواع الأماكن المتألقة والأحداث البهية . إنه رجل ذو سلطة ، يا اوليفيا "
أجابت اوليفيا : " إنني أعرف كل هذا . ولكنني عملية جداً . فأنا مجرد معلمة مدرسة متواضعة . فلا تقلقي بشأني " .
في الواقع بدا في لهجة اوليفيا من التأكد مما تقوله أكثر مما كانت تشعر به في أعماقها .
ذلك أن ما شعرت به في الواقع هو إحساس بعدم الارتياح .
ماذا لو وقعت ، حقاً في غرامه ؟
حسنا إنها لن تسمح لنفسها بذلك ، وكأن الأمر بهذه البساطة .
في اليوم التالي ، اتصل بها كلينت بعد وصولها إلى منزلها بقليل . ومرة أخرى كان لصوته ذلك التأثير الغريب عليها . واستطاعت أن تتصوره وكأنه أمامها بعينية القاتمتين وشعره الكث ، وملامحه الباردة غير الأليفة . كما رأت يديه تمسكان بالهاتف وهو يخاطبها قائلاً : " اوليفيا ؟ هل تسمعينني ؟ " وكان صوته حازماً .
سارعت تقول : " نعم ، نعم " وازدردت ريقها .
قال : " إنني أتصل بك لأعرف ما إذا كنت وجدت كافة احتياجاتك هذا النهار ، أو إذا كنت تريدين شيئاً آخر " .
قالت : " آه ، كلا ، إنني جاهزة "
قال : " حسناً ، سأرسل إليك السيارة إذن . إن آلان سيحضرك إلى هنا لكي تغيّري ملابسك . هل يناسبك الساعة الرابعة والنصف ؟ .
أجابت : " يناسبني تماماً "
قال : " إلى اللقاء إذن "
ووصلت سيارة الفيراري الساعة الرابعة والنصف بالضبط كما وعد . وكانت اوليفيا واقفة في نافذة غرفة نومها عندما رأت السيارة تقف أمام منزلها . وأخذت تراقب السائق وهو ينزل منها ، ويتجه نحو الباب ثم قرع الجرس . فالتقطت حقيبتها الليلية ، ووضعت ثوبها الجديد وهو في كيسه على ذراعها ثم سارت نحو الباب تفتحه .
حيّاها السائق وهو يقف متألقاً في بذلته الرسمية وأخذ يتناول منها أشياءها ، ثم ساعدها في دخول المقعد الخلفي من السيارة . وكان يبدو لائقاً تماماً بقامته الطويلة النحيلة . وقال لها وهو يشير إلى خزانة خاصة تحوي أنواعاً عديدة من العصير : " كل ما تشائينه تحت تصرفك ، ويوجد قهوة أيضاً في هذه الخزانة . وإذا أردت أن تتكلمي إليّ ، فاضغطي هذا الزر "
كان كل ما استطاعت أن تقوله هو شكراً . وأغلق الرجل الباب ، وبعد لحظات كانت السيارة تنساب بهما في الشارع .
وأخذت تحدق النظر في ما حولها ، لم تكن هذه سيارة وإنما كانت غرفة تسير على عجلات ، فقد كانت المقاعد عريضة مريحة ، وكان هناك جهاز تلفزيون وهاتف وخزانة تحتوي كل أنواع العصير والأكواب .
وكان تحت النافذة تعليقة للصحف والمجلات . عضت على شفتها لتمنع ضحكة كادت تفلت منها . آه يا سيليا كم أتمنى لو رأيتني هنا الآن .
كان ثمة خزانة صغيرة تحوي إناء للقهوة وفناجين وسكراً وقشدة . وصندوقاً صغيراً ذا غطاء مذهب ، يحتوي على قطع من الحلوى المحشوة وكأنها قطع فنية ، وقد كتب على البطاقة الملصقة على الصندوق ، صنع باريس .
وشعرت اوليفيا برغبة مفاجئة في الإنفجار بالضحك ، حلوى محشوة طازجة من باريس ؟ أتراه يحاول التأثير عليها ؟ حسناً فقد نجح في ذلك إذن .
فضلت أن تتناول كوباً من القهوة ، وسكبت القهوة في فنجان بحذر ، ثم عادت تمعن النظر في الحلوى . كانت تبدو لذيذة يسيل لمرآها اللعاب ، إنما جمالها يجعل المرء يحجم عن أكلها . حسناً ، سترغم نفسها على ذلك .
وعندما وصلا إلى البناية حيث تقع شقة نيويورك ، وحالما توقفت السيارة خرج رجل في بذلة رسمية ، من البناية متقدماً نحوها يساعدها على النزول من السيارة وهو يسألها : " الآنسة بل ؟ "
أجابت : " نعم "
قال : " إن السيد مورغان في انتظارك . اتبعيني من فضلك "
قالت : " ولكن أشيائي .. "
قاطعها قائلاً : " لا تقلقي .. فسترسل إليك فوراً "
وتبعته إلى الداخل وقلبها يخفق بعصبية . كانت الصالة مشرقة بالثريات البلورية المتألقة . وأشار إليها بالدخول إلى مصعد بدا لها صغيراً بالنسبة إلى هذه البناية ولكنها فكرت في انه ربما كان مصعداً خاصاً .
وصعد هذا بهما بهدوء إلى الطابق الأعلى ، حيث انفتح الباب أمامهما عن ممر قصير في نهايته باب عريض مزدوج انفتح أمامهما على الفور . وغاص قلبها بين ضلوعها .
وانحدر كلينت بنظراته نحوها ، وكان يرتدي بنطالاً قاتماً وقميصاً وصدرة ، دون جاكيت وهو يقول : " مرحبا يا اوليفيا ، ادخلي " وتحول بصره نحو الرجل الذي جاء معها قائلاً : " شكراً يا روني " .
حنى الرجل رأسه وهو يقول : " إن حاجيات السيدة ستكون هنا بعد لحظة " ثم تراجع نحو المصعد .
حدقت اوليفيا إلى داخل الشقة فاغرة فاها . كل ما استطاعت رؤيته ، هو ممر آخر ذو أرض رخامية ومرآه كبيرة أثرية من الأرض حتى السقف ، ومنضدة عالية صينية الطراز تقول فوقها على كل من جانبيها أزهار طبيعية غالية الثمن .
ووقفت هي عند العتبة تخشى أن تخطو بقدمها فتتلف روعة الأشياء البادية أمامها ، ربما كان حذاؤها متسخاً أو ربما سبق وداست على شيء في طريقها .
سألها كلينت : " هل ستدخلين أم لا ؟ "
أجابت : " دقيقة واحدة " وانحنت تفك رباط حذائها الذي يعلو إلى كاحليها ، لتخلعه بعد ذلك من قدميها ورفعت بصرها إليه لترى نظرة الدهشة والهزل في عينيه ، فرفعت رأسها قائلة : " ليس من المعقول أن أوسّخ هذه الأشياء ، فأنا قادمة بحذائي هذا مباشرة من الريف "
قال : " طبعاً .. هيا ادخلي "
وقبل أن تسير عدة خطوات فوق الأرض الرخامية الباردة ، برزت امرأة صغيرة الجسم سوداء الشعر من مكان غير معروف ، وهي تقول : " إنني آسفة ، يا سيد مورغان فأنا لم أسمع الجرس "
أجابها : " ولكنني لم أقرع الجرس " والتفت نحو اوليفيا قائلاً : " إنها السيدة نيلسون التي تدير المكان وتهتم بأن لا أموت جوعاً ، وهذه اوليفيا بل يا سيدة نيلسون ، وستكون هنا في أوقات متقطعة أثناء فترة العطلة "
ابتسمت اوليفيا مادة يدها ، فأخذتها السيدة نيلسون وهي تنظر في وجهها بارتياب ، وما لبثت أن ردت لها الإبتسامة وكأن شيئاً طمأنها ، وهي تقول : " لقد سبق وأخبرني السيد مورغان بأنك ستحضرين سأصطحبك إلى غرفتك "
قرع الجرس ، فأسرعت السيدة نيلسون تفتح الباب .
وسارعت اوليفيا تقول : " إنها حاجياتي " وما لبثت أن عضت على شفتها وقد باغتتها شكوك مفاجئة . فقالت : " أرجو أن أكون قد اشتريت الثوب المناسب "
كان أمامها نوافذ تمتد من الأرض حتى السقف ، وتشرف على منظر نهر أكروبس والمدينة المتلألئة بالأنوار .
قالت وهي مبهورة بالمنظر : " أوووه .. ما أروع هذا "
ومشت على السجادة الصينية بقدميها العاريتين إلا من الجوربين ، مقتربة من النوافذ وهي تقول : " لم أشهد المدينة قط بهذه الصفة ، من قبل " واستدارت تنظر حولها . كان للغرفة نكهة الشرق الأقصى ، بالسجادة الصينية ومنضدة القهوة الخشبية المنخفضة ، وأوعية شرقية قد اختلط فيها اللونان الأبيض والأزرق تحتوي على سعف نخيل ممتدة ، وقد أقيمت على مناضد صغيرة منخفضة .
كان المنظر خلاباً حقاً . وانتقل بصرها من شيء لآخر .. الرسوم الزيتية ، المنحوتات ، كل ذلك كان في غاية الدقة والجمال . وفجأة ، رفعت بصرها شاعرة بعيني كلينت تراقبانها .
قالت : " إني آسفة ، لا أظن فضولي هذا من حسن السلوك . ولكن كل شيء هنا رائع الجمال "
هز كتفيه قائلاً : " انظري حيث تشائين ، فهذا لا يهمني "
عادت السيدة نيلسون لتأخذها إلى غرفتها التي كانت مترفة هي أيضاً بسجادتها السميكة وسريرها العريض الذي يغطيه غطاء حريري مطرز برسوم الطيور والأزهار يماثل بذلك الستائر . وكان ثمة حمام خاص ملحق بالغرفة يحوي حوضاُ تعلوه رفوف فوقها كل متطلبات الاستحمام الثمينة . ومرت اوليفيا بيدها على المناشف السميكة . نظرت إلى ساعتها ، مازال أمامها وقت كافٍ قبل أن تغتسل ، ورفعت ذراعيها فوق رأسها وهي تستدير حول نفسها ضاحكة ثم فتحت صنبور المياة فوق الحوض بعد أن وضعت فيه بعض العطور .
ولم تمض فيه وقتاً طويلاً ، خوفاً من أن تتأخر عن إعداد نفسها للخروج .
وكان هناك معطفا حمام معلقان خلف الباب ، أحدهما ذو لون وردي هادئ والثاني ذو لون أخضر قاتم رائع الجمال . وتناولت المعطف الأخضر فارتدته . كان واسعاً عليها ولكنه مريح تماماً . ولفت حلو رأسها منشفة ، ثم خرجت عائدة إلى غرفة نومها تجر أذيال معطف الحمام الذي ترتديه على السجادة .
أجفلت وهي تسمع نقراً على الباب . وردّت قائلة : " من بالباب ؟ "
أجاب كلينت : " هذا أنا . هل بامكاني التحدث إليك ؟ "
فقهقهت ضاحكة وهي تفتح الباب قائلة : " نعم "
كان كلينت يحمل بين يديه صندوقاً مخملياً وهو يقول : " قالت باميلا انك قد تحتاجين بعض المجوهرات وهذه أشياء كانت أمي تركتها في الخزنة ألقي عليها نظرة لتري ما إذا بإمكانك استعمال بعضها ، وإلا فسنفتش عن أشياء أخرى "
أخذت الصندوق منه قائلة : " إن عندي حلياً لهذه الليلة ، وقد استعرتها " وفتحت الصندوق تحدّق فيه ، رأت فيه عقوداً وأقراطاً وأساور وكلها مصففة على المخمل الأسود بكل دقة ، وقد تألق فيها الذهب والألماس ومختلف أنواع الحجارة الكريمة من جميع الأحجام والألوان ، وتنفست بعمق وهي تقول : " لا أظنني أشعر بالارتياح وأنا أضع مجوهرات والدتك "
قال : " ربما هي لا تدري أنها تملك هذه الأشياء ، إذ أنها في الخزنة منذ سنين ، ذلك أن ما يهمها من المجوهرات معها "
سألته : " وما لو فقدت شيئاً منها ؟ "
أجاب : " إنها جميعاً مؤمن عليها . وقد طلبت تنظيفها وفحصها جميعاً للتأكد من أنها سليمة تماماً لا شيء فيها مكسور أو مختل . فليس ثمة ما يدعوك إلى القلق "
وأقفلت اوليفيا الصندوق يبدو أن لا خيار أمامها فقد كان كل هذا جزءاً من اللباس الذي تحتاجه للتمثيلية . سألته : " وأين عليّ أن أحتفظ به ؟"
أجاب : " سأضعه في الخزنة في مكتبي ، وسأخرجه عندما تكونين هنا "
عادت تناولة الصندوق قائلة : " لا بأس إذن ، وسأضع ما اعارتنيه ريبيكا هذه الليلة "
أخذ الصندوق منها وهو يقول : " هذا حسن . هل تريدين أن تشربي أو تأكلي شيئاً أثناء تجهيزك لنفسك ؟ إن سيتأخر موعد تناولنا العشاء "
أجابت : " آه ، حسناً .. نعم . أريد عصير الفواكه . أغني أنني لست جائعة فقد أكلت ثلاث قطع من الحلوى في السيارة الفيراري . لقد كنت نهمة "
فقال : " حسناً ، دعيني أحضر إليك عصيراً ، ماذا تفضلين ؟ "
أجابت : " أي شيء دعه يكون مفاجأة لي "
قال : " سأعود سريعاً "
جلست اوليفيا على المقعد المنخفض أمام منضدة الزينة ، ووضعت الكريم المرطب على وجهها ، ثم لفت شعرها بمنشفة . وكان بجانبها على المنضدة باقة من الورود البيضاء ، ومجموعة من العطور الغالية .
بعد ذلك بلحظات قليلة عاد كلينت بكوب يحوي شراباً أحمر اللون ناولها إياه وهو يقول بوجه جامد الملامح : " هاكه "
قالت بأدب : " أشكرك " تباً لهذا الرجل وشرابه الأحمر هذا . وذاقته بحذر . ولكنه كان لذيذاً وسألته : " ما هذا ؟ ماذا يوجد في داخلة ؟ "
أجاب : " إنه من ابتكاري الخاص . إنه شراب الورد ممزوجاً بشراب التوت الأحمر "
قالت : " لقد اشتريت ثوباً أحمر قرمزياً ، وله كشاكش كثيرة ، وهو يشبه ملابس أعياد الكرنفال "
سألها بوجه جامد :" أصحيح هذا ؟"
حسنا ، هل كانت تتوقع منه أن ينفجر غاضباً ؟ هذا غير ممكن ، فهو أشد انضباطاً من أن يتصرف بهذا الشكل ، وتعلقت عيناه بعينيها ، فعضت على شفتها تغالب الضحك .
ولوى فمه قائلاً : " إنك لا تحسنين الكذب يا أوليفيا "
ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة وهي تقول : " حسنا ، لقد كنت على وشك شراء هذا الثوب ، ولكنني عدت ففكرت في أنه قد يكون مبهرجاً أكثر من اللازم ، فهو ليس تقليدياً تماماً "
سألها : " إذن فقد اشتريت ثوباً أسود قصيراً ؟ "
أجابت : " ما كنت لأهوى إلى مثل ذلك الدرك فألبس اللون الأسود . إنه أخضر اللون " وقفزت واقفة وهي تقول : " دعني أريك إياه "
رفع يده قائلاً : " إنني أفضل أن أراه على جسمك . سأنتظر لكي تجعليه مفاجأة لي " واتجه نحو الباب قائلاً : " استمتعي بشرابك "
وعندما أغلق الباب خلفه ، قطبت حاجبيها وهي تتساءل عما جعله يحضر الشراب بنفسه بدلاً من أن يأمر السيدة نيلسون بذلك . وأخيراً هزت كتفيها دون اكتراث . يبدو أنها لن تستطيع فهم هذا الرجل ، والأفضل أن توفر على نفسها هذه العناء . ونظرت إلى نفسها في المرآة تخاطب صورتها بقولها ، إنك إذن تريدين أن تفهميه .
كلا ، لا أريد .
تنفست بعمق ، ثم امتصت رشفة من كوبها ، ثم أخذت تفتح زجاجات العطور تتنشقها الواحدة إثر الأخرى .
وشعرت بشيء من الثورة . لقد اشترى لها كلينت الثوب والحذاء والجوربين وحقيبة السهرة . وعرض عليها مجوهرات والدته لتستعملها . على الأقل عليها أن تستعمل عطرها هي الخاص .
وأخرجت من حقيبتها زجاجة عطرها ، ثم أخذت تضع منه خلف أذنيها وعلى معصميها وعنقها .
وبينما كانت تنهي زينة وجهها ، وترفع شعرها عالياً على قمة رأسها كانت تتساءل عما قد تكون عليه الحفلة والناس الذين ستلتقي بهم . وشعرت بالذعر لفكرة أن تكون بصحبة اولئك القوم الأثرياء المشهورين ذوي السلطة ، كيف ستتتمكن من التحدث إليهم ؟ ولم يكن لديها فكرة عما تتحدث به الطبقة العالية في نيويورك ، هذا عدا عن نطاق السياسة والفنون ، والأعمال وكل المواضيع الأخرى التي لم تكن هي تعلم عنها ما يكفي .
وعبست لصورتها في المرآة . ليس لها إلا أن تتدبر أمرها بشكل ما .
ارتدت ثوبها من ناحية رأسها بحذر ، فجاء منسجماً على قوامها بشكل رائع . وبدا اللون الأخضر بالغ الجمال ، كما أن حليّ ريبيكا تلاءمت معه بشكل مدهش .
وحدّقت في نفسها في المرآة بشعرها المرفوع عالياً وعقد الزمرد حول عنقها وثوبها يلفّ جسدها برقة . لقد بدت رائعة حقاً ، ما جعلها تشعر برضى بالغ عن مظهرها ، وتنفست بعمق وهي تتمنى لو أن كلينت نفسه يراها رائعة !
فهي المرأة التي سيرونها بجانبه في المجتمع ، يا لها من مجازفة يقوم بها .. ماذا لو كانت فعلاً اشترت ذلك الثوب المبهرج ؟ ليبدو مع امرأة قبيحة الزي بجانبه ؟ عند ذاك كان عليه أن يتألم طيلة الوقت .
حملت حقيبة يدها وشال ريبيكا المخملي الأسود ثم فتحت الباب قاصدة غرفة الجلوس بمشية راقصة البالية ، كما اقترحت عليها ريبيكا وكان هو جالساً مرتدياً بذلة السهرة ، يطالع في صحيفة . وعندما رفع عينيه ينظر إليها شعرت بخفقات قلبها تعلو . ووقفت ثابتة رافعة الرأس وهي تقول : " ها أنذا جاهزة "



anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-12, 07:21 PM   #8

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع

وهذا الفصل الرابع انتهيت منه ..


www.rewity.com
الفصل الرابع

ساد الصمت وعينا كلينت القاتمتين تتفحصانها ببطء ، ليقول أخيراً بهدوء : " تبدين رائعة الجمال .. رائعة تماماً "
قالت وقلبها يكاد يقفز من موضعه : " شكراً " وتشبثت بحقيبة يدها وهي تتمنى لو أن بإمكانها الاسترخاء .
وقف قائلا : " إذن ، فأنت جاهزة ! "
أومأت برأسها وهي تنظر إليه ، كان هو أيضاً يبدو بالغ الروعة . لقد أعجبتها ربطة عنقه وجاكتة العشاء البالغة الأناقة التي يرتديها ، وأعجبتها الطريقة التي كان ينظر بها إليها .
فتح لها الباب ، حيث مرت من أمامه نحو المصعد وهي تتمنى لو تهدأ خفقات قلبها المتلاحقة .
اوصلتهما سيارة الفيراري إلى الفندق الذي تقام فيه الحفلة . وساعدها في النزول من السيارة .
اشير إليهما بالدخول إلى صالة متألقة حيث استلم منها الشال رجل أشيب الشعر يرتدي بذلة سوداء كما رافقهما شخص آخر إلى غرفة واسعة حيث كان الحضور في ملابس السهرة ، يتبادلون الأحاديث بمرح .
أخذت اوليفيا تحدق في كل هذا ، وقد أطبقت فمها بشدة تمنعه من أن ينفتح بذهول . تألق المجوهرات ، تموج الأثواب الحريرية ، الشعور اللامعة . ولم يكن لديها فكرة عن أهمية اولئك الموجودين ، إذ لم يسبق لها قط أن قرأت صفحات المجتمع في الصحف ، كما أنها لم تكن تختلط بأوساط الفنانين .
سألها كلينت : " ما رأيك بكوب من الشراب ؟ "
أجابت : " نعم . أود عصير الأناناس ، من فضلك "
فأشار إلى النادل الذي أقبل مسرعاً ليأخذ أوامر كلينت ، وسمعا صوتاً يهتف قائلاً : " مورغان " وما لبث أن تقدم منهما رجل في بذلة السهرة ، وبوسامة ممثل سينمائي ، وهو يمد يده قائلاً : " ما أجمل أن أراك " .
قدم كلينت أحدهما للآخر بلهجة رجل أعمال ، وكان اسم الرجل روجر بيك وقد نظر إلى اوليفيا بافتتان . وابتسم عن صف من الأسنان اللامعة وهو يتأملها قائلاً : " هكذا إذن يا اوليفيا .. من أي قصر تراك هربت ؟ "
وكانت هي منتبهة إلى ملامح كلينت الحذرة وهو يراقب نظرة الرجل إليها . ابتسمت وهي تجيب الرجل بقولها : " إنه أبيض وأحمر ومريح جداً "
وهنا قال له كلينت ببرود : " نرجو المعذرة من فضلك " ثم أخذها بعيداً باتجاه النادل الذي كان قادماً نحوهما بالشراب المطلوب ، وخلفه كانت آن ترفل في الحرير اللامع . وتأوهت اوليفيا في سرها .
وهتفت آن كابتسامة اعلان عن معجون أسنان : " كلينت ، ما أجمل أن أراك . كيف حالك ؟ "
أجاب ببساطة : " انني بخير ، شكراً " وتحول نحو اوليفيا قائلاً : " هل تذكرين اوليفيا ، يا آن ؟ "
وضاقت العينان الزرقاوان الباردتين قليلاً ، وهي تجيب : " نعم ، نعم ، ولو انني لم أميزك للتو "
تساءلت اوليفيا عما يجعل آن تميزها وقد كانت هي في ذلك الحين ، ترتدي بنطال جينز مرقعاً وحذاء قديماً .
اغتصبت اوليفيا ابتسامة وهي تقول : " مرحباً يا آن "
حنت المرأة رأسها لتأخذ رشفة من كوبها ، وهي تجيب ببرود : " مرحباً " وحدقت فيها فترة ببرود الثلج ، قبل أن تعود بانتباهها إلى كلينت قائلة : " سمعت أنك كنت في باريس أمس . هل رأيت جانيت ؟ "
وشعرت اوليفيا بتوتر فجائي في يد كلينت ، وهو يجيب باختصار : " كلا ، هل أبوك ريدج هنا ؟ "
أشارت آن بيدها قائلة : " إنه في مكان ما هناك ، أوه هوذا ستيفانو . لا بد أن أراه " وابتعدت عنهما بعد أن شملت اوليفيا بنظرة أخرى مثلجة .
وأقبل عليهما آخرون لتحية كلينت ، وقدمها هو إليهم جميعاً ، نساءً ورجالاً ، فكانوا يبتسمون لها بأدب ، وفي أعينهم تساؤل . وكانت هي تبتسم مادة يدها تصافحهم وهي ترجو أن لا يثقل عليها أحد منهم بالأسئلة المحرجة .
وفجأة ، أدركت أنها لم تعد بجانب كلينت ، وتملكها الذعر . ولكنها ما لبثت أن تمالكت نفسها . ما الذي يمكن أن يحدث لها ؟ ان كل هؤلاء الأشخاص اللامعين ما هم إلا أناس عاديون في ملابس فاخرة .
وقفت بجانب نخلة وضعت في إناء ضخم ، ومضت تجيل نظراتها في أنحاء المكان وهي تستمع إلى الأصوات حولها من ضاحكة ومنادية . ولم تهتم لشيء إلى أن سمعت البعض يذكر اسم كلينت ، وكان صوتاً انثوياً يخترق سعف النخلة من الجانب الآخر . وكان الصوت يقول : " هل رأيت المراة الجديدة التي معه ؟ لا أحد يعرف من هي ، أليس هذا غريباً ؟ لقد سألت كل من قابلت ، والكل قال إنه لم يرها من قبل ، حتى إنني سألت جوزفين ، فإذا هي لا تعرف فمن الذي يعرف إذن ؟"
وقال صوت انثوي آخر : " سيأتي مخبر بالحقيقة ، وستكون في الصحف غداً صباحاً "
فردت الأولى : " ربما هي ابنة أحد أعضاء مجلس الشيوخ "
" ولكن لا بد أن يعرفها أحد ، في هذه الحالة "
" هذا صحيح "
" ماذا تظنين ؟ أهو حب صادق ؟ "
" لا يمكن هذا . فهي تلاحقة لأجل ثروته . كالبقية منا "
واسكتهن الضحك فترة ، ليعود الحديث المتبادل :
" بالمناسبة ، ما الذي حدث لجانيت ؟ "
" إنها في أوروبا "
" ما اسمها ؟ اعني غزوة كلينت الجديدة ، اوليفيا ماذا ؟ "
" بل . اوليفيا بل "
" انني أكره أن أقول هذا ، وهو أنها تبدو رائعة . إنها تمشي وكأنها ملكة . وثوبها ذاك في منتهى الجمال "
" ربما هو قد هجر جانيت ؟ "
" من يعلم ؟ ربما هي التي تركته "
" تبدين ضائعة نوعاً ما " ونظرت إلى مصدر الصوت لترى رجلاً ملتحياً ذا عينين زرقاوين حادتين مصوبتين نحوها ، وهو يتابع قائلاً : " أم لعلك مختبئة من تلك الجموع التي تعمي العيون ؟ " وابتسم لها وهو يمر بيده على لحيته الشقراء التي كانت تماثل شعره في اللون .
اغتصبت ابتسامة وهي تجيبه قائلة : " بل هي تشرق وتتلألأ في الأنحاء . أما انا فلم أكن مختبئة ، وإنما كنت فقط أراقب الآخرين " .
فأومأ برأسه قائلاً : " ان هذه طريقة ممتعة لتمضية الوقت " ومد يده بالتحية قائلاً : " انني فرانك توبس "
قالت : " انني اوليفيا بل "
سألها : " وأنت بصحبة كلينت مورغان ، أليس كذلك ؟ "
أجابت : " نعم كنت في الحقيقة ، أبحث عنه "
أشار بيده قائلاً : " إنه هناك يناقش قضية تدور حول مليار دولار مع ستاربيرد ، وهو لن يتذكرك قبل عدة دقائق "
نظرت إلى حيث أشار . ورأت كلينت مديراً ظهره العريض نحوها ، وكان يتحدث إلى رجلين آخرين في ملابس السهرة ، ولم تعرف أيهما ستاربيرد رغم أن فرانك توبس ظن أنها تعرف ، وربما كل شخص هنا يعرف .
سألها فرانك وعيناه على كلينت ورفيقيه : " هل تظنين أنه سينجح في ذلك ؟ "
ينجح في ماذا ؟ من المفروض أنها تعلم ذلك . وأجابته قائلة : " ليس لنا إلا أن ننتظر ونرى "
قال : " إن ستاربيرد ماكر خداع "
قالت : " هذا ما اسمعه "
قال : " العمل هو العمل ، على الدوام . وصنع المال هو كالإدمان كما تعلمين . ولهذا لا يكتفي المرء منه أبداً " ونظر إليها بدهاء .
ابتسمت قائلة : " وهل أنت مدمن كذلك على صنع المال؟"
ضحك وهو يجيب : " إنك امرأة صريحة ، أليس كذلك ؟ "
أجابت : " إن الصراحة تبسط الأمور وتمنع سوء الفهم "
أومأ برأسه قائلاً : " هذا صحيح . أما جواب سؤالك ، فهو كلا . انني لست مدمناً على صنع المال . اخبريني أنت عن نفسك ، هل أنت من أهالي نيويورك ، أم أنك أجنبية ؟ "
أجابت : " لا هذا ولا ذلك . انني أعيش في دالاس ، وأنت ؟ "
أجاب : " آه ، انني مستورد . فأنا من كولورادو . ولكنني أعيش هنا منذ عشر سنوات . إذن ، ما الذي تفعلينه يا اوليفيا في دالاس . هل تزرعين التبغ ، أم الفول السوداني ؟ "
أجابت : " بل الطماطم أزرعه في حديقتي الخلفية "
قال ضاحكاً : " هل هي مهنتك التي تعيشين منها ؟ "
أجابت : " كلا بل لأجل الطعام ، فأنا معلمة ابتدائية "
قال : " أصحيح هذا ؟ إنه شيء مهم "
كان الحديث معه عفوياً سهلاً . كان يكتب عن التغذية ، كما قال ، ويكتب للصحف والمجلات مقالات حرة . وبعد دقائق ، استأذنت اوليفيا منه لكي تلتحق بكلينت الذي كان ما يزال يتحدث مع ذينك الرجلين في الناحية الأخرى من الغرفة .
ولم تسر طويلاً ، إذ أن امرأة اوقفتها ، آخذه بذراعها بشيء من العنف ، وهي تسألها قائلة : " من تكونين؟ "
فوجئت اوليفيا وأخذت تحدق فيها . كانتا قد سبق وتقابلتا منذ فترة . ولكن اوليفيا لم تستطع أن تتذكر اسمها . وكانت المرأة تحدق فيها وهي تكاد تفقد اتزانها فوق كعبيها العاليين .
أجابت اوليفيا : " انني اوليفيا بل "
فقالت المرأة : " نعم ، أعرف هذا . ولكن من أنت ؟ وما هي علاقتك بكلينت ؟"
وكانت بجانبها صديقة لها ترتدي ثوباً أسود من القطيفة ، فأمسكتها بذراعها تقول لها بوجه عابس : " كفي يا لارا . لقد أصبح سلوكك بغيضاً " ونظرت إلى اوليفيا تقول معتذرة : " إنها تقوم بحمية غذائية ، وهذا ما جعلها غريبة الأطوار "

قالت المرأة بعصبية : " ولكنني أريد أن اعرف من هي بالضبط "
ابتسمت اوليفيا وقالت : " في الحقيقة ، أنا نفسي لا اعرف . فكل شيء يخصني هو صفحة بيضاء منذ حادثة الاصطدام "
حملقت المرأتان فيها ، بينما تابعت اوليفيا تقول : " انني مصابة بفقدان الذاكرة . كل ما أذكرة هو انني استيقظت ذات صباح ومعي كلينت شاعرة بصداع يكاد يحطم رأسي ؟ " وتنهدت وهي تتابع : " لم استطع أن أتذكر كيف وصلت إلى ذلك المكان .. ومن هو .. ومن أنا .. ؟ "
وكادت عينا المرأة السحلية تخرجان من محجريهما ابتسمت اوليفيا وهي تقول : " والآن ، أرجو المعذرة "
واستدارت خارجة من الغرفة .
وجاءها صوت كلينت قائلاً : " ما الذي تفعلينه هنا ؟ "
استدارت تواجهه قائلة : " انني اشعر هنا بطمأنينة أكثر . إذ لا يبدو أن كل شخص قد سرته رؤيتي معك . فمنذ اللحظة التي ذهبت فيها ، تاركاً إياي وشأني ، أقبلوا إليّ "
وازدردت ريقها وقد بدا عليها الغضب .
قطب جبينه وهو يسألها : " اقبلوا عليك ؟ وما الذي قالوه لك ؟"
أجابت : " أمسكتني واحدة بذراعي تريد أن تعرف من أكون . وسمعت نساء أخريات يقلن انني ساعية وراء المال . لا أعتقد أن عقد العمل بيننا ينص على أن أتقبل الاهانات من الناس " وتنفست بعمق وهي تتابع قائلة : " فإذا كان هذا جزءاً لا يتجزأ من العقد ، فدعني أخبرك ، انك قمت بصفقة غير رابحة "
وتركته مبتعدة عنه سائرة في الطريق المعاكس وتبعها كلينت ليقف بجانبها عند النافذة الواسعة المشرفة على المدينة وهو يقول معتذراً : " انني اسف . ظننتك ستكونين على ما يرام "
أجابت : " وهذا لم يتحقق . يبدو أنك ظننت أن كل ما عليك أن تقوم به ، هو أن تهيء لي الملابس لكي أكون على ما يرام ، ولكن الأمر ، لسوء الحظ لا يتحقق بهذا الشكل "
تشبثت بحقيبة يدها وكأنها تستمد منها العون ، وهي تتابع : " هذا النوع من الأشياء لا يسري عليّ ، فأنا لا أعرف أحداً من الحاضرين هنا ، ولا أعرف ما يتحدثون به ولا عمن يتحدثون . فأنا لست في مكاني الطبيعي ، و .. " واهتز صوتها . فعضت شفتها ، ثم تابعت قائلة ، محاولة أن تضمن صوتها شيئا من الكبرياء : " هذا أمر صعب وعليك أن تساعدني قليلاً في البداية على الأقل . وهذا لا ياخذ وقتاً طويلاً ، فأنا سريعة التعلم . لا تلقني في البحر قبل أن تعلمني مبادئ السباحة "
قال : " لا بأس ، فلن اتركك مرة أخرى ، إذا أنه لم يخطر ببالي أن هذا قد يكون مشكلة ، ولكننا سنصلح الأمر بسهولة . هيا بنا الآن ، فقد حان وقت العشاء "
عادا إلى غرفة الجلوس ومنها إلى غرفة الطعام الملحقة بها وذلك مع بقية الحضور . جلسا على مائدة مستديرة واسعة ، وحصل المزيد من التعارف . كانت اوليفيا منتبهة إلى العيون الفضولية التي كانت ترمقها ، وإلى عناية كلينت بها . كانت يتكلم معها بشكل خاص ويبتسم لها ، ويلحظها برعايته .
استمرت تفكر في آن وفي المرأة التي طلبت التعرف عليها . ولم يكن عجيباً أن يكون في هذه الغرفة نسوة يأملن في نيل اهتمام كلينت ، ولكن مواجهة هذا الأمر يستلزم ذكاء وبديهة حاضرة .
كان الطعام لذيذاً ، واستطاعت أن تجلس إلى المائدة لتبتسم كثيراً وتتحدث قليلاً ، إذ بدا أن هذه هي أسلم الطرق للتقرب إلى الآخرين .
على كل حال ، فقد شعرت بالارتياح وهي ترى نفسها في سيارة الفيراري مرة أخرى .
سألها كلينت : " بماذا أجبت تلك المرأة التي كانت سألتك عمن تكونين ؟ "
أجابت : " لقد قلت لها شيئاً ربما كان من الخطأ أن اقوله . كان نوعاً من التخلص من الجواب " وشعرت بحرارة تصعد إلى وجنتيها .
رفع حاجبيه يسألها : " وماذا كان قولك ذاك ؟"
فلوت أساريرها قائلة : " ان ما سأقولة لن يعجبك . فقد قلت لها انني لا أعرف أنا نفسي حقيقة أمري ، لأنني أعاني من فقدان الذاكرة ، إذ انني ذات صباح استيقظت لأجد نفسي معك وانني لم استطع أن اتذكر من أنا ، أو من أين أتيت"
وساد صمت . ولم تجرؤ على النظر إليه ، ليدهشها بعد ذلك ، أن تسمعه يضحك قائلاً : " ومع هذا تقولين انك قلقة بشأن التعامل مع هؤلاء الناس ؟ ستكونين على ما يرام ، بل ستكونين رائعة "
انزلتهما السيارة أمام البناية ، ووقفا معاً في المصعد . شعرت اوليفيا بعدم الارتياح بالنسبة للآتي ، وبالخشية تزحف إلى نفسها . إنها هنا مع هذا الرجل ، هذا الغريب لتصعد معه إلى بيته .
وقالت بهدوء تغطي بذلك شعورها بالتوتر : " إن الليل لم ينتصف بعد ، وبإمكاني أن أغير ملابسي في خمس دقائق ، ومن ثم يأخذني آلان إلى منزلي ، ليس لدي مانع في هذا"
فقال لها مطمئناً : " ليس هناك ما يستوجب قلقك يا اوليفيا "
قالت : " أنا لم أقل انني قلقة "
قال وهو يلوي فمه : " لا . ولكنك قلقة حقاً "
توقف المصعد ، وبعد لحظات كانا قد عادا إلى الشقة . وانفتح الباب المزدوج أمامهما . لينغلق خلفهما . عند ذلك ، شعرت وكأنها قد أصبحت في السجن وقد عزلت عن العالم الخارجي .
خاطبت نفسها بأن عليها أن لا تكون معتوهة . ورفعت بصرها إلى كلينت قائلة : " أرجو أن لا أكون قد خيبت أملك وأخشي انني لم أكن لأستحق أن انخرط في الحديث مع أحد ، إذ انني لم اكن اعرف معظم ما كان الآخرون يتحدثون عنه "
أجاب : " انهم هم أيضاً ، لم يكونوا يدركون ما يتحدثون به غالباً ، أما أنت فقد كنت ممتازة "
سألها قائلا : " هل تحبين أن تتناولي شيئاً من العصير قبل أن نذهب إلى ... النوم ؟ "
أجابت : " هل تمانع إذا أنا لم أشأ ذلك ؟ انني متعبة وأظن أن عليّ أن أذهب لأتهالك على السرير "
نظر في وجهها متفحصاً وهو يقول : " كلا . ليس لديّ مانع . هل كانت الحفلة تلك محنة قاسية لك ؟ "
أجابت : " ولكنني تعلمت فيها الكثير ، في الواقع "
لوى فمه قائلاً : " ان ما يسرني هو انك لم تضيعي وقتك . ليلة سعيدة "
وتمنت له هي أيضاً ليلة سعيدة ، ثم تركته واتجهت إلى غرفتها ، وأغلقت الباب خلفها . وكادت تقذف بحذائها بعيداً ، كعادتها .. ولكنها عادت فغيرت رأيها . ذلك أن حذاءً ايطالياً مصنوعاً باليد يستحق معاملة أفضل . وهكذا أمسكت بالحذاء بحذر ، ووضعته بعناية في الخزانة ، وبعد ذلك تهالكت على الفراش وهي تتأوه بعمق ، مخاطبة السقف فوقها : " ها قد تم إنجاز أول مأمورية من المهمة "
رقدت اوليفيا كالميتة ، ولم تستيقظ قبل الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي . فاغتسلت بسرعة ، وارتدت بنطالاً أسود وجاكتة صوفية حمراء ، ومن ثم تركت الغرفة . وطرقت سمعها ضجة خفيفة آتية من ناحية الردهة . وكانت غرفة الجلوس فارغة . وبعد البحث ، وجدت المطبخ والسيدة نيلسون .
رفعت المرأة بصرها بدهشة وهي تقول : " صباح الخير . لم أسمعك هل نمت جيداً ؟ "
أجابت : " نعم ، شكراً "
ابتدأت السيدة نيلسون العمل ، فسكبت القهوة ، وأخذت تسخن بعض الكعك . تناولت اوليفيا فطورها في المطبخ بدلاً من غرفة الطعام حسب اقتراح السيدة نيلسون .
وسألتها اوليفيا : " أين السيد مورغان ؟ "
أجابت : " لقد خرج هذا الصباح باكراً ، إذ أنه سيمضي هذا النهار في واشنطن . وقد ترك لك هذا " وناولتها مغلفاً مقفلاً .
وضعته اوليفيا جانباً وهي تقول : " شكراً "
عادت بعد الفطور إلى غرفتها لتأخذ حاجياتها . وفتحت المغلف ثم أخرجت منه ورقة . وكانت عبارة عن قائمة تحتوي على مناسبات شهر كانون الأول (ديسمبر) المزيد من الحفلات الخيرية ، افتتاح معارض ، حفلات عشاء ، واحتفال في السفارة الأرجنتينية ، حفلة استقبال ديبلوماسيين يابانيين . وطالعت القائمة ومخاوفها تزداد ، إذ بعد كل مناسبة كان ثمة وصف قصير ، وما يلزمها من ملابس ، وفي أعلى القائمة ، كانت ملحوظة مستعجلة تقول أنها ستتلقى قريباً دفتر حساب في المصرف .
واتصلت بها سيليا بعد الظهر ، وقد أمسك الفضول أنفاسها وهي تسألها : " أخبريني كل شيء . أتمنى لو أمكنني القدوم إليك . ولكن اليوم هو ذكرى مولد جدتي وستجتمع الأسرة كلها في منزل والدي لتناول العشاء ، وأنا أساعد في التحضير لكل ذلك "
اخبرتها اوليفيا بكل شيء ، مسهبة قليلاً في حادثة اعتراض المرأة الشبيهة بالسحلية تلك . وعندما انتهى الحديث ، كانت الاثنتان غارقتين في الضحك .
ومر نهار الاثنين كأي يوم آخر ، مليئاً بالأطفال والتعليم ورعاية مسؤوليتها نحو مؤسسة ميرسي . كانت اوليفيا أحياناً ، تتساءل عما إذا كانت ليلة السبت لم تكن سوى تصورات من مخيلتها بالغة النشاط . ولكن قائمة كلينت التي تحوي المناسبات المتوجب عليها حضورها ، كانت ملصقة على باب ثلاجتها تعيد إلى ذاكرتها كل شيء . وكانت تعد العشاء ، عندما اتصل بها كلينت ليقول لها : " انني في طريقي للمطار ، هل يمكنني زيارتك للحظة ؟ "
أجابت : " نعم ، بالطبع "
قال : " سأكون عندك حالاً "
وضعت الهاتف من يدها وهي ترتجف . وكانت خفقات قلبها تتسارع . ما هذا الجنون ؟ ماذا جرى لها ؟ وركضت إلى الحمام تنظر إلى نفسها في المرآة . كانت عيناها تتألقان بشكل غريب ، بينما كان شعرها فوضوي الشكل فسرحته ووضعت شيئا من أحمر الشفاه ، ثم ألقت نظرة على ثيابها . كانت ترتدي تنورة عادية وسترة صوفية ملونة وجوربين يماثلانها لوناً . كانت هذه شخصيتها الحقيقية ، وهي تكفي .
وعادت إلى المطبخ تفرم البقدونس وتضيفه إلى الحساء . وبعد ذلك بربع ساعة ، وقفت سيارة الفيراري أمام بيتها . ومن نافذة غرفة الجلوس ، أخذت تراقب آلان وهو يفتح باب السيارة ليخرج منه كلينت تغمرة أضواء السيارة الصفراء ، فألزمت نفسها بهدوء وهي تذهب إلى الباب تفتحه .
حيته ، فابتسم لها يرد التحية وهو يسألها قائلاً : " هل هذا الوقت غير مناسب لك ؟ "
أجابت : " كلا ، فقد كنت أعد شيئاً من الحساء "
قال وهو يدخل الغرفة : " أرجو أن لا يكون حساء معلباً "
أجابت : " آه . كلا مجرد حساء مصنوع من الجذور مثل البطاطا والجزر والبصل واللفت وغير هذا ، وليس هناك وصفة معينة لطهوها ، فهي تطهى بمرق الدجاج ويضاف إليها الكرفس والبقدونس ، وكذلك الحليب ثم الملح والفلفل طبعاً "
قال : " هل طعمه لذيذ ؟ "
أجابته : " لماذا لا تجربه ؟ اعتقد أنه سيعجبك . عن إذنك سأجهز المائدة "
استدارت لتذهب إلى المطبخ فأوقفها قائلاً : " انتظري لحظه " وأخرج شيئاً من جيب جاكتته الداخلي ، ناولها إياه وهو يقول : " هذا يسهل عليك رحلة التسوق "
كانت هذه بطاقة حساب في المصرف ، ذهبية لامعة . حتى هذه القطعة من البلاستيك بدت غالية الثمن .
قالت : " اووه .. يمكنني ان اشتري بهذا مجوهرات أو سيارة فاخرة لنفسي "
قال بجفاء : " لا أظنك من هذا النوع من النساء ، يبدو لي أن ما يهمك أكثر ، هو إيواء الناس ووضع الطعام على موائدهم "
هزت كتفيها قائلة : " حسناً ، لا بد لمن لا تملك بطاقة كهذه من أن تقوم بما يشغل وقتها "
قال : " أخبرتني باميلا بأنها ستساعدك على شراء ثيابك "
قالت : " أجل ، فأنا يجب أن اهتم بشكلي لأودي الدور المطلوب "
قال : " ولم لا "
قالت : " دعني أضع الحساء على المائدة . تفضل بالجلوس "
وعندما جهزت المائدة بالأطباق والخبز ، قالت له : " تفضل .. الطعام جاهز "
تناول طعامة بشهية تامة . وقال بعد فترة : " انه لذيذ جداً .. من علمك الطبخ ؟ "
أجابت : " هذا الحساء من ابتكاري الخاص "
قال : " حدثيني عن نشأتك يا أوليفيا "
أجابت : " لقد رباني جداي في هذا المنزل . لم يكن لدينا الكثير من المال ، ولكن لم يكن يبدو أننا كنا في حاجة إلى شيء . فقد كان لدينا كل شيء . كان لدي جدتي حديقة كبيرة كانت تخزن منها الطعام لفصل الشتاء ، بينما كان جدي يصيد الغزلان . وقد ذهبت معه مرة إلى الصيد ، ولكنني لم استطع اطلاق النار . إذ انني قابلت غزالاً وجهاً لوجه ، فنظر إلي بتلك العينين البنيتين الواسعتين ما جعلني عاجزة عن قتله . ولم أذهب معه قط بعد ذلك . وفضلت الالتصاق بالطبخ والحياكة وتعلم الباليه " وتابعت ضاحكة : " أشياء نسائية ولكنني أحببت ذلك "
سألها ولماذا كان على جديك أن يربياك ؟ كلا ، لا تجيبي على سؤالي هذا الذي تعوزه اللباقة "
ضحكت قائلة : " ليس لدي مانع من الجواب . لقد غرق والديّ في حادث مركب حين كنت أنا في الشهر الرابع من عمري . أعرف أن هذا شي ء رهيب ، وكان كذلك حقاً ، ولكنني لا أتذكرهما مطلقاً . وكان لي أسرة هما جداي اللذان ربياني كوالديّ تماماً بالمحبة والعزم . وكان داون كأخ لي ، رغم أنه عمي . فهو لا يكبرني بأكثر من اثنتي عشرة سنة . وكانت طفولتي طبيعية تماماً وفي منتهى السعادة ".
وضعت في طبقها مزيداً من الحساء ، وهي تسأله قائلة : " وماذا بالنسبة إلى أبويك ؟"
أجاب : " تطلقا عندما كنت في الثامنة ، أن امي تعيش في هاواي بينما توفي والدي بأزمة قلبية منذ ست سنوات وليس لي أخوة ولا أخوات " . وكان يعدد هذه الوقائع وكأنها معلومات يدونها في أوراق رسمية دون أن يبدو على وجهه أي تعبير .
وعندما انتهى الطعام ، وقف كلينت يريد الذهاب وهو يقول بينما يده على مقبض الباب : " شكراً . لقد استمتعت بالطعام " .
استندت إلى الجدار وهي تقول : "وكذلك أنا " وشعرب به يتباطأ عن الخروج رغم أن يده كانت على مقبض الباب ، لم يتحرك ، وشحن الصمت ، الجو حولها بالتوتر .
واخترقت عيناه القاتمتان عينيها ، ما جعل خفقات قلبها تضطرب . لماذا ينظر إليها بهذا الشكل ؟ ما الذي يفكر فيه ولا يفصح عنه بالكلام ؟ وحاولت أن تنطق بشيء يبدد الصمت . أي شيء يحمله على الابتسام ولكن ذهنها توقف عن التفكير ، ولم تجد كلمة تقولها .


anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-11-12, 05:13 PM   #9

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس


www.rewity.com
الفصل الخامس
مرّ الأسبوع حافلاً بالعمل الذي يدير الرؤوس . التعليم التسوق لشراء الثياب ، حضور حفلة عشاء مع كلينت يوم الجمعه .
وكانت اوليفيا قد شرحت الوضع لسيليا وباميلا بعد أن أقسمتا على الاحتفاظ بسرية الموضوع . وقالت باميلا إنه يسرها جداً أن تساعد اوليفيا على ملء خزانة ثيابها ، فقد كان شراء الثياب في الواقع هو هوايتها المفضلة .
وقد عرضت الاثنتان ، باميلا وسيليا ، على اوليفيا أن تستلما عنها مسؤولياتها في مؤسسة ميرسي إلى الحد الذي يريحها .
قالت سيليا بصوت يبدو فيه الألم : " إن كل هذا في سبيل المصلحة . فمثلي أنت دور الأميرة وسنقوم نحن بالعمل " .
كانت تتحدث باميلا أثناء طوافهما في الأسواق تبتاعان الثياب فقالت لها : " لا أظن أن كلينت يثق بالكثير من الناس ، حين تعلمين أن كل شخص يريد منك شيئاً ، يصبح الأمر صعباً حقاً .. معلومات ، نفوذ ، تأييد ، مال ، تعامل . وأظنه لم يتزوج لهذا السبب . وربما لم تكن خبرته بالنساء إيجابية تماماً ولكن هذه مجرد تكهنات مني . أوه ، انظري إلى هذا اللون ، أليس جميلاً ؟ " ومدت يدها إلى ثوب بني اللون يضرب إلى الاحمرار كانت البائعة تعرضه عليهما .
قالت اوليفيا : " إنه كذلك ، إنما كُمّيه لا يعجباني كثيراً "
قالت : " جربيه ، فقد تدهشين بالنتيجة "
أخذت اوليفيا الثوب إلى غرفة تغيير الملابس ، وكانتا قد سبق واختارتا ثلاثة أثواب قبله .
جلست باميلا على كرسي منخفض واضعة ساقاً على ساق . وهي تقول : " كان كلينت عندما كنا أطفالاً بالغ المرح ، وكان لديهم فيلا في إيف باركو ، واعتدنا أن نذهب إلى هناك في الإجازات. وكنا نمضي أوقاتاً رائعة نذهب فيها للسباحة والغوص والتجديف ، ولم يكن هو رزيناً كشأنه الآن . وأظن أن طلاق والديه ترك فيه أثراً عميقاً . وكنت أنا أحب عمي ، ولكن والدة كلينت كانت امرأة خبيثة . إنما لا تقولي له ما أقوله هذا . أتريدين أن أساعدك في إقفال السحاب ؟ "
قالت أوليفيا : " نعم من فضلك "
نهضت باميلا وساعدتها على إقفال سحّاب الثوب بحذر ، وهي تتابع قائلة : " هنالك دار للأيتام في إيف باركو وقد أقبل بعض الأطفال من الميتم لتلقي العلاج الطبي ، وهم في حالة مزرية . وكان لبعض أصدقاء كلينت علاقة بذلك الميتم ، وهكذا أنفق كلينت مبالغ باهضة ثمن فواتير العلاج " .
وتقدمت أمام اوليفيا وهي تقول ضاحكة : " هنالك قلب حنون وراء ذلك المظهر الجامد . وهذا محيّر أليس كذلك ؟ " رجعت إلى الخلف وهي تتأمل اوليفيا بعين ناقدة وتتابع : " هذا بديع حقاً . وذلك اللون هو غير عادي " .
وهكذا من ملاحظات باميلا العفوية التي كانت تلقي بها بين اختيار الملابس ، وتناول فنجان سريع من القهوة تكونت صورة في ذهن اوليفيا عن كلينت وشركته الموروثة عن والده والذي جعل من عمله حياته ، يطوف القارات ويملك فيلا في جنوب فرنسا وشقة في هونغ كونغ ، وشقة أخرى في لندن وفي باريس . وعدا نشاطاته العملية ، لا يبدو أن ثمة شيئاً آخر يملأ حياته . حتى النساء لم يبد أنهن شغلن في نفسه فراغاً كبيراً ، بل كنّ دوماً على الهامش في حياته .
عصر يوم السبت ، كانت اوليفيا عائدة إلى بيتها من جولة شرائية حافلة ، رأت أمام بيتها سيارة غريبة . وعندما اقتربت فتح بابها وخرج منها رجل .
وتذكرت وجهه ، إنه ذو اللحية الشقراء والذي سبق وتحدثت إليه في الحفلة منذ مدة ،وأخذت تفتش في ذاكرتها عن اسمه .
قال : " إنني فرانك توبس ، هل تذكرين ؟ "
فابتسمت تجيبه : " آه ، نعم ، إنني أذكر ، كيف عرفت عنوان بيتي " ولم تكن قد ذكرت له في ذلك الحين مكان سكنها ، وإنما فقط مدينة صغيرة في دالاس .
ضحك قائلا : " لم يكن هذا صعباً فأنت معلمة ابتدائية ، وهذا يكفي كبداية بالنسبة إلى رجل لديه بعض الارتباطات " .
سألته بمرح : " إذن ، ما الذي جعلني أحظى بهذا الشرف ؟ "
هز كتفيه قائلاً : " كنت قريباً من هنا ، ففكرت في أن أمرّ عليك ، أملاً أن لا أجد عندك مانعاً من قبول دعوتي للعشاء "
أجابت : " إنني في الواقع مشغولة ، فأنا ذاهبة إلى المدينة هذا المساء . ولكنني أشكرك لدعوتك هذه "
قال : " مع مورغان "
أجابت : " نعم " ووضعت مفتاحها في الباب وهي تتابع قائلة : " أرجو المعذرة لقد تأخرت "
قال : " لا بأس إلى اللقاء يا اوليفيا " وعاد إلى سيارته ، ثم ابتعد بعد أن لوّح لها بيده .
وتملكتها الدهشة إذ رأته مرة أخرى ذلك المساء وكان يتحدث إلى أحدهم ، فابتسم لها ملوحاً بيده ، ولكنه لم يقترب منها طيلة المساء . هل كان وجوده في نفس المكان مجرد صدفة ؟ ونبذت هذا الخاطر من ذهنها ، وعادت تركز اهتمامها على الأحاديث حولها .
كان الحديث يدور عن المستقبل ، وعن الاقتصاد والسياسة .
سألها أحد الحاضرين بأدب : " ما هو رأيك يا اوليفيا ؟ "
قالت بشجاعة : " أعتقد أن كثيراً من الخطط الاستراتيجية الموضوعة هي قصيرة النظر " وكانت قد قرأت هذه الجملة في الصحيفة هذا الصباح ، وتابعت تقول : " يجب أن نتصرّف تبعاً لهدف طويل الأمد ، ولكننا نحن الأمريكيون ، لا نحسن تأجيل تعطشنا ولهفتنا إلى النتائج . فنحن جميعاً نعشق تناول وجبات طعام سريعة الإعداد ، أليس كذلك ؟" وابتسمت مرة أخرى .
وقالت امرأة بدينة ترتدي ثوباً ارجوانياً : " إنني أعشق التفاح بنكهة القرفة " .
وازدردت اوليفيا ريقها وهي تحاول أن تسعل لتخفي بذلك رغبة في الضحك . ثم أخذت تسعل مرة أخرى ، وجرها كلينت بعيداً قائلا : " دعينا نحضر لك ماء " واعتذر من الآخرين وهو يبتعد بها .
قالت وهي تتنفس بعمق : " إنني لست بحاجة إلى ماء "
قال وفي عينيه نظرة هزل : " أعلم ذلك ، ولكنني كنت بحاجة إلى عذر لكي أبتعد بك عن مجموعة المثقفين تلك "
وعندما خرجا ، بعد ذلك بساعة تقريباً ، كانت اوليفيا قد ابتدأت تفكر في أن عليها أن لا تريح وجهها مرة أخرى وأن عليها أن تحتمل ابتسامته الماكرة .
وبعد بقائها واقفة على قدميها لعدة ساعات ، شعرت بالسرور إذ تجلس وهي تقول : " أوه ، كلا . إنني أحب مراقبة الناس ، إنني أتساءل ما هي حقيقتهم وبماذا يفكرون "
سألها قائلاً : " بماذا تظنينهم يفكرون ؟ "
أجابت : " حسناً ، أكثرهم ليسوا هنا للاستمتاع ، وهذا واضح رغم أنهم جميعاً يدّعون بأنهم يمضون وقتاً رائعاً . يبدو لي أنهم خرجوا جميعاً لاصطياد شي ء ما . وكل منهم يقيس الآخر بنظراته ليرى إن كان يفيده في أمر ما . أعتقد أن الناس لا يحب الواحد منهم الآخر لشخصيته ، وإنما لما يمكن أن يناله منه ، هذه هي الحالة المؤسفة لكل شيء إذا أردت رأيي " .
قال : " إنها الطريقة التي تحدث فيها اللعبة "
قالت : " لعبة ؟ هل هي كذلك ؟ "
قال : " طبعاً ، إنها لعبة الحياة . هنا على الأٌقل "
قالت : " المال والسلطة أنظر إلى كل ذلك الثراء ، كل تلك الأموال .. إنها ... مدمرة ، قاهرة . عصر هذا اليوم قبل أن يأتي سائقك آلان لأخذي كنت أضع نوعين من الطعام معاً لإرسالها ، والآن أنا هنا آكل سمك السلمون المدخن . إن هذا يجعلني أشعر بإنفصام الشخصية "
ابتسم قائلاً : " ستعتادين على هذا "
وصلا إلى المنزل ، ثم استقلا المصعد . وشعرت اوليفيا مرة أخرى بذلك التوتر الغريب يسري بينهما . ولاحظت كيف أصبح حديثه إليها رسمياً متكلفاً ، وكأنما التقارب الشديد بينهما في تلك المساحة الضيقة يصيبه بالتوتر .
وعندما أصبحا في شقته ، تمنى لها ليلة سعيدة ، صعدت اوليفيا بعدها إلى غرفتها الجميلة ، ثم ذهبت إلى سريرها ، ومرة أخرى أخذت تحلم به ، كما تحلم به على الدوام .
وذات يوم قالت لها سيليا : " اوليفيا ، إنك واقعة في غرامه " وكانت مرت عليها ، بعد انتهاء عملها في المستشفى لتناول فنجان من القهوة معها وتابعت تقول : " إن هذا شيء خطير بالنسبة إليك ، ألا تدركين ذلك ؟ "
أجابت اوليفيا وهي تذوب السكر في فنجانها بشيء من العنف : " لا تكوني سخيفة "
قالت سيليا : " ولكنك لا تفعلين شيئاً سوى التحدث عنه " هزت اوليفيا كتفيها قائلة : " ولما لا أفعل ذلك إزاء كل هذه الأشياء المثيرة .. كل تلك الأثواب والناس الذين أقابلهم والحفلات والطعام . إن هذا غير حقيقي ، فمن الطبيعي أن أتحدث عن كل هذا طيلة الوقت " ونهضت عن المائدة ومضت تحضر الأخشاب للمدفأة وهي تقول : " إن المكان هنا بارد ، أليس كذلك ؟ "
تنهدت سيليا وهي تجيب : " كلا ، إنه ليس كذلك وإنما أنت تغيرين الموضوع فقط إنك تعلمين يا اوليفيا ، انني أٌقول الحقيقة ، فهو في عينيك وفي صوتك ، وفي كل شيء تقولينه "
عادت اوليفيا تجلس وهي تقول : " بإمكانك ألا تصدقيني يا سيليا ، ولكنه لطيف وأنا معجبه به ، إنه رجل يثير الفضول "
قالت سيليا : " وهو وسيم وغني وأنا أوافقك على ذلك ، ولكنه رجل أعمال وبالتالي متغطرس قاس القلب ، وعنيف إنه يستغلك يا اوليفيا "
أجابت : " هذا ليس صحيحاً ، إن بيننا عقداً "
قالت سيليا : " لا بأس . إن ثمة عقداً بينكما وأنت واقعة في غرامه . وهذه وصفة جيدة لكارثة يا اوليفيا إنك ستتألمين من ذلك "
لم تجب اوليفيا إذ لم يكن ثمة فائدة من إنكار مشاعرها ، ذلك أن سيليا تعرفها جيداً .
عادت سيليا تقول بإصرار : " ماذا ستكون نهاية هذا الأمر يا اوليفيا ؟ "
غضت اوليفيا شفتها ، ثم أجابت : " لا شيء كما أرى "
كان من الحماقة أن تقع في غرامه ، فهذا لن يفيدها بشيء ، وستتألم كثيراً كما قالت سيليا .
وأخذت رشفة من قهوتها وهي تنظر إلى سيليا قائلة : " أظنني سأتغلب على ذلك "
وأنهت حياكة كنزة داون تلك الليلة ، فكانت رائعة ، تنافس بسهولة تلك السترة الغالية الثمن والمحاكة باليد التي سبق ورأتها في أحد المتاجر ، وكان تصميمها الإيطالي بالغ الجمال كما أن مزيج ألوانها كان متلائماً تماماً . وأمسكت بها تنظر إليها بإعجاب .. وخطرت لها فكرة .
لا بد أن هذه ستبدو رائعة على كلينت .
إذا هي ابتدأت الآن بالحياكة ، واجتهدت حقاً بالإسراع بها ربما أمكنها إنهاء كنزة تجعلها هدية العيد لكلينت .
نعم ، ستقدمها إليه يوم العيد .
طوت كنزة داون ثم وضعتها بعناية في صندوق مبطن بورق أحمر . بإمكانها أن تحيك كنزة لكلينت أولاً ثم تقرر بعد ذلك ، ما إذا كان من المناسب تقديمها له أم لا . فإذا قررت عدم تقديمها فالتخلص منها ليس صعباً . فهناك كثيرون يطلبون منها دائما حياكة كنزات لهم . وهناك صاحب متجر اعتاد دوماً على أن يطلب منها حياكة كنزات يبيعها في متجره . ولكن الوقت كان يعوزها على الدوام ، ذلك أن ما كانت تفضله على حياكة الكنزات ، هو تعليم أولاد في السادسة من عمرهم .
وفي عصر اليوم التالي ، كانت اوليفيا قد عادت لتوها إلى البيت ، عندما اتصلت بها ريبيكا وكانت لهجتها غريبة جعلت شعوراً من الحذر يساور اوليفيا فجأة .
سألت بسرعة : " ما الذي حدث يا ريبيكا ؟ "
أجابت هذه : " لقد ذهبت المربية سميث منذ أيام قليلة لتكون مع ابنتها في ميتشيغن التي أنجبت حديثاً وفي اليوم التالي أصيبت البنتان بالجديري ، هما الاثنتان ، و .. " وتنفست ريبيكا بعمق وهي تتابع قائلة : " إنك لن تصدقي أبداً ما حدث ، يا اوليفيا ، ذلك أنني كسرت قدمي لتوّي "
فهتفت اوليفيا : " آه ... كيف حدث لك هذا يا ريبيكا "
وتلت تلك قصة طويلة عن الكيفية التي تزحلقت فيها ريبيكا على السلم ، وكيف أن داون هو في واشنطن في عمل لن يعود منه قبل ليلة الأحد . وكيف مكثت صديقة لها مع الطفلتين ، بينما ذهبت صديقة أخرى معها إلى المستشفى .
وسألتها اوليفيا : " وأين هو داون الآن ؟ هل عاد إلى البيت ؟ "
أجابت : " إنه لم يعلم بالأمر بعد ، فأنا لم أشأ أن يخبروه ، إذ أن القضية التي سافر لأجلها هي بالغة الأهمية ، وأنا لن أموت على كل حال ، ولا البنتان كذلك يا اوليفيا "
وكانت اوليفيا تعلم بأمر تلك القضية التي إذا نجح داون فيها ، فسيمنح رتبة الزمالة في الحقوق . ولكنه كان يدفع ثمنها غالياً ، إذ كان يعمل ساعات طوال حتى في إجازاته الاسبوعية بعيداً عن منزله .
سألتها : " وكيف حالك الآن ؟ "
أجابت : " إنها تؤلمني بشكل لا أستطيع معه المشي ،كما أن البنتين تحكّان جلديهما بجنون ، ياليتك ترينهما فهما تبدوان وكأنهما خارجتان من فيلم مرعب بعد أن دهنت لهما جلديهما ، الذي كسته البثور ، بمحلول أبيض ملطف . وكلما كان الطفل أكبر سناً كان الإصابة أسوأ ، كما تعرفين . وهما الآن في الثانية عشرة ، إن الحكّة تمنعهما من النوم . وقد أصيبت بيغي بالهستيريا الليلة الماضية ، فاستدعيت الطبيب الذي أعطاهما دواءً منوماً " واهتز صوت ريبيكا وهي تتابع قائلة : " آه ، يا اوليفيا . إنني أكره أن أطلب منك ذلك ، ولكن هل بإمكانك أن تأتي إلينا لقضاء يومين أو نحوذلك تساعديننا فيها ؟ لقد استدعيت أمي ، ولكن ليس بإمكانها أن تحصل على مقعد في طائرة قبل يوم الأحد ، إذ أن الطائرات مزدحمة بمناسبة العيد ، ولا أدري ماذا أفعل غير هذا في غياب داون والسيدة سميث " .
قالت اوليفيا : " آه ، يا ريبيكا . إن بإمكاني طبعاً أن أحضر ، سأحزم حاجياتي وآتي إليك ، وسأكون عندك هذه الليلة " حسناً إن الطرقات مفتوحة والتنبؤات الجوية لا تتحدث عن تساقط ثلوج ، وهرعت اوليفيا إلى غرفة نومها ، وفجأة تجمدت في مكانها لفكرة مفاجئة ، ذلك أن من المفروض أن تهيئ نفسها الآن لحضور حفلة استقبال الوفد الياباني رفيع المستوى بجانب كلينت هذه الليلة ، وقد غاب هذا عن ذهنها تماماً لحظة علمت بمأزق ريبيكا .
فهل يمكنها أن تأخذ حاجياتها وتذهب ، هكذا بكل بساطة ؟
وابتدأ قلبها يخفق ، كلا . لا يمكنها أن تتهرب من ذلك ، إن كلينت يعتمد عليها ، وبعد ساعتين ستكون السيارة الفيراري هنا لأخذها .
وتملكها الذعر . إن عليها أن تعود فتتصل بريبيكا ولكن ، كلا . إنها لا تستطيع أن تتخلى عنها ، فهي وداون هما كل ما لديها من اقرباء ، ودوماً كانا يمدان إليها يد العون . والآن ، هما بحاجة إليها ، وليس بإمكانها التخلي عنهما بينما داون مسافر في عمل ، ريبيكا والبنتان فريستين للمرض والمربية غائبة خارج الولاية وليس ثمة من يمدّ لها يد العون .
وماذا بالنسبة إلى الإتفاقية بينها وبين كلينت ؟
وأمسكت بالهاتف تحاول الإتصال به . ستشرح له الأمر ، ولا بد من أن يتفهم .
ولكن السكرتير أخبرها بأن كلينت يحضر اجتماعاً ولا يريد أي ازعاج .
وتنفست اوليفيا بعمق وهي تقول : " إنها حالة مستعجلة يجب أن أتحدث إليه الآن "
قال : " آه ، انتظري ، إنك محظوظة فهم يخرجون الآن ، لحظة واحدة "
وساد السكون ، وعضت اوليفيا شفتها وقد انتبهت إلى مقدار عصبيتها ، بينما قلبها يخفق بسرعة .
" هنا مورغان " وكان هذا صوت كلينت مختصراً متوتراً فارغ الصبر .
وغصت بريقها وهي تقول : " كلينت ، إنني شديدة الأسف لإزعاجك ، ولكنني في مشكلة ضخمة ولهذا لن أستطيع القدوم هذه الليلة ، إنني .. "
أجاب : " بل تستطيعين ، إن بيننا عقد ، إذا كانت لديك مشكلة .. "
قاطعته قائلة : " نعم ، لديّ ! إنني ... "
قاطعها : " هل أنت مريضة ؟ هل خطفك أحد ؟ "
قالت : " كلا "
قال : " في هذه الحالة ، عليك أن تتدبري الأمر مهما كان نوعه ، قومي باتصالات وتدبيرات مهما تطلب ذلك منك . إنني بحاجة إليك "
وشعرت بقلبها يغوص بين أضلعها . لقد قال لها إنني بحاجة إليك . هذه الكلمات التي كانت تتمنى لو أنه قصد بها شيئاً آخر ، أما ما قصده بها الآن فهذا لم يعجبها . لقد تركت في نفسها مرارة ، وكذلك أثارت ثائرتها .
فتوسلت إليه قائلة : " إستمع إليّ يا كلينت "
ولكن جوابه كان بارداً قاطعاً وهو يقول : " ليس لديّ وقت لقد سبق وناقشنا هذا الأمر . وليس لديّ رغبة في معاودة المناقشة . فتدبري أمرك وسأراك الليلة "
وأقفل الخط .
وألقت هي بالسماعة بعنف . الويل له ولغطرسته .


anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-11-12, 08:58 PM   #10

anona
 
الصورة الرمزية anona

? العضوٌ??? » 150315
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 207
?  نُقآطِيْ » anona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond reputeanona has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس


www.rewity.com
الفصل السادس
قالت اوليفيا بصوت باك وهي تشد بشعرها بائسة : " ماذا بإمكاني أن أفعل ، يا سيليا ؟ "
وعندما سمعت سيليا استتنجاد اوليفيا المذهور هذا ، هرعت إليها دون أن تتكلف عناء تغيير ملابس العمل في المستشفى . حدقت عابسة في فنجان القهوة وكأن الحل كامن في أعماق القهوة السوداء . وقالت تخاطب اوليفيا : " لا يمكنك أن تقولي لاقربائك الوحيدين في هذا العالم ، أسفه عليّ أن اذهب إلى حفلة استقبال " .
قالت اوليفيا : " ولكن ، ماذا بإمكاني أن أفعل ؟ ان بيني وبينه عقد عمل ، وليس باستطاعتنا أن نضحي بذلك المبلغ ، إننا بحاجة إلى المال " .
قطبت سيليا جبينها ، ثم قالت : " ألا تظنين أنه سيتفهم الأمر؟ "
تجهم وجه اوليفيا وهي تجيبها : " لقد اتصلت به فعلاً ، ولكنه رفض الاستماع إليّ ، لقد طلب مني بلهجة قاطعة ، ان اتدبر الأمر ، وهو يتوقع مني تماماً أن أكون في الحفلة هذه الليلة "
قالت سيليا : " ولكن هذا غير معقول ، يا اوليفيا "
أجابت هذه : " أخبرتك بذلك . انه رجل أعمال ، قبل كل شيء " واردفت بمرارة : " الاتفاق هو الاتفاق "
سألتها : " وهل اخبرته بسبب عدم تمكنك من الذهاب إلى الحفلة ؟ "
أجابت اوليفيا : " إنه لم يتح لي الفرصة لكي أشرح له السبب "
حملقت في سيليا وقلبها يخفق بأمل مفاجيء ، وهي تقول : " إذهبي انت معه يا سيليا "
فاتسعت عينا سيليا قائلة : " إنك لا شك تمزحين ، لا يمكنني القيام بذلك "
قالت اوليفيا : " ولم لا ؟ ان ما يمكنني القيام به ، يمكنك أنت أيضا فعله "
قفزت سيليا واقفه وهي تلوّح بيديها قائلة : " ليس لدي ما أرتديه "
قفزت اوليفيا بدورها وهي تقول : " يمكنك ارتداء الثوب الذي اشتريناه لهذه المناسبة . الثوب الأزرق الذي أعجبك كثيراً . حتى انك جربته على جسدك هيا " وجرت سيليا إلى غرفة نومها ، وفتحت الخزانة لتخرج الثوب الأزرق بعنابة ثم تضعه على السرير ، وكانت قد اخرجته من كيسه الواقي في الليلة الماضية وجهزت كل شيء تحتاجه . الحذاء ، الحلي ، الشال . ثم نظرت إلى سيليا وهي تقول متوسلة : " ارجوك " ولكن سيليا هزت رأسها قائلة : " ولكنني لا أعرف الرجل ، كما انه لا يعرفني "
أجابت : " لقد سبق وقابلته ، ثم إن هذا لا يهم ، فهو مجرد عمل "
ازدردت سيليا ريقها ، وقد بدا التردد في عينيها ، وقالت : " وماذا سيقول كلينت ؟ "
أجابت : " لا أظنه سيهتم مادام سيجد امرأة مناسبة بجانبه . إياك أن تدعي الأمر يجرح شعورك ، فنحن لا نقوم بهذا العمل لأجل الحب أو الأنانية . إنما نقوم به لأجل الحصول على المال "
عادت اوليفيا تقول : " سأتصل به هاتفياً الآن . أرجوك قولي نعم . ليس هذا لأجلي ، بل لأجل مؤسسة ميرسي فكري في ما سيفيدنا به ذلك المال ، ارجوك يا سيليا "
وأخيراً لم يكن أمام سيليا سوى الاذعان وهي تنظر إلى الثوب الأزرق متشوقة .
اتصلت اوليفيا بمكتب كلينت ، ولكنهم اخبروها بأنه غير موجود وأنه غير عائد إلى المكتب ، ماكان له عليها وقع الصاعقة .
قالت بتبلد وهي تنظر في ساعتها : " إنني لم أجده ، والسيارة ستكون هنا في السابعة "
سألتها : " هل سيكون هو فيها ؟ "
أجابت : " ربما لا فالعادة أن يأتي آلان السائق بمفرده ليأخذني إلى كلينت . إنما ليس اليوم لحسن الحظ ، إذ عليّ أن أستعد في منزلي لتأخذني السيارة إلى الحفلة رأساً " .
وأدارت اوليفيا رقم هاتف الفيراري ليرد عليها صوت آلان .
قالت : " آلان إنني اوليفيا ، أنني أريد أن أترك خبراً مستعجلاً للسيد مورغان ، ولكنني لم استطع العثور عليه هذه اللحظة ، هل ستراه قبل أن تأتي إلى هنا؟ "
أجاب السائق : " نعم . سأراه . اتريدنني أن أخبره بنفسي بما تريديدن؟ "
أجابت : " نعم . اخبره انني سأتصل به على هذا الخط . أي وقت سيناسبه ؟ "
أجاب : " حوالي الخامسة والربع "
قالت : " شكراً لك " وألقت السماعة من يدها . وبعد ذلك بعشر دقائق كانت قد جمعت حاجياتها وجلست في سيارتها . وحاولت الاسترخاء وراء المقود ، ليس ثمة ما يمكنها عمله الآن قبل الخامسة والربع وهو موعد اتصالها بكلينت .
واستمرت تنظر في ساعتها لترى الوقت ، وفي الخامسة والدقيقة الثالثة عشرة ، لمحت كشك هاتف عام ، فأوقفت سيارتها بجانب الطريق .
وأدارت الرقم بأصابع ترتجف ، ليلتقط كلينت السماعة من الجانب الآخر .
والتقطت نفساً عميقاً وهي تستند إلى جدار الكشك الزجاجي وهي تقول : " كلينت ، إنني اوليفيا ، لقد تدبرت الأمر "
قال : " هذا حسن ، وما كل تلك الضجة التي أسمعها ؟ "
أجابت : " إنها حركة السير ، انها شاحنة مرت من هنا ، فأنا أتحدث إليك من محطة غاز ، انني في طريقي إلى فيلادلفيا و ... "
وجاءها صوته بارداً قاطعاً عبر المسافة : " اعتقد أن المفروض أن تكوني معي هذه الليلة "
قالت : " أعلم . أعلم . ولكنني وجدت لك امرأة أخرى ، ان صديقتي سيليا ستأخذ .. "
قال بعنف : " وجدت ماذا ؟ "
فتشبثت بالسماعة بشدة محاولة التمسك بالهدوء ، وهي تجيبه قائلة : " ان سيليا ستكون معك ، وهي قادرة على ابقاء النسور الطامحة في أوكارها ، إن نظراتها يمكن أن تكون قاتلة " وكادت تضحك وهي تتذكر كيف تركت صديقتها والعصبية والخوف يكادان يقتلانها . وتابعت تقول : " انها في منزلي تستعد للذهاب ليس ثمة مشكلة صدقني "
قال ببرود : " ليس هذا هو الاتفاق الذي عقدناه " وشعرت برجفة في جسدها وهي تجيبه :" اعرف . اعرف انني اسفة جدا ولكن عليّ أن أذهب لأساعد ريبيكا وانتيها . انهن بحاجة إليّ ، وليس لديّ خيار . وقد تعبت في اقناع سيليا لكي تقبل بأن تحل مكاني "
قال لها بصوت بدا التهكم في نبراته : " وهل هذا صحيح ؟ "
أجابت : " نعم ، أوه ، أرجوك أن لا تسيء الظن . لا تقلق لذلك . فهي فتاة رائعة ، وقد سبق لك اللقاء بها . أتذكر ؟ إنها شقراء جميلة ... "
قاطعها قائلاً : " اعفيني من سماع التفاصيل . فهذا لن يفيد ، يا اوليفيا انني اريدك أنت ، فهذا ما تنص عليه الاتفاقية التي بيننا "
أجابت : " انني آسفة لأن هذا ليس بإمكاني ، لقد طلبت مني أن أتدبر الأمر ، ففعلت ، لقد حاولت بذل جهدي "
لوت شفتيها للسماعة ، ثم أدارت رقم هاتفها هي ، ردت سيليا عليها ، فقالت بسرعة : " انني انا اوليفيا ، يا سيليا لقد تحدثت إلى كلينت لتوي وهو يعلم الآن بالأمر . كيف حالك ؟"
أجابت : " لقد انتهيت لتوي من أخذ الحمام . وأمي ستصل بعد دقائق ، وهي تظن أن هذه فرصة رائعة " وبدا من لهجة سيليا وكأنها تشك في عقلانية أمها .
قالت اوليفيا : " قد تكون فرصة العمر ، من يعلم ؟ ربما ستقابلين زوج المستقبل هذه الليلة والذي سيكون رجلاً ثرياً . علي أن اذهب الآن إلى اللقاء ، اتمنى لك حظاً سعيداً "
وعندما وصلت ، وجدت بيت عمها في حاله تعيسة يرثى لها . وفتحت لها الباب إحدى الفتاتين وقد بدت كشبح في كابوس ملطخ بالطباشير . بينما ظهرت الفتاة الآخرى على قمة السلم لتنخرط في البكاء . ولم تستطع اوليفيا تمييز احداهما عن الآخرى بعد أن لطخ الدواء الوجه منهما والذراعين . وكانت أمهما مستلقية على الأريكة بعينين جامدتين ، وهي تقول باكية : " لا أدري ماذا يوجد في هذا الدواء . فأنا أرى خيالات على امتداد الجدران . ما الذي اعطوني إياه ، يا اوليفيا ؟ "
نظرت اوليفيا إليهن هن الثلاث وقد نطقت ملامحهن بالأمل والارتياح لرؤيتها بينهن . كانت فكرتها في القدوم إليهن ، صائبة تماماً . وبهذا نبذت صورة كلينت من ذهنها بكل عزم ، حسناً ، لقد حاولت ذلك على كل حال .

جاءت سيليا لرؤيتهن صباح السبت لتسأل : " كيف حال الجميع ؟ "
وكان الجواب : " بأتعس حال، إنما في تحسن "
فقد كانت الليلة الماضية عبارة عن محنة . إذ استيقظت الفتاتان عدة مرات في الليل ، وقد جن جنونهما من جراء اللهفة إلى الحك . بينما تورمت جفون اوليفيا من قلة النوم وتابعت : " وماذا عنك أنت ؟ "
ضحكت سيليا قائلة : " لقد كانت تجربة تثقيفية "
كانت الأمطار تصفع نوافذ السيارة بقوة عطلت معها مساحة المطر . وكان جسدها يرتجف وهو ينحني فوق عجلة القيادة ، كانت تحملق في جدار الأمطار الذي أمامها محاولة أن لا تفقد آثار الطريق أمامها . وكانت تتبع الضوء الخلفي الأحمر للسيارة التي أمامها ، وهي تدعو أن يتمكن سائق تلك السيارة من رؤية طريقة جيداً .
كان اليوم هو الأحد ، وكانت والدة ريبيكا قد وصلت قبيل الظهر ، فخرجت بعد ذلك اوليفيا في أقرب وقت تستطيعه ، راجية أن تكون العاصفة التي انذرت بها النشرة الجوية قد مكثت غرباً فلا تضرب المنطقة هنا قبل أن تصل إلى قريتها فريندلي بسلام . ولكن هذا لم يحدث .
بعد فترة ، قل هطول المطر نوعاً ما فأمكنها أن ترى الخراب الذي سببه الريح والماء حولها . سيارات خارجة عن الطريق . أشجار اقتلعت من جذورها ، وأمامها تحت السماء الضبابية اللون ، امتد الطريق إلى مالا نهاية . وكانت الرياح تدفع سيارتها الصغيرة بوحشية ، ولكن لم يكن هناك مكان تقف فيه ، ما اضطرها إلى متابعة السير .
امتد الطريق ، وامتدت الساعات معه ، فتوترت اعصابها ، أما كيف وصلت إلى بيتها ، فهذا ما لم تكن تعرفه ، فقد تبلدت أحاسيسها بفعل الإرهاق ، إلى درجة لم تستطع أن تتحمل فيها عناء اخراج حقيبتها الليلية من السيارة ، فتركتها فيها . كان كل ما تريده ، هو أن تدخل بيتها لتشعر بالأمان والدفء يحيطان بها . وزال التوتر منها في النهاية . ووقفت في غرفة الجلوس وهي ترتجف من ردة الفعل .
وأشعلت نيران المدفأة بيدين مرتجفتين ، ثم دخلت المطبخ حيث صنعت لنفسها كوباً من الكاكاو ، وجلست على الأريكة الجلدية ممدة قدميها ، وأخذت ترتشفه شاعرة بالدفء يهديء من اعصابها . ونظرت إلى الساعة تستجمع أفكارها بسرعة ، ثم جذبت عليها غطاء لتغمض بعد ذلك عينيها . ان ساعة ترتاح فيها ، تساعدها على استرداد قواها ، وسرعان ما استغرقت في نوم آمن عميق وقد هد الإرهاق جسدها .

كان ثمة وجه يلقي بنظراته عليها ، كان وجهاً مألوفاً شعر قاتم ، عينان قاتمتان . كلينت ، وللحظة ظنت أنها ما زالت تحلم ، وحاولت أن تتحرك ولكن التعب كان يثقل أطرافها ، فبقيت مستلقية حيث هي ، رافعة بصرها تحدق فيه بذهن مشوش .
قال : " لقد كنت نائمة " وكان واقفاً قرب الأريكة مشرفاً عليها وهو يقول : " كنت واقفاً هناك أنظر إليك "
كان ذهنها مشتتاً ضائعاً , وكل الجمل التي كانت أعدتها وتمرنت عليها طيلة اليومين الماضيين ، لكي تقولها له ضاعت كلها وتلاشت من ذهنها ، ورفعت شعرها عن عينيها وهي تحاول جاهدة أن تجلس ، ثم سألته بصوت أبح متردد : " لماذا أنت هنا ؟ " آه ما هذا ؟ هل غلبها النوم ؟ فقال يذكرها : " لأننا خارجان إلى حفلة عشاء هذه الليلة "
قالت : " أعلم . أعلم . .. لقد كنت موشكة على أن أتهياً لذلك " وألقت نظرة على ساعة الجدار ، كانت قد تجاوزت السادسة بقليل . وتأوهت قائلة : " آه كلا ، إني آسفة " ذلك انها رقدت أكثر من ساعتين ، وتابعت تقول : " سأكون جاهزة بسرعة " وحاولت أن تقف ، ولكنه منعها وهو يسألها : " ما الذي يجري هنا ؟ "
أجابت وقد غصت بريقها : " لا شيء . لقد استغرقت في النوم دون شعور مني وهذا كل شيء " وشعرت بأنها تتحفز للدفاع . إذ لم تكن قد توقعت أن مناقشتها ستسلك هذا السبيل ، وهي شبه غائبة عن الوعي ، وشعرها منتشر في كل ناحية ، فهذا المنظر غير مناسب . وإذا ارادت أن تحظى برضى كلينت ، فليس بهذه الطريقة . لقد كان المفروض أن تبدو متألقة رائعة ومستعدة لسهرة أخرى ، ولكنها بدلاً من ذلك ، بدت ميتة أكثر منها حية .
قال : " كان باب بيتك الخلفي مفتوحاً ، وكان يمكن لأي كان أن يدخل دون أن يراه أحد "
إذن فهذه هي الطريقة التي دخل بها إلى المنزل . وإن لم يخطر ببالها أن تتساءل عن هذا الأمر . وسألته : " لماذا لم تقرع الجرس ؟ "
أجاب : " لقد فعلت ، ولكنك لم تجيبي ، كذلك قرعت الباب دون جواب "
قالت : "انني لم اسمع الجرس " إذن ، فقد كانت من الاستغراق في النوم بحيث كان يمكن أن ترقد حتى الصباح على هذه الأريكة . وعليها الآن أن تنهض وتستعد للخروج . وتخللت شعرها بأصابعها وهي تقول : " سأذهب لأغتسل "
قال باقتضاب : " انسي الأمر "
قالت :" لقد تأخر بنا الوقت "
قال وهو يبتعد عنها : " انسى العشاء "
أخذت تنظر إلى ظهره ، وفجأة شعرت ببرد شديد . إذن ، لقد افسدت هي كل شيء . ولكن ما سبب مجيئه إلى هنا؟ وفركت وجهها عاجزة عن التفكير . لم تستطع أن تفهم شيئاً . وسرى في نفسها خوف هائل .
خرج كلينت من الباب الأمامي . لا شك أنه رحل ، فقد كان في منتهى الغضب لما فعلت .
ولكنه عاد بعد لحظات يحمل إناء القهوة من السيارة الفيراري . فتناول فنجانين من المطبخ ثم سكب فنجاناً لك منهما .
قال : " هذا سيجعلك تشعرين بالتحسن "
قالت وهي تتناول منه الفنجان بلهفة : " شكراً لك "
سألته : " ماذا بالنسبة إلى العشاء ؟ هل أنا مطرودة ؟ "
فرفع حاجبيه بدهشة وهو يقول : " انني لم اطردك ، كما أننا لن نذهب إلى حفلة العشاء . لقد جئت لأعتذر عن هاتف السيارة "
قالت : " إنني آسفة ، فالذنب ذنبي . إنني آسفة بالنسبة إلى ليلة الجمعة . ولكن لم يكن أمامي أي خيار " ولكن لماذا هي تعتذر ؟ فقد قامت بما يجب عليها فعله . وما كان لها أن تقوم بسوى ذلك . وقد حاولت أن تعود لأجل عشاء الليلة ، وذلك في الوقت المناسب ، فكادت تلك المحاولة أن تسبب لها الموت على الطرقات . فلماذا تشعر فجأة وكأنها موشكة على البكاء ؟
قال لها وهو يشرب قهوته : " اشربي قهوتك ، وكفى اعتذاراً "
استقامت في جلستها وهي تنظر إليه مباشرة قائلة : " يمكنك أن تخبرني الآن وينتهي الأمر "
سألها : " اخبرك بماذا؟ "
أجابت : " بما جئت لتخبرني به ، وما هو وضعي الآن ، وما ذا تتوقع مني ، وماذا تريد . عندما اتصلت بك ليلة الجمعة الماضية ، لم تكن راضياً قط من الطريقة التي عالجت فيها مشكلتي , وكانت تلك أفضل طريقة استطعتها ، فإذا .. "
قاطعها قائلاً : " شيء وحيد لم أتوقعه منك وهو أن تعودي بسيارتك إلى منزلك أثناء تلك العاصفة الخطيرة " . وكان يتكلم بصوت حاد ، واضعاً يديه في جيبيه .
فردت عليه بحدة هي أيضاً ما جعل جو الغرفة يسوده التوتر : " أحقاً ؟ كنت أظن أن امورك هي أهم من أي شيء آخر . إذ حسب اعتبارك ، رغباتك هي في المقدمة , وقد أبديت ذلك بجلاء يوم الجمعة الماضية . فأنا لست غبية ، يا كلينت إنني ... " وسكتت وهي تصرف بأسنانها تغالب بذلك دموعها . ويحها إذا كانت ستبكي أمامه .
قال عابساً : ولكنك لم تخبريني ما هي مشكلتك "
أجابت : " آه ، طبعاً ، لم أخبرك ، وهل كنت ستهتم لو انني كنت فعلت ؟ إذ ، ما دمت لم أكن مريضة ولا مخطوفة ، فأنت لم تشأ أن تستمع إلى أي عذر آخر .. بل طلبت مني أن أتدبر الأمر حسبت اجتهادي .. حسناً ، ها إنني فعلت ، وتدبرت أمري إلى حد التعرض لتلك العاصفة الممطرة! فإياك أن تقول انك لم تكن تتوقع مني أن أفعل ذلك " . وتنفست بعمق وهي ترتجف ثم استطردت تقول : " ثم دعني أكون واضحة تماماً وهو انني لم اسابق العاصفة في طريقي إلى هنا لأنني أهتم لمناسباتك الاجتماعية السخيفة ، أو لأدخل السرور إلى نفسك ، أو لأي شيء آخر " . وسكتت برهة عادت بعدها تقول : " وإنما فعلت ذلك لأجل المال "
قال بهدوء : " طبعاً . الآن ، اشربي قهوتك "
وتملكتها رغبة قوية في أن تقذف بالقهوة في وجهه ، ولكنها بدلاً من ذلك ، تملكها الرعب وهي ترى نفسها تشهق باكية ودموعها تنهمر على وجنتيها . لقد دمر الغضب ، وقلة النوم ، وعودتها إلى بيتها بذلك الشكل المخيف ، كل هذا دمر تمالكها لنفسها ، وشهقت قائلة بعد أن تسبب ارتجاف يدها في انسكاب القهوة على الأرض : " تباً لهذا "
" اوليفيا "
جلس على الأريكة ليقول : " أنا آسف ، لم أكن أريدك أن تبكي ، إنني وغد أناني حقاً "
ولكن بكاءها ازداد ، لقد شعرت بشيء يتحطم في داخلها لم تتمكن معه من التوقف ، وقالت من بين دموعها : " إنني ... لا أبكي .. أبداً " وانفجرت شهقاتها بعنف .
ناولة علبة مناديل الورق . وبعد أن جففت وجهها وتوقفت دموعها شعرت بغضبها يتلاشى وانتبهت إلى أحاسيس آخرى سببت لها المزيد من الهلع . ما الذي حدث لها وهي التي كانت منذ دقائق تطلب منه ، غاضبة أن يذهب ويدعها وشأنها ؟ وما هذه المشاعر المجنونة التي تحركت في أعماقها ؟
وفجـأة ، قال وهو يستند إلى الوسادة خلفة : " هل تشعرين بتحسن الآن ؟ "
أومأت برأسها وقد ساورها شعور بالبرودة ، خائفة من أن تنظر في عينيه ، وازدردت ريقها وهي تحاول تمالك نفسها قبل أن تقول : " إنني أحسن الآن " وما لبثت أن رفعت وجهها تنظر إلى وجهه ، ولكنها لم تلمح على قسماته أي تعبير . لا ابتسامة ، ولا أثراً من عاطفة ، وكأن لحظات الحنان تلك التي مرت بهما قد اختفت في مكان غير مرئي .
ووقفت ، محاولة أن تستعيد مشاعرها وهي تقول : " إنني آسفة للضعف الذي بدا مني . وهذا ليس من عادتي . والآن ، أرجو المعذرة عليّ أن أصلح من شكلي "
ذهبت إلى غرفتها وأصلحت من زينتها ، ثم ارتدت ثوباً شرقيا فضفاضاً متعدد الألوان ، يزينه تطريز كثير حول العنق ، ومشطت شعرها ، تاركة إياه منسدلاً حول كتفيها . وتفحصت وجهها بدقة في المرآة لترى البريق قد عاد إلى عينيها واللون إلى وجنتيها . واغمضت عينيها وتنهدت ، ثم تساءلت ، ما الذي جرى لي ؟
وعادت إلى غرفة الجلوس لترى كلينت يجلس واجماً أمام التلفزيون ، وسألته ببساطة ، وقد قررت أن تبدو متمالكة لنفسها : " هل الأخبار سيئة ؟ "
هز كتفيه وهو يقفل التلفزيون قائلاً : " إن الإهمال وعدم الكفاءة لا ينفكان عن بعث الدهشة إلى نفسي اجلسي واخبريني كيف حال أقربائك المرضى ؟ "
حدقت فيه بدهشة ، فقال : " لقد أخبرتني سيليا بذلك ، يبدو أنها كانت تظنني طاغية كبيراً "
وأرادت أن تقول له إنه تصرف فعلاً بهذا الشكل ، ولكنها ابتلعت كلماتها ، وجلست وهي تقول : " ما زال أقربائي مرضى جميعهم ، ولكنهم أفضل حالاً . وقد وصلت والدة ريبيكا هذا الصباح فاستطعت أن أتركهن "
سألها : " هل أنت جائعة ؟ "
فقطبت جبينها قائلة : " اظنني كذلك ، فانا لم أتناول طعام الغداء "
فوقف قائلاً : "سأرسل آلان ليشتري لنا شيئاً "
قالت : " ليس عليك ذلك ، سأصنع لنفسي سندويشاً "
فقال : " أعلم ان ليس عليّ هذا . ولكنني سأقوم به على كل حال "
ومشى نحو الباب وهو يسألها : " أتفضلين نوعاً خاصاً للعشاء ؟ "
هزت رأسها قائلة : " كلا "
وخرج كلينت ليلقي بأوامره إلى السائق ، بينما أخذت اوليفيا تسوي نيران المدفأة .
قال لها وهو يعود إلى الغرفة : " إنه ثوب جميل "
أجابت : " نعم لقد أحضره لي أحد أصدقائي بعد أن عاد من رحلة عمل في الخارج "
ورن جرس الهاتف ، فقفزت إليه ، وكان المتكلم هو جون أحد اصدقائها منذ عهد الدراسة ، وقد اتصل ليخبرها أنه تلقى ترقية في عمله يوم الجمعه الماضية ، وقد حاول طيلة عطلة الأسبوع ، أن يتصل بها ، فلم يجدها .
أجابت : " لقد كنت خارج المدينة ، يا جون . هذا رائع مبروك "
قال : " إنني أقيم سهرة هذه الليلة احتفالاً بالمناسبة . هل يمكنك الحضور ؟ "
أجابت : " إنني آسفة حقاً . لا يمكنني ذلك . اسمع سأصنع لك عشاء يوماً ما "
قال : " كلا ، كلا ، أنا سأدعوك إلى العشاء خارجاً للاحتفال بذلك . لقد اصبحت ثرياً الآن . وسأخذك إلى مكان راقٍ ، لكي أتمكن من التأثير عليك بشدة "
عضت اوليفيا شفتها مغالبة الضحك وهي تفكر في صعوبة التأثير عليها بعد الأمكنة التي زارتها مؤخراً ، ولكنها ردت عليه قائلة : " وأنا في الأنتظار "
عاد يقول : " وربما عدت أطلب منك الزواج مني ، إذ قد تعيدين النظر بعد أن زاد دخلي "
أجابت : " لا تعتمد على ذلك ، ولكنني سأقبل دعوة العشاء "
قال : " قد تكون هذه آخر مرة أطلب منك فيها الزواج ، يا اوليفيا . فالأفضل أن تعرفي ما تصنعين . إذ سيكون لدي أطنان من الاموال "
قالت : " تهنئتي لك مرة أخرى ، هيا متع نفسك " ووضعت السماعة وهي مازالت تبتسم .
قال كلينت وهو يتفرس في وجهها : " هل هذا هو الصديق الذي احضر لك هذا الثوب ، أم هو صديق آخر ؟ "
أجابت : " جون ؟ آه ، كلا . إنه شخص آخر . لقد كنا نمثل معاً في تمثيليات المدرسة العليا . وهو يطلب مني الزواج مرة في السنة على الأقل وقد اتصل بي الآن بعد أن نال ترقية في عمله . ولهذا فكر في أن يجرب ذلك مرة أخرى "
سألها : " ولماذا لا تتزوجينه ؟ "
هزت كتفيها وهي تجيب ببساطة : " إن فكرة شاعرية تسيطر عليّ ، وهي أن لا اتزوج إلا رجلاً أحبه "
ورن جرس الباب ، فوقف كلينت قائلاً : " إنه آلان "
كانت قد توقعت عشاء سريعاً .. همبرغر .. طعاماً صينياً ، بيتزا ، ولكن ليس هذه الوليمة الدسمة التي احضرها آلان ، مصحوبة بغطاء للمائدة وأطباق وبقية أدوات المائدة .
وأزاح آلان المهارات المتعددة ، عدة القهوة عن المنضدة وغيرها من كتب وأشياء مختلفة ، ثم بسط الغطاء الأبيض عليها ومن ثم نظم عليها الأطباق .
قالت : " شكراً لك يا آلان "
فحنى رأسه بتهذيب بالغ ، ثم استدار خارجاً من المنزل . جلست اوليفيا على كرسي وأبتدأت تتفرس في ذلك الطعام الشهي ، ثم قالت : " لقد كنت اتوقع بيتزا أو ما أشبه ذلك . ما أشد غبائي "
رفع كلينت حاجبيه قائلاً : " ولماذا يشتري المرء بيتزا بينما بإمكانه أن يشتري هذا ؟ "
نعم لماذا ؟ وقالت : " إنه يبدو لذيذاً جداً " ولقد استمتعت به حقاً . سألته : " ما هو رأيك في سيليا ؟"
أجاب بلطف : " انها صديقة وفيه لك "
قالت : " نعم . انها لكذلك . اننا صديقتان منذ كنا في الحضانة . واسرتها تحبني جداً ، ودوماً يقولون لي إنني كأبنتهم تماماً "
فيما بعد ، جلسا يحتسيان القهوة فقالت له : " إنني اسفه لتسببي في عدم ذهابك إلى تلك الحفلة "
أجاب : " حسناً ، لقد استمتعت بوجودي هنا " . وألقى نظرة علي ساعته ، ثم وقف قائلاً : " من الأفضل أن اذهب "
وقفت هي أيضاً ، ثم قالت : " سأراك إذن ، الثلاثاء القادم "
أجاب : " وهو كذلك " ومد يده يصافحها . ثم قال برقة : " ليلة سعيدة ، يا اوليفيا " ثم استدار خارجاً من البيت دون أية كلمة أخرى .



anona غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.