آخر 10 مشاركات
✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          ندبات الشيطان- قلوب شرقية(102)-للكاتبة::سارة عاصم*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : *سارة عاصم* - )           »          17- غدا يعود الماضي - فيوليت وينسبير (الكاتـب : فرح - )           »          بين قلبين (24) للكاتبة المميزة: ضي الشمس *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          309- من يحب.. يخسر! - كيم لورنس - (تصوير جديد) (الكاتـب : Gege86 - )           »          زهرة النار -قلوب أحلام زائرة- لدرة القلم: زهرة سوداء (سوسن رضوان) *كاملة* (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-08, 02:32 PM   #1

اسيرة الماضى

نجم روايتي وناقدة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

 
الصورة الرمزية اسيرة الماضى

? العضوٌ??? » 5714
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,703
?  نُقآطِيْ » اسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond repute
Elk 241-البحيرة السوداء - شارلوت لامب ( كتابة / كاملة)



هذه الرواية للكاتبة المميزة - شارلوت لامب -

لتمنى من الجميع ابداء رايه

الملخص:
" كنت اللعبة التي تسليت بها، أليس كذلك ؟لقد تجاهلت كل احتجاجاتي. واستغليتني بإحدى ألاعبيبك الصبيانية، ولكن يمكن لشخصين أن يشتركا في اللعبة...والآن حان دورك لتكون لعبتي! "
دنزل بلاك مصاص دماء عاشق ينتقل من امرأة هددها اليأس الى أخرى أسيرة الحزن...وهو الان يتربص بأخت كلير، أم تراه يسعى الى كلير نفسها؟ ولكن كلير صممت هذه المرة على أن الاوان قد حان ليدرك هذا الرجل شعور من يقع ضحية للحب.

روابط الرواية ككتاب
وورد
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

pdf
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

txt
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 29-09-14 الساعة 11:27 PM
اسيرة الماضى غير متواجد حالياً  
التوقيع
سكرنا ولم نشرب من الخمر جرعة
ولكن احاديث الغرام هي الخمر
فشارب الخمر يصحوا بعد سكره
وشارب الحب طول العمر سكران




اشعر اننى انفاس تحتضر....بين رحيل قادم... ورحيل ماضى.....متعبا كل ما فينى
رد مع اقتباس
قديم 09-09-08, 02:39 PM   #2

اسيرة الماضى

نجم روايتي وناقدة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

 
الصورة الرمزية اسيرة الماضى

? العضوٌ??? » 5714
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,703
?  نُقآطِيْ » اسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الاول


1- غريب في البحيرة السوداء

التقت كلير دنزل بلاك في اليوم الاول الذي وصل فيه الى البلده كان الفصل خريفا والاوراق على الاشجار قد اتخذت لونا زيتيا تارة وقرمزيا او خمريا تارة اخرى فيما السماء انصبغت بلون ارجواني عميق مائل الى الزرقة والجو انذر بعاصفة توشك ان تهب من الغرب.
كانت الرياح تؤرجح نافذة الوكالة فتصدر جليبة عظيمة بينما لاتومض الا لتخبو مجددا تهجم وجه كلير وغمر القلق عينيها الزرقاوين وراحت ترجو الاينقطع التيار الكهربائي فجأة كعادته في مثل هذا الجو العاضف على أي حال من الافضل ان تعود الى منزلها لاسيما وان موعد الاقفال قد حان نهضت عن مكتبها وشرعت ترتدي معطفها وهي تبعد خصصلات شعرها الشقراء عن رقبتها.
وفجأه انفتح باب المحل تاركا للريح حرية ان تتوغل في المكنب ففكرت كلير للحظة قبل ان ان تقول معتذرة بتهذيب :"انا اسفة ولكن الوكالة اقفلت ابوابها منذ برهة .الا تستطيع العودة غدا؟".
ولما كانت قد اطفأت الانوار الرئيسية لم تستطيع ان تتبين جيدا الرجل الواقف في المدخل. لكن، وفي الظلام الخفيف الذي سيطر على المكان ، لاحظت انه طويل القامة اسود الشعر ،ويرتدي معطفا طويلا قاتما تتلاعب الريح بأطرافه وسمعته يقول بصوت عميق:
- قرأت لوحة الاعلانات خارج المنزل الذي يقع في اعلى "هانتز هيل"...
اعني ذلك البيت الواسع الفيكتوري الطراز الذي يتفرع عن الطريق.فهل مازال معروضا للبيع؟
تمتمت كلير ببطء ،وهي تحاول ان ــبين ملامحه في الظلال :" البحيرة السوداء"
لكنها لم تر الا وميض عينيه اللتين واظبتا على التحديق فيها.
وسرعان ماأجابت ،وهي تخنق قشعريرة غريبة سرت في جسمها :"نعمم ،مازال للبيع"
ولم تجد سببا لهذا البرد الذي اجتاحها الا الريح .وعادت وركزت تفكيرها على المنزل القديم الواقع عند طرف البلدة .لقد مضى زمن طويل على عرضه للبيع ولم يلق مشتريا بعد ، ولعل ذثلك يعود الى ضخامته التي لا تناسب أي عائلة عادية. يمكن ان يحوله احد المهتمين الى فندق صغير أو مستوصف ،ولكن حالته من السوء مايستوجب اصلاحات مهمه ،قبل ان يصبح جاهزا للسكن .وها قد مرت سنتان ومازال اسم البيت مدونا في سجلات الوكالة ولاشك ان والدها سيسر اشد السرور حين يعلم انها استطاعت اخيرا ان تبيعه أو حتى أن تؤجره.
ومالبث الغريب ان سألها:"أتستطعين أن تأخذيني في جولة في المكان؟"
-نعم، بالطبع، ما رأيك في صباح الغد ؟ فلنقل في الساعه الحادية عشرة ..
ثم اخرجت من درج مكتبها مذكرة وقلما بلا مبالاة, أخفت بها حماسها الشديد لإنجاز هذه الصفقه .ولم يكن ذلك بعسير على شقراء باردة مثلها ، لاسيما وأن عينيها تسبحان في بحر ازرق شاحب شديد الفتور.
لكن الرجل المتشح بالسواد اجابها :"سأكون مشغولا طيلة نهار الغد فما رأيك أن تذهب الان؟"
وإذا بناقوس الخطر يقرع في عقل كلير ، فما كان منها الا أن ردت بأدب يفتقر الى الود :"أنا اسفة ،هذا ليس ممكناً"
فلطالما ردد والدها على مسامعها ان مرافقة ركل غريب الى منزل فارغ محفوف بالمخاطر .ولهذا حرص دائما على إرسشال شخص معها في هذه المناسبات ومنذ تقاعد صار اخوها روبن يرافقها.
وروبن تلميذ في التاسعة عشرة من عمره يتابع دروسا في ادارة الاعمال في ا لمعهد التقني المحلي لكنه ضخم الجثة قوي العضلات فهو يمارس رياضة الركبي في المعهد ولطالما شعرت معه كلير بالامان
- ماذا تعنين انه ليس ممكنا؟
كان سؤاله مقتضبا على نحو فظ جمد أوصالها ولكنها ردت :"يبدأ العمل هنا من التاسعه وحتى الخامسة والنصف ياسيد.."
فقال بذلك الصوت العميق والغامض:"بلاك.. دنزل بلاك..هل المدير موجود؟"
- انا المديرة.
ولما شعرت بانه لايصدقها اضافت:"وهذه وكالتي"
- لكن اللوحة على الباب تقول ان جورج سامر يدير هذه الوكالة.
- هو والدي لكنه تقاعد الان تاركا لي ادارة الوكالة
- فهمت
واحست به يحدق فيها فيما عيناه تتألقان في هذا الظلام الباهت
- حسنا يا آنسة سامر ..ان انك متزوجة؟
ترددت لبرهة وشعرت أنها لاتريد ان تفصح له عن اسمها بطريقة العناد غير مألوفة لديها ولا منطقية لكن شيئا ما فيه بدأ يزعجها ورغبت فجأة بالتخلص منه باسرع مايمكن فأجابت باختصار :"أنا كلير سامر:
- اذا لست متزوجة؟
فهتفت بنبرة تكاد تكون حادة :"لا !اسمع انا اسفة ياسيد بلاك. ولكن لا وقت لدي حقا لاريك البيت الليلة"
فبادل حدتها بحدة اشد:" انسه سامر ،إما انك تريدين بيع" البحيرة السوداء" وإما لا.ففي الغد
سأسافر الى الخارج لاشهر عدة ،ولهذا لا أستطيع ان ارى المنزل إلا الليلة .فاختاري إما ان تصحبيني
اليه حالا واما انسي المسألة برمتها"
ترددت وهي تعض على شفتها السفلى .لاشك ان اباها وأخاها غير موجودين في المنزل الان، فقد ذهبا
لمشاهدة مباراة في الركبي في البلدة المجاورة ولن يعودا قبل ساعتين .صحيح ان بامكانها ان تطلب من
لوسي
ان تلاقيها في "البحيرة السوداء" فلا بد انها عادت من عملها في هذا الوقت ،فهي تعلم في المدرسة الابتدائية المحلية وتعود الى المنزل عند الخامسة مساءً.
ومالبث دنزل بلاك ان اعلن وقد عيل صبره :
"هيا قرري فمحاميتي هيلين شيرارد تنتظر في السيارة وأظن انك تعرفينها "
.لقد أردتها ان ترى المنزل ايضا لكن لا انوي ان اجعلها تنتظرني مدة اطول "
وهنا اطلقت كلير تنهيدة حفيفة عبرت عن ارتياحها :
" هيلين! نعم اعرفها طبعا حسنا سيد بلاك سأصطحبك الى "البحيرة السوداء"
الان لكن لدي موعدا اخر عند السابعه ولا استطيع ان اتاخر اكثر لذا سنقوم بجولة سريعه"
ثم التفتت الى خزانه الملفات وراحت أناملها تبحث عن ملف " البحيرة السوداء " وما ان وجدته حتى اخرجت مجموعه من المفاتيح من صندوق مقفل مثبت في الجدار وأقفلت الخزانه والصندوق مجددا . وقبل ان تغادر المكان اختلست النظر الى المرآه التي تزين الحائط
فيما زررت معطفها الشتائي الاحمر القاتم الذي امتد الى منتصف ساقيها.
في ذلك الوقت كان دنزل يراقبها فقال بتشدق:
" معطفك يكاد يكون فيكتوري الطراز .. وهو يناسبك ".
ولما سمعت هذا المديح التهكمي رمقته بنظرة جافة قائلة :
" شكرا ً"
اذاً يظن هذا الغريب انها قديمة الطراز ولا شك أنه رمي الى اهانتها لكنه لم يصب هدفه .فكلير لا تمانع في هذا الوصف البته لاسيما ان صدر من رجل مثله ولا مجال لانكار انه جذاب فعلا ، فقد شعرت كلير بقوة مغناطيسية جذبتها اليه ما ان دخل هذا المكان . لكنها تعلمت منذ زمن طويل الاتثق بالرجال لاسيما بأولئك الذين يفيضون بالجاذبية فضرب من الجنون ان تتعلق المرأه برجال دللتهم الحياة حتى افسدتهم إذ ان الامر اشبه بأن تسير بإرادتها في
طريق نهايته الجراح. لذا على المرأة المتعقلة ان تترك البعد يفصل بينها وبينهم وان تعاملهم بمنتهى البرودة والجفاء.وكلير اصبحت خبيرة في ذلك الان.
وحين تأكدت من أن ادراج مكتبها مقفلة التقطت حقيبتها ومظلتها، ثم تقدمت نحو دنزل بلانك .كان الظل مازال يحجب وجهه، ولكنها تبينت يدهوهي تمتد الى الباب الامامي لتفتحه لها.
- علي ان اضبط جهاز الانذار ثم اقفل الابواب.
- سأنتظرك عند السيارة.
نظرت كلير الى السيارة السوداء الانيقة .صحيح أنها ليست مهووسة بالسيارات ،ولاتستطيع ان تتكهن طرازها، لكن المرء لا يحتاج الى خبير ليعرف أنها فاخرة وباهظة الثمن. وان استطاع دنزل بلاك أن يقتني مثل هذه السيارة فلا بد أنه قادر على شراء " البحيرة السوداء". وهذا وحده يبدد أحد الشكوك التي ساورتها عنه.
وحين انتهت من مهمتها ، اتجهت نحوه لترافقه في حين لم يوققف سيل نظراته، فراح يتاملها بدءاً بشعرها الناعم القصير مرورا بساقيهاالطويلتين الرشيقتين وانتهاء بقدميها الرائعتين كانت كلير ترتدي ملابس بسيطه كلاسيكيه لا تبطل موضتها وقد اعتادت ان تختار ثيابها لا طلبا لإعجاب الرجل بل للإحساس بالراحة والهدوء وهما شعوران فارقاها تحت وطأة نظراته المليئة بالسخرية والتسلية.
فمجرد خضوعا لتفحص عيني دنزل بلانك لاسيما وهي تدس رجليها الطويلتين في السيارة كفيل بأن يوقظ الرعشه في جسدها وعرفت أن هذا الرجل يشكل مصدرا حقيقيا للمشاكل.
ولما أصبحت في الداخل التفتت هيلين من المقعد الامامي وابتسمت ابتسامه مهذبة ثم حيتها :
"مرحبا كلير"
ودت كلير لو تغتنم الفرصه فتطرح عليها بعض الاسئلة عن زبونها. لكن دنزل بلاك سرعان مادار حول السيارة ثم صعد اليها قبل ان تنبس كلير ببنت شفة.
فاكتفت بابتسامه ودية وقالت :
"مرحبا هلين ،كيف حالك؟ "
- جيده
ورغم ذلك لم تستطيع كلير الا ان تلاحظ شحوب وجهها فبشرتها التي لطالما كانت قشدية اللون ومتوردة تفتقر الليلة الى اللون. اما عيناها الخضراوان اللتان تتألقان حيويه فواهنتان ناعستان وكأنها مغرمة .
وسرعان ماشاحت كلير بوجهها وقد أجفلت بنات افكراها .ترى،هل هيلين مرتبطه بعلاقة مع زبونها؟ فمنذ طلاقها من بول وهو صاحب فندق محلي مشهور وهي تنتقل من علاقة الى اخرى وما ان استقلت بنفسها حتى اصطف الرجال لارضائها.
ويكفي في هذه البلدة الصغيرة المنعزلة أن تواعد المرأه اكثر من رجل في سنه واحده لتقدوا محور حديث السكان.فكيف إذا بهلين التي شوهدت برفقة عدد من الرجال منذ انفصالها عن بول ؟ لكن أيا من علاقاتها لم يعمر طويلا أو يبن على أسس متينه، ولعل ذلك يعود الى شعورها بالامان في تسلسل الاشخاص أولعلها اكتسبت ببساطه مزيجا من التهور والجموح بعد طلاقها. وتقول الشائعات إنها تشاجرت مع زوجها بعد علاقة غرامية عابرة أقامها مع نزيلة
في الفندق علاقة لم تستطع أن تغفرها له قط.
انطلقت السيارة ببطء أولا ثم ازدادت سرعتها مع ابتعادها عن الرصيف. وبدا واضحا أن دنزل بلاك يدرك وجهته جيدا لذا لم تضطر كلير الى ارشاده الى الطريق وما كان منها الا ان اسندت رأسها الى الوراء وراحت تراقب يديه وهما تمسكان بالمقود ولشدة ما كانت تتأملها
لاحظت شعيرات سوداء خفيفة تغطيها وفجأها مزيج من الرشاقة والقوة فيهما وبعد أن فرغت من مراقبة أناملة الطويلة انتقلت الى رسغه وقد زينته ساعه ذهبية لماعه ثم عادت مجددا
الى إصبعه حيث وقع نظرها على خاتم ذهبي ثمين نقش عليه شعار النباله.
أما وجهه فما زال خفيا عنها لكنها تلمح شعره الاسود الكثيف واللماع كلما مروا بمصباح في الشارع وبدا معطفه من الكشمير الداكن .انيقا وغالي الثمن أيضا نعم لاشك أنه يملك الكثير
من المال في ذلك الوقت كانت هيلين تهمس فس اذنه بكلمات لم تسمع كلير معظمها .لكنها سألته بصوت أجش ونبرة تحمل قدرا من الغضب :"وكم تنوي ان تبقى في الولايات المتحده؟"
هز كتفيه بلا مبالاة وأجاب:
" شهرا ،وربما اثنين "

فردت بصوت يخالطه الاسف :
" كل هذه المده؟ "
وهنا قطبت كلير وهي تشعر بالحزن لأجلها وراحت تتذكر الايام التي تملكتها فيها مثل هذه المشاعر بسبب رجل .لكنها تجربة تنوي ألا تكررها ابدا ففيها من الألم ما لاتود أن تعتاد عليه مطلقا. وبعد برهة توقف دنزل بلانك قليلا بسبب زحمة السيارات واستقل الموقف ليلتفت الى كلير في الخلف ويقول:
" إذا قررت أن اشتري هذه الملكية فستمثلني هيلين أثناء سفري "
فردت كلير :
" حسنا.. هل تعيش في غرينهاوي في الوقت الحالي ياسيد بلاك ؟ "
- كلا ،بل اعيش خارج البلدة ، مع أخ هيلين وزوجته في منزلهما الجميل.
وتمتمت هيلين بصوت أبح :
" وهكذا التقينا ".
لم تكن كلير تعرف هيلين جيدا فغالبا ماجمعتهما الاعمال وصفقات الزبائن بدل اللقاءات والزيارات الاجتماعيه كما أن هيلين تشكل جزءاً من ذلك المجتمع الراقي الذي لم تكن كلير تنتمي الية فعدا عن المال امتلكت اسرتها أراض مهمة وورث جيمي ستور بيتا ريفيا يعود الى أيام الملكه آن تحيط به أراض خصبة تبلغ مساحتها بضع مئات من الاكرات
وتقع خارج بلدة غرينهاوي وفيما رعى هو شؤون المزرعة قامت زوجته بإدارة فندق يعتبر بمثابة مقر ريفي لأصحاب الأملاك والأموال وهو يضم مطعما صغيرا اكتسبت شهرة في انحاء الاقليم لأسلوبه المتميز في الطهو ،فلورا ستور طاهية ممتازة تستخدم دائما المكونات الطازجة من المزرعه مباشرة وعمل الاثنان بجد لكنهما جازفا كثيرا أيضا حتى أضحت حياتهما الاجتماعيه غنية وأصبحا محط أنظار السكان والوافدين.
وبالمقابل لم تكن عائلة كلير تنتمي الى البيئة نفسها لكن ذلك لم يضايقها البته ،فلا الحفلات الصاخبة تسليها ولا النوادي الفخمة تدخل البهجة الى قلبها أما الفرق الرياضية وحفلات العشاء فلا تمت اليها بصلة بل كانت تستمتع بالسير والسباحة وهي تقضي الوقت برفقة عائلتها وعدد يسير من أصدقائها المقربين وهكذا تراها تختلف عن هيلين شيرارد اختلافا كبيرا لم يخل رغم ذلك دون تقديرها لتلك المرأة وإعجابها بأخيها وزوجته.
وموخرا كان الاسف سياورها على خال هيلين فبعد طلاقها بات فيها من الكآبة ما عجزت عن إخفائه وليت الغباء لا يبلغ بها حد الوقوع في حب رجل بالكاد تعرفة !وحانت من كلير التفاته الى المرأة فوق رأس هذا الرجل واذا بها تقع على البريق في عيني دنزل بلانك الرماديتين. بدت لها حدقتاه واسعتين وكأنهما من الكهرمان الأسود الذي منح العينين لونه أما جفناه فثقيلان يحملان رموشا كثيفة. وحين أمعنت كلير النظر في المقلتين الغريبتين تحاول ان تسبر أغوارهما انسدل الجفنان فجأة ليخفيا التعبير ثم أشاح بوجهه لتتلاشى صورته بغته من المرآه.
أجفلت كلير وهي تتمنى لو سنحت لها فرصة تأمل ملامحه فمهما حاولت ظل الفضول يتملكها ترى ما حقيقة مشاعره تجاه هيليت ؟
أيصطحبها الى "البحيرة السوداء" بصفتها محامية أو بحكم علاقة شخصية أكثر ؟ أيامل أن يكون هذا البيت العش الذي سيجمعهما مستقبلا ؟ لكن أنى لها من اجابات على هذه الاسئلة؟
عندئذ كانوا قد غادروا البلدة ليبلغوا الريف الاخضر الذي يشرف على هنتر هيل القريبة من غرينهاوي. فطالعهم من جهة البحر الرمادي العاصف وقد تكسرت أمواجه عند المنحدر الصخري فيما الافق يكاد يختفي تحت نور الشفق وقد مال الى السواد اما من الجهة الاخرى فمراع واسعه تسرح فيها الخراف ومستنقعات داكنة وتلال مرتفعه بدت من بعيد وكأنها حيوانات رابضة تتمطى في الافق وأصبح بامكان المرء أن يرى "البحيرةالسوداء" فكيفما حول نظرة لن يقع الا على أبراج وشرفات تعانق السماء في حصن من الطراز الفيكتوري القوطي أشبه بقصور القرون الوسطى. تمتمت هيلين:\
" يالهي! إنه مخيف "
فضحك دنزل بلاك واجاب :
" الا تحبينه؟ "
وقطبت كلير وقد احست أن رد هيلين قلما يهمه ومه ذلك لا يعنيهاالا ان الفضول حول علاقتهما ظل يزداد تدريجيا.
وانتهى بهم المطاف بعد لحظات أمام بوابة حديدية مصنوعه باتقان . فترجلت كلير من السيارة وتوجهت نحوها وهي تنتقي مفتاحا من المجموعه التي في جيبها ولما كان الصدأ قد اجتاح القفل تطلب منها الامر جهدا من ملحوظا مما دفع دنزل بلانك الى الترجل بدوره والتقدم للمساعدة.
" دعيني أقوم بذلك. "
زفيمتا كانت يده تمتد الى المفاتيح لامست أناملها فِأحست وكأن تيارا كهربائيا يسري فيها وما كان منها الا أن اجفلت وتراجعت قليلا الى الخلف رماها بنظرة جانبية مبطنه حتى شعرت بالاحمرار يتصاعد الى وجنتيها واستبد بها الغضب لم تصرفت على هذا النحو بحق السماء ؟
لا شك انه سيظنها واحده من المراهقات اللواتي تتورد خدودهن ما إن يقترب منهن رجل ما!
وبعد ثواني دار المفتاح في القفل مصشدرا صريرا مزعجا فتقدم ودفع البوابة الى الامام.
" يحتاج هذا القفل الى الزيت. "
" نعم سأحرص على ان يتم ذلك في الغد . "
وبمزيج من الارتباك والانزعاج استردت المفاتيح ثم عادت أدراجها الى السيارة فيما سار دنزل بلاك خلفها.
وكانت الريح تزمجر وتتلاعب بأشجار بساتين " البحيرة السوداء" فاختلست النظر اليه لترى معطفه الاسود الطويل يتطاير حول رجليه وكأنه بات يملك جناحين ويستعد لللأقلاع والاختفاء خلف جناح الليل.
بعدئذ انطلقت السيارة ببطء على طول الطريق المتعرجة التي تخللتها الحفر واجتاحتها النباتات والاعشاب وبين حين واخر كانت أرانب برية لم يظهر منها غلا اذنابها البيضاء القصيرة تعترض سبيلهم.
كان كم الصعب عليهم ان يتبينو البستان فعلا لكن كلير تعلم ان نباتات الوردية والغار تنتشرش اكواما على ناحيتي الطريق وفجأة لاح لهم طيف المزل الفارع بنوافذه المغلقة وكأن الحياة فيه معدومة ولاحظت كلير شبحا اسود يرفرف حول البرج العالي سرعان ماعرفت انه خفاش.
ولما كانت تعلم ان سربا من الخفافيش يعيش على السطح تساءلت إن كان دنزل بلانك سيبدل رأيه بسببها فبعض الناس يكره الخفافيش لابل يرتاع منها لسبب لم تستطع ان تتفهمه يوما فهي ممخلوقات صغيرة جدا لاتهتم الا بالتهام الحشرات ولا تشكل اس خطر على الانسان ومع ان كلير تود لو تحتفظ بالبعض منها في كوخها ال انها قررت عدم ذكر امرها لدنزل بلانك
وهنا سألها:
" اليس من ناظر يتولى الاشراف على المنزل؟ "
فهزت كلير رأسها نفيها واردفت :
" لم يرد المالك أن يدفع ليوظف أحدا فقد انتقل للعيش في اوستراليا ولا نيه له بالعوده الى هذا المكان وكل مايرغب فيه هو بيع المنزل صحيح أنه مازال مفروشا لكن ان كنت مهتما فعلا بشرائه يمكن التخلص من المفروشات في المزاد العلني فيصبح المكان فارغا. "
فرد بغموض وهو يحدق في السماء :
"سنرى "
ونظرت هيلين الى السماء بدورها وسرعان ماطلقت صرخه عالية :
"آه..ماهذا "
فأجاب دنزل بلانك بنعومه :
" إنه خفاش.. وهو من النوع البني الصغيرالذي يدخل البهجة الى القلب .. كما انه بالكاد يفوق حجمه فراشة كبيرة ترى أيعقل أن أقع على سراب على السطح؟لاشك أن المساحه واسعه تحت العارضة الخشبية وهذا بالضبط مسكنها المفضل "
بدا لكلير أنه يعرف الكثير عن الخفافيش وهذا يعد في صالحه .ولم تتمالك نفسها فابتسمت ورأت لبرهة عينيه القاتمتين ينعكس في المرآه.
" أتحبين الخفافيش يآنسة سامر؟ "
" بل أعشقها وأود أن أقتني البعض منها في منزلي ."
" أتملكين منزلا خاصا؟ "
فأقرت:
" أقوم بتجديد كوخ ريفي قديم لايبعد عن هنا كثيرا.وأعمل على اصلاحه في كل عطلة نهاية الاسبوع.أما باقي الايام فأعيش مع عائلتي في البلدة "
عندها علقت هلين وقد أبدت بعض الحماس للمرة الاولى :
" أنا مهتمه بالتصميم الداخلي فهل تصممين الديكور بنفسك ياكلير؟"
فأجابت كلير بجفاء:
" في الوقت الحالي أقوم بإصلاح السطح ثم علي أن أكسو السقف والجدران بالجص.
أما الديكور فما زال الوقت مبكرا علية. "
بدت هيلين مرتاعه وهي تقول :"تتكلمين وكأن المنزل في حالة دمار شامل"
فضحكت كلير وأجابت :
" إنه كذلك فعلا "
" ولماذا اشتريته بحق السماء؟ "
فردت كلير فيما السيارة تتوقف أمام المنزل :
" عدا عن ان الثمن بخس أعتبرت ذلك بمثابة تحد لقدراتي "
أجابت هيلين وتعابير السخرية ترتسم على وجهها :
" أنت أشجع مني إذن! "
في ذلك الوقت شعرت كلير بدنزل بلاك يتفرس فيها بعمق في مرآه السيارة لكنها لم تحاول ان تلتقي بنظراته المحدقة بل انتقت مفتاح الباب الامامي الكبير وخرجت من السيارة ثم صعدت الدرجات حتى الباب.
وفي هذه المرة دار المفتاح في القفل بسهولة أكبر فانفتح الباب محدثا صريرا طويلا وراحت كلير تتلمس المكان تحثا عن زر الكهرباء على جدران الرواق المكسو ة بالالواح الخشبية وأذا بالنور ينبعث فجأة من ثريا تتدلى فوق رؤوسهم فيما امتدت أمامهم قنطرة علق عليها خليط مدهش من الصور الزيتيه والمخطوطات والصور المطبوعه والصور الفوتوغرافية الموضوعه في أطر فضية فضلا عن الأسلحه والدروع ورؤوس الحيوانات التي علقت على الواح خشبية.
ولما كانت الريح تعبث في الرواق سمعوا صوت باب يصفق فجأة في مكان ما في الاعلى وارتجت نوافذ المدخل الزجاجية جميعها فصرخت هيلين بصوت أشبة بالنحيب :
"هذا رهيب! "
ثم لفت معطفهات حولها حتى لم يبد منها الا وجهها الشاحب وأردفت :
" لايمكن أن تكون جادا في نيتك شراء هذا المكان يادنزل إنه أشبه بمقبرة وليس بمنزل "
كان على كلير أن تقر أن الجو بارد فعلا لسبب لا يعود الى خلو البيت أو حلول فصل الخريف بل خيل اليها أن برودة قديمه فد تغلغلت في احجار المنزل وقرميده وأن الدفء لن يحل فيه ابدا ولو اشعل المرء موقدا في كل غرفة رد دنزل وهو يفتح الباب الأول الذي يتفرع عن الرواق:
" ستتكفل التدفئة المركزية بنشر الدفء فيه ولن يكون تركيبها بالمهمة الصعبة. "
في هذه اللحظات بالذات استطاعت كلير أن ترى وجهه للمرة الاولى بدا صارما بفمه الواسع الجذاب وانفه القوي وعينيه الشاحبتين اللتين لا يفارقانهما البريقوشعره الاسود المتدلي حتى الصدغ باختصار كان كل من ملامحه يناقض الاخر مما يجعل وجهه موضوعا تصعب دراسته أو تحديده وفجأة تمتم وهو يتأمل حجرة الاستقبال الرئيسية :
"أحب الغرف الكبيره "
فوافقت كلير :
" وهذه الغرفة كبيرة فعلاً "
لكن هيلين تأوهت :
" كبيرة؟بل إنها ضخمة "
امتدت النوافذ من السقف الى الارض وعلى جانبي الغرفة وقد وضعت بقربها مقاعد وثيرة تتميز غرف المنزل كلها بسقوف عالية وقد تدلت من سقف الحجرة ثريا أخرى أضف على المكان بريق الحفلات وفي الغرفة أيضا موقد خشبي أشبه بمقدمة السفينه مكسوا بالاجر من الطراز الفكتوري تزين خلفيته الذهبية صور تذكر بالقرون الوسطى.
كان الاثاث قديما وباليا بشكل عام .فالكراسي الفيكتوريه قد خسرت معظم حشوتها والستائر بدت رثه جداً فيما البسط ممزقة بالية .لكن أينما نقل المرء بصره وقع على صور وزخرفات متنوعة حفلت بها جدران هذه الغرفة تماما كالرواق بل كان فيها من الصور ما يدفع العقل الى الدوران فيجول البصر ويجول حتى يعجز عن رؤية المزيد.
وهنا قال دنزل بلاك:
" رائع! "
لكن هيلين اشتكت:
" المجموعه تناسب شاحنة النفايات! "
فسأل دنزل بلاك:
" أقلت إن المجموعه بأكملها ستعرض للبيع؟إن اشتريت المنزل أود ان أختار بعضا منها "
" أنا واثقة من أنني استطيع تدبر ذلك. "
في الواقع كانت كلير لتسعد لو تمكنت بيع جزء من المقتنيات فقط إن بعض التحف قيم لكن الاثاث بمجمله في حالة رديئه وقد يباع في المزاد لقاء سعر زهيد لاغير .ومع ان والدها اعتاد أن ينظم هذه المزادات ،الا انها كانت تمثله في المبيعات فمثل هذه الاجراءات يستغرق ساعات مما يرهق أبيهاويضطرها الى المناوبة عنه حتى نهاية المزاد ومن هنا تعلمت تقدير بعض التحف بمجرد النظر اليها وأصبحت تعرف كم من المال سيدر بيع اثاث "البحيرة السوداء"
وعادت هيلين الى الشكوى وهي تلحق به الى الغرفة الاخرى فيما تطايرت حوله أوراق مصفرة تسللت من الباب الامامي المشرع :
" آه ،دنزل لايمكن ان تكون جاداً فعلاً! "
وقبل ان تلحق كلير بهما توجهت نحو الباب لتغلقه ولما عادت وجدتهما في رواق الخدم المعتم ،وهي غرفة طويلة ضيقة بشبابيك صغيرة زطلاء بني قاتم.وقد بدا واضحاً أن الجدران كانت في ما مضى ناصعة البياض وقد علقت عليها سلسلة من الاجراس دون فوق كل منها اسم الغرفة المناسبة.كما تدلت من السقف مجموعة من العلاقات القديمة التي تثبت اللحوم والاعشاب إضافة إلى بكرة مكسورة للغسيل فوق طاولة كبيرة يجلس عليها الخدم .وبعد ان أجالت هيلين نظرها في المكان قالت بنفور واضح:
"كم هو باعث للكآبة! "
فرد دنزل ،وهو يمرر إصبعه على الرفوف المغطاة بالغبار:
" كل ما يحتاجه هذا المكان هو طلاء ناصع البياض، وورق جدران جميل! يبدو لي ان هذه الخزانه من عمر البيت "
فأقرت كلير:
"هذا صحيح وكما تلاحظ بعض هذه الاواني الخزفية الصينية نفيس فعلا ويعود معظمها الى الحقبة الفكيتورية وأظن أنها ستباع بسعر جيد في المزاد "
" قد أرغب في الاحتفاظ بها كلها. "
فتأوهت هيلين وقالت:
" يإلهي! ستبدو وكأنك تعيش في متحف! "
على الرف الاعلى من الخزانه وقعت عيناه على إناء فيه ازهار ذبلت منذ زمن فبدت مغبرة يابسة يلفها نسيج عنكبوت ارتاح عليه جسم عنكبوت محنط مخيف.
حدقت هيلين فيه وقد أصيبت برعب عظيم ثم لفت معطفها حول نفسها ورمقت دنزل بلاك بنظرة مؤنبة وقالت:
" وكأن المكان مسكون فلا أنفك أتخيل قيام المالكين من الموت ولا استطيع تحمل ذلك بعد الان لذا سأعود الى السيارة فأسرع قبل أن أتجمد من البرد "
وهرولت مسرعه فيما كعباها يحدثان جلبة على أرضية الرواق وبعدئذ ارتفع صرير الباب ثم صفق مرجعا صدى مدويا. تمتمت كلير :
" أخشى انها لاتحب المنزل "
فرد دنزل بلاك متشدقاً فيما لمعت عيناه:
" ولكنها لن تسكن فيه "
ألن تفعل ؟ها قد ذهبت نظريتها الاولى أدراج الرياح فمن الواضح أنه لم يحضر هيلين الى هنا لترى عشها المستقبلي لكن هل تعرف هي ذلك ؟لا يبدو ذلك فهيلين تتصرف مع دنزل وكانها تمتلكه، مما دفع كليرالى الجزم ان علاقتهما تتعدى الاطار المهني.
ورفعت نظرها الى دنزل بلاك فلمحت تسلية ساخرة لاذعه في عينيه البراقتين لاشك أنه كان يراقبها ويقرأ أفكارها وهذه الفكره وحدها جعلت الاحمرار الطفيف يدب في بشرتها.
ومالبث ان قال :
" أردت منها أن تسدي إلي نصيحة تتعلق بقيمة الملكية "
فأجابته كلير على الفور:
" انها صفقة رابحة لاسيما إذا أخذنا حجمة والاراضي الواسعه التي يشملها بعين الاعتبار."
وما ان سكتت حتى رمقها بنظره قاسية وقال:
" من الطبيعي ان تقولي هذا أليس كذلك؟ لهذا أملت أن تعطي هيلين رأيا محايدا والان هلا صعدنا الى الطابق الاعلى وألقينا نظرة على بقية المكان؟ "
ولما صعدا خيل اليها أن المكان بات أكبر حجماً وأكثر فراغاً وكانت كل خطوة يخطوانها ترجع أصداءً فيما الواح الأرضية تصر تحت وقع خطواتهما ومما زاد الطين بلة أن الجو أصبح شديد البرودة.
ودت كلير لو تلحق بهيلين الى الخارج لكنها ذكرت نفسها بنسبة الارباح التي ستنالها الشركة بعد بيع البيت لهذا ظلت تتبع دنزل بلاك من غرفة الى اخرى وهي تجبر نفسها على التفوه بأي تعليقات ذكية قد تثير حماسه لكنها في الحقيقة كانت تفكر في جنونه الذي يدفعه الى التفكير بشراء هذا المنزل ونظرت الى سرير عال ستائرة حمراء داكنة وبالية قبل ان تتحول الى مصباح بالقرب منه عكست نوره مرآة من الطراز القزطي ذات اطار من السنديان لاشك ان هذه المرآة ستباع سريعا في المزاد العلني، فحجمها يناسب البيوت الحديثة وهي تلائم تماما النزعة الحالية للفن الحديث.
واستغرقت في تأملها فتبع دنزل بلاك نظراتها وقال مباشرة:
" إنها ساحرة وسأحتفظ بها بالتأكيد "
فسألته بوضوح وقد تأكدت من ذوقه الرفيه :
" ماذا تعمل ياسيد بلاك؟ اعني مامهنتك؟ "
" في الوقت الحالي لا مهنة لي. "
ثم هز الستارة وراح يراقب كيف يتطاير الغبار منها وأضاف :
" لكن لا تقلقي سأدفع لك ثمن المنزل نقدا غدا ان اشتريته..فلن يشكل المال مشكلة "
لكنها لم تفكر في ذلك فتابعت أسئلتها ونار فضولها لم تطفئ بعد:
" وأين تعيش في الوقت الحاضر ؟أعني عدا عم أنك تقيم في فندق جيمي ستور ؟ "
رمقها بنظرة فيها مزيج من السخرية والجفاء ،ثم قال:
"في لوس أنجلوس"
فاتسعت عيناها اشارة الى انها لم تكن تتوقع ذلك :
" حقا؟لكنك لست أمريكيا اليس كذلك؟ "
لقد لاحظت لكنته الغريبه لكنها متاكدة من انها ليست امريكية.
" كلا لقد ولدت في اسكوتلاندا مع انني لا اذكر عنها شيئا إذ تركتها ما ان بلغت الثانية من عمري وعشت في مانشستر حتى صار عمري احدى وعشرين سنه لكن في السنوات الاخيرة من أيم المراهقة أمضيت سلسلة من العطلات الممتعة في غريناوي."
" ولهذا عدت ؟ "
وتراقصت نظرات التسلية في عينيه وهو يجيب :
" أهذا ماتريدين معرفته؟لماذا عدت الى غرينهاوي؟ في الواقع أجابة على سؤالك لقد عشت في كالفورنيا لسنوات لاسيما في لوس انجلوس وبيفرلي هيلز "
حدقت فيه وهي عاجزة عن كبت السؤال:
" بفرلي هيلز؟ انت لاتعمل في مجال الافلام اليس كذلك؟ "
ثم ضحكت وهي تتوقع منه أن يهز رأسه نفيا
لكنه اجاب بهدوء:
" بلى "
فبدت كلير غير مصدقة وهي تسألة :
" وماذا تفعل ؟لست ممثلا طبعا؟ "
لكنه قد يكون ممثلا فعلا فشكلة وجاذبيته مناسبان تماما وبامكانهما أن تتخيلة في هذا المجال.
" لقد مثلت قليلا منذ سنين مضت لكنني لعبت أدواراًثانوية إلا أنني أردت أن اكون وراء الكواليس فعملت وظائف عدة في هذا الميدان وأصبحت مصورا فوتوغرافيا ومصورا سينمائياً ومصمم مسارح اما طموحي فكان الاخراج وحققت حلمي اخيرا لكنني في الوقت الحالي بلا عمل ..فعدت الى بريطانيا لأنني أردت أن ابتعد عن السينما قليلا. "
" هل اخترت غرينهاوي لان فيها ذكريات لم تعرفها في اسكوتلاندا؟ "
فأوما وأجاب :
" كانت لي ذكريات جميلة في غرينهاوي كأيام الصيف على شاطيء البحر والنزهات قرب المستنقعات وقد سلمني وكل سفر كتيب عن فندق جيمي ستور ولهذا انا هنا "
وأزال الغبار عن يديه بمنديل وهو يكشر قائلا:
" البيت كله قذر جدا "
ثم أسند ظهره الى الجدار وعيناه القاتمتان الثاقبتا النظر هائتان:
" حسنا لننتقل الى حديث الاعمال آنسه سامر أنا متأكد أنك تدركين أن السعر باهظ مقارنه مع حالة المنزل فعلي ان أنفق ثروة لأقوم بالاصلاحات قبل ان انتقل اليه لكنني ساعطيك السعر الذي انا مستعد لدفعه ويمكنك أن تكلمي المالك وتعلمين النتيجة عبر هيلين لكنني لن أساوم بل
ساقدم عرضا واحدا لاغير فإن رفضه لن اكلف نفسي عناء مناقشة المسألة من جديد "
راحت كلير تراقبه بهدوء ثم أومأت أخيرا ً فعرض سعراً أقل بكثير مما تأمل عندئذ تحجرت عيناها الزرقاوان وقالت بفتور :
"حسنا سأبلغ زبوني بعرضك لكنني أشك في أنه سيوافق على هذا الثمن البخس"

" اخبريني منذ متى والمنزل معروض للبيع؟ منذ سنوات عدة أليس كذلك إن المنازل الفارغة تنهار بسرعه لاسيما هذا..وبعد سنتين سينهار السقف فيما يكسر الاولاد النوافذ ويغدو البستان برياً تماماً ولن يطول الامر حتى تمسي أطلالاً ليس الا. "
ومع انه محق رفضت كلير أن تقر بذلك وتمتمت بصوت بارد وبعيد:
"سأكلم زبوني "
واستدارت ونزلت السلالم لتخرج من المنزل ودنزل بلاك يلحق بها .
في الخارج كانت العاصفة تزداد عنفاً والريح تعوي كما الذئب حول المنزل وفجأة دوى الرعد وتبعه برق قوي شق السماء وراحت انوار الثريا تومض حتى انطفأت اخيرا ليغرق المكان في ظلام دامس في ذلك الوقت كانت كلير قد وصلت الى منتصف السلم المحفور باتقان فتوقفت بغته وهي عاجزة عن الاهتداء الى طريقها في هذه العتمة المفاجئة.
كان دنزل بلاك قد أصبح خلفها تماماً ولما وضع يده على كتفها احست بنفسها تطسر في الهواء.
" ألديك مشعل كهربائي؟ "
أجابته وصوتها يكاد لايسمع :
" في السيارة "
فتنهد :
" لاتقلقي أستطيع أن أرى في الظلام أعطني يدك "
وانزلقت أنامله من كتفيها الى ذراعها ومنها لتمسك بيدها ووردت كلير لو تسحبها بعيدا فهو يملك تأثيرا غريبا عليها لكنها لم تحبذ فكرة البقاء وحدها في العتمة .وكان عليها أن تسارع في الخروج من هنا لذا تركته يقودها على الدرجات.
حين عادا الى السيارة وجدا هيلين واقفة قربها .ولما رأتهما ركضت نحوهما وتعلقت بدنزل بلاك بحالة اقرب الى الهستيريا :
"لقد أنطفأت الانوار كلها ثم ومض برق رهيب ...ألم تر ذلك؟كانت العاصفة من القوة بحيث خفت أن تقلب السيارة في طريقها ثم رأيت هذا البرق وانطفأت الانوار فناديت وناديت ..ألم تسمعني ؟ كيف يمكنك أن تتركني وحدي في الخارج في مثل هذا الظلام طيلة هذا الوقت؟"
فهدأ دنزل بلاك من روعها ورأسه محني فوقها :
"يجب ألا تغضبي بهذا الشكل فانا أسمع قلبك وهو يخبط كالطبل! "
ثم أحنى رأسه أكثر حتى ظنت كلير أنه عانقها .فأشاحت بنظرها سريعا وقد علا وجهها الاحمرار .ليتذكرا على الاقل انها موجودة !وهي بالطبع لاترغب في ان تكون شاهدة غرامهما !
أطلقت هيلين تنهيدة طويلة توحي بإرهاقها ثم احاطته بذراعيها وهمست :
" آه،دنزل.. "
فهدأها قائلاً:
" صه..أنت بامان الان ،سنوصل الانسه سامر الى منزلها، ثم آخذك الى البيت هيا عودي الى السيارة وستصبحين بحال أفضل ماإن يغملاك الدفء "
أطاعته هيلين بضعف ثم جلست في مقعدها من غير ان تضيف كلمة أخرى ولما عادت كلير بدورها الى السيارة لاحظت ان هيلين أغلقت عينيها وكأنها تكاد تغفو.
وفيما ابتعدوا عن "البحيرة السوداء "سألها دنزل بلاك :
" أين تعيشين يا آنسة سامر؟ "
" بالقرب من المكتب في ساحة يورك لابد من أنك تعرفها ..إنها ساحة من العصر الجورجي بنيت خلف تاون هيل"
" نعم أعرفها وهي تضم منازل جميلة جداً،تخضع لحماية جيدة أيضاً.وهل تعيش عائلتك هناك منذ زمن طويل؟ "
" لقد ولد والدي في هذا البيت ، وعشت فيه انا طيلة حياتي ،إنه منزل مليء بالحنان.. ونحن نحبه. "
" ولكنك تنوين الانتقال ما إن تنتهي الإصلاحات في كوخك ."
فشرحت له كلير رغما عنها وهي تتساءل لم يطرح كل هذه الاسئلة :
" أفراد الاسرة كثيرون ، واود الحصول على مكان خاص بي. "
-" الديك العديد من الاخوة والاخوات؟ "
فردت:
"أخوان واخت وفي المنزل أربع غرف نوم فقط يشغل أبي إحداها ويحتل أخواي غرفتين أيضاً فروبن تلميذ ويحتاج الى مكان خاص للدرس ولأخي الصغير جايمي غرفة ضيقة .أما أنا وأختي فنتشارك في غرفة. "
" كم عمرها ؟ "
فتحركت هيلين بامتعاض:
"كفى طرحا للأسئلة عليها يادنزل! تبدو وكأنك مضيف في أحد البرامج التلفزيونية "
فقهقه ، ولكن كلير لاحظت أصابعه الطويلة تشتد على المقود وظهر لون أبيض طفيف عند مفاصلة .وشكت في أنه لم يعجب بالطريقة التي صدته فيها هيلين.
وقاد السيارة بصمت حتى بلغوا البلدة فراح يبحث عن طريق يحيد منها عن الطريق العام .ولما وصلوا الى ساحة يورك ظهرت أمامهم المنازل التي يعود معظمها الى أوئل القرن التاسع عشر .وفي وسط الساحةانتشرت حدائق مشذبة بعنايه تحيطها شرشفات من العصر الفكتوري مطلية حديثا مما يضفي على المكان طابعا ريفياً لاسيما في الصيف حيث تزدان الاشجار بكامل أوراقها وينتشر عبق الازهار في الهواء. وسألها دنزل بلانك : "ايها بيتك؟"
فتقدمت كلير لتشير اليه:
"هذا هو عند مصباح الشارع ذاك الذي تنمو نباتات البهشية في حديقته"
ركن السيارة عند مصباح الشارع فشكرته كلير بأدب وودعته :
"سأعلم هيلين بقرار زبوني في أقرب وقت ممكن ..عمت مساءًهيلين"
فتمتمت هيلن بنعاس : "عمت مساءً"
وما كان من دنزل بلانك الا ان ترجل من سيارته وتقدم ليفتح باب كلير.
فشكرته وهي تتجنب يده التي امتدت لتساعدها :
"شكرا ً،عمت مساءً ياسيد بلاك "
وقبل أن تتمكن من الهروب انفتح باب بيتها الامامي وكشف النور الاصفر في الرواق عن طيف فتاه ثم ظهر وجه يكلله شعر فضي تتميز خصلاته بالطول والنعومه.
سألها وقد تبدل صوته :
"من هذه؟ "
فرمته كلير بنظرة عابسة، ولم تجب.
وامتد بينهما صمت طويل قبل أن تبدأ الفتاة بالتقدم نحوهما.
وكرر دنزل بلاك سؤاله ببطء:
" أهذه أختك؟ "
فاضطرت الى الاجابة بصوت فاتر :
" نعم "
في الواقع ،كانت تتمنى لو أن لوسي لم تخرج في هذه اللحظة فهي تشعر نحوها بالحماية الشديدة.كما انها تتمتع بحدس قوي وحدسها ينبئها الان بأن لقاء لوسي بدنزل بلاك لن تكون عواقبه حميدة. وقالت اخيرا املة أن يرحل :
"عمت مساءًسيد بلاك "
لكنه لم يفعل بل لازم مكانه وهو يراقب لوسي تتقدم نحوهما ببطء وقد ارتسم على وجهه هدف معين .صرت كلير على أسنانها وهي تود أن تقرأ افكاره.
ولما وصلت لوسي الى دائرة الضوء عند البوابة ،توقفت ثم ارتسمت على وجهها المستدير ابتسامة أضفت عليها الاشراق . ومع انها لم تكن قد ترجت إلا ان بشرتها بدت ناعمه صافية ورائعه. كانت بشرتها تماثل بشرة كلير إلا أن الفرق بينهما شاسع.ولاغم أن كلير كانت تدرك أن سحرها يجذب الرجال إلا أن لوسي تعتبر وبكل بساطه جميلة.
وبالإضافة إلى ذلك تتمتع لوسي بتألق غامض ،يعود من جهة الى بشرتها البيضاء وشعرها الطويل الذهبي المتطاير حول وجهها ،وعينيها اللتين تفوقان عيني كلير زرقة ومن جهة أخرى الى طبيعتها التي تماثل طبيعة الاطفال براءة.
وأحياناً يبدو لكلير أن لوسي لم تبلغ سن النضوج بعد ربما لأن أسرتها أفرطت في تدليلها ومع ذلك لم يكن هذا يهم لأنها مفعمة بالحب والحنان وكما انها طيبة القلب وكريمة ولهذا كان القلق عليها غالباً مايتملك كلير فماذا لو جرحها رجل في يوم من الايام ؟ولهذا غمرها شعور عظيم بالارتياح لما خطبت الى شاب عرفت كلير أنه لن يدخل الحزن أبدا الى قلب اختها الصغيرة.
وما إن بلغت لويس مرمى سمعهما حتى هتفت :
" يالها من سيارة رائعة !انها من طراز اللمبورغيني.أليس كذلك؟"
وأردفت بعد أن منحت دنزل نظرة ساحرة :
" اهي لك؟ مرحباً،انا لوسي اخت كلير نحن لم نتقابل قبلاً صح؟ "
فأجاب وقد لمعت حدقتاه السوداوان:
" صدقيني كنت لاتذكر ذلك "
واخذ اليد التي مدتها لوسي ثم انحنى ليطبع عليها قبلة فأطلقت لهاثاً مفاجئاقبل أن يضحكا معاً.
" انت لست فرنسيا أليس كذلك؟ "
فضحك مجددا وقال :
"جدتي فرنسية أيؤخذ هذا في عين الاعتبار؟ "
" بالطبع .لقد عرفت أنك تبدوا فرنسياً "
عندها تمتم:
"سأقضي الليل بأمكمله هنا، ان بدأت أصف كيف تبدين "
فاحمرت وجنتا لوسي ثم قهقهت بحماس .
أما كلير فبدت غاضبة حتى أحست بأسنانها تؤلمها ومالبثت أن قالت لدنزل بلاك بضيق:
"هيلين في عجلة من امرها أتذكر؟"
رمقها بنظرة جافة ثم أختلس النظر الى داخل السيارة وفي ذلك الوقت تقدمت هيلين الى النافذة وطرقت عليها بشدة وسرعان ما سمعها الجميع تنادي بنزق:
" دنزل! "
فلوح لها من بعيد ثم نظر الى لوسي مبتسماً وبريق عينيه القاتمتين لا يفارقه.
" أخشى أنني مضطر للذهاب وسأرحل الى الولايات المتحدة غداً لأمضي فيها شهرين لكنني سأعود وحينها سنلتقي مجدداً. "
ومالبث أن عاد الى سيارته فأدار المرك ثم أنطلق مخلفا وراءه هدير ناعماً.
وتمتمت لوسي حالمة:
"أرايت هذه السيارة..أليست رائعه؟ وهو..ماذا قال اسمه؟ دنزل ماذا ؟هذا اسم غير مألوف .فأنا لم ألتق أحداً بهذا الاسم من قبل اهو رفيقك الجديد ياكلير ؟لم تذكرية أمامي قط ! كيف تخفي السر عني؟ انه يماثل سيارته روعة .لم تقع عيناي على رجل مثلة أبداً. أين التقيت به.ولماذا هو "
" مع هيلين شيرارد ؟أخبريني كل ماتعرفينه عنه"
" هو ليس صديقي بل مجرد زبون وأنا بالكاد أعرفه. "
حاولت كلير ألا تفقد أعصابها لكن صوتها بدا قاسياً مما دفع لوسي الى التحديق فيها بغرابة فمن غير المألوف أن تظهر كلير مثل هذا الانفعال وسرعان ما سألتها بارتياب:
"ما لاأمر ؟"
فأجابت كلير:
"إنسي ذلك ودعينا ندخل الى البيت فالجو بارد"
وتقدمت الى الامام وهي تسرع الخطى.
في الواقع لم تعجبها قط الطريقة التي نظر بها دنزل بلاك الى لوسي وكأنها واحدة من ممتلكاته ومع انها بالكاد تعرف الرجل إلا انها لم تعجب به او تثق فيه اطلاقاً ورغم أملها في الحصول على حصتها من الارباح بعد إتمام الصفقة وبيع "البحيرة السوداء" الا انها تمنت ان يرفض المالك عرض دنزل بلاك عندئذ قد يرحل بعيدا ويعيش في مكان أخر فلا تضطر هي الى القلق .


اسيرة الماضى غير متواجد حالياً  
التوقيع
سكرنا ولم نشرب من الخمر جرعة
ولكن احاديث الغرام هي الخمر
فشارب الخمر يصحوا بعد سكره
وشارب الحب طول العمر سكران




اشعر اننى انفاس تحتضر....بين رحيل قادم... ورحيل ماضى.....متعبا كل ما فينى
رد مع اقتباس
قديم 09-09-08, 06:09 PM   #3

اسيرة الماضى

نجم روايتي وناقدة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

 
الصورة الرمزية اسيرة الماضى

? العضوٌ??? » 5714
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,703
?  نُقآطِيْ » اسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond repute
افتراضي

يعنى ما عجبتكم الرواية ما راح اكملها سلام

اسيرة الماضى غير متواجد حالياً  
التوقيع
سكرنا ولم نشرب من الخمر جرعة
ولكن احاديث الغرام هي الخمر
فشارب الخمر يصحوا بعد سكره
وشارب الحب طول العمر سكران




اشعر اننى انفاس تحتضر....بين رحيل قادم... ورحيل ماضى.....متعبا كل ما فينى
رد مع اقتباس
قديم 09-09-08, 09:54 PM   #4

هبهوبة

روايتي مؤسس ونجم روايتي و مشارك مميز وفعال في القسم الطبي وعضو متألق في قسم علم النفس وتطوير الذات

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبهوبة

? العضوٌ??? » 15
?  التسِجيلٌ » Nov 2007
? مشَارَ?اتْي » 26,048
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » هبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond reputeهبهوبة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

منقدرش على زعلك يا قمر

كل ما في الامر انه احنا في رمضان و طبيعي دخول البنات بيقل

عشان كده اعذريهم حبيبتي و انتي مواضيعك روعة و اختياراتك مميزة

و تسلم اديكي يا اسيرة و بانتظارك دايما يا جميلة

راح انقل الموضوع لقسم احلام لان الرواية من روايات احلام الجديدة





هبهوبة غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-09-08, 10:31 PM   #5

* سوار العسل *
 
الصورة الرمزية * سوار العسل *

? العضوٌ??? » 533
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 10,311
?  نُقآطِيْ » * سوار العسل * is on a distinguished road
افتراضي

مشكورة حبيبتي على الرواية الجميلة



* سوار العسل * غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-08, 11:29 PM   #6

hAmAsAaAt

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية hAmAsAaAt

? العضوٌ??? » 185
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 10,868
?  نُقآطِيْ » hAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond reputehAmAsAaAt has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلمي اسيرة

انا بموت في هاي الرواية

وبس زي ما قالت هبة الان شهر رمضان يعني بيقل تواجدنا

الله يعطيك العافية

وكل عام وانت بخير


hAmAsAaAt غير متواجد حالياً  
التوقيع
اضحك الصورة تطلع حلوة
رد مع اقتباس
قديم 10-09-08, 12:21 AM   #7

اسيرة الماضى

نجم روايتي وناقدة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

 
الصورة الرمزية اسيرة الماضى

? العضوٌ??? » 5714
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,703
?  نُقآطِيْ » اسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond repute
افتراضي

وهذا الفصل الثانى



-2لن أكون ضحيته!

لكن المالك قبل عرض دنزل بلاك في الحال .ولما سمع والد كلير هذه الأخبار هتف :
" سنتخلص أخيرا من هذ الملكية التي لاقيمة لها! "
ثم رمى ابنته بنظرة لاذعه :
" لايبدو عليك السرور المفرط!أتظنين أن المشتري لن يتمكن من الدفع ؟ "
فأجابت بتهكم :" كلا "
ولم تكلف نفسها عناء الشرح بل توجهت الى الهاتف لتخابر هيلين شيرارد.
فردت هيلين بصوت خافت يفتقر الى الحيوية،هذا إذا تجاهلنا فرحها بالخبر :
"هذا رائع!سأشرف على إرسال العربون حالاُ ثم أباشر بالاجراءات".
" ألا يتضمن العرض وجود تقرير مسح أراض؟ "
وكان من الغريب فعلاً ألا يذكر دنزل بلاك كلمة عن ضرورة إحضار ماسح أراضي ليلقي نظرة على المنزل.
" كلا لقد أكد دنزل أنه سيشتريه مهما كانت حالته وعلى كل حال سيقوم بإجراء العديد من الإصلاحات وقد أخذ ذلك بعين الاعتبار في العرض الذي قدمه. "
فتمتمت كلير : "لقد عقد صفقه رابحة فعلاً "
في الواقع كانت تتمنى لو يبدي اعتراضات عساها تقنع زبونها بالاحجام عن البيع مع أن ذلك سيلحق بها الخسارة .إلا أنها لاتتصرف دوما على هذه الصورة الحمقاء.
" إن كان يدفع نقدا فلن يكون من الصعب إتمام الصفقة. "
فردت هيلين :
" أنا متأكدة من أننا لن نواجه صعوبات وسأقوم بمسح الارض بنفسي إثباتاً لسند الملكية "
وما إن أنهت جملتها حتى تنهدت بصوت مسموع مما دفع بكلير الى القول :
" تبدين متعبة جداً ياهيلين.. أترهقين نفسك في العمل؟ "
" ليس تماماً لكن العمل يصيبني يالملل ومهنتي كما تعلمين ليست مثيرة الى هذا الحد كما انني افتقد دنزل فمع أنه لم يسافر الا منذ ايام قليلة الا انها تبدو لي اشهراً. "
وفيما كانت كلير تصغي اليها راحت تعبث بالختم الموجود فوق المكتب بعبوس :
"والى متى سيبقى في الخارج؟ "
" آه سيتغيب شهرين على الاقل وهو يرجو أن يعود في عيد الميلاد .لكن يبدو أنه غير متأكد من ذلك. "
فأجابت كلير بلا مبالاة :
" ياللأسف ..حسنا دعيني احصل على العربون ،وسأترك زبوني يتصل بمحاميه أيضاً الى اللقاء ياهيلين اتوقع أن أكلمك قريباً "
وبعد يومين تقريباً التقت هيلين في "هاي ستريت" وصعقت لشحوب وجهها :
" لقد فقدت الكثير من الوزن ياهيلين أظن يجدر بك زيارة طبيب!فلا بد أنك مريضة "
فهتفت هيلين بحدة :
" بالله عليك، لا داعي لكل هذا القلق فأنت تبدين كأمي ! "
فقهقهت كلير وسألتها بتشدق:
" آسفة ..هل سر السيد بلاك بقبول عرضه؟ "
وهنا بدت ملامح هيلين أكثر حدة :
" نعم هل رأيت صورته في صحف الاحد؟ "
فأجابت كلير:
" أنا لا أطالعها أبدا في الواقع لا املك القوة اللازمة لاقوم باي عمل صباح الاحد الا النوم حتى ساعة متأخرة أكانت صورته في الصحف حقاً؟ "
" لقد نال جائزة أو ماشابه فنشرت صورة كبيرة له مع نجمة الفيلم. وهي ممثلة بارعة مثلت في العديد من المسرحيات في برودواي قبل أن تدخل مضمار السينما وهي تتميز بشعر اسود ووجه ساحر.أظن أن اسمها ديردر أو شيء من هذا القبيل وهي نصف مكسيكية ونصف إيرلندية. "
فقالت كلير بعبوس :
" ياله من مزيج! ومع ذلك عرفت من تقصدين .انها لا تدعى ديردر بل بيلا .لقد شاهدت فيلمها الاخير عن مصاصي الدماء، وهو لابأس به ان اردت رأيي !لكن المشاهد الاباحية كادت تحرق الشريط السينمائي الذي صورت عليه. "
ردت هيلين وهي تبتسم بشحوب :
" نعم هي من اقصد وهذا فيلم دنزل الاخير"
فاتسعت عينا كلير اندهاشاً:
" أنت تمزحين ! هو من اخرج هذا الفيلم؟ "
وسرعان ما انطبعت في ذهنها فكرة جديدة عن دنزل بلاك في لم تر مشاهد حميمية بهذه الحرارة من قبل.
ثم قالت هيلين بصوت أجش ووجها سكاد يقارب لون الورقة بياضاً:
" ومن خلال ماأكدته الصحف هذا الاحد فإن علاقة تربطه بتلك البيلا! "
وما إن فرغت من كلامها حتى استدارت وابتعدت وفجأة توقفت وإذا بها تترنح قبل أن تنهار أرضاً. اما كلير فلم تستطيع أن تمسكها وقبل ان تدرك مايحدث مالت هيلين جانباً وصدمت رأسها بعمود كهربائي.
وبالطبع سرعان ماتجمع حشد من الناس فركعت كلير بجانبها بقلق وهي تنظر الى الوجه الشاحب والشعر الاسمر الأحمر الكثيف:
" هيلين؟هيلين، هل انت بخير؟ "
وصدح صوت من الحشد :
" لقد أغمي عليها "
وأكد صوت آخر:
" لقد صدمت رأسها ورأيتها تفعل ذلك عمداًوهي على الارجح ثملة كما بدا لي "
" اطلبوا سيارة إسعاف فعلينا أن ننقلها الى المتسشفى. "
وتقدم بائع قليلاً:
" لقد فعلت ذلك وستصل السيارة بين لحظة واخرى"
وبدأت أهداب هيلين ترف وأخذت تطلق تنهيدات من بين شفتين تماثلان وجهها بياضاً وتناهت الى مسامع كلير الكلمة التي تفوهت بها هيلين وكادت تجزم أنها قالت : "دنزل.."
لم تعرف كلير هل تأسف لأجلها أم تغضب منها أو ربما يجدر بها ان تغضب من دنزل بلاك وما لبثت ان فكرت وهي تنظر الى المرأة الاخرى بكآبة ، ان اي امرأه تصل الى هذا الحال بسبب رجل تستحق صفعه قوية .
وسرعان ماوصلت سيارة الاسعاف ، وقد ارتفع صوت صفارتها عندئذ تفرق الحشد ليفسحوا المجال للمسعفين. ولما وصلوا الى المصابة تفحصوها وسألوا : "كاذا جرى؟"
فارتفع لغط عظيم من الاصوات وما كان من كلير الا ان شقت طريقها عبر الناس ببرودة وفعالية وتولت الشرح:
" لقد أصيبت بإغماء وارتطم رأسها بهذا العمود الكهربائي فيما كانت تقع "
خمدت الاصوات وراح الجميع يحدق فيها. وبما أنها معروفة في البلدة لم يحاول احد أن يجادلها في هذا المكان العام لكن تناهت اليها بعض التعليقات الهامسة التي ردت حالة هيلين الى الثمل.
ورافقت هيلين الى المستشفى ثم اتصلت بوالدتها من غرفة الانتظار:
" ستبقى في المستشفى هذه الليلة فالأطباء يريدون اجراء بعض الفحوصات ويحتمل أن تكون مصابة بفقر الدم إذ يبدو أن الكريات الحمراء في دمها منخفضة وكذلك ضغط دمها "
بدت أم هيلين مرتعبة وهي امرأه حساسة وتنفعل بسهولة وكان يخيل لكلير أحيانا أنها مازالت تبكي زوجها الذي توفي منذ حوالي السنتين. ولهذا تراها في معظم الاحيان ترتدي ملابس سوداء أو رمادية والدموع لا تفارق عينيها .
" آه، لا, أتظنين...أيظنون أنها..؟كما تعلمين ،توفي والدها متأثرأً بداء السرطان...."
ثم توقفت عن الكلام وقد غلبتها الدموع :
" كلير إذا أصاب هيلين مكروه في الواقع..أنا شديدة القلق عليها ففي الاونه الأخيرة كانت شديدة الشحوب ولا حيوية فيها إطلاقاً. وهذا ماحدث لأبيها .لطالما كان الروح التي تنبض في المكان ،وتبعث الحيوية فيه على أي حال انت يا كلير تذكرين حالها قبل الطلاق ! أعرف انكما لم تكونا صديقتين مقربتين غير أنك عرفت هيلين منذ سنوات وتعرفين انها انسانه مرحه لكنها بدأت تذبل في الشهرين الماضيين ولم يستطع الطبيب أن يتكهن مابها "
ومضت في عيني كلير الزرقاوين شرارة جليدية فهي تعرف تمام المعرفة ماذا حدث لهيلين مؤخراً وتعلم أيضاً أن ما من طبيب يمكن أن يداوي جرحها وسرعان ما سالت جويس:
"هلا اتصلت ببول وأعلمته بمرضها؟ "
" بول؟ أتظنين أنه يجدر بي إعلامه ؟ فعلى أي حال لقد تطلقا وأعتقد انه التقى امراة اخرى الان. "
" لكنهما كانا متزوجين لفترة طويلة ، وأنا متأكدة من أنه سيقلق بشأنها. "
فتلعثمت جويس:
" آه ..كلير,أنا ..كلير،هلا فعلت؟ سيكون من الأسهل لو اتصلت به أنت.أعني لا احب أن اتدخل ..فهيلين لن تسر بذلك وقد تغضب مني حتى.."
فتنهدت كلير:
" لكني بالكاد أعرفه ياجويس! "
" أرجوك كلير هلا اتصلت به ؟.
استسلمت كلير وقد تهجم وجهها ثم اتصلت ببول شرارد في فندقة ،فأجابتها سكرتيرته بلهاث وقد بدت شابة مغناج:
" مكتب الاستاذ شيرارد آه الانسة سامر؟ هل الامر ضروري ؟في الواقع لا أعرف إن كان ..سأتحقق إن كان متفرغاً. "
وبعد برهة ارتفع صوت بول :
" صباح الخير ياكلير ،كيف حالك؟ "
" بخير بول لكنني اتصل من المستشفى حيث ستبقى هيلين حتى صباح الغد .وقد يكون مرضها خطيراً فالأطباء غير متأكدين بعد..واعتقدت أنه يجدر بي أخبارك.
فأجاب بجفاء :
" ماذا تعنين بأن مرضها خطير ؟مابالها؟ "
" ليست لدي أدنى فكرة يابول لكن حالتها تبدو رهيبة وفكرت فقط في أن اخبرك .كانت امها في غاية القلق لما أخبرتها كم اتمنى أن يصارحني الاطباء هنا بالحقيقة لكنهم لم يورطوا أنفسهم بتشخيص. "
" الن يفعلو؟ سنرى بشأن ذلك .سأكون عندك في غضون نصف ساعه. "
وما إن انهى كلامه حتى أغلق السماعة.
في ذلك الوقت ، انتظرت كلير في المستشفى حتى وصل بول ووالدة هيلين في الوقت نفسه تقريباً ومن ثم توجهت الى المكتب المقفل منذ الصباح.
لاحقاً اتصلت بالمستشفى تسأل عن حال هيلين ،لكنها لم تتلق أي مستجدات باستثناء أن الخطر قد زال عن المريضة التي استعادت وعيها، وستلازم غرفتها لأيام عدة .فأرسلت لها كلير باقة أزهار مرفقة ببطاقة تتمنى لها فيها الشفاء العاجل.وفي عصر اليوم التالي زارتها فوجدتها تستند الى وسائد مكدسة وهي ماتزال شاحبة فاترة الهمة. ومالبث أن تمتم :
"يقول الاطباء ان بوسعي مغادرة المستشفى في نهاية وبعد ان اجروا الفحوصات شخصوا أنني مصابة بفقر الدم"
ثم أردفت ضاحكة :
"سأضطر الى شرب الدماء كما دراكولا "
لكن كلير لم تضحك فقد راعها منظر هيلين من الظلال السوداء تحت عينيها الى أناملها الضعيفة واظافرها المتكسرة .لكن حمداً لله أن المرض لا يتعدى فقر الدم مما سيزيل حملا ًثقيلاً عن كاهل السيدة ستور. الا ان كلير لم تنس نظرة الألم في عيني هيلين وهي تتحدث عن دنزل بلاك وممثلته المثيرة .
وعرفت أن هذا الرجل سبب المشاكل ،ومالبثت أن قالت كاذبة :"تبدين بحال افضل"
فأشرقت أسارير هيلين وقالت :
" أتعتقدين ذلك؟ وفقاً للاطباء، لا يجدر بي أن أعود للعمل ، بل علي أن أرتاح لأسابيع عدة لذلك فكرت في أن ألازم منزل أخي لكن بول ينصحني بالسفر بعد الميلاد وبما أنه مسافر الى مايوركا الى الشقة التي نملكها هناك فقد اقترح علي مرافقته "
وعلا احمرار طفيف وجنتيها ثم نظرت الى كلير بتحد قبل ان تشيح بوجهها بعيدا وأردفت :
"في الواقع كنا متزوجين لسنوات ولن يجد احد الامر غريباً "
فأجابت كلير:
" بالطبع لا. وأظنها فكرة رائعه "
ثم منحت هيلين ابتسامة دافئة وفكرت في ان بول لو اصطحبها بعيدا ستنسى دنزل بلاك وقد تفكر في الارتباط مجدداً بزوجهها والى الابد وليس أثناء عطلة الميلاد فقط.
ثم قالت هيلين وقد ازداد توردها :
" طآه وبالمناسبة جوني برتشارد هو من يتولى مسألة " البحيرةالسوداء "الان "
فردت كلير بهدوء :
" لست قلقة بشأن هذا .فما زال أمامنا وقت "
عندئذ هتفت هيلين وقد أصيبت بصدمة:
" آه ،لا ، فدنزل على عجلة من أمره "
" دعك منه الان وانتبهي الى نفسك وحسب وعلى مدى الاسابيع التالية انشغلت كلير بما يفوق العادة وبعد هذا غير مألوف فالناس لا يقبلون على شراء المنازل في الشتاء"
لكن كلير شهدت شتاءً حافلاً بالاعمال هذه المرة فقد قامت شركة ببناء بنايات ضخمة تضم شققاً فخمة تطل على الميناء ولما عجزت عن بيع معظمها لجأتالى تأجيرها عوض أن تتركها خالية فكلفت كلير بالعثور على مستأجرين مما دفعها الى قضاء الوقت برفقة أي زبون مهتم بالامر في جولات حول المكان واتفاقات حول الايجار. وبما انها امضت معظم الوقت خارج المكتب فقد عاد والدها ليساعدها قليلاً لكن ورغم ذلك يبقى عليها إعداد العديد من التقارير .
وفي أحدى امسيات شهر تشرين الثاني كانت تجلس الى مكتبها منكبة على العمل في وقت أغلقت فيه كل المتاجر الاخرى ،حين رن جرس الهاتف فجأة.
فأجابت بتأفف: " آلو؟ "
" تبدين حادة الطباع. "
أحست بتيار كهربائي يسري فيها لكنها تظاهرت بأنها لم تعرف صاحب الصوت وأجابت ببرودة :
" من المتكلم؟ "
فضحك حتى على الاحمرار في خديها ثم قال :
"اسمعي سأرسل فريقا من الرجال الى"البحيرة السوداء" وسيقدمون لي توصيات تتعلق بكيفية تجديد المكان من دون القضاء على روحه القديمة فهلا أرسلت لهم المفاتيح اليوم؟ مهندسي هو برنارد آتكنز وسيتصل بك هذا الاسبوع "
" حسنا لكن لايمكنك أن تحدث أي تغيير في المنزل قبل ان تمتلكه فعلا. "
" أعلم ذلك وكم تحتاجين من الوقت قبل أن يصبح العقد جاهزاً للتوقيع؟ "
" سيحتاج هذا لأسبوع أو اثنين . "
ثم توقفت قليلا قبل ان تجيب بصوت اكثر برودة من ذي قبل :
" اتوقع انك عرفت بمرض هيلين؟ "
" نعم لقد تلقيت منها رسالة تفسير وان عدت قبل ان ترحل الى مايوركا فأتفقدها حتماً "
فسارعت تجيب :
" لن أفعل ذلك لو كنت مكانك فهي تحتاج الى الراحة الكاملة ولا يمكنها أن تستقبل زوارا ً"
عندها تغير صوته وأضحى ناعماً حتى اقشعر بدن كلير:
" لكنها سترغب برؤيتي "
عضت على شفتيها وردت:
" قد ترغب في ذلك لكن لن يكون ذلك لصالحها "
فأردف وقد زداد صوته نعومه :
" أنت لاتحبييني كثيرأ أليس كذلك يا آنيه سامر؟ "
" أنا لا أعرفك لدرجة تسمح لي بتكوين ولو رأي بسيط عنك "
فتمتم:
"حين أعود سأحرص على أن نغير ذلك "
فما كان منها الا أن هتفت :
" علي أن انهي المكالمة ياسيد بلاك.فأخشى أنني مشغولة جداً لكنني سأتأكد من حصول المهندس على المفاتيح مع السلامه "
وبسرعه أغلقت كلير السماعة قبل ان يضيف كلمة اخرى ثم بقيت تحدق في الشارع المظلم الخالي ونبضها يخفق في حنجرتها بشدة وضعت يدها على عنقها بعصبية، ولما ضغطت على بشرتها أحست بالدم يتجمع تحت ضغط أناملها.
ومالبثت ان أخفضت يدها وهي تذكر نفسها بغضب أنه من الضروري ألا ينال منها هذا الرجل لاسيما أنه الان في الناحية الاخرى من المحيط الاطلسي وسيبقى هناك لمدة طوييلة كما ترجو لكن. في حال عاد فلا نية لها بتعزيز أواصر المعرفة بينهما ابداً.
وبعد مضي ساعه عادت الى البيت ولم تفاجأ إذ وجدت أن أحدا لم يقم بإعداد الطعام بعد وقد جرت العادة أن توزع الادوار بين أفراد العائلة لكن مع الوقت صارت كلير تعده لسبب أو لاخير فوالد كلير يتكفل بشراء الحاجيات إلا انه لا يهوى الطبخ ولايعد الى ذلك طاهياً ماهراً وكذلك هي الحال بالنسبة للباقين ولطالما اعتقد روبن وجايمي ان الطبخ من مهمة الفتيات أما لوسي فتملك نية تحضير الطعام دائماً الا انها غالباً ماتسافر مع أحلام اليقظة وتنسى الامر
لم تكن لوسي في المنزل ذلك المساء بل وصلت منتصف العشاء ثم هتفت بسعادة وهي تجلس في مقعدها المعتاد وتملأ طبقها من وسط المائدة :
"آه رائع !سجق وبصل"
فأنبها والدها :
" كان من المفروض أن تعدي الطعام هذا المساء يا لوسي! "
بدأت لوسي تئن :
" آه لا ..عرفت أنني نسيت أمراً ما .. من طبخ إذاً "
فتساءل والدها بسخرية وهو يرمقها بنظرة اتهامية:
" ومن تظنين؟ "
" أنا آسفة ياكلير لقد نسيت حقاً!بل غاب عن ذهني تماماً !سأنوب عنك ما ان يحين دورك ثانية فمتى يقع هذا؟ "
" غدا "ً
" حسناً لن أنسى "
ثم نظرت الى صحنها وأردفت :
"لم أتلق أي رسالة من مايك اليوم أيضاً وها قد مضت عشرة ايام على رسالته الاخيرة ارجو ألا يكون مريضاً "
فسارعت كلير تجيب وهي تراقب أختها بقلق :
" بل لعلها مشاكل البريد "
كانت لوسي رقيقة وحساسة وتجرح بسهولة لذلك تنفست الاسرة الصعداء عندما التقت بمايك دانكن قبل سنة فيما كانت لاتزال في الجامعة أما مايك فكان يتابع دراسات عليا في الجامعه نفسها ويعد أطروحته فيها وهو يكبرها بأربع سنين ،وقد اكتسب خبرة في عمله قبل أن يبدأ بإعداد الاطروحه .وسرعان ماأحبته الأسرة بكاملها وسرت لما خطبت لوسي الية فهو شاب هاديء ومثابر ومحب .لكنه مالبث أن تلقى عرضاً للعمل في افريقيا لسنه واحدة كأستاذ في دار المعلمين هناك .فأصر على تأجيل الزواج حتى عودته ,وافقت العائلة بأكملها مجدداً مع ان كلير ظلت تشك في دوافعه من حين الى أخر. ومع ان لوسي مازالت شابة والسنه سرعان ماتنقضي ،الا ان كلير أدركت أن غياب مايك بات يقض مضجع أختها.
مضى على سفره ستة أشهر ومن المفترض أن يعود في الربيع استعداداً للزواج. وخلال هذه المده واظب على بعث الرسائل الخطية والتسجيلية أيضاً لكن الأوراق لا تماثل وجوده الى جانبها لذلك أحست لوسي بالوحدة والملل غالباً.
ومالبثت أن تمتمت وهي تتصنع ضحكة لم يصدقها أحد:
" لا باس ما دام لا يقابل فتاة أخرى! "
فتبادلت كلير ووالدها النظرات لكن أياً منهما لم يتفوه بكلمة ومع ذلك تكهنا بما يشغل بال كل منهما فماذا لو صحت مخاوف لوسي؟ وأنباهما الارتعاش في شفتيها بالجرح العظيم الذي قد يحدثه فيها ذلك. وهتف جايمي وهو لايبالي إلا بنفسه :
" هل لي بحلوى الشوكولا؟ بالمناسبة ، اقلت لكم ماذا أريد كهدية للميلاد ؟لذا أعددت لائحة ،توفير لوقتكم ولمساعدتكم "
" لا تأتي على ذكر الميلاد حتى. "
ومالبثت كلير أن اطلقت تنهيدة عالية وهي تتذكر كل العمل الذي يستوجبه موسم الاعياد عليها ان تعد لائحة بمهماتها ولكن في الوقت الحالي أرادت أن ترجئ فكرة الميلاد حتى تعتاد عليها.
ثم أمر جورج سامر ابنه الأصغر :
" كٌل الحلوى ثم ساعد في تنظيف المادة "
وراحت كلير تراقب جايمي يضيف حصة جديدة من الشوكولا ،وذهنها غائب عنه كلياً في الحقيقة كانت تفكر في دنزل بلاك..سيتطلب منه تجديد "البحيرة السوداء" أشهراً عديدة فهل سيقيم في أمريكا في غضون ذلك ؟لا بد انه تلقى عروض عمل عدة بعد نيله تلك الجائزة .وهي تذكر أنه غادر أمريكا لأن أحداً لم يكلفه بفيلم جديد. فماذا لو تغير ذلك الان ؟حينها لن يضطر الى الانتقال الى هنا مجدداً ولعله سيبيع المنزل ما إن يجددة.
أحست بنبضها يثب مجدداً ،فشعرت بالانزعاج وعضت شفتيها .بما أنها غير معجبة بالرجل ،لم تراها تحفل به؟ وسرعان ماظهرت بوادر كانون الاول فهبت رياح ثلجية من البحر إلى البلدة ،فاكتست هذه منظراً رمادياً كئيباً وقد وقعت أسيرة سماء تكدست فيها غيوم سوداء تنبء بالمزيد من الثلج. وأخيراً تلقت لوسي أخباراً من مايك .فوصلتها ثلاث رسائل دفعه واحدة بعد أن تاخرت في بريد أفريقيا كالعادة في ذلك الوقت من السنه .
وفيما غمر الحماس والارتياح قلب لوسي ،ظلت كلير على قلقها فتقلبات مزاج أختها الجامح تزعجها ،لأنها تدل على سرعة تأثرها .وتمنت كلير لو أن مايك يعود ال الوطن في وقت مبكر.
ومن بداية هذا الشهر ،أصبحت " البحيرة السوداء" ملكاً لدنزل بلاك مما خلق هياجاً في صحف لندن وشبكات التلفزة المحلية .وانطلاقاً من ذلك ، اجتاح فرق تصوير وكالة كلير ، وحاول أن يقابلها ، لكنها طلبت منهم المغادرة ، بمنتهى البرودة ورفضت الاجابة عن أسئلتهم ورغم ذلك أذيع خبر عن الموضوع على التلفاز في ذلك المساء.
" لم لم تقابليهم ؟فمن الروعة أن نراك على شاشة التلفاز! "
فأجابت وقد رأت موافقة أبيها واشمئزاز أخوتها :
"هذا يعد من آداب المهنة .فلا يجدر بي أن أتحدث عن زبائني"
واستطاعت كلير أن تودع قسماً هاماً من أرباحها في المصرف .في الواقع ، كانت أرباح الوكالة هذه السنه أوفر مما توقعت ، وبدت في الحالة المادية جيدة جداً .فقالت لأبيها :
"أظننا نستطيع أن نوظف أحداً ليساعدني في المكتب على الاقل بدوام جزئي"
وافق ابوها قائلاً:
"وحينها ترتاحين من العمل في المناسبات ،فأنا أكره أن اراك متعبة بهذا الشكل".
هزت كتفيها بلا مبالاة وأجابت : "أنا بخير".
" لا اريد أن ينتهي بك المطاف كالمسكينه هيلين شيرارد. "
فأجابت وعيناها الزرقاوان تنمان عن غضب عميق :
" لن يحدث ذلك فلا تقلق "
في الحقيقة ،يدفعها تعقلها الى الاحتراس من أي رجل ومنعه من إخضاعها لهذه التجربة ،لاسيما إن كان رجلاً كدنزل بلاك.
في وقت لاحق من الاسبوع ، وقعت على مقال في الصحيفة عن النجمة التي مثلت في فيلم دنزل بلاك الأخير .كانت الصورة تبينها على نقالة ، في عيادة في لوس أنجلوس ، وقيل إنها تناولت جرعة مفرطة من الهيروين، حتى شارفت على الموت .ونقلاً عن "صديق مقرب" تبدلت حالة الممثلة منذ انتهائها من تصوير فيلم دنزل بلاك.
وأضاف الصديق:
" لايعود السبب الى المخدرات بل الى الحب فلم يرها كثيراً خلال الأشهر المنصرمة أما هو فقد أنهى الفيلم وأنهى معه علاقتهما مما جرح قلبها "
حدقت كلير في الصورة المبهمة ،وتراءى لها التعبير المأساوي على وجه الممثلة , وفي عينيها السوداوين الشبيهتين بالأشباح ألم تبد هيلين على هذه الصورة مؤخراً؟ترى ماذا يفعل هذا الرجل في النساء اللواتي يغرمن به؟
وفي عطلة نهاية الاسبوع ،استأجرت كلير الفيلم من متجر الأفلام المحلي ، وشاهدته مرات عدة.سحرها الفيلم نفسه وجمال الممثلة ، وكان عليها أن تقر بمهارة دنزل في الاخراج ، فالتصوير جميل ،بل ساحر ومختلف عن اي فيلم شاهدته من قبل . أما المشاهد الحميمية ،فقد صورت برقة زادت جوها الحميمي. وقبل أن تخلد للنوم ،استلقت على السرير في الظلام وهي تفكر في الفيلم وفي دنزل بلاك . ولما شاهدت الفيلم ثانية ،استنتجت أنه رجل ذكي ومعقد وخطير. وحين أرجعت الشريط الى صاحب المتجر ،سألته إن كان يملك أفلاماً أخرى لدنزل بلاك,فسلمها شريطاً قضت الليلة التالية في مشاهدته ،مرات عدة أيضاً .وبعد ذلك شاهدت كل افلامه في سلسلة سريعه ، وهي تحاول أن تكتشف شخصيته من خلال أسلوبه في الاخراج .وهي المرة الأولى التي تولي فيها مخرجاً كل هذا الاهتمام ،أو تحاول سبر أغواره من خلال نوعية العمل الذي يقدمة وأدركت أن في أفلامه أدلة موزعه هنا وهناك.
وفي عشية الميلاد ،أغلقت الوكالة مبكرا أي ما ان تجاوزت الساعه الربعه بقليل .ثم شقت طريقها في الشوارع المكتظة بالمارة وراحت تسرق اللحظات الأخيرة بحثاً عن هدايا الميلاد.
راحت تحدق في واجهة أحد محال الملابس الداخلية الغالية الثمن ، حين أحست بشخص يتوقف وراءها .ورفعت نظرها بشكل غريزي الى الواجهة الزجاجية لتشاهد صورة الغريب ،لكنها لم تر أحد. وإذا بصوت يرتفع من وراءها :
" مرحباً"
تصلبت ونظرت خلفها ، ولما عرفت ذلك الوجه سرت في جسمها قسعريرة باردة. وكيف لها ألا تتعرف إلى ذلك الشعر الأسود الناعم الذي يتدلى حتى الصدغ ، وهاتين العينين الرماديتين الثاقبتي النظر وهذا الفم القاسي.
وبقيت لثانيه عاجزة عن الحركة لا بل مشلولة وكأنها في كابوس تواجه خطراً تعجز الكلمات عن التعبير عنه ، وقد جمدها رعب كلي .وقفت تتفرس في هاتين العينين وهي تشعر أن قوة الارادة فيهما تكاد تحرقها.
وسألها بذلك الصوت الغامض العميق:
" لم تنسيني ،أليس كذلك ؟ "
في تلك اللحظة تنمت لو تستطيع أن تمئ برأسها وتجيبه انها نسيته .لكنها لن تكون الا كذبة تعرف تمام المعرفة أنه لن يصدقها.
على أي حال لم ينتظر أي اجبابة بل تابع بهدوء :
" ماذا ستشترين؟ القميص الابيض المحتشم أم ثوب النوم الفيكتوري الفضفاض الذي يزرر من الرقبة حتى القدمين ؟ فقد رأيتك تنظرين إليهما .لماذا لا يدفعك الحماس مرة الى شراء ثوب مثير كهذا الثزب الاسود ؟فباستطاعتي أن أتصورك فيه "
ثم ابتسم ابتسامه ساخرة عريضة زادتها ضيقاً وأحست بلون حارق يجتاح محياها.
طرفت عيناها ، وحاولت ا، تتخلص من السحر الذي يطوقها فيما خفقات قلبها تزداد سرعة وأنفاسها اضطراباً. وسرعان ما أحست وكأنها تستيقظ من سبات شتوي وبدا لها أن أعضاء جسدها كاملة أخذت تعمل تدريجياً بعدما توقفت مدة قصيرة .
وغمرها شعور قوي بالدوار ،جعلها تستشيط غضباً فردت عليه بحدة :
" لا أتسوق لنفسي ،بل أبتاع هدايا الميلاد! "
لم تكن تثق أن باستطاعتها المحافظة على أدبها طيلة فترة حوارهما .ولذا كان عليها ان تبتعد عن التأثير الطاغي الذي يتملكها ما إن تقترب منه. وهكذا فعلت حتى كادت تصطدم بباب المتجر .فتبعها بدوره ،ورجلاه الطويلتان تسمحان له بمجاراتها من دون عجلة .ثم أضاف :
" لأختك الصغيرة الجميلة؟ "
ولما سمعت أنه مازال يذكر لوسي تملكها الاسف .وادركت باشمئزاز أن عليها أن تحول دون لقائه أختها مجدداً .فآخر ماتريده هو أن يلحق الأذى بها لاسيما أنها مازالت حساسة في الوقت الحالي. وقد يطيح هذا الرجل بعقلها ويجرحها كثيراً تماماً كما فعل بهيلين والنجمة السينمائية .لكن كلير مستعدة لقتله إن هو اقدم على ايذا اختها.
توقفت عندباب المتجر وسالته:
"أنت لاتعيش في "البحيرة السوداء" اليس كذلك ؟ فقد سمعت ان البنائين باشروا عملهم قبل رأس السنه. "
فأجاب بجفاء :
" معلوماتك دقيقة جدا. من المدهش كم تنتشر الاشاعات في بلدة صغيرة . وبالحديث عن الاشاعات ،أود ان اشكرك لأنك رفضت التحدث الى الصحافة "
" لقد أخبرني احد الصحافيين ويبدو ان اهتماماتهم قد خبت الان.ولكن ،في حال تعطشوا الى المزيد من المعلومات مجدداً سأكون شاكراً لو حافظت على تكتمك .ففي الاشهر القليلة المقبلة سأكون مكباً على أعمالي ولا أريد أن أضيع الوقت مع وسائل الاعلام "
أومأت ببرودة وقالت:
" أفهم ذلك إنما أستنتج أنك تلجأ اليها حين تخدمك "
فاحتدت في عينيه نقطتين سوداوين وأجاب :
" نعم،فهي شر لابد منه "
" وبالحديث عن هذا عرفت من الصحافة أنك فزت بجائزة عن فيلمك الاخير. "
كانت تنظر الى الاسفل في أثناء حديثها لكنها ظلت تراقبه من خلال أهدابها وأردفت :
" أهنئك "
فراقبها هو الآخر وقد ضاقت عيناه وعلت السخرية محياه وقال:
" شكرا ً"
وازدادت كلير جرأة في كلامها :
" من المؤسف أن نجمتك باتت متوعكه منذ انتهاء الفيلم! "
واذا بها تلاحظ ملامح وجهه تشتد وفمه يقسو فيما عيناه الرماديتان يكسوهما الجليد ومالبثت أن أشاح بوجهه بعيداً.
" من حسن حظي أنني رأيتك .فقد مررت بمكتبك منذ قليل ،أملاً أن تعثري لي على مكان أقيم فيه لستة أشهر أو سنة، بانتظار أن يجهز المنزل. تكفيني شقة ،اوحتى كوخ صغير. "
فردت كلير باستمتاع:
" أخشى ان ما من مكان مناسب في سجلاتي في الوقت الحالي .لم لاتبحث على طول الشاطيء، أو ربما في نواحي يورك؟ "
فرماها بنظرة قاسية وقال:
" أحتاج الى السكن بالقرب من "البحيرة السوداء" طالما أن اعمال التجديد تجري هناك "
عندئذ ابتسمت كلير ببرودة وأجابت:
" حسناً، إذا صادفت اي مكان فسأعلمك .هل تقيم في فندق جيمي ستور مجدداً "
ومضت عيناه:
"كلا ،اذا يبدو ان لاغرف شاغرة فيه .ففي الوقت الحالي،تقيم هيلين هناك، ومامن غرف اضافية.لكنني اقيم هنا في البلدة. "

بالكاد يعد هذا مفاجئاً لاسيما بعدما سببه لهيلين!
فقالت والبرودة البارعة نفسها في صوتها ووجهها:
" انا متاكدة من انك ستكون مرتاحاً تماماًهناك ،والان علي أن أذهب الى اللقاء "
وفيما هي تستعد للذهاب ،تناهى اليها صوت لوسي ،فأحست بقلبها يقع كالحجر:
" كلير،انتظري دقيقه،كلير..."
نظرت حولها وهي تعض شفتها ،واذا بلوسي تعبر الشارع، وهي تتفادى السيارات بأبواقها الصاخبة ،وتلتف حول حافلة ، راح ساقها يزعق فيها بغضب .
ولما وصلت أخيراً ،قالت بلهاث :
" انا محظوظة ...لأنني لمحتك ...أيمكنك أن تقرضيني عشرة جنيهات ؟لقد نفذت النقود مني، ودفتر شيكاتي ليس بحوزتي ،لكني سأحرر لك شيكاً ،ما إن نعود الى المنزل"
" حسنا "ً
وراحت كلير تبحث في سرعه في حقيبتها ، حتى وقعت على العملة المناسبة.
-" ليك المال. "
وان كانت تأمل من السرعه أن تحول دون لقاء لوسي بدنزل بلاك ،فقد خاب املها .اذ رمقته لوسي بنظرة مهذبة ،ثم عادت وتفرست فيه .وفجأة علا التورد وجنتيها:
" أنت السيد بلاك، اليس كذلك؟ مرحباً صرت أقرأ عنك في الصحف بعد لقائنا في المرة الماضية.ولا أصدق أنني لم اتعرف اليك حينها.لكن فكرة تواجد مخرج مشهور في غرينهاوي لاتصدق. فلم يخطر الأمر في بالي ،كما أن كلير لم تتفوه بكلمة واحدة "
فتمتم وقد لوى فمه بسخرية:
" أختك امرأة كتومة جدا ً"
ثم رمقها بنظرة جانبية تعمدت تجاهلها وأضاف:
" وانا لا اود أن أثير اهتمام وسائل الاعلام في الوقت الحالي"
" لا طبعاً.وافهمك جيداً. "
وسالته بحماس :
" انت لا تعيش في "البحيرة السوداء" بعد، اليس كذلك؟ "
فأجابها:
" كلا،لكني أبحث عن مكان أقيم فيه بصورة مؤقته في البلدة .فان كنت تعرفين مكاناً.."
" في البلدة؟ "
وحاولت لوسي بجهد أن تفكر في اي اقتراح ،ثم أردفت:
" اتقصد منزلاً ؟ الاتستطيع كلير أن تعثر على منزلٍ؟ "
فرد:
" كلا، للأسف "
وسرعان مالتمعت عينا لوسي وقالت:
" وجدتها! لي صديقة تملك منزلاً، ووقد أحالته شققاً. وقد تكون إحداها جاهزة للإيجار في الوقت الحالي.اتريدني ان اسالها ان كانت مستعدة لاستقبالك؟ "
ولما تأملته كلير،لاحظت انه لا يبدو متحمساً للفكرة.
وسألها ببطء:
"هل هذه الشقق مستقلة ؟اعني ،الكل منها بابها الأمامي؟ "
" نعم ، وفي الواقع ،ليست الشقة كبيرة. بل تضم غرفة واسعة وحماماً صغيراً. "
ثم ابتسمت ابتسامه مشرقه واضافت :
" ولكن في حال توافرت ،لن يضرك أن تلقي النظر عليها ،اليس كذلك؟ "
فضحك واجاب لوسي:
" صحيح "
واجالت لوسي بصرها في الشارع العام:
" ترى ،اين احد الهاتف الاقرب؟قد اقع على واحد في مكتب البريد. سأتصل بجيني ،وان كانت الشقة شاغرة ،سأصطحبك اليها الان، لتتفحص المكان .انتظرني هنا ،فلن أتأخر. "
ولما اندفعت الى مكتب البريد ،قالت كلير بغضب:
" لا اظنها فكرة جيدة .فهذا النوع من التسويات محفوف دائماً بالمشاكل. "
فتمتم:
" أوافقك الراي،لكنني لا أريد ان اقضي الاشهر المقبلة في فندق .وان لم يكن لديك حل أفضل ،فقد اجدني مضطراً الى قبول عرض اختك .وبالمناسبة .هي تدخل البهجة الى القلب،بالاضافة الى أنها جميلة. أحب وجنتيها ،وذلك الفم الممتلئ الواسع ، واحب جمالها المليء بالحيويه والنابض بالحياة. "
وما كان من كلير الا ان عضت شفتها السفلى ، وقد غمرها فجأة شعور بالخوف على لوسي. فهي لا تريد أن تماثل نهايتها نهاية هيلين، وتلك الممثلة المكسيكية الايرلنديه، فتمسي شاحبة ،وتفتقر للحيوية، فيما حياتها حطام بحطام.
وتمتمت ببطء :
" بالطبع ،مازال أمامك كوخي "
فحدق فيها وهو يرفع حاجبيه:
" ماذا؟ ذلك الذي لاسقف له؟ "
" لقد اصلحت السقف منذ اسابيع خلت.في الواقع، انتهى معظم العمل الاساسي،وجهزت المنزل بالتدفئة المركزية والاسلاك الكهربائية الجديدة. "
بدا مندهشاً وهو يسالها :
"أقمت بكل ذلك بنفسك؟"
فردت وقد فرغ صبرها:
"كلا، لقد تلقيت مساعده من بناء اعرفه،لقاء ثمن بخس ،نظرا الى انني دبرت له العديد من الاعمال .كما أنعمت علي هذه السنه بأرباح وفيرة،واصبحت من الانشغال الى حد افتقرت فيه الى الوقت للعمل في الكوخ.لكن تم تجديد الديكور في بعض الغرف ، كما ان انابيب المياه صارت في حال سليمة "
فاجاب دنزل بلاك بنبرة تعكس تسلية واضحة :
" الهذا لم يبادر البناء العمل في "البحيرة السوداء؟ الانه منشغل بالعمل لحسابك؟ "
" لكنه ليس البناء نفسه.فالرجل الذي استخدمه لا يطالب بأجر مرتفع.وهو يعمل مع اخيه، وعلى الارجح لن يتمكن من تولي أمر مشروع بحجم "البحيرة السوداء"،فقد يستلزم ذلك منه سنوات"
" حسنا هل استطيع ان ارى كوخك ؟الان؟ "
" الان؟ لكن الوقت متأخر والظلام يكاد يحل.اخشى أن عليك الانتظار حتى مابعد عطلة الميلاد.
" لكنني لا اريد الانتظار .اصحبيني الى هناك الان. "
" لا استطيع.. "
وقبل ان تكمل جملتها ،رأت لوسي تسرع نحوهما فقالت في عجلة :
" لاتقل لأختي انك ستستخدم منزلي ،فانا...لا اريدها أن تعرف ...وذلك...لأسباب خاصة لا استطيع مناقشتها "
واحست بعيني دنزل بلاك الرماديتين الثاقبتين تحرقانها، وتقرآن الافكار في عينيها، فأشاحت بوجهها المتوهج .في الواقع ،لم تكن تريده ان يخبر لوسي خوفا من ان تعرف مكانه ،فتزوره كلما خطر لها ذلك.بل أرادت ان تبعد دنزل بلاك عن طريق لوسي قدر استطاعتها.
اجابها بنعومة:
"لن اخبرها ،ان رافقتني لرؤية الكوخ الليلة "
فأحست أنها تريد صفعه وهتفت :
" هذا مستحيل ! "
عندها ،هزكتفيه استهجانا وقال:
" بالطبع، المسأله تتعلق بك،اذاً، هل اخبر لوسي؟ "
ونظرت اليه والشرر يتطاير من عينيها :
" هل تقوم بابتزازي؟ "
فالتمعت عيناه بتسلية لا اثر للندم فيها :
" اذا شئت.ففي عالمي ،تتعلمين ان تستعملي الاسلحة المتوفره كلها.انت تملكين ما اريده ،وفهمت أنك لاتريدين ان تكتشف اختك مخططاتك لسبب معين ،لن اتكهن به الان .وكل ماعرضه عليك هو صفقة ،فما ردك؟ "
باتت لوسي على بعد خطوات فقط ،لذا كان على كلير ان تفكر بسرعة وفي النهاية أومات ، ووجهها تكسوه حمرة الغضب.
" حسناً.اوافق على هذها الصفقة. "
" اذا .مري بي بعد ساعة. "
وقبل ان تتمكن من الرفض ،اقبلت لوسي لاهثة:
" كانت ردة فعل جيني عنيفة,واخبرتني ان تحضر اليها تواً.هناك شقتان شاغرتان، ولكنهما في الطابق الاعلى،يمكنك ان تحصل عليهما معاً،أوعلى واحده منهما فقط. ولكن اخشى أن مامن مصعد ،وواضح ان السلالم كثيرة... "
رأته كلير يعبس بشدة ثم يهز رأسه :
" السلالم كثيرة؟كلا ،اخشى ان لامجال لاستئجار الشقة اذا .ولكنني اشكرك لتكبد كل هذا العناء يالوسي ،واجدني مضطراًللرفض. على اي حال ،لاتقلقي سأجد مكاناً آخر. والان علي الذهاب .اراكما لاحقاً، من دون شك "
وقبل ان تستوعب لوسي ماحدث،كان قد رحل ،فالتفتت الى كلير بخيبة امل:
" ه، يالهي ،ستحزن جيني بشدة لانه لن يأتي .فقد كانت متحمسة جداً، نظراً الى انها تهوى الافلام،وتعتقد انه مخرج .ولما اتصلت بها،اخبرتني انها ستجهز المكان. "
" اذا من الافضل ان تتصلي بها مجدداً،لتوفر على نفسها هذه المشقة. "
فتنهدت لوسي بعمق وقالت : " نعم،يجدر بي ذلك "
وفيما كانت لوسي تعود ادراجها الى مكتب البريد ،هتفت كلير : " اراك بعد قليل "
ثم ذهبت في الاتجاه المعاكس .كان عليها ان تستقل سيارتها وتترك المنزل قبل ان تعود اليه لوسي ، والا اضطرت الى الاجابة عن اسئلة ليس في نيتها ان تجيب عليها.فما كان منها الا ان مشت سريعاً،وهي تقطب جبينها بغضب.
انها ملزمة بتأجير الكوخ ،كي يقيم فيه دنزل بلاك فتره له ان يحدد مدتها .وهذا آخر ماتتمناه.ولكنه بطريقة او باخرى ،أحبط مناورتها .واحست كلير أنه غالباً ما ينجح في مساعيه .لكنها في المستقبل ستراقبه عن كثب ،ولن تجعه يلحق بها الخسارة مجددأ


اسيرة الماضى غير متواجد حالياً  
التوقيع
سكرنا ولم نشرب من الخمر جرعة
ولكن احاديث الغرام هي الخمر
فشارب الخمر يصحوا بعد سكره
وشارب الحب طول العمر سكران




اشعر اننى انفاس تحتضر....بين رحيل قادم... ورحيل ماضى.....متعبا كل ما فينى
رد مع اقتباس
قديم 10-09-08, 12:29 AM   #8

Emy Abo-Elghait

نجم روايتي و قلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Emy Abo-Elghait

? العضوٌ??? » 2605
?  التسِجيلٌ » Feb 2008
? مشَارَ?اتْي » 5,170
?  مُ?إني » عروس النيل
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Emy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

وووووووووواوووووووووووووو مرسي كثير اختى الغالية ‏اسيرة الماضى

على الرواية الرائعة بصراحة انا بمووووووووووت فيها و ارجوكى متأخريش علينا في تنزالها



رمـــضـــــان كـــريم


Emy Abo-Elghait غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-09-08, 11:43 AM   #9

اسيرة الماضى

نجم روايتي وناقدة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

 
الصورة الرمزية اسيرة الماضى

? العضوٌ??? » 5714
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,703
?  نُقآطِيْ » اسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond repute
افتراضي

3- مصاص الدماء


يقع كوخ كلير على بعد نصف ميل من البحيرة السوداء ،وقد بني وفق الطراز الفيكتوري،من الصوان والحجر ،ويعلوه سقف رمادي من الاردواز.شيده في الاصل فلاح محلي لايواء خرافه ،وهو قريب من المراعي حيث ترعى النعجات ،بانتظار أن تضع صغارها في الاشهر الباردة الاولى من الربيع. يضم الكوخ أساساً غرفتين وحجرة لغسل الاطباق في الاسفل ،وغرفتين اخريين في الاعلى .لكنه خلا من اي حمام او حتى مغسلة .وقبل سنوات شب حرق هائل في الكوخ ، فترك فترة طويلة خاليا،متداعيا قبل ان تقدم كلير على شرائه .ولما كان السقف منهاراً.والنوافذ مهشمة وورق الجدران مقشر، تمكنت كلير من شرائه بمبلغ زهيد ، وقررت أن تعيد تصميمه وفق رغبتها.
وقف دنزل بلاك في غرفة الجلوس ,يتامل الجدران الناصعة البياض، والموقد الاردوازي الذي بقى سالما رغم الحريق ،اضافة الى قطع الاثاث الموزعه في ارجاء الغرفة ,التي اشترتها كلير بثمن بخس من المزادات .وما لبث ان تمتم:
" هذا مثير للاهتمام! ليس حميمياً تماماً،ولكنه مثير للاهتمام ،لاسيما أنه ذوقك. "
فتذمرت بدفاع :
" لم انته من الديكور بعد، اما الاثاث فمؤقت،وذلك حتى اقرر مظهر المكان النهائي "
" له جو خاص .فهذه المصابيح مثلا تناسب "البحيرة السوداء " بل تبدو وكانها تنتمي اليها.
فاحمر وجه كلير وقالت:
" لم ات بها من هناك، اذا كان هذا ماتلمح اليه "
رمقها بعينين باردتين ،واضاف:
" لم افعل .لا تردي بنزق على كل ما اقوله ،فذلك اشبه بمحادثة مخلوق شرس"
وقبل ان تبدي كلير اي رد فعل ، اردف بنعومه :
" لكني مستعد لتقديم عرض "
فتصلبت قبل ان تهتف: " ماذا؟ "
أجابها بصوت رقيق: " بشأن المصابيح "
" آه! "
استرخت مجددا ،انما قبل الاوان اذ سالها وفي عينيه سخرية باردة تتعارض مع الدم الحار الذي صبغ بشرتها: "وماذا ظننت انني اقصد؟"
ومرة اخرى ،لم تملك وقتا للاجابة اذ بادرها بسؤال جديد:
" ماذا عن الحرارة ؟"
فرمقته بارتباك ،قبل ان يفسر كلامه :
" ماذا عن نظام الحرارة في هذا الكوخ؟ "
" تنبعث التدفئة المركزية من الموقد في المطبخ . "
ولم تستطيع كلير ان تعرف تماما هل يطلق ملاحظات ذات حدين ، ام انها تتخيل الامر ليس الا.اهي شديدة الحساسية اليوم.ام انه فعلاً يتسلى على حسابها ؟ومهما كان السبب ،فقد دفعها الانفعال الى الخروج من غرفة الجلوس ، والتوجه الى الغرفة المقابلة ، التي تضم المطبخ ومائدة الطعام .وما كان منه الا ان تبعها ،ثم توقف فجأة وقد علا حاجباه دهشة.
" هذه غرفه مختلفة .أكاد احس انني بحاجة الى نظارات شمسية لشدة النور هنا؟
بالفعل ،كانت غرفة ذهبية دافئة .فالجدران مكسوة بورق الصنوبر الذي يحفظ الحرارة ، ويناسب الطاولة والكراسي المصنوعه من خشب الصنوبر ايضا.والخزانه الطويلة تحوي عدداً من الاواني الخزفيه الصينيه التي دأبت كلير على جمعها على مر السنين .اما ستائر النوافذ .فتزينها تفاحات حمراء لماعه واوراق خظراء كبيرة ،تضفي على الغرفة جوا طفولياً،مفعماً بالحيويه ونابضاً بالفرح. بدا ذاهلا لا يصدق عينيه وهو يقول: " أهذا ذوقك؟ "
ودت كير لو ترد بالايجاب ، لكن بدا من الواضح انه لن يصدقها .وكم ازعجها ان يكون على حق! فهي لاتريد ان يكون رايا عنها .غير انها اضطرت ان تقر بالحقيقة على مضض:
"في الواقع تركت لاختي حريه انتقاء الاثاث والستائر"
فأعلن ،وقد رفع حاجبيه الاسودين بسخرية :
" آه...انها لوسي اذا..وهي نسخه كبيرة لأليس في بلاد العجائب ! نعم هذا اكثر منطقية"
واستدارت كلير وخرجت من الغرفة ،ثم التفتت الى الخلف وقالت :
" في الاعلى .غرفة مفروشة واحدة "
"لكني احب هذا الخشب المكشوف ،فهو يبدو رائعاً. "
" يعني ذلك انه يحتاج الى ان يصقل جيداً.اعرف امراه بالقرية تقوم باعمال التنظيف ،لكنها تطلب اجراً مرتفعا، نظرا الى انها تحتاج لسيارة لتصل الى هنا.وقد نظفت المنزل بعد ان غادر البناء! لذا فهي تعرف المكان.
" هل يمكنك ا ن تطلبي منها تنظيف المنزل مرة في الاسبوع .اظن ذلك يكفي ،فالمكان ليس كبيراًمارأيك؟ "
" حسنا، ساتصل بها ، واطلب منها ان تخابرك ، في حال قررت أن تستأجر المكان .
" لقد سبق وقررت ،ساستاجره لستة اشهر. "
وقف في غرفة النوم الاساسية ،وراح يتامل الجدران البيضاء العارية. والسرير الفردي الضيق ، ثم نقل ناظريه الى الخزانه التي تحتل جانبا مهما من الحجرة .كما لاحظ كرسيا مندا وحيدا من المخمل الزهري اللون .ومرآة من الطراز الفيكتوري ،ابتاعتهما كلير من البلدة في العام الفائت.
بدأت كلير تشكو ،وهي لاتزال تمانع فكرة استئجاره كوخها:
" اخشى انك لن تكون مرتاحا هن ا"
فرمقها بنظرة جافة وعلق :
" بل سأكون بخير،مادمت لاتمانعين ان اجعل المنزل اكثر صلاحية للسكن ، اي ان اضفت بعض لوازمي الخاصه كرسوماتي وكتب وجهاز موسيقى "
ولم يكن باستطاعة كلير أن تبدي اي ممانعه .فاكتفت بتأمله وهو ينتقل الى النافذه ،لينظر الى البستان المظلم ،فيما ظله الطويل ينعكس على الحائط الابيض بطريقة مخيفة.
في الحقيقة ،لم يكن من السهل عليها ان تفكر في انه قد يعيش هنا،في البيت الذي اعدته لنفسها .فمنذ اشترت الكوخ ،وهي تشعر بالحماس لهذا التصرف المليء بالتحدي الذي اقدمت عليه.ولما وصل الخبر الى اسرتها اجفل اهلها ،ثم مالبثوا ان وجدوا الفكره مسلية ،قبل ان يشعروا بالسخط مجدداً.فكيف تقدم على شراء كوخ متداع ؟ومالذي دعاها الى ذلك بحق السماء ؟بل لماذا تحتاج الى منزل مستقل ؟ فلديها منزل ،يجمعها بأبيها واخويها .اما لوسي ،فستتزوج قريباً وترحل لتعيش مع مايك في مكان ما. وحينها من سيعتني بمنزل العائلة ؟ من سيكون أما حنونا لروبن وجايمي؟وقرأت كلير في اعينهم انها لاتستطيع الرحيل ،فهم يحتاجون اليها.
ولما كانت كلير تعرف ذلك.فارقتها كل نيه في هجرهم .فهي تتمتع بحس قوي بالمسألة وتحب عائلتها ، لكن فكرة الحصول على منزل مستقل ظلت تعن على بالها.
واصبحت ،كلما احتاجت الى الهروب من مشاكل الواقع،تلجأ الى هذا الكوخ .لذا ،كرهت أن ترى دنزل بلاك يقيم فيه.وعرفت انه ،لو سكن فيه اولا فسيراودها شعور غريب كلما اقبلت الى هذا المكان.
سألها : " ايمكنني الانتقال الى هنا حالاً؟ "
فنظرت اليه كمن لا يصدق :" ماذا تقصد بحالاً؟ "
" اقصد غدا "ً
" لكن غدا يصادف عيد الميلاد ،الن تكون مشغولاً برؤية أهلك؟ "
فقال بايجاز وبنبرة من يوصد في وجهها باباً: " لا عائلة لي "
وتحرك فضولها على الفور.امات أهله ؟اليس لديه إخوه او أخوات؟ ولكن ،لابد ان له عمه او خال في مكان! فكيف لاحد ان يكون من دون عائلة على الاطلاق؟
ومالبث ان اعلن :
" لم نأت على ذكر الايجار بعد. فكم تريدين في الشهر؟ "
لم تكن كلير فكرت في الموضوع ،لكنها تعرف المبلغ المطلوب مقابل ملكيات كهذه .لذا لم يتطلب منها الجواب ثوان،وتعمدت أن تطلب منه ايجاراً مرتفعاً،عساه يغير رأيه.لكنه أوما براسه:
" حسنا! قد نطلب من هيلين أن تجهز لنا عقد ايجار لستة اشهر. "
فأجابت وقد ازعجها أن يقبل من دون أن يطرف له جفن:
" فلندع ذلك الى مابعد رأس السنه .فكما تعلم ،لم تجد احداً في المكتب قبل ذلك الوقت .كما أن نزل "بلاكبور" يجيد الاحتفال بالميلاد وستكون مرتاحاً اكثر هناك "
عندئذ رد بنبرة فظة:
" أنا اكره الميلاد، واتحرق شوقاً الى تفويته "
وما كان من كلير الا ان حدقت فيه بكآبه وسالته:
" أتكره الميلاد؟ اتعني انك لاتحفل به اطلاقاً؟ "
" بالنسبة لي،هذا اليوم يماثل غيرة من الايام. وهكذا ،سأنتقل الى هنا في الغد ،وامضي الوقت في ترتيب كتبي ورسوماتي بسلام. وسأعد حساء وسلطة للغداء.ولن اشاهد التلفاز ،او استمع الى المذياع طيلة ذلك الوقت ،بل سأكتفي بالاستماع الى الموسيقى أثناء عملي.
فتمتمت :" أنا اسفه "
واذا بعينيه الرماديتين تلمعان بذلك الوميض الاسود الذي عرفته من قبل .وقال:
" اذا كنت تاسفين من أجلي فلا داعي لذلك ،بل اشعري بالاسف على نفسك .ساكون سعيداً جداً هنا، فيما اتجاهل الميلاد.ففي ذهني ذكريات بغيضة عن الميلاد التقليدي ،وانا متأكد من ان يومي سيفوق يومك تسلية وهدوءاً "
وراحت كلير تفكر في كل العمل الذي ينتظرها ،من جلبة الميلاد الصباحية ،الى ايقاظ الصبيان ،لمشاهدة ترانيم على التلفاز.، وكانت تحرص على ذلك.كي يتسنى للصبيان أن يسمعاها ،فيما يقومان بمساعدتها على مضض ،ويطلقان الشكوى ،وعيونهما تتألق حماساً . كما تذكرت هدايا الميلاد وهي تفتح ،ونباح الكلب وقد أثير حتى الجنون، بسبب هذا النشاط غيرالمألوف. واستعادت رائحة ديك الحبش المحروق في الفرن،فيما هي تسرع غاضبة لانقاذه ،وسط ضحك الصبيان.وعادت اليها ذكرى تدافعهما أثناء ترتيب المائده ،بينما لوسي تقدم الطعام ،وجدالهما وتشاجرهما ،قبل أن يتركا لها الفضلات لتنظفها .عندها ،يعمد أبوها الى النوم في كرسيه الهزاز ،فيما تقوم بغسل الاطباق مع لوسي ، ويخرج أخواها في نزهة في جو بارد جداً يصرفان فيها تلك الطاقة الزائدة كلها.ويهدأ البيت أخيراً حوالي الساعه،فترتمي في كرسي قبل أن يعودا
مطالبين بشطائر ديك حبش ،وحلوى الميلاد. رفعت نظرها الى دنزل بلاك ، وجهها البيضاوي الهاديء مفعم بالدفء والمرح.
" سيكون يومي ساحرا "ً
فتبدل وجهه وتعمد ان يتفحصها بنظراته:
" ترى،فيم كنت تفكرين؟ في رجل؟ أهو عشيقك؟ لاترتسم هذه النظره على وجه امرأة الا حين تفكر في رجل "
عندئذ تألقت عيناها بوميض جليدي، ثم أشاحت بوجهها بعيداً،وحانت منها التفاته الى ساعتها بحركة تنم عن فروغ صبر.
" اريد أن اعود الى منزلي ياسيد بلاك .قد لاتحب الميلاد ،ولكنني أحبه .ومازلت بحاجة الى عدد من الهدايا،عدا عن المهمات التي علي انجازها قبل ان آوي الى الفراش الليلة.
فعلق:
" كما انك لاتحبين الاجابة عن الاسئلة "
تجاهلته، وتوجهت نحو السلالم ،ورأسها يضج بمختلف الاعمال التي عليها أتمامها ،من الخضار التي تحتاج الى التقطيع والتخزين في البراد،الى قالب الحلوى الذي عليها تحضيره.
ومع ن كلير تحب الميلاد ،الا انه يترافق عادة مع اعمال كثيرة ،لا يساعدها فيها احد.عادة ،يخرج ابوها مع اختها واخويها الليلة لينشدوا ترانيم الميلاد حول شجرة الميلاد الضخمة في ساحة البلدة. وهي عادة درج عليها أهالي البلدة عشية الميلاد بغية جمع الاموال للمؤسسات الخيريية المحلية.والاستمتاع بوقتهم.وكانت غالباً ما ترافقهم، لكنها الليلة لا تملك وقتاً لذلك أبداً. وبلغت بها العجلة حد الانزلاق على الخشب المصقول للسلالم والوقوع الى الامام .وكادت تقع بقوة لو لم يمسك بها دنزل بلاك، ويحيط خصرها بذراعيه . واذا بقلب كلير يخفق بين أضلعها تحت تأثير الصدمة .وبقيت ثانية أو اثنتين واقفة في مكانها ،لاتاتي حركة ،فيما هو يبقيها بين ذراعيه، ولا يسمع الا نبضات قلبها. ومالبث ان مال اليها ،فأحست وكانه ينقض عليها،فيما هي عاجزة ،لاتقوى حراكاً.واذا بوجنتيه تلامسان خديها ،حتى شعرت ببشرته باردة ،ناعمة فسرت في جسمها رعشة حين خيل اليها انه سيعانقها. لكن كل مافعله هو سؤالها:
" هل أنت بخير؟ "
وكان السؤال من العنف بحيث انتشلها من غمرة النشوة وأعادها الى أرض الواقع.فحررت نفسها من قبضته بارتجاف ،ثم نزلت الدرجتين الباقيتين من السلم،وهي تقول بصوت أجش:
" نعم ،اشكرك "
واسرعت الى الباب الامامي ودنزل بلاك يتبعها من غير أن يكلف نفسه عناء اسراع الخطى.
ولما عادت كلير الى سيارتها ،تنفست الصعداء،ثم انطلقت بعيداً.لكن سعادتها كانت لتصبح أضعافاً لو تخلصت من هذا الراكب ما ان تبلغ البلدة. لاسيما ان وجودها وحيده معه هو بمثابة تجربة مرهقة للأعصاب. وفيما كانا يسيران في شوارع البلده،وقد اضاءت انوار العيد المتاجر،نظر اليها دنزل بلاك بجفاء،وقال:
" انظري الى كل هذه المتاجر بثلجها الزائف واشجار الميلاد! بات الميلاد مجرد سلعة تجارية ،ولا يحمل اي معنى ديني منذ زمن . "
فرمقته كلير بنظرة جانبية باردة:
" هذا بالنسبة اليك ربما،لكن عائلتي تواظب على زيارة الكنيسة . وسنحضر قداس منتصف الليل .ونحن غالباً ما نصلي عشية الميلاد، فهذا الطقس الديني هو الاحب الى انفسنا .وتشترك لوسي واخواي في التراتيل ،وتكون الموسيقى رائعه دائماً. "
" دعيني اتكهن ...انها موسيقى آلات الغيتار. "
أثارت نبرة الاحتقار في صوته سخط كلير ،فردت :
" كلا،لطالما كانت موسيقى الميلاد تقليدية ،وتتالف من ترانيم الميلاد ،او اناشيد لاتينيه قديمة وكلاسيكية،ونحن نملك آلة أرغن ممتازة. وتقول لوسي انهم سيغنون الليلة لموزارت وبليسترينا. "
ثم توقفت عن الكلام وخففت سرعتها ،قبل أن تشير بيدها الى اليسار ،وتضيف:
" هاهي الكنيسة .انها مصدر فخرنا ،فهي واحدة من ارقى الكنائس في هذه الناحية من انكلترا.
مال دنزل بلاك الى الامام ليحدق في المبنى العالي الذي يماثل مباني القرون الوسطى ،ببرج ناقوسه الذي يعانق السماء الحالكه ،وبسقفه المقنطر ، وجدرانه المبنيه من حجر الصوان الرمادي. ويمتد حول المبنى فناء أخضر صغير يحيط به سياج حديدي من العصر الفيكتوري ،فيما الاعشاب تنمو حول الاضرحة القديمة ، التي تظللها أشجارمعمرة.
" لم لا تأتي الليلة وتستمع الى الأناشيد؟ "
وما أن تفهوت بالدعوة حتى راته يقطب جبينه .
" لا اظن ذلك ،شكراً "
" أخائف أنت؟ "
رماها بنظرة من عينيه الضيقتين وسألها: " ومما أخاف؟ "
فأجابت بنعومه :
" من السماح لروح الميلاد بالتغلغل فيك "
لوى فمه ،فيما ومضت عيناه وأجاب :
" ربما ،وأنت ،مما تخافين؟ "
زفرت بارتياح،وأنكرت وهي تشعر بالتورد في خديها:
" انا لا أخشى شيئا ً"
فسألها بسخرية:
" حقاً؟ شعرت أنك كنت خائفة مني في كوخك "
تصلبت ،قبل ان ترد:
" اذاً كنت مخطئاً.فأنا لا اخشاك ياسيد بلاك،وانما احذر منك وحسب ، فلقد رأيت التأثير الذي تحدثه ،واعرف من اي نوع انت.ولانية لي في ان اصبح احدى ضحاياك "
ظهر الغضب على ملامحه،وأظلمت عيناه وهو يسألها :
" احدى ضحاياي؟ماذا تقصدين بحق الجحيم؟ "
ولما كانا بلغا بلاك بور ،توقفت كلير عند المدخل الرئيسي وأعلنت وقد اشاحت بوجهها عنه:
"ها قد وصلت ياسيد بلاك "
لكنه لم يترجل من السيارة ، بل لبث فيها ،وهو يتفرس في الوجه الذي بقي يتفاداه.وبعد دقيقه ،قال بجفاء:
" لست متأكدا عما تتكلمين ،لكن اذا كنت تقصدين بيلا دكلان ،فأنا لم ادمر حياتها ،بل المخدرات .ولقد ادخلتها الى عيادة ،لكنها تركتها مجدداً، لانها لم تكن مستعدة لمحاربة إدمانها ،ولعلها لن تنجح في ذلك ابداً فقد استغلت في طفولتها ،مما اثر عليها لسنوات .وبيلا فتاة مريضة جداً، وما المخدرات الا سبيلها للتغلب على الذكريات التي لا تستطيع مواجهتها. عليك الا تصدقي كل ماترويه الصحف يا آنسه سامر، فهي غالباً ماتبالغ، وتنشر الاكاذيب. "
" ولكن ،اكانت مغرمة بك حقاً؟ "
وحمل صوتها نبرة فراغ صبر ،فأجاب :
" لعلها ظنت ذلك ،لكن مدمني المخدرات يعيشون في عالم خيالي ،ولا يمكن ان تصدقي كل كلمة يتفوهون بها. "
أدارت كلير رأسها ،ونظرت اليه بازدراء حارق .ولما التقت عيناهما ،استحال لونها أحمر داكناً.فهتف بحدة:
" لا تنظري الى على هذا النحو.فأنت تجهلين كل شيء عني.مالذي يجعلك تعتقدين أنك تستطيعين الحكم علي؟ "
" لم انبس ببنت شفة ،والآن ،هل تمانع الترجل من سيارتي ؟فما زال أمامي الكثير من الاعمال، وانا على عجلة من امري، حتى ولو لم تكن أنت كذلك. "
لكنه لم يتحرك ،بل تعمد أن يسترخي ،فأسند ظهره على المقعد، ووجهه ملتفت اليها.وفيما رأسه مرتاح على يد، راح ينقل نظره عليها ،في نظرات بطيئة متوانيه .وحرصت كلير على ان تبقى متيقظة تماماً.
" شعرك يشبه ضياء القمر ،كما اسمك بالفرنسية.ألهذا أطلق عليك أبوك هذا الاسم؟ أكان لشعرك هذا اللون حين ولدت؟ "
فأجابت باختصار وهي تشعر أن خصلات شعرها تضايقها عند العنق:
" أظن امي احبت اسم كلير ليس الا "
وفكرت في عينيه المتألقتين ،وقد اختفت فيهما ارادة تقلق راحة بالها . ومالبثت ان اعلنت :
" والان ،هلا خرجت من سيارتي اذا سمحت ياسيد بلاك؟ "
" في منزل"البحيرة السوداء" سيارة فيها حاجياتي الخاصة ،وهي في الاسطبل المقفل .واريد أن انقلها الى كوخك ،وافرغ محتوياتها في الصباح فهل لي بمفاتيح الكوخ اذا سمحت؟ "
ترددت كلير أولا، ثم مدت يدها الى جيبها على مضَض, وسلمت مفاتيح كوخها. ولما تناولها منها تلامست أناملهما برفق ،فاضطرت الى كبت الرعشة التي سرت في اوصالها.وراحت تقنع نفسها ان بشرته باردة ليس الا، وأن لمسته لم يكن لها اي تأثير عليها.
وتلألأت السخرية الباردة في عينيه حين قال :
" أشكرك وسأتمادى .فأتمنى لك ميلاداً مجيداً ايضاً.وارجو ان تكون عطلتك سعيدة بقدر عطلتي. "
فردت بحده:
" شكراً،وأنا متأكدة من أنني سأكون أكثر سعادة .ففي الميلاد،كما في غيره،يحصد المرء عادة مايزرعه. "
ضحك وأجابها:
" أتقصدين أنني أستحق قضاء الميلاد وحيداً؟ اسمعي ،انتظريني هنا دقيقة ، أريد أن احضر شيئاً وسأعود في الحال"
وقبل ان تتمكن من الكلام، خرج من السيارة .فما كان منها الا ان راقبته وهو يدخل المقهى القديم.ترى ،ماذا يخطط الان؟ ثم نظرت الى ساعتها وقد عيل صبرها.يجب عليها أن تعود الى البيت ، فيكفي ما أضاعت من وقت على دنزل بلاك.وفيما هي غارقة في افكارها ،عاد وهو يمشي بتمهل ،ثم استقر في المقعد الامامي مجدداً، فالتفتت اليه كلير بتساؤل .ماذا ذهب ليحضر؟ وبعد ثوان معدودة ،رفع ما في يده حتى أخذ يتدلى فوق رأسها .فرفعت وجهها بحركة غريزية، وأبصرت الساق الخضراء، والاوراق الخضراء، وحبات التوت المتلألئة الصلبة .إنه نبات الهدال!
تمتم :
" بما أنك تبدين كأحد الوثنيين في طقوسك ،فهذا طقس يسعدني المحافظة عليه "
وما إن اتم كلامه،حتى مال نحوها وعانقها عناقاً خاطفاً، لكنه خلفها ضعيفة ، لاهثة ومصعوقة.
لبثت في مكانها صامتة وتشعر بالدوار ، فيما خرج دنزل بلاك من السيارة، من غير أن يضيف كلمة أخرى. ومن العجب أن كلير لم تنطلق في الحال وسرعان ما توقفت سيارة أخرى خلفها ،واخذت تحثها على المسير .فأدارت المحرك على غير هدى ،وتوجهت نحو الطريق العام،حيث كادت تصطدم بحافلة .ولحسن الحظ ،لم يكن السائق مسرعاً فتمكن من الفرملة قبل أن يصدمها.
وهنا ،استجمعت كلير أنفاسها وقد تملكها الرعب .ثم أومأت الى السائق باعتذار ،ومضت الى بيتها وهي ترتعد
في الواقع ،كانت مسرورة بمهماتها العديدة هذا المساء ، فالعمل اكثر أماناً من التفكير .وكلما فكرت،كلما أحست برأسها يدور، إذ لم تصدق هذا الشعور الذي ولد فيها لما عانقها .بدا لها وكأنه زلزال ،مازالت تشعر بهزاته حتى اللحظة.
لكن ،بدا ان أحداً لم يلاحظ ذلك التغيير فيها،لاسيما أن عائلتها كانت تستعد للذهاب للمشاركة في انشاد الترانيم.
وطمأنها والدها:
" لقد أحضرنا طعاماً صينياً من المطعم، فلا تقلقي علينا .هل تدبرت مكاناً يسكن فيه السيد بلاك؟ "
فنظرت كلير الى لوسي ،التي دافعت عن نفسها ببراءة :
" قلت لأبي انني أظن أنك ذهبت لهذا السبب.وقد عرفت أنك لن تتركي الرجل المسكين في نزل طيلة فترة الميلاد! "
عندئذ، ردت باقتضاب :
" نعم، وجدت له مسكنا ً"
فنظرت اليها لوسي بحماس لم يعجب كلير ،وسالتها: " أين؟ "
" في منزل جديد ،عرض للايجار في الامس .وهو خارج البلدة ، وغير بعيد عن "البحيرة السوداء". "
عندها ، هتفت لوسي بنعومه :
" يمكننا ان نساعده على الاستقرار .فلا شك أن رجلاً يعيش وحده بحاجة الى المساعدة"
" بل لايحتاج الى اي مساعده ،وهو قادر على التصرف وحده. أما إن عانى من مشاكل ،فلديه من المال مايمكنه من حلها. "
ثم حانت من كلير التفاته الى ساعة الجدار وقالت: " ستتأخرون "
فأطلق روبن شكوى صارخة: " انها محقة،هيا بنا! "
أسرعوا الخطى ،على أن يعودوا لاحقا مع باقي أعضاء الكورس ليتناولوا طعام العشاء،قبل ان يذهبوا الى الكنيسة عند منتصف الليل .أما في ال وقت الحالي ،فتستطيع كلير الاسترخاء والاستمتاع بمساء هاديء وهي تعد الطعام وتستمع الى الموسيقى,وبما أنها ستنصت الى الترانيم لاحقاً في الكنيسة، فقد قررت الاستماع الى الكونشيرتو الثالث والعشرين لموزارت وهو المفضل لديها.وأسرعت لتضيف الخضار الى حمل ضخم، ثم أدخلت المزيج الى الفرن استعداداً للعشاء، وفي انتظار نضوجه يمكنها ان تحضر الفطائر المحشوة ،التي خبزت كمية كبيره منها ،سيلتهمها أعضاء الكورس بلا شك.
كانت الغرفة المتصلة بالمطبخ باردة، لا تشملها التدفئة المركزية .لهذا ،فهي منعشة صيفاً،جليدية شتاءً. وقد وزعت فيها طاولات طويلة ،صفت فوقها قوالب حلوى بالكريما ، زينت اعلاها بخيوط متعددة الالوان من السكر ، وقطع حلوى برتقالية وحمراء وخضراء ،فبدت كأنها مجوهرات متلألئة في أوعية زجاجية.
المنزل بكامله يعبق بروائح الميلاد، من اكواز الصنوبر ،ونباتات البهشية واللبلاب التي قطفها والدها واخوها قبل أيام ،فعلقوها حول أطر الصور وعلى الشرفات والنوافذ وزينوها باشرطة لماعة ، وأوراق حمر وذهبية .كما انتشرت رائحة الطعام في أرجاء المنزل ،وهو بدوره شهي وغريب وغني، من بلح وجوز ،الى زبيب وأناناس، فأكواب العصير وأطباق اللحم.
وكانوا قد رتبوا البيت استعداداً للميلاد ،كعادتهم في كل سنه . فالأشرطة المتدلية في كل غرفة ، وأجراس الميلاد تمتد من السقف وتتوزع هنا وهناك ،فيما شجرة الميلاد تزين غرفة الجلوس قرب النافذه ، وتملأ الجو بعبق الصشنوبر. والشجرة في غاية الجمال ،مزينه بالكرات الزجاجية ، وغيرها من أدوات الزينه.
وتهالكت كلير على كرسي بذراعين قبالة النار، وبيدها فنجان قهوة .وراحت تنظر الى الشجرة بعينين ناعستين ، فيما الغرفة غارقة في ظلام طفيف، لايبدده لا نور مصباح صغير. لابد أن الاخرين سيعودون ادراجهم قريباً، لكنها تعبة الان ، وينتابها ذلك الوهن الجسدي اللذيذ. سرعان ماتثاءبت وهي تتمدد بكسل مشغولة البال ولم تمض دقائق حتى اغمضت عينيها ،وراحت في أغفاءة خفيفة.
وفجأة ،دخل دنزل بلاك الى الغرفة ، وقد انعكس طيفه الاسود المألوف على الجدران، حتى كاد يبتلعها. لم تكن قد أدركت قبلاً أنه بهذا الطول، فقد بدا لها أن رأسه يلامس السقف ،فيما قامته رفيعه كخيط الدخان ، تتلوى نحو الاعلى .واذا بدمها يمسي بارداً،ليستحيل حاراً مجدداً ، وعجزت عن التنفس ,او الكلام وشعرت أن سراً غامضاً يمنعها من الحركة.
تطلعت اليه وهي تناضل لتتحرر، وتنهض.لكنه بادلها النظرات ،وابتسامة جافه غريبة على وجهه، وعيناه الرماديتان شاحبتان وكأنهما خضعتا للتنويم المغنطيسي ،فيما قوة ارادته تقضي على كل مقاومتها . وشعرت بشفتيها تحترقان وكانه يقبلها ، تبع ذلك احساس بوهن شديد سيطر عليها .وبدا لها انه يطفو في أرجاء الغرفة بصمت ثم دنا حتى بات فوقها ، فحبست كلير أنفاسها .عندئذ ،أخذ فمه يقترب من عنقها ببطء، وهي تراقبه بانفعال وضعف ، وتتوق الى لمسته. وتدفق الدم في شرايينها وأحست كأنه يمتص حياتها مع دمها. وما لبثت أن شعرت بالاغماء تدريجياً. فراحت تتنهد بمزيج من الرعب والاثارة ،واغمضت عينيها مجدداً، حتى لفها الظلام تحت جناحه.
وصفق الباب في مكان ما، فأجفلت كلير بعنف. أكانت نائمة طيلة هذا الوقت؟ كان باب غرفة الجلوس مشرعاً، مما سمح للنور أن يتسلل من الرواق الى الغرفة.واذا بها ترى دنزل بلاك بغتة ،وهو يقف عند العتبة يراقبها.
ارتجفت كلير .هل حدث ما حدث فعلاً ؟أم كان مجرد حلم؟ ترى أهي اتحلم الان؟ وهل تحقق منامها ؟اسيطفو في أرجاء الغرفة ثم ...؟
واقبل من خلفه لوسي والصبيان وهم يضحكون ، وقد علت وجوههم حمرة البرد والاثارة ،فيما أبوها وبقية أعضاء الكورس يتجمعون من خلفهم.
واذا بصوت يصدح : " ميلاد مجيد،كلير! "
وارتفع صوت آخر :"هل أيقظناك؟ ياللأسف! "
وكشر روبن :
" طننا أنك انتهيت من إعداد الطعام أيعقل هذا ياكلير؟ اننا نموت جوعاً! "
ثم تقدمت لوسي لتدير زر الكهرباء الرئيسي ،وهتفت :
" تفضلوا جميعا ً"
وغمر الغرفة نور مشرق بهر كلير وهي تنهض من كرسيها .وجلس أعضاء الكورس في مقاعدهم وهم يضحكون ويتحدثون ، وكل منهم يحاول الاقتراب من النار،في حين انشغل بعضهم بتحية كلير وتهنئتها بالعيد.
ومع أنها لم نتظر الى دنزل بلاك ، الا انها شعرت به يراقبها. ماذا يفعل هنا بحق الله؟ وكيف تمكن من الانضمام اليهم والاحتيال ليدعونه؟
وهنا تكلمت لوسي ، وهي تنظر الى دنزل وعيناها تتألقان اشراقاً وعلى شفتيها قطرات ندية.
" لقد سمعنا دنزل ونحن نغني فيما كان يسير في الشارع ، فتوقف لينصت الينا ، وبقي مدة طويلة . وبالفعل .كان أفضل مستمعينا. "
دق ناقوس الخطر في ذهن كلير ، في حين تابعت لوسي:
" دعاه ابي لتناول العشاء معنا.والطعام وفير،اليس كذلك؟ "
فأجابت كلير بتيبس ، وقد اقشعر بدنها وهي تشاهد أختها تبتسم له:
" طبع اً"
منذ تعرف دنزل بلاك الى لوسي،وكلير تخشى هذه اللحظة ،ولم تشأ ان تبعد لوسي عنه لاميال ,فحسب بل جهدت لفصلهما عن بعضهما البعض كلياً.لكنها أدركت الان ان اختها لن تستمع الى تحذيراتها بسهولة. وهنا تقدم والدها :
" أتحتاجين لمساعدة ؟ أيها الصبيّان ،تقدما وساعدا شقيقتكما, لوسي ، احرصي على راحة ضيوفنا ،وقدمي لهم الشراب "
وأعلنت كلير وهي تخرج من المطبخ:
" لقد أعددت الشراب، وسيحضره روبن في الحال "
" مم...يبدو لذيذا ....ماذا وضعت فيه؟ هل لي بكوب؟ "
" انه محضر أساسا من عصير الفاكهة ، اضافة الى التوابل ، لكنني أضفت اليه أيضاً شراب الكرز. يمكنك الحصول على كوب طبعا، فلن يضرك أن لم تكثر منه. "
وتقدم جايمي بسلتين مليئتين بالخبز الفرنسي ، ثم سألها مقلداَ أخاه :
" هل لي بكوب أيضاً؟ "
وشرعت تراقب اباها، وهو يلبس القفازات ,ويخرج الطعام من الفرن بعناية .ثم سالته:
" هل الصينيه ثقيلة عليك يا أبي؟ "
فطمأنها :" بل أنا بخير "
كانت قد أعدت المائده مسبقاً، ووضعت السكاكين والاطباق والمناديل الورقية.القت حولها نظرة أخيرة لترى ماذا ينقص بعد، فأبصرت شخصاً يدخل الغرفة ببطء ، مشرق العينين وعلى وجهه سحر متملق.
" مرحباً كلير ،هل يمكنني مساعدتك؟ "
بدا على ملامحها أنها غير مصدقة :
" هال! لم الاحظ أنك مع الكورس ، هل عدت الى البلدة لقضاء الميلاد؟ "
منذ ثلاث سنوات ،وقعت كلير في حب هال ستيفنز، وآمنت أنه يحبها أيضاً، الى ان تزوج فجأة من امرأه أخرى ، وانتقل بسرعة من البلدة ،ليعيش في يورك مع زوجته الجديدة.
وكتب لكلير رسالة يشرح فيها الوضع، لكنه بعث بها ليلة زواجه المفاجيء فكان ان سمعت بالخبر من جار، تعاطف معها بشدة ، الا انه وفي الوقت نفسه ، غمره الفضول ليرى تعابير وجه كلير المصدومة.
ولم تتسلم الرسالة الا بعد مرور يومين ، وشرح فيها انه تزوج المرأة الاخرى لانها تنتظر منه مولوداً. وصعب على كلير أن تتذكر كيف شعرت في باديء الامر.إنما تملكها إحساس بالكرب وعدم التصديق .وعاشت لاشهر كإنسان آلي ،بالكاد يدرك المرء مايفعله أو يقوله، وانما يكتفي بالعيش.ومع الوقت ، تغلبت على المشكلة ،لكنها باتت حذرة جدا، وعلى قدر من التشاؤم وشديدة الاحتراس في مايتعلق بالرجال.
ولم تدرك أنها نفدت بجلدها إلا لاحقاً, حين استوعبت رسالة هال المثيرة للشفقة.وقد كتب فيها انه لا يحب زوجته الجديده ،بل ربطته بها علاقة قصيرة حين قضت عطلتها في غرينهاوي.في تلك الفترة ، كانت كليري مشغولة جداً،فشعر بالوحدة ،ثم أحس انه وقع في فخ لما حملت ستيفاني منه، لكن كلير مازالت المرأة التي يحب. ولاحقاً، شعرت كلير بالاسف على زوجته ، ما أن بدأت تفكر بصفاء مجدداً.فأي نوع من الزواج هذا، حين يتحدث هال بهذه الطريقة عن زوجته،ويكن لها هذه المشاعر . لوكرهت كلير الامر لو عرفت أن رجلاً ما يتحدث عنها على هذا النحو! بعدئذ، سمعت كلير ان ستيفاني تشارف الثلاثين من العمر،ولا تتمتع بقدر من الجمال ، ولكن أهلها أغنياء، وشبكة أعمالهم واسعة مزدهرة وبعد ان تزوج هال من ابنتهم ،شغل مركزاً مهماً كمدير مبيعات وبلغ ربحه حداً لابأس به.
رد عليها بابتسامه:
" كنت أغني مع أعضاء الكورس ، واصر والدك على مجيئي "
لطالما دللت والدة هال ابنها ،فظن أنه يستطيع استرضاء أي امرأه ولعله نجح مع معظم النساء.
أما كلير ،فلا ،نظرت اليه ببرودة وفي عينيها الزرقاوين سخرية واضحة .هذه المرة ، لن تقع أسيرة سحره ،لن تقع ثانية أبداً.فهي تعرفه جيداً.
قلت له انك لن ترغبي في رؤيتي مجدداً.لكنه أكد أنك نسيت الامر وسامحتني على مامضى ، وأنه الميلاد على كل حال..."
وفاضت عيناه الزرقاوان تفاؤلاً.كان اشقر ،ناعم البشرة، وعلى وجهه سمات طفولية، وسحر فائض تعود أن يتكل عليه.مما دفعها الى التساؤل عما عساه يفعل حين تمر عليه السنين، ويفقد ذلك السحر الصبياني الذي يتميز به.
" هل عدت لقضاء الميلاد مع أهلك؟ "
وكانت تعرف أن أباه وأمه أمضيا الميلاد المنصرم مع زوجته وطفلهما.وأبوه يملك متجر خرداوات في البلدة، وقد التقته في أحد أيام الربيع الفائت، فراح يتحدث بلا هواده عن حفيده ونجاح ابنه متجاهلا ما اقترفه ولده في حقها.الا ان زوجته لطالما بدت محرجة عند لقائها بكلير.
" هذا صحيح .وحين مررت "بتاون هول"ورأيت الكورس يغني ،لم استطيع مقاومة الرغبة في الانضمام اليهم. وقد استعدت العديد من الذكريات الجميلة. "
ثم أخفض بصره وتنهد ،قبل أن يردف :
" كلير.... من الرائع ان اراك. انت اجمل مما اتذكر،وانا لم انسك مطلقاً ،وانت أيضاً، أليس كذلك ؟ "
فأجابت بحدة:
" في الواقع، بما أنك متزوج ولك طفل.فعد الى الباقين يا هال،واتركني وحدي "
أمسكها بكتفيها، وقد علت الاثارة وجهه:
" سأفعل بعد دقيقة ،ياكلير ,ولكن امنحيني قبلة واحدة أولا ً"
كانت على وشك أن تدفعه بعيداًعنها ،حين أمسك به شخص آخر ورمى به الى أقصى الغرفة.
" لقد سمعتها ! أخرج من هنا! "
فعجزت كلير عن التعبير. وما كان منها الا ان حدقت في دنزل ذاهلة وقد اتسعت عيناها الزرقاوان ارتياعاً.
أما هال، فاصطدم بالجدار عند الباب محدثاً صوتاً مكتوماً.وملأ الغضب وجهه الوسيم ، ثم تطلع الى دنزل وهو يشد قبضتيه استعداداً للعراك.
فنصحه دنزل بنعومه: " لاتفكر في ذلك حتى! "
توقف هال فجأة ،وكأنه يعيد التفكير في الامر لاسيما بعد أن سمع نبرة دنزل الامرة .بدا متردداً،قبل ان يحملق فيه ويدمدم: " لاتستحق العناء".
ثم اختفى. أما دتزل ، فنظر الى كلير وقال متشدقاً:
" أهذا هو الشخص الذي وضعك في مخزن بارد؟ كنت أعرف أن الامر يتعلق برجل.فلا بد من وجود سبب لهذه الطبقة الجليدية التي أصطدم بها كلما تكلمت مع امرأة جميلة مثلك "
فأجابت كلير بحدة:
" ولم تفكر طبعاً في ان حدتي تعود لتصرفاتك! اذا لم يغمى علي في الدقيقة التي رأيتك فيها ،فهذا لا يعني أني أشكو من عيب "
بدا متسلياً:
" شيء من هذا القبيل ،عرفت أنك مررت بتجربة فاشلة ذات مرة،لكن علي الاعتراف بأن ذوقك قد خيب أملي.ماذا أعجبك في هذا الرجل بحق السماء؟ "
فأجابت وصوتها يقطر جليداً:
" أما أنا ،فكنت أتساءل مالذي يعجب النساء فيك"
ومالبثت أن اخرجت وعاء كبيراً من القشدة ،وناولته إياه قائلة:
" هلا تكرمت وسلمت هذا للباقين؟ "
لكنه لم يطعها ، بل نظر اليها من خلال أهداب كسولة ،وابتسم ،ثم أضاف:
" ألا اتلقى شكراً لأني وفرت عليك عناء صفعة؟ "
فتمتمت بفتور: " شكرا َ"
وسرعان ماقهقة :
" في يوم ما علي أن اكتشف أن كان الدم يسري في شرايينك "
وابتعد حاملاً الوعاء ،فيما تسمرت كلير في مكانها وهي تحدق فيه، وجسدها يرتعش، وقد تذكرت الحلم الغريب،اضافة الى الرعب والانفعال الذين تملكاها.


اسيرة الماضى غير متواجد حالياً  
التوقيع
سكرنا ولم نشرب من الخمر جرعة
ولكن احاديث الغرام هي الخمر
فشارب الخمر يصحوا بعد سكره
وشارب الحب طول العمر سكران




اشعر اننى انفاس تحتضر....بين رحيل قادم... ورحيل ماضى.....متعبا كل ما فينى
رد مع اقتباس
قديم 10-09-08, 12:57 PM   #10

تينا

? العضوٌ??? » 46811
?  التسِجيلٌ » Sep 2008
? مشَارَ?اتْي » 1
?  نُقآطِيْ » تينا is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايديك على الرواية بس عاوزين النهاية علشان تبقى احلى اكتر

تينا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.