آخر 10 مشاركات
فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          وكأنها رملة..! (59) -قلوب نوفيلا- للآخاذة: eman nassar [مميزة] *كاملة &الروابط* (الكاتـب : eman nassar - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          [تحميل] تائهون إلى أن يشاء الله ، للكاتبة/ رررمد " مميزة " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          213 - لم أعد طفلة - بيني جوردان (الكاتـب : PEPOO - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          4-عاصفة في عينيه-ليليان بيك-كنوز أحلام (حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-09-08, 09:57 PM   #11

مجهولة

? العضوٌ??? » 8052
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 387
?  نُقآطِيْ » مجهولة is on a distinguished road
افتراضي


كان هناك غرفة خفية صغيرة سوداء لها باب منخفض جداً لا يستطيع سوى طفل أن يمر
به دون انخفاض.. من هذه الغرفة القاتمة،

كان المرء ينزل ثلاث درجات حجرية منزلقة بخطورة إلى غرفة أصغر وأكثر
عتمة بمدخل واحد.. كانت هذه سجن الحصن. كانت

الغرفة خالية تقريباً ماعدا مدّ خشبي فيها وتمثال من الشمع لسجين مكور في
زواية الزنزانة يكاد يظهر حياً. مظهره كمظهر المنبوذ

الكامل. وكما تفعل في كل زيارة، وقفت ليز مسمرة تنظر إلى الغرفة.. في هذه
الأوقات، كان قلب إيبرل يصبح مثقلاً..

قالت ليز وكأنها تكلم نفسها:كانوا يضعون الأشرار هنا.. ربما سرق مال أحدهم
أو جواده، ربما كان مشاكساً وافتعل عراكاً.
_ ربما يكون هذا هو السبب عزيزتي. كانا قد تعرضا لمثل هذا الموقف العديد من
المرات لدرجة أن إيبرل أصبحت تدرك بأن ليز

لاتظن التمثال حقيقياً حتى وإن كانت تتكلم وكأنه حي.

قطبت ليز: هذا الرجل على الأرجح ضرب زوجته، ولهذا وضعوه هنا.. وضرب ابنته
الصغيرة أيضاً. أتظنين أنهما لازالتا تحبانه

إيبرل رغم أنه كان شريرا ًوهو الآن في السجن؟ وأدارت عينين زرقاوين واسعتين
نحو إيبرل. ماذا يمكن لإيبرل أن تقول؟ كيف

يمكنها الإجابة لتنتشل الطفلة من محنتها المؤلمة؟ أرادت أن تبعد الطفلة عن
المكان، لكن وبناء على تعليمات مات بترك الفتاة تعبر

عن مشاعرها ومخاوفها المكبوتة متى وأينما أحست بالحاجة، قالت: لست أدري
حبيبتي.. مارأيك أنت؟

تنهدت ليز: أعتقد أن الأم والفتاة الصغيرة حزينتان على الرجل لأنه وحيد
الآن .. لكنهما لا تستطيعان أن تحباه مجدداً، وستنتقلان

للعيش بعيدا كي لا يجدهما. كانت شمس الشتاء الخفيفة أكثر حدة، مقارنة مع
عتمة الغرفة المقبضة للنفس، وأغمضت إيبرل عينيها

وانتظرت إلى أن اعتادتا النور.. ثم شعرت بليز تشد سترتها وتهمس:
_ انظري! ذلك هو الرجل الذي أحب بسكويتنا.

قبل أن يراهما، تمتعت إيبرل بالتطلع إلى جسد غرايغ الطويل الرشيق المستند
إلى شجرة السنديان، في نهاية الباحة المشتركة.. يداه
مسترخيتان في جيبي سترته الصوفية، بينما عيناه تجوبان الساحة بحثاً عن شخص
ما.. عن إيبرل؟ على المرء أن يعترف أنه بكل

تأكيد ملح في ملاحقاته.. صحيح أنها انزعجت لكنها أحست بالزهو أيضاً .

_ ها أنتما! وقطع المسافة بخطوات واسعة:
_أفضل صانعة بسكويت في ساكرامنتو. وانحنى إلى مستوى الطفلة يبتسم لها:
سمعت أنك ستكونين هنا اليوم فأردت أن أدعوك إلى

الغداء.. وهاأنذا! رفع عينيه إلى وجه إيبرل، وقال وكأنما بعد تفكير: أوه..
مرحباً "حمراء" وأنت مدعوة أيضاً.. بالطبع.
من يظن أنه يخدع؟ لقد حسبت ليلة أمس حين افترض وجود علاقة حب بينها وبين
مات، أنه سيضعها خارج ملاحقاته..لكن من

الواضح أن هذا لم يعن له شيئاً..

فهو لايتأثر إن كانت مشاعرها ليست ملكاً له أو إن كان يتعدى على حق رجل
آخر.. فكرت بكل هذا ساخطة.والآن هاهو، لازال

يلاحقها، لكن هذه المرة يستغل طفلة بريئة! ماذا تريد أكثر من هذا ليثبت لها
أن غرايغ ليس سوى "دون جواناً" عادياً؟ نظرت ليز

نحو إيبرل متوجهة بالإثارة، يملأ عينيها الزرقاوين رجاء بأن تقبل دعوة
الرجل.. بابتسامة خبيثة، قالت إيبرل:
_ إذاكنت تريدين تناول الغداء مع السيد بوكستر، فبالطبع سنقبل دعوته بكل سرور.

أدارت وجهها بابتسامة وقحة صوب غرايغ وأضافت: لكن؟،أولاً، أنا واثقة أنه
سيحب أن تصطحبيه داخل الحصن.. أتصور أنه مر

عليه زمن طويل منذ زيارته الأخيرة للمكان. لماذا لا تتمشيان سوية وسأجلس
تحت الشجرة بانتظاركما؟ لم يدع غرايغ الصغيرة

تشعر بأن الجولة في الحصن لم تكن تحلو له. لكن عبر ابتسامة خفيفة جافة
اعترف لإيبرل أنها كسبت نصراً جديداً.. ونظرت ليز إلى

إيبرل بمزيج من الابتهاج والخوف.. ثم بطريقتها المضحكة التي تشبه طريقة
الكبار، بدأت تقول لغرايغ رأيها في السرد المسجل

لتاريخ الحصن.. ورمى غرايغ تحية مرحة نحو إيبرل، ثم قفز برضى خلف الفتاة.

جلست إيبرل تنتظر .. بينما كانت تراقب الزوار بكسل، يسيرون حول المكان، خطر
ببالها أنها، بالرغم من عجرفة غرايغ بوكستر،

وتصرفاته غير اللائقة، وعبثه، فهي تشعر نحوه بشيء من مما جعلها تترك ليز في
عهدته.. لم تمض ربع ساعة، حتى لمحتهما

يتقدمان من البوابة. اختار غرايغ مطعماً صغيراً قريباًمن الحصن متخصص بتقديم
الفطائر المحلاة، والسندويشات الخفيفة، والآيس

كريم الفاخر.

سرّ إيبرل أن تلاحظ بأن الصغيرة كانت في أحسن تصرف لها، تجلس على مقعد جميل
قديم الطراز ويداها مضمومتان في

حجرها.خلال الطعام، وجه غرايغ كل اهتمامه إلى ليز، وهذا مافتن إيبرل.. لكن،
وفي الوقت ذاته، جعلها تشعر أن لالزوم لها. أخيراً
وبعد انتهاء الوجبة قال غرايغ بعفوية:
_ على فكرة "حمراء" لقد وعدت أن أصطحب ليز إلى كولوما لرؤية المكان الذي
وجد فيه الذهب بالضبط، وأخبرتني أنها تريد منك

أن تأتي معنا.

قالت ليز متأثرة بتصرف غرايغ اللطيف طوال بعد الظهر بجرأة لم تعهدها أمام
الرجال: لماذا تسمي إيبرل بالحمراء؟ هذا ليس اسماً

جميلاً. قال: أظنك على حق أيتها الصغيرة.. وأوافقك على أن اسم إيبرل أجمل
بكثير من الحمراء.
ساد صمت غير مريح بين الثلاثة، وراحت ليز تنقل نظرها من أحدهما إلى الآخر..
تشعر أن هناك شيئاً خاطئاً. لو أن رغبات إيبرل

هي كل ما يهم، فلاشيء يسعدها أكثر من أن تسمع ما سماها به من بين شفتيه ..
لكن الاسم المستعار أمر حميم .. ولايتناقله سوى

المقربون.. وهذا الرجل ليس مقرباً لها، ولن يكون أبداً..

وهي لن تجنى سوى تحطيم القلب إن سمحت له بشيء من الحميمية. راحت تشغل نفسها
بأخذ حقيبتها وسترة ليز، ثم قالت بصمت

ودي متباعد: لماذا لاتناديني إيبرل؟ على أي حال هو اسمي ويعجبني.
وصلوا إلى الشارع، فتمتمت ليز بخجل شاكرة دعوته، وبدوره ابتسم لها بدفء
وانحنى لتقبيلها.. لكن تصرفه مع إيبرل كان مختلفاً..

قل بلهجة باردة: إذا أحببت، يمكننا توصيل ليز في سيارتي ثم نعود معاً إلى
المنزل،وفي الغد أرسل من يأخذ سيارتك.

كم أن صحبته مرهقة للأعصاب، لم تدرك أبداًمن قبل إمكانية أن تتشوش عواطفها
لوجود رجل: شكرا ًلك لمنحك ليز هذه الدعوة

الجميلة، لكنني أعتقد أنه من الأفضل أن نودع بعضنا الآن. رد بصوت قاس
متوتر: هكذا إذن.. أؤيد اختيارك الجيد.. قودي بحذر إذن..

إيبرل.. ربما نلتقي بين وقت وآخر.

صعد في سيارته وانطلق بها مسرعاً، فقالت إيبرل متنهدة: حسناً.. إذا كانت هذه
طريقة قيادية، فأنا مسرورة لأنني لم أسمح له

بتوصيلك! طوت ليز قبضتها الصغيرة في يد إيبرل: أظنك جرحت مشاعره.وقفتا معاً
في الشارع المظلم، وراقبتا بصمت السيارة

القوية وهي تختفي بسرعة لكن ليس نحو الطريق الرئيسية التي تعود إلى
الأملاك.. بل باتجاه قلب المدينة.


6 _ مجرد خدمة أخرى

مع أوائل آذار شهر(مارس)، كانت إيبرل قد انطلقت لإعادة الأراضي إلى مايجب
أن تكون عليه، مع أن الكثير لازال بحاجة إلى الجهد.. أزيلت الأعشاب الضارة
من المرجة الأمامية، ورشت بمبيد لمنعها من النمو مجدداً.كانت دغلة الورود
تزدان بالأوراق الحمراء الجديدة في نموها الجديد..

هذا بالإضافة إلى الأعشاب المعطرة، التي زرعت إلى جانب باب المطبخ، وأشجار
التوت البري عند إحدى الشرفات خلف المنزل، وقد أصبحت مليئة بالثمر الأخضر
الفج.لم تشاهد غرايغ كثيراً منذ يوم زيارة الحصن.. وكان يجب أن تكون مسرورة
لهذا، فشرطها أن لاتحتك به، لكن بالرغم من رغبتها هذه، فقد أحزنتها رؤيته
يدخل ويخرج دون كلام معها سوى تلويحة يد من بعيد.

في إحدى الأمسيات المنعشة،وبعد أن أخذت إيبرل دوشاً، بعد يوم من العمل
المرهق في إزالة الأعشاب الضارة والأغصان الميتة .. وقفت أمام المرآة تمشط
شعرها الكثيف ولاحظت أن شمس الربيع بدأت تلون بشرتها بلون العسل . استجابة
إلى رقة الأمسية الربيعية الهاد ئة، اختارت إيبرل من خزانتها بيجاما من
الحرير اللافندري اللون..من النوع المثير الذي يلفت النظر ، لكنها كانت
مريحة بقدر ما هي مغرية.

في طريقها إلى المطبخ، فتحت بابها الأمامي ، فمن الأفضل لها التمتع
بالروائح المعطرة المحملة مع هواء المساء.. أضافت إلى لحم الحمل المسلوق
فنجاناً من اللوبيا الطازجة، المقطوفة من مسكبة خضارها الصغيرة خلف المنزل،
حركته ووضعته مجدداً فوق النار.. لم يعد ينقصها سوى سلطة خضراء من أوراق
الخس، والفجل، والبصل الأخضر، وهي كذلك من حديقتها الصغيرة، بالإضافة إلى
الخبز والزبدة، وهكذا تكتمل وجبتها.

دخلت غرفة جلوسها لتضع شريطاً موسيقياً في جهاز الستيريو ومع أول انسياب
ألحان البيانو سمعت صوتاً اشتاقت إليه كثيراً، يقول من أمام الباب: لقد تبعت
أنفي، وانظري إلى أين أوصلني.تسارعت دقات قلبها وهي تستدير لترى غرايغ
يستند على الباب الحاجب للحشرات، والآبتسامة تعلو وجهه الأسمر.. وقفت جامدة
في مكانها تحدق به متسعة العينين.. فأكمل :

_ هل لي أن أدخل؟ أم أنني أقاطعك عن عشائك؟ عادت إلى الحياة، وتذكرت
أخلاقها الحسنة: أوه..لا.. أدخل..
على أي حال ، يُعد هذا الرجل الثاني بعد ربة عملها .. وربما لديه رسالة من
أمه.. لكن لا..لايبدو عليه هذا، فقد دخل إلى وسط الغرفة بطريقته الواثقة،
ونظر إليها بتكاسل من الرأس حتى القدمين، دون أن يفوته أي من التفاصيل..
أحست إيبرل بقشعريرة تجتاج جسدها وشكرت الصدف التي جعلتها مرتدية لأول مرة
شيئاً غير ثياب العمل.. إنها لاتريد أبداً أن تجذبه ، لكن مامن امرأة تحب أن
تبدو دائماً مشعثة .قال بلهجة تساؤل:

_ أعدك أن لاأطيل البقاء.. فأنا واثق أن السيد مورهيد لن تعجبه رؤيتي هنا
حين يصل.
_ أوه.. لن يمانع. ثم تذكرت أنها قادت غرايغ إلى الاعتقاد أن علاقتها بمات
ستدفعه فعلاً إلى الممانعة، فأكملت،: أعني أنه لن يعرف.. فهو لن يأتي.. لكن
هذا أسوأ بكثير! إذ ظهرت نظرة خبث في عينيه! ولكي تصرف أفكارها المشوشة
بعيداً وتشغل نفسها عن نظرات غرايغ المتفحصة، انحنت لتلتقط برنس وترفعه بين
يديها. قال: إذن أنت لوحدك الليلة.

ثم بابتسامة ماكرة، سرد شعراً :"كثير من الزهور يحترق احمراراً، دون أن يراها
أحد.. ويضيع عطرها الجميل في الهواء الصحراء" ماعدا إيبرل ساوندرز، لو
استطعت أن أمنع هذا.. والواقع، إنني لم أتناول عشائي بعد.
ياله من جريء! فكرت بإعجاب .. وبماذا يمكن لفتاة محترمة أم ترد على مثل هذه
الدعوة سوى: أرحب ببقائك ..كما أعتقد . إذاكنت لا تمانع في تناول"حواضر البيت".

قال بابتسامة رضى لنجاحه في مناورتها:
_ مع هذه الرائحة الشهية، أعتقد أن أياًكان يمكنه الإحساس بالأمان مع"حواضر
بيتك" قالت بجفاء:الأفضل أن تؤجل إطراءك إلى أن تأكل ..مع أنها تعرف أن
طهوها جيد وتفتخر به، لكنها لاتزعج نفسها بالطهو كل ليلة لنفسها فقط. طهوها
الآن مثله مثل بيجامتها، مجرد صدفة.. كان بالإمكان أن تقرر تناول عشاء مؤلف
من علبة"تونا" أو أن تكون مرتدية روب الحمام القديم الباهت.لكن الوضع اختلف
اليوم.. حتى أن هناك كمية من معجنات الجبن الدسمة المليئة بالزبدة في
البراد قدمتها لغرايغ مع القهوة بعد العشاء.. بعد أن التهم آخر قطعة، ابتسم
لها، مع نظرة تقييم في عينيه

_ أنت بالفعل امرأة متعددة الأدوار. ألست هكذا؟ مامن أحد يستطيع أن يقول
عنك إنك مجرد وجه جميل.
رفعت عينيها متعجبة لهذا المديح.. هل هناك في كلامه مقارنة خفية مع ريبيكا؟
إذا كان صحيحاً.. فمن وجهة نظر من؟ ليس وجهة نظره بالتأكيد، ولاوجهة نظر
أغريبا! ربما السيدة بوكستر؟ أجل.. لابد هذا.. أو الأكثر احتمالاً..ليس هناك
أي مقارنة أبداً.. فلاشيء مثل الأماني تستخلص المعاني التي تكون في الأصل
سراباً!

انتقلا بعد العشاء إلى غرفة الجلوس، وأحست إيبرل بالاسترخاء لوجوده..
وسألها ما إذا كان يستطيع إشعال نار صغيرة لكسر حدة برد أمسية الربيع هذه.
وهو يقوم بهذا، اختارت تسجيلاً لموسيقى ناعمة ووضعته في الستيريو. جلست على
الأريكة تراقبه وهو ينحني ليرتب الحطب في الموقد.. سمعت صوتاً صغيراً محذراً،
يهمس في أذنها، محذراً أنها قد تضع نفسها في ورطة لاتحمد نتائجها.

في الحقيقة، إيبرل فتاة محافظة ، وتنوي البقاء هكذا..كل ما تتذكره، هو أن
مشاعر هذا الرجل أنانية عابثة.. وكيف يمكن أن تنسى؟ إذن، أين يكمن الخطر؟
إنها قادرة بالتأكيد على الاستمتاع بأمسية لطيفة مع رجل جذاب دون التفكير
بأنها ستقع في فخ الغواية.
وتستطيع قول "لا"الآن لهذا الرجل في الوقت المناسب.. لكن الفتاة المحتشمةفي
داخلها تتوسلها: على الأقل اتركي الأريكة واجلسي على كرسي!

نهضت لتستبدل جلستها على مقعد آخر بمواجهة الأريكة، في الوقت نفسه الذي كان
فيه غرايغ ينهض من ركوعه ويستدير ليواجهها مبتسماً: الآن ، وقد تكرمت علي
بعشاء رائع.. أريد أن أطلب منك معروفاً آخر.
ردت مجفلة: أوه!
_سأسافر إلى المكسيك غداً من أجل تقديم عرض لمشروع بناء سد. إنه مشروع ضخم
وسيؤمن الكهرباء إلى منطقة واسعة لم تنعم بها مسبقاً.. والرجل المفترض به أن
يكون مسؤولاًعن هذا في شركتنا مريض الآن ، وفي المستشفى.
_ فهمت. لكنها في الواقع لم تفهم أبداً ما دخلها في كل هذا.
_ وبما أنني سأغيب أسبوعاً أوأكثر، فسأشعر بارتياح أكبر إذا لم تبق أمي
والسيدة أغريبا وحيدتين في المنزل.. فهل بإمكانك السكن معهما أثناء غيبتي؟

لم تتردد إيبرل ، بل كانت مسرورة جداً بأن تقيم مع السيدة بوكستر، والتي
أصبحت مولعة بها خلال الأسابيع التي عملت لديها.
_ بالطبع.. إذا كان هذا يرضيها.. ابتسم: بالنسبة لها، لقد قررت أن تدعوك
لتناول وجبات المساء معها لمجرد التمتع بصحبتك. إنها تحبك كثيراً.. لكن
سيكون الأمر أكثر إفادة.. لو.. أنك انتقلت للإقامة معها.

احتارت إيبرل:لكن يمكن أن أبرر انتقالي للسكن هناك؟
_ إنها لاتعلم أنني سأطلب منك السكن معها للأمان، إلا أنها تعتقد أن هذا
غير ضروري.. وسيكون من الأفضل عدم مناقشة هذا الأمر
هزت رأسها مبتسمة: فهمت.. أدركت إيبرل أن السيدة بوكستر تحتاج إلى الرعاية،
فأضافت قائلة: سأقوم بإقناعها بالأمر.
ضحك غرايغ: سيلزمك أسابيع لتقنعيها..لا.. لقد ابتززتها لهذا. قلت إذا لم
يحصل ماأريد فلن أقوم بالرحلة، وسأدع الفرصة أمام المنافسين ليحصلو على
المشروع.

دهشت إيبرل لعجرفته.. وقالت مرة أخرى: فهمت!
بدا التعبير على وجهه كأنه يشير إلى تخلصه بكفاءة من مهمة صعبة أخرى..
وبهدوء تناول منديلاً من جيبه الخلفي، وقام بمسح الرماد عن يديه ثم أعاده
إلى مكانه.. تقدم أربع خطوات نحو إيبرل.. وبحركة سريعة لاتسمح بأية مقاومة،
انحنى واضعاً يديه تحت مرفقيها ورفعها بخفة بالغة.

قبل أن تستطيع التصرف، ضمها بين ذراعيه بطريقةلن تنساها أبداً منذ أول عناق
له.. وأحست بصاعقة تجتاحها.. وتصاعدت رائحة التبغ، والعطر، وشيء آخر حميم
لتملأ أنفها.. تمتم بكلمات لم تفهمها، لكنها استجابت لها بضعف وشوق.. من
مكان بعيد، من مسافة واسعة، من عالم آخر ، سمعت طقطقة النار، وآهات الكمان
للأوركسترا التي تعزف ألحانها الناعمة.


7_ ثوب العروس


كشفت الأيام القليلة التي تلت عن تغيير ملحوظ في سلوك السيدة أغريبا خلال
زيارة الصغيرة تانيا ماونتن.. كان وجهها يحمل تعبيراً هادئاً قانعاً بدل تجعده
المألوف، والأكثر ملاحظة، كانت السعادة التي تشعر يها لوجود الطفلة والتي
بدت أنها تغمرها بشكل كامل، بحيث تتدفق متسعة للجميع في المنزل، حتى
لإيبرل. ولكن برأي إيبرل تانيا ماونتن ليست طفلة يسهل حبها.

كان لتانيا وجه ملاك وشخصية شيطان متمرس، وبدا أنها حقاً ابنة أمها.. فهي
لاتمتلك فقط جمال أمها الشبيه بجمال دمية البورسلان،
بل تمتلك كذلك غطرستها المستهترة، مع الطفلة إلى الانغماس في نوبات غضب
متوحشة أمام أي استفزاز.. خلال الأسبوع، شهدت إيبرل عدداً من ردات الفعل
هذه، وكانت غوين أغريبا تعالجها كلها بتحمل محب مثير للإعجاب.

لكن نوبة غضب واحدة تركت انطباعاً حاداً في نفس إيبرل، لأن المخلوقان اللذان
تحبهما أكثر شيء في العالم، كانا الضحيتين.. حدث ذلك مساء سبت بعد أن حولت
الطفلة العشاء إلى مجزرة ، إذ قالت السيدة غرايغ متجهمة: ذكر لي غرايغ أن لك
صديقة صغيرة في عمر تانيا. قالت: أجل.

وأملت أن تكون مخطئة في ما تظن أنه سيطلب منها.
_ أخبرتك سابقاً أن تانيا ستضجر هنا.. ربما لو كان بصحبتها من تلعب معه، في
مثل سنها.. ما رأيك؟ هكذا، وعلى مضض، وبالرغم من رفضها الصامت، وافقت إيبرل
على أن تحضرها في الغد.

في اليوم التالي، لم تكد تمض ساعة على وجود الفتاتين معاً حتى تحققت أسوأ
مخاوف إيبرل.. طبيعة الطفلتين المتعاكستين شبيهة بتعاكس الزيت والماء..
ولإحساسها بالذنب والمسؤولية، قررت إيبرل أن تبقى على مرمى السمع طوال
اليوم.. وبعد غداء محموم على المرجة، تركتهما لتأكلا الحلوى، وشغلت نفسها
في تشذيب الشجيرات المزهرة عند الحد الغربي للمرجة.

كان أول صوت سمعته إيبرل شهقة مخنوقة، ثم تبعته صيحة حادة من ليز: كفي عن
هذا! دعيه وشأنه!ثم جاء صوت تانيا المتكبر:
_ اخرسي، واهتمي بشؤونك! أنا الأم ويجب أن يشرب العصير.
استدارت إيبرل لترى رأس برنس عالقاً بشدة تحت إبط تانيا، وجسده يتلوى تحت
ذراعها، قائمتاه الخلفيتان تتحركان في الهواء بيأس، وليز تقف ويداها
مشدودتان أمام صدرها بينما قدماها ترتجفان بذعر .. تجاهلت تانيا بعناد كل
هذا العذاب، وأكملت تصب الليمونادة في حلق القط المختنق.

صاحت إيبرل بصوت حاد أجفل الفتاتين معاً: هذا يكفي تانيا! ردت الفتاة
بتكشيرة متحدية، وأمسكت القط من شعره ورمته إلى أبعد مدى تسمح به قوتها،
حيث انطلق هارباً كالصاروخ.. صاحت تانيا في وجه إيبرل: لاأريد أن ألعب بهذا
القط الغبي البشع على أي حال
انفرجت ليزباكية وهي تصيح:إنه ليس غبياً ولابشعاً .

استدارت تانيا نحو ليز بغضب مجنون، كانت إيبرل تخشاه خلال الأسبوع الذي مر:
بلى إنه كذلك. وأنت أيضاً ! في الواقع هذا سبب ترك أمك لك، أنت غبية إلى
درجة أن تصدقي أنها في المستشفى مريضة! لكنني أعرف أنها هربت وتركتك لأنك
بشعة! أنت بشعة جداً حتى أمك ذاتها لاتحبك!

أبعدت نظرة الصدمة الحزينة على وجه ليز كل شيء من رأس إيبرل.. مدت يديها
إلى ليز تنوي إبعادها وإنهاء الصدام بينها وبين تانيا
وأحست بطعنة تدمي قلبها حين انتزعت ليز نفسها منها وخبأت عينيها الباكيتين
بين يديها.. أوه.. ياإلهي! هل تظن الصديقة الصغيرة أن إيبرل قد تضربها في
فورة غضب؟.. وقالت متضرعة: ليز .. حبيبتي.. فجأة تناهي صوت رجل عميق من
بعيد: سأتولى هذا الأمر بنفسي.. خذي ليز إلى منزلك.

رفعت إيبرل رأسها لترى غرايغ يتقدم عبر المرجة حاملاً حقيبة تحت إبطة، ويشير
إلى تانيا باليد الأخرى ونظرة تجهم عنيد على وجهه.. حملت إيبرل ليز
بيـذراعيها، فلفت الفتاة ذراعيها النحلتين بقوة حول عنق إيبرل وقد استعادت
توازنها. انطلقت إيبرل نحو منزلها وكان آخر ماسمعته صوت غرايغ الصارم يقول:
حسن جداً أيتها الشابة الصغيرة.. لاأريد سماع كلمة أخرى منك.. والآن .. إلى
المنزل.. تحركي!

بعد بضع دقائق، ظهر غرايغ عند باب منزل إيبرل، لازال يحمل حقائبه، ورآها في
غرفة الجلوس والصغيرة مكورة في حجرها فوق الأريكة.. دخل، وقالت إيبرل
وعيناها مليئتان بالدموع: لم أستطع منعها من البكاء!
جلس غرايغ إلى جانبيهما، بحيث يرى ليز.. ثم تكلم إلى إيبرل بلهجة جادة.
_ أعتقد أنك لم تلاحظي أن تانيا تعاني من شيء خاطئ جداً في عينيها. شهقت
إيبرل:حقاً!




هز رأسه بحزن، دون الاهتمام بليز التي توقفت فجأة عن البكاء كي تسمع
مايقوله الكبار: نادراً مانتكلم عن هذا.. لكنني أرى الآن وجوب ذكره لك.
_ يا إلهي!
_ إنه مرض نادر.. مع أنه معروف طبياً.. المسألة أن الصغيرة لاتستطيع رؤية
الجمال. شهقت إيبرل:آه..
جمدت ليز وكأنها تلقت صدمة.. تابع غرايغ بعجز: الأمر مؤسف جداً.. يمكنها أن
تكون على بُعد إنشات من زهرة جميلة، لكن كل ماتراه هو أعشاب ضارة. نعطيها
فستاناً جميلاً وجديداً فتراه فستاناً قديماً.. تصوري كيف ستمضي حياتها هكذا.

لتجاريه في لعبته، ردت إيبرل: إنها لفاجعة.. مسكينة تانيا.
تنهد غرايغ: أجل .. إنه حمل فظيع بالنسبة لفتاة صغيرة.. لن ترى طوال حياتها
أي شيء جميل.. وبالطبع نحن لانخبرها عن الأمر.. فما فائدة الكلام حول أشياء
لاتستطيع أن تراها؟
- أجل.. أوافق تماماً معك .. فهذا ليس دون فائدة فقط بل ظلم وقساوة.
_ بالضبط.. لهذا حين تسمي رؤية جماله، ولاجدوى من الجدال مع شخص كهذا. صمتت
إيبرل وكذلك غرايغ.. فجأة خرجت ليز من قوقعتها، وجلست مستقيمة في حجر إيبرل
لتسمح أنفها المبلل بطرف قميصها القطني.. وقالت بلهجة من يريد التسامح لكن
لاالنسيان

_ ماكان يجب أن تكون شريرة مع برنس. قال غرايغ وكأنه يلاحظ وجودها لتوه:
بالتأكيد لا! كان عملاً شريراً جداً منها.. وستنال عقابها لهذا. قالت: جيد.
بجو من الرضى، انسلت من حجر إيبرل لتأ خذ لنفسها مكاناً على كرسي قبالة
الأريكة.. واتجهت بعينيها المحمرتين إلى اللفائف الموضوعة عند قدمي غرايغ.

قال غرايغ: والآن هذه اللفائف..
راحت تراقبه وهو يتحدث بحيوية إلى ليز، وأحست بتأنيب خجل لظنها أنه إنما
يلاطف ليز للوصول إليها . وكم كانت ممتنة لأنها لم تصرح بتفكيرها هذا أمامه،
فأي إنسان يشهد اللطف واللباقة اللذين أظهرهما نحو ليز اليوم لايمكنه يوماً
أن يشكك بمشاعره تجاهها.. وتجاه كل الأطفال.

استقرت في قلب إيبرل ثقة عميقة دافئة بهذا الرجل ،فمهما كان الذي حدث في
الماضي أو ما سيأتي به المستقبل، فهي ستتذكر دائماً أنه قام بدور " الفارس
الأبيض" لطفلة ضعيفة مجروحة.. وأنه، وبذكاء، وضع حداً لما كان يمكن أن يسبب
لكبرياء ليز الضعيفة جرحاً لايندمل.

أعطى غرايغ ليز لفافة متوسطة الحجم، وأشار إليها أن تفتحها.. طوال الوقت
وهي تفعل ، كان يتابع سرد تفاصيل مااشتراه.
_ دخلت عشرات المحلات، ونظرت إلى مئات الأشياء، بعضها كان لابأس به، لكنه
لم يكن ما كنت أفكر فيه . كنت على وشك الاستسلام، حين وصلت إلى محل صغير
اسمه لابيليزا أي الجمال.. قلت للمرأة هناك " أبحث عن شيء يليق بسيدة صغيرة
لها بشرة ناعمة كأوراق وردة .. وشعر كأنه السكر الأسمر ، وعينان زرقاوان
كالسماء,, بالمختصر، سيدة صغيرة جميلة جداً"

وضعت المرأة إصبعها على رأس أنفها وفكرت قليلاً ، ثم غمزت لي، ودخلت إلى آخر
المحل، وهذا ماخرجت به إلي. أنهي غرايغ قصته في الوقت نفسه الذي جذبت فيه
ليز من بين اللفائف الورقية، ما اتضح لإييبرل أنه نسخة مصغرة وغالية الثمن،
من فستان الدانتيل المخرم الذي يعرف بفستان العروس المكسيكية.. وضعت ليز
الفستان القطني العاجي اللون على صدرها، ومنحت غرايغ ابتسامة مرتجفة وهي
تسأل بارتباك:

_ لكن..؟ هل هذا الفستان لتانيا؟ ضحك: لا..إنه لك وزتي الصغيرة! ماذا كنت


مجهولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-08, 10:07 PM   #12

مجهولة

? العضوٌ??? » 8052
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 387
?  نُقآطِيْ » مجهولة is on a distinguished road
افتراضي

أقول لتوي؟
أخفضت ليز عينيها بتمتمة: أنا لست بشعة.. أعرف هذا.. لكنني لست .. جميلة.
ضرب غرايغ جبينه براحة يده: استدعي الطبيب إيبرل! يجب أن نفحص عيني هذه
الطفلة! أظنها التقطت العدوى من تانيا.

رأت إيبرل أن ردة فعل ليز موزعة بين الضحك والدموع،فوقفت تحتضن الصغيرة
وتدفعها نحو غرفة النوم.
بالطبع هو لك حبيبتي. أسرعي الآن وجربيه لنراه. حين غادرت ليز الغرفة،
استدارت إيبرل نحو غرايغ والدموع في عينيها:
_ هذا يوم لن تنساه ليز.. وأريد أن أ شكرك لجعلك إياه ذكرى جميلة بدلاً من
فاجعة لاتنسى.رد بهدوء:
_ لاتمدحيني كثيراً .. فأنا لم أقل كلمة غير صحيحة.. إنها فعلاً فتاة جميلة
إن كان للمرء عين صادقة ترى الجمال.أحست بشوق غامر كي تعانقه، لكنه شوق
مختلف تماماً عن الذي شعرت به منذ أسبوع، وفي نفس المكان. في الواقع، كان
الإحساس أكثر عمقاً وأقوى.. ومن غير الحكمة أن تنقاد وراءه..

حدقا ببعضهما صامتين.. ثم تم اللقاء. أحست بذراعيه تطوقانها، وتضمانها
بحنان ورأسها على صدره.. قال متمتماً: رائحتك كرائحة الخوخ في الشمس. أحست
بجسدها يسترخي.. وفي هذه اللحظة بالذات، قفزت ليز عائدة إلى الغرفة ووجهها
الصغير البسيط يلمع بفرح.. على الفور سحبت نفسها مبتعدة عن غرايغ، وهي تشعر
بغباء شديد لأنها ومرة أخرى فقدت سيطرتها على نفسها، واستجابت لدى أول حركة
من إصبع هذا الرجل.. لكن ليز كما تبدو لم تلحظ أي شيء غير عادي وهي تقف
بخجل أمامها، تنتظر مقطوعة الأنفاس تعليقهما.. وبدت فعلاً كزهرة جبل صغيرة
صافية في ثوبها الأبيض.. أبديا لها إعجابهما الشديد، ثم ناولها غرايغ لفافة
أخرى.

قال وهي تخرج منها دمية خشبية ترتدي ثياب مهرج:هذه لتخليد ذكرى أول يوم من
لقائنا.. لكنني كنت أتمنى لو أنها تمتلك فماً ليلكياً.
وشارك إيبرل ابتسامة خاصة. بينما انشغلت ليز بتحريك خيوط الدمية، وراحت
تضحك بابتهاج للحركات الغريبة التي تقوم بها.. قدم غرايغ آخر لفافة إلى
إيبرل وقال: وهذه لك.

وضعت الهدية في حجرها.. وفتحت فمها عاجزة عن الكلام.. كيف يمكنها التعامل
مع هدية كهذه؟ في مثل هذا الظرف، يمكن أن يكون لها دلالة كبيرة.. أو.. من
ناحية أخرى، قد لايكون لها معنى أبداً .. شلها الارتباك ولم تقدر على قول
شيء. لكن ليز لم يكن عندها مثل هذه المشكلة.. فصاحت قائلة بسعادة:
_ إنها تشبه هديتي إيبرل! سنكون كالتوأم الآن!
مررت إيبرل يدها بنعومة فوق القسم العلوي المطرز المحتشم، الأكمام الواسعة
كالجرس، التطريز اليدوي الناعم للثوب المشابه لثوب ليز، ثوب الأيام التي
تلت ذلك الأحد المليء بالأحداث. فكرت إيبرل العديد من المرات بالفستان
الجميل المعلق الآن في خزانتها في انتظار أن ترتديه في مناسبة لائقة..



لكنها أحست بالغباء لمجرد التفكير بما دفع غرايغ لأن يأتيها بهدية ، هذا
عدا عن اختياره لهذه الهدية بالذات.. لاشيء في تصرفاته، ماضياً أو حاضراً،
يجيز لشخص متعقل أن يستنتج أي معنى خفي من هذا.. إنه رجل عابث، صحيح أنه
ساعد ليز، وبدافع الكرم، بشراء هدية لها، وفي هذا الوقت بالذات، اشترى نفس
الهدية بحجم كبير لامرأة شابة متعلقة بتلك الطفلة.

لذلك ودون أدنى شك، الأمر بسيط ولامبرر لتعليق الآمال حوله. ومع ذلك ، فإن
سوء النية بقي في رأسها يحذرها إلى أن خشيت أن تنهار أعصابها. لذا كان من
المريح لها، أن تكتشف السبب الحقيقي لاختياره ثوب العروس المكسيكي.. حدث
هذا في يوم دافئ أوائل نيسان ، كانت الحرارة مرتفعة في غير أوانها، ووجدت
العمل في تنظيف أكوام الأعشاب اليابسة على المنحدر الخفيف الذي يقع بين
البركة وملعب التنس مرهقاً، معرّقاً.

كان نسيم الربيع ساكناً هادئاً، ماعدا أصوات أزيز النحل التي تدور لتكمل
عملها اليومي.. حتى أنها قفزت مجفلة لسماع اسمها.
_ آنسة ساوندرز! مرحباً هناك! أراك تعملين كالقندس.
كانت ريبيكا ماونتن تقف وسط السلالم الموصلة بين البركة والملعب. ترتدي
بيكيني أزرقاً لماعاً. وبالطبع، كانت إيبرل ترتدي ثياب العمل، بنطلون جينز
وقميصاً قطنياً، وتربط قطعة من القماش لمسح العرق عن جبينها..
ردت إيبرل بهدوء: بالطبع لا.. ولماذا تعيقينني؟ أرى أنك بدأت تكتسبين اللون
الأسمر.
_ لايمكنك أن تتصوري مدى روعة الطقس في المكسيك.. لاشيء سوى الشمس وضوء
القمر لأسبوع كامل.

عرفت إيبرل أنها تريد أن تتصورهما معاً، هي وغرايغ، تحت ضوء القمر.. وبالطبع
تصورتهما. كانت ريبيكا تحمل في يدها كوب عصير مثلج من نوع ما، أخذت ترتشفه
بعد أن جلست في المقعد ووجهها متجه ناحية الشمس.. وأكملت: جئت اليوم لزيارة
ماريان، لكنني وجدتها مشغولة حتى أذنيها في التحضير لحفلتها.. وغوين مشغولة
بتانيا.. لذا بقيت وحدي.

_ ستكون السيدة بوكستر جاهزة في حزيران إذا بدأت التنظيم منذ الآن. ردت
بتكاسل :
_ أوه.. ليس تلك الحفلة. ستقيم حفل تعريف بالمنزل بعد أسبوع أو اثنين..
بالتأكيد أخبرتك عنها!
_ لا.. ولاسبب يدعوها كي تخبرني عنها.
_ هذا ماظننته ، مع أنها أصرت على دعوتك .. أنا واثقة أنك ستتلقين الدعوة
قريباً.

كان هناك نوع من المشاكسة في صوتها . ولم ترد إيبرل ، لكن أفكاراً عديدة
كانت تتسارع في رأسها . لماذا تصر السيدة بوكستر على مجئ يد عاملة إلى
حفلتها الخاصة؟ هل ترفض إيبرل الدعوة ؟ هل سيكون غرايغ هناك؟ولو قبلت..ماذا
يمكن أن ترتدي ؟
كأنما قرأت ريبيكا أفكارها، فقالت:سيعطيك هذا فرصة لارتداء ثوبك
الجديد..إنه ثوب مناسب لحفلة يوم أحد مفتوحة.

سألت إيبرل بدهشة :وهل تعلمين بأمر الفستان الجديد ؟
ضحكت بطريقة بغيضة:أستطيع قول هذا !لقد أتعبت قدمي كثيراً لأشتريه ،وهدايا
تلك الفتاة القبيحة كذلك .

حبست إيبرل أنفاسها ..بكل تأكيد ،لايمكن أن يكون غرايغ قد دعا ليز بالقبيحة
..لا..لن تصدق هذا ..لاشك أنها أغريبا..
صحيح أنها كانت لطيفة محبة لليز في ذلك اليوم المليء بالأحداث ..لكن
بالمقارنة مع جمال تانيا ،فهي على الأرجح رأت
ليز عادية جداً.أحست إيبرل بالإرهاق فجأة فجلست على الأرض وأخرجت منديلاً
متسخاً من جيبها وراحت تمسح به
وجهها المبلل عرقاً..

إذن ريبيكا هي التي اختارت الفستان الذي أمضت إيبرل الكثير من أوقاتها تحلم
به ..يمكن أن تكون صاحبة فكرة
الهدية أيضاً..لابد أنها كانت تشتري هدايا لغوين وتانيا فقالت حينها
لغرايغ:لماذا لاتنتقي شيئاً لتلك التي نسيت اسمها ..
الفتاة الجنائنية التي أبدت الاستعداد لرعاية أمك .

_مرة أخرى،وبخفة،رددت ريبيكا أفكار إيبرل ..قالت ضاحكة في تسامح :ياللرجال
!إنهم لايعرفون ماذا يشترون
ولا أين يجدون طلبهم .وكان يوماً حاراًجداً حتى ظننت أنني سأذوب !
دون حماس ،قالت إيبرل شيئاً يشبه كلمة شكر ،وأضافت "إنه فستان جميل"..ساد
الصمت قليلاً بين المرأتين ،ثم
سألت ريبيكا فجأة :

_ماذا تنوين أن تزرعي هناك حيث تنظفين التراب؟ردت إيبرل بدهشة ،لأن ريبيكا
أظهرت اهتماماً بالحديقة :
الخباز كما أعتقد .
أعتقد أنني أفضل شجيرات التوت البري الأحمر .تفضل ؟التوت البري الأحمر
..دعيني أفكر ..هناك الكثير من
الشجيرات المماثلة .

_مارأيك بشوك النار؟هذا هي ،آخر واحدة ..أظنني سأحبها ،إنها تمتلىء حيوياً
حمراء كالكرز في الخريف .
ترددت إيبرل،غير واثقة .أظن أن النحل سيسبب مشكلة مع وجود شوك النار ،فهو
يتجه إلى زهرها الحلو
في الربيع ..ومع وجود الناس حول البركة أظن شيئاً آخر سوف ..

_جلست ريبيكا تظلل عينيها بيدها ،وتنظر بثبات إلى إيبرل ثم قالت :آنسة
ساوندرز ..
حين تمتلكين حديقة خاصة بك بإمكانك زراعة ماتشائين ..أما الآن فتذكري أنك
تعملين هنا .
تجمد وجه إيبرل وتصلب جسدها بالإهانة والغضب وهي تقف تتحضر للمغادرة ..

_وتذكرت أمل السيدة أغريبا في أن يعود غرايغ وريبيكا من المكسيك متزوجين
..لكن هذا لم يحدث وإلا لما
أضاعت ريبيكا أية لحظة للإعلان عنه .لكن من الواضح الآن أن الزواج وشيك
،فها هي ريبيكا تتحدث وكأن
لها حقوق الزوجة ومالكة الأرض ..

_حسن إذن ،فلتحصل على الأشواك النارية قرب بركة سباحتها ..فبحلول الربيع
القادم ،حين يأتي النحل ليمتص
الرحيق الحلو من الزهور العاجية اللون ،ستكون إيبرل قد رحلت عن هذا المكان
منذ زمن بعيد .
قالت ريبيكا بدهشة مصطنعة :أوه ..

_هل أنت ذاهبة ؟أرجو أن لايكون السبب شيئاً قلته ..
بينما كانت إيبرل تبتعد ،عادت ريبيكا تسترخي بارتياح في مقعدها لتدير وجهها
مرة أخرى إلى الشمس .
8_ معاهدة صداقة


خلال الأسبوع التالي، سارت الأمور من سيء إلى أسوأ بالنسبة لإيبرل . فما
كاد المسكين برنس يستعيد سيطرته النفسية من سوء
معاملة تانيا له، حتى أحس باضطرابات معوية استدعت أخذه إلى البيطري ليعطيه
حقنة علاج.. والديدان القاطعة أفسدت كل
مازرعته من لوبياء و بازيللا خضراء .. ,واتصل مات في أمسية ليقول ان
المسؤولة الأم عن الملجأ أصدقاء الأطفال استقالت
بسبب المرض وإن من اللازم إيجاد البديل فوراً .. ولأن إيبرل دهشت برضى لمحبة
السيدة أغريبا للأطفال ، فكرت أن تعرض
اسمها على مات .

لكنها صرفت النظر عن الفكرة فوراً .. فمع قرب اتحاد ريبيكا وغرايغ ، سيتحقق
المستقبل الذي كانت ترجوه السيدة أغريبا.
لكن أسوأ ما كان أن الزوجين إيفنز سيفقدان منزلهما.. وسافرت إيبرل بعد ظهر
يوم الخميس إلى المدينة لتصطحب ليز من
أجل شراء ثياب صيفية لها..ومع أنها ا ستقبلت بالحفاوة المعتادة إلا أنها
أحست فوراً بوجود جو من القلق في المنزل الصغير.

وبينما كان الثلاثة الكبار ينتظرون رجوع ليز من المدرسة، قص ماكس على إيبرل
ماحدث:
_ لقد اشترى مقاول معظم الجوار ومالك المنزل أعطى أسرة إيفنز إنذاراً لإخلاء
المنزل في مدة أقصاها ثلاثة أشهر.
وقال ماكس يائساً:
_ بعض الجيران وجد مسكناً جديداً.. لكننا لم نجد مكاناً نستطيع تحمل إيجاره
ويكفينا نحن الثلاثة في مكان يقرب من المدرسة.
تمتمت فاين بحزن: أخشى أن نفقد الطفلة. صاح ماكس بها: كفي عن هذا ياامرأة!
مهما ساءت الأمور لن يحصل هذا!

لاطفتهما إيبرل:
_ بالطبع لن يحصل.. سأساعد كما في البحث عن منزل مناسب ..لابد من وجود مكان
ما في هذه المدينة الكبيرة .. أو ربما ستزيد
الجمعية من تعويضكما الشهري ، أو سأتمكن من مساعدتكما بنفسي.. أو .. لقد
وجدتها! الملجأ بحاجة إلى مربية مقيمة! لماذا لا
تتقدمان لهذه الوظيفة؟ كلاكما ستكونان ممتازين..
قاطعهما ماكس بخشونة: لقد حاولنا ورفض الطلب , قالوا إننا عجوزان جداً.
تدخلت فاين: لم يقولوا هذا بالضبط عزيزي.
رد بحدة: وكأنهم قالوه! وفي أي صيغ وضعوا الرد، فهو "لا".

وانزوى بعبوس قاتم.. ماكس على حق دون شك، فللجمعية مواصفات توظيف محددة،
ولن تستخدم من تجاوز الخامسة والستين..
من المؤسف خسارة شخصين لهما مثل خبرة هذين الزوجين الثمينة، لكن هكذا هو
الأمر. قالت إيبرل بهدوء لا تشعر به أبداً:
_ حسناً الأمر مزعج، لكنه بالأمر الذي لايمكن تحسينه لو أننا عملنا معاً..
بعد أسبوع أو اثنين، سنحل المشكلة.

لكن، فيما بعد، وقد أخذت ليز تقود سيارتها نحو وسط ساكرامنتو التجاري.. لم
تعد تشعر بالتفاؤل.. إيجاد الحل سيتطلب كل عبقرية
إيبرل. بعد انتهاء التسوق ، كانت الساعة تقارب الرابعة.. وانتقلت إيبرل
المراهقة وليز المبتهجة من طرف مركز التسوق الجميل
المحاط بالشجر إلى الطرف الآخر في عربة مفتوحة مبهرجة الألوان، تجوب المركز
لراحة المشترين.

حين استعادتا السيارة من الموقف في آخر المركز وانطلقتا نحو المنزل لرؤية
الاسم على لوحة ضخمة عند طرف الموقع..
وأبطأت سير السيارة لتشير نحو الموقع لليز التي قالت متوسلة:
_ أرجوك ألانستطيع أن نتوقف؟ ربما شاهدنا غرايغ.
_ لاحبيبتي، لن يكون هنا.. لديه رجال يشرفون على العمل بدلاً منه.. لكن
يمكننا أن نقف إذا شئت. قالت هذا لأنها كانت واثقة أن
مالك امبرطورية بناء عالمية لن يكون في الموقع بنفسه.

وجدت مكاناً توقف السيارة فيه، وخرجت مع ليز لتقفا خارج السياج الحديدي الذي
يحمي المارة والمشاة من الخطر وقوع شيء.
أشارت إيبرل إلى الفتاة المهتمة:
_ أترين، كل العمال يرتدون ما يسمى قبعات الحماية لوقاية رؤوسهم من أي شيء
قد يقع.
وقفت ليز تنظر حولها مشدوهة، ثم جذبت تنورة إيبرل فجأة:انظري .. هناك بضع نساء!

وكان هذا صحيحاً أمام ذهول إيبرل .. عدة عاملات في الموقع يرتدين ذات
الملابس الثقيلة التي يرتديها الرجال، وقبعة الحماية
المطلوبة تخفي شعرهن.. تساءلت منذ كم تحافظ هؤلاء النسوة على أعمالهن ..
وهل أساءت الحكم على غرايغ بوكستر وموقفه
نحو المرأة في عالم العمل؟ أم أن عملها هو الذي لعب دوراً ولو صغيراً في
تغيير رأيه؟ كم ستعطي مقابل معرفة هذا الرد.

استدارت ليز إلى إيبرل بعينين لامعتين:
_ حين أكبر، سأعمل لدى غرايغ أيضاً. قالت إيبرل بحماس: بكل تأكيد، سيكون
أمراً عظيماً، المساعدة في إنشاء بناء.
وهما عائدتان إلى السيارة ، سمعت إيبرل تصفيراً خفيفاً، فرفعت نظرها لترى
عاملاً شاباً يستند بوقاحة على السياج على بعد
أمتار أمامها.. وناداها بوقاحة:
_ هاي، جميلتي.. هل لديك خطط لهذه الليلة؟

أخفضت إيبرل عينيها وأمسكت يد ليز لتجعلها في الجانب الآخر من الرجل، ثم
سارعت الخطى نحو السيارة.
_ تخلصي من الصغيرة حلوتي.. وسنقيم احتفالاً. استاءت إيبرل إذ رأته يتحرك
نحو البوابة التي تقود إلى الرصيف الذي يجب أن
تمر به في طريقها إلى السيارة.

وبلهجة ملحة قالت لليز: لاتهتمي به.. إنه مجرد شاب يظن نفسه ذكياً.. وإن
تجاهلناه سيمل ويعود إلى عمله.
سألت ليز ترتجف: إيبرل.. هل سيؤذينا؟ قالت: بالطبع لا.
ثم تلفظ الرجل بكلام بذيء بشع، وتخلت إيبرل عن أي ادعاء بالهدوء لتركض بذعر
جارةً ليز الباكية وراءها.كانتا قرب السيارة
حين سمعت إيبرل صيحة قوية بشتيمة فظيعة.. فاستدارت لترى الشاب يتراجع هارباً
وغرايغ بوكستر يقف مهدداً و
نظرة غضب باردة على وجهه..

أمسك غرايغ بياقة قميص الرجل وأداره.. رأت إيبرل بالتفصيل كل حركة لقبضة
غرايغ وهي تتحرك من قرب خصره مستهدفه
فك الرجل الأيسر .. وبوضوح مرعب، سمعت صوت تحطم أسنان الرجل. تهاوى الرجل
مكوماً فوق التراب ، وركض العمال
ليتجمعوا بنصف دائرة حوله.. خلال الصمت، سمعت إيبرل آهة صغيرة، فالتفتت
لترى ليز المسكينة تتهاوى على الرصيف.

جاءت صيحة إيبرل المخنوقة بغرايغ إلى جانبها في لمح البصر.. رفع الفتاة
المسترخية بين ذراعيه وأشار برأسه أن تلحق إيبرل
به إلى مكتبه المؤقت في الموقع، ثم اتجه بليز عبر البوابة الحديدية..

حيث مرا بجماعة من العمال.. وكان الشاب يهز رأسه محاولاً استعادة وعيه..
بصوت أجش بارد قال غرايغ له:اذهب واقبض
أجرك، واخرج من هنا.. وإياك أن تدخل إلى أي من مواقع البناءالتابعة لي أبداً
..هل هذا واضح؟
هز الشاب رأسه بغضب محاولاً تجنب عيني غرايغ، ثم انصرف. بعد تبادل قصير
للكلام مع وكيل عماله، أدخل غرايغ الفتاتين
إلى سيارة لينكولن بيضاء، تبدو الآن رمادية بسبب غبار الموقع، وقادها عبر
الشوراع بثبات..

خلال ربع ساعة وجدت نفسها في الطابق العشرين في الشقة العليا من مبنى مكاتب
شركة بوكستر.. وأدخلها غرايغ، ثم حمل
ليز إلى أريكة بيضاء حيث وضعها بارتياح فوق الوسائد، وقال لها: استلقي الآن
بهدوء.
فاستجابت له بهزة رأس وابتسامة.. استدار نحو إيبرل ليقول متوتراً: لم أر
طفلة حساسة جداً كهذه الطفلة.
تنهدت إيبرل: أنت لاتعرف شيئاً عن مآسيها.
رد باختصار: هذا ما استنتجه..وأنا الآن أريد سماع القصة بأكملها. استريحي
وسأكون معك بعد لحظات.

حين خرج من الغرفة، تقدمت إلى حيث تستلقي ليز ووجدتها مغمضة العينين..
واتجهت إلى كرسي مريح لتجلس فيه إلى الوراء،
تستند رأسها على ظهره.. لو أعطيت الخيار لتكون مع شخص مافي تلك اللحظة، لما
اختارت سوى غرايغ بوكستر..وفي أفكارها
رأت الطريقة التي برز فيها مرتين كالملاك المنقذ لمساعدة ليز، وتمنت أن
تفضي إليه بكل متاعبها ومخاوفها..
لكن هذه أمنية مستحيلة، ولن تتحقق أبداً .. فهو لن يتزوج في وقت قريب امرأة
أخرى وحسب.. بل هناك صدمة اكتشافها مصدر

الهدية المكسيكية أيضاً .. مما ذكر إيبرل، أن تقييمها الأصلي لمشاعره نحوها
كان صحيحاً: إنه رب عمل يبذل جهده لتلطيف

مشاعر موظفة متوترة حساسة، بقليل من عادة " حق الرجل في فتاة" .. ولقد كانت
بلهاء، كالعادة، كي تفكر بشكل مختلف ولو

للحظة.

عاد غرايغ إلى الغرفة يحمل صينية عليها أكواب عصير، وقال: لقد تدبرت أمر
توصيل سيارتك إلى العزبة.. سأقلكما إلى المنزل

فيما بعد. تمتمت: لكن.. لكن المفاتيح معي.قال: بعض الناس لايتحاجون إلى
مفتاح لتشغيل سيارة صغيرة بسيطة مثل سيارتك.
قالت مصدومة: لاأحد أعرفه..

فقاطعها مبتسماً : هذا لأنك كنت تعيشين حياة منزوية، أليس كذلك؟ حادثة اليوم
وحدها تثبت هذا. أحست باحمرار الغضب،
واحتجت: وماذا يفترض بكلامك أن يعني؟ لم أكن خائفة على نفسي .. كنت..
والتفتت نحو ليز المصغية بعينين متسعتين، وأكملت : لقد اعترفت لتوك أنك
لاتعرف شيئاً عن.. لذا، لماذا لا تعلق"حكمك" إلى
أن تسمع بعض الوقائع؟!

رفع حاجبه الأسود ساخراً: أنسى دائماً شعرك الأحمر، ولا أعرف السبب.. إنه
واضح بما يكفي.
بقيت إيبرل صامتة ، بينما كان يصب العصير في أكواب طويلة ويعطي ليز واحداً ،
ثم إيبرل: كلاكما بحاجة إلى ماينعشكما..
فلاتجادلي.

على مضض، أخذت رشفة من عصير البرتقال البارد وراحت تتساءل عن سبب توتر
غرايغ.. فطريقة تصرفه تجعل المرء
يظن أنها خططت لكل الحادثة المؤلمة لمجرد إزعاجه! على أي حال اللكمة التي
وجهها لذلك الشاب كانت هي السبب الذي
جعل ليز يغمى عليها، فهي حساسة جداً أمام العنف..

صحيح أن إيبرل كانت خائفة من تهجمات الرجل، لكنها لم تكن "منعزلة" إلى درجة
أنها لم تتعامل مع تحرشات غير مرغوبة من
الرجال في الشارع من قبل؟ وكانت على وشك أن تفتح فمها وتقول له كل هذا
وبوضوح، حين طغت عليها موجة إرهاق..
دعيه يظن مايشاء عنك.. فما الفرق؟

اهتمت بما كان غرايغ يقوله لليز.. بعض الكلمات الملطفة لانتزاع ابتسامة،
وابعاد نظرة الصدمة عن وجهها الشاحب الصغير.
_ لن أكون مشغولاً الآن ، لذا تذكري أنني وعدتك بالذهاب إلى "كولوما" حيث
اكتشف جايمس مارشال الذهب أول مرة .

سيعجبك.هذا.. أليس كذلك؟

هزت ليز رأسها بحماس، وقد عادت ابتسامتها إلى طبيعتها: إيبرل ستأتي معنا
أيضاً .. أليس كذلك؟ بنظرة سريعة إلى إيبرل ، رد

بعفوية : بإمكانها مرافقتنا.. إذا أحبت.
قالت ليز: هل تعدني بشيء آخر ؟
أجابها بحذر مرح: يجب أن أعرف ماهو أولاً.
_ عدني أنك حين سأكبر ستسخدمني لأشيد لك المباني.. مثل أولئك السيدات
اللواتي رأيناهن اليوم.

أعاد النظر إلى إيبرل بسرعة ثم رد على ليز بجدية: حين تكبرين قد تتجهين إلى
عمل أنت مؤهلة له.. إذا أردت تشييد المباني لي

واستطعت التكيف مع العمل الصعب.. حسناً سأستخدمك منذ الآن. بدت سيارة
اللينكولن كونتينتال الفخمة غريبة تماماً وهي متوقفة

في الشارع الذي تحده الأشجار أمام منزل العجوزين إيفنز.. لدى رؤية السيارة
وسائقها الوسيم الأنيق، أصيبت فاين إيفنز بالبكم..


مجهولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-08, 10:15 PM   #13

مجهولة

? العضوٌ??? » 8052
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 387
?  نُقآطِيْ » مجهولة is on a distinguished road
افتراضي

وتولى ماكس أمر الاستقبال ،ومصافحة غرايغ بوقار الرجل لرجل.

_ لنا الشرف في مقابلتك سيد بوكستر .. تفضل بالدخول لتناول المرطبات.
لكن غرايغ رفض مع الشكر قائلاً إنه وإيبرل ذاهبان إلى عشاء مبكر .. وحين
سماع هذا، ابتسمت فاين لإيبرل ابتسامة ماكرة

رافعة حاجبيها بطريقة ذات مغزى فهزت إيبرل كتفيها، وبإشارات صامتة، قالت إن
هذا خبر جديد بالنسبة لها. روت ليز بإسهاب

قصة رحلة التسوق ، ومع وصولها إلى القسم المشوق، ازداد تخوف فاين وقاطعتها:
أرأيت؟ الشوارع لم تعد آمنة للناس الشرفاء.

قاطعها ماكس بسرعة، ناظراً إلى وجه ليز المضطرب:أوه.. هراء ياامرأة!أتذكر
جيداً، أيام صباك، حين كنت تسيرين في الشارع

وعشرات من الرجال ينظرون إليك.. هذا يحدث لكل النساء الجميلات ولا أقول انه
أمر مقبول! لكن مامن ضرر حدث ، لذا فلننسي

الأمر.

تمتمت فاين بعناد: لم يحصل ضرر لأن السيد بوكستر كان موجداً. ثم لزمت الصمت
لتواجه نظرة ماكس الحادة إليها . بينما كانت

إيبرل وغرايغ يغادران، صاحت ليز فجأة: ثيابي الجديدة في سيارتك إيبرل! داعب
غرايغ شعرها الرملي اللون: لاتقلقي ،

سأحضرها لك غداً وأنا في طريقي إلى عملي.

سألته ليز بطريقة مغرية جميلة، لم ترها إيبرل يوماً تستخدمها: ألايمكن أن
تأتي وأنا موجودة ؟ ضحك غرايغ: حسناً جداً

أيتهاالصغيرة.. سأجيء حين تعودين من المدرسة.. هذا إن لم تكوني سئمة من رؤيتي.
ردت ليز بابتسامة خجولة: لن أسأم أبداً من رؤيتك غرايغ. قال: ولا أنا منك ليز.

قبلها مودعاً على خدها المحمر، وطغت نصف ابتسامةعلى فم إيبرل.. مثل تانيا..
تانيا الصغيرة المسكينة التعيسة التي لاتشعر
بالأمان. لم تتبادل إيبرل مع غرايغ سوى القليل من الحديث خلال الرحلة إلى
العشاء المبكر الذي تدبر أمره.. مرة واحدة سألها

دون أن ينظر نحوها: أرجو ألايمانع مات مورهيد في أن أدعوك إلى العشاء؟

لم تكن معتادة على العيش مع خدعة، ففتشت بسرعة عن رد مناسب: لاأظن.. نسبة
للظروف.
قال: أية ظروف؟ ردت باختصار: أستطيع الذهاب أينما شئت كما أعتقد، فأنا لست
متزوجة بعد. بعد تردد قصير، قال بنعومة:
هكذا إذن.. ولاأنا.. بعد.

قالت منزعجة، تنظر إلى زحام السيارات: حسن إذن. لكن الجو في المطعم الصغير
الذي اصطبحها إليه كان أكثر إغراء من أن

تقاومه، وسرعان ما استكانت لأجوائه الرومنسية الناعمة، أثر تصورها له بصحبة
ريبيكا هنا على سعادة إيبرل لكنها كبتت تلك

الصورة مصممة على الاستمتاع بيومها.. ولتدع المستقبل جانباً.. بعد أن أعطى
غرايغ طلباتهما إلى النادل بطريقته المعتادة

الكفوءة، دخل صلب الموضوع فوراً.

_ قبل كل شيء، أريد أن أعرف لماذا أغمي على ليز اليوم. أعترف أنها تجربة
عنيفة بالنسبة لها.. لكنني رأيت من الزواية التي

كنت أراقب منها، أنك كنت قادرة على الاهتمام بالأمر.. حاولت أن تشرح له أن
السبب لم يكن تهجم الشاب ، بقدر رؤية العنف

الذي أثر على ليز.. ولكي تبعد اللوم عنه، كان عليها أن تروي قصة حياة ليز
المؤلمة ، كاملة.

كانا يتناولان القهوة بعد العشاء، حين أنهت إيبرل قصتها، لتدرك فجأة أنها
لم تمس طعامها أبداً .. أخذت جرعة ماء لإراحة حلقها

الجاف ومالت إلى الوراء متنهدة بتعب .. هز غرايغ رأسه ببطء دلالة التعجب
اليائس لما يعانيه بعض أبناء البشرية.
_ ياله من حقير، ستاتون هذا. حين أفكر أن بعض الناس قد يتخلون عن أي شيء،
في سبيل الحصول على طفل يحبونه.. وهذا

الخسيس يعاملها وأمها بوحشية.. لايجب أن يسمح له بأن يلقي نظرة على هذه
الطفلة بعد الآن.

تنهدت إيبرل مجدداً :لاأحد يمكنه معارضتك في هذا ..لكن كيف السبيل إلى هذا
في ظل القانون.. إنه أمر آخر. أشار غرايغ للنادل

بإحضار فاتورة الحساب ، ثم رد بلهجة صارمة: هناك فرق.
كان غرايغ صامتاً طوال طريق العودة إلى المزرعة . وكان لإيبرل أفكارها
الخاصة . أحست بشيء من الأمل والثقة والاطمئنان

في قلبها بالنسبة للطفلة البائسة.. وإذا كان غرايغ قد انضم إلى الدفاع عن
قضيتها ، فكل ما عانته إيبرل خلال معرفتها به، أصبح

شيئاً يستحق الغفران .. ماذا في الأمر لو أنه عابث؟ ماذا في الأمر لو أنه
تلاعب بإيبرل؟ مامن أحد كامل على أي حال، وأي

صديق لليز هو صديق لإيبرل ايضاً .

قالت إيبرل بخوف قاطعة الصمت العميق: غرايغ؟ رد دون تركيز: هه؟
_ أنا أقدر حقاً ماتفعله لأجل ليز. أزاح نظره عن الطريق ونظر بعمق إلى
عينيها: _ إذن نحن صديقان بعد طول انتظار.
قالت بخجل: سأحب هذا.. إن أحببته أنت.
سأل: إذن هل ستزول كل العقبات التي بيننا؟ المستقبل يبدأ الآن .. ولارجعة
إلى الوراء؟ ضحكت: أجل .. إن أردت ، لارجوع

إلى الوراء.


فجأة حول غرايغ السيارة إلى جانب الطريق العام ..فسألته بلهفة: ماالأمر ؟
هل ثقب الإطار؟ نظرت إلى وجهه غير الواضح في

النور الخفيف ، ووجدته يبتسم .وقال: تقارب ودي من هذا النوع يحتاج إلى
احتفال بطريقة ما.مد يديه يمسك بكتفي إيبرل بشدة

ويقبلها بصوت مسموع على خديها، ثم أبعدها ليستطيع النظر مباشرة في عينيها..

_ الآن, تم ختم المعاهدة .. ولن تستطيعي تغيير رأيك بعد الآن. أحنت رأسها
كي لاتظهر الدموع التي تجمعت في عينيها ..

وبحماسة ردت: لن أغير رأيي .. أعدك بهذا. هزرأسه بوقار، ثم أخذ يدها وكأنها
قطعة أثرية رقيقة ، وقبّل راحتها بخفة.
بعد أن عادت السيارة المعتمة إلى الهدير وسط ليل الربيع البارد، ابتسمت
إيبرل لذكرى "الختم" لاتفاق صداقتهما.. ابتسمت مع أن

قلبها كان يتألم لعدم قدرة هذه الكلمة على وصف ما عرفت الآ ن أنه شعورها
الحقيقي نحوه.. إنها تحب غرايغ بوكستر من كل

قلبها، وتعرف أنها ستحبه دائماً .. وتعرف كذلك أنها الآن، و هذه الليلة، لن
يكون لها العائلة التي طالما حلمت بها.. فإذا لم تحصل

على غرايغ، ولن تستطيع إلا كصديق، فمامن أحد غيره سيحصل عليها أبداً.

ستبقى سيدة عزباء مثلها مثل خالتها مارغريت.. لكن على الأقل سيكون لديها
شيء تذكره.. لديها الآن يضع عناقات، والوعد

بالصداقة. ويجب أن يكفيها هذا. هكذا تمت الصفقة المهمة في حيا تها، وختمت،
والأسابيع القادمة قد تكون مختلفة جداً.. بوصولهما

إلى المنزل، أول ما وقع نظرها عليه كان سيارة الجاغوار الفضية، ومالكتها
ريبيكا تقف إلى جانبها وذراعاها ملتفتان بغضب.

تقدمت ريبيكا نحوهما، وجهها الجميل يجعده الغضب .. ولأول مرة فهمت إيبرل
معنى القول بأن شخصاً ماخرج عن طوره

غضباً.. أحست بالرهبة لمعرفتها من أين ورثت ابنتها تانيا نوبات الغضب
المأساوية. صاحت بصوت حاد في وجه غرايغ المتقلب:

كان لديك موعد معي!

رد بصوت أجش هادئ: طرأ علي أمر..
ارتفع صوتها أكثر: أستطيع تصور ماهو! كيف تجرؤ على إبقائي منتظرة وأنت تسلي
نفسك مع خادمة حقيرة قذرة؟
ابيض وجه إيبرل غضباً .. ومع ذلك حاولت تهدئتها: ريبيكا اصغ إلي.. لم تكن
غلطة غرايغ.. أستطيع شرح الأمر! استدار غرايغ

إلى إيبرل بما بدا لها كراهية تشبه كراهية ريبيكا، وصاح: هذا يكفي! لاحاجة
لأي شرح. وإن كان فلن أحتاجك لقوله عني.. اذهبي

إلى منزلك الآن.

حين ترددت، صاح مجدداً: افعلي ما أقول! هل تريدين أن تزدري الأمور سوءاً؟
شهقت إيبرل لتهجمه غير المتوقع، ثم استدارت لتركض وكأنها غزال هددت حياته
نحو أمان منزلها.. ما إن دخلت حتى رمت

نفسها على سريرها، واستسلمت إلى نحيب يقطع نياط القلوب، إلى أن غفت من شدة
الإرهاق.
9_ أريد منك شيئاً واحداً
استيقظت إيبرل في الصباح التالي مع صداع شديد وإحساس بألم شامل. خرجت من
السرير لمجرد أن تتصل بالسيدة أغريبا عبر الهاتف الداخلي لتطلب منها توصيل
رسالة إلى السيدة بوكستر أنها لن تتمكن من العمل اليوم .. وهكذا بقيت
مشلولة الحركة طوال الصباح، وكان الوقت يقارب الظهر حين سمعت دقاً على باب
منزلها، تبعه صوت السيدة أغريبا المشاكس: أين أنت يافتاة؟

نادت إيبرل بصوت ضعيف: أنا هنا في الداخل. وقفت السيدة أغريبا بباب غرفة
النوم وبين ذراعيها لفافة طويلة ضعيفة . بدت نشيطة وممتلئة حيوية وابتهاجاً
، حتى أن مظهرها أرهق أعصاب إيبرل. رمت اللفافة إليها قائلة: انظري ماذا
وصل لك .
تناولتها إيبرل بأصابع ضعيفة ، وفكت الشريط الأبيض متسائلة دون الكثير من
الآهتمام عن الشخص الذي يمكن أن يرسل لها هدية. أيمكن أن تكون نسيت عيد
ميلادها؟ لكن بمشاهدتها محتويات العلبة عرفت تماماً من رأسها.. مع أنه
لاوجود لبطاقة.

كان في العلبة وردة حمراء وحيدة .. مقطوفة في وقت بدأت الطبقة الخارجية من
الزهرة تتفتح . وضعت إيبرل الوردة الباردة على خدها وأغمضت عينيها بعد أن
امتلأتا بدموع حارقة. ابتسمت السيدة أغريبا بخبث : هل هذه من رجل صديق؟
عند سماعها الجملة ، انفجر سد داخل إيبرل وبدأت تبكي بشدة "لا.. ليس رجلاً
صديقاً".. لكنه على الأقل " صديق"..
صاحت السيدة أغريبا: إيبرل!

وكأن التأنيب طبيعة متأصلة فيها ، فبدأته على الفور : هاك الآن !عيب عليك
!فتاة كبيرة قوية مثلك!
لكنها وهي تؤنب ، جلست إلى جانبها في السرير، ووضعت يدها الخشنة بلطف على
جبين إيبرل : هاك الآن .. هاك.. ألست سخيفة وغريبة الأطوار لتبكي بسبب هدية
جميلة كهذه؟ شهقت إيبرل وهزت رأسها .. وتمتمت السيدة أغريبا:أنت فقط متكدرة
لما حدث في الأمسية الفائتة .. لكن لا يجب أن تخدي طباع ريبيكا الحادة بمثل
هذه الحساسية . إنها تتجاوز الحدود لأتفه الأسباب .

ابتسمت إيبرل للسيدة أغريبا ابتسامة دامعة ، امتناناً لجهدها في مواساتها
على حساب ريبيكا . إنها بادرة لطيفة منها. عادت السيدة أغريبا مجدداً إلى
شخصيتها الأصلية ، وأمرت إيبرل متجهمة أن تبقى في السرير ، بينما حضرت لها
طبقا من حساء الخضار للغداء .. ولكثرة احتجاجات إيبرل ، قالت المرأة بكل
تسلط وكأنها مديرة سجن: سوف أحضرها ولسوف تأكلينها .. لذا وفري أنفاسك
لتبريد الحساء.

عادت إيبرل تغوص في الوسائد وتشعر كأنها مجرمة أنقذت مؤقتاً من الإعدام،
ورفعت الوردة الحمراء إلى شفتيها، وهي تعرف أنها تعني تعبيراً عن الاعتذار
في ولانفجار غضب غرايغ في وجهها ليلة أمس .. لكن لاشيء أكثر .. كلماته كانت
واضحة بما يكفي: "لاتتدخلي بيننا .. ولاتزيدي الأمور سوءاً ، أكثر مما هي"..
في المستفبل ستكون حذرة جداً لاتتطفل على حياته الخاصة.

بعد أسبوع من هذا ، وفي يوم بارد رطب لايسمح بالعمل في الخارج، ولعلم إيبرل
أن حفلة تدشين المنزل التي ستقيمها السيدة بوكستر أصبحت وشيكة ، عرضت
خدماتها في المنزل .. وهكذا جلست المرأتان أمام طاولة غرفة الطعام المغطاء
بأوراق الصحف، تلمعان أدوات الطعام الفضية..

سألت السيدة بوكستر: إيبرل ، عزيزتي .. ماذا سترتدين ليلة السبت؟
_ السبت؟
_ لحفلتي .. تدشين المنزل.
_ لكنني اعتقدت أنها بعد ظهر الأحد.
رفعت السيدة بوكستر نظرها عن تنظيف سكين : لم أخطط لها أبداً ليوم الأحد
عزيزتي .. من أين أتتك هذه الفكرة؟
_ ذكرتها لي ريبيكا ، أعتقد.
تمتمت السيدة بوكستر: هكذا إذن .. لابد أن الأمراختلط عليها .. فهي تعيش
حياة محمومة ، وغالباً ما تخلط الأمور .. حسنٌ أنني سألتك أليس كذلك؟ وإلا
لما حضرت الحفلة!

ترددت إيبرل ثم اندفعت : لطف شديد منك أن تشملني الدعوة، لكنني حقاً لاأعتقد
.. ردت المرأة تقاطعها بخشونة: هراء! يجب أن تأتي .. وأنا أصر.. لن نتكلم
بالمزيد عن هذا.. هزت إيبرل رأسها مهزومة، ففي الأربعة أشهر التي عملت فيها
للسيدة بوكستر تعلمت أن هذه المرأة اللطيفة الساحرة تمتلك إرادة صلبة ..
ومعارضتها الآن لاجدوى منها أبداً.

فجأة غيرت السيدة بوكستر الموضوع : قالت لي ريبيكا إنك ستزرعين شوك النار
على ذلك المنحدر قرب بركة السباحة. ترددت إيبرل ثم ردت مرواغة : ناقشت
الأمر معها ولم أقم به بعد . هزت السيدة بوكستر رأسها وكأن لاأهمية للأمر .
ثم تابعت بطريقةبدت لإيبرل عفوية ، مع أنها كان يجب أن تكون حذرة أكثر .

_ ريبيكا تفكر بغرايغ وبي كعائلة لها.. وهي تؤمن بهذا منذ كانت طفلة صغيرة.
كانت أمها مشغولة دائماً اجتماعياً ، وبالطبع كان والدها يغيب كثيراً حين كان
ووالد غرايغ يبنيان الشركة معاً. ولأنها تظن نفسها من العائلة، لديها ميل
لتجاو ز سلطتها من وقت لآخر .. وكما أظنني ذكرت هذا من قبل، ريبيكا امرأة
متهورة جداً .. لكنها سرعان ما سيكون لها منزلها الخاص لتهتم به..

حتى ذلك الوقت لاأريد أن أحملها عبء إدارة منزلي. رفعت ماريان بوكستر نظرها
عما تفعله ، لترى ما إذا كانت إيبرل تصغي إليها ، لتجد أنها متنبهة لكل
كلمة تقولها . تابعت السيدة : الآن أنت، من ناحية أخرى ، تم انتقاؤك بعناية
.. بفضل مواهبك وعلمك، وحكمك الصائب .. أليس كذلك؟ تمتمت إيبرل مشدوهة:
أتمنى هذا.

سألت السيدة بوكستر: حسن إذن .. ماذا تنوين أن تزرعي ذلك المحدر؟ إذن هذا
هو الأمر .. واضح تماماً.. ريبيكا سيكون لها صلاحية إعطاء الأوامر يوماً ..
لكن ليس الآن .. وابتسمت إيبرل بارتياح ، وأحست باندفاع كي تمد يديها
وتحتضن المرأة الرائعة.
_ فكرت " بالكزيلوسما" ، لها أوراق لامعةإنما بدون زهر ، وهكذا لن يأتي
النحل إليها ، وبالتالي فلن تسبب مشكلة لبركة السباحة.

قالت السيدة بوكستر بارتياح : ممتاز.. هذا بالضبط مااخترته بنفسي.
كانت الشخصيات التي قدمت لحضور حفلة السيدة بوكستر مساء السبت ، من الخليط
المعتاد للجميع.. ارتدت، إيبرل ، وبعد طول انتظار، الثوب الصيني الذي أهداه
إيان لها منذ سنوات عديدة .. كانت تعرف أنه يناسب طولها ، كما يناسب لونه
الخوخي شعرها الأحمر القاتم ، ومع أنها تعرف أنها تبدو مكتملة ، إلا أنها
أحست بأن منظرها رهيب.

بالرغم من جو الحفلة البهيج ، والطعام اللذيذ، فقد وجدت إيبرل صعوبة في
التمتع بكل هذا. إذ طوال الوقت كان نظرها يلاحق غرايغ الوسيم دائماً الذي
خطف أنفاسها الليلة.. لم يظهر لها أي رجل من قبل بمثل هذه الأناقة، كما بدا
ببذلة سهرة سوداء وقميص أبيض.. بينما ارتدت ريبيكا، ثوب سهرة أبيض اللون من
الساتان جعلها تبدو كملكة الثلج الأسطورية.. لكن، السبب في ألم إيبرل
العميق كان منظر ريبيكا المتعلقة به بألفة ، وكأنما هي جزء آخر من جسمه.

خلال اللحظات القليلة التي ترك فيها غرايغ ريبيكا ليحضر لها شراباً ، تقدمت
إلى إيبرل لتقف معها لحظة وتبتسم بتكبر: كم تبدين لطيفة آنسة ساوندرز..
توقعت أن أراك بثوبك الجديد. تمتمت إيبرل ببرود: لم يبدُ لي مناسباً للحظة.
قالت ريبيكا بابتسامة ماكرة:
_ هكذا إذن.. من حسن حظك أن يكون لديك شيء آخر تشعرين أنه مناسب.. أم أنك
اشتريته خصيصاً للحفلة؟

حين لم ترد إيبرل ، تابعت ريبيكا: كم أنت جريئة في مجيئك إلى حفلة غرباء
لوحدك.
نظرت حولها ، وأضافت باهتمام مزيف: أرجو أن يقوم أحد بتقديمك إلى المدعوين.
ابتسمت إيبرل باختصار رداً، فأخفضت ريبيكا صوتها: أعتقد أنني مدينة لك
باعتذار آنسة ساوندرز.. لقد تصرفت بطريقة لاذعة سخيفة في الأسبوع الماضي ..
أعترف بهذا.. وكأن فتات عاملة جدية مثلك يمكن أن تفكر بأي نوع من العلاقات
الشخصية مع رجل مثل غرايغ! أو هو معك؟ لست أدري لماذا ظننت.. حسناً ! لقد
كنت متكدرة وأنا آسفة، وأعرف أنك ستسامحيني. على أي حال لم يحصل أي ضرر..
وكما لاشك تلاحظين، غرايغ وأنا تصالحنا.. إنه عزيز جداً .. يتساهل مع نوبات
غضبي السخيفة .. لكنه يحب المرأة التي تملك روحاً قتالية.

تحركت مبتعدة، تلوح لإيبرل بيدها مودعة بأصابع زهرية رشيقة.. بقلب متألم،
تركت إيبرل الغرفة وخرجت إلى الحديقة.. حيث تنتمي.. لكن حتى الحديقة هي لها
لوقت محدود.. بعد انتهاء الحفل في حزيران.. وبعد إتمام التزامها مع السيدة
بوكستر، سوف تستقيل من عملها هنا وتذهب.. إلى مكان آخر. أي مكان، طالما
أنها لن تتحمل أن تعيش يومياً مع ألم رؤية غرايغ يصبح لامرأة غيرها.

بخطوات بطيئة متثاقلة، مرت بحديقة الورد في طريقها إلى خميلة على بعد
ياردات.. اليوم أواسط نيسان، تفتحت أول وردة فيها.. وردة مذهلة الجمال
اسمها " ميراندي".. توقفت إيبرل لتمرر أطراف أصابعها فوق وجهها المخملي
الأحمر، واشتمت عبيرها الحلو.. فجأة جاء من خلغها صوت غرايغ العميق: هذا
ماأدعوه وردة جميلة.

اعتادت على بروز غرايغ في أوقات وأماكن لاتتوقعه فيها، فاستدارت ببطء وهدوء
لترى قميصه الأبيض مشعاً وسط السواد حوله..وقالت بهدوء: أول وردة للصيف.
أحنى رأسه الأسود الشعر ليتنشق رائحة الوردة، ثم قال: إنها مناقضة تماماً
للوردة عند بائع الزهور التي تكون باردة ورائحتها سماوية وبتيلاتها لاتزال
دافئة من دفء الشمس.. إنه الفارق بين الحياة والفن، أليس كذلك؟

ابتسمت إيبرل في الظلام، وأحس قلبها بخفة لكلماته.
_ مع ذلك فأنا أشكرك على وردة البائع.. كانت لطيفة جداً منك. أمسك ذراعيها
فجأة بيديه، وهزها قليلاً : أوه إيبرل.. كنت أفضل أن أعطيك هذه الوردة
متفتحة في الوقت المناسب.. ، ثم شعرت بدفء ذراعيه حولها.. طافت في رأسها
أفكار لمقاومته.. تعرف أنها لن تحصل على أكثر من هذا ، وأن هذا بحد ذاته
مسروق من صاحبته الحقيقية.. قبل أن يستطيع عناقه الذي لايقاوم أن يجري في
دمها ؤيضعف إرادتها إلى ماهو أبعد من كل مقاومة، انتزعت نفسها منه مع أن
الحركة مزقت قلبها.

في ظل نور القمر الشاحب وجهه الأسمر الغاضب، رأت إيبرل نظرة شوق في عينيه،
وأدركت أنها كانت محقة في الابتعاد عنه.. أشاح بوجهه عنها ، وبصوت مخنوق
قال: أنت محقة.. أنت محقة.. فهذه ليست الطريقة التي يجب أن تتم بها الأمور .
قالت بصوت عليل: ولن تتم غرايغ.. تعرف هذا كما أعرفه أنا.

نظر إليها بحيرة: لكن ..إيبرل.. اتفاقنا..ظننت..
_ أن نكون أصدقاء.. لاشيء أكثر.. أم أن تحديدك لمعنى الصداقة مختلف عن
تحديدي لها ؟
طغى تعبير حانق لارحمة فيه على وجهه وتصلبت زوايا فمه. تقدم نحوها خطوة
فتولاها خوف بارد.. قالت بصوت متألم مذعور: هناك أناس آخرون يجب أن نفكر
بهم! ربما باستطاعتك أن تنسي.. لكن أنا لاأستطيع! اللعنة على هذا الرجل
الذي يضطرها لحماية ريبيكا! وكأنما كلماتها كانت جردلاً من ماء بارد رمي في
وجهه.. فوقف مسمراً في تقدمه نحوها.. كان وجهه مختلفاً كوجه غريب، وقال بصوت
بارد: لقد كنت أحمقاً جداً ، وأملت أن تسامحيني.. أعطيتك وعداً أن لايحدث هذا
مرة أخرى.. هل لي أن أعيدك إلى المنزل الآن؟

بقلب دامع، سمحت له أن يمسك مرفقها ويقودها نحو المنزل كما فعل في أول لقاء
لهما .. آه.. لو أن ذلك اليوم لم يأتِ! لو أنها تستطيع أن تعود تلك الفتاة
التي كانت.. دون أحد تحبه، وبقلب ليس محطماً إلى مليون قطعة. استأذنها غرايغ
بانحناءة مهذبة في المدخل، ودون نظرة إلى الخلف غاب بين الجمع الضاحك
الصاخب.. أخذت إيبرل نفساً عميقاً وبحثت حولها عن السيدة بوكستر .. ستجد
مضيفتها، تشكرها، ثم تسأذن بالانصراف.. الوقت يقارب منتصف الليل على أي حال
ولن يفتقد أحد صحبتها هنا.
بعد بحث في أرجاء المنزل، وجدت إيبرل السيدة بوكستر في مكتبة غرايغ تتكلم
على الهاتف. حين رأت إيبرل واقفة بالباب، قالت:
_ أوه.. هاهي سيد مورهيد.. انتظر قليلاً. أخذت إيبرل السماعة بالخوف الذي
تسببه عادة أي مخابرة في منتصف الليل.
_ مات.. ماالأمر؟ هل ليز بخير؟
_ أجل، إنها بخير تماماً .. لكن .. ستاتون عاد إلى البلدة، واتصل بي منذ
دقائق.. قال إنه عاد ليأخذ ابنته التي"سرقها" القانون منه. شهقت إيبرل،
فوسعت عيناها دون قصد عيني ماريان بوكستر التي كانت تقف قريباً منها وتستمع
إلى كلامها باهتمام. فسألت بلهفة: _ ماالأمر عزيزتي؟

تابع مات يقول لإيبرل إن براد ستاتون لم يجد مكان ليز، ولن يستطيع على
الأقل قبل الغد بعد أن تفتح مكاتب جمعية أصدقاء الطفولة.. صاحت إيبرل غير
مصدقة: لكن بالتأكيد لن يخبره أحد عن مكانها؟ الجميع يعرف من هو! تمتمت
السيدة بوكستر بقلق:سأستدعي غرايغ! وقبل أن تستطيع إيبرل إيقافها، أسرعت
خارجة.

قال مات: إنهم مضطرون حسب القانون أن يسمحوا له برؤية ابنته.. وتعرفين هذا
إيبرل.. وأكمل أن عليها أن لاتقلق، لأنه رتب أمر رؤية ستاتون لابنته في
مكتب أصدقاء له، وليس في منزل العجوزين إيفنز. وهو واثق من أن القاضي
سيوافق معه نظراً للظروف المحيطة بالقضية .. ولسوف يؤخر موعد المقابلة إلى
أن يهدأ ستاتون قليلاً ويعود إلى رشده.

رفعت إيبرل صوتها إلى حد الصراخ : أوه.. ألايمكنك أن تنسى التزامك الثمين
بالواجب ولو لمرة واحدة؟ وماذا عنك؟ أنت أيضاً في خطر! يجب أن تخرج من شقتك
فوراً.. إذهب إلى فندق! رد بهدوء: وهل نسيت أن عنواني ليس في دليل الهاتف؟
ولهذا السبب بالذات، لن يستطيع إيجاد مكاني لاأنا ولاليز. لذا تريثي،
فلاداعٍ للقلق أبداً .

برد الألم الصادق في صوت مات غضب إيبرل، فتنهدت: لا..مات.. لايجب أبداً أن
تأسف بسببي. أعرف أنني تصرفت بسوء وأنا آسفة. بالطبع أنا شاكرة لأنك
أعلمتني بالأمر. لكن ، لايمكن أن تفعل شيئاً لاأستطيع غفرانه لك.. كيف يمكنك
التفكير هكذا، وأنت تعرف شعوري نحوك؟ سمعت إيبرل صوتاً خفيفاً ، فرفعت نظرها
لترى غرايغ واقفاً في الباب وأمه خلفه.. فهل سمع مايكفي مما قالته ليعرف
ماذا يجري؟ لو أنها تستطيع طلب مساعدة منه ، وقد أصبحت ليز الآن في خطر
حقيقي.. لكنها كانت قد أقسمت أن لاتتطفل ثانية على حياة الخاصة.. بينما هذه
الأفكار تدور في رأسها، كانت كذلك تصغي إلى مات عبر الهاتف.

كان يطلب منها أنل لا تقلق، أنه سيبقيها عى اطلاع، عليها قضاء يومها مع ليز
كالعادة في الغد.. أجابت"لالن تفعل.. لكنه طالبها بتغيير رأيها من أجل
الفتاة التي تنتظر يوم الأحد بشوق .. ثم قالت وداعاً وأقفلت الخط. مد غرايغ
يده إلى وراء يقفل الباب:
_ هل لي أن أعرف ماالمشكلة؟ ردت:
_ إنها مسألة شخصية.. لاشيء تزعج نفسك به. قاطعتها السيدة بوكستر: أوه..
لكن إيبرل عزيزتي، لقد بدوت مذعورة فإذا كنت في مشكلة، أرجوك قولي لنا..

تعالى طرق عنيف على الباب، وسمعت إيبرل ريبيكا : غرايغ ..حبيبي؟ هل أنت
هنا؟ استدار غرايغ، ونادى باختصار:
_ أنا مشغول ريبيكا.. اذهبي من هنا الآن .. سأكون معك بعد قليل. ثم التفت
إلى إيبرل يكرر كلمات أمه: إذا كان بالإمكان أن نساعد بأية طريقة..قالت:
شكراً جزيلاً لكما معاً .. أنتما لطيفان جداً .. لكن حقاً ، ليس في الأمر شيء..
مسألة شخصية فقط.. حقاً.

وبدأت تتجه نحو الباب.ضاقت عينا غرايغ متأملاً، ووقف في طريقها لينظر إليها:
_ هل نسيت أننا سنصطحب ليز إلى كولوما في الغد؟ قطبت:
_ ربما أجلنا الرحلة إلى يوم آخر.. لاأظنني أشعر برغبة فيها.. سأبقيها هنا
معي.. قال بخشونة:هناك أناس آخرون يجب التفكير بهم إيبرل.. ربما يمكنك أن
تنسي هذا لكنني لاأستطيع.

وكان هذا ترديداً لكلامها منذ دقائق في الحديقة.
_ ربما تحديدك لمعنى الصداقة يختلف عن تحديدي. لكنني وعدت صديقتي الصغيرة
بنزهة، ولست أنوي أن أخيب أملها.. هكذا، هل ستبقين في المنزل أم تأتين معنا؟
ياله من متوحش! ياعذبها الآن من بين كل الأوقات وبشكل ظالم ! ومع أنها كانت
تعي أنه يعاود ابتزازها عبر ليز ، إلا أنها أدركت كذلك أن ليز ستكون أكثر
أماناً مع غرايغ ومعها في كولوما ، من أن تبقى مع العجوزين إيفنز في
سماكرامنتو .

_ حسن جداً .. سأرافقكما غداً .. سأذهب أولاً لإحضار ليز في الصباح الباكر،
وبإمكانك اصطحابنا من منزلي أية ساعة تشاء. وكأنه لم يسمع ما قالته، أمر
غرايغ ببرود: أنت وأنا سنذهب لإحضار ليز في الصباح الباكر.. في سيارتي.. ثم
سنتجه إلى كولوما من المدينة مباشرة.. كوني مستعدة في الساعة الثامنة.

كانت قلقة، متعبة، لاطاقة لها على المزيد من المجادلة، فوافقت.. نظرت إيبرل
بابتسامة مطمئنة إلى السيدة بوكستر، ثم غادرت المنزل عبر باب المطبخ، لتجنب
الحفلة التي كانت لاتزال في أوجها. حين وصلت إيبرل بصحبة غرايغ إلى منزل
إيفنز صباح اليوم التالي ذهلت لرؤية أن ليز لم تكن تنتظر لوحدها متحمسة في
غرفة الجلوس، بل ماكس كذلك مع صندوق عدته وفاين تمسك بحقيبتها السوداء .
بعد أن استقرت المرأتان في المقعد الخلفي لسيارة اللينكولن الواسعة وليز في
الوسط، همست فاين لإيبرل: اتصلت السيدة بوكستر في السابعة صباحاً ، لتسأل
إذا كان بالإمكان أن تأتي ، أنا وماكس، لمساعدتها في تنظيف المنزل بعد حفلة
الأمس..بدت .. لنا سيدة لطيفة جداً ، إيبرل .. أليس كذلك؟

كانت مذهولة، لذا لم تستطيع سوى أن تهز رأسها.. وما إن وصلت أسرة إيفنز إلى
المزرعة ، وتعرفا على السيدة بوكستر والسيدة بوكستر والسيدة أغريبا وانطلق
الثلاثة في نزهتهم، حتى سنحت الفرصة لإيبرل بأن تذكر الموضوع.. وبدأت: كنت
مندهشة جداً حين عرفت أن الزوجين إيفنز قادمان إلى المزرعة هذا الصباح.

رد: أوه.. حقاً؟
_ أعتقد أنك أخبرت أمك عن لقائك بهما؟
_ هذا صحيح.
_ فهمت.. ظننت أن السيدة بوكستر كانت ستعلمني لو أنها خططت لاستئخار هما
بين الحين ؤالآخر.
_ لاأعتقد أنها تحتاج إلى إذن منك.
احمر وجه إيبرل غضباً، وردت عليه ساخطة: بالطبع لا! وأنت تعرف أنني لم أعن
هذا! إنه شيء فظ، أن تقول هذا!

نظر غرايغ إليها من فوق رأس ليز، ثم أدار اهتمامه إل الطريق:أنا آسف.. أنت
على حق طبعاً .. كانت أمي ستذكر هذا لك، ماعدا أن المسألة حدثت فجأة .. بعد
مغادرة الضيوف ليلة أمس، أدركت أن هناك تنظيفات أكثر بكثير من قدرتها وقدرة
غوين ، فاقترحت أن تتصل بالعجوزين .. وتم كل شيءعلى مايرام.. وبالتأكيد أنت
مسرورة لأن صديقيك سيقضيان يوماً هادئاً في الريف.

كانت إيبرل صامتة، تفكر بكلامه بحثاً عن معانٍ مخبأة، ولم تجد شيئاً .. ثم
ابتسمت: أجل.. لاأستطيع التفكير لهما بشيء ألطف من قضاء يوم في الريف.
انطمأنت لأن ثلاثة من أحبائها سيمرحون ولو ليوم على الأقل، فأدارت اهتمامها
إلى نزهة اليوم . وراحت تشينرإلى ليز كيف يتغير منظر الأراضي وهم يبتعدون
عن ضواحي المدينة ، نحو السفوح الجميلة الريفية لجبال السييرا نيفادا
المكللة بالثلوج..

قالت ليز: أذناي مسدوتان.
ردت إيبرل: إنه الارتفاع عزيزتي.. ابتلعي ريقك وستنفتحان. كانوا يتجهون نحو
الأعلي بصحبة غابات السنديان والشربين و الأرز الذكي الرائحة، التي تقف
هناك كما وقفت لآلاف السنين، على جانبي الطريق العام المتعرجة بين التلال


مجهولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-08, 10:25 PM   #14

مجهولة

? العضوٌ??? » 8052
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 387
?  نُقآطِيْ » مجهولة is on a distinguished road
افتراضي

الصخرية.. بوصولهم إلى كولوما، بدت وكأنها غابة قائمة بذاتها.. وكانت
الأراضي المخصصة للنزهات والتخييم هادئة باردة تحت مظلة الأشجار الباسقة
القديمة.

قالت ليز بحماس كبير: انظر غرايغ!لابد أن هذا هو مجرى النهر الذي وجد فيه
الذهب!
رد غرايغ: هذا صحيح. أوقف السيارة في فسحة على أمتار من المنشرة القديمة .
كان هناك مجموعة زوار متحلقين حولها يراقبون دولاباً كبيراً يعمل، ويصغون إلى
حارس الغابة الوسيم، يعيد سرد قصة تلك الأيام العظيمة.. وانضم الثلاثة إلى
الحلقة للإصغاء. أحست إيبرل بدفء يغمر قلبها وهم يعودون إلى السيارة
ليتوجهوا إلى المتحف ،لدرجة آمنت أن هذا اليوم كان مقدراً له أن يدمر
أعصابها من القلق والتوتر، سيتحول إلى يوم مرح سعيد.

في مكان الشرف، داخل الغرفة الرئيسية للمتحف، كان هناك عربة قديمة.. بدا
وكأنها سلكت في أيامها الكثير من الرحلات.. كانت مصنوعة من الخشب وتنتصب
فوق إطارات من حديد، ويبدو داخلها أصغر بكثير من معظم السيارات الحديثة، مع
ذلك فقد كانت معدة لركوب ستة أشخاص، وطبعاً ، دونما ارتياح..قربها، وسط
صندوق زجاجي، وفوق وسادة من المخمل الأحمر، رقاقة صغيرة لاشكل محدد لها من
الذهب، كانت السبب في بدء المغامرات الكبيرة عام1849

بعد أن نقبت ليز كل زوايا المتحف، اصطحبها غرايغ إلى فندق "نيفاد هاوس"
القديم الساحر للغداء. حيث بهرت ليز بالديكور العتيق، ورؤوس الثيران البرية
الضخمة المعلقة على الجدار. كانت الجدران والسجاد بلون الشكوكولا البني،
تزيد من من إبراز لون أغطية الطاولات الحمراء والأطباق البيضاء.. جلست
إيبرل تسند ظهرها إلى الكرسي بسعادة تاركة حرية الطلبات لليز وغرايغ.بعد
ساعة، كانت ليز تغط في نوم عميق داخل السيارة المريحة المكيفة.. وبدأ غرايغ
مشغولاً بقيادة السيارة.. ومع كل ميل تتقدمه السيارة الكبيرة باتجاه
المدينة، كانت معنويات إيبرل المرحة تتراجع..

ودون أن تعي، انطلقت منها تنهيدة ثقيلة مضطربة .أعادها الإحساس بيد غرايغ
على يدها إلى ذاتها .. نظرت إليه متسائلة وهي
تسحب يدها منه بلطف .. حين استدار ليلتقي عينيها ،كان يبدو على وجهه شيء
أنذرها بالمتاعب :
قال بلهجة رسمية :إيبرل .. هناك أمر يجب أن أخبرك به .. حين نصل المنزل
،لاشك أن أمي ستكون قد أخبرت الزوجين إيفنز
ما تعرفينه وما أعرفه وما يعرفه الجميع ،عدا ليز.صاحت بتعجب :ماذا ؟!
على الفور أسكتها غرايغ بإشارة من رأسه إلى الطفلة النائمة ،وسألته بصوت
منخفض :لكن كيف عرفت ؟

_بدا الخجل على وجهه بشكل اعتيادي ،وهذا لوحده رمى إيبرل في حيرة أكبر ..
تصوروا ما يلزم لجعل المتعجرف غرايغ
بوكستر يحس بالخجل !
قال مدافعاً عن نفسه :لقد استخدمت حريتي للاتصال بمات ليلة أمس بعد خروجك .
شهقت :لكنني قلت لك إن الأمر شخصي! كيف تجرؤ على التدخل ؟..

_أشار بيده قلقاً:لقد فكرت طويلاً قبل أن أتصل به ،لئلا يكون الأمر شخصياً
بينكما .
لو لم تكن أمي واثقة أنه أكثر من هذا ،أؤكد لك أنني ما كنت تدخلت ..لكن كان
لدي إحساس أن للأمر علاقة بليز..هكذا خاطرت
واتصلت ..وأخبرني مات بأمر ستاتون،ورأيت أن العجوزين هما صيد سهل فأخرجتهما
من هناك بجعل أمي تتصل وتطلب مساعدتهما ..ولم أجرؤ على قول الحقيقة لهما
خوفاً من ذعر فاين ..ولم أخبرك لأنني خشيت أن تكون ردة فعلك كما الآن.

لم تعرف إيبرل بما تفكر أو تشعر، فمن فضائله التي تعرفها عنه مسارعته في
التدخل وتولي زمام الأمور . قالت : لست أدري كيف سأتمكن يوماً من شكرك غرايغ
لكل ما فعلته اليوم.. سأكون مدينة لك إلى الأبد. نظر إليها من زاوية عينه،
وقال: في الواقع.. هناك شيء تستطعين فعله لي.

قالت بحررة: قل لي ماهو.. وسأبذل جهدي لأرضيك.
_ أخبرني مات الكثير عن حالة ليز ليلة أمس .. وأنه لايمكن تبنيها إلى أن
يعطي والدها الإذن بهذا.
ردت بمرارة: وهذا مالن يفعله.
_ أجل.. هذا ما قاله مات كذلك .. قال إن ستاتون يعتبر أن هذه هي الورق
الوحيدة التي لايزال يملكها: اعتراض سبيل سعادتها
ومستقبلها .. حتى ولو لم يكن يريدها لنفسه.. لكنني أعتقد أن
بالإمكان"إقناعه".. وإن استطعت أن أقنعه بالتخلي عنها، فستتمكنين، أنت
إيبرل من تبنيها، وستصبح آمنة.

قفزت الدموع إلى عيني إيبرل، فقد تفوه غرايغ بالحلم الذي حلمت به ملايين
المرات.. لكنه لايعرف مدى العوائق الكامنة في طريق تحقيق هذا الحلم.. قالت:
أتخلى عن كل شيء أملكه الآن وفي المستقبل لو كان بالإمكان أن يحدث هذا
غرايغ.. لكنني سأواجه أوقاتاً صعبة في إقناع المحكمة.. دون عمل ثابت..

تنهدت ثم تابعت بأسى:
_ لا.. لن يسمحوا لي بتبنيها.. لكن قد يستطيع شخص آخر.. هذا إن جعلت والدها
يوقع على الأوراق اللازمة. أدارت عينين مشعتين أملاً ولوضئيلاً إلى غرايغ،
وأكملت: سيكون رائعاً أن تستطيع.
سألها: وماذا لو كنت متزوجة؟
ترددت ثم قالت: لكنني لست متزوجة.
_ قلت إنك استفعلين ما بوسعك لإرضائي إيبرل.. وأنا أطلب منك الزواج.. فهل
تقبلين؟


_ حبي وردة حمراء
ردت إيبرل ببرودة مصطنع :بالطبع لا!
جاء ردها بعد لحظات من السؤال ..لكن بمقياس القلب للزمن ،تعذبت إيبرل طويلاً
قبل أن ترد ..كم من القسوة والظلم أن يُقدم لها

أمنية
قلبها ،ومع ذلك لن تتمكن أن نتقبلها .
أجل !أجل !إنها تريد الزواج منه ..أن تراه كل يوم ..أن تعيش معه في ذات
المنزل ..أن تحمل بأطفاله .أجل ،إذا كان يحبها ويريدها.

لكن طلبه الزواج منها هو لأجل ليز فقط ..ومع ذلك ،فالموافقة على زواجها منه
لأجل ليز تقف في وجهها حقيقة لاتقبل
الجدل :الزواج مع حب من جانب واحد محكوم عليه بالفشل مسبقاً.

_كانت إيبرل تعي تعاظم محبة ليز وتعلقها وثقتها بغرايغ في الأشهر الماضية
..ولو أصبح والدها فستعطيه الطفلة قلبها بالكامل ..
ثم سيكون الأمر مدمراً لها حين تفقده من جديد كما لابد أن يحصل بعد سنة أو
سنتين ،أوخمس أوسبع .حين يحدث هذا ..لن يتحطم
قلب إيبرل فقط ،بل وهذا هو الأسوأ،قد لاتستعيد ليز عافيتها أبداً بعد فقدانه
.ولأجل مصلحة غرايغ كذلك ..
يجب أن ترفض إيبرل ما تريده أكثر من أي شيء في العالم كله !إنه على وشك
الزواج من امرأة يحبها فعلاً..وأحبها منذ سنوات
طويلة ..ألم تقل غوين أغريبا ان الاثنين ،كان يمكن أن يتزوجا منذ أمد بعيد
لولا زواج ريبيكا السابق ؟ثم هناك تانيا التي تحتاج بشدة
إلى أب ،ولها الأفضلية على ليز في حب غرايغ وحمايته .

_ماذا لو رمت إيبرل بكل المنطق السليم أدراج الرياح ،وتزوجت غرايغ ،على أمل
أعمى بأن ينجح هذا الزواج بطريقة ما ؟ليس
هناك ضمانات بأن يستطيع إقناع براد ستاتون ،أن يوقع أوراق التبني ..وإذا
فشل ..كما فشل الكثيرون من قبله ..يكون قد تحمل
على عاتقه عبء امرأة لايحبها،وحرم من طفلة قام لأجلها بمثل هذه التضحية ..
لا..إنها فكرة ميوؤس منها ..هناك سبب واحد يؤيدها :حب إيبرل العميق لغرايغ
..لكن هناك آلاف الأسباب لرفضها ..أسباب لا
تجرؤ على ذكرها خوفاً من أن يوقع بها فيضعف بهذا قرارها المهزوز بأن تفعل ما
هو الأفضل للجميع .

_كررت ببرود :بالطبع لا..يالها من فكرة مجنونة .
بعد صمت قصير كئيب ،التوى فم غرايغ بتكشيرة كان يمكن أن يكون المقصود منها
ابتسامة ضعيفة ..كان صوته خشناً متقطعاً
بإحساس أليم ،ربما يكون كرامة مجروحة :
حسن جداً..لم نغامر بشيء ولم نكسب شيئاً..بدت لي فكرة جيدة للحظات .
ردت إيبرل بلطف أكثر :أوه ..إنها فكرة جيدة فعلاً..ولقد فكرت فيها أكثر من
مرة ..لكن ليس معك .

_أدركت كم أن كلامها كان مهيناً،فأضافت :أعني ..مع شخص آخر ..
أتعنين مات ؟جاهدت إيبرل لتمنع دموعاً هددت بافتضاح أمرها :أجل ..بالطبع ..مات .
فكرت بهذا طبعاً..لكن بما أنكما لستما على استعداد ..أو ربما لاوجود
لاستعداد أبداً،فكرت أنك ربما ..أو هو ..حسن جداً..هذا ليس
من شأني ..مع ذلك ..ولكي أزيل العوائق من الطريق لك ،أو لشخص آخر ،أنوي أن
أنفذ ما قلته :سأقنع الوالد المجنون بأن يتخلى
عنها ..وبما أنه لن يُسمح للعجوزين إيفنز باستبقائها معهما إلى الأبد ..فيجب
أن تمنح فرصة للاستقرار ضمن أسرة تحبها كما
تستحق .

_بوصولهم إلى المزرعة ،واجهت إيبرل أخباراً أكثر سوءاً أضيفت إلى بؤسها
الكامل .مع دخولهم إلى ردهة المنزل ،واجهوا
فريقاً ثائراً مهتاجاً مؤلفاً من العجوزين إيفنز ،غوين أغريبا،وماريان بوكستر ..
كلهم على ما يبدو كانوا يصغون إلى صوت اقتراب السيارة .
وكأنما حسب ترتيب مسبق ،اصطحبت غوين ليز إلى المطبخ تعدها بالحلوى والحليب
..وما إن أصبحت بعيدة عن السمع ،حتى
انفجرت ماريان بوكستر بالبكاء وأخذ الجميع يتكلمون معاً.

_ماتبين أخيراً،هو أن براد ستاتون وقف متربصاً وصول أول عامل في مكتب جمعية
أصدقاء الطفولة في الصباح الباكر ،أول
الواصلين كان موظفة استقبال شابة جديدة في عملها ،وكانت أطباعه الخشنة
السيئة كافية لأن تفزع الفتاة وتجعلها تعطيه العنوان
الذي يسعى إليه ..
بعد مغادرته مع عنوان إيفنز ،جمعت الفتاة ما أمكنها من هدوء لتتصل بمات
الذي سارع للاتصال بالبوليس ..ومما زاد غضب
ستاتون عدم وجود أحد هناك ،ولم يكن لديه وقت لأن يحطم أكثر من النافذة
الأمامية ،ويمزق مفروشات غرفة الجلوس ويرمي
القمامة على كل أجزاء المكان ،قبل وصول مات والبوليس ..

وألقي القبض عليه وهو يصيح بتهديدات رهيبة، ووضع في سجن المقاطعة. تكلمت
فاين وقد هدأت قليلاً الآن: أنا لاأهتم البتة بما

نملكه، طالما نحن سالمين. والشكر كله في هذا يعود لك سيد بوكستر.

واستدارت نحو ماريان: وأنت كذلك.. سيدتي.. سهلت لنا أمر مجيئنا إلى هنا هذا
الصباح .. دون أن نشك في شيء.. ليبارككما الله

معاً . لما فعلتماه لنا اليوم.

تلت إيبرل صلاة صامتة وهي ترتجف فزعاً لما كان أصاب العجوزين هذا الصباح، ،
شاكرة الله على كل ما فعله غرايغ. وتقرر

أن يذهب ماكس وغرايغ إلى المنزل ليريا ما يمكن إنقاذه.. لكن،في الوقت
الراهن، سيبقى ثلاثتهم في المزرعة. خلال الأسابيع التي

تلت، كانت إيبرل سعيدة بحياتها ماعدا ظل قاتم يحوم فوق قلبها.. كان موعد
الحفلة الكبيرة لايبعد سوى أيام وقد أصبحت الحديقة

أجمل بكثير مما تصورت إيبرل..

خلال هذه الفترة من الزمن، علمت إيبرل بإعجاب وفرح أن الحفلة الخيرية لم
تكن سوى لجمعية أصدقاء الطفولة. وأمام ذهول

إيبرل لهذا الخير، قالت ماريان بوكستر: أنا آسفة عزيزتي.. لقد اعتقدت أنك
أتعلمين ! هذه أنانية مني، لكنني كنت أفترض أن جميع

المقربين مني يعرفون علاقتي بالجمعية، فأنا عضو مؤسس فيها والآن رئيسة
مجلسة الإدارة.

لكن، مهما كان الأمر ، فقد كان هذا لخدمة الجميع.. ولأن إيبرل أشارت أمام
السيدة بوكستر إلى حب السيدة أغريبا للأولاد، فقد

عُرض عليها مركز الأم المشرفة المقيمة في ملجأ الجمعية.. وبعد فترة من
التفكير، قبلت غوين بترك منزل بوكستر في عهدة

الزوجين ايفنز، وتسلمت الإشراف على دار الأطفال، قائلة إنها تستطيع
الإنتظار هناك إلى أن تحتاج ريبيكا مجدداً إلى مدبرة منزل

، وترسل في طلبها.. هكذا تم استخدام الزوجين إيفنز رسمياً في المزرعة. فاين
، كمدبرة منزل وطاهية، وماكس مشرف عام على

الصيانة.. لكن كان أفضل تطور هو أن براد ستاتون أصبح يسكن في الناحية
الأخرى من القارة بعيداً عن ابنته، لأنه أعطى القانون

سبباً لسجنه، ولم تعد ليز ابنته.

قبل رحيله إلى شواطئ فلوريدا، وقع أوراقاً أعطت إذناً منه بتبني ليز..
وأوراقاً أخرى كذلك يعترف فيها أنه فهم أن وجوده، ولو

لوقت قصير ، في كاليفورنيا دون طلب إذن خطي من وصيها القانوني ، إيبرل
ساوندرز، ستكون نتيجته العودة إلى تطبيق حكم

السجن المعلق تنفيده مقابل موافقته على الشروط التي تم ذكرها.

سألت إيبرل مات بعد إبلاغها الخبر المفرو ح : لكن كيف توصلت إلى إجباره على
الاستسلام تماماً؟ ابتسم مات: لم يكن أنا من

أجبره إيبرل.. وآسف أن أقول .. إنه غرايغ.. لا هو ولابراد اعترفا بشيء،
لكنني أظن أن غرايغ قدم له عرضاً لا يمكنه رفضه ..

إذا فهمت ماأعني.

_ أتعني.. رشوة؟
_ ربما.. أو ربما، جزئياً ، بعض المال.ا لأهم كما أعتقد أنه عرض عليه التحرر
من الخوف من أشياء تحدث فجأة خلال الليل.

ارتجفت بخوف..
_ أوه.. هكذا إذن.
_ إنه رجل من بين مليون إيبرل .. هذا الرجل.
أخفضت نظرها، تفكر بالمستقبل المشرف الآن لليز.. ثم تمتمت:أجل.. أعرف هذا.
رأى مات في عيني إيبرل، وقال مفكراً: كنت متأكداً من أنك تعرفين.

كانت الوقت منتصف حزيران، بضعة أيام قبل الحدث الكبير. وكانت إيبرل تعمل في
الحديقة كالمجنونة ، وتشرف على آخر

التفاصيل ، كي تكون الحديقة مصدر فخر لماريان بوكستر.. منذ تولت غوين
مسؤولية الأولاد في الملجأ ، لم تعد ريبيكا تظهر كثيراً

في المزرعة ، لذا شعرت بشيء من الدهشة والإحباط ، عندما سمعت هدير الجاغوار
الفضية تسرع في الطريق الداخلية

المرصوفة الآن . قصت إيبرل وردة أخرى واستقامت ، تمسح العرق عن جبينها ،
وتراقب ريبيكا تتمايل بخفة نحوها ، مرتدية

تنورة بيضاء مكسرة ، وبلوزة دون أكمام
مرحباً هناك .. لازلت تعملين كما أرى.
فكرت أيبرل وهي تقترب أن هناك شيئاً مختلفاً على وجه ريبيكا.. العضلات حول
فمها أقل تشدداً ، وشفتاها أكثر امتلاءاً .. ثم فجأة

، أدركت أنها وللمرة الأولى منذ تعارفتا، تبدو ريبيكا قانعة وسعيدة حقاً.
قالت ريبيكا تنظر حولها بتعجب: يجب أن أقول إنك قمت

في هذا المكان.. لم أكن لأصدق أن هذا ممكن .. حين جاء بي غرايغ لأراه، قلت
له: حبيبي لايمكن أن تكون جاداً ! المكان لايصلح

حتى للفلاحين! لكنه الآن .. انظري إليه.. المنزل جميل، والحدائق رائعة..
سيكون المكان مخبأً حلواَ رومنسياً لقضاء العطلات.

كبتت إيبرل ردها ممتنة لأنها سرعان مالن تعود بحاجة لأن ترى ريبيكا،
وابتسمت لها بأدب.. فسألتها الأخرى بصوت مشرق

جميل: كيف رأت عائلتك الصغيرة من المشردين الحياة في الريف؟ هل استقروا جيداً ؟
فكرت إيبرل : يالهذه المرأة الشريرة! لكنها تمتمت: كلنا سعداء هنا.
_ هذا ما أظننته.

وتقدمت إلى شجيرة قريبة لتنتزع وردة، فعضت إيبرل لسانها لمنع نفسها عن
الصراخ في وجه السيدة المستفبلية للمنزل كي تبعد

يديها المدمرتين عن الورود. استدارت ريبيكا فجأة، تحرك كتفيها وتلوح بشعرها
الطويل بدلال، مع أن لاوجود لأحد ليرى هذه

الحركة، ثم قالت مفكرة: أتعلمين.. الحديقة رائعة بالفعل الآن .. في لواقع
إنها أكثر روعة من إضاعتها على حفلة خيرية .. فكري

كم ستكون حفلة زفاف ساحرة هنا .. مثلاً هناك قرب المشتل الزجاجي القريب ،
حيث يتبادل العروسان القسم.

أصيبت إيبرل بالذهول المخرس مع دموع جمدت في مآقيها وحلقها، ولم ترد..
فاستدارت ريبيكا إليها: ألاتستطعين تصورها؟ ..

أنظري، الأوركسترا يمكن أن تعزف هناك..ولوحت بذراعها المنزل ، لكن إيبرل
كانت قد تحملت كل ما تستطيعه.. وبصوت

غمغمة دون كلام، بدأت تبتعد.

وقفت ريبيكا تنظر إليها بدهشة ، وبصوت ساخط نادتها: المشكلة معكم، أنتم
العاملون، أن لامخيلة لديكم !
في الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الكبير، كانت إيبرل قد أتمت كل ما هو
ممكن لتكون الحديقة جاهزة للحفلة .. وجاء دورها و

ليز لتتحضرا .. حين أخرجت إيبرل الفستان الحريري الملئ بالورود الخوخية
المشمشية من الخزانة ، احتجت ليز: لكن ، إيبرل

ظننت أننا سنكون توأماً!
_ لاحبيبتي.. ارتدي أنت ثوبك الذي قدمه غرايغ لك.. لكنني قد أضطر للمساعدة
في تقديم الطعام وأخشى أن أ لطخه.
ترددت ليز ثم قالت بحزن: سوف تجرحين مشاعره إيبرل. ردت بابتسامة متصلبة،
لإخفاء ألم قلبها: أوه.. هراء.. حتى أنت لن

تلاحظي هذا.

في يوم ما، ربما بعد سنوات وسنوات ، قد يطاوعها قلبها بأن ترتدي الفستان
المكسيكي ، حتى ولو كانت ريبيكا هي التي اختارته
لكن ليس الآن ، وليس اليوم ، لن تتمكن من تحمله . بعد قليل ، كانتا موضع
اعجاب في النزل .. ليز بفستانها الأبيض
الزهرية على شعرها الرملي اللون ، ومع وهج الجمال الحقيقي على وجهها المسمر
والمرتاح.. حضنتها فاين بعينين دامعتين ،
وقالت بغصه في حلقها: لم اشاهد في حياتي سيدتين شابتين بمثل هذا الجمال .

كانت السيدة أغريبا أول الوصلين في الرابعة تماماً ، واستقبلها الجميع
بحرارة.. ومع بدء تبادل الأحاديث قبل الحفلة في المطبخ،

خرجت ليز وإيبرل تفتشان عن السيدة بوكستر. كان ملعب التنس قد أعد ليكون
باحة رقص، مع فرقة موسيقية صغيرة تعزف

الموسيقي و أخذت ليز تتحرك بابتهاج في رقصة مرحة على إيقاع الفرقة وهي
تحاول ضبط إيقاع آلاتها.

قالت إيبرل: اذهبي وألقي نظرة عليهم إذا أحببت. لمحت إيبرل السيدة بوكستر
تتحدث إلى السقاة الذين حضروا طاولات الطعام

والشراب في الجانب الشمالي من المرجة الوسطى، التي من السهل أن يصل إليها
معظم المدعوين. لاحظت ماريان بوكستر تقدم

إيبرل نحوها، فمدت يديها لها لتحضنها وتقبلها بحرارة، قبل أن تبعدها عنها
قليلاً لتتفحصها: أنت فاتنة تماماً إيبرل، عزيزتي.. هذه

الألون تليق كثيراً بشعرك وبعينيك الرماديتين.. ستكونين أجمل امرأة هنا دون
شك .كانت ترتدي فستاناً من "الفوال" البنفسجي

الفاتح، بسيط التفصيل، يبرز لونه لون شعرها الكثيف الأبيض، ويعطي جمالاً
لبشرتها الزهرية الشقراء.

قالت إيبرل: وأنت رائعة كذلك.
كانت تشعر بالحزن لأن صداقتها الدافئة لهذه المرأة ستنتهي.. وستفقد للدعم
العاطفي الذي طالما تلقته منها ، وإلى أحاديثهما

الهادئة.. فخلال الستة أشهر المنصرمة، أحست إيبرل ولأول مرة في حياتها،
معنى أن يكون لها أم. قالت ماريان: إيبرل، قبل أن

يبدأ الضيوف بالتوافد، أريد شكرك لكل ما فعلته ستة أشهر، قلبت أرضاً مهملة
إلى جنة. ولو استطاع إيان هيوشو أن يرى مافعلته

هنا، لرقص قلبه فخراً.

أدارت إيبرل وجهها لتخفي الدموع في عينيها .. فهذا التقدير الكامل كان أكثر
مما يتحمله قلبها المثقل في الوقت الحاضر.. وأجابت

بصوت مختنق: أنا سعيدة لأنك راضية عن عملي، سيدة بوكستر.. لكن بالمقارنة
بما فعلته لليز، أنا لم أفعل شيئاً أبداً .. فبدون

مساعدة غرايغ ومساعدتك، كان سيعجز جميع من يحبها عن إنقاذها.

ردت السيدة بوكستر بابتسامة صغيرة: حسنا عزيزتي إيبرل.. هذا هو معنى
الصداقة.. وبمناسبة الحديث عن الامتنان، ها قد أتى

غرايغ.. سأسلمك له الآن وأهتم بضيوفي . كانت إيبرل متأثرة بتقدير المرأة
لها، حتى أنها لم تلاحظ كم كان غرايغ وسيماً بشكل

غير عادي، ببذلته العاجية اللون وقميصه الأسمر المفتوح الياقة. وعلى الفور
أظهر اهتمامه بمظهر إيبرل.

_ هذا فستان جميل جداً، لكنني مندهش لماذا لم تقنعك ليز بارتداء الفستان
الذي أهديتك إياه..
شعرت بإجفال لأنه لايزال يظنها لاتعرف المصدر الحقيقي لهديته، فقالت
باستخفاف: في الواقع، الفستان لايناسبني تماماً، وأخشى

أنت تكون ريبيكا قد أساءت تقدير مقاسي. نظر إليها باهتمام وحذر، ثم قال:
لايمكن أن يكون هذا صحيحاً إيبرل.

ردت بحدة: ولماذا لايكون صحيحاً ؟ أعتقد أنني أعرف أفضل منك ما يناسبني وما
لايناسبني.
_ لادخل لريبيكا باختيار أي فستان من الاثنين.. وأراهن أنني أعرف كل
مقاييسك بدقة. احمرت إيبرل غضباً لملاحظته.. ولتغطية

لحرجها، صاحت: إذن.. أنت تدعو ريبيكا كاذبة؟
_ لا إيبرل، أنت التي تدعينني بالكاذب .. مادخل ريبيكا في كل هذا؟

أدارت وجهها بسرعة غاضبة. أخذ غرايغ وجهها بين يديه، وأدارها نحوه. ثم قال
عابساً : أعتقد أنني أستحق رداً .. وأطالب به

فوراً. تمتمت رافضة لقاء عينيه: أخبرتني أنها هي التي اختارته.
_ وهل قالت هذا حقاً؟
_ حسناً .. ليس بكلمات محددة.. لكن لم يكن هناك شك.. أوه.. لابأس في هذا!
لايهم على أي حال.
قال مفكراً: فهمت.. في الواقع أنت على حق..لا يهم من اشترى الفستان، فهو
لايناسب هذه الحفلة على أي حال.. لأنه فستان

عرس.


مجهولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-08, 10:34 PM   #15

مجهولة

? العضوٌ??? » 8052
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 387
?  نُقآطِيْ » مجهولة is on a distinguished road
افتراضي

[size="6"]
حدقت إيبرل به وفمها مفتوح دهشة.. لماذا لم يخطر ببالها من قبل أنه من غير
المعقول أن تختار ريبيكا لإيبرل من بين كل الناس ،

فستاناً من طراز كانت ترتديه العروس قديماً ؟ لكن ما إن تشكل الرد في رأسها
حتى أمسك غرايغ بمرفقها وسار بها، قائلاً بعفوية:

أنا أتضور جوعاً .. تعالي، دعينا نأكل شيئاً.

سمحت إيبرل بأن يقودها، وكانت لاتزال مشوشة الفكر، نحو طاولات الطعام
المستطيلة المغطاة بمفارش بيضاء كالثلج، والتي

كانت محط الأنظار في المرجة.. مع أنها لم تكن تشعر بالشهية، وضعت إيبرل في
طبقا بضع قطع خبز محمص مع الكافيار،

وقطعة بطيخ أحمر. ثم، وكأنما لاإرادة لها، لحقت بغرايغ وهو يبتعد عن
الطاولات إلى حديقة الورود.

وقفا لوحدهما في مكان هادئ للحظات.. من على بعد، سمعت إيبرل السابحين وهم
يغوصون في الماء.. كان المدعوون يتمتعون

جيداً بالحفلة، وراحت إيبرل تراقبهم يضحكون ويتبادلون الأحاديث.. إنه يوم
عملت جاهدة لأجله.. وستذكره على الدوام.فجاًة تكلم

غرايغ مخترقاً أفكارها : من المؤسف جداً أن لايكون مات معنا الي اليوم.

نظرت إيبرل إليه ثم قالت بغير ارتياح:أجل، وأظن أن شيئاً مهماً طرأ وأبقاه
بعيداً .
قال: إذا كنت تسمين الذهاب إلى سان دييغو لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أهل
صديقته الجديدة، أمرأً طأرئاً . احمر وجه إيبرل

بعمق، وأطلقت تنهيدة شاهقة.. كم من المحرج أن يكشف خدعتها السخيفة بهذه
الطريقة. لاشك أنه يعتقدها بلهاء طبعاً ، أو عانساً

عصبية مزاج تتظاهر أن هناك حبيباً لاوجود له.

قال غرايغ بجرأة : على وجه العموم، كان مات منجم ذهب من المعلومات لي. ولست
أدري ماأدري ماذا كنت سأفعل بدونه. تقدم

زوجان أنيقان جميلان نحوهما ،وبعد تقديم غرايغ إيبرل لهما، حاولت الهرب
ولكنه فهم مرادها فامتدت يده لتمسك بذراعها ..وبينما

الأصدقاء الثلاثة يتحدثون، وقفت إيبرل عالقة حيث هي تغلي من غيظها.. ثم
ودعهما زوجان وابتعدا.

ترك غرايغ ذراع إيبرل، ثم نظر حوله بعفوية وقال: تبدو الحديقة ممتازة
إيبرل.. لقد قمت بعمل جبار. يبدو لي ، وأتساءل ماإذا

كنت ستوافقين، أنه سيكون موقعاً رائعاً لإقامة عرس؟ خفق قلب إيبرل.. ألايكفيه
أنه احتل قلبها وحياتها؟ هل من الضروري أن

يؤلمها بعرضه عليها خطط زفافه؟

رددت بصوت مرير: أجل.. هذا ماقالته ريبيكا.. تعتقذ أن قسم الزواج يجب أن
يتم قرب المشتل الزجاجي هناك.. فهل تحدد الموعد

إذن؟ نظر إلى ساعته: أجل .. وأعتقد أنه في هذه اللحظة بالذات .. تم القرار.
_ ماذا .. أي قرار؟
_ ريبيكا في هذه اللحظات عروس محمرة الوجه في أكابولكو.
_ لا.. ستتزوجك أنت.. هنا.. قريباً..

لكن،حتى وهي تقول هذا، أدركت فجأة أنها لم تر ريبيكا اليوم.. مع أنها كانت
متأكدة من أنها ستكون هنا، وسرعان ما ستطالب

بأملاكها. مرت نظرة غريبة على وجه غرايغ بدت كارتياح.
_ أوه.. لاإيبرل الجميلة.. ريبيكا ليست المرأة التي ستتزوجني هنا.. وقريباً
.. ولم تكن أبداً .. فما الذي أعطاك مثل الانطباع؟

كان سخط إيبرل عظيماً لسؤاله، حتى أن صوتها ارتفع وهي ترد: ماالذي أعطاني
هذا الانطباع؟ أنت! وريبيكا قالت.. وأمك! ولم

يكن انطباعاً ، كان إعلاناً !

ابتسم بقلق: إذن كان الأمر هكذا، فلاشك أنه إعلان يماثل ذاك الذي صدقته عن
الفستان.. وهذا يدفعني لأقول لك أن كل شيء في

رأسك فقط. فلاشيء أبعد عن الإمكان بقدر الزواج بيني بين ريبيكا. انقلب
تفكيرها رأساً على عقب.. دون شك، لايمكن أن تكون

أساءت الفهم إلى هذا الحد؟

_ لكنك اصطحبتها إلى المكسيك.. قاطعها ساخراً : لم أصطحبها إيبرل.. لقد ذهبت
إلى هناك في عمل، وقررت ريبيكا السفر في

اليوم التالي لتستغل معارفي في حملة بحث عن زوج، كما أعتقد.. على الأقل هذا
ماحدث
_ ماذا تعني؟
_ لقد التقت وتزوجت صاحب منجم فضة ، وحيد.. إنه أكبر منها سناً وليس في صحة
جيدة، لكن هل يهم هذا أمام الحب الحقيقي؟
وابتسم ساخراً ثم: أعتقد أنها ستجعل منه " مالك القلعة" في أواخر أيامه..
على الأقل، لديها خبرة في هذا.

تفرست إيبرل في وجهه لتعرف مشاعره الحقيقية . هل هو مدمر بسبب نبذها له
مرتين؟ هل يتظاهر بعدم الاكتراث والتسلية ليخفي

قلبه المحطم؟ نسيت نفسها في اهتمامها به، وسألت متسرعة: لكن. غرايغ عزيزي..
ألاتمانع .. أعني، كنت واثقة جداً أنك وهي..

وضع طرف إصبعه على شفتيها ليوقف كلماتها: لقد شككت بهذا لبعض الوقت.. وأعرف
الآن أنني كنت على حق .. أوه.. لن أنكر

أن ريبيكا كانت من وقت إلى آخر، تخدع نفسها في الظن أنها تريد الزواج مني..
خاصة حين تكون ضجرة مابين علاقة حب

وأخرى .. لكنها لم تأخذ الأمر على محمل الجد يوماً ، بالنسبة لي فأنا لم
أشعر نحوها أبداً سوى بإحساس الأخ الأكبر نحو شقيقته

الصغيرة.

تنفست إيبرل الصعداء: أوه.. هكذا إذن.. إذن حين طلبت مني البقاء مع أمك
وأنت غائب ، لم تكن تعرف أن ريبيكا مسافرة معك؟

أعني كان يمكن أن تطلب منها البقاء بدلاً مني؟ كشر غرايغ وجهه، وقال ممازحاً
: هذا إذا كنت على استعداد للمخاطرة بأن

تنكرني أمي .. لا إيبرل .. طلبت منك هذا لأن أمي تحبك، ولأنني أعرف أنني
أستطيع الاعتماد عليك.. والأهم من كل هذا لأنني

أحبك.

احمر وجه إيبرل بغير ارتياح ، وقالت بإجفال: أرجوك.. لاتمازحني في هذا.
تلاشى المرح من وجه غرايغ لكلماتها، وأخذها بلطف بين ذراعيه ليقول بصوت
أجش: لماذا تظنين أنني أمازحك، حبيبتي إيبرل؟

تراجعت إلى الوراء لتنظر في عينيه: لطالما مازحتني، منذ أول يوم التقينا
فيه.. فلماذا أصدقك الآن؟ لقد أصبح مات بعيداً عن

طريقك الآن .. فماذا لو كان هذا مجرد مثال آخر ل.. طريقة الرجل مع الفتاة؟

شدها إليه بقوة: إيبرل.. أيمكن أن تقولي صادقة إن هذا كل شيء .. تلك
الأوقات التي أمضيناها معاً ، في الحديقة، في منزلك، بعد

العشاء تلك الليلة؟ ألاتقنعك بأن الأمر كان أكثر من هذا بكثير. أحست إيبرل
بصدق ماكان عقلها يرفض أن يصدقه .. كان عناقه

حنوناً مليئاً بالحاجة.. لكنه كذلك ثري بالالتزام والحب.. حين رفعت رأسها
إليه ونظرت عميقاً في عينيه، رأت فيهما اعترافاً كانت

تتشوق إليه من أعماق قلبها.. فقالت بضعف: أوه.. غرايغ.. لماذا لم تخبرني
بمشاعرك؟

ملس شعرها بيده: أتذكرين أول يوم التقينا.. وحذرتني أنك ستتخلين عن أي رب
عمل يتجاوز حده؟ حسناً ، لقد فهمت الإنذار.. وبما

أنك كنت شديدة الحساسية، خشيت لو أنني قمت بحركة خاطئة فسأفقدك إلى الأبد..
كنت قلقة جداً مني.. لذا فكرت أنك لو عملت

لأمي بدلاًمني ، ستهدئين من روعك قليلاً وقد تثقين بي.

بدأت إيبرل تدرك كيف بدأ كل سوء التفاهم هذا.
_ إذن هذا ما كنت تعنيه حين قلت إنك تفضل التضور جوعاً على أن تكون رب عملي.
ضحك غرايغ باختصار: أجل.. إضافة إلى

تهجمي عليك، لكن هذا أمر أسامح نفسي عليه.. فأنا لست ملاكاً على أي حال.
قالت مفكرة: أظن أن الأمور سارت مسيرة خاطئة ابتداء من هذه النقطة. إذ، بعد
هذا رأيتني مع مات.. وتركتك تظن..

_ أجل هذا صحيح، لماذا فعلت هذا حبيبتي؟
كان سؤاله حزيناً إلى درجة أحزن معه إيبرل، فصاحت: أوه.. أنا لاأعرف لماذا
حتى الآن.! ظننت أنك لو اعتقدت بوجود رجل

آخر.. فستتركني وشأني.
قال متجهماً : إذن كنت على حق، أنت لم تعجبي بي في البداية!
_ لا.. بل أحببتك! أحببتك منذ اليوم الأول، لكن كان هناك ريبيكا، كما كنت
أعتقد. وبدا لي أنك كنت دائماَ تعبث معي.. حين

استننجت بنفسك تلك العلاقة، اعتقدت أن هذا سيساعدني على إبعادك عني.. كنت
أحتاج إلى المساعدة لأقاومك. وتعلثمت بخجل.

شدها إليه بضحكة مرحة وقبل رأسها: إذن لولا مات لما رفضت طلب الزواج بمثل
ذلك الحزم.. ولم يكن السبب أنك لاتحبينني..

أخبريني إيبرل.. هل كان ذلك الرفض بسبب ريبيكا فقط؟؟

_ أجل.. أوه أجل، غرايغ. لو أنك كنت تعرف كم أردت أن أقول نعم.. لكنني
ظننتك تضحي بسعادتك لأجل ليز.
تمتم بغصة في حلقة: أوه .. ياحمراء الشعر، يامخطئة التفكير، إيبرل.. وضع
ليز لم يكن السبب في اختياري ذلك الوقت بالذات.. بل

كنت أنت السبب. كنت أريدك بيأس.. ومستعداً أن أحصل عليك بأي طريقة كانت ،
حتى ولو سرقتك من رجل آخر.

قالت بحزن: أوه غرايغ.. لقد أضعنا كثيراً من الوقت.
_ لاتهتمي.. لن نضيع المزيد منه.. قريباً سنكون معاً وإلى الأبد .. ثلاثتنا
في البداية.. ثم.. ضمها إليه مجدداً لتستسلم بين ذراعيه.

نظر غرايغ من فوق كتفه إلى الحديقة خلفه.. وبصوت عميق أجش، قال: أظن أن
ريبيكا كانت مخطئة بشأن المشتل.
تمتمت وهي لاتزال تتنعم بلحظات الفرح: أجل..
تابع غرايغ بصوته الكسول المربح: سوف نقسم قسم الزواج هنا قرب حديقة الورود
تماماً .. حيث انتشلتك أول مرة من بين

الأشواك.. وعرفت أنني وجدتك أخيراً .. وجدت حبي الشبيه بالوردة الحمراء..
والتي ستزهر مجدداً في حزيران.
[/si
ze]تمـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــت

منقولة


مجهولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-08, 11:16 PM   #16

مجهولة

? العضوٌ??? » 8052
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 387
?  نُقآطِيْ » مجهولة is on a distinguished road
افتراضي

اسفة هبهوبة انشغلت برواية ومانتهبت للتعليق
اصل الرواية سيفتة عندي من زمان وما اذكر اسم الكتابة


مجهولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-08, 07:00 AM   #17

داماريس
عضوه في فريق عمل الروايات الرومانسية
 
الصورة الرمزية داماريس

? العضوٌ??? » 22491
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 812
?  نُقآطِيْ » داماريس is on a distinguished road
افتراضي




داماريس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-09-08, 06:47 AM   #18

عنووود

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية عنووود

? العضوٌ??? » 260
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 26,896
?  نُقآطِيْ » عنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond reputeعنووود has a reputation beyond repute
افتراضي

يسلموووووووووو على النقل الرائع


عنووود غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 16-09-08, 05:57 AM   #19

جيسيكا

? العضوٌ??? » 3685
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 388
?  نُقآطِيْ » جيسيكا is on a distinguished road
افتراضي



جيسيكا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-08, 12:27 AM   #20

الأمبراطوره

? العضوٌ??? » 19040
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 10
?  نُقآطِيْ » الأمبراطوره is on a distinguished road
افتراضي

حياتــــــــــــــــــوا مرسية كثيـــــــــــــر

الأمبراطوره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.