آخر 10 مشاركات
ديزي والدوق (44) للكاتبة :Janice Maynard .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          1128 - طيف من الحلم - آرلين جايمس - دار النحاس ... ( عدد جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          وأشرقت في القلب بسمة (2) .. سلسلة قلوب مغتربة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          369 - جزيرة الحب الضائع - سارة مورغن (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          203 -حب من أول نظرة / سالى وينت ورث )(كتابة /كاملة **) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          مستأجرة لمتعته (159) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غريق.. بين أحضانك (108) للكاتبة: Red Garnier *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-11-17, 03:47 AM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Flower2 413-حبيبتي كاذبة - لين جراهام-(كتابة /كاملة)


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






ازيكم أعضاء روايتي الحلوين والحلوات
اليوم مبارك بجد علينا وعليكم
عشرأعوام أكمل منتدنا من سنينه عشرة
قراءة ممتعة لكم جميعا









413العدد :

لـلكاتبة : لين غراهام

حبيبتي كاذبة

الملخص:

إنه لا يستطيع أن يتذكر لماذا تزوج هيلاري .

كان رجل الأعمال راوول ساباتينو يشعر بالضياع فقد كان

يعاني من فقدان الذاكرة بعد حادث اصطدام . ثم اكتشف أن

لديه زوجة لا يستطيع أن يتذكر عنها شيئاً .

هيلاري فتاة لطيفة , جميلة . . . ولكنها عادية جداً , فلماذا

تزوجها , والأهم لماذا ما زالت عذراء .

وكأن كل هذا لا يكفي . حتى تفاجئه هيلاري بالرحيل .

بالضبط عندما بدأ يتذكر . . .


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



الرواية منقولة شكرا لمن كتبها



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 27-11-17 الساعة 07:14 AM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:47 AM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

عدد الفصول :
10
عناوين الفصول :
1 ـ
رجل جعلها تبكي
2 ـ
علاقة سرية
3 ـ
أتذكر أسمي ؟
4 ـ
تلك المرأة !
5 ـ
عروس زائفة
6 ـ
لن أسامحك أبداً !
7 ـ
في أحلامك !
8 ـ
ممثلة بارعة
9 ـ
أكرهك
10 ـ
أحبك



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:47 AM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


نبذة عن الكتابة :
ولدت في شمال إيرلندا , خلاف سنوات المراهقة كانت من القراء
المتحمسين لـ (( ميلز أندبون )) . تعيش لين زواجاً سعياً مع زوجها
المتفهم , الذي تعلم الطهو ما أن بدأت هي بالكتابة !
حياتها مليئة بالحيوية و النشاط بسبب أطفالها الخمسة وكلبها
الكبير الذي يثير الفوضى في كل مكان , كما أنها تملك كلب صيد
صغير من نوع (( الغرير )) وعندما تسنح لها الفرصة تعمل في حديقة
منزلها بنشاط .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:48 AM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::
1 ـ
رجل جعلها تبكي
قال راوول سابانيتو , الأسمر الوسيم الرزين , عابساً : (( من
الطبيعي ألا تجدد عقده . لا مكان في " مصرف ساباتينو " لمدراء
فاشلين )) .
كان صاحب مصرف عالمي ورجلاً مشغولاً , ما جعله يعتبر هذه
المحادثة مضيعة لوقته الثمين . وتنحنح مدير أعماله ستيفن :
(( أظن . . . لعل حديثـاً قصيراً يعيد راولنسن إلى الطريق
المستقيم . . . )) .
فقاطعه راوول بنبرة باردة كالثلج : (( أنا لا أؤمن بالأحاديث
القصيرة ولا أمنح فرصاً ثانية . إن سمعة مصرفنا تقوم على كفائتنا )) .
أخذ ستيفن يفكر في راوول الذي يعرفه خبيراً ذائغ الصيت في
عالم الاقتصاد . كان ثرياً سويسرياً من سلالة أصحاب المصارف
الخاصة الذين شهد لهم الجميع بالذكاء الكفاءة . لكن رغم ذكائه
البالغ ونجاحه الهائل , لك يكن يظهر أي عطف على مستخدميه . في
الواقع , كان موهوب الجانب قدر ما هو محط إعجاب .
ومع ذلك , قام ستيفن بآخر جهد للتوسط لذلك الموظف السيء
الحظ , فقال : (( زوجة راولنسن هجرته الشهر الماضي . . )) .
وجاء رد راوول الفظ : (( أنا رب علمه ولست طبيبه النفسي .
وحياته الخاصة لا تهمني )) .
وغادر مكتبه البالغ الفخامة ليهبط بمصعده الخاص إلى موقف
السيارات تحت الأرض حيث استقل سيارته فيما فمه القوي لا يزال
ملتوياً بازدراء عابس . ما نوع هذا الرجل الذي يدع فقدانه امرأة يهدم
حياته المهنية الواعدة ؟ يا لها من شخصية ضعيفة عديمة القدرة عى
التحكم في الذات!.
وهز راوول رأسه المتكبر باشمئزاز بالغ . الرجل الذي يشكو
مشاكله الشخصية , متوقعاً لذلك معاملة خاصة , شخص بغيض
بالنسبة إليه . عاش راوول حياة صارمة خالية من الفرح و الاستمتاع ,
فقد هجرته أمه قبل أن يتقن المشي . وتبددت أي لمحة من العناية
والمحب من حياته بين ليلة وضحاها , ثم أرسل إلى مدرسة داخلية
وهو الخامسة من عمره . وكان لا يُسمح له بزيارة منزلة إلا إذا
جاءت نتائج امتحاناته مرضية لأبيه , أريد له أن ينشأ خشناً قاسياً ,
ويتعلم منذ طفولته ألا يطلب أو يرجو أي عون أو محبة من أحد .
رن هاتف سيارته وهو عالق في زحمة السير . وندم لأنه لم
يستدع سيارته الليموزين مع سائقها الخاص . كانت المكالمة من
محاميه , بول كوريرو , وبما أن الحديث تناول أموراً سرية , فضل أن
يعتمد تعابير بول المتحفظة .
ـ بصفتي محاميك , أظن أن من واجبي أن أشير إلى أن الوقت
حان لتضع حداً لعلاقة معينة .
كان رتوول زميلاً لبول في الجامعة , وهما صديقان جيدان , قلا
أحد غيره يجرؤ على التحدث معه بمثل هذه الألفة . لكن مزاجه لم
يحتمل المماطلة , , فقال يستعجله : (( أدخل في صلب الموضوع )) .
فتردد بول بشكل غير عادي : (( منذ مدة و أنا أفكر في هذا الأمر .
لكنني انتظرت حتى تثير أنت الموضوع , وقد مضى الآن أربع
سنوات تقريباً . ألم يحن الوقت لفسخ زواج المصلحة ذاك الذي
عقدته ؟ )) .
بدا صوت بول رخيماً وهو يتابع , من دون أن يدرك التأثير الذي
أحدثه : (( هلا اتفقنا على موعد ما هذا الأسبوع لأنني سأكون في
إجازة ابتداءً من يوم الإثنين القادم )) .
رد راوول على الفور : (( هذا الأسبوع مستحيل )) .
فقال بول بشيء من الارتباك : (( أرجو ألا أكون قد تجاوزت
حدودي بإثارة هذا الموضوع )) .
فقال راوول ضاحكاً : (( يا إلهي , كنت قد نسيت هذا الموضوع ,
وأنت أخذتني على حين غرة ! )) .
فقال بول : (( لم أكن أظن هذا ممكناً )) .
ـ سأعاود الاتصال بك . . زحمة السير خائفة .
بدا فمه الجميل متوتراً . إن بول محق بالنسبة إلى موضوع ذاك
الزواج . وعاد راوول بالذاكرة أربع سنوات إلى الوراء .
كيف سها عن قطع تلك الصلة الهشة ؟ وذكر نفسه بأنه كان
مشغولاً إلى حد لا يصدق .
كان جده كليمنت رجلاً صارماً مدمناً على العمل حتى بلغ
الستينات . كان من كافة النواحي , أشبه بقطعة من الصخر . لكن ,
بعد أن تقاعد , وقع في غرام امرأة أصغر منه سناً , فتغير بشكل كامل
واعتنق فلسفات الجيل الجديد حتى أنه تزوج تلك الشابة الباحثة عن
الثروة . هذا السلوك أحدث جفاءً استمر لسنوات بين كليمنث وابنه
المتحفظ والد راوول . لكن راوول بقي على اتصال بجده .
وعندما توفي الجد منذ أربع سنوات , لم يصدق راوول شروط
وصيته الغريبة للغاية . أوصى الجد كليمنت بأن في حال لم يتزوج
هذا الأخير , في وقت معين . يتحول قصر (( كاستيلو ساباتينو )) , منزل
الأسرة , إلى الدولة بدلاً , من حفيده , وندم راوول طبعاً انه كان قد
أخبر جده أنه لن يفكر في الزواج وإنجاب وريث حتى يصبح في
أواخر منتصف العمر .
ورغم أن راوول تربى على احتقار العواطف , إلا أنه ما زال
يحتفظ بذكريات بعيدة عن عهد الطفولة , لزيارات سعيدة إلى بيت
الأسرة (( كاستيلو ساباتينو )) . ورغم أنه من الثراء بحيث يمكنه شراء
مئة قصر , إلا أن لقصر كاستيلو مكانة خاصة لديه .
لقد سكن آل ساباتينو القصر الذي يشرف على وادٍ سحيق منذ
مئات السنين . وقد تملك راوول الفزع وهو يري نفسه مهدداً بخسارة
القصر إلى الأبد .
وبعد شهرين , وفيما كان في رحلة عمل إلى لندن , اتصل
بمحاميه بول وحدثه عن المشاكل الناتجة عن وصية جده . وبما أنه
كان أثناء إجراء هذا الاتصال في مكان عام , إذ كان يحلق شعره ,
اعتمد اللغة الإيطالية , توخياً للسرية . لكنه علم أنه أخطأ فحلاقة
الشعر سارعت إلى إظهار تعاطفها معه , وعرضت عليه أن تلعب دور
الزوجة الزائفة , كي يبقى قصر (( كاستيلو ساباتينو )) للأسرة .
وفي النهاية , باعته هيلاري روس يدها في زواج صوري .
كم أصبح عمرها الآن ؟ لقد بلغت الثالثة والعشرين في عيد
العشاق الأخير . كانت صغيرة الحجم لكنها ذات مفاتن رائعة وذوق
بديع في اختيار الأزياء , فالسواد من الرأس حتى أخمص القدمين
وزينة وجهها تجعلها تبدو كمصاصة دماء . كان غريباً أن تبدو
مصاصة دماء مثيرة إلى هذا الحد . وقبل أن تتغير إشارة السير أخرج
محفظته وسحب منها صورة كانت هيلاري قد دستها في يده بعد أن
وقعتها مازحة : ( زوجتك , هيلاري ) وسجلت عليها رقم هاتفها .
لقد و قعا عقداً قانونياً يقضي بأن يبقى زواجهما صورياً , كمـا
أوضح ه بول أن الإخلال بشروط عقد الزواج الصوري , أي إتمام
الزواج , سيعرضه لملاحقة الزوجة التي ستطالبه بنفقة باهظة .
لا بد أن انجذابه إليها مجرد تخيلات , فما الذي سيجذبه إليها ؟
إنها غير مثقفة , فقد تركت المدرسة في السادسة عشرة من
عمرها , وهي من أسرة فقيرة عاملة . إنها تعمل في صالون حلاقة ! يا
إلهي . . حلاقة صغيرة , دائمة الضحك , قصيرة القامة , من دون أي
اهتمامات ثقافية أو حنكة اجتماعية . لا يجمع بينهما سوى الجنس
البشري . وسمح لنفسه أخيراً بأن ينظر إلى صورتها , مذكراً نفسه
بأنها لم تكن بغاية الجمال . وتملكه السخط وهو يرى نفسه مستغرقاً
بشكل يدعو إلى القلق في مثل هذه الأفكــار .
رأى أن حاجبيها مستقيمان كثيفان , وأنفها عريض قليلاً . لكن ,
بالرغم من عيوبها , بقيت عيناه مسمرتين على المرح في عينيها
والابتسامة الواسعة المتألقة على فمها الممتلئ المصبوغ بلون
التوت .
أفضت إليه ذات مرة من دون أن يسألها : ( عندما قابل جدي
جدتي , عرفت أنه حب حياتها قبل أن يتحدثا معاً . . على أي حال ,
لم يستطيعا أن يتحدثا معاً لأنها لم تكن تعرف حتى كلمة واحدة من
الإنكليزية كمـا أنه لم يكن يعرف كلمة إيطالية واحدة . ألا تظن هذا
شاعرياً ؟ ) .
لم يجبها يومها , وصد كل محاولاتها لتبادل الغزل معه . فهي
ليست من عالمه , وهو أذكى من أن يجازف وتبع خطوات أبيه وجده
فيقع في الغلطة الخطيرة نفسها ويتزوج فتاة تبحث عن رجل
ثري . وهكذا كبح ذلك الانجذاب إلى امرأة يراها غير مناسبة .
و مع ذلك لم يستطع أن ينسى آخر مرة رأى فيها زوجته الزائفة ,
وتلويحها له بيدها بمرح بالرغم من لمعان الدموع في عينيها ,
و الابتسامة المتمردة على شفتيها التي قالت له إنها ستبحث عن رجل
يؤمن بالحب الشاعري . . أتراها لم تعثر بعد على ذلك الرجل ؟ وهل
هذا هو السبب الذي يدفعها إلى عدم طلب الطلاق ؟
وفيما هو غارق في التساؤلات , برزت أمـامه طفلة تلاحق كلباً .
ضغط على الكابح بشدة , وأدار عجلة القيادة بعنف محاولاً أن
يتجنب الطفلة , فاصطدمت السيارة في جدار بعنف بالغ .
كان يمكن لراوول أن يخرج من الحادث من دون ضرر لو
سنحت له الفرصة للخروج من سيارته قبل أن تصطدم بها سيارة
أخرى . فعندما حدث ذلك , أحس بألم بالغ في أسفل رأسه أغرقه
في ظلام دامس .
كانت أصابعه لا تزال متشبثة بالصورة حين حملوه بسرعة إلى
المستشفى حيث استدعوا بوتيستا التي جلست تنظر باحتقار إلى
ممرضتين شابتين كادتا تلتهمان راوول بأعين متلهفة .
كانت امرأة سمراء مدللة متسلطة ترتدي ثياباً لا تناسب امرأة في
الستين . وكانت بوتيستا ثائرة لأنهم أفسدوا برنامجها , فعليها أن
تسافر إلى ميلانو في الغد لتحضر افتتاح معرض خطيبها , وهي
مصممة على ألا تغير برنامجها .
منذ عشرة أيام , أثار راوول غضبها عندما أخبرها أن الشاب
الوسيم الذي تريد أن تتزوجه , معروف بملاحقة النساء الثريات
الكبيرات في السن . لقد أهانها راوول بشكل فظيع . ما الذي يمنع
دييتر من أن يرغب فيها لنفسها ؟ كانت واثقة من أنها لا تزال حسنة
المظهر , ذات شخصية جذابة للغاية . عقدت أربع زيجات انتهى كل
منها بطلاق مكلف , لكنها لم تقلل من إيمانها بالحب و الزواج .
وعندما جاء الطبيب أخيراً , وأخبرها بأن راوول يعاني مؤقتاً من
فقدان ذاكرة جزئي , تملكها إحباط بالغ .
ـ هل زوجة السيد ساباتينو قــادمة ؟
ـ إنه ليس متزوجاً .
نظر إليها الطبيب مدهوشاً ثم مد لها يده بصورة مكرمشة قليلاً :
(( من هذه إذن ؟ )) .
تأملت بوتيستا الصورة وما كتب تحتها بذهول . هل راوول متزوج
من امرأة إنكليزية ؟ يا إلهي !
كان زواجه سيثير زوبعة في الصحف ما سيشعره بالاشمئزاز .
ورأت أن تفكيره هذا سليم وقراره صائب . متى كان ينوي أن يخبر
أقاربه أنه اتخذ زوجه ؟ وتملكها شعور بالسعادة وهي تفكر في أن
وجود زوجته سيعفيها من أي مسؤولية نحوه أثناء وجوده في
المستشفى . واندفعت إلى الهاتف لتتصل بعروس ابن أخيــها
الغامضة .
ما إن دخلت هيلاري إلى شقتها الصغيرة , ورأت الانزعاج على
وجه أختها إيما , حتى انقبض قلبها .
سألتها وهي تلقي جانباً بصحيفة المساء التي أحضرتها معها :
(( ماذا حدث ؟ )) .
ـ اتصلت امرأة أثاء غيابك . أريدك أن تجلسي قبل أن أحدثك
بما أخبرتني به .
كانت إيما فتاة طوية رشيقة ذات نظرات ثابتة تعكس نضجاً غير
عادي بالنسبة إلى فتاة في السابعة عشرة .
قطبت هيلاري حاجبيها : (( لا تكوني سخيفة . أنت هنا بسلام ,
ويس لي من الأقارب سواك . . من الذي اتصل . . الخبر ؟
فأجابت أختها بصوت خافت متوتر : (( أنـا لست كل مــــــا لديك مــن
أقرباء . راوول . . راوول ساباتينو . لقد أصيب في حادث سيارة )) .
شحب وجه هيلاري , وأخذت تحدق في أختها بذعر وقد وهنت
ساقاها : (( وهل . . . ؟ )) .
ـ نعم . . ما زال حيــاً .
وضعت ذراعها حول كتفيها وجعلتها تجلس على أريكة صغيرة
في المطبخ مضيفة : (( اتصلت عمه راوول . عن إنكليزيتها ضعيفة
للغاية , فلم يستغرق الحديث سوى دقيقتين تقريباً . . )) .
ـ هل إصابته خطره ؟
راحت هيلاري ترجف شاعره بالغثيان , فيما الأفكـار المخيفة
تملأ ذهنها . وفيما هي تصغي إلى جواب إيما , كانت تدعو الله أن
يحمل لها ذلك الجواب بعض الأمل .
ـ إن لديه إصابة في رأسه . و تـــكـــون لــدي انطباع بأنها على شيء
من الخطورة . لقد نقلوه إلى مستشفى آخر . تنفسي بعمق , يا هيلي .
ركـــزي على حقيــقة أن راوول بخير . إنك تعانين من صدمة , و لكن
بإمكانك أن تكوني معه غداً صباحــاً .
دار رأسـهــا وهي تــنــطوي على نــفسها , راوول حب حياتها الســــري
الغالي . . رغم أنها لم تكن بالنسبة إليه سوى وسيلة ساعدته في إنهاء
مشكلته . كان غريباً ومفزعاً أن يؤثر فيها الحب بهذا الشكل .
راوول , زوجها الذي لم تستمتع معه حتى بقبلة . . . راوول
الطويل الأسمر القوي البالغ الحيوية , راوول يصارع في هذه اللحظة
الـــموت على ســـريـــر الــمستشفى . واشتــد الخوف , ودعت الله أن
يشفيه , لكنها لم تستطع أن تتحلى بالتفاؤل . لقد مضت سبع سنـوات
منذ سلب حادث سيارة والديها فاضطربت حياتهما , هي
و إيما . حينذاك , لم يسفر انتظارهما الطويل في المستشفى , عن أي
معجزة تشفيها .
وأخيراً رددت كلمات أختها : (( أن أكون معه . أكــون مع
راوول ؟! )) .
أيمكنها أن تسافر إليه ؟ هل تجـرؤ على المحاولة ؟ وتملكها أمل
عارم . لعلها زوجته بالإسم فقط , لكن هذا لا يعني أنها لا تستطيع
أن تتمنى له الخير . ألم تتصل بها عمته لتخبرها عن حادث السيارة ؟
يبدو أن زواجهما لم يكن سراً كما ظنت , ويبدو أيضاً أن أقــاربه
يعتقدون أن زواجهما هو أ:ثر من مجرد زواج على ورق .
أجابت إيما تطمئنها : (( أعرف أن الوقت مهم وعرفت بالضبط ما
الذي ترغبين في فعله . لهذا حجزت لك مقعدً على متن الطائرة التي
ستقلع إلى جنيـڤ في الصباح الباكر . . . )) .
جاهدت هيلاري لتكبح لهفتها و تتعقل : (( أريد أن أذهب إليه
طبعاً , ولكن . . . )) .
ـ ما من ( ولكن ) .
ونهضت إيما واقفة : (( إياك أن تمنعك كرامتك من الاندفــاع إليه
و البقاء معه . أنت زوجته وأراهن على أن ما كان بينكما ذات يوم ما
زال قابلاً للإصلاح . إنني كبيرة بما يكفي الآن لكي أقدر سوء
تصرفي و نتائجه )) .
فوجئت هيلاري للغاية بهذا الحديث . فحتى هذه اللحظة , لم
يكن لديها أي فكرة عن أن إيما تلوم نفسها على فشل زواج أختها .
فقال لها : (( علاقتي براوول لم تنجح , هذا كل ما في الأمــر . لا
تظني أن لك أي علاقة بذلك )) .
ـ كفي عن محاولات حمايتي . كنت فتاة أنانية , فبعد أن
فقدنا الأب و الأم كنت من التملك على حد جعلك تخشين حتى
السماح لي بمقابلة راوول !
رأت هيلاري أن كل كذبة , حتى لو كانت بيضاء لا ضرر من
ورائها , ترتد في النهاية على صاحبها . لا يمكنها أن تنظر في عيني
أختها الصغرى بعد الآن .
وقالت بضيق : (( لم تجر الأمور بيني وبين راوول على هذا
الشكل )) .
ـ بل كان كذلك . كان اهتمامك منصباً علي أولاً , وجعلتني
أفسـد يوم زفافك وأدمر زواجك حتى قبل أن يبدأ . كنت فظة للغاية
بالنسبة لراوول , حتى أنني هددت بالهرب من البيت إذا حــــاولت
أن تجعليني أعيش في الغربة . وقفت بينكما . . طبعاً فعلت . كنـت
تحبينه كثيراً . . . وما زلت لا أصدق مدى قسوتي نحوك . .
كافحت هيلاري لكي تركز عل أفكارهـا كانت مركزة على حالة راوول
الصحية , وأخيراً قررت أن تشرح لأختها حقيقة الموضوع في وقت
لاحق , فقالت : (( ماذا قالت عمه راوول بالضبط ؟ )) .
ـ قالت إنه كان يســأل عنك .
نطقت إيما بهذه الكذبة البيضاء , داعية الله أن يغفر لها . لكنها
كانت تأمل بما يكفي من الثقة كي تسافر إلى حيث زوجها .
أترى راوول كان يسأل عنها حقــاً ؟ وتملكتها دهشة تبعتها بهجة لا
توصف . وفجأة , وجدت نفسها قادرة عل مواجهة كافة التحديات .
يمكنها أن تسير على الجمر لتصل إليه , أن تجتاز البحيرات سباحة ,
وتتسلق أعلى الجبال لتكون بجانبه . راوول بحاجة إليها ! إذا كــــان
رجل بغرور راوول و ثقته بنفسه يطلب حضورها , فهذا يعني أنه
مريض للغاية . وتملك هيلاري القلق , وأسرعت إلى غرفتها تحزم
أمتعتها .
تأوهت وهي تختار الضروري من ثيابها , ثم هتفت : (( لكن
صالون الحلاقة . . من الذي سيشرف عليه ؟ )) .
ـ سالي . . . سالي ويذرستن . عندما مرضت وحلت مكانك قلت
إنها ذكية .
تناولت هيلاري الهاتف . كانت عيناها شاردتين رغم بريقهما ,
وشعرها الحريري يحيط بوجهها البيضاوي المتألق . كان لون أشقر
فضياً فتجد نفسها غالباً مرغمة على أن تؤكد لزبائنها أن لونه طبيعي .
وكانت أحياناً تضع ظلاً خفيفاً من لون آخر على أطرافه , و في هذا
الشهر استعملت لونـاً وردياً باهتاً أنيقاً .
رتبت أمر حصول سالي على مفاتيح الصالون , ثم اتصلت بحلاقة
أخرى اعتادت أن تردد على الصالون عندما يزيد العمل عن الحد .
تدبرت أمـر كل هذه التفاصيل , رافضة حتى التفكير في تكاليف
مثل هذه الترتيبات . ونظرت إلى أختها إيما , ثم أجفلت : (( كيف
أتركك هنا في هذه الشقة وحـدك ؟ )) .
ـ فرصتي المدرسية ستنتهي غـداً فــأستقل القــــطار عـــائــدة إلى
المدرسة . أرجو أن أتمكن من القيام بذلك بنفسي . أنـا في السابعة
عشرة , يا هيللي .
أحتضنت هيلاري أختـــها بــمحبـــة بـــالغــة . لم تستطع إلا أن تعجب
للتأثير الذي أحدثه راوول في حياتهما , هي وشقيقتها . فتلك الصفقة
المالية غيرت حياتهما . إنها مدينة له بدين لن تستطيع إيفاءه أبـداً !
منـذ أربع سنوات , كانت الشقيقتان تعيشان في شقة حقيرة معتمة
قذرة . وكانت إيما ذكية ماهرة ما جعل هيلاري تقرر ألا تدع مــأساة
فقدان والديهما تمنع الفتاة الصغيرة من متابعة تعليمها . حينذاك ,
أحست هيلاري بالفشل عندما اختلطت أختها الصغرى بمجموعة من
الفتيان سيئي السمعة ومن ثم أخذت تتغيب عن المدرسة . حينذاك ,
كانت هيلاري . تعمل لساعات طويلة , ولم يكن وضعها يسمح لها
بالانتقال إلى منطقة أفضـل , أو بقضاء وقت أطول في الإشراف على
مراهقة متمردة .
لكن سخاء راوول قلب حياتها رأسـاً على عقب . لم تشــأ في
البداية أن تقبل نقوده , لكنها عادت فأدركت أن تلك النقود ستمنحها
فرصة تعيد بها أختها إلى الصراط المستقيم . فأنفقت منها على إنشاء
صالونها الخاص بعيداً عن ضاحية (( هونسلو )) في لندن , وذلك من
أجل مصلحة إيما , كانت تعتقد أنها قامت بالأمر الصواب . لكنها
تتساءل أحياناً عما إذا كان راوول ليحترمها أكثر أو حتى يبقى على
اتصل بها لو أصرت على رفضها لنقوده وعل مساعدته من دون
مقــابــل .
على أي حــال , اختارت أن تتزوجه من باب المساعدة ليس إلا .
كانت متلهفة للقيام بأي شيء يرضيه , وهو الذي لم يكن يعلم , من
قبل , بوجودها في هذه الحيــاة . لكن المحزن هو أنها مــا إن
استسلمت لإغراء المال وسمحت لنفسها بــأن تقبله منه لتحـــل
مشاكلها , حتى غيرت كل ما بينهما .
حينذاك , قال لها بلهجة مطاطة : (( أحب أن أدفع أجـر كل خدمـة
تقدم لي , فأتجنـب أي سوء تفاهم )) .
وتملكها الفزع إذ جعلها تشعر وكـأنها صيادة رجــال .
وفي اليوم التالي , حــاول الدكتور ليرذو أن يكتم دهشته عندما
أشــارت سكرتيرته إلى زوجة راوول ساباتينو , بالدخول . فــالمرأة
الشقراء , الصغيرة الحجم , ذات العينين الزرقاوين الواسعتين
المليئتين باللهفة لم تكن ما توقعه أبــداً .
قالت هيلاري بسرعة : (( حــاولت أن أتصل قبل أن أغادر إنكلترا ,
لكن موظف الهاتف لم يستطع أن يعثر عل رقم هذا المكان )) .
كانت متوترة الأعصاب , فهذا المستشفى لا يشبه برفاهيته أي
مستشفى آخر دخلته من قبل . وقوبلت أسئلتها المتلهفة عن حال
راوول بصمت مهذب . وشعرت بالإحباط لأن عمة راوول , بوتيستا ,
ليست بانتظارها لتحييها وتيسر طريقها ما اضطرها إلى تقديم نفسها
بصفتها زوجة راوول ساباتينو . عندما فعلت ذلك , تملكها شعور
بأنها كاذبة لكنها كانت مقتنعة بأنها إذا قالت الحقيقة عن زواجهما
فلن يُسمح لها بالدخول لرؤية راوول .
مد الـــرجل الشائب يده ليصـــافحــها : (( هذا مستشفى خـــاص ,
ومرضانا يطلبون التكتم و الأمــان , لهذا لا يسمح بالزيارات . لقد
شعرت بالارتياح لحضورك بهذه السرعة )) .
ولاحت لها الكــآبـة خلف هذا التطمين فشحب وجهها وشهقت :
(( راوول ؟ )) .
ـ آسف . لـم أقـصـد أن أثير قلقك . فعدا عن صداع شديد , لا
يعاني زوجك سوى من رضوض بسيطة .
وبابتسامة لطيفة أجلسها الطبيب على مقعد : (( لكن ذاكرته لم تكن
محظوظة إلى هذا الحد )) .
تبددت أسوأ مخاوفها وغاصت هيـلاري في مقعدها الكبير وقد
بدت عليها الحيرة : (( هل هي . . . ذاكرته ؟ )) .
ـ تلقى السيد ساباتينو ضربة قوية على رأسه فغاب عن الوعي
لساعات . فقدان الإحساس بالزمان و المكان بعد حادث كهذا , ليس
أمراً غير عادي . . . لكن , ولسوء الحظ , يبدو أن ضعفاً مؤقتاً أصاب
الذاكرة .
تنبهت إلى لهجة الرجل البالغ الرزانة . فسألته وقد جف فمها :
(( المعنى ؟ )) .
ـ لقد خضع لفحص بعد استيقاظه مـن غيبوبته فكشف عن
اختلاط التواريخ في ذهنه .
ـ التواريخ ؟؟
ـ ذاكرة راوول مسحت السنوات الخمس الماضية من حياته .
وهو نفسه , لم ينتبه إلى وجود مشكلة , حتى أشرت أنـا إلى ذلك . إنه
يتذكر كل ما مر عليه من ماضيه , لكن الأحداث التي عاشها هذه
السنوات الخمس هي كتاب مغلق بالنسبة إليه .
نظرت هيلاري إليه غير مصدقة : (( كل تلك . . . السنوات
الخمس ؟ هل أنت واثق من ذلك ؟ )) .
ـ طبعاً كما أن السيد ساباتينو لا يتذكر حاد اصطدام سيارته .
ـ ولكن لماذا حدث له هذا ؟
ـ ليس مستغرباً أن يعاني الشخص من فقدان جزئي للذاكرة بعد
حادث يصيب الرأس , ولكن هذه الحالة تدوم لفترة قصيرة فقط
وتدعى (( فقدان الذاكرة المتقهقر )) . أحياناً يعود السبب إلى صدمات
عاطفية أو كآبة , لكنني استبعد ذلك في هذه الحالة بالذات . إنها
حالة مؤقتة بكل تأكيد , وربما سيتذكر كل ما نسيه . ربما سيتذكر كل
شيء دفعة واحدة .
فسألته بضعف : (( وكيف يتقبل راوول ذلك ؟ )) .
ـ عندما يدرك زوجك كم من الوقت أغفل ذاكرته , سيصاب
بصدمة بالغة .
ـ أنــأ واثقة من ذلك .
أضــاف الطبيب بأسف : (( قبل أن نكتشف هذا , كان السيد
ساباتينو على وشك أن يعود إلى مكتبه متجاهلاً نصائح الأطباء . في
الواقع , هذا الوضع يمثل تحدياً محبطاً لا يمكن قبوله بالنسبة إلى
رجل مثقف قوي الشخصية اعتاد السيطرة )) .
ارتسم الذعر على ملامح هيلاري المعبرة وهي تفكر في غياب
السنوات الخمس التي اختار الطبيب أن يصفها ببساطة : اختلاط
التواريخ في ذهنه .
وقالت بلهفة : (( بالله عليك . . حتى راوول لن يتذكرني ! )) .
ـ كنت ســأصل إلى هذه النقطة . لكنني مسرور جداً بوجودك هنــا
لكي تـــمنـــحي السيـــد العــــون الـــذي يــحـتـــاجه لمواجهة هذا
الوضع . . .
فرفعت حاجبيها : (( ولكن أليست عمة راوول هنـا , هي أيـضاً ؟ )) .
ـ علمت أن السيدة غادرت البلاد هذا الصباح لحضور مناسبة
اجتماعية .
تــملكها الـــذهول , وغصت بـريــقها ولم تـعرف بـمــاذا تـصف العمة
بوتيستا . ودار رأسها وقد اختلطت المشاعر في داخلها . لقد اطمأنت
في البداية إلى عدم خطورة حالة راوول , لكن علمها بفقدانه لذاكرته
جعلها تشعر بالعجز . وحاولت أن تتخيل نفسها تستيقظ لتجـد نفسـها
كما كانت منذ خمس سنوات وليست كما هي الآن , بمـزيـد من القلق
لما ستؤول إليه حال راوول من التشتت الاضطراب .
وتملكها الاشمئزاز لموقف عمته غير المكترث , لكنها لم تدهش
لأنها عاشت هي و أختها هذه المأساة مع قريبة لــهما . و فكــرت في
الدين الذي تشعر بأنها مدينة به لراوول , وبمقدار رغبتها في رؤيته .
يمكنها أن تساعده وتسنده . كانت هـذه فكرة طبيعية مثيرة , و لـكن ألـن
يكون تصرفها كزوجة حقيقية نوعاً من الخداع ؟ إنها زوجة على الـورق
ليس إلا .
وتملكتها موجة من الشعور بالعار والاشمئزاز . على أي حــال ,
لقد وعدت راوول بألا تكشف أبداً عن شروط زواجهما لأي كان .
لكن , ولكي تــريـــح ضميـــرها , قررت أن تكشف نـصف الحقيقة , فقالت
بارتباك : (( علي أن أعترف بأننـا . . أنـا و راوول كنـا . . متباعدين ! )) .
ـ أشكرك على ثــقــتــك بي وأطمئــنــك إلى أن مــــا أخبـرتـني بـه لن
يعرفه أحد . لكنني أطلب منك ألا تــكشفي عن أي شيء قد يــضايــق
مريضي . فما يعانيه زوجك من توتر بالغ يمكن أن يشكل خطراً على
شفائه التـام .
شحب وجهها وهي تسمع هذه الحقيقة القاسية , ثم أومــأت بلهفة
تظهر تفهمها . لن يعلم راوول منها مــا قد يكدره .
ـ بصفتك زوجة السيد ساباتينو , أنت أقرب الناس إليه مــا
يمكّنك من أن تساعديه أكثر من أي شخص آخر . إن عدد موظفيه
الذين يمتثلون لرغبته لا يحصى , لكن وضعك ولحسن الحظ , أفضل
بكثير . زوجك بحاجة إلى أن يشعر بأن لديه شخصاً يمكنه أن يثق
به . إياك أن تسيئي التصرف فحالته الحاضرة جعلته لا يحتمل شيئاً .
ـ لا أستطيع أن أتصور راوول عاجزاً . . .
وغصت بدمعها ولم تستطع أن تواجه نظرات الطبيب الرقيقة .
كانت تشعر بألم بالغ لأنها هي أيضاً أصبحت من تلك الفئة الحقيرة
بعد أن دفع راوول لها ذات يوم أجراً لتنفذ ما يريده . لكنه في الواقع
لم يجد سواها لتنفيذ هذا الدور , وهذه الحقيقة دمرتها .
ـ اسمعي , إن مسؤوليتك تقضي بأن تقفي بينه و بين موظفيه الذين
يرغبون في رؤيته . (( مصرف ساباتينا )) يجب أن يدار من دونه حالياً ,
فهو بحاجة إلى راحة , إنني على إطلاع تام على عالم الأسواق
المالية ما يجعلني أدرك أن أي إشارة إلى حالة السيد ساباتينو يجب
ألا تتجاوز جدران هذه الغرفة .
قطبــت هيــلاري إذ لــيـــس لــديــها حتــى شبــه اطـــلاع على أحـــوال
الأسواق المالية . و هي لا تفهم شيئاً من هذا الجانب من حيـــاة راوول
كما أن اهتمامها بهذا الأمـر محدود للغاية . و مع ذلك , استوعبت مـــا
يبدو أنه دورها . إن واجبها هو أن ترعى راوول حتى يستعيد ذاكرته .
ـ هل يمكنني أن أراه الآن ؟
تذكر الطبيب الرعب الـــذي بدا على ملامح مريـضه عندمــــا اكتــشف
أنه متزوج , لكنه سرعان ما نبذ هذه الصورة من ذهنه . لعل هيلاري
ستتمكن من الوقوف بحزم في وجه برودة زوجها البليونير وشخصيته
المستبدة . . لكن حتى لو كان الدكتور ليرذر مغامراً . . فهو لا يجرؤ
على المراهنة على النتيجة .
أخذت هيلاري نــفســاً عميـقاً ثم تبعت الممرضة . بعــد دقائق سترى
الرجل الوحيد الذي استطاع أن يجعلها تبكي . . .
* * *
نهايـة الفصل (( الأول )) . . .

انجلى likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:49 AM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:49 AM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::::::
3 ـ
أتذكر أسمي ؟
سال عرق على عنق هيلاري , علاقة غرامية سرية ؟ و تململت في
جلستها , ( امرأة لا بد أنه شاركها الفراش مرات كثيرة ؟ )) . من
الطبيعي أن يفترض هذا , إذ لن يخطر في باله أن زواجهما ليس
طبيعياً . تمتمت بارتباك , محاولة ألا تفضح عدم ارتياحها : (( إنك
تنظر إلى الأمور بشكل غير مألوف )) .
ـ إن وجهك يحمر خجلاً كفتاة مراهقة .
قالت بحدة لشكه في سبب احمرار وجهها : (( معك فقط )) .
أثناء المراهقة , جعلتها سرعة احمرار وجهها إذا ما تعرضت
للإحراج , عرضة لكثير من الإحراج في المدرسة . قال وهو يحتضنها
بذراعيه : (( لا يمكن أن نكون قد تزوجنا مدة طويلة )) .
فصرخت : (( لا تفعـل ! )) .
ارتسمت على وجهه الوسيم ابتسامة عريضة . فرغم أنها ليست
أكبر حجماً من الدمية بكثير , إلا أن شخصيتها ديكتاتورية مستبدة .
ـ لا تخافي , لا أظن أن تقبيل زوجتي سيعيدني إلى المستشفى .
سـألته وهي ترتجف , مرجعة رأسها إلى الوراء . . رغم رغبتها في
أن تلقي بنفسها عليه : (( وما أدراك ؟ ربما ينبغي عليك ألا تعانقني )) .
قال مداعباً وهو يرى القلق في عيني زوجته : (( هذه ليست
مشكلة )) .
وزاد من شعوره بالتسلية رؤيته لخوفها على صحتـه , فيما تابع
يقول : (( اعتبري هذا اختباراً مفيداً لعله يعيد لي ذاكرتي , يا
راوول . . .
لكن اللهفة راحت تزداد في داخلها بسرعة خبيثة . لم تشـأ أن
تمنعه . كما لم تجد لديها ما يكفي من الإرادة لتمنعه . كانت متلهفة
لتجربة ما حرمت منه .
تغلغلت أصـــابـعه في شعــــرها , و أرجع رأســها إلى الخلف ليـتـحكم
في عناقها . مالت إلى الخلف بين ذراعيه القويتين , وتسارع نبضها ,
وكــاد جسدها يحترق .
وفجأة تركها راوول متمتماً : (( لقد وصلنا إلى البيت )) .
أحنت رأسها وقد انقطعت أنفاسها , وحاولت أن تتحكم في
نفسها بعد أن تملكها الألم لخيبة أملها . وشعرت بالخجل من نفسها
تشجيعها له , وتساءلت إن كان بإمكانها أن تنظر إلى وجهه مجدداً .
ما الذي تفعله ؟ لقد تقبلها من دون إثبات لمجرد أنه وثق بكلامها .
ولتستحق هذه الثقة عليها أن تبقى بعيدة عنه . وعندما فتح السائق
الباب بجانبها ترجلت من السيارة بسرعة , ثم أخذت تنظر حولها .
البيت ؟ يبدو أن راوول يعيش في منزل فخم أشبه بالقصر , في
مكان معزول تحيك به أسوار عالية . رأت خادماً في منتصف العمر
يقف بجانب مدخل فخم , وردهة فسيحة تزينها تماثيل أثرية , وأثاث
ذهبي وأرض رخامية . تملكتها الرهبة إزاء هذه الفخامة وترنحت
خطواتها .
ـ يا إلهي . . .
هتاف راوول الخشن هذا جعل هيلاري تستدير على عقبيها . رأتــه
يحدق في لوحة فوق مدفأة رخامية جميلة فأدركت ما جرى بسرعة .
ثمة ما أدهش راوول . . . شيئاً بدا له مختلفاً أو على الأقل مغايراً
لما توقعه . وبما أنه ليس لديه فكرة عن التغيير الذي حصل , فلا بد
أنه سيشعر بالتشويش .
وعندما رأت الخادم يرمقه خفية , ســارعت إليه تمسك بذراعه
هامسة : (( دعنا نصعد إلى الطابق العلوي )) .
وفيما هو يتساءل عن السبب الذي وجعل إحدى لوحــات جده
المفضلة تنتقل إلى بيته في المدينة , إذا به يستجيب لتلك الدعوة
الأنثوية الخافتة كما يف أي رجل . وسرعان ما نسى لغز اللوحة
بعد أن أجفل لرغبته في أن يرفع زوجته الصغيرة بين ذراعيه .
اعتاد أن يتصرف على هذا النحو وشعر بصدمة قوية وهو يدرك
أن ليس لدية فكرة .
ـ لقد تذكرت أمراً لتوي . اصعد أنت أمــامي . . .
تركت ذراعه حين وصلا إلى فسحة السلم , وعادت إلى الخادم
قبل أن يتوارى عن الأنظار . قالت بضيق : (( أنــا واثقة من أنك
تتساءل عمن أكون . مـا اسمك ؟ )) .
ـ اسمي أمبرتو يا سيدتي . إنني أدير المنزل و أنت ضيفة السيد
ساباتينو .
قالت بنبرة خافتة : (( في الحقيقة أنـا لست ضيفة بل . . أنـا . .
زوجة راوول . . هيلاري )) .
ورغم تهذيب أمبرتو , إلا أنه لم يستطع إخفــاء دهشته , بينما
تابعت هي تقول : (( أرجو أن تحرص على عدم تحويل أي مكالمة
هاتفية , سواء أكانت معنية أو شخصية إلى زوجي )) .
تصلب جسم أمبرتو , وانفرجت شفتاه بقلق , فـــأضــافت : (( لا
تتجــاهل تعليماتي )) .
عندما انضمت إلى راوول , نظر إليها مقيماً , ثم انحنى وحملها
بين ذراعيه .
فوجئت بتصرفه هذا فهتفت : (( راوول . . ما الذي تفعله ؟ )) .
أطلق ضحكة رنانة وهو يسير بها نحو باب غرفته الذي دفعه
بكتفه : (( هل كنت تعطين أمبرتو التعليمات لعشاء الليلة . . أم طلبت
منه عدم إزعاجنا ؟ )) .
ـ أنزلني على الأرض . . أجروك . يفترض بك أن ترتاح الآن ,
يا راوول .
أنزلها على السرير الفسيح بعناية مبالغ فيها , وهو يقول : (( أنوي
فعلاً القيام بذلك . . ولكن يجب أن تكون معي رفيقة أرتاح معها )) .
انقلبت هيلاري على الفراش ثم قفزت عنه من الجانب الآخـر :
(( لن يكون هذا مريـحـاً )) .
أخذ يحل ربطة عنقه , ثم ألقى بها بعيداً و هو ينظر إليها بعينين
لامعتين قائلاً بتحدٍ : (( لست بحاجة لأن أتذكر السنوات الخمس
الماضيـة لأعلم أنني لا أحب الراحة أو التسكع بكسل في الأنحاء )) .
فقالت محبوسة الأنفاس : (( أنت تظن أنك تريد أن تشاطرني
الفراش . الحقيقة , أنت لا تريد . . . )) .
فقال ساخراً : (( لا أصدق أنني تزوجت امرأة تحلل هذه المسائل
بالمنطق )) .
ـ إنني أحــاول أن أفكر فيك , وهذا كل ما في الأمر . هذا ليس
ما تحتاجه حاليـاً .
ـ دعيني أقرر هذا بنفسي .
وفجأة , جمد مكانه , وحول عينيه عنها فيما بدا متوتراً .
فسألته : (( ما الأمـر ؟ )) .
عاد ينظر إليها و الكآبة و المرارة غي عينيه : (( جدي كليمنت . لقد
مات . . وهذا هو سبب وجود لوحة (( ماتيس )) في منزلنا لدلاً من أن
تكون في مكانها في قصر (( كاستيلو )) . هل كلامي صحيح ؟ )).
شحب وجه هيلاري , فــأردف ببرودة الثلج : (( في حالة كهذه ,
ليك ألا تكتمي عني المعلومات )) .
أومـأت برأسها وقد اغرورقت عيناها بدموع العطف : (( نعم .
آسفة . لقد مات جدك منذ أربع سنوات )) .
ـ وكيف مـات ؟
قالت راجية ألا يسألها عن التفاصيل : (( بنوبة قلبية , أعتقد أنها
كانت مفاجئة )) .
ســار إلى النافذة و قد تصلبت كتفاه توتراً . شعرت بأنه يريد أن
يبتعد عنها . لقد نبذها من حضوره , وكانت واثقة من ذلك كما لو أنه
صفق الباب في وجهها .
تمتمت وقد فاضت مشاعرها التي كبحتها خوفــاً من أن يجرحها :
(( راوول . . . ؟ )) .
فأجابها بجفاء : (( اذهبي وتفقدي قائمة العشاء )) .
لمعت عيــنــاها المضطربـتـان و قالت : (( لا يهمني هذا . تبعدني
عنك . أنـا أيضـاً أحببت جدتي كثيراً , وكاد موتها يدمرني . . . )).
فأجابها بعنف : (( واحد منا لا يحب عرض مشاعره الخــاصة )) .
ـ كمـا تـشـاء . . . كمـا تـشـاء !
وبوجه شاحب متوتر يعكس خيبة الأمل لرفضه مواساتها لـه ,
استدارت على عقبيها وغادرت الغرفة .
وجدت أمبرتو في الممر برفقته رجل آخر يحمل حقيبة ملابسها ,
فتوقفت هيلاري .
ـ سنيورا .
وبإيماءة خفيفة من رأس , فتح الخادم باب الغرفة التالية وتنحى
جانباً لتتمكن من الدخول أولاً . إنها غرفة نوما ! أخذت هيلاري
تطرف بعينيها و هي ترى روعة الأثاث والمساحة الشاسعة . يبدو من
غير المناسب أن يتشارك الزوجان الثريان غرفة واحدة . يا إلهي . . .
سيكون هذا مربكاً .
وعندما لمحت صورتها في المرآة رأت أن عينيها ما زالتا تلمعان
وكأن دموعها تهدد بالانهمار ! كيف يمكن لكلمة فظة من راوول أن
تحولها إلى امرأة لا تنفك تبكي ؟
لماذا تذكرت أن راوول تصرف معها برقة أكبر عندما أفضت إليه
و أرغمت نفسها على التركيز وهي تتبع أمبرتو إلى خارج الغرفة
مبتسمة بمودة : (( أحب أن أقوم بجولة سريعة في المنزل )) .
كانت تعلم أن هذا ضروري إ ليس بإمكانها أن تدعي أنا تعيش
تحت سقف واحد مع راوول إذا لم تكن تعرف طريقها في أنحائه .
وبالرغم من ذلك , بدأ خداعها هذا يثير أعصابا . لا بد أن
راوول سيستعيد ذاكرته خلال أيــام وعندئذ لن يعود في حاجة إليها .
أتراه سيقدر لها محاولتها أن تساعده ؟ في الواقع , لم تلعب سوى
دور الرفيقة الحسنة المعشر ؟
كان أمبرتو دقيقاً للغاية و هو يجول بها في الأنحـاء و كانت
هيلاري تدفع بسرعة من غرفة إلى أخرى , مذهولة لحجم المنزل .
أثبط همتها الأثاث المحافظ الرسمي رغم أ اللوحات الفنية أسبغت
سحراً على المكان . وفي المطبخ , تعرفت إلى الطاهي لكنها صعقت
حين علمت أن الطعام نفسه يقدم في كل مناسبة .
وإذ توقع الطاهي الفرنسي أن تمنحه مزيداً من الحرية , تقدم منها
و قبل يدها ثم أسرع إلى الحديقة حيث قطف زهرة صفراء عطرة وعاد
بها إليها . وضعتها هيلاري في شعرها ضاحكة ثم صعدت إلى الطابق
الأعلى لتستعد للعشاء .
كانت محتويات حقيبتها القليلة قد أخرجت وعُلقت في غرفة
الملابس . استحمت والتفت بمنشفة كبيرة ثم عادت إلى غرفة النوم
حافية وهي تبتسم لهذه الرفاهية التي لم تتعودها .
كان راوول في انتظارها في الغرفة , فوقفت مجفلة واتجه بصرها
إلى الباب المفتوح بين الغرفتين .
ـ يا إلهي . . . يا لها من زهر جميلة !
فرفعت يدها بخجل إلى الزهرة : (( لقد قدمها لي طاهيك . . . )) .
كان راوول قد استبدل بذلة العمل ببزة من الكتان الفاخر فبدا
غاية في الوسامة ما جعلها عاجزة عن تحويل نظرها عنه .
قطب راوول حاجبيه إذ لم تعجبه وقاحة طاهيه . ومع ذلك , رأى
ما أوحى إليه بهذه اللفتة . كانت بشرة زوجته رائعة وعيناها زرقاوين
كبحيرة شمالي متجمدة وفمها مثيراً كثمرة الكرز . أتراه يشعر في كل
مرة بأنه يريدها مرة أخرى ؟ أتراه يشعر دوماً بالرغبة في تملك الجيد
الأنثوي المثير ؟
وعندما التقت نظراتها بنظراته المشتعلة , شعرت بأنها تتجاوب مع
رجولتـه المــدمرة وسرت السخونــة في أنــحــاء جسمها وارتـجفت
سـاقاها . لم تستطع أن تتحرك , حتى أنها لم تجد ما تقوله .
وتكهرب الجو فيما قال بصوت خافت : (( أريدك , يا حبيبتي )) .
أثار هذا الاعتراف البهجة و الألم معاً في كيانها .
ذات يوم , كانت تحلم بهذه اللحظة السحرية , حين يتخلى راوول
عن تحفظه ويرى أنها مغرية . وما ظنت يوماً أن حلمها سيتحقق لكن
هاهو راوول يقول إنه يريدها .
وذكرت فسها بألم بـأن راوول لا يريدها حقـاً . إنه يعبر فقط عن
رغبة طبيعية في امرأة هي في الحقيقة وهم . المرأة التي يعتقد أنه
تزوجها بشكل طبيعي و التي يعتقد أن بإمكانه أن يثق بها . ولكنها
ليست تلك الزوجة بل هي مجرد امرأة دفع لها ذات يوم أجراً لتلعب
دور عروسه , امرأة لا يهتم بها شخصياً . كما أنها أنى منه مستوى
على الصعيدين الاجتماعي و المهني .
قطب راوول وهو يرى التعاسة و اليأس يعلوان ملامحها ومد يديه
إليها وهو يقول : (( هيلاري . . . ؟ )) .
فقالت بصوت خاف : (( لا علاقة من هذا النوع بيننـا )) .
تجـاهل مــحـــاولتها الــتــمـلص منــه , وأمسك بمعصمـهـا : (( لا
أفهم . . . )) .
خنقتها الدموع . تبين لها أن مــا اعتقدت أنه الصواب أصعب مــا
فعلت في حياتها . وأجابت : (( اسمع . . . هذا ليس بالأمر الهام , وما
مــن داعي للقلق . اعلم فقط أني لست بالأمـــر الـــــهام في حيــــاتــــك .
وعندمــا تستعيـد ذاكرتك ستتذكر ذلك و ستكون مســروراً لأنني جعلتــك
تتوخى الحذر . . . )) .
جمد راوول مكانه ونظر إليها بعينين لامعتين متسائلاً بارتياب :
(( ما الذي فعلته كي أعــاملك بمثل هذه الطريقة ؟ )) .
يبدو أن راوول نسي قوته , فقبضتـه العنيفة كــادت تحطم معصمها
ما جعلها تشهق بضيق : (( إنك تؤلمني )) .
ترك يدها على الفور , مسارعاً للاعتذار لكن كلمــاتـه التــاليــة
أوضحت أنه لا ينوي تجاهل الموضوع الذي كانا يناقشانه .
ـ أوضحي لي مــاذا عنيت بقولك إنك ( لست بالأمر الهـــام في
حياتي ) .
فقالت بضعف : (( كل ما عنيته هو أنــك مشغول دومـاً بحيث لا
تلاحظ وجودي بقربك )) .
ـ إذا كنت غير مخلصة فلا تخفي الأمر . احزمـي أمتــعتـك فقط
و اخرجي من حياتي مرة أخرى .
مــاذا فعلت ؟ فبــدلاً من أن تــدفــع راوول لالتـزام الهــدوء , هــــا هــي
تجعله أكثر توتراً و قلقاً . وهتفت بذعر : (( لا تكن سخيـفاً . . لا علاقة
للأمر بالإخلاص )) .
قال ساخراً وبعنف بالغ : (( اعتاد رجــال أسرتـنـا الزواج من نســـاء
طائشات , لكننا نسارع إلى طلب الطلاق )) .
ـ ســأعتــبــر هذا إنذاراً لــي .
وحــاولت عبثاً أن تبتسم بمرح قبل أن تدخـل الحمام . تملكته
الحيرة وهو يعود بذهنه إلى الوراء ليتذكر : ( لا علاقة من هـــذا النــوع
بيننا ) . ( أنــا لست بالأمر الهام في حياتك ) . ( إنك مشغول دوماً بحيث
لا تلاحظ وجودي معك ) .
أي نــوع من الــــزواج هذا الــــذي يـجمعهما يــنــامــان في غرفتـيـن
منفصلتين , فهل هذا الخيار خياره هـو ؟ لقد لمحت إلى أن علاقتهمــا
كانت كمـا أرادها هو . وثــار غضبه لهذا الاستنتاج فهو يكره الفشل .
كان غريزته تشير إلى أن زواجه يعاني من المشـاكل . وقــــد عكست
زوجتـه صورة عن نـفسه تـظهره مدمناً على العمل , نادراً ما يتقرب
منها . مـاذا يمكنه أن يظن غير ذلك و هو يتذكر تجـــاوبــها معه في
السيارة , وقد بدت عليها الصدمة والدهشة في البداية ثم ما لبث أن
تبعهما اللهفة و التشجيع ؟
لا بد أ إصلاح أي خطأ في علاقتهما ممكن !
ارتدت هيلاري تنورة سوداء قصيرة و بلوزة خضراء . وبعد أن
نظرت إلى الساعة , اتصلت بأختها .
سألتها إيما بلهفة : (( كنت أفكر فيك طوال النهار , كيف حال
زوجك ؟ )) .
ـ إنه بخير , لكن الإصابة في رأسه ما زالت تسبب له بعض
المشاكل . لم يعد هو نفسه تمامـاً .
ـ ما معنى هذا ؟
ـ معناه أن بإمكاني , حالياً , أن أكون مفيدة . . كصديق فقط .
منذ أربع سنوات , لم تطلع أختها على حقيقة زواجها الصوري
هذا , خوفاً من أن تخسر احترامها لها وللزواج أيضاً . ما بدا لها
حينذاك , مجرد كذبة بيضاء لا ضرر فيها , بدا الآن خدعة خبيثة
يصعب الصفح عنها . عندما تتحسن حالة راوول , ستطلع هيلاري
إيما على القصة كاملة . فهي لا تستطيع أن تترك الفتاة الصغيرة تعتقد
أنها السبب في فشل زواج أختها الكبرى .
ـ ما مشكلته بالضبط ؟
تنفست هيلاري بعمق , ثم شرحت لها الأمر باختصار , فهتفت
إيما : (( أتعلمين ماذا يعني هذا , سيمنحكما هذا فرصة لبداية
جديدة ! )) .
ـ لا مجال لأي شيء من هذا , أريد فقط أن أساعده حتى
يشفى . . وهذا كل ما في الأمر .
عندما هبطت السلم , أشار أمبرتو إلى غرفة الطعام المضاءة
بالشموع حيث يتألق الكريستال و الأطباق الصينية و الأدوات الفضية .
و كانت أزهار السوسن تزين المائدة .
وعندما دخل راوول كانت هيلاري تقول للرجل المسن : (( مـا
أجمل كل هذا )) .
كاد راوول يتأوه حين رأى المائدة الرائعة الزينة . ما المناسبة ؟
أهو عيد ميلادها أم عيد زواجهما ؟
وســأل : (( هل نحتفل بشيء مـا ؟ )) .
احمر وجه هيلاري ورفعت كـأسها بيد متوترة : (( أظننا نحتفل
بخروجك من المستشفى )) .
ـ لدي موضوع حيادي . أخبريني عن أسرتك .
لم تجد مانعاً من أن تتحدث في هذا الموضوع : (( ليس ثمة ما
يستوجب الحديث عنه )) .
ـ والداك ؟
كرر سؤاله يريد معلومات عن خلفيتها , فقالت : (( لقد توفيا . قتلا
في حادث سيارة عندما كن في السادسة عشرة . وكانت أختي إيما
في الحادية عشرة )) .
فقطب وســأل : (( ومن كان مسؤولاً عنكما ؟ )) .
لم تشـأ أن ترهق مشاعره بحقيقة حياتهما التعيسة فأجابت : (( عشنا
مع ابنة عم أبي . وإيما الآن في المدرسة الداخلية )) .
ـ هنـا ف سويسرا ؟
جمدت مكانها : (( لا بل في إنكلترا )) .
ـ أليس لديكما أقارب آخرون ؟
ـ كلا . لقد ربتني جدتي وهي إيطالية . عندما كنت طفلة عاشت
معنا .
فقال يلومها باللغة نفسها : (( مع ذلك أنت لا تتحدثين معي
بالإيطالية ؟ )) .
أجفلت , ثم قالت : (( هذا غير ممكن . فأنـا أفهم الإيطالية أكثر
ممـا أجد التحدث فيها . . )) .
فقال من دون تردد : (( لكن يُفترض بهذا أن يكون قد تغير )) .
فتابعت تجيبه بالإنكليزية وقد بان العناد في ملامحها : (( لا , إذ
ضحكت مرة حتى كاد يغشى عليك من لغتي الإيطالية لأن بعض
الكلمات التي أستعملها كانت قديمة الطراز )) .
ـ كنت أغيظك , يا عزيزتي .
غامت ملامحـــهـا . لا , لم يكن يــمـــازحها , فقد كـان متضايـقـاً
لمعرفتها باللغة الإيطالية بما يكفي لتفهم ما اعتبره حديثاً سرياً .
وعادت تقول : (( لقد تجادلنـا قليـلاً لكنني لا أريـد أن أتحدث في
هذا الموضوع )) .
قررت أنه من الفضل أن تبقى صامتة بدلاً من أن غامر وتعطيه
انطباعاً سيئـاً , فركزت على طعامها اللذيذ . وبعد العشاء رفضت
القهوة و أعلنت أنها ستذهب إلى الفراش باكراً لأنها متعبة .
قال برقة : (( لم بلغ الساعة الثامنة بعد )) .
فقالت بجفاء وهي تقف : (( أنا لا أسهر حتى وقت متأخر )) .
نهض راوول بدوره , وعندما مرت بقربه أمسك بيدها : (( ثمة
سؤال واحد عليك أن تجيبي عنه )) .
ـ لا . لا .
نظر في عينيها بحدة , فهو لا يطيق الرفض : (( فكرة من هي أن
نستعمل غرفتين منفصلتين ؟ )) .
فجف فمها وقالت مدركة أنه الجواب الوحيد المناسب : (( فكرتك
أنت . . )) .
بدت على فمه الجميل ابتسامة ساخرة , فــأخذ قلبها يخفق تجاوباً
أشبه بعصفور علق في الفخ . وترك يدها فعادت تكمل سيرها بساقين
واهنتين , وهي تتمتم : (( تصبح على خير )) .
بعد عشر دقائق , وبعد أن غسلت أسنانها , ونظفت وجهها من
زينه , أطفأت مصباح غرفتها ثم قفزت إلى سريرها المريح وهي
تتنهد باستحسان . لكن الإثارة بقيت أقوى من أن تسمح لها بالنوم ,
فعادت بها أفكارها المضطربة إلى الماضي و إلى بداية معرفتها .
لقد وقع في غرام رجـل لم يخرج معها قط في موعد غرامي .
عاد إلى الصالون بع شهر تقريباً . فلاحظ الموظفون الآخرون هذا ,
و أصرت أقدم العاملات على أن تأخذ مكان هيلاري . وتملكتها
الدهشة و السرور عندما اعترض راوول على هذا التغيير وطلبها
شخصياً . ســألته هيلاري : (( هل تذكرت اسمي ؟ )) .
ـ لقد وصفتك لهم .
ـ كيف ؟
ـ هل تكثرين الكلام دوماً ؟
ـ إذا أخبرتني كيف وصفتني فسأخرس .
ـ صغيرة الجسم , ذات شفتين قرمزيتين , وتنتعل حذاء عالي
الساقين .
لم تُسر بها الوصف لكن بعد خمس دقائق نسيت وعدها بأن
تخرس , وسرعان ما وجدت نفسها تسأله عن عمره وعما إذا كان
متزوجاً أن لا , وفي الزيارات التي تلت لم يكن يثرثر معها , لكنه
أصبح يسمح لها بأن تثرثر معه . وسـألـته عن نوع عمله , فأجاب : (( أنا
أعمل في مصرف )) .
وبعد حين , قرأت اسم (( ساباتينو )) صدفة في مقال في قسم
الأعمال من الصحيفة , فتبين لها أن راوول لا يعمل في مصرف بل
هو نفسه صاحب مصرف .
ويوم سمعته يذكر وصية جده واحتمال خسارته لمنزل الأسرة
الذي بدا أنه يعشقه , تدخلت في الموضوع لتعرض عليه أن تلعب
دور زوجته . ترك المكالمة الهاتفية و أخذ ينظر إليها غير مصدق ,
فتابعت وقد التهب وجهها لهذا الاقتراح : (( حسنـاً , ما المانع ؟ )) .
كانت متلهفة لأن تنتهز الفرصة , فتساعده بحيث يلاحظ وجودهـــا
أو حتى يشعر نحوها بنوع من المودة .
ـ يمكنني أن أفكر في ألف مانع و مانع .
ـ أنــت تــعقــــد الأمــــور لأنــــك رجــــل حــــذر للغايـة . لكن مشكلتــك
بسيطة , فأنت بحاجة إلى زوجة مزيفة لتحصل على بيتك و أنا مستعدة
لأن أســاعدك . . .
ـ أرفض منـــاقشة هذا الأمر معك , فقد استــرقت السمع إلى
حديثي .
ـ ربما عليك أن تطلب من أحد أصدقائك أن يساعدك و تخفف
من كبريائك هذه .
ـ أين تعلمت أن تتحدثي الإيطالية الثقيلة هذه ؟
قالت له غاضبة : (( ما الخطأ في لغتي الإيطالية ؟ )) .
راح راوول يضحك : (( أنت تستعملين تعابير قديمة
وكلمات . . . )) .
فقالت وهي تغلي غضباً : (( أنـت فظ للغايـة أحيـانـاً )) .
ـ لقد قاطعت حديثاً سرياً لتعرضي علي مشروعاُ مشيناً . . . فماذا
تتوقعين ؟
ـ كنت أعرض عليك مســاعدة . .
ـ لماذا ؟ إننا غريبان عن بعضانا البعض .
كانت طعنة في الصميم , فأحنت رأسها وهزت كتفيها : (( آسفة
لأنني تكلمت . . . )) .
ـ التجهم غير جذاب .
رفعت رأسها بسرعة مذهلة : (( و ما الذي تجده جذاباً في ؟ )) .
فـأجــاب بجفــاء : (( لا شيء )) .
ـ هيـا . . أنت لا عني هذا . . لا بد أنك تجد في شيئاُ معقولاً .
نظرت إليه في المرآة فوجدته يبتسم تلك الابتسامة النادرة التي
تجعل راحتيها تعرقان وقلبها بخفق . لكنه لم يقتنع . وبعد ثلاثة
أسـابـيـع اتصل بها وطلب منها أن تتناول الغداء معه في الفندق , قائلاً
إن الموعد يتعلق بعمل .
عندما عدد راوول شروط زواج المصلحة الذي اقترحته في
البداية , بدا كرجل أعمال رائع . لكنه قضى على شهيتها فلم تأكل
شيئاً . قال إنه سيدفع لها مكافأة لقاء الخدمة التي ستقدمها له ,
فرفضت . لم تشـأ أن تـأخذ أجراً وكانت تعني ذلك . عندئذ , ذكر
مبلغاً من المال قطع أنفاسها .
ـ فكري في هذا ملـيـاً , و سنناقشه عندما نجتمع فيما بعد . .
ـ اسمع . لو أردت مالاً لما عرضت عليك ما أفعله به . ليس من
الصواب أن آخذ نقوداً أجراً للزواج ؟ أعني أن كل ما تريده هو أن
تحصل على البيت الذي كان ملكاً لأسترك لمئات السنين , ولن أقبل
بأجـر لقـاء هذا .
نظر راوول إليها مقيـمـاً فترة طويلة : (( لا أرغب في التدخل في
أمورك الشخصية , لكنك تعيشين عند خط الفقر ولا أمل كبير لديك
في تغيير أحوالك . . . )) .
ـ أنها مسألة وجهة نظر . .
ـ مساعدة مالية ستمنحك خيارات لم تكن متاحة لك من قبل .
يمكنك أن تعودي إلى المدرسة . . .
فنظرت إليه بذعر : (( لا . شكراً ! المرة الأولى كانت سيئة بما
يكفي . كما أنني أعشق مهنتي )) .
أكمل راوول كلامه وكأنها لم تتكلم : (( عليك أن تكملي تعليمك ,
أن تكوني طموحة )) .
فسـألتـه بأمل مفاجئ : (( هل ستخرج معي إذا ذهب إلى الكلية ؟
لا أظنـك ستنتظر هذا الوقت كله )) .
ـ لا تكوني وقحة بهذا الشكـل . كنت أقدم لك بعض النصائح .
ـ وتغريني بنقودك .
وقد نجح في إغرائها . ففي الأيام التي تلت , خطر لها أن
بإمكانها أن تغير حياتها وحياة أختها بقسم بسيط من المبلغ الذي
ذكره . إذا استأجرت شقة في منطقة أفضل فستتمكن من أن تفصل
أختها عن المجموعة التي تعاشرها . لو اشترت لنفسها صالوناً
صغيراً , فستتمكن من أن تختار ساعات عملها وتمضي مزيداً من
الوقت مع إيما في البيت . في النهاية , وافقت على قبول جزي من
المبلغ الذي أراد أن يمنحها إياه . فقد أغرتها فكرة ما يمكن أن تفعله
بهذه النقود , ولم تشعر كم فقــدتــــه من احتــــرام راوول إلا بعد أن
أخذت الشيك منه .
كتــمت الآهــة التي تــصاعدت مـــن أعماقــها على الـــماضي الــــذي لا
يمكن تغييره , وعادت بذهنها إلى الحاضر بعد أن قاطع أفكـــارها صوت
الباب وهو يفتح . وبعد ثوانٍ , غمر الضوء الغــرفة . أجفلت و أخــــذت
تطرف بعينيها بعنف وهي تنظر إلى راوول , محاولة أن تفكر بوضوح .
و فجــأة , أمسكت يد متسلطة بأغطـيــة السرير و ألقـــتـها بعيداً فأطلقت
صرخة امتزج فيها الذهول و الشعور بــالإهــانـة , فيما انحنى وحملـــها
وكــأنــها طرد عــاد يسترجعه .
صرخت : (( مـا الذي تفعله ؟ )) .
قــال و هو يعدو إلى غرفتـه حاملاً إياهــا بين ذراعيه القويتين :
(( من الآن فصـاعـداً سنتشارك الغرفة نفسهــا يا عزيزتي )) .
فــأجـابـت متمتمة : (( لا أظنــهـا فكرة جيــدة )) .
* * *
نهاية الفصل (( الثــالـث )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:50 AM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::::::
4 ـ
تلك المرأة !
وضع راوول هيلاري على سريره وقد توهج وجهها احمراراً .
كانت هيلاري تعشق ارتداء القمصان البالغة الأنوثة إذ تشعرها بأنها
رائعة الجمال . لكن أحداً لم يرها في هذه الملابس المثيرة . لذا ,
انتصبت جالسة في السرير , محاولة بلهفة أن تجذب الملاءة لتغطي
بها ساقيها .
فتح أزرار قميصه و انحنى ليخلع حذاءه فيما حبست أنفــاسهـا
وحاولت أن تحول نظراتها عنه فلم تستطع . إنها لم تنفد قط برجل
في غرفة نومها .
إنها لا تزال عذراء , فراوول هو أول رجل عرفته وتزوجته , وهذا
علمها أن تبتغي ما لا تستطيع أن تحصل عليه .
قد لا تكون مشاعر راوول ممــاثــلـة لمــشاعرها , لكنها لم تنسى
البهجة التي تملكتها حين تجاوبت معه .
كل من عرفته بعده كانت تقارنه به . كانت تحاول أن تشعر مرة
أخرى بما شعرت به مع راوول , ما جعلها صعبة الاختيار .
ـ ســأدخل الـحمــام , يا جميلتي . . .
احمــر وجهـها وحــولت انتباهـها عن عضــلات صـدره السمـراء القوية
البارزة من قميصه المفتوح , وتمتمت تقول : (( لا تنادني بهذه الصفة ,
فـأنـا لست جميـلة )) .
جلس على السرير ونظر إليهـا ضاحكـاً : (( إذا قلت إنك رائــعـة
الجمـال فأنـا أعني ذلك )) .
ـ ولكن . . .
ـ إن قوامك مذهـل .
ـ أنـا لست طويلة . .
ـ لكن قوامك خارق الجمال , لطالما ساورني دافع لا يقاوم لأن
أحملك وأمددك على أقرب سرير .
وهب واقفــاً بينمـــا خاضت معركة ضاربة مع ضميرها , لتحول
بصرها المتلهف للتجسس على حركاته . قالت (( يفرض بك أن
ترتاح الآن بينما أبقى أنـا في غرفتي )) .
فقال ضاحكـاً : (( نامي و كفي عن التـذمـر )) .
كان ضاحكاً مبتسماً . وبدا سعيداً بشكل غير مـــألـوف لها . تـقلبـت
على جنبها وهي تفكر في أن لا ضرر من النوم في ســـرير واحــد .
فالسرير واسع , ومن الغباء أن تثير ضجة بسبب هذا الأمر التافه .
لكن لنفرض أنه تقلب في منتصف الليل و ثارت مشاعره . نعم . .
مجرد افتراض . . فهل ستتمكن من مقاومته ؟ إنها تعلم أنها لا ترغب
في ذلك . واغرورقت عيناهــا بالدموع اشمئزازاً من نفسها , فغالبتها
بغضب .
وحدثها صوت في داخلها بأنه سيستعيد ذاكرته قريباً . وإذا مـــا
أقامت أي علاقة جسدية معه , فكيف سيكون شعوره حيال هذا
الأمر ؟ إنه رجل عازب ذو خبرة , وإذا ما تصرفت بشكل عفوي . . .
وضغطت بأصابعها الباردة على وجنتيها محاولة أن تقتل أفكــارهـــا
هذه . كانت مذعورة من فكرة أنهــا تحاول إقناع نفسها بأن تدع راوول
يفعل بها ما يشاء .
ـ أما زلت مستيقظة , يا حبيبتي ؟
عند سماعها صوته العميق , رفعت رأسها ونظرت إليه من تحت
الملاءة . كان قد لف حول وسطه منشفة كبيرة , وقد تلألأت قطرات
الماء على شعر جسده الأسمر المفتول العضلات .
تأملها بهدوء فيما أومــأت هي ببطء . جلس بجانبها على الفراش
فـأخذ قلبها يخفق بعنف إلى حد جعلها خاف من أن تصاب بنوبة
قلبية .
ـ راوول .
ـ تعجبني طريقتك في لفظ اسمي .
وانحنى إلى الأمام يحتضنها . و عندما تأوهت بصوت خافت وهي
ترفع يديها لتغرقهما في شعره الكث و قربه منها , همس متأوهاً :
(( لك أروع فم رأيته )) .
رفعت عينيها إلى ملامحه الوسيمة ورأسها يدور و قالت : (( لا
يمكننا أن نفعل هذا . . هذا غير ممكن )) .
قال بصوت أثخنته المشاعر : (( سترين . . . )) .
راح قلبـــها يـــخفق بعنـــف , فيما تملكها شعور غريب امتزج فيه
الخجل و الارتباك و البهجة .
ـ منــذ وقعت عيــنـــاي عليــك في المستشفى و أنـا أفكــر فــي أن
أحملك إلى سريري . كان شعوراً ملحاً للغاية . هـل كان الأمر على
هذا الحال في أول مرة رأيتك فيها ؟
فأجــابت وهي تختبئ وجهها في كتفه : (( إنك لم تقل هذا أبداً )) .
ـ أنــا إذن لا أشاركك كل مـا يخطر في بالي ؟
ـ كلا . . .
أبعد وجهه عن وجهها لكي يراها جيداً , ثم عـــاد يعانقها مرة
أخرى بقوة .
قال مسروراً : (( أنت حــارة يا جميلتي )) .
كان جسمها متوتراً حساساً بشكل لم تعرفه قط من قبل , كما لم
يتملكها قط مثل هذه الأحاسيس القوية . فقدت قدرتها على التفكير
وراحت تشعر فقط .
قال لها مداعبـاً بصوت خافت وهو ينظر إليها بعينين جائعتين :
(( لا تكوني عجولاً . . )) .
شهقت هاتفة باسمه : (( راوول . . . )) .
أحـاطت عنقه بذراعيها لئلا يبتعد عنها .
كل قبلة كانت أروع مما حلمت به , وسرعان ما تاهت في عالم
مظلم كان جديداً تماماً عليها .
مشاعرها الجارفة جعلتها تتلوى بارتباك وخجل . كانت تشتعل
شوقاً و تنهدت : (( راوول . . . أرجوك )) .
وفي خضم هذه المشاعر المحمومة , أصبحت عاجزة عن التحكم
في نفسها . جمد مكانه ونظر إليها مشككاً : (( هل ما زلت عذراء أم
أنني أتخيـل ذلك ؟؟ )) .
كانت قد اعتادت كلامه الجريء . لطالما حلمت بأن تكون
لراوول , ولا مجــال للندم : (( لم أكن أعلم أن مثل هذا الشعور
سيتملكني . . . )) .
فقال بلكنته الإيطالية المطاطة : (( زوجتي . . . عذراء فعلاً )) .
أحاطته بذراعيها و قالت : (( أرجوك . . . )) .
مـا إن قامت غريزياً بتشجيعه , حتى استسلم للإغراء . واستسلمت
هي بعجز ووهن لمـا أثاره فيها من أحـاسيس .
خطر لها أنها أوقعت نفسها في الشرك بعد أن أصبحت علاقتها
براوول حميمة .
و في تـلك اللحظة بــالذات , أحـــاطـها راوول بــذراعه وراح يـتــأمـل
وجهها المتوهج بعينيه البنيتين تحت أهداب سوداء , ثم طبع قبلة على
جبينها و هـــــو يقول : (( يا للزوجة العذراء المذهلة ! . هل مــا زلت
عروساً ؟ )) .
شحب وجه هيلاري وأحنت رأسها . لا بد أنه يتساءل عما إذا
كانا عروسين . ولو لم يكن ممسكاً بها , لاختبأت تحت السرير
ورفضت الخروج . كانت من الخجل من نفسها بحيث لم تستطع أن
تنظر إليه أو حتى تفكر في سلوكها .
أتراها جنت تمـامـاً ؟
ـ تبدين هادئة جداً .
فهتفت : (( أنـا متلهفة للاستحمام )) .
وقفزت من السرير .
كان الهرب هو المفر الوحيد الذي فكرت فيه . كان وجهها قد
احمر خجلاً , وحاولت أن تترك الغرفة بشكل طبيعي فيما بدا راوول
مقطباً لا يفهم شيئاً . سـألهـا غير مصدق : (( ما الذي حدث لك ؟ )) .
أرغمت نفسها على الابتسام وأجابت : (( وما الذي يمكن أن
يحدث لي )) .
وعادت إلى غرفتها , وما إن اطمأنت إلى أنها بعيدة عن الأنظــار ,
حتى دخلت الحمام وأقفلت الباب خلفها .
ما الذي سيظنه راوول بها عندما يستعيد ذاكرته ؟ وتملكها شعور
عنيف بالعار و الخزي . سيظنها امرأة استغلالية استفادت من
الظروف . سيدرك أن المرأة المخبولة وحدها تتشبث بالفرصة الوحيدة
التي تتاح لها لكي تقترب منه ؟ سيعلم أنها وقعت في غرامه منذ أربع
سنوات تقريباً وأنها ما زالت تراه جذاباً للغاية . لكنه سيراها هو مثيرة
للشفقة . وانكمشت من المذلة وماتت ألفة مرة لهذه الفكرة .
في الغرفة المجاورة لغرفتها رن جرس الهاتف الداخلي فرفع
راوول السماعة , وقال أمبرتو إن ثمة زائر قد وصل .
تناول راوول ملابسه وهو يسأل : (( من هو الزائر ؟ )) .
تردد الرجل المسن لا يرغب في ذكر اسم الزائر , لكنه أوحى بأن
الأمر يستوجب الكتمان البالغ .
انقبضت ملامح وجهه القوية لأن الاسم الذي ذكره الخادم لم
يعن له شيئاً ما ملأه غضبــاً و إحبـاطـاً .
سـأله أمبرتو : (( أتراني أخطـأت في السماح لها بالدخول ؟ )) .
شعر بالغيظ لضياعه الناتج عن فقدانه لذاكرته , لكنه رفض أن
يتخذ من خادمه المسن موضعاً لثقته . أراد أن يعلم سبب اعتقاد
خادمه أنه أخطـأ بإدخـال المرأة الزائرة إلى بيته , لكن كبرياءه الغاضبة
جعلته يسكت . دخل غرفة الاستقبال الخلفية التي نادراً ما يستعملونها
و التي فتحها أمبرتو للزائرة , فتقدمت منه سمــراء رائعة الجمــال ,
خضراء العينين , طويلة القامة وبالغة الأناقة . ألقت بنفسها بين ذراعيه
وهي تهتف : (( هل لديك فكرة عن مدى قلقي ؟ عندما سمعت شائعة تقول
إنك تعرضت لحادث اصطدام , لم أستطع إلا أن آتي إلى هنـا )) .
أبعدهـا عنه وقد تملكه الارتباك لتحيتها البالغة الإلفة هذه , وبدا
الحذر في نظراته الباردة : (( كما ترين , لم يكن قلقك ضروريــاً . أنـا
بصحة جيـدة )) .
ارتجفت سيلاين ديوروكس بشكل مبـالغ فيه وقالت شاكيـة : (( لا
تكن بارداً بهذا الشكــل )) .
فـأجـاب يريد أن يكسب الوقت : (( هـل كنت بارداً ؟ )) .
زمت السمراء شفتيها ورمقته بنظرة مثيرة من تحت أهدابها . أثـار
التكلف الذي رافق كل كلمة نطقت بها وكل لفتة أعصابه فيما تنهدت
هي وقالت : (( لا بأس . . أعلم أنه ما كان علي أن أخضر إلى هنا
لأنــك تـطالب خليـلتـك بــالتـكتــم و التــحفظ , لكننا لم نعد في القرن
التاسع عشر )) .
لـــم تكن الومضة التي ظهـــرت على ملامحــه , هـي الوحــيــــدة التي
كشفت عن الصـدمة التي أصــابـتـه لكلامها هذا , بـــل الشتــيــمة التي
أطلقــها بـــعد أن لـمعت في ذهنــه . لقــد فهم أخيـراً مـا الـــذي جعـــل
أعصاب أمبرتو الفولاذية تتوتر فسيلاين ديوروكس خليلته وهي واثقة
من نفسها بما يكفي لتزوره في بيته رغم علمها أنه متزوج .
موقف خليلته عكس ما سيكون عليه موقفه نحـــو زوجته . و خطـــر
في باه أن تلك الشتيمة التي خطرت لــه الآن , تــنـطبق أيــضــاً على
سلوكـه قـبل الحادث . لم يحتج إلى عبقرية ليدرك سبب فشل زواجه ,
أو لما قالت له زوجته إنه لا يهتم بها . . فقد كانت له علاقة .
ـ ما زلت أرى أنه كـان من الحكمة لو قــاومت رغبــتــك في القــدوم
إلى هنـا . لكن , وبمــا أنك هنـا الآن , فمــن الأفضـل أن أخبرك أن
علاقتـنــا انتهت .
عنـدمـــا أخذت تـتـأمله مدهوشـة غــاضبــة , أنهى حـديـثـه بــالأسـف
المعتاد ؟ كان بعلم أن كلامه غير مقنع , لكن همه الوحيد هو أن يبعــد
سيلاين عن بيته قبــل أن تـراهـا هيلاري فتعتبر ذلك بمثابة صفعة في
وجههـا . لم يـتـعود أن يـجد نـفسه مخطئـاً وقد ثــارت ثـائرته عنـدمـا
اكتشف أن حياته الخاصة مضطربة . أشارت سيلاين إلى أنه لم ينضم
إليها في الموعد المحدد بينهما أمس فقط , ما لا يترك مجالاُ للشك .
كان غير مخلص لزوجته , فلا عجب في أن يحس بمثل هذا التوتر
بالنسبة إلى علاقتهما .
ترى هل هيلاري على علم بعلاقته بسيلاين ؟ إنها على علم طبــعـاً
بوجود امرأة أخرى ! وهذا هو السبب في أن زواجهما غير مكتمل .
هل رفضت هيلاري أن تشاركه الفراش لأن لديه خليلة ؟ لقــــــد طُلب
منها ألا تعطيه معلومات مزعجة , وهي لم تـخبـره بشيء قد يزعجه .
لكنها لم تتمكن من إخفاء انزعاجها واضطرابها بعد أن ناما في سرير
واحــــد وإلا لاستــنــتــج أنها مــــا زالت عـذراء فقط لأنهما مــا زالا
عروسين .
لكن تفسير سبب عذريتها و الشعور بالذنب تجربة جديدة بالنسبة
إليه .في الواقع , وبما أنه رجل من آل ساباتينو فقد اعتاد أن يقدر
الأخلاق , فهم رجال ساباتينو يعتزون بكرامتهم .
لكن زوجـــاتــهم أظهرن طمعاً وميلاً إلى الخيانة وضعفاً أخلاقياً .
يبدو أن هيلاري أفضـل من النساء اللواتي اختارهن أسلافه .
بقي صامتـاً بينما راحت سيلاين تحاول أن تجعله يغير رأيه قبل
أن تتهمه , أخراً , بالقسوة و عدم الإحساس . لم ينطق بأي كلمة .
سيعوض عليها بشكل سخي بعد أن أنهى علاقتهما بشكل مفاجئ .
وتصاعد غضبها لفشلـها في أحداث تأثير ملموس فيه فتركته أخيراً
خارجة إلى الردهة . وكانت هيلاري قد استجمعت شجاعتها وقررت
البحث عن راوول إذ شعرت بالقلق حين غاب عن غرفة النوم
طويلاً . فخـرجت في الوقت نفسه الذي كانت سيلاين ديوروكس
تجتاز فيه الردهة في الأسفل . وقفت هيلاري جامدة على فسحة
السلم تحدق في المرأة الغريبة , ذات الشعر الكستنائي المرفوع ,
و الوجه المذهل الجمال والساقين اللتين بدتا لها بطولها .
رأت السمــراء تـخرج فتـســاءلت عمن تـكون . هــل كـانـت تـزور
راوول ؟ أيمكن أن تكون عشيقته ؟ لماذا لم يخطر في بالها أن راوول
على علاقة بامرأة ؟ وتملكها القلق و الضيق فـأسرعت عائـدة إلى غرفتها
و لجأت إلى السرير . آخـر فكرة خطرت لها قبل أن تستسلم للنـوم ,
هي أنه لو كان في حياة راوول امرأة أخرى لما اتصلت بها عمته في
لندن .
وبعد عشر دقائق , وقف راوول ينظر إلى زوجته النائمة . بدت
أهدابها مطبقة وكأنها بكي . الضمير الذي لم يكن يعلم انه يملكه ,
أخذ يخزه الآن . في مراهقته , لم يُضع وقتـاً أو جهداً على النساء .
لم يقع في الحب قط , واعتاد أن يتركهن هو . لكن هذه المرأة
بالذات مختلفة , لأنه تزوجها وجعلها تعيسة . أظافرها المقضومة
تتحدث عن ذلك وهي تستحق أكثر مما وجدت . لم تذكر سيلاين ,
وهذا أمر مناسب , وهو لن يـأتـي على ذكرها أيضـاً . إنها زوجته
وسيتابعان من تلك النقطة .
عنـــدمــــا استيقظت هيلاري أخـــذت تتمطى نظرت إلى ساعتها بـذعر ,
فوجدت أن بعد الظهر حل . راودتـها أحـــلام مزعجة مــــا جعل ليــلتــها
مضطربة فتأخرت في النوم . نزلت من الــســـريــر وحــاولت أن تــشغل
نفسها , لكن عقلــها راح يخونها طوال الوقت . تــذكرت راوول بشعــره
الأسود الرطب و عينيه القاتمتين الرائعتين وارتجفت . مجـــرد التـفكيــر
في راوول جعلها تشعر بوهن في ركبتيها . مظهره البـارد القاسي يخفي
خلفه مزاجاً دافئاً مشبوباً .
لكن سعادتها الكبرى تكمن في أنها أصبحت تجــرؤ على القول إن
راوول رجلها . ورغـــم سخــافة هذا الأمـــر إلا أنه حلمها . الليلة
الماضية , حطمها الشعور بالذنب لأنها شــاركت صادقة مع راوول
فراشه , لطالما كانت مستقيمة و صادقة لكن الأحداث جعلت من
المستحيل أن تكون مع راوول . لكن فيما هي تبعد الستائر لتكشف
عن نهار مشرق , قررت أنها متعبة للغاية و قاسية على نفسها .
إذن , فقد أتمت زواجها مع راوول ! وبينما يبدو هذا خطوة هائلة
بالنسبة إليها , إلا أنها تظن أنه ليس ذو أهمية بالنسبة إليه .
إنه بالغ الثراء و الوسامة و لا بد أنه ذو تجربة واسعة مع النساء ,
سواء أعجبها هذا أم لا . لعلها زوجته لكنه لا يتذكرها . ومع ذلك
لم يضع الوقت سدى . لكن , بصراحة , ليس لديها ما تشكوه من
هذه الناحية . في الواقع , كانت أشبه بجارية ترجو أن يشعر بالحرية
معها فيكرر ما حدث بينهمـــا .
إنها غارقة في غرام راوول ولم تكن تتصور أن تمنح رجلاً غيره
حبها . فماذا لا تجمع ما أمكنها من الذكريات غير الضارة
للمستقبل ؟ وبعده ستعيش وحدها لأنها لا تؤمن بالعيش مع ما
يسمونه بخيار ثان .
فما من رجل يقارن براوول البالغ الوسامة و الجاذبية , عدا عن
الذكاء و القوة . إن الرجال الآخرين يتقلصون أمــامه .
هذا هو السبب الذي جعلها لا تستطيع نسيـــان حبها . سمعت صوتـاً
في غرفة النوم فخرجت من الحمام و أحمر الشفاه لا يزال في يدها .
وعندما رأت زوجها واقفاً عند العتبة , تمتمت : (( آه . . . أهذا أنت ؟ )) .
فقال بصوت أجش : (( يا لك من محـبــة للنـوم )) .
استقرت نظراتها على وجهه القوي , وتسارعت خـفـقــــات قلبـهـا .
وعندما لاحظ مجموعة مساحيق الزينة الموجودة على الطاولة قطب
جبينه : (( لست بحاجة إلى هذه الأشيـاء . تـخلصي منها )) .
نزعته الاستبدادية أثـارت فيها نزعة التمرد , فعادت إلى المرآة
وأخذت تصبغ شفتيها بيد متمردة : (( أنـا أحب الزينة )) .
قال بنبرة عكست دهشته لاستخدامها مساحيق الزينة معه : (( لكن
يجب أن تعلمي أنني لا أحبـها )) .
فقالت : (( لحسن الحظ أن لديك الخيار في ألا تستعمل مساحيق
الزينة )) .
ـ دعي عنك السخرية . إنني أكره كل مـا هو زائف .
نظرت غليه قائلة بابتسامة عريضة متسامحة : (( إنك رجل مذهل . . .
فأنت متحكم , مدلل )) .
فقال بشيء من الارتباك : (( مدلل ؟ )) .
ـ نعم . أينمـا ذهبت يــحيـــط بـك أنـاس يتملقون أوامرك . خـــدم .
موظفون . . . ظنن أنك تعبت من السيطرة إلى هذا الحد , كن يبدو
أن استمرارك في إعطــاء الأوامر ينعشك )) .
فقال بهدوء : (( عندما أعبر عن تفضيلي لأمـر ما فهذا لا يعني أنني
أعطي أوامر )) .
ـ هذا أشبه بإعطـاء الأوامر . لن أزيل زينة وجهي فقط لأنها لا
تعجبك . أنت ترتدي بذلة مملة تماماً . . . فهل تلقي بها لأنها لا
تتناسب مع الزي الحديث ؟
ـ أنـا لا أرتدي الأزيـاء الحديثة في المصـرف .
سمعت نفسها تقول وقد تملكتها الإثـارة : (( لكنك لست في
المصرف الآن )) .
فجذبها إليه من دون سابق إنذار وهو يقول : (( أنت جريئة جداً )) .
أشرق وجهها وهي تنظر إليه . . . وجذبها أكثر فكادت تذوب بين
ذراعيه القويتين , وهمست : (( أتعني أنني و قحة ؟ )) .
أحــاط وجهها بيديه السمراوان . كانت عيناها الزرقاوان تعكسان
التشجيع , فتسمرت نظراته على ملامحها بنهم : (( كل ما أعرفه هو
أنك تبعثين الحرارة في كياني . ولولا أن الخادمات في الغرفة
المجاورة يحزمن أمتعتك , لبرهنت لك بالفعل مـا أقوله . وأظنك
ستحبين ذلك يا حبيبتي )) .
سرت الحرارة في جسدها . كادت لا تصدق أنه قال لها هذا
لكن نظراته العنيفة أكدت كلامه . ارتجفت ساقاها وشعرت بالوهن
والإثارة لجرأته , وتسارع نبضها .
و تابع يقول مفكراً : (( بإمكاني أن أفعل هذا من دون أن تتأثر زينة
وجهك )) .
فقالت بصوت خافت : (( ربمـا . . . )) .
نظر إلى وجهها التي تعلوه المشاعر المحمومة , وضحك راضيـاً :
(( لكنني سـأقـاوم لهفتي حتى تمسحيها عن وجهك )) .
ـ إذن , ستنتظر وقتاً طويلاً .
و انتزعت نفسها بــعنـف مبـتـعدة عنه , ثم ترددت . عليها أن تســألـه
عن زائرة الليلة البارحة سواء شاءت ذلك أم لا : (( رأيت المرأة التي
جـاءت لزيارتك الليلة الماضية وتساءلت عمن تكون . . . )) .
جمد راوول في مكانه : (( أي امرأة ؟ )) .
فـاحمر وجهها : (( شعرها طويل أسـود . . . وهي جذابة جداً )) .
ـ آه , تلك المرأة . .
وهز كتفيه بهدوء رائع من دون أن تتحــرك أي عضلة في وجهه :
(( إنها موظفة عندي )) .
مـــوجــــة الارتياح التي اكتسحت كيــــان هيلاري جعلتــــها تشــعر
بالدوار . غباء منها أن تخاف من كل سمراء جميلة . وسمعت شخصاً
في الغرفة المجاورة يوجه سؤالاً على راوول , فقال لهـا : (( هيلاري ,
تــــقول الخـــادمة إنـــها لم تجــد في حقيبتك سوى القليل من الملابس .
أين بقية ملابسك ؟ )) .
عـادت إلى الواقع بعنف وجمدت مكانها مذعورة . من الطبيعي أن
يتوقع راوول امتلاكها لكثير من الملابس . ألا يفترض أن تكون
زوجات الأغنياء مجنونات بالملابس الحديثة الطراز ؟ ألا يفترض أن
تكون غرفة الملابس تلك مليئة بالملابس ؟ كيف لها أن تفسر فراغ
الخزائن و الأدراج ؟
حاولت مذعورة أن تجد سبباً معقولاً لقلة ملابسها . وأخيراً هزت
كتفيها : (( حاولت أن أتخلص من كافة الملابس غير المرغوبة فيها )) .
ـ لكن الخادمة تقول إن لديك ثـوبين هنــا فقط , يا عزيزتي .
عضت شفتها السفلى و أخفضت بصرها . لقد أصبح ذهنها صفحة
بيضاء : (( شغلتني بعض الأمور مؤخراً . . . )) .
طال الصمت , فنظرت إليه متوترة لتجد ملامحه جــامدة .
بادلها النظر فتمتمت : (( علي في الحقيقة أن أذهب للتسوق )) .
ـ أظن أنك كنت تعيشين في مكان آخـر .
فهتفت متوترة : (( بالله عليك . . . )) .
ـ إذن , أوضحـــي لي بــشكــل مقنـع سبـب خلــو خزانــتــك من
الملابس .
تملكها توتر عنيف , وتنفست بعمق , وإذا بالإلهــام ينزل عليــها
فقالت : (( حدث بيننا خصاك غبي لأن ذوقي في الملابس لم يــكن
يعجبك . . . وتملكني الغيظ منك , فألقيت بعيداً بكل ما لدي ! )) .
أخذ ينظر إليها متأملاً : (( يمكنني أن أتصور ذلك بعد مــا عرفته
عنك من سرعة انفعــال )) .
خفف كلامه من توترها , وســألتـه : (( لمــاذا تـحــزم الخــادمــات
أمتعتي ؟ هـل نحن ذاهبان إلى مكــان مــا ؟ )) .
ـ نعم . إلى قصــر (( كاستيلو ساباتينو )) .
* * *
نهاية الفصل (( الرابع )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:50 AM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::::::
5 ـ
عروس زائفة
كان (( كاستيلو ساباتينو )) قصراً من القرون الوسطى , يقف منتصباً
كالحارس مشرفاً على وادٍ مشجر قريب من الحدود الإيطالية . رأت
بحيرة هادئة ذات مياه كالبلور تداعب أسفل الأسوار الحجرية
العالية , بحيرة أشبه بمرآة تحت السماء الزرقاء وقرب جبال الألب
التي توجت قممها بالثلوج . كان القصر ومحيطه يحبسان الأنفاس
لجـمــالهــما , ولم تدهش هيلاري لأن راوول رضي بأن يتزوجها
ليضمن حصوله على بيت أسلافه .
الطائرة المروحية التي استقلاها في جنيف حطت في المكان
المخصص لها . حملها ونزل بها من الطائرة بسهولة , ثم أمسك
بيدها ليسيرا الأمـتـار القليلة الأخيرة . رأته يعبس في الشمس ثم
يخفض رأسه الشامخ وكأن أشعة الشمس المتألقة تؤذيه .
سألته بقلق : (( هل أنت بخير ؟ )) .
قال بصوت عميق وبنبرة مختصرة , بغيظ رجل لم يتعود التذمر
و الشكوى : (( أنـا متعب قليلاً , ليس إلا )) .
وبعد لحظــات صمت أردف : (( ذهبت إلى مكتب في الخامسة هذا
الصباح . . . )) .
فوقفت جامدة : (( ماذا . . . فعلت ؟ )) .
ـ أنـا صاحب مصرف (( ساباتينو )) و لا يمكنهم التصرف من دوني .
علي أن أتآلف مع الأحداث الجارية , وأطمئن إلى أن العمل مستمر
من دوني و أتصرف مع ما لا أفهمه .
ـ لا أستطيع أن أصدق أنك ذهبت إلى ذلك المصرف التعيس
مع طلوع الفجر , حتى قبل انتهاء الأربع وعشرين ساعة راحة التي
أمـر بها الطبيب .
ورآها ترتجف غيظاً , فقال : (( فعلت مــا هو مفروض بي أن
أفعله )) .
تأملت فكه الصلب الذي بدا وكأنه قُد من صخر , كان من العناد
بحيث أوشكت أن تصرخ . بدت بشرته السمراء , في الضوء الساطع
بلون الرماد . بدا مرهقاً للغاية .
ـ في الواقع , ليس لديك أي احترام لصحتك .
كان راوول في هذه الأثناء يجتاز البوابة الكبيرة لمدخــل القصر ,
فرمقها بنظرة قاسية بدا فيها فروغ الصبر : (( هل صورت حقاً أن
بإمكاني أن أغيب عن المصرف من دون أن أعلن السبب ؟ غيابي
سيسبب ذعراً سينتهي بانهيار العمل )) .
ســألته وهي ترى تقطيبة الألم في حاجبيه : (( وما هو السبب الذي
أعلنته ؟ )) .
ـ قلت إن الحادث تسبب في إصابتي بازدواج الرؤية , وإن علي
أن أريح نظري . وبهذه الطريقة ســأتـمكن من أن أتلقى المعلومات من
مساعدي من دون أن أثير الفضول و التعليقات .
فقالت بإعجــاب : (( يا لك من محتـال )) .
ـ وأضفت إلى ذلك أنني ســأستغـل الإجازة المرضيــة المفروضة
علي من العمل واستمتع بإجازة مع زوجتي .
ـ يا إلهي . . وهل أدهشهم هذا ؟
طرحت هذا السؤال وقد جف فمها , فالذهول الذي بدا على
أمبرتو حين سمع أن راوول متزوج جعلها تدرك أنه أبقى خبر زواجه
سراً عن الجميع باستثناء عمته بوتيستا . لذا فلا بد أن أي إشارة إلى
زواجه ستدهش الموظفين في المصرف .
قال : (( إن دهشتهم مبررة , فـأنـا لم أتـعود أخـذ إجــازات .
بالمناسبة , كان عليك أن تناقشي معي مسألة منع تحويل أي
اتصالات هاتفية إلي )) .
فاحمر وجههـا : (( كان عليك أن تصر أن بإمكانك أن تجيب
عليها )) .
ـ على المدى القصير , كانت فكرة حسنة .
وتوقف ليرد تحية مديرة المنزل وهي امرأة في منتصف العمر
خاطبها باسم (( فلورنزا )) . جمد عند أسفل السلم الحجري ,, ثم قال
بشيء من التعنيف : (( ولكن لا تتصرفي مرة أخرى بالنيابة عني من
دون أن تتشاوري معي )) .
أغضبها تعنيفه هذا , فتحت فمها لترد عليه بحدة لكنه ضغط
بأصبعه على شفتيها فارتجفت وقد شعرت فجأة بالشوق إليه , وعاد
يقول : (( أنت تعلمين أنني على حق . . )) .
ـ لا . لا أعلم أنـك على حق . ما الذي حدث ؟
حدق إليـها بنظرات شاردة , قبل أن يعبس ويعود فيحدق إليـها
سائلاُ بقوة : (( أنت ركضت خلفي في الشارع . . . )) .
عند هذا التصريح الغريب , نظرت إليه من دون أن تقهم . ولكن
عندما ضغط بيده على جبينه متشككاً , قالت : (( راوول . . إجلس ,
بالله عليك )) .
فقاطعهـا بخشونة : (( كلا . . . )) .
طوق خصرهـا النحيل مضيفاً بذراعه : (( سنصعد إلى الطابق العلوي
لنتحدث عن هذا على انفراد )) .
فهمست وقد شعرت بالتوتر : (( نتحدث عن ماذا ؟ )) .
فهمت عندئذ قوله : (( أنت ركضت خلفي في الشارع )) . فعادت
تقول : (( لقد تذكرت لتوك شيـئـاً من الماضي . . كما تذكرت شيـئـاً
عني . . . )) .
وتملكها حرج بالغ بينما قال : (( بهذا الأمر وكأن شخصــاً لوح
أمــامي بصورة قديمة . . )) .
وبحــــركة دلت على فـروغ صبره , دفع بـابــاً فانــفتــح على غرفة
استقبال أنيقة . ورغم أن هذا المقدار الضئيل من الذكريات الضائعة
حيره , إلا أنه أكسبه قوة . وتابع يقول : (( كنت تحاولين أن تعيدي إلي
بخشيشاً منحته لك . . )) .
ـ نعم . .
وشبكت يديها معاً ثم فكتهما ثم أعادت شبكهما , بينما أخــذ هو
يحدق إليها بحيرة وعدم تصديق : (( لماذا أعطيتك بخشيشاً ؟ هل كان
ذاك مزاحــاً أو مـا شابـه ؟ )) .
أصبــح وجههـا بشحوب وجوه الموتى وشعرت وكأنها تلقت
صفعة . رأت الهوة تتسع بينهما , فهي ليست كما توقع أن تكون ,
وهي ليست ولن تكون جزءاً من عالمه المترف .
قالت : (( كنت قد حلقت لك شعرك لتوي )) .
ـ شعـري ؟
وحدق إليـهـا وكــأنــها مهـــرج أمــــامه فيــما زمت هي شفتــيــــها وأومــأت
برأسهـا : (( أنـا . . أنـا حلاقة . وهذا (( البخشيش )) الذي دفعته , كان في
أول لقــاء لنـا . . . )) .
ـ يا إلهـي ! يمكنني أن أتـذكر مــا شعرت بـه وفكـرت فيه في تلك
اللحظة في الشارع ! آثرت في رغبة قوية للغاية . أردت أن أجــرك إلى
سيـارتـي الليموزين , ومن ثم إلى الفندق حيث نـمضي معاً عطلة نهاية
أسبوع كـاملة .
احمر وجههـا , ليـعود إلى طبيعته لاحقاً ببط وألم . حسنـاً , على
الأقل لم يحاول أن يزيف عواطفه بل اعترف بصراحة بما شعر به
وعيناه العنيفتان مسمرتان عليها . عليها أن تكون شاكرة لأنه وجدها
جذابة , رغم أنه كان من الجفاء و الفظاظة بحيث لم يظهر ذلك .
لكنها لم تكن شاكرة بل غاضبة مجروحة . ما الذي تصلح له برأيه ؟
تمضية عطلة أسبوع معها ؟ أهذا كل ما تصلح له ؟ أيظنها مومس
تذهب مع رجل تكاد لا تعرفه إلى الفندق ؟ وشعرت بألم مبرح .
كانت لترافقه لو طلب منها ذلك . لعلها ما كانت لتفعل ذلك في ذلك
اليوم الأول لتعارفهما لكن في ما بعد بعد أن سلب عقلها وقلبها
بحيث أصبحت مستعدة للقيام بكل ما يلزم للحصول عليه . وخنقتها
الدموع .
اتكأ إلى الجدار خلفه , محاولاً بجهد للتحكم في الإرهاق الذي
يشعر به , وقـال : (( هل يضايقك كلامي ؟ ما كان لي أن أقول ذلك )) .
فقالت بمرح زائف : (( لا تقلق لذلك , فــأنــا لــست مرهقة
الإحساس . أرجوك أن تستلقي فترة فأنت تبدو متعبـاً )) .
فك ربطة عنقه وفتح قميصه ثم سار إلى الغرفة الملاصقة لهذه
الغرفة . قالت له من عند الباب : (( أظن أن علي أن أستدعي طبيباً )) .
ـ لا شيء يستدعي ذلك . كفى اهتماماً لا داعي له .
أخذت تنظر إليه وهو يستلقي على سريره من دون أن يخلع
حذاء حتى , ثم جذبت الستائر على النوافذ .
قال وعيناه نصف مغمضتين : (( كان عليك أن تعلمي أنني من يقرر
لنفسي , يا عزيزتي )) .
ـ هذه ليست مشكلة .
تكلمت بحنان وعادت لتجلس على السرير ثم شبكت أصابعها
بأصابعه . رغبته في أن يتخذ قراراته بنفسه ليست مشكلة ما دام قراره
ينسجم مع استنتاجاتها .
ـ مــا قلتـه . . . إن وميض الذاكرة ذاك فاجأني ما جعلني غير
مهذب .
فأجابت بصوت هادئ , حلو كالعسل : (( لم تكن غير مهذب بل
جلفـاً نوعـاً ما , لكن سأسامحك هذه المرة لأنك لطالما كنت أكثر
الرجال الذين عرفتهم شاعرية )) .
استرخت قبضته ونظر إليها مذهولاً : (( شاعريـة . . .؟ )) .
حتى في حالة الضياع التي تتملكه , التوى فمه الواسع ساخراً من
كلامها وهو يتابع : (( هذه مزحة منك . . . )) .
ـ كلا , إنها ليست كذلك.
طوقها بذراعه وتمتم ناعساً : (( يمكنك أن تبقي هنـا حتى أنــام )) .
أوشكت أن تقترف غلطة فتسأله إن كانت أمه قد اعتادت أن تفعل
ذلك . لكنها , و الحمد الله , تذكرت أن مثل هذه الأمور لم تحصل في
طفولته , فقد كان عمره سنة واحدة عندما تركته أمـه هاربة مع عشيقها
ولم تعد حتى لزيارته . عندما لم يستطع أن يتجنب أسئلتها الكثيرة ,
أخبرها هذا في جملة واحدة مختصرة لكنها انغرزت في قلبها
الحنون .
عندما استغرق في النوم , نزلت إلى الطــابق السفلي و تـنـاولت وجبة
لذيذه في غرفة طعام رائعة مؤثــثـة بشكل فخــــم . لم يـــسمح قلبـــها
لأفكارها بـأن تتحول إلى أي موضوع آخــر غير راوول . بدا واضحـاً
أنها ستعود إلى وطنها قبل أن يمضي وقت طويل . و بـــدلاً من أن
تـسعدهــــا هذه الفكرة , شعرت بحزن لا يحتــمل فذلك يعني أنـــها
ستفقد راوول مرة أخرى . لقــد تذكر اليوم تفاصيل من السنـــوات
الخمس المفقودة من ذاكرته . حدث ذلك بشكل أسرع مما توقعت .
حين قــــــال الــــدكتـــور ليرذر إن فقدان الذاكرة لــــدى راوول مؤقت
اعتبرته متفائلاً جداً لكنها ترى الآن أنه كان على حق , قريباً سيتــذكر
راوول أحداث السنوات الخمس التي نسيها . بعدئذ لن يــحتـاجها .
لكن , هل سبق و أن احتاجها من قبل ؟ أم أن هذا مجرد تـمـنيـات
منـها ؟
تكومت في كرسي قرب سرير راوول , تتأمله أثناء نومه . حدثت
نفسها بأنها ستحرص من الآن فصاعداً على ألا تكون علاقتهما
جسدية . فعندما يتذكر حقيقة زواجهما , كيف ستكون نظرته إليـها ؟
ألن يجد اكتمــال زواجهما غريــبــاً ؟ هــل سيهتم بها على الإطلاق ؟
وهمس صوت في داخلها مواسياً بأنه رجل , أي أنه لن يضيع الكثير
من الوقت في التســاؤل عما جعلها تــقـــدم على بعض التــصرفـــات
المعينة . لا . . . جل ما سيرغب فيه هو العود إلى حياته الحقيقية .
لعله سيرتاح عندما يعلم أنـه ليس بحاجة لأن يعتبر نفسه متزوجـاً ,
بحسب الشروط المتفق عليها . عندما يستعيد ذاكرته كلياً , سيضحك
كثيراً لمنحى الذي اتخذته الأحداث .
عندما استيقظت هيلاري , كانت في السرير وضوء النهـــار يتسلل
من بين الستائر ليقع على رأس راوول المنحني ينظر إليها .
تمتمت وقد فوجئت : (( كم السـاعة الآن ؟ )) .
فقال وعيناه اللامعتان تتأملانها : (( السابعة وخمس دقائق . لقــد
نمت طويلاً , وأشعر أني . . . )) .
فقاطعته : (( لا أتذكر أنني نمت في سريرك )) .
ـ لم تفعلي , بل كنت نــائـمة على كرسي . ما كـان لك أن تقلقي
علي إلى هذا الحد , يا عزيزتي . إنني أجيـد رعايـة نفسي .
سرت نبرته الحنون في كيانها , ومن دون وعي منها وجدت
نفسها تندس فيه . لكنها ما لبثت أن ذعرت لتصرفها هذا بينما يُفترض
بها أن تقطع أي علاقة بينهما . وشعـــرت بـتــعاسة فجلست منتصبة
بحركة مفاجئـة ومن دون تردد أعــادهـا راوول إلى وضعها الأول ,
وعيناه تعكسان جوعاً من دون خجل : (( لن تذهبي إلى أي مكان , يا
" سيدة ساباتينو )) .
مخاطبته لها بلقب الزوجة زاد من ألمهــا .
ـ ولكن . . .
ـ أنت مضطربة جداً هذا الصبـاح ولكن من غير المسموح لك أن
تغادري السرير قبل أن أسمح بذلك .
عندما رفعت بصرها إلى وجهه الوسيم , انتفض قلبها وشعرت
بالوهن و الشوق .
أخـذ قلبها يخفق بسرعة راضياً بعد أن تـــأمـلــــها : (( أنت
تريدينني يا جميلتي )) .
ـ نعم . . .
لم تستطع أن تصدق كيف فقدت قدرتها على التفكير , فكيف
بقدرتها على مقاومة شعورها ؟ تلهفت إليه , وراح جسدها يحترق
بفروغ صبر , ما جعلها تخمد ذلك الصوت الخافت في أعماقها الذي
يحذرها من أن مــا تفعله خطـأ .
واستمتعت بعواطفه المشبوبة و احتضنت رأسه أسود الشعر وتخللت
شعره الكث بأصابعها لتمر بيديها بعدئذ على كتفيه العريضتين .
ـ أنت تجعلينني جائعاً إليك للغاية .
رفعت بصرها إليه , معجبة بجمال رجولته . تملكتها موجة من
الحب و الرضى , كما اغرورقت عيناها بدموع السعادة . راح يقاوم
تفحصها الدقيق له وحمرة الخجل على بشرتها العاجية . لكنها لم
تستطع التـوقف عن التحديق إليـه . كانت وجنتاه عاليتين وملامحه
تعكس الكبرياء . كما أن وسامته مذهلة بالرغم من لحيته التي لم
تحلق منذ يومين .
همست وهي ترتجف , واضعة أصابعها على فمه : (( و سامتـك
تحبس أنفاسي . . . )) .
أمسك بيدهــا ثم أخــذ يحـدق إلى أصابعها بدهشة : (( أين خاتم
الزواج ؟ )) .
تـملكها الذعر . كـــان عليها أن تتذكر أن الزوج يتوقع أن يرى
خاتـمــاً في إصبع زوجته .
ـ أنـا . . . لم أشـأ أن ألـبــس خــاتـماً .
اتــكـأ إلى الوسائد خلفه بعنف : (( لِمَ لا ؟ )) .
احمر وجهها وقالت متلعثمة : (( كنت . . . ظننت أن (( المحبس ))
تقليد قديم . لا أفهم لمـا علي أن أهتم . . . )) .
ـ لن أقـبـل هذا العذر . لقد تزوجتك و أتوقع منـك أن تلبسي خـاتـم
زواج .
شعرت بالـــذعر لاضطرارهــا إلى الاستـمــرار في الكذب لتـغطيــة
ادعائها , ولم تـستـطع مواجهة عينيه : (( ســأفكـر في ذلك )) .
قال وهو يقفز من السرير : (( لا , لن تفكري في ذلك . سـأشتـري
لك خاتم زواج وستلبسينه وتنتهي القصة )) .
عندمــــا وصـــل إلى منتصف الغرفة وقف والتفت إلــيـهـا . بـدا وجهه
جامداً وعيناه متحديتين حين قال : (( أتعلمين ؟ لم تخبريني قط لما لا
تزال زوجتي عذراء . . . )) .
قـالت بلهجة دفاعيـة متـوتـرة وهي تـجلس في الــســريــر ممسكـة
بالملاءة تشدها من حولها : (( ولن أخبرك طالمـا تتحدث إلي بهذه
اللهجة )) .
ـ علــيـك أن تصرفي بشكل أفضل , يا عزيزتي .
فردت عليه بالإيطالية بعنف : (( لا , لـيس علي هذا . عندمـا تستعيد
ذاكرتـك سـتـدرك أن ما من غموض يحيـط بعدم خـبرتي . . . )) .
ـ هل هذا صحيح ؟
ـ كما لن تعتبر الأمـــر مهمــاً للغايــة .
ـ أخبريني بأمـر واحد فقط . لمــاذا تزوجتـك ؟
جمــدت لحظة , ثم قالـت بغموض : ( تزوجتني للأسبــاب المعتـادة
كلها . . . )) .
ـ أتـعيــن أنني وقعت في غرامك ؟
ـ لن أقــول شيـئـاً .
ثم عــادت ففكرت في أن تـقول ما يـتـوقع أن يــسمعه فينتهي هذا
الموضوع .
ـ لا بأس . لقد وقعت في غرامــي .
استدار وتوجه نحوهـا بتـوتـر واضح : (( إذن , وقعت في شرك
الحكــايــات الخرافية ؟ )) .
فـقــالت بشيء من التوتر هي أيضـاً : (( وما الذي يمنع ذلك ؟ )) .
فانحنى يرفعها عن الـســريـر : (( لا شيء . وقعت في شرك الحكايات
الخرافية )) .
على مـائــدة الفطور في الفناء المغمور بــأشعـة الشمس و المزين
بمختلف أنواع الأزهـار و النباتات , سـألت هيلاري راوول عن تاريخ
القصر . بدا واضحاً لها غرامه بكل حجر مر عليه الزمن . حـاولت ألا
تـــفكر في الأكـاذيب التي أخبــرتــه بــها منذ فترة . لقد كف عن طرح
الأسئلة المربكة ولم يعد يقلق من ناحيــة علاقتهما , و هذا هو الأهم ,
فالطبيب نصحها بألا تــخبر راوول ما يــقلقه . ألا يــعنـي هذا أنـــها لم
تخطئ ؟ إن بعض الأكاذيب البيضاء الصغيرة لا تسبب أي ضرر .
قال وهو يدخـل إلى الصالة : (( لقد رتبت لك مفاجأة )) .
ـ ما هو نوعهـا ؟
ـ أظن أن الوقت حــان للاهتـمام بمشكلة الملابـس .
قـالها برقـة ثم فتح باباً يؤدي إلى غرفة استقبـال فسيحة مزدحمة .
كـــــان راوول قــد أرسل دعوات إلى عدد من مصممي الأزياء لزيارة
قصره مع بعض الأثواب . أُدخلت هيلاري إلى الغــرفة المجاورة حيث
أُخذ قياســها . وتملكهــا الذعر . كيف تسمح لراوول بـأن يشتري لها
الملابس ؟ لكن كيف تقنعه بـأنها ليست بحاجـة إلى أي ملابس جديدة
بينما رأي بنفسه مدى حاجتهـا إليهـا ؟
وبعد دقائق قليلة عادت إلى راوول وهي ترتدي بذلة من أحدث
الموديلات .
أخـذ راوول يــتــأملها . لون بذلتـــها الفيروزي أبــرز جمـــاله شعرهــا
الأشقــــر الفضي , بينمـا أظهــــرت الستــرة القصيـــرة المحكــمة على
جسدهـا , والتنورة الواسعة , قوامها المذهل بخصرها النحيل ووركيـها
البارزين فضلاً عن ســاقيـــها المتـنـاسقتين . ولمعت عيناه باستحســان
الرجل للأنثى , وتمتم هامسـاً في أذنها : (( لذيذة )) .
ولأول مرة في حيـاتـها , شـعرت هيلاري بأنها تستحق الاهتمام . .
وتبدد شعورهــا بالنقص إزاء استحسان راوول لها . احمر وجههـا
خجلاً لكنها , وفي الوقت نفسه , رفعت رأسها بزهو . عندما يبدي
راوول إعجابه بها تتلاشى عقدة النقص لديها من قصر قامتها وبروز
مفاتنها .
منـذ تلك اللحظة , أخـــذت هيلاري تستمتع بــتــخيـل أن راوول أصبــح
عالمها الوحيد . و أخذت تقيس ثوباً بعد ثوب . كـــانـت أقمشة الملابس
رائعة الملمس , و كانت المرايا الطويلة المذهبة على الجـــدران تعكس
صورتها بشكل لم تستطع معه أن تميز نفسها . رأت نفســها ترفــل في
ثوب سهرة رائع و في بـذلة مـذهلة , و سلسلة من الأثــواب القصيـرة
الجميلة بشكل لا يــصــدق . كان كل ثوب يترافق مع حقيـبـة و حـــذاء
يناسبه . شعــرت وكأنها في حلم رائع , إذ تضافر الجميع ليشجـعوهــا
على أن تمارس لعبتها المفضلة وهي ارتداء الملابس و تبديلها تماـماً
كما كانت تفعل وهي طفلة .
وخلال ســاعــات معدودة أصبح لديـهــا من الملابس أكثر مما اقتنته
طوال حياتها .
كانت تعلم أنها لن تلبس معظمها , وحدثت نفسهــا بأن راوول
يمكن أن يعيد الملابس إلى المتجر حالما تعود إلى وطنها .
قالت له وهي تلهث من الإثارة , بعد أن بقيت مرتدية تنورة تبنية
اللون و بلوزة من دون كمين : (( لن أتمكن من ارتداء كـل هذه
الملابس )) .
فقال : (( أنت زوجتي ويجب أن يكون لديك كل ما تريدينه )) .
انقبض قلبها والتمعت عيناها شاعرة بالألم إذ كانت تدرك أن هذا
ليس سوى ادعـاء .
ـ هيلاري ؟
ـ أنت في منتهى الكرم نحوي
ـ ألا تعرفين كيف تردين الكرم ؟
ورمقها بنظرة معبرة ترافقت مع ابتسامة شيطانية من فمه الجميل .
جف فمها و أخذ قلبها يخفق بعنف . كان رائعاً إلى حد جعلها
ترتجف . كان تأثيره فيها هائلاً .
وتباع يقول بصوت مثقل بالمشاعر : (( وإذا كنت لا تعلمين ,
فيمكنني أن أجعلك تدركين ذلك بالإشارة , يا حبيبتي )) .
كلامه هذا جعلها تشعر بالشوق إليه وصدمها رد فعلها هذا
فأخفضت بصرها مقاومة ضعفها قد إمكانها . لكنه جذبها إليه ,
وعندما شعرت بحرارة جسده توهج وجهها احمراراً , رغم أنها
أرادت أن تذوب فيه بكل خلية من كيانها . وتعلقت عيناه بعينيها :
(( تبدين بريئة إلى حد لا يصدق . ما أريده أكثر من أي شيء آخر في
العـالم هــــو أن تبقي بــيــن ذراعـــي . أظنني تزوجتك لأنك لا تنفكين
تدهشينني ! )) .
قالت هيلاري بــصوت مرتــجــف و هــي تمرر إصبعها على الخــاتم
الذي وضعه في إصبعها قبل أن تنظر إلى راوول حالمة : (( مذهل !
رائع ! لا أعرف مـاذا أقول . . لم أكن أتوقع هذا )) .
إنه خاتم زواج . وتأثرت حتى الأعمــاق برغبـتـه في أن يراها تضع
الرمز الذي يدل على عهودهما الزوجية . قال بهدوء وعيناه تتألقان :
(( لن أفشل في شيء , يا حبيبتي . أريد لزواجنا أن ينجح )) .
طعنة من الإحبـاط مزقت أحــلامهـا . فهي منذ أربعة أيام لم تكـن
تفكر في المستقبل لأكثر من دقيقة واحدة . لقد استمتعت بكل لحظة
أمضتها مع راوول , حتى أن حبــــها له ازداد . كـان يشعر بمرارة
الإحباط لأنه لم يستعد ذاكرته بــعــد , وتلك الذكرى المحـدودة التي
عاودته لــم تزده إلا فروغ صبر , لـكـنـه أظهر ذكاء غير عادي في
مواجهته وضعه الجديد مـا جعلها تدرك أكثر من أي وقت مضى
مدى ثقته بنفسه وانضباطه . حولت اهتمامها عن ملامحه البالغة
الوسامة , ثم تظاهرت بتأمل ما حولها . كان يوماً رائعاً , و المنــاظــر
من حولـها مذهلة . كــانــا يجلسان في شرفة مطعم خـــاص يقـــوم في
مكان مرتفع مشرف على بحيرة (( لوسيرن )) . كانت السماء الزرقاء
صافية و المدينة التي يـعود بــنــاؤها إلى القرون الوسطى تــمتـــد في
الأسفــل .
ـ هيلاري . . ؟
لفت راوول انتباهها عابساً عندما اقترب منها رجل كبير الجسم
أشقر الشعر جاد الملامح , ثم وقف على بعد مترين منها قائلاً
بدهشة : (( راوول ؟ )) .
نهض راوول وقد ارتـسمت على وجهه تـلك الابتسامـة لتحيته فيما
ذعرت هيلاري وهي ترى أن القادم هو (( بول كوريرو )) الشاهد الوحيد
على زواجــهمــا . تــملكــها الرعب و شلت أطــرافها وهي ترى المحامي
ينظر إليها بإمعان . هــذا رجـل يعلم أنهـا زوجـــة زائــفة , وأنهـا أخــذت
أجراً لتمثـل دور الـعروس في القــــداس الزائـف . و لا بــد أنـه مدهوش
لرؤيتـهـا في سويسرا برفقة راوول !
* * *
نهاية الفصل (( الخـامس )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:52 AM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::::::
6 ـ
لن أسامحك أبداً !
الإحساس بالخطـــر جعـــل قلبـــها يخفق بعنف . وأخيراً , قررت أن
لا خيار أمامها سوى أن تستعمل الوقاحة للخروج من هذه الورطة .
ـ أنـا و آنيا نقيم مع بعض الأصدقاء .
ـ أنـا و آنيـا نقيم مع بعض الأصدقــاء .
قال بول كيوريرو هذا لراوول الذي كان يقبل وجنتي امرأة حــامــل
جميلة حمراء الشعر تقف بجانب محاميه .
التفت راوول برأسه المتغطرس إلى هيلاري متـسائـلاً عما منعهـا
من مشاركتـه في تحية القادمين , فنهضت و العرق بتصبب منها وقد
رسمت على فمـــها المتوتر ابتسامة , وتقدمت نحوهمــا بــســاقيـــن
كالخشب .
ـ هيلاري . . خســارة لنـدن مكسب لنـا .
منحــــها بول كرويرو ابــتــســـامة نـاعمة أرسلت رعشة في كيانها ,
و كـادت تجفل لهذه السخرية . و وقفت كمجــــــرم ينتظــر تنفيذ حكم
الإعدام فيه . لكن راوول , ولحسن الحظ , حول اهتمام محاميه عنها
بالحديث معه بصوت خافت . وعندما أخذ الرجلان يتمشيان على بعد
أمـتـار , اقتربت رفيقة بول منها وقالت لها وهي تقيمها ببرودة : (( أنـا
آنـيــا زوجة بول )) .
ـ نعم .
كانت هيلاري من التوتر بحيث لم تستطع أن تفكر في أي رد
فعل على هذا التقييم العدائي .
اختلست نظرة إلى راوول و بول , وتساءلت بفزع عمـا يتحدثان
عنه . وتملكتها رغبة ملحة في الهرب , فتمتمت معتذرة ثم توجهت
نحو استراحة السيدات .
كيف يجرؤ بول وزوجته على النظر إليها وكأنها مجرمة ؟ كانت
منزعجة ومعدتها تغلي . فتحت الماء البارد على يدها بينما راحت
تكافح لتستعيد رباطة جأشها . ما قامت به كان لمصلحة راوول .
لقد أحبطته تلك الهوة التي تفصله عن العالم خمس سنوات ,
لكنه نجح في مواجهة الأمر تماماً ! ولكن هل كان بول كوريرو يخبر
راوول في هذه اللحظة أن هيلاري وزواجهما الظاهر زائـفان ؟ خرجت
هيلاري من استـراحة السيــدات لتـــجــد بول كوريرو في انتظـارهـــا ,
فأصــابـها شحوب بـالغ .
سألها الرجل الأشقر : (( ما هي لعبـتـك ؟ لقد أوضح لي راوول لتوه
سبب عدم ظهروه منذ حادث الاصطدام )) .
فقالت : (( يسرني أنه اتخــذ شخـصــاً آخر موضعاً لثقته )) .
وتســاءلت هيلاري إن كان راوول يعلم الآن أنها ليست بالزوجة
التي ادعتها , واعتصر قلبـها .
قـــال بول كوريرو بــصوت خـافت خشن : (( لا تعامليني وكأنني أبله .
رئـيـس فــريـــق الأمن لـــدى راوول اتـــصــل بي في الأمس ليسـألنـي
النصيــحة . تصوري ذهولي عندما علمت أنك جئت إليه في المستشفى
مدعية أنك زوجته السيدة ساباتينو ! هذا اللقاء ليس صدفة , بل قطعت
إجـازتـي لكـي أحضر إلى هنـا . يمكنك أن تؤذيـه بهذا الشكل )) .
أخـذت هيلاري ترتجف من احتقـــاره الـــموجع هذا . هــل ثمة فريــق
أمن يعمـل على حراسة راوول ؟ لقد كانوا من الحذر و التحفظ بحيــث
لم تعلم بوجودهم . وقالت : (( لم أقهم بما يؤذيه . هل أخبرت راوول
الحقيقة عن زواجنـا ؟ )) .
فـأجاب ساخراً : (( في المطعم ؟ أنوي أن أزوره في القصر عصر
اليوم . . . )) .
أمسكت هيلاري بكمه متوسلة : (( دعني أخـبــر راوول بنفسي .
أمنحني فرصة حتى الغد لأتدبر الأمر )) .
أنذرها بول كوريرو مظهراً عدم ثقته بها : (( كلا . ســأمنحك فرصة
حتى هذا المساء . وإذا لم تفي بوعدك , فسأقوم بذلك بدلاً منك )) .
احتاجت إلى قدر كبير من الشجاعة لتتمكن من مواجهة نظراته
المتهمة وهي تقل : (( أنا لست كما تظنني . أنـا أحـبــه و لطالما
أحببته . . . )) .
فـأجفـل المحامي وقاطعها : (( اعلمي على أي حــل أنه لن يغفر قط
هذا النوع من الخيـانـة )) .
عــادت هيلاري لتـقف بجــانب راوول ورأسها يـدور فيما كانت آنـيـا
تـتـوسل إليه أن يلقي خطاباً في حفـل خيري . انضم بول إلى زوجته
قائلاً إنهما تأخـرا عن موعدهمـا , فقطع راوول حديثه وأمسك بيد
هيلاري يقودها إلى سيارته الليموزين وهو يقول مقطباً : (( مزاج بول
غريب . لماذا بدا متضايقاً ؟ )) .
فتـمتـمت بضعف : (( آه , أنت تعرف بول )) .
ـ نعم . أعـــرفه جيـداً , وهو لا يـجيـد قط فن الخـداع . أحـسست
بنوع من عدم الاحترام في تعامله معك , ما جرحني وأزعجني .
عذبها الشعور بالذنب لكنها لم تقـل شـيـئـاً . لم تجــد مــا تقوله في
مثل هذه الظروف . كان راوول قوي الملاحظة , وقد لاحظ عداء
محاميه . على أي حال , سيعرف راوول الحقيقة قريباً ويفهم لماذا لم
يستطع بول كوريرو أن يخفي ازدراءه . وتملكها مزيج من الخوف
و اليأس . كيف يمكنها أن تخبر راوول أن زواجهما لم يكن حقيقياً ؟
كيف يمكنها أن تواجه هذا الأمـر ؟
وعندما توقفت السيارة أمـام صــالون خاص للتجميل , تذكرت
هيلاري أنها أخذت موعداً لتصفيف شعرها بالأمس .
فررت التخلص من الأطراف الوردية لأنها تضفي عليها مظهراً
صبيانياً نوعاً مـا و تساءلت عما يجعلها غير صادقة مع نفسها . لقد
اختارت اللون الوردي هذا لتبدو أكثر أناقة أمـام راوول . ولكن مــــا
الفائدة الآن ؟ و ما الهدف عندما تنهار أسس عالم أحلامها ؟؟
ـ هيلاري ؟
قالت من دون أن تجرؤ على النظر إليه : (( هل يمكننا أن ندور
بالسيارة لدقيقة أو اثنتين ؟ )) .
كانت من الاضطراب بحيث لم تستطع أن تـــفكــر بــشكل منـطقي ,
لكنها لم تشأ أن تترجل من السيارة وتتركه .
( الحقيقة مؤذيـة ) . من هــــو صاحب هذا القول ؟ ليس لديها فكرة .
كل ما تعرفه هو أنها , طوال الأسبوع الماضي , حــــــاولت أن تعيش
حلمـــها بكل حماقة . دفنــت شكوكــــها وتـنـاست وخـــز ضميـــرهــا
واستسلمت للحكايات الخرافية بادعائها أنها زوجة راوول . كـــانـــت
سعيدة للغاية , سعيدة أكثر مما ظنت يوماً أنها ستكون . . لأن الرجل
الذي تحب عاملها و كأنها زوجتـه . المشكلة تكمن في أنـها لم تــكن
كذلك , تمنيات العالم كلها لا تستطيع تغيير هذه الحقيقة .
لقد دمر بول كوريرو ادعــاءها المحزن كمـــا عليـــها أن تــدرك أن
عملها هذا سيعتبر عملاً أنانياً . لكنها لم تقصد قط أن تؤذي أو تقلق
أحداً . كمــا أنها حــاولت أن تخفف من الضـرر الذي لحق بحبيبها .
على أي حــال , مجرد ذكرى نظرة بول كوريرو إليها جعلت العرق
البارد يتصبب منها . ذاك الحلم الجميل لم يستمتع به سواهما , هي
وراوول . وتملكها اضطراب هائل .
سـألهـا راوول بشيء من فروغ الضبر : (( هل ستلغين ذلك
الموعد ؟ )) .
كان حازماً للغاية ويمكنه أن يجيب على أي سؤال عادي قبل أن
تنتهي من طرحه . ماذا سيكون شعوره نحوها عندما يدرك أنه شجعته
على مشاركتها الحياة معها بكذبة ؟ أتراه سيحتقرها لتصرفها هذا
كما لمح بول كوريرو ؟ هذه الفكرة آلمتها للغاية . لكنها بدأت تدرك
أكثر و أكثر أن ادعاءها هذا تجاوز الحد .
ـ مــاذا ؟
ـ لا بأس . لقد قررت الآن أن أصفف شعري !
ونـظرت إليـه بضحكة مصطنعة .
بـدا في عينيه الــلامعتــيــن مزيـــج من العجب و فـــــروغ الــصبر من
أسلوبها الغريب مقارنة مع طريقته في التفكير . ترجلها من السيارة لم
يخفف عنها وهي تراه بهذه الروعة المدمرة . و بحركة مفاجئة تقدمت
منه وقبلته بحرارة بالغة ثم تمتمت و هي ترتعش : (( كانت أيـاماً قليلة
رائعة . . . )) .
بعدئذ , اختطفت حقيبة يدهـــا وخرجت من السيارة قبل أن تـــربــكه
و تــربـك نفسها أكثر .
في صالون الحلاقة , شعرت وكــأن جـــداراً من زجـــاج يفصلها عن
النشاط المألوف لديها . و شعرت و كأنها فريسة صدمة . لقد أدركت
أخيراً لماذا كان ذهنها يكره أن يواجه الواقع ويتقبله لكن الوقت حان
كي تخرج من حيـــاة راوول مرة أخــرى , كمــا أن عليها أن تــرحل
بسرعة . مــا الهدف من العودة إلى القصر لكــي تـخــبـر راوول بما
فعلت ؟ هذا سيعرضها لمواجهة غير سارة , فما مصلحة أي منهما في
ذلك ؟
قررت أنـه من الأفضل أن تستقل الطائرة على لندن مباشرة .
وكانت , لحسن الحظ , تحمل جواز سفرها في حقيبة يدها . عندما
تنتهي من تصفيف شعرها يمكنها أن تتوجه إلى المطار في لوغانوا .
لم تحضر معها إلى سويسرا سوى أثواب قليلة وما ستتركه خلفها لن
يفتقده أحد . ستترك لراوول رسالة في سيارته تشرح له فيها الأمر .
أليس هذا هو الصواب ؟ عندما يدرك حقيقة ما فعلت . . سيذهل
ويغضب وربما سيعتبر نفسه محظوظاً لأنه تخلص منها . وأي رأي
حسن قد كونه عنها ستحطم كلياً .
خنقت الدموع . لماذا ساءت الأمور إلى هذا الحد ؟ في البداية ,
حاولت أن تساعد راوول وحسب لكنها وبشكل مــــا تورطت إلى حـــد
جعلها تصم أذنيها عن نداء العقل . لقد سمحت لنـفـسها بــأن تجرفـها
الأحلام . لكنها الآن , وعندما أصبحت مكرهة على أن تتساءل عـــما
سيكون عليه رأيه في سلوكها , أدركت أنها تجاوزت حـــدود الصـدق
و المنطق . أزعجتها هـــذه الحقيقة لأنــها لـم تتعود قط أن تــنــكــــر
أخطاءها . لكنها ستتلقى أسوأ عقاب بالنسبة إليها , وهو حقيقة أنها
لن ترى راوول مرة أخرى . . .
** ** **
ـ ألم تأخذي فترة راحتك بعد لتأكلي شيئاً ؟
طرحت سالي هذا السؤال على هيلاري التي كانت تضع مجموعة
من المناشف الحائلة اللون و المغسولة حديـثــاً على الرف خلف
المغسلة , فـأجـابـتــها : (( لست جائعة . . . )) .
ـ حسنـاً , يفترض بك أن تجــوعي . لا يمكنك أن تعملي طــيـلة
هذه الساعات ومعدتك فارغة . تبدين متعبة للغاية .
كانت زميلتها في الصالون تتحدث إليها وقد بان القلق على
وجههـا الحنون .
ـ كفى قلقاً علي . أنـا بخير .
وأحنت هيلاري رأسها ثم مضت تكمل عملها بنشاط واهتمام
بالغين وكأن حياتها كلها تعتمد عليه . في الواقع , كانت حياتها كلها
تعتمد بشكل عام على العمل , وذلك لكي تحول أفكارها عن
الماضي المؤلم . كانت تعلم أن الظلال تحيط بعينيها وأنها تبدو في
حالة سيئة . لقد فقدت شهيتها على الطعام كما لم تعد تنام جيداً .
كانت تعيسة للغاية لكنها حاولت أن تتصرف بشكل طبيعي و أن
تستعيد حيويتها .
مــا حدث قد حدث , ومر أسبوعان على مغادرتها سويسرا . بقي
راوول محور عالمها مدة سبعة أيام , لكنه لم يعد كذلك الآن ولن
يعود , وعليها أن تتعود على هذا الواقع . ما هي عليها تقبله هو أن
ما عاشته مع راوول , كان زائفاً , غير حقيقي . وما كان هذا الدرس
أقسى ما عليها أن تحتمل .
قالت سالي بصوت خافت : (( موعدك للساعة الحادية عشرة
حضر . . وهو شديد الوسامة . . يا لك من محظوظة . . . )) .
رفعت هيلاري رأسها لتجد راوول يقف وسط القاعة . ارتجفت
يدها فارتجت زجاجة الشامبو الكبيرة التي تحملها وأخذت تنسكب
في المغسلة .
تملكها اضطراب بالغ وهي تراه أمـامها , فشهقت بصوت مرتفع ,
وتسمرت عليه عيناها الزرقاوان بلهفة بالغة . كان يرتدي بذلة كحلية
بالغة الأناقة تبرز قامته الرائعة , وهو يميل برأسه المزهو جانباً , بينما
أعين الموجودين في المكان مركزة عليه متفحصة . كان ينظر إليها
بعينيه الذهبيتين الداكنتين , مواجهاً نظراتها المستمرة عليه , وهو يتقدم
نحوها بخفة وليونة الفهد .
همست : (( هل أنت موعدي للساعة الحادية عشرة ؟ )) .
أومـأ بالإيجاب وأخذ يتأمل جسمها المتيبس مما جعل الاحمرار
يعلو وجنتيها . كانت ترتدي قميصاً أبيض مقفلاً وبنطلوناً أسود مقلماً
وتنتعل حذاء يبلغ ارتفاع كعبيه الدقيقين حوالي تسع سنتيمترات .
هذا التأمل الساخر جعلها واعي بشكل محموم لجسدها ومعرفته
الحميمة به . ومع ذلك لم ينظر إليها قط من قبل بمثل هذه الطريقة .
لاحظت أن ثمة اختلافاً فيه لكنها لم تدرك ماهيته . كل ما أدركته هو
أنها شعرت بالخجل .
قال بلطف ورقة : (( علينا الذهاب إلى مكان يمكننا أن نتحدث فيه
على انفراد )) .
لسبب لا تفهمه شعرت بدمها يجري بارداً في عروقها .
تمتمت تجيب وقد تملكها الجبن : (( أنـا . . . أنـا في العمل )) .
ـ حسناً , لا أظن أن لديك مشكلة في أ يسمع زملاؤك وزبائنك
ما سأقوله لك .
و أكمل كلامه بالإنكليزية وقد بدت الصلابة على وجهه : (( و سأبدأ
بالقول إن عملك , الذي أتذكر أنك أسسته بنقودي , لا يهمني )) .
كادت تنكمش حيث تقف , لكنها بعد جزء من الثانية ارتجفت لمـا
عناه الكلام الذي كان يقوله . إذا تذكر راوول ما اتفقا عليه من
ترتيبات , فهذا يعني أنه لم يعد يعاني من فقدان الذاكرة . يبدو أن
راوول استعاد ذاكرته منذ تركت سويسرا , فتذكر السنوات الخمس
الماضية , تماماً كما تنبأ طبيبه .
و ارتجفت بقوة وهي تدرك أن راوول يتذكر الآن كل ما حدث
بينهما .
توترت أعصابها , فالتفتت إلى سالي تسألها إن كان بإمكانها أن
تحل مكانها حتى وقت الغداء . وقالت لراوول : (( يمكننا أن نتحدث
في الطابق العلوي . متى استعدت ذاكرتك ؟ )) .
ـ بعد أن اختفيت . ولا بد أن هذا ساعد في ذلك . علي أي
حال , جعلتني أعيش حياة هي ليست حياتي .
وكانت جملته الأخيرة ساخرة , فشحب وجهها من تلك السخرية
الخالية من الإحساس . وفتحت باب شقتها : (( يدهشني حضورك . لم
أكن أظنك ترغب في رؤيتي مرة أخرى )) .
ساد الصمت بينما أغلق راوول الباب خلفه . كانت الردهة ضيقة
ومعتمة . و قادته هيلاري منها إلى غرفة جلوس ومطبخ في الوقت
نفسه . أخذ يتأمل الأثاث الرث , ومظهر الحقارة في المكان بشكل
عام فبدا النفور على ملامحه .
ـ أنت أفقر مما تصورت , وهذا المكان قذارة . عندما اتصلت
بك عمتي بوتيستا و أنا في المستشفى , لا بد أن الإغراء تملكك
للاستفادة من المحنة التي تعرضت لها .
فقالت وهي تصر بأسنانها غضباً لهذه التهمة : (( هذا غير
صحيح . كيف يمكن أن تقول شيئاً كهذا ؟ كل ما كان يشغل بالي هو
حالتك الصحية . بالله عليك , ظننتك ستموت )) .
راح راوول يقرأ رسالة وجدها على الطاولة فأجفـل : (( هل أنت
مديونة ؟ )) .
شعرت بالحرج وهي ترى أنه قرأ رسالة من المصرف تطالبها برد
المبلغ الذي سحبته زيادة عن حسابها , فانتزعت الرسالة من يده :
(( اهتم بشؤونك فقط )) .
قال برقة لاذعة : (( كل ما يخصك يخصني أيضاً . ومعرفتي بهذا
تمنحني شعوراً طيباً )) .
لم تستطع أن تفهم مـــا الــذي يـهدف إليــه . على أي حــال , حصرت
على أن تدافع عن نفسها ضد اتهامه لها بأنها ذهبت إلى سويسرا كي
تستفيد من ثرائه وتعيش على حسابه .
قالت : (( دعني أشرح لك لماذا أنا مديونة . لقد أنفقت مبلغاً كبيراً
إلى سويسرا , ودفعت مبلغاً لزميلة لي لتحل مكاني أثناء غيابي .
وميزانيتي لا تحتمل هذا التبذير )) .
رفع حاجبيه الأسودين من دون أن يتأثر : (( هل الفقر هو العذر
الوحيد الذي دفعك لاغتنام الفرصة لإتمام زواجنا ؟)) .
وانقبضت يداها : (( أنت من أصر على ذلك . . )) .
كانت سخرته واحتقاره أشبه بسكين طعنها في الصميم .
وتابع يقول : (( أنت ممثلة غشاشة . كنت تعلمين تماماً ما تفعلين .
بإتمام زواجنا يمكنك أن تطالبي بمبلغ كبير ثمناً للطلاق )) .
بدا عليها الشحوب , وتملكها شعور تعيس بالمذلة و الإهانة
لشكوكه هذه . قالت : (( لن أطالبك بشيء , سواء الآن أو في أي
وقت آخر . لا أفهم لماذا تظن بي كل هذا . هل ارتكبت جريمة حين
رغبت في رؤيتك بعد أن سمعت بما أصابك ؟ أخبرتك في رسالتي
أنني آسفة . . . )) .
أطلق ضحكة ساخرة جعلتها تجفل : (( رسالتك بأسطرها الأربعة ؟
حتى فيها لم تستطيعي أن تخبريني الحقيقة أو تعترفي بخداعك لي .
لقد اختفيت من دون أن تتركي أي تفسير . . . )) .
ـ عندما أردت أن أفعل هذا , لم أجد ما أكتبه .
ـ لم ترغبي في أن تخبريني أنني كنت أعاشر امرأة غشاشة
كذابة .
هتفت به غاضبة مجروحة الكرامة : (( لا تصفني بهذه الأوصاف )) .
ـ كنت ممثلة جيدة , يا جميلتي .
و تعلقت عيناه الحاقدتان بنظراتها المعذبة من جون أن يتأثر : (( لقد
عرفت الطريق إلى قلبي . . طيلة الأسبوع كنت تحولين ذهني عن أي
سؤال محرج أوجهه إليك )) .
لشدة ألمها , أمسكت بفنجان على المائدة وقذفته به : (( لم يكن
الأمر بهذا الشكل , ولم أتصرف على هذا النحو )) .
بقى جامداً مكانه بشكل مزعج , وكان ابتعاده عن طريق ما قذفته
به يجرح كرامته . واكتفى بأن رفع حاجبه عندما اصطدام الفنجان
بالجدار قائلاً : (( عندما تحرجين تصبحين كالأطفال لكن هذا لن
يذيب الثلج الذي بيننا . . ولا حتى الدموع . . . )) .
فصرخت به بأعلى صوتها : (( لن أبكي من أجلك ! عليك أن
تعذبني لكي ترى الدموع ! )) .
فقال عابساً (( الـــدمــوع تضايقني و كذلك الــــمواقف الــــعاطفيــة
والأواني الطائرة في الغرفة . دعي عنك هذا حالياً . لكن إذا تصرفت
بغباء أمــام الناس مرة أخرى , ســأغضب منك للغالية )) .
تصاعد توترها ما جعل حاجبها يخفق بألم : (( أتصرف بغباء ؟ ومرة
أخرى ؟ ما الذي تتحدث عنه ؟ )) .
أخرج شيئاً من جيب سترته الداخلي وألقاه أمامها على المائدة
لتراه . كانت قصاصة من مجلة .
وتملكها الذعر وهي ترى صورة المرأة التي انهمرت الدموع على
وجهها التعيس . إنها صورتها , وقد التقطت لها في ذلك اليوم الأخير
في سويسرا عندما كانت في المطار في لوغانو لكنها لم تلاحظ
المصور . رأت تحت الصورة أسطر عدة بالفرنسية .
فسألته : (( ماذا تقو الأسطر هذه ؟ )) .
فترجم لها وهو يصرف بأسنانه : (( . . كل تلك الأموال وما زالت
تعيسة )) .
شبكت ذراعيها على صدرها : (( حسنـــاً , أنـــا آسفة إذا أحرجتـك ,
ولكن هذا يثبت أنني كنت حزينة للوضع الذي أصبحنا فيه . . )) .
ألقى عليها نظرة كالثلج : (( أصبــحنـــا ؟ ومن أوصلنـــا إلى ذلك
الوضع ؟ من ادعت أنها زوجتي ؟ من كذبت لتجد طريقاً إلى بيتي
وثقتي ؟ )) .
ارتجفت وأفلتت ذراعيها وقد التمع في عينيها التوسل والإحباط :
(( اسمع . حاول أن تفهم أنني اهتممت بالأمر أكثر مما يجب . عندما
ذهبت إلى سويسرا كنت أظن أن حالتك خطيرة فشعرت أنني أريـد أن
أراك . كما أنني صدقت أنك سـألت عني . . . )) .
ـ مـا الذي يجعلني أســأل عـــن امرأة لــم أرهـــا منــذ حوالي أربع
سنوات ؟ امرأة لم تكن تعني لي شيئاً ؟ كيف أسأل عن أي شخص
وأنا غائب عن الوعي ؟
حللت هــذه الــحقيــقة في ســرها فبـانـت خيبة الأمل على وجهها .
نعم , هذا غير معقول فعلاً . هل عمدت شقيقتها إلى إخبارها بكذبة
بيضاء . أترى إيما اختلقت ذلك في محـــاولة ساذجة منها لتشجـع
أختها الكبرى على السفر إلى سويسرا لتكون مع زوجها ؟
لكن وقبل أن تنتهي من تحليل هذا الاحتمال , عـــاد صدى كلمات
راوول منذ لحظــات , يدوي في أذنها بقسوة : ( إمرأة لم تكن تعني لي
شيئاً ) هذا ما قاله . هذه فكرته عنها . لم تكن تعني شيئاً بالنسبة إليه .
حسناً . . ما الذي كانت تتوقعه ؟ حناناً وعطفاً ؟ لفترة قصيرة لا تتعدى
الأسبوع جعله ادعاؤها يعتقد أنه يحمل لها بعض المشاعر , فتصرف
على هذا النحو . لكن ذلك الوقت الجميل انتهى الآن .
وإذ صممت على ألا تـــكشف لــــه عن مــــدى شعـــورهـــــا بالألم ,
جاهدت لكي تعود إلى النقطة التي كانت تنوي أن تتطرق إليها قبل
أن يطعنها في الصميم بقوله العفوي الصادق . قالت : (( حذرني
الدكتور ليرذر من أن أخبرك بما قد يزعجك . . . )) .
ـ لهذا تركتني أظن نفسي متزوجاً ؟ ألــم يخطر لك أن هذا الخبر
مزعج للغاية لرجل يستمتع بعزوبيته ؟
ـ أظنــك ستقدر حريـتــك الآن بعد أن أدركت أنــك لــم تــفقدهــا
قط . .
قال وقد امتلأت عيناه احتقاراً : (( أنـا لـــم أفقد حريتي بل أنت
سرقتـها مني . ادعيت أنــك زوجتي حتى سرت الشائعات بأنني
متزوج , قلم أستطع إنكار ذلك , كما أن الصحف نشرت صورة
لك )) .
اغرورقت عيناها بدموع الندم : (( لا بد أن هذا سبب لك إحراجاً
بالغاً . . . )) .
فقاطعها بجفـاء : (( أنا لا أشعر بالحرج بسهولة )) .
فتمتمت بتعاسة : (( لا أظنك تـدرك مــدى أسفي )) .
ـ الأسف لا يــكفـــي لإرضــائــي . أنت أردت حقــاً أن تــكــونــي
زوجتي .
بدا الحرج على ملامحها , فنظر إليها ساخراً : (( كنت متلهفة لأن
تصبحي زوجتي فاستعملت الكذب و الخداع لذلك )) .
تملكها شعور بالعار و الغضب لإذلاله لها بهذا الشكل : (( أعرف
أن تصرفي يبدو سيئاً , ولكن . . . )) .
فقاطعها : (( لن أصغي إلى عذابك . تصرفك يبدو سيئاً لأنه سيء .
لقد حولت حياتي الرائعة التنظيم إلى حيــاة تـافهة عقيمة . طردت
عشيقتي من أجلـك . . )) .
فحملقت فيه : (( فعلت . . . ماذا ؟ )).
ـ تلك السمراء الرائعة . كانت عشيقتي لكنني هجرتها لأنك
جعلتني أظن نفسي رجلاً متزوجاً .
أغمضت هيلاري عينيها : السمراء الرائــعة . كيــف سمحت لنفســها
أن تعتقد أن رجلاً مثل راوول ليس لديه امرأة في حياته ؟ حيــنــذاك ,
لم تشأ أن تتقبل فكرة أن في حياته امرأة لأن قبــولــها هـذا سيضعف
موقفها . أليس هذا هو السبب الذي جعلها تفترض أن راوول حر من
أي ارتــبــاط ؟ كيــف تــصرفت بهذه السذاجة و الأنانية ؟ لقد أفسدت
حياته , وعذبها الشعور بالذنب و الخجل , وإذا بـه يقول : (( بسببك
أصبح سريري خالياً وعليك أن تملئيه مرة أخرى )) .
ـ ماذا تقول ؟
وقطبت هيلاري جبينها عاجزة عن الفهم .
ـ ستعودين معي إلى سويسرا .
فبدا عليها الذهول : (( و لماذا أفعل ذلك ؟ )) .
ـ أنـا لا أتــرك لك أي خيـار . هل أعطيتني أي خيــار حين أخبرتني
أنني متـزوج ؟
شحب وجهها وكــأنـها أصيبت بصــدمة , وجنـبـت نـظراته : (( لا
أستــطيــع أن أجــد سبــبــاً يــجعلك تــــطالبني بـالعـودة معـك إلى
سويسرا . . . )) .
ـ أريــد أن أستــغلك كمـا استغليتني , ثـم ألقـي بـك بعــيـــداً عندما
يتملكني الملل منك . هل هذا يوضح الأمر ؟
كانت ملامحه القوية قاسية وواجه نظراتها المذهولة بثبات .
أطلقت هيلاري ضحكة صغيرة فيما راح رأسها يدور : (( أنت لا
تعني ذلك . . . )) .
ـ تدبرت أمر تناول الغداء مع أختك . وعليك أن تبدئي بحزم
أمتعتك .
جمدت هيلاري مكانها : (( كيف يمكننا أن نقابل إيما بعد الغداء ؟
إنها في مدرسة تبعد عن لندن أميالاً عديدة )) .
ـ أثناء كلامنا هذا تكون سيــارة تنقلها إلى هنا لهذه المناسبة .
ـ ولكن كيف . . أعني لماذا قمت بهذا الترتيب ؟
ـ لـــدي أسبـــاب ممتــــازة . أتــظنـين أنك الوحيدة التي يمكنها أن تقوم
بـحيـل قذرة ؟ إنني أستـاذ في المنـــاورات , يــا جميلتي . إيما تــظنــنــا
مستمتعين بالمصالحة وهي منتشية بهذا الخبر . لذا , عليـك أن تبتسمي
على الــدوام و تــكثـــري من الأحــاديـــث التي تحسنينها لكي تــجعليـها
سعيـــدة . .
جمدت هيلاري مصدومة , ثم قالت : (( و كيــف استــطعت الاتـــصــال
بشقيقتي ؟ )) .
ـ لقـد اتـصلت بي في بـيـتـي هذا الأسبـــوع , واعتــذرت لــي بــشكــل
مؤثر عن موقفها العدائي في بداية زواجنـا .
ـ آه . . لا . .
وتــأوهت هيلاري بـفزع امتــزج بـــالشعـــور بالذنب لأنها أدركت أن
الذنب ذنبها في اتصال إيما براوول . فمنذ عودتها من سويسرا , لـم
تتحدث هيلاري إلى أختها إلا عبر الهاتف متجنبة أسئلة أختها عن
علاقتها براوول . لم تستطع أن تخبرها الحقيقة لكنها لم تستطع أيضاً
أن تكذب عليها . وتابعت تقول :
ـ منذ البداية لم أستطع أن أعترف لها بسبب زواجنا , لأنني
كنت خائفة . . خائفة للغاية . . .
ـ لئلا تفقد احترامها لأخت تزوجت رجلاً من أجــل المــال ؟
سيريحك أن تعلمي أنني تركت أوهامها عنك كما هي . أخبرتني عن
مدى تكدرها و هي ترانا ننفصل مرة أخرى وسألتني إن كان الذنب في
هذا ذنبها هي .
ـ وماذا قلت لها ؟ أننا تصالحنا ؟ أليس هذا ما قلته منذ لحظات ؟
ـ قلت إننا تصالحنا فعلاً , و لــكن بــشــــروطي أنـا . إذا أصبحت طرفاً
في انتقامي , فلا تلومي سوى نفسك .
ـ أنت تظنني امرأة كاذبة مخادعة فظيعة . . . وســأكون مجنونة لـــو
رافقتك إلى أي مكان .
ـ هذه ليــست مشكلة فلا تقلقي لـذلـك . ســأصطحب أختــك وحـــدهـــا
إلى الغداء و أخبرها بكل تفاصيل علاقتنا غير السارة من البداية حتى
النهاية . . .
ـ تصرفك هذا سيكون في منتهى اللؤم .
قال عابساً قبل أن يغادر الغرفة : (( ســأكون قد قلت الحقيقة ليــس
إلا , علي عكســك أنت . يـريـحنـي أن أراك قــد أدركت حقيـــقة أن
تصرفك كان لا يغتفر )) .
ركضت هيلاري في أثره وهي تهتف : (( إذا أردتني أن أعفــر وجهي
بالتراب , فســأفعل , ولكن لا تورط إيما في هذا . . . )) .
فنـظــر إليها ساخراً : (( تعفير الوجه هو للفلاحين فقط . ولا بـد أنـك
عرفتني جيداً لكي تعلمي أنني إذا أردت شيئاً , فسـأحصل عليه .
ستتعلمين كيف تكونين زوجة ساباتينية , و ستوفرين علي الوقت
و الجهد اللذين سأبذلهما في العثور على خليلة أخرى بـأن تلعبي هذا
الدور شخصياً . . . )) .
فصرخت في وجهه : (( لا سبيل إلى ذلك )) .
ـ لكنــك بــذلت جهدك لتـنـالي هذه الصفة .
و عـــاد إلى الباب الأمامي يفتحه : (( من المؤكد أن الأمر يستحق
محاولة ثانية )) .
فقالت : (( لن تجرؤ على أن تخبر إيما بما فعلته )) .
ـ بل ســأفعـل . . .
ـ لكن هذا العمل لن يفيـدك بشيء . فلِمَ هذه القسوة ؟
ـ لأن هذا ما تستحقينه .
وتـأملها بكآبـة ثم قــال بــعنــف : (( بـخداعك , جعلتني أشتري لك
خاتم زواج . وقبل أن أعود فـأطردك من حياتي , سأثـأر لنفسي )) .
ـ أنـا لم أخــدعك . . . لم أفعل هذا .
لم يبد عليه أنه سمعها إذ قال : (( ستصل السيارة الليموزين بعد
ساعة ونصف لتأخذك إلى الفندق حيث سنتناول الغداء مع أختك
إيما . سأقابلك هناك لكنني سأتصل بمكتبي في لندن أولاً )) .
تملكها الذعر : (( إذا تركت عملي مرة أخـرى , فسيكون في ذلك
إفلاسي و لا يمكنني هذا لأن . . . )) .
فنظر إليها بازدراء : (( سـأسدد ديـونـك . . . )) .
أشــاحت بوجهها : (( إنها مئتان وخمس وخمسون جنيهاً دفعتها
أجراً للطـائـرة . . . لا بأس , إنــه ديــن عـلـي و لكــن كفى كلاماً
وكــأن . . . )) .
ـ إنني صاحب مصرف , وسحب مبلغ أكــبــر من الرصيد هو
دين . . .
ـ لا يمكنك أن تفعل هذا بي , يا راوول .
ودفعها اليـأس إلى اللحـاق به إلى فسحة السلم وهي تتابع : (( إذا
تركت لندن , فمن سيحل مكاني في غيابي ؟ )) .
ـ استخدمي مديرة . . . وسـأدفع أنـا النفقات . . .
بمزيـج من الإحباط وعــدم التـصديـق , أخــذت تنـظر إليه وهو يهبط
السلــم , ثم قالت : (( إذا مــا هدتني بعلاقتي بــأختي فلن أســامحك
أبداً )) .
نظر إليها بملامح كئيبة غامضة قائلاً : (( أتظنين أن هذا يهمني ؟ )) .
جمدت مكــانـــها ثـــم استدارت إلى الجدار خلفها وهي تتنفس بـعمق
لتهدئة نفسها . لعله مسرور بتهديدهــا بكشف كل شيء لأختـها . لا
يمكنها احتمال هذه المجازفة . ظنت أن أختها قد تتفهم السبب الـذي
جعلها توافق على زواج كهذا منذ أربع سنوات عندما كانت حياتهما
كئيبة للغاية , لكنها ستجرح بشكل بالغ بعد أن جعلتها هيلاري تعتقد
أن زواجهما حقيقي . وكيف ستفسر إيما سلوك هيلاري الآن ؟ هــل
سيدع راوول إيما تدرك أن أختها أتمت زواجها هذه المرة ؟ و تملك
هيلاري الرعب من فكرة أن تستعرض فشلها أمـام أختــها الأصغر ,
بينما يفترض بها أن تكون مثالاً لها , لا أن تحطمها .
اختــار راوول بـــدقة قاسيـة تهديداً قادراً على أن يجعلـــها رهـــن
مشيئته .
* * *
نهاية الفصل (( السادس )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 05:52 AM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::::::
7 ـ
في أحلامك !
احتضنت إيما هيلاري بحماسة بالغة , وهي تقول : (( عندما أدخل
الجامعة بعد العطلة الصيفية , لن تريني كثيراً . وكنت قلقة عليك لما
ستعانيه من وحدة . هل هذه أنانية مني ؟ )) .
أجـــابــتـــها هيلاري لابتسامة متــألقـــة بقـــدر ما استطاعت : (( كلا
بالطبع )) . الحياة بعيداً عن المنزل جعلت إيما ذات شخصية مستقلة .
ورغم أن هذا يؤلمها أحياناً , إلا أن إيما أصبحت أكثر قدرة على
الحكم على الأمور , ما جعل هيلاري مزهوة بها للغاية .
قال إيما راوول بجد : (( هيلاري بحاجة إلى شيء من المرح .
لقد ضحت بالكثير من أجلي , المنحة الدراسية لا تغطي سوى جزء
من النفقات , فكانت هيلاري تدفع البقية ؛ ولهذا السبب تجدهــا
مفلسة دائماً . عندما أدركت كم كانت دراستي تكلفها , حاولت أن
أقنعها بأن تنقلني . . . )) .
فقــالت هيلاري تقــاطع هذا السيــل الــمربــك من المــعـلـومــات
الشخصية التي تقدم لراوول مجاناً : (( كانت نتائجك جيدة حيث أنت
وهذا هو المهم . إيما تريد أن تصبح محامية في القضايا الدولية وهي
ماهرة جداً في اللغات )) .
تحدث راوول إلى أختها بالفرنسية فأجابته بهدوء ومن دون غلط .
كان الاثنان يتميزان بذلك الشعور بالثقة بالنفس الذي طالما حسدت
هيلاري الآخرين عليــه . وبعد الغداء , أجاب راوول على اتصـــال
هاتفي فانفردت هيلاري بأختها لدقائق . كانت إيما تنوي العودة إلى
المدرسة لتراجع دروسها قبل أن تقدم الإمتحان النهائي . وعندمــا
تنتهي سنتها الدراسية , ستسافر إلى أسبانيا لتقيم مع أسرة صديقة
لها . وبعد أن ودعت هيلاري أختها , صعدت على سيارة راوول وهي
تقول : (( لم أنته من توضيب أمتعتي بعد , لهــذا أريـد أن أعود إلى
شقتي )) .
فنظر إليها بخشونة : (( ليـس لديـنـا وقت )) .
فرفعت رأسها متحدية : (( ليس لديك وقت إنما أنـا لدي )) .
ـ سـأؤجل موعد سفرنا إلى وقت لاحق من هذه الليلة . . .
فقالت بفتور : (( هذا ليس ضرورياً . إنني بحاجة إلى مزيد من
الوقت لكي أنظم أموري . أفضل السفر غداً )) .
أخـذ يتـأمل جانب وجهها المتمرد : (( لن أترك لندن من دونك )) .
ـ لا أريد أن أذهب إلى سويسرا .
فتمتم بصوت أجش : (( كـــاذبة )) .
ـ مــاذا تعني ؟
مر بإصبعه على شفتها السفلى الممتلئة فشعرت برعشة واختنقت
أنفاسها في حلقها .
قال بنعومة : (( أريني مدى كراهيتك لي يا جميلتي )) .
ورغم رغبــتــها في مـقــــاومته , إلا أنها وجدت نفسها تميل نحـــــوه .
وعندما ضمــها إليه , أصبحت كالنـــار بعــــد أن كانت كالثلج , وراحت
تشتم رائحته المألوفة التي امتزجت فيها رائحة رجولته برائحة محلول
بعد الحلاقة المثير للغاية .
ـ أنت لست جــادة في المحاولة .
ـ محــاولة ماذا ؟
كان ذهنها خالياً تماماً , وصوتها أجش وهي تجــاهـد لكي تتكلم .
رفع حاجبه ومر بإصباعه على خدها فأخذ قلبها بخفق بعنف ,
وشعرت برأسها ثقيلاً فأرجعته إلى الخلف بعد أن اشتعلت فيها نيران
الرغبة .
وفجأة ابتعد عنها بشيء من السخرية , فاحمر وجهها , وانقبضت
يداها . أرادت أن تضربه , أن تشتمه , لكنها تمكنت من لجم نفسها
في الوقت المناسب . كانت مجروحة لشعورها بالعجز . كيف تملكها
مثل هذا الضعف ؟ إذا ما استمرت في تقديم نفسها له على طبق ,
فسرعان ما سيدرك أنها غارقة في حبه . وهذا أسوأ ما قد يحصل
و أكثر الأمور إذلالاً ؛ لذا من الأفضل أن يعتبرها باحثة عن الثروة .
توقفت لسيارة أمام صالون الخلاقة , فنزلت هيلاري منها
بسرعة . كانت سالي بحاجة ماسة إلى فرصة استراحتها فحلت
هيلاري مكانها , حتى حان وقت إقفال الصالون . وقد وافقت سالي
على إدارة الصالون ما دام لديها مبلغ كافٍ للطوارئ يمكنها من
استخدام بديلة لهيلاري قادرة على مساعدتها . تملك هيلاري
الارتياح بعد أن اطمأنت إلى أنها تركت العمل بين أيدي أمينة .
وبعد أن راجعت الحسابات مع سالي , عادت إلى شقتها لتنهي
حزم أمتعتها .
عند السابعة مساء , قرع جرس الباب فظنت أن الطارق راوول ,
إلا أنه لم يكن هو بل (( غاريث )) وهو مهندس خرجت معه مرتين في
الماضي ليصبح بعدئذ صديقاً لها .
ـ يعجبني شعرك كثيراً .
وضحك وهو يشعث شعرها بأطرافه السوداء اللامعة التي بدت
مناقضة تماماً مع لون شعرها الأشقر الفضي .
ـ هل أعجبك ؟
ومنحته ابتسامة عريضة , إذ أن راوول لــم يلاحظه أبــداً . في
الحقيقة , لم يكن هذا مهماً لأن اللون الأسود اللامع سيزول حالما
تغسل شعرها .
ـ أتحبين أن تخرجي معي الليلة ؟
وإذا بصوت يتعالى من فسحة السلم فيما هو يتقدم منها عابساً :
(( لدى هيلاري موعد آخــر )) .
فقال غاريث بوقــاحة : (( هل أنت سكرتيرها . . أو من هــذا
القبيل ؟ )) .
فــأجـاب راوول ببطء : (( أنــا زوجهــا )) .
احمــر وجه غاريث , وأسرع ينزل السلم إلى الأسفل , وأدركت
هيلاري أنه لن يقف على عتبة بابها مرة أخرى , فرمقت راوول بنظرة
تعنيف غاضبة لتدخله : (( كان هذا غير ضروري أبداً . . . )) .
فواجهها بنظرة عدم موافقة : (( كنت تغازلينه . . . )) .
ـ لا , لم أكن أغازله . وحتى و فعلت , مــا شــأنـك أنت ؟
وبصعوبة بالغة تمكنت هيلاري من التحكم بأعصابها عد أن رأت
سائق راوول قادماً لينقل حقائبها .
قال راوول بصوت خشن منخفض : (( كنت تنتظرين هذا الشاب
الليلة ولهذا أردت تأجيل السفر إلى الغد )) .
كانت تـهم بنزول السلم , لكنـه جعلها تشعر وكــأنـها تضاهي
سحراً هيلين ملكة طروادة التي دارت من أجلــها الحروب , فتــألــق
وجهها : (( أنـا فتاة ذات دم حار , وسيتوجب عليك أن تراقبني ليلاً
نهاراً في سويسرا . هل أنت واثق من أنني أستحق هذا الجهد ؟ )) .
ومن دون سابق إنذار , أمسكها من كتفيها ودفعها إلى جدار
فسحة السلم . حدث هذا بسرعة ما شتت ذهنها وجعلها تشهق :
تأملت عيناه البرونزيتان الملتهبان وجهها المجفل بتحذير عاصف :
(( هل لاحظت شيئاً ؟ أنا لا أضحك . حذار ! إذا رأيتك تغازلين رجالاً
آخرين , فلن أكون مسروراً )) .
جف فمها , وتملكتها إثارة خطيرة لعنفه هذا : (( كنت أمزح
فقط . . . )) .
ـ هذا ليس مضحكاً .
ولمعت في عينيها روح النكتة : (( على الأقل غاريث لاحظ أنني
أصبغ أطراف شعري باللون الأسود . . . )) .
ـ إنه من النعومة بحيث لم يخبرك أنـك تبدين أشبه بالقنفذ .
وتركها لينزل السلم . أخـذت نفساً ممزقــاً وهي تتـأمله . قنفذ ؟
وتملكها شعور بالإهانة . وفيما كانا يسيران في المطار لم تستطع أن
تمنع نفسها من النظر إلى صورتها في واجهات المتاجر التي تمر
بها , كما لم تستطع أن تمنع نفسها من ملاحظة قصر قامتها وامتلائها
بجانب قامته الطويلة الضامرة . وقفا ينتظران الصعود إلى طائرة
راوول النفاثة الخاصة , فرن هاتف هيلاري الخلوي , وجاءها صوت
صديقتها بيبا , فابتعدت عن راوول لتتكلم على انفراد .
كانت بيبا و زوجها أندريو دالسيو يعيشان في إيطاليا . وكانت بيبا
تخبر هيلاري أنها وزوجها قادمان إلى لندن لتمضية عطلة نهاية
الأسبوع , وأنهما متشوقان للقائها . لكن هيلاري ردت بأسف : (( أنـا
أتحدث إليك من المطار أثناء انتظاري الطائرة التي سأستقلها إلى
سويسرا . كما أن من حقك أن تستائي مني لأنني أخفيت عنـك سراً .
أنــا متزوجة . . . )) .
ـ متـزوجة ؟ لا أصدقـك !
ـ لا , بل عليك أن تصدقيني , فهو يقف بجانبي يستمع إلى
الحديث . لكن قصة زواجنا هي . .
ونظرت إلى راوول متحدية , وإذا به ينتزع الهاتف من يدها بسرعة
جعلتها تفغر فاها , بينما أكمل كلامها : (( قصة خرافية كلياً . أنـا زوج
هيلاري . . . و أنت ؟ . . . )) .
أخذت هيلاري تدور حوله ثائرة , بينما هو يثرثر مع صديقتها , ثم
أنهى الحديث بإعلانه أن طائرتهما وصلت .
هتفت وهي ترتجف غضباً : (( كيف تجرؤ )) .
رافقها إلى الطائرة و هو يقول ساخراً وعيناه على وجهها : (( لم
تتركي لي خياراً , فقد كنت على وشك أن تبوحي , بثرثرتك , بكافة
الأسرار )) .
فقالت و هي تصرف بأسنانها : (( أنـا لا أثرثر )) .
ـ يـمكـنــك أن تــثـــرثــري في إنكلترا من الهاتف العمومي و في
الطائرة .
ســـــارت هيلاري إلى قـــــاعـة متــرفة واختارت أبعد مقعد رأته عن
راوول , فقد ثارت ثائرتها لتدخله في مكالمتها الهاتفية ثم اتهامه لها
بالثرثرة . كم هو جـريء !
وعندما ارتفعت الطائرة وتركهما المضيف بمفردهما , سمعت
نفسها تقول له : (( من تظن نفسك ؟ )) .
فقابل نظراتها المتهمة ببرودة : (( أنـا شخص يحب الخصوصيـة ,
ومـا يحدث بيننا يجب أن يبقى خاصاً بنا هو أيضاً ولا مكان لثرثرة
النساء بيننا )) .
أشــاحت بوجهها عنـه , ثم تــكورت في مقعدهــا المريح . لم يــكـن
من عادتها أن تبكي لكنها شعرت فجأة أن نهراً من الدموع يمكن أن
يسيل من عينيها . ربما كان لهذا علاقة بشعورها بالتعب إلى حد لــم
تستطع معه أن تبقى عينيها مفتوحتين . عرض عليها الخادم طعامــاً
فهزت رأسها رافضة , إذ تشنجت معدتها لفكرة تناول الطعام . أرادت
أن تتشاجر مع راوول , لكنها , راوول مرة , لم تكن لـديـها الطـــاقة
لـذلـك .
في الصـــبــاح الـــتـــالــي , تـــأخرت هيــلاري في النـــــوم , وعندمـــا
استيقظت , كانت متلهف لمواجهة راوول و لقول كـــل مـــا عجزت عن
قوله أثناء تناول الغداء مع أختها . على مائدة الفطور , أخبرها أمبرتو
أن راوول ذهب إلى المصرف منذ وقت طويل .
ما تذكرته عن كيفية خلودها إلى النوم الليلة الماضية كان غائماً
لكنه محرج . فبعد أن شعرت بالدوار أثناء الطيران أخذت تتعثر وهي
تسير في المطار , ثم شعرت بالدوار مرة أخرى في السيارة فسمحت
لراوول بأن يحملها إلى السرير عند وصولهما إلى البيت . لم يتملكها
مثل هذا الإرهاق قط من قبل . وتملكها الارتياح وهي تحس بأنها
استردت طاقتها .
كانت تظن أنها جائعة جداً , لكن عنــــدما وصــل الفطور الـــذي طلبته
فقدت شهيتها فجأة . دفعت الطبق بعيداً و أخــذت تـــأكل بــعض الخبز
وتشرب الكاكاو الساخن الذي استمتعت بـه كثيراً . وإذ رأت أن زيـارة
إلى قدس الأقداس , مصرف ساباتينو , تتطلب جهداً خاصاً من ناحيـة
الأنـــاقة , تــملكها الارتــيــاح و هي تكشف أن الملابس الفـاخرة التي
اشتراها راوول لــها لا تزال في غــــرفة الملابس . ارتدت ثوباً مزيناً
بالدانتيل بدا أكثر تحفظـاً عندما وضعت فــوقه معطفاً قصيــــراً موشى
بالأزهـار .
كان فرع مصرف ساباتينو في جنيف بالغ الفخـــامة والاتســاع ومبنياً
على أحدث طراز .
راح توتر أعـصــابــها يـزداد . إعلام مكتب الاستـقـبــال أنــها زوجــة
راوول أثار موجة من الاهتمام المتحفظ , حيث رافقها شاب أنيق إلى
الطابق الخاص من المبنى , وأدخلها إلى مكتب فسيح للغاية .
كان راوول يتكئ إلى الخلف بـرشاقة الفهد في كرسي مـــوضـــوع
خلف مكتب خشبي مصقول . أما بذلته الزرقاء الداكنة مع قميــص
رمادي وربطة العنق الأنيقة جعلته يبدو غاية في الأناقة .
قال لها بنعومة : (( أخبريني عن سبب هذه الزيارة . ما المناسبة ؟ لا
أظنه عيد مولد أحد )) .
ـ أردت فقط أن أتـحدث إليك .
ـ كان عليك إذن أن تستيقظي من النوم باكراً . إنني في عملي
الآن ولست مستعداً لأي زيارات شخصية .
قالت آملة أن تستحوذ على انتباهه : (( هذا حسن . . لأن هذه زيارة
تتعلق بالعمل )) .
وقف ومد يده إليها : (( تعالي , أريد أن أريك شيئاً )) .
تقدمت نحوه فأمسك بيدها وجرها نحو باب في الناحية الأخرى
من مكتبه .
ـ إلى أين تأخذني ؟
إنها غرفة الغسيل . ســار خلفها ثم أوقفها أمــام الحوض ما أمكنها
أن ترى انعكاس صورتيهما في المرآة . كـانت عينـاها الزرقـــاوان
مسمرتين على وجهه الأسمر . وتسارعت دقات قلبها فأخذت نفساً
عميــقــاً .
قال وهو يخلع عنها معطفها : (( مـاذا ترين ؟ )) .
فجمدت مكانها : (( نحن الاثنين )) ؟ .
أزاح حمالتي الثوب معرياً كتفيها النحيفين .
توقفت هيلاري عن التنفس كلياً , ونسيت في هذه اللحظة سبب
حضورها لرؤية راوول .
سألها بصوت ناعم كالحرير : (( هل هكذا تلبس المرأة من أجل
موعد عمل يا عزيزتي ؟ )) .
أجابته لاهثة : (( أعلم أن الثوب مكشوف قليلاً لكنني أحبــه كثيراً ,
وقد ارتديت هذا المعطف فوقه ليبدو محتشماً ومتحفظاً )) .
فقال : (( هذا ليس ما أردت توضيحه . ما أردت أن أقوله هــو
ضعي ثوباً كهذا على جسد بارز المفاتن كجسدك , ولا يمكن أن
تصفي النتيجة بالتحفظ )) .
مــالـت إلى الـخـلــف , ومنحـتـه ابتــســامة حـالمـة : (( هل أعجبـك
الثــوب ؟ )) .
ـ أليـس هذا ما أردته أنت ؟
ـ لم أفكـ{ فيه ولكن لعلك على صواب .
لمعت عيـنـاه الذهبـيـتـان و أبـعدها عنه بيدين حـــازمتــيـــن و هـــو يقول :
(( إذن , هذا المشهد هو لغرفة النوم وليس لمكتبي في المصرف )) .
طرفت بعينيها وهي تشعر بأزيز في داخلها أنار ذهنها . يبدو أنه
ظنها جاءت إلى هنا لتغريه وتخرجه من مكتبه في هذا المبنى
الحجري القديم ! فقالت بحدة : (( جئت إلى هنا لأجري معك حديثاً
جـاداً )) .
بعدئذ , تناولت معطفها وعادت إلى المكتب : (( و أنا مصممة على
إجراء هذا الحديث . آسفة إذ لم تستطع أن تركز ذهنك على العمل
لأن امرأة ترتدي ثوباً مغرياً . . . )) .
أظلم وجهه وألقى عليها نظرة لاذعة : (( جربي . . .)) .
ـ منــــذ حوالي أربــع سـنــوات , وقعت عقــداً لأصبــح زوجــتـك ,
ومقابل ذلك تسلمت مبلغاً معيناً من المال وقد أعدت إليك ثلثي ذلك
المبلغ بعد أن اكتشفت أنني لست بحاجة إليه , ثم . .
رفع راوول يده يسكتها : (( توقفي . تقولين إنك أعدت جــزءاً من
ذلك المبلغ ؟ كيف ؟ )) .
ـ لق أعدته إلى الحســاب الذي فتحته أنت , وأرســلــت إلـــيــــك
رسالة عبر محــامـيــك . ذلك الرجل المشكك بول . . .
ـ الرجل النافذ البصــيـرة ؟ بسبب تصرفك الغريب , هشمت أنفه
في الأسبوع الماضي . . .
حملقت فيه وســألـت : (( فــعـلــت مـــاذا ؟ هشمت أنفه ؟ ولكن
لمــاذا ؟؟ )) .
ـ من سوء حظه أنـه أشــار إلى أن زوجتي لـيــست كمــا أظنـها . .
وذلك قبل أن أستعيد ذاكرتي .
احمر وجهها لهذه الإهــانــة : (( حسناً . . كنت أتحدث عن ذلك
المال )) .
لم يبد عليه التأثر , وقــال : (( لم أعــرف أنـك أعدت أيــاً من ذلك
المال )) .
ـ حسنــــاً , الـمسألة هي أنني أعـــرف . أدركت أنني لســت بحــاجــة
لأن أشتري بيتاً بينما يمكنني أن أستأجر واحداً . احتفظت فقط بمـبـلغ
يمكنني من استئجار شقة , و افتتاح صالون حلاقة في المتجر الـــذي
في الطابق الأرضي . الصالون كلف الكثير . عملي ليس مشروعاً يدر
المال لكنه يكفي لدفع الإيجار ونفقات العيش . لم أتذمر قط . . .
ـ هل لك أن تخبريني إلى أين سيقودنــا هذا الحديث ؟
ـ عندما تنهي إيما دراستها , ســأبـيــع الــــعمل و أعيـــد إليـك كل مــا
لأعطيـتـني إيـاه . لذا , إذا ما قطعت لك وعداً فنكون متعادلين وتدعني
أعود إلى وطني .
ـ هل أرتديت أكثر ملابسك إثارة لتقدمي لــي هذا العرض ؟
تملكها الغيظ من تهربه من الجواب مــا يـــوضح أنـــه يعتبر هـــذا
العرض لا يستحق أي اعتبار . أخذت تتنفس بعمق , بينما عاد هـو
إلى مقعده خلف مكتبه وأخذ ينظر إلى صدرها الممتلئ و هو يرتفع
و ينخفض تحت (( الدانتيل )) .
و أخيراً قال برقة : (( بالنسبة إلي , الأمر لا يتعلق بالمال ولم يكن
كذلك قط . من المؤكد أنك أدركت ذلك )) .
ـ أعلم أنك تعتقد أنني مدينة لك . وأعلم أن لديك نوعاً من
المبادئ التي لا تعرف الصفح .
قال متسلياً : (( لديك قدرة كبيرة على فهم الأمور )) .
ـ لا أستطيع أن أجد سبباً معقولاً يجعلك تصر على إرغامي على
البقاء هنا . .
فابتسم ساخراً : (( لكنني لـدي أكثـــر من سبب معقول . لــدي حب
السيطرة . اشعر بالرضى البالغ لإرغامك على القيام بما أريده )) .
ـ هذا مقزز . . عليك أن تخجل من نـفسـك .
ثــار غضبها وهي تراه يعترف بذلك من دون تردد .
ضــاقت عيناه : (( ولكن ألم تفعلي الشيء نفسه ؟ شعرت برضا بالغ
عندما استغليت فـقـــــدان ذاكرتي لــكـــي تـمنـحـينـي شعـــوراً زائــفاً
بالاطمئنان )) .
ـ أنــا لـست مثــلــك . . كمــــا أنني لــم أستــغلك . حــاولــت فقط أن
أجعلك هادئاً سعيداً .
نطقت بهذه الكلمــات شـاعرة بالألم , فالــتـــوى فمه هـازئاً : (( أؤكـــد
لك أنك جعلتني أبتسم في غرفة النوم . أمـا بالنـسبـة إلى إرغــــامي لك
على القدوم إلى هنا , فـلم يحن الوقت بعد لكي تواجهي الحقائق ؟ )) .
ـ أيه حقــائــق ؟
ـ أنــت لــم ترفضي القـــدوم معـــي إلى البــيــت كمـا لم تقــاومــي
وتصرخــي . أنت تريدينني أيضــاً .
فقالت بحرارة : (( ليــس إلى الــحد الــذي يجعلني أسمح لك بـأن
تستغلني )) .
فقال وهو يمر بأصابعه على خدها : (( وما هو الحد ؟ )) .
اشتــعـل جـســدهـا حيـث مر بأصابعه و أصبح حساساً وكأن كل خلية
فيه التهبت .
قالت وهي ترتجف : (( المعاشرة الزوجيـة ليـست كـل شيء بالنسبة
إلــي )) .
فقال بصوت أجش : (( أستـطيــع أن أجعلها كذلك )) .
ـ إنني أقدر نفســي أكثر .
ـ لــكــنـك لــم تكونـي كذلك منذ أربــــع ســنـــوات . لو أشــرت إليــك
بإصبعي لهرعت إلي ركضـــاً .
دمرهـــا قوله هذا . وعـادت بذهنـها لحظة إلى المـاضي , حين كانت
غارقة في غرامه وبدون أمل . كانت حمقاء صغيرة السن و مستعدة
للقيام بأي شيء لكي تحصل على فرصة معه . فكرة أنـه كان يعرف
شـعورها نحوه بالضبط , ومع ذلك تركها ومضى , كانت مؤلمة إلى
حد لا تستطيع احتماله .
ـ أيها الحقير . أنت أيضــاً انجذبت إلي لكنـك لــم تفعل شيـئـاً حيال
ذلك . . .
ـ كنت متـعقلاً أكثـر ممـا ينبغي . . .
ـ بل متكبراً أكثر مما ينبغي . أراهن على أني لـو كنت تلك الـفتــاة
الفاسدة لمنحتني فرصة َ!
ـ أنا لست متكبراً . إنما لدي تطلعــات في مجــالات معيـنـة و لــن
أعتذر عن ذلك .
ـ أنت رجل ولــد و في فمـــه ملعـقــة من ذهب . اعتدت أن تـنــال
الأفضل طوال حياتك . نظرت إلي فشعرت نحـوي بالانجذاب نفسه
الذي شعرت به نحوك . . أنا أعرف هذا . . لأنك اعترفت لي بذلك
حين كنت فاقداً لذاكرتك . .
كانت تتكلم بمزيج من الغضب والألم و الإتهام . . .
ـ لقد تركتك ورحلت لأنـك كنت صغيرة في السن . . .
ـ بـل تركتني ورحلت لأن عقلك يقوم بوظيفته بجمود بالغ . .
فقال بنعومة : (( هل هذا هو تقديرك للأمور ؟ )) .
ـ . . . ولأنك لم تجدني مناسبة . .
ـ وما زلت غير مناسبة . . ومع ذلك أنت هنا . .
ووضع يديه على خصرهــا وجذبـها إليـه فقالت ثائرة : (( أتظن أن
عناقك سيجعلني أقل غصبـاً منك ؟ )) .
لكنه سحق عظامها ثم أطـــال العنـــاق مستمتــعاً , فارتجفت ورفعت
يديها تمسك بكتفيه القويتين . وقربها منه أكثر ما جعل الدم يتسارع
في عروقها بشكل جنوني .
قال بصوت ثخين : (( لا أستطـيـع الانتظار حتى السابعة ليلاً )) .
ـ آه . .
لا يفترض فيه أن يعانقها فهي غاضبة منه . لكنها غرزت أظــافرها
في قماش سترته الفاخر وعادت تلتصق به .
وتملكها الذعر : (( إننـا في المــصرف . . قد يدخـل علينا شخـص مـا
من هذا الباب في أية لحظة )) .
ـ إنه مقفل . . نحن في أمــان .
وأرجع رأسه إلى الخلف مستمتعاً بالنظر إليــها قبل أن يقول :
(( لكنـك لست كذلك . . . )) .
حــاولت أن تتملص منه إلا أن راوول رفعها بين ذراعيه بسهولة .
ـ راوول !
ـ لا يمكن مقاومة هذا . . .
بـدت الــرغـبــة على وجهه القـوي وهو يـقول : (( أنت تسرين في
جسدي كالحمى )) .
راح الهـــاتف يــرن , فشتــم و مــد يده إلى خلفها ليوقف الرنين , تخلل
شعرها بأصابعه وهو يضمها إليه , فتمتمت لاهثة : (( أريدك )) .
ـ ليس بقدر ما أريدك يا جميلتي .
وصمت لــحظة قبل أن يــردف : (( عــلــمتــني أن أســبــوعـيـن من عمر
المرء قد يمران وكأنهما الحياة بأكملها )) .
بعدئـذ , حملها راوول إلى عـــــالـم من الأحــاسيس , لم تـكن حتى
تـحلم بوجوده . وعندمـا عادا إلى أرض الواقع , أوشكت أعصابها
على الانهيار نتيجة استسلامها هذا . أما هو فقد وقف ينظـر إليـها
مذهولاً : (( لا أستـطيـع أن أصــدق أننا فعلنا ذلك . لا أستطيـع أن
أصدق أني تمـاديت إلى هذا الحد في مكتبي )) .
كانت هيلاري بحاجة فقط إلى من يذكرها بهذا كله , فهبت واقفة
كالقطة . أرادت أن تزحف إلى تحت المكتب وتختبئ لــكنها لـــم
تفعــل .
وأضــاف راوول ببرودة : (( عليك عدم دخول مكتبي بعد الآن )) .
قــالـت مــتــلعثــمـة بــانــفعـال بـالغ : (( آسفة . . قل . . قل هذا مرة
أخــرى . . )) .
ـ أظنـك خططت لتـمثيـل هـــذا الـــــدور المــســرحي لتظهري نـــفــوذك
و تأثيرك . جئت إلي متــعمــدة ارتــــداء هذا الثوب لكي تنتصري علي .
تلكم ببرودة أثــارت أعــصــابها فكــادت تهجم عليه و هـي تــــصــــرخ
بهستيرية . هل يظنها خططت لانهــيارهـا هذا . هـــــل يــظنـها مزهـوة
باستسلامها . أتراه فقـــد عقله . واحمــــر وجـهها خجلاً . حــاولـت أن
ترتب ثوبها بأصابعها المضطربة وهي تقول : (( ما إن دخلت من ذلك
البــاب , حتى سيطرت على ذهنك فكرة واحدة . فــإيــاك أن تـجرؤ على
لومـي )) .
صمتت لحظة تستعيد فيها أنفــــاسها ثم تابعت : (( من أقفل الباب ؟
من تجاهلني عندما حاولت أن أذكره بمكان وجودنا ؟ من أخبرني أن
مرور أسبوعين يمكن أن يكونا أشبه بمرور الحياة بأكملها ؟ )) .
ـ هيلاري .
ـ وما إن نلت مــا تريد , حتى رحت تـتــصرف وكــأنني ألقيت بنفسي
عليك .
كانت تتكلم بشكل محموم فيما تتجه إلى الباب متــجنــبــة النظر
إليــه :
ـ من حملني بين ذراعيـه ؟ صدقـني أن الــشيــاطين نفسها لا يمكنها
أن تعيدني إلى هذا المكتب مرة أخرى .
حمل راوول معطفها ليضعه على كتفيها فقالت له شامتة : (( ثمة
أحمر شفاه على قميــصك )) .
ـ أريــد أن أتفق معك على تكرار هذه الزيــارة , يا حبيبتي .
فرمته بقولها : (( في أحلامك )) .
فتمتم بنعومة : (( أنـا خبير . العلاقة الحميمة بهذا الشكل نادرة )) .
شحب وجه هيلاري وأحنت رأسها . إنه من دون مشــاعر , لكنه
وببضع كلمات قادر على أن يسلخ جلدها عن عظامها .
متى بالضبط نسيت شعوره نحوها ؟ متى بالضبط نسيت رأيه فيها
على أنها باحثة عن الثروة ؟ وأنها كاذبة ومخادعة و أنها استغلته أثناء
ضعفه ؟ ضعفه ! وتــأملت راوول . . إنه حيوان ذكوري لا يعرف
الضعف . رجل ينظر إليها بمزيج من الرغبة و البرودة . رجل يغرقها
في الأحاسيس لينسى وجودها تماماً بعد ذلك . باختصار , إنه رجـــل
قادر على أن يؤذيها إلى حد بالغ إذا لم تكن حذرة . . .
ـ هذا لن يحدث بعد الآن أبـداً .
وأطلقت شــتــيــمة و هي تـستديــر على عقبيها متــوجهة نــحو الباب
لتهرب من مشهد هزيمتها هذا .
ـ على أي حـال , ليس قبل أربع وعشرين ســاعة لأنني ســأغـــادر
إلى زوريخ هذا المساء . ســأراك مســاء الغد .
فكـــرت هيلاري في ردود متــنــوعــة تـهاجمه بهـــا مثـــل : لا تـسـرع
بالعــــودة إلى البــيـــت , لكــنها رأت أن أي جواب كهذا لن يترك تأثيراً
مذكوراً فيه , فغادرت المكتب بصمت شاعرة بالضيق . في الــــخــارج ,
رأت مجموعة من الموظفين في الانـتـظـــــــار و قـد بـدت الحيــرة على
وجوههم . تراجع الكل ليــدعوهـ تمر , فسـارعت نـحو الـــمــصــــعد إذ
شعرت أن مــــا كـــانــت تــفعله في الداخــل مكتــوب من دون شك على
وجنتيها المتوهجتين .
لقد اكتشف , بشكل مــا , السحـــر الـــذي يـــحولها إلى امرأة تتصــرف
كامرأة عاشقة . لهذا وحـــده عليها أن تــكرهه و تــذكرت رد فعله على
وجودها . لقـــد أفقدته المشاعر المشبــوبــة التي غدرت بــهما اتـزانه ,
فأعلمها أنها ممنوعة من دخول مكتبه , ممنوعة وكأنها تتمتع بجاذبيـة
طاغيــة تــجعلها خطراً علـيــه في مكتبه حيث الاستقامة والصـــرامة
والانضباط . وأرجعت رأسها إلى الخلف وعلى فمها ابتسامة عريضة
وقحــة .
* * *
نهاية الفصل (( السابع )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:01 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.