آخر 10 مشاركات
فوضى فى حواسي (الكاتـب : Kingi - )           »          و حانت العــــــــودة "مميزة و مكتملة" (الكاتـب : nobian - )           »          أهدتنى قلباً *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : سامراء النيل - )           »          92 - حنين -روايات أحلام قديمة (كاملة) (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          على فكرة (مميزة) (الكاتـب : Kingi - )           »          [تحميل] كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة " (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          زوجة اليوناني المشتراه (7) للكاتبة: Helen Bianchin..*كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          سيكولوجية المرأة (الكاتـب : Habiba Banani - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-13, 12:34 PM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


part 10

كنت أستلقي على تلك الأريكة أحاول النوم .. لم أستطع ..!
الساعة الآن هي الثالثة فجراً ..!
بعد أن ذهب الأطفال لكي يناموا و ذهبت جوليا معهم طغى الهدوء على هذه الغرفه ..!
كنت قد إستلقيت على الأريكة فلا يوجد سرير إضافي ..!
و رايل أيضاً كان على الأريكة الأخرى و يبدو أنه نام ..!
بدأت أحسده .. فهو يعيش حياة ربما تكون أكثر راحة من حياتي !!..
هاتفي يرن منذ ساعتين بتواصل .. لكني كتمت صوته حتى لا يزعجني أو يزعج رايل ..!
رفعت هاتفي و نظرت إلى أسماء المتصلين .. أمي و العم رونالد و الخالة كاثرن و ليندا و حتى أدريان !!..
كلٌ منهم إتصل عدة مرات ..!
هناك أيضاً بعض الرسائل ..!
فتحت صندوق الرسائل و نظرت إلى آخر رسالة .. كانت من ليندا ..!
( لينك .. إذا كنت مصراً على عدم الإجابه و مصراً على قضاء ليلتك خارج المنزل فأرسل رسالة إلى والدتك المسكينة و أخبرها بحالك فهي هنا تبكي منذ خرجت !!.. مع أني لا أعلم مالقصه و لأن أبي قال لي بكل وضوح بأنه يجب أن لا أعلم ما سبب هذه الفوضى إلا أني أريد أن أطمأن عليك أنا أيضاً !!.. )
لم أعلم ماللذي يجب علي فعله !!..
يبدو أن الجميع قلقون علي !!..
لكن .. لما يقلقون علي بما أني لست إبنهم ؟!!..
لحظه .. ربما أكون إبن أحد أقرابئهم و قد توفي والداي فقاموا بتربيتي !!..
هه .. أو ربما وجدوني ملقياً في الشارع فأخذوني بدافع الشفقه !!..
لم أعد أفهم شيئاً !!..
أنا واثق بأن مشاعر الأمومة لدا إلينا كانت صادقةً إتجاهي حتى صدقت أني إبنها !!..
حتى جاستن .. رغم أني لا أذكره إلا أني رأيت عدة أقراص فيديو لي في طفولتي و قد كان معي ..!
ظهر عدة مرات وهو يحملني و يطلب مني أن أردد خلفه كلمة " بابا " !!..
لما هما متعلقان بي ؟!!..
ربما أكون إبن صديق حميم لهما !!..
أو ربما يكون أحدهما قد تسبب في موت والداي بحادث سير مثلاً فتبونني كي يكفروا عن تلك الغلطه !!..
يا إلهي !!.. هناك عدة أسباب لكني لا أعرف مالحقيقي منها !!..
أشعر بالتعب و أتمنى النوم ..!
لذا .. أرسلت رسالة إلى هاتف إلينا تقول ( أنا بخير ) !!..
مهما يكن فأنا لا أحتمل أن أتركها قلقة و حزينه !!..
أغلقت الهاتف بعدها و أغمضت عيني في محاولة يائسة للنوم !!..
.................................................. ................
فتحت عيني بإرهاق على ذلك الصوت : تقول لينك .. نعم إنه هنا !!....... لكنه نائم ......... لا أعرف لكنه بيتنا ............. آه نعم رايل أتى معه إلى هنا أيضاً !!..
لا أعلم من الذي يتحدث بالضبط ؟!.. لكنه أحد الأولاد ..!
ماللذي يقوله ؟؟!!..
رأيته يجلس على الأرض قربي و بيده هاتفي !!..
إستوعبت الأمر حينها : مايك ماللذي تفعله ؟!!..
إلتفت إلي حينها فأخذت الهاتف منه و أجبت : من المتحدث ؟!!..
جاءني صوت أحدهم حالاً : سيدي !!.. أين أنت ؟!!.. الجميع قلق عليك !!..
إنه ذلك الأدريان : لا شأن لك بي !!..
بدا الجد في صوته : سيدي .. عليك العودة للمنزل حالاً .. و أعدك أننا سوف نخبرك بالقصة كامله !!..
شعرت بالغيض منه : و لما أنت تعرف القصة كاملة ؟!!.. لما يجب أن تكون أحد أبطال الحدث ؟!!..
نبرته الواثقة أزعجتني : ذلك لأني عرفتك قبل السيدة مارسنلي !!..
ماللذي يقصده ؟!!..
لا أعلم لما لكني أشعر دائماً بالغيرة منه !!..
ربما لأنه مقرب جداً من أمي .. أو أقصد من إلينا : إسمع أدريان !!.. سأعود متى ما أردت العوده !!.. لذا لا تتعب نفسك في البحث عني !!..
واضح أن كلامي لم يعجبه : إفعل ما تشاء .. لكن عليك أن تعلم بأن السيدة إلينا تكاد تموت من الحزن بسببك !!..
أغلق الخط بعدها !!..
ذلك المتعجرف !!!!!..
عدت بعدها لأنظر إلى مايك اللذي كان يراقبني : لما أجبت على الهاتف ؟!!..
هذا ما قلته و أنا أحاول كتم غضبي !!..
ببساطة أجابني : لأنه كان يرن !!..
لم أستطع أن أسيطر على غضبي فصرخت في و جهه : لكن ذلك لا يعني أن تأخذه بغير أذن !!..
بدا أنه خاف من صراخي عليه فقد تغيرت ملامحه ..!
يا إلهي .. لم يكن علي أن أفعل هذا !!..
علي أن أسرع بتحيح خطأي ..!
لذا إبتسمت بهدوء و ربت على رأسه : إسمع مايك .. ما فعلته يعد عملاً سيئاً ..! لذا عدني بأن لا تعود لمثل هذا مجدداً !!..
بدا أن إبتسامتي هدأت من روعه فأبتسم هو الآخر بهدوء : آسف .. أعدك أن لا أفعل هذا مجدداً ..!
إتسعت إبتسامتي حينها : ولد جيد !!.. إذهب و ألعب مع أصدقائك الآن ..!
بلا نقاش وقف و إبتسامته على شفتيه و غادر !!..
ما أكثر الأشياء التي أجهلها عن نفسي ..!
و أحدها هو .. منذ متى و أنا أجيد التعامل مع الأطفال ؟!!..
سؤال كألف سؤال يدور في ذهني الآن ..!
أشعر بالتعب كلما قفز سؤال جديد في خاطري و كأنه كيلو جرام يضاف لوزن الهم الذي على ميزان كاهلي !!..
بعد خروج الفتى نظرت إلى ساعتي .. إنها التاسعة صباحاً ..!
يفترض أن أكون في المدرسه !!..
حتى البحث لم أسلمه !!..
جسدي مرهق بسبب نومي الغير صحي على تلك الأريكه ..!
نظرت إلى الأريكة الأخرى فلم أجد ريكايل .. أين هو ؟!!..
سمعت صوتاً قرب الباب : إستيقضت ؟!!..
رفعت رأسي لأرى جوليا .. خالفها كان رايل ينظر إلي بهدوء ..!
تقدم الإثنان و جلسا بقربي ليسألني هو بقلق : كيف حالك اليوم ؟!!..
بضجر أجبته : أسوء من السابق !!..
تنهد بتعب و كأنه يشاكرني تعبي : ألن تخبرني مالقصة بالضبط ؟!!..
لم أعلم إن كان يجب أن أخبره ؟!..
لكني شعرت برغبة قوية في ذلك : بلا .. لكن أولاً .. آنسه جوليا .. هلا دللتني إلى دورة المياه ..!
.................................................. ..
بعد أن حكيت القصة كاملةً على رايل و جوليا بدا التفاجوء على كلاهما و خاصة رايل !!..
هل إتخذت القرار الصحيح بإخبارهما يا ترى ؟!!..
لا أعلم ماللذي دفعني لإخبار جوليا أيضاً !!..
لكني كنت أتكلم بلا شعور : هلا وعدتماني أن تكتما الموضوع ؟!!.. حتى عن ميشيل !!..
أومأ كلاهما إيجاباً : بالتأكيد سنفعل ..!
أسندت رأسي إلى الخلف بتعب .. ماللذي يجب أن أفعله الآن ؟!!..
هل أذهب إلى منزل مارسنلي لأفهم مالقصه ؟!!..
ربما معرفتي لسبب ما يحدث الآن سيريحني !!..
رأسي يكاد ينفجر ..!
و لن أرتاح إلا إذا عرفت الحقيقه : رايل .. هل تأتي معي ؟!!..
رفع رأسه ونظر إلي بإستغراب : إلى أين ؟!!..
وقفت حينها محاولاً المحافظة على توازني : إلى .. قصر مارسنلي !!..
.................................................. .......
دخلت من بوابة القصر و خلفي ريكايل الذي بدا عليه التوتر مثلي ..!
و في ردهة المنزل الواسعة إستقبلتنا جيسكا التي لم تتغير ملامحها الصارمة عن المعتاد .. و الواضح أنها الأقل قلقاً بين الجميع : أهلاً بعودتك سيدي .. تفضل معي من فضلك ..!
لم أرد عليها بل سرت أتبعها و قد أشرت لرايل أن يتبعني هو الآخر ..!
دخلنا إلى المصعد و أتجهنا إلى الدور الثالث ..!
هل ستأخذنا إلى غرفة إلينا ؟!!..
هذا واضح فبعد خروجنا من المصعد و وصولنا إلى الممرات الثلاث المؤدية إلى غرفتي و غرفة أمي و كذلك غرفة هذه العجوز سارت فوراً في الممر المؤدي لغرفة سيدة المنزل ..!
شعرت بالتوتر أكثر من ذي قبل ..!
( أنا لست والدك و هذه ليست والدتك !!.. أنت لست أبننا الحقيقي !!.. )
لازالت تلك الجملة تدور في ذهني منذ ليلة الأمس .. تلك الليلة الأكثر غرابة في حياتي !!..
( ربما لست الأم التي أنجبته لكني الأم اللتي ربته !!.. )
من تكون تلك الأم التي أنجبتني يا ترى ؟!!..
فتحت جيكسا الباب و دخلت فلحقت بها و نظرت إلى رايل كي يتبعنا ..!
لا أريد أن أكون وحيداً في موقف صعب كهذا !!..
دخلنا إلى الجناح الواسع و الفاخر .. حيث ذلك التلفاز الكبير و الأراك الفخمه و التحف الفاخرة في كل مكان ..!
تجاوزنا كل ذالك و أتجهت إلى الباب الداخلي .. إنها غرفة النوم ..!
طرقت الباب طرقتين ثم فتحته و دخلت ..!
تبعناها إلى الداخل ..!
أدريان كان هناك يقف قرب السرير و قد بدى القلق في ملامحه ..!
وقعت عيني عليها و قد كانت نائمةً في فراشها الواسع ..!
إقتربت أكثر منها كنت متوتراً جداً ..!
و حين وقفت بجانب أدريان نظرت إليها .. كان واضحاً أن الدموع قد غسلت وجهها الشاحب ..!
حاجباها تقاربا دليل ضيقها و قد ظهرت علامات المرض عليها !!..
تفاجأت حقاً .. لما صارت بهذه الحال ؟!!..
أكل هذا لأني علمت بذلك السر و غادرت المنزل ؟؟!!!..
أهي متعلقة بي إلى هذا الحد ؟!!!!!..
شعرت بالضيق قد إحتل صدري في تلك اللحظه !!..
كيف سمحت لنفسي بإزعاجها هكذا ؟!!..
يالتصرفاتي السيئه : لم تنم إلا منذ دقائق .. الأفضل أن تتركها ترتاح !!..
كان هذا همس أدريان لي ..!
لم تنم منذ البارحه !!..
لن أكذبه بما أني أرى أنها الآن ترتدي ذات الفستان اللذي كانت ترتديه ليلة الأمس !!..
مالذي عليك فعله الآن يا لينك و أنت ترى والدتك بهذه الحالة السيئه ؟!!..
بلا شعور تقدمت و جلست على حافة السرير ..!
أمسكت بيدها التي كانت قد بسطتها بجانبها ..!
إنها أمي .. نعم هي أمي !!..
دمعت عيناي و أنا أتذكر كم مرة حضتني و أشعرتني بالأمان !!..
كم مرة وعدتني بأنها سوف تجعلني أسعد إبن في هذه الدنيا !!..
كم مرة فكرت في أني لم أفقد أبي لأن والدتي الرائعة عوضتني !!..
أخبريني يا إلينا .. لما أنت متعلقة بي ؟!!..
لما جعلتني متعلقاً بك ؟!!..
لقد بدأت أبكي فعلاً ..!
لم أعد أريد أن أعرف شيئاً !!..
أريد أن أنسى ما حدث فقط و أتابع حياتي الطبيعيه !!..
نعم .. أريد أن تعود الأمور لمجاريها !!..
شعرت بها وقد تحركت حينها ..!
نظرت إلى وجهها فرأيتها تفتح عينيها الزرقاوتين التان إختفى بريقهما ..!
إعتدلت في جلستها دون أن تنظر ناحيتي ..!
بدا أن الإرهاق قد قضى عليها : أ .. أمي !!..
هذا ما نطقت به لا بشعور !!..
رفعت رأسها حالاً إلي و حين إستوعبت الأمر بدا أنها صدمت حقاً !!..
لكنها بكت بعدها وقد ربتت على كتفي : لينك لقد عدت إلى هنا !!..
أخذت تبكي .. لا أريد رؤية دموعها !!..
بلا شعور مني أمسكت بكلا يديها و قبلتهما : أرجوك سامحيني يا أمي !!.. لم أعد أريد أن أعلم شيئاً !!!.. إن كان هذا سيفعل بك كل ذا فأنا أريد أن أبقى جاهلاً طيلة حياتي !!.. المهم لدي هو أن تبقي بخير أمي !!..
تلك الكلمات كانت تتسابق للخروج كما تتسابق دموعي للنزول من عيني !!..
جلست حينها بجانبي على حافة السرير و أحتضنتي و هي تبكي هي الآخرى : بل أنت من يجب أن تسامحني يا عزيزي !!.. ما كان علي أن كتم ذلك عنك ..! أرجوك لينك لا تبتعد عني أبداً !!.. صدقني أنا لا أستطيع العيش من دونك ..!
نبرتها الباكية تلك و دموعها الحارقة التي سالت على وجهها في تلك اللحظة هزتني تماماً ..!
حاولت أن أكتم دموعي لأقول بصوت شبه هامس : و أنا كذلك !!.. لا أريد أن أعيش بعيداً عنك أبداً !!.. أنتي أمي و هذا ما أعرفه !!.. لا يهمني أي شخص في العالم !!.. المهم هو أنك أنتي أمي التي أحبها من كل أعماقي !!..
هل أنا حقاً مقتنع بأن أعيش هكذا دون أن أعلم من هما والداي الحقيقيان ؟!!..
ربما يكون في هذا راحة لأمي إلينا .. لكن ماذا عن أمي الحقيقيه ؟!!..
أليس في ذلك إنكار لها ؟!!..
لا شك أنها و ككل أم إنتظرت يوم ولادتي طويلاً و فرحت به ..!
ألا يحق لها أن يعلم إبنها عنها ؟!!..
ربما من الأفضل أن أنسى الأمر الآن ..!
أبعدتني عنها بهدوء و نظرت إلى عيناي بجد : أأنت واثق ؟!.. بأنك لا تريد أن تعرف ؟!!..
نظرت إليها و بتردد قلت : على الأقل .. ليس الآن !!.. ربما قريباً ..!
شعرت بالراحة التامه حينها و قد بدا هذا واضحاً على ملامحها المتعبه : إرتاحي أنتي الآن .. و لا تقلقي على شيء !!..
هذا ما أردفت به و قد رسمت تلك الإبتسامة اللطيفه على شفتي ..!
أومأت إيجاباً و نظرت إلى البقيه : أدريان .. هلا أهتممت بالشركة اليوم من أجلي ؟!!..
حنى رأسه بإحترام : بالتأكيد سيدتي ..!
نظرت حينها إلى وصيفتها العجوز : جيكسا .. سوف آنام قليلاً .. إهتمي بالمنزل من فضلك ..!
بنبرتها الباردة ذاتها : لا تقلقي إلينا .. كل شيء سيكون على مايرام ..!
وقفت أنا الآخر : سأخرج الآن .. لدي بعض الأعمال ..!
إبتسمت حينها لي : إهتم بنفسك بني ..!
بدالتها الإبتسامه : بالتأكيد ..!
......................................................................................
بعد خروج الجميع من غرفة أمي كي تأخذ قسطاً من الراحة حرمتها منه ليلة الأمس ..!
نظرت إلى أدريان الذي كان يسير خلفي : أدريان .. أريد أن أطلب منك طلباً مهماً .. أظنك قادر على هذا ..!
ببرود قال : طلباتك أوامر سيدي ..!
كم يغيضني هذا الشخص !!..
تنهدت بتعب ثم نظرت إلى رايل : ريكايل .. إسبقني إلى السياره !!..
أومأ حينها يإحترام : أمرك سيدي ..!
و حين تأكدت أنه إبتعد نظرت إلى أدريان لأقول بجد : إسمع .. أظن أنك تستطيع فعل هذا بسهوله ..! لذا ركز على ما سأقوله لك جيداً ..!
..................................................
بعد أن بدلت ملابسي و أرتديت بنطال جينز و تيشيرت أبيض مع سترة قطنيه باللون الرمادي و قد أغلقتها حتى المنتصف .. نزلت إلى رايل اللذي ينتظرني في السياره ..!
و حين إقتربت من المرآب رأيته هناك يقف مستنداً إلى سيارتي السوداء و بيده علبة زجاجية صغيرة بها بعض الأقراص و قد كان يشرب من قنينة ماء أمسكها بيده الأخرى ..!
الواضح أنه قد تناول بعض تلك الأقراص الآن ..!
يا ترى ما هي بالضبط ؟!!..
إقتربت منه و فور أن رآني و ضع العلبة في جيب سترته : لقد تأخرت ..!
هذا ما قاله بهدوء : كما ترى .. ذهبت لتبديل ملابسي ..!
إبتعد عن السيارة و فتح باب السائق : إذاً .. إلى أين سنذهب الآن ؟!.. الساعة هي الحادية عشر صباحاً ..!
تنهدت بتعب حينها : لم نتناول الفطور .. لنذهب لكي نأكل شيئاً ما ..!
.................................................. .......
دخلنا إلى أحد المطاعم الصغيره لتناول طعام الإفطار ..!
و قد طلب كلن منا البيض كأفضل شيء يمكن تناوله على الإفطار ..!
وصل الطعام و بدأنا نأكل بهدوء ..!
كلن منا صامت يفكر في مسألة خاصة بحياته ..!
كنت أستعمل الملح كي يضفي نكهة جيدةً للبيض .. لكني لاحظت أن رايل لم يفعل : أتريد بعض الملح .. سيكون الطعم ألذ ..!
هذا ما قالته ببتسامة هادئه .. بادلني الإبتسامة حينها : أشكرك .. لكني لا أحب الملح في الطعام !!..
قطبت حاجبي متعجباً .. أيوجد أحد لا يحب الملح في الطعام ؟!!!..
أظن أنه أكثر نكهة تضاف إلى الأطعمه !!..
تابع طعامه حينها بصمت ففضلت عدم الحديث في هذا الموضوع و تابعت طعامي أيضاً ..!
.................................................. ............
بعد خروجنا من المطعم قررنا العودة إلى الملجأ .. الساعة الآن هي الثانية عشر و النصف ..!
وصلنا إلى هناك لكن رايل تجاوز الملجأ و إستدار ليوقف السيارة على الجهة الأخرى : مالأمر ؟!!..
هذا ما قلته بتعجب .. ليجيبني بهدوء : أظن أنه من الأفضل ألا نضعها أمام الباب .. أم تريد لصديقك أن يراها ؟!!.. ربما يأتي إلى هنا بعد إنتهاء دوامه المدرسي !!..
فهمت قصده حينها .. لكن كيف علم أني لا أريد لماثيو أن يعلم بأني هنا ؟!!..
لم أسأل بل أسندت رأسي إلى المقعد : و قد يكون متغيباً عن المدرسه و قد أتى إلى هنا الآن ..! هلا ذهبت للإطمئنان على الوضع ؟!!..
أومأ إيجاباً ببتسامة هادئه : سأتصل بك إن لم يكن هناك أحد ..!
ذهب عندها بعد أن رمى مفتاح السيارة إلي كي أقفلها حينما أنزل ..!
و بعد أن أبتعد .. نزلت من السيارة و أغلقت الباب و أستندت إليه بتعب .. مذا سأفعل الآن ؟!!..
هل سأتابع حياتي كما هي بطبيعتها ؟!!..
أم سأستفسر عن أسرتي المجهوله و أسباب إبتعادي عنها ؟!!..
أيمكن أن يكون والداي على قيد الحياة ؟!!..
ربما .. و لكن الأغلب أنهما متوافيان !!..
لكن إن كانا حيين فلما تركاني ؟!!..
أهو الفقر ؟!...
هه .. بعد كل هذا الترف يا لينك تجد أنك من أسرة فقيره !!..
لكن هذا مجرد تخمين !!..
مذا إن كانا متوفيان منذ طفولتي ؟!!..
ربما يكون لي أقارب من هما ؟!!..
هل سأتعرف إليهم ؟!.!.
هل سيتقبلونني ؟!!..
بالتأكيد لا !!..
إن كان لي أقارب فهذا يعني أنهم تخلوا عني في طفولتي لترعاني إلينا !!..
كنت أحاول إقناع نفسي بأنني إبن طبيعي قامت بعض الظروف بتفريقه عن والديه .. حاولت قدر المستطاع أن أبتعد عن أي سبب سيء قد يكون جاء بي إلى هذا العالم !!..
آآآآآآآه .. متى أعرف الحقيقة ؟!!..
هل أسألها قريباً ؟!!..
أم أترك الأمور حتى تهدأ أكثر ؟!!..
هل سيعلم الجيمع بأني لست إبنها ؟!!..
أم ستتكتم على الأمر ؟!..
من يعلم غيرها و غير و صيفتها و مدير أعمالها يا ترى ؟!!..
الأسألة بدأت تقفز إلى ذهني واحداً تلو الآخر .. و إن لم أوقف هذا سوف أجن !!..
السماء صافية اليوم .. و الجو جميل ..!
نعم .. الافضل أن أشغل و قتي بالجو ..!
أتمنى أن يكون يومي جميلاً .. لأن الأمس كان سيئاً جداً !!..
علي أن أذهب للمدرسة أيضاً .. فقد تغيبت بما يكفي .. كما أني لم أسلم بحثي للأستاذ بعد : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآه .. إبتعد عني أيها الحقير !!..
أيقضتني تلك الصرخة من تفكيري !!..
من الذي صرخ ؟!!..
الشارع فارغ !!..
لا .. لقد جاء الصوت من هناك : أقسم أني سوف أخبر الشرطة إن لم تتوقف عن مضايقتي أيها التافه !!..
نعم .. هناك خلف ذلك المنعطف .. صوت أعرفه !!..
أسرعت راكضاً ناحية الصوت بلا شعور مني !!..
علي أن أسرع .. لأن صوت تلك الفتاة مألوف !!..
ميشيل !!..
حين تجاوزت المنعطف وقعت عيني على مجموعة من الأشخاص السيئين مجتمعين حول تلك الفتاة التي كانت ترتدي زيها المدرسي .. كالعاده !!..
عرفتها من فوري .. و كيف لا أعرف ميشيل ؟!!..
كان أحد أولائك الفتية يقف أمامها وهي مستندة إلى الجدار ليقول بمكر : ميشيل .. قلت لكي نحن نريد أن نستمتع معاً فقط !!.. أنسيتي أننا نعرف بعضنا منذ الطفوله !!!..
صرخت هي في وجهه حينها : قلت لك ألف مرة إياك أن تقترب مني أيها الحقير !!..
أمسك بها من ذراعها و بغضب قال : لقد تحملت إهانتك كثيراً أيتها الصغيره !!..
صرخت هي حينها متألمه : أترك يدي !!!!!..
ذلك السافل !!!..
إلى هنا و أنتهى الأمر : أنت يا هذا .. أبعد يدك عن الفتاة !!..
هذا ما قلته و أنا أسير بإتجاههم محاولاً السيطرة على أعصابي ..!
تركها فعلاً و إلتفت ناحيتي و على وجهه إبتسامة خبيثه : و مذا تريد أيها الطفل ؟!!.. إبتعد من هنا قبل أن أحطم جسدك النحيل هذا الآن ؟!!..
إشار لباقي عصابته ليحيطوا بي حينها و كلٌ منهم يحمل سلاحاً في يده ..!
عصى .. سلسله .. سكين أيضاً ..!
كانت كأسلحة فتية الشوارع المعتاده .. ربما يجب أن أكون أكثر حذراً حين أواجههم !!..
عددهم أربعه و ذلك التافه هو خامسهم !!..
وقف زعيمهم ذاك أمامي .. بدا في أوائل العشرين : إسمع .. إذا كسرت ذراعك فلا تذهب باكياً لأمك لأنك أنت الذي جنيت على نفسك !!..
هكذا قال بصوته اللذي يجلب الإشمئزاز .. ليضحك حينها فيشاركه البقيه !!..
بمكر إبتسمت : سنرى من هو اللذي سيبكي في النهايه !!..
صوتي الواثق أغاضه .. لذا إنطلق ناحيتي و هو يجمع قبضته : سأريك أيها الطفل !!..
و بخفه .. إستطعت تفادي لكمته لأوجه له أنا لكمة في معدته !!..
تراجع على الخلف حينها و قد بدا متألماً : يا رجال !!.. حطمووووه !!..
هكذا صرخ بالبقية لينطلقوا نحوي !!..
و حينها دخلت في معركة معهم !!..
لكني إستطعت أن أجاريهم !!..
ربما لم أخبركم أن لدي خبرة في فنون الدفاع عن النفس !!..
فأي فتى من طبقة النبلاء لابد أن يتعلم الدفاع عن نفسه و إن كان محاطاً بالكثير من الحراس !!..
أعترف أني أصبت بالكثير من الضربات .. لكني لازلت قادراً على القتال : لينك !!.. سأساندك !!..
شعرت بالسعادة حين سمعت صوت ريكايل !!..
لاشك أنه عاد للسيارة كي يبحث عني فسمع أصوات الشجار هنا !!..
إستند حينها على ظهري : تأخرت يا صاح !!..
هكذا قلت بمرح ليجيبني : مع ذلك أرى أنك أوسعتهم ضرباً !!..
إشتب الغضب فيهم بعد تلك اللكمات اللتي تلقوها !!..
ذلك ما جعلهم يحيطون بي و برايل ليقول ذلك الزعيم الغاضب : الآن ستعرفون من نحن !!.. يا شباب .. إقتلوهما !!..
أخرج كل واحد منهم سكين كان يحملها معه .. لقد بدأ الوضع يزداد سوءاً ..!
لم أكن واثقاً بأني سأخرج من هنا بدون أن أتعرض للأذى ..!
حتى رايل !!..
أظن أن جسده ضعيف و الدليل أن شجاراتي السابقة معه دائماً تنهتي بنصري !!..
تلك مشكله : إنهم هنا .. بسرعه تعالوا !!..
قطع تفكيري صوت ميشيل اللذي جاء من بعيد !!..
نظرت إلى تلك الجهة لأراها تركض ناحيتنا و معها عدد كبير من رجال الحي !!..
و ما إن رأهم ذلك الشاب التافه حتى صرخ : يا إلهي .. إهربوا بسرعه !!..
لم تمضي سوا لحظات حتى أختفوا من أمامنا !!..
يبدو أنهم ليسو سوى مجموعة جبناء و الدليل هو أنهم لا يجيدون أساليب القتال !!..
الآن عرفت لما إجتمعوا كلهم على فتاة !!..
دعونا من هذا .. فرجال الحي كانوا غاضبين لأنهم لم يمسكوا بهم .. تقدم إلي أحدهم ليقول : أأنت بخير أيها الشاب ؟!!.. يبدو بأنك إصبت ..!
إبتسمت له بهدوء : لا تقلق يا عم .. فأنا بأحسن حال ..!
بدت عليه الراحة وهو يقول : أولائك الفتية يسببون الإزعاج لكل من في المنطقه .. لذا نريد الإمساك بهم و تسليمهم للشرطه .. لكنهم يهربون في كل مره ..!
تنهدت بتعب حينها : أرجوا أن تمسكوا بهم في القريب العاجل ..!
شكرني على مساعدتي للفتاة ثم غادر المكان هو و بقيت الرجال ..!
تذكرت أمر ميشيل .. بحثت بعيني عنها لأجدها تقف قرب رايل و تسأله إن كان بخير أم لا ؟!..
ترددت .. هل أتقدم نحوها و أسألها عن حالها و أطلب منها مسامحتي ؟!!..
أم أنسحب من المكان بهدوء ؟!..
ربما تكون سامحتني .. أظن أن ريكايل سيساندني أيضاً ..!
لهذا .. تشجعت و سرت ناحيتهما : أنت بخير ريكايل ؟!!..
هذا ما قلته أولاً : نعم .. لم أصب بإذى ..!
وقفت قربهم .. فلم تنظر لوجهي بل أوشحت بوجهها للجهة الأخرى : ميشيل .. كيف حالك ؟!!..
لم تجبني .. واضح أنها لا تزال غاضبه : ميشيل .. أنا حقاً آسف على ما حدث في الحفل !!.. لقد فهمت الموضوع خطاءً ..! كما أني إعتذرت لريكايل فيما بعد !!..
بقيت صامته .. لم أعلم مالذي علي قوله ..!
هذه المرة تكلم رايل : ميشيل .. إلتفتي إليه و كلميه !!..
تكلمت أخيراً لكن ببرود : لن أفعل !!..
شعرت بالحزن رغماً عني .. لما هي غاضبة مني لهذه الدرجه ؟!!..
أشعر بالألم حيال ذلك !!..
هي بالذات لا أريدها أن تنزعج مني : ميشيل .. إسمعيني !!.. لينك شخص مختلف عن اللذي تتخيلينه !!.. و عليك أن تعلمي بأنه الآن أحد أصدقائي لذا لا أريد منك معاملته بهذه الطريقة الفضه !!..
نظرت إليه و قد بدا الغضب عليها : لاشك أنه يخدعك !!.. أنت ستخدع به كما خدعت به أنا !!.. إنه مجرد شيطان يتخفى خلف قناع شخص لطيف !!..
ذلك الكلام حطمني نهائياً .. و قد عرفت مقدار كرها لي الآن !!..
لما هي بالذات ؟!!..
لما ؟!!..
بدأ رايل يأنبها على طريقة كلامها .. لكني لم أرد لهما أن يتشاجرا بسببي : يكفي ريكايل .. أنا المخطأ و أستحق هذا !!.. سأذهب الآن ..! آراك في ما بعد !!..
قلت تلك الكلمات و أنطلقت بسرعة ناحية السياره .. لأني أريد الإبتعاد عن المكان !!..
................................................
أوقفت السيارة على جانب الطريق و أسندت رأسي إلى المقود بتعب !!..
حياتي صارت معقدة بشكل غريب !!..
فبينما أنا الآن في حالة إستيعاب بطيء بأن السيدة إلينا ليست والدتي .. تظهر ميشيل من العدم لتزيد الأمور تعقيداً !!..
أإلى هذه الدرجة هي غاضبه ؟!!..
رغم أن رايل شرح لها الأمر !!..
أيمكن أنها لن تسامحني أبداً ؟!!..
لا يمكن أن أحتمل هذا !!..
هي تظن أني خدعتها !!..
نعم .. تعتقد أني تظاهرت أمامها بالطيبه بينما أنا سيء حقيقةً !!..
ذلك فقط لأنها رأت شخصية الشيطان !!..
( أنت إما شيطان أو شخص مهزوز الكيان ) ..!
لقد تعبت من التفكير في تلك الجمله !!..
لكني الآن مقتنع بصحتها !!..
و الدليل هو غروري اللامحدود و تكبري على جميع من حولي و أيضاً نرجسيتي التي لا تطاق .. رغم أني ضعيف جداً من الداخل !!..
أشعر بالوحدة الآن .. و بشكل غريب !!..
أمي ليست أمي .. و الفتاة الوحيدة التي تعلق بها قلبي تكرهني .. أما أصدقائي فلا أظن أنهم متفرغون لي !!..
حتى لوي .. لم يتصل منذ مده !!..
لما صار هو الآخر بعيداً عني ؟!!..
لويفان .. لو تعلم مذا حل بي الآن !!..
أكاد أجن تماماً !!..
صوت هاتفي الذي كان يرن قطع تفكيري .. رفعته و نظرت إلى إسم المتصل .. ديمتري : مرحباً ..!
هكذا أجبت بصوت هادء جداً : أهلاً لينك .. كيف حالك ؟!!..
أشعر أني بالكاد أستطيع الحديث .. لكني تحاملت على نفسي : بخير ماثيو .. مذا عنك ؟!!..
أجابني حينها : أنا أيضاً بخير .. مابه صوتك ؟!!.. أأنت مريض ؟!!.. أنت متغيب عن المدرسة منذ زمن !!..
تنهدت بتعب حينها : حسناً .. كنت مريضاً .. عموماً قد لا أتي للمدرسة غداً ..!
بدا عليه الإستغراب : تيموثي قال أنه رآك في الحديقة أمس بعد المدرسه هو و روز .. قالا أنك بخير !!..
ذلك المتطفل الذي لا يستطيع أن يمسك لسانه : لكني الآن مريض بعض الشيء ..!
تنهد حينها قبل أن يقول : إسمع لينك .. تعلم أنه بقي على الإجازة أقل من أسبوعين .. هل ستأتي معنا لبريطانيا !!..
أوووووه .. نسيت أمر تلك الرحلة نهائياً !!..
لكني الآن لست بمزاج جيد للتفكير بها : لست متأكداً من ذلك !!..
لم يعجبه ردي : أنت لست على ما يرام أبداً ..! عموماً إسمع .. لويفان قال أنه يجب عليك الحضور !!..
إبتسمت تلقائياً حين تذركت إصراره علي بالقدوم لأنه سيكون هناك : سأفكر بالأمر ..!
رغم أني لست واثقاً بأني قد أملك المزاج الجيد للذهاب : إذاً .. إلى اللقاء ..!
ودعته و أغلقت الخط .. و بعدها عدت لأضع رأسي على المقود و أنا أشعر بصداع لم أشعر بمثله من قبل !!..
.................................................. ...
فتحت عيني بتعب .. أشعر بالحر الشديد .. لما يا ترى ؟!!..
عظامي تؤلمني بشده .. آآآآآآآآآآآآآآآآآآه ..!
واضح أني نمت بطريقة خاطئه .. يبدو أني في السياره !!..
رفعت رأسي بتعب عن المقود .. أشعر بأن ظهري يكاد يتصلب !!..
كنت قد أطفأت السيارة سابقاً و فتحت نصف نافذتي .. لهذا أشعر بالحر إذاً !!..
كم مر من الوقت يا ترى ؟!!..
يبدو أن الليل قد حل !!..
نظرت إلى ساعة يدي .. إنها الثامنه !!..
لقد كنت هنا في الواحدة ظهراً .. أيعقل أني نمت كل ذلك الوقت ؟!!..
حسناً .. أنا لم أنم جيداً البارحه و هذا هو سبب إرهاقي .. كما أن التفكير إستنزف نصف طاقتي !!..
أشعر بالألم في يدي اليمنى تحديداً و لا أعلم لما !!..
نظرت إليها لأتفاجىء بذلك الإنتفاخ فيها و اللون البنفسجي اللذي ظهر على معصمي !!..
نعم .. حين حاول أحد أولائك الفتية ضربي بالعصى تصديت له بذراعي فأصاب معصمي !!..
أرجوا أن لا يكون قد كُسر !!..
يبدو أن علي أن أذهب للمشفى قبل أن أعود للبيت !!..
.................................................. .خرجت من عند الطبيب بعد أن قام بالكشف على معصمي ليخبرني بأنه مجرد رض و لا يوجد أي كسر و هذا ممتاز ..!
قام بتضميدها و طلب مني أن أبقيها في الضمادات لعدة أيام .. ربما يجب أن أعود للبيت الآن ..!
و لا أريد أن أفكر في أي شيء الآن ..!
أريد أن أعود للمنزل و أنام في غرفتي براحه !!..
أشعر أني سأموت لو فكرت في أي مصيبة من مصائبي اللتي لا تنتهي ..!
و بالتأكيد لا أفكر بالذهاب للمدرسة غداً ..!
خرجت من المشفى و أتجهت إلى سيارتي ..!
بعد أن ركبت خلف المقود قمت بتشغيها و أنطلقت بسرعة و قد فتحت كل النوافذ ..!
أشعر بأني مكتوم و أن هذا قد يخفف عني !!..
يدي اليمنى تؤلمني .. لذا سأقود باليسرى فقط رغم أني لست معتاداً على هذا ..!
لما تدهورت حياتي هكذا فجأه ؟؟!..
بل لما تغيرت شخصيتي بهذا الشكل ؟؟!!..
صباح هذا اليوم حين أنبت مايك ثم إعتذرت له بطريقة لطيفه .. منذ متى و أنا أعترف بالتعامل مع الأطفال ؟!!..
و حين سألني أحد الرجال اللذين وصلوا مع ميشيل عن صحتي .. قلت له " يا عم " .. متى تعلمت التصرف بلباقة مع من هم أقل مني مستوى و إن كانوا أكبر سنناً ؟!!..
ماللذي دفعني لأأتمن جوليا على أحد أهم أسراري ؟!!.. ربما لا بأس بإخبار رايل لكن لما جوليا ؟!!..
و لما أنا أسميه رايل ؟!!.. رغم أنه إختصار أسمه !!.. عادةً لا تنادي الناس بإختصارات إسمائهم إلا إن كانوا مقربين منك !!..
كيف صار رايل أحد المقربين مني ؟!!.. رغم أنه مجرد خادم !!..
أي شخصية جديدة هذه التي طرأت علي ؟!!..
أعترف أني لي شخصيتان !!..
شخصية الشيطان و شخصية الفتى المهزوز ..!
لكن .. شخصية الشاب اللطيف !!..
منذ متى و أنا أملكها ؟!!..
أيمكن أن تكون هذه هي الشخصية الحقيقية لي ؟!!..
كلا الشخصيتان السابقتان تكونتا بعد الحادثة التي أصابتني قبل عشر سنوات !!..
لكن مذا عن شخصيتي قبل ذلك ؟!!.. أنا لا أذكر !!!..
لقد كنت طفلاً لذا لا أذكر !!..
لكني كنت أتصرف بلطف حقيقي عندما قابلت ميشيل رغم أني أعلم أنها ليست في مستواي !!!..
لمذا ؟!!..
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .. رغم أني قررت أن لا أفكر في شيء إلا أني الآن أفكر في أغرب مصيبة !!..
و هل أستطيع تسميتها .. مصيبه ؟!!!..
لا أريد أن أفكر أكثر .. أريد أن أصل للبيت فقط !!..
.................................................. .......
دخلت إلى الباب الرئيسي للقصر بعد أن ركنت سيارتي في المرآب .. و منذ دخلت كان في إستقبالي : سيدي .. قلقت عليك حقاً ..!
لما عاد إلى هنا ؟!!..
رايل !!..
تجاوزته بهدوء و أنا أهمس بتعب : آسف لأني جعلتك تقلق .. سأذهب لأنام لذا تستطيع العودة لمنزلك !!..
لم ينطق بحرف .. أظن أنه يعرف مقدار تعبي الآن ..!
هاتفي قد نفذت بطاريته منذ مده .. لذا لا علم إن كان أحدهم قد إتصل أثناء نومي ..!
إتجهت إلى المصعد .. ركبت و ضغطت على زر الدور الثالث ..!
و في بضع ثوان .. فُتح بابه ليخبرني أنني وصلت إلى وجهتي ..!
و فور أن خرجت منه : سيدي .. أهلاً بعودتك ..!
إلتفت إلى يميني لأرى تلك العجوز بوجهها الذي لم يتغير منذ أول يوم عرفتها فيه .. جيكسا مربية أمي : سأذهب لأنام .. فأنا أشعر بالتعب ..!
بذات نبرتها البارده : أمك قلقة عليك .. ستذهب لمقابلتها أم أخبرها بقدومك و حسب ؟!!..
لما هي قلقة رغم أن الساعة لا تزال العاشره ؟!!..
حسناً .. أظن أنها صارت تقلق كثيراً في الآونة الأخيره : أخبريها بأني عدت .. و أخبريها أيضاً أني تمنيت أن أقابلها الآن لكني حقاً أشعر بالتعب و أحتاج لأخذ قسطٍ من الراحه ..!
تفهمت الأمر حينها : ألا تريد العشاء سيدي ؟!..
ببرود قلت : لا ..!
تركتها حينها و أتجهت إلى غرفتي دون الإهتمام بما قد يكون ردها .. ربما لأني واثق أنها ستقول " كما تشاء " فقط !!. .
فور أن دخلت إلى جناحي إتجهت للغرفة الداخليه ..!
أشعر بالتعب لكن هذا لن يمنعني من أخذ حمام بارد لخمس دقائق ..!
خرجت و أرتديت ملابس النوم المريحه .. إستلقيت على السرير وقد مددت يدي اليمى بعيداً كنوع من الحيطه ..!
و أخيراً أستطيع النوم بهناء .. الأضواء المطفأه و ضوء القمر اللذي يظهر من جزء صغير من النافذة لم يتم تغطيته بالستائر و جهاز التكيف البارد .. إنه الجو المثالي للنوم بعد يوم مرهق !!..
.................................................. ...............
أشعر بالراحه .. حقاً ..!
لا أريد أن أفارق هذا الشعور ..!
يدها الناعمة كانت تمسح على رأسي بحنان .. لطالما أحببت هذا ..!
أظن أني نمت بما فيه الكفايه .. و حان الوقت لكي أستيقض ..!
فتحت عيني .. و فوراً رأيتها ..!
كانت تبتسم لي بذات إبتسامتها اللطيفه : إستييقضت ؟!!..
إبتسمت حينها بهدوء : لا .. لا أزال نائماً ..!
ضحكت بخفة ضحكة قصيرة : حسناً .. إستيقض إذاً ..!
رفعت رأسي عن الوسادة و جلست على السرير مستنداً إلى وسادتي .. كانت تجلس على حافة السرير : صباح الخير .. أمي ..!
هكذا قلت بذات إبتسامتي الهادئه : صباح النور .. كيف حالك الآن ؟!!.. يبدو أنك مرهق ..! ماللذي أصاب معصمك الأيمن ؟!!..
رغم إبتسامتها إلا أن نبرتها لم تخلوا من القلق : معصمي ؟!!.. آه صحيح .. لقد تعثرت بالأمس حين كنت أتجول في الشارع فأصطدمت يدي بالجدار .. لا تقلقي فالطبيب قال أنه مجرد رض ..!
واضح و ضوح الشمس أنها لم تصدقني : سأعتبر أنك صادق في كلامك ..! على كل حال .. أخبرني بني .. أتريد أن تعرف الحقيقه ؟!!..
الجد الذي طغى عليها حين طرحت السؤال الأخير كان يقلقني ..!
لكن .. كيف علي أن أجيبها ؟!!..
لما بهذه السرعة تريد إخباري ؟!!..
أيعقل أن تلك القصة حمل ثقيل عليها ؟!!..
ترددت حقاً قبل أن أقول : لكن .. ذلك سوف يحزنك يا أمي ..!
لم أكن أريد منها أن تشعر بالحزن أبداً .. لأنها لم تسمح لي يوماً بأن أشعر بالحزن بل كانت تحاول توفير كل سبل السعادة لي .. رغم أني لست إبنها الحقيقي ..!
إبتسامتها تلك فاجأتني : لا .. كنت سأحزن لو أنك كرهتني بعد أن علمت الحقيقه ..! لكن بما أنك لا تزال إبني الرائع .. فلن أكون أنانية و أحرم أمك الحقيقية من حقها بأن تعرفها ..!
لم أعتقد أنها ستطلب مني هذا ..!
لكن بما أنها هي من إقترحت أن تخبرني فلا بأس : حسناً .. ستحكين لي القصة كامله ..! لكن ليس الآن .. بل بعد الإفطار فأنا لم أكل شيئاً ..! حتى بالأمس فقط تناولت بيضاً على الفطور !!..
إتسعت إبتسامتها : الإفطار في إنتظارك ..!
الساعة الآن هي الثامنة صباحاً ..!
.................................................. ...
نوقف هنا ^^

البارت طوييييييييييييييييل .. صح ؟!!..

أدري بتقولون لينك رجع لأمه ببساطه .. وشلون ؟!..

لأن القنبله الحقيقيه بعدين ^^

طيب ننتقل للهوم وورك ..!

ميشيل و ظهور جديد .. أيمكن أن تغير إنطباعها عن لينك قريباً ؟!!..

إلينا على وشك إخبار لينك بحكايته المخفيه .. أي شعور سيراوده بعدها ؟!..

إلى أي مدى ستصل صداقة لينك و ريكايل و هل ستستمر ؟!..


أدري تأخرت عليكم كثيييييييييييييييييييير ><

بس مكسات كلما فتحته يعلق علي !!..

و الأسبوع اللي قبل كانت إمتحاناتي العمليه ..!

بس عوضتكم ببارت طويل ..!


جانا


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 01:45 PM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 11

كنت أشعر بالتوتر و أنا على طاولة الأفطار .. أمامي والدتي تتناول إفطارها هي الأخرى وقد أخذت إجازة من العمل اليوم ..!
و على يمينها تجلس جيسكا التي تتناول معنا كل الوجبات على طاولة واحده ..!
رغم أني لم آكل إلا القليل وقفت و أنا أقول : لقد شبعت .. حسناً أمي .. أكملي إفطارك ثم نتحدث ..!
إبتسمت لي بهدوء : كما تريد عزيزي .. سأنتظرك في غرفة مكتبي بعد عشر دقائق ..!
أومأت لها موافقاً و خرجت من غرفة الطعام .. إتجهت لدورة المياه لغسل يدي ..!
و بعدها .. حين كنت أسير في الردهه : سيدي .. آسف لأني تأخرت في القدوم اليوم ..!
نظرت خلفي لأرى ريكايل .. لم أهتم لإعتذاره بل بلا تفكير قلت : رايل .. أمي قالت أنها ستخبرني بالحقيقة كامله بعد عشر دقائق .. أشعر بالتوتر ..!
بدا عليه التفاجوء لوهله .. لكنه رغم ذلك ربت على كتفي ليقول في محاولة لطمأتني : سيكون كل شيء بخير .. أأنت من طلبت منها ذلك ؟!..
أومأت سلباً بقلق : لا .. هي من طلبت ذلك !!.. وهذا ما يوترني أكثر ..!
إبتسم لي بهدوء : إذاً ليس عليك القلق .. بما أنها هي من طلبت ذلك فلن تكون هناك مصيبة في الموضوع ..!
أمسكت بيديه الإثنتين بين يدي بخوف : ريكايل .. تعال معي .. لا أريد مواجهة ذلك الموقف وحدي !!..
بدا عليه الإضطراب حينها : لكن .. أنا !!.. حسناً .. ليس لي الحق في التدخل في هذه الأمور !!.. ذلك لأنك سيدي و أنا خادمك فقط !!..
بلا شعور أومأت سلباً : أرجوك رايل .. أنا أثق بك لذا أريدك أن تكون معي ..!
لم يكن يستطيع أن يرفض حينها .. تنهد بهدوء قبل أن يقول : حسناً .. لابأس بهذا ..!
لا أعلم لما .. لكني شعرت بالراحه ..!
سرت حينها و لحق بي لنذهب لمكتب والدتي : مابها يدك ؟!!..
هكذا سأل و قد إنتبه لذلك الضماد اللذي يلتف عليها : أصبت في معركة الأمس .. مجرد رضٍ بسيط ..!
لم يقل شيئاً بعدها .. لكني أظنه يشعر بالأستياء لسبب ما ..!
وصلت إلى غرفة المكتب .. رغم أنه لم تمض سوا سبع دقائق إلا أني طرقت الباب طرقتين ثم دخلت ..!
كانت أمي تجلس على إحدا الأرائك الطويلة التي تتوسط تلك الغرفه .. أمامها طاولة خشبية فاخره ثم مقعد آخر لشخصان .. كانت جيسكا تجلس عليه لكنها وقفت حين رأتني ..!
و قرب الباب وقف ذلك الشخص اللذي لطالما كنت أشعر بالغيرة منه .. أدريان ..!
كانت والدتي تبتسم إبتسامة هادئه و كأنها مرتاحة لإخباري .. أظن أنه كان حملاً كبيراً على عاتقها طيلة السبعة عشر سنة الماضيه ..!
أما أنا فقد كنت خائفاً رغم أني سوف أعرف إجابة كل تلك التساؤلات التي كانت تتصادم في ذهني طيلة اليومين الماضيين ..!
تجاوزت أدريان و كان خلفي رايل : لحظه .. يمكنك الإنتظار بالخارج !!..
إلتفت حين سمعت صوت أدريان الذي وقف أمام رايل يمنعه من التقدم ..!
أغاضني ذلك لذا قلت ببرود متجاهلاً ذلك الأدريان : ريكايل .. تعال إلى هنا ..!
إلتفت ناحيتي أدريان متفاجىءً .. نظر إلى والدتي : سيدتي .. قولي شيئاً ..!
إلتفت حالاً ناحيتها : أمي .. لن تمانعي أن يسمع القصة هو أيضاً .. فقد أخبرته بكل شيء ..!
لم تتغير إبتسامتها تلك : بالتأكيد بني .. بما أنك أنت تريد ذلك ..! أدريان .. دع الفتى يمر ..!
لم يعجبه الأمر لكنه إبتعد عن طريق صاحبي حينها .. و أتجه إلى المقعد الذي جلست عليه جيسكا ليجلس بجانبها ..!
لم أعلم بأن هذان الشخصان سيكونان هنا .. لكن يبدو أنهما يعرفان الكثير ..!
إتجهت إلى مقعد والدتي و جلست بجاورها .. كنت ملتفاً بجزء من جسدي ناحيتها و هي كذلك ..!
بينما وقف رايل قرب ذلك المقعد ..!
ربتت على رأسي بحنان : لينك .. أشعر بالراحة الآن لأني سأنفذ وصية جاستن .. لقد طلب مني أن أخبرك بالحقيقة قبل أن يموت .. أعلم أني تأخرت في هذا لكن هذه اللحظة حانت أخيراً ..! إسمع .. سوف أحكي لك كل شيء منذ البدايه ..!
الخوف .. التوتر .. القلق .. و الحماس .. كلها كانت تسطير علي لحظتها : إبدأي أمي .. أنا أستمع ..!
أومأت موافقة ثم قالت : بدأ الأمر حين كنت في التاسعة عشر .. والدتي توفية و أنا في العاشره .. أما والدي فقد كان حياً حتى ذلك الوقت .. و قد كان هو رئيس شركة رافالي بالشراكة مع أخيه والد عمك رونالد .. لكن في تلك الفتره قرر كلن منهما أن يأخذ نصيبه و يفك الشراكة عن الآخر .. و هذا ما حدث .. لكن الجزء الأكبر كان من نصيب عمي .. لذا إطر والدي للإستعانة بشركة أخرى كي يعوض عن تلك الأموال .. و قد كانت تلك شركة مارسنلي ..!
صمتت للحظات حينها كأنها ترقب ردة فعلي : تابعي ..!
هكذا همست فتابعت بهدوء : تمكن والدي من تعويض تلك الأموال بمشروع قام به مع شركة مارسنلي .. و كي يقوي العلاقة مع تلك الشركه .. كان يجب أن أتزوج بإبن رئيسها .. لم أكن لأرفض فأنا لست مهتماً بأي شاب كما أن أبي أقنعني بأن إبن مارسنلي ذاك شخص رائع .. و هكذا تزوجت بجاستن ..!
كنت متفاجئاً لوهله .. حيث لطالما ظننت أنهما تزوجا عن علاقة حب : إذاً كان زواجاً للمصالح ..!
أومأت إيجاباً : صحيح .. لكن رغم ذلك أحببت جاستن في ما بعد و هو كذلك .. بعد عدة أشهر أصيب أبي بالمرض و توفي .. و ورثته أنا .. و حين مرت سنة كامله قام السيد مارسنلي بكتابة كل أملاكه إلى أبنه الوحيد جاستن فقد كان مريضاً منذ سنوات و قد بدأت حالته تسوء .. أما زوجته فقد كانت متوفاة منذ سنتين .. و بعد مرور عام .. توفي والده أيضاً ..!
تنهدت حينها ثم تابعت : أموال شركة أبي قمت بضمها إلى أموال جاستن و أنشأنا معاً شركة مارسنلي هذه .. و حين مرت ثلاث سنوات أي حينما كنت في الثانية و العشرين كنا نحن الإثنان نشعر بالحنين للأطفال .. تمنينا طفلاً صغيراً يكمل لنا فرحة حياتنا التي كانت خالية من أي مشكله .. عدا مشكلة عدم وجود طفل ..! ذهبنا للمشفى من أجل الفحص الطبي .. و بعد أيام حين ظهرت نتيجة الفحص .. و علمت أني غير قادرة على الإنجاب !!.. كانت صدمة كبيرة لي و لأبيك .. و في تلك الفترة طلبت الإنفصال من والدك لأني لم أرد أن أحرمه من الأبناء .. لكنه رفض ذلك ..!
حين قالت ذلك .. شعرت حقاً بالألم لأني حقاً أيقنت أني يستحيل أن أكون إبنها !!..
لم أنطق فتابعت حينها بنبرة حزن طغت عليها : مضى شهران ونحن نحاول أن تجاوز تلك الصدمه .. وقد حاولت مع جاستن كثيراً حتى ننفصل إلا أنه رفض و قال أني أهم لديه من الأطفال ..! و حين إنقضى شهران توصنا إلى حل يريح الجميع ..!
نطقت حينها بلا شعور : تقومون بتربية طفل كإبن لكم ..!
أومأت موافقة على كلامي : صحيح .. سافرت أنا و جاستن إلى أميركا لمدة خمسة أشهر كي أبتعد عن الجميع .. لم يكن أحد يعلم باني لست أنجب الأطفال لذا أصر جاستن على أن نتبنى طفلاً و نجعل الجميع يعتقد أنه أبن لنا ..!
كنت أحاول إستيعاب ذلك حقاً : إذاً أنتما ذهبتما للولايات المتحده لمدة خمسة أشهر حتى تتظاهري بأنها كانت جزءاً من فترة حملك ؟!!..
دمعت عينها حينها و قد إختفت إبتسامتها : صحيح .. و قد طلبنا من جيسكا و أدريان أن يبحثا في آخر شهر عن طفل يشبهنا في أحد ملاجىء الأيتام و يكون بعمر أيام فقط حتى لا يكتشف أحد شيئاً ..!
صمتت حينها و نظرت إلى جيسكا لتقول : تابعي من هنا ..!
بصوت هادء قالت : حاضر ..!
نظرت إلي حينها دون أن ترسم إبتسامة صغيرة حتى : مضى شهر و نحن نبحث .. كان يفترض أن نجد طفلاً له شعر إما بني أو أشقر و عينان إما خضراوتان أو زرقاوتان .. و بعد بحث طويل عثرنا عليك في أحد ملاجيء الأيتام وقد كان عمرك خمسة أيام فقط !!.. علمنا بأن والديك قد توفيا في أيامك الأولى ..! كنت تملك شعر إلينا الأشقر و عينا السيد جاستن الخضراوتان لذا تبنيناك حينها و قمنا بتغير إسمك إلى لينك مارسنلي و بالتأكيد شهادة والدتك إلى اليوم الذي تبنيناك فيه ..!
تفكرت لحظات في كلامها لتتسع عيناي بصدمه : هذا يعني أن يوم ميلادي الحقيقي يسبق يوم ملادي اللذي أعرفه بخمسة أيام ؟!!!.. هذا يعني أنه الثالث من أبريل و ليس الثامن !!..
أومأت موافقة ليتابع أدريان حينها : عاد السيد جاستن و السيدة إلينا حينها من واشنطن بعد قرابة الأسبوعين وقد كنت أنت في إستقبالهما .. و أنتشر الخبر بأن السيدة مارسنلي أنجبت طفلاً حين كانت في أميركا .. و الوحيدون الذين كانوا يعلمون الحقيقة هم أنا و جيسكا .. و السيد و السيدة مارسنلي .. حتى الخدم لم يعلموا لأنهم لم يروك إلا في حضن السيدة حين عادت لأننا تركناك في الملجأ طيلة الأسبوعين تلك .. لأنه لو كانت السيدة قد أنجبت طفللاً قبل خمسة ايام فيستحيل أن تركب الطائره .. لكن الأسبوعين كانا كفيلين بالتمويه ..!
حاولت قدر المستطاع أن أتقبل الأمر : هكذا إذاً .. لكن كيف علم السيد رافالي بالأمر ؟!!..
ظهرت ملامح الحزن على والدتي لحظتها : حين كان جاستن على فراش المرض طلب رؤية رونالد .. و أخبره بالقصة كاملة لأنه لم يرد أن يتكرني أتحمل ذلك العبء وحدي .. بل أراد من رونالد أن يكون عوناً لي .. و طلب مني حينها أن أخبرك حين تصير في الخامسة عشر ..! آسفة لأني لم أخبرك في ذلك الوقت بني ..!
أومأت سلباً : لا أمي .. أفهم مشاعرك لذا لا داعي لأن تعتذري ..! لكن هل لي أن أعرف شيئاً ؟!!..
إبتسمت حينها لي : بالتأكيد عزيزي .. ما الذي تريد أن تعرفه ؟!!..
ترددت في ذلك .. لم أكن أعلم هل علي قول ذلك أم لا .. لكني شعرت بأحدهم يربت على كتفي .. نظرت إلى رايل الذي كان يتبسم لي بتشجيع و كأنه يعرف ما الذي أريد قوله .. لهذا تنهدت قبل أن أسأل : أمي .. هل لي أقارب ؟!!.. أم أنتي لا تعلمين ؟!!..
ذكرت جيسكا في كلامها أن والداي الحقيقيان توفيا .. أشعر بغصة حين أفكر في هذا رغم أني لم أعرفهما يوماً .. لكني بالتأكيد سأكون سعيداً حتى لو عشت معهما ..!
بدا أنها توقعت سؤالي نوعاً ما : في الحقيقه .. لا أعلم إن كان لك أقارب .. تعرف أن هناك الكثير من الأسر تحمل أسماء متشابهه .. لذا لست واثقةً بمن هم أقاربك بالضبط ..! منذ زمن فكرت في البحث عنهم .. لكني خفت !!..
صمتت حينها : خفتي ؟!.. من مذا ؟!!..
هكذا سألت بإستغراب .. دمعت عيناها بل سالت دموعها وهي تقول : خفت من أن أجدهم فيأخذوك مني !!.. لم أرد حقاً أن يظهروا من العدم ليخبروك أنك إبنهم ولست إبني !!.. كنت دائماً أشعر بالسعادة حين أراك تكبر و تكبر يوماً بعد يوم حتى و إن لم تكن إبني الحقيقي ..! لطالما تساءلت .. لو كنت أبني حقاً فكيف سيكون شعوري نحوك ؟!!.. هل سيكون أقوى أم ماذا ؟!!.. لكني إكتشفت أنه سيكون ذات الشعور لأني لم أفكر يوماً أنك لست أبني !!..
كلماتها تلك أشعرتني بالحزن .. أردت أن أواسيها لكني لم أعرف ماذا أقول .. فأردفت هي حينها هي تسمح دموعها و تبتسم : لكني قررت أن أبحث عنهم بعد أن أخبرك بالقصه كامله .. حتى تكون مستعداً للقائهم ..! أتريد مني أن أبحث لك عنهم ؟!!..
فكرت للحظات .. هل من الجيد أن أجدهم ؟!!..
هل يجب علي البحث عنهم ؟!!..
أم علي أن أنسى أمرهم للأبد ؟!!..
لكن .. خطر ببالي فكرة حينها .. إبتسمت لوالدتي : أتعلمين .. أريد أن أبحث عنهم بنفسي .. سيكون أمراً ممتعاً كما أظن .. و إن كان متعباً قليلاً ..!
بدا أني فاجأتها بهذا .. لكنها إبتسمت مؤيدة لي : لك ما تريد بني .. يمكنك أن تطلب مساعدتي إن أردت ..!
شعرت بالسعادة لأنها وافقت : كل ما أريده .. إسمي الكامل و عنوان الملجأ الذي كنت فيه من قبل ..!
بطريقة ما تقبلت الموضوع تماماً .. ربما لأنني أخيراً تخلصت من تلك التساؤلات ..!
................................................
حل المساء و ها أنا في فراشي فقد قررت أن أذهب للمدرسة غداً ..!
الساعة الآن هي الثانية عشر مساءاً ..!
أمضيت هذا اليوم بالتخطيط مع رايل عن خطة البحث التي ستبدأ غداً بعد وقت المدرسه ..!
سوف نذهب لذلك الملجأ الذي حصلت على عنوانه من جيسكا التي كانت محتفظة به طيلة تلك السنوات .. كذلك إسمي الكامل و كل الأوراق الرسمية الخاصة بالتبني و شهادة ميلادي الأصليه ..!
و في ذلك الملجأ سوف نبدأ بالبحث أولاً عن أوراقي التي ستكون لديهم بالتأكيد و حينها سوف نرى إن كان هناك أي معلومات عن أي أقارب لي ..!
بالتأكيد سيكون هناك بعض المعلومات بما أنهم لم يفكروا أن يتبنوني بأنفسهم ..!
لكني لاحظت أن ريكايل كان شارد الذهن اليوم بشكل كبير ..!
حسناً ... علي أن أنام الآن فلدي عمل شاق غداً ..!
غير أني سأذهب إلى المدرسة التي تغيبت عنها لعدة أيام منذ يوم الحفله !!..
.................................................. ............
دخلت إلى الصف و أنا أقول بنشاط : صباح الخير ..!
أجابني الجميع حينها بصباح النور .. و بدأوا يسألونني عن سبب تغيبي طيلة الأيام الماضيه ..!
بالتأكيد سأستعمل الكذبة المشهوره لدى كل طلاب المدارس ..( كنت مريضاً )
!!..
جلست على مقعدي حينها و أخرجت بعض الملفات من درج مكتبي : مرحباً لينك .. كيف حالك ؟!!..
إلتفت لأرى دايمن الذي وصل للتو : أهلاً دايمن .. كما ترى أنا بخير ..!
إبتسم بهدوء و جلس على مقعده بقربي : قلقنا عليك فقد تغيبت لفترة طويله .. ماذا حدث لذلك الفتى بعد أن أخذناه للمشفى ؟!!..
لم افهم قصده في البداية لكني بعد لحظات أدركت أنه يقصد رايل .. لم أقل شيئاً حينها : لا بأس إن كنت لا تريد التحدث في الموضوع ..! عموماً إسمع .. لقد سافرت ليندا إلى كندا بالأمس ..!
إلتفت نحوه متفاجأً حينها : ليندا سافرت !!.. لما ؟!!.. لقد قالت أنها ستلد هنا في باريس !!!.. ثم لما لم تخبرني قبل أن تسافر ؟!!..
تنهد بتعب حينها : لقد تفاجىء الجميع حين قالت أنها ستعود إلى هناك .. رغم أن ركوب الطائرة قد يضر بصحتها !!.. لكنها قالت بأن الطفل يجب أن يولد قرب أبيه !!.. سحقاً لذلك الأب الذي لا يفرغ من العمل !!..
إذاً كان هذا بسبب روبرت زوجها .. أردف دايمن مستاءً : تلك الفتاة لا تكف عن التفكير فيه رغم أنه لم يتصل منذ جاءت إلى هنا بل هي من تتصل به دائماً ..! لينك إنها مغرمة به إلى درجة تجلب جنوني ..!
تنهدت بتعب حينها : يفترض أن تفهم شعورها بما أنك مغرم بفلورا !!..
بذا نبرته المستاءه : فلورا تستحق أن أغرم بها !!.. لكن ذالك الروبرت يجلب لي الأرق كلما إلتقيت به لأني لم أره يبتسم يوماً حتى في يوم زفافه !!.. أرجوك أخبرني لما ليندا تحبه حتى الآن ؟!!..
هززت كتفاي جاهلاً : أظن أنك تفهم مشاعر الحب أكثر مني .. فبما أنك أنت لا تعرف الإجابه فيستحيل أن أعرفها أنا ..!
قطع حديثنا وصول ماثيو : مرحباً شباب .. كيف حالك اليوم لينك ؟!!.. هل تعافيت ؟!!..
أومأت إيجاباً : نعم .. كما ترا أنا بخير ..!
جلس على مقعده حينها : عليك تسليم بحث التاريخ لأنك لم تسلمه بعد .. لكنك رغم ذلك ستخسر خمس درجات بسبب تأخرك في تسليمه ..!
بدا علي الضجر حينها و أنا أسمع صوت الجرس يعلن عن بدأ الحصة الأولى : سأفعل ذلك بعد هذا الدرس ..!
.................................................. ....
إنتهى الدوام المدرسي على خير .. و حين خرجت كانت السيارة بإنتظاري .. رغم أن دايمن دعاني لتناول الغداء في أحد المطاعم إلا أني رفضت لأني اليوم سأكون مشغولاً بأمور أكثر أهميه ..!
ركبت السيارة بالأمام بجانب ريكايل : كيف كانت المدرسه ؟!..
تنهدت حينها بضجر : لن تصدق .. أستاذ التاريخ سيخصم عشر درجات مني لأني تأخرت في تسليم البحث !!.. ياله من مغفل .. لو رأيته وهو يصرخ بي ( سيد مارسنلي .. ليس أن تكون مالك المدرسة يعني أن تهمل دروسك .. إعلم أني لا أهتم للألقاب لذا ستنقص عشر درجات .. و إن أردت التعويض عنها فأريدك أن تعد بحثاً آخر عن لغز إعدام أسرة رومانوف السويسريه و تسلمه غداً ) !!.. ياله من موضوع بشع !!.. لقد نسي أني استطيع طرده ..!
بهدوء رد علي وهو يحرك السياره : لو أنك ستطرد كل معلم يفعل هذا لصارت المدرسة في حالة فوضى ..!
هو محق في كلامه .. لكني لا أريد أن أعترف : لنذهب للمنزل الآن حتى أبدل ملابسي ثم نبدأ بعملنا ..!
إبتسم بمكر حينها : لكن مذا عن أنستازيا ؟!!..
لم أفهم : أنستازيا ؟!!.. من تقصد ؟!!..
إتسعت إبتسامته حينها : أقصد إبنة القيصر الروسي .. ألم يطلب منك المعلم كتابة بحث عن أسرتها ..! يمكنني مساعدتك فقد كنت صديق إبنهم ألكسي سابقاً !!..
شعرت بالغيض منه .. ليتني لم أخبره بأمر البحث : إذاً لما لم يأخذوك و يقتلوك مع صديقك ألكسي ؟؟!!.. قال ألكسي قال !!..
ضحك حينها لسبب ما !!..
ياله من فتى !!..
تنهدت بتعب و أنا أعلم أنه لن يسمح لي بمغادرة المنزل حتى أنتهي من ذلك البحث : ألا تحتاج المكتبه ؟!!..
بضجر أجبته و أنا أنظر من النافذه : لا أحتاجها بما أن صديق أليكسي معي !!.. كما أن لدي بعض الكتب عنهم في المنزل ..!
.................................................. ...........
ها أنا الآن مستغرق في كتابة بحثي البشع كما يمكنني تسميته ..!
بالتأكيد بما أنها عن إحدى أفضع الجرائم في تاريخ البشريه ..!
تناولت الغداء فور عودتي مع والدتي لكن أحدنا لم ينطق بحرف ..!
طلبت من رايل أن يعد لي بعض القهوة الساخنه .. لكنه تأخر حقاً ..!
وقفت تاركاً مكتبي و أوراقي و أتجهت إلى المطبخ التحضيري ..!
رأيته يقف هناك يملأ إبريق القهوة الزجاجي من الآله .. لكن الإبريق إمتلأ لدرجة أن القهوة سالت على الطاوله !!!..
كان شارد الذهن بشكل كبير : ريكايل .. الإبريق !!..
إستيقض من شروده حينها : مذا ؟!!.. آه يا إلهي ..! أعتذر لم أنتبه لها .. عد إلى عملك و أنا سأنظف المكان و أحضر ما طلبته ..!
لم أنطق بحرف بل عدت إلى مكتبي تنفيذاً لما طلبه .. فيما يفكر يا ترى ؟!!..
جلست و بدأت أتابع كتابة بحثي .. و قد وصلت الآن إلى الجزء الأخير وهو بعنوان ( ما أكتشفه علماء العصر الحديث ) .. لكنه سيكون الجزء الأكثر تعقيداً ..!
نظرت إلى الساعه .. إنها الخامسه .. لقد ضاع نصف اليوم !!..
تابعت كتابة البحث و أنا أقلب الكتب و أبحث في الإنترنت : حسناً .. وجد العلماء أن الجثتين اللتان كانتا في قبر منفصل كانتا لأليكسي و أناستازيا ..!
هذا كانت أتمتم به و أنا منغمس في البحث : خطأ .. لقد كانتا لأليكسي و ماريا !!..
إلتفت حينها لأرى رايل يقف و يحمل صينية عليها كوب قهوى و بعض الشوكولا .. و ضعها على الطاولة عندي : لا .. لقد أكد الخبراء الأمريكيون أنها لأنستازيا ..!
عارضني حينها ليقول : لكن الأطباء الشرعين الروس أكدوا بأنها للأخت ماريا .. و أظن أن الروسين أكثر معرفة بأبناء قياصرتهم !!..
قطبت حاجبي حينها : لما تعرف الكثير عنهم ؟!!..
إبتسم حينها : قلت لك أني كنت صديق أليكسي !!..
تنهدت بضجر حينها ليقول هو بعض ضحكة قصيره : حسناً .. لقد قرأت كثيراً عنهم .. ربما لم أكمل دراستي لكني أحب قراءة القصص من ذلك النوع ..!
عدت حينها لبحثي : أظن أني سأكتب كلا المعلومتين ..! إن كنت تحب هذه الكتب فستجد كثيراً من الروايات المشابهه في مكتبتي .. يمكنك أن تشغل وقتك حتى أنتهي ..!
لم يرد بل توجه نحو المكتبه بينما تابعت أنا عملي و قد سجلت بأن الأمريكين قالوا أنستازيا .. و الروسيون قالوا ماريا ..!
.................................................. ..
الساعة الآن هي الخامسة و النصف و قد أنهيت بحثي الآن كما أنهيت كوب القهوه : أخيراً !!..
وقفت و إلتفت لأرى رايل يجلس على أحدا الأرائك المقابلة للتلفاز يقرأ في كتاب معه ..!
إقتربت قليلاً لأرى مذا يقرأ .. كانت رواية بعنوان ( شاهدة إثبات ) للكاتبة الشهيره أغاثا كرستي ..!
تنهدت بهدوء و جلست بجواره : آسف على مقاطعتك .. لكن هل لنا أن نبدأ بعملنا ؟!!..
لم يحرك عينيه عن الكتاب بل همس حينها : لم تقاطعني ..!
لم أفهم قصده بل نظرت إلى الصفحة التي هو فيها لأرى أنها كانت :
( الفصل الأول
كان السيد كارتر كبير موظفي مكتب السير ويلفريد روبرتس المحامي المعروف يتصفح أوراق إحدا القضايا حين دق جرس الهاتف .... إلخ )
إنها بداية القصه !!..
لا يزال في الصفحة الأولى .. هل كان شارد الذهن طيلة النصف ساعةٍ الماضيه : رايل .. مابك ؟!!..
وقف حينها و أبتسم لي بهدوء : لا شيء .. لنبدأ عملنا فقد تأخرنا بما فيه الكفايه ..!
يبدو أنه لا يريد أخباري .. لكني لن أجبره : حسناً .. لا بأس ..!
.................................................. ........
كنت أمسك بالورقة التي كتب بها العنوان و أخبر رايل الذي كان يقود عن الطريق : حسناً .. بعد ذلك المبنى إنعطف يميناً ..!
تجاوز المبنى لكنه سار بخط مستقيم : ليس من هنا !!.. رايل مابك ؟!!..
بهدوء دون أن ينظر إلي : أعلم .. لكننا سنذهب لمكان آخر أولاً ..!
لم أفهم .. ما قصته الآن ؟!!..
اليوم هو ليس على طبيعته .. بل كان يحاول أن يفعل ذلك ..!
سار في بعض الشوارع .. لأول مرة آتي إلى هذه المنطقه لكن يبدو أنه يعرفها جيداً ..!
كانت المنازل صغيره لكنها كانت جميلة في الوقت ذاته .. يبدو أنها منازل الطبقة الوسطى ..!
دخلنا إلى أحد الأحياء السكنيه .. الهدوء غطى على المكان رغم أن هناك بعض الناس يسيرون في الشارع من نساء و رجال و أطفال ..!
بعض المحال إسطفت على تلك الجهه و هناك حديقة صغيرة فيها بعض الأطفال يلعبون ..!
توقف أمام منزل في ذلك الحي ..!
كان صغيراً و هادءاً .. بدا قديماً لكنه لم يكن بحال سيئه ..!
إلتفت إلى ريكايل حينها : ما الأمر الآن ؟!!.. أخبرني فأنا لم أعد أطيق هذا الصمت !!!!..
وضع رأسه على المقود بتعب و نظر ناحيتي وقد بدت نظرته هادئة لكنها مليئة بالحيره : لينك .. أيمكن أن أسألك ؟!!..
.................................................. ............
ستووووووووب

لحظه

أنزلوا تحت
.
.
.
.




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 01:47 PM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 12

وضع رأسه على المقود بتعب و نظر ناحيتي وقد بدت نظرته هادئة لكنها مليئة بالحيره : لينك .. أيمكن أن أسألك ؟!!..
لم أعلم ما به الآن ؟!.. لكني بهدوء قلت و أنا أنظر لذلك المنزل من النافذه : حسناً .. إسإل ..!
بقيت أنتظر سؤاله و أنا لا أشعر بالراحة إتجاه ذلك السؤال ..!
بقي صامتاً فلم أتحرك أنا من مكاني بل بقيت أنظر إلى ذلك المنزل بصمت ..!
مضى بعض الوقت .. لما لم يسأل بعد ؟!!..
إلتفت ناحيته : هيا ريكايل .. إسأ ....!
صدمتي هي ما جعلتني أصمت !!..
فحين إلتفت رأيته يغمض عينيه بشده و صوت أنفاسه قد إرتفع !!..
كان يضع رأسه على المقود لكنه رفعه و أستند إلى الخلف و هو يضع يده اليسرى على صدره في محاولة لإستعادة أنفاسه التي لا أعلم كيف فقدها فجأه !!..
إنتابني قلق فضيع لحظتها و هتفت برعب : رايل مابك !؟!!.. مالذي أصابك فجأه ؟!!..
واضح أنه لا يملك القدرة على الكلام الآن !!!..
رفع يده اليمنى بصعوبة لكي يحاول فتح أزارير قميصه التي أغلقها كامله .. فتح الأول .. لكنه بقي يحاول فتح الثاني حتى تقدمت ناحيته و فتحته له و أنا أحاول ضبط أعصابي !!..
يا إلهي .. مذا أفعل ؟!!..
علي أن آخذه للمشفى !!.. نعم هذا ما أستطيع فعله الآن !!..
نزلت من السيارة و أتجهت إلى بابه حالاً لأفتحه : ريكايل .. أنذهب إلى المشفى ؟!!..
فجأه .. بدأ يشهق بشكل شديد كي يسحب بعض الأنفاس !!!..
ذلك ما زاد من توتري و خوفي ..!
بدا كالشخص الذي يلفظ أنفاسه اللأخيره !!..
دمعت عيناي و أنا أراه بتلك الحاله .. أسرعت لفتح بعض أزارير قميصه لعله يخفف عنه !!!..
لكنه بقي مكتوم الأنفاس !!..
لم أعرف مالذي أفعله الآن .. يجب أن أخذه لطبيب ما !!..
بقلق قلت و أنا أضع يدي على رأسه بهدوء : رايل .. ساعدني كي أنقلك إلى الباب الآخر حتى آخذك للمشفى !!..
المشكلة أنه هو يجلس خلف المقود .. أمسكت بكتفيه و أنا أقول : هيا حاول النهوض !!..
لم يجب بل لم يتحرك !!..
شعرت برعب كبير !!..
لا يزال يتفس بصعوبه .. كما آنه بدأ بإطلاق آهات متألمة يترفع صوتها مرة بعد مره !!..
عيناه المغضتان ذرفتا بعض الدموع المتألمه .. كما ذرفت أنا دموعي الخائفه !!..
أشعر أنه سيموت الآن بين يداي : أهناك مشكلة أيها الشاب ؟!!..
إلتفت إلى الخلف لأرى رجلاً يقف و يحمل بعض أكياس السوبر ماركت بين يديه ..!
بلا شعور قلت حينها و أنا أحاول أن أكتم دموعي : أرجوك ساعدني .. لا أعرف مالذي حل بصديقي ؟!!..
ترك الأكياس أرضاً و تقدم ناحيتي و لكن في تلك اللحظه هدأت أنفاس رايل فجأه : ريكايل ما بك ؟!!!.. إفتح عينيك أرجوك !!..
هل يمكن أن يكون قد مات ؟!!..
مستحييييييييل : لقد فقد وعيه !!..
هذا ما قاله ذلك الرجل بقلق ..!
شعرت بالراحة حينها فهو لم يمت كما ظننت ..!
لكن هذا ليس وقت الشعور بالراحه : أرجوك .. لنضعه في المقعد الخلفي حتى آخذه للمشفى !!..
أومأ موافقاً و ساعدني على حمله .. بينما تقدمت إمرأة كانت تسير في الشارع و فتحت الباب لنا : شكراً لك ..!
إبتسمت بهدوء : لا بأس .. لم أفعل شيئاً ..!
جعلناه يستلقي في المقعد الخلفي .. و حالاً جلست خلف المقود : أشكركم على المساعده ..!
بجد قالت تلك المرأه : سأتصل بالإسعاف لكي يكونو جاهزين لتلقي حالته ..!
أومأت حينها و قد إبتسمت بطمأنينة غريبه : شكراً لك مجدداً ..!
إبتسمت لي و أغلقت الباب .. إنطلقت حينها مسرعاً بإتجاه المشفى و أنا لا أعرف مالذي حل به بالضبط ؟!!..
.................................................. ................
رميت بجسدي على مقعد الألمنيوم الطويل أمام باب الغرفه .. و أمسكت برأسي بين يدي ..!
مالذي أصابه فجأة هكذا ؟!!..
لدي شعور أنه مصاب بمرض ما !!..
نعم .. لقد كان يتناول بعض الأدويه .. كما أن جسده ضعيف جداً !!..
أشعر بالقلق الكبير عليه .. يا إلهي !!..
كان علي أن ألاحظ أنه متعب !!..
كل همي كان البحث عن أولائك الأقارب الذين لا أعرف هل سيتقبلونني أم لا !!..
أنا السبب !!..
ربما لو إنتبهت إلى أنه متعب لتركته يرتاح و لما أصيب بهذه الأعراض المفاجئه !!..
لكن .. فات الأوان على لوم نفسي !!..
تنهدت بتعب حينها ..!
أريد أن أشغل بالي بالتفكير بشيء آخر حتى لا يزيد قلقي و أتوتر أكثر ..!
صحيح .. لما أخذني إلى ذلك الحي ؟!!..
و لما إلى ذلك المنزل بالتحديد ؟!!..
ما هو السؤال الذي كان سيسألني إياه ؟!!..
لا أعرف .. فتلك الحالة التي أصابته أنستني كل ما كنت أفكر فيه !!..
يا إلهي .. ذلك الرجل و تلك المرأه .. لقد ساعداني بلا مقدمات و بلا أي ردود ..!
شخصان لطيفان جداً .. حسناً أظن أن هناك الكثيرين بلطفهما !!..
في مجتمع الأثرياء .. نادراً ما تجد اللطيف .. فالجميع يعمل على المصالح !!..
لكن .. الناس البسطاء لا يحتاجون للمصالح كي يكونوا لطفاء ..!
لذا الحياة معهم سهلة و مريحه ..!
أغمضت عيني حينها و أنا أفكر أني منذ إلتقيت ميشيل و ريكايل تغيرت نظرتي للعالم !!..
حتى هما شخصان لطيفان ..!
رغم المشاكل التي سببها لي ريكايل في البدايه و رغم غضب ميشيل مني الآن فهما يبقيان لطيفين ..!
خروج الممرضة من الغرفة قد أيقضني من شرودي ..!
وقفت حالاً : كيف حاله ؟!!..
إبتسمت بهدوء : إطمأن فقد تجاوز مرحلة الخطر .. إسعافك السريع له أنقذه .. يمكنك الدخول لرؤيته الآن .. كما أن الطبيب لا يزال في الداخل ..!
تنهدت براحة حينها : شكراً لك ..!
بذات إبتسامتها : لا شكر على واجب .. أستأذنك ..!
سارت بعدها و هي تحمل دفتر الملاحظات .. لم أستطع أن أنظر إليه فقد كانت تحتضنه بين يديها ككثير من الممرضات ..!
نظرت إلى الساعه .. إنها الثامنة مساءاً ..!
دخلت إلى الغرفة حينها .. و أول ما رأيته هو رايل الذي إستلقى على السرير و قناع الأكسجين على وجهه و إبرة المغذي متصلة بذراعه ..!
التعب كان بادياً على وجهه ..!
لكني أحمد الله أنه تجاوز مرحلة الخطر بسلام ..!
الطبيب كان يقف بالقرب منه و يراقب بعض الأجهزه ..!
إقتربت منه بهدوء : مرحباً .. حضرة الطبيب ..!
إلتفت ناحيتي حالاً .. فتفاجأت بأنه كان أصغر من أن يكون طبيباً ..!
كان ذا شعر أسود قصير و كثيف .. و عينان زرقاوتان قاتمتان .. يرتدي نظارة طبية مستطيلة العدسات .. بدا في السابعة و العشرين ..!
في الوقت ذاته .. وسيم للغايه ..!
إبتسم لي بهدوء : أهلاً .. شكراً لك على إسعاف ريكايل بهذه السرعه ..!
إستغربت من معرفته لإسمه .. فهم حتى لم يأخذوا معلومات عنه بعد : لا داعي للشكر ..! لكن هلي بأن أعرف كيف عرفت أسم صديقي ؟!!..
إبتسم بهدوء حينها : أنا الطبيب المشرف على حالته .. أدعى الدكتور هاري ريبيرت ..!
بادلته الإبتسامة حينها : تشرفت بمعرفتك دكتور ريبيرت ..! أسمي لينك مارسنلي ..!
بذات إبتسامته اللطيفه : و أنا كذلك تشرفت بمعرفتك سيد لينك ..! حسناً أريد أن أطمئنك على صديقك فهو الآن بخير لكنه سيبقى في المشفى حتى مساء الغد كي نطمأن على حالته ..!
نظرت ناحيته على السرير .. بدت ملامحه هادئة فعلاً رغم آثار التعب .. عدت بناظري ناحية الدكتور هاري : هل يمكن أعرف من ماذا يشكو بالضبط ؟!!..
شعرت بالقلق من نوع الإجابه .. لكن ذلك الطبيب الشاب بذات إبتسامته قال : هو بخير .. فقط يصيبه ضيق في التنفس من فترة لأخرى ..! عموماً لا أستطيع شرح التفاصيل فهذه رغبته ..! طلب مني أن لا أشرح لأحد حالته بالضبط ..!
أردت أن أعترض .. لكني لم أكن قادراً على ذلك ..!
علي إحترام رغبته في عدم معرفة أحد بحاله ..!
و أيضاً علي أن أسأله بنفسي عن الأمر ..!
قطع تفكيري صوت الدكتور هاري : سينتهي وقت الزيارة بعد قليل .. الأفضل أن تذهب الآن .. يمكنك أن تزوره غداً إبتداءاً من الساعة الخامسه .. حينها سيكون بصحة جيده ..!
تنهدت بتعب و أنا أقول : حسناً حضرة الطبيب .. سأغادر الآن و أعود غداً ..!
أومأ موافقاً .. ألقيت نظرة أخيرة على رايل ثم خرجت من الغرفه ..!
.................................................. ..
صباح اليوم التالي و بينما كنت في صالة الخزائن في المدرسه أضع بعض الملفات في حقيبتي و بالي مشغول بحال رايل الآن .. هل تحسن يا ترى ؟!!..
قطع علي تفكيري صوت أنثوي بقربي : سيد مارسنلي ..!
إلتفت حالاً لأرى فتاة من ذات سنتي الدراسيه لكن من صف آخر .. لذا لا أذكر أسمها ..!
إبتسمت بهدوء : هل أخدمك بشيء يا آنسه ؟!..
توردت و جنتاها و هي تعطيني ظرفاً مزخرفاً و جميلاً : سوف تقيم شركتنا حفلة الليله بمناسبة مرور العام السابع و الخمسين على تأسيسها .. و سوف يحضر الكثير من رجال و سيدات الأعمال .. لذا أردت أن أدعوا بعض الطلاب من هنا .. لقد أرسلنا دعوة للسيدة مارسنلي .. لكني تمنيت أن أدعوك بنفسي لحظور حفلة الليله التي ستقام في قصرنا ..!
لم أرد أن أخيب ظنها .. لذا إبتسمت بهدوء يشوبه الحزن : آسف حقاً .. تمنيت الحضور لحفلتك لكن لدي الكثير من الأمور التي علي إنجازها اليوم .. كما أنك تعلمين بأن إمتحانات النصف الأول الدراسي إقتربت ..!
إعذريني .. لن أستطيع الحضور ..!
بدا عليها الحزن حينها : حقاً .. إذاً أرجوا أن تقبل الدعوه و إن كنت تستطيع الحضور فأتمنى أن تفعل ذلك ..!
أومأت موافقاً فأعطتني الظرف و أنصرفت .. و ضعته في حقيبتي التي كنت أحملها و أخرجت هاتفي ..!
كما أنا .. لطيف جداً مع الجنس الناعم ..! أو أستطيع القول .. نبيلات الجنس الناعم ..!
إتصلت بالدكتور هاري كي أسأله عن موعد خروج رايل .. أخربني بأنه سيخرج في الثامنة مساءاً ..!
.................................................. ....
دخلت إلى بوابة القصر فأستقبلتني الخادمة و أخذت حقيبتي ..!
و ما إن خطوت خطوتين في الردهة حتى رأيت أدريان هناك يتحدث إلى جيسكا ..!
و حين إنتبها لي تقدما نحوي ليقولا بصوت واحد : آهلاً بعودتك سيدي ..!
لم يكن لي المزاج للتحدث .. رغم ذلك سألت : جيسكا .. هل ستحضر أمي حفل الليله ؟!!..
بذات برودها المعتاد : نعم .. شركة روبرتون من أكثر الشركات الداعمة لنا .. لذا قررت والدتك حضور حفلهم ..!
تنهدت حينها بتعب .. عموماً أنا ليس لدي المزاج للذهاب ..!
تكلم أدريان حينها بهدوء : سيدي .. بالنسبة للموضوع الذي طلبت مني الإهتمام به .. لقد تم كل شيء و لم يبقى سوى توقيعك .. حتى المنزل الذي و جدته بكامل المواصفات اللتي طلبتها ..!
رائع .. كالعاده يمكنني الثقة بأدريان في هذه الأمور ..!
إبتسمت حينها براحة : جيد .. أحضر الأوراق كي أوقعها ..!
.................................................. .......
بعد أن تناولت الغداء مع والدتي خرجت من المنزل في الساعة الرابعة نهاراً ..!
حاولت إقناعي بحضور الحفل لكني رفضت بحجة إنشغالي ..!
رغم ذلك أصرت أن أحضر و لو ساعة فقط ..!
أخبرتها أني سوف أحاول فعل ذلك ..!
عموماً .. دعونا في الأهم ..!
سيبدأ موعد زيارة رايل في الخامسه .. لكن أريد القيام بعمل ما قبل ذلك ..!
لذا ركبت سيارتي البيضاء و أنطلقت إلى وجهتي و أنا عازم على ما سأقوم به ..!
و بعد سير في الشوارع و محاولتي الجاهدة تذكر الطريق وصلت لذلك الحي ..!
نعم .. إنه الحي الذي أخذني إليه رايل بالأمس : الآن علي أن أتجه لذلك المنزل ..!
هكذا همست لنفسي .. و بعد بحث لم يدم سوى دقائق وصلت لوجهتي ..!
ركنت سيارتي أمام باب المنزل .. و نزلت منها ..!
أمعنت التدقيق فيه .. صحيح أنه من دورين لكنه صغير جداً ..!
إحترت .. هل علي أن أطرق الباب أم مذا ؟!!..
أيجب أن أفعل ذلك دون علم ريكايل ؟!..
لقد كنا ننوي الذهاب لدار الأيتام الذي كنت فيه لكنه غير الطريق إلى هذا المنزل من دون مقدمات ..!
هذا يعني أن لي شأناً كبيراً بالأمر ..!
لذا .. تشجعت و صعدت الدرجات الثلاث لكي أقف أمام الباب .. ضغطت الجرس الذي كان على الجدار ..!
و بعد لحظات : قادمه ..!
إنه صوت فتاة .. فتح أحدهم الباب ..!
لقد كانت فتاة .. ترتدي بنطال جينز و تيشيرت أبيض و فوقه كانت ترتدي مأزر باللون البرتقالي مع قبعة مطابقه .. تفوه منها رائحة النباتات ..!
لها شعر بني طويل قسمته لنصفين و ربطة كل نصف كي يتدلى من الأمام فوق كتلفيها بلطف .. كما أنها ذات عينين زرقاوتين ..!
هل عرفتموها ؟!..
أنا عرفتها : لينك !!!!!!!!!..
هكذا هتفت بدهشة لأهتف أنا بذات النبره : جوليا ؟!!!..
لم أفهم الوضع .. إنها حقاً جوليا حسناء الملجأ ..!
إبتسمت لي حينها بسعاده : تفضل بالدخول .. أهلاً بزيارتك ..!
لم أعلم ما قصتها ؟!!..
هي تظن أني جإت عن قصد !!..
ألم تنتبه للدهشة في نبرتي حين نطقت إسمها قبل قليل ..!
لكن .. لما رايل آتى بي إلى منزل جوليا ؟!..
لقد طلبت مني الدخول الآن .. لم أملك الفرصة للرفض لذا دخلت بهدوء فأغلقت الباب و أخذتني لغرفة المعيشه : تفضل هنا .. ستجد أمي بالداخل .. سوف أحضر القهوى و آتي ..!
لم تعطني وقتاً للتكلام بل أسرعت لتدخل من باب في نهاية الممر قرب الدرج و أظن أنه باب المطبخ ..!
تنهدت بهدوء و دخلت إلى غرفة المعيشه ..!
أول ما وقعت عليه عيناي هو ذلك السرير المنخفض الذي جلست عليه تلك المرأه ..!
لم تبدو كبيرة في السن .. كانت بعمر والدتي تقريباً ..!
تمسك بين يديها بإبرة صغيره و تحاول إدخال الخيط فيها ..!
لم تنتبه لي ..!
كانت ذات شعر بني كأبنتيها .. و عينان زرقاوتين أيضاً .. شعرها جمعته كالكرة في مؤخرة رأسها ..!
بدت منهمكة في محاولة إدخال الخيط .. لذا تقدمت ناحيتها بهدوء و بلا تعليق أخذت منها الإبرة و الخيط برفق و أدخلته بشكل صحيح من المحاولة الأولى ..!
و أستطيع القول .. المحاولة الأولى في حياتي أيضاً ..!
نظرت إلى وجهها و أنا أعطيها الإبرة و أبتسمت : شكراً لك بني .. كيف حالك اليوم ؟!!..
لم أفهم ؟!!.. يبدو أنها تضنني شخصاً آخر ..!
لكني رغم ذلك جلست على مقعد بالقرب من السرير : بخير .. مذا عنك يا خاله ؟!!..
بذات إبتسامتها الحنونه : حالي جيده اليوم .. أفضل من الأمس على أي حال ..!
لولا أنها كانت تنظر إلي جيداً لقلت أنها عمياء .. إذاً هل أشبه شخصاً تعرفه ؟!!..
أيمكن أنها تعرف أحد أقربائي : آسفة على التأخير ..!
كان هذا صوت جوليا التي دخلت ووضعت الصينية على الطاولة قرب السرير و عليها بعض الأكواب و أبريق القهوه ..!
أعطتني كوباً وهي تقول ببتسامه : كيف حالك اليوم يا لينك ؟!!..
بهدوء إجبتها : أنا بخير .. و أنتي ؟!!..
أجابتني بذات إجابتي .. بينما كان الإستغراب واضحاً عن والدتها : لينك ؟!!..
نظرت جوليا ناحية أمها ببتسامه : أمي .. ألم تتعرفي عليه قبل قليل ؟!!..
أومأت الأم سلباً لتقول الإبنة حالاً : أمي إنه لينك صديق ماثيو ..!
إلتفت إلي حينها بتفهم : هكذا إذاً .. ضننت شخصاً آخر يا بني .. إعذرني ..!
بإحراج قلت : لا .. لا مشكله .. أنا من كان علي أن أقدم نفسي لك يا خاله ..!
هل يجب علي أن أسألها من هو الشخص الآخر الذي تتحدث عنه ؟!!..
أم علي أن أنتظر قليلاً ؟!!..
أشعر بالحيره ..!
لكن كي أغير الموضوع : يبدو أنك كنت على وشك الخروج جوليا .. آسف على حضوري دون موعد مسبق ..!
بذات إبتسامتها البشوشه : في الحقيقة لم أكن على وشك الخروج بل على العكس ..! لقد عدت من عملي قبل قليل .. فأنا أعمل في محل كبير لبيع الزهور بالقرب من هنا ..! أما ميشيل فقد ذهبت الآن لمكان عملها ..!
كانت قد خلعت المإزر و القبعه ..!
الآن عرفت لما كانت رائحة النبات تفوح منها ..!
الإثنتان تعملان بحهد من أجل العيش الكريم !!..
يالي من تافه بالنسبة لهما : لينك .. مالذي دعاك للحضور إلى هنا ؟!!..
إلتفت ناحية جوليا .. صحيح !!..
أنا لم أخطط لما علي قوله حين ألتقي بأصحاب المنزل ..!
و بما أنها جوليا الأمر يزداد تعقيداً ..!
لكن علي أن أجد موضوعاً أتحدث فيه الآن ..!
و بعد تفكير للحظات .. وجدته : آه صحيح .. أردت إخبارك بأني أشتريت الملجأ من شركة دايفيرو ..!
شهقت حينها فوراً : أتقول الصدق ؟!!..
أومأت إيجاباً ببتسامة و أنا أشعر أني قمت بعمل جيد : بالتأكيد .. و قد إشتريت منزلاً جيداً في حي قريب من هنا .. و بقربه حديقة صغيرة كي يلعب فيها الأطفال متى شاؤوا .. كما أني أحضرت بعض العاملات الخبيرات في معاملة الأطفال ..! و إن كنتي تريدين ستبقين مديرة الملجأ براتب طبعاً ..!
لا أخفي عليكم أن دموعاً سالت من عينيها : جوليا .. يفترض بك أن لا تبكي !!..
هكذا قلت بإستغراب : إنها دموع الفرح لا أكثر .. و أخيراً سوف يستطيع هاؤلاء الأطفال العيش كيغيرهم ..!
شعورها بالسعادة لهذا الحد فاجأني .. لكنه أسعدني أيضاً : إذاً .. يمكنكم الإنتقال إلى هناك خلال أسبوع .. كل شيء جاهز فقط بقي أنتم ..! الأثاث و الغرف و كل شيء جاهز ..! و حين تذهبون إلى هناك ستقوم العاملات بأخذ قياسات الأطفال لإحضار ملابس جديده ..! سيكون هناك سائق خاص مع سيارته الكبيرة كذلك من أجلهم .. لإحضار كل ما يحتاجون إليه ..!
أخذت تشكرني بعينان تذرفان الدموع .. و الدتها كذلك كانت تشكرني و تضيف إلى أني شخص جيد ..!
بالفعل .. لقد صرت شخصاً جيداً ..!
لكني في الماضي لم أكن كذلك !!..
ربما هذا القرار المهم الذي أتخذته ألا وهو شراء ملجأ الأطفال قد يغير حياتي ..!
تحدثنا في هذا الموضوع كثيراً و طلبت منهما ألا تخبرا أحداً بهذا حتى ميشيل : و إن سألكم أحد عن المالك الجديد قولوا أنكم لا تعرفونه بل كان يتراسل معكم بالرسائل فقط ..! سأكتب الملجأ بإسم جوليا حتى لا يعرف أحد بأني من إشتراه ..!
بدا التوتر على جوليا : بإسمي !!.. أأنت واثق من هذا ؟!!..
أومأت إيجاباً ببتسامه : بالتأكيد .. أنتي الأحق بذلك ..!
رفضت في البداية لكني أقنعتها بمساعدة والدتها الخالة آنا ..!
و بعد أن أقتنعت قمتا بشكري ثانيةً إلا أني قلت : لا داعي لذلك .. لقد أحببت أولائك الأطفال حقاً .. لذا ظننت أنه من السيء أن يعيشوا تلك الحياة السيئه ..! إن لم يكن لديك مانع جوليا .. سوف أضع نظام التبني في الملجأ ..!
خفت أن ترفض بحجة أنها متعلقة بالأطفال ..!
لكنها إبتسمت لي حينها : لا بأس بذلك لينك .. سأكون حزينة لفراق أي واحد منهم ..! لكني دائماً أفكر بأنه من الأفضل لأي طفلٍ ان يعيش وسط أسره ..!
تنهدت براحة حينها .. و قد بدت السعادة علي كما كانت على جوليا و والدتها ..!
لم أكن أفكر بإخبارها الآن .. لكني لم أجد إلا هذا الموضوع للتغطية على السبب الحقيقي لزيارتي ..!
نظرت إلى الساعة التي على الجدار لأرى أنها الخامسة و الربع .. يفترض بي أن أذهب لزيارة ريكايل الآن : لينك .. هل لي أن أسألك ؟!..
إلتفت ناحية الخالة آنا حينها : بالتأكيد خالتي .. تفضلي ..!
كانت تنظر إلي بإمعان و كأنها رأتني مسبقاً : ملامحك ليست غريبة علي .. إلى أي أسرة تنتمي ؟!!..
بعفوية قلت : أسمي لينك جاستن مارسنلي ..!
لحظتها تذكرت أنه كان علي أن أقول الإسم الآخر كي أعرف إن كانت تعرف أحد أقاربي الحقيقين !!..
يالي من أحمق !!..
لكني إعتدت على ذلك الإسم !!..
كيف أصحح خطأي الآن ؟!!..
إنتبهت حينها لنظرات الصدمة على وجهها : خالتي .. أهناك شيء ؟!!..
هذا ما قلته بإستغراب !!..
سألتني حينها سؤال فاجأني : أأنت إبنهم الحقيقي ؟!!.. أجبني فإجابتك مهمة جداً لي !!..
صدمني سؤالها ..!
نظرت ناحية جوليا علها قد أخبرتها بالأمر لكنها أيضاً كانت مصدومة و أشارت لي بأنها كتمت السر كما طلبت منها !!..
أيمكن أن يكون ريكايل هو من أخبرها ؟!!..
هل علي ان أقول الحقيقه ؟!!..
ربما .. و ربما لا !!..
أياً يكن فأنا لن أكذب على إمرأة بعمر أمي : في الحقيقه .. أنا إبنهم بالتبني ..!
هذا ما قلته بهدوء و صوت خافت ..!
داههمتني حالاً بسؤال آخر : ما أسمك ؟!!.. أقصد إسمك الحقيقي ؟!!!..
زاد توتري حينها فأجبت حالاً : لينك إيان براون !!..
لكنها في تلك اللحظة شهقت بدهشه : أيعقل أن تكون أنت الرضيع الذي تبنته وصيفة مارسنلي قبل سبعة عشر عاماً ؟!!!..
وصيفة مارسنلي .. من الوهلة الأولى علمت أنها تقصد جيسكا !!..
هذه المرأه تعرف قصتي بالتأكيد !!..
كنت مصدوماً من كلامها لكني بلا شعور هتفت : خالتي .. هل كنتي تعرفينني من قبل ؟!!!.. كيف علمتي بأنهم تبنوني و أنا رضيع ؟!!..
كانت الدموع تسيل من عينيها لسبب أجهله ..!
تجاهلت سؤالي كأنها لم تسمعه : يا إلهي لا اصدق !!.. الطفل الذي كنت أريد لقاءه بشدة أمامي الآن .. بعد سبعة عشر عاماً هاهو أمامي !!.. يالسعادتي ..! تمنيت أن أراك قبل أن أموت !!.. كانت تلك هي أمنيتي الوحيدة في هذه الحياة كي أكفر عن خطأي !!..
خطأ و أمنية و حديث لا أكاد أستوعبه ؟!!..
مالذي تعرفه عني بالضبط ؟!!..
جوليا أسرعت لوالدتها كي تواسيها فالأم بدأت تبكي بحق : أمي مابك ؟!!.. أخبرينا هل تعرفين من هو لينك من قبل ؟!!..
لقد ألقت ذلك السؤال بدل عني ..!
أجابت حينها و الدتها من بين دموعها : لينك .. الميتم الذي كنت فيه هو ذلك الميتم الذي إشريته الآن !!.. إنه ذات ملجأ الأيتام الذي عشت فيه أيامك الأولى ..! لقد كنت أعمل مربية أطفال هناك حين تم تبنيك ..!
أول ما خطر ببالي لحظتها هو ذلك اليوم !!..
,’,×,’,
نظرت من النافذة لأرى أننا توقفنا أمام بناء متهالك يبدو كمدرسة أو ما شابه ..!
نظرت إلى ماثيو مجدداً : لما توقفنا هنا ؟!.. ما هذا المكان ؟!..
و أخيراً نظر إلي ليجيب ببتسامه : إنه ملجأ للأيتام !!.. حدثني عنه خادمي و أخبرني بأن الأطفال فيه يعانون كثيراً جراء الفقر و المرض!!.. لذا أردت زيارة هذا المكان !!.. لننزل !!..
شهقت بفزع : ننزل !!.. أجننت !!.. لن أفعل و إن أردت إنزل وحدك !!.. يستحيل أن أنزل في مكان كهذا !!.. السيـ ...!
قطاعني بسخرية ليكمل كلامي : السيد مارسنلي لا يمكنه زيارة أماكن كهذه !!.. كف عن التبجح و الغرور لينك !!.. تصرف بتواضع ولو ليوم واحد !!.. هيا أنزل و أعدك بأن أخذك إلى أفضل مطعم يعد المعكورنه الإيطالية في باريس حين عودتنا !!..
تنهدت بضجر و نزلت كما فعل هو .. نظرت إلى ذلك المبنى للحظات لكي أتأمله ..!
أظن أن عاصفة صغيرة قد تهدمه فوق رؤوس من فيه وقد بدا قديماً جداً كما أن الأماكن من حوله مليئة بالقاذورات و الروائح الكريهه !!..
لم أشعر إلا بيد ماثيو يسحبني خلفه .. آخ من هذا الفتى !!..
دخلنا عبر بوابة لم يكن لها باب !!..
حيث فناء كبير فارغ إلا من بعض قطع الخرده و كذلك الأراجيح التي صنعت من أطارات السيارات ..!
كذلك هناك الكثير من الإطارات و بركة وحل كبيره الواضح أن هناك من يلعب بها دائماً بسبب الأثار قربها .. كم هذا مقزز !!!..
سرت مع ماثيو و أنا أحوال كتم أنفاسي بسبب الرائحة الفظيعه ..!
,’,×,’,
ذلك المكان .. هو المكان الذي قضيت فيه أيامي الأولى !!..
أيعقل هذا ؟!!..
هذه المرأه .. عرفتني قبل أمي !!..
عرفتني قبل إلينا !!..
و ربما لو لم يتبناني جاستن و إلينا لصارت هذه المرأة هي الأم التي ربتني !!..
سأكون كأخ لميشيل .. سأعرفها منذ الطفوله ..!
ربما لم أكن لأعرف أليس !!..
و ريكايل و جوليا .. كلهم سأعرفهم منذ طفولتي ..!
لكن القدر جمعني بهم بعد سبعة عشر عاماً ..!
كنت مصدوماً لذا بقيت صامتاً ..!
لكن الخالة آنا لم تصمت بل تابعت بعينين دامعتين : لينك إسمع .. عندما كنت في الملجأ كان لديك شقيق !!.. لكن حين تبنوك آل مارسنلي إفترقت عنه !!.. عليك أن تلتقي به لينك !!.. أنتما الإثنان عليكما العيش سويةً كما كان يفترض أن يحدث !!..
كانت تلك هي الصاعقة العظمى !!..
منذ طفولتي تمنيت لو كان لي آخ ..!
لكن لم أعتقد بأني سأحصل على واحد بهذه الطريقه !!..
لي شقيق .. بكم يكبرني ؟!!..
بما أن والداي ماتو في أيامي الأولى فلا شك أنه يكبرني ببعض الأعوام ..!
أيمكن أن أصدق أو أستوعب بأن لي أخاً بعد كل هذا
؟!!..
هل سيتقبلني ؟!!..
هل كان يبحث عني ؟!!..
هل يمكن أن ألتقي به و أتقبله بسهوله ؟!!..
آلاف الأسألة كانت تدور في ذهني !!!..
كانت الخالة آنا تحاول التوقف عن البكاء و جوليا كانت تحاول أن تفهم منها شيئاً !!..
أكان ريكايل يعرف شيئاً عني ؟!!..
أيمكن أنه يعرف آخي الأكبر ؟!!..
لا شك في ذلك فهما عاشا في ذات الملجأ !!..
هل علي أن أذهب الآن لرايل كي أسأله عن أخي الذي لا أعرف حتى أسمه ؟!!..
قطع تفكيري صوت من خلفي : مالذي يجري هنا ؟!!..
إلتفت حالاً لذلك الشخص : لينك ؟!!.. لما أنت هنا ؟!!..
وقفت حينها بدهشه : ريكايل !!.. لما خرجت من المشفى ؟!!..
بدا مصدوماً .. لا شك أنه لم يتوقع وجودي هنا !!..
ليس وحدي على الأقل !!..
الساعة لا تزال الخامسة و النصف : سمح لي الطبيب بالخروج ..!
إنتبه حينها لجوليا و والدتها : خالتي .. لما تبكين ؟!!.. جوليا ما الأمر أخبريني ؟!!.. أين ميشيل ؟!!.. هل حدث لها شيء ؟!!..
أومأت جوليا سلباً حينها و هي تقول بعدم تصديق : رايل لن تصدق ..! أمي تعرف أسرة لينك الحقيقيه !!.. لقد قالت له أنه كان يعيش في ذات الملجأ قبل سبعة عشر عاماً !!..
نظرت لريكايل كي أرى ردة فعله ..!
لكني صدمت لأنه لم يكن متفاجأً و كأنه علم بالأمر مسبقاً ..!
و في جزء بسيط من الثانيه تملكني تفكير غريب ..!
دققت النظر في رايل ..!
في شعره الأشقر و عيناه الخضراوتان ..!
ملامحه الهادئه اللتي لا تخلوا من الحزن ..!
صوته كذلك ..!
و في غمضة عين تخيلت أني أرى نفسي : رايل .. ما أسمك الكامل ؟!!..
هذا ما سألته بخفوت و أنا أحاول تمالك أعصابي ..!
صمت لفتره .. و الخالة آنا توقفت عن البكاء و أخذت تراقب الموقف ..!
جوليا كذلك ..!
رغم بساطة سؤالي إلا أنه مهم جداً بالنسبة لي ..!
كان ينظر إلي .. إلى عيني بالتحديد ..!
بملامحه الهادئة و بنبرة خافتة حاول أن يتمالك نفسه فيها : ريكايل .. ريكايل إيان براون ..!
.
.
.
أيعقل هذا ؟!!؟!..
.................................................. .....
نوقف هنا ^^

آسفه ع التأخيييييييييييييير .. هونتوني غومينا ساي ..!

لكن .. كما ترون عوضتكم ببارتين ^^

نجي للهوم وورك


ريكايل إيان براون & لينك إيان براون .. إسمان متطابقان .. ما تعليقكم ؟!..

كيف ستكون ردة فعل كلٍ من لينك و ريكايل تبعاً للعلاقة الجديدة بينهما ؟!..

و ماهو الذنب الذي إرتكبته الخالة آنا في حق لينك قبل سبعةً عشر عاماً ؟!..

و مذا عن الملجأ الذي تم شراءه أخيراً ؟!..

أي أحداث سوف تحصل ؟!..

و ما توقعاتكم للمستقبل ؟!..

ما رأيكم بالبارتين ككل ؟!..

تحياتي لكم ^^

جانا


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 02:47 PM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 13

منذ وقت و أنا أجول شوارع باريس بأقصى سرعه !!..
أشعر بأني تجولت في كل شارع فيها
!!..
لم أكن أتوقف عند إشارات المرور !!..
و لم أكن أخفض سرعتي عند المنعطفات !!..
كل ما أعرفه إني كدت أن أتسبب في حوادث مميتة عدة مرات !!..
لأن الجنون إنتباني حالياً ..!
و من كثرة الصدمات التي تلقيتها في اليومين الأخيرين فأنا لست مهتماً لحياتي الآن !!..
أو بالأحرى .. أنتظر الموت في شبه محاولة للإنتحار !!..
لا تزال تلك الكلمات التي سمعتها منه تجول في ذهني ..!
[ ريكايل إيان براون ] !!..
حلت الصاعقة حين سماعي لذلك الإسم !!..
خادمي يحمل إسم مشابه .. أو بالأحرى مطابق ..!
حتى و إن كنت قد أحببت ذلك الفتى بشكل كبير فأنا لن أتقبل كونه شقيقي بسهوله !!..
هه .. و ليس أي شقيق أيضاً !!..
بل شقيقي التوأم !!..
أي شخص عاش حياتي المترفه لن يستوعب كون أحد الخدم شقيقاً له !!..
صدقوني الأمر صعب !!..
صحب لدرجة أني أكاد أنفجر !!..
و هكذا إستمريت بتفريغ شحنة الغضب عن طريق السرعة الجنونيه !!..
و أنا لا أزال أشعر أني أريد أن أحطم كل شيء أمامي !!..
.
.
.
بعد مضي بعض الوقت .. أوقفت السيارة على جانب الطريق قرب حديقة صغيرة ..!
نزلت منها و أنا أريد أن أهدأ من أنفاسي المتلاحقه ..!
و لأني كنت عند باب الحديقه دخلت إليها و أنا أظن أن ذلك أفضل لنفسيتي ..!
لقد حل الليل ..!
الساعة الآن هي السابعة مساءاً !!..
منذ متى و أنا أجول الشوارع بلا هدف ؟!!..
لا أعلم لكني موقنن بأن وقود سيارتي على وشك أن ينفذ !!..
جلست على أحد المقاعد بتعب كبير أصابني ..!
أكاد أجن و السبب هو صدمتي الجديده !!..
ريكايل !!..
أيمكن أن يكون أخي !!..
ربما تشابه في الأسماء !!..
آآآآآآآآآه .. لكننا نتشابه في الشكل أيضاً ..!
صحيح !!..
هو من مواليد الثالث من أبريل !!..
أما أنا فمن مواليد الثامن !!..
حسناً .. هذا يثبت أنه ليس أخي فيستحيل أن يكون أخ أكبر من أخيه بخمسة أيام فقط !!..
.
.
.
لحظه !!..
لينك تذكر .. تاريخ ميلادك الحقيقي هو الثالث من أبريل !!..
.
.
.
إذاً لا شك في أنه هو !!..
لنفترض أنه هو حقاً ..!
كيف علي أن أتصرف الآن ؟!!..
هل أخبر أمي ؟!!..
لا لا .. فهي أيضاً ستكون مصدومه !!..
لأبقي الأمر سراً حتى أجد الحل ..!
منذ سمعته ينطق بذلك الإسم خرجت دون قول كلمة بعد بضع لحظات صمت !!..
و حين خرجت من منزلهم ركبت سيارتي بأسرع وقت و أنطلقت مسرعاً في الشوارع بلا وجهة محدده !!..
أريد أن أجد أي شيء يشغلني عن التفكير قبل أن أجن !!..
و كأن هاتفي شعر بي فأطلق العنان لنفسه لحظتها ..!
كان يرن بتواصل .. و حين أخرجته من جيبي رأيت أنها والدتي !!..
أجبتها حالاً : لينك أين أنت الآن ؟!!..
بدا الإستياء في نبرتها .. لكني أجبتها بإرتباك : أنا !!.. في مكان ما من باريس !!..
لم أكن أعرف أين يمكن أن أقول لها ؟!!..
شهقت بفزع : مكان ما من باريس ؟!!.. لأول مرة تقول هذا لي !!.. لينك .. أيمكن أنك الآن في أحد النوادي المشبوهه ؟؟!!!!!!..
لم أعرف إن كانت أمي قد جنت حقاً !!..
إنفعلت حينها : ما هذا الذي تقولينه !!.. أنتي تعلمين أنك ربيتني جيداً لذا لا داعي لأن تشكي في !!.. ثم لا تنسي بأني أخاف من الثملين !!..
كنت أتكلم عفوياً لأنها حقاً فاجأتني بكلامها !!..
ضحكت حينها بخفة وهي تقول : كنت أمزح معك فقط ..! حسناً بني عليك أن تسرع في العودة للمنزل ..! الحفل سيبدأ بعد ساعتين !!..
قطبت حاجبي : أمي قلت لك أني لن أذهب لحفلة روبرتون لأن ذلك مجرد تضيع للوقت !!..
بدا أن كلامي أزعجها : أووه لينك !!.. لما تقول هذا !!.. آل روبرتون من أكثر الشركات السياحية الداعمة لنا ..! لذا أريد منك أن تحضر حفلهم !!.. ثم أنت لا تحضر أي حفلة معي !!.. هكذا لن تتعرف على رجال و سيدات الأعمال !!..
ببرود قلت : لما علي أن أتعرف عليهم ؟!!..
إزداد إستياءها : فقط لأنك وريث الشركه و خلال السنوات القليلة القادمه ستكون المسؤول عنها لأنني تعبت بما فيه الكفايه !!.. ثم جميع أبناء رؤساء الشركات يحضرون إلى الحفلات عداك أنت !!.. إسمع .. أنا سوف أذهب و سأنتظرك هناك .. أرجوا منك أن تحضر و لا تخيب ظني بك !!..
أغلقت الخط بعدها بإنزعاج !!..
ليتك تعلمين مالذي في داخلي يا أمي .. لكنت عذرتني الآن !!..
أطلقت تنهيدة متعبه ..!
و عدت نفسي أنني لن أسبب الحزن لإلينا أبداً .. لذا قررت أن أذهب للحفل حتى و إن لم يكن لدي المزاج !!..
على الأقل .. قد يشغلني عن التفكير في المصائب التي حلت على رأسي ..!
.................................................. ..
وقفت أمام المرآة أتفقد نفسي ..!
إرتديت بدلة رسمية ترابية .. لكنها لم تعجبني ..!
إرتديت رماديه .. لكنها لم تعجبني أيضاً ..!
لذا قررت أن أرتدي السوداء رغم أنها أعتياديةٌ جداً و هذا ما فعلته ..!
إرتديتها مع قميص أبيض و ربطة عنق باللون الأسود أيضاً ..!
و بعد أن أنهيت تجهيز نفسي تماماً نظرت إلى ساعة يدي الفاخرة : إنها التاسعة و النصف ..! لقد بدأ حفلهم منذ نصف ساعه ..!
تنهدت بملل و خرجت من الغرفه ..!
و حين نزلت إلى الأسفل إتجهت لمربض السيارات ..!
لطالما فضلت سيارتي الفراري الحمراء فهي كانت أول سيارة أهدتني إياها أمي ..!
لذا ركبتها و فور أن شغلتها كشفت سقفها لتكون بلا سقف ..!
ذلك أفضل لأني أشعر بالإختناق حقاً ..!
إنطلقت حينها ناحية منزل روبرتون ..!
......................................
دخلت إلى تلك الردهة الفاخره ذات التصاميم المجنونه ..!
في أعلى تلك الردهة كانت هناك قبة زجاجيه تتدلى منها ثرية ذات حجم هائل و بكثير من الأضواء الملونه ..!
الجدران كانت تتدرج من الذهبي و الخشبي و الأحمر القاتم كدليل للفخامه ..!
هناك الكثير من الشرفات التي تطل على الحديقه الواسعة بالخارج ..!
المكان مزدحم و الكثير من النبلاء هنا ..!
كانو ينظرون إلي منذ دخلت ..!
لا أعرف لم جذبت الإنتباه ..!
لكن همساتهم المسموعة أجابتني ..!
~ ذلك الفتى هو وريث مارسنلي صحيح ؟!!..
~ إبن السيدة إلينا .. إنه يشبهها إلى قدر كبير ..!
~ أتعلمن .. إنه ثري و وسيم و كل صفات فارس أحلامي موجودة فيه ..!
~ نادراً ما يحضر للحفلات .. لم ألتقه سوى مرتين من قبل ..!
~ سمعت أنه مدلل جداً .. و مغرور كذلك !!..
~ لما أنت مهتم لأمره .. ليس سوى مجرد طفل !!..
تجاهلت كل ما سمعته أذناي و بقيت أبحث عن والدتي حتى أطمأنها لأني حضرت ..!
رأيتها هناك تجلس على إحدى الطاولات و معها خالتي كاثرن و عمي رونالد ..!
تقدمت ناحيتها متجاوزاً الجميع حتى أسرعت فتاة لتقف أمامي : سيد مارسنلي .. من الرائع حضورك اليوم ..!
لقد كانت ذات الفتاة التي أعطتني الدعوة في الصباح ..!
إبتسمت إبتسامة صغيرة و أطلقت كذبة ستجعلها سعيدة بالتأكيد : لم يكن لي أن أتخلف وقد دعوتني بنفسك إلى الحفل .. شكراً على الدعوه ..!
توردت وجنتاها و بدت سعيدةً للغايه : لا داعي للشكر .. بل أنا من عليه شكرك لتبليتك دعوتي .. أرجوا أن تستمع بوقتك ..!
أومأت لها فأستأذنتني بالأنصراف كي ترحب بضيوف آخرين ..!
لذا تابعت طريقي بإتجاه والدتي التي كانت تعيرني ظهرها ..!
إنتبه لي عمي و خالتي لكنهما لم ينطقا ..!
و حين وقفت خلف والدتي ربتت على كتفيها و أنزلت رأسي لأهمس لها بلطف : لقد حضر لينك .. سيدة مارسنلي ..!
إبتستمت و إلتفتت ناحيتي لتقول بنبرة سعيدة هادئه : أهلاً بإبني الوسيم ..!
كلما سمعت كلمة " إبني " منها الآن تزداد محبتي لها ..!
و بعد أن ألقيت التحية على عمي و خالتي جلست معهم حول تلك الطاوله ..!
جأني أحد الخدم يحمل صينية عليها بعض أنواع الشراب الفاخر ..!
إبتسمت إبتسامة مصطنعه و تصنعت الظرافة و أنا أقول : بقي لي يومان و أدخل السن القانونيه ..! يمكنك أن تحظر لي عصير اللتفاح ..!
بدا مستغرباً لكنه قال حالاً : حاضر سيدي ..!
غادر المكان حينها : لقد مضت خمسة أشهر منذ دخلت السن القانونيه ..!
إلتفت ناحية والدتي : أتريدين مني أن أجربه ..!
قطبت حاجبيها حالاً : بالتأكيد لا !!.. لكني كنت أعلق على كلامك فقط ..!
ضحكة الخالة كاثرن بخفه : لينك أمك تريد منك أن تكون صالحاً من كل النواحي ..!
أردف عمي رونالد ببتسامة : أظن أنها الأفضل في التربية على الإطلاق ..!
إبتسمت بهدوء و نظرت إلى والدتي التي شردت بذهنا ..!
لا أعلم لما شعرت أنها تقول لنفسها .. " أظن أني لم أكن لأربي إبني الحقيقي هذه التربيه !!.. "
لا تسألوني كيف لكني شعرت بهذا فقط ..!
وصل الخادم و وضع كأس العصير و أنسحب بهدوء ..!
تذكرت حينها شيئاً : عمي .. ألم يأتي إبناءك أيضاً ؟!!..
أجابني حينها وهو يشير خلفي : دايمن هناك مع إبنة مردستن ..!
إلتفتت حالاً إلى الخلف لأراه يقف مع فلورا على مسافة منا يتبادلان الضحكات ..!
و لم تمضِ لحظات حتى أمسك بيدها و سارا بإتجاه ساحة الرقص ..!
إبتسمت إبتسامة جادنبيه .. صديقي هذا لا يمل من فتاته !!..
سمعت صوت الخالة كاثرن وقد أردفت : لا أعلم أين آندي ؟!.. لقد ذهبت مع صديقةٍ لها قبل وصولك بدقائق ..!
إلتفت ناحيتهم حينها في ذات الوقت الذي وصلت فيه ميرال بفستانها الوردي مع شعرها البني الطويل ..!
إتجهت ناحية والدتها وبقيت تحدثها .. بينما نظرت إلي والدتي بإستغراب : صحيح لينك .. أنا لم أرى ريكايل اليوم و هو لم يحظرك من المدرسه ؟!!..
لم ذكرته مجدداً يا أمي ..!
عقلي لن يتوقف عن التفكير فيه الآن ..!
تنهدت بتعب : أصيب البارحة بألم في معدته و ذهب للمشفى فأخبروه أن عليه أن يبقى عندهم .. لكنه خرج هذا النهار فأخبرته أن يرتاح اليوم ..!
ظهر القلق الطفيف على ملامحها : أرجوا أن يكون بخير قريباً ..!
كان علي أن أحرف في القصة قليلاً ..!
لن قول الحقيقة لأن تلك الحالة التي أصابته ستقلق أمي التي بدا أنها بدأت تميل لذلك الفتى ..!
أيعقل أنها تشعر أنه يشبهنني ؟!!..
لا لا .. علي طرد تلك الوساوس من رأسي ..!
وقفت و أنا أحمل كأسي : سستنشق بعض الهواء ..!
لم يقل أحدهم شيئاً ..!
إتجهت ناحية الشرفة القريبه ..!
و حين خرجت كان الجو هادئاً و أصوات الموسيقى ضعيفه ..!
أسندت ذراعي على سور الشرفه و كأس عصير التفاح في يدي ..!
مرت نسمة هواء بارده حركت خصلات شعري ..!
أمي
ميشيل
ريكايل
جوليا
الخالة آنا
لويفان
هاؤلاء الستة يشغلون ذهني بشكل كبيييير !!..
رأسي يكاد ينفجر كلما بدأت أفكر ..!
لينك .. مالمشكلة في كونه أخاً لك ؟!..
هناك مشكله .. هو خادم و أنا سيد !!..
لكن .. لم يكن بيده أن يكون خادماً ..!
و أنت أيضاً لم تختر أن تكون سيداً ..!
لينك أنت تحبه و قد إإتمنته على أهم سر لك ..!
إنه يفهمك جيداً ..!
إنه أخوك التوأم يا لينك !!..
لا .. إنه مجرد خادم مشرد !!..
كيف تسمح بأن يكون أخاً لك !!..
لا أنت و لا غيرك قد يتقبل هذا !!..
لقد كان يعلم مسبقاً !!..
حين قالت له جوليا بأن والدتها تعرفني لم يستغرب !!..
علم مسبقاً أني أخوه !!..
لما لم يخبرني ؟!!..
لأنه خادم و لا يجرأ على أن يخبر سيده بأمر الأخوة بينهما !!..
آآآآآآآآآآآآآآآه رأسي !!..
أنا أكاد أموت !!..
فبينما أحاول أنا تقبله شيطاني يحاول منعي من ذلك !!..
وقبل أن يقضي شيطاني على آخر محاولة لي ظهرت والدتي بجانبي : لينك .. أنت بخير بني ؟!!..
إلتفت ناحيتها وقد إستيقضت من شرودي : هاه ؟!!.. نعم .. بأفضل حال ..!
إبتسمت حينها بهدوء : جيد .. لم تكن بخير طولة اليومين الماضيين ..!
تنهدت حينها : تعلمين أني لا أزال مصدوماً ..!
رغم إبتسامتها إلا أن حزنها إتضح لحظتها ..!
لكنه لم يلبث أن إختفى : لينك .. لقد أتيت لأخبرك عن شيء مهم ..!
شعرت أنه أمر لن يعجبني : لا تقولي لي أنك تريدين التحدث معي بموضوع الدكتور جيرالدو ؟!!.. محال أمي !!.. أي شيء إلا هو ..!
أتذكرون !!..
إنه الطبيب النفسي الذي كانت والدتي تريد منه أن يعدل شخصيتي !!..
لكن إبتسامتها الصغيرة طمأنتني : بالتأكيد لا .. أنت لم تعد بحاجته ..! هناك أمر آخر ..!
بدا علي الأستغراب فأردفت ببتسامة : لقد نظمت لك مقابلة زواج مع ليديا !!..
لحظات حتى أستوعب و صرخت حينها متفاجأً : مقابلة زواج !!!!.. أمي أأنت جاده ؟!!..
أومأت إيجاباً : نعم .. إنها مجرد مقابله !!..
كنت لا أزال أرفع صوتي و قد إستأت أكثر : أمي أرجوك أنا لست في وضع يسمح لي بالتفرغ لمقابلة من ذلك القبيل !!.. ثم من هي تلك الليديا التي تتحدثين عنها ؟!!..
تجاهلت ما كنت أقوله و أجابت على السؤال ببتسامة مرحه : إنها إبنت آل روبرتون التي في ذات عمرك ..!
صاحبة الدعوه !!..
لقد كان أسمها ليديا !!..
علمت أن الصراخ لن يفيد .. لذا قلت بهدوء مظهراً إستيائي : لما لم تخبريني مسبقاً ؟!!..
بذات إبتسامتها قالت : لأني كنت أعلم أنك سترفض .. لذا لم يكن لدي سوا جعلك تواجه الأمر الواقع ..!
أسندت ذراعي على سور الشرفة و أمسكت برأسي بين يدي : لما يجب أن يجتمع كل شيء في الوقت نفسه ؟!!..
لحظتها تذكرت ميشيل !!..
أيمكن أن أقوم بتلك المقابله رغم أن قلبي متعلق بتلك التي لم ترضى عني بعد ؟!!..
تنهدت بتعب و إلتفتت إلى أمي : لا أريد .. لا أريد التفكير في أي فتاة حالياً ؟!!..
نظرت إلي بشك : لينك .. أيعقل أنك تحب فتاة ما ؟!!..
شعرت بالإرتباك !!..
لكني قلت بسرعه : ليس الأمر كذلك ؟!!.. لكن .. لما تلك الليديا على أي حال ؟!!.. لما لا تأجلين الموضوع لوقت لاحق ؟!!!..
بقيت فترة تحدق بوجهي : وجنتاك متوردتان !!..
لم أعرف مذا أقول .. لكن والدتي تصبح شخصاً آخر حينما تتحمس لشيء ما : حسناً .. أظن أنه من الأفضل أن تدخل فتاة إلى حياتك ..! أما لما إخترت ليديا فذلك لأنها تملك كل صفات الفتاة الجيده .. إنها لطيفه و مهذبه و جميله .. كما أن آل روبرتون من أكثر الداعمين لنا و هناك مصالح مشتركة من هذا الزواج ..!
إستأت أكثر من ذي قبل : إذاً زواج مصالح !!..
أطلقت ضحكة خفيفة : و لما لا ؟!!.. أنا و جاستن تزوجنا زواج مصالح لكننا أغرمنا ببعضنا حقاً ..!
يا إلهي .. كلما أظهرت حجة إستطاعت أن تتفاداها : لازلت صغيراً أمي !!..
ربتت على كتفي حينها : أنا لم أقل أن ذلك سيحدث الآن .. إنها مقابلة و حسب و إن إرتحتما لبعضيكما ستكون مجرد خطبة مبدئيه ..! و بعد سنوات حين تصيران في الجامعه يمكنكما الزواج ..!
أراى أن أمي خططت لك شيء ..!
لا أستطيع أن أخذلها فهي تبدو سعيدة و متحمسه ..!
لكن .. مذا عن ميشيل ؟!!..
أشعر أن هذا سيكون خيانة لها ..!
لما لا أخبر أمي ؟!!..
هه .. مذا سأقول ؟!..
لن تقتنع بفتاة فقيرة كميشيل !!..
حتى و إن إقتنعت .. فميشيل تكرهني الآن !!..
أي أنه لا خيار أمامي إلا الموافقه ..!
سأدع الأمور تسير الآن و أرى ما سيحدث فيما بعد : حسناً .. موافق ..!
هذا ما قلته بعدم إقتناع : إذاً .. الأثنين القادم ..!
اليوم هو الجمعه .. أي بعد يومين ..!
تنهدت بتعب و لم أجب بل إستدرت كي أدخل إلى الصاله ..!
لحقت والدتي بي لكنها إتجهت حيث طاولة الضيوف بينما قررت أن أتجول بين الضيوف و أنا لا أزال أمسك بكأس عصير التفاح الزجاجي الذي لم أرتشف منه رشفة بعد و قد إزدادت برودته بسبب بقائي خارجاً في الجو البارد ..!
ما إن سرت للحظات حتى إنتبهت لتلك التي هناك تشير إلي طالبة مني القدوم ..!
إبتسمت بهدوء و أنا أرى تلك التي لطالما كانت عوناً لي هناك .. آندي !!..
إتجهت إليها و قد كانت تبتسم بمرح ..!
كانت ترتدي ثوباً أزرق يصل إلى ما تحت ركبتها بقليل بلا أكمام و فوقه إرتدت وشاحاً أسود تناسق لونه مع درجة ذلك الفستان .. أيضاً كان هناك حزام عريض حول خصرها بلون الظلام الحالك كأطراف فستانها من الأسفل ..!
شعرها البني القصير و عيناها التان تطابقان لون السماء المظلمة المليئة بالنجوم ..!
لقد بدت أنيقة جداً اليوم : تبدين رائعه ..!
هذا ما قلته فور أن وصلت لها ..!
ضحكة بخفة وهي تقول : هذا الثوب هدية من ليندا أحضرته من كندا في آخر زيارة لها ..!
كنت لا أزال أبتسم في الوقت الذي أنتبهت فيه إلى الفتاة التي تقف بجانبها فأختفت إبتسامتي بهدوء لكني إنتبهت لنفسي و أعدتها : لينك .. هذه صديقتي سورا ..!
كنت مستغرباً من تلك الفتاة نوعاً ما لكني صافحتها : سورا .. هذا هو لينك ..!
بدت لطيفة ببتسامتها تلك : هو مثل تخيلي ..!
بدت جملتها غريبةً نوعاً ما و كذلك لكنتها كانت ركيكه!!!..
كان بإمكانها أن تقول .. إنه كما تخيلته ..!
أيقنت حقاً أنها لا تجيد الفرنسيه ..!
ملامحها كانت تشبه الفرنسيات قليلاً لكن فيها شبهاً غريباً : تبدين آسيويه .. آنسه سورا ..!
أطقت ضحكة قصيرة مرحه : نعم .. صحيح قولك ..!
كتمت ضحكتي بسبب كلامها الغير منتظم .. بينما تكلمت آندي ببتسامه : سورا يابانية من أم فرنسيه ..!
عدت أنظر إلى تلك اليابانيه : نعم .. علمت بأنك يابانية بسبب إسمك ..! أظن أن الأسماء اليابانية فريده ..!
أومأت إيجاباً : سورا .. هي السماء .. أسمي سورا ساتوشي ..!
سماء .. سورا .. إسم جميل و يلق بها : أهلاً بك في فرنسا .. أنا لينك مارسنلي ..!
كانت بملامح فتيات شرقي آسيا المميزه غير أن عيناها كانتا واسعتين قليلاً و تميلان للخضره .. لكن شعرها كان أسود قاتماً و قصير يصل إلى نهاية رقبتها و هو بطول شعر آندي ..!
العينان فرنسيتان .. و الباقي ياباني ..!
أظن أن هذا ما يمكن أن يفعله زواج الناس من الأقطار المختلفه ..!
بدأت سورا بالكلام بلغتها الفرنسية الغريبه : أنا وجدت آندي في الإنترنت .. هي فرنسيه لذا أنا متحمسه لنكون أصدقاء .. عرفتها العام السابق و هي طلبت مني القدوم لباريس .. لا أجيد الفرنسيه .. لكني أعرف الكلام الإنجليزي ..!
كانت تتلك و تتكلم ببطأ ..!
كتمت ضحكتي و قد أشفقت لحالها لذا قلت بالإنجليزيه : إن كان الحديث بالفرنسيه صعباً يمكننا متابعة حديثنا بالإنجليزيه ..!
بدت الراحة واضحة عليها لتعود قائلةً بالإنجليزيه : ذلك افضل .. لكني سوف أتعلم الفرنسية قريباً فأنا الآن أفهم ما يقال لي لكني لا أستطيع التعبير جيداً بإستخدامها ..! إني أشكر أندي كثيراً لأنها طلبت مني زيارة موطن والدتي .. لقد عشت في طوكيو طيلة حياتي فأمي توفيت منذ كنت في السادسه لذا لا أذكر ما كانت تقوله لي عن فرنسا ..!
تابعت آندي عندها : لاداعي كي تشكريني سورا .. لطالما تمنيت زيارة اليابان .. إنها بلاد متحضره .. لذا أريد منك تعليمي اليابانية و حين أتقنها سوف أزورك هناك ..!
إبتسمت لها و هي ترد : بالطبع عزيزتي ..!
نظرت آندي إلي حينها : سورا تسكن في قصرنا الآن .. و قد وافقت على القدوم معنا للندن في العطلة القادمه ..!
رحلة لندن ..!
أيجب أن أنسى أمرها في كل مره ؟!..
لدي ما يكفي من المشاكل اللتي تمنعني من الذهاب : لينك أنت ستأتي ايضاً صحيح ؟!!..
زفرت بإرهاق حينها : لست واثقاً ..!
بدا التفاجوء على آندي لكن قبل أن تنطق هي شعرت بشخص يربت على كتفي : لاداعي للتردد .. نحن نريد أن نستمتع معاً لينك ..!
إلتفت إلى الخلف لأرى ماثيو ..!
يبدو أنه هو الآخر مدعوا ..!
حسناً .. يبدو أن كثير من أصدقائي مدعوون .. فهاهو دايمن يسير برفقة فتاته فلورا كالعاده قادمان نحونا ..!
و هاهي روز تظهر أيضاً وقد كانت تتحدث مع تيموثي !!!..
بعد إن إجتمعنا كلنا بدأنا الحديث معاً بشأن تلك الرحلة اللتي لم أتخذ قراري فيها بعد ..!
لنرى الآن من هم الذين سيذهبون إلى لندن معاً في العطلة القادمه ..!
آندي ~
فلورا ~
روزاليندا ~
سورا ~
ماثيو ~
دايمن ~
لويفان ~
و لسوء الحظ .. تيموثي ~
و ربما أنا ~
كانو متحمسين جداً و هم يتناقشون في الموضوع ..!
واضح أن آندي عرفتهم إلى سورا مسبقاً ..!
كنت الوحيد اللذي بقي صامتاً يفكر .. في شيء آخر تماماً !!..
ريكايل ..!
أيمكن لذلك الخادم أن يكون أخي ؟!!..
إنه هو بلا شك !!..
لكن .. كيف لي أن أستوعب ذلك ؟!!..
منذ متى علم أني أخوه ؟!!..
جوليا أيضاً علمت بذلك الآن !!..
لحظه !!..
الخالة آنا .. لقد قالت كلاماً دفعني للدهشة !!..
لقد قالت : ( يا إلهي لا اصدق !!.. الطفل الذي كنت أريد لقاءه بشدة أمامي الآن .. بعد سبعة عشر عاماً هاهو أمامي !!.. يالسعادتي ..! تمنيت أن أراك قبل أن أموت !!.. كانت تلك هي أمنيتي الوحيدة في هذه الحياة كي أكفر عن خطأي !!.. )
نعم !!..
كيف لي أن أنسى ما قالته ؟!!..
أي خطأ إرتكبته في حقي جعلها تنوح ذلك النياح اليوم ؟!!..
ليس هناك سوا شيء واحد !!..
أنها السبب في إنفصالي عن ريكايل و نحن طفلان !!!!!!..
وقفت حينها بعد أن إستوعبت النتيجة التي وصلت إليها : لنيك .. أهناك خطب ما ؟!!..
أيقضني صوت دايمن من شرودي !!..
نظرت إليهم فوجدتهم جيميعاً يحدقون مستغربين من وقوفي بتلك الطريقه : يبدو أنك غفوت يا صاحبي .. أي كابوس رأيت يا ترى ؟!!..
نبرة السخرية كانت واضحة في صوت تيموثي اللذي يجلب لي الصداع كلما سمعته ..!
إكتفيت بالرد عليه بنظرة بارده : التعب واضح على وجهك مارسنلي .. يبدو أنك مرهق ..!
هذا ما قالته فلورا بنبرة قلق مما دعاني لأقول بهدوء : إني حقاً مرهق .. أراكم في ما بعد ..!
إبتعدت بصمت وقد صممت أذناي عن أسألتهم القلقه !!..
تجاوزت الضيوف و أنا أسارع الخطى بإتجاه الخارج !!..
حتى أني لم أفكر في توديع شخص من آل روبرتون و بالتحديد ليديا .!.
فور أن خرجت إتجهت إلى سيارتي التي أوقفتها في مربض السيارات الكبير ..!
ركبتها و أنطلقت بأقصى سرعه .!.
لقد تعبت !!..
أريد أن أبتعد عن الصخب و الإزعاج ..!
أريد أن أختلي بنفسي لأفكر جيداً و بعمق ..!
أريد أن أفهم ما يجري حولي بقدر الإمكان !!..
ثلاثه .. لو لم يظهروا في حياتي لكنت أعيش بهناء !!..
أليس
ميشيل
ريكايل
بفضلهم .. حياتي تعج بالفوضى !!..
.................................................
نتوقف هنا ^^

أن شاء الله ما أكون تأخرت عليكم كثير ؟!..

و أن شاء الله أن البارت الجديد عجبكم ؟!.. ^^

الهوووم وورك

صراع نفسي حاد بين شخصية لينك الجديده و شيطانه .. أيهما سينتصر ؟!..

و في الجهه الأخرى ما هو موقفريكايل الذي غاب عن هذا الجزء تماما ؟!..

مذا عن تلك الرحله السيايحه ؟!..

بل مذا عن مقابلة الزواج الجديده ؟!..

و أي نوع من الفتيات هي ليديا روبرتون ؟!..

و هل ستؤثر في حياة لينك ؟!..

مو كن الواجب طويل هالمره ؟!!!.. @_@


عموماً .. متشوقه لرؤية أراءكم حول البارت ^^

جانا


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 03:31 PM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

Part 14

رميت بجسدي مستلقياً على الأريكة في جناحي أمام التلفاز الكبير بعد أن بدلت ملابسي وقد شغلت التلفاز و أطفأت الأضواء و وضعت جهاز التكيف على الوضع المتجمد و قد غطيت نفسي بغطاء أحظرته من الخزانه ..!
لقد قررت أن أنام الليلة هنا و هذه ليست المرة الأولى التي أفعل بها هذا ..!
بدأت أقلب المحطات علي أجد ما يوقفني عن التفكير .
وفي تلك اللحظة وقعت عيني على أحد الأفلام من إحدى المحطات الشهيره .
حيث كان الفتى يقف قرب مدرسة فتيات بإنتظار إحداهن .. و منذ خرجت أسرع ناحيتها وهما يتبادلان الإبتسامه .. صعد دراجته الناريه وصعدت هي خلفه و أنطلقا مسرعين بإتجاه الشاطيء وهذا ما فهمته من حوارهما .
لكن .. حدث مالم يكن في الحسبان .. قطة صغيرة قطعة الشارع ما دفع بالفتى ليلتف بشدة جعلته يصطدم بعامود الكهرباء بعنف .. لم ينته الأمر عند هذا الحد فالفتاة قد وقعت وقت الإلتفاف .. و لكن الأسوء حدث الآن .. حيث كانت تلك السيارة خلفهما مسرعه .. و حصلت المأساة ..!
كنت أراقب كل حركات الفتى عندما أسرع بحمل فتاته إلى المشفى ليستقبلها الأطباء محاولين إنقاذها و عندما وصل المحقق كي يسأل عن الحادث لكن في ذلك الوقت خرج الطبيب ليعلن عن وفاة الفتاة ..!
بالطبع صرخ الفتى و بدأت مشاعر الحزن بالإنبعاث من بكاء و صراخ و دموع سائله ..!
إبتسمت بهدوء .. إن دور الشخص الحزين لا يناسبه أبداً .. لكن مهارته و موهبته جعلتاه يتقن هذا الدور رغم أنه شخص مرح للغايه ..!
أتعلمون عن من أتحدث ؟!.. ذلك الممثل هو صديق طفولتي لوي ..!
لطالما أحببت مشاهدة افلامه و مسلسلاته فقط كي أقارن بين تمثيله و بين طبيعته المرحه ..!
لكنه حقاً فاق كل التوقعات .. منذ الإبتدائية كان مبدعاً وقد كان أول طالب يطرأ على الأساتذة حين يقررون إقامة مسرحية تمثيليه ..!
ذلك الفتى .. حقاً يثير دهشتي ..!
لم تختفي إبتسامتي و أنا أفكر كم أفتقده ؟!.. لقد عشنا سويةً لست سنوات و كنا دائماً نلتقي بعدها .. لكن حين كبرت شهرته و كثرت أعماله صرت أراه قليلاً و حتى الحديث بالهاتف صار صعباً ..!
يبدو أني سؤافق على الذهاب للندن معهم كي أراه هناك .. لا يمكنني تضيع هذه الفرصه ..!
في تلك اللحظه .. إختفت إبتسامتي وقد طرأ سؤال على ذهني .. هل سأرى ريكايل قريباً ؟!!..
لما عاد للظهور في مخيلتي ؟!!!..
آآآآآآآآه .. لو أنني لم أتحدث معه بشأن عقدة طفولتي لكن الأمر سهلاً فكل ما علي هو تجاهله و لتذهب أخوتنا تلك إلى الجحيم !!..
لكن .. بما أنه الآن يفهم شخصيتي فلن يمكنني التحايل عليه !!..
سحقاً !!!!!!!..
و جوليا .. إنها تعرف الآن .. لقد إشتريت الملجأ و لا شك أن علي أن أحدثها قريباً ..!
لكن .. سيقتلني الفضول لأعرف سبب النياحة التي ثارت بها أمها !!..
بدأت أشعر بالصداع مجدداً لذا قررت تغير الموضوع ..!
ليديا !!..
سيكون موعدي معها بعد يومين !!..
كيف سيكون ذلك اليوم يا ترى ؟!!..
هل علي أن أحبها حقاً ؟!!..
إني أجهل الأمر تماماً و السبب أن مشاعري مطربةً الآن فأنا لا أعلم إن كان لي الحق في أن أحب أحداً الآن أم أن قلبي متعلق بشخص آخر ..!
تلك الليديا بدا أنها تعجب والدتي ..!
سحقاً .. حتى موضوعها يجلب الأرق !!..
و ذلك لأنه يتعلق و بصفة خاصة بميشيل !!..
لحظه !!.. توقف يا عقلي لأنني أعلم الآن أني سأبدأ بالتفكير بميشيل ..!
لذا و بسرعة حاولت أن أنتبه مع لوي في فلمه هذا الذي رأيته مرتين من قبل .. و لكنه أفضل من تفجير رأسي بقنابل التفكير ..!
.................................................. ........
شعرت بحركة حولي فرفعت ستار جفني عن عيناي للحظات .. و فوراً إنتبهت أني أنام على الأريكة في جناحي لأني رأيت شاشة التلفاز الكبيرة أمامي ..!
و لم تمر سوى ثوانٍ حتى كان شريط يوم الأمس قد أعاد تشغيل نفسه في ذاكرتي ..!
تنهدت بهدوء و رفعت نصف جسدي عن تلك الأريكة وقد كنت أستلقي عليها على بطني ..!
و فور أن جلست على ركبتاي فوقها حتى إنتبهت لذلك الذي يقف في المطبخ التحضيري ..!
قطبت حاجبي عندها و صرخت مستاءاً : أنت .. مالذي تفعله هنا ؟!..
إلتفت ناحيتي ببرود : أعد الشاي للإفطار .. السيدة غادرة مبكراً اليوم ..!
إنه يحاول إستفزازي بطريقته الخاصه لذا وقفت بعد أن نزلت عن تلك الأريكه : تعلم أني لا أقصد هذا .. مالذي جاء بك إلى هنا ؟!..
هو أيضاً خرج من خلف طاولة المطبخ التحضيري و وقف أمامي ليقول بذات جموده : لم يتم طردي من العمل بعد .. و ها أنا أأدي عملي على أكمل وجه ..!
أغاضني ذلك حقاً مما جعلني أقول بلا شعور : أتعتقد أن مسألة كونك أخي ستغير من الأمر شيئاً !!.. أظن أنه من الأفضل أن تنسى ذلك .. لأنه حتى و إن كنا أخوين فالحياة المختلفة التي عشناها تجعلني أترفع عن كوني أخاك ..!
بدا أن كلامي استفزه هو الآخر ليقول و من الواضح أنه يكتم غيظه : أنا لم أقل لك أني مهتم بكوني أخاك أو غير ذلك .. و حتى إن كنت أخي فأنا عشت حياتي و عانيت وحدي بينما أنت من عاش حياة الرفاهية .. لذا أنا أيضاً أتنازل عن كوني أخاك !!..
كلمة " أتنازل " زادت من غيضي الذي كتمته بصعوبة ..!
سحقاً له ..!
عموماً أنا لا أريد رؤيته حالياً لذا قلت وقد طرأت على بالي فكره : اسمع .. أظن أن جوليا أخبرتك بأني اشتريت ملجأ الأيتام ذاك .. اذهب إلى هناك و أشرف على انتقالهم للمبنى الجديد .. سيستغرق ذلك عدة أيام و أفضل أن لا أراك حينها .. هل فهمت ؟!..
بهدوء دون أن يحرك عينيه عني : حاضر ..!
سار بعدها و خرج من الغرفة .. بينما ألقيت بثقل جسدي على الأريكة مرهقاً ..!
إن هذا الفتى .. سيقودني للجنون ..!
.................................................. .....
بقيت في غرفتي أشاهد التلفاز طيلة ذلك الصباح ..!
كان نظري مسلطاً عليه .. لكن عقلي في وادٍ آخر !!..
لقد أحببت ريكايل بصدق كما أني شعرت بأنه الشخص الوحيد الذي قد أخبره بكل ما في نفسي ..!
لما أنقلب الأمر هكذا ؟!!..
تنهدت بتعب و أمسكت رأسي بين يدي .. أشعر بصداع عظيم !!..
فجأة و بلا سابق إنذار .. أخذت الهاتف و اتصلت على أحدهم : مرحباً ماثيو ..!
أجابني صوته فوراً : أهلاً لينك .. كيف حالك الآن ؟!.. لم تكن بخير في الأمس ..!
تنهدت حينها و أنا أقول : اطمئن .. كنت مرهقاً فقط ..!
مرهق هي أقل ما يمكنني وصف نفسي به : خذ قسطاً من الراحة إذاً .. حسناً .. أكنت تريد شيئاً ؟!..
صمت قليلاً قبل أن أقول : رحلة لندن بعد أسبوع .. خذ لي حجزاً معكم ..!
بدا الفرح في صوته : و أخيراً اقتنعت !!.. حسناً كما تشاء .. هكذا سوف يكتمل عددنا..! أتريد شيئاً آخر ؟!..
بهدوء قلت : لا .. وداعاً ..!
ودعني فأغلقت الخط ..!
هل كان قراري في الذهاب صحيحاً ؟!..
أم أنه كان علي أن أتريث ؟!..
نظرت إلى ساعتي حينها .. إنها الثانية عشر ظهراً .. ستصل أمي بعد قليل لذا علي أن أبدل ملابسي استعداداً لتناول طعام الغداء معها ..!
.................................................. ........
جلست على تلك المائدة مع والدتي و جيسكا ..!
كنا نأكل بصمت .. و الأصناف تنوعت على تلك المائدة : لينك .. هل هناك شيئاً ؟!..
انتبهت لوالدتي التي قالت ذلك باستغراب : لا .. لما ؟!..
قطبت حاجبيها و هي تقول : حسناً .. أنت لم تأخذ شيئاً من الباستا الإيطالية ..!
نظرت إلى صحني لأجد أني قد وضعت لي من بعض الأصناف لكني لم أضع شيئاً من الباستا لأني لم أنتبه لوجودها أصلاً على غير العادة : أردت التغير فقط ..!
قلت هذه الحجة كي لا تقلق أمي أكثر ..!
لم تقتنع لكنها تابعت تناول الطعام بصمت كما فعلت أنا ..!
.................................................. ....
طيلة اليوم لم أغادر المنزل .. فقط أفكر بطريقة يمكنها حل مشكلتي التي وقعت بها الآن ..!
و المصيبة أني كلما و جدت حالاً .. استقبلني باب مغلق !!..
ها أنا الآن في الحديقة قرب بركة السباحة الكبيرة ..!
بعد قليل ستغرب الشمس و يحل الظلام ..!
جلست على الأرض قرب بركة الجاكوز الصغيرة و وضعت قدمي فيها علي أشعر بالاسترخاء ..!
هذا ما حدث فعلاً فالمياه كانت دافئةً للغاية ..!
طلبت مني أمي أن أستعد لمقابلة الزواج التي بعد غد ..!
لكن حين بحثت في خزانتي لم أجد ما يصلح ارتداءه ..!
لقد قررت تحويل تلك المقابلة إلى موعد غرامي فأنا لا أطيق الجلوس في غرفة فاخرة في مطعم لساعات من أجل التحدث لشخص ..!
أظن أنه من الأفضل التجول هنا وهناك ..!
طرأ في بالي فكرة حينا لذا تركت مكاني كي أذهب للهاتف في غرفتي ..!
.................................................. ....
أمسكت بالهاتف و اتصلت بها : مرحباً آندي ..!
أجابتني فوراً بمرح : أهلاً لينك .. لقد أخبرني ماثيو أنك ستأتي معنا ..! أنا سعيدة للغاية بذلك ..!
فعلاً كان صوتها سعيداً : لا تفرحِ كثيراً .. قد أغير رأي في أي وقت !!..
بدا الاستياء في نبرتها : إن فعلت فأنا أول من سيعلن الحرب عليك ..!
ابتسمت حينها بهدوء : إن كان الأمر هكذا فلن ألغي رحلتي .. فلا يمكنني الاستغناء عن مساعدتك ..!
أظن أنها فهمت قصدي : حسناً .. ما نوع المساعدة هذه المرة ؟!..
تنهدت حينها : اسمعي آندي .. لدي مقابلة زواج بعد غد !!..
صرخت في الهاتف حينها : مقابلة زواج !!.. أجننت ؟!!.. و ميشيل ؟!!..
حتى هي فكرت بأمر ميشيل :أمي مصرة على ذلك !!.. ثم أن ميشيل صارت تكرهني لذا سأقطع علاقتي بها !!..
بدا الرفض في نبرتها : مستحيل لينك !!..صدقني ميشيل تحبك !!.. لقد كان هذا واضحاً عليها طيلة الوقت !!.. أما بالنسبة لما حدث مع أخيها ذاك فيمكننا حل المشكلة بالتفاهم !!..
آندي لا تعلم أن أخ ميشيل هو ذاته أخي .. لذا يستحيل أن نتفاهم : هل ستساعدينني أم لا ؟!!..
قلت هذا بحزم فعلمت أني لن أغير رأيي : حسناً .. ما المطلوب مني ؟!!..
بهدوء أجبتها : فقط أريدك أن تحدثيني عن شريكتي في المقابلة ..!
بدا الاستياء في صوتها : و من هي تعيسة الحظ ؟!..
تجاهلت إساءتها الغير مباشرة : ليديا روبرتون ..!
لم أفقه إلا صرخة منها على الفور : ليديا !!.. معقول !!!!..
أبعدت أذني عن الهاتف حتى انتهت صرختها المفزعة .. لكني حين أعدته صرخت باستياء : ما بك يا مجنونه ؟!!.
بدا الحماس عليها و هي تقول : لينك إياك .. إياك و أن تضيع ليديا منك !!..
قطبت حاجبي مستنكراً : ألم تقولي لي قبل قليل ألا أترك ميشيل يا منافقه !!..
تجاهلتني تماماً و هي تقول : ليديا فتاة يندر أن تجد مثلها !!.. إنها لطيفة و رقيقة و كل الشباب يتمنونها ..! لينك لا تدع الفرصة تفوت من بين يديك !!.. إن ليديا شخص يستحيل تجاهله !!.. ستكون أسعد إنسان إن حصلت على حبها !!..
كنت مصدوماً مما سمعته !!..
أيمكن أن تكون في هذه الدرجة من الروعة : لا شك أنك تكذبين كالعادة آندي !!..أنا لا أصدقك !!..
قلت هذا بشك .. لكن صوتها كان صادقاً للغاية : أقسم لك أني لا أكذب !!.. يمكنك أن تسأل من تريد عنها !!.. إنها مهذبة بشكل مفرط .. و هي جميلة أيضاً ..! هل انتبهت لوجهها المتورد ؟!.. و جنتاها تتوردان فور أن يبتسم أحدهم في وجهها و هذه ميزة نادرة !!.. كما أنها متفوقة دراسياً .. لاشك أنك لاحظت أنها من بين الحاصلين على الدرجات الكاملة في نهاية كل فترة دراسية !!..
ببرود قلت : أنا لا أهتم بنتائج الطلبة ..! ثم أهي دودة كتب ؟!!..
قلت كلمتي الأخيرة بسخرية لكنها قالت : على العكس ..! إنها تأخذ وقت دراسة طبيعي كباقي الطلاب .. و ليدها هوايات كثيرة تمارسها ..! لكن لديها ذكاء خارق ..!
لاحظت حينها شيئاً فقلت بشك : آندي .. أنتي لست معنا في المدرسة .. كيف تعرفين كل هذا عنها ؟!..
بدا المرح في صوتها وهي تقول : و هنا تظهر ميزة أخرى .. إنها اجتماعية و محبوبة لدى الجميع ..! إنها محترمة للغاية ..! هل استعددت للقائها ؟!..
بهدوء قلت : لم أعثر على ملابس مناسبة ..!
فوراً قالت : اسمع .. أنا و سورا سنذهب للتسوق بعد قليل ..! ستأتي الآن معنا و نعثر على ملابس أنيقة ..!
بدا الاستياء علي : أتمزحين !!.. لا داعي لكل هذا ..!
لكنها لم تستمع لي : في الثامنة .. تعال و خذني أنا و سورا ثم نذهب معاً ..!
تنهدت حينها و أنا أقول : حسناً .. إلى اللقاء الآن!!..
أغلقت الخط دون أن أسمع ردها فهذه المجنونة زادت عقدتي !!..
أي فتاة هذه الليديا ؟!!..
لاشك أن لديها صفات لن تعجبني !!..
نعم .. سأكتشف هذا حين أقابلها .. فذوقي صعب و لا تعجبني أي فتاة بسهولة ..!
أليس و ميشيل هما الوحيدتان اللتان تمكنتا مني ..!
لا أعتقد أن تلك الليديا تستطيع ..!
نعم .. يستحيل أن تستطيع ذلك !!..
.................................................. ...
أغلقت الباب حينها لتقول بمرح : أنت مستعد ؟!..
تنهدت حينها بإرهاق : أعتقد ..!
كانت آندي .. و في الخلف ركبت سورا و ألقت التحية فحركت السيارة بعدما أخبرتني الأولى عن المركز التجاري الذي تريده ..!
هنا قالت تلك الفتاة اليابانية : لينك أنت أخذتنا للمتاجر .. شكراً ..!
بطريقة ما بدا أنها أرادت أن تقول .. شكرا لينك لاصطحابنا للتسوق : يمكنك التحدث بالإنجليزية سورا ..!
قلت هذا بهدوء مخفياً توتري من لكنتها الغريبة : لا .. أتعلم أنا كلام فرنسا ..!
إنها تريد أن تمارس اللغة الفرنسية بهذه الطريقة ..!
ضحكت آندي حينها : يمكنك أن تعتاد مع الوقت سورا .. خاصة أنك ستعيشين هنا ..!
قطبت حاجبي باستغراب : هل ستنتقلين للعيش في باريس ؟!..
أومأت إيجاباً لتقول بالإنجليزية : نعم .. والدي وافق ..! إن أبي يمتلك شركة في اليابان و أنا ابنته الوحيدة لذا لا يرفض لي طلباً ..! لقد أردت أن أغير من حياتي قليلا ..! و بما أنه قد عاش فترة من حياته في باريس و تزوج أمي هنا فهو مطمئن من ناحية البيئة ..!
حسناً .. يبدو أنها ثرية على عكس ما توقعت ..!
بدأت آندي تثرثر حول ليديا و حول الأشياء التي يجب أن أفعلها كي أكسب حبها ..!
هي لا تعلم أني سأجد أي منفذ كي أتهرب من هذه المصيبة حتى لو قلت أن ذوقها في الملابس لم يعجبني !!!!..
المهم أن أجد أي حجة ..!
مضى الوقت و آندي فقط تتحدث و سورا تشاركها أحياناً بلكنتها الغريبة و أنا صامت فقط ..!
وصلنا إلى المركز التجاري الفخم أخيراً : هيا لننزل ..!
هذا ما قلته بهدوء فنزلت من السيارة بعدما أوقفتها بين السيارات .. إنها الفراري الحمراء المفضلة لدي ..!
سرنا معاً باتجاه البوابة .. و ما إن دخلنا حتى ارتفع مستوى الإزعاج !!..
الموسيقى كانت صاخبةً للغاية .. و الناس يتحدثون بأصوات عالية !!..
الأطفال يصرخون .. و ضحكات الفتيات المرتفعة !!..
هناك بعض الشجارات أيضاً و الكل قد رفع مستوى صوته !!..
أكره الإزعااااااااااااج !!..
أمسكت آندي بيدي و هي تقول : أعرف متجراً للملابس الشبابية الفاخرة ..! لنذهب إليه !!..
و هكذا .. بدأنا نتجول بين محال الملابس .. و قد جلبت الفتاتان الصداع لرأسي !!..
.................................................. ..
مضت بضع ساعات .. و بعد التجول في عدة مراكز تجارية .. تمكنت الفتاتان من العثور على الملابس التي تناسبني في نظرهما : لينك .. جميل أنت وقت تلبسها ..!
هذا ما قالته سورا بابتسامة مرحة حين رأتني خارجاً من غرفة تبديل الملابس: إنها جميلة بالفعل لينك .. تبدوا وسيماً للغاية..!
نظرت إلى نفسي في المرآة بعد مديح الفتاتين ..!
كانت عبارة عن بنطال جينز أزرق فاتح و باهت نوعاً ما .. و هو ضيق أيضاً ..! قميص ترابي طويل الأكمام .. و فوقه سترة خضراء بلون قاتم .. طويلة الأكمام و لها قبعة خلفية .. تناسقت مع عينيَّ الخضراوتين ..! حذاء بني بخيوط بيضاء .. كان فاخراً أيضاً ..! بدت جميلة و فاخرةً للغاية ..!
تنهدت حينها و أنا أقول : الساعة الآن هي الثانية عشر و المحال سوف تغلق ..! لنعد للبيت ..!
أومأتا موافقتين مما أراحني .. خشيت أن ترفضا بحجة أنهما لم تشتريا شيئاً لانشغالهما بالبحث عن هذه الملابس التي وصلنا لها أخيراً ..!
بدلت ملابسي و اشتريت تلك الملابس الجديدة بسعر مرتفع و الحجة .. قماشها غالي .. و صنعت في أفخر المحال .. و على يد أفضل الخياطين .. و غيرها من الحجج الواهية ..!
عموماً السعر هو آخر ما يهمني ..!
لقد كنت شارداً طيلة الوقت و لم أنتبه لأي من الثياب التي اقترحتا علي شراءها سابقاً : لينك .. هيا ..!
انتبهت لآندي التي كانت تناديني : قادم ..!
كانا قد وصلتا للبوابة بينما وقفت أنا في مكاني لفترة .. إنني مشوش بالفعل هذه الأيام ..!
خرجنا سوية من السوق : أريد شرب قهوة معكم .. تعرف المقهى ممتاز ؟!
يبدو أن لكنة سورا بدأت تتحسن نوعاً ما : نعم لينك .. لنذهب لشرب القهوة ..!
لم يكن لي مزاج نهائياً : شكراً لدعوتك سورا .. لقد استيقظت مبكراً اليوم و أشعر بالتعب ..! لذا أريد الذهاب للنوم و القهوة ستوقظني ..!
بدا التفهم عليهما حينها : إذاً .. اذهب الآن لينك .. و نحن سنتصل بالسائق ..!
قبل أن أرد عليها سمعت صوت أحدهم : من أرى هنا .. مارسنلي !!.. أي مصادفة هذه ؟!!..
إلتفت في ذلك الوقت لشخص كان يقف بالقرب مني و ليتني لم أفعل ..!
لقد كان : آه .. تيموثي .. حقاً يالها من مصادفة !!..
نظراته المغرورة جعلتني أتمنى قتله !!..
لكنه حينها قال بغرور : أنت في موعد ..! ومع فتاتين !!.. يالك من خبيث !!..
أمسكت أعصابي لأنني لست في مزاج للتشاجر معه : في موعد أم في نزهة .. لا شأن لك !!..
ضحك بخفة حينها و هو يقول : لا أفهم أي نوع من الشباب أنت !!..أنك تخرج للمواعيد صحيح لكنك ترفض الكثير منها ..! ألم تستقر بعد ؟!!..
ابتسمت حينها بخبث حقيقي : بلا .. لدي موعد بعد غد .. سأستقر بعده ..!
رفع أحد حاجبيه : مع من ؟!..
أنا أعلم أن هذا سيثير أعصابه : مع محبوبة الملاين .. ليديا روبرتون !!..
تغيرت ملامح وجهه حينها إلى الصدمة : مع ليديا !!..
أنا أعلم .. أعلم أنه يحبها كالكثيرين !!..
لقد انتبهت مسبقاً لنظراته لها !!..
هاهو اليوم الذي سأحطم فيه رأسك قد أتى يا تيموثي !!..
و هاهو شيطاني يعود للظهور مجدداً : نعم .. مع ليديا ..! ليس موعداً فحسب ..! بل مقابلة زواج !!..
واضح أنه يحاول أن يمسك أعصابه : سترفضك بالتأكيد .. ليديا تبحث عن شخص يناسبها تماماً ..!
ابتسمت بمكر حينها : حسناً .. لم ترفضني فتاة من قبل ..! و تلك الليديا لن تفعل ..! و من التي تجرأ على رفض وريث مارسنلي ؟!..
جملتي الأخيرة كانت مصطنعة بالمرة !!..
لست وريث مارسنلي الحقيقي .. و ميشيل رفضتني من قبل ..!
لكن تيموثي لا يعلم عن هذا .. لذا سأستغل هذه النقطة : و الآن .. وداعاً تيموثي ..! أراك في المدرسة فيما بعد ...!
تجاوزته حينها بكل كبرياء و قلب متألم للكلمات الكاذبة التي أطلقتها ..!
أعلم أنني لو بقيت قليلاً و حاولت استفزازه أكثر فسوف ينقض علي ..!
و أنا لست بمزاج لدخول في مضاربة خاصةً أن يدي لم تشفى تماماً بعد ..!
تركت الفتاتين هناك .. قالت آندي أنها ستتصل بالسائق لذا لا مشكلة ..!
لاشك أن تيموثي سيستفسر عن الأمر منهما .. لكنهما لن تجيبها و الدليل أنهما كانتا صامتتين منذ قليل و كأنهما أيضاً تعلمان أنه يحبها ..!
يحب ليديا .. شريكتي في مقابلة الزواج الأولى ..!
.................................................. ................
كانت ذات شعر كستنائي فاتح يصل إلى منتصف ظهرها وهو متجعد قليلاً بشكل جميل .. تركته منسدلاً و تركت جزءاً منه على كتفها و بعض الخصلات تنزل منه إلى الأمام ..! لها عينان بلون العسل الصافي ..! بشرتها بيضاء و وجنتاها مشبعتان بالحمرة ..!
كانت ترتدي فستان ذا لون أخضر جميل .. يصل إلى ركبتيها و له كم قصير للغاية .. من الأعلى حيث الكم و تحته بقليل كانت هناك زخارف كثيفة باللون الأسود .. هناك حزام صغير حول الخصر بذات اللون الأخضر .. و تحته بقليل بدأت ذات الزخارف التي في الأعلى لكنها تنتهي قبل أن تصل إلى طرف الفستان ..! واضح أن قماشه فاخر وهو يبدو لطيفاً حقاً ..!
انتبهت لأنها طأطأت رأسها خجلة لأنني كنت أحدق بها .. بإعجاب ربما !!..
لذا بنبرة مترددة قلت : مـ .. مساء الخير ..!
نظرت إلي للحظة لكنها أنزلت بصرها بخجل : أ .. أهلاً ..!
بدت مرتبكة هي الأخرى : تفضلي بالجلوس ..!
أومأت موافقة بهدوء فجلست وجلست أنا مقابلها ..!
لم أعلم ماذا أقول .. و هي أيضاً بقيت صامتةً تنظر إلى الأرض ..!
كنت أنظر إليها من لحظة لأخرى .. إنها جميلة للغاية و هذا ما لم ألحظه مسبقاً ..! رغم أنها لا تضع سوى القليل من المساحيق ..! لقد تسرعت في الحكم عليها سابقاً : أمم .. كيف حالك آنسة روبرتون ؟!..
هذا ما طرأ على بالي .. رفعت رأسها حينها و ابتسمت بهدوء : بخير .. ماذا عنك .. سيد مارسنلي ؟!..
بادلتها الابتسامة الهادئة بلا شعور : أنا على ما يرام الآن ..!
لا أعلم لما قلت الآن .. لكنني حقاً أشعر بالراحة أخيراً ..!
كنت أريد قول شيء .. لكنني ترددت .. و في النهاية قلت : بما أننا اليوم في مناسبة خاصة .. فلا بأس بأن تناديني لينك بلا ألقاب ..!
لوهلة ضننت أنها ستفاجأ .. لكنها قلت بخجل و قد طأطأت رأسها و توردت وجنتاها : إن كنت تريد ذلك فلا بأس .. لكن عليك في المقابل أن تناديني ليديا ..!
شعرت بالراحة .. إنها خجولة للغاية على عكس بعض الفتيات و هي تحدق بالأرض بارتباك طيلة الوقت ..!
أعتقد .. لو كانت ميشيل هنا لكانت تبتسم بمرح و عفوية في ذلك الموقف ..!
الفرق أن ميشيل طفولية نوعاً ما لكن يبدو أن ليديا ليست كذلك ..!
لما طرأت في ذهني الآن .. إياك أن تتذكرها لينك .. إنك الآن مع ليديا ..!
طرق أحدهم باب الغرفة مما أيقضني من شرودي .. و دخل بعدها النادل : لقد وصل العشاء سيدي ..!
لم أقل شيئاً فوضع المقبلات و السلطات و في النهاية طبقان من الوجبة الرئيسية و التي تحتوي على شرائح اللحم المشوي مع البطاطا المقلية المقطعة و كذلك هناك بعض الباستا التي أفضها ..!
كان دسماً نوعاً ما فشريحة اللحم كانت بحجم كفي اليدين معاً ..!
نظرت إلى ليديا و قلت بهدوء : تفضلي .. لنأكل أولاً ..!
أومأت إيجاباً لكنها لم تتحرك .. أنا لم أشأ أن أبدأ قبلها لذا قلت : لا داعي للخجل ..! الأمر طبيعي ..!
لم تقل شيئاً بل أمسكت الشوكة و السكين بالطريقة الصحيحة كما فعلت أنا .. و بدأنا نتناول الطعام بصمت تام ..!
كنت أختلس النظر إليها من وهلة لأخرى .. أنها تأكل بطريقة لطيفة فعلاً و راقية كذلك .. الواضح أنها اعتادت على هذا منذ الطفولة ..!
مضت عشرون دقيقة من الصمت من أجل تناول الطعام .. لقد كانت شريحة اللحم تلك مذهلةً للغاية فقد كانت متبلةً ببهارات قوية و لذيذة ..!
اتجه كلانا إلى دورة المياه .. فدخلت هي إلى الخاصة بالنساء بينما دخلت الخاصة بالرجال ..!
و بعد أن انتهيت من غسل يدي أخرجت من جيب سترتي زجاجة عطر بحجم أصبعين معاً و رششت نصفها على ملابسي ..!
منذ طفولتي و أنا اعشق رائحة العطور و أضع الكثير منه دائماً .. لكنني أستخدم عطوراً خفيفة غير مركزة حتى لا تكون الرائحة قويةً إلى حد الإزعاج ..!
رتبت شكلي جيداً ثم خرجت و عدت إلى الكبينة ..!
حين فتحت الباب كانت ليديا تجلس هناك .. كما أنه يبدو أن العاملين قد انتهوا من تنظيف المكان ..!
جلست أمامها على الكرسي المقابل .. أردت قطع الصمت الذي يسيطر على الأجواء طيلة اليوم : حسناً .. ما رأيك أن تحدثيني عن نفسك ..!
ابتسمت بهدوء و قالت بصوتها الناعم : ماذا أقول ؟!.. حسناً .. أسمي ليديا ديفيد روبرتون .. و أنا في بداية السابعة عشر .. أدرس في ثانوية مارسنلي .. أفضل حصص الفنون كالرسم و الموسيقى على باقي المواد الدراسية .. أعزف على البيانو و الكمان و الناي .. لكنني أفضل الكمان عليها ..!
ابتسمت حينها بلا شعور : رائع .. أنتي تعزفين على عدة آلات .. هل أنتي مهارة في الكمان ؟!..
أومأت إيجاباً و قد توردت وجنتاها .. كما قالت آندي تتورد وجنتاها فور أن يبتسم أحدهم في وجهها : لقد دربتني وصيفتي على العزف بالكمان .. إنها ماهرة للغاية .. أفضل من أي معلم قابلته ..! ماذا عنك ؟!..
بابتسامتي تلك قلت : سأتحدث عن نفسي بعد أن تنتهي .. تابعي أنتي الحديث عن نفسك ..!
لم تعترض بل تابعت : حسناً .. أعيش في المنزل مع والدي و أمي و أخوي الأصغران .. أحدهما في العاشرة و الآخر في السابعة .. لكن وصيفتي تشغل الجزء الأكبر من حياتي ..!
يبدو أن تلك الوصيفة مقربةٌ جداً منها : تبدو وصيفتك مثالية ..!
اتسعت ابتسامتها قليلاً لتقول : أنت محق .. لقد قامت بتربيتي منذ كنت في شهوري الأولى ..!
لوهلة .. ذكرت بشخص ما : إنها تذكرني بوصيفة أمي العجوز .. أن أمي متعلقةٌ بها كثيراً ..!
بمرح قالت : حسناً .. أغلب الأثرياء يتربون على يد الخدم و الوصيفات لأن الوالدين يكونان مشغولين بالأعمال الأخرى ..! حدثني الآن عن نفسك ..!
أومأت إيجاباً و صمتت للحظات قبل أن أقول : إذاً .. أنا لينك جاستن مارسنلي .. عمري سبعة عشر عاماً .. أدرس في مدرسة مارسنلي الثانوية .. لست مهتماً بالدراسة كثيراً .. أفضل قراءة الروايات البوليسية عليها .. أعزف على البيانو و الكمان .. لكنني لست ماهراً في الثاني ..!
بشوق قالت : ماذا عن البيانو ؟!..
ابتسمت لحماسها ذاك : أمي تقول أني موهوب .. و لو واظبت على التدريب سأصبح محترفاً .. لكنني لست مهتماً بالموسيقى كثيراً فانا أكره الإزعاج ..!
أومأت متفهمة و هي تقول : أعتقد أنه ليس لديك أخوة .. صحيح ؟!..
في تلك اللحظة .. اختفت ابتسامتي ..!
هل أكذب عليها و أقول أنه ليس لدي رغم أن ريكايل لا يزال موجوداً ؟!.. أم أقول لها بلا لدي أخ توأم لكنه يعمل خادماً عندنا !!..
لم أرد الكذب .. لذا قررت أن أتلاعب بالكلام : أنا الابن الوحيد لوالدي .. ليس لهما ابن غيري ..!
قلت أني الابن الوحيد لجاستن و إلينا و لم أقل أنه ليس لدي أخوة ..!
انتبهت حينها إليها و هي تقول : ما الذي يجب علينا قوله الآن ؟!..
رفعت رأسي إليها لأجد الحيرة بادية على ملامحها و الواضح أنها تفكر بعمق ..!
بدا شكلها لطيفاً حقاً لكنني ضحكت حينها من نبرتها في ذلك السؤال !!.
لأنها كانت كشخص وقع في مشكلة عويصة : أقلت ما يضحك ؟!..
سألت باستغراب وقد تقارب حاجبها ليعطياها مظهراً طفولياً لطيفاً ..!
حاولت أن أوقف ضحكتي التي استرسلت و تجاوزت الحدود : أعذريني .. لكن طريقتك فالسؤال بدت بريئةً و عفويةً للغاية ..!
تورد وجهها حينها رغم أنها لم تبتسم بل قالت بهدوء :حسناً .. إنها المقابلة الأولى لي من هذا النوع .. لذا لا أعرف ماذا أفعل بالضبط ..!
صدمت لوهلة .. أيمكن أن تكون هذه المقابلة الأولى لفتاة بجمالها و مواصفاتها ..!
لكنني ابتسمت حينها لا شعورياً : لا تقلقِ كثيراً .. إنها مقابلة الزواج الأولى لي أيضاً ..!
صمت كلانا للحظات قبل أن أقول لها بحماس : ما رأيك أن نحوله لموعد ؟!.. أم تريدين البقاء هنا طيلة اليوم ..!
رفعت رأسها مستغربة : موعد ؟!!..
أخذت تفكر للحظات قبل أن تبتسم بمرح و قد توردت وجنتاها مجدداً : هذا يناسبني أكثر ..!
لا أعلم كيف ؟!.. لكن في كل لحظة أشعر أنه بإمكان هذه الفتاة أن تنسيني ميشيل يوماً ما ..!
ليديا .. أعتمد عليك ..!
.................................................. ...
أوقفت السيارة قرب تلك الحديقة الصغيرة بعد أن طلبت ليديا مني ذلك ..! كانت الساعات القليلة الماضية ممتعة بالفعل فنحن تجولنا في كل مكان و دخلنا إلى الكثير من المحلات التجارية و شاهدنا فلماً سنمائياً أيضاً ..!
حقاً ينسى الشخص نفسه معها فهي تفاجئني كل لحظة بشيء جديد ..!
الساعة الآن تجاوزت الحادية عشر : لننزل و نستنشق بعض الهواء ..!
ابتسمت لها حينها : لقد تجولنا في كل مكان .. ألم تتعبِ ؟!..
أومأت سلباً و هي تنزل من السيارة :على العكس .. أنا مستمتعة ..!
نزلت خلفها و أنا أضحك بخفة .. رغم أنه رزينة إلا أنها لا تزال محافظةً على روحها الطفولية المرحة : تريثي قليلاً ليديا .. انتظريني ..!
كانت قد دخلت و انتهى الأمر .. دخلت بعدها حيث أشارت إلى أرجوحة و هي تقول بمرح : لنجلس هناك ..!
لوهلة كنت مستغرباً .. لكنني حقاً تحمست للفكرة فقلت و أنا أركض أمامها : سأسبقك أذاً ..!
شهقت مصدومة و ركضت خلفي : لينك أيها الغشاش أنت لم تنبهني مسبقاً !!..
لكنني في تلك اللحظة وصلت إلى الأرجوحة و وقفت فوقها متمسكاً بحبليها : عليك أن تكوني أكثر إنتباها ..!
جلست على الأرجوحة الأخرى قطبت حاجبيها مستاءةً : مخادع ..!
طللت في وجهها لحظتها : هل غضبتي حقاً ليدي ؟!!..
أوشحت بوجهها : حاول أن تراضيني ..!
ابتسمت حينها على تصرفها .. تحاول أن تستغل الموقف كي أراضيها بشيء جميل ..!
لكن أتعلمون ؟!.. سوف أماشيها !!..
نظرت حولي للحظات : أمممم .. ما رأيك بأن أدعوك لتناول القهوى في ذلك المقهى الصغير ..!
التفتت فوراً ببتسامة وقد توردت وجنتاها مرةً أخرى : موافقة .. لكن لنبقى هنا قليلاً ..!
كانت الحديقة شبه فارغة بسبب الوقت المتأخر .. في هذا الجزء لا يوجد سوانا .. هي تتأرجح بشكل بسيط غير ملحوظ وقد جلست متمسكةً بكلا الحبلين كما كنت أنا أفعل لكنني كنت واقفاً عليها ..!
هبت نسمة هواء باردة .. سيبدأ البرد بالإشتداد فمنتصف الليل اقترب : أتشعرين بالبرد ؟!..
هذا ما سألت دون أن ألتفتت إليها فأجابت : قليلاً ..!
نزلت من على الأرجوحة حينها و خلعة سترتي الخضراء و وضعتها على كتفيها ببتسامه : هكذا لن تشعري به ..!
ابتسمت مع وجنتيها المتوردتين وقد رفعت رأسها لي : شكراً لك ..!
عدت إلى مكاني بينما أدخلت هي يديها في كميّ السترة : ليديا .. أريد التحدث معك بأمر مهم للغاية ..!
هذا ما قلته بنبرة خافتة هادئة : ماذا هناك ؟!. .
سألت باستغراب فأجبتها : ليس هنا .. حين نذهب للمقهى ..!
أومأت موافقةً حينها .. فبقينا صامتين ..!
الحق يقال .. إنها رائعة من كل النواحي .. و ربما لو لم أقابل ميشيل مسبقاً لوقعت في حبها بسهولة ..!
لكن وجود ميشيل الدائم في ذهني يفسد الأمر .. رغم ذلك فأنا حقاً بدأت أحبها بالفعل ..!
إني أتمنى حقاً .. أن تستطيع جعلي أنسى ميشيل ..!
كان النسيم يهب في كل لحظة .. صحيح أنه بارد لكنه منعش أيضاً ..!
مضت بضع دقائق و نحن صامتان هكذا ..!
أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقفز من فوق الأرجوحة أنا أقول بابتسامة : نذهب الآن ؟!..
وقفت هي الأخرى و أومات إيجاباً و قد بادلتني الإبتسامة اللطيفة ..!
سرنا سويةً جنباً إلى جنب إلى ذلك المقهى الذي كان على الجهة الأخرى من الشارع ..!
كان قريباً لذا لم نستغرق سوى دقائق و وصلنا إليه بعد أن قطعنا ذلك الشارع عبر جسر المشاة .. دخلنا و أتجهنا إلى إحدى الطاولات قرب النافذة و تطل على الحديقة ..!
وقبل أن نجلس خلعة السترة و مدتها لي : الجو دافيء هنا ..!
ابتسمت لها و أخذت المعطف و أرتديته ..!
جلس كلانا على تلك الطاولة الصغيرة البيضاء ..!
نظرت حولي إلى المقهى .. كان متوسط الحجم و لطيفاً .. كما انه لم يكن هناك سوى قليل من الناس و نادلتان : ما الذي كنت ستقوله لينك ؟!..
هكذا قالت ليديا بهدوء جاد .. لقد علمت أني سأتحدث بأمر مهم جداً : ليديا .. أريد أن أكون صريحاً معك من البداية .. فهل ستسمعين إلي حتى أنتهي ؟!..
أومأت إيجاباً و قد عادت رزينةً من جديد : اطمئن .. لن أقاطعك لذا تكلم كما تشاء ..!
تنهدت حينها .. لقد اتخذت قراري لذا سأخبرها بكل شيء بصراحة : ليديا .. تعلمين أن أسرتينا تريدنا لبعضنا .. أنا لست معترضاً على هذا .. لكن لدي مشكلة و أريد منك مساعدتي في حلها ..!
صمت قليلاً فبقيت تنظر إلي دون قول شيء لذا تابعت : منذ فترة تعرفت إلى فتاة .. و قد أحببتها صدقاً ..! لكن .. هي لسيت من طبقتي الاجتماعية .. لذا لا أعتقد أن والدتي ستحبها ..! و المشكلة الأكبر أني تشاجرت مع تلك الفتاة قبل أيام و رغم أني اعتذرت منها إلا أنها رفضت عذري لذا قررت أن أنساها نهائياً ..! أريد منك مساعدتي على نسيانها يا ليديا .. أنتي الشخص الوحيد القادر على ذلك ..! أن نسيتها فأستطيع بعدها أن أكون معك فقط ..!
كانت تنظر إلي بنظرات هادئة فيها لمسة حزن و كأنها أشفقت علي .. لكنها ابتسمت ابتسامة صغيرة و هي تقول مع وجنتيها المتوردتين : اطمئن لينك .. ثق بأني سأساعدك ..!
بادلتها تلك الابتسامة و أنا أقول : شكراً على تفهمك وضعي .. و أعدك أني سأبذل جل جهدي كي أنساها لأجلك ..!
في تلك اللحظة رفعت ليديا رأسها للنادلة التي جاءت ناحيتنا و هي تقول بصوت بدا مكتوما : ما الذي تريد أن تطلبه سيدي ؟!..
انقبض قلبي فجأه !!.. و نشف الدم في عروقي ..! اتسعت عيناي و احمر وجهي ..!
هل أرفع رأسي أم لا ؟!!..
أي موقف هذا ؟!!..
رفعت رأسي ناحية تلك النادلة و ما إن فعلت حتى وقفت و قد هتفت مفزوعاً و مصودماً :مـ .. ميشيل !!!!!..
نعم .. كانت تلك النادلة هي ذاتها ميشيل !!..
أخبرتني سابقاً !!..هي تعمل في مقهى صغير !!..
كانت تنظر إلي بنظرات مستاءةٍ نوعاً ما و سألت مجدداً :ماذا تريد أن تأكل سيدي ؟!!..
ربت على كتفيها و أنا أقول بتوتر : أسمعيني من فضلــ ..!
لكنها قاطعتني و قد قالت بصوت مرتفع غاضب :أرجوك دعني أأدي عملي و أخبرني ماذا تريد أن تأكل ؟!!!!..
قبل أن أجيبها سمعت صوتاً يقول من بعيد : ميشيل لقد انتهى وقت عملك ..!
لم تكد تسمع تلك الكلمات حتى سارت مبتعدة بخطى متسارعة ناحية باب في نهاية المقهى ..!
أما أنا فلا زلت في مكاني مصدوماً !!..
لا يمكن أن أتركها تذهب !!.. لا يمكن أن يكون فراقنا بهذه الطريقه !!.. لا يمكن أن اجعلها تغضب مني أكثر !!..
سألحق بها نعم !!..
كنت سأخطوا خارجاً لكني شعرت بأحد يمسك بيدي ..!
التفتت لأرى ليديا قد أمسكت بيدي و هي تنظر إلي بعينان تملأهما الحيرة ..!
توترت أكثر .. ماذا أفعل الآن ؟!!..
بهدوء قلت و بصوت خافت : أنتظريني قليلاً ..!
تركت يدي و طأطأت رأسها بحزن ..!
آسف ليديا .. لكن علي أن أذهب لميشيل الآن !!..
ركضت ناحية الباب بسرعة و خرجت من المقهى .. إلتفت يساري لأرى هناك مدخلاً لسكة صغيرة .. لاشك أن باب العاملين من هناك ..!
ركضت لتلك السكة وفي تلك اللحظة رأيتها قد خرجت و هي ترتدي ملابس المدرسة و تحمل حقيبتها ..!
كالعادة .. ميشيل فتاة لا يمكنني أن أصفها ..!
لكن هذا ليس وقته لينك : ميشيل !!..
هكذا ناديت فالتفتت ناحيتي ..!
لوهلة صدمت .. هل أتخيل .. أم أن وجهها محمر و عيناها غارقتان بالدموع !!..
أثرت فيّ كثير فسرت ناحيتها و أنا أقول : ميشيل أنا ..!
قاطعتني بنبرة عتاب واضحه : لا تقترب !!.. ابق مكانك ..!
توقفت لحظتها : اسمعيني فقط دعيني أشرح الوضع ..!
قطبت حاجبيها و سالت دموعها و هي تقول : الوضع لا يحتاج لشرح !!.. أنا لست من طبقتك الاجتماعية .. أمك لن ترضى بفقيرة مثلي !!.. أنت بنفسك قلت لتلك الفتاة الجميلة أنك ستبذل جل جهدك كي تنساني لأجلها !!..
كنت مصدوماً و لم أعلم ماذا أقول ؟!..
لقد سمعت كل شيء منذ البداية !!..
تلك السكة كانت مظلمة .. فقط هناك مصباح إنارة صغير قرب الباب الخلفي للمقهى ..!
بدأت قطرات المطر تتساقط .. إنها بداية الشتاء ..!
ترددت قليلاً قبل أن أقول : اسحب كلامي .. لن أفرط بك مجدداً ميشيل ..! صدقيني أنا أريدك ..! ميشيل أنا .. أنا أحبك حقاً و لا أريد غيرك ..!
اشتد المطر و اشتدت العاصفة في قلبي معه .. انتظرت ردها ..!
كانت دموعها تسيل لكنها للحظة قالت بتمتمة مسموعة : و مالفائدة و نحن لسنا من ذات المستوى ؟!.. كنت ساذجة حين ظننت أن المشاعر ستحطم كل الحواجز ..!
هل يعني ردها هذا الرفض ؟!!..
لا أعلم لكنها صرخت لحظتها في وجهي : أكرهك !!.. أكره هذه الحياة التي أعيشها !!.. نعم أنا أكرهك لينك !!.. أكرهك بالقدر الذي احببتك به !!..
كان هذا جل صدمتي !!..
لقد كان رفضاً قاسياً للغاية ..!
ركضت حينها ناحية الشارع و قد مرت بجانبي و هي تبكي بصوت مسموع ..!
أردت إيقافها .. لكن لم أستطع !!.. لأن حواسي كلها توقفت !!.. قلبي أخذ ينبض بعنف حتى ضننت أنه سيخرج من بين ضلوع قفصي الصدري ..!
لم تعد قدماي تحملانني .. فقد جثيت على قدمي في بركة الماء التي تشكلت بسبب المطر ..!
هذا مؤلم .. مؤلم للغاية !!..
هل تتألم ميشيل أيضاً ؟!..
لقد كانت تبكي بشدة منذ لحظات ..!
هل علي أن أعود إليها ؟!!..
هي لا تريدني إطلاقاً !!..
هي تكرهني بقدر ما أحبتني !!..
لكن أنا لا يمكن أن أعيش بدونها !!..
ميشيل أرجوك .. أفهمني أرجوك .. تحمليني أرجوك .. سامحيني أرجوك !!..
لم أعد استطيع الصبر على ذلك الألم .. ولم أستطع إفراغه إلا بصرخات تردد صداها على جدران تلك السكة الضيقة ..!
.................................................. ..........
ستووووووووووووووووب .. يكفي لليوم ^^

نهاية بائسة لموعد
السيد مارسنلي .. كيف سيكون مسار حبه بعدها ؟!..

لينك قرر نسيان ميشيل و ريكايل .. هل سينجح في هذا بعد الموقف الأخير ؟!..

كيت .. فتاة جذبت لينك بلا سبب .. هل هي مجرد عابرة سبيل أم شخص قد يغير الأحداث جذرياً ؟!..

بطلنا وافق على الذهاب للندن .. فهل سيغير رأيه ؟!..

و نهايةً .. هل يمكن أن يستمر
لينك في حبه لميشيل بعد رفضها الصريح ؟!.. أم أن لمحبوبة الملايين ليديا رأياً آخر ؟!!..


و بكذا أنتهى البارت لليوم .. راح أفتش ع الواجب الحصه الجايه ^^

جانا



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 03:34 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 15 سرت بخطوات مترنحة بعد أن وقفت بصعوبة ..!
اتجهت ناحية باب المقهى مجدداً بعد أن تذكرت وعدي لليديا بأن أعود ..!
عندما دخلت .. كان المكان فارغاً .. لقد مضت نصف ساعة منذ غادرت ..!
لكن .. على تلك الطاولة كانت لا تزال تجلس في مكانها بينما كانت تلك المرأة التي تعمل في المقهى تقف قربها و هي تقول : يا آنستي من فضلك غادري الآن .. علي أن أغلق المحل فعودي لمنزلك ..!
لكن الفتاة لم تتحرك ..!
سرت ناحيتها ببطء فانتبهت لي المرأة : عذراً أيها الشاب فقد أغلق المقهى منذ زمن ..!
لم أعرها انتباهاً بل تقدمت حيث ليديا و ربتت على كتفيها من الخلف و أنا أتمتم : آسف .. على تأخري ..!
لم تلتفت نحوي بل قالت بصوت هادء للغاية : لا .. لا تعتذر .. انتظرتك فقط كي أشكرك على هذا اليوم ..! وداعاً ..!
وقفت حينا و تجاوزتني و هي تطأطئ رأسها .. لكني تمكنت من رؤية تلك الدموع التي سالت على وجنتيها المتوردتين ..!
هل خسرت ليديا أيضاً ؟!!..
ألا تكفي خسارتي لميشيل ؟!!..
سمعت الباب يغلق .. فأسرعت و خرجت خلفها لأجد أنها قد ركبت تلك السيارة البيضاء و انطلقت بها ..!
لقد ركبت في الخلف و تلك السيارة كانت هنا قبل أن أدخل .. و هذا يعني أنها اتصلت بالسائق مسبقاً ..!
لقد علمت أني سأختار ميشيل ..!
يا لي من أحمق و تافه !!..
فضلت أن تتركني نهائياً على أن تكون الخيار الثاني و أنا لا ألومها على هذا ..!
عموماً .. ما تأكدت منه اليوم أنه لا ليديا و لا غيرها تستطيع أن تنسيني ميشيل !!..
لأنها و أليس الوحيدتان اللتان تمكنتا من قلبي !!..
لازال المطر يهطل بغزاره .. لذا سرت ناحية سيارتي على الجهة الأخرى للشارع ..!
ركبتها و أنا أشعر بأن جسدي لا يقوى على السير ..!
بصعوبة شغلتها و انطلقت إلى المنزل و أنا بالكاد انظر لطريقي حتى خيل إلي بأني سأتسبب بحادث بلا ريب ..!
الساعة الآن هي الثانية عشر و النصف ..!
وصلت للمنزل أخيراً و أوقفت سيارتي في مكانها ..سرت ناحية الباب الداخلي للقصر ..!
كان أول هذا المساء رائعاً للغاية .. لكنه قلب الآن إلى كارثة عظمى في حياتي ..!
لم ألتقي بأحد فغالبية الخدم الآن قد استغرقوا في النوم .. لكن قبل أن أركب المصعد سمعت صوتاً من خلفي : أخيراً عدت سيدي .. السيدة قلقة عليك ..!
أكره هذا الصوت .. ببرود قلت : أخبرها أنني عدت .. أنا ذاهب للنوم ..!
ركبت المصعد بعد تلك الكلمات التي قلتها لمساعد أمي الوسيم أدريان ..!
صعدت إلى الدور الثالث و مباشرةً إلى غرفتي ..!
أنا مرهق جسدياً ونفسياً ..!
لكن و حتى لا أصاب بالبرد بعد المطر أخذت حماماً دافئاً لخمسة عشر دقيقه..!
خرجت و أرتديت ملابس النوم ثم رميت بجسدي على السرير بإرهاق و بعد أن وضعت الغطاء على جسدي .. غرقت في نوم مليء بالكوابيس ..!
.................................................. ......
شعرت بأحدهم يهزني بخفة : لينك أفتح عينيك .. يكفيك نوماً ؟!!..
بكسل فتحت عيني لتلتقي بعينيها الزرقاوتين : اتركيني أنام .. رجاءاً أمي ..!
قطبت حاجبيها و هي تقول: مستحيل .. حان وقت المدرسة ..!
انقلبت على الجهة الأخرى و أنا أقول : لن أذهب اليوم ..!
بغضب قالت : قم من سريرك يا ولد ..! أرى أنك صرت تتغيب كثيراً هذه الفترة ..! ليس كونك صاحب المدرسة يعفيك من الذهاب ..! سيمتحنون من دونك ..!
رفعت رأسي بضجر و أنا أقول : ها قد استيقظت ..! لذا لا تغضبِ ..! ثم لو كان هناك امتحان لعلمت بهذه ..!
لم يبقى سوا هذا الأسبوع و الأسبوع الذي يليه و تبدأ العطلة ..!
النظام في مدرستنا يقضي بأنه بعد أن ينهي كل معلم منهجه الدراسي يمتحن الطلبة امتحاناً نهائياً .. و قد أنهيت معظم الامتحانات مسبقاً ..!
تنهدت حينها قبل أن تقول : ألن تخربني الآن أين ذهب ريكايل بالضبط ؟!!..أنت لم تطرده صحيح ؟!!..
نزلت من السرير بهدوء : انه في أجازة لبضعة أيام لذا أطمئنِ ..!
اتجهت ناحية دورة المياه لكن سؤالها أوقفني : لم تخبرني ماذا حدث معك و ليديا ؟!..
ترددت قليلاً عما يجب أن أخبرها به .. لكني في النهاية قلت : لسنا متفقين .. أعتقد أننا لا نناسب بعضنا ..!
كانت ردة فعلها هادئة فقد قالت بحزن : ذلك مؤسف بالفعل ..!
دخلت لدورة المياه كي أخذ حماماً بارداً ..!
سأذهب اليوم مجبراً للمدرسة لأن أمي تريد ذلك .. رغم أني لا أعلم ما الذي سأقوله لو رأيت ليديا في طريقي ؟!..
.................................................. ........
كان مزاجي سيئاً اليوم و هذا ما لاحظه أصدقائي : هيه لينك .. أخبرني ما بك اليوم ؟!.. أنت لست على طبيعتك يا رجل ..!
هذا ما قاله دايمن الذي يجلس أمامي في الصف بينما قال ماثيو و هو يقف قربي : حين قلت أنك ستذهب للندن معنا ظننت أنك في مزاج جيد لكن يبدو أني مخطأ ..!
وقفت حينها و أنا أقول : سأذهب لغسل وجهي .. أشعر بالنعاس ..!
خرجت من الصف .. الآن هو وقت حصة دراسية .. لكن بما أن غالبية المناهج قد تمت فالصفوف لا تدرس الآن والمعلمون لم يذهبوا لصفوفهم أصلاً لذا كل الطلاب يدخلون و يخرجون كما يريدون ..!
كانت حجة غسل وجهي مجرد كذبة كي يتركوني و شأني .. لقد قررت الذهاب للحديقة الصغيرة كي أرتاح من هذا الإزعاج ..!
لم أرى ليديا اليوم .. أيعقل أنها غاضبة لذا لم تأتي ؟!..
ربما .. عموماً علي أن أعتذر منها غداً حين أراها ..!
ما إن خطوت خطوتين حتى خابت ظنوني حين رأيت ليديا أمامي تسير مع فلورا ..!
وقفت أنظر إليها بهدوء فانتبهت هي الأخرى لي و وقفت في مكانها ..!
كانت تنظر إلي بهدوء و وجنتاها متوردتان كالعادة .. بينما كنت أنا أنظر إليها بذات الهدوء : ليديا .. أود التحدث إليك ..!
هي أيضاً قالت : و أنا أريد ذلك لينك ..!
بابتسامة قالت فلورا : إذاً أراك فيما بعد ليديا ..!
سارت بعدها بعيداً عنا .. طلبت من ليديا أن تتبعني فلم تعترض ..!
سرنا باتجاه ذلك الباب الذهبي المنعزل .. فتحته و دخلنا إلى الغرفة التي أتناول فيها الطعام وقت الاستراحة و منها دخلنا إلى الحديقة الصغيرة الخاصة في ..!
سرت بضع خطوات ثم التفت إلى الخلف .. كانت تطأطئ رأسها بحزن لكنها لم تلبث أن رفعته وهي تنظر إلي : آسفة على ذهابي بالأمس بتلك الطريقة ..!
لم أتوقع أن تعتذر أبداً لذا هي فاجأتني ..!
لم أعلم ما علي أن أقوله فقد نسيت كل الكلمات التي كانت في ذهني..!
في النهاية لم أملك إلا أن أقول : لا .. لا تعتذرِ .. أنا كنت قاسياً بموقفي ذاك ..! أنني حقاً خجل من نفسي ..!
لم ترد .. و أنا صمت ..!
أين ذهب كل الكلام الذي كنت سأقوله لها ؟!!..
لقد كنت أنوي أن أخبرها بأني آسف لكوني لا أستطيع أن أنسى ميشيل بسهولة ..!
هي أيضاً .. واضح أنها تريد قول شيء ما ..!
في النهاية تكلمت هي و قد نظرت إلي بتردد : تلك النادلة .. هل كانت الفتاة التي أخبرتني عنها ؟!!..
أبعدت نظري عنها قبل أن أقول : في الحقيقة نعم .. أنها هي ..!
ابتسمت بهدوء مما أدهشني : أنت محظوظ ..!
قطبت حاجبي مستغرباً .. أنا محظوظ !!..
أعتقد أني أكثر شخص يرفض الحظ مصاحبته ..!
لكنها أردفت بعد وصفي بتلك الكلمة التي تبعد كل البعد عني : تلك الفتاة .. أنها تحبك بجنون !!..
اتسعت عينيّ بعد كلمتها !!.. أتقصد ميشيل ؟!!.. أتمزح ؟!.. أم أنها تريد أن تخفف عني !!..
لم أعلم لكني ضحكت حينها بخفة .. أعلم أنها مستغربة من هذا ..!
لذا أوقفت ضحكتي التي لم تستمر إلا للحظات : أنا محظوظ لأن ميشيل تحبني بجنون ؟!!!..أنتي تمزحين بالفعل ليديا ..!
بذات ابتسامتها العجيبة : أسمها ميشيل .. إنه اسم جميل ..!
لقد تجاهلت كلامي .. لكني لن أسمح لها بهذا حتى توضح لي ما قصدها بالضبط : دعك من اسمها الآن .. ما الذي تقصدينه بقولك أنها تحبني بجنون ؟!!..
صمتت للحظات و قد أغلقت عيناها و ابتسامتها الصغيرة لم تعتزل شفتيها .. لكنها فتحت عيناها و نظرت إلي و وجنتاها متوردتان : عيناها .. منذ دخلنا إلى المقهى تسلطت عيناها عليك ..! كانتا تلمعان و حزن دفين يغزوهما ..! ظننت أنها أعجبت بوسامتك فقط .. لكن حين بدأت الحديث عن تلك الفتاة كانت هي تقف بالقرب منا .. لقد كان الألم قد ارتسم فيهما ..! و حين وقفت أنت و لحقت بها أيقنت تماماً أنها تلك الفتاة التي قصدتها بكلامك ..!
كنت مصدوماً من ذلك الكلام الذي قالته لكنها تابعت كذلك بهدوء : كنت أفكر في تلك النظرة في عينيها .. لقد كانت عيناها فائضتان بالحب و هذا ما أدهشني ..! عندها و بعد تفكيري الملي بالأمر .. علمت أنني بقدراتي هذه يستحيل أن أدخل في منافسة مع هذه الفتاة فأنا مهما فعلت لن أستطيع أن أنظر إليك بتلك النظرة المجنونة ..! خاصة أنه كان من الواضح أنك أيضاً لا زلت تحبها و لن تتخلى عن حبك لها ..!
لم أعلم ماذا أقول .. فدهشتي بالأمر فاقت الحدود ..!
لما إذاً رفضتني بعد أن اعترفت لها ؟!!..
لماذا ؟!!..
أنا لا أفهم ؟!!.. لست أفهم هذه المشاعر المتناقضة : لماذا إذاً ؟!!.. لما رفضتني و قالت أنها تكرهني ؟!!..
سألت ليديا بحيرة لعل و عسى أن تكون لديها إجابة كافية : إن كانت قالت لك أنها تكرهك فهي بالتأكيد مجنونة بك ..! ذلك لأنها حين رأتك معي وصلت بها الغيرة إلى الحقد !!..
هل تفسير ليديا للموضوع صحيح ؟!!..
لما ليديا تعيد الأمل لقلبي ؟!!..
نظرت إليها باستغراب : ليديا .. لما تخبرينني بكل هذا ؟!!.. يفترض أن تحاولي إبعادي عن ميشيل !!..
لم تزل ابتسامتها حينها لكنها تنهدت بحزن : لأنني استسلمت ..! لا أمل لي مع وجود ميشيل ..! أعترف أني أحببتك لينك .. لكني لا أريد الخوض في معركة خاسرة قد تحطم مشاعري ..! انسحابي منذ البداية سيكون أفضل ..! إذاً لما أحاول إبعادك عنها ؟!!.. قلت أني أحببتك لكني لم أقع في حبك بعد لذا أنا أريد سعادتك كصديق .. و قد علمت يقيناً بأن سعادتك المطلقة ستكون مع ميشيل ..!
أي إنسانة هذه ؟!!..
حقاً لم تكذب آندي في أي كلمة قالتها عنها ..!
ابتسمت لا شعورياً : ليديا .. إني أشكرك حقاً على هذا ..! لقد كنت يائساً تماماً لكن كلامك هذا أعاد الأمل لي ..! كيف يمكنني أن أشكرك ؟!!..
صمتت قليلاً قبل أن تقول : هل نجلس ؟!.. أريد أن أخبرك شيئاً ..!
استغربت في البداية لكني أشرت ناحية الطاولة الدائرية ذات المقعدين فجلس كلٌ منا على واحد : لينك .. إن كنت صادقاً في مشاعرك اتجاه ميشيل فتذكر أنك ستخوض حرباً صعبة ..!
تعجبت من كلامها بالفعل : وضحي ..!
أخذت تلعب بسوار في يدها قبل أن تقول بهدوء : سأوضح لك ..! سأخبرك بقصة مشابهة لقصتك ..! أعرف شاباً فرنسياً ذهب للدراسة في اسبانيا .. و هناك تعرف على فتاة تعمل في مطعم الجامعة ..! أحب تلك الفتاة رغم أنه كان من أسرة ثرية بينما كانت هي مجرد فقيرة يتيمة ليس لها أحد ..! هي الأخرى أحبته و بعد مرور عامين رزقا بطفل ..! الشاب عاد لبلاده و أخبر والديه أنه تزوج منذ عام كامل و لم يخبر أحداً وهو الآن يريد أن يعلن للجميع عن أمر زوجته و طفله ..! لكن الوالدان رفضا نهائياً ذلك كونها ليست من طبقتهم الراقية ..! أخوته و والداه و بعض الذين علموا بالأمر بدءوا يسوسون في رأسه حتى يتخلى عنها لأنها لا تناسبه و ليست في مكانته و أنها فقط تطمع بثروته ..! للأسف تمكنوا من ذلك لكنه أخبر والديه بأنه لن يتخلى عن الطفل ..! لذا عاد لأسبانيا و أخذ طفله و ترك الفتاة بعد أن أنفصل عنها ..! و بعد مرور شهر واحد تزوج و قد كان قد أخفى أمر طفله عن كل من حوله ..! لذا بعد أن أعلن عن أمر الطفل بعد عشرة أشهر قال أنه ابن زوجته الثانية ..! لكن أم الطفل جاءت حينها و طلبت منه أن تأخذ طفلها إلا انه رفض قطعاً .. ذلك ما جعلها تطلب منه جعلها خادمة للطفل الصغير فوافق ..! هكذا تمكنت من رعاية طفلها لكن ليس كأم بل كخادمة ..!
كنت مصدوماً بالفعل .. ليس بسبب تلك القصة بل بسبب الدموع التي سالت من عيني هذه الفتاة و هي تحكي القصة !!..
لكنها تابعت بعد أن مسحت دموعها بأطراف أناملها : أن كنت تريد ميشيل .. فعليك أن تكون مستعداً لمواجهة الجميع من أجلها ..! حتى لا ينتهي بها الأمر و تكون في مكان أمي !!..
عبارتها الأخيرة جعلت الدم يتجمد في عروقي !!..
لقد قالت .. ينتهي بها المصير كأمي !!..
لا شعورياً قلت : أتقصدين .. أنك أنت تلك الطفلة ؟!!!..
أومأت إيجاباً و قد ابتسمت بهدوء : لم أعلم بأمر تلك القصة إلا حين صرت في الثالثة عشر ..! كنت مصدومة ورفضت الأمر تماماً فأنا لم أصدق أن وصيفتي هي أمي الحقيقية !!.. لوهلة قلت لنفسي .. كيف أتقبل كون الخادمة أمي !!.. لكني بعدها حين فكرت بالأمر اقتنعت بأنها صارت كذلك من أجلي ..! فقط فهمت هذا حين قلت .. كيف أسمح بأن تكون أمي خادمة ..!
.
كيف أتقبل كون الخادمة أمي ؟!..
كيف أسمح بأن تكون أمي خادمة ؟!!..
.
كيف أتقبل كون الخادم أخي ؟!..
كيف أسمح بأن يكون أخي خادماً ؟!!..
.
أنا أيضاً قلبت الأمر في رأسي !!..
لحظتها .. شعرت بطاقة ملية اجتاحتني ..!
وقفت حينها و أنا ابتسم بسعادة و أقول : شكراً لك ..أنتي عظيمة ليديا ..! أعدك .. أعدك بأني سوف أحارب من أجل ميشيل !!.. و من أجل ريكايل أيضاً ؟!!..
قطبت حاجبيها مستنكرة : ريكايل ؟!!!!..
ضحكت حينها بخفة و أنا أقول : ليديا .. أنت رائعة ..! أنا سعيد بكوني صديقاً لفتاة مثلك ..! أسمعي .. في العطلة القادمة سنذهب للندن .. ما رأيك بأن تأتي معنا ؟!!..
رغم انها كانت متعجبة إلا أنها ضحكت : أنت حقاً مجنون لينك ..! لكن عموماً شكراً على الدعوة .. و أعتقد أني مجبرة على تلبيتها بما أنك دعوتني ..!
ليديا حلت لي أزمة أرقتني ..!
لقد حكت لي تلك القصة بنية لميشيل لكنها بشكل غير مباشر حلت مشكلتي النفسية مع ريكايل ..!
نعم .. ريكايل أخي من قبل أن يصير خادماً !!..
.................................................. .
الساعة الآن هي العاشرة مساءاً..!
نزلت من سيارتي الفراري الحمراء و نظرت إلى الأعلى .. ليس إلى السماء .. بل إلى قمة ذلك البرج ..!
انه برج إيفل الشهير ..!
اتجهت ناحية المدخل حيث تلك الصالة الصغيرة و عند مكتب الاستقبال اشتريت تذكرتين لأعلى البرج ..!
كان هناك بعض الناس يصعدون و ينزلون .. لكنني لم أتحرك من مكاني بل بقيت أنظر حولي لأجد أحد قد يساعدني ..!
رأيت هناك شابةً تقوم ببيع البالونات على الأطفال .. اتجهت ناحيتها : هل لي أن أطلب منك خدمة يا آنسه؟!!..
التفتت ناحيتي بابتسامة : تفضل ..!
بادلتها تلك الابتسامة اللطيفة و أنا أقول : هل ستبقين هنا طويلا ً ؟!..
نظرت لساعتها ثم أجابتني : بقي خمسة عشر دقيقة و ينتهي موعد عملي ..!
أخرجت إحدى البطاقتين من يدي و أعطيتها لها : أود منك أن تعطي هذه لشاب أشقر الشعر سيأتي بعد قليل ..!
قطبت حاجبيها حينها : هناك الكثير من الشباب ذوي الشعر الأشقر .. ألا تحمل صورةً له ؟!!..
إنها محقة .. لكن ليس لدي أي صورة :للأسف لا .. حسناً .. أعتقد أنك تستطيعين تميزه أن أخبرتك عنه ..! إنه يشبهني كثيراً .. لكنه يصفف شعره إلى الخلف ..!
بدا أن هذه المعلومات لم تكن كافية : هل هو بعمرك ؟!!..
أومأت إيجاباً :أنه أخي التوأم و أسمه ريكايل .. إذا لم يأتي إلى هنا فبإمكانك الاحتفاظ بالتذكرة لنفسك ..!
عادت للابتسام بمرح : حسناً سيدي .. يمكنك الذهاب و انتم مطمئن ..!
تركتها بعدها هي والبطاقة و كلي أمل أن يحضر ريكايل إلى هنا .. اتصلت به بعد خروجي من المدرسة و طلبت منه القدوم إلى هنا في هذه الساعة ..!
أكملت الإجراءات و ركبت المصعد و معي قليل من الأشخاص .. مضت فترة منذ صعدت برج إيفل آخر مرة .. أعتقد كان هذا منذ عام مع لويفان ..!
وصلنا إلى منتصف البرج .. و نزل كل الأشخاص الذين كانوا معي ..!
بقيت وحدي في ذلك المصعد الكبير الذي تابع الصعود إلى القمة و كلما ارتفعت أكثر كلما زاد سعر التذاكر .. لذا تذاكر القمة لها سعر خاص و مرتفع ..!
توقف المصعد أخيراً خرجت منه و نظرت حولي ..!
كان المكان فارغاً من أي زوار .. فقط هناك موظف يجلس خلف كشك و يبيع التذكارات ..!
لم استغرب كثيراً فتذاكر أعلى البرج غالية و الوقت اقترب من الإغلاق و غداً مدرسة ..!
أتعلمون ؟!!.. ذلك أفضل !!..
لأني أريد الحديث مطولاً مع ريكايل لذا أردت مكاناً هادئاً و جميلاً ..!
سرت مبتعداً عن ذلك الموظف إلى الجهة الأخرى .. لأني لا أريده هو الآخر أن يسمع حديثنا .. هذا إن جاء الطرف الآخر فعلاً ..!
استندت إلى السور و بقيت أنظر أمامي .. إلى باريس العظيمة المشعة ..!
حقاً .. تستحق لقب عاصمة الأضواء ..!
الجو صار بارداً للغاية فالشتاء في أوله و هي تمطر من وقت لآخر ..!
قريباً ستتساقط الثلوج و تغطي هذه المدينة لتجعلها كعروس خجولة بثوب أبيض ..!
نظرت إلى ساعتي .. مرت عشر دقائق .. أرجوا أن يأتي ..!
و في تلك اللحظة شعرت بشخص خلفي ..!
رسمت ابتسامة و استدرت : أهلاً ..!
كان هو كما توقعت .. ينظر إلي بهدوء و برود :آسف على التأخر .. سيدي ..!
عدت أنظر للأمام : لا عليك ..!
بقينا صامتين حينها .. و مضى بعض الوقت ونحن كذلك .. كلانا أضاع حروفه على ما أعتقد ..!
تقدم هو الآخر و استند إلى السور : إن كنت تنوي طردي .. فأسرع بذلك ..!
التفت إليه ببرود : قبل ذلك .. لنكن صريحين ..! لقد كنت تعلم أننا أخوان .. منذ متى ؟!!..
لم يبعد نظريه عن المنظر الرائع أمامه بل أجاب بهدوء : فقط حين قالت السيدة مارسنلي أن أسمك الحقيقي هو لينك إيان بروان ..!
ترددت للحظات قبل أن أسأل : و ماذا كان موقفك ؟!!..
التفت ناحيتي ليقول ببرود : أنا لم أعلم أن لي أخاً أصلاً ..! لذا شككت في أنه مجرد تشابه أسماء ..! لكن حين أطلعت على بعض الملفات وجدت أنه بالفعل كان معي أخ توأم حين قدمت للملجأ وقد تم تبنيه من قبل مارسنلي ..! هذا كل شيء .. و أرجوا أن لا تسألني عن أي شيء مجدداً فأنا لن أجيبك على شيء ..! لذا من فضلك سيدي أسرع بطردي و اتركني أذهب ..!
كنت أشعر بمدى الألم في كلامه و إن لم يظهر ذلك .. أنا أيضاً نظرت إلى السماء حيث كانت النجوم تتلألأ براقة فيها : من قال أني سأطردك ؟!!..
التفت ناحيتي ليقول بنوع من الغضب اتضح في صوته و كأنه يكتم استياءه : إن لم تفعل فأنا سأقدم استقالتي ..!
- و أنا لن أقبلها !!..
- بل ستفعل !!..
- لما أنت مصر ؟!!..
- حتى و إن لم أعش حياة النبلاء التي عشتها فأنا لي كرامتي و لن أقبل العمل خادماً عند أخي التوأم !!.. أفضل البحث عن أي مطعم يقبلني ..!
كانت نبرته شرسة للغاية وهو يقول تلك الكلمات .. ابتسمت حينها لأقول : أنا لن أطردك ولن أقبل استقالتك .. لأني أريدك أن تبقى معي ..! ليس كخادم بل كأخي ..!
بدا أنه تفاجئ نوعاً ما : أعتقد أنك قلت سابقاً بأنك ترفض هذا قطعاً ..!
- ذلك لأني كنت مصدوماً فقط ..!
- لا تعتقد أن موافقتك على هذه العلاقة تعني موافقتي !!.. أنا أرفض ..!
- لما ؟!!.. أعطني سبباً مقنعاً ..!
- الأمر بسيط .. أنت عشت برفاهية و سعادة بينما أنا من عانى في طفولته .. لذا نحن مختلفان !!..
- أعتقد أني أخبرتك مسبقاً .. لم أعش طفولةً أحسد عليها !!..
قلت كلمتي الأخيرة بجد .. لم يجبني .. واضح أنه مستاء .. لكني بطريقة ما شعرت بأنه يريد أن يقتنع بكلامي ..!
لا أعلم كيف شعرت بهذا ؟!!..ربما هو رابط الأخوة بيننا : يقولون بأن التوأم يستطيعان فهم بعضيهما .. صحيح ؟!!..لا تكابر ريكايل ..أخبرني بما في نفسك فقط ..!
لم يجبني بل استند مجدداً إلى السور و بقي ينظر للأمام بشرود و كأنه يفكر في ما عليه فعله ..!
تنهدت حينها .. يبدو أن إقناعه سيستغرق وقتاً ..!
لحظتها خطر في بالي سؤال : هيه ريكايل .. أخبرني بما تعرفه عن والديك !!..
أغمض عينيه و قال ببرود : لما علي أن أخبرك ؟!!..
ابتسمت بهدوء : لا يحق لك الرفض .. إنهما والدانا سويةً .. و أنا أشاركك فيهما الآن ..!
أعلم أن كلامي كان مستفزاً للغاية لكني أردت أن أحركه قليلاً ..!
التفت ناحيتي وعلى وجهه نظرة باردة و قد قال : لا أعرف شيئاً .. أنا لم أبحث بأمرهما مطلقاً ..!
- تكذب !!.. قلت أنك رأيت بعض الملفات .. لا شك أن فيها بعض المعلومات ..!
- قلت لك لا أعرف ..! كل ما عرفته هو أسماهما و أعمارهما حين توفيا ..! فقط ..!
شعرت بمدى نبرة الألم في صوته حين قال توفيا .. لكني رغم ذلك قلت بهدوء : أسم أبينا إيان .. ماذا عن أمنا ؟!!..
طأطأ رأسه حينها .. بينما شعرت أنا بشعور غريب فأنا على وشك معرفة أسم أمي الحقيقية .. أمي التي حملت بي و أنجبتني .. أمي التي عرفتني قبل إلينا .. أعتقد أنها كانت تنتظرني بفارغ الصبر .. لكن في المقابل أنا بلغت السابعة عشر و أنا لا أعرف أسمها حتى ..!
انتبهت أن ريكايل نظر إلى السماء بهدوء وهو يقول بخفوت : أسمها .. نيكول !!..
نيكول .. شعرت بألم في صدري حين سمعت الاسم ..!
نيكول .. هو أسم أمي !!..
نيكول براون .. هي أمي الحقيقية .. ليست إلينا مارسنلي .. بل نيكول براون ..!
آسف أمي .. آسف لأني لم أعرفك مسبقاً .. أرجوك أعذريني ..!
لا أعلم كيف يمكنني أن أصف شعوري حين تفكيري بالأمر .. لكني شعرت بأن دموعي تريد أن تفيض في عيني ..!
وكي لا يحدث هذا سألت حالاً : و ماذا عن عمريهما حين توفيا ؟!!..
- كانا في العشرين !!..
صدمت !!.. في العشرين !!!!!!..
إنهما أصغر من أن يكونا أبوين !!..
نظرت إلى ريكايل بصدمة : كيف في العشرين ؟!!!.. إنهما صغيران جداً ..! إن كانا أنجبانا و هما في العشرين فلا شك أنهما تزوجا قبل ذلك بسنة على الأقل ..! أي في التاسعة عشر !!.. أأنت واثق أنهما كانا متزوجين ؟!!!..
لا تسألوني كيف نطقت آخر جملة لكني قلتها بلا شعور ..!
التفت ناحيتي بغضب: بالطبع كانا كذلك !!.. لا تفكر في أشياء لا معنى لها !!..
شعرت بالندم على سؤالي الذي لم يكن له داعٍ : آسف .. كان فقط بسبب صدمتي ..! لأني لم أعتقد أن هناك من يتزوج قبل وصول العشرين !!..
- لا تعلم .. ربما الظروف هي ما جعلتهما هكذا ..!
- و ربما كانا يحبان بعضيهما و لم يريدا الصبر حتى يكبرا أكثر ..!
- ما مقصدك من هذا الكلام ؟!..
- ريكايل .. ماذا تعتقد كان سيحدث لنا لو كانا على قيد الحياة ؟!!..
لم يجب .. بل بقي ينظر إلى السماء بصمت ففعلت مثله لكني قلت : ربما .. كنا سنعيش طفولتنا سوية كأي أخوين .. عليك أن لا تلومني ريكايل فلم يكن بيدي العيش معك أو عدمه ..! أعلم أنك مستاء لأنك كنت وحيداً طيلة تلك السنوات ..!
لم يرد .. بل لم يبعد ناظريه عن تلك السماء : ريكايل .. أتذكر حين حدثتك عن طفولتي .. في ذلك اليوم قلت لي أن هناك صوت بداخلك يطلب منك معاملتي ببساطة .. أنا كذلك كان هناك صوت بداخلي يطلب مني صداقتك ..! أنت صدقت ذلك الصوت و أنا كذلك ..! الآن أعتقد أن السبب هو رابط الدم بيننا ..!
أيضاً لم يرد .. لكني أشعر بأنه يريد الحديث : ألا تود قول شيء ؟!!..
بهدوء على ذات وضعيته : بلا .. الكثير !!!..
ابتسمت بهدوء : إذاً تكلم ..!
تنهد حينها و بدأ حديثه الذي كتمه طيلة الوقت : لا أستطيع .. وصف صدمتي بالأمر .. لكن هناك أشياء في داخلي أخذت تتضارب .. في أول مرة وقعت فيها عيني عليك كان هذا في يومي الأول من العمل في ثانوية مارسنلي .. كانت لمحة بسيطة من الخلف .. لكنك جذبت انتباهي دون أن أشعر .. بعدها علمت أنك وريث مارسنلي فصدمت .. لأنني سمعت أن ريث مارسنلي شخص متسلط و مغرور .. لم تبدو لي كذلك فقررت أختبارك ..!لذا في ذلك اليوم في لقائنا الأول بادلتك نظرة الاحتقار تلك .. رغم أننا تشاجرنا و رميتني بألفاظ مهينة و رغم تلك اللكمات التي تلقيتها لم أقتنع بأنك شخص سيء ..! هذا ما دفعني للموافقة على العمل عندك ..! كنت أحاول أقناع نفسي بأنك سيء لذا أتشاجر معك و أتسلط عليك أتباعاً لذلك الصوت و أيضاً حتى اقتنع بما يقال عنك رغم ذلك لم يستوعب دماغي فكرة أنك سيء ..!حتى أخبرتني بتك القصة .. حينها أيقنت بأنك كنت تتصنع السوء .. اكتملت غايتي لكني شعرت بأنك هناك شيئاً ناقصاً ..!لم يكتمل هذا النقص إلا حين علمت أنك أخي .. ربما لم يصدق قلبي أنك سيء لهذا السبب ..!
كنت ابتسم بهدوء واستمع إليه .. كلامه الأخير ذكرني بشيء ما : أتعلم .. أنا أيضاً شعرت بالنقص كثيراً حتى وجدتك ..! لم أعلم السبب الحقيقي لكني الآن اكتشفت أن السبب هو أخوتنا ..! اليوم قرأت بعض المعلومات عن التوائم .. و علمت بأن التوأمين دائماً ما يكونان مرتبطين ..! تلك المعلومة فسرت لي مشاعر الطمأنينة و الدفء التي شعرت بها حين حدثتك عن طفولتي ..!
التفتت حينها لأرى أنه كان ينظر ناحيتي و على وجهه نظرة حائرة للغاية ..!
أردت أن أهدأ تلك النظرة لذا حاولت أن تكون ابتسامتي صادقة جداً و للمرة الأولى أشعر أنني مسؤول عن شخص ما : ريكايل .. لا داعي لأن تكابر فأنا أفهم شعورك ..! أعلم أنك مثلي تريد أن نعيش معاً لكنك تكابر ..!
بذات النظرة المرتبكة : كيف عرفت ؟!!..
اتسعت ابتسامتي حينها : كما قلت لك سابقاً .. التوائم يفهمون بعضهم بسهولة !!..
تقدمت ناحيته و ربتت على كلا كتفيه حينها و أردفت : لذا .. الدم الذي يجمعنا يخبرني بما تريده أنت .. و أنت ستكون قادراً على فهمي إن أردت ذلك .. لأننا شقيقان ..! أعتقد أن أمي و أبي سيكونان مطمئنين أكثر لو عشنا معاً .. هذا أقل حق لهما علينا ..! ربما لم نستطع أن نعيش معهما .. لكننا نستطيع العيش من أجلهما ..! أعتقد لو كان بإمكانهما الآن رؤيتنا .. فستكون هذه أسعد لحظاتهما ..! لذا ريكايل .. حتى يرقد والدانا بسلام ..!
أتعلمون .. لقد التمعت عيناه حينها و كأنما دموعه على وشك الفيضان .. لكنه حقاً أسعدني حين تمتم : أخي ..!
لم استطع إلا أن عانقته حينها فبادلني ذلك العناق ..!
كنت أشعر بمشاعر غريبة للغاية .. ذات المشاعر التي شعرت بها حين أخبرته بقصة طفولتي المأساوية ..!
الآن تأكدت لما كنت مرتاحاً له ولما لم أستطع طرده و أبعاده عني .. لأنه أخي .. بل شقيقي التوأم ..!
شعرت أنا آخر بدموعي فاضت .. منذ زمن طويل لم أشعر بمثل هذه السعادة ..!
لا أنسى أيضاً ليديا التي ساعدتني في حل هذه المشكلة دون أن تعلم .. من كان يضن أن لقائي بها سيجعلني أعود لريكايل ..!
بقينا صامتين .. لكن ذلك الصمت أخبرني الكثير ..!
و أهم شيء أخبرني به ..!
أني لن أعيش بعد اليوم بعيداً عن ريكايل مهما حدث !!..
من أجلي .. و من أجله .. و من أجل والدينا .. إيان و نيكول ..!
.................................................. ....
رن الجرس معلناً نهاية اليوم الدراسي .. لذا خرجت من الصف برفقة ماثيو و دايمن كالعادة فقال الأخير : هيه لينك .. لنذهب اليوم إلى السينما إنه العرض الأول لفلم لويفان الجديد ..!
باستغراب قلت : الفلم الذي صوره في سويسرا !!..هل انتهى منه بهذه السرعة ؟!!..
أومأ ماثيو إيجاباً : صحيح .. اتصل بي أمساً و أكد علينا مشاهدته ..! قال أنك لا تجيب على هاتفك أيضاً ..!
بتوتر قلت : كنت مشغولاً بالأمس ..! عموماً لا أعتقد أن بإمكاني اليوم الذهاب للسينما فلدي الكثير من الأعمال ..! إلى اللقاء ..!
ركضت حينها مبتعداً عنهما بينما نظراتهما المستغربة تراقبني ..!
بالأمس بعد أن تناولت العشاء مع ريكايل في أحد المطاعم و بعد الحديث المطول الذي خضناه عن خطوتنا التالية قررنا في البداية أن نذهب للخالة آنا و نطلب منها أن تحدثنا عن سبب انفصالنا في ملجأ الأيتام ..!
و ها أنا الآن في حديقة المدرسة الواسعة أسير بين جمع الطلبة ناحية مربض السيارات الكبير ..!
في تلك اللحظة سمعت صوتاً يناديني من الخلف : لينك توقف ..!
التفتت حينها و ابتسمت تلقائياً حين رأيتها تسير ناحيتي بخطوات متلاحقة : أهلاً ليديا ..!
وصلت إلى جانبي فسرنا سوية بهدوء : هل تحدثت لميشيل ؟!!..
- لا .. لم أملك الجرأة بعد ..!
- اسمع لينك .. الأفضل أن لا تحدثها حالياً لأنها ستكون غاضبة و لن تفكر في الاستماع إليك .. أصبر قليلاً حتى تهدأ أعصابها ..!
- لست واثقاً ليديا .. أشعر بأنها لن تصدقني ..!
- اطمئن لينك .. إنها تحبك و ستصدقك ..! لذا كل ما عليك أن تمتلك الشجاعة و الفرصة المناسبة و ستكون الأمور على خير ..! وأنا سأدعمك في هذا ..!
- أستطيع الاعتماد عليك لأخذ المشورة ؟!!..
- بالطبع ..!
- ليديا .. أأنت واثقة مما تقومين به ؟!..
سألت بخفوت .. خفت أنها تضغط على مشاعرها من أجل مساعدتي ..!
لكنها ابتسمت بمرح : بالتأكيد .. قلت لك أني لم أقع في حبك بعد !!.. لقد أحببتك كصديق لذا أنا بخير هكذا ..! أريد مساعدتك لتكون سعيداً .. هذا أقل ما يمكن أن أفعله لصديق جيد مثلك ..!
كنت مطمئناً فمن خلال نبرتها تلك و نظرات عينيها تأكدت أنها صادقة في كلامها : أشكرك بالفعل ليديا ..!
بذات ابتسامتها قالت : لا شكر بين الأصدقاء ..! أن كنت مصراً على شكري فقاتل من أجل ميشيل ..!
كانت متحمسة من خلال كلماتها الأخيرة : بالتأكيد سأفعل ..!
كنا قد وصلنا لمربض السيارات حينها .. و هناك رأيت ريكايل يقف قرب سيارتي السوداء ..!
ابتسمت و أمسكت بيد ليديا : تعالي لأعرفك على ذلك الشاب ..!
انتبه ريكايل لنا فوقف باحترام بسبب وجود ليديا : أهلاً بك سيدي ..!
التفتت ناحية الفتاة : ليديا .. هذا رفيقي ريكايل ..! ريكايل هذه الآنسة ليديا روبرتون ..!
حنى رأسه باحترام : تشرفت بقائك آنستي .. شكراً لاهتمامك بسيدي ..!
بابتسامة لطيفة و لبقة قالت : أهلاً بك.. في الحقيقة لينك هو من يهتم بي ..!
قطبت حاجبي حينها مستنكراً : نهائياً .. أنت من يقوم بمساعدتي و ليس أنا ..!
ضحكت بخفة حينها : انت تحرجني بكلامك لينك ..! آه صحيح .. لقد ذكرت لي اسم ريكايل بالأمس .. أعتقد أنه شخص عزيز عليك ..!
قالت تلك الكلمات و هي تنظر ناحية ريكايل بمرح فقلت بابتسامة هادئة و أنا أنظر إليه : كثيراً ..!
لاحت ابتسامة صغيرة على وجهه .. قطع علينا تلك اللحظة صوت : آنسه ليديا ..!
التفتنا سوية حيث رأيت شاباً يبدو في الثلاثينيات : لقد وصل السائق .. إلى اللقاء لينك ..!
لوحت لها و هي تبتعد : إلى اللقاء ..!
صعدت سيارة بيضاء كانت بالقرب منا بينما ركبت أنا في مقعدي و ريكايل خلف المقود ..!
انطلقنا خارج المدرسة حيث قال بهدوء : تبدو تلك الفتاة مقربةً منك ..!
بذات النبرة الهادئة أجبته : رغم أني لم أتعرف عليها إلا ما قبل الأمس .. لكني حقاً اكتشفت أنها شخص رائع ..!
- حسناً .. قالت أنك ذكرت أسمي ..! هل تحدثتما في ؟!!..
- آه .. قصة طويلة ..!
- هل نعود للمنزل ؟!!..
- لا .. لنتجه حالاً إلى الخالة آنا .. إني متشوق لمعرفة القصة ..!
- كما تشاء .. رغم أني لست متحمساً كثيراً ..!
- ما أنا واثق منه أن أمي إلينا لم تكن تعلم أن لي أخاً توأم .. لأنها لو كانت تعلم بهذا لما فصلتنا عن بعض ..!
- لا أعلم لينك .. أشعر أن هناك قضيةً عظيمة خلف هذه القصة ..!
- هيه أخي .. ألن نبحث عن شيء عن والدينا ؟!!..
- كنت أنوي أن أقترح عليك هذا ..!
قال الكلمة الأخيرة بابتسامة على عكس النبرة الحزينة على صوته سابقاً ..!
ذلك ما جعلني اتحمس أيضاً : رائع .. إذاً بعد أن نغادر من عند الخالة آنا سنبدأ بالبحث ..!
.................................................. ........
بس .. ألى هنا يكفي

قوميييين ع البارت الحوسه و التعبان .. لكن خلوكم من المظاهر المهم الجوهر

أمي فا جاتني بخبر سفرتنا بكره فكان الوقت الي معي قصير لأني ما رجعت من بيت جدتي ألا ليلة أمس و وراي طلعه اليوم .. عشان كذا نزلته بسرعه

أممممم.. هالمره ما في اسئله بس طبعا الهووم وورك موجود ^^

توقعكم عن الأحداث الجايه .. أبي توقع لا يقل عن عشر سطور ^____^ << طماعه


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 03:38 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 16

توقفت السيارة بعد أن وصلنا إلى ذلك المنزل الصغير حيث ذلك الحي الهادئ ..!
نزلت و ريكايل أيضاً إلا أنه كان ينظر إلى جهة ما : ما الأمر ؟!!..
- إنها سيارة الطبيب .. لقد غادرة منذ لحظات ..!
- هل تعاني الخالة من مرض خطير ؟!..
- منذ فترة أجرت عملية زراعة كبد .. رغم ذلك يبدو أن الأمور لم تدم على ما يرام بعدها خاصة أنها منذ طفولتها تعاني فقر دم حاد ..!
- أرجوا أن تشفى قريباً ..!
- و أنا أرجوا ذلك أيضاً .. هيا لندخل ..!
تقدمنا و صعدنا درجاً من ثلاث درجات فرن هو الجرس حينها .. لم تمضي لحظات حتى فتح أحدهم الباب ..!
تنهدت حين رأيت أنها جوليا فذلك أفضل من أن تكون ميشيل : أهلاً رايل ..!
لم تنتبه فأنا كنت أقف خلفه لكن ما إن تنحى حتى شهقت : و لينك أيضاً !!!..
ابتسمت لها حينها : كيف حالك آنسه جوليا ؟!..
أتعلمون ؟!.. لقد دمعت عيناها حينها بدموع الفرح و بسعادة قالت : أنا بخير .. تفضلا بالدخول ..!
دخل ريكايل و أنا من خلفه و اتجهنا مباشرة إلى غرفة المعيشة .. استأذنت جوليا بأنها ستعد القهوة و تأتي ..!
حين دخلنا .. كانت الخالة آنا تجلس على سريرها و في يدها سنارة الصوف و قد بدا أنها تقوم بخياطة قفاز شتوي صغير أحمر ..!
تقدم رايل إليها وهو يقول : مرحباً خالتي ..كيف حالك اليوم ؟!..
رفعت رأسها حينها و خلعت نظارتها مستطيلة العدسات و قالت بابتسامه : أهلاً بني ريكايل .. أنا بخير كما ترى ..! معك ضيف ؟!..
واضح أن نظرها ضعيف فهي لم تتمكن من تميزي و أنا واقف قرب الباب ..!
التفت ريكايل ناحيتي بابتسامة : نعم .. لقد جاء أخي لينك معي إلى هنا ..!
بادلته الابتسامة و تقدمت بضع خطوات حتى وقفت بجانبه : مرحباً خالتي ..!
أخذت تنظر إلي برهة و إلى أخي برهة أخرى حتى فاضت عيناها بالدموع : يا لسعادتي و أنا أراكما سويةً مرةً أخرى .. لكم انتظرت هذه اللحظة ..!
ربت ريكايل على كتفها حينها : و هاهو انتظارك قد أثمر .. لذا اطمئني علينا فنحن بخير ..!
دخلت جوليا في تلك اللحظة : القهوة جاهزة ..!
أردت أن أسأل سؤالاً لكني ترددت قليلاً : أين ميشيل يا جوليا ؟!!..
أراحني رايل حين سأل السؤال عني .. و كأنه شعر بأني أريد أن أسأل .. أو ربما هي إحدى معجزات التوائم !!..
ابتسمت جوليا و هي تسكب القهوة في الأكواب : لم تعد بعد .. لقد ذهبت لمكان عملها .. سوف تأتي في المساء ..!
- في المقهى ؟!!..
- لا .. لقد انتقلت للعمل في مطعم صغير بالقرب من هنا ؟!..
- لما ؟!!.. لقد قالت أنها مرتاحة بالعمل هناك !!..
- لا أعلم السبب الحقيقي .. لكنها قالت أن ذلك المطعم أقرب للمنزل حيث يمكنها القدوم للاطمئنان على أمي وقت الاستراحات ..!
بطريقة ما و من خلال حوارهما شعرت أني السبب في ترك ميشيل لعملها في ذلك المقهى حيث رأتني من ليديا ..!
لكني سأصحح كل شيء عما قريب : ريكايل .. لينك .. أعلم لما أنتما هنا ..! أعتقد أنكما تريدان معرفة كل شيء منذ البداية ..!
انتبهنا للخالة آنا التي قالت تلك الكلمات بصوت هادئ ..!
جلست أنا على كرسي قرب السرير و بجانبي أخي على الكرسي الآخر .. بينما جلست جوليا على حافة السرير و بدا أنها الأخرى متشوقة لمعرفة القصة ..!
بهدوء قلت حينها : نحن نستمع خالتي .. ابدئي بالحديث ..!
نظرت إلي للحظات .. ثم لأخي لحظة أخرى : كان هذا منذ سبعة عشر عاماً .. لا أزال أذكر تلك الفترة و كأنها كانت الأمس ..! كان عمر جوليا حينها شهرين و قد كانت مريضة حين ولدت و أخبرني الأطباء أنها قد تموت لو لم تجرى لها بعض العمليات التي تحتاج لمبالغ مالية كبيرة .. زوجي كان يعمل سائقاً لسيارة أجرة .. و قد تعرض لحادث أدى لكسر ساقه فكان عليه أن يلزم الفراش لعدة أسابيع و ألا يقود قبل ثلاثة أشهر ..! لذا كنت أنا رأس المال الوحيد في الأسرة و قد كانت حالتنا صعبة بعض الشيء ..! عملي كمربية في ملجأ الأيتام كان جيداً ففي تلك الفترة كان الملجأ مزدهراً على عكس الفترة الحالية ..! أذكر أني في ذلك اليوم تركت جوليا مع والدها و ذهبت للعمل حيث كنت مضطرة للذهاب من أجل الراتب الذي يدفع لي ..! في ذلك اليوم قدمت إلي مديرة الملجأ و قالت بأن هناك طفلين وصلا و أني سأكون المسؤولة عنهما ..! كنت أعتقد أنهما طفلان من أسرتين مختلفتين ..! لكني حين رأيتكما صدمت .. فللمرة الأولى أرى توأماً بذلك الحجم الصغير .. حينها علمت أن عمركما ثلاثة أيام فقط .. وأن والداكما توفيا في اليوم السابق بحادث سير ..! ما فهمته أن والدتكما خرجت أولاً من المشفى بينما طلب الطبيب منها ترك الطفلين لأربعة وعشرين ساعة لتفقد حالتهما لكنها تعرضت و والدكما لحادث حينها أدى بحياتهما ..!
كان الأمر مؤلماً للغاية .. فأمي في ذلك اليوم خرجت من المشفى لتعود لمنزلها و تجهز غرفة الطفلين و تبني أحلامها و تستعد لاستقبالهما كفردين جديدين في العائلة .. لكنها ماتت قبل ذلك .. و أبي أيضاً ..!
لا أعتقد أن الخالة آنا تعرف الكثير عنهما .. لذا لم أتكلم و كذلك ريكايل .. لقد بدت عليه نظرة ألم مشابهة .. يبدو أنه يفكر كما أفكر تماماً ..!
تابعت الخالة آنا حديثها بعض ذلك الصمت القصير : لقد كنتما أصغر طفلين توليت الاهتمام بهم فأصغر طفل كان ابن الثلاثة سنين لكن أنتما كنتما بعمر الثلاثة أيام ..! علمت أن أسمكما لينك و ريكايل .. كان يصعب علي التفريق خاصة بعمركما ذاك .. لكن بسبب شريطين على يديكما الأولى زرقاء كانت في يد ريكايل و الحمراء في يد لينك استطعت أن أفرق بينكما ..! كانت الأمور تسير على ما يرام طيلة اليومين الأولين لكن حتى ظهيرة ذلك اليوم يومكما الخامس في هذا العالم .. طلبتني المديرة و أخبرتني أن أحدهم سيتبنى أحد التوأمين .. سألتها عن مصير الآخر فقالت أنه سيبقى هنا في الملجأ ..! صدمت لذلك فهناك قانون في الملجأ ينص على أن التوأم يتم تبنيهم معاً حتى لا يفترقا .. لكن المديرة حينها قالت بأن تبني أحدهما على حدا سيجلب المزيد من الدخل لأن المال المدفوع مقابل التوأم مساوي للمال المدفوع مقابل الطفل الواحد و أنه لو تم تبني أحدهما على حدا سيحصل الملجأ على الضعف ..!
يا للحقارة !!.. أبسبب المال يتم تفريقي عن أخي لمدة سبعة عشر عاماً !!.. حقاً شيء لا يصدق !!..
تنهدت الخالة حينها و تابعت : في البداية رفضت قطعاً .. أخبرت المديرة أني سأبلغ الشركة المسؤولة عن هذا لكنها أخبرتني بأنها ستطردني قبل ذلك ولن تعطيني راتب ذلك الشهر كما أنها ستخبر الجميع بأن لا يقبلوا بتوظيفي ..! لقد كنت بحاجة ماسة للمال من أجل علاج ابنتي و مصاريف المنزل و كذلك من أجل زوجي ..! لذا كنت مضطرة للسكوت وقد قررت أن أتصرف في وقت لاحق .. حينها أخبرتني بأنهم سوف يأتون بعد أسبوعين و أن علي أن أسلمهم أحد الطفلين ..! كان الأمر صعباً فأنا لم أعلم أيهما أترك و أيهما أسلم ..! بدا الأمر لي كقنبلة موقوتة و أن علي أن أختار إما السلك الأحمر أو الأزرق ..! أذكر حينها أن طفلاً جاء إلي و قال : ( الطفل ذو الشريط الأزرق لطيف .. أما ذو الشريط الأحمر فهو يبكي كثيراً ) ..! حينها قلت لنفسي .. الذي يبكي كثيراً يحتاج لأم ترعاه ..! لقد سمعت عن سادة مارسنلي و أنهما لطيفان و ليس لديهما أبناء ..! لذا سأسلمهم ذو الشريط الأحمر .. لينك !!..
شريط أحمر حدد مصيري .. لأنني كنت أبكي بكل براءة كأي طفل رضيع ..!
بصراحة .. هذا أكثر مما توقعت !!..
دمعت عينا الخالة آنا لسبب أجهله : بعدها مضى أسبوعان و أنتما في رعايتي .. و قدمت وصيفة مارسنلي العجوز .. حين أعطيتها الطفل أخبرتها بأن أسمه لينك و أني أرجوا أن لا تغير أسمه فهو الاسم الذي أختاره والداه الراحلان له ..! لم استطع النوم في تلك الليلة .. كنت أشعر بتأنيب الضمير بسبب موافقتي على تفريق التوأمين .. قررت حينها أن أهتم بالطفل الآخر حتى يكبر و أخبره عن أخيه ..! مضت بضع سنوات و أنا أربي في ريكايل دون أن أخبره بأمر أخيه التوأم ..! و حين دخل المدرسة صرت أنا مديرة الملجأ لذا قررت البحث عن لينك ..! علمت حينها أن السيد مارسنلي توفي منذ سنوات و أن السيدة انتقلت للعيش في بريطانيا مع أبنها الوحيد ..! لكن أكثر ما صدمني هو أن لا أحد يعلم بأن لينك متبنى من قبل مارسنلي ..! حينها تحدث إلي رجل .. علم بأني أبحث عن لينك براون فأخبرني بأنه إن لم أتوقف عن البحث فأنه سيقطع عيشي !!.. لقد كان الأمر مروعاً بالنسبة لي خاصة بعد وفاة زوجي منذ عامين و ليس لدي أي شخص يساعدني على تأمين حياة كريمة لطفلتي ..! فكرت حينها .. كلا الطفلان يعيش حياة جيدة .. ربما ريكايل لا لكن ذلك لن يغير شيئاً ..! لذا قررت أن أترك كل هذه الأمور و لا أحاول جمع التوأمين مرة أخرى لأن ذلك سيسبب هلاكي و هلاك أطفالي ..! لقد كرهتكما لفترة لكن قلبي لم يحتمل فكرة أني أنانية لتلك الدرجة ..! أعلم أني كنت مخطأة .. لقد كنت ضعيفة و طائشة ..! لم يعد لي أي شيء إلا أن أطلب الصفح منكما فقط !!.. سامحاني .. سامحاني على كل ما فعلته ..! سامحاني لأني لم استطع جعلكما تعيشان سوية !!.. أرجوكما .. لينك .. ريكايل .. إنها أمنيتي الأخيرة قبل أن أموت ..!
لقد كانت تبكي بالفعل بصوت أنين نادم للغاية و قد طأطأت رأسها و غطت وجهها بكفيها بعنف ..!
لم أعلم ما الذي يجب علي فعله ..!
إن مسامحتها صعبة علي .. ربما ريكايل قد يسامحها لأنها اهتمت به و ربته أما أنا فذلك صعب ..!
رغم ذلك حاولت أن أستجمع أفكاري .. أخذت نفساً عميقاً ..!
اهدأ لينك .. لقد كان هذا القدر ..! لا ذنب لها فهي أيضاً ليدها طفلتان تريد تأمين حياة كريمة لهما ..! لقد منحتك هذه التجربة فرصة معرفة إلينا التي ربتك .. و جاستن أيضاً و إن لم تكن تذكره .. كذلك العم رونالد و الخالة كاثرن و أبناءهم ..! لقد اعتنت بريكايل رغم كل شيء ..! و قد حاولت أيضاً جمعك بأخيك ..!
نظرت إليها حينها .. و ابتسمت بهدوء .. ربتت على كتفها حينها و أنا أقول بنبرة بدت حانية نوعاً ما : اهدئي خالتي ..! رغم كل شيء ففضلك علينا كبير ..! لذا لا داعي لأن تطلبي الصفح ..!
وضع رايل يده فوق يدي و قال بذات نبرتي : صحيح .. أنا لم أنسى أنك رعيتني حتى صرت مدركاً بما حولي و عملتي جاهدة لتعويضي عن فقدان والدتي ..!
رفعت رأسها إلينا .. لقد كان مشبعاً بالاحمرار و الدموع قد غسلته كلياً : أحقاً ما تقولانه ؟!..
أومأ كلانا إيجاباً وقد رسمنا ابتسامات امتنان لهذه المرأة التي رغم أنها لم تستطع لم شملنا إلا أنها فعلت الكثير من أجل ريكايل على الأقل .. و الدليل الأكبر هو مشاعر الأخوة بينه و بين ميشيل و التي لم تأتي من فراغ ..!
ابتسمت هي الأخرى و نظرت إلينا بتأمل : لقد كبرتما و صرتما شابين يافعين .. حقاً تمنيت دوماً أن أراكما سوية ..! كل ما أتمناه في حياتي أن تعيشا معاً بسعادة .. هكذا سيرتاح ضميري إلى الأبد ..!
أمسكت بيدها بين كفي و قلت : اطمئني خالتي .. أمنيتك هذه لن تضيع ..! أعدك أني لن أتخلى عن ريكايل .. و هو أيضاً سيفعل المثل ..!
علق هو الأخر موافقاً على كلامي : بالتأكيد .. خالة آنا .. أنا و لينك سنبقى معاً كما تمنيت دائماً ..! لذا اطمئني و لا تحملي في قلبك أي قلق علينا ..!
سالت الدموع مجدداً من عينيها .. لكنها هذه المرة كانت دموع فرح و سعادة و سرور و كل ما يمكن أن يبهج القلب : أني حقاً سعيدة و مطمئنة الآن ..! بما أنكما بخير ..!
بمرح قالت جوليا حينها و قد اتضحت السعادة عليها هي الأخرى : لكن رايل .. لا تنسني و ميشيل بما أنه صار لديك شقيق ..! تذكر أني لا أزال أعدك أخي الصغير مهما حدث ..!
ضحك بخفة حينها : لا تغترِ كثيراً جوليا .. أنتي أكبر مني بشهرين فقط ..!
نظرت إلى ريكايل بطرف عين حينها و بابتسامة ماكرة : يا ترى من الأكبر منا ؟!!..
رفع حاجبه بغرور : بالتأكيد سأكون أنا ..!
بدا التساؤل على جوليا : صحيح .. كيف يمكنكما معرفة الأكبر بينكما ؟!!..
نظرت الخالة آنا ناحيتنا : أعتقد أن ذلك كان مكتوباً في شهادة الولادة الخاصة بكلٍ منكما .. التاريخ مكتوب فيها .. و كذلك الساعة و الدقائق .. هذا يعني أنكما ستعرفان من أكبر و ما الفرق بعدد الدقائق ..!
ركزت النظر علي حينها : أعتقد أن شهادة ميلادك يا لينك موجودة مع السيدة مارسنلي .. أما أنت يا ريكايل فستجدها في أرشيف الملجأ ..!
ابتسمت لها بهدوء : شكراً لك خالتي .. لقد أعطتني إياها أمي إلينا .. لكني لا أتذكر الوقت بالضبط ..!
بادلتني الابتسامة حينها ثم قالت و كأنها تذكرت شيئاً : آه صحيح .. جوليا .. هلا أحضرتِ صندوقي الخشبي من غرفتي في الأعلى ..!
وقفت حينها و قالت بمرح : بالتأكيد أمي ..!
خرجت جوليا من الغرفة و حينها التفت الخالة فوراً إلي : لينك .. لقد أخبرتني جوليا بكل شيء عن قصتك مع السيدة مارسنلي حين علمت أنك لست ابنها ..! أعلم أن جوليا وعدتك بأن لا تخبر أحداً .. لكنني أجبرتها على الكلام لأني سألتها عن كيفية معرفتك لريكايل مسبقاً ..! و لأنها لم ترد أن تغضبني حكت لي القصة ..! لذا أرجوا أن لا تغضب منها فأنا أتحمل كافة المسؤولية ..!
بذات ابتسامتي الهادئة قلت : لا بأس خالتي .. كنت سأخبرك بكل شيء على العموم ..!
تنهدت براحة قبل أن تسأل : و الآن أخبرني .. كيف كانت حياتك مع مارنسلي ؟!..
بلا شعور اتسعت ابتسامتي و أنا أقول : أنه شيء يصعب علي وصفه ..! أمي إلينا و أبي جاستن قدما لي الكثير .. ربما أنا لا أتذكر أبي لأنه توفي في طفولتي لكني أعتقد أنه حتى و إن كان موجوداً فسأكون أكثر سعادةً بوجوده ..! أمي إنسانة عظيمة بالفعل و هي حنون بشكل مفرط .. لم تكن تسمح لي بأن أحزن من شيء فكل شيء أريده كانت تحققه لي بنفس طيبة ..! أعتقد أني متعلق بها بشكل فضيع ..! فهي لم تشعرني يوماً بأنني لست ابنها بل على العكس .. ربما لو كان لها ابن لما عاملته هكذا ..! أني حقاً لا أستطيع العيش بدونها ..! مهما تكلمت و تكلمت فأنا لن أوفي جزءاً بسيطاً من حقها العظيم علي مهما بذلت من جهد ..!
بالفعل .. أمي شيء لا يمكنني وصفه مهما حاولت ..!
كانت الخالة آنا لا تزال محافظةً على ابتسامتها : بالفعل أراحني كلامك .. فقد قلقت سابقاً نوعاً ما عن كيفية حياتك هناك و إن كنت سعيداً أم لا ..! لكن كلامك طمأنني بالفعل ..!
لم أعلق بل اكتفيت بابتسامة هادئة على محياي ..!
وصلت حينها جوليا و هي تحمل صندوقاً خشبياً متوسط الحجم بين يديها ..!
أخذته الخالة آنا منها و أخرجت مفتاحاً صغيراً من درج الخزانة الصغيرة الذي بجانب السرير ..!
أدخلت المفتاح في فتحة في الصندوق ثم فتحته .. كان مليئاً بأوراق قديمة و أشياء صغيرة كثيرة ..!
في النهاية أخرجت كيساً أسود صغير من المخمل و فيه خيوط ذهبية بحيث تسحبينها من الجانبين فيغلق الكيس .. لكنها حينها فتحته ..!
بانت ابتسامة شاردة عليها بينما كنا الثلاثة متشوقين لمعرفة ما في داخل ذلك الكيس الذي كان بحجم الكف ..!
نظرت إلينا ثم أخرجت شيئاً من الكيس .. إنهما شريطان .. الأولى زرقاء و الأخرى حمراء !!..
من فوري علمت أنهما ذات الشريطين في القصة التي حكتها منذ قليل : واااااو .. أمي أكنت تحتفظين بهمَ طيلة هذه السنوات ..!
كانت هذه جوليا التي قالت تلك الكلمات بذهول و سعادة .. و بسرعة التقطت الشريطين من يد والدتها و أمسكت بيدي دون أن أستوعب الأمر ..!
و في لحظات كان الشريط الأحمر مربوطاً حول معصمي بطريقة لطيفة للغاية .. كما حدث الأمر مع ريكايل و الشريط الأزرق ..!
بقيت أتأمل ذلك الشريط .. لقد ربطته جوليا الآن لكن من ربطه قبلاً ؟!..
ربما تكون أمي .. أو أبي .. و ربما ممرضة كانت تعبث في المكان ..!
لكن احتمال أنه أحد والدي وارد .. لذا لم أشعر بنفسي إلا بعدما بدأت أتحسس ذلك الشريط الذي حيك بخيوط الستان بيدي الأخرى ..!
ابتسمت حينها بلا شعور .. فهذه الأحاسيس التي أشعر بها الآن قد تكون رابطي الأول بوالدي ..!
نظرت إلى الخالة آنا حينها : شكراً لك خالتي ..!
التفت إلى ريكايل حينها بذهول فقد نطق بتلك الكلمة معي في ذات اللحظة .. لست أنا فقط بالجميع كانوا مذهولين بيمن فيهم ريكايل ..!
لكننا حينها ضحكنا جراء ذلك الموقف .. جوليا و الخالة كانتا تضحكان أيضاً ..!
أي لحظة هذه التي تعيشها يا لينك ؟!!!..
خلال شهر واحد يحدث كل هذا ؟!!..
تحب فتاة من النظرة الأولى .. تعين خادماً خاصاً رغم كرهك للخدم .. تذهب مع الفتاة للحفل لتكتشف أنها أخت الخادم بالتربية فتتشاجر معها .. تصير صديق خادمك فيما بعد و تحكي له عن طفولتك .. تكتشف أن إلينا ليست أمك الحقيقية بل أخذتك من دار للأيتام و تتشاجر معها للمرة الأولى .. تعرف القصة كاملة و تشتري دار الأيتام دون أن تعلم بأنه من احتضنك في أيامك الأولى .. و بعد كل هذا تكتشف أن ذلك الخادم ما هو إلا أخوك التوأم فترفض ذلك .. تقوم بمقابلة زواج مع فتاة رائعة لم تستطع أن تنسيك حبك للفتاة الأولى التي رفضتك بعنف .. لكن شريكة مقابلة الزواج تقرر مساعدتك و دون أن تلاحظ تعيد صلتك بأخيك ..!
و ها أنت الآن تضحك معه و مع الأسرة التي اهتمت به ..!
حقاً .. أنا ممتن لكل ما حدث لأنه أوصلني لهذه اللحظة ..!
رغم كل المشاكل .. و رغم كل المصائب .. كان للسعادة نصيب من حياتي ..!
حتى شخصيتي تغيرت بالكامل .. للأفضل بشكل كبير فأنا لم أعد ذلك الطائش المغرور ..!
و كأنني ولدت من جديد و بدأت حياتي من الصفر !!..
كل هذا في شهر واحد فقط ..!
.................................................. .........
كانت الساعة هي الثانية حين خرجنا من منزل الخالة آنا ..!
و قد قررنا البدء بالبحث عن معلومات عن والدينا بعدما قالت الخالة بأسف بأنها لا تعلم شيئاً غير ما ذكر في الأوراق الخاصة في الملجأ ..!
لكن هناك شيء جيد .. فحسب ما قالت يوجد عنوان للمنزل الذي عاشا فيه قبل موتهما ..!
ربما نعرف شيئاً إن ذهبنا إلى هناك .. و لذا في خطوة أولى ذهبنا للملجأ..!
ريكايل كان يتولى القيادة .. كلانا كان متوتراً فنحن نخشى أن مرور سبعة عشر عاماً قد قلب الأمور رأساً على عقب ..!
- هيه لينك .. أتعتقد أن لدينا أقرباء ؟!..
- لا .. لأنه لو كان لدينا لقاموا برعايتنا .!
- ربما لم يكن لديهم المال الكافي لحمل مصاريف طفلين ..!
- لا أعتقد أن زيارتنا على الأقل ستكلف شيئاً ..! لكن عموماً .. ربما يكون هناك من لديه ظرف كبير فلم يتمكن من رعايتنا ..!
- قد تكون على حق ..! كان لدي صديق في المدرسة الداخلية .. رغم أن والده كان حياً إلا أن الظروف أجبرته على وضعه في المدرسة الداخلية .. والده كان مضطراً للعمل في الجيش و والدته توفيت في طفولته أثر مرض ألم بها .. لذا لم يكن هناك من يعتني به ..!
- قد تكون لنا الظروف ذاتها .. لا نعلم حقاً ما هي الحقيقة ..!
كنا محاطين بالأسئلة من كل جانب ..!
التوقعات لم تكن تنتهي ..!
و رغم كل شيء تمنينا لو يكون لنا قريب واحد .. شخص قد يحكي لنا عن والدينا على الأقل ..!
هناك أيضاً بعض القضايا التي شغلتنا ..!
نظرت إلى ريكايل بطرف عين و بتردد قلت : أخي .. ألا زلت مصراً على إخفاء الأمر ؟!!..
تنهد بتعب حينها : لينك أرجوك .. على الأقل في الفترة الحالية ..!
- صدقني هذا لن يسبب أي مشكلة ..! أمي ستكون سعيدة بهذا ..!
- أعلم ذلك ..! لكن إخبار السيدة مارسنلي بأخوتنا الآن يؤرقني .. أفضل أن أخفي الأمر عنها و عن الجميع بعض الوقت ..!
- إني أشعر بالخيانة هكذا ..! إنها قلقة علي لذا أريد أن أطمئنها ..!
- أخي من فضلك .. أنهي الحديث الآن ..!
- لما ؟!!.. لن يكون الأمر بهذا السوء ..! فقط هي .. لن يعلم أحد لا أدريان و لا جيسكا و لا حتى العم رونالد ..!
- اسمع .. إخبار السيدة بالأمر بالنسبة لي مثل إخبار ميشيل بالنسبة لك ..! لذا إن أخبرنا السيدة فسنخبر ميشيل أيضاً ..!
تنهدت حينها ..هو يعلم أني أريد أن أخفي الأمر عن ميشيل : ماكر ..!
هكذا همست لكنه سمعني فظهرت على شفتيه ابتسامة جانبية ..!
بالفعل .. ماذا سيكون موقف ميشيل لو علمت بالأمر ؟!!..
أشعر أنها ستكرهني ..!
بالتأكيد .. سوف تعتقد أني أخذت أخاها منها !!..
نعم إنها من ذلك النوع من الفتيات ..!
غيورة و أنانية و غير صبورة و متسرعة في الحكم !!..
تفسر الأمور على سجيتها و تريد أن يسير كل شيء كما تريد !!..
سريعة الغضب و لا تسامح بسهولة !!..
طفولية للغاية رغم أن لها نظرة حقد مفزعة !!..
كل هذه كانت صفات ميشيل التي استنتجتها في الآونة الأخيرة ..!
مرعب صحيح ؟!!.. بالتأكيد !!..
لكن .. رغم كل هذا فقلبي لم يهتم لهذا كله !!..
فهو ما إن يراها حتى يبدأ بالنبض بعنف و كأنه يريد أن يفارقني و يذهب إليها .. هي فقط !!..
تنهدت حينها ..إنها تشغل ثلث تفكيري بينما كان الثلث الثاني لريكايل و أسرتي الحقيقية و الأخير شغلته أمي إلينا ..!
عقلي لا يريد المزيد من المشاكل فليس هناك متسع لها !!..
لذا لن أستطيع فعل شيء حتى أتخلص من القلق على أحد هذه الأقسام : لينك .. لينك !!.. أين شردت يا فتى ؟!!..
انتبهت حينها لأخي الذي كان من الواضح أنه نادى علي مراراً دون تلقي إجابة : عذراً .. كنت أفكر فقط ..!
- لقد وصلنا إلى الملجأ .. لكن هناك شيء ما ..!
- ما الأمر ؟!..
- انظر أمامك ..!
نظرت إلى الأمام إلى شيء وقف أمام بوابة الملجأ .. كانت سيارة .. بل حافلة كبيرة !!..
نزلت كما فعل ريكايل .. و حينها رأينا الأطفال يخرجون من البوابة بانتظام .. و العجيب أن جوليا كانت هناك : كيف وصلت جوليا قبلنا ؟!!!!..
قلت هذا بصدمة فالتفت إلي رايل باستغراب و ضرب رأسي بخفة : أكنت نائماً أم ماذا ؟!!.. لقد توقفنا في محطة الوقود كي نملأ السيارة .. و قد كانت مزدحمة للغاية .. و أيضاً توقفنا قرب سوبر ماركت لأني نزلت و اشتريت زجاجة ماء و علبة كعك محلى للأطفال !!.. بينما كان بإمكان جوليا أن تأتي إلى هنا بالنقل الجماعي مباشرةً و تصل قبلنا ..!
كنت متفاجئاً من كل هذا .. و حينها أيقنت أني غفوت بينما كنت أفكر !!..
تجاهلت الأمر و سرت مع ريكايل ناحية الأطفال ..!
و ما إن انتبهوا إلينا حتى انطلقت جين أصغرهم باتجاهنا بسعادة ..!
لكن العجيب أنها تجاوزت ريكايل و تشبثت بقدمي أنا و هي تقول ببراءة : سننتقل لبيت جديد .. و هناك حديقة كبيرة بجانبه ..!
تذكرت حينها ذلك اليوم الذي تعرفت فيه إلى الأطفال و كيف أني وعدت جين بأن تذهب للحديقة دائماً ..!
ابتسمت حينها بهدوء و حملتها بين يدي .. كانت المرة الأولى التي أحمل فيها طفلاً !!..
نعم لا تستغربوا !!.. إنها المرة الأولى في حياتي !!..
فأنا لم أحب الأطفال قط مسبقاً ..!
لكن أكثر ما جعلني أستغرب هو خفة الوزن و كأن هذه الطفلة عصفور صغير بين ذراعي : أنتي سعيدة ؟!!..
- كثيراً .. يمكنني اللعب متى شئت هناك .. الآنسة جوليا تقول هذا ..!
- بالتأكيد يمكنك ذلك ..!
كانت ابتسامتها بريئة للغاية و لطيفة و قد تجمع فرح الكون كله فيها ..!
في تلك اللحظة أدركت أن الأطفال و إن كانوا مزعجين أحياناً فهم يعدون نعمة لا تعوض ..!
قبلت وجنتها حينها قبل أن أنزلها إلى الأرض و أسير معها حيث بقية الأطفال : يبدو أن جين صارت تحبك أكثر مني ..!
هذا ما قاله ريكايل و نبرة غيرة اتضحت في صوته رغم تظاهره بعدم المبالاة : ربما .. لقد خطفتها منك ..!
قلت هذا بغرور لكن جين قالت حينها : أنا أحب لينك .. و أحب ريكايل أيضاً ..!
ابتسم و ربت على رأسها بلطف : و أنا أحبك كذلك ..!
قاطعنا حينها صوت ايريك الذي وصفه ريكايل بزعيم العصابة سابقاً : رايل .. ألن تعود للعيش معنا ؟!!..
أومأ سلباً و هو يقول : لا يمكن ايريك .. لديكم الآن مربيات شابات .. لذا لا يمكنني البقاء معكم ..!
قطب جون حاجبيه حينها : هيه رايل .. ألن تأتي للعب معنا مجدداً ..!
ابتسم له حينها : بلا جون .. سآتي بالتأكيد لرؤيتكم دائماً ..!
انتبهنا حينها لتلك الفتاة التي بدأت تبكي : لا أريد .. أريد أن يعود رايل ليعيش معنا ..!
لقد كانت لورا .. كما قال ريكايل سابقاً هي حساسة للغاية : لورا لا يجوز أن تبكي .. سيحزن رايل هكذا ..!
ديالا قالت تلك الكلمات و هي تربت على رأس لورا كأختها الكبرى ..! لقد قال ريكايل أنها حكيمة و هذا كان بادٍ عليها ..!
لكن أخي تقدم حينها إليها و ربت على رأسها : لورا .. اطمئني فأنا سآتي دائماً دائماً للبقاء معكم ..! لذا لا تبكي اتفقنا ..!
انتبهت حينها لطفل صغير تشبث ببنطال ريكايل .. لقد كان مارسيل الفتى الخجول ذو السنوات الأربع : رايل .. أنا لن أبكي أبداً بل سأنتظر زيارتك دائماً ..!
جثا رايل كي يصل لمستواه و قبل أن يتكلم كانت تلك المشاكسة قد أسرعت للقفز على ظهره و التعلق برقبته : لما جميعكم حزينون .. انظروا إن رايل سعيد و كذلك جين .. سنذهب لبيت جديد و الآنسة جوليا ستبقى معنا لذا لا داعي للحزن ..!
ضحكت بخفة على تلك الصغيرة رينا بينما قال ريكايل بصوت مخنوق بسبب ذراعيها الصغيرين المحيطين برقبته : رينا أنزلي حالاً .. ستقتلينني ..!
فعلت ما طلب منها فأخذ هو يستعيد أنفاسه .. رغم أن طفلة فقط فعلت هذا إلا أن مدى تأثره كان واضحاً ..!
ساورني الشك و القلق .. لما يفقد القدرة على التنفس بسرعة و لا يستعيدها بسهولة ؟!!..
علي أن أسأله قريباً ..!
كان قد وقف حينها و نظر إليهم جميعاً بابتسامة : المهم أن تكونوا مطيعين للآنسة جوليا .. و أيضاً لا تتعبوا المربيات الجدد ..! خاصة أنتي يا رينا ..!
بدا عليها الضجر بينما كتم الجميع ضحكته إلا أحد الفتية الذي ضحك بعنف فنظر ريكايل إليه بمكر : و أنت غير مستثنى من هذا ايريك ..! إياك أن تسرق الطعام كما تفعل دائماً ..!
تظاهر بأنه لم يسمع شيئاً بينما سكتوا جميعاً حتى لا يتعرض أحدهم لإهانة مشابهة ..!
لكن هناك من لم يمسك ضحكنه الساخرة : ايريك سيتسلل في الليل ليسرق الحلوى !!..
وجه ريكايل نظراته لذلك الصغير حينها : اسمعوا من يتكلم .. أنت أكثر من يسبب الفوضى في المكان مايك ..! لذا لست مختلفاً عنه كثيراً ..!
هذه المرة ضحكوا جميعاً عادا مايك الذي ابتسم بمشاكسة ليخفي إحراجه ..!
بينما عاد ريكايل للسيارة قليلاً ليحضر شيئاً .. لحظات حتى وصل إلينا و هو يقول :على ذكر الحلوى .. هذه علبة كعك محلى هدية مني و من لينك .. سأعطيها للآنسة جوليا و حين تصلون للمنزل الجديد تناولوها سويةً ..!
بدت أمارات السعادة عليهم و هم يرون ريكايل يناول جوليا تلك العلبة : ماذا تقولون الآن ؟!..
هكذا سألتهم معلمتهم الصغيرة لذا قالوا بصوت واحد : شكراً لك ..!
ابتسمت لهم .. إن البراءة تشع من عيني كل منهم رغم الظروف القاسية التي عاشوها ..!
يبدو أن للأطفال قدرة على هضم الظروف المحيطة مهما كانت صعبة على عكس الكبار ..!
صفقت جوليا بكفيها و هي تقول : حسناً يا صغار .. لقد تأخرنا على السائق لذا اصعدوا إلى الحافلة بانتظام و ليجلس كلن منكم في احد المقاعد ..!
أومؤا موافقين لكن جين سألتني : ألن تأتيا معنا ؟!..
أومأت لها سلباً : لا يا عزيزتي .. لدينا بعض الأعمال .. لكننا سنأتي لزيارتكم قريباً ..!
ابتسمت بلطف ثم سارت لتصعد الحافلة مع الجميع .. بينما وقفت جوليا أمامنا : أتمنى لكما التوفيق في رحلة البحث .. إلى اللقاء ..!
بادلها ريكايل ابتسامتها اللطيفة : شكراً .. نراكم على خير ..!
ركبت هي فأُغلق الباب و انطلقت الحافلة للمبنى الجديد الذي اشتريته ..!
بينما اتجهت أنا و ريكايل إلى الداخل بصمت كي نبحث في الأوراق عن عنوان المنزل ..!

..
كنت اتبعه إلى الداخل في ذلك المكان الذي صار خالياً الآن كمبنى مهجور ..!
أنا لم أتعمق مسبقاً هنا فكل ما رأيته هو غرفة المديرة و غرفة المعيشة ..!
لكننا بعد سير بين الممرات التي أثبتت لي أن المبنى ليس صغيراً إطلاقاً وصلنا إلى باب خشبي صغير : هنا ؟!!..
هكذا سألت : ليس بعد ..!
كانت هذه إجابته المختصرة قبل أن يفتح الباب ليظهر درج قديم ينزل للأسفل : سننزل ..!
- هل المكان آمن في الأسفل ؟!!..
- لا توجد ضوء لذا احذر .. المكان معتم لكن في الأسفل يوجد إنارة ..!
- حسناً ..!
نزلنا سويةً خلال ذلك الدرج ..قال أن المكان معتم لكنه كان أشد من ذلك : ريكايل .. أأنت هنا ؟!..
- نعم .. أنا أمامك مباشرةً ..!
لم استطع أن أكمل بعد أن التففنا فلم يعد ضوء الباب المفتوح في الأعلى يفيد ..!
فقط صار المكان أشد ظلمة و بدأت الهلاوس تدخل إلى باطن دماغي !!..
شعرت أن ركبتاي صارتا مرتخيتين و أني لا أستطيع الوقوف !!..
جلست على أحدى الدرجات و وضعت يدي على رأسي بعد أن أسندت مرفقي على ركبتي ..!
كنت أشعر برعب حقيقي يسري بداخلي و ضربات قلبي تسارعت و كأن ثوراً هائجاً يطاردها ..!
و السبب .. درج معتم ينزل لقبو أسفل مبنى مهجور ..!
يبدو أن ذكريات الطفولة تلك لن ترحمني حتى بعد مرور عشرة أعوام : لينك .. أأنت بخير ؟!!..
كان هذا ريكايل .. كنت أسمع صوته قريباً لكني لا أراه .. ربما بسبب عتمة المكان .. و ربما بصري بدأ يخونني ..!
شعرته به يربت على كتفي لكنه فوراً أبعد يديه و قال بقلق : جسدك يرتجف !!.. ما بك ؟!!..
لم أجب فعاد ليربت على كتفي و قد ثبت يديه هذه المرة هو يقول : أأنت مريض ؟!!..
- خائف !!..
قلتها بنبرة مهزوزة للغاية و صوت خافت : لما ؟!!.. هل حدث شيء لينك أخبرني !!..
- لاشك أنها في الأسفل !!..
- ماذا تقصد ؟!!..
- أليس !!.. لا بل جثة أليس !!!.. إنها في الأسفل داخل القبو صحيح ؟!!..
صمت لبرهة مما زاد خوفي !!..
أكره ضعفي في هذه اللحظات !!..
أكره نفسي و أتمنى لو أموت !!..
ربما كان من الأفضل أن أموت أنا عوضاً عن أليس ذلك اليوم !!!!..
شعرت بشيء أحاط برأسي .. و قد كانت ذراع رايل : اهدأ .. لا شيء في الأسفل ..!
قال هذا بنبرة حانية في محاولة لطرد فزعي و كأنه يحدث طفلا و يخبره أن لا وحش داخل خزانة الملابس ..!
تابع حينها بذات الهدوء : أنه مستودع فقط ..! لا توجد أشياء سيئة !!..
لم أقل شيئاً بل أغمضت عيني و أرحت رأسي على كتفه للحظات ..!
مضت دقيقتان و نحن في ذلك الصمت حتى في النهاية وقف ريكايل و ساعدني على الوقوف و هو يقول : لنخرج من هنا الآن ..!
بقيت على صمتي فأحاط كتفي بذراعه ثم سار معي إلى الأعلى ..!
شعرت حينها بالاطمئنان و الامتنان له لأني لو بقيت هناك أكثر لكنت قد جننت بالفعل ..!
بعد أن خرجنا أخذني إلى غرفة المعيشة مباشرة دون نطق شيء ..!
جلست على تلك الأريكة أستعيد أنفاسي و اخفي تلك الدموع التي تجمعت في مقلتي ..!
ربت على كتفي حينها و ابتسم : انتظر هنا .. سأذهب لإحضار الملفات من المستودع في الأسفل ..!
لم أقل شيئاً فسار ناحية الباب بهدوء و حينها : ريكايل ..!
- ماذا ؟!!..
أوشحت بوجهي بتردد و بخفوت قلت : شكراً ..!
ابتسم بهدوء و لم يرد .. بل غادر الغرفة حينها ..!
أخذت نفساً عميقاً .. لقد كان موقفاً محرجاً بالفعل ..!
لكن .. بما أنه أخي التوأم فلا مشكلة ..!
فأنا واثق أنه حتى لو لم أنطق بحرف .. كان سيشعر بي على الأرجح ..!
اعتقد أن هذا ما يسمى .. معجزات التوأم ..!
..................................................
مضت خمسة عشر دقيقة منذ خرج ريكايل .. بينما بقيت أنا مستلقياً في مكاني على تلك الأريكة و قد غطيت عيني بذراعي : آسف على التأخير ..!
اعتدلت في جلستي حين رأيته يدخل وهو يحمل ملفاً أسود : لقد قلقت نوعاً ما من تأخرك ..!
- لم أتمكن من العثور عليه فوراً .. رغم أني كنت قد بحثت فيه منذ يومين لكن يبدو أنهم أعادوا ترتيب المكان قبل الخروج من هنا ..!صحيح .. لم تخبرني عن مصير باقي العاملات هنا ؟!!..
- لقد طلبت من أدريان أن يؤمن لكل واحدة منهن عملاً يناسبها ..!
- جيد .. إذاً لنبدأ بالبحث ..!
لم أقل شيئاً فتقدم و وجلس بجواري وقد فتح الملف .. أطللت برأسي و بدأ يقلب الأوراق : ما هذه بالضبط ؟!..
هكذا سألت باستغراب حين رأيت كثيراً من الأوراق المتشابهة : إنها أسماء الأطفال الذين تم تسليمهم للملجأ معنا في ذات الشهر .. كما ترى لقد كان مزدهراً تلك الفترة..!
بقيت أنظر إلى تلك الأوراق .. يا ترى ماذا حدث مع كل هؤلاء ؟!!..
ربما تم تبنيهم ..! و ربما تخرجوا من الإعدادية و بدؤوا العمل كما حدث مع ريكايل ..! و ربما اتجه بعضهم للطرق السوداء كالسرقة و حياة العصابات ..!
من المسؤول عن هذا ؟!!.. لما أطفال لا ذنب لهم يعيشون هذه الحياة..!
ربما أنا و أخي أفضل حالاً فعلى الأقل نحن نعرف والدينا .. لكن ماذا عن من لا يعلمون شيئاً ؟!!..
فقط .. وجدوا مرميين في الشوارع بلا مأوى بسبب خطأ من أبويهم أو حتى تسلية ..!
بعض البشر .. يجبوا أن يتم محوهم من هذا العالم !!..
- عثرت عليه ..!
انتبهت لريكايل الذي أخرج ورقتين من الملف :هذه هي أوراقنا ..!
- ماذا وجدت ؟!!..
- هذه هي استمارة الملجأ .. وهذه شهادة ميلادي ..!
أخذت منه الاستمارة ..!
كان فيها بعض المعلومات السطحية : لنرى .. الأب : إيان براون .. العمر : عشرون ..! الأم : نيكول براون .. العمر :عشرون ..! الحالة متوفيان ..! الطفل : لينك ايان براون .. العمر : يومان ..! الطفل 2 : ريكايل ايان براون .. العمر : يومان ..!
كان هذا ما كتب في تلك الجداول الصغيرة ..نظرت أسفل الصفحة و حينها هتفت : إنه هنا .. العنوان ..!
- وجدته !!..رائع !!..
- انظر .. الحي " 48 " .. المنزل رقم " 121 " ..!
- لننطلق إلى هناك .. أعرف مكان ذلك الحي ..!
.................................................. ............
كانت الساعة قد تجاوزت الخامسة حين وصلنا للحي المطلوب .. لقد كان الطريق إلى هنا طويلاً و الشوارع كانت مزدحمة : هيه رايل .. أتعتقد أننا سنعرف شيئاً ؟!.. أقصد .. لاشك أن شخصاً ما سكن المنزل بعد والدينا .. لقد مرت الكثير من السنوات ..!
تنهد حينها و هو يقول : في الحقيقة .. لست واثقاً ..! لكن ربما نعرف شيئاً إن سألنا الجيران ..!
- أرجوا أن نعثر على إجابة شافية ..!
- و أنا أرجوا ذلك .. لكن عثورنا على المنزل سيساعدنا كثيراً ..! فربما يكون قريب لنا يعيش فيه الآن ..!
- اسمع .. إن كان كذلك فنحن سنتحدث إليه .. لكن لن نخبره بحقيقة أمرنا حتى نعلم عن نيته ..!
- محق ..! فقد يكون شخصاً سيئاً و سيفكر بالتخلص منا كي لا نطالب بالإرث ..!
- لا أعتقد أن هناك أرثاً أصلاً .. لو كان كذلك لما عشنا هكذا ..!
لم يعلق فهو بالتأكيد يفكر بالأمر ذاته : ما رأيك أن ننزل و نسير من هنا ؟!!..
هكذا اقترحت فأوقف السيارة على جانب الطريق :فكرة حسنة ..!
نزلنا حينها و بدأنا نسير .. كنا نرى بعض الأشخاص يسيرون في ذلك الحي .. لكننا لم نعلم من نسأل بالضبط ؟!!..
أمسك بيدي وهو يقول : لنسأل تلك الشابة .. ربما تعرف ..!
نظرت إلى الأمام لأرى فتاة تسير و تحمل كيس سوبر ماركت وعلى وجهها ابتسامة متفائلة ..!
وقفت أمامها و ابتسمت أنا الآخر : مرحباً يا آنسة .. هل يمكنك مساعدتي ؟!!..
- أهلاً .. على قدر استطاعتي ..!
- أريد أن أسألك عن منزل في الحي ..!
- أنا أعيش هنا منذ خمس سنوات و أعرف كل الجيران .. يمكنك أن تسأل ..!
- المنزل رقم " 121 " سأكون شاكراً لك لو دللتني على مكانه ..!
- أه تقصد المنزل المتصل بالمشتل الصغير ..! حسناً ..!
أشارت إلى مكان ما : ترى ذلك المنعطف ؟!!.. يمكنك أن ترى المنزل فور أن تلتف منه .. أن جدرانه من الطوب رمادي اللون .. و سقفه مبني من القرميد باللون الأزرق ..!
بدا الحماس على رايل الذي كان يقف بجانبي :شكراً لك يا آنسة .. هيا بنا أخي ..!
تقدم خطوة حينها فأمسكت يده : انتظر لحظة .. يا آنسة .. هل تعلمين من أصحاب المنزل ؟!!..
قطبت حاجبيها و أخذت تتذكر: حسناً .. لا أحد يعيش فيه .. و منذ سكنت هنا لم يعش أحد فيه .. أعتقد أنه منزل لأسرة براون ..! آه صحيح .. يمكنكم أن تسألوا المرأة التي تدير المشتل الصغير أسفله فقد استأجرته من صاحب المنزل على ما أعتقد ..!
لا أحد يعيش هناك !!!.. و رغم ذلك هناك صاحب للمنزل : شكراً لك مجدداً ..!
- على الرحب و السعة ..! لكن هل يمكنني أن أعرف سبب سؤالكما ؟!!..
- أنه منزل أقارب أمي و قد جئنا بحثاً عنهم ..!
- هكذا إذاً .. أتمنى أن تجدوهم قريباً ..!
ودعنا الفتاة و سرنا ناحية المنعطف : كذبة جيدة لينك ..!
- ليست كذبة .. أنه حقاً منزل أقاربنا ..!
- تقصد .. منزلنا !!..
- أياً يكن ..!
- لقد قالت أنه منزل أسرة براون .. هذا يعني أن المنزل لم يباع لشخص آخر ..!
- ما يحيرني هو أنه لا أحد عاش فيه منذ أكثر من خمس سنوات ..!
في تلك اللحظة كنا قد التففنا عن المنعطف .. استطعت فوراً رؤيته هناك بالقرب منا بعد منزلين تقريباً .. لقد كان من دورين و علية كما يبدو .. جدرانه رمادية و سقفه أزرق .. لم تكن هناك أي حديقة أمامه لكن أسفله كان هناك محل صغير توزعت بعض النباتات أمامه ..!
تقدمت ناحية المنزل بصمت و شعور بالرهبة يسيطر علي .. فهنا عاش والدي و والدتي مسبقاً .. هذا المنزل يفترض أن يكون بيتنا .. هذا الحي حينا .. و هذا هو مكاننا !!.. لكن .. الأمور اختلفت بمجرد موت والديّ لأصير وريث مارسنلي بينما صار ريكايل خادماً عندي .. أنها حقاً أعجوبة !!..
كانت رائحة النباتات و الزهور تفوح أكثر كلما اقتربنا ..!
انتبهت لكرة رمية أمامي فجاء ولد بدا في العاشرة و التقطها : أيها الصبي .. هل تعرف صاحبة المشتل ؟!!..
هكذا سأل ريكايل ليجيب الصغير : نعم .. أنها أمي !!..
أسرعت حينها لأقول : و أين هي ؟!!..
أشار ناحية المحل : أنها تسقي الزهور هناك ..!
نظرت إلى ريكايل لأرى أنه كان يحدق بالمحل : لنذهب إلى هناك ..!
أومأت إيجاباً فسرنا إلى ذلك المكان و الصغير معنا ..!
دخل هو أولاً : ماما .. هناك أشخاص يريدون التحدث إليك ..!
خرجت امرأة بدت في الخامسة و الثلاثين من عمرها : أهلاً ..هل أقدم لكما خدمة ..!
تكلم ريكايل أولاً : عذراً سيدتي .. أردنا أن نسأل عن أصحاب هذا المنزل ..!
- آه .. حسناً .. لكن ما الذي تريده منهم ؟!..
- في الحقيقة .. أنهم أقارب لنا و جئنا للبحث عنهم ..!
- اعذرني .. لكن السيد و السيدة براون توفيا قبل أكثر من عشر سنوات ..!
- أعلم هذا .. هل كنت قد استأجرت المشتل منهما ؟!..
- لا .. لقد جئت إلى هنا منذ سنتين و استأجرت المشتل من صاحبة المنزل .. أخبرتني أنه كان لأصحاب المنزل السابقين لكن بعد وفاتهما لم يفتحه أحد لذا استأجرته منها ..!
- هل صاحبة المنزل قريبة للسيدين ؟!!..
- لا أعلم .. لكني أعتقد ذلك فهي لم تغير اسم المنزل و كأنها تريد أن تبقيه كما هو ..! لكن هي ليست من براون ..!
تدخلت حينها حالاً : ما اسمها سيدتي ؟!!.. أقصد صاحبة المنزل ؟!!..
نظرت إلي و ابتسمت : صاحبة المنزل هي الآنسة ستيوارت .. و هي في الخامسة و العشرين على ما أعتقد ..! لا أعلم أن كان هذا لقبها الأصلي أم أنه لقب زوجها .. لكن لم يبدو لي أنها متزوجة ..!
الآنسة ستيوارت .. لا تزال في بداية شبابها .. تكبرنا بثمان سنوات .. أيمكن أن تكون قريبةً لنا ؟!!..
سأل ريكايل حينها بقلق : ألا تعرفين أسمها الكامل ؟!!..
أومأت سلباً : أنا لا أتذكره فقد ذكرته في لقائنا الأول منذ سنتين و لم أسألها بعدها ..! أبني تحدث معها مراراً .. يمكنكما أن تسألاه ..!
التفتنا إلى الفتى حينها فانحنيت قليلاً كي أكون في طوله : أتعرف الآنسة ستيوارت ؟!..
أومأ إيجاباً بابتسامة : نعم .. أنها تأتي إلى هنا كل شهر و تبقى في المنزل طيلة النهار ..!
- ألم تخبرك عن أسمها ..!
- بلا .. فأنا أناديها باسمها الأول ..!
- حسناً .. أيمكنك أن تخبرني عن أسمها ؟!..
- نعم .. أنها تدعى الآنسة ميراي .. أنها لطيفة جداً و هي تلعب الكرة معي قليلاً كلما أتت إلى هنا ..!
- هل تعرف شيئاً عنها ؟!!.. أقصد أين تعيش أو ما عملها ؟!!..
أومأ سلباً : لا .. لكنها حدثتني مرة عن أصحاب المنزل السابقين ..!
سبقني ريكايل ليقول : ماذا قالت لك ؟!!..
أخذ يتذكر ثم قال بمرح : لقد قالت أنهما كانا شخصين لطيفين جداً .. و أنها كانت سعيدةً معهما ..! كما أنها قالت لي مرةً أن حفل زفافهما كان أسعد أيام حياتها ..! آه صحيح .. و قد قالت لي أنهما أنجبا طفلين جميلين جداً ..!
طفلين جميلين !!.. أيعقل أنها تقصدنا ؟!!..
كنت أشعر بالتوتر و ريكايل كذلك .. لكنني سألت الفتى حينها : هل أخبرتك عن الطفلين ؟!!..
- لا .. لم تذكرهما إلا في تلك المرة !!.. أخبرتني أنها تسافر كثيراً و قد ذهبت إلى دول كثيرة أيضاً .. رغم أنها لا تبدو شخصاً غنياً ..!
- حسناً أيها الفتى .. هل أخبرتك مرةً عن أسماء أصحاب المنزل ؟!!..
- دعني أتذكر ..! لا ..! لكنها مرةً قالت لي حين كنت أسير معها قرب مدرسة الحي أن إيان و نيكول درسا في هذه الثانوية ..! لقد حدث هذا حين أتت إلى هنا الأسبوع الماضي ..! أعتقد أنها كانت تقصد أصحاب المنزل ..!
لا شك في ذلك .. تلك الآنسة قريبةٌ لنا ..!
ميراي ستيوارت .. ما صلة القرابة يا ترى ؟!!..
أيقضني من شرودي صوت ريكايل : لينك .. هل نذهب لنرى تلك المدرسة ؟!!..
التفتت حينها أليه و أومأت إيجاباً .. سألنا الفتى عن مكان المدرسة فوصف لنا الطريق إليها ..!
لم يكن لنا إلا أن نشكر الأم و طفلها و نسير عائدين إلى السيارة و قد قررنا العودة صباح الغد للسؤال في المدرسة إن كان الأساتذة يذكرون شيئاً عن والدينا أو يعرفون هذه المدعوة ميراي ستيوارت ..!
.................................................. ........
توقفت السيارة بعد تجاوزها بوابة القصر بقليل .. التفت ناحية ريكايل حينها : أوصل سلامي للأولاد ..!
أومأ إيجاباً فنزلت أنا و أغلقت الباب ليحرك هو السيارة إلى الخلف و يغادر القصر ..!
لقد أخبرني بأنه يريد أن يطمئن على أخوته الصغار بعد أن انتقلوا إلى منزلهم الجديد ..!
سرت ناحية الحديقة و أنا أفكر .. لدى ريكايل الكثير من الأمور ليقلق عليها ..!
فهناك أطفال الملجأ .. و كذلك صحة الخالة آنا و حياة ابنتيها اللتان تعدان أخوات له .. و الآن أنا و أسرتنا الحقيقية ..!
لديه قوة تحمل و صلابة على عكسي .. تخيلت للحظة لو أن الخالة آنا قدمت ريكايل لأمي بدلاً عني ..!
هل كان ستعرف لأليس و يعيش معاناتي في ذلك الشهر المشؤوم ؟!!..
و لو حدث ذلك .. هل كان سيبتكر تلك الشخصية الشيطانية ليخفي شخصيته المهزوزة أم لا ؟!!..
ربما لن يكتسب هذه الشخصية القوية لو أنه كان في مكاني و ربما كانت هي من نصيبي كما الحياة العصيبة ..!
كيف ستكون الأمور حينها ؟!!..
أنه أمر يصعب علي تخيله حتى لذا طردت الأمر من بالي ..!
انتبهت حينها إلى تلك الشقراء التي تجلس هناك ..!
قرب بركة السباحة على كرسي خشبي تعيرني ظهرها .. تلك القطة البيضاء كثيرة الشعر تستلقي قربها نائمة ..!
إنها قطة جيسكا التي أراها نادراً لأنها دائماً ما تكون في غرفة صاحبتها .. و نادراً ما تخرج .. و هي نائمة معظم الوقت ..!
دعونا من القطة الآن و انتبهوا إلى الليدي التي بجانبها ..!
تقدمت محاولاً عدم إصدار صوت .. و قد بدا لي أنها كانت مندمجة مع ذلك الكتاب الذي استطعت رؤيته الآن بين يديها ..!
حين صرت خلفها تماماً مددت ذراعي و أحطت رقبتها و انحنيت ليصير رأسي على كتفها ..!
نظرت إلي بطرف عينها التي تشارك السماء في لونها و صفائها و ابتسمت بهدوء : ما قصة هذا العناق المفاجئ ؟!!..
بادلتها تلك الابتسامة اللطيفة و قلت بصوت منخفض هادئ : اشتقت إليك ..!
ضحكت بخفة ضحكة قصيرة ناعمة : لم تمر سوا بعض الساعات على رؤيتنا لبعض آخر مرة .. لقد تناولنا الإفطار سويةً ..!
اتسعت ابتسامتي و قلت بهدوء : رغم ذلك .. تلك المدة تكفي لأشتاق إليك ..! يبدو أنني سألغي رحلتي للندن مع الرفاق و أبقى معك هنا ..!
بدت عليها ابتسامة حنونة و هي تقول : لا يا عزيزي .. أذهب و استمتع بوقتك فأنت لم تغادر باريس منذ فترة و تحتاج للتغير ..!
لم أرد عليها بل أغمضت عيني للحظات ..!
أعتقد أني حقاً محظوظ للغاية .. لأنني الطفل الذي تبنته إلينا ..!
فتحت عيني حينها و قربت رأسي قليلاً لأقبل وجنتها المشبعة بلون الزهر الوردي : أحبك ..!
رفعت يدها و ربتت على رأسي و هي تقول : و أنا أحبك أيضاً يا بني ..!
كانت ابتسامتي تتسع أكثر و أكثر و نظرة أمتنان حانية قد احتلت عيني و أنا أحدق بتلك الإنسانة العظيمة .. إلينا مارسنلي ..!
ابتعدت عنها برفق بعدها و سرت بضع خطوات لأصير أمامها : لا تزال بثياب المدرسة .. إذاً عدت للتو للمنزل ؟!..
- كانت لدي بعض الأعمال لأنجزها ..!
- يبدو أن هناك فتاة كانت تنجز هذه الأعمال معك ..!
قالتها بابتسامة ماكرة مما دعاني للتعجب : لما تعتقدين هذا ؟!!..
- حسناً .. هذا الشريط الجميل حول معصمك أخبرني ..! إنه يذكرني بخيط الحب الأحمر !!..
نظرت إلى يدي حالاً لأكتشف أني لم أبعد ذلك الشريط الذي ربطته جوليا على يدي بعد !!!!..
ذلك ما جعلني أحرج و قد احمر وجهي : لا .. ليس الأمر كما تظنين !!.. لقد .. لقد طلب مني دايمن أن أخفيه لأنه لآندي .. يريد أن يرى هل ستفتقده أم لا ..!
رفعت أحد حاجبيها بشك : أتقول الصدق ؟!!..
- بالتأكيد !!..
- لينك .. أنا أمك فلا تكذب علي ..!
شعرت بالورطة حينها .. أنا حقاً لا أريد أن أكذب عليها ..!
لذا استسلمت في النهاية : ليس لآندي ..!
- إذاً ؟!..
- لا أستطيع أخبارك الآن .. سيكون في الوقت المناسب ..!
- هل ربطته لك فتاة ؟!!..
- آه حسناً .. ربما ..!
- أجبني بصراحة ..!
- نعم .. لكن ليس لأنها تحبني أو ما شابه ..!
- لما إذاً ؟!..
- ستعرفين قريباً ..!
- هل هي ليديا ؟!..
- بالطبع لا !!..
- هل أعرف تلك الفتاة ؟!..
- لا .. أنها تكبرني بشهرين يا أمي لذا لا تفكري بها بسبب هذا الشريط ..! لأني لا أفكر بالارتباط إلا بفتاة أصغر مني ..!
ابتسمت لي حينها : كما تشاء .. لن أستعجل الأمور ..! لكن عدني بأن تخبرني قريباً ..!
بادلتها تلك الابتسامة : أعدك .. في الوقت المناسب سأخبرك ..! و الآن علي الذهاب فلدي امتحان نهائي غداً و علي أن استذكره ..!
- لديك امتحان ولم تبدأ بعد ؟!!.. الشمس ستغرب قريباً..!
- لا تقلقِ .. أنه امتحان لغة إنجليزية لذا لن أواجه مشكلة معه ..! تذكري أني عشت في بريطانيا مهد تلك اللغة لست سنوات ..!
- حسناً .. بالتوفيق إذاً ..!
- شكراً لك ..!
سرت بعدها إلى الداخل ذاهباً لغرفتي .. من الجيد أني لم أخبر ريكايل بأمر الامتحان و إلا لما تركنا نبحث عن شيء اليوم ..!
وصلت للمصعد و ضغطت على زر الدور الثالث فبدأ بالصعود ..!
كنت أفكر بأمر ذلك الشريط الذي ربط حول معصمي ..!
من ربطه لي مسبقاً يا ترى ؟!!..
لحظتها .. ابتسمت حين تذكرت أن أمي شبهته بخيط الحب الأحمر بينما الخالة آنا شبهته بسلك القنبلة الموقوتة ..!
ربما لأنه بسببه أمي تبنتني أنا و ليس ريكايل بينما بسببه أيضاً الخالة آنا عاشت تأنيب الضمير لسنوات لأنها فرقتني عن أخي ..!
تنهدت حينها و أنا أخرج من المصعد و أتجه لغرفتي من أجل الاستعداد لذلك الامتحان ..!
.................................................. .....
نوقف هنا ^^

مو كأن البارت طويل ؟!!.. ^^ << متحسفه !!.. << كف ××

أوكي .. نجي للواجب يا بنات ..!

هل ستعلم السيدة مارسنلي بأمر أخوة ريكايل و لينك قريباً ؟!!..

و ماذا سيكون موقفها من هذا ؟!!..

ماذا عن ميشيل ؟!!..

من هي تلك المدعوة ميراي ستيوارت ؟!!..

و هل لديها علاقة قرابة من الأخوين ؟!!..

هل سيحصل بطلنا و شقيقه على معلومات عند الذهاب لمدرسة نيكول و إيان ؟!..

أم أن مرور أكثر من سبعة عشر عاماً غير كل شيء ؟!!..

ما توقفعاتكم للأحداث القادمة ؟!!..

الهووم وورك صار طويل بعد ^^

جانا


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 06:13 PM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 17

في اليوم التالي لم يحدث شيء معين .. كل ما في الأمر أن رايل غضب مني حين علم أن لدي امتحان و لم أخبره ..!
و بصعوبة تمكنت من إرضائه .. ها أنا الآن في المدرسة .. لقد مر الامتحان على خير و الساعة الآن هي الثامنة .. ليس لدي الكثير من الحصص الدراسية اليوم .. لذا طلبت من ريكايل أن يأتي في هذا الوقت كي ليصطحبني من المدرسة و نتوجه لمدرسة والدينا كي نسأل عنهما ..!
لا يوجد وقت إلا الصباح حيث يكون جميع الأساتذة في المدارس ..!
وقفت مغادراً الصف الذي كان فيه بعض الطلاب يقومون بمراجعة دروسهم كي يتأكدوا من استعدادهم للامتحانات القادمة .. و هناك من كان يتحدث مع زميله فقط و كثير منهم خارج الصف لأنه لا معلم هنا الآن .. هذه حالنا منذ بداية الأسبوع فلم يبقى سوا امتحانين سيكونان في الأسبوع القادم و الأخير ..!
حين كنت سأخرج التقيت بماثيو الذي كان بصحبة دايمن على وشك الدخول للصف : آه لينك .. لقد جئنا إليك .. ما رأيك أن نذهب للكفتيريا و نشرب بعض القهوة الساخنة ..!
- أعذرني .. سأغادر الآن ..!
- عجيب أمرك .. فجأة صرت منشغلاً في الآونة الأخيرة ..!
- حقاً ؟!!.. لم ألحظ ذلك !!..
قلت هذا بتوتر ليتدخل دايمن و يقول بشك و ابتسامة ماكرة : صحيح .. سمعت أنك قمت بمقابلة زواج مع ليديا روبرتون .. أيعقل أنك مشغول معها هذه الفترة ؟!!..
نظر إلي ماثيو باستياء : لما لم تخبرنا لينك .. يا لك من صديق عديم الإحساس ..!
تنهدت حينها لأقول : ليس الأمر كذلك ماثيو ..! فمقابلتي مع ليديا لم تعطي نتائج إيجابية .. الأفضل أن نكون صديقين فقط و هذا ما اتفقت معها عليه ..! آه صحيح .. لقد دعوتها لرحلة لندن .. هل تتولى أمر تذكرتها ؟!..
- بالتأكيد بما أني توليت تذاكر الجميع فتذكرتها مسؤوليتي كذلك ..!
- شكراً لك ..!
- دعك من هذا الآن .. لم تخبرني ما الذي يشغلك ؟!!..
توتر لحظتها لكني قلت بخفوت : بعض الظروف المفاجئة .. لا تشغل بالك ..!
بهدوء سأل : هل بدأت بالعمل في الشركة مع السيدة مارسنلي ؟!!..
قبل أن أرد عليه قال دايمن بسخرية : لا يمكن ..! لينك لم يقم بزيارة الخالة إلينا و لو مرة واحدةً في الشركة ..!
نظرت إليه ببرود : و كأنك تساعد العم رونالد في عمله !!..
تجاهلني حينها لكنه بشك قال : إذاً .. ما الذي يشغلك ؟!!.. الجميع لاحظ أنك مختفي و لم تعد تخرج معنا إلى أي مكان ..!
لا أعلم كيف أتخلص من هذه الورطة ..!
يبدو أنهما لن يتركاني حتى يسمعا القصة كاملة .. و المشكلة أن ريكايل ينتظرني في الخارج الآن بالتأكيد ..!
رفعت يدي و نظرت لساعتي .. لقد تجاوزت الثامنة و عشر دقائق : يا إلهي !!.. لقد تأخرت بسببكما !!.. دعا التحقيق لوقت لاحق !!.. و الآن إلى اللقاء ..!
قلت تلك الكلمات و أنا أركض متجاوزاً إياهما متجهاً إلى الدرج كي أنزل .. رغم أن المصاعد موجودة لكن أعلم أنها ستكون مزدحمة الآن بسبب تجول الطلاب هنا و هناك .. ثم لا مشكلة بما أن صفي في الدور الثاني و ليس الثالث ..!
كنت أحاول الإسراع قدر الإمكان ..!
في السابق .. لم يكن لدي مشكلة في التأخر على السائق نصف ساعة ..!
أما الآن .. فأنا لا أريد التأخر على أخي دقيقة واحدة ..!
في النهاية وصلت إلى مربض السيارات و اتجهت إلى تلك السيارة السوداء ..!
فتحت الباب و ركبت : ما الذي أخرك ؟!!..
استقبلني هذا السؤال بنبرة انزعاج : لم يكد ماثيو يسمح لي بتجاوزه .. هيا أنطلق ..!
حرك السيارة حينها و غادرنا أسوار المدرسة : و ما الذي كان يريده ؟!!..
- يسأل عن سبب انشغالي الفترة الأخيرة ..! لقد تهربت منه بصعوبة ..!
- ماذا ستفعل أن سألك مرة أخرى ؟!..
- سأتهرب منه مجدداً ..!
- حسناً .. أرجوا أن لا ينتبه إلي يوماً حين آتي لاصطحابك من المدرسة ..!
- لا مشكلة .. فذلك اللقاء سيحدث على أي حال ؟!!..
- لم أفهم ..!
- أقصد أنك ستأتي معي للندن و حينها سوف تلتقي بالجميع ..!
لم أعي إلا أنه أسرع ليوقف السيارة على جانب الطريق بحركة خطره !!..
صرخت و أنا أنظر إليه : مجنون .. أتنوي قتلنا ؟؟!!!!..
نظرت ناحيتي بدهشة حينها : هل خططت لكل شيء دون الاستماع لرأي حتى ؟!!..
- لأني لن أدعك ترفض !!..
- بل سأرفض !!.. بأي صفة آتي ؟!!..
- كل ما أردته هو الاستمتاع مع أخي في لندن .. كما أني أريد أن أعرفك على لويفان ..!
- من هذا أيضاً ؟!!..
- صديقي الذي حدثتك عنه مسبقاً .. لقد أخبرتك أني عشت في اسكتلندا لست سنوات و تعرفت إليه حينها ..!
ضرب جبيني بطرف أصبعه وهو يقول : يمكنني أن أتعرف لصديقك لاحقاً ..! لكني لن أذهب في تلك الرحلة ..! استمتع أنت مع أصدقائك ..!
- أعطني سبباً مقنعاً !!..
- الأمر بسيط !!.. أنا لم أغادر باريس قط !!.. ثم أني لم أركب طائرةً في حياتي !!.. ليس لدي جواز سفر حتى !!..
- بالنسبة للأولى فالأفضل لك رؤية العالم خارج فرنسا ..! أما الثانية فأقسم لك أن الطائرة غير مرعبة !!.. لا تقلق على جواز السفر فهو ليس مشكلةً إطلاقاً ..!
- قلت لك لا !!!..
- إن لم تذهب .. لن أذهب أيضاً ..!
- لينك لا تجعلني أفقد أعصابي !!.. يستحيل أن أذهب !!..
- أرجوك ريكايل .. هذه المرة من أجلي فقط ..! أريد أن نستمتع معاً في لندن ..!
- كيف نفعل هذا و أصدقاءك موجودون ؟!!..
- لا تقلق بشأنهم ..!
- اعذرني .. لكني غير مقتنع لذا لن أذهب ..!
- هذه المرة رايل .. لن أطلب منك شيئاً مجدداً ..!
تنهد بتعب و اسند رأسه على المقود يفكر بالأمر ..!
بقيت أنظر إليه بقلق و كل أملي أن يوافق لأني حقاً أريد أن يأتي لأريه لندن إحدى أشهر مدن العالم ..!
مضت بضع دقائق وهو يفكر .. هل الأمر صعب لهذا الحد ؟!!..
و أخيراً .. رفع رأسه و نظر إلي نظرة هادئةً للغاية و بدون أي ابتسامة : سوف أوافق هذه المرة من أجلك فقط ..!
شعرت بالطمأنينة حينها و ابتسمت بهدوء : شكراً لك ..!
- لكن .. لدي شرط ..!
- و ما هو ؟!!..
- أمام أصدقائك .. نحن سيد و خادمه !!.. لم يحن الوقت المناسب لإظهار الحقيقة ..!
لم أعتقد أنه سيشترط شيئاً كهذا .. و الحقيقة أني لم أفكر في ردة فعل أصدقائي حين يرون ريكايل خاصة ماثيو و دايمن و آندي ..!
طأطأت رأسي حينها أفكر .. هل لا بأس لدي أن أعامل ريكايل كخادم و لو كان تمثيلاً فقط ؟!!..
شعرت به يربت على كتفي .. رفعت رأسي لأرى ذات النظرة الهادئة : عليك أن تتصرف بشخصيتك الشيطانية التي اعتادوا عليها معي حتى لا يشك أحد بشيء ..!
قطبت حاجبي حينها : أأنت جاد ؟!!.. أتريدني أن أظهر شيطاني في تعاملي تجاهك أمام أصدقائي ؟!..
ابتسم لي حينها بذات الملامح الهادئة : لا مشكلة .. تذكر أن شيطانك هو من دعاني لخدمتك .. و من بعده توالت الأحداث حتى صرنا في هذا المكان ..!
أغمضت عيني أفكر للحظات .. أنه صعب .. صعب جداً ..!
لأني لم أكن أظهر شيطاني تجاه الناس الذين أحبهم ..!
فكيف أمام ريكايل ؟!!..
خاصةً بعدما قررت عدم العودة إليه و اعتماد شخصيتي الحالية ..!
لكنه شرطه .. و أنا مضطر لتنفيذه إن أردت موافقته على الذهاب للندن ..!
نظرت إليه لأقول بجد : هل ستحتمل تصرفاتي الشيطانية ؟!!..
ابتسم بمرح حينها : احتملتها سابقاً دون تمثيل ..!
- إذاً .. عدني بأنك لن تستاء أو تغضب تجاه أي كلمة أو تصرف قد يصدر مني ..! تعلم أن شيطاني مختلف تماماً عما أنا عليه الآن ..!
- أعدك .. أنا أثق بك .. لذا أنا واثق بأنك ستفعل كل ذلك من أجلي .. كما سأكون واثقاً من مشاعرك الحقيقية المتسترة خلف ذلك القناع ..!
كانت الجرأة تشع من عينيه و ابتسامة واثقة غزت شفتيه .. من أين له بكل هذا ؟!!..
رغم الحياة الصعبة التي كان يعيشها .. لا يزال واثقاً من نفسه و صامداً أمام كل العقبات ..!
ابتسمت حينها نصف ابتسامة و همست لنفسي : أنت حقاً تثير دهشتي ..!
قطب حاجبيه : أقلت شيئاً ؟!!..
أومأت سلباً حينها و قد عاد النشاط إلي : إطلاقاً ..! دعك من هذا و حرك السيارة .. لقد تأخرنا على وجهتنا الرئيسية ..!
..................................................
الساعة كانت التاسعة صباحاً .. وقت الاستراحة في المدارس ..!
كنت أنظر يمنة و يسرى إلى ألائك الطلبة الذين تفرقوا في تلك الساحة و معظمهم يجلس على العشب الأخضر و يتناول الطعام ..!
كان زيهم المدرسي عبارة عن بنطال بلون أزرق قاتم قريب للأسود مع قميص أبيض .. و الفتيات كذلك لولا أن الاختلاف كان في التنورة التي تصل إلى أسفل الركبة مباشرةً مع تلك الجوارب البيضاء التي تصل لمنتصف الساق ..!
لا أزال واقفاً عند البوابة مع رايل الذي سأل : ماذا سنفعل أولاً ؟!!..
- لنطلب من أحدهم أن يدلنا على غرفة المدير ..!
خطونا بضع خطوات إلى الداخل و بدأنا نختلط مع الطلبة الذين كانوا يحدقون فينا باستغراب .. و فيّ أنا تحديداً !!..
لا أعلم السبب ..!
لكن شابا بدا بعمرنا تقدم ناحيتنا : أنتما .. أتريدان مساعدة ؟!..
أومأت إيجاباً : هلا دللتنا على مكتب المدير ؟!..
ابتسم حينها : بالتأكيد .. لكن لدي سؤال .. هل أنت من مارسنلي ؟!!..
قطبت حاجبي مندهشاً .. كيف علم أني من مارسنلي ؟!!..
بدا و كأن مارسنلي كلمة كتبت على جبيني !!..
قبل أن أقول أي شيء همس ريكايل بحيث لا يسمعه إلا أنا : إنه يقصد المدرسة ..!
المدرسة ؟!!.. آه الآن فهمت ..!
أنا لم أغير ملابسي .. لا أزال أرتدي الزي الرسمي لثانوية مارسنلي الشهيرة
هذا هو السبب الذي جعلهم يحدقون بي على وجه الخصوص : نعم .. أنا كذلك ..!
لم يعلق على الأمر لكنه قال بابتسامته اللطيفة : أتبعاني ..!
استدار حينها فسرنا نحن خلفه أيضاً ..!
دخل إلى مبنى المدرسة حيث كان لا يزال هناك الكثير من الطلاب و نحن لا نزال نلفت الانتباه ..!
كنت أنظر إلى تلك المدرسة .. بدت مدرسةً عادية بتلك الجدران ذات اللون الأبيض و البلاط القديم في الأرضية و اللوحات التعليمية تملأ المكان ..!
على عكس ثانويتي التي كان ورق الجدران الفخم بارزاً فيها مع ذلك الرخام اللامع و السجاد الأحمر الفاخر يملأ الممرات ..!
وصلنا إلى غرفة أعتقد أنها مكتب المدير .. طرق ذلك الفتى الباب .. و حين سمع الإجابة فتحه و دخل و نحن لا نزال خلفه : حضرة المدير .. لقد جاء شخصان إلى هنا أرادا أن يتحدثا إليك ..!
استطعت رؤية ذلك المدير الذي لم ينظر إلينا بل كان يقرأ بعض الأوراق معه و هو يعدل في نظارته الطبيبة كل دقيقة و التي استقرت أمام وجهه المليء بالتجاعيد و الذي أثبت لي أن عمر هذا الرجل قد تجاوز الستين ..!
بدون أن يرفع رأسه : أخرج و دعمها يدخلان ..!
خرج الفتى مغلقاً الباب من بعده .. بينما بقيت أنا و أخي واقفين في مكاننا ننتظر من هذا العجوز أن يفعل شيئاً ..!
لكنه لا يزال منشغلاً بتلك الأوراق ..!
مضت ثلاث دقائق على هذا الحال و بدا أن هذا الرجل نسي وجودنا ..!
شعرت بريكايل يضرب كتفي بكفته بخفة فالتفت إليه لأرى أنه حرك شفتيه بحيث يقول " أفعل شيئاً " ..!
أومأت إيجاباً و نظرت إلى ذلك العجوز .. بهدوء قلت : مرحباً أيها المدير ..!
رفع رأسه حينها و نظر إلي ببرود : من أنت ؟!!..
جمعت كل فخر الدنيا في صوتي و أنا أقول : أنا لينك مارسنلي .. وريث شركات مارسنلي الكبرى ..! تشرفنا ..!
بذات نبرته تلك قال : و ما الذي يريده وريث مارسنلي مني ؟!!..
شعرت بالإحباط لأني توقعت أن يعطيني اهتماماً أكبر .. بينما كان ريكايل يكتم ضحكته الساخرة ..!
حرك ذلك العجوز بصره مني إلى أخي .. و ما هي إلا لحظات و غلفت الصدمة وجهه !!..
وقف حينها و قد بدا أن مستوى الاهتمام لديه أرتفع بشكل مجنون و تقدم بسرعة ناحيتنا ..!
هل استوعب من أنا و ما هي مارسنلي ؟!!..أم أن هناك شيئاً آخر ؟!!..
يبدو أن توقعي الثاني كان هو الصحيح فهو أسرع لريكايل و ربت على كتفيه و أخذ يحدق في وجهه بتركيز بينما كنت أنا و أخي نواجه مشكلة في محاولة استيعاب الأمر !!..
لحظتها هتف ذلك المدير : أنت .. أأنت إيان براون ؟!!!!..
إيان .. براون !!..
من هذا ؟!!!..
لحظة لينك .. دعك من مارسنلي الآن .. أنت لينك إيان براون .. كما هو ريكايل إيان براون !!..
هل يقصد أبي ؟؟!!!..
شعرت بأن لساني تصلب من هول الصدمة .. كانت ملامح ريكايل تدل على أنه لم يستوعب بعد بينما بدت السعادة على ذلك المدير : أنت لست أيان .. لكنك بالتأكيد قريب له ..!
كان رايل ينظر إليه باستغراب : هل تعرف أبي ؟!!!..
هكذا سأل بنبرة كانت هادئة نوعاً ما ..!
تراجع المدير بضع خطوات و بقي ينظر إلى ريكايل بتمعن : ابن إيان !!.. أيعقل أنك أبن إيان براون ؟!!..
نظر إلي ريكايل .. أومأت له إيجاباً كي يجيب على المدير فعاد ينظر إليه : نعم .. أنا ابن إيان ..!
قطب حاجبيه و اختفت ابتسامته : مستحيل .. حين مات إيان لم أسمع أن له أبناء ..!
- اه حسناً .. أبي مات بعد ولادتي بيوم ..!
- لقد انقطعت أخباره منذ تخرج من هنا .. لقد مات في العشرين ..! هل تزوج دون أن أعلم ..!
- أعتقد ذلك ..!
- أخبرني .. من هي أمك يا فتى ؟!.. أريد لقاءها ..!
- كيف أشرح الوضع ؟!!.. كل ما في الأمر أن أمي و أبي ماتا معاً في حادث سير ..!
- كيف لم أعلم بهذا ؟!!.. لقد سمعت أن أيان مات .. لكن لا أحد قال لي أنه تزوج و أنه لديه ابن ..!
- أكنت تعرف والدي أيها المدير ؟!.. في الحقيقة لقد أتيت إلى هنا مع صديقي كي أسأل عن أمي و أبي حين علمت أنهما درسا هنا ..!
- آه نعم .. أبوك كان طالباً هنا و قد كنت أستاذ اللغة الفرنسية حينها ..! هل كانت أمك تدرس هنا أيضاً ؟!!..
- صحيح .. أسمها نيكول .. هل تعرفها ؟!!..
- لقد كان هناك الكثير يحملن أسم نيكول .. ما لقبها ؟!..
- لا أعلم .. أعرف أن أسمها صار نيكول براون بعد زواجها من أبي ..!
- أجلسا .. لدينا حديث طويل ..!
أومأنا إيجاباً و تقدمنا ناحية الأرائك في تلك الزاوية و التي كانت تحيط بطاولة زجاجية كبيرة عليها آنية من الفخار فيها بعض الزهور ..!
جلسنا على أريكة لشخصين بينما اتجه المدير إلى خزانة مليئة بالملفات على ذلك الجدار ..!
همست لريكايل حينها : يبدو أن الشبه بينك و بين أبي كبير .. لقد اعتقد أنك هو من النظرة الأولى ..!
أومأ إيجاباً و قد بدا التوتر عليه بعد تلك المحادثة : أنا و أنت متشابهان .. لما اعتقد أنه أنا و ليس أنت ..!
- ليس لدي فكرة .. لكن ربما سنعرف كل شيء قريباً ..!
- أتمنى ذلك ..!
عاد المدير إلينا و هو يحمل ملفاً في يده : هذه أسماء الطلبة في تلك السنة .. ربما سنعرف أسم والدتك من خلاله ..!
أعطانا ورقة كانت في ملف : أنه صف والدك يا ...!
- ريكايل .. ريكايل بروان ..!
- حسنا يا ريكايل .. ربما ستستطيع معرفة اسم أمك الكامل حين تقرأ الأسماء ..!
بدأنا نقرأ الأسماء بلا صوت .. طلاب و طالبات .. عددهم كبير فقد كانوا ثلاث شعب لكننا بينما نبحث صادفت ذلك الاسم : إيان جون براون ..!
هكذا همست ليبتسم ريكايل : الجد هو جون إذاً ..!
لم أفكر يوماً في الأجداد فأنا لم يكن لي جد مطلقاً لأن كلا والدي إلينا و جاستن كانا متوفين حين تبنوني ..!
مر علي عدد من الفتيات باسم نيكول .. لكني شعرت بأن أمي ليست من بينهن ..!
بعد لحظات انتقلنا إلى ورقة أخرى حيث الشعبة الثانية .. لحظتها وقعت عيني على ذلك الاسم بلاشعور .. بقيت أحدق به للحظات قبل أن أهتف : أنظر إلى هنا ريكايل ..!
أشرت بأصبعي على ذلك الاسم فقرأه بصوت مسموع : نيكول جيمس ستيوارت .. إنها هي بلا شك !!..
السبب هو أسم ستيوارت الذي ذكرنا فوراً بتلك الشابة المجهولة ميراي ستيوارت و التي اتضح الآن أنها قريبة أمي .. ربما أختها أو بنت أخيها أو شيء من هذا القبيل ..!
رفع رايل رأسه للمدير : هل تتذكرها ؟!!.. أقصد نيكول ستيوارت ..!
أخذ يتذكر للحظات : لا تقل لي أنها أمك ؟!!!..
- أعتقد أنها هي .. لما ؟!!..
- حسناً .. لقد كانت طالبةً لا تعوض .. و قد كانت من أكثر الطلاب الذين مروا علي اجتهاداً ..! لكني لم أعتقد أنها سترتبط بإيان فهما كانا أبعد ما يكون عن بعضيهما ..!
- أيمكنك الشرح أكثر ؟!!..
تنهد حينها و استند إلى المقعد الجلدي خلفه و هو يقول : في الحقيقة .. حين كان أيان يدرسنا .. كنت معلم اللغة الفرنسية .. إيان لم يكن يحضر الحصص الدراسية ..! لا يحضر إلا الامتحانات لكنه يبلي فيها حسناً ..! ربما ستصدمون لكنه كان جامحاَ ..!
- جامح !!!!..
صرخنا حينها .. لم أعتقد للحظة أن أبي .. جامح !!..
فقط يشغل وقته بالشجارات و المشاكسات و المشاكل ..!
تبدو عليه الخشونة و الجروح تملأ جسده و يقود مجموعة من الشباب ليكونوا عصابة صغيرة تحاول السيطرة على الحي ..!
ابتسم المدير حينها : لم يكن أي جامح .. بل كان أكبر جامح في المنطقة ..! لقد أتعبتني الشكوى التي تصل إلي لأني كنت مسؤول صفه ..! لم أكن أجرأ على مواجهته فأنا لم أعلم أي نوع من الأولاد هو .. لكني في تلك المرة تشجعت و تحدثت إليه .. ما أدهشني أنه كان هادئاً للغاية و لم يغضب رغم كل ما أخبرته به ..! بل استمع إلي بإنصات و غادر .. و قد قلت الشكوى عنه حينها ..!
لهذا قال أنه كان مختلفاً عن أمي .. إذاً كيف تزوجا ؟!!.. و في تلك السن الصغيرة ..!
سأل ريكايل حينها باستغراب : لكن .. ما نوع تلك الشكاوي التي كانت تصل إليك ؟!..
تنهد حينها ليقول : كانت تصلني شكوى من أهالي بعض الطلبة الذين يتشاجرون مع إيان فيوسعهم ضرباً ..! لكني اكتشفت فيما بعد بأنهم هم من كانوا يتعرضون له ..!
تذكرته حينها شيئاً : حضرة المدير .. هل يشبه ريكايل أباه إلى ذلك الحد ؟!!..
نظر إلى ريكايل للحظات وهو يقول : الشبه العظيم بينهما .. لكن إيان كان ذو عينين زرقاوتين ..! وقد كان يصفف شعره إلى الخلف مثلك تماماً الآن ..!
نعم .. إنه الفرق بيني و بين ريكايل .. لذا لم ينتبه لي .. واضح أن نظرة ضعيف ..!
عموماً .. فكرت في أن نسأله عن أمي أيضاً : ماذا عن نيكول ؟!!..
وقف حينها و اتجه إلى تلك الخزانة التي بدا أنها تحمل بعضاً من ماضي والدي ..!
استغليت الفرصة حينها و همست لريكايل بحماس : جامح إذاً ..!
- و أنا أقول من أين لك كل هذه التصرفات الشيطانية .. هل ورثتها منه ؟!!..
- نكتة سخيفة !!..
- لكنه صدمني حقاً ..! أريد أرى صورة له ..!
- لا شك أننا سنعثر على واحدة قريباً ..! ماذا عن أمي ؟!!..
- نيكول ستيوارت .. إذاً فتلك الميراي قريبتنا حقاً ..!
- بالفعل .. ربما تكون خالةً لنا ..!
- لا أعتقد . .إنها أصغر من أن تكون كذلك .. لقد قالت صاحبة المشتل أنها في الخامسة و العشرين ..!
- فور أن نخرج من هنا سأتصل بالاستعلامات و نسأل عنها .. ما رأيك ؟!!..
- موافق ..!
- حسناً .. لنصمت الآن فقد جاء الرجل ..!
جلس على مقعده أمامنا و معه ملفان .. أعطانا أحدهما بعد أن فتح إحدى الصفحات ..!
بدأ كلن منا يقرأ في نفسه .. و الصفحة التي تليها .. و التي تليها ..!
لقد كانت شهادات شكر و تقدير للمدرسة بعد فوزها بمسابقات على مستوى هذا الجزء من باريس و الذي يضم عدد كبيراً من المدارس ..!
كلها كانت باسم الطالبة : نيكول جيمس ستيوارت ..!
- يبدو أن أمك كانت مجتهدةً للغاية يا ريكايل ..!
هذا ما قلته بابتسامة .. أني حقاً مستغرب من كون أمي بذلك التفوق بينا أبي أكبر جامح في المنطقة ..!
وقف المدير و أتى إلينا بالملف الآخر : هذا ألبوم صور .. في كل سنة نلتقط صورة جماعية للطلاب المتخرجين .. و قد اتبعت المدرسة هذا النظام منذ ثلاثين سنة و حتى الآن ..!
أعطانا الألبوم بعد أن فتحه على صورة معينه .. كان هناك الكثير من الطلاب و الطالبات يقفون و يجلسون بشكل منتظم لالتقاط الصورة و كل واحد فيهم رسم ابتسامة أمل على وجهه ..!
هل يمكن أن يكون أبي و أمي أحد هؤلاء ؟!..
أشار المدير إلى أحد الفتية : هذا هو إيان ..!
أسرعت بالنظر إليه بشغف لأني كنت متشوقاً رؤية ذلك الأب كما هو الحال مع رايل ..!
لكني حينها شعرت بالإحباط .. فهو كان يقف على الطرف و هناك بعض الطلاب أمامه .. ظهر رأسه فقط في الصورة و قد كان يلتفت و يغمض عينيه فلم يتضح شيء من وجهه و يبدو أنه لم يبتسم حتى .. رغم ذلك كان شعره مصففاً للخلف كالجامحين بالعادة .. كما قال المدير فهو يشبه أخي من هذه الناحية : للأسف ليست واضحة ..!
هذا ما قاله ريكايل بإحباط يوازي إحباطي ..!
التفت ناحية الرجل العجوز : و ماذا عن نيكول ؟!!..
أشار حينها إلى فتاة تجلس القرفصاء بين مجموعة من الفتيات ..!
لا أعلم إن كان نيكول و إيان قد اتفقا على هذا .. لكن لا أحد منهما واضح ..!
فحتى أمي كانت تطأطئ رأسها و خصلات شعرها الطويلة تغطي عينيها .. انتبهت لزهرة كانت أمامها على الأرض .. رغم أنها كانت زهرة صغيرة لكن من الواضح أنها كانت تحدق بها لحظتها ..!
لقد كان لها شعر طويل بني اللون .. أعتقد أنه يصل لمنتصف ظهرها ..!
ابتسمت حينها .. رغم أنها ليست واضحةً إلا أنها تبدو جميلة ..!
همست لريكايل حينها : جميلة ..!
- صحيح .. رغم أن صورتها غير واضحة ..!
- ماذا الآن ؟!!..
- يكفي .. لنخرج من هنا فلا أعتقد أن هناك المزيد ..!
- نبحث عن ميراي ستيوارت ؟!..
- ربما هذا أفضل ..!
وقفنا حينها و شكرنا المدير على مساعدتنا .. نحن نقدر ذلك كثيراً فهو على الأقل أعطانا لمحة عن والدينا ..!
و قبل أن نغادر قال بابتسامة : لا تعتقد أن أباك كان سيئاً لأنه كان جامحاً ..! فهو ألطف جامح التقيت به في حياتي .. و الدليل أن والدتك قبلت به ..!
ابتسمنا في وجهه حينها .. فعبارته الأخيرة كانت معبرةً للغاية ..!
تذكرت حينها شيئاً و سألت : حضرةً المدير .. هل تعرف فتاة تدعى ميراي ستيوارت ؟!..
أخذ يتذكر للحظات ثم أومأ سلباً : لم أسمع هذا الاسم من قبل ..!
إذاً هي لم تدرس هنا : شكراً لك على كل شيء .. و الآن سنغادر ..!
هذا ما قاله ريكايل بابتسامة هادئة فبادله المدير بذات الابتسامة : رافقتكما السلامة ..!
خرجنا بعدها شاردي الذهن ..!
لقد عرفنا شيئاً على الأقل .. و إن كان لمحة ..!
إيان كان جامحاً .. و نيكول فتاة مجده ..!
ربما تكون معلومات سطحية .. لكنها أعطتنا رؤية مبدئية عن شخصية والدينا ..!
......................................
بعدما عرفنا بعض الأشياء عن إيان و نيكول ..قررنا أن نبدأ بمعرفة المزيد عن ميراي ستيوارت و علاقتها بنا ..!
لذا .. ها نحن الآن في السيارة على جانب الطريق ..!
اتصلت بالاستعلامات المدنية .. و ها أنا أنتظر أن يجيبوا ..!
كانت نظرات الترقب باديةً على ريكايل .. حتى أنا كنت متوتراً و الحماسة تكاد تقتلني ..!
أجابني صوت امرأة حينها : مركز الاستعلامات المدنية في باريس .. نسعد بخدمتكم ..!
أخذت نفساً و أنا أقول : عذراً .. أريد السؤال عن عنوان قريبتي ..!
- هلا أعطيتنا بياناتها ؟!..
- أسمها ميراي ستيوارت ..!
- أيمكن أن تعطيني عمرها و مكان عملها ..!
- أعتقد أنها في الخامسة و العشرين .. لا أعرف مكان عملها ..!
- عذراً .. لكن معلوماتك غير كافية .. أعطنا أسمها الكامل على الأقل ..!
- أعتذر يا آنسة .. لكني لم ألتقي بها مسبقاً ..! أنا أبحث عنها ..! لا أعرف منها إلا هذا الاسم ..!
- سوف أحاول مساعدتك .. سأبحث لكن قد يظهر لي عدد من الناس بذات الاسم ..!
- شكراً لك ..!
- انتظر لحظة ..!
سألني ريكايل حينها : ماذا تقول ؟!!..
تنهدت بتعب : سوف تبحث .. لكن المعلومات غير كافية ..!
بدا اليأس عليه : أرجو أن تتمكن من ذلك ..!
عادت المرأة مجدداً : لقد ظهر لي اثنا عشر شخصاً بهذا الاسم ..!
- استبعدي الطلاب حتى الثانوية و العجائز ..!
- بقي خمسة .. و أعمارهن تتراوح بين الثالثة و العشرين و السادسة و العشرين ..!
- كم واحدة في الخامسة و العشرين ؟!!..
- اثنتان .. الأولى طالبة طب .. و الثانية مضيفة طيران ..!
قطبت حاجبي حينها .. أشعر بأن هناك شيئاً علي تذكره ..!
ذلك الطفل الذي أخبرنا عنها .. لقد قال شيئاً عن البلدان الكثيرة !!..
(أخبرتني أنها تسافر كثيراً و قد ذهبت إلى دول كثيرة أيضاً .. رغم أنها لا تبدو شخصاً غنياً ) ..!
هذا ما قاله ذلك الصغير !!!..
مضيفة طيران بالتأكيد : عذراً .. هلا أخبرتني عن المضيفة ؟!!..
- لحظة ..!
ابتسمت حينها لريكايل : يبدو أني عثرت عليها ..!
- ممتاز ..!
بدا أن عملية البحث انتهت : حسناً .. أسمها ميراي جيمس ستيوارت و هي تعمل مضيفة طيران على الخطوط الفرنسية الدولية ..! عمرها خمسة و عشرون ..!
- إنها هي بلا شك .. هلا أعطيتني عنوان منزلها يا آنسة ..!
- العمارة الثالثة على الشارع الخامس و الستين في المنطقة الرابعة عشر .. رقم الشقة هو 32 ..!
- شكراً جزيلاً لك ..!
- نسعد بخدمتكم ..!
أغلقت الخط بعد ذلك .. نظرت إلى ريكايل بحماس : لقد عرفت مكانها ..!
.................................................. ........
بعد التجول في شوارع كثيرة لمعرفة الطريق تمكنا من الوصول لتلك العمارة الكبيرة ..!
لقد كان طريقاً طويلاً لكني اكتشفت أن المنطقة التي تعيش فيها ميراي ستيوارت قريبةٌ من قصرنا ..!
كما اكتشفنا أن تلك الشابة هي خالتنا : هل ننزل ؟!!..
هكذا سأل ريكايل : بالتأكيد .. هيا ..!
نزلنا حينها من السيارة و دخلنا من البوابة الكبيرة لتلك العمارة السكنية ..!
بتوتر قلت : سنلتقي بها الآن ..!
- لينك .. عندما توفي والدانا كانت في الثامنة ..! من قام براعيتها ؟!!..
- ربما قريبها ؟!!..
- إذاً لما لم يرعانا أيضاً ؟!!..
- أعتقد.. لن يتحمل مسؤولية ثلاثة أطفال ..!
- قد تكون محقاً .. أتعتقد أنها بحثت عنا ؟!!..
- لا أعلم .. لكن إن كانت شخصاً جيداً فهي بالتأكيد فعلت ذلك ..!
- حسناً .. أشعر بأنها ليست شخصاً سيئاً ..!
- و أنا كذلك ..! هي خالتنا على أي حال ..!
- ستخبرها ؟!!..بأننا أبناء نيكول ؟!!..
- لا أعلم .. سنؤجل الأمر حتى نتحدث معها ..!
كان هذا حوارنا و نحن نقف في تلك الردهة الواسعة حيث هناك ثلاث مصاعد أمامنا و الناس تنزل و تصعد .. لقد كانت العمارة خاصةً بالعائلات و الشابات ..!
لذا ما إن تقدمنا حتى جاءنا الحارس الذي يعمل هناك وقد كان ذا بشرة سمراء و جسد رياضي و يرتدي زياً يشبه الشرطة لكنه عبارة عن قميص ذو لون سماوي مع بنطال أسود كما هو حال ربطة العنق : لم أركما مسبقاً ..من أنتما ؟!!..
تكلم ريكايل حينها : جئنا لزيارة صديق ..!
- أستطيع مساعدتكما إذاً ..!
- شكراً لك .. نبحث عن ميراي ستيوارت .. هل تعرفها ؟!!..
- آه .. تقصدان مضيفة الطيران ؟!!..
- نعم ..!
- شقتها رقم 32 .. لكن لن جداها الآن فهي مسافرة ..!
- مسافرة ؟!!!..
- نعم .. بحكم عملها هي تسافر كثيراً ..!
تدخلت حينها : لكن .. متى ستعود ؟!!..
هز كتفيه و كأنه لا يعلم : حسب المكان الذي سافرت إليه ..! لقد غادرت في الصباح .. إن كان دولة قريبة فقد تعود هذا المساء .. و إن كانت دولة بعيدة فالأغلب أنها لن تعود إلا مساء الغد ..! عموماً هي غالباً تذهب لدول أوروبا فقط لذا أعتقد أنها ستعود الليلة .. يمكنكما العودة غداً فربما تكون هنا ..!
إذاً لن نلتقي بها الآن : شكراً لك على كل حال ..!
- العفو ..!
عاد بعدها إلى الكرسي الذي كان يجلس عليه قرب البوابة بينما عدنا أدراجنا ..!
استندت إلى السيارة و أنا أقول بملل : لن نراها الآن ..!
ابتسم ريكايل حينها : لا بأس .. لن يطول الأمر حتى نلتقي بها ..!
نظرت إليه للحظات : ماذا سنفعل الآن ؟!..
هز كتفيه حينها : لا أعلم .. لن نستطيع فعل شيء بخصوص هذا الموضوع حتى نلتقي ميراي ستيوارت ..!
فتحت باب السيارة و ركبت خلف المقود : اركب الآن .. لنذهب و نأكل شيئاً ..!
أومأ إيجاباً و اتجه للباب الآخر : إنها الحادية عشر .. فعلاً بدأت أشعر بالجوع بعد ذلك الجهد ..!
ابتسمت حينها و أنا أحرك السيارة : إذاً .. لنذهب لذلك المطعم الذي تناولنا فيه الفطور سابقاً ..! قلت لك أنهم يعدون باستا إيطالية مميزة .. لذا سنذهب إليه ..!
أغمض عينيه و ابتسم : كما تشاء .. المهم أن أسكت معدتي ..!
- قبل ذلك .. سأمر بالمنزل لأغير ملابس المدرسة ..!
- لا بأس ..!
حركت السيارة حينها و في نيتي الاتجاه لقصر مارسنلي ..!
.................................................. ....
جلسنا متقابلين على تلك الطاولة و كما وعدت رايل طلبت له الباستا الإيطالية ..!
مررنا بالمنزل فبدلت ملابسي و ارتديت قميص أبيض مع بنطال جينز أزرق و سترة جلدية بنية اللون .. الجو صار يميل للبرودة فنحن على أبواب الشتاء ..!
الآن انتبهت أن ريكايل كان يرتدي بنطال جينز أزرق مع كنزة رمادية طويلة الأكمام ..!
في الحقيقة .. للمرة الأولى أراه يرتدي شيئاً مختلفاً عن الزي الرسمي المخصص للخدم ..!
لكني لم أعلق على الأمر ..!
انتبهت حينها لنظرته إلي : ما الأمر ؟!!..
هكذا سألت باستغراب فتنهد هو : أريد أن أسأل ..!
أمره غريب : تفضل ..!
قلت هذا ببساطة دون أن أفكر أن سؤاله قد يكون صعباً : هل التقيت ميشيل بعد يوم المشاجرة عند الملجأ ؟!!..
شعرت بالتوتر .. فأنا لم أعتقد و لو قليلاً أنه قد يسأل عن شيء متعلق بميشل على وجه الخصوص ..!
بتوتر قلت : لا .. لم أفعل ..!
قطب حاجبيه حينها : لما تبدو مرتبكاً إذاً ؟!..
ماذا سأقول له ؟!!..
هل سأقول بلا التقيت بها لكني كنت مشغولاً بمقابلة زواج ؟!!..
تنهدت حينها : هلا غيرت الموضوع ؟!!.. أي شيء إلا ميشيل !!..
نظر إلي بشك : أنت تخفي شيئاً بالتأكيد !!..
لم أرد عليه .. فسأل مجدداً : إذاً .. أتنوي قطع علاقتك بها ؟!!.. صدقني لن ألومك لو فعلت ..!
ترددت للحظات قبل أن أقول : لا أعلم ..! لكن سأعترف لك .. أنا لا أستطيع ذلك بالفعل !!..
بانت عليه ابتسامة ماكرة ممزوجة بالسخرية : هكذا إذاً ..! الحب أتعب قلبك يا أخي !!..
نظرت إليه باستياء : كف عن هذا !!.. أغلق الموضوع فهو أكثر موضوع يجلب الصداع لرأسي ..!
بذات نبتره السابقة : سأتوسط لك عند ميشيل بما أني أخوها الأكبر ..!
بسخرية ممزوجة بنبرتي المستاءة : و نعم الأخ أنت ..!
تذكرت حينها شيئاً : آه صحيح رايل .. أين قضيت ليلتك بالأمس ؟!!..
ترك قائمة الطعام التي أمسك بها منذ لحظات و نظر إلي : آه .. في المنزل ..!
قطبت حاجبي : المنزل ؟!!..لم تخبرني أن لديك منزلاً ؟!!..
- ظننت أنك تعرف .. فقد أخذتك إلى هناك مرتين ..!
- أتقصد أنك تعيش مع الخالة آنا و بناتها ؟!!..
- لا .. بل في الملجأ مع الأطفال ..! إنه منزلي ..!
قطبت حاجبي و صرخت : قضيت ليلتك هناك ؟!!!!..
انتبه لي الكثيرون حولي ..!
لذا صمت قليلاً حتى ابتعدت نظراتهم اللاسعة عني و عدت أنظر إليه باستياء : لما بقيت هناك ؟!!.. لم يعد الأطفال في ذلك المكان ..!
باستغراب قال : أخبرتك أنه منزلي ..!
- أأنت مجنون ؟!!..تبقى في ذلك المكان البعيد الموحش وحدك !!.. ماذا لو حدث لك شيء و أنت وحدك هناك ؟!!.. من كان سيعلم بأمرك في ذلك المكان ..!
لم يرد .. بدا أنه لا يملك إجابة ..!
لذا قلت بهدوء : منذ الليلة ستبقى معي في القصر .. على الأقل لو تعرضت لمشكلة سكون هناك من يساعدك ..!
لم يقل شيئاً .. لكن واضح أنه أقتنع بكلامي ..!
وصل النادل حينها و بدأ بوضع المقبلات استعداداً للطبق الرئيسي ..!
نظرت إلى ساعتي لأرى أنها صارت الثانية عشر : ما رأيك لو نزور الملجأ بعدها ؟!!..
أومأ إيجاباً بهدوء : سيكون هذا جيداً ..!
.................................................. .............
ابتسمت و أنا أنظر لذلك المنزل الصغير الجميل .. كان من دورين .. جدرانه وردية لطيفة و سقفه من قرميد أحمر اللون ..!
له باب خشبي لطيف بعد أن تصعد على ثلاث دراجات من الرخام الأبيض ..!
على يساره كانت حديقة صغيرة متصلة به كما أنها تمتد إلى خلف المنزل ..!
هذا غير الحديقة العامة الكبيرة بجانبه ..!
إنه ملجأ الأيتام الجديد ..!
اختفت ابتسامتي حين تذكرت أن أدريان هو من أختار هذا المنزل ..!
لست أطيق أي شيء يأتي من خلف ذلك الرجل لكني لا أكف عن الاعتماد عليه ..!
عموماً لقد أحسن صنعاً ..!
تقدمت مع ريكايل ناحية الباب و ضغطت على الجرس .. لم تمضي لحظات حتى فتح أحدهم الباب ..!
كانت شابة في الثلاثين .. أراها للمرة الأولى .. يبدو أنها إحدى العاملتين : مرحباً .. ريكايل ..!
أومأ أخي إيجاباً : سلام .. لقد عدت من جديد للاطمئنان على الأطفال ..!
ابتسمت بمرح : إنهم لا يكفون عن الحديث عنك ..!
- هذا صديقي لينك ..!
- آه لقد تحدثت عنه جين بالأمس ..!
تقدمت و صافحتها : مرحباً يا آنسة ..!
- أهلاً بك .. أنا جيني مسؤولة الفتيات ..!
- أنا لينك ....!
صمت للحظات و أمسكت لساني عن قول مارسنلي .. و لا يمكن أن يكون بروان أيضاً .. لذا بابتسامة قلت : لينك ستيوارت ..!
لا تسألوني كيف طرأ علي الاسم .. لكني اشعر بالسعادة لأني استعنت باسم أمي هذه المرة ..!
كانت ذات بشرة حنطية و عينان عسليتان و شعر بني قصير .. لم تكن نحيلة لكنها لم تكن سمينة أيضاً ..!
أشارت لنا أن ندخل مضيفةً إلى أن الآنسة جوليا غادرت منذ لحظات و أن الفتية مع وصيفتهم جينا شقيقتها التي تصغرها بعام قد ذهبوا للملعب القريب كي يلعبوا الكرة مع أطفال الحي ..!
رغم أنهم وصلوا بالأمس فقط إلا أنه من الواضح أنهم قد بدءوا بعقد الصداقات الخارجية ..!
كان المنزل من الداخل مرتباً و منظماً .. دخلنا إلى غرفة المعيشة و حينها لاحظت بأنه منزل عادي و ليس بتصميم معين كي يتناسب مع كونه دار أيتام ..!
لكن .. هذا أفضل على كل حال ..!
ابتسمت جيني تلك و هي تقول : سوف استدعي الفتيات .. و أحضر القهوة ..!
أومأنا إيجاباً فذهبت حينها ..!
انتبهت لريكايل الذي ابتسم حينها : أنا سعيد لأنهم بخير .. شكراً لك لينك ..!
بادلته تلك الابتسامة : لا تشكرني ..! لقد أحببتهم حقاً و أنا مطمئن الآن بما أنهم مرتاحون هنا ..!
لحظات حتى دخلت جين و معها لورا تركضان : رايل رايل .. أنظر إلى هذا ..!
كانت هذه لورا التي أسرعت و عانقت ريكايل بسعادة ..!
جين أيضاً قفزت إلي فعانقتها لتقول بسعادة : حديقة منزلنا رائعة .. هناك زهور كثيرة و الآنسة جيني لطيفة جداً و تحكي لنا القصص ..!
إنها أشياء بريئة للغاية .. قد لا تكون مميزة .. لكنها جعلت هذه الطفلة تصعد إلى السماء من شدة فرحتها ..!
ابتعدت عني برفق فربت على رأسها : أنا سعيد لأنك فرحة بهذا ..!
لورا أيضاً ابتعدت عن ريكايل و دارت حول نفسها : أنظرا إلى فستاني الجديد .. إنه جميل صحيح ..!
فعلت جين مثلها تماماً : وأنا فستاني جميل ..!
ضحك ريكايل حينها : كلاكما جميلات .. و تلبسان فساتين لطيفة ..!
وافقته حينها بمرح : صحيح .. أنتما تشبهان الأميرات بهذه الملابس ..!
بدت السعادة عليهما حينها وقد توردت وجنتاهما ..!
دخلت ديالا حينها بهدوء و ابتسمت : رايل .. لينك .. مرحباً ..!
للمرة الأولى أسمع أسمي منها .. في الحقيقة جين فقط هي من كانت تكرر أسمي : أهلاً ديالا .. كيف حالك ؟!..
هكذا سأل ريكايل فأجابته بأنها بخير ..!
انتبهت حينها لزينة الشعر التي زينت بها شعرها و قد كانت على شكل فراشة زجاجية باللون الوردي والأسود .. بدت لطيفة للغاية لذا قلت : أن زينة الشعر هذه جميلة جداً ديالا .. تبدين رائعةً بها ..!
ابتسمت بمرح و كأنها كانت تنتظر تعليق أحدنا عليها :صحيح .. لقد اشترته لي ميشيل .. أليس جميلاً ؟!!..
أومأ ريكايل :بلا .. إنه رائع ..!
تفكرت في تلك المسألة .. لقد اشترته ميشيل ..!
هل جذبني لهذا السبب يا ترى ؟!!..
أيعقل ؟!!..
لا لينك .. كف عن تخيل نفسك أميراً في قصة خيالية ..!
إنه جميل بالفعل لذا جذبني ..!
انتبهت حينها لرينا التي دخلت و هي تسير بملل و النعاس قد غلبها .. تقدمت ناحية إحدى الأرائك و استلقت عليها و غفت دون أي تعليق ..!
نظرت إلى لورا : لما هي نعسانة ؟!!.. ألم تنم الليلة الماضية ؟!!..
ببساطة قالت : لأنها انتظرت الجميع حتى يناموا ثم ذهبت لتشاهد التلفاز .. و قد عثرت عليها الآنسة جيني صباحاً ..!
عدت أنظر لتلك المستلقية على الأريكة .. ابتسمت حين تذكرت أنه في الملجأ السابق لم يكن هناك شاشة تلفاز .. لذا هي بالتأكيد فرحة بالشاشة الجديدة ..!
إن طموحات الأطفال محدودة للغاية ..!
لحظتها دخلت الآنسة جيني و وضعت الصينية على الطاولة و فوقها فناجين و إبريق القهوة ..!
التفت حينها إلى رينا و تنهدت بتعب ..!
سكبت لنا كوبين من القهوة و هي تقول : لا أعلم كيف تسللت دون أن أنتبه لها ..!
تقدمت ناحية الطفلة و هي تقول : رينا .. هيا استيقظي ..!
بضجر قالت دون أن تفتح عينيها : اتركيني أنام آنسة جوليا ..!
جثت قرب الأريكة وهي تقول : لست الآنسة جوليا أصلاً !!.. حسناً .. سأدعك تنامين ساعة واحدة فقط .. حتى لا تسهرِ في الليل ..!
لم ترد عليها فقد استغرقت في النوم .. لذا حملتها بين يدها و هي تقول لنا : سأصعد بها إلى الغرفة .. اعتبراه منزلكما ..!
خرجت حينها فأمسكت جين بيدي : لينك يجب أن تأتي لترى الأزهار في الخارج ..!
أومأت لها إيجاباً بابتسامة و وقفت و خرجت من الغرفة معها .. اتجهنا إلى الردهة الواسعة و هناك كان باب زجاجي كبير تخرج من خلاله إلى شرفة خشبية متوسطة و جميلة .. ثم تنزل ثلاث درجات خشبية إلى الحديقة الخلفية المتصلة مع الحديقة الجانبية ..!
كان هناك بعض الطوب على الأرض متصل على شكل دائرة كبيرة في المنتصف والذي يحيط بتلك الزهور الكثيرة و المختلفة الأوان ..!
تقدمت جين و جلست القرفصاء أمام تلك الزهور و بقيت تحدق بها باندماج : أترى ؟!.. أن ألوانها جميلة ..!
جلست جاثياً على إحدى ركبتي بجانبها و أنا أقول بابتسامة هادئة : أتعلمين ما أسم هذه الزهور ؟!!..
نظرت إلي لحظتها بحيرة : لا ..!
- أسمها أزهار الأراولا .. أليست جميلة ..!
- أورلا ؟!!.
ضحكت بخفة عليه فهي لم تستطع نطقها : لا.. الأراولا ..!
- اسمها صعب ..!
- أنها تسمى الزهور الذهبية أيضاً ..!
- حتى هذا صعب ..!
لم استطع أن أكتم ضحكتي عليها .. أنها تستصعب حتى الأمور البسيطة .. لكن حينها طرأ على بالي فكرة : ما رأيك أن نختار لها أسماً آخر ؟!!..
بدت عليها السعادة وهي تقول : حسناً ..!
أخذنا نفكر للحظات .. شيء ملون و كثير العدد و جميل و يحبه الأطفال ..!
هناك الكثير لكن ما الأنسب يا ترى ..!
صرخت لحظتها : سنسميها .. زهور قوس المطر ..!
ابتسمت حينها و ربت على رأسها : أسم جميل .. زهور قوس المطر ..!
- حقاً ؟!!..
- بالتأكيد ..!
- هل تحب هذه الزهور يا لينك ؟!..
- نعم .. و أمي تحبها أيضاً ..!
- أنت لديك أم ؟!!..
اختفت ابتسامتي حينها .. كانت ملامحها تدل على التساؤل .. عيناها كانتا تلمعان و هي تنتظر إجابتي التي نطقتها قبل أن تنطق سؤالها ..!
لم أعلم ماذا أقول ؟!.. هذه الطفلة لم تعرف أماً من قبل ..!
حينها .. أخذت نفساً و ابتسمت لها ابتسامة حانية : نعم .. و هي لطيفة جداً ..!
- أنا أريد أماً أيضاً ..!
بدا عليها الاستياء الطفولي في تلك اللحظة و كأنها تطلب دمية مثل التي مع أختها ..!
لكنني حينها لم أجد غير أن قلت : يمكنك أن تعتبر الآنسة جيني بمثابة أمك .. أليس أماً لطيفة ؟!!..
بدت عليها السعادة : بلا .. إنها لطيفة جداً .. والآنسة جينا كذلك ..!
- يمكنكم أن تشكلوا أسرة سويةً مع باقي الأطفال .. و تكونوا جميعاً أخوة ..!
- و أنت .. أتكون أخانا ؟!!..
- نعم .. أنا و رايل كذلك أيضاً ..!
أخذت تضحك بسعادة و وقفت ثم أخذت تدور حول نفسها : لينك هو أخي الكبير .. و رايل أخي أيضاً ..!
لم أعتقد يوماً أن هناك طفلاً سيحبني .. فأنا لم أكن ابتسم في وجوه الأطفال حتى ..!
لينك .. أي شخص أنت الآن ؟!!..
هل أنت ذات وريث مارسنلي المتكبر المغرور و المتسلط على كل من حوله ..!
أشعر بأني شخص آخر تماماً .. و كأن أحدهم قد صفعني حتى أنتبه لكل ما حولي ..!
تلك الصفعة .. كانت من ميشيل ..!
أول شخص تجرأ على معارضتي .. تلك الفتاة .. شيء لم ألتقي مثله في حياتي !!..
.............................................
ستووووووووب نوقف هنا ^^

ما تلاحظون أن بارتاتي الأخيرة صايرة أطول من العادة ؟!.. ^^<< برااااااا ..!
عموماً أنا كريمة و أنتم تستاهلون ^^ << يا عيني ع الثقه !!..

المهم .. البارت كان هادي نوعاً ما لكنه يحمل معلومات كثيرة بتمتد معنا على طول الرواية ..!

أقدر أقول أنه ابتداء من البارت السابق و هالبارت بيدنا فصل جديد من روايتنا << رغم اني ما أحب سالفة الفصول و ما اعتمدها ..!

ما راح اطول عليكم كلام .. بعطيكم الهووم وورك ..!

متى سيكون اللقاء المنتظر مع
ميراي ستيوارت ؟!!.. و كيف سيكون ؟!!..

ريكايل أيضاً صار عضواً في رحلة لندن بعد أسبوع .. ما ردة فعل ماثيو و دايمن حين يريانه برفقة لينك ؟!!..

جين و باقي أطفال الملجأ لازالوا بخير .. لكن هل سيدوم ذلك للأبد ؟!!..

إيان كان جامح .. و نيكول طالبة مجتهدة .. أي قصة ربطت هذين الأثنين ؟!!..

في النهاية .. رأيكم بالبارت ؟!!.. و بالأحداث جتى الآن ..!


* ملاحظة : لو فيه أجد منكم ما استوعب معنى كلمة جامح فهي الكلمة التي تطلق على فتية الشوارع الذين يقودون العصابات الصغيرة و يتشاجرون مع عصابات أخرى بدون سبب بل فقط لإظهار القوة .. و هي ظاهرة منتشرة في المدارس الثانوية و في الأعدادية أيضاً ..!

في حفظ الله }


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 06:30 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


part 18


بعد أن صارت الساعة هي الثالثة عدت إلى المنزل مع ريكايل .. لقد كان البقاء مع الأطفال خلال الساعتين الماضيتين أمر نادر الحدوث في حياتي .. لكنه كان شيئاً جميلاً أيضاً ..!
أوقفت السيارة في المربض و قبل أن أنزل التفت إلى رايل : أين شهادة ميلادك ؟!!..
فتح درجاً أمامه في السيارة و أخرج ظرفاً كبيراً : هنا .. مع استمارة دخول الملجأ .. لكن لما تسأل فجأة ؟!!..
ابتسمت بمكر : لنرى من الأكبر ..!
بغرور قال : أخبرتك مسبقاً أني أخوك الكبير ..!
نزلت من السيارة حينها و أنا أقول : سنرى الآن ..!
نزل و لم يعلق فدخلنا القصر سوية .. فوراً كانت جيسكا أمامنا : أهلاً بعودتك سيدي ..!
ببرود قلت : أين أمي ؟!!..
بذات جمودها : لديها أعمال في مكتبها مع أدريان .. أعتقد أنها منهمكة للغاية ..!
مع أدريان إذاً .. أكره هذا !!..
كانت تشير بجملتها الأخيرة إلى أنه ( لا تزعجها ) بشكل غير مباشر ..!
لذا بهدوء سرت ناحية المصعد و ريكايل خلفي .. ركبنا المصعد و صعدنا إلى الدور الثالث ..!
بعد أن نزلنا اتجهنا فوراً لغرفتي .. أسرعت ناحية الغرفة الداخلية : سأحضر شهادة ميلادي ..!
فوراً سرت ناحية الخزانة الصغيرة بالقرب من السرير .. فتحت الدرج و أخرج الظرف الذي يحتوي على أوراقي .. نثرتها على السرير و بحثت بين تلك الأوراق عن شهادتي الأصلية و بعد لحظات عثرت عليها ..!
نظرت إلى تاريخ الولادة .. الساعة التاسعة و خمس و عشرون دقيقة صباحاً ..!
خرجت إلى الجناح لأجد ريكايل يجلس على طرف الأريكة المقابلة للتلفاز ينظر لشهادته ..!
جلست على أريكة منفصلة قربه : كم كانت الساعة ؟!!..
- التاسعة .. و أنت ؟!!..
- مثلك تماماً .. ماذا عن الدقائق ؟!!..
- أنت أولاً .. رغم أني واثق أني أكبر منك ..!
هذا ما قاله بابتسامة واثقة .. لذا قلت ببساطة : سنتبادل الشهادات .. و نرى ..!
أومأ موافقاً .. و بسرعة مددت إليه شهادتي فأخذها و أسرعت أنا لأنظر لشهادته ..!
الساعة كانت .. التاسعة و ثمان و عشرون دقيقة ..!
هذا يعني .. أني الأكبر ..!
نظرت إليه بابتسامة انتصار : ما رأيك يا أخي الصغير ؟!..
بدت عليه نظرت ضجرة و حينها أوشح بوجهه : ثلاث دقائق لا تشكل فرقاً ..!
وقفت حينها ثم جلست بجانبه على الجهة الأخرى و ربت على رأسه و أنا أحرك شعره كما يفعل الكبار مع الأطفال : لكني أبقى أخاك الكبير لذا عليك احترامي يا عزيزي ..!
تنهد بتعب حينها : اعتقد أن عقلي أكبر من عقلك !!..
قطبت حاجبي حينها متصنعاً الاستياء : أهكذا تخاطب أخاك الكبير ؟!!..
لم يعلق بل بدا أن الوضع لم يعجبه .. اعتقد أنه معتاد على مهمة الأخ الأكبر لأطفال الميتم و لميشيل .. حتى جوليا التي تكبره ..!
تذكرت حينها شيئاً : صحيح .. أحتاج صورة شخصية لك ..!
التفت إلي مستغرباً : لما ؟!!..
ابتسمت حينها بمرح : من أجل جواز السفر ..!
بملل قال : لا أملك شيئاً كهذا ..!
وقفت حينها و أنا أقول : لا بأس فهذا لا يشكل مشكلة .. سنذهب في المساء لأحد الاستديوهات و نلتقط لك واحدة ..! و الآن أشعر بالنعاس .. و سأذهب لأخذ غفوة ..!
وقف هو حينها : أما أنا فسأذهب لزيارة الخالة آنا ..!
- أوصل سلامي إليها ..!
- حاضر ..!
سار هو خارج الغرفة بعد أن حمل الظرف الذي يحوي شهادته و استمارة الملجأ ..!
بينما وقفت أنا متجهاً إلى غرفتي ..!
بدلت ملابسي و استلقيت على السرير .. و قبل أن أغمض عيني انتبهت لهاتفي الذي كان يرن ..!
مددت يدي كي أدخل أصابعي بين خصلات شعري الشقراء و أنا أقول بتعب : من هذا الآن ؟!!..
أخذت الهاتف الذي كان على الخزانة بجانب السرير .. فور أن نظرت إلى أسم المتصل حتى استقمت جالساً و أجبت : أهلاً ..!
جاءني صوتها الهادئ : مرحباً لينك .. كيف حالك ؟!!..
ابتسمت حينها : بخير .. ماذا عنك ؟!..
- بخير أيضاً ..!
- ما به صوتك ؟!!.. أأنت واثقة أنك بخير ؟!!..
- حسناً .. إني مرهقة قليلاً ..!
- انتبهي لصحتك ليندا .. ليس من أجلك فقط بل من أجل الطفل أيضاً ..!
صمتت للحظات .. مما جعلني استغرب : ليندا .. ما الأمر ؟!!..
بدت نبرتها مستنكرة : منذ متى و أنت مهتم بالطفل ؟!!..
توترت لحظتها .. لكني حينها قلت بمرح : بما أنه أبنك يا عزيزتي فبالتأكيد سأهتم لأمره ..!
واضح أنها لم تصدقني : أه هكذا إذاً .. لا بأس ..! حسناً كيف حال خالتي ؟!!.. لم أتحدث إليها منذ زمن ..!
بهدوء قلت : كالعادة .. غارقة داخل أعمال الشركة ..!
بنبرة هادئة قالت : أني حقاً أحيّها على جهودها ..!
ابتسمت حينها .. إنها محقة فرغم أن والدتي رقيقة للغاية إلا أنها تجيد إدارة الأمور ..!
ترددت قبل أن اسأل : كيف حال روبرت معك ؟!!..
- حسناً .. هناك بعض التغيرات ..!
- حقاً .. ماذا ؟!..
- يبدو أنه متحمس لاستقبال الطفل بطريقة ما ..!
- ممتاز .. تقدم ملحوظ ..!
سمعت صوت تنهيدتها المتعبة : أرجوا أن هذا سوف يغيره ..!
حاولت تشجيعها : أعتقد أن وجود طفل سوف يحرك مشاعره .. تفاءلي ليندا ..!
بدا لي أنها ابتسمت فنبرتها كانت مرتاحة : شكراً لك لينك .. أتمنى أن يكون ما تقوله صحيحاً ..!
تحدثنا بعدها سوية بأمور مختلفة .. أخبرتني بأنها ستلد في كندا فالآن لم يعد يُسمح لها بركوب الطائرة ..!
لكنها فاجأتني حين سألت : صحيح .. ما أخبار ريكايل الوسيم ؟!!..
لم أتوقع أن تسأل عنه .. لكني تذكرت حينها بأنها استلطفته ذلك اليوم : إنه بخير .. و هو لا يزال يعمل عندي ..!
بنبرة شك : أرجوا أنك لا تعامله بشكل سيء أيها الشيطان ..!
لن تمل من وصفي بذلك اللقب .. لكني حينها ابتسمت بهدوء : اطمئني ..أنا أعامله جيداً ..!
بانت نبرتها الحالمة حينها : بالتأكيد يجب أن أسمي طفلي ريكايل ..!
تظاهرت بالغيرة حينها : أرجوا أن يكون فتاة إذاً ..!
لحظتها قال : هيه لينك .. ماذا تريد أن يكون الاسم لو كانت فتاة ؟!!..
أخذت لحظات أفكر و بلا شعور قلت : نيكول ..!
بدا عليها الاستغراب : نيكول ؟!!..
أسرعت حينها لأقول : لا ..! أعتقد أن أسم لورينا جميل ..!
بشك قالت : و ما قصة نيكول فجأة ؟!!..
أخفيت توتري و أنا أقول : التقيت منذ يومين بشابة جميلة .. و قد سمعت صديقتها تناديها بنيكول ..!
- حقاً ؟!.. لهذا أعجبك الاسم ؟!!..
- ليس كذلك ..! لكن بما أنك سوف تسمينه ريكايل كي يصبح وسيماً .. يمكنك أن تسمي نيكول لتكون جميلة ..!
- حسناً .. وجهة نظر جيدة .. رغم أنه اسم تقليدي ..!
- لكن من الأفضل أن يكون لورينا ..!
- لا بأس ..! و الآن عزيزي إلى اللقاء .. لدي موعد في المشفى بعد قليل ..!
- إن كان هذا فكما تريدين .. وداعاً ..!
أغلقت الخط بعد مكالمتي من ليندا .. شعرت بالسعادة من أجلها فيبدو أن روبرت رجل الثلج المتجمد كما يدعوه دايمن قد بدأ يحن عليها ..!
رغم أن زوجها به كان بعد قصة حب طويلة لهما حين كانا في جامعة الآداب سوية .. لكن يبدو أن روبرت من النوع الذي لا يحب أظهار مشاعره أمام العلن ..!
على عكس ليندا الفتاة العاطفية الاجتماعية ..!
رميت بجسدي مجدداً على الفراش .. تركت هاتفي على الخزانة الصغيرة و سحبت الغطاء المخملي و أغمضت عيني ..!
لما قلت نيكول ؟!!..
عموماً أنا لم أكذب فأنا حين رأيت صورة نيكول جزمت بأنها جميلة و إن لم تكن صورة واضحة ..!
لكن .. لما تزوجت نيكول الفتاة اللطيفة من إيان أكبر جامح في الحي ؟!!..
هل كان أبي جامحاً بالفعل ؟!..
أشعر بأن الغموض يلتف حوله تماماً .. من تلك الصورة بدا لي شخصاً مجهولاً !!..
أعتقد أن الجميع كان يتحاشاه .. هل أثر ذلك عليه يا ترى ؟!..
هل تزوجا عن حب ؟!.. أم أن هناك شيئاً آخر ؟!..
لا أعتقد أن إيان كان شخصاً سيئاً فالمدير قال أنه كان لطيفاً ..!
كما قال الطفل ابن صاحبة المشتل على لسان ميراي ستيوارت بأن أصحاب المنزل كانا لطيفين معها و أن زفافهما كان أسعد يوم في حياتها ..!
لا شك أنهما تزوجا عن حب ..!
لكن لما بتلك السن الصغيرة ؟!!..
لقد عادت الأسئلة لتغزوا دماغي !!.. و هذه المرة لن يوقفها إلا لقائي بميراي ستيوارت التي لا أعلم حتى الآن أي نوع من الناس هي ؟!!..
لقت تعبت اليوم بعد تلك المشاوير .. و علي أن أتدبر أمر جواز ريكايل الليلة و كذلك أن أحجز له على ذات الطائرة ..!
رغم أن ماثيو هو المسؤول عن التذاكر .. لكن يستحيل أن اخبره بأمر ريكايل ..!
لذا سأسأله عن موعد الطائرة فقط ..!
.................................................. ...
حل المساء .. و عند الساعة الثامنة ذهبت مع ريكايل إلى الاستديو لالتقاط صورة مناسبة لجواز سفره .. كما ذهبنا إلى إدارة الجوازات و أتممنا بقية الأوراق .. و حسب كلام الموظف سوف نستلمه مطلع الأسبوع القادم ..!
صارت الساعة هي العاشرة .. لذا عدنا للقصر ..!
لم يبدو ريكايل سعيداً أثناء عمل إجراءات جواز السفر .. لكنه لم يعلق ..!
على العموم .. أرجوا أن يتغير رأيه حين يرى لندن ..!
بينما كنت أسير و إياه في الردهة انتبهت لأدريان الذي خرج من الممر المؤدي لمكتب صاحبة القصر ..!
تقدم ناحيتنا و حنى رأسه باحترام : طاب مساؤك سيدي ..!
ببرود أجبته : طاب مساؤك .. هل والدتي في المكتب ؟!!..
أومأ إيجاباً : صحيح .. و قد أرسلتني لتوقيع صفقة مع إحدى الشركات .. أستأذنك الآن ..!
تجاوزني بعدها .. لكني لاحظت بأنه رمى نظرة غير مبشرة بخير تجاه ريكايل ..!
فورما ابتعد سألت : ماذا فعلت له ؟!!..
هز كتفيه بملل : لا أعلم .. منذ اليوم الأول وهو هكذا ..! إنه لا يطيقني ..!
قلت بعدم اهتمام و أنا أسير ناحية المكتب : دعك منه الآن .. لا تهتم لأمره ..!
تبعني حينها .. فهو لم يلقي التحية على والدتي اليوم ..!
وصلنا إلى المكتب فطرقت الباب .. سمعت أذنها بالدخول ..!
فتحته و أنا أقول : حان وقت العشاء و الراحة من العمل .. ألم تتعبِ ؟!..
ابتسمت حين رأتني و تركت الحاسوب الذي كانت تعمل عليه : أهلاً عزيزي .. دقائق و أنتهي ..!
نظرت أمي حينها لرايل الذي حنى رأسه باحترام : طاب مساؤك سيدتي ..!
بذات ابتسامتها اللطيفة : طاب مساؤك ريكايل..! جلست على المقعد الموضوع أمام المكتب الذي جلست خلفه : ما قصة الصفقة التي سيعقدها أدريان ..!
- آه ألم أخبرك ؟!!..
- لا ..!
- حسناً .. منذ شهر تقريباً عقدنا صفقة مع آل دايفيرو ..!
- حقاً .. لم أعلم بهذا !!..
آل دايفيرو ذاتهم أصحاب الملجأ السابقون .. و كذلك هم أسرة روزاليندا ..!
بابتسامة تابعت كلامها : لقد قررنا إقامة مشروع مشترك بيننا .. و هو عبارة عن منتجع ضخم سنقيمه خارج باريس في الريف الفرنسي ..! إن نجح المشروع سوف نحقق أرباحاً طائلة ..!
ابتسمت حينها لها : جيد .. لكن ما قصة صفقة اليوم ؟!..
- هناك شركة صغيرة تعمل في مجال بناء مدن الألعاب .. و قد استأجرت مساحة كبيرة من المشروع كي تبني أكبر مدينة ألعاب لها ..! لذا ذهب أدريان لعقد الصفقة معهم ..!
- و لما لم تذهبِ أنتي ؟!..
- أدريان يستطيع تدبر الأمر وحدة ..! لقد دفعت تلك الشركة مبلغاً ضخماً لنا و استأجرت المكان لعشر سنوات مع توقيع عقد للموافقة على عشر سنوات أخرى إن ربحت ..! إنها صفقة ممتازة ..!
فهمت الآن .. هذا يعني أن كثير من المال وضع في هذا المشروع : لكن أمي .. من سيتولى إدارة كل شيء ؟!!..
بمرح قالت : أنا ..! لقد دفع آل دايفيرو مبلغاً ضخماً .. و يجب علي أن أهتم بالباقي مع مبلغ أقل من مبلغهم ..! إضافةً إلى مال شركة مدن الألعاب ..!
بتوتر قلت : أمي .. ألا تخشين أن يفشل المشروع ؟!..
أومأت سلباً : إطلاقاً .. لأنه إن تمت الأمور على خير فسنكون نحن الرابحين ..!
- لكنك لم تحاولِ من قبل إدارة مشروع ضخم كهذا غير أنك مشتركة فيه مع شركة أخرى ..!
- لا تقلق لينك .. أنا واثقة بأن الأمور ستكون بخير ..! كما أنك ستتولى أمره حين تتخرج من الجامعة ..!
تنهدت حينها : لا أشعر بالاطمئنان ..!
ابتسمت بهدوء : اطمئن .. فأنا أشعر بأن هذا المنتجع سيحقق نجاحاً باهراً خاصة أنه قريب من باريس أحدى أبرز مدن السياحة ..! شركة دايفيرو أشهر شركة سياحية في فرنسا .. و فنادقنا هي الأفضل .. هكذا سيكون أفضل مكان في فرنسا بأسرها ..!
بسخرية قلت : غريب أنك لم تطلبي مني الزواج بوريثة دايفيرو كي تقوي العلاقة معهم ..!
قطبت حاجبيها : ربما سأفعل لو كانت وريثتهم هي ليديا ..!
باستغراب قلت : إذاً أنت معجبة بليديا لشخصها لا لمكانتها الاجتماعية ..!
بهدوء قالت : أنها تعجبني لكلا الحالتين ..!
- و ما مشكلة وريثة دايفيرو إذاً .. ألا تعجبك ؟!..
- روزاليندا ؟!!.. لا .. إنها مغرورة للغاية ..! صحيح أنها جميلة لكنها أيضاً تحب أن تملك كل شيء ..!
- أووه .. لم أعلم أنك تعرفين كل هذا عن روز ..!
- على العموم .. لست مضطراً لتقوية العلاقة مع دايفيرو بخبطة أبنتهم .. يكفي أنها رئيسة مجلس الطلبة في مدرستك ..!
ابتسمت بهدوء فالواضح أن أمي تمقت روز كثيراً ..!
وقفت أمي حينها و هي تقول : حسناً .. أعتقد أن موعد العشاء حان ..!
تذكرت لحظتها شيئاً لذا تصنعت الاستياء و أقول : أمي .. جيسكا وصيفتك الخاصة صحيح ؟!..
نظرت إلي باستغراب : بلا .. لكن ما الأمر فجأة ؟!..
بذات النبرة قلت : و ريكايل خادمي الخاص أليس كذلك ؟!..
نظرت إلى رايل الذي وجه نظرة استنكار ناحيتي .. بينما أومأت أمي إيجاباً : هو كذلك .. و بعد ؟!..
ابتسمت بمكر حينها : لما جيسكا تجلس معنا على الطعام و ريكايل لا ؟!!..
بدت الدهشة على أمي بينما أسرع ريكايل ليقول بتوتر واضح كأنه نبرة اعتراض : سيدي .. لا يحق لي ذلك !!.. أقصد ..! سيدتي أنسي ما قاله !!..
بدا عليه الارتباك ..!
أما أمي فما زالت الدهشة تغطي وجهها مما جعلني أشعر أني قلت الشيء الخطأ ..!
لكن ملامحها تحولت للسعادة و هي تقول : بالتأكيد يجب أن يجلس معنا منذ اليوم فصاعداً ..! أني مندهشة من طلبك لينك لكني مسرورة كذلك فهذا يعني أنك أصلحت علاقتك مع ريكايل ..!
حنى رايل رأسه حينها و بذات توتره : سيدتي أرجوك .. أنا لا يمكنني أن أفعل ذلك ..! إنه ليس مكاني ..!
علمت والدتي أنه سيرفض إن حاولت إقناعه .. لذا قالت بنبرة واثقة : ريكايل .. منذ اليوم فصاعداً أنت واحد منا مثل جيسكا تماماً ..! هذا أمر ..!
رفع رأسه مصدوماً : لكن سيدتي !!..
نظرت إليه بخبث : لقد أصدرت السيدة مارسنلي أوامرها يا ريكايل ..!
ألقى علي بنظرة غاضبة متوعدة .. بينما تجاهلت نظرته تلك و قلت لأمي : آه صحيح .. شيء آخر ..! من الصعب على ريكايل أن يأتي يومياً إلى هنا في الصباح و يغادر في الليل .. لذا أفضل أن يكون له غرفة في القصر ..!
ازدادت سعادة والدتي حينها : بالتأكيد يا بني ..! سوف أطلب من جيسكا أن تجهز له أفضل غرفة في الدور الثاني ..! ما رأيك ريكايل ؟!!..
بان الإحراج على ملامحه لكنه يعلم أن الرفض مستحيل .. لذا حنى رأسه باحترام : أشكرك على كرمك و عطفك سيدة مارسنلي ..!
لكنها حينها قالت بمرح : سيدة إلينا ..!
ازداد إحراجه حينها و بتلك قال : سـ .. سيدة .. إلينا ..!
ابتسمت حينها .. فأنا لم أفعل هذا إلا كي أحاول أن أقرب ريكايل من والدتي من أجل أن يوافق على معرفتها بأنه أخي التوأم ..!
.................................................. .........
على الطاولة العشاء .. جلست في مكاني و أمي في مكانها مقابلين لبعض على رأسيّ الطاولة ..!
بينما كانت جيسكا على يسار والدتي و ريكايل على يساري ..!
كانت المائدة عامرة بالعديد من الأصناف .. و الجميع قد بدأ بتناول الطعام بصمت كما هي عادات النبلاء ..!
و بعد أن شرعنا في تناول العشاء فتح أحدهم باب الغرفة : عذراً ..!
التففت برأسي حيث أن الباب خلفي لأرى أدريان قد دخل إلى الغرفة يحمل ظرفاً بني اللون ..!
انتبه هو حينها لريكايل الذي يجلس بجانبي رفع أحد حاجبيه باستغراب : شيء نادر الحدوث ..!
قالها بصوت منخفض إلا أني تمكنت من سماعة ..!
عندها قالت والدتي بهدوء : ما الأمر أدريان ؟!..
وجه نظره إلى والدتي و قال باحترام : أعتذر على مقاطعة وجبتك سيدتي .. لكني أردت توقيعك على هذه الأوراق بسرعة كي أعود بها الآن لصاحب شركة مدن الألعاب ..!
بدا عليها الاستغراب : لكني أعطيتك أحقية التوقيع عوضاً عني ..!
بذات نبرته : سمحوا لي أن أوقع البعض .. لكن البعض الآخر يتطلب توقيعك شخصياً ..!
تنهدت حينها : هات الأوراق إذاً ..!
أومأ إيجاباً و سار ناحيتها لكني وقفت حينها و أنا أقول باستياء : أن أمي تتناول طعامها الآن يا أدريان .. عليك أن تنتظر حتى تنتهي ..!
ببرود قال : عذراً سيدي .. لكن الأمر مستعجل ..!
أغاظني ذلك بشدة : حتى و إن كان .. يمكنك أن تنتظر بعض الوقت ..!
تدخلت أمي حينها لتقول بهدوء : لينك .. لا بأس يا بني ..!
نظرت إليها باستياء : أمي هل ستتفقدين أوراقاً و تقارير حتى أثناء تناول طعامك ؟!!.. يجب عليك أن تأخذِ قسطاً من الراحة ..!
وقفت حينها و هي تقول : لقد شبعت على أي حال ..!
شددت على قبضتي محاولاً السيطرة على أعصابي : لقد جلسنا منذ لحظات فقط و أنتي لم تأكلِ شيئاً بعد ..! ليس للأعمال أجنحة لذا ثقي أنها لن تطير ..!
ابتسمت حينها لي : لقد أكلت ما يكفيني ..!
يستحيل أن تغير رأيها .. سحقاً لهذه الأعمال التي لا تنتهي ..!
ذلك ما جعلني أغضب و أقول بصوت مرتفع : إذاً .. فأنا شبعت أيضاً ..!
ألقيت بنظرة غضب على أدريان و سرت خارج الغرفة و ريكايل خلفي مباشرةً ..!
اتجهت للمصعد و ركبت و هو معي ..!
وفور أن أغلق باب .. ضربت بقبضتي الجدار و أنا أقول بغضب : ذلك الأدريان الحقير .. أكرهه !!!..
صرخت بكلمتي الأخيرة فربت رايل على كتفي : أهدأ الآن .. ليس من الجيد أن تتصرف هكذا اتجاه السيدة ..! لا شك أنها تشعر بالذنب الآن لأنك تركت المكان و أنت غاضب ..!
التفتت إليه حينها : كله بسبب أدريان .. كم أكره هذا الرجل !!!..ألم يكن بمقدوره أن ينتظر بضع دقائق حتى تنهي عشاءها !!..
- أعلم بأنه أخطأ بهذا .. لكنك أيضاً مخطئ بتصرفك الأخير ..!
تنهدت حينها بحنق و لم أعلق على الموضوع ..!
رغم ذلك .. تمنيت لو أستطيع طرد ذلك الأدريان البغيض من هنا ..!
لكن المشكلة العظمى .. أن والدتي تثق به و تستشيره في كل شيء ..!
حتى في أموري أنا !!..
ربما لو كان أبي جاستن هنا .. لكان ذلك الأدريان قد فارقنا منذ زمن !!..
.................................................. .... كنت أسمع صوت أحدهم يوقظني : لينك .. هيا يكفيك نوماً ..!
فتحت عيني حينها .. و فوراً رأيته ينظر إلي بهدوء : كم الساعة ؟!!..
أجابني وهو يقف بعد أن كان يجلس على حافة السرير : إنها السادسة .. عليك أن تسرع و إلا تأخرت عن المدرسة ..!
جلست حينها و أنا أقول : لن أذهب اليوم ..!
قطب حاجبيه مستغرباً : لما ؟!.. هل أنت مريض ؟!!..
أومأت سلباً : لا .. لكن لم نعد ندرس .. و لم يبقى سوى امتحانين الأسبوع القادم ..!لذا لا داعي لذهابي ..!
- إذاً لما يذهب أغلب الطلاب ؟!!..
- كل الذين يذهبون إلى مدرسة مارسنلي اليوم مشتركون في النوادي ..! و النوادي تبقى مفتوحة إلى آخر يوم ..!
جلس مجدداً على حافة السرير : ألست مشتركاً بأي نادي ؟!!..
- لا .. لست متفرغاً لها ..!
- ألا تناسبك ؟!..
- إنها كثيرة و هناك الكثير منها يناسبني .. لكني لست متحمساً لها ..! هناك نوادي للرياضة كالسلة و الرماية و غيرها .. و هناك نوادي أخرى كالبالية و الموسيقى و الرسم و تنسيق الزهور ..! كما هناك نوادي اجتماعية كنادي الشاي ..! و أيضاً ثقافية كالنوادي الأدبية ..! و غيرها الكثير ..!
- حسناً .. أظن أن الأمر ممتع ..!
- إنه مضيعة للوقت فقط ..!
تنهد حينها بتعب : عموماً .. لقد غادرت السيدة للشركة مبكراً اليوم ..! تذكر أن تعتذر منها فيما بعد على ما حدث بالأمس ..!
لم أرد عليه بل تجاهلت الأمر ..!
نزلت من على السرير و أنا أقول : كيف كانت ليليتك بالأمس ؟!.. هل نمت جيداً ؟!!..
أومأ إيجاباً بهدوء : حسناً .. الغرفة كبيرة و فخمة ..! لم أعتد النوم على فراش وثير و تحت غطاء ناعم ..! لذا كنت متوتراً نوعاً ما لكنني نمت جيداً ..!
ابتسمت حينها : المهم أنها أعجبتك ..!
بادلني الابتسامة وهو يقف : بالطبع .. هيا الآن بدل ملابسك .. سوف أجهز الإفطار ..!
فكرت حينها للحظات : لا تعد الإفطار .. أطلب من الطاهي بأن يعد إفطاراً جيداً و يضعه في الحديقة .. تعلم أننا لم نتناول طعام العشاء بسبب ذلك الأدريان ..!
- كما تشاء .. سأذهب لأخبره بذلك ..! و أنت أنهي أمورك و أتبعني ..!
خرج بعدها من الغرفة فحملت أنا المنشفة و اتجهت لدورة المياه ..!
أخذت حماماً دافئاً كي استعيد نشاطي ..!
و بعدها خرجت و ارتديت بنطال جينز أسود مع كنزة قطنية بلون السماء .. و فوقها سترة رمادية ..!
الأجواء صارت باردة خاصة في الصباح الباكر و في الليل .. لكننا لازلنا في الخريف لذا لا أظن أن الثلج سيتساقط قريباً ..!
خرجت من جناحي و نزلت الدرج عوضاً عن المصعد هذه المرة ..!
التقيت في طريقي ببعض الخدم .. كانوا يلقون تحية الصباح باحترام بالغ مضيفين إليها " سيد مارسنلي " ..!
لكني حينها كنت أبتسم لهم و أطلب منهم مناداتي بـ " سيد لينك " عوضاً عن الأولى ..!
كانت ملامحهم تدل على الصدمة من هذا حتى أني أظن أنهم يحسبونني مجنوناً بالتأكيد هذا الصباح ..!
لكني قررت أن أتغير منذ الآن .. و أعود لشخصيتي الحقيقية اللطيفة عوضاً عن شخصية الشيطان و الفتى المهزوز اللتان سببتا لي التناقض طوال السنين الماضية ..!
الآن .. حالتي النفسية أفضل بكثير .. و أرجوا أن لا يحدث شيء يغير صفوا حياتي هذه ..!
وصلت إلى الحديقة حينها و سرت إلى حيث تلك الطاولة تحت تلك القبة الصخرية التي رفعتها تلك الأعمدة و تدلت منها بعض النباتات ..!
كان ريكايل يجلس هناك أمام تلك الطاولة التي وضعت عليها بعض الأصناف التي تتناسب مع الإفطار ..!
جلست أمامه حينها : هل تأخرت عليك ؟!..
أومأ سلباً : لا .. ليس كثيراً ..!
نظرت إلى تلك الأصناف .. هناك شطائر بالجبن الفرنسي الفاخر .. و هناك أيضاً قرص البيض المقلي مع الخضار .. بعض الخبز المصنوع على الطريقة الفرنسية .. و كذلك قهوة بالحليب ..!
دائماً لا يكون الإفطار دسماً .. و الأطعمة فيه تكون أقل و أبسط من المعتاد ..!
بدأت تناول الإفطار بينما كان ريكايل يقوم بدور جيسكا في إخباري عن الأصناف كالعادة ..!
لكنني قاطعته حينها : لا داعي لهذا .. ابدأ بتناول طعامك و دع الرسميات جانباً ..!
لكنه بهدوء قال : ما دمنا داخل حدود هذا القصر .. فأنا يجب أن أؤدي دوري كخادمك ..! تذكر أن المنزل مليء بالناس و يمكن لأي شخص أن ينتبه إلينا و يشك بأمرنا ..!
لم أرد عليه بل تابعت تناول الإفطار كما بدأ هو بذلك حين أنها مهمته ..!
لكني بعد فترة قلت بخفوت : هل نذهب لرؤية ميراي ستيوارت ؟!!..
أجابني حينها بذات صوتي دون أن ينظر إلي : أفضل تأجيل ذلك حتى وقت الظهيرة ..!
- و السبب ؟!!..
- قال الحارس بأنها إن كانت قد ذهبت لدولة قريبة فستعود في المساء ..! لا شك أنها ستكون مرهقة بعد الرحلة خاصة أنها تعمل خلالها و ستبقى نائمةً طيلة الصباح ..!
- أخشى أن لديها رحلة أخرى اليوم .. قد لا يسعفنا الوقت ..!
- لا أعتقد .. لكن عموماً لو كان كذلك فلن تكون قبل الظهيرة ..!
- كما تشاء ..!
تابعنا تناول طعامنا بصمت دون أن نقرر عمل شيء هذا الصباح ..!
.................................................. ........
في نهاية الأمر .. قررنا الذهاب لزيارة الخالة آنا .. فنحن لا نريد قضاء الصباح بطوله بلا عمل ..!
الساعة كانت تشير إلى الثامنة .. أوقف رايل السيارة أمام باب المنزل : ها قد وصلنا ..!
قبل أن أفتح الباب انتبهت للشخص الذي خرج من المنزل .. لم أحرك ساكناً بل تجمد الدم في عروقي حين رأيت ميشيل تخرج من باب منزلهم ..!
هذه المرة .. لم تكن بزي المدرسة .. بل كانت ترتدي بنطال جينز أزرق قاتم مع قميص برتقالي طويل الأكمام يصل لمنتصف فخذها و معها حقيبة يد سوداء طويلة السلك و قد رفعت شعرها كذيل حصان بشريط برتقالي عريض فصار يصل لبداية رقبتها ..!
كانت نافذة ريكايل من جهة الباب .. لذا فتحها حين رأى الفتاة تقترب ..!
أمسكت أنا بالقبعة الخلفية لسترتي القطنية و وضعتها على رأسي حينها كي أخفي نفسي كما طأطأت رأسي و التوتر قد تمكن مني ..!
وقفت هي قرب النافذة و هي تقول باستغراب : رايل .. ما هذه السيارة السوداء الفاخرة ؟!..
بدا عليه الاستياء وهو يقول : ألن تقولي صباح الخير على الأقل ..!
تجاهلته هي ونظرت إلي : من هذا ؟!!..
تنهد حينها بتعب : صاحب السيارة وهو صديق لي .. لكنه الآن مريض لذا أنا من يقود ..!
قطبت حاجبيها باستياء : و لما تحضر مريضاً إلى أمي ؟!!.. إنها متعبة و قد ينقل هذا الشخص العدوى لها ..!
- كوني أكثر أدباً يا فتاة !!.. ثم أن كل ما في الأمر أنني أردت المرور بالخالة آنا و إلقاء تحية الصباح عليها قبل أن اخذ صديقي هذا إلى المشفى ..!
- هكذا إذاً ..!
بدا عليها الشك و أردفت : لحظة !!.. ما قصتك هذه الفترة تصاحب الأغنياء ؟!.. في البداية ابن مارسنلي و الآن هذا الشخص ..! ما الذي يحدث معك ؟!!..
ببرود قال : منذ طفولتي و أنا أصاحب الأغنياء ..!
ابتسمت حينها بنوع من السخرية : إن كنت تقصد بيير فعليك أن تتذكر .. لقد كان فقيراً لا يجد ما يأكل حين صاحبته ..! و ما إن صار ثرياً حتى سافر و تركك ..!
كنت مستغرباً من كلامها .. من هذا البيير أيضاً ؟!!.. لم يحدثني ريكايل عنه مطلقاً ..!
لكن أخي قال حينها بذات البرود : من قال لك أن بيير تركني ؟!!.. أنا لا أزال على اتصال معه ..!
تجاهلته مجدداً و قالت بنبرة جادة :عموماً إياك و إدخال هذا المريض عند والدتي ..!
بغضب قال ريكايل : لا أعلم متى سيأتي اليوم الذي أسمعك تتحدثين فيه بذوق و أدب ؟!!.. لا أعلم ما الذي يعجب لينك فيك ..!
قطبت حاجبيها حينها : لا تذكر أسم ذلك الشخص مجدداً ..!
يبدو أنها لا تزال غاضبةً علي !!.. تلك الفتاة تجعلني أتعجب في كل مرة ألقاها ..!
تجاهل ريكايل كلامها هذه المرة و سأل : لما لم تذهبِ للمدرسة ؟!..
- ليس لدي شيء اليوم .. امتحاناتي ستكون الأسبوع القادم ..! أنا ذاهبة الآن لعملي ..! عموماً أمي لم تنم إلا منذ قليل لذا يمكنك العودة في وقت لاحق ..!
- ماذا عن جوليا ؟!!..
- لقد ذهبت للمدرسة ..!
بهدوء قال : إذاً أنا ذاهب الآن ..!
ابتسمت حينها : أتوصلني لمكان عملي ؟!!..
توترت لحظتها .. بسرعة مددت يدي كي أنبه ريكايل إلى أن يرفض لكنه حينها قال : أركبي ..!
فتحت الباب الخلفي و ركبت و هي تقول : مرحباً ..!
لم أرد عليها بل طأطأت رأسي أكثر : عذراً على التطفل .. أنا ميشيل .. و أنت ؟!!..
كم أنت ساذجة يا ميشيل !!..
رغم ذلك وضعتني في موقف حرج فأنا لا أعلم كيف سأتصرف معها ..!
لكن ريكايل أنقذني حين قال : أخبرتك أنه مريض .. لقد اختفى صوته هذا الصباح ..!
حرك السيارة بعدها فلم تعلق هي ..!
بقينا جميعاً صامتين و أنا أشتم ريكايل في سري على فعلته هذه .. أعلم أنه تعمد هذا ..!
رفعت بصري إلى المرآة في الوسط حيث استطعت رؤيتها حينها ..!
كانت تجلس مستندةً إلى الباب و تنظر إلى الشارع من النافذة ..!
بدا الحزن في عينيها و هي شاردة الذهن ..!
في تلك اللحظة .. ظهرت أليس في مخيلتي و أنا أفكر في مدى الشبه الكبير بينهما فرغم أن أليس دائمة الابتسام إلا أن لديها نظرة حزن في عينيها كميشيل الآن تماماً ..!
شعرت بالألم في قلبي لأن شعوري أكد لي أني السبب في حزنها ..!
تذكرت شكلها في ذلك اليوم حين كانت تبكي بشدة وهي تمر من جانبي في ذلك الشارع الضيق ..!
لحظتها لم أشعر بنفسي إلا وقد تمتمت : آسف ..!
انتبه لي كلاهما .. و بدت نظرات الاستغراب عليهما ..!
فكرت للحظة .. ربما تفهم الأمر و تسامحني .. تذكرت كلام ليديا عن مدى حب ميشيل لي ..!
ربما هذه المرة .. سينجح الأمر ..!
لذا .. رفعت يدي و أنزلت القبعة عن رأسي ..!
نظرت إلى المرآة بعيني لأرى ردة فعلها كيف ستكون ؟!..
في البداية .. كانت الصدمة تغطي ملامحها !!..
بقيت تحدق في بعينين متسعتين .. لحظات حتى صارت نظراتها مليئة بالحيرة .. امتلأت الدموع فيها و كادت تفيض ..!
ريكايل كان يراقب الوضع بترقب ..!
أما أنا فقد التفت ناحيتها و أنا أقول بهدوء : ميشيل .. أيمكن أن تسمعيني ؟!!..
لحظتها طأطأت رأسها و قالت بهدوء : أوقف السيارة ..!
لم يستجب لطلبها بينما أسرعت لأقول بتوتر : أرجوك أفهمي ..!
قاطعتني حينها وقد صرخت : ريكايل أوقف هذه السيارة حالاً !!!!!..
أسرع بأن ركنها على جانب الطريق .. فتحت الباب حينها و قد بدأت في البكاء ..!
أسرعت أنا بالنزول أيضاً رغم أن بابي كان من جهة الشارع حيث كادت سيارة تصدمني ..!
لكنني لم أهتم بل أسرعت خلف ميشيل التي ركضت و بالكاد تمكنت من الإمساك بيديها : ميشيل أرجوك .. أني أرجوك !!.. أسمعيني للحظات فقط ..!
التفت ناحيتي و صرخت رغم دموعها : ليس لك كلام معي !!..
حاولت مجدداً معها : صدقني .. أنا لا أكذب هذه المرة !!..أنا لم أكذب من قبل أصلاً ..! أنا أريدك ميشيل .. أريدك وحدك ..!
صمتت للحظات .. حتى بكاءها توقف ..!
طأطأت رأسها فغطت خصلات شعرها البنية عينيها ..!
شعرت لوهلة بأنها سوف تسامحني .. لأني شككت فيها في المرة الأولى في الحفلة .. و لما قلته لليديا عن مسألة نسياني لها ..!
رغم ذلك كان التوتر قد بلغ مبلغه مني .. بقيت أحدق بها متلهفاً لسماع الإجابة ..!
لحظتها .. رفعت رأسها لي .. و قد احتلت عينيها نظرة حقد واضحة و قالت بنبرة مستاءة : ليس كونك وريث مارسنلي يجعلك تحصل على كل ما تريد .. أنا لست ملكاً لك .. و لست ملكاً لأحد !!..
كنت مصدوماً من عبارتها تلك .. لهذا الحد تكرهني ؟!!..
هل لأني قلت بأني أريدها ؟!!..
لما لا تفهم ؟!!..
لما تصر على فهم الأمر الخطأ دائماً ؟!!..
حاولت ضبط أعصابي و قلت بهدوء : أنا لم أقصد أني أريدك أن تكوني ملكي ..! أنا أريدك لأني أحبك ..! و أنا صادق فيما أقول ..!
بذات نظرة الحقد قالت : هلا تركتني و شأني الآن ؟!!.. لما تصر على مضايقتي رغم كل الفتيات اللاتي يحطن بك ؟!!.. لما لا تذهب لتلك الجميلة التي كانت معك في المقهى ؟!!.. لما أنت مصر على خداعي ..!
أسرعت حينها بقول : أنا لا أخدعك .. أخبرتك أنني صادق !!..
صرخت حينها بألم : لما علي أن أصدقك ثم أخدع فيما بعد مرة أخرى ؟!!.. في البداية صدقتك لكنك شككت بي !!.. و عندما طلبت السماح التمست الصدق في كلامك .. لكني بعدها ندمت على ذلك حين سمعت ما قلته لتلك الفتاة !!.. و الآن تريد أن تخدعني ثانيةً !!..
صرخت بالعبارة الأخيرة و دموعها تتسابق في السقوط ..!
لقد فقدت الأمل منها .. لذا تمتمت : سيأتي اليوم الذي ستعرفين فيه أني صادق في كلامي ..!
تركت يدها بعدها .. فشعرت بأني مزقت قلبي في ذات اللحظة ..!
استدارت هي و سارت في طريقها و هي تمسح دموعها بيديها .. و قد كانت هي الأخرى متألمة للموقف ..!
خلال كلامها الأخير .. شعرت بأنها تريد تصديقي .. لكني و بكل قسوة قتلت أملها !!..
لما يجب أن تنتهي لقاءاتنا هكذا ؟!!..
بألم و دموع و شكوك ؟!!..
هي تضن أني خدعتها مرتين ..!
ما ذنبي إن كان القدر يلعب دوره في عثوري عليها مع ريكايل في البداية حين كنت أكرهه دون معرفة العلاقة بينهما وفي وجودها في المقهى ذلك اليوم لتراني مع ليديا دون أن تفهم القصة كاملة ؟!!!..
كم أنا سيء !!!..
اختفت من أمامي منذ وقت حين التفت من المنعطف القريب .. في النهاية لم يسبب لقائي بها سوا إفساد مزاجها الذي كان منفتحاً هذا الصباح ..!
عدت إلى السيارة أجر أذيال الخيبة ..!
ركبت في مقعدي و أغلقت الباب ..!
لحظات حتى تمتم ريكايل بهدوء دون أن ينظر إلي : كيف جرى الأمر ؟!!..
جمعت قبضتي و ضربت النافذة المغلقة حينها بعجز !!..
فهم هو مدى سوء الوضع : آسف .. لم أعتقد أن الأمور ستؤول لهذا الحد ..! لأني توقعت أنها ستسامحك بعد أن ساعدتها و اعتذرت في ذلك اليوم قرب الملجأ ..! لكن يبدو أن هناك أموراً حدثت بينكما دون أن أعلم ..!
ابتسمت نصف ابتسامة على نفسي المنحوسة : لا تشغل بالك ..! الأمر مفروغ منه منذ زمن ..! يستحيل أن تصلح الأمور بيننا ..!
بقينا صامتين لدقائق ..!
كانت الساعة تشير للثامنة و خمسة عشر دقيقة ..!
سأل ريكايل بعد ذلك الصمت الطويل : أنعود للقصر ؟!!..
أومأت سلباً بهدوء : لا .. أذهب لحديقة برج إيفل .. سيكون ذلك أفضل ..!
حرك السيارة دون أن يلفظ حرفاً واحداً ..!
بينما بقيت أنا أفكر في سبب هذه المصائب التي تحدث بيني و بين ميشيل ..!
......................................... كنت أشعر بإحباط كبير و أنا أجلس على ذلك الكرسي الطويل من الخشب في تلك الحديقة ..!
لقد عادت المشاكل لتسيطر على حياتي ..!
فها أنا تشاجرت مع أمي البارحة .. و صباح اليوم زدت مشكلتي مع ميشيل سوءاً .. هذا غير قصة ميراي ستيوارت التي تقلقني ..!
انتبهت لشيء أمامي فرفعت رأسي قليلاً لأرى علبة المشروب الغازي التي كان أحدهم يمدها لي ..!
رفعت رأسي أكثر فرأيت ريكايل يقف أمامي و يحمل في يده الأخرى علبة مشابهة ..!
أخذت العلبة منه بهدوء : شكراً لك ..!
جلس بجانبي على ذلك الكرسي الطويل : ألن تخبرني عن مشكلتك مع ميشيل بالضبط ؟!!..
فتحت العلبة و ارتشفت رشفة منها قبل أن أقول بهدوء : ليس الآن .. لا مزاج لي لهذا ..!
فتح هو علبته و تمتم : كما تشاء ..!
بقينا صامتين للحظات قبل أن أسأل : من هو بيير ؟!!..
التفت ناحيتي باستغراب : ألم أخبرك عنه ؟!!..
أومأت سلباً : أنت لم تخبرني شيئاً عن حياتك السابقة ..!
- لم تكن مثيرة .. لذا لا أجد ما أقوله عنها ..!
- أعتقد أن ذلك البيير بحد ذاته مثير ..!
- لما تعتقد ذلك ؟!!..
- حسناً .. شخص كان لا يجد ما يأكله و فجأة صار ثرياً ..! ألا تظن أن هذا مثير ..!
ابتسم بهدوء و نظر إلى الأمام .. بدأ حديثه بتلك الابتسامة : بيير صديق لي تعرفت إليه في المدرسة الداخلية ..! كان هذا قبل عشر سنوات حين كنت في السابعة من عمري و دخلت المدرسة للمرة الأولى ..! بيير كان أصغر طالب في الصف .. فهو يصغر الجميع بعام واحد ..! كان طفلاً كثير البكاء يخاف من الظلام والغرف المغلقة ..! جسده هزيل و دائماً مريض ..! في مرة استيقظ الجميع لبدأ يوم دراسي جديد و من بينهم أنا حيث رتبت فراشي الذي كان على الأرض بسبب عدم توفر أسرة للطلبة .. كان هو في الفراش الذي بجانبي في طرف الغرفة الكبيرة .. لكنه لم يستيقظ كالبقية ..! كان مريضاً و حرارته مرتفعة و يسعل بشدة ..!
قطبت حاجبي حينها : و ماذا فعلت له ؟!!..
بذات الهدوء قال و قد صغرت ابتسامته : تركته في مكانه ..! ذهبت للصف و بعد بداية الدرس بعشر دقائق دخل هو يجر خطاه بتعب ..! قام المعلم بتوبيخه لتأخره .. لقد كان كل الأساتذة قاسي القلب في تلك المدرسة المخصصة للفتيان فقط ..! كانوا يفرضون عقوبات مروعة .. إحداها كانت أن تقف طيلة الحصة في نهاية الصف و أنت تحمل على رأسك دلو ماء بارد و إذا انتهى الدرس تسكب الماء فوق رأسك ..! و قد فرض هذا العقاب على بيير في ذلك اليوم ..!
كنت مصدوماً من هذا !!.. أي طريقة تعليم بدائية تتعامل بها هذه المدرسة ؟!!.. بل أي قلوب يمتلك هؤلاء لفعل هذا بأطفال صغار ..!
تساءلت حينها بقلق : و ماذا حدث ؟!!..
ابتسم نصف ابتسامة و طأطأ رأسه و بقي ينظر للأرض : كنا في فصل الشتاء و الثلج يتساقط ..! كما أن المياه كانت باردة للغاية ..! بيير كان مريضاً .. و هذا العقاب قد يقتله حينها خاصة بتلك الملابس الخفيفة التي كان يرتديها و التي كانت الزي الموحد للمدرسة ..! لذا .. وقفت أنا عندها و أخبرت الأستاذ أني مستعد لتلقي العقاب نيابة عنه بعد أن أشفقت على حاله ..!
اتسعت عينيّ من هول الصدمة : و عوقبت ؟!!..
أومأ إيجاباً دون أن ينظر إلي : ذلك المعلم لم يعجبه دفاعي ذاك ..! لكنه وافق على هذا فأخذت العقاب بينما جلس بيير المريض في مكانه ..! بعد نهاية الدرس و بعد أن سكبت الماء على رأسي و جسدي فوجئت بالمعلم يمسك بيدي و يجرني إلى مكان ما ..! كان ذلك المكان أشبه بغرفة العقاب .. هي لم تكن غرفة على وجه العموم بل كانت عبارة عن جزء من الساحة الخارجية محاطاً بالأسوار من الطوب .. بلا سقف و لا أرضية و مساحتها متران في متران ..! رما بي هناك و هو يقول " هذا جزاء بطولتك " .. ثم أغلق الباب و أقفله !!!.. كان الثلج يتساقط و جسدي مبلل و ملابسي خفيفة ..! كدت أموت في ذلك الوقت ..! بعد مرور ساعتين حان وقت الاستراحة .. فلم أنتبه إلا وقد رمى أحدهم بغطاء من فوق السور ..! أخذت ذلك الغطاء و دفأت جسدي به .. لم يستطع حمايتي من لسعات البرد .. لكنه على الأقل حماني من تساقط الثلوج على رأسي ..! في نهاية ذلك النهار انتهت مدة عقابي .. لكني في ذلك الوقت كنت قد مرضت بشدة .. بقيت أسبوعاً طريح الفراش إلا أن حدهم لم يهتم بي سوى بيير ..! كان الوحيد الذي قام برعايتي في فترة مرضي و قد اكتشفت أنه أيضاً من رمى لي بالغطاء ..! و هكذا .. صرنا صديقين ..!
لم أعلم ما الذي سأقوله .. يبدو أني لست الوحيد الذي عانى من سنته السابعة !!..
بقيت صامتاً للحظات قبل أن أقول : أخبرني أين أجد ذلك المعلم .. و حينها سترى ما سأفعله به ..!
التفت إلي باستغراب .. لكنه ابتسم بهدوء : شكراً لك ..! لكن ذلك المعلم توفي منذ خمس سنوات ..! لذا لا يمكنك عقابه الآن ..!
سحقاً !!..
بحق كنت أريد استعمال نفوذ مارسنلي في عقابه .. لكن ما الفائدة الآن وهو جثة هامدة ..!
تذكرت حينها شيئاً : و أين بيير الآن ؟!..
اتسعت ابتسامته : في سويسرا ..! أن بيير طفل من أب فرنسي و أم سويسرية ..! لقد أخبرتك مسبقاً عن صديقي الذي كان والده يعمل في الجيش .. إنه ذاته بيير..! جده لأمه بارون و رئيس عائلة نبيلة .. بالنسبة لوالدته فلم تكن تعني لها تلك الثروة شيئاً بعد إهمال والديها لها .. لذا تزوجت بوالد بيير الذي كان سائقاً عندهم في تلك الفترة دون علم والديها ..! لكن حين عرف أبوها بما فعلته خيرها بأن تنفصل عنه أو تذهب بلا عودة ..! وقد اختارت الخيار الثاني فقدما إلى فرنسا هنا ثم أنجبت بيير بعد عدة أشهر ..! حين صار في السادسة توفيت والدته .. و التحق والده بالجيش ..! لذا كان مضطراً لترك ابنه في تلك المدرسة لأنه لا يملك المصاريف لمدرسة أخرى ..! لكنه توفي أثناء عمله حين صار بيير في الثالثة عشرة ..! لم تمضي أشهر حتى توفي البارون السويسري فتولت زوجته قيادة العائلة ..! تلك الجدة كانت نادمة على ما حدث مع ابنتها لذا بحثت عن بيير حتى وجدته و أخبرته بأنها ستقوم برعايته ..! وهكذا ذهب لسويسرا ..!
ابتسمت حينها : يبدو أن ذلك البيير عاش حياة مليئة بالمصائب ..!
أومأ إيجاباً و هو يرمي بعلبة المشروب في سلة القمامة القريبة كما فعلت أنا قبل قليل : معك حق ..!
نظرت إلى ساعتي .. كانت تشير للعاشرة : متى سنذهب لميراي ستيوارت ؟!!..
- كم الساعة الآن ؟!!..
- العاشرة و خمسة عشر دقيقة ..!
- نذهب في الحادية عشر ..!
- لما كل هذا التأخير ؟!!..
- لكي نظمن أنها ستكون مستيقظة .. هذا إن كانت قد عادت من رحلتها ..!
تنهدت بتعب : هل نتمشى ؟!!..
أومأ إيجاباً .. فوقفنا سوية و بدأنا السير في الحديقة .. لم يكن هناك موضوع معيين نتبادل الأحاديث فيه رغم أننا نجهل الكثير عن بعض ..!
التفت ناحيته لأقول : ما اعتقادك بالنسبة لردة فعل ميراي ستيوارت ؟!!..
ابتسم حينها ليقول : ألن تكف عن ترديد اسمها الكامل الطويل ؟!!..
- من عادتي أن أنطق الاسم كاملاً إن كان شخصاً أجهله ..! عموماً أجب على سؤالي ..!
أخذ يفكر للحظات قبل أن يقول : في اعتقادي .. ستكون سعيدة ..! حسب كلام الطفل هي شخص لطيف ..!
كنت محتاراً في الأمر : أتعتقد أنها كانت تعلم بأننا في الملجأ ؟!!..
هز كتفيه سلباً : لا علم لي .. لا أستطيع التخمين في هذه الحالة ..!
صمتنا بعدها .. لم نجد ما نقوله .. كنا فقط نفكر في تلك الميراي خالتنا المجهولة ..!
و خلال ذلك الصمت الطويل .. طرأت صورة أحدهم في بالي .. لا أعلم السبب لكنها فجأة قفزت في ذهني ..!
بلا شعور قلت : قبل مدة قصيرة .. رأيت فتاة غريبة في أحد محال الكعك ..!
بدا عليه الاستغراب و هو يحدق بي : ما قصدك بغريبة ..!
قطبت حاجبي محاولاً استيعاب سبب ظهور تلك الفتاة في ذهني : لم تكن غريبة بمعنى الكلمة .. لكن لا أعلم لما شعرت بأن هناك شيئاً جعلني التفت لها ..! كانت قصيرة الشعر و ترتدي ملابس أشبه بالصبيان و طويلة اللسان ..! لقد قالت النادلة بأنها شرسة للغاية رغم أني لم أتحدث معها ..!
ابتسم بسخرية : أتراها من ستنسيك ميشيل ؟!..
نظرت إليه بطرف عين ببرود : إنها طفلة في الثالثة عشر يا أخي ..!
بذات ابتسامته التي مزجت بالمكر : و ما المشكلة ؟!!.. أربع سنوات لن تشكل فرقاً ..!
تنهدت بتعب حينها .. لا أعلم لما طرأت تلك الفتاة في ذهني فجأة ..!
ماذا كان أسمها ؟!!.. كيتي .. أم كات ؟!!.. لا أذكر بالضبط !!..
حاولت تجاهل الأمر و نظرت لريكايل : لنذهب للسيارة .. ربما تكون تلك الميراي استيقظت ..!
أومأ إيجاباً فسرنا سوية ناحية السيارة التي كانت على الجهة الأخرى من الحديقة ..!
.................................................. ............
هانحن نقف مجدداً أمام باب تلك العمارة الكبيرة ..!
بالنسبة لي .. التوتر أخذ جزءاً من طاقتي .. و اعتقد بأن ريكايل مثلي تماماً ..!
رأينا حارس العمارة هناك يجلس على كرسيه و يراقب الناس فتقدمنا ناحيته ..!
ابتسم رايل و هو يقول : مرحباً ..!
نظر إلينا للحظات قبل أن يقول بابتسامة عريضة : آه .. أنتما من كنتما تبحثان عن الآنسة ستيوارت بالأمس ..!
بذات الابتسامة التي اخفت توتره : صحيح .. هل عادت ؟!!..
أومأ إيجاباً : نعم .. لقد عادت مساء الأمس ..!
- هل هي في شقتها الآن ؟!!..
- اعتقد .. فأنا لم أرها تخرج هذا الصباح ..!
- هل أخبرتها بأننا جئنا للبحث عنها ؟!!..
- لا .. لقد كانت متعبة و صعدت لشقتها دون أن تلقي التحية حتى ..!
نظر إلي رايل فأومأت له .. شكرنا الحارس ثم اتجهنا إلى المصاعد بعد أن أخبرنا بأن شقتها في الدور الثامن من هذه العمارة الضخمة التي تضم اثنا عشر دوراً ..!
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر إلا بضع دقائق ..!
وبعد أن وصل المصعد للدور الثامن خرجنا منه فتمتمت : لقد حانت اللحظة الحاسمة ..!
بجد تابع هو : الشقة رقم 32 .. أرجوا أن تكون هناك ..!
أخذت نفساً عميقاً و سرت بخطوات واثقة أتتبع أرقام الشقق التي كانت أبوابها على يميني بينما كان على يساري سور مطل على الشارع من ذلك الدور المرتفع ..!
هاهي الشقة 30 .. 31 .. 32 ..!
لقد وصلنا !!!..
كنت أحدق بذلك الرقم المثبت على الباب بعد أن حفر على لافتة صغيرة من معدن ذهبي اللون ..!
نظرت إلى الجرس المتصل بسماعة قرب الباب .. و بلا شعور وجدت نفسي أضغط عليه ..!
كنت من مكاني أستطيع سماعه يرن داخل الشقة ..!
مضت بضع لحظات حتى سمعت صوتاً أنثوياً خرج من تلك السماعة المتصلة بالجرس : من هناك ؟!!..
ابتلعت ريقي و حاولت أن أسيطر على نبرة صوتي : منزل ستيوارت ؟!!..
- نعم ..!
- عذراً .. أريد التحدث مع الآنسة ميراي ستيوارت ..!
- لحظة من فضلك ..!
لا أعلم إن كان هناك أحد معها في المنزل .. لذا لست متأكداً من كون هذه المرأة التي أجابت علي ذاتها خالتي ميراي ..!
كان قلبي ينبض بصوت مسموع بالنسبة لي .. شعرت بيد ريكايل التي أمسكت بيدي .. نظرت إليه فرأيت الجد في عينيه و قد همس : تمالك أعصابك ..!
أومأت إيجاباً و قد حاولت أن أضبط نفسي .. و من الجيد أني تمكنت من ذلك ..!
شعرت بقفل الباب يفتح .. و بعدها قام أحدهم بفتح الباب دون أن يبعد سلسلة الآمان بحيث فتح جزء منه فقط ..!
لكنني تمكنت من رؤية جزء من وجه تلك الشابة ذات الشعر البني و العينين الخضراوتين و قد قالت باستغراب : من أنت ؟!!..
خمنت أنها لا تستطيع رؤية ريكايل من مكانها لأنها قالت أنت و ليس أنتما ..!
لكنني و بصوت هادئ قدر الإمكان قلت : آنسة ميراي ؟!!..
أومأت إيجاباً : نعم أنا هي ..!
هاهي ميراي ستيوارت أمامك أخيراً يا لينك !!..
ترددت للحظات قبل أن أقول : في الحقيقة .. جئت للحديث معك بشأن الزوجين براون .. اعتقد أنك قريبة لهما ..!
بدا عليها الذهول و كأنها لم تتوقع شيئاً كهذا .. لكنها حينها قالت : لحظة ..!
أغلقت الباب لتبعد سلسة الآمان ثم فتحت الباب على مصراعيه : تفضل أيها ..!
و قبل أن تتابع اتسعت عيناها و شهقت حين رأت ريكايل !!!..
وضعت يدها اليسرى على فمها بينما اليمنى استقرت على قلبها و هي تحدق بأخي تارة و بي تارة أخرى ..!
إلا أني لم أجد سوى نظرات التعجب على ملاح رايل كما هي ملامحي ..!
لحظتها دمعت عيناها .. بدا أنها تعرضت لصدمة شديدة و استمرت تحدق بنا للحظات أخرى قبل أن تتمتم بعدم تصديق : أنتما .. توأم ؟!!..
للمرة الأولى يلاحظ أحدهم ذلك !!.. لكن ريكايل قال بنبرة متعجبة مستغربة : حسناً .. أعتقد أننا كذلك ..!
سالت دموعها و بانت ابتسامة فرحة على شفتيها و سألت فوراً : أنتما تسألان عن براون صحيح ؟!!.. أنتما بالتأكيد توأم براون ..! لاشك أنكما ذات الطفلين ..! لينك و ريكايل !!!..

هذه المرة .. حان دورنا لنصدم !!..
هذه الآنسة حللت كل شيء في لحظات و علمت بأننا توأم براون بمجرد النظر إلينا سوية ..!
و غير هذا هتفت في النهاية .. لينك و ريكايل !!..
تضاربت الأسئلة في دماغي .. ما الذي يحدث ؟!!.. هل كانت تعلم بأننا سنزورها قريباً ؟!!.. لقد قال حارس العمارة بأنها لم تحدثه ؟!!.. و لا أحد يعلم بأننا نبحث عنها ؟!..
لكني حينها تذكرت مدير المدرسة الذي علم بأن ريكايل هو ابن ايان بسبب الشبه العظيم بينهما ..!
إذاً هذه الآنسة كذلك .. غير أنها تعلم أننا توأم و ليس فرداً واحداً ..!
سألت مجدداً بلهفة و الدموع من عينيها تسيل : أنتما توأم براون صحيح ؟!!..
أومأت إيجاباً بتردد و الصدمة لا زالت مسيطرة علي ..!
لم أنتبه لحظتها إلا و قد بدأت تبكي بشدة و لم تلبث أن خرت جالسة حيث بدا أن ساقيها لم تحملاها ..!
بلا شعور جلست أمامها و هتفت بقلق : يا آنسة ..!
و ما إن جلست حتى عانقتني بشدة وهي لا تزال تبكي بصوت مرتفع : أنت ابن نيكول و إيان .. أنت ابن أختي ..! و أخيراً عثرت عليك .. و أخيراً وجدتك ..! لا أصدق أن هذا اليوم أتى أخيراً بعد أن كدت أفقد الأمل في العثور عليكما ..!
شعرت بمدى الألم في صوتها و كأن عبارات الفرحة هذه قد أتت بعد جهد جهيد و عذاب طويل ..!
كنت أشعر بشيء من الغرابة فهاهي شقيقة والدتي الحقيقية تجلس أمامي و تعانقني و تبكي فرحة بي ..!
أشفقت عليها بحق فربت على رأسها و همست و قد غزت ابتسامة حانية شفتي : اطمئني خالتي .. ها نحن أمامك مجدداً ..!
من خلال بكائها .. كنت واثقاً بأنها لم تتفانى في مهمة البحث عنا حيث يبدو أنها قد فقدت أثرنا منذ مدة ..!
ابتعدت عني بهدوء حينها و قد سكن صوتها .. أخذت تنظر إلي بنظرات متأثرة فابتسمت لها ..!
ابتسمت هي الأخرى رغم دموعها و وجهها المحمر دون أن تنطق شيئاً ..!
وقفت حينها و ساعدتها على الوقوف فهتفت حالاً : تفضلا .. البيت بيتكما ..!
دخل ريكايل مغلقاً الباب من خلفه فلم يكد يفعل ذلك حتى أسرعت هي و عانقته بدوره و عادت تبكي و هي تهتف : لا أصدق .. إنهما ابنا نيكول .. و أخيراً وجدتكما .. لا أصدق عينيّ ..! أنت حقاً تشبه أباك للغاية يا عزيزي ..!
كان واضحاً عليه التوتر رغم ابتسامته .. لم يقل شيئاً إلا حين أشرت إليه بالحديث فتمتم بارتباك : سـ .. سعيد برؤيتك .. خالتي ..!
ابتعدت عنه حينها و بقيت تنظر إلينا و هي تقول : تفضلا بالدخول .. لا أستطيع وصف سعادتي برؤيتكما حتى أني أكاد أطير من الفرح ..! إنه اسعد يوم في حياتي ..!
شعرت حقاً بمدى صدق كلامها .. كما شعرت بأنني أحببتها صدقاً رغم أني لم أتحدث معها بعد ..!
كانت ذات شعر كستنائي طويل ربطته كذيل حصان فصار يصل لما تحت كتفيها بقليل .. عيناها خضراوتان كلون عيني تماماً .. وهي أطول مني بسانتيمترات فقط ..!
ترتدي بنطال أسود طويل مع كنزة وردية قطنية و طويلة الأكمام ..!
دخلنا إلى غرفة المعيشة التي كانت في نهاية الممر الصغير قبل الردهة ..!
جلست مع ريكايل على أريكة لشخصين بينما جلست هي على أريكة لشخصين لكن من الجهة الأخرى على يميننا ..!
كانت لا تزال تنظر إلينا و دموعها تتسابق في الهبوط .. أخذت تمسح دموعها و هي تقول بابتسامة سعيدة : لقد كبرتما فعلاً .. صرتما شابين ..! و أخيراً رأيتكما للمرة الثانية ..!
أعتقد أن قصدها بعبارة المرة الثانية هو أنها رأتنا سابقاً لمرة واحدة فقط ..!
هنا قلت أنا بابتسامة لطيفة : و نحن سعيدان بلقائك خالتي ..!
تابع ريكايل بذات ابتسامتي : كنا في شوق لهذا اللقاء منذ علمنا بأمرك ..!
كانت دموع الفرح لا تزال تتساقط من عينيها : كم تمنيت أن أسمع كلمة خالتي منكما منذ زمن ..! لا تعلمان مقدار سعادتي بكما ..! نيكول لقد عثرت عليهما .. عثرت عليهما يا أختي ..!
كانت تتمتم بالعبارة الأخيرة بنوع من الألم .. واضح أنها عانت كثيراً حتى هذه اللحظة ..!
لكنها بسرعة مسحت دموعها التي توقفت أخيراً : اخبراني ما أحوالكما ؟!!.. هل كانت حياتكما جيدة ؟!!.. ألا تزالان تحتفظان باسمي لينك و ريكايل ؟!!..
أومأ رايل إيجاباً : اطمئني .. لا يزالان اسمينا ..!
اتسعت ابتسامتها و هي تبدل بصرها بين النظر إلي ثم إلى أخي : أي منكما لينك ؟!.. إنه الأكبر صحيح ..! و الأصغر ريكايل ..!
بدا أنها حتى الآن لم تصدق نفسها : أنا لينك .. و هذا أخي الصغير ريكايل ..!
قلت هذا و أنا أشير إليه في النهاية مع علمي التام بأنه لم يرضى بكلمة الصغير رغم أنه لم يعلق ..!
أخذت هي تضحك بخفة و هي تقول : نعم الآن أستطيع التفريق بينكما ..! حين ولدتما كنتما متطابقين ..! أذكر ذلك اليوم في المشفى حيث كنت أنتظر بشغف ما سيقوله ايان وهو ينظر إليكما في السرير ..! حينها أشار إلى أحدكما و قال " هذا لينك .. إنه الأكبر " ..! كنت طفلة لذا أسرعت بربط شريطة بيد لينك كي أستطيع أن أعرفه من أخيه ..! حينها قالت نيكول بأن ريكايل سيشعر بالغيرة و أنه يريد شريطة هو الآخر ..! كان هذا في يوم ولادتكما ..!
نظرت إلى ريكايل بدهشة فكانت ملامحه هو الآخر مشابهة و قد هتف : إذاً أنتي من ربط الشرائط لنا ..!
بدا عليها الذهول حينها : هل تعلمان بأمر الشرائط ؟!!..
أومأت إيجاباً : إنها لدينا ..!
شهقت حينها بسعادة : لا أصدق .. هل احتفظتما بها طيلة تلك السنين ؟!!..
ابتسم ريكايل وهو يقول : لقد احتفظت بها لنا مديرة الملجأ ..!
بذات ابتسامتها : غير معقول ..! يا لها من مديرة رائعة ..!
- صحيح .. لقد تولت تربيتي ..!
- هل عشتما في ملجأ ؟!!.. لقد اعتقدت أن أحدهم تبناكما لذا لم أتمكن من الوصول إليكما ..!
نظر ريكايل إلي فهززت كتفي بمعنى لا مشكلة لذا نظر إليها قبل أن يقول : في الحقيقة ..لينك تبنته إحدى الأسر .. أما أنا فقد عشت في الملجأ ..!
بدا عليها الدهشة فجأة و تحولت ملامحها للحزن : هل عشتما منفصلين ؟!!.. ذلك مؤسف حقاً ..! متى تم تبنيك يا لينك ؟!!..
تنهدت حينها و قد قررت بأن أخبر خالتي هذه الحقيقة كاملة بعد أن وثقت بها بطريقة ما : الحقيقة هي أني و ريكايل افترقنا في أيامنا الأولى ..! فقد تم تبني و أنا في بعمر خمسة أيام و انفصلنا بعمر أسبوعين ..! حتى أننا لم نعرف بعضنا و لم نعلم بأمر أخوتنا إلا منذ أقل من شهر ..!
شهقت حينها مفزوعة : لا يعقل !!.. أنتما لم تكونا معاً إذاً ..!
أومأت سلباً حينها : لقد حدثت أشياء كثيرة قبل أن نعلم بأمر أخوتنا و قبل أن نعلم بأمرك خالتي ..! لكن من الجيد أننا تمكنا من العثور عليك بعد هذا العناء ..!
عادت لتبتسم مجدداً و وجهها لا يزال محمراً و محتفظاً بآثار البكاء : لا تعلم يا عزيزي كم بذلت في سبيل العثور عليكم ..! المشفى الذي ولدتما فيه احترق منذ ثلاثة عشر عاماً .. لذا لم أتمكن من العثور على أوراق تسليمكما للملجأ ..! كذلك بحثت في الكثير من الملاجئ الكبيرة و في كل الملاجئ الحكومية و لم أعثر عليكما ..! سألت الاستعلامات المدنية كثيراً فكانوا يقولون بأنه لا يوجد شخص باسم لينك براون .. و عندما بحثت عن ريكايل قالوا لي أن المعلومات المتعلقة به سرية ..! فعلت الكثير و أحضرت عدة إثباتات تدل على أني قريبته و أني أبحث عنه لكن كان من المستحيل أن أحصل على معلومة واحدة ..! لا أعلم لما كانت المعلومات عنه محجوبة ..!
كان الاستغراب قد تمكن مني فلما كل ذلك الحرص على المعلومات المتعلقة بريكايل ..!
هو أيضاً كان مستغرباً للغاية : أمر عجيب ..! لقد عشت حياةً عادية و لم أتورط في أي شيء قد يجعل ملفاتي محجوبة ..!
قطبت هي حاجبيها محتارة : لقد شعرت مراراً أن هناك شخصاً ما لا يريد مني أن أعثر عليك ..!
لوهلة .. تذكرت حديث الخالة آنا حين قالت بأن رجلاً أخبرها بأنه سيقطع عيشها إن بحثت عني .. أتراه ذاته الذي حرص على أن لا تتمكن خالتي ميراي من العثور على ريكايل ؟!!..
نظرت ناحيتي : ماذا عنك لينك ؟؟!.. لما قالوا بأنه لا يوجد شخص باسم لينك براون برأيك ؟!..
تنهدت حينها و قد علمت السبب فهو كان واضحاً : حين تم تبني تم تغير أسمي إلى لينك مارسنلي عوضاً عن لينك براون .. لا شك أن هذا هو السبب ..!
اتسعت عيناها بصدمة و هي تقول : أقلت .. لينك مارسنلي ؟!!..
تعجبت في البداية لكن الأمر لم يطل حين تذكرت بان مارسنلي من أشهر الأسر في فرنسا : صحيح .. في الحقيقة لقد تبناني آل مارسنلي ..!
وضعت يدها على قلبها وهي تقول : لكن .. ما سمعته بأن الزوجين مارسنلي لهم ابن واحد ..! لم أسمع إطلاقاً بأنهم تبنوا طفلاً آخر ..!
ابتسمت حينها بهدوء : ذلك طبيعي لأن الجميع يعتقد بأني ابن مارسنلي الحقيقي ..! والدتي التي ربتني لم تكن قادرةً على الإنجاب .. لذا تبنتني هي و زوجها كي أكون أبناً لهما ..!
بانت عليها ملامح الحزن وهي تقول : أرجوا أنك عشت حياة جيدة عزيزي .. هل كنت سعيداً معهم ؟!!.. أخبرني الصراحة ..!
كانت نبرتها تدل على القلق .. لكني حافظت على ابتسامتي كي أطمئنها : أمي إلينا إنسانة عظيمة .. إنها ذات قلب أبيض و رحيمة للغاية ..! لقد ربتني كابنها الحقيقي حتى أني لم أعلم بأنها ليست والدتي إلا مؤخراً .. حقيقة لقد شعرت بالتعاسة في البداية لكنني تغلبت على تلك الصدمة ..! أما أبي جاستن فقد توفي و أنا ابن الثلاث سنوات .. لكني أأكد لك أنه شخص رائع أيضاً ..!
بدا أن كلامي أراحها فنظرت إلى رايل : و أنت عزيزي ريك .. كيف كانت حياتك ؟!!..
بابتسامة هادئة أجابها : لم يكن فيها ما هو مميز .. لقد عشت سنواتي الست الأولى في الملجأ مع كثير من الأطفال .. و حين وصلت إلى سن السابعة نقلت لمدرسة داخلية تابعة للملجأ وبقيت فيها حتى انتهيت الإعدادية ..!
قطبت حاجبيها : أرجوا أنك لم تكن تعاني هناك ..!
- كانت هناك بعض المعاناة في الأمر .. لكن اطمئني فأنا لم أتأثر بهذا ..!
ابتسمت حينها بسعادة و اطمئنان فسألتها بدوري : ماذا عنك خالتي ؟!!.. أين كنت تعيشين من بعد وفاة والدينا ؟!..
نظرت ناحيتي و هي لا تزال تبتسم بهدوء : في الحقيقة .. أبي توفي و أنا في سنتي الثانية .. و أمي توفيت حين دخلت في سنتي الخامسة فلم يكن لي سوى أختي الكبرى نيكول التي تولت رعايتي ..! حين صرت في السابعة تزوجت بإيان فعشت معهما في المنزل و قد كان ايان بالنسبة لي كأخ لا بل كأب قبل أن يكون زوج أخت ..! بعد وفاتهما تولت إحدى الجمعيات الخيرية أمري لأني كنت بلا عائل .. أدخلتني في مدرسة داخلية للفتيات و هي خاصة بالأيتام .. تكفلت الجمعية بالصرف علي حتى تخرجت من الثانوية ..! لقد كانت تستقبل الأطفال في سن الدراسة لذا لم يكن بالإمكان أن تتولى شؤونكما أيضاً ..! مدرستي التابعة للجمعية كانت على بعد بعض الكيلو مترات عن باريس حيث السهول الخضراء فقد كانوا حريصين على توفير بيئة جيدة و نقية لنمو الأطفال ..!
واضح أنها عاشت أفضل من ريكايل بكثير فكل ما تقوله كان نقيضاً لما كان يحدث مع أخي في مدرسته الداخلية ..!
لكنه حينها قال بابتسامة : سعيد لأنك عشت حياة جيدة ..!
ابتسمت له بهدوء و بقيت تحدق فينا : أنه ثاني أسعد صباح في حياتي ..!
بفضول مع ابتسامة قلت : و متى كان الصباح الأول ؟!!..
ضحكت بخفة حينها : كان صباح ولادتكما ..! حين كنت في المشفى أقف قرب غرفة الولادة و أراقب أيان الذي كان يقطع الممر جيئة و ذهاباً بتوتر حتى سمعنا صوت البكاء العالي يصدر من الغرفة و قد كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة ..! كان إيان متوتراً لأنه صار أباً لطفلين رغم أنه ما زال في العشرين !!.. لقد اتفق مع نيكول على أن يختار كل واحد منهما أسماً لأحد الطفلين .. في الحقيقة .. إيان هو من أختار اسمك يا لينك .. أما نيكول فهي من اختارت اسم ريكايل ..!
كلامها ذاك جعلني أتحمس لمعرفة المزيد عن والدي و اللذان أعتقد يقيناً بأنهما تزوجا بعد علاقة حب طويلة ..!
انتبهت لملامح الحزن التي طرأت عليها فجأة فسألت بقلق : خالتي .. ما الأمر ؟!!..
دمعت عيناها حينها و قالت بصوت مخنوق : كم يؤلمني الأمر حين أفكر بأنهما توفيا في اليوم الذي يلي ولادتكما .. أشعر بالتعاسة حين أفكر في ذلك ..!
صمت أنا أيضاً كما فعل ريكايل و قد اختفت ملامح السعادة عن ثلاثتنا ..!
إنها محقة .. من خلال كلامها بدا واضحاً بأنهما انتظرانا طويلاً و بشغف و الدليل هو أنهم جهزوا الأسماء مسبقاً ..!
كم هو مؤلم التفكير في أنهما توفيا قبل أن يهنأ بنا ..!
انتبهت لخالتي التي وقفت حينها و قد مسحت دموعها و ابتسمت : لقد شغلني الحديث فنسيت تحضير القهوة لكما .. يا لي من مهملة ..!
لحظتها رن الهاتف الذي كان فوق طاولة صغيرة في زاوية الغرفة تتوسط أريكتين لشخص واحد ..!
سارت ناحيته و أجابت بهدوء : منزل ستيوارت ....... نعم أنا هي ..!
بقيت صامتةً للحظات قبل أن تصرخ بفزع : ماذا ؟!!!!!..
التفت ناحيتها بسرعة كما حدث مع ريكايل فصرختها أخافتنا ..!
لكنها حينها قالت بنبرة تعيسة : لما أنا ؟!!....... ألا يوجد غيري ؟!!..
نظرت إلى ريكايل فهز كتفيه بمعنى أنه لم يفهم شيئاً ..!
عدت أنظر إليها و قد تابعت حديثها : إلى أين ؟!!...... مستحيل كوريا الشمالية ؟!.... لكن سيدي أنا أعمل في رحلات دول أوروبا فقط !!..... متى ستقلع الرحلة ؟!!....... لا يمكن .. لا وقت لدي !!...... أرجوك سيدي ابحث عن غيري ........... هناك الكثير من المضيفات و المضيفين كما أني عدت مساء الأمس من رحلة إلى النمسة ......! و متى ستكون رحلة العودة ؟!!..... لكن ......... حاضر سأكون هناك فوراً ..!
أغلقت الخط بعدها و صرخت باستياء معبرة عن غضبها ..!
سارت بعدها عائدةً إلى ذات أريكتها و قد بدا الإحباط عليها ..!
بتردد سأل أخي : ما الأمر فجأة ؟!!..
نظرت إلينا بحزن : أنه مديري في العمل .. ربما لا تعلمان بأني أعمل مضيفة طيران ..!
- بلا .. سمعنا عن هذا ..!
- لقد اتصل الآن ليخبرني بأن علي أن أكون على متن الرحلة المتجهة لكوريا الشمالية تمام الثانية ظهراً ..!
- كوريا بعيدة .. لكن لما لم يخبرك سابقاً ؟!..
- لقد مرض أحد المضيفين فجأة و نقل إلى المشفى .. لذا يجب علي متكرمة أن أحل عوضاً عنه ..!
قالت عبارتها الأخيرة بنبرة استياء واضحة .. فسألت حينها : و لما وقع الاختيار عليك أنتي ؟!!..
تنهد حينها بتعب : اليوم و غداً إجازتي هذا الأسبوع .. لذا وقع الاختيار علي لأنه لا رحلات لدي .. كما أنه أخبرني بأن ذلك المضيف سيحل عني في يوم أجازته لكي آخذ أنا كإجازة لي ..! و المصيبة أن رحلة العودة ستكون فجر الغد .. يعني بعد أن تنتهي إجازتي تماماً ..!
باستغراب قلت : لما أنت منزعجة ؟!!.. بما أن يوم إجازتك لن يضيع فلا مشكلة ..!
بدا عليها الإحباط و هي تقول بنبرة باكية : لأني كنت أريد قضاء أجازتي معكما بعد أن عثرت عليكما أخيراً .. خاصة أن جدول رحلاتي مزدحم بسبب اقتراب العطلة !!.. كما أن موعد الرحلة أقترب لذا يفترض أن أكون في المطار الآن أساعد في تجهيز الطائرة ..!
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر و النصف ..!
بالتأكيد يجب عليها أن تذهب لتجهيز ملابسها الآن و تنطلق للمطار ..!
لذا وقفت حينها فوقف ريكايل خلفي : إذاً .. لن نعطلك عن عملك ..!
وقفت حينها معترضة : لا أرجوكما .. أبقيا هنا قليلاً ..!
ابتسم رايل لها : اطمئني .. سنزورك فور أن تسنح الفرصة ..!
تنهدت حينها فيبدو أنه لا خيار آخر أمامها .. لكنها قالت : انتظرا رجاءاً ..!
خرجت من الغرفة بسرعة .. نظرت إلى ريكايل و همست : ماذا تعتقد أنها ستفعل ؟!..
هز كتفيه بحيرة : لا علم لي ..!
عادت بعد لحظات وهي تحمل شيئاً في يدها .. لقد كان كيسياً فخماً من الورق ..!
مدت الكيس لي فحملته .. و حينها تمكنت من رؤية ذلك الصندوق الذي كان بحجم الكيس تقريباً موضوعاً بداخله : حين تكونان متفرغين ألقيا نظرة عليه ..!
أومأت لها إيجاباً : بالتأكيد .. و الآن نراك قريباً ..!
قبل ذلك تبادلنا أرقام الهواتف بينما كنا نسير ناحية الباب ..!
و حين وقفنا قربة قلت بابتسامة : إلى اللقاء ..!
ابتسمت لي و تقدمت بضع خطوات لتعانقني و هي تقول بنبرة متأثرة : إياكما أن تتأخرا في الزيارة القادمة .. سأنتظركما بشغف ..!
و قبل أن تبتعد تماماً قبلت وجنتي حينها مما جعل وجهي يحمر بخجل ..!
ابتعدت عني و هي تطلق ضحكة صغيرة : لا تنسى أني خالتك لذا لا داعي للخجل ..!
صحيح أنها خالتي .. لكن في الوقت ذاته شابة ألتقيها لأول مرة ..!
عانقت ريكايل حينها و هي تقول بمرح : ستسيطران على تفكيري حتى أركما ثانية يا أعزائي ..!
فعلت الأمر ذاته معه فكان احمرار وجهه واضحاً أيضاً مما جعلني أحاول كتم ضحكتي متناسياً أني كنت في ذات الموقف منذ لحظات ..!
ودعناها حينها و كلنا أمل بلقاء قريب .. لأننا كنا متشوقين لمعرفة المزيد عنها و عن والدينا ..!
.................................................. .......



نتوقف هنا << أدري تكرهون هالجملة ^^ !!..

أن شاء الله أن طول البارت عوضكم عن الأنتظار ؟!!..

ما راح أطول عليكم فنطير للهوم وورك ..!

مشروع بالشراكة مع آل دايفيرو .. أهو مجرد حدث عابر في قصتنا ؟!!..

تعود المشكلات لمحاصرة لينك مجدداً .. إلى متى يا ترى ؟!!..

ميشيل و ظهور جديد .. هل ستطول مدة غضبها ؟!!..

بلا مقدمات تظهر كيت في ذهن لينك .. ما قصة هذه الفتاة ؟!..

و أخيراً ظهرت ميراي ستيورات .. ما أنطباعكم الأول عنها ؟!!..

و الآن مات توقعاتكم للأحداث القادمه ؟!!..

و ما رأيكم بالبارت عامةً ؟!!..

إحتمال كبير يكون هذا آخر بارت قبل الأمتحانات النهائية .. لذا أتمنى أن تعذروني ..!

جانا



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 06:40 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 19

كنا نجلس في حديقة القصر نشرب القهوة و نتحدث بشأن خالتنا التي يمكننا وصفها باللطيفة ..!
لاحظت أن ريكايل أحبها مثلي تماماً .. و قد كان كلانا متشوقاً لرؤيتها مجدداً ..!
الساعة كانت تشير إلى الثانية ظهراً : ستقلع طائرتها الآن ..!
هكذا تمتم ريكايل : صحيح .. رغم أني تمنيت أننا بقينا عندها أطول ..!
- أين الكيس الذي أعطتك إياه ؟!!..
- لقد وضعته في غرفتي .. لكني لم ألقي نظرة عليه بعد لأني فكرت بأنه من الأفضل أن نفعل هذا سويةً ..!
- سأذهب قبل نهاية النهار لزيارة الخالة آنا .. أترافقني ؟!!..
طأطأت رأسي حينها بتوتر : لا جرأة لي على هذا بعد ما حدث مع ميشيل في الصباح ..!
ابتسم لي بهدوء : أطمئن .. ميشيل لا تتواجد في المنزل إلا في المساء ..!
بدالته الابتسامة حينها : إن كان هكذا فلا بأس ..!
في الحقيقة .. أكثر ما كان يخيفني هو فكرة وجود ميشيل هناك ..!
تلك الفتاة بالفعل شيء لم يمر علي مثله في حياتي ..!
فحتى أليس كانت تحبني .. لكن ميشيل غريبة للغاية ..!
رغم الكلام الذي قالته ليديا .. لم أستطع فعل شيء لإرضائها ..!
انتبهت حينها لصوت الخادمة التي قالت : سيدي .. لقد حضرت السيدة مارسنلي ..! و سيكون الغداء جاهزاً بعد دقائق ..!
أومأت لها إيجاباً فانصرفت بهدوء .. حينها قال ريكايل بجد : أذهب و أعتذر إليها الآن ..!
قطبت حاجبي : تعال معي ..!
أومأ سلباً : لا .. عليك فعل ذلك وحدك ..!
تنهدت حينها و أنا أقف : يا لك من فتى ..!
تركته في ذات المكان تحت تلك القبة الحجرية قرب بركة السباحة و اتجهت للداخل ..!
رأيت جيسكا تسير هناك فاتجهت إليها : أين والدتي ؟!!..
ببرود قالت : في غرفة الجلوس ..!
تجاوزتها حينها و أنا أفكر في أنني لم أرها يوماً بملامح مختلفة حتى أني أشك في أن وجهها تصلب على هذا النحو ..!
وصلت لغرفة الجلوس التي كان بابها مفتوحاً و رأيت أمي هناك .. لم تكن وحدها فهاهي الخالة كاثرن هنا معها ..!
ابتسمت بهدوء : مرحباً ..!
التفتا إلي لتقول الخالة كاثرن بمرح : أهلاً عزيزي لينك .. كيف حالك ؟!!..
بذات ابتسامتي و قد تقدمت قليلاً : بخير ..!
سرت بخطوات مترددة حتى وقفت أمام والدتي التي بدا عليها الهدوء حتى أني افتقدت ابتسامتها ..!
ربت على كتفها ثم انحنيت قليلاً لأقبل رأسها .. و بعد أن استقمت مجدداً : آسف على ما حدث بالأمس .. لقد كنت متوتر الأعصاب ..!
انتظرت ردة فعلها للحظات .. لكني شعرت بالراحة حين رأيت ابتسامتها الصغيرة تلك ..!
وقفت حينها أمامي ثم احتضنتني و هي تقول : هذا هو ابني الجيد ..!
ابتسمت حينها بهدوء : أعدك أني لن أكررها ثانية ..!
ابتعدت عني حينها و قد اتسعت ابتسامتها ..!
في تلك اللحظة هتفت خالتي كاثرن بسعادة : كم أحسدك يا إلينا .. ليت لدي ابناً كلينك ..!
تقدمت ناحيتها و جثوت على إحدى ركبتاي أمامها ثم أمسك يدها و قبلتها : اعتبريني ابنك إن أردتِ سيدة رافالي ..!
ضحكت بخفة حينها : أيها الماكر ..!
وقفت حينها دون أن أغير ابتسامتي وفي تلك اللحظة دخل خادم إلى الغرفة و هو يقول : مائدة الغداء بانتظاركم سيدتي ..!
بابتسامة هادئة قالت والدتي : سنكون هناك بعد لحظات ..!
خرج حينها فنظرت إلي : أين ريكايل ؟!!..
- في الحديقة ..!
- حسناً .. أخبره بأن الغداء جاهز ..!
- حاضر ..!
قطبت الخالة كاثرن حاجبيها : ريكايل .. من هذا ؟!!..
ابتسمت أمي بسعادة حينها : إنه خادم لينك .. و هو في ذات سنه ..!
بدا عليها الاستغراب : و لما لينك هو من يذهب ليستدعيه رغم أن العكس هو ما يفترض أن يحدث ؟!!..
ضحكت بخفة حينها : إنهما أشبه بالصديقين يا كاثرن ..! أن ريكايل لطيف للغاية و فتى نادر أن تجدي مثله .. كما أنه وسيم أيضاً ..! لو أنني كنت قد عرفته قبل بضع سنوات لكنت تبنيته ليكون أخاً للينك ..!
لحظتها .. كتمت ضحكتي ..!
لأن والدتي لا تعلم بان ريكايل هو أخي فعلاً سواء تبنته أم لا ..!
لكنني كنت سعيداً بكلامها فهذا يعني بأنها ستتقبله فوراً إن علمت بأنه أخي حقاً ..!
بدا الاستنكار على خالتي : إنك غريبة بالفعل إلينا ..! لينك ألا تشعر بالغيرة من هذا الخادم ؟!!..
أومأت سلباً بابتسامة : لا .. فأنا أيضاً أحببته كذلك ..! ربما ستحبينه إن عرفته يا خالتي ..!
بلا اهتمام قالت : لا أعتقد ..!
شعرت بالقلق حينها .. لأن السيدة رافالي من النوع الفاخر من النساء و المتمسك بعادات الطبقة المخملية سواءً كانت سيئة أم حسنة .. و هي ليست مثل أمي ذات القلب العطوف على الكل ..!
كما أنها إن وضعت شخصاً في رأسها فهي ستبحث عن أي زلة يقوم بها ..!
و إن أحبت شخصاً فستتغاضى عن كل عيوبه ..!
خشيت فعلاً أن تضع أخي في رأسها حينها لن يستطيع أحد إنقاذه من نظراتها المرعبة !!..
إنها صفة سلبية فيها ..!
استأذنتهما للذهاب لاستدعاء ريكايل ..!
و حين خرجت للحديقة رأيته هناك يمسك بكأس من الماء و يشرب منه حتى فرغ الكأس ..!
ما إن انتبه لوجودي حتى أخذ شيئاً من على الطاولة و ضعه في جيب سترته بغية إخفائه ..!
لم يكن علبة كما في المرات السابقة بل هو كرت أقراص ..!
أيمكن أنه دواء آخر يا ترى ؟!!..
أشعر بالقلق حيال الأمر .. يجب أن أحدثه فيه قريباً ..!
لأنه ليس من الجيد أن أتظاهر بعدم انتباهي له أكثر من هذا ..!
وصلت إليه حينها : حان موعد الغداء .. الخالة كاثرن هنا أيضاً ..!
قطب حاجبيه : من هي ؟!!..
- إنها والدة دايمن ..!
- آه .. تقصد السيدة رافالي ..! لقد نسيت أن أسمها كاثرن ..!
- حسناً .. هيا بنا لتناول الغداء ..!
وقف حينها فسرنا سوية للداخل : أتعلم ماذا قالت أمي قبل قليل ؟!..
التفت إلي مستغرباً : ماذا ؟!!..
- لقد كانت تشيد بك أمام خالتي ..! كما أنها قالت بأنها لو عرفتك قبل سنوات لتبنتك لتكون أخاً لي ..! يبدو أنها أحبتك فعلاً ..!
ابتسم بغرور : لدي قدرة على جعل الناس تعجب بي بسرعة ..!
بجد قلت : ليس هذا ما أقصده ..! تعلم قصدي .. إنها تحبك ريكايل ..!
اختفت ابتسامته حينها و تنهد بتعب : ليس الآن لينك .. ليس الآن ..!
بانزعاج قلت : متى إذاً ؟!.. أني أتمنى إخبارها بالحقيقة في أقرب وقت ..!
- ربما .. بعد أن نعود من لندن ..!
- حقاً ؟!!..
- قلت لك ربما !!!..
- إنه مؤشر جيد على كل حال ..!
وصلنا حينها إلى غرفة الطعام .. دخلت فرأيت والدتي تجلس في مكانها عن يسارها جيسكا و يمينها الخالة كاثرن ..!
جلست في مكاني .. و قبل أن يجلس ريكايل حنى رأسه باحترام : طاب يومك سيدة إلينا ..!
ابتسمت له أمي بمرح : طاب يومك ريكايل ..!
نظر إلى خالتي حينها : طاب يومك سيدة رافالي ..!
لم ترد عليه .. ذلك جعلني أقلق .. لقد وضعته في رأسها بالفعل ..!
جلس في مكانه على يساري فوقفت جيسكا و أخذت تتحدث عن أصناف المائدة ..!
و ما إن وصلت نصف الأصناف حتى جلست ليقف ريكايل و يتابع عوضاً عنها ..!
واضح أنها أعطته محاضرة طويلة عن ما يجب عليه فعله على مائدة الطعام ..!
بعد أن انتهى و جلس بدأنا بتناول طعام الغداء بصمت .. كما هي العادة دائماً ..!
.................................................. .......
للأسف .. لم يكن بإمكاني الذهاب مع ريكايل لزيارة الخالة آنا .. ذلك لأن والدتي طلبت مني أن أبقى معهما و مع الخالة كاثرن التي على حد قولها اشتاقت لي ..!
كنا نحتسي القهوة في غرفة الجلوس .. و بطريقة ما فتحوا موضوع ريكايل ..!
ببرود قالت السيدة رافالي : أعتقد أنه من غير اللائق بأن يناديك بسيدة إلينا عوضاً عن سيدة مارسنلي ..!
ببساطة قالت أمي : أنا من طلب منه أن يناديني بسيدة إلينا ..!
- آه صحيح .. نسيت أنك إلينا مارسنلي يا عزيزتي ..! أنا واثقة أنك تودين لو يناديك بخالتي أيضاً ..! إنك ذلك النوع من الأشخاص بالفعل..!
- لا مشكلة كاثرن ..! إنه ولد لطيف و مهذب للغاية .. لقد تغير لينك للأفضل منذ وصل ريكايل إلى هنا ..!
قالت هذا و هي تنظر إلي فلم أعلق لأنني لم أجد ما يمكن قوله ..!
لكن خالتي قالت بنوع من الاستياء غير الملحوظ : لهذا قال دايمن بأنك لم تعد تجلس معهم كثيراً .. يبدو أن صحبة ذلك الخادم أعجبتك ..!
إنها بالفعل تصبح شخصاً آخر حين تحقد على أحدهم !!..
شعرت بالغيظ لحظتها .. فلكل شيء حدوده ..!
لكنني كتمت غضبي بصعوبة : في الحقيقة .. كنت مشغولاً الآونة الأخيرة ..!
- أخبرتني آندي أنك قمت بمقابلة زواج مع ابنة روبرتون .. كيف كان الأمر ؟!!..
- إنها لا تناسبني .. أفضل كونها صديقة وحسب ..!
- لولا أني أعلم أن دايمن متعلق بابنة مردستن لاخترت ليديا لتكون زوجةً له ..! إنها تملك كل مقومات الفتاة الراقية ..!
- فلورا أيضاً ليست أقل منها .. كما أني أعتقد أنهما صديقتان لذا لديهما نفس الصفات ..!
تنهدت حينها فيبدو أنها ليست راضية تمام الرضا عن فلورا .. لكن المشكلة بأن أبنها مجنون بفتاته تلك ..!
ابتسمت أمي لحظتها : لا عليك عزيزتي ..! تذكري بأنها وريثة مردستن القادمة ..! كما أنها تمتلك جميع المقومات فهي لطيفة ورقيقة وجميلة .. و هي مهذبة كذلك ..!
قطبت حاجبيها حينها : لكنها لا تصل إلى مستوى ليديا روبرتون .. كما أن والدتها امرأة مغرورة و تحسب نفسها أفضل من الكل !!.. لا أصدق أن واحدةً مثلها ستكون خالة ولدي الوحيد دايمن !!.. إنها لا تعلم بأن رافالي يستطيعون محي اسم مردستن من هذا المجتمع في ثوان ..!
ربما لو علمت خالتي بقصة ليديا مع والدتها و أبيها لما فضلتها ..!
لكني حينها قلت بابتسامة : إن فلورا تذكرني بليندا تماماً ..!
بدا الحزن على خالتي حين ذكرت اسم ليندا : لا أعلم لما أولادي يتعلقون بالأشخاص بشكل كبير ..! فهاهي ليندا حاربت الجميع حتى تزوجت بذلك الروبرت الآلي رغم أن أسرته ليست بذلك النبل ..! لكن شهرته ككاتب روايات كانت عزائي الوحيد ..!
كتمت ضحكتي على وصفها له بالآلي .. يبدو أن دايمن ليس الوحيد المغتاظ من تصرفات زوج ليندا ..!
تابعت خالتي بنبرة يائسة : و الآن هي أتعس إنسانة على وجه الأرض بسبب تجاهله لها ..! و ما يكاد يصيبني بالجنون بأنها لازلت متعلقة به !!.. و هاهو دايمن قد تعلق بتلك الفلورا التي لا أعلم إن كانت قادرة على إسعاده أم لا ..! حتى أنه أخبرني أنه سيخطبها فور أن يصير في العشرين من عمره خوفاً من أن تطير منه !!!.. أرجوا ألا يتكرر الأمر ذاته مع آندي و ميرال ..!
ابتسمت حينها بهدوء : اطمئني .. أنا واثق بأن فلورا ستجعل دايمن أسعد إنسان على وجه الأرض ..! كما أن ليندا أخبرتني بأن روبرت قد بدأ يتغير و أنه متحمس للطفل القادم ..!
بذات يأسها : أتمنى ذلك ..!
حاولت أمي التخفيف عليها فقالت بمرح : لا بأس كاثرن .. السعادة تأتينا دائماً من أماكن نجهلها ..! بالنسبة لي فسأترك للينك حرية اختيار العروس التي يريد إن كان واثقاً بأنها ستسعده ..!
اختفت ابتسامتي حينها ..!
أتساءل .. هل ستقول أمي ذات الكلام حين تتعرف على ميشيل ؟!!..
أعتقد أن ميشيل أصلاً قد حقدت علي و انتهى الأمر .. أني أتمنى حقاً أن أعلم عن ما يجول في خاطرها ..!
نظرت خالتي إلى ساعتها و هي تقول : لقد صارت الساعة الخامسة .. علي أن أعود للمنزل الآن ..!
قطبت أمي حاجبيها : أبقي قليلاً كاثرن .. لا يزال الوقت مبكراً فالشمس لم تغب حتى الآن ..!
- أعذريني عزيزتي .. لكن يجب أن أعود فميرال ستقيم حفلة تمام السابعة لصديقاتها بمناسبة نهاية النصف الأول من المدرسة .. لذا يجب أن أكون هناك مسبقاً لأتأكد من أن كل شيء جاهز ..!
رغم أن للسيدة رافالي أربعة أبناء .. إلا أنها تفضل ميرال و تعاملها معاملة خاصة و تدللها أكثر من البقية بحكم أنها صغيرة العائلة ..!
وقفت خالتي حينها و هي تقول : أراك بخير عزيزتي ..! لينك .. أدرس جيداً لبقية الامتحانات حتى تحصل على علامات مميزة تسعد والدتك ..!
أومأت لها إيجاباً : بالتأكيد .. اطمئني من هذه الناحية ..!
عانقتها والدتي حينها : كرري زيارتك في أقرب وقت يا عزيزتي ..!
.................................................. ..........
كنت أستلقي على سريري الكبير بملل .. الساعة صارت الخامسة والصف و ريكايل لم يعد بعد ..!
اتصلت به فوراً ..لحظات و أجاب : أهلاً لينك ..!
- مرحباً .. أين أنت الآن ؟!!..
- غادرت منزل الخالة آنا منذ لحظات .. سأذهب لإلقاء نظرة على الأطفال فأنا في الطريق للملجأ ..!
- حسناً .. تعال بعدها إلى المنزل ..! لأني أريد أن أخرج معك لأحد المراكز التجارية ..!
- لما فجأة ؟!!..
- أفكر في أن نتمشى قليلاً .. و منها نستعد للسفرة القادمة ..!
- أعذرني ليس اليوم .. لدي بعض الأمور و لن أعود إلا في العاشرة ..!
قطبت حاجبي مستغرباً : أمور ؟!!.. لم أعلم بأن لديك أموراً غير أمور الخالة آنا و الأطفال ..!
بهدوء أجابني : حسناً .. أعتقد أن لدي أموراً أخرى ..!
- أيمكنني معرفتها ؟!!..
- أعتذر .. لكني أفضل الاحتفاظ بها لنفسي بعض الوقت ..!
- لا تقل لي بأنك بدأت بعمل جزيء في مكان ما !!...
- لا اطمئن .. لست طماعاً لذا راتبي من مارسنلي يكفيني ..! أراك فيما بعد ..!
أغلق الهاتف بعدها .. ما الأمر الذي سينجزه يا ترى ؟!!..
في الحقيقة .. لاحظت أنه شرد بذهنه عدت مرات اليوم .. لكني اعتقدت في البداية بأن الأمر متعلق بخالتنا ميراي ..!
يبدو أن هناك أمراً آخر يشغل تفكيره .. أهي فتاة ؟!!!..
هه .. ريكايل ليس مثلك يا لينك من هذه الناحية ..فلا أعتقد أنه سيلتقي بفتاة ثم يسبب لها مشاكل كي تشغل تفكيره هكذا ..!
على عكسك مع ميشيل !!..
جلست على حافة السرير و أنا أتمتم : إلى متى يا ميشيل ؟!!..
هي لم تعطني فرصة لشرح الأمر .. لكني لا ألومها ..!
ليس هذا وقته لينك .. عليك أن تجد طريقة ترضيها بها ..!
نظرت إلى هاتفي .. للحظات فكرت في أمر ما .. لكني كنت متردداً في تنفيذه ..!
لم أجد نفسي إلا وقد أمسكت الهاتف لأنفذ ما في رأسي ..!
...............................................
تنهدت حينها بتعب : ما رأيك الآن ؟!!..
بدا عليها العبوس و هي تقول : حالتك متأزمة فعلاً ..!
كانت الساعة تشير إلى السادسة و النصف في ذلك المقهى الكبير ..!
بقيت أحدق في كوب القهوة التركية أمامي : آسف لإدخالك بهذا ..!
شعرت بها تضرب رأسي بخفة و ما إن رفعت رأسي إليها حتى رأيتها تبتسم و وجنتاها متوردتان كالعادة : لقد وعدت بمساعدتك مسبقاً .. و أنا من النوع الذي يحب أن يفي بوعوده على أكمل وجهه ..! لذا لن يهدأ لي بال حتى تحصل على ميشيل أيها العاشق ..!
بادلتها تلك الابتسامة : شكراً لك .. ليديا ..!
لكنني أردفت بنصف ابتسامة : لكني لم أصل إلى مرحلة العشق بعد ..!
ضحكت بخفة حينها : واثقة أنك ستقع في بئر تلك المرحلة قريباً جداً ..!
منذ ساعة .. اتصلت بليديا .. لا أعلم لما لكني أردت أن أخبرها بما حدث مع ميشيل هذا الصباح ..!
كان ذلك دون أن أخبرها بأي شيء بشأن ريكايل .. فقد قلت بأني التقيتها في الصباح صدفة وحسب ..!
من حسن حظي أن ليديا كانت متفرغة .. لذا دعوتها لشرب القهوة هنا ..!
كانت تمسك بسكين صغيرة و تقوم بتقطيع الوافل المزين بالفواكه الصغيرة و الشوكولا على صحن أمامها بشرود ..!
لحظات حتى قالت : المشاعر التي تخرج من القلب مباشرة نادرة .. و من الصعب التعبير عنها ..!
نظرت إليها باستغراب : ما قصدك ؟!!..
رفعت رأسها إلي و بابتسامة صغيرة قالت : أقصد أنه ليس كل شخص أمامك يريك ما في قلبه ..! لذا هناك احتمال كبير بأن ميشيل ليست صادقة في كلامها ..! أعتقد أنها تقول ذلك فقط كي تثبت لنفسها بأنها تكرهك .. رغم أن قلبها يرفض ذلك ..!
قطبت حاجبي : ما الدليل ؟!!..ربما يكون كلامها من القلب ..!
- أخبرتك سابقاً .. تلك النظرة في عينيها لم تكن تكذب ..! يستحيل أنها تكرهك بعد تلك النظرات التي كانت في عينيها حين رأتك في المقهى ..! لقد كانت ملحوظة للغاية ..!
- لقد خيبت أملها مرتين يا ليديا .. لذا أعتقد أنها باتت تكرهني ..! هذا مؤكد ..!
- أنا لا أوافقك الرأي ..!
- إذاً ما الذي علي فعله ؟!!..
- ليس في يدك شيء الآن غير أن تتحقق من صدق مشاعرها ..! إن كانت تحبك فعلاً فهي ستمنحك فرصة ثالثة ..! لكن تذكر .. تلك الفرصة ستكون الأخيرة بلا ريب ..!
- لقد اعتذرت لها اليوم لكنها رفضت اعتذاري .. لا أعتقد أنها ستنوي إعطائي فرصة بعد أن شككت بها أولاً ثم حين رأتك معي وسمعت حديثنا ذاك ..!
- لقد رفضت اليوم لأن لقاءكما كان مفاجئاً .. لكني اعتقد أنها ستفكر في كلامك ملياً ..!
تنهدت حينها مجدداً .. لقد كان لقائي بها اليوم سيئاً تماماً : سأنفذ ما قلته و أرى النتائج ..!
ابتسمت حينها ثم قالت : ثق بي .. أنا جيدة في هذا و أعلم أنها ستأتي لتعطيك فرصة أخرى ..!
ترددت قليلاً قبل أن أسأل : ليديا .. لما تساعدينني بهذا الشكل ؟!!..
بذات ابتسامتها الهادئة : أخبرتك مسبقاً بأني أحببتك كأخ و صديق .. و سعادتي هي من سعادة أحبابي ..! كما أني أريد التكفير عن خطأي فلو أنها لم ترني معك ذلك اليوم لكانت أموركما على خير ما يرام ..!
- أنت لم تفعل ما هو خاطئ .. أنا من تفوه بكلام جعلها تغضب ..!
- أسمع .. أنصحك أن لا تفكر في الأمر مجدداً .. حاول نسيانه لبعض الوقت حتى ترتب أفكارك و حتى تعطي ميشيل فرصة للتفكير في أمرك ..!
- سأنفذ نصيحتك .. و أرجوا أن أنجح في هذا ..!
بقينا صامتين حيث كانت هي تشرب من كوب القهوة في يدها بينما أنا وضعت في فمي قطعة من السوفليه بالشوكولا الذي كان أمامي ..!
نظرت إلى الساعة التي كانت تشير إلى السابعة .. فكرت في أمر ما .. ربما سيجعل ليديا سعيدة فأنا أعتقد أنها ذلك النوع من الناس ..!
- ليديا .. هل تحبين الأطفال ؟!!..
نظرت إلي باستغراب : لما تسأل فجأة ؟!!..
بتوتر قلت : فقط .. هكذا ..!
ابتسمت حينها بمرح و قد توردت وجنتاها كالعادة : أنا أعتبرهم أجمل شيء على سطح الكوكب ..! أنهم ظرفاء للغاية و يجلبون السعادة للجميع ..!
شعرت بالراحة حينها : ألديك خطط اليوم ؟!!..
- لا ..!
- إذاً .. أنتي متفرغة ؟!!.. أريد أخذك لمكان ما ..!
- إني متفرغة تماماً ..لكن أين ذلك المكان ؟!!..
ابتسمت حينها : إنها مفاجأة ..!
.................................................. ......
أوقفت سيارتي الفراري الحمراء أمام ذلك المنزل .. أغلقت سقفها الذي كان مكشوفاً : لقد وصلنا ..!
نظرت ليديا إلى ذلك البيت الوردي : أنه لطيف جداً .. لكن لما أتينا إلى هنا ؟!!..
- إنه ملجأ للأيتام .. هناك بعض الأطفال يعيشون هنا ..أعتقد أنك ستحبينهم ..!
التفتت إلي مستغربه : لم أعتقد أنك من النوع المحب للأطفال ..!
نزلت من السيارة و أنا أقول : في الحقيقة لم أكن كذلك حتى وقت قريب .. لكنني أحببت الأطفال بعد تعرفي لأطفال هذا الملجأ ..!
نزلت هي الأخرى بحماس : متشوقة للقائهم ..!
سرت بهدوء ناحية الدرج وهي خلفي .. كان الجو قد بدأ يبرد بعد أن غربت الشمس ..!
كانت ترتدي فستان وردي يصل لمنتصف الساق و له كم قصير .. مع حزام عريض باللون الفضي حول الخصر ..!
كان لطيفاً للغاية و يناسبها خاصة أنها تركت شعرها منسدلاً و قد كان متموجاً قليلاً كما هي طبيعته و قد رفعته عن وجهها بشريط فضي يطابق لون حذائها ..!
بالنسبة لي فقد كنت أرتدي بنطال جينز قاتم اللون مع كنزة بلون المانجو طويلة الأكمام ..!
ضغطت على الجرس .. و ما هي سوى لحظات حتى فتح أحدهم الباب ..!
دخلت حينها فرأيت أنها لورا الصغيرة .. التي ما إن رأتني حتى بدت السعادة عليها و ركضت عائدة وهي تنادي : لقد جاء لينك إلى هنا ..!
التفت ناحية جوليا التي بدت مذهولة مع ابتسامة متعجبة على وجهها : أأنت محبوب هنا ؟!!..
- أنا نفسي لا أعلم ذلك .. لكن هؤلاء الأطفال يتعلقون بالشخص بسرعة ..!
لحظتها رأيت جين في بداية الممر تركض و خلفها الآنسة جيني ..!
فور أن اقتربت جثوت على ركبتي فعانقتني من فورها : أخيراً جئت ..!
كنت قد ابتسمت بلطف و أنا أربت على رأسها : آسف على تأخري يا صغيرتي الجميلة ..!
ابتعدت عني و قد توردت وجنتاها : لقد سقيت زهور قوس المطر مع الآنسة جيني اليوم ..!
- إنه أمر رائع .. إن اهتممت بها كثيراً فهي لن تموت ..!
- صحيح .. رايل قال ذلك أيضاً ..!
- هل رايل هنا ؟!!..
- لا ..لقد ذهب قبل قليل ..!
انتبهت للآنسة جيني التي قالت بابتسامة بشوشة : لقد كانت جين حزينة حين جاء ريكايل إلى هنا من دونك ..!
لا أصدق بأني استطعت أن أكسب حبها الطفولي بهذه السرعة ..!
حملتها حينها و نظرت لليديا : هذه الصغيرة هي جين .. و هي الأصغر هنا ..!
ابتسمت ليديا في وجهها و ربتت على رأسها : مرحباً .. أنا أسمي ليديا ..!
كانت جين تنظر إليها باستغراب : هل أنت أم لينك ؟!!..
قطبت حاجبي متعجباً كما كان الحال مع ليديا ..!
لكنها عادت لتبتسم وهي تقول : هل أبدو كأمه ؟!!..
- أنت صغيرة على ذلك ..!
- صحيح .. ليس لدي أي أبناء بعد ..!
قالت هذا بمرح .. فابتسمت لها جين : أنت جميلة يا آنسة ..!
- حقاً ؟!.. لكنك أجمل مني بكثير ..!
ضحكت جين حينها بخفة .. بدت ليديا مستمتعة بالفعل .. أنا سعيد لأنني أتيت بها إلى هنا ..!
رحبت بنا الآنسة جيني و طلبت منا الدخول فتركت جين لتسير على الأرض و دخلنا سوية إلى غرفة الجلوس ..!
هناك كانت جوليا تقوم بوضع فناجين القهوة التي قد تم استعمالها و تضعها في صينية كي تنقلها للمطبخ ..!
لكنها ما إن رأتني حتى قالت : أهلاً لينك .. ظننت أنك لن تأتي اليوم ..!
- لما اعتقدت ذلك ؟!!..
- لقد كان رايل هنا قبل قليل .. لم يقل لي بأنك ستحضر ..!
- أعتقد أنه لا يعلم بأمر وجودي .. أتعلمين إلى أين ذهب ؟!!..
- لا .. لقد كنت أظن أنه سيعود إليك ..!
حيرني الأمر .. حتى جوليا لا تعلم إلى أين ذهب ؟!!..
انتبهت جوليا حينها للفتاة التي معي : يبدو أنك أحضرت ضيفاً ..!
قالتها بابتسامة لطيفة .. ابتسمت لها ليديا حينها : تشرفت بلقائك .. أنا ليديا ..!
تقدمت جوليا و صافحتها : أهلاً بك .. أنا جوليا ..!
نظرت إلي حينها لقول بابتسامة ماكرة : لينك .. أيعقل أنها رفيقتك ؟!!..
أحمر وجهي حينها كما حدث مع ليديا .. لكني أسرعت لأن أقول : ليس الأمر كذلك .. إنها صديقة عزيزة فقط ..!
وافقتني ليديا فوراً على كلامي : صحيح .. أني أعتبر لينك بمثابة الأخ ..!
ضحكت جوليا بخفة : هكذا إذاً .. رغم أنكما تبدوان لطيفين سويةً ..!
يبدو أن جوليا تملك وجهة نظر أمي ذاتها ..!
لكنني قلت كي أغير الموضوع و أنا أحدث ليديا : جوليا هي صاحبة هذا الملجأ و مديرته ..! أنها أخت ريكايل .. لقد رأيته سابقاً ..!
أومأت إيجاباً : صحيح .. رأيته حين جاء لاصطحابك من المدرسة ..! لكن ..!
التفت ناحية جوليا و بلطف قالت : أني أحيي فيك روح الإنسانية يا آنسة ..! فكونك صاحبة و مديرة لملجأ أيتام في هذا السن الصغيرة أمر نادر بالفعل ..!
توردت وجنتا جوليا بخجل : ليس الأمر كما تعتقدين .. في الحقيقة والدتي كانت مديرة الملجأ سابقاً ..! صاحبه السابق لم يكن جيداً فهو لم يكن يهتم بأمر الملجأ و الأطفال إطلاقاً ..! مرضت أمي منذ فترة و لم يكن هناك من ينوب عنها غيري .. لذا كان علي أن أصير المديرة ..!
- الصاحب السابق ؟!.. من هو الصاحب الحالي ؟!!..
- فاعل خير .. أشترى الملجأ و كتبه باسمي حتى لا يعلم أحد من هو ..! حتى أنا لا أعرفه فقد كان يقوم بمراسلتنا فقط حتى أنهى جميع الأوراق اللازمة .. وهو من يصرف على الملجأ الآن ..!
- إنه بالتأكيد شخص رائع .. لأنه فكر في حياة الأطفال هنا ..!
- أنت محقة ..!
ابتسمت حينها فقد كنت مرتاحاً لأن جوليا فعلت كما طلبت منها و لم تتحدث بشأن شرائي للملجأ ..!
شعرت بأن الجو هادئ للغاية فحتى جين و الآنسة جيني اختفتا فجأة : أين الأطفال ؟!!..
- إنهم في الحديقة الخلفية .. لقد ذهبوا لمحل الألعاب هذا الصباح و لذا هم مستمتعون باللعب و تجريب ألعابهم الجديدة ..!
- أمر رائع .. هيا ليديا .. سأعرفك عليهم ..!
سرت مع ليديا ناحية الخارج بينما استأذنت جوليا بأنها ستغسل الفناجين و تتأكد من الكعكة التي في الفرن ثم تنضم إلينا فيما بعد ..!
بينما كنا نسير : هل الأطفال هنا كثر ؟!!..
- لا .. أنهم أربعة فتيات و أربع فتيان فقط ..!
- حقاً .. اعتقدت أنهم أكثر بكثير ..!
- لم يكن هذا الملجأ مزدهراً في السنوات الأخيرة ..!
- هل عرفته من خلال ريكايل ؟!..
- يمكنك قول ذلك ..!
وصلنا حينها للخارج .. في الحديقة الخلفية كانت ضحكات الأطفال هي الصوت الطاغي على كل شيء ..!
رينا كانت تحمل رشاش الماء الكبير ذو اللون الأزرق و المصنوع من البلاستيك و تطلق ناحية ايريك الذي كان يحمل وحداً مشابهاً بلون أخضر و قد كان كلاهما قد تبلل تماماً ..!
ديالا كانت تجلس مع لورا و الآنسة جيني على بساط تحت الشجرة مجتمعين حول ذلك الصندوق و بدا أنهم منهمكون في صنع شيء ما ..!
مارسيل كان هناك مع جين كل واحد منهما على دراجة صغيرة بثلاث عجلات ..!
كانت ليديا مبهورة بهم : إنهم صغار جداً .. و يبدون لطيفين للغاية ..!
سمعت صوتاً خلفي حينها : لينك .. أهلاً بك ..!
التفت إلى الخلف فرأيت جينا المربية المسؤولة عن الأولاد و التي تشبه أختها الكبرى كثيراً إلا أنها كانت نحيلة .. وهي في التاسعة و العشرين : أهلاً آنسة جينا ..!
- سعيدة لأنك أتيت لرؤية الأطفال .. هل حضر ريكايل أيضاً ؟!..
- لقد كان هنا قبل وصولي لكنه غادر ..!
- عدت من التسوق قبل قليل فهذا الأسبوع دوري في شراء حاجيات المنزل و الأطفال ..!
- هكذا إذاً ..!
انتبهت حينها لليديا فقالت بابتسامة : هل هذه رفيقتك ؟!!.. إنها جميلة ..!
لما الجميع مصراً على كون ليديا رفيقتي .. هل نناسب بعضنا إلى هذا الحد ؟!..
لحظتها تنهدت بتعب .. لكني فوجئت بأن ليديا تنهدت بتعب هي الأخرى معي في ذات اللحظة ..!
كانت هي أيضاً تنظر إلي مستغربة .. بدا واضحاً أنها أيضاً ملت تلك المسألة ..!
لكنها التفت ناحية جينا و ابتسمت : أسمي ليديا .. و أنا زميلة لينك في المدرسة .. تستطيعين القول أننا صديقان .. فقط ..!
كانت إجابتها كافية تماماً فابتسمت جينا لها : تشرفت بلقائك آنسة ليديا .. أنا جينا المسؤولة عن الصبية هنا ..!
- تشرفنا ..!
- اعذراني الآن .. سأذهب لمساعدة الآنسة جوليا في المطبخ ..!
غادرت المكان بعدها فعدت أنظر إلى الحديقة و أشرت إلى ديالا و لورا : سأعرفك إليهما أولاً ..!
أومأت موافقة فنزلنا درج تلك الشرفة و بدأنا السير نحوهما .. لحظتها وقفت رينا أمامي و كانت تعيرني ظهرها و هي لا تزال تمسك بمسدس الماء ..!
لكنها التفت ناحيتي و نظرت إلي بهدوء للحظات قبل أن تبتسم بمكر و توجه سلاحها ذاك نحوي لتبللني في ثوان !!..
كنت مصدوماً .. فأنا لم أتوقع هذا .. بينما ضحكت هي بخفة رغم أني لا أرى في الأمر ما يضحك ..!
شعرت بأني سأنفجر في لحظات .. لكن ذلك لن يكون جيداً بالتأكيد ..!
اهدأ لينك .. إنها مجرد طفلة تريد أن تلعب معك ..!
أخذت نفساً عميقاً حينها قبل أن أصرخ حينها بحماس : سأنتقم منك ..!
شهقت هي فزعة و راحت تركض مبتعدةً بينما أسرع ايريك ليرمي برشاشه إلي متبرعاً فالتقطته و رحت أركض خلفها ..!
- توقفي يا جبانة ..!
- لن تمسك بي ..!
شعرت بالمتعة فجأة فبدأت أضحك أنا الآخر .. شعرت بأن طفولتي التي ضاعت بين رعب و خوف قد محيت و احتلت ضحكاتي هذه مكانها ..!
كنت قد تبللت أكثر و تبللت هي الأخرى ..!
لكنني في النهاية تمكنت من أن أدركها فرميت باللعبة و التقطت الطفلة في لحظة إلى أني سقطت أرضاً و تدحرجت معها ..!
انتهى بي الأمر مستلقياً على ظهري و هي فوقي .. أخذت لحظات استوعب الأمر فضحكت بشدة كما فعلت رينا ..!
انه شعور رائع .. بل هو أروع شيء في الكون ..!
سماع ضحكة طفل خرجت من قلبه مباشرة .. تشعر لحظتها بأن الدنيا في سلام ..!
خاصة إن كان هذا الطفل مثل رينا التي كبقية الأطفال هنا لم يعرفوا والدين مسبقاً ..!
جلست حينها بعد أن ابتعدت عني ..!
سمعت ضحكة أخرى .. لكنها لم تكن ضحكة طفل ..!
التفت لأرى ليديا التي كانت تضحك بشدة حتى أن دموعاً قد خرجت من عينيها ..!
جثت بقربي و ربتت على رأس رينا : أنت سريعة جداً .. لقد تمكنت من الهرب من لينك لوقت ..!
بدا على رينا السعادة بهذا الكلام : حقاً ..!
- بالتأكيد .. ما اسمك يا صغيرتي ؟!!..
- رينا ..!
- اسمك جميل جداً مثلك تماماً .. لقد أحببتك ..!
- و أنا أيضاً ..!
قالتها تلك الطفلة بمرح .. علمت حينها بأن لدا ليديا قدرة جيدة في التعامل مع الأطفال ..!
- أنا اسمي ليديا .. أريد أن أصير صديقتك ..!
- أهلاً آنسة ليديا ..!
شعرت بأحدهم قد تعلق برقبتي فجأة .. لقد كان ايريك الذي قال بمكر : لينك من هذه الآنسة اللطيفة ؟!..
حسناً .. لم يخطر في بالي أن طفلاً قد يفكر في تلك الأمور .. لكنني أجبته حينها : إنها صديقتي و اسمها ليديا ..!
- أهي صديقة رايل أيضاً ؟!..
لم أجب لكن ليديا قالت بابتسامة لطيفة : يمكنني أن أصير صديقة رايل إن كان الأمر سيسعدك ..!
ابتعد ايريك عني حينها و تقدم ناحية ليديا بمرح : أنا ايريك .. و أنا أكبر الأولاد ..!
- هذا رائع .. إذاً أنت أخوهم الكبير ؟!!..
- صحيح ..!
- إذاً عليك أن تكون لطيفاً و مهذباً كي تكون قدوة جيدة لهم ..!
قطبت حاجبيه غير مقتنع : هل يجب أن أكون كذلك ؟!!..
- بالتأكيد .. أنا الأخت الكبرى لأخوي أيضاً .. لذا فأنا أتحمل مسؤولية تصرفاتهما لان الأخ الأكبر قدوة لأخوته الصغار ..!
- أيمكنني أن أكون قدوة جيدة ؟!..
- بالطبع يمكنك ذلك .. حين تكون مهذباً و لطيفاً و تسمع كلام الكبار و لا تسبب الفوضى ..! أنا أعلم أنك ولد جيد و يمكنك أن تكون قدوةً حسنة ..!
بدت السعادة على ايريك حينها : أنا سأكون قدوة جيدةً لإخوتي ..!
وقفت حينها و أنا أقول : إذا استمعت لنصائح جوليا فستصير قدوة حسنة ..!
ضحك حينها بخفه .. ربما يكون مشاكساً لكنه يتصف ببراءة الطفولة ..!
انتبهت لجون و مايك اللذان كانا هناك في زاوية الحديقة هناك : ماذا يفعلان ؟!!..
أجابتني رينا : يلعبان التنس ..!
- حقاً ؟!!..
- لقد اشتريا مضربين و كرة .. لكنهما لا يعرفان كيف يلعبان بها ..!
- ليديا .. تعالي لنلقي نظرة ..!
سرت ناحيتهما و ليديا معي وقد بدت متشوقة للتعرف عليهما ..!
وصلت إليهما لكني استغربت علامات العبوس على ملامحهما : ما الأمر يا أصحاب ؟!!..
نظرا إلي حينها فقال جون بعبوس : أنظر ..!
كانت الكرة في يده .. و المضرب في يده الأخرى .. رفع المضرب في وضعية مستقيمة ثم ألصق الكرة به و هو لا يزال يمسك بها .. حرك المضرب إلى الأمام و ترك الكرة فلم تنطلق سوا سنتيمترات قليلة ثم سقطت أرضاً : إنها لا تطير ناحية مايك ..!
- لأنك أطلقتها بطريقة خاطئة عزيزي .. يفترض بك أن ترميها في الهواء ثم تضربها ..!
- هكذا ؟!!..
أخذ مايك الكرة ثم رماها عالياً لكنه حين أراد أن يضربها أخطأ في تقدير الوقت فضرب قبل أن تصل الكرة إلى المكان المناسب ..!
ضحكت ليديا بخفة : الأمر يحتاج لتدريب .. لكني واثقة أنك ستتقنها ..!
نظر إليها مايك : من أنتي ؟!..
- اسمي ليديا .. و أنت ؟!!..
- مايك ..!
- أسم جميل يا مايك ..! حسناً .. أنت تذكرني بنفسي فأنا لم أكن أعرف كيف أرمي الكرة حين كنت في عمرك ..!
- هل تجيدينها الآن ؟!..
- لقد تدربت حتى تمكنت من فعلها .. ينبغي عليك فعل هذا أيضاً ..!
لقد كانت ليديا جيدة في الحديث معهم و تجد الكلمات المناسبة دوماً ..!
التفت ناحية جون : و أنت .. ما اسمك ؟!!..
- جون ..!
- رائع .. هل ستتدرب أنت أيضاً يا على ضرب الكرة يا جون ؟!!..
- نعم .. لأني أريد أن أفعل مثل اللذين في التلفاز ..!
- أنا واثقةٌ بأنك ستصير لاعباً جيداً قريباً ..!
انتبهت لمايك الذي كان يمد مضربه إلي : أتجيد اللعب ؟!!..
أومأت إيجاباً بابتسامة : نعم .. لقد تدربت عليها سابقاً ..!
- إذاً ارني كيف تفعلها ..!
- حسناً ..!
قلت هذا و أنا آخذ المضرب من بين يديه ..!
التفت ناحية ليديا : هل تجدين اللعب ؟!!..
- بالطبع .. لقد كسبت بطولة تنس حين كنت في الابتدائية ..!
- لنرى مهارتك إذاً ..!
أعطاها جون المضرب الآخر : تفضلي يا آنسه ..!
ربتت على رأسه : شكراً لك يا صغيري ..!
ابتعدت ليديا عني عدة أمتار و فقد كانت الحديقة واسعة بما فيه الكفاية ..!
انتبهت حينها لجين التي صرخت : لينك سأشجعك ..!
نظرت إليها و ابتسمت و أنا أقول بصوت مرتفع حتى تسمعني : شكراً لك عزيزتي ..!
كانت تقف على درج الشرفة مع مارسيل الخجول الذي لم يقل شيئاً إلا أن ليديا نظرت إليه لتقول بمرح و صوت مرتفع : أيها الصغير ..!
التفت ناحيتها بارتباك : ماذا ؟!!..
- ما أسمك ؟!!..
- مارسيل ..!
- لديك أسم لطيف .. أيمكنك تشجيعي يا مارسيل ؟!!..
تردد حينها قبل أن يقول : أنا لا أعرفك ..!
ضحكت حينها هي لتقول : لا بأس .. أنا ليديا ..! هيا إن فزت على لينك فسأقدم لك الحلوى ..!
بدت عليه السعادة فصرخ : آنسة ليديا أبذلي جهدك ..!
في تلك اللحظة صرخت جين هي الأخرى : آنسة ليديا أنت ستفوزين ..!
لقد غيرت رأيها بمجرد ذكر قطعة الحلوى : جين .. لقد خذلتني ..!
ضحكت حينها بشدة وهي تنظر ناحيتي .. أعتقد بأنها مستمتعة بهذا ..!
أمسكت الكرة : هيا .. سنبدأ .. دقيقتان .. حساب النقاط سيكون حسب عدد الضربات التي رددتها ..!
أخبرتني أنها موافقة و مستعدة فرميت الكرة في الهواء ثم ضربتها ضربة أشبه بالخفيفة كاختبار لمهارة ليديا لكنها فاجأتني بأنها ضربتها بقوة في زاوية صعبة و بالكاد تمكنت من ردها :أنتي ماهرة ..!
- أخبرتك أني كسبت البطولة سابقاً ..!
- حسناً .. لن أتساهل هذه المرة ..!
و هكذا .. مضت دقيقتان و نحن نتبادل الضربات .. و قد تقدمت علي ليديا بضربتين ففازت !!..
ركض مارسيل و جين ناحيتها فعانقتهما بسعادة : أنتما تستحقان الحلوى بمناسبة فوزي ..!
أخرجت من حقيبتها قطع حلوى بالكرز و أعطتهما .. ركض جون و مايك إليها ليحصلا على نصيبهما كما هو الحال مع رينا و ايريك ..!
و هكذا .. تمكنت ليديا من اكتساب حب الأطفال خلال دقائق .. إنها مذهلة ..!
وصلت إليهم أنا الآخر : ماذا عن حصتي ؟!..
ضحكت ليديا بخفة : أتريد العودة لأيام الطفولة ؟!!..
- الحقيقة أني أعيش طفولتي مجدداً حين أكون هنا ..!
- إذاً تفضل ..!
- شكراً لك ..!
أخذت منها قطعة و وضعها في فمي .. كانت حمراء اللون و ذات طعم حلو لذيذ كما أن رائحتها كانت منعشة ..!
اتجهت جوليا ناحية ديالا و لورا اللتان كانتا مستجمتان مع ما تصنعانه فلم تنتبها لكل ما حدث قبل قليل ..!
سرت بجوارها حتى وصلنا إليهم .. وقفت جيني حينها و نظرت لإيريك و رينا : هيا .. عليكما أن تبدلا ملابسكما المبللة حتى لا تصابا بالزكام ..!
أومأ موافقين فاستأذنت و انصرفت حينها معهم بعد أن أخبرناها أنا و ليديا بأننا سنهتم بباقي الأطفال ريثما تعود ..!
جلست ليديا القرفصاء أمام الطفلتين : أتريدان الحلوى ؟!!..
رفعتا رأسهما ونظرتا إليها للحظات .. نظرت ديالا إلي : من هذه ؟!!..
ابتسمت لها : إنها صديقتي .. و هي تريد أن تصبح صديقتكما أيضاً ..!
بدا على لورا ابتسامة خجولة : أيمكنني الحصول على قطعة حلوى ؟!!..
أومأت ليديا إيجاباً بمرح : بالتأكيد صغيرتي .. لكن أخبريني ما اسمك ؟!!..
- لورا ..!
- حقاً ؟!!..أنا أحب أسم لورا كثيراً .. أمي أسمها لورا ..!
لم أعلم إن كانت تقصد أمها الحقيقية أم السيدة روبرتون .. لكني أعتقد أنها تقصد الأولى فقد بدا صوتها حانياً في آخر جملة ..!
وضعت قطعة حلوى في فم لورا : ما رأيك ؟!..
بدت عليها السعادة بشدة و قد توردت وجنتاها كما يحدث مع ليديا بالعادة : إنها لذيذه ..!
نظرت إلى الأخرى حينها : أنت جميلة جداً .. ما اسمك ؟!..
- شكراً لك .. اسمي ديالا ..!
- اسمك جميل أيضاً .. و هو يشبه أسمي ..!
- حقاً ؟!!..
- نعم .. أنا أسمي ليديا .. ألا يشبه أسمك يا ديالا ؟!!..
- بلا ..!
إنها تستغل أصغر النقاط كي تكسب محبة من أمامها .. بالفعل أنها شخص رائع ..!
لا أعلم لما ؟!.. لكني شعرت بأنه لو لم أعرف ميشيل لكنت قد وقعت في حب ليديا بلا شك ..!
لكن بما أن ميشيل موجودة فمشاعري ناحية ليديا لا تتعدى مشاعر الأخوة و الصداقة الحقيقية ..!
أخذت ديالا حصتها من الحلوى هي الأخرى ..!
لفت نظري الصندوق الذي كان على الأرض أمامهما و مجموعة الخيوط الرفيعة تلك : ماذا تصنعان ؟!..
هكذا سألت باستغراب فرفعت ديالا قلادةً كانت في يدها : نصنع حلياً من الخرز ..!
كان الصندوق مليئاً بحبات الخرز متعددة الأشكال و بديعة الألوان ..!
بدا الانبهار على ليديا : يااه .. إنها رائعة .. أيمكنني أن أصنع بعضها معكما ..!
- بالتأكيد ..!
قالت هذا لورا بحماس فنظرت ديالا إلي : و أنت لينك .. تعال و جرب ..!
جلست بجوار لورا بينما كانت ليديا بجانب ديالا ..!
أخذت تلك الصغيرة التي بجانبي تشرح لي طريقة صنع الأساور ..!
نظرت إلى تلك الأشكال الكثيرة .. لكن كان شكل الزهرة هو أكثر ما أعجبني خاصةً بتلك الألوان المختلفة ..!
أخذت خيطاً و بدأت بإدخال الخرزات إليه .. كان صعباً في البداية لكني تمكنت منه ..!
لم أعتقد يوماً بأنني سأقوم بشيء كهذا مع مجموعة أطفال ..!
لكن .. كان الأمر رائعاً للغاية ..!
مضى بعض الوقت قبل أن أنهي ذلك السوار الصغير و الذي كان من الخرز ذو شكل الزهرة و بألوان متنوعة ..!
ناديت على جين التي عادت للعب بالدراجة فنزلت من دراجتها و أتت تجري نحوي ..!
أمسكت بيدها و أدخلت السوار فيها .. و من الجيد أنه كان بمقاس معصمها ..!
بدت عليها السعادة حينها و هتفت : إنها زهور قوس المطر ..!
لم أعتقد أن تفهم المغزى منه بسرعة !!.. لكنها حينها عانقتني بسعادة : لينك شكراً .. إنه جميل .. أنا أحبك كثيراً ..!
بابتسامة مرحة قلت : و أنا أحبك أيضاً .. سعيد لأنه أعجبك ..!
ابتعدت عني حينها لكنها بخطفة عين قبلت وجنتي ..!
حسناً .. كانت المرة الأولى التي أتلقى فيها قبلة من طفل ..!
لذا لم استطع تفسير تلك المشاعر التي اجتاحتني و لا فهم تلك الابتسامة التي اتسعت فجأة ..!
بدا أن ليديا كانت تراقبنا : عزيزتي جين .. هل تحبين الأزهار ؟!..
التفت ناحيتها بمرح طفولي : كثيراً .. أنا أحب زهور قوس المطر ..!
- يبدو أنها زهور جميلة ..!
- تعالي لرؤيتها .. إنها هناك ..!
أشارت ناحية حوض الزهور الدائري في وسط الحديقة .. وقفت ليديا حينها بابتسامة : إذاً هيا بنا ..!
أمسكت جين بيدي : تعال أنت أيضاً لينك ..!
وقفت معها فراحت تركض أمامنا ..!
وصلنا في النهاية إلى الحوض فنظرت ليديا إليها ثم ضحكت بخفة فجأة ..!
التفت جين ناحيتها : ما الأمر ؟!!.
- إنها أزهار الأراولا .. هل تحبينها ؟!!..
- نعم ..!
- رائع .. لكن لما تسمينها أزهار قوس المطر ؟!!..
- أسمها صعب .. لذا أخبرني لينك بأنه بإمكاني اختيار اسم لها ..! ألا تشبه قوس المطر ؟!..
- بلا يا صغيرتي .. لقد أحسنت اختيار الاسم ..! و هي تشبهك كذلك ..!
غمرتها السعادة حينها .. و أخذت تدور حول نفسها بفرح ..!
كنت أنظر إليها و ابتسم .. هذه الطفلة غيرت الكثير فيني ..!
سمعت صوت جوليا تنادي : تعالوا يا أولاد .. الكعكة جاهزة ..!
- رائع .. نضجت الكعكة ..!
- أنا أريد قطعة كبيرة !!..
- لا شك أنها ستكون لذيذةً جداً ..!
- نعم .. الآنسة جوليا تجيد صنع الكعك ..!
كانوا يتراكضون ناحية الشرفة الواسعة حيث كانت جينا و جوليا قد وضعتا الكعكة على طاولة مستديرة مع بعض علب العصير ..!
أمسكت جين بيدي من جهة و بيد ليديا من جهة أخرى : لنذهب نحن أيضاً .. كعكة الآنسة جوليا لذيذة ..!
كانت رائحة الكعكة تصل إلينا هنا .. اقتربنا أكثر فتمكنت من رؤيتها بوضوح بعد أن وقفت بجانب جوليا ..!
كانت مزينة بكريما الفنيليا و قطع الشوكولا .. كما كانت قطع الفراولة تنتشر على أطرافها و قد كانت دائرية الشكل ..!
أبدت ليديا انبهارها : ياااه أنها مذهلة آنسة جوليا ..!
- شكراً لك عزيزتي .. لكني سأستمع لرأيك بعد أن تتذوقيها ..!
أخذت جيني التي وصلت الآن مع ايريك و رينا السكين و بدأت تقطع الكعكة فيما نظرت جوليا إلى الأطفال : اسمعوا يا أحبائي .. عليكم أن تستمعوا لنصائحي قبل أن تبدوا بالأكل ..! أولاً .. ليغسل الجميع أيديهم بالماء والصابون حتى تصير نظيفة ..! ثانياً .. لا تكثروا من أكل الحلوى فرغم أنها لذيذة إلا أنها قد تضركم فيما بعد ..! ثالثاً .. على الجميع تناول الطعام و هو جالس لا واقف فهذا صحي أكثر ..! رابعاً .. بعد الانتهاء من تناول الطعام ليذهب الجميع لغسل أسنانه حتى لا يصيبها التسوس ..! مفهوم ؟!!..
قالوا كلهم في وقت واحد : مفهوم ..!
ذهبوا سوية يركضون ناحية الداخل ليغسلوا أيديهم .. قالت ليديا بأنها ستتبعهم أيضاً فانطلقت دون أن تسمع تعليقي حتى ..!
كان هذا جيداً نسبياً فقد أردت الحديث مع جوليا على انفراد ..!
ابتعدنا عن المربيتين و سرنا في الحديقة .. و حينها سألت جوليا باستغراب : ما الأمر لينك ؟!!..
بدأت حديثي بهدوء : كيف حال والدتك ؟!!..
- لا جديد .. إنها لا تقوى على مغادرة الفراش ..!
- أتمنى لها الشفاء العاجل ..!
- شكراً لك ..! لكن ليس هذا ما تريد أن تحدثني به على انفراد بالطبع ..!
- حسناً ..أردت أن أسألك عن ريكايل .. هل يعاني من مرض ما ؟!!..
قطبت حاجبيها : رايل .. لا أعتقد ..!
- ألا تعلمين ؟!!.. إنه لا يبدو بخير هذه الفترة ..!
- ربما إرهاق فقط .. هل لاحظت عليه شيئاً ؟!!..
- انه يتناول أدوية في الخفاء .. عندما أصل يخفي الأقراص في جيبه ..!
- ربما تكون مسكنات عادية.. إن ريكايل يتناول الكثير من المسكنات و المنبهات .. فهو يقوم بالكثير من الأعمال يومياً لذا يحتاج إلى شيء يدعم جسده حتى آخر نفس ..! أعتقد أنه أدمن عليها رغم أني و أمي حذرناه مراراً من التمادي في تناولها ..!
تذكرت حينها يوماً مضى قبل أن تقوى علاقتنا حين تمكنت من الحصول على علبة الدواء إلا أنه كان قد نزع الملصق .. أذكر أني سألته عن هذه الأقراص فقال أنها مسكنات ألم ..! لكن هناك احتمال كبير بأنه كذب في ذلك اليوم ..!
- أتعتقدين أن الأمر هكذا فقط ؟!!..
- لست متأكدة .. لما لا تسأله بنفسك ؟!!..
- لا أظن أنه سيجيبني .. سأنتظر الوقت المناسب لسؤاله ..!
- أخبرني بآخر المستجدات فكلامك أقلقني ..!
- لا تقلق .. حتى إن كان مريضاً فأعتقد أنه عارض وحسب ..!
- أتمنى ذلك ..!
بدا القلق عليها في آخر جمله .. لم أكن أنوي أخافتها لكني اعتقدت أنها تعلم ما به بحكم أخوتهما بالتربية ..!
بدا أنها انتبهت لشيء فرفعت رأسها لي : أخبرني .. هل عثرتما على شيء عن أسرتكما ؟!!..
- ألم يخبرك ريكايل ؟!!.. لقد ظننت بأنه حدث الخالة آنا بكل شيء حين زاركم اليوم ..!
- خرجت من المنزل وقت الظهيرة ولم أعد بعد ..!
- ألم يخبرك بشيء حين زار الملجأ ؟!..
- لا .. فقد بقي مع الأطفال .. و حين شربنا القهوة كانت لورا تجلس بجانبه لذا أظن أنه لم يتمكن من الحديث أو طردها فهي متعلقة به كثيراً ..!
- هكذا إذاً ..!
- إذاً ماذا حدث ؟!!..
ابتسمت حينها : لقد عثرنا على خالتنا ..!
بدا عليها الذهول الممزوج بالفرح : هل حقاً ما تقوله ؟!!.. إنه أمر رائع بالفعل ..!
- أنت محقة ..!
- هل زرتماها ؟!!..
- نعم .. صباح اليوم ..!
- و ماذا كانت ردة فعلها ؟!!..
- لقد أخذت تبكي من الفرحة .. قالت أنها بحثت عنا طويلاً ..!
- هذا غريب ألم تستطع العثور عليكما طيلة تلك السنوات ؟!!..
- لقد أخبرتنا بأسبابها .. إنها شخص رائع بالفعل ..!
- كم هو لطيف .. أهي قريبتكما الوحيدة ؟!!..
- أعتقد ذلك ..!
- حسناً .. ماذا عن أسرتها ؟!.. هل تقبلكما زوجها ؟!!..
- لم تتزوج بعد ..إنها في الخامسة والعشرين ..!
- فقط !!.. إذاً هي لا تزال في بداية شبابها ..!
- صحيح ..!
- لما لم تقضيا اليوم معها ؟!!.. كان يفترض بكما فعل ذلك ..!
- قطع علينا هذا عملها .. هي تعمل مضيفة طيران و كان عليها الذهاب برحلة لكوريا الشمالية عند الظهيرة ..!
- هكذا إذاً .. لم تخبرني عن اسمها ..!
- ميراي ستيوارت ..!
- سعيدة حقاً من أجلكما ..!
بادلتها ابتسامتها اللطيفة : شكراً لك ..!
انتبهت حينها لمايك الذي كان ينادينا : آنسة جوليا .. لينك هيا سنأكل الكعكة ..!
رفعت صوتي : قادمان ..!
نظرت إلى جوليا للحظات : هيا حتى لا يأكلوا حصتنا ..!
أومأت إيجاباً و سرنا عائدين ناحية الأطفال و قد كانت ليديا تقوم بالمساعدة في تقديم الكعكة لهم ..!
أنا سعيد لأنني أحضرتها إلى هنا ..!
نظرت هي لجوليا : لقد أحببت الأطفال و المكان .. أيمكنني أن آتي لزيارتكم مرةً أخرى ؟!!..
بمرح أجابتها جوليا : بالتأكيد .. هذا المنزل منزل الأطفال و بما أنهم أحبوك فأنت مرحب بك في كل وقت ..!
..................................................
نتوقف هناااااااااااااا ...!

بس لحظة ..!

عندي مفاجأة للجميع ..!

بمناسبة العطلة و كأعتذار و تعويض عن التأخير .. عندي هدية لكم ..!

بارت ثاني ^^


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.