آخر 10 مشاركات
1022 - ألعاب النخبة - دايانا هاميلتون - د.ن (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          هائمون في مضمار العشق (2) .. سلسلة النهاية * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          1018 -الحب المستحيل - بني جوردان - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          1017-درب الفردوس شيرلي كمب - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          1015- بعد شهر العسل - الكسندرا سكوت- عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          1014 - معا إلى الأبد - ليز فيلدينغ . د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )           »          98 - امرأة في حصار - بيني جوردان ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : حنا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-13, 06:50 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


part 20



دخلت إلى القصر حين كانت الساعة تشير للعاشرة بعد أن أوصلت ليديا إلى قصرهم ..!
لقد قضينا وقتاً ممتعاً مع الأطفال كما أن الكعكة التي أعدتها جوليا كانت لذيذة ..!
يبدو أنها و ليديا ستصبحان صديقتين ..!
لا أعلم إن كان ريكايل عاد أم لا .. لكنني متعجب لأنه لم يتصل بي حتى .. و ما أدهشني أكثر أن هاتفه كان مغلقاً .. هل الأمر الذي ذهب لقضائه مهم لهذه الدرجة ؟!!..
رأيت إحدى الخادمات تسير عائدةً إلى المطبخ .. لكنها حين انتبهت لي حنت رأسها باحترام : طاب مساؤك سيدي ..!
- طاب مساؤك ..!
بدت مندهشة رغم محاولة إخفائها لذلك الاندهاش .. فأنا لم أرد عليها بهذا الرد اللطيف سابقاً ..!
- هل عاد ريكايل ؟!..
- نعم .. عاد منذ دقائق و هو في غرفته الآن ..!
- أين هي غرفته ؟!!..
- تفضل معي حتى أدلك عليها ..!
سرت خلفها متجهاً إلى الدور الثاني من خلال الدرج .. و حين صعدنا بدأنا في السير بين الممرات التي كانت مليئةً بالغرف ..!
إنها غرف الضيوف .. لكن بما أنه لا كثير من الأقارب لنا فلا احد يستعملها .. رغم أنها مجهزة و مؤثثة و لكل منها دورة مياه خاصة ..!
وصلنا إلى آخر الممر : هذه هي .. السيدة اختارت هذه الغرفة لأنها أكبر الغرف في هذا الدور ..!
- شكراً لك .. يمكنك الانصراف ..!
حنت رأسها باحترام ثم غادرت المكان .. بينما نظرت إلى ذلك الباب الخشبي ذو اللون القاتم الفاخر و طرقت الباب ..!
لم أسمع رداً .. أمسكت بذلك المقبض الكروي الذهبي و أدرته ففتح .. يبدو أنه لم يقفل الغرفة ..!
دخلت و أنا أنادي : ريكايل .. أنت هنا ؟!!..
كانت الغرفة فارغة ..!
أخذت أنظر يميناً و شمالاً .. لا أحد ..!
تأملت الغرفة للحظات .. إنها واسعة .. و جميلة ..!
هناك سرير كبير على الجدار .. تقابله على بعد أمتار خزانة كبيرة .. بجانبها باب لدورة المياه ..!
هناك مرءآة كبيرة على جدار آخر متصلة بطاولة التجميل ..!
في تلك الزاوية يوجد أريكتان و تلفاز أمامهما تفصل بينهم طاولة من زجاج فوقها تحفة زجاجية بها ماء و هناك ثلاث زهرات جوري فيها ..!
على يساري في تلك الزاوية هناك خزانة ذات باب زجاجي مليئة بالكتب .. بجانبها مكتب كبير فوقه جهاز حاسوب ..!
إنها غرفة كبيرة و رائعة ..!
هناك أيضاً شرفة صغيرة في الزاوية القريبة من السرير عليها ستائر ذهبية تناسبت مع لون الفراش و الأرائك كما أنها بدت رائعة مع ورق الجدران الفخم ذو اللون البني و الزخارف الحمراء القانية ..!
تقدمت بضع خطوات إلى الداخل حين لاحظت السترة السوداء المرمية على السرير .. إنها لريكايل ..!
و فوراً سمعت صوت الماء الخارج من دورة المياه .. يبدو أنه يستحم ..!
جلست على السرير للحظات .. و ما إن فعلت ذلك حتى انتبهت لورقة مطوية خرج طرفها من جيب السترة ..!
مددت يدي حينها بلا شعور و التقطتها .. حين فتحت جزءاً منها اختفى صوت الماء فعلمت بأنه سيفتح الباب حالاً لذا أعتدت الورقة لمكانها ..!
إلا أني تمكنت من ملاحظة ختم كان في الزاوية السفلية من الورقة .. رغم أني لم أتمكن من قراءة شيء من الختم سوى بعض الحروف ..!
تلك الحروف .. لو أكملتها بحرفين آخرين ستدل على كلمة ( مستشفى ) !!..
و هذا ما أقلقني ..!
صوت القفل هو ما قطع تفكيري .. خرج بعدها ريكايل من دورة المياه و هو يرتدي بنطال اسود و يضع منشفة رمادية على رأسه ..!
نظر إلي بهدوء: منذ متى و أنت هنا ؟!!..
أجبته بهدوء أنا الآخر : منذ لحظات فقط ..!
لم يقل شيئاً بل اتجه للخزانة و فتحها .. اخرج قميصاً ترابياً و ارتداه ثم اتجه إلي و هو يغلق أزرار القميص : أين قضيت يومك ؟!!..
هكذا سألت بشك فأجابني بهدوء و هو يأخذ السترة من على السرير : كنت أنهي بعض الأعمال ..!
- كنت في المشفى ؟!!..
توقف للحظات وقد كان قد أدخل إحدى ذراعيه في كم السترة ..!
نظر إلي ببرود : من أين لك بهذا ؟!..
- من رأسي .. أجبني بصراحة ..!
- هل كنت تراقبني ؟!!.. يا له من تصرف مشين ..!
- لم أفعل ذلك .. لكني أريد أن أطمئن عليك ..!
- لا تقلق ..ذهبت فقط كي أحصل على أقراص للصداع ..!
- أيجب عليك زيارة المشفى من أجل شيء كهذا فقط رغم أنك تستطيع شراءه من أي صيدلية ؟!!.. أنت لا تجيد الكذب إطلاقاً ..!
- لم أطلب منك تصديقي ..!
- سأفترض أني صدقتك .. هل يحتاج الذهاب للمشفى و الحصول على أقراص الصداع كل هذا الوقت ؟!!..
لم يجب بل اتجه إلى طاولة التجميل وفتح أحد أدراجها الكبيرة ثم أخرج مجفف الشعر ..!
شغله بعد أن وصله بالقابس على الجدار ثم أخذ يجفف شعره بعد أن رمى المنشفة على الأريكة القريبة ..!
شعرت بالغيظ من تصرفاته .. أنه يتجاهلني و يتحدث ببرود شديد ..!
لذا وقفت و اتجهت إليه ثم أمسكت بسلك المجفف و سحبته فتوقف عن العمل آلياً ..!
نظر إلي بطرف عين : ما الأمر الآن ؟!!..
- أجبني أين كنت بقية اليوم ؟!..ما قصة هذه الزيارة المبهمة للمشفى ؟!!..
- ليس عليك أن تعلم ..!
قالها بنبرة مستاءة و أعاد وصل المجفف بالكهرباء بعد أن سحب السلك من يدي بعنف ..!
يستحيل أن يتحدث بشيء مطلقاً ..!
إنه يبدو منزعجاً من شيء ما .. أو ربما هو منزعج هكذا فقط !!..
أمسكت أعصابي فهذا الفتى سيخرجني من طوري ..!
زفرت بحنق حينها : كما تشاء .. لكن تأكد بأني سأعرف كل شيء قريباً ..!
لم يرد و كأنه لا يعطي بالاً للموضوع !!..
اتجهت ناحية الباب بعد أن يئست تماماً من معرفة شيء : العشاء سيكون بعد قليل .. يجب أن تكون على المائدة ..!
.................................................. ............
استلقيت على سريري بعد أن بدلت ملابسي .. رفعت الغطاء و رميته على جسدي بعد أن خففت من برودة جهاز التكيف فالشتاء على الأبواب ..!
لقد حدثت أشياء كثيرة أرهقتني اليوم ..!
بداية بلقائي بميشيل في الصباح .. مروراً بلقاء خالتنا ميراي و زيارة الخالة كاثرن و زيارتي للملجأ مع ليديا و في النهاية .. شجاري مع ريكايل الذي اختفى طيلة هذا المساء ..!
لقد زار المشفى .. ليس بالضرورة بأن يكون قضى طيلة الوقت فيه لكنه زاره على كل حال ..!
الدكتور هاري .. أنا لا اعلم طبيب ماذا هو ..!
لأنه في ذلك اليوم حين أخذت رايل للمشفى جاء هو إلى قسم الطوارئ و فحصه و لم نذهب إلى قسم معين ..!
لاحظت أنه لا يأكل الملح .. هل هذا مرتبط بما فيه ؟!!..
أنه يشعرني بالحيرة .. خاصة ما حدث بعد عودتي إلى المنزل ..!
إنه يبدو مستاءً بالفعل و كأنه سمع أخباراً سيئة و لا يريد أن يتحدث بالأمر ..!
تنهدت بتعب .. لا يمكنني أن أضغط عليه .. سأسأله مجدداً لكن فيما بعد حين يهدأً ..!
لقد زادت الأمور التي تقلقني مجدداً ..!
نظرت إلى الساعة الرقمية الصغيرة على الخزانة التابعة للسرير بجانبي ..!
إنها تشير إلى الثانية عشر ..!
سأنام الآن .. فأنا مرهق عدد شعرات رأسي الشقراء الكثيفة ..!
.................................................. مضى يومان بخير .. اليوم هو اليوم الأول من الإجازة الأسبوعية ..!
لم يحدث الكثير من الأشياء فاليومان مرا مرور الكرام ..!
بقي أسبوع و نذهب للندن .. و بما أن اليوم هو إجازة الأسبوع فقد فكرت في الذهاب للتسوق مع ريكايل ..!
اتصلت خالتي ميراي اليوم .. قالت أنها تريد لقاءنا بعد أن عادت من كوريا ..!
لذا اتفقت معها و ريكايل أن نلتقي في أحد المقاهي الكبيرة و نذهب بعدها إلى المركز التجاري سويةً ..!
بالنسبة لعلاقتي مع ريكايل فقد عادت الأمور لطبيعتها و كأن شيئاً لم يكن .. بدون أن يحدث أي حوار في ذلك الموضوع ..!
ذلك ما أثبت لي أن مزاجه السيئ في ذلك اليوم هو من فعل هذا ..!
الساعة الآن هي الخامسة عصراً ..!
كنت أقود السيارة باتجاه المقهى الذي اتفقت على لقاء خالتي فيه .. و ريكايل بجانبي يرتدي بنطال جينز أزرق و كنزة خضراء مع سترة سوداء .. أما أنا فقد ارتديت بنطال أسود مع قميص بلون السماء و سترة جلدية بنية ..!
البرد كان مسيطراً على الأجواء و الأمطار تهطل من وقت لآخر ..!
وصلنا إلى المقهى .. لذا أوقفت سيارتي في مربض السيارات التابع له و نزلت كما فعل رايل ..!
و ما إن سرنا خطوتين حتى انتبهت لتلك الشابة التي كانت تسير ناحيتنا ..!
كانت ترتدي بنطال جينز وردي مع قميص أبيض يصل لمنتصف فخذها و سترة رمادية تصل لنهاية خصرها .. شعرها تركته منسدلاً و قد رفعته عن وجهها بشريط وردي عريض ..!
ابتسمت و تقدمت ناحيتها فعانقتني فور أن اقتربت و هي تقول : اشتقت لك يا عزيزي ..!
ضحكت بخفة و بادلتها ذلك العناق : و أنا كذلك ..!
ما إن ابتعدت عني عانقت ريكايل الذي كان بجانبي و على وجهه ابتسامة هادئة : هل اشتقت لي أنت أيضاً ؟!..
اتسعت ابتسامته تلك : بالتأكيد ..!
ابتعدت عنه حينها ثم قالت بمرح : إذاً .. أنتما مدعوان على حسابي .. تناولا ما يحلوا لكما ..!
أومأنا موافقين و سرنا سوية ناحية البوابة .. فور أن دخلنا تقدم أحد الخدم و هو يقول : أهلاً بك و بمن معك سيد مارسنلي .. هل أحجز لك الطاولة المعتادة ..!
- أجل ..!
- تفضل معي من فضلك ..!
سار حينها فتبعته و معي خالتي و ريكايل حيث كانت هي متعجبة وقد همست لي : لك مكانة عاليه ..!
- لأني زبون مميز لهم ..!
- بالتأكيد يا .. سيد مارسنلي ..!
قالت كلمتها الأخيرة بمنتهى السخرية فابتسمت بغرور : عليك أن تكوني فخورة بي ..!
- حقاً ؟!..
- أجل ..!
- لما ؟!!..
- لأني أبن أختك ..!
- وهل يدعوا ذلك للفخر ؟!!..
- ألا ترين أنه كذلك ؟!..
- لا ..!
- ألا يكفي بأن السيد مارسنلي يناديك بخالتي ..!
- يبدو أن لينك مارسنلي مغرور على عكس لينك براون اللطيف ..!
- في هذا .. معك حق !!..
- يكفي أنتما .. ستقلبان الأمر لشجار ..!
كان هذا ريكايل الذي بدا أنه أنزعج من حوارنا ذاك ..!
صعدنا إلى الدور الثاني و اتجهنا إلى طاولة في تلك الزاوية بجانب جدار من الزجاج يطل على تلك الحديقة العامة بجانب المقهى ..!
جلست أنا و رايل متجاورين و خالتي أمامنا حيث قالت : ماذا تطلبان ..!
فوراً قلت : قهوة فرنسيه .. و وافل بالكراميل مع المكسرات ..!
- وأنت ريكايل ؟!!..
- مثله تماماً ..!
- كما تشاء .. حسناً أنا لا أفضل الأشياء الساخنة لذا سأطلب المثلجات مع قطع الفاكهة ..!
أومأ النادل إيجاباً و هو يسجل في ذلك الجهاز الصغير معه : دقائق و يكون أمامكم ..!
ابتعد حينها فنظرت إلى خالتي : كيف كانت رحلة كوريا ؟!..
تنهدت حينها : كانت متعبة .. لقد كان الطريق طويلاً ..!
سأل ريكايل : هل ذهبت إليها سابقاً ؟!..
- أعمل مضيفةً منذ سنتين .. لقد ذهبت إليها ثلاث مرات سابقاً ..! غالباً تكون رحلاتي لدول أوروبا فقط .. لكن في الإجازات أطر للذهاب للدول البعيدة أحياناً ..!
- إن عملك متعب !!..
- أنت محق .. خاصة أني أعمل على الخطوط الدولية و ليس المحلية ..! لكنه ممتع فأنا أزور الكثير من البلدان .. ربما لا أبقى إلا بضع ساعات لكنها تكفي للإطلاع على حياة الناس هناك ..!
- أعتقد أن هذا رائع .. لكني أعتقد أيضاً أنك تذهبين إلى دول كثيرة أكثر من مرة .. ألا يصيبك هذا بالملل ..!
- الحقيقة أني غالباً ما أكون على الرحلات المتجهة للندن .. لدرجة أني أذهب إليها مرة كل أسبوعين ..!
بدا علي الحماس حينها : رائع .. أنا و ريكايل سنذهب للندن في الأسبوع القادم ..!
نظرت إلي بسعادة : حقاً ؟!.. متى ستكون طائرتكما ؟!!..
- مثل اليوم .. السبت في التاسعة صباحاً ..!
- يا للحظ .. السبت القادم لدي رحلة للندن تمام الحادية عشر صباحاً .. ليتنا كنا على ذات الرحلة ..!
- هذا مؤسف .. المشكلة أننا مع مجموعة من الأصدقاء لذا لن تسنح لنا فرصة تغير الموعد ..!
- أصدقاءكما ؟!!..
بهدوء قال ريكايل : أنهم أصدقاء لينك .. و هم جميعاً من الطبقة المخملية !!..
قطبت حاجبيها باستغراب : ألم تعرفهم لأخيك يا لينك ؟!!..
ترددت حينها قبل أن أقول : لم يحن الوقت المناسب بعد ..! في الحقيقة لا أحد يعلم أننا أخوان غيرك و غير مديرة الملجأ السابقة الخالة آنا و ابنتها جوليا التي في عمرنا ..!
- لما لم تخبروا الجميع ؟!!.. أهناك مشكلة ..!
- الأحداث التي حدثت قبلاً هي ما منعنا من ذلك .. لكن لا تشغل بالك بالأمر لن يطول الوقت قبل أن يعلم الجميع ..!
- هل ستخبرهم في تلك الرحلة ؟!!..
- لا ..!
- إذاً كيف ستأخذ ريك معك ؟!!..
لم أعلم ماذا أقول .. لست مستعداً لإخبارها بقصة أن ريكايل كان خادمي و أشياء مثل تلك ..!
لكن في هذا الموقف أنقذني رايل بقوله : دعك من هذه الأمور خالة ميراي .. ألن تحدثينا عن شقيقتك و زوجها ؟!!..
ابتسمت بهدوء حينها : يبدو أنكما لم تتطلعا على محتويات الصندوق ..!
الصندوق ؟!!.. آه تذكرت .. لقد أعطتني صندوقاً في كيس في ذلك اليوم حين زرناها ..!
نظرت بطرف عين إلى ريكايل : الحقيقة أننا تشاجرنا منذ يومين .. لذا لم نجد الوقت المناسب لفتح أشياء كتلك ..!
بادلني ذات النظرة حينها : هل تريد إلقاء اللوم علي ؟!!..
- لا !!..
- إذاً ؟!!..
- فقط .. أفسر لها السبب ..!
- لن أرد عليك ..!
نظر إلى الأمام بعدها .. فالتفتت أنا إلى الجهة الأخرى : هل يتشاجر التوائم أيضاً ؟!!..
التفت ناحية خالتي و قلت بانزعاج : ألسنا بشراً ؟!!..
لكني ذهلت لأن ريكايل قالها معي في ذات اللحظة و بذات النبرة .. حتى هو كان ينظر إلي مصدوماً ..!
لقد حدث هذا سابقاً .. يبدو أننا نفكر ذات التفكير أحياناً ..!
ضحكت خالتي بخفة و هي تنظر إلينا : أنتما بالفعل تثيران الدهشة .. عليكما أن تكبرا قليلاً ..!
لم أعلم إن كانت تمدحنا أو تذمنا .. لكنني تجاهلت الأمر و سألت : ألن تخبرينا عن والدينا ؟!!..
- ماذا تريد أن تعرف بالضبط ؟!!..
- كل شيء ..!
- حسناً .. ماذا تعرف حتى الآن ؟!!.
- لا شيء .. عدا أن أيان كان جامحاً أيام الثانوية و نيكول كانت فتاة مجتهدةً في الدراسة ..!
- معلومة جيدة ..!
- أعطنا غيرها ..!
- بماذا تريدانني أن أبدأ ؟!!..
تدخل ريكايل حينها بسرعة : كيف تزوجا ؟!..
ابتسمت ابتسامة صغيرة ثم قالت : أتريدان أن تعلما كيف تزوج إيان و نيكول رغم الاختلاف في شخصيتهما ؟!..
- بالضبط ..!
- يمكنني القول .. إنها قصة طويلة .. لا أذكر كل شيء فأنا كنت طفلة .. لكني سأخبركم بما أعرفه ..! حين كنت في الخامسة كنت أساعد في المشتل الصغير التابع لبيتنا .. و قد كنت أقوم ببيع الأزهار للناس في الحي ..! إيان كان يشتري مني الزهور دائماً و قد كان حينها بعمركما الآن ..! لا أعلم لما كان الجميع يتحاشاه رغم أنه دوماً يشتري الزهور مني وعلى وجهه ابتسامة رغم صغرها إلا أنها كانت حانية للغاية ..! علمت أختي أني أبيع الزهور لذلك الفتى فصرخت بي غاضبة و مضيفةً بأن علي أن لا أبيع الزهور لشخص سيء مثله ..!
كنت مصدوماً بالفعل : إذاً عندما كانا في عمرنا لم يعرفا بعضيهما ..!
- أضف إلى ذلك أن نيكول كانت تكره إيان بشدة .. فهي كانت تعتبره شخصاً لا يستحق أن تعطيه نظرة حتى ..! لن تستغربا شعورها نحوه ففتاة بمثل اجتهادها الدراسي من الطبيعي أن تنظر هذه النظرة لشخص مهمل مثله غير كونه جامحاً أيضاً ..!
- إذاً كيف تعرفا لبعضهما ..!
بانت على عينيها نظرة هادئة و كأنها تتذكر .. اتسعت ابتسامتها الصغيرة و هي تقول : ذلك اليوم يستحيل أن ينسى ..! كنت أبيع الزهور كالعادة و كان الوقت قريباً من الغروب .. أذكر أن ثلاثة شباب أحاطوا بي لسبب أجهله .. كانوا جامحين تبدو عليهم الخشونة على عكس إيان الذي كان فقط يحتفظ بجرح صغير على وجنته اليسرى دلت على أنه جامح ..! كنت مرعوبة و بدأت أصرخ لعل أحداً يأتي ليساعدني .. نيكول كانت قد بدأت بالبحث عني لتعيدني للبيت .. و حين رأت الشباب الثلاثة بدأت تصرخ و تطلب النجدة لكن أحدهم لم يسمعها ..! التفتوا هم ناحية أختي فما كان مني إلا أن هربت و أنا أبكي علني أجد من يساعد .. عثرت على إيان حينها فأسرعت بجذبه كي يأتي ليساعدها .. من الجيد أنه استجاب لي رغم أني واثقة بأنه لم يفهم شيئاً ..! حين وصل إلى المكان دخل في شجار عنيف معهم بعد أن وصفهم بعدم الرجولة لمهاجمتهم فتاة و هم ثلاثة شباب ..! و بعد جهد جهيد هربوا بعد تبادل الضربات بينهم .. إلا أن إيان سقط أرضاً حينها فقد تلقى هو ما يكفي من الضربات الموجعة فهو كان واحداً ضد ثلاثة ..! أخذته نيكول إلى البيت و بدأت تداوي جروحه كرد للجميل .. و منذ ذلك اليوم علمت بأنه ليس شخصاً سيئاً كما اعتقدته .. كانت هذه شارة البداية لقصتهم ..!
كنت أشعر أني أستمع لملخص فلم رومانسي .. حتى أني تخيلت الأحداث رغم مواجهتي صعوبة في تخيل أشكال والدي ..!
لدرجة أني لم انتبه حين وضع النادل طلبنا فقد شردت بخيالي : تفضلا الآن ..!
هذا ما قالته الخالة ميراي بابتسامة فرفعت فنجان القهوة قليلاً و استنشقت بعضاً من بخارها : قهوة الوطن .. إنها الأفضل ..!
تمتمت بهذا مندمجاً من الجو : لم أعلم أنك وطني هكذا ..!
فتحت عيني اللتان أغلقتهما للحظات فرأيت ريكايل ينظر إلي ببرود : لست وطني للغاية .. لكني أشعر بالانتماء لفرنسا على أي حال ..!
لم يعلق بل عاد ينظر لخالتي : خالة ميراي .. لما تزوج أمي و أبي و هما صغيران ؟!!..
كانت قد أخرجت الملعقة الصغيرة من فمها بعد أن تذوقت آيسكريم التوت لحظتها : حسناً .. لقد كان أيان يتيم الوالدين كما هو الحال معي و مع نيكول .. و الاثنان وقعا بحب بعضيهما .. لذا كان تكوين أسرة أمراً جيداً بالنسبة لظروفهم ..! لقد عشنا في منزلنا فإيان كان يعيش في شقة سكنية صغيرة ..!
- هكذا إذاً .. لقد حيرني هذا الموضوع طويلاً ..!
- لقد أقاما حفل زفاف صغير .. وقد حضر له بعض الأصدقاء من الجامعة التي يدرسان فيها و بعض صديقات نيكول أيام الثانوية ..!
قطبت حاجبي : ماذا درسا في الجامعة ؟!!..
التفت إلي لتقول ببساطة : لقد تزوجا أثناء سنتهما الأولى ..! أذكر أن إيان قرر دراسة الإعلام ليصير صحفياً .. و لا أخفي عليكما أنه كان يريد أن يصير صحفياً حربياً إلا أن نيكول كادت تموت من الخوف حين أخبرها .. لذا قرر أن يصير صحفي رياضي فقد كان من محبي كرة القدم ..! أما نيكول فقد كانت تهدف لأن تكون أخصائية تغذية في إحدى المستشفيات و قد ساعدتها علاماتها العالية على الحصول على مقعد في الكلية التي اختارتها بسهولة ..!
إنها أحلام لطيفة للغاية .. لقد كان من الممكن أن يكون كل منهما قد احترف مجال عمله لو أنهما لازالا على قيد الحياة ..!
لكن للأسف .. الموت سبقهما ..!
بقينا نتحدث عن بعض الأشياء .. للأسف خالتنا لا تذكر الكثير .. لكننا تمكنا من معرفة أمور عديدة عن والدينا ..!
نحن أيضاً تحدثنا بأمور عديدة دون ذكر قصة لقائنا الأولى .. أنا تحدثت عن حياتي في اسكتلندا و أصدقائي و مارسنلي ككل ..! ريكايل تحدث عن طفولته في الملجأ ثم بعض الأمور عن دراسته متجاوزاً اللحظات العنيفة ..!
الخالة ميراي رائعة .. إنها مرحة و لطيفة و تظهر خوفها و قلقها عليك حتى تشعر بمدى حبها لك ..!
لقد عبرت كثيراً عن مدى سعادتها برؤيتنا : أتعلمان .. تنتابني رغبة في البكاء الآن .. لقد كبرتما كثيراً و صرتما شابين ..! في يوم ولادتكما كنتما صغيرين كثيراً ..! لقد كانت آخر مرة رأيتكما فيها ..! حين كنت أستلقي على سريري لأنام كنت أفكر .. أين هما الآن ؟!.. هل هما بخير ؟!!.. هل ذهبا للفراش ؟!!.. هل تناولا العشاء ؟!!..هل هما سعيدان أم حزينان ؟!!.. و الأهم من هذا .. هل هما على قيد الحياة حتى الآن ؟!!.. كان أمراً مؤلماً للغاية .. فحين أتذكر كيف كنتما صغيرين أشك بأنكما تمكنتما من العيش في هذا العالم الموحش ..! أحياناً أحلم و أرى نيكول في منامي .. في لحظات تضحك فأشعر أنكما بخير .. و في أحيان تكون حزينة فأشعر أنكما لستما بخير .. لكني أتألم حين أراها تبكي فأعلم حينها بأنكما تتألمان هذه الليلة ..! ربما لا يكون كلامي معقولاً .. لكن هذا ما كنت أشعر به ..! لكن بما أنكما الآن أمامي على خير ما يرام .. فأنا مطمئنة .. و أعتقد أن نيكول و إيان مطمئنان أيضاً ..!
كانت دموعها قد سالت حينها على وجنتيها المتوردتين و ابتسامة حانية على شفتيها ..!
مددت يدي حينها و ربت على يدها التي كانت على الطاولة .. فعل ريكايل الأمر ذاته بيدها الأخرى : لقد كنا بخير طيلة الوقت .. لذا لا داعي لأن تقلقِ ..!
هذا ما قلته لحظتها .. كما قاله أخي في الوقت ذاته ..!
.......................................... صارت الساعة التاسعة مساءاً .. كنا نتجول في الأسواق بلا كلل أو ملل .. أو بالأحرى .. خالتي العزيزة لا تعرف معنى التعب ..!
فها نحن نسير منذ اليوم بين المتاجر و نتبادل الأحاديث و الضحكات ..!
هذا المركز التجاري ضخم للغاية فهو من خمسة أدوار غير أن مساحته شاسعة ..!
ربتت على كتف خالتي و قد أرهقني السير : ميراي لنتوقف قليلاً ..!
لم ألبث إلا أن ضربت رأسي بحقيبتها : قل خالتي يا ولد !!..
- أتريدين تحطيم جمجمتي ؟!!.. لا تعتقد أن حقيبتك هذه خفيفة الوزن ..!
- هذا جزاءك .. عليك أن تناديني بخالتي كما يفعل ريك ..!
تنهدت بتعب .. لقد فعلت هذا مراراً حين أخطأ و أقول ميراي بدون تقديم كلمة خالتي ..!
في الحقيقة في المرة الأولى تعمدت ذلك لأرى ردة فعلها .. لكنني بعدها صرت أقولها بلا قصد وكأن لساني أحب تلك الضربة ..!
- أنا جائع ..!
التفتنا سوية ناحية رايل الذي قالها بنبرة طفولية ..!
رفعت أحد حاجبي : أتريد أن نأكل كعكة ما ؟!!..
- لا .. لن تسكت جوعي ..!
- هل نتعشى ؟!..
- الأفضل ذلك ..!
- أتشتهي شيئاً معين ؟!!..
- بيتزا !!..
- لما هي فجأة ؟!!.. لم أعلم أنك تحبها !!..
- إنها لذيذة للغاية ..!
- حسناً .. يمكننا تناول البيتزا من أحد المطاعم الموجودة هنا ..!
انتبهت لخالتي التي أظهرت انبهارها حيث حضنتني لثانية ثم قالت بإعجاب : رائع .. أنت تجيد دور الأخ الأكبر يا عزيزي ..!
كان الاستنكار أقرب وصف لحالتي حينها : لقد سألته عن ما يريد تناوله فقط ..!
- لكنك تبدو كالأخ الأكبر بالفعل ..! أليس كذلك ريك ؟!!..
هز كتفيه بمعنى الجهل : كل ما أعرفه أني جائع للغاية ..!
أخرجت محفظتي من جيبي : العشاء على حسابي .. لنذهب لصالة المطاعم و أختر المطعم الذي تريد يا أخي ..!
.................................................
جلست على تلك الطاولة بين مئات الطاولات و قد وضعت الكيس الكبير على الطاولة : أين خالتي ؟!!..
سألت رايل الذي كان يجلس هنا و ينتظرني حتى أحضر العشاء : لا أعلم ؟!.. فجأة اختفت ..!
لم تمض لحظات إلا و ظهرت و هي تحمل كيساً صغيراً : هل تأخرت ..!
- أنا وصلت منذ لحظات ..! ماذا تحملين في يدك ؟!..
- لقد أحضرت لي سلطة من أجل العشاء ..!
- لما ؟!.. ألا تحبين البيتزا ؟!..
- بلا .. لكنني لا أستطيع تناول الكثير منها فهي دسمة للغاية .. سأكتفي بقطعة واحدة ثم أسد بقية جوعي بتناول السلطة ..!
جلست أمامي بينما كان رايل على يميني و قد قال باستغراب : و ما المشكلة في كون البيتزا دسمه ؟!..
أجبت أنا عوضاً عنها : إنها شابةً يا رايل .. بالتأكيد هي تقوم بحمية ..!
قطب حاجبيه : خالتي .. لا أرى أنك سمينة حتى تتخذ حمية .. هل تعانين من مرض ما ؟!..
أومأت سلباً و قد أخرجت تلك العلبة البلاستيكية من كيسها حيث كانت تلك السلطة التي كانت مليئةً بالخس الأمريكي و قطع الطماطم : لا يا عزيزي .. حميتي بسيطة جداً و هي فقط للمحافظة على وزني الحالي .. بسبب عملي كمضيفة طيران يجب أن يكون قوامي مقبولاً ..!
- لما ؟!.. كم هو وزنك على كل حال ؟!!..
علمت بأن ريكايل تفوه بكلام يجب أن لا يقال .. و الدليل أن وجه خالتي تلون لحظتها ..!
من خلال خبرتي السابقة .. تمكنت و بكل سهولة من معرفة السبب ..!
رفعت خالتي حقيبتها و ضربت رأس أخي هذه المرة : يبدو أنك أنت الآخر تستحق هذه الضربة !!..
- هذا مؤلم !!.. ما الذي فعلته ؟!..
- لقد فعلت أكبر مصيبة ..! ريك .. ألا تعرف كيف تعامل الفتيات ؟!!..
- لا !!.. أنا لم أتخذ صديقات من قبل ..!
- عموماً عليك أن تعرف بأن المرأة تغضب حين يسألها أحد عن وزنها أو عن عمرها !!.. لذا إياك أن تسأل هذه الأسئلة مجدداً و إلا فلن تنظر فتاة لوجهك !!..
- أنتن معشر النساء غريبات أطوار حتى أكاد أشك أنكن من كوكب آخر ..! لينك هل كنت تحتمل هذا الألم طيلة الوقت بعد كل ضربة ..!
ابتسمت حينها ببساطة : أعتقد أن رأسي أعتاد عليها ..! لكن عليك أن تكوني أكثر رحمة بأخي الصغير يا ميراي ..!
لم أكد أكمل جملتي إلا و تلقيت تلك الضربة مجدداً : قلت لك للمرة المليون .. خالتي !!!..
............................................
مضى بقية المساء على خير .. ودعنا خالتي في الساعة الثانية عشر وعدنا للقصر..!
علمت من جيسكا أن والدتي ذهبت للنوم .. هذا جيد فهي عادةً لا تنام إلا متأخراً و تستيقظ مبكراً جداً .. لذا أعتقد أنه من الأفضل أن تأخذ قدراً كافي من الراحة ..!
ذهب ريكايل لغرفته و اتجهت لغرفتي .. و بعد أن أنهيت كل مهامي استلقيت على السرير استعداداً للنوم ..!
اليوم بعد أن تناولنا طعام العشاء ذهبنا لدورات المياه .. يبدو أن ريكايل استغل لحظة دخولي للحمام ليأكل شيئاً من تلك الأدوية لكنني تمكنت من ملاحظته ..!
لقد كان يحمل كرت أقراص فقط .. لذا لم استطع معرفة شيء بدون علبة ..!
لم أسأله خشية أن يتغير مزاجه فتشك خالتي بالأمر .. لكني سأعرف كل شيء قريباً ..!
.................................................. ........

ستوووووووب

يكفي اليوم ^^

أن شاء الله تكون الهدية أرضتكم ؟!!..

طبعاً الحين الواجب للبارت الأول و البارت الثاني ^^

هل ستتمكن ليديا من أكتشاف المزيد عن لينك قريباً ؟!!..

بل هل سيكتشف لينك سر زيارة ريكايل للمشفى ؟!!..

و ماذا عن السيدة رافالي موقفها السلبي ناحية ريك ؟!!..

لينك سيتبع نصيحة ليديا بشأن ميشيل .. فهل سيجدي هذا نفعاً ؟!!..

أيمكن أن تمنح ميشيل العنيدة فرصة جديدة لـ لينك ؟!!..

كشف الستار عن بداية علاقة ايان و نيكول .. ما رأيكم بها ؟!!!..

و ماذا سيحدث في القريب العاجل ؟!!..

ان شاء الله تكونو استمتعتوا بالبارتين رغم الهدو و السلام اللي فيهم ^^

لدي طلب صغير .. للمتابعين الذين لا يضعون ردود بالعادة .. أتمنى منهم وضع عبارة ( متابع بصمت ) كرد حتى أعرف عدد المتابعين الحقيقي ^^

في حفظ الله ^^


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 07:07 PM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 21

في اليوم التالي قضيت طيلة النهار بالاستعداد لامتحان مادة المهارات الإدارية ..!
لم يحدث شيء طيلة ذلك اليوم فقد بقيت في المنزل بينما ذهب رايل لزيارة الخالة آنا و زيارة أطفال الملجأ ..!
صباح الاثنين ذهبت للمدرسة .. قدمت الامتحان و قد أبليت فيه بلاءاً حسناً ..!
غداً ليس لدي امتحان .. لكن لدي امتحان يوم الخميس ..!
لذا .. جلست مع رايل في جناحي أمام التلفاز و أحضرت الكيس الذي أعطتني الخالة ميراي في لقائنا الأول بها ..!
أخرجت صندوقاً من ذلك الكيس .. كان مغطاً بالورق الفاخر كصناديق الهدايا .. لونه أحمر و له غطاء ترابي ..!
نظرت إلى ريكايل :مستعد ؟!..
أومأ إيجاباً فمدت يدي و فتحت الصندوق و كلي شوق لما سأجده داخلة ..!
فور أن أبعدت الغطاء وقعت عيني على ما فيه .. لقد كان دفتراً من فئة الـ ( 200 ) صفحة .. ذو لون وردي عليه رسوم لزهور متنوعة مما دل أنه لفتاة : ما هذا ؟!..
هكذا سأل رايل باستغراب : يبدو أنه .. دفتر مذكرات ربما ..!
- لمن ؟!!..
- إنه لفتاة ..لن يكون لميراي كما أظن ..!
- إذاً ؟!..
- لا شك أنه .. لأمنا ..!
هذا ما قلته و أنا أحمل الدفتر : ما رأيك رايل ؟!.. هل نلقي نظرة ؟!..
أومأ موافقاً : لم تعطنا إياه الخالة ميراي إلا لنطلع عليه ..!
انتبهت إلى أن هناك صفحات معينة ثبت على جوانبها ملصق ملاحظة بحيث يظهر طرفه حتى تتمكن من فتح تلك الصفحة مباشرةً كالذي يستعمله الطلبة أثناء المذاكرة لمعرفة الفصول في الكتب ..!
- رايل .. لنقرأ الصفحات الخاصة فقط ..!
- فكرة جيدة ..!
لاحظت بأنها كتبت على كل ملصق شيئاً ما ..!
على الملصق الأول كان ( لقد أنقذني ) ..!
فتحت تلك الصفحة حينها .. و بدأت بالقراءة ..!
لكني سأترك لكم قراءة ما كتبته نيكول بنفسها ..!
*^*^*^*^*^*^*^*
اليوم .. اكتشفت شيئاً جديداً ومثيراً ..!
الشخص الذي كنت أظن أنه أسوء من قابلت .. ظهر أنه رائع وجدير بالثقة !!..
بدأ الأمر وقت الغروب .. ميراي الصغيرة تأخرت عن العودة للمنزل على عكس العادة .. لذا خرجت للبحث عنها ..!
كنت أنادي عليها و أسأل الجميع عنها لكنهم جميعاً لم يروها مما أثار قلقي ..!
و في رحلة بحثي رأيت ذلك الولد الذي معي في الصف .. كان يسير على جانب الطريق يضع يديه في جيبه و ينظر للأمام بجمود .. ترددت .. هل أسأله عن أختي ؟!!.. إنه مرعب و أخشى أن يتعرض لي بأذى ..!
لكن ربما يعرف مكان ميراي .. تجرأت حينها و تقدمت نحوه : أنت ..!
لم يرد علي بل سار في طريقه .. يتظاهر و كأنه شاب في الثلاثين و هو لا يزال في السابعة عشر : براون .. توقف ..!
بالفعل .. توقف حينها و التفت لي ببرود .. شعرت بالخوف من نظرته الباردة تلك لكني تجرأت : هل رأيت ميراي ؟!!..
لم يجب .. و لم يتحرك .. و لم يبعد عينيه ..!
لكنني أعدت سؤالي مجدداً : ميراي أختي الصغيرة .. ألم ترها في أي مكان ؟!!..
بنبرة باردة سأل : بائعة الزهور ؟!!..
أومأت إيجاباً .. فأشار ناحية المنعطف القريب : كانت هناك منذ دقائق ..!
ركضت لتلك الناحية دون أن أشكره حتى ..!
و ما إن اقتربت حتى سمعت صوت بكاء أختي و صراخها !!..
أصابني الفزع و ركضت ناحية المنعطف و ما إن تجاوزته حتى رأيتها هناك و ثلاث شباب يحيطون بها !!..
ركضت ناحيتهم بسرعة و أنا أنادي عليها ..!
لكن ثلاثتهم التفتوا نحوي ليقول أحدهم : دعوا الطفلة يا شباب .. لقد وصلت آنسة لطيفة إلى هنا ..!
ابتلعت ريقي و قد سيطر الخوف علي .. لكن ما أراحني هو حين رأيت ميراي تركض هاربة من المكان ..!
تقدم أحدهم ناحيتي .. كان مخيفاً و وجهه كان مليئاً بالجروح .. أمسك بذراعي حينها فشعرت أنها ستكسر .. بدأت أصرخ طالبةً النجدة لكن أحدهم لم يسمعني ..!
كان يتفوه بكلمات لا أفهمها بسبب صراخي و لأني لا أعلم عما يتحدث بالضبط لكني أعلم يقيناً أنه لن يكون شيئاً جيداً ..!
حينها .. توقف عن الحديث و نظر إلى الجهة الأخرى كما فعل رفيقاه ..!
كنت مصدومة حين رأيت براون المخيف ذاته هنا و ميراي تبكي من خلفه .. هل طلبت منه المساعدة يا ترى ؟!!..
هل يقبل شخص مثله بمساعدة أحد ما ؟!!..
صرخ حينها بصرخة أفزعتني قبل أن تفزع الشباب الثلاثة : يا معدومي الرجولة .. أتظهرون قوتكم على فتاة صغيرة ؟؟!!..
تركني الرجل حينها .. كان كل همي أن أركض ناحية إيان و أكون خلفه .. لأني شعرت بأنه من سوف يحميني منهم ..!
احتضنت ميراي التي كانت تبكي و بدأت أبكي معها .. كنت أسمع أصوات الضرب و صرخات الألم ..!
التفت حينها فرأيت حالهم .. في لحظات كان كلٌ منهم قد ملئ جسده بالضربات .. لكن إيان كان أقلهم تضرراً رغم أنه أصغر منهم ..!
في النهاية هربوا جميعاً بعد أن علموا بأنه سيصمد حتى النهاية ..!
لكن فور أن اختفوا أنهار هو أرضاً ..!
و بعدها ..!
*^*^*^*^*^*^*^*
التفت رايل إلي متعجباً :لما أغلقته ..!
- أعتقد أنه ليس من الجيد أن نعرف الباقي ..!
- لما ؟!!..
- هناك أشياء لا يحق لنا الإطلاع عليها ..!
- ربما أنت على حق .. لنرى الصفحة الأخرى ..!
أومأت موافقاً و نظرت إلى الكلمة التي كتبت عليه ( يوم التخرج ) ..!
*^*^*^*^*^*^*^*
كان اليوم رائعاً بالفعل .. فقد تخرجت من المرحلة الثانوية أخيراً ..!
لقد حصلت على المركز الأول على مستوى جميع الطلبة .. بالنسبة لإيان فقد أثمرت جهودي في شرح الدروس التي كان يهرب منها له فقد حصل على الترتيب السادس عشر بين ستين طالباً ..!
رغم أني قد أنبته كثيراً بسبب هربه إلى سطح المدرسة وقت الدروس .. إلا أنني لم استطع تركه يرسب في السنة الأخيرة ..!
لقد تم تتويجي بسبب مرتبتي التي كانت في القمة .. كنت سعيدة للغاية فقد تم تكريم المراكز الثلاث الأولى تكريماً خاصاً..!
صحيح أني شعرت بالحزن قليلاً حين رأيت أهالي باقي زملائي يقومون بتهنئتهم بمناسبة تخرجهم أخيراً .. لكن إيان قام بتهنئتي فأعاد السعادة لقلبي ..!
أمي .. أبي .. لقد تخرجت أخيراً .. تمنيت لو كنتما هنا لتهنئاني ..!
في طريق عودتي للمنزل كان إيان يسير بصحبتي فدعوته لتناول الغداء معي و مع ميراي ..!
و ما إن دخلت البيت حتى فوجئت بالقصاصات الملونة التي انتثرت في المكان : مبارك تخرجك ..!
كانت ميراي و بعض أصدقائها و كذلك الجيران ..!
التفت إلى إيان مذهولة لكنه ابتسامته الهادئة صدمتني و هو يقول : مبارك حصولك على المركز الأول نيكول ..!
هو الآخر خطط لهذا .. كان الأمر رائعاً فقد احتفلوا جميعاً بي و بإيان كذلك ..!
لقد كانت الكعكة لذيذة .. و ميراي أهدتني زينة شعر لطيفة للغاية ..!
إيان أيضاً أعطاني عقداً جميلاً للغاية ..!
كانت دموع الفرح تسيل من عيني حين شعرت باهتمام الجميع بي و لفرحتهم لتخرجي ..!
لم أكن أستطيع وصف سعادتي إثر الموقف .. لقد كان الحفل رائعاً بالفعل و خلاله أعلن إيان عن خطوبتنا ..!
كان الجميع مستغرباً لأننا لازلنا صغيرين .. لكن هذا لم يمنعهم من تقديم التهاني لنا و قد وعدوا بحضور حفل الزفاف ..!
كنت أشعر بخجل شديد بمجرد التفكير بأنني سأشكل أسرة مع إيان بعد بضعة أشهر ..!
ميراي كانت سعيدة جداً و كانت طيلة الوقت تخبرني بأني سأكون أجمل عروس في ذلك اليوم ..!
أنا سعيدة .. سعيدة للغاية .. لأنني عرفت إيان بحق ..!
*^*^*^*^*^*^*^*
ابتسمت بهدوء بعد قراءة تلك السطور : لقد أعلنا عن الخطوبة في يوم التخرج ..!
أومأ رايل إيجاباً و على شفتيه ابتسامة مشابهة : إنه أمر مثير للدهشة .. لكنه يثير الحنين بطريقة ما ..!
- لم يكن أبي منبوذاً كما اعتقدت .. يبدو أنه محبوب من الجميع ..!
- أعتقد أنه كان منعزلاً مما جعل الناس يتحاشونه .. لكن يبدو أن أمي غيرته تماماً ..!
- إن المذكرة من مئتي صفحة .. لكنها مررت سنة كاملة ..!
- أعتقد أنها كتبت الأمور المهمة و لم تأخذ بطريقة كتابة كل يوم بيومه .. و لاحظ أن المذكرة ممتلئة ماعدا بضع صفحات في النهاية ..!
- هل نفتح الصفحة التالية ؟!..
- أجل ..!
نظرت إلى الأخرى .. و كما توقعت .. كانت التعليق المكتوب على الملصق ( حفل زفافي ) ..!
*^*^*^*^*^*^*^*
أتممنا المراسم في الصباح ..!
وقد حضر الكثير من صديقاتي و أصدقاء أيان و بعض جيراننا ..!
لكن المثير هو أني حين أدرت ظهري للحضور و رميت بالزهور الحمراء .. صرخ الجميع مذهولاً مما جعلني أتحمس لمعرفة من أمسك بباقتي .!
و فور أن ألتفت ألجمتني أنا الصدمة حين رأيت الباقة بين يدي أختي ميراي التي لا تزال في السابعة من عمرها !!!..
رغم ذلك .. ضحكنا جميعاً حين أسرعت هي بإعطائها لإحدى الفتيات بعد أن شعرت بأنها أمسكت بشيء لا تزال صغيرة على حمله ..!
و في الليل كانت الحفلة ..!
قام بعض الأصحاب بالتبرع و استئجار صالة صغيرة من أجل زفافنا .. لقد كانت جميلة جداً .. و أنا أشكر لهم هذا ..!
كان شعوري و أنا داخل الفستان الأبيض غريباً .. كان مزيجاً من الخجل الشديد و بعض السعادة و لمسة من الخوف كذلك ..!
إيان بدا وسيماً للغاية .. بدلته كانت جميلة جداً و إن لم تكن فاخرة ..!
حتى ميراي بدت في قمة السعادة و قد كانت تقفز و تركض في كل مكان بثوبها الوردي ..!
رغم أنه كان حفلاً صغيراً إلا أنه كان حانياً للغاية ..!
لقد التقطنا الكثير من الصور سويةً .. و الجميع أيضاً التقط الصور معنا ..!
صديقاتي كن سعيدات جداً لكنهن لم يتوقفن عن محاولة إحراجي ببعض الكلمات و الإشارات ..!
و المثير في الموضوع أن أيان كان متوتراً أيضاً .. و للمرة الأولى أراه بهذا الشكل حتى أن وجنتيه توردتا ..!
لم تكف جارتنا العجوز عن وصفي بالعروس الصغيرة .. كما أنها قالت بأني أذكرها بنفسها فقد تزوجت هي الأخرى حين كانت في سني ..!
حتى إيان لم يسلم من التعليقات .. لكن أكثر ما أثر فينا هو حين قال أصدقاء إيان بأن علينا أن نسمي ابننا الأول لينك من أجل صديقنا الراحل ..!
لقد تأثر إيان كثيراً بهذا .. اعلم أنه يتمنى لو كان لينك هنا ..!
أنا أيضاً شعرت بالدموع تفيض في عيني .. لقد كان وفاة لينك منذ سنة صدمة كبيرةً للجميع و خاصةً إيان ..!
رغم ذلك .. حاول ألا يظهر تأثره ثم نظر إلي و ابتسم .. مد يده و مسح دموعي تلك و هو يهمس : لم أسمع بفتاة تتذكر الأشياء المحزنة ليلة زفافها .. هل ستكون عروسي الأولى ؟!!..
لقد احمر وجهي بشدة لحظتها حتى أني شعرت بأن دمي كله تجمع في وجنتي ..!
لقد كان حفل زفاف رائعاً للغاية .. و الجميع قدم لنا الهدايا ..!
لا يمكن أن أنسى أي لحظة قضيتها هذا اليوم ..!
فهو يوم من أسعد أيام حياتي ..!
*^*^*^*^*^*^*^*
لا أعلم لما .. لكنني لحظتها تذكرت الصور التي رأيتها لزفاف أمي إلينا من قبل ..!
فقد كانت الصالة التي أقيمت فيها الحفلة كبيرة و فاخرة و قد حضر الكثير من النبلاء ..!
فرق عظيم بين الحفلين صحيح ؟!!..
لكني أشعر أن حفل إيان و نيكول كان مليئاً بالمشاعر الصادقة : إنها حفلة رائعة ..!
هذا ما تمتمت به : محق .. أعتقد أنهما كانا أفضل عريسين في تلك الليلة ..!
- يبدو أنهما كانا يعيشان بسعادة ..الجيران و الأصدقاء بدو كأهل حقيقين هنا ..!
- أجل .. و أكثر ما لفت انتباهي هو أسمك الذي ذكر هنا ..!
- يبدو أنه أسم لصديق أبي القديم .. أعتقد أن علاقته بوالدي قوية و الدليل هو أن أبي أختار هذا الاسم لي ..!
- هل نسأل الخالة ميراي ؟!..
- لا بأس في ذلك ..!
- عموماً .. لننظر الآن للصفحة التالية ..!
كان التعليق هو ( خبر سعيد ) ..!
*^*^*^*^*^*^*^*
اليوم ذهبت للطبيب كما نصحني إيان .. لقد أراد هو الآخر أن يأتي معي لكن بسبب محاضرته الجامعية في ذلك الوقت لم يتمكن من ذلك ..!
دخلت على طبيبة النساء .. و قد قامت بإجراء الفحص الطبي لي بعد أن سألتني بعض الأسئلة ..!
و قد نزل علي خبر كالصاعقة !!..
في بطني .. جنين .. لا بل .. اثنان !!..
أخذت أكذبها عدة مرات .. لكنها أقنعتني في النهاية !!..
كل ما فكرت فيه حينها .. هل سأكون أما بعد بضعة أشهر ؟!!..
لا أعلم كيف أصف هذا .. لكني وضعت يدي على بطني حينها و ابتسمت ..!
كنت متحمسة لإخبار إيان بالخبر و رؤية ردة فعله ..!
عدت للمنزل .. كان لم يعد بعد و ميراي لا تزال في المدرسة ..!
بدأت بتحضير الغداء و أخذت أفكر بالطريقة التي أخبره بها ..!
لكنني قررت إخباره مباشرة بلا مقدمات حتى يصدم بالفعل !!..
حين عاد من الجامعة سألني عن صحتي و عن ما قالت لي الطبيبة ..!
لحظتها أخبرته بأمر الحمل ..!
لم يصدق و ظن أني أمزح حتى أنه ذهب باتجاه الدرج كي يصعد للغرفة و يبدل ملابسه ..!
لكنني ما إن وقفت أمامه و أريته أوراق الفحص حتى اتسعت عيناه بدهشة !!..
نظر إلي حينها : أنتي جادة ؟!!..
- كما ترى أمامك ..!
- أهي مزحة نيكول ؟!!..
- هل الأمر سيء ؟!!..
قلت هذا بتوتر حين لم أرى إلا ملامح الهدوء على وجهه ..!
لكنه حينها أبتسم ابتسامة صغيرة و سار ناحية الأريكة و رما بنفسه فوقها و أخذ يتمتم بكلام غريب حتى شككت بأنه جن !!..
تقدمت ناحيته و وضعت يدي على جبينه : إيان أأنت مريض ؟!!..
لم ألبث أن قلت هذا حتى وقف بسرعة و عانقني في حين غفلة وهو يصرخ : نيكول لا أصدق !!.. أنت رائعة و أنا أحبك أكثر من أي شيء في هذا العالم ..!
حينها كنت قد أيقنت بأنه قد جن بلا شك ..!
ابتعد عني لحظتها و ربت على كتفي : نيكول .. سنكون أبوين ؟!!..
كنت متعجبة منه لكنني ابتسمت : أعتقد ذلك ..!
أخذ يضحك حينها بسعادة و قد عانقني مجدداً و هذه المرة قام بتهنئتي ..!
كنت سعيدة بالأمر فهو يبدو سعيداً للغاية ..!
أخذ بعدها يخبرني بأن علي أن لا أجهد نفسي و أن لا أقوم بأي شيء من أعمال المنزل مضيفاً إلى أنه سيقوم بكل شيء ..!
تركني أجلس على الأريكة و ذهب هو ناحية المطبخ فقد قال بأنه سيهتم بالغداء اليوم و بكل يوم حتى يولد الطفل بسلام ..!
لقد كانت سعادته غامرة .. و قد جعلني هذا سعيدة أنا أيضاً ..!
مضى حوالي عشرة أشهر على زفافنا .. أنا لا أزال في شهري الثاني لذا لا أعلم إن كان صبياً أم فتاة ..!
لكن إيان قال حينها بأنه إن كان صبياً فسنسميه لينك بالتأكيد .. و قد أخبرته بأني أريد هذا أيضاً ..!
*^*^*^*^*^*^*^*
لم يكن لدي أي تعليق على الأمر .. لكني بلا شعور كنت قد ابتسمت بهدوء ..!
فتلك كانت المرة الأولى التي نكون فيها معهما و إن لم نكن معهما بالشكل المطلوب ..!
بدا على ريكايل الهدوء .. نظر إلى الملصق الأخير الذي ثبت بآخر صفحة قد تمت كتابتها .. تمتم وهو يقرأ ما كتب عليه : لينك و ريكايل ..!
يبدو بأن ذلك اليوم كان اليوم الذي ولدنا فيه .. نظرت إلى رايل بطرف عين : أتريد أن نلقي نظرة عليها ؟!!..
أومأ سلباً حينها : لا .. لن نأخذ منها غير الألم ..!
كان محقاً .. فرغم أني على يقين بأن أمي لم تكتب إلا عن سعادتها بذلك اليوم و ربما تصفه بأنه أجمل أيام حياتها ..!
لكنني أيضاً أعلم بأنه آخر ما كتبته أمي .. أو بالأحرى .. آخر يوم لوالدي و والدتي في هذه الحياة ..!
لو كانا حيين حتى الآن .. لكنا في التاسعة و الثلاثين ..!
انتبهت إلى أن ريكايل أخذ شيئاً آخر في الصندوق : أنظر إلى هذا يا أخي ..!
- يبدو أنه ألبوم صور ..!
- هل أفتحه ؟!!..
- أجل ..!
فتحه فأسرعت بإلقاء نظرة على الصورة الأولى ..!
كانت تلك الفتاة تقف أمام مبنى كبير و على وجهها ابتسامة لطيفة .. بجانبها لوحة كتب عليها تاريخ قديم مع عبارة ( حفل تخريج الدفعة الثامنة عشر للمرحلة الثانوية ) .. يبدو أنها التقطت في يوم التخرج ..!
و فوراً أدركت بان تلك الفتاة كانت أمي ..!
شعرها البني الناعم كان يصل إلى خصرها و قد تركته منسدلاً كما لم ترفعه بشيء من الأمام .. لقد بدا أنه حريري و لونه كان لطيفاً فهو لم يكن قاتماً ولا باهتاً .. عيناها خضراوتان .. كعيني و عيني ريكايل ..! ترتدي تنورة سوداء تصل إلى أسفل ركبتها و قميصاً أبيض و جوارب بيضاء تصل نصف الساق مع حذاء أسود ..! تحمل بين يدها ورقة مطوية تبدو كشهادة التخرج ربما ..!
لقد كانت جميلة للغاية و ابتسامتها تشع بالحياة و الأمل ..!
بجانبها وقف شاب أطول منها بقليل .. كان على وجهه ابتسامة هادئة و هناك جرح صغير على وجنته اليسرى زاد من وسامته .. له عينان زرقاوتان بلون البحر في فصل الصيف .. شعره أشقر مثل لون شعري و قد ثبته إلى الخلف كرايل الآن تماماً ..! يرتدي بنطال أسود و حذاء رياضي أسود .. مع قميص أبيض فتح أولى أزراره و تركه فوق البنطال و قد وضع يده اليمنى في جيبه بينما يده اليسرى كانت تربت على كتف الفتاة و قد أمسك شهادته هو الأخر بها ..!
أخيراً رأيتهما .. والدي و والدتي .. إيان و نيكول ..!
حدقت بالصورة كثيراً .. تمنيت لو أتمكن من لقائهما صدقاً..!
أتمنى لو أتحدث إليهما .. أسمع صوتهما .. أني بالفعل أريد رؤيتهما ..!
لكن .. كل ذلك مستحيل ..!
أريد أن أعتذر ..أعتذر بشدة لأني لم أعرفكما سابقاً .. أمي .. أبي ..!
قلب رايل الصفحة بعدها .. نظرت إليه .. بدا أنه متأثر هو الآخر : جميلة ..!
هذا ما تمتم به فنظرت لتلك الصورة ..!
كان يوم الزفاف .. أمي بدت رائعة بذلك الثوب الأبيض الطويل .. صحيح أنه ليس فاخراً و مثيراً .. لكنه كان لطيفاً للغاية ..!
لقد كانت تبتسم بخجل و هي تنظر للأسف و تحمل باقة الزهور بعد أن جلست على ذلك الكرسي الطويل الذي خصص للعريسين في هذه الصالة ..!
بجانبها كان أبي .. بدا الهدوء على ملامحه و لم ينظر لآلة التصوير بل أشاح بوجهه قليلاً فمن الواضح أنه يشعر بالتوتر و الخجل هو الآخر ..!
كما ذكرت أمي في مذكرتها ..لقد كان وسيماً للغاية تلك الليلة ..!
بدأنا نقلب الصفحات .. كانت صوراً ليوم الزفاف إما وحدهما أو مع بعض الناس الذين كانت السعادة واضحةً عليهم ..!
ميراي ظهرت في صور كثيرة .. لقد تمكنت من تميزيها بسهولة رغم أنها كانت طفلة فهي لا تزال تحتفظ بذات الملامح إلا أن شعرها كان قصيراً هنا فهو يصل لأسفل رقبتها فقط ..!
فستانها الوردي كان لطيفاً و بدت كملاك بريئة به ..!
وصلنا للصفحة الأخيرة ..!
هنا .. اتسعت عيني بذهول .. فأنا لم أعتقد أني سأرى شيئاً كهذا !!..
حتى رايل بدا متفاجئاً ..!
بلا شعور .. ابتسمت بهدوء و أنا أنظر لتلك الصورة التي أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها رائعة ..!
أمي .. كانت تجلس على ذلك السرير الأبيض .. تحمل بين يديها ملاءةً بيضاء لفت حول رضيع قد لا يتجاوز عمره الخمس ساعات ..!
كانت تنظر إليه نظرة حنان و على وجهها ابتسامة مليئةٌ بالعطف ..!
على كرسي ملاصق للسرير جلس أبي و هو يحمل الملاءة الأخرى بحذر و على وجهه ابتسامة صغيرة و عيناه معلقتان بما بين يديه ..!
رغم أن الرضيعين لم يكونا واضحين إلا أن أطراف الشرائط التي ربطتها ميراي حول يديهما واضحة ..!
فقد كانت والدتي تحمل ذا الشريط الأزرق ريكايل .. و أبي يحمل صاحب الشريط الأحمر لينك ..!
كانت صورة لطيفةً للغاية و مليئةً بالمشاعر : إنها دافئة .. أليس كذلك رايل ؟!..
بهمس أجابني : بلا .. إنها الأروع ..!
أغلق الألبوم بعدها و أعاده إلى الصندوق ثم وضعت المذكرة فوقه .. و كذلك وضعت معه الشرائط التي أعطتنا الخالة آنا ..!
أغلقت الصندوق و أعدته للكيس : هل نعيده للخالة ميراي ؟!..
- لا أعلم .. ربما تريدنا أن نحتفظ به ..!
- سنرى في الأمر فيما بعد ..! عموماً لتستعد الآن .. سوف نذهب لاستلام جواز سفرك ..!
أومأ موافقاً و وقف مغادراً الغرفة ..!
و أنا كذلك اتجهت لغرفتي كي أبدل ملابسي ..!
.................................................. .....
مضى بقيت الأسبوع على خير .. كانت أيامنا تمضي بهدوء فقد كنا نذهب لزيارة الأطفال أو زيارة الخالة آنا بشكل شبه يومي .. التقينا بالخالة ميراي مرتين .. أخبرتنا بأنه بإمكاننا الاحتفاظ بالصندوق ..!
سألناها عن لينك الذي ذكرته أمي في مذكرتها فأخبرتنا بأنه كان صديق والدي الحميم منذ أيام الطفولة رغم أنه لم يكن جامحاً إلا أنهما كانا صديقين حميمين فلينك كان الوحيد الذي يعرف إيان حق المعرفة قبل نيكول .. وقد كانا يعيشان سويةً شقة صغيرة لخمس سنوات ..!
قالت خالتي أن أبي ذكر كثيراً أن لينك كان ينصحه دوماً بالابتعاد عن حياة الجامحين لكنه لم يستمع له .. و في مرة كان أبي يتشاجر مع بعض الجامحين وحده فكادوا يقضون عليه إلا أن لينك ذاك جاء و ساعده و بالمقابل تلقى طعنة من أحدهم فقد حياته أثرها ..!
صحيح أن الشرطة أمسكت بالمجرمين و حاسبتهم إلا أن أبي شعر بالذنب و أنه هو السبب في موت صديقة الذي أعتبره أكثر من شقيق ..!
لكن أمي أخبرته بأنه إن أراد أن يسامحه لينك فعليه أن يترك هذه الحياة التي أوقعته بالكثير من المشاكل و أودت بحياة صديقه ..!
و قد كان هذا قبل سنة من وزاجهما ..!
بقيت الأسبوع أمضينها بالاستعداد للرحلة .. و هاهو يوم السبت قد جاء أخيراً ..!
.................................................. ...........
تمام الثامنة صباحاً ..!
وقفت أمام المرآة بعد أن ارتديت قميص أزرق مع سترة جلدية سوداء و كذلك بنطال جينز أزرق قاتم ..!
بقيت أنظر إلى نفسي قليلاً .. أعتقد أن هذا مناسب ..!
ريكايل كان يجلس على الأريكة خلفي وقد ارتدى سترة سوداء رسميه كعادته مع بنطال أسود و قميص أبيض ..!
أمسكت بزجاجة العطر و بدأت أضع منها الكثير الكثير كعادتي ..!
التفت إلى الخلف فرأيت رايل يجلس شارد الذهن .. تقدمت ناحيته بلا صوت و ما إن جلست بجانبه : رايل هل ....!
قاطعني سعاله المفاجئ .. بل إن ما فاجئني هو أنه أستمر بالسعال بشدة فربت على ظهره بقلق : رايل ما بك ؟!!..
انتابته نوبة من السعال الشديد .. حتى شعرت أن أنفاسه على وشك أن تقطع ..!
حاول الوقوف فوقفت و أمسكت به و أجلسته : لا تتحرك .. ليس من الجيد أن تقف و أنت بهذا الحال ..!
دفعني بشدة حينها فتراجعت إلى الخلف بضع خطوات بصدمة لكن ما صدمني هو أنه وقف و أبتعد حتى صارت بيننا مسافة كافية فخف السعال قليلاً و استطاع أن يلتقط أنفاسه ..!
تقدمت ناحيته بقلق : ريكايل أأنت بخـ ..!
قاطعني حين صرخ : لا تقترب !!..
وقفت في مكاني بلا شعور و أنا لا أكاد أستوعب ما يحدث .. لا يزال يسعل لكن بشكل بسيط ..!
لحظات حتى أخرج من جيبه أسطوانة صغيرة و قربها من فمه و ثم ضغط على رأسها الذي يشبه رأس زجاجة العطر في فمه ..!
كنت أحاول أن أفهم معنى هذا .. إنها أنبوبة المصابين بالربو !!..
بلا .. إنها لفتح الشعب الهوائية التي تغلق جراء الغبار أو الروائح القوية جداً ..!
هل أخي مصاب بربو حاد لدرجة أنه تعرض لنوبة سعال بلا سبب ؟!!..
انتبهت حينها للأمر .. لقد وضعت الكثير من العطر ..!
إن كان ريكايل مصاباً بالربو فطبيعي أن تكون هذه ردة فعله ..!
فوراً حينها أسرعت إلى الخزانة و خلعت سترتي وقميصي المشبعان برائحة عطري القوية ثم ارتديت كنزة ترابية بسرعة و انطلقت ناحية رايل ..!
كان يجلس أرضاً و التعب بادٍ عليه و قد كان يلهث بعد أن استعاد أنفاسه و أوقف السعال ..!
جثوت أمامه و أظهرت استيائي : لما لم تخبرني بأنك مصاب بالربو ؟!!..
رفع رأسه ونظر إلي بهدوء رغم تعبه : لم أجد داعياً لهذا ؟!!..
- أجننت ؟!!.. تعلم أني أضع الكثير من العطر دائماً .. كان هذا يؤذيك طيلة الوقت رغم ذلك بقيت صامتاً ؟!!..
- رائحة العطر لا تشكل شيئاً .. إن لم اعتد عليها فلن أستطيع التعايش مع هذا المجتمع ..!
- واضح أنها لا تشكل شيئاً .. أتعتبر ما حدث منذ لحظات لاشيء ؟!!..
- يجب أن لا أكون لا حساساً لأمور صغيرة كهذه و إلا أجبرت على ترك عملي لمرات عديدة !!..
- كنت تحتمل كل هذا من أجل العمل ؟!!.. أنت بالفعل تثير غضبي .. كنت سأتفهم الأمر لو أنك أخبرتني !!.. رايل هل أصاب عقلك شيء ؟!!..
كنت قد غضبت بالفعل فإخفاءه شيئاً بهذه الأهمية يجعلني أفقد أعصابي ..!
طأطأ رأسه و قال بنبرة همس و ندم : آسف .. أعلم أنه لم يكن علي إخفاء أمر كهذا ..! لكني لم أعتد على ذلك فلا أحد يعلم بأني مصاب بالربو رغم أني مصاب به منذ مده ..!
كلامه ذاك أطفأ غضبي و قد فهمت شعوره نوعاً ما .. هو لم يعتد على أن يعتمد على أحد أو يظهر ضعفه أمام أحداً .. لقد كان هو المسؤول في كل شيء ..!
لأطفال الملجأ .. لجوليا و ميشيل و أمهما .. لصديقه بيير الذي كان يحتمي به دائماً ..!
لذا .. لم يعتد جعل أحد يقلق عليه .. بل كان هو من يقلق على الجميع ..!
تنهدت حينها و ربتت على كتفيه : كيف هي حالتك بالضبط ؟!.. أجبني بسراحه ..!
بهدوء دون أن ينظر إلي : أخبرني الطبيب بأنه ربو متوسط الشدة ..! تذكر حين أخبرتك بالقصة التي حصلت لي حين أنقذت بيير من العقاب .. لقد مرضت بعدها و لكن لم يكن أنفلونزا أو حمى .. بل التهاب بالرئة إثر البرد .. و هي ما سببت لي هذا مع مرور الوقت ..!
- هكذا إذاً .. منذ متى و أنت مصاب بهذه الحال ؟!!..
- منذ ثلاث سنوات .. لكني لم أذهب لزيارة الطبيب إلا منذ سنة و نصف فقط فأنا لم أكن أعلم بما في بالضبط ..!
- طبيبك .. هو الدكتور هاري ليبرت صحيح ؟!!..
- هل تعرفه ؟!..
- التقيت به حين أخذت للمشفى في ذلك اليوم ..! و يبدو أن علينا زيارته الآن ..!
قطب حاجبيه : الآن ؟!!.. و الرحلة ؟!!..
ابتسمت بهدوء : لا تقلق .. يمكننا اللحاق بهم فيما بعد .. المهم هو أن نطمئن على صحتك فلا أظن أن نوبة شديدة كالتي قبل قليل حصلت هباءً مع أني أتمنى ذلك ..! هيا معي ..!
تردد قليلاً قبل أن يومئ إيجاباً ..!
اتجهت لهاتفي و اتصلت بالمطار أولاً .. وجدت حجزاً على طائرة الحادية عشر صباحاً فحجزته و ألغيت حجز رايل في التاسعة ..!
ثم اتصلت بماثيو و أخبرته بأني سوف أأجل موعد رحلتي بعض ساعات بسبب عمل طارئ و طلبت منه أن يلغي حجزي بعد أن أخبرته بأني سأكون على طائرة الحادية عشر ..!
.................................................. ............
كنت أقف قرب باب تلك الغرفة و رايل بجانبي و قد خرجت امرأة عجوز منها قبل قليل ..!
في تلك المدينة الطبية الضخمة التي تحتوي على عدة مباني .. و هنا في قسم أمراض الجهاز التنفسي قرب عيادة الدكتور هاري الطبيبة المتخصص في أمراض الرئة و التهاباتها ..!
همست لرايل : هل جئت بنفسك إلى هذا المكان سابقاً ؟!..
- لا .. لقد كنت قد ذهبت لأحد المستشفيات الصغيرة .. لكنهم نقلوا ملفي إلى هنا ..!
- هكذا إذاً ..!
لحظات حتى وصلت الممرضة : سيد براون .. إنه دورك فهلا تفضلت معي ..!
كان هناك بعض الناس يجلسون على كراسي قرب العيادة بانتظار أدوارهم .. تقدمت و رايل خلفي ..!
دخلنا مع الممرضة فرأيت ذلك الطبيب الشاب ذو الشعر الفاحم مجدداً يجلس هناك خلف ذلك المكتب و ينظر لبعض الأوراق ..!
ما إن دخلنا حتى ترك ما في يديه و نظر إلينا بعينيه الزرقاوين الجريئتين من خلف نظارته الطبية مستطيلة العدسات و ابتسم : كيف حالك يا ريكايل .. أرجوا أن تكون بخير ؟!!..
بهدوء قال : أنا بخير دكتور ..!
- حسناً .. هل حدث جديد معك ؟!!..
- في الحقيقة أصابتني نوبة سعال شديدة اليوم بسبب رائحة عطر قوية .. أريد أن أرى إن كان هذا قد سبب التهاباً أم لا ..!
- لا بأس .. اذهب مع الممرضة للقيام بتصوير الأشعة و حينها سنرى إن كنت تضررت أم لا ..!
سارت الممرضة فتبعها هو و خرجا ..!
نظر الطبيب الوسيم ناحيتي وأخذ يتذكر : أنت ؟!.. آه لقد جئت مع ريكايل إلى هنا من قبل .. أعتقد أنك من مارسنلي ..!
- صحيح .. أنا لينك مارسنلي ..!
- أأنت صديق لريكايل ؟!!..
- تستطيع قول ذلك ..!
- إنكما تتشابهان كثيراً و لولا أني أعرف أسمك مسبقاً لظننتك أخاه ..!
- حسناً .. إني أعده بمثابة أخي ..!
- شيء رائع .. لم أعتقد أن ريكايل سيخبر أحداً بمرضه فهو قد طلب مني بأن لا أخبر أحداً بالأمر ..!
- هو لم يخبرني .. لقد اكتشفت بنفسي .. في الحقيقة أنا من كان يضع ذلك الكم الكبير من العطر حين أصابته الحالة ..!
- هكذا إذاً .. و جئت لتعرف حاله بالتفصيل ..!
- بالضبط .. نحن نقضي معظم وقتنا معاً لذا أريد أن أعرف أكثر عن حالته كي أتجنب ما يضره ..!
- حسناً .. تفضل بالجلوس ..!
جلست على ذلك المقعد أمام مكتب الدكتور هاري .. بدأ يحدثني عن صحة ريكايل بالتفصيل ..!
لقد أراحني كلامه كثيراً فيبدو أن حالة أخي ليست بتلك السوء بما أنه منضبط على تناول تلك الأدوية ..!
فقط حذرني من الروائح القوية كالعطر .. و كذلك من الغبار ..!
و بعد عشر دقائق عاد رايل مع الممرضة التي كانت تحمل ملفاً فيه نتائج تصوير الأشعة اكس ..!
بقي الطبيب ينظر إليها للحظات قبل أن يبتسم بهدوء : اطمئن .. يبدو أنك لم تتضرر إثر هذه النوبة .. لكن كما أخبرتك إياك أن تتساهل مع الأمر .. فور أن تتعرض لنوبة ما تعال لإجراء الفحص ..!
أومأ ريكايل موافقاً فوقفنا حينها لمغادرة العيادة فقلت بابتسامة : شكراً لك أيها الطبيب ..!
ابتسم لي ثم نظر إلى ريكايل الذي قال : أوصل سلامي للدكتور مارفيل ..!
لم أعلم من يقصد لكن الدكتور هاري أومأ موافقاً : إلى اللقاء .. احرص على أخذ دوائك في موعده يا ريكايل .. و تذكر مواعيد الفحص الدوري ..!
.....................................
كانت الساعة تشير إلى التاسعة و النصف حين كنت أقود السيارة و ريكايل بجانبي ..!
الشوارع كانت شبه مزدحمة .. و الجو يميل للبرودة فنحن الآن في فصل الخريف ..!
انتبهت لرايل الذي سأل : هذا ليس طريق القصر .. إلى أين نحن ذاهبون ؟!!..
أجابته بهدوء و أنا أنظر إلى طريقي : إلى ذلك المبنى الزجاجي ..!
نظر هو إلى تلك الناطحة الصغيرة المتشكلة من أربعين طابقاً غير السطح ..!
كان الزجاج اللامع بمثابة الجدران حيث يمكنك أن ترى الناس في الأدوار القريبة .. أما الأدوار العالية فقد انعكست عليها صور الغيوم في حضن السماء الزرقاء ..!
بنبرة استغراب سأل : ما هذا المكان ؟!!..
- إنه المركز الرئيسي لشركة مارسنلي ..!
- تقصد .. مكان عمل السيدة إلينا ..!
- بالضبط .. إنها مديرة هذا المكان .. و مكتبها في الطابق الأربعين ..!
حين وصلنا كان هناك أسوار حول المكان و حراس قرب بوابة كبيرة ..!
أوقفوا سيارتي الفراري الحمراء فتقدم أحد الحراس إلي : لا يسمح بالدخول دون بطاقة .. أتحمل واحدة ؟!!..
يبدو أنه لا يعرفني .. لا ألومه فأنا لم آتي إلى هنا منذ زمن ..!
أخرجت بطاقتي المدنية و أعطيتها إياه .. نظر إليها للحظات قبل أن يحني رأسه باحترام : أهلاً بك سيدي ..!
أعاد البطاقة ثم قال بصوت مرتفع كي يسمعه الحارس الذي في الغرفة الصغيرة : افتحوا البوابة للسيد مارسنلي ..!
كان هناك اثنان آخران قرب البوابة .. ارتفع الحاجز الأحمر أتوماتيكياً فحركت سيارتي إلى الداخل ..!
بعدها أوقفتها أمام باب المبنى حيث تقدم شاب و فتح الباب من جهتي بينما فتح آخر الباب من جهة ريكايل : أهلاً بك سيدي ..!
نزلنا نحن الاثنان فأعطيت أحد الشابين المفتاح : ضعها في المربض ..!
- أمرك ..!
- هل السيدة هنا ؟!!..
- لقد عادت من جولة تفقدية قبل قليل .. إنها في مكتبها .. هل أوصل لهم خبر وصولك ..!
- لا .. لا داعي لهذا ..!
- كما تأمر ..!
سرت و سار ريكايل بقربي وهو يهمس بحيث أسمعه أنا فقط : تبدو كملك في هذا المكان يا أخي ..!
ابتسمت بهدوء و همست له : بما أني أحمل اسم مارسنلي .. فأنا ملك هنا بالفعل ..!
- أعتقد أن أسم براون لم يكن ليوصلك لهذه المكانة ..!
- لا تسئ فهمي .. فأنا أود فعلاً أن استعمل اسم براون ..!
وصلنا إلى المصعد فطلبه الموظف الخاص به لنا ..!
ركبنا نحن الثلاثة فقال ذلك الرجل : إلى أي طابق تريد الذهاب ؟!!..
- إلى الطابق الأربعين ..!
- غير مسموح بهذا إلا لمن يحملون الأذن .. ذلك الطابق خاص بالإدارة ..!
- و إذاً ؟!!..
- هل لديك موعد مسبق ؟!!..
- لا .. لكن أريد لقاء السيدة مارسنلي ..!
- آسف .. لكن السيدة مارسنلي لا تلتقي بأحد دون مواعيد ..!
تنهدت حينها بتعب : لن ترفض لقائي .. لذا خذني للطابق الأربعين ..!
- أنه عملي أيها السيد .. لا أستطيع مخالفة القوانين ..!
أعطيته بطاقتي حينها فنظر إليها للحظات قبل أن يقول باحترام ممزوج بالتوتر و قد حنى رأسه : أنا آسف سيدي .. لو علمت سابقاً بأنك السيد مارسنلي لما ناقشتك في الأمر ..أعذرني على وقاحتي ..!
- لا عليك .. و الآن خذني إلى الطابق الأربعين ..!
- أمرك ..!
ضغط زر الطابق الأربعين فأغلق باب المصعد و بدأ يتحرك للأعلى ..!
لحظات حتى ظهر كل شيء حولنا فجدار المصعد من الزجاج المطل على الخارج أي بإمكاني رؤية الشارع ..!
كان يرتفع أكثر و أكثر بشكل متوسط السرعة حيث يسمح لك بالاستمتاع بمنظر الناس في الخارج و السيارات و الحدائق القريبة ..!
لكن يبدو أن أحدهم لا يستمتع فقد أمسك ريكايل بطرف كمي كطفل صغير .. حين ألتفت ناحيته رأيت أنه قد أوشح ببصره و التوتر بادٍ عليه فهمست بقلق : ما بك الآن ؟!.. هل تشعر بالمرض ؟!!..
أومأ سلباً و همس : أكره الأماكن المرتفعة ..!
شيء جديد أكتشفه فيه ..!
تنهدت حينها : أغمض عينيك و حسب ..!
فعل ما طلبته من و قد شد على طرف كمي أكثر و أكثر ..!
سرعة المصعد هي ثانية لكل دور .. لذا يستغرق أربعين ثانية للصعود للدور الأخير ..!
أمي بعكس ريكايل تحب هذه المناظر لذا أرادت أن لا يكون المصعد سريعاً ..!
بالنسبة لي فأنا لا أجد مشكلة مع الأماكن المرتفعة على عكس أخي ..!
وصل المصعد في النهاية إلى الأعلى .. نزلت و كذلك ريكايل فأغلق الباب بعد أن ودعنا الموظف باحترام ..!
سرت في ذلك الممر الفاخر حتى وصلت إلى باب كبير و طرقته : تفضل ..!
دخلت إلى تلك الغرفة الكبيرة حيث يوجد باب آخر أفخم و أكبر قبالتي و يصل بين البابين سجادة حمراء ..!
كان هناك مكتب كبير على الجانب حيث وقفت تلك الموظفة الشقراء ممشوقة القوام : هل أخدمك بشيء ؟!..
تقدمت ناحيتها و وقفت أمام المكتب : أريد الدخول لرؤية السيدة مارسنلي ..!
بدا عليها الاستغراب : هل لديك موعد مسبق ؟!..
لأني لم أزر الشركة منذ سنوات فلا أحد هنا يتذكرني ..!
لكن يبدو أن هذه الموظفة جديدة أصلاً ..!
بهدوء قلت : ليس لدي ..!
- آسفة .. لا أستطيع السماح لك بالدخول .. فالسيدة مشغولة و ليس لديها الوقت للزيارات المفاجئة ..!
- أخبريها بأن لينك هنا و ستسمح لي بالدخول ..!
قطبت حاجبيها لكنها رفعت السماعة بقربها : حضرة المديرة .. هناك فتى هنا يريد مقابلتك .. يقول أن أسمه لينك ..!
لحظات حتى تغير وجهها إلى الدهشة : حاضر سأدخله ..!
أغلقت السماعة و تقدمت ناحية الباب الكبير الضخم : تفضل ..!
سرت ناحيتها بعد أن أشرت لرايل أن يتبعني ..!
فور أن دخلنا كانت أمي قد تركت مكتبها الكبير الفخم في نهاية الغرفة و سارت ناحيتي و على وجهها نظرة استغراب ..!
تقدمت ناحيتها حينها فربتت على كتفي : عزيزي ألم تذهب للندن ؟!!..
أومأت سلباً بابتسامة : أتريدين أن أذهب دون أن ألقي التحية عليك ؟!..
ابتسمت حينها وعانقتني : بالتأكيد لا .. لقد حزنت حين صارت الساعة التاسعة دون أن تأتي ..!
ابتعدت عني حينها : لكن هذا ليس السبب الذي جعلك تلغي رحلتك ..!
- أنا لم ألغها .. لقد أجلتها ساعتين فقط .. ريكايل كان يشعر بالتعب فقررت أن أأجلها بعض الوقت ليرتاح ..!
نظرت إلى ريكايل الذي كان خلفي بقليل و بنظرة قلقة : ريكايل .. أأنت بخير الآن ؟!!..
حنى رأسه باحترام : لا تقلق سيدتي .. حالي جيدة الآن .. شكراً لاهتمامك ..!
نظرت إلي أمي بقلق : حين كانت الساعة هي التاسعة كنت أتصل بك فرأيت أن هاتفك مغلق .. خمنت أنك ركبت الطائرة حينها ..!
- ليس الأمر كذلك .. لقد زرت عيادة الطبيب مع ريكايل كي نطمئن على حاله .. و قد أضررت لإغلاق هاتفي حتى لا يزعج المرضى ..!
- هكذا إذاً ..المهم أني رأيتك قبل أن تسافر ..!
- اطمئني .. كلها خمسة أيام و أعود ..!
انتبهت أن السكرتيرة لا تزال هنا و قد كانت تنظر باستغراب فقالت والدتي بابتسامة : كاترين .. هذا لينك ابني..!
بدت عليها الصدمة حينها و قد قالت بلا شعور : لم أعلم بأن لديك ابن سيدتي !!..
ضحكت أمي بخفة فبدا الارتباك على تلك الكاترين و قالت بتوتر : آسفة لأني لم أعرفك سيد مارسنلي ..!
ببرود قلت : لا عليك .. لا شيء مهم ..!
التفت ناحية والدتي حينها بمرح : لن أعطلك عن عملك أمي .. لقد أتيت فقط لأودعك قبل أن أسافر ..!
عانقتني حينها مجدداً : سأشتاق إليك عزيزي .. اهتم بنفسك و اتصل بي كل يوم ..!
ابتسمت حينها و بادلتها العناق : بالتأكيد أمي .. اهتمي بنفسك ولا تشغل حالك بالعمل طيلة الوقت مستغلة غيابي ..!
أطلقت ضحكة صغيرة وقالت : اطمئن .. لن أرهق نفسي ..!
قبلت جبينها و ابتعدت فتقدمت ناحية رايل و ربتت على كتفيه : ريكايل .. اهتم بنفسك و بلينك جيداً ..!
أخفض رأسه باحترام : أمرك سيدة إلينا ..!
ودعت والدتي حينها و خرجت مع ريكايل من المكتب و من مكتب السكرتيرة ..!
لكن بينما كنا نسير في ذلك الممر : ألا مشكلة لديك بصعود ذلك المصعد مجدداً ؟!!..
تنهد حينها : لا بأس .. سأغمض عيني ..!
- يمكننا استعمال مصعد عمال النظافة الصغير ..!
- لا .. لست مضطراً .. ألا يوجد غيره ؟!..
- جميع المصاعد جدرانها من زجاج إلا المتصلة بالمطبخ و بغرف التنظيف ..!
- إذاً سأغلق عيني و حسب ..!
- كيف ستركب الطائرة و أنت تخاف المرتفعات ..!
- لن تكون هناك مشكلة إن أغلقت النافذة .. أنا لا أحب النظر من أماكن عالية لكن لا مشكلة عندي بالبقاء في مكان مرتفع مغلق ..!
- هكذا إذاً ..!
طلبنا المصعد و صعدنا فرأينا ذلك الموظف ذاته الذي قابلنا باحترام هذه المرة ..!
أطر ريكايل لإغماض عينيه طيلة أربعين ثانية ..!
غادرنا الشركة و قد كانت الساعة تشير إلى العاشرة .. قررنا الذهاب الآن للمنزل و حمل حقائبنا ثم الاتجاه للمطار مباشرة ..!
..............................................
لنتوقف هنا الآن ..!

أن شاء الله يكون البارت عجبكم ؟!!..

أدري أنه مو طويل بس تحملوا هالمره ^^


نجي للأسئله ..!

و أخيراً تسلط الضوء على جزء بسيط من حياة
نيكول و أيان .. رأيكم ؟!!..

لينك أكتشف العلة التي يعاني منها شقيقه الأصغر .. ما تعليقكم ؟!!..

ما هو دور الدكتور
هاري في الأحداث القادمة يا ترى ؟!!..

رحلة لندن باتت وشيكه .. ما توقعاتكم لما سيحدث ؟!!..

أعتذر مجدداً على التأخير .. بس بحاول قدر الإمكان ما أتأخر عليكم مجدداً ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 07:12 PM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 22


و أخيراً استوينا على مقاعد الدرجة الأولى .. لقد خشيت بالفعل بأن يحدث شيء يعطلنا مرةً أخرى ..!
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر إلا دقيقتين ..!
رايل بقرب النافذة حيث رقم مقعده .. أما على يميني فهناك ممر قبل المقاعد الثلاث في المنتصف ..!
بدأت الطائرة تتحرك لتذهب للمدرج : ريكايل .. هل كل شيء على ما يرام ؟!!..
أومأ إيجاباً بتوتر : لم أعتقد أني سأغادر فرنسا يوماً ما ..!
ربت على كتفه و ابتسمت : اطمئن .. العالم خارج فرنسا رائع أيضاً ..!
- هل سافرت لدول كثيرة يا لينك ؟!..
- يمكنك قول ذلك ..!
- أخبرني إلى أين ذهبت ؟!..
- حسناً .. بغض النظر عن بريطانيا ككل .. لقد زرت الولايات المتحدة عدة مرات .. و كذلك ايطاليا و النمسة و اسبانيا و معظم دول أروبا و هاواي مع أمي .. أيضاً زرت أستراليا منذ سنة مع ماثيو و دايمن ..! و قد ذهبت مرةً مع لويفان إلى ماليزيا ..!
- ماليزيا !!.. أعتقد أنها بعيدة ..!
- أنت محق .. كان هذا منذ سنة و نصف تقريباً حيث كان سيمثل فلماً هناك على جزيرة لانكاوي الهادئة ..!
- منذ متى و صديقك يعمل ممثلاً ؟!!..
- لقد مثل بأدوار صغيرة حين كان طفلاً فعمه مدير شركة إنتاج .. و حين صار في الثانية عشر مثل مسلسلاً كان له دور كبير فيه ..! و حين صار في الرابعة عشر كان بطل أحد الأفلام ومن بعدها كبرت شهرته أكثر و أكثر و صارت شعبيته عند الفتيات كالنار الملتهبة منذ بلغ السادسة عشر ..!
- آها .. أعتقد أن الناس المحيطين بالممثلين يكونون مشاهير أيضاً .. أأنت كذلك ؟!!..
- لقد شاركت مع لوي في أحد البرامج الذي استضافته فقد كان البرنامج يستضيف نجماً و أحد معارفه كي يحدثهم عنه قبل الشهرة وبعدها و إن كانت شخصيته قد اختلفت .. و حين أرادوا استضافت لوي طلب أن أكون الشريك ..! كما أنه ذكر اسمي عدة مرات في مقابلاته ..!
- يبدو أنكما مقربان كثيراً ..!
- أخبرتك .. حين كنت طفلاً في ادنبره كان هو صديقي الوحيد !!..
سمعنا صوت مكبر الصوت حيث قال أحد المضيفين : الرجاء من جميع السادة المسافرين ربط الأحزمة .. ستقلع الطائرة خلال لحظات ..!
ربطت حزامي كما فعل ريكايل .. و في غضون عشر ثوان انطلقت الطائرة بأقصى سرعة و بدأت ترتفع في الجو ..!
و في النهاية وصلنا خلال ثلاثين ثانية إلى الطبقة الخاصة بالملاحة ..!
التفت ناحية ريكايل فكان التوتر بادياً عليه .. ضحكت بخفة : هل أخافك الانطلاق ؟!..
زفر حينها : رغم أني لم أجرب الصاروخ .. إلا أني اعتقد أنه شيء مثل هذا ..!
ابتسمت حينها : اطمئن .. سيكون الهبوط أفضل .. يمكنك فك الحزام الآن بما أننا استقرينا في الجو ..!
فعل هذا كما فعلته أنا .. لحظات حتى سمعنا صوت المضيف مجدداً : الرجاء من السادة المسافرين الانتباه مع المضيفات اللواتي سيشرحن سبل السلامة على متن الطائرة ..!
- ما المقصود بهذا لينك ؟!!..
- إنه إجراء روتيني .. ستقف الآن مضيفة في بداية الممر و تبدأ بعرض أدوات السلامة التي يستعملونها في حال الحوادث ..!
- هكذا إذاً ..!
التفت ناحية بداية الممر لأصدم بالمرة !!..
تلك المضيفة هناك كانت تنظر إلي بشك و لم تلبث أن قطبت حاجبيها !!..
التفت إلى رايل الذي كان يطلع على المجلات التي في جيب المقعد أمامه و همست : ريكايل .. أنظر هناك إلى تلك المضيفة !!..
رفع رأسه و نظر و لم يلبث أن صدم ثم عاد ينظر إلي و همس : إنها تشبه خالتنا ميراي !!..
- بل هي خالتك ميراي بالفعل !!..
- ماذا !!.. لما هي هنا ؟!!..
- الآن فقط تذكرت بأنها أخبرتنا بأنها ستكون على متن هذه الطائرة !!..
- صحيح .. طائرة الحادية عشر !!.. و الآن ماذا ستفعل ؟!.. بالتأكيد ستغضب لأننا لم نخبرها بتغير الموعد ..!
- دع كل شيء علي أنا سأتصرف ..!
بدأ المضيف يقرأ التعليمات مع مكبر الصوت وقد كانت ميراي تقوم بعرض الأدوات و طريقة استعمالها بابتسامة لطيفة شعرت أنها تود قتلنا من خلفها ..!
انتهى من قراءتها بالفرنسية فعاد يقول نفس الكلام بالانجليزية ..!
و ما إن انتهوا حتى انطلقت ميراي ناحيتنا ..!
وقفت بقربي و هي تقول بشك : ألم تقل بأن طائرتكما في التاسعة يا لينك ؟!!..
ابتسمت لها حينها : صباح الخير .. كيف حالك خالتي ؟!!..
- دعك من التهرب ..! لكن لا بأس .. صباح النور .. أنا بخير و أنتما ؟!..
- بأفضل حال برؤيتك ..!
- لا تعتقد أني سأسمح لكما بالهرب دون إجابة .. لما أجلتما رحلتكما إلى هذه الساعة ؟!.. هل حدث شيء ؟!..
- لا شيء معين ..!
- أين أصدقاءكما إذاً ؟!.. كل من حولكم عائلات ..!
- لقد سبقونا في التاسعة .. و نحن قررنا تأجيل رحلتنا حتى يتسنى لنا رؤيتك .. أليس كذلك ريكايل ؟!..
أومأ إيجاباً حالاً : بلا .. كل ما يقوله أخي صحيح ..!
تنهدت هي حينها قبل أن تقول : سأتظاهر بتصديقكما ..! عموماً أخبراني متى موعد عودتكما ؟!..
- يوم الأربعاء في العاشرة مساءاً .. و أنت ؟؟!..
- يوم الأحد في الثامنة مساءاً ..! عموماً الآن استمتعا بالرحلة ..!
قلنا سويةً : بالتأكيد ..!
ابتسمت بهدوء قبل أن تقول : لينك .. اهتم بريك جيداً .. تذكر أنه أخوك الصغير ..!
قطب رايل حاجبيه : لست طفلاً خالتي ..!
ضحكت بخفة : ذلك لا ينفي أنك الأصغر ..!
تنهد هو بضجر بينما قلت أنا : اطمئني ميراي .. سأهتم به ..!
لم أشعر إلا بضربة على رأسي من قبضتها : خالتي يا ولد !!..
قالتها بتحذير فوضعت أنا يدي على رأسي : ألا يمكنك أن تكوني ألطف قليلاً ..!
قبل أن ترد علي قطع علينا أحد هذا الحوار : ميراي .. منذ متى و نحن نعامل المسافرين بهذه الطريقة ؟!..
كانت نبرة مستنكرة .. التفتنا سويةً فرأينا تلك الفتاة ذات الشعر الأسود القصير و العينين الفضيتين و البشرة البيضاء تنظر إلينا بدهشة ..!
كانت ترتدي ثياب المضيفات كخالتي ..!
ابتسمت ميراي و هي تشير ناحيتي : إنه ابن أختي ..!
تحولت نظرات الاستنكار إلى الدهشة : حقاً ؟!.. لم تخبريني بأن لديك ابن أخت ..!
تقدمت أكثر حينها و صافحتني : مرحباً .. أنا ديانا .. صديقة خالتك منذ بدأنا العمل هنا قبل سنتين ..!
ابتسمت لها بهدوء : و أنا لينك ..!
نظرت ناحية ريكايل حينها وهي تقول : أهو صديقك ؟!..
أومأت سلباً : هذا أخي ريكايل ..!
صافح هو تلك الآنسة بدوره : تشرفت بمعرفتك ..!
- و أنا كذلك ..!
عادت تنظر لميراي : لديك أبناء أخت و أنا آخر من يعلم ؟!!.. يبدوان متقاربان في السن ..!
- إنهما توأمان ..! آسفة لأن الفرصة لم تسنح لإخبارك ديانا ..!
- يالك من صديقة !!.. لكن أتعلمين ؟!..
نظرت إلينا و قالت بنبرة إعجاب : إنهما وسيمان للغاية ..!
بغرور ردت خالتي : بالتأكيد فهما يشبهانني ..!
لكن ريكايل قال ببرود : أنا أشبه أبي و لا أشبهك ..!
وافقته حينها : صحيح .. نحن نشبه أبانا ..!
قطبت حاجبيها حينها و هي تقول : أنظرا لعيناكما !!.. لقد أخذتما اللون الأخضر مني ..!
ابتسمت حينها بسخرية : أعتقد أني أخذته من أمي ..صحيح رايل ..!
- بلا كلامك صحيح لينك ..!
قبل أن تصرخ بنا كانت الآنسة ديانا قد أمسكت بيدها وهي تقول : هيا ميراي لا وقت للشجار مع أبناء أختك ..! علينا أن نبدأ في تقديم الطعام و المبيعات للمسافرين ..!
سارت خالتي معها بعد أن ألقت علينا بنظرة توعد لكننا ابتسمنا لها فلم تجد إلا أن تبادلنا الابتسامة حينها ..!
إنها طيبة القلب للغاية ..!
فرغم أن لقاءنا بها كان منذ أيام فقط .. إلا أن علاقتنا صارت قوية جداً خلال تلك الفترة القصيرة ..!
.............................................
هبطت الطائرة أخيراً .. و قد كانت الساعة تشير للواحدة ظهراً ..!
وقفت مع رايل و اتجهنا إلى باب الطائرة من أجل الخروج .. و حين وصلنا للباب كانت خالتي و الآنسة ديانا يودعن المسافرين كجزء من عملهن ..!
حين مررنا بجانبهم قالت الآنسة ديانا بابتسامة مرحة : شكراً لثقتكم بخطوطنا الجوية .. نتمنى لكم إجازة ممتعة ..!
بينما قالت خالتي بهمس حتى لا يسمعها باقي المسافرين : اتصلا بي حين تستقران ..!
أومأت لها إيجاباً بينما قال رايل : نراك قريباً ..!
بعد الخروج من النفق الموصول بالطائرة أخرجت هاتفي من جيب سترتي الرمادية التي ارتديتها فوق قميص باللون الأزرق الفاتح جداً و بنطال جينز قاتم ..!
ألغيت نظام نمط الطيران و لأرى إن كان أحدهم اتصل بي ..!
لكن ما إن فتحته حتى رن و كأن أحدهم كان ينتظر مني أن أفتحه .. و قد كان دايمن : مرحباً ..!
- أهلاً لينك .. هل وصلت ؟!..
- أجل .. لقد نزلت من الطائرة منذ قليل ..!
- جيد .. نحن لا زلنا في المطار !!..
بدا علي الاستغراب : لما لم تغادروا ؟!!..
أجابني بمرح : لقد أردنا أن ننتظرك و نذهب سويةً .. و أيضاً الفتيات أردن التجول في أسواق المطار .. تعلم أن مطار هيثرو يعد من أكبر المطارات في العالم ..! لقد تناولنا الغداء منذ قليل أيضاً ..!
- هل حضر الجميع ؟!..
- أجل .. ماثيو .. تيموثي .. آندي .. فلورا .. روزاليندا .. سورا و ليديا أيضاً ..!
- و لويفان ؟!..
- إنه في تايلند .. طائرته ستصل في المساء ..!
- كم هذا محبط !!..
- بضع ساعات لن تشكل فرقاً ..!
- حسناً .. أين أجدكم ؟!..
- عند الأسواق ..!
- سآتي إليكم الآن ..!
أغلقت الخط و نظرت لرايل : إنهم عند الأسواق ..!
بدا عليه القلق : لينك .. أظن أنه من الأفضل أن لا أرافقك .. لن يكون موقفهم جيداً من وجودي معك !!..
تنهدت بتعب و أمسكت بيده : ريك .. لقد طلبت مني خالتي الاهتمام بك .. لذا الأفضل أن نذهب الآن ..!
لم يرد فسرت و أنا أسحبه معي ..!
استلمنا الحقائب و أخذنا عربة صغيرة و وضعنا الحقيبتين عليها : هيا .. لنذهب و نتركها في الأمانات فيبدو بأنهم سيبقون في المطار لبعض الوقت ..!
أومأ موافقاً فسرنا و قد كنت أنا أدفع العربة .. و صلنا إلى مقر حفظ الأمانات و تركنا عربة الحقائب عندهم ثم اتجهنا إلى المركز التجاري التابع للمطار ..!
بالتأكيد ليس كالمراكز الضخمة لكنه يحتوي على أفضل المحال ..!
وصلنا إلى هناك فبدأت البحث عنهم كما فعل رايل ..!
حينها رأيت أربعة هناك ..استطعت معرفة آندي بسهولة .. و معها تلك الفتاة اليابانية سورا و كذلك فلورا و أيضاً دايمن ..!
كانوا أمام واجهة محل حقائب والفتيات ينظرن إليها بتمعن كي يجدن الأفضل ..!
أمسكت بيد ريكايل بقوة و همست : لا تقلق .. و لا تظهر ارتباكك ..!
- بالتأكيد .. و أنت لا تنسى الاتفاق بيننا .. خادم و سيده ..!
- حسناً .. لكن عدني بأنك لن تصدق أي كلمة قد أقولها ..!
- اطمئن أخي .. أنا أثق بك ..!
رغم أني لست مقتنعاً بالفكرة نهائياً .. لكن علي تنفيذها فهي كانت شرطه للقدوم وقد وعدته بتنفيذه و لا يمكن أن أتجاهل وعدي ..!
تركت يده و سرت ناحيتهم فسار خلفي بمسافة خطوتين إلى ثلاث تقريباً ..!
و إن صرت خلفهم حتى هتفت بمرح : مرحباً يا أصحاب ..!
التفتوا سويةً في ذات الوقت حيث قالت آندي بسعادة : أهلاً لينك .. و أخيراً وصلت ..!
ابتسمت لها : آسف للتأخر ..!
بلباقة قالت فلورا : حمداً لله على سلامتك ..!
- شكراً لك ..!
قبل أن يقول أحدهم شيء آخر انتبهوا للفتى الواقف خلفي و قد بدا على ملامحهم الصدمة الخفيفة كأقرب مثال ..!
نظر إلي دايمن مقطباً حاجبيه : لينك .. ماذا يحدث هنا ؟!!..
كدت أجيبه لولا أن صرخة عالية مصدومة قطعت علي : سوغووووووووي !!!..
إلتفت الجميع ناحية تلك الفتاة التي بدت في عينيها نظرة إعجاب واضحة !!..
أنا لا أفهم معنى هذه الكلمة .. لكن سورا التي نطقتها بكل ذهول راحت تركض ناحيتي و على وجهها علامات السعادة ..!
تجاوزتني حينها فنظرت إلى الخلف فوراً لأصدم بها تعانق ريكايل أمامنا جميعاً و هي تصرخ بسعادة : فتى أحلامي !!!...
طغى جو من الاستنكار للحظات !!..
فتى أحلامها !!!..
لا يمكن أن أصف صدمتي بالأمر .. حتى رايل لدرجة أنه تشنج للحظات من هول المفاجأة !!..
التفت إلى آندي فوراً : ماذا تفعل صديقتك هذه ؟!!..
ابتسمت بمرح : يبدو أنها وجدت من يعجبها أخيراً ؟!!..
- لا تقولي لي أنه يعجبها ؟!!..
- ألم تسمعها ؟!!.. لقد قالت منذ لحظات " سوغوي " و هي تعني مذهل أو رائع باللغة اليابانية .. أنه يعجبها حقاً ..!
عدت بنظري ناحية سورا التي لا تزال تعانق ريكايل و قد أغمضت عينيها بسعادة بينما نظر هو إلي نظرة توتر وترجي ..!
تنهدت حينها : آنسة سورا .. هلا ابتعدتِ عن الفتى ؟!!..
تركته حينها و صافحته بسعادة : أنا سورا ساتوشي .. عمري خمسة عشر عاماً و سأبلغ السادسة عشر بعد شهرين .. و أنت ؟!!..
بتوتر قال : ريـ .. ريكايل براون .. سبعة عشر عاماً ..!
صرخت مجدداً بسعادة : مواصفاتك كاملة !!.. ريكي .. أريد أن نكون صديقين !!..
ريكي !!!!..
طفح الكيل !!..
يجب أن أوقف هذا فأنا أعلم أن هذه السورا المجنونة لا تناسبه .. علي مساعدة أخي الصغير بسرعة قبل أن يقع في مشكلة عظمى !!..
لكن .. قبل أن أنطق كان صوت أحدهم : ماذا أرى يا لينك ؟!.. أليس هذا خادمك الوسيم ؟!!..
التفت حالاً إلى اليمين فرأيت تيموثي بابتسامته المغرورة الخبيثة و معه ماثيو الذي بدا بطريقة ما غاضباً و أيضاً روز و ليديا خلفهما ..!
تقدم ماثيو ناحيتي و على وجهه ملامح الغضب : لينك .. أليس هذا فتى الكفتيريا نفسه ؟!!..
ببرود قلت : بلا .. إنه هو ..!
بدا أن غضبه أزداد لكنه حاول ضبط نفسه : إذاً لما هو هنا ؟!!..
الآن .. سأعود لتمثيل شخصية الشيطان مجدداً ..!
أنا واثق بأني لن أخطأ .. لأني اعتدت على هذا الدور منذ سنوات ..!
لأنه .. شيطاني الخاص !!..
و بهذا .. ابتسمت بمكر .. و نظرات الغرور قد احتلت عيني .. جمعت كل رفاهية الدنيا في صوتي و أنا أقول : ألم تسمع ما قاله تيموثي ؟!!.. إنه خادمي الخاص ..!
شد على قبضته بقوة وهو يقول : ألم يكفيك ما فعلته به يوم الحفلة ؟!!..
أغمضت عيني .. ثم ضحكت ضحكة خبيثة تدل على مدى احترافي : أتعتقد أني قد انتهيت منه ؟!!.. تذكر ماثيو .. أنا السيد مارسنلي .. و من يعارض السيد مارسنلي ...!
بمنتهى الجد تابعت : يجب أن يدفع كل ما لديه كثمن !!..
لم يلبث أن أمسك أعلى قميصي بيده و صرخ في وجهي : تسلطك هذا لا يحتمل !!.. أنت بالفعل متحجر القلب !!.. يكفيك تبجحاً فحياة الناس ليست من أملاكك الخاصة ؟!!..
ببرود قلت : لكن هذا الفتى .. ملك لي الآن ..!
احمر وجهه إثر غضبه و رفع قبضته الأخرى محاولاً توجيه لكمة مباغتة لي !!..
ضننت للحظات أنها ستصدم بوجهي الآن وقد تهشم فكي لكن .. حدث ما لم يكن في الحسبان ..!
كان أحدهم قد أسرع و وضع يده أمام وجهي فتلقى لكمة ماثيو و أمسكها في و هي تبعد حوالي ثلاث إنشات عن وجهي ..!
نظرت بطرف عيني .. لأرى أن أخي الأصغر أنقذني في اللحظة الأخيرة و على وجهه علامات جد لم أرها منذ زمن ..!
نظر ماثيو ناحية رايل و قال بغضب : لما أوقفتني ؟!!.. هل تهتم بأمر هذا المتحكم المجنون ؟!!..
ترك ريكايل قبضة ماثيو و بحدة بسيطة قال : عذراً .. لكن لا أسمح لك بأذية سيدي !!.. سيد ديمتري ..!
بدت الصدمة على ماثيو لدرجة أنه تركني بلا شعور ..!
الجميع أيضاً كانوا مصدومين بمن فيهم سورا ..!
بكل غرور عدلت قميصي و قلت : عليك أن تعلم ماثيو بأن هذا الفتى في منتهى الإخلاص لي ..! سأذهب لدورة المياه .. ريكايل اتبعني ..!
حنى رأسه باحترام : أمرك ..!
سرت بخطوات واثقة و أنا أضع يدي في جيبي مبتعداً عنهم و رايل يبعد عني بضع خطوات ..!
لكن ما إن صرنا في مكان لا يروننا فيه توقفت حتى وصل هو إلي ثم تابعنا سيرنا متجاورين و لم ينطق أحدنا بحرف ..!
كنت أشعر بالتوتر .. أرجوا أن لا يكون رايل قد تأثر بما قلته ..!
بتردد مددت يدي و أمسكت بيده و همست : آسف .. على كل ما قلته ..!
ما دفعني للاستنكار هو ضحكته الشبه مكتومة ..!
التفت ناحيته فنظر إلي بعد أن أوقفها و هو يقول بابتسامة لطيفة مرحه : أنت ممثل بارع يا أخي !!.. يجب أن تدخل مجال الفن ..!
بادلته تلك الابتسامة : هل تظن أني مناسب لهذا ؟!!..
- أجل .. على شرط أن تمثل دور الشرير دائماً ..!
- يالك من لئيم ..!
ضحك حينها بخفة فشاركته تلك الضحكة ..!
أنا سعيد .. سعيد للغاية لأن رايل يثق بي ..!
قطع ضحكتنا تلك صوت مستنكر من الخلف : لينك !!.. أنا لا أفهم ما يحدث الآن بالضبط ؟!!..
تجمدت للحظات فذلك الصوت صدمني !!..
من ؟!!..
إنه أحد أصدقائي !!..
هل سمع ما قلناه الآن ؟!!..
التفت إلى الخلف بتوتر فرأيت نظرتها الغاضبة نحوي منطلقة من عينيها الزرقاويتين ..!
ابتعد رايل بضع خطوات عني حين رآها .. و قد بدا عليه الارتباك ..!
هل فشلت خطتنا بهذه السرعة : ليديا أنا ..!
قاطعتني بغضب : لم أعتقد بأنك من هذا النوع المتسلط من الناس !!.. ما الذي غيرك فجأة ؟!!.. ألم تقل لي من قبل بأن ريكايل شخص عزيز عليك ..!
عزيز علي ؟!.. متى قلتها ؟!!..
تذكرت حينها بأن ليديا تعلم بأني و ريكايل على علاقة جيدة فقد رأته حين أتى لاصطحابي من المدرسة ..!
ترددت .. هل أكذب عليها ؟!!..
لا يستحيل !!..
أي شيء إلا ليديا ..!
أنقذني رايل مجدداً حين قال بجد : آنسة ليديا .. في الحقيقية أنا و لينك لا نزال على علاقة طيبة ..!
لاحظت بأنه ذكر لينك دون سيد كي يثبت كلامه فنظرت ليديا إليه باستغراب : أأنت جاد ؟!..
- بالطبع ..!
- إذاً ما معنى الكلام الذي قاله لينك لماثيو قبل قليل ؟!!..
- في الحقيقة .. نحن نريد إخفاء أمر علاقتنا الجيدة .. هل تساعديننا ؟!!..
- تخفونها !!.. لما ؟!!..
- أعتذر .. لا نستطيع ذكر السبب لك الآن ..!
التفت ناحيتي باستياء : لينك لا تقل لي بأنك محرج بسبب مهنة ريكايل ؟!!.. تذكر بأنها مهنة شريفة للغاية ..!
- الأمر ليس كذلك ليديا .. هناك أمر آخر أهم بكثير .. ثم أن رايل هو من أصر على أخفاء الأمر رغم رفضي لذلك ..!
عادت تنظر لريكايل : هل صحيح ما يقوله ؟!..
أومأ إيجاباً فعدت أنظر لليديا : أرجوك لا تخبر أحداً بالأمر .. و تصرفي كأن شيئاً لم يكن فأنا مضطر لمعاملة ريك بقسوة أمامهم ..!
تنهدت حينها : لا يمكنني الرفض ..!
ابتسم ريكايل حينها : شكراً لك آنسة ليديا ..!
بادلته تلك الابتسامة وقد توردت وجنتاها كالعادة : يبدو بأن الأمر الذي تخفون صداقتكما من أجله مهم جداً .. لذا سأساعدكما ..!
- إنه لطف منك ..!
- لا داعي لهذا .. هيا لينك علينا أن نعود للبقية .. و حاول ألا تستفز ماثيو فهو يبدو غاضباً للغاية عليك ..!
ببرود قلت : دعيه منك .. فهو لن يستطيع عمل شيء ..!
بجد قالت : ليس عليكما أن تتشاجرا .. ليس من أجلك فقط بل من أجل الجميع حتى لا تفسد الرحلة ..!
تجاهلت الأمر لكني تذكرت حينها شيئاً : ليديا أرجوك تصرفي بأمر تلك المجنونة سورا .. لقد تعلقت برايل و أنا أعلم أنها من النوع العنيد الذي لن يتنازل بسهولة ..!
أومأت إيجاباً بمرح : لا عليك .. سأبذل ما بوسعي ..! و الآن لينك لنعد للبقية ..!
سرنا سوية عائدين نحو باقي المجموعة .. عاد الجميع لغرف الأمانات و أخذوا حقائبهم فأظن أنهم أنهوا التسوق ..!
خرجنا جميعاً من المطار وقد قررنا أن نذهب لمكان إقامتنا الذي هو منزل روزاليندا ..!
علمت بأن والديها أهديها هذا المنزل في ذكرى ميلادها الأخيرة و اختارا أن يكون في لندن لأنها تحب هذه المدينة وتزورها دائماً ..!
لقد كان المنزل من دورين و له حديقة كبيرة و هناك خدم و حراس فيه ..!
و قد كان فاخراً و مليئاً بالتحف و يغلب عليه اللون البني و الترابي الفاخر ..!
و بما أن روز هي من أقترح أمر الرحلة من البداية .. قررت أن تكون ضيافتنا عليها ..!
.............................................
كانت روزا قد جهزت جناحين في كلٍ منهما ثلاث غرف واحد للشباب و واحد للفتيات ..!
صعدنا نحن ناحية جناح الشباب بينما ذهب ريكايل مع إحدى الخادمات حتى تدله على غرفته التي ستكون في الدور السفلي ..!
كان ذلك الجناح كبيراً و فاخراً .. هناك عدة أرائك تحيط بطاولة من زجاج أمامها شاشة تلفاز كبيرة ..!
هناك أيضاً مطبخ تحضيري و قربه طاولة طعام حولها ستة كراسي .. و هناك ثلاثة أبواب في جهات مختلفة من الغرفة ..!
كانت تلك الأبواب تطل على الغرف .. في كل غرفة سريران و خزانتان و طاولة تجميل و باب إلى دورة مياه و شرفة تابعة لها ..!
وقف دايمن أمامنا و قال بمرح : حسناً .. الغرف اثنان اثنان .. ما رأيكم بأن نقوم بقرعة ..!
ببرود ممزوج بالاستياء قال ماثيو : لست موافقاً فأنا لا أريد أن أكون مع هذا المتسلط في غرفة واحدة ..!
كان يقصدني بكلامه .. يبدو غاضباً جداً ..!
لذا ببرود قلت : أنا أفضل أن أكون مع لوي .. فأنا لم أره منذ زمن و أريد قضاء وقت أكبر معه ..!
بابتسامة مغرورة قال تيموثي و هو يدخل يده بين خصلات شعره الرمادية القاتمة الطويلة : أنا لست معتاداً على مشاركة أحد .. أفضل أن أكون وحدي ..!
بدا على دايمن التوتر لكنه قال بمرح كي يلطف الجو : حسناً كما تريدون .. نحن في رحلة و نريد أن نفعل ما نشاء ..! إذاً .. أنا و ماثيو معاً .. و لينك و لويفان .. و أنت يا تيموثي يمكنك أخذ الغرفة الأخيرة ..!
أومأنا موافقين حينها فطرق الباب .. التفتنا إلى الشخص الذي دخل و قد كان ريكايل ..!
تقدم ناحيتنا و حنى رأسه باحترام : آسف على تطفلي ..!
بهدوء أجابه ماثيو : لا عليك ..!
نظر إلي حينها ليقول : سيدي .. أتريد أي خدمة ؟!..
شعرت بنظرات ماثيو و دايمن الغاضبة تخترق جسدي لكنني تجاهلت هذا و قلت له : اتبعني .. عليك أن تقوم بترتيب ملابسي في الخزانة ..!
دخلت إلى إحدى الغرف فحمل هو الحقيبة و سار خلفي ثم أغلق الباب ..!
و ما إن فعل ذلك حتى تنهدنا في الوقت ذاته ..!
جلست على حافة احد السريرين فجلس هو بجواري : الأمر صعب ..!
هكذا تمتم لأقول باستياء و بهمس حتى لا يسمعني أحد في الخارج : قلت لك .. لكنك مصر على هذا ..!
- اسمع .. لا زلنا نؤدي جيداً .. و ها نحن كسبنا ليديا في صفنا ..! يمكننا فعلها ..!
- لا أعلم إلى أي مدى ستوصلنا أفكارك المجنونة ؟!..
- أرجوك أخي .. إياك أن تخطأ و تفسد الأمر ..!
- اطمئن فأنا لن أخطأ .. لكن المشكلة هو ماثيو فهو يكاد يقتلني .. حتى دايمن يبدو مستاءً رغم أنه يتظاهر بعدم هذا ..!
قطع علينا في تلك اللحظة صوت : لينك .. هيا سننزل لشرب القهوة مع الفتيات ..!
رفعت صوتي لأجيب على دايمن : حسناً .. سوف الحق بكم خلال دقائق ..!
سمعت صوت الباب يغلق .. يبدو أن الجميع غادر الجناح ..!
التفت إلى رايل : كيف حال صحتك ؟!.. أعتقد بأن روائح العطور قوية في هذا المكان ..!
ابتسم بهدوء : ليس كثيراً .. كدت أختنق فقط حين عانقتني تلك الفتاة الغريبة ..!
ضحكت بخفة حينها و أنا أتذكر شكله كيف كان : أخبرني .. ما شعورك في تلك اللحظة ؟!!..
- لا أعلم !!.. لقد شعرت بالارتباك و الخجل .. كما أنها أربكتني أكثر حين نادتني بريكي !!.. أنها غريبة حتى اسمها غريب ..!
- إنها يابانية من أم فرنسية .. لقد عاشت طيلة حياتها في اليابان و هي لا تجيد الفرنسية كثيراً ..! عليك أن لا تقترب منها ريكايل .. إنها مجنونة و تثير الارتباك ..!
- لا تقلق .. لا أفكر في الاقتراب منها فقد شعرت من المرة الأولى أنها مصدر خطر ..!
- هذا جيد ..! صحيح .. أخبرني لما قررت فجأة أخبار ليديا ؟!!..
- شعرت بأنك لا تريد خسران ثقتها .. يبدو لي أنها مقربة جداً منك .. لذا لم أرد أفساد علاقتكما ..!
- لقد أحسنت صنعاً .. لأني حقاً لا أريد خسران صديقة رائعة مثلها ..!
- لقد شعرت بأنها شخص جيد حين تحدثت معها .. لذا علمت بأنها مصدر ثقة و أنه لا بأس بأخبارها ..!
- أنت محق ..!
أخرجت هاتفي و أنا أقول : سأتصل بأمي لأطمئنها ثم بميراي ..!
ابتسم بمكر : لو كانت هنا لصفعتك .. عليك أن تعتاد على كلمة خالتي قبل ميراي ..!
- أني أحاول جاهداً .. لكن لساني السليط يرفض ..!
- يجب عليك الاعتياد إما على كلمة خالتي أو على لكمتها ..!
- سأبذل كل ما لدي من أجل ذلك ..!
اتصلت على أمي و أخبرتها بأننا وصلنا .. لا أخفي عليكم أنها انزعجت من كوننا في منزل روز .. لكنها لم تعترض ..!
بعدها اتصلت بالخالة ميراي .. أخبرتني بأنها مع صديقتها ديانا في أحد الفنادق .. و من حسن الحظ أنه في ذات المنطقة التي نتواجد فيها الآن ..! أنهت حديثها حين قالت لي بأن أهتم بأخي الصغير فأخبرتها بأني سأفعل بالتأكيد ..!
هي لا تعلم بأن ريكايل أكثر تحملاً للمسؤولية مني .. لكنني لن أدع هذا يحبطني بل سأفعل ما بوسعي كي أكون أخاً أكبراً جيداً ..!
.................................................. ...
نزلت إلى الردهة و ريكايل خلفي .. حيث كان الجميع يجلس هناك على تلك الأرائك قرب جدار به نوافذ زجاجية كبيرة تطل على الحديقة الخارجية للمنزل .. و قد كانوا يحتسون القهوة الأمريكية السوداء مع بعض البسكويت و الكعك المحلى ..!
فور أن انتبهوا إلينا وقفت سورا بحماس و ركضت ناحيتنا : ريكي هنا !!!..
تجاوزتني و أمسكت بذراع ريكايل و هي تقول : تحب القهوة الأمريكية ؟!!..
بتوتر قال : لا ..!
بدأت تتكلم بلكنتها الغريبة : هي قهوة لذيذة .. تعجبك حين تشربها !!..
بدا مستنكراً طريقة كلامها لكنه قال بتهذيب : عذراً يا آنسة .. لكن علي الذهاب ..!
بمرح قالت : الحديقة جميلة .. نمشي ؟!!..
قبل أن أقاطعهما كان أحدهم قد وقف ربت على كتفي سورا و هو يقول : دعيك منه عزيزتي .. يبدو أنه متعب و الأفضل أن يرتاح ..!
لقد كانت ليديا التي لاحظت توتر ريكايل ..!
ابتسمت حين تذكرت وعدها لنا بأن تساعدنا ..!
نظر لي ريكايل للحظات بنظرة فهمت منها بأنه سيذهب لغرفته ..!
شعرت بالألم بمجرد التفكير في انه مضطر للبقاء وحده بينما الجميع هنا .. و الحقيقة أني أود لو أبقى معه لكن هذا سيزيد من شكهم ..!
حنى رأسه قليلاً قبل أن يقول : فور أن تحتاجني فقم باستدعائي فقط سيدي ..!
استدار و غادر المكان .. بقيت أراقبه بعيني قبل أن أشعر بأحدهم امسك بيدي: هيا لينك .. لنشرب القهوة ..!
التفت فرأيت ليديا التي كانت تنظر إلي بحزن و قد شعرت بأنها فهمت ما يجول في خاطري رغم أنها تجهل أمر أخوتنا ..!
أومأت إيجاباً و تقدمت ناحيتهم ثم جلست على أريكة لثلاثة أشخاص بجانبي روز ثم ليديا ..!
أمامي كان ماثيو وقد كانت سورا تجلس بجانبه و بعدها آندي .. و على الأريكة الثالثة جلس تيموثي و دايمن ثم فلورا ..!
أوشح ماثيو بوجهه عني وقد بدا أنه لا يريد رؤيتي البتة ..!
لم اهتم بل التفت ناحية الآخرين : متى سيصل لوي ؟!!..
ببساطة أجابت آندي : في السادسة مساءاً ..!
- هل ستذهبون لاستقباله ؟!!..
- لم نفكر في الأمر بعد ..!
بهدوء قالت روز : أنا سأستقبله .. من منكم يريد الذهاب معي ؟!..
استندت إلى الوسادة خلفي : لا داعي لذهابك روزاليندا .. أنا سأذهب لاستقباله مع ريكايل ثم نأتي إلى هنا ..!
نظر إلي ماثيو بطرف عين : و هل ستأخذ ذلك الفتى معك إلى كل مكان ؟!!..
ابتسمت بمكر : هل تشعر بالغيرة منه ؟!!..
باشمئزاز رد : بل أشعر بالشفقة عليه ..!
وقف دايمن حينها : يكفي أنتما .. ألن ننتهي من هذه القصة ؟!!..
ببرود قلت : دع هذا الفتى يلزم حدوده بأسرع وقت فأنا لم أعد أحتمل نظراته ..!
باستياء قال ماثيو : أنت آخر من يتلكم عن التزام الحدود ..!
تدخلت هنا سورا فجأة و قد بدت مستاءةً هي الأخرى : هيه لينك ماثيو .. نحن نريد نفرح هنا .. لذا ممنوع تختلفا .. لينك لا تفعل بريكي شيئاً سيء ..!
يبدو أن لكنتها لن تعتدل إطلاقاً ..!
ببرود قال تيموثي : عموماً هذا معناه بأن لينك سيذهب برفقة خادمه الوسيم إلى المطار ليستقبل لويفان .. ماذا عن البقية ؟!..
بمرح قالت آندي : سنذهب للسينما !!..
باعتراض قالت سورا : لا بل للملاهي !!..
بغرور قالت روز : أفضل التسوق ..!
باعتراض قال دايمن : لما الفتيات يقررن الأمر ..! اسمعوا سنتفق .. نحن سنبقى هنا خمسة أيام فقط .. و عددنا هو عشرة .. لذا سننقسم .. في كل يوم يختار اثنان الأماكن التي سنزورها ..!
وافق الجميع على ذلك الاقتراح الذي يبدو أنه الحل الأمثل ..!
لذا وقف دايمن وهو يقول : حسناً .. ما تقسيمكم ؟!..
فوراً قالت آندي : أنا و سورا سوية ..!
أومأت سورا موافقة فقالت فلورا بنوع من الخجل : لا بأس بأن أكون معك دايمن ..!
ابتسم ابتسامة عريضة : بالتأكيد عزيزتي ..!
بهدوء قال ماثيو : يبدو أنك مضطر للمشاركة هذه المرة تيموثي ..!
بابتسامته المغرورة قال : لا بأس .. أنا مع ماثيو ..!
التفت ليديا ناحية روز : يبدو أننا سنكون سوية ..!
أومأت إيجاباً : محقة .. لاشك بأن مارسنلي سيختار لويفان ليكون معه ..!
هنا قال دايمن : إذاً حسم الأمر .. اليوم سيكون على آندي و سورا الاختيار .. غداً روزاليندا و ليديا .. و بعده لينك و لوي .. ثم ماثيو و تيموثي .. في النهاية أنا و فلورا ..! موافقون ؟!..
وافق الجميع على هذا حيث وجدوا أنه انسحب حل ..!
قررت سورا و آندي أن الجميع سيذهب للسينما في أول المساء ثم إلى مدينة الألعاب و بعدها نتناول العشاء في أحد المطاعم الكبيرة ..!
.................................................. ......
قبيل المساء جهز الجميع أنفسهم للذهاب للسينما إلا أني الوحيد الذي لن يتسنى له الحضور فأنا سأذهب لاستقبال لوي في المطار .. الساعة الآن تشير للخامسة ..!
نزلت إلى الدور الأرضي و سألت إحدى الخادمات عن غرفة ريكايل فدلتني على مكانها ..!
وصلت إلى تلك الغرفة و حين أردت أن أطرق الباب سمعت صوته في الداخل وهو يضحك و يقول : لا تلقي عزيزتي .. سوف آتي قريباً ..!
استغربت من تلك الجملة لذا فتحت الباب فرأيته يجلس على السرير و يتحدث بهاتفه النقال و ما إن رآني حتى أبستم .. لكنه لا يزال يتحدث بالهاتف : لا بأس لورا .. أنت فقط اسمعي كلام الآنسة جوليا و لا تسببي المشاكل ..!
تنفست الصعداء حينها .. لقد كان يتحدث إلى لورا إذاً ..!
جلست على حافة السرير و بقيت استمع لباقي المكالمة و قد كان بإمكاني سماع صوت لورا الطفولي الناعم ..!
بعد دقيقة بالضبط أغلق الهاتف : أهي لورا ؟!..
هكذا سألت بابتسامة فابتسم هو : أجل .. أنها مستاءة لأني لم أزرهم اليوم .. لذا أصرت على الآنسة جيني حتى تتصل بي ..!
- كيف حالهم ؟!..
- أنهم بخير ..! لست معتاداً على الابتعاد عنهم لذا أشعر ببعض القلق ..!
- لا تقلق .. جوليا و الوصيفات معهم .. و ميشيل أيضاً ..!
- ما يقلقني هو أن جوليا لا تجيب على الهاتف .. و لا على المنزل ..!
قطبت حاجبي متعجباً : هل هذا أمر معتاد ؟!..
أومأ سلباً بقلق : لا .. فالهاتف موجود قرب سرير الخالة آنا و ما إن اتصل حتى تجيب .. جوليا أيضاً تحرص على بقاء هاتفها معها دوماً ..!
أردت أن أسأله عن ميشيل لكني تذكرت بأنها لا تملك هاتفاً : عموماً لا تدع الوساوس تدخل إلى رأسك ..! هيا الآن لنذهب للمطار .. سوف نستقبل لوي ..!
التفت ناحيتي : وحدنا ؟!..
أومأت له إيجاباً فبدت الراحة عليه : هذا جيد جداً ..!
لم أعلق على تمتمته تلك .. واضح أنه متضايق من الوضع .. ربما لم يكن علي إجباره على الحضور ..!
.................................................. ...........
في صالة الاستقبال بمطار هيثرو و الساعة تشير إلى السادسة ..!
وقفت و تقدمت بضع خطوات و أنا أنظر إلى اللوحة الرقمية لأجد أن طائرة لوي قد وصلت بالفعل منذ لحظات ..!
رايل كان يجلس على كرسي طويل بالقرب مني .. التفت ناحيته فرأيته يضع كبسولة دواء صغيرة في فمه ثم يدفعها ببعض الماء ..!
انتبهت لملامحه المنزعجة .. يبدو أنها ذات طعم سيء كحال معظم الأدوية ..!
كم أتمنى أن يأتي اليوم الذي يمكن للأطباء إضافة النكهات اللذيذة على الأدوية فيه .. فربما يكون هذا عزاء المرضى الوحيد ..!
تقدمت ناحية ريكايل : أنت بخير ؟!!..
أومأ إيجاباً وهو يرمي زجاجة الماء التي فرغت بالكامل في سلة المهملات ..!
تنهدت حينها ثم سألت : هل هذا من أجل الربو ؟!..
بهدوء أجابني : انه لالتهاب الرئة .. أخبرني الدكتور هاري بأن رئتي معرضة للالتهاب تحت ابسط الظروف لذا آخذ هذا الدواء كي يقوي مناعتها ..!
لم أعلم كيف أعلق على الأمر .. لكنني في النهاية ربت على كتفه بهدوء : المهم أن لا تهمل صحتك .. هيا لا شك بأن لوي سيصل خلال لحظات ..!
وقف بصمت و سار بجانبي .. لا أعلم لما فرغم أنه لا يشكو من شيء خطير إلا أن القلق يراودني بشكل غير طبيعي ..!
وقفت قرب ذلك الحاجز الصغير الذي يمنع أياً كان من الدخول من ذلك الباب الذي يفصل بين صالة الاستقبال و صالة الوصول ..!
فتح ذلك الباب و بدأ الناس يدخلون كنت أبحث بين الناس عنه .. فتى ذو بشرة بيضاء و عينان نهريتان و شعر أسود حالك ..!
لكن لا آثر .. أين ذهب ؟!!..
شعرت بالقلق .. أيعقل أنه ليس على متن هذه الطائرة : لينك .. انظر لذلك الفتى ..!
نظرت إلى حيث أشار رايل بعينيه .. كان هناك فتى يبدو بعمري .. يرتدي بنطال أسود و كنزة بيضاء فوقها قميص ترابي فتح كل أزراره ليصير كالسترة ..!
يرتدي قبعة كاب و نظارة شمسية و ينظر حوله ..!
لكنه حين أنتبه لي و ابتسم و سار ناحيتي و هو يسحب حقيبته ..!
قطبت حاجبي مستغرباً .. أنا لا أعرف شخصاً يشبه هذا ..!
إن له بشرة برونزية و قد ظهرت أطراف شعره التي بلون الكاراميل من تحت القبعة ..!
وصل إلي حينها و ما إن اقترب حتى صرخ بسعادة : لينك !!..
شهقت مفزوعاً حين عانقني بسرعة و صرخت : لوي !!!!..
ابتعد عني و خلع النظارة فأخذت أحدق فيه بذهول ..!
ضحك بخفة : ما بك ؟!.. هل تغير شكلي إلى هذا الحد ؟!!..
بدهشة قلت و قد ابتسمت : يا إلهي .. لقد تغير حتى أني لم أكد أعرفك ..!
عانقني مجدداً :أنا سعيد برؤيتك فعلاً .. وأخيراً أتى هذا اليوم ..!
بادلته ذلك العناق حينها : أنا كذلك .. من الجيد أني أتيت إلى هنا ..!
- كنت سأقتلك لو لم تأتي ..!
- لم أفكر في المجيء إلا من أجل لقائك ..!
ابتعدت عنه حينها و قلت و أنا أشير ناحية أخي : أعرفك بصديقي ريكايل ..!
هتف رايل حينها : لينك لا !!..
بابتسامة قلت : ما المشكلة ؟!!.. لوي ليس من تلك الطبقة المخملية التي تؤرق حياتك .. لذا لا بأس بأن يعلم ..!
تنهد حينها لكنه نظر للويفان و صافحه : تشرفت بلقائك سيد لويفان ..!
صافحه هو الآخر بمرح : و أنا كذلك ريكايل .. يمكنك أن تناديني لوي ..!
ابتسم رايل حينها .. شعرت بأنه ارتاح لصديقي و هذا ما أراحني ..!
غادرنا المطار حينها .. و في الطريق إلى الخارج شرحت له وضع ريكايل بالضبط فتفهم الأمر ..!
لكنه صدمني حين قال : انه يشبهك يا لينك .. له لون العينين والشعر نفسه ..!
بتوتر قلت : حقاً ؟!!.. إنه أمر بسيط فكثير من الفرنسين يملكون الشعر الأشقر و العينان الخضراوتين ..!
أوقفنا سيارة أجرة وصعدنا فيها منطلقين إلى منزل روز ..!
.................................................. .............
رمى بجسده على السرير بمرح : و أخيراً سأحصل على إجازة ..!
جلست على حافة السرير الآخر و أنا أنظر إليه بابتسامة : و الآن ألن تخبرني ما سر هذه الألوان ؟!!..
التفت ناحيتي وهو لا يزال مستلقياً : لدي تصوير مسلسل رومنسي .. و قد حصلت على دور البطولة الذي يلزم أن يكون شكلي هكذا ..!
استلقيت على سريري و سألت : وما هذا المسلسل ؟!!..
- يحكي قصة فتى يعيش في هاواي .. يعمل في محل عصائر على الشاطئ و يهوى ركوب الأمواج .. و في مرة التقى بفتاة تايلندية و قضى معها وقتاً ممتعاً إلا أنها عادت لتايلند بعد انقضاء العطلة .. و قد علم أن الفتاة يتيمة و تعيش مع عمها الثري الذي كان يعاملها بسوء شديد .. و بعد توالي الأحداث قرر هو السفر لتايلند لرؤية الفتاة .. و حين فعل ذلك عرف كم تعاني تلك المسكينة مع عمها ..! و هكذا يبدأ في مهمة إنقاذها و أخذها لهاواي مجدداً ..! لقد صورت معظم مشاهد تايلند .. و بعد هذه الرحلة سأذهب لهاواي لأكمل المسلسل ..! انه من خمسة عشر حلقة لينك .. و هو رائع بالفعل و يجب عليك مشاهدته ..!
- أعتقد أني سأشاهده فور أن تنتهي من تصويره ..!
- ما رأيك بأن تأتي معي لهاواي حين أصور الفلم ؟!!..
- هاواي ؟!.. لم أذهب إلى هناك منذ زمن .. لكن لا أظن أني قادر على ذلك فأنا ملزم بالكثير من الأعمال ..!
- حقاً .. بدأت تعمل في شركة مارسنلي ؟!!..
- ليس تماماً .. لكن لدي ارتباطات أخرى ..!
- ألن تخبرني عنها ؟!!..
- ربما في وقت لاحق .. و الآن هيا لقد ذهب الجميع إلى السينما و سيذهبون بعدها مباشرةً لمدينة الألعاب و علينا أن نلحق بهم هناك ..!
- من اقترح مدينة الألعاب ؟!!.. كأنه يعلم أني لم استمتع منذ زمن ؟!..
- إنها آندي .. و كذلك سورا ..!
- سورا ؟!!..
- إنها صديقة آندي التي عرفتها من الانترنت .. و هي يابانية .. ستواجه صعوبة في التعامل معها ..!
- اطمئن .. لدي خبرة ..!
- أعتقد أن التمثيل هو تلك الخبرة التي تحدثت عنها ..!
- أنت محق .. لقد تعاملت مع كل الأنماط و مثلت الكثير من الشخصيات المختلفة لذا اعتقد أن لدي قدرة لا بأس بها للتعامل مع الآخرين ..!
- يبدو أنك وجدت فائدة جيدة من وراء هذا العمل ..!
- كلامك صحيح .. حسناً هيا حتى لا نتأخر عن البقية ..!
- كما تشاء ..!
.................................................. ......

راح نوقف هنا اليوم ..!

أخباركم ؟!!.. أن شاء الله تمام ..!

طبعاً مثل ما تشوفون البارت كان مليء بالمشاحنات الغير منتهية ..!

أن شاء الله يكون طوله عجبكم ؟!.. و أن شاء الله أكون ما تأخرت عليكم هالمره ؟!..

الواجب ..!

غضب
ماثيو و استياء دايمن .. كيف سيتصرف لينك معهم ؟!!..

ليديا في صف الأخوين .. إلى أين سينتهي هذا ؟!.!..

سورا الآن مصرة على جعل ريكي صديقها الدائم .. هل تؤيدون هذا ؟!..

ظهور
لويفان الأول .. أنطباعكم عنه ؟!!..

مذا سيحدث في مدينة الألعاب و في لندن ككل ؟!!..

و الآن .. أترك لكم حرية التعليق على البارت

جانا ..!




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 07:20 PM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 22

نزلت من سيارة الأجرة بعد أن دفعت الحساب ..!
كان لوي ينظر إلى تلك البوابة الكبيرة بحماس : هيا لينك .. سنستمتع بالتأكيد ..!
ضحكت حينها : على رسلك .. هيا ريكايل ..!
التفت إليه حينها فرأيت أنه شارد الذهن ..!
اقتربت منه و همست : ما بك اليوم ؟!..
تنهد حينها و همس : لا أعلم .. أشعر بأن شيئاً سيئاً حدث في غيابي ..!
ربت على كتفه و قلت بنبرة مطمئنة : لا بأس رايل .. هذا لأنك لم تعتد على الغياب عنهم .. أنا واثق أنهم بخير ..! تذكر .. لقد تحدثت إليك لورا اليوم و قد كان صوتها طبيعياً للغاية ..!
أومأ إيجاباً حينها و سار معي .. رأيت لوي هناك قد دخل إلى الصالة التي يبيعون فيه التذاكر ..!
دخلت خلفه و ريكايل أيضاً .. كانت الصالة مزدحمة فالعطلة قد بدأت ..!
أشار لوي نحوي لوحة كبيرة جداً على الجدار : سوار المرح .. أدفع المزيد فقط و سيتسنى لك اللعب في كل الألعاب مجاناً ما دمت ترتدي السوار ..! ما رأيك بهذا العرض لينك ؟!!..
ابتسمت حينها : اعتقد أنه أفضل العروض الموجودة ..!
أومأ موافقاً و سار ناحية الموظفين الذين يبيعون السوار ..!
أمسكت بيد ريكايل و أنا أقول : هيا عزيزي .. استمتع اليوم و أنسى كل شيء ..!
ابتسم حينها بصعوبة و أومأ إيجاباً ..!
بادلته تلك الابتسامة رغم قلقي عليه فهو لا يبدو بخير ..!
حصل كل منا على سوار ..!
اتصلت بآندي و سألتها عن مكانهم فأخبرتني بأنهم يقفون قرب العجلة الدوارة ..!
و بعد سير بين تلك الألعاب الضخمة وصلنا إليهم حيث كانوا جميعاً هناك ينتظروننا ..!
بدا أن ماثيو ينزعج بمجرد رؤيتي فرمى علي بسهم نظراته القاتلة ..!
لم أعد أحتمل هذا و أتمنى لو أوقفه عند حده لكن لا خيار بما أن رايل يرفض هذا ..!
فور أن اقتربنا بدأ الجميع بتحية لوي وقد قمت بتعريفه على ليديا التي استلطفته فوراً ..!
و لم يخلوا الموضوع من التعليق على شكل لوي الجديد ..!
حينها قالت آندي و هي تشير إلى العجلة الكبيرة : انظروا .. إن المركبات مخصصة لتكون اثنين لأثنين .. لذا سيركب كل اثنان سوية ..!
بمكر قال دايمن : لدي اقتراح لنجعل الأمر ممتعاً .. كل فتى سيأخذ احدى الفتيات معه ..!
بخبث قال لوي : إذاً لا بأس لدي أن أكون مع الآنسة فلورا ..!
نظر إليه دايمن بنظرة مرعبة وهو يقول بجد : فكر فقط بفعل هذا .. و تذكر بأنه سيكون أخر عمل قمت به في حياتك البائسة ..!
ذلك الموقف دعا الجميع للضحك إلا فلورا التي كانت محرجة ..!
إنها خجولة جداً و هذه أفضل ميزة في الفتاة .. لا أعلم لما الخالة كاثرن غير راضية عنها ..!
بالتفكير في الأمر أرى أن ميشيل مجردة من هذه الصفة نوعاً ما ..!
يا إلهي .. هل علي أن أفكر بها حتى هنا ..!
تنهدت بتعب حين تذكرت موقفنا الأخير و كيف انتهى ببكائها .. كيف سيكون الموقف القادم يا ترى ؟!!..
لأترك التفكير في هذا لوقت لاحق و لانتبه لأصدقائي حيث يبدو أنهم وافقوا على اقتراح دايمن ذاك ..!
لفت نظري تيموثي الذي كان ينظر إلى ليديا بهدوء قبل أن يبتسم و يقول : ليديا .. ما رأيك أن نكون سوية ؟!!..
بدا عليها الارتباك لكنها أومأت موافقة ..!
سورا لفت ذراعيها حول ذراع ريكايل وهي تقول : أنا مع ريكي ..!
بهدوء قال هو : عذراً يا آنسة .. لكني لا أحب الأماكن المرتفعة ..!
قطبت حاجبيها : مستحيل .. إنها ليست عالية ..!
هذه المرة تدخلت آندي وهي تقول : لا تجبريه سورا .. يبدو أنه لا يحب ذلك بالفعل ..!
تنهدت باستياء فقال ماثيو حينها : سورا .. يمكننا أن نكون سويةً..!
لم ترفض بل أومأت إيجاباً ..!
أردت أن أطلب من آندي مرافقتي لكن روز حينها قالت بنبرة لبقة : مارسنلي .. ألديك مانع بمرافقتي ؟!!..
نظرت إليها بهدوء .. لم أجد داعياً للرفض : بالتأكيد لا مانع لدي ..!
بمرح قال لوي : إذاً أنا و آندي .. لينك و روزاليندا .. دايمن و فلورا .. و تيموثي مع ليديا و كذلك ماثيو و سورا ..!
تقدمت مع روز أولاً و وقفنا في الصف و ما هي سوا دقائق قليلة و ركبنا و الجميع خلفنا ..!
بدأت المركبة بالارتفاع و قد كنت أجلس و أمامي روزا و قد كانت ترتدي فستاناً أحمر يصل إلى الركبة يتناسب لونه مع لون تلك الخصل الحمراء على شعرها الأشقر الطويل الذي رفعته قليلاً بطريقة جذابة .. و قد ارتدت سترة من الفرو ذات لون رمادي كلون الحذاء ذو الرقبة الطويلة التي يصل لمنتصف ساقها ..!
تبدو تلك السترة غالية الثمن فواضح أن ذلك الفرو طبيعي .. ربما فرو ثعلب ؟!!.... عموماً ليس غريباً على وريثة دايفيرو ..!
إنها جميلة .. لكنها تملك ثقة بنفسها تصل إلى الغرور .. و هي متمسكة بعادات الطبقة المخملية ..!
تذكرت الآن شيئاً .. في يوم الفلنتاين أهدتني خاتماً كخواتم الخطبة ..!
بالفعل هي جريئة لفعلها هذا التصرف : ما بك تحدق بي ؟!..
شعرت بالحرج من سؤالها و قد كانت تبتسم بغرور و تضع قدماً فوق الأخرى ..!
لم أجب .. بل أني لم أجد ما يمكن قوله فسألت هي بابتسامة : أخبرني لينك .. ما نوع الفتيات الذي تفضل ؟!..
ما بها هذه ؟!!..
هل تريد فتح موضوع نقاش من هذا النوع بما أننا وحدنا ..!
إنها تبدو واثقة و كأنها تنتظر مني أن أخبرها باني أحبها !!..
سأحطم غرورها هذا الآن ..!
ابتسمت نصف ابتسامة و بغرور قلت : لست واثقاً من إجابتي .. لكن أستطيع القول بأني لا أريد منها أن تكون شبيهة بك ..!
اعتقدت أني حطمت غرورها لكنها قالت بكل ثقة : لن تجد شبيهة بي أصلاً في أي مكان .. لا يوجد مني سوى واحدة أصلية .. و هي التي أمامك ..!
اختفت ابتسامتي حين رأيت بأني لم أفعل شيئاً غير أني زدت من غرورها ..!
لذا قلت بهدوء : حتى هذه الواحدة .. لا أعتقد أنها تعجبني ..!
ابتسمت بنصف ابتسامة و هي لا تزال على نبرتها المغرورة : أنت صريح للغاية .. لكن هذا ما يعجبني فيك ..!
بخبث قلت : هل أفهم من كلامي أني أعجبك ؟!!..
- تستطيع قول ذلك ..! أعتقد أنك نوعي المفضل ..!
- حقاً ؟!.. و ما الذي يميزني؟!..
- أكثر شيء .. أنك شيطان ..!
قطبت حاجبي بعد كلمتها الأخيرة .. لقد سمعت هذا الوصف مرارا و تكراراً يطلق علي .. لكن هذا كان فقط من أصدقائي المقربين أو رافالي ..!
عدت لابتسم بغرور : و لما تقولين ذلك ؟!..
- شعور فقط ..! عموماً أنت من النوع الذي يحصل على كل ما يريد .. و هذا شيء يميزك أيضاً .. ليس لك حدود ..!
- أترين هذا ؟!..
- أجل .. و الدليل هو ذلك الخادم الوسيم ..! أعتقد أنك أجبرته على العمل لديك ..! لا يمكن أن يتم رفض أي طلب لك ..!
- هل أعجبك إلى هذا الحد ؟!!..
هذا ما قلته بخبث و غرور فقالت بابتسامتها الواثقة : لن أجيبك على هذا السؤال لكن أخبرني أنت .. ما نوعك المفضل ؟!!..فلورا الخجولة ؟!.. أم ليديا المتزنة ؟!.. ما رأيك بآندي الماكرة ؟!.. لا أعتقد أنك تفضل سورا فهي تحب التملك كما أنها ساذجة للغاية ..!
الحقيقة أنه لا توجد صفة من هذه الصفات في الفتاة التي تعجبني ..!
فميشيل لا تملك هذه الصفات ..!
بهدوء قلت : لا تعجبني أي منهن ..!
بنبرة خبيثة قالت : إذاً .. أنت تنتظر الفتاة التي ستجذب انتباهك ..! ربما تلك التي سترفضك و تعارضك .. لا اعتقد أن فتاة فعلت هذا من قبل ..!
بلا .. ميشيل فعلت هذا ..!
لكن ما اكتشفته اليوم هو أني مفضوح تماماً و يمكن لأي كان أن يفهم نوعي ..!
انتبهت إلى أننا كدنا نصل إلى النهاية ..!
ذلك النقاش أجبرني على التحديق بوجه روز طيلة الوقت لذا لم أتمكن من رؤية المدينة من الأعلى ..!
فور أن نزلنا و قد كنا أول من نزل سرت مبتعداً قليلاً أبحث عن ريكايل ..!
رأيته يجلس على ذلك الكرسي و يضع الهاتف على أذنه و القلق بادٍ عليه : لا تجيب !!..
تقدمت ناحيته و بقلق قلت : ما الأمر ؟!!..
رفع رأسه إلي و قد بدا وجهه شاحباً : لينك أنا قلق .. جوليا لا تجيب على الهاتف و لا على المنزل !!..لقد طلبت من الآنسة جيني بان تذهب لمنزلهم و قد فعلت ذلك لكنها تقول بأنه لا أحد فتح الباب مع أنها أخذت ترن الجرس عدة مرات ..!
جلست بجواره و ربت على كتفه : اهدأ ريكايل .. أخبرتك بأن لا تسمح للوساوس بالدخول لرأسك ..!
لم يبدو بمزاج جيد مطلقاً فحاولت أن أطمئنه : أنت فقط تفكر بهذا لأنك بعيد عنهم .. أنا واثق أنهم بخير ..!
شعرت بشخص يقف قربنا : لينك .. هل من مشكلة ؟!!..
التفت حالاً لكني تنفست الصعداء حين رأيت أنها ليديا ..!
تنهدت بتعب : ريكايل لا يبدو بخير ..!
تقدمت هي ناحيتنا أكثر : أن وجهه شاحب .. ريكايل أتريد العودة لمنزل روزليندا ؟!..
بهدوء قال : ربما هذا أفضل لي ..!
يا ألهي .. بعد أن وصلنا لمكان يمكننا الاستمتاع فيه !!..
لكنه يبدو متعباً بحق لذا لن أجبره ..!
وقفت حينها و أنا أقول : ليديا .. أخبري الجميع أني مضطر للعودة للمنزل .. علي أخذ ريك ليرتاح ..!
تدخل رايل أولاً : لا بأس لينك .. سأعود وحدي بسيارة أجرة .. لا يجب أن يشكوا في أمرك ..! كما أنه من الأفضل أن تبقى معهم ..!
كلامه كان صحيحاً .. لكني لا أود تركه وهو بهذا الحال ..!
- لكن ريك .. أنت مريض و تحتاج لمن يهتم بك .. كما أني لا أريد تركك وحدك !!..
- اطمئن .. سأكون بخير .. المهم أن لا يشك أحدهم ..!
تنهدت حينها و قلت : لا بأس إذاً .. لكني سأرافقك إلى الشارع و آخذ لك سيارة أجرة حتى أدل السائق على طريق المنزل فأنت لا تعرفه كما أنك لست متمكناً من الإنجليزية ..!
التفت إلى ليديا : أيمكنك إخبار البقية بأني ذهبت لدورة المياه ؟!..
أومأت موافقة و هي تقول : حاضر ..!
سرت بعدها مع رايل باتجاه البوابة .. و حين وصلنا كان هناك عدد من السيارات تقف للحظات أمام البوابة لتحمل بعض الناس ثم تسير معطية فرصةً لمن خلفها ..!
انتظرت حتى ظهرت سيارة أجرة بين سير السيارات ذاك فأشرت لها و حال ما صار دورها توقفت فركب ريك في الخلف ..!
دللت السائق على طريق قصر روز الصغير ثم نظرت إلى رايل و أنا أقول بقلق : أنت متعب .. لذا فور أن تذهب للمنزل اذهب لغرفتك و خذ قسطاً من الراحة .. لا تحاول الاتصال بجوليا مجدداً حتى لا تشغل بالك ..! مفهوم ؟!..
أومأ إيجاباً دون أن ينظر إلي فأغلقت الباب و انطلقت السيارة مبتعدةً عنا ..!
لما كل هذا القلق ؟!!..
بل لما جوليا لا تجيب على هاتفها ؟!!..
أيمكن أن شيئاً ما حدث لهم ؟!!..
.................................................. ..............

مضى الكثير من الوقت حتى صارت الساعة هي العاشرة ..!
وقد كانت آندي تسحب الجميع خلفها هي وسورا لتجربة كل الألعاب بحجة أنهم لم يستمتعوا بهذا منذ زمن ..!
عرض الألعاب النارية كان مذهلاً .. و كذلك الفرق الاستعراضية التي تتجول هنا و هناك ..!
كنت شارد الذهن معظم الوقت بسبب قلقي على ريكايل .. كما أنني شعرت بالضيق لأن كل تلك العروض الرائعة فاتته .. لقد اتصلت به و أخبرني بأنه وصل للمنزل و هو في غرفته الآن ..!
لكني قلق بشأن صحته فهو لا يبدو بخير و أخشى أن تسوء و أنا بعيد عنه ..!
وصلنا إلى ذلك البرج الكبير في قلب مدينة الألعاب و المكون من خمسة عشر دوراً .. في الدور العاشر يوجد مطعم فاخر و قد قامت آندي بدعوة الجميع إلى هناك على حسابها ..!
دخلنا إلى ذلك المبنى و اتجهنا إلى المصعد الذي علمنا بأنه يحمل خمسة أشخاص فقط و هكذا انقسمنا بين مصعدين بعجل ..!
كنت مع ماثيو و دايمن و آندي و فلورا في مصعد ..!
حيث سأل ماثيو ببرود : لم أرى ريكايل منذ وقت ..!
ببرود يوازي بروده قلت : لقد عاد لقصر روز ..!
قطب حاجبيه باستياء : لا تقل لي بأنك من طلب منه مغادرة المكان ..!
انه يغضبني بالفعل .. لذا أردت إغضابه أنا الآخر لذا قلت بمكر : ليس على الخدم أن يتسلوا ..!
كاد ينقض علي لولا أن دايمن أمسك به : يكفي ماثيو ليس هنا ..!
نظر ناحيتي وأردف : لينك كف عن هذا .. لقد تجاوزت حدودك .. عليك أن لا تعامل ريكايل بهذه الطريقة المشينة ..!
ببرود قلت : أعامله كما أشاء .. ما شأنكما أنتما ؟!!.. إن صرتما وليي أمري تكلما عندها ..!
قطبت آندي حاجبيها : ما بك لينك ؟!!.. جميعنا نعلم أنك تحب التملك لكنك تجاوزت الحدود .. أكل هذا من أجل ميشيل التي قررت نسيانها ؟!!..
التفت ناحية آندي متعجباً ..!
صحيح .. في الحفل حين رأيتهما سوية و تشاجرت مع رايل و فقد الوعي قالت ميشيل أمام الجميع بأن ريكايل هو أخوها ..!
بتردد قلت : ليس للأمر علاقة بميشيل .. عليك أن تعلمي آندي بأنه كان خادمي من قبل الحفل ..!
بدا عليها الذهول .. بينما التزمت أنا الصمت ..!
وصلنا أخيراً إلى الدور العلوي فأسرعت بالنزول للهرب من نظراتهم التي كادت أن تأكلني ..!
نزل الآخرون من مصعدنا وكذلك المصعد الآخر .. لذا سرنا معاً ناحية الجزء المخصص للمطعم البحري ..!
حجزت لنا آندي طاولة كبيرة .. حيث كانت تكفينا نحن العشرة فجلسنا جميعاً حول تلك المائدة ..!
وزع النادل قائمة الطعام فأخذت أتصفحها بضجر دون أن أقرأ بل دون أن انتبه للصور فقد كنت شارد الذهن ..!
بلا شعور و جدت نفسي أخرج هاتفي و اتصل برقم جوليا ..!
اخذ يرن .. و يرن .. و يرن .. بلا رد ..!
و في النهاية .. لا رد مجدداً ..!
كان لدا هاتفها نظام الرسالة الصوتية بعد الصافرة .. إنه أمر طبيعي لفتاة لديها الكثير من الأعمال و الالتزامات مثل جوليا ..!
وقفت و ابتعدت عن الجميع قليلاً و انتظرت تلك الصافرة ثم قلت بهدوء : مرحباً جوليا .. أنا لينك ..! ريكايل يشعر بالقلق بسبب عدم إجابتك على الهاتف و أنا كذلك بدأت أقلق .. أرجوك أن كنت بخير أرسلي رسالة فقط حتى نطمئن ..!
أغلقته بعدها و كلي أمل بأن أتلقى رسالة منها ..!
عدت إلى حيث أصدقائي و جلست مكاني عن يساري لوي و عن يميني دايمن و مقابلي سورا ..!
فور أن جلست رن هاتفي معلناً وصول رسالة نصية ..!
فتحتها على عجل وكانت من جوليا بالفعل لكن الغريب أنها كانت .. فارغة !!!..
شعرت بالتوتر أكثر .. فهذه السرعة في الإجابة أثبتت لي بأنها كانت تسمع هاتفها يرن منذ لحظات ثم سمعت رسالتي الصوتية ..!
إن كانت مشغولة لذا لا تجيب فكان بإمكانها أن تكتب شيئاً في الرسالة ..!
يبدو أنه لا مزاج لها لشيء لذا أرسلتها فارغة ..!
هذا يزيد من قلقي : لينك .. ماذا قررت ؟!!..
انتبهت لآندي التي كانت تسألني و النادل واقف قربها : أقرر ماذا ؟!..
بنبرتها الغريبة قالت سورا : أين مكان عقلك قبل دقيقة ؟!!..
لم أفهم الأمر فتدخل لوي لينقذني : اطلبي له الباستا مع الروبيان وحسب ..!
أومأت إيجاباً و عادت تردد كلام لوي على النادل ففهمت أنها تسألني عن الطبق الذي اخترته ..!
أنا لا أعلم حتى الآن ما هي الأصناف التي تقدم في هذا المطعم ..!
أخبرنا النادل بأن ننتظر قليلاً قبل أن يجهز العشاء ..!
همس لي لوي : ما بك لينك ؟!.. أين شردت ؟!..
تنهدت بتعب حينها : لا شيء لوي .. لا شيء ..!
قطب حاجبيه حينها : يمكنك خداع الجميع عداي .. أعلم أنك مشغول البال بشيء مهم و سأعرفه قريباً ..!
لم أرد عليه بل عدت لأفكر في أمر جوليا التي جعلتني أقلق أكثر من ريكايل نفسه ..!
لقد فهمت الآن لما شحب وجهه حين لم يجد رداً منها ..!
.................................................. .........
مضى الكثير من الوقت حتى صارت الساعة هي العاشرة ..!
وقد كانت آندي تسحب الجميع خلفها هي وسورا لتجربة كل الألعاب بحجة أنهم لم يستمتعوا بهذا منذ زمن ..!
عرض الألعاب النارية كان مذهلاً .. و كذلك الفرق الاستعراضية التي تتجول هنا و هناك ..!
كنت شارد الذهن معظم الوقت بسبب قلقي على ريكايل .. كما أنني شعرت بالضيق لأن كل تلك العروض الرائعة فاتته .. لقد اتصلت به و أخبرني بأنه وصل للمنزل و هو في غرفته الآن ..!
لكني قلق بشأن صحته فهو لا يبدو بخير و أخشى أن تسوء و أنا بعيد عنه ..!
وصلنا إلى ذلك البرج الكبير في قلب مدينة الألعاب و المكون من خمسة عشر دوراً .. في الدور العاشر يوجد مطعم فاخر و قد قامت آندي بدعوة الجميع إلى هناك على حسابها ..!
دخلنا إلى ذلك المبنى و اتجهنا إلى المصعد الذي علمنا بأنه يحمل خمسة أشخاص فقط و هكذا انقسمنا بين مصعدين بعجل ..!
كنت مع ماثيو و دايمن و آندي و فلورا في مصعد ..!
حيث سأل ماثيو ببرود : لم أرى ريكايل منذ وقت ..!
ببرود يوازي بروده قلت : لقد عاد لقصر روز ..!
قطب حاجبيه باستياء : لا تقل لي بأنك من طلب منه مغادرة المكان ..!
انه يغضبني بالفعل .. لذا أردت إغضابه أنا الآخر لذا قلت بمكر : ليس على الخدم أن يتسلوا ..!
كاد ينقض علي لولا أن دايمن أمسك به : يكفي ماثيو ليس هنا ..!
نظر ناحيتي وأردف : لينك كف عن هذا .. لقد تجاوزت حدودك .. عليك أن لا تعامل ريكايل بهذه الطريقة المشينة ..!
ببرود قلت : أعامله كما أشاء .. ما شأنكما أنتما ؟!!.. إن صرتما وليي أمري تكلما عندها ..!
قطبت آندي حاجبيها : ما بك لينك ؟!!.. جميعنا نعلم أنك تحب التملك لكنك تجاوزت الحدود .. أكل هذا من أجل ميشيل التي قررت نسيانها ؟!!..
التفت ناحية آندي متعجباً ..!
صحيح .. في الحفل حين رأيتهما سوية و تشاجرت مع رايل و فقد الوعي قالت ميشيل أمام الجميع بأن ريكايل هو أخوها ..!
بتردد قلت : ليس للأمر علاقة بميشيل .. عليك أن تعلمي آندي بأنه كان خادمي من قبل الحفل ..!
بدا عليها الذهول .. بينما التزمت أنا الصمت ..!
وصلنا أخيراً إلى الدور العلوي فأسرعت بالنزول للهرب من نظراتهم التي كادت أن تأكلني ..!
نزل الآخرون من مصعدنا وكذلك المصعد الآخر .. لذا سرنا معاً ناحية الجزء المخصص للمطعم البحري ..!
حجزت لنا آندي طاولة كبيرة .. حيث كانت تكفينا نحن العشرة فجلسنا جميعاً حول تلك المائدة ..!
وزع النادل قائمة الطعام فأخذت أتصفحها بضجر دون أن أقرأ بل دون أن انتبه للصور فقد كنت شارد الذهن ..!
بلا شعور و جدت نفسي أخرج هاتفي و اتصل برقم جوليا ..!
اخذ يرن .. و يرن .. و يرن .. بلا رد ..!
و في النهاية .. لا رد مجدداً ..!
كان لدا هاتفها نظام الرسالة الصوتية بعد الصافرة .. إنه أمر طبيعي لفتاة لديها الكثير من الأعمال و الالتزامات مثل جوليا ..!
وقفت و ابتعدت عن الجميع قليلاً و انتظرت تلك الصافرة ثم قلت بهدوء : مرحباً جوليا .. أنا لينك ..! ريكايل يشعر بالقلق بسبب عدم إجابتك على الهاتف و أنا كذلك بدأت أقلق .. أرجوك أن كنت بخير أرسلي رسالة فقط حتى نطمئن ..!
أغلقته بعدها و كلي أمل بأن أتلقى رسالة منها ..!
عدت إلى حيث أصدقائي و جلست مكاني عن يساري لوي و عن يميني دايمن و مقابلي سورا ..!
فور أن جلست رن هاتفي معلناً وصول رسالة نصية ..!
فتحتها على عجل وكانت من جوليا بالفعل لكن الغريب أنها كانت .. فارغة !!!..
شعرت بالتوتر أكثر .. فهذه السرعة في الإجابة أثبتت لي بأنها كانت تسمع هاتفها يرن منذ لحظات ثم سمعت رسالتي الصوتية ..!
إن كانت مشغولة لذا لا تجيب فكان بإمكانها أن تكتب شيئاً في الرسالة ..!
يبدو أنه لا مزاج لها لشيء لذا أرسلتها فارغة ..!
هذا يزيد من قلقي : لينك .. ماذا قررت ؟!!..
انتبهت لآندي التي كانت تسألني و النادل واقف قربها : أقرر ماذا ؟!..
بنبرتها الغريبة قالت سورا : أين مكان عقلك قبل دقيقة ؟!!..
لم أفهم الأمر فتدخل لوي لينقذني : اطلبي له الباستا مع الروبيان وحسب ..!
أومأت إيجاباً و عادت تردد كلام لوي على النادل ففهمت أنها تسألني عن الطبق الذي اخترته ..!
أنا لا أعلم حتى الآن ما هي الأصناف التي تقدم في هذا المطعم ..!
أخبرنا النادل بأن ننتظر قليلاً قبل أن يجهز العشاء ..!
همس لي لوي : ما بك لينك ؟!.. أين شردت ؟!..
تنهدت بتعب حينها : لا شيء لوي .. لا شيء ..!
قطب حاجبيه حينها : يمكنك خداع الجميع عداي .. أعلم أنك مشغول البال بشيء مهم و سأعرفه قريباً ..!
لم أرد عليه بل عدت لأفكر في أمر جوليا التي جعلتني أقلق أكثر من ريكايل نفسه ..!
لقد فهمت الآن لما شحب وجهه حين لم يجد رداً منها ..!
.................................................. .........
بعد أن تناولنا العشاء وحين صارت الساعة هي الحادية عشر قررنا العودة للمنزل كي نرتاح فنحن لم نرتح منذ وصلنا في الصباح كما أن علينا الاستيقاظ مبكراً غداً ..!
وصلنا للمنزل و قبل أن أصعد للدور العلوي اتجهت إلى غرفة ريكايل مباشرة ..!
حين صرت أمام الباب أردت أن أطرقه لكني خشيت أن يكون نائماً لذا فتحت الباب بهدوء : رايل .. أنت هنا ؟!!..
رأيته يستلقي على بطنه فوق السرير .. لكن ما أذهلني هو أنه لا يزال بملابسه حتى سترته و حذاءه لم ينزعهما : لما تنام هكذا ؟!!..
دخلت و أغلقت الباب من خلفي ثم تقدمت ناحية السرير .. رأسه كان على الوسادة مستنداً إلى جهة أذنه اليمنى و قد أغمض عينيه و تقارب حاجباه .. وضعت يدي على جبينه فشعرت بسخونته نوعاً ما ..!
هل هو مريض ؟!!..
انه يبدو كذلك بالفعل ؟!!..
بتوتر قلت : علي أن أحضر طبيباً .. هو لا يبدو بخير ..!
ما إن استدرت حتى شعرت بيده تقبض على معصمي ..!
التفت بسرعة رأيته ينظر إلي بهدوء و قد كان الشحوب طاغياً عليه .. بصوته المبحوح قال : أنا بخير .. لا داعي للطبيب ..!
قطبت حاجبي و قلت : ريك أأنت جاد ؟!!.. أنظر إلى نفسك !!.. وجهك مصفر و صوتك شبه مختفي ..! لقد أخبرتك بأن أهم شيء ألا تهمل صحتك ..!
ترك يدي و استند إلى يديه حتى يرفع الجزء العلوي من جسده وقد تمكن من هذا بصعوبة ..!
جلس على السرير و هو يقول بذات النبرة المتعبة : هذا بسبب تغير الجو فقط .. لقد عشت طيلة حياتي في باريس لذا طبيعي أن أتأثر بتغير الجو ..!
باستياء قلت : لا تختلق الأعذار .. جو باريس لا يختلف عن جو لندن كثيراً ..!
أشاح بوجهه قليلاً :أرجوك لينك .. لا أريد نقاشاً في الأمر .. بعض الماء البارد سيخفض الحرارة ..!
وقف بصعوبة و بدأ بالسير مترنحاً و متجهاً إلى باب في زاوية الغرفة : سآخذ حماماً بارداً .. و ستكون الأمور بعدها على خير ..!
لما ؟!!.. لما يعارض دائماً حين يتعلق الأمر بصحته ؟!!..
لما دائماً يرفض إخباري بما يشعر ؟!!..
سابقاً .. كان يخفي أمر مرضه .. لكن الآن أنا أعلم أن لديه ربواً و رئةً حساسة ..!
إذاً لما يعارض ..!
لم أملك قول شيء .. هو ليس طفلاً لأجبره ..!
لقد عاش حياته كلها من دوني لذا لا أستطيع أن أفرض عليه كل شيء بسرعة ..!
سأتريث قليلاً لكني لن اسمح له بالتمادي بما أن الأمر متعلق بصحته ..!
بهدوء قلت : أنت لم تتناول العشاء صحيح ؟!..
أمسك بمقبض الباب و بتعب : لا رغبة لي في الأكل ..!
- سأطلب منهم أن يعدوا لك حساءً .. سيساعدك في استعادة نشاطك ..!
لم يعلق بل دخل إلى دورة المياه بعد أن حمل بعض الملابس من حقيبته التي كانت مفتوحةً و موضوعةً على تلك الطاولة ..!
خرجت أنا من الغرفة بدوري فعلي أولاً أن أطلب من الخدم تجهيز شيء ساخن له عله يخفف من بحة صوته ..!
...............................................
بعد أن طلبت من إحدى الخادمات أن تعد بعض الحساء الساخن بالخضر مع اللحم صعدت إلى الدور العلوي حيث جناح الشباب ..!
و بينما كنت أصعد الدرج التقيت بليديا التي سألتني بخفوت و قلق : كيف حال ريكايل ؟!..
تنهد حينها : لا أعلم .. إنه لا يصرح بشيء .. لكن إن حل الصباح و لم تتحسن حاله فلابد من أخذه للمشفى ..!
- أرجوا أن يكون بخير ..!
- و أنا أرجوا ذلك أيضاً ..!
- حسناً إذاً .. أراك فيما بعد ..!
تابعت هي نزولها بينما تابعت صعودي ..!
اتجهت إلى الجناح و ما إن دخلت حتى انتبهت لتيموثي الذي كان يجلس أمام التلفاز يرتدي بنطال جينز و قميص أبيض و يضع منشفة بيضاء على رأسه فشعره الرمادي كان مبللاً تماماً بعد الاستحمام .. و قد كان معه كوب قهوة يتصاعد البخار منه ..!
ما إن انتبه إلي حتى قال مع ابتسامته البغيضة : أين كنت حتى الآن ؟!!..
تجاهلته تماماً و كأني لم أره و دخلت إلى غرفتي مع لويفان ..!
الكلام مع شخص مثله لن يجلب لي إلا الصداع و الاستفزاز ..!
حين دخلت رأيت لوي يجلس على كرسي أمام طاولة التجميل و بيده مجفف شعر حيث كان يجفف شعره الذي صبغه بلون الكراميل بعد أن كان أسوداً ..!
بقيت أنظر إليه للحظات .. لقد تغير شكله بالفعل بعد أن غير لون شعره و بشرته ..!
انتبه إلي حينها : ما الأمر ؟!..
- كنت أفكر فقط في مدى التغير الذي طرأ عليك حين صار لونك برونزياً هكذا ..!
- لا تقلق .. إنها فترة بسيطة حتى ينتهي المسلسل و بعدها سيبدأ لون بشرتي البيضاء في العودة كما السابق ..!
- أتعلم .. ذلك كان ايجابياً نوعاً ما فيبدو أن الفتيات اليوم لم يتعرفن عليك لذا لم تتعرض للمشاكل ..!
- لن يدوم هذا طويلاً يا صاح .. اليوم نزل تقرير في إحدى المجلات العالمية المتخصصة في الفن عن المسلسل .. لذا انتشرت صورتي بهذا الشكل .. لكن يبدو أن لم يصادف أن التقينا أحداً قد اطلع عليها ..! أعتقد أن الغد سيكون مختلفاً فمعظم المهتمين سيكونون قد اطلعوا على ذلك العدد من المجلة ..!
- الرحمة .. هل لنحاصر من قبل فوج من الفتيات ؟!.. عليك أن تتخذ احتياطاتك لمنع حدوث هذا ..!
ضحك حينها بخفة و وقف ثم رمى بنفسه فوق سريره : اطمئن .. لدي خبرة في التنكر ..!
رفعت أحد حاجبي و بسخرية قلت : الشهرة أعطتك خبرات عظيمة ..!
- قد تكون على حق ..!
- حسناً .. لقد أخرتني فأنا لم استحم بعد ..!
- آسف لكني اشتقت للحديث معك بعد هذا الغياب ..!
- و أنا كذلك .. لكن يجب أن ننام و نرتاح الآن .. بالنسبة لي لم آخذ أي راحة منذ الصباح ..!
- مثلك تماماً .. حتى الساعة التاسعة صباحاً كنت أصور أحد المشاهد ..!
- تصبح على خير إذاً ..!
- تصبح على خير ..!
اتجهت إلى الحقيبة و أخذت المنشفة و بعض الملابس ..!
دخلت إلى دورة المياه و أخذت حماماً لعشرين دقيقة و قد انشغل بالي بشخصين ..!
ريكايل .. و جوليا ..!
خرجت و أنا أرتدي بنطال جينز مع كنزة رمادية طويلة الأكمام ..!
كان لوي في فراشه وقد أطفأ الأضواء ..!
خيل إلي أنه نائم لذا تسللت بهدوء و خرجت من الغرفة ..!
الساعة كانت تشير إلى منتصف الليل ..!
الجناح كان فارغاً و يبدو لي بأن الجميع قد خلد للنوم ..!
نزلت بسرعة دون ملاحظة أحد .. و اتجهت إلى المطبخ حيث وجدت الخادمة التي طلبت منها إعداد الحساء و قد كانت تحمل صينية و كانت على وشك المغادرة ..!
حين انتبهت لي قالت باحترام : هل احمله إلى غرفة الطعام سيدي أم تفضل أن احمله لغرفتك ؟!!..
أخذت الصينية منها و قلت بهدوء : لا بأس سأحمله أنا .. لا تحدثي أحداً بالأمر ..!
أومأت إيجاباً : أمرك .. ليلية سعيدة ..!
لم أرد عليها بل خرجت و سرت بخطوات متلاحقة ناحية غرفة ريكايل ..!
وضعت الصينية على طاولة بالقرب مني و فتحت الباب ثم حملتها مجدداً ..!
دخلت و أغلقت الباب بقدمي و نظرت للأمام ..!
رأيته يجلس على حافة السرير وقد ارتدى بنطال اسود و كنزة خضراء كلون عينيه تماماً و قد طأطأ رأسه بينما كانت المنشفة الصفراء لا تزال على رأسه ..!
تقدمت أكثر و وضعت العشاء على طاولة أمام التلفاز الصغير في تلك الزاوية ..!
اتجهت ناحيته و انتبهت إلى أن قطرات الماء لازالت تتساقط من شعره لذا وضعت يدي على المنشفة و بدأت أحركها كي أجفف شعره و أنا أقول بهدوء : ستزيد حالتك سوءاً إن لم تتدفأ في الحال ..!
لم يرد .. و لم يتحرك ..!
هو ليس بخير أطلاقاً ..!
أكل هذا لأنه ابتعد عن فرنسا ومن فيها ؟!!..
تذكرت حينها ذلك اليوم حين وصفني بالوطني لأني أحب القهوة الفرنسية ..!
لكني أرى أنه وطني أكثر مني بل هو مهووس بباريس !!..
تنهدت حينها و ربت على كتفه : إن كنت قلقاً على جوليا فاطمئن .. لقد اتصلت بها .. صحيح أنها لم تجب لكني تركت لها رسالة صوتية و طلبت منها أن ترسل لي رسالة إن كانت مصرة على عدم الإجابة و قد نفذت طلبي ..!
رفع رأسه و نظر إلي بلهفة اتضحت أكثر في صوته : و ماذا قالت ؟!!..
بتردد أجبته : في الحقيقة .. أرسلت رسالة فارغة .. لكن على الأقل علمنا أنها بخير ..!
بدا و كأن الإحباط قد أصابه .. لذا طأطأ رأسه مجدداً ..!
أبعدت المنشفة عن رأسه وابتسمت بهدوء : رايل هيا .. أنت لم تأكل شيئاً منذ الصباح ..!
أردت أن أحفزه قليلاً .. لكنه لم يستجب لي ..!
لكني لم أيأس و حاولت مجدداً : إن لم تأكل فستمرض أكثر .. و حينها ستوبخني الخالة ميراي وتقول بأني لست جديراً لأهتم بأخي الصغير ..! أرجوك أنا لا أريد أن أتلقى لكمة منها مجدداً ..!
ظهرت على شفتيه ابتسامة صغيرة مما أراحني فهو على الأقل قد استجاب لي و لو كان بشكل بسيط ..!
وقف بمساعدتي واتجه إلى الأريكة و جلس عليها و قد جلست بجانبه فقد كانت لشخصين : هيا .. هل ستأكل أم أنك ستنتظرني لأطعمك ؟!!..
نظر إلي بطرف عين و هو يقول مع ابتسامته تلك : لن تفعلها إلا إن شلت يدي !!..
قطبت حاجبي متظاهراً بالاستياء : هذا بدل أن تشكرني على خدماتي ؟!.. لن تحلم أصلاً بهذا و لعلمك .. الطعام من يدي مختلف ..!
- أعلم .. لأنه سيكون مسموماً بالفعل !!..
- يالك من فتى !!.. سأشكوك لميشيل !!..
- دعها ترضى عنك أولاً ..!
- سترضى عاجلاً أم أجلاً .. فلا أحد يستطيع مقاومة سحري و جاذبيتي ..!
ضحك حينها بخفة وقد بدا أنه نسي ما كان به منذ قليل : سترينا الأيام إن كان لسحرك و جاذبيتك أثر على ميشيل .. لكني أحذرك فهي مختلفة و صعبة المراس ..!
ابتسمت حينها فقد شعرت بالسعادة لأن مزاجه تغير : أعلم .. أنا أكثر من يفهم بأن ميشيل صعبة ..!
- يبدو أنك عانيت الكثير منها ..!
- دعك من هذا الآن و أبدأ بتناول طعامك ..!
فعل ما طلبته منه و بدأ بالأكل ..!
مضى الوقت و نحن نتحدث بينما يأكل هو حتى صارت الساعة الواحدة وقد تمكنت بجدارة من تغير مزاجه ..!
هذا أفضل فليس من الجيد أن ينام الإنسان وهو مهموم ..!
كان قد استلقى على فراشه وقد بدأت الحديث معه حتى نام ..!
تعمدت فعل ذلك فإن تركته وهو لم ينم بعد فستعود الأفكار السوداء لمحاصرته ..!
لقد تعلمت هذا من أمي إلينا التي كانت تبقى بجانب فراشي إلى أن أنام حتى بلغت الرابعة عشر فهي تعلم أني ما إن أكون وحدي حتى أبدأ بتذكر الأشياء السيئة و المخيفة من ذاكرتي و وقت النوم هو أفضل وقت لهذا ..!
ابتسمت بهدوء و أنا أنظر لوجهه الذي استغرق فالنوم و قد بدا كطفل حينها و تمتمت : تصبح على خير ..!
وقفت حينها و ما إن فعلت ذلك حتى انتبهت أنه قد رفع رأسه و الجزء العلوي من جسده تحت الوسائد فصار منحنياً أكثر من كونه مستلقياً ..!
كدت أتقدم و أعدل من وضعيته لكنه بدا لي مرتاحاً هكذا لذا تركته و حملت الصينية و خرجت من الغرفة .. تركتها في المطبخ ثم صعدت إلى الأعلى و سرت ناحية غرفتي دون أن ألتقي بأحد فالجميع كانوا نياماً ..!
رميت بجسدي على السرير و سحبت الغطاء عليه ..!
أخذت هاتفي الذي كنت قد تركته قرب السرير و أرسلت رسالة لوالدتي مفادها ( لا تسهرِ من أجل العمل .. تصبحين على خير ) ..!
لم تمض سوا ثوان و وصلني ردها ( كنت سأفعل لكني تذكرت أوامرك الصارمة بمنع هذا .. تصبح على خير عزيزي .. تدفأ جيداً قبل أن تنام ) ..!
ابتسمت بهدوء حينها و تركت الهاتف على تلك الخزانة الصغيرة قربي ثم سحبت الغطاء أكثر منفذاً طلبها ..!
كنت مرهقاً بشدة .. لذا لم ألبث دقيقتين إلا و استغرقت في النوم ..!
.................................................. ..............
في اليوم التالي و بعد تناول الإفطار صارت الساعة العاشرة .. اليوم هو دور روزا و ليديا لتحديد المكان ..!
قررت ليديا بأننا سنقضي النهار في حديقة الهايد بارك .. و في الساعة الرابعة اختارت روز أن نذهب لمتحف الشمع و نبقى حتى السابعة حيث أنه كبير ويمكننا البقاء في حديقته الرائعة لبعض الوقت .. ثم نذهب بعدها لأحد المراكز التجارية من أجل التسوق ..!
حالة ريكايل اليوم كانت أفضل بكثير .. لكن جوليا لا تجيب مجدداً ..!
الآنسة جيني ذهبت من جديد لمنزل الخالة آنا حيث أنهم لم يروا جوليا منذ ما قبل الأمس ..!
لكن أيضاً .. لا أحد في البيت ..!
لوهلة .. قلقت من أن شيء قد أصاب إحداهن ..!
ربما جوليا في مشكلة .. و ربما زادت حالة الخالة آنا سوءاً ..!
وقد يكون الأمر متعلقاً بميشيل ..!
انقبض قلبي فجأة !!.. أيعقل أن ميشيل تواجه مشكلة ما ؟!!..
كنت أجلس مع روز و فلورا و دايمن و لوي في الردهة نشرب الشاي .. لكنني وقفت حينها : لينك إلى أين ؟!..
كان هذا لوي الذي سأل باستغراب ..!
التفت إليه بهدوء : دورة المياه .. دقيقة وأعود ..!
قلت هذا لأن دورة المياه فالاتجاه ذاته لغرفة ريكايل ..!
فعلاً اتجهت إلى هناك و طرقت الباب لكني لم أجد رداً ..!
دخلت حينها : ريك أنت هنا ؟!..
لا أحد .. و لا يبدو أنه في دورة المياه ..!
إلى أين ذهب ..!
خرجت من الغرفة و أغلقت الباب .. نظرت إلى نهاية الممر .. هناك باب زجاجي يخرجك إلى الحديقة الخلفية ..!
ربما يكون هناك ..!
سرت بخطوات متلاحقة حتى وصلت إلى ذلك الباب و فتحته فخرجت إلى شرفة صغيرة خشبية ..!
أخذت أنظر إلى تلك الحديقة التي كانت مليئة بالأشجار التي بدأت أوراقها تتساقط مع بداية فصل الخريف ..!
رأيته هناك يجلس مستنداً إلى إحدى الأشجار الكبيرة يعبث بهاتفه أو بالأحرى ربما يحاول الاتصال بمنزل الخالة آنا مجدداً ..!
نزلت ثلاث درجات لأطأ على أرض تلك الحديقة ..!
ما إن اقتربت منه و وقفت بقربه حتى همست : أتشعر بالملل ؟!!..
بهدوء أجابني : بل بالقلق ..!
استندت إلى الجهة الأخرى من الشجرة .. لا يستطيع رؤيتي فجذع تلك الشجرة كان ثخيناً .. لكنه يستطيع سماعي بوضوح : أتريد العودة لباريس ؟!..
بسرعة قال بجد : ماثيو قادم .. الأفضل أن لا ينتبه لوجودك ..!
لم أتحرك من مكاني بل قررت أن أعرف ماذا يريد ماثيو من أخي الآن ..!
شعرت بريكايل الذي وقف كما اعتقد وقال باحترام : طاب يومك سيد ديمتري ..!
بهدوء رد عليه ماثيو : لا داعي لكل هذا .. يمكنك أن تناديني ماثيو ..!
- عذراً .. لكن لا أستطيع ..!
- كما تشاء فأنا لا أريد إجبارك على شيء فأنت تبدو مجبراً على فعل الكثير ..!
صمت رايل و لم يرد .. لكن ماثيو بانزعاج قال : لما وافقت على العمل عند لينك ؟!!.. أنت تعلم بالتأكيد كم هو سيء في معاملة من هم تحته ..!
شعرت بالغيض من كلامه فتمنيت لو أخرج و أقتله لولا أني أعلم بأن ريك سيقتلني لو فعلت ذلك ..!
أجابه أخي بنبرته الهادئة : لا سبب معين لموافقتي .. ربما لأن العمل كخادم للسيد مارسنلي سيكون أفضل من العمل كنادل في مدرسة كبيرة .. إنه أفضل من كل نواحي ..!
- من أجل المال ؟!!.. أيجعلك هذا تحتمل تصرفات لينك ؟!!..
- ليس الأمر بالسوء الذي تعتقد ..!
- أخبرني .. هل يسبب لك البقاء بهذا العمل الأذى ؟!!..
- آسف .. لكن لا أجد سبباً لإخبارك بأمور كهذه ..!
- اسمع يا ريكايل .. أنا لست مثل لينك فتفكيري مناقض تماماً لتفكيره .. لذا أريد أن أطلب منك أن تقدم استقالتك للينك و تأتي للعمل عندنا وتأكد بأني سأدفع لك أكثر ..!
- لا أستطيع .. العمل مع مارسنلي يناسبني أكثر ..!
- أنا أعرف لينك جيداً .. لن استغرب إن كان أدخل شقيقتك التي حظرت الحفلة بالأمر ..!
- ميشيل ؟!.. أبداً لا شأن لها ..!
- إذاً لما أنت مصر على البقاء مع ذلك المتسلط ..!
- لدي أسبابي الخاصة .. عذراً سيد ديمتري .. لكني لا أرضى بأن تصف سيدي بهذه الألقاب ..!
كتمت ضحكتي في النهاية فرايل أطفأ النار التي اشتعلت داخلي ..!
لقد بدا لي أنه يريد أغاضة ماثيو هو الآخر .. بالفعل نحن توأمان !!..
هذا ممتع للغاية !!..
- على العموم .. هذا كرتي .. أن رأيت أنك تريد أن تغير مكان عملك فلا تتردد بالاتصال بي ..!
- شكراً لك على كل حال .. لكن لا أظن أني سأغير رأيي ..!
- أرجوا أن تغيره قريباً ..!
سمعت صوت خطواته يبتعد .. لكني لم أتحرك : لقد ذهب ..!
هذا ما قاله رايل و هو يطل برأسه إلي خلف الشجرة : أعلم .. شعرت بخطواته ..!
- انه مصر على أنك تقوم بتعذيبي ..!
- اتركه يعتقد ما يشاء .. يظن أنه صاحب قلب حنون ..!
- أرجوا أن لا أكون قد سببت المشاكل بينكما ..!
هذا ما قاله بتردد و قد كانت نبرته ممزوجة بالندم و الشعور بالذنب لذا ابتسمت له بهدوء و ربت على كتفه : اطمئن .. لطالما كانت علاقتي مع ماثيو هكذا فكما ذكر لك هو نقيضي تماماً ..!
لم يرد .. بل جلس مجدداً مستنداً إلى الشجرة ..!
جلست بقربه و سألت : أتريد العودة لباريس ؟!.. أن كنت تريد أن تطمئن على الخالة آنا فلا بأس يمكننا العودة ..!
أومأ سلباً حينها : لا مشكلة .. إن أنقضى اليوم بدون أي أخبار فربما يجب أن نعود ..!
- أنا أيضاً بدأت أقلق ..!
- أرجوا أن يكونوا بخير ..!
تمتم بهذه الكلمات و الخوف الممزوج بالقلق قد احتل نبرة صوته ..!
وقفت حينها و أخذت أنفض الغبار عن ملابسي : على كل حال سنخرج بعد قليل إلى الهايد بارك ..!
نظر إلي بهدوء : الحديقة الشهيرة ؟!!..
- أجل ..!
- جيد .. ستكون أفضل من الأماكن المغلقة ..!
- إذاً استعد .. سننطلق خلال نصف ساعة ..!
- حسناً ..!
تركته بعدها و أنا أشعر بالراحة .. فعلى الأقل سنذهب لمكان يناسبه ..!
رغم ذلك لا زلت واثقاً بأن قلقه يزداد كل ثانية .. لذا يبدو أنه من الأفضل لنا العودة لباريس ..!
...............................................
بعد أن تناولنا العشاء وحين صارت الساعة هي الحادية عشر قررنا العودة للمنزل كي نرتاح فنحن لم نرتح منذ وصلنا في الصباح كما أن علينا الاستيقاظ مبكراً غداً ..!
وصلنا للمنزل و قبل أن أصعد للدور العلوي اتجهت إلى غرفة ريكايل مباشرة ..!
حين صرت أمام الباب أردت أن أطرقه لكني خشيت أن يكون نائماً لذا فتحت الباب بهدوء : رايل .. أنت هنا ؟!!..
رأيته يستلقي على بطنه فوق السرير .. لكن ما أذهلني هو أنه لا يزال بملابسه حتى سترته و حذاءه لم ينزعهما : لما تنام هكذا ؟!!..
دخلت و أغلقت الباب من خلفي ثم تقدمت ناحية السرير .. رأسه كان على الوسادة مستنداً إلى جهة أذنه اليمنى و قد أغمض عينيه و تقارب حاجباه .. وضعت يدي على جبينه فشعرت بسخونته نوعاً ما ..!
هل هو مريض ؟!!..
انه يبدو كذلك بالفعل ؟!!..
بتوتر قلت : علي أن أحضر طبيباً .. هو لا يبدو بخير ..!
ما إن استدرت حتى شعرت بيده تقبض على معصمي ..!
التفت بسرعة رأيته ينظر إلي بهدوء و قد كان الشحوب طاغياً عليه .. بصوته المبحوح قال : أنا بخير .. لا داعي للطبيب ..!
قطبت حاجبي و قلت : ريك أأنت جاد ؟!!.. أنظر إلى نفسك !!.. وجهك مصفر و صوتك شبه مختفي ..! لقد أخبرتك بأن أهم شيء ألا تهمل صحتك ..!
ترك يدي و استند إلى يديه حتى يرفع الجزء العلوي من جسده وقد تمكن من هذا بصعوبة ..!
جلس على السرير و هو يقول بذات النبرة المتعبة : هذا بسبب تغير الجو فقط .. لقد عشت طيلة حياتي في باريس لذا طبيعي أن أتأثر بتغير الجو ..!
باستياء قلت : لا تختلق الأعذار .. جو باريس لا يختلف عن جو لندن كثيراً ..!
أشاح بوجهه قليلاً :أرجوك لينك .. لا أريد نقاشاً في الأمر .. بعض الماء البارد سيخفض الحرارة ..!
وقف بصعوبة و بدأ بالسير مترنحاً و متجهاً إلى باب في زاوية الغرفة : سآخذ حماماً بارداً .. و ستكون الأمور بعدها على خير ..!
لما ؟!!.. لما يعارض دائماً حين يتعلق الأمر بصحته ؟!!..
لما دائماً يرفض إخباري بما يشعر ؟!!..
سابقاً .. كان يخفي أمر مرضه .. لكن الآن أنا أعلم أن لديه ربواً و رئةً حساسة ..!
إذاً لما يعارض ..!
لم أملك قول شيء .. هو ليس طفلاً لأجبره ..!
لقد عاش حياته كلها من دوني لذا لا أستطيع أن أفرض عليه كل شيء بسرعة ..!
سأتريث قليلاً لكني لن اسمح له بالتمادي بما أن الأمر متعلق بصحته ..!
بهدوء قلت : أنت لم تتناول العشاء صحيح ؟!..
أمسك بمقبض الباب و بتعب : لا رغبة لي في الأكل ..!
- سأطلب منهم أن يعدوا لك حساءً .. سيساعدك في استعادة نشاطك ..!
لم يعلق بل دخل إلى دورة المياه بعد أن حمل بعض الملابس من حقيبته التي كانت مفتوحةً و موضوعةً على تلك الطاولة ..!
خرجت أنا من الغرفة بدوري فعلي أولاً أن أطلب من الخدم تجهيز شيء ساخن له عله يخفف من بحة صوته ..!
...............................................
بعد أن طلبت من إحدى الخادمات أن تعد بعض الحساء الساخن بالخضر مع اللحم صعدت إلى الدور العلوي حيث جناح الشباب ..!
و بينما كنت أصعد الدرج التقيت بليديا التي سألتني بخفوت و قلق : كيف حال ريكايل ؟!..
تنهد حينها : لا أعلم .. إنه لا يصرح بشيء .. لكن إن حل الصباح و لم تتحسن حاله فلابد من أخذه للمشفى ..!
- أرجوا أن يكون بخير ..!
- و أنا أرجوا ذلك أيضاً ..!
- حسناً إذاً .. أراك فيما بعد ..!
تابعت هي نزولها بينما تابعت صعودي ..!
اتجهت إلى الجناح و ما إن دخلت حتى انتبهت لتيموثي الذي كان يجلس أمام التلفاز يرتدي بنطال جينز و قميص أبيض و يضع منشفة بيضاء على رأسه فشعره الرمادي كان مبللاً تماماً بعد الاستحمام .. و قد كان معه كوب قهوة يتصاعد البخار منه ..!
ما إن انتبه إلي حتى قال مع ابتسامته البغيضة : أين كنت حتى الآن ؟!!..
تجاهلته تماماً و كأني لم أره و دخلت إلى غرفتي مع لويفان ..!
الكلام مع شخص مثله لن يجلب لي إلا الصداع و الاستفزاز ..!
حين دخلت رأيت لوي يجلس على كرسي أمام طاولة التجميل و بيده مجفف شعر حيث كان يجفف شعره الذي صبغه بلون الكراميل بعد أن كان أسوداً ..!
بقيت أنظر إليه للحظات .. لقد تغير شكله بالفعل بعد أن غير لون شعره و بشرته ..!
انتبه إلي حينها : ما الأمر ؟!..
- كنت أفكر فقط في مدى التغير الذي طرأ عليك حين صار لونك برونزياً هكذا ..!
- لا تقلق .. إنها فترة بسيطة حتى ينتهي المسلسل و بعدها سيبدأ لون بشرتي البيضاء في العودة كما السابق ..!
- أتعلم .. ذلك كان ايجابياً نوعاً ما فيبدو أن الفتيات اليوم لم يتعرفن عليك لذا لم تتعرض للمشاكل ..!
- لن يدوم هذا طويلاً يا صاح .. اليوم نزل تقرير في إحدى المجلات العالمية المتخصصة في الفن عن المسلسل .. لذا انتشرت صورتي بهذا الشكل .. لكن يبدو أن لم يصادف أن التقينا أحداً قد اطلع عليها ..! أعتقد أن الغد سيكون مختلفاً فمعظم المهتمين سيكونون قد اطلعوا على ذلك العدد من المجلة ..!
- الرحمة .. هل لنحاصر من قبل فوج من الفتيات ؟!.. عليك أن تتخذ احتياطاتك لمنع حدوث هذا ..!
ضحك حينها بخفة و وقف ثم رمى بنفسه فوق سريره : اطمئن .. لدي خبرة في التنكر ..!
رفعت أحد حاجبي و بسخرية قلت : الشهرة أعطتك خبرات عظيمة ..!
- قد تكون على حق ..!
- حسناً .. لقد أخرتني فأنا لم استحم بعد ..!
- آسف لكني اشتقت للحديث معك بعد هذا الغياب ..!
- و أنا كذلك .. لكن يجب أن ننام و نرتاح الآن .. بالنسبة لي لم آخذ أي راحة منذ الصباح ..!
- مثلك تماماً .. حتى الساعة التاسعة صباحاً كنت أصور أحد المشاهد ..!
- تصبح على خير إذاً ..!
- تصبح على خير ..!
اتجهت إلى الحقيبة و أخذت المنشفة و بعض الملابس ..!
دخلت إلى دورة المياه و أخذت حماماً لعشرين دقيقة و قد انشغل بالي بشخصين ..!
ريكايل .. و جوليا ..!
خرجت و أنا أرتدي بنطال جينز مع كنزة رمادية طويلة الأكمام ..!
كان لوي في فراشه وقد أطفأ الأضواء ..!
خيل إلي أنه نائم لذا تسللت بهدوء و خرجت من الغرفة ..!
الساعة كانت تشير إلى منتصف الليل ..!
الجناح كان فارغاً و يبدو لي بأن الجميع قد خلد للنوم ..!
نزلت بسرعة دون ملاحظة أحد .. و اتجهت إلى المطبخ حيث وجدت الخادمة التي طلبت منها إعداد الحساء و قد كانت تحمل صينية و كانت على وشك المغادرة ..!
حين انتبهت لي قالت باحترام : هل احمله إلى غرفة الطعام سيدي أم تفضل أن احمله لغرفتك ؟!!..
أخذت الصينية منها و قلت بهدوء : لا بأس سأحمله أنا .. لا تحدثي أحداً بالأمر ..!
أومأت إيجاباً : أمرك .. ليلية سعيدة ..!
لم أرد عليها بل خرجت و سرت بخطوات متلاحقة ناحية غرفة ريكايل ..!
وضعت الصينية على طاولة بالقرب مني و فتحت الباب ثم حملتها مجدداً ..!
دخلت و أغلقت الباب بقدمي و نظرت للأمام ..!
رأيته يجلس على حافة السرير وقد ارتدى بنطال اسود و كنزة خضراء كلون عينيه تماماً و قد طأطأ رأسه بينما كانت المنشفة الصفراء لا تزال على رأسه ..!
تقدمت أكثر و وضعت العشاء على طاولة أمام التلفاز الصغير في تلك الزاوية ..!
اتجهت ناحيته و انتبهت إلى أن قطرات الماء لازالت تتساقط من شعره لذا وضعت يدي على المنشفة و بدأت أحركها كي أجفف شعره و أنا أقول بهدوء : ستزيد حالتك سوءاً إن لم تتدفأ في الحال ..!
لم يرد .. و لم يتحرك ..!
هو ليس بخير أطلاقاً ..!
أكل هذا لأنه ابتعد عن فرنسا ومن فيها ؟!!..
تذكرت حينها ذلك اليوم حين وصفني بالوطني لأني أحب القهوة الفرنسية ..!
لكني أرى أنه وطني أكثر مني بل هو مهووس بباريس !!..
تنهدت حينها و ربت على كتفه : إن كنت قلقاً على جوليا فاطمئن .. لقد اتصلت بها .. صحيح أنها لم تجب لكني تركت لها رسالة صوتية و طلبت منها أن ترسل لي رسالة إن كانت مصرة على عدم الإجابة و قد نفذت طلبي ..!
رفع رأسه و نظر إلي بلهفة اتضحت أكثر في صوته : و ماذا قالت ؟!!..
بتردد أجبته : في الحقيقة .. أرسلت رسالة فارغة .. لكن على الأقل علمنا أنها بخير ..!
بدا و كأن الإحباط قد أصابه .. لذا طأطأ رأسه مجدداً ..!
أبعدت المنشفة عن رأسه وابتسمت بهدوء : رايل هيا .. أنت لم تأكل شيئاً منذ الصباح ..!
أردت أن أحفزه قليلاً .. لكنه لم يستجب لي ..!
لكني لم أيأس و حاولت مجدداً : إن لم تأكل فستمرض أكثر .. و حينها ستوبخني الخالة ميراي وتقول بأني لست جديراً لأهتم بأخي الصغير ..! أرجوك أنا لا أريد أن أتلقى لكمة منها مجدداً ..!
ظهرت على شفتيه ابتسامة صغيرة مما أراحني فهو على الأقل قد استجاب لي و لو كان بشكل بسيط ..!
وقف بمساعدتي واتجه إلى الأريكة و جلس عليها و قد جلست بجانبه فقد كانت لشخصين : هيا .. هل ستأكل أم أنك ستنتظرني لأطعمك ؟!!..
نظر إلي بطرف عين و هو يقول مع ابتسامته تلك : لن تفعلها إلا إن شلت يدي !!..
قطبت حاجبي متظاهراً بالاستياء : هذا بدل أن تشكرني على خدماتي ؟!.. لن تحلم أصلاً بهذا و لعلمك .. الطعام من يدي مختلف ..!
- أعلم .. لأنه سيكون مسموماً بالفعل !!..
- يالك من فتى !!.. سأشكوك لميشيل !!..
- دعها ترضى عنك أولاً ..!
- سترضى عاجلاً أم أجلاً .. فلا أحد يستطيع مقاومة سحري و جاذبيتي ..!
ضحك حينها بخفة وقد بدا أنه نسي ما كان به منذ قليل : سترينا الأيام إن كان لسحرك و جاذبيتك أثر على ميشيل .. لكني أحذرك فهي مختلفة و صعبة المراس ..!
ابتسمت حينها فقد شعرت بالسعادة لأن مزاجه تغير : أعلم .. أنا أكثر من يفهم بأن ميشيل صعبة ..!
- يبدو أنك عانيت الكثير منها ..!
- دعك من هذا الآن و أبدأ بتناول طعامك ..!
فعل ما طلبته منه و بدأ بالأكل ..!
مضى الوقت و نحن نتحدث بينما يأكل هو حتى صارت الساعة الواحدة وقد تمكنت بجدارة من تغير مزاجه ..!
هذا أفضل فليس من الجيد أن ينام الإنسان وهو مهموم ..!
كان قد استلقى على فراشه وقد بدأت الحديث معه حتى نام ..!
تعمدت فعل ذلك فإن تركته وهو لم ينم بعد فستعود الأفكار السوداء لمحاصرته ..!
لقد تعلمت هذا من أمي إلينا التي كانت تبقى بجانب فراشي إلى أن أنام حتى بلغت الرابعة عشر فهي تعلم أني ما إن أكون وحدي حتى أبدأ بتذكر الأشياء السيئة و المخيفة من ذاكرتي و وقت النوم هو أفضل وقت لهذا ..!
ابتسمت بهدوء و أنا أنظر لوجهه الذي استغرق فالنوم و قد بدا كطفل حينها و تمتمت : تصبح على خير ..!
وقفت حينها و ما إن فعلت ذلك حتى انتبهت أنه قد رفع رأسه و الجزء العلوي من جسده تحت الوسائد فصار منحنياً أكثر من كونه مستلقياً ..!
كدت أتقدم و أعدل من وضعيته لكنه بدا لي مرتاحاً هكذا لذا تركته و حملت الصينية و خرجت من الغرفة .. تركتها في المطبخ ثم صعدت إلى الأعلى و سرت ناحية غرفتي دون أن ألتقي بأحد فالجميع كانوا نياماً ..!
رميت بجسدي على السرير و سحبت الغطاء عليه ..!
أخذت هاتفي الذي كنت قد تركته قرب السرير و أرسلت رسالة لوالدتي مفادها ( لا تسهرِ من أجل العمل .. تصبحين على خير ) ..!
لم تمض سوا ثوان و وصلني ردها ( كنت سأفعل لكني تذكرت أوامرك الصارمة بمنع هذا .. تصبح على خير عزيزي .. تدفأ جيداً قبل أن تنام ) ..!
ابتسمت بهدوء حينها و تركت الهاتف على تلك الخزانة الصغيرة قربي ثم سحبت الغطاء أكثر منفذاً طلبها ..!
كنت مرهقاً بشدة .. لذا لم ألبث دقيقتين إلا و استغرقت في النوم ..!
.................................................. ..............
في اليوم التالي و بعد تناول الإفطار صارت الساعة العاشرة .. اليوم هو دور روزا و ليديا لتحديد المكان ..!
قررت ليديا بأننا سنقضي النهار في حديقة الهايد بارك .. و في الساعة الرابعة اختارت روز أن نذهب لمتحف الشمع و نبقى حتى السابعة حيث أنه كبير ويمكننا البقاء في حديقته الرائعة لبعض الوقت .. ثم نذهب بعدها لأحد المراكز التجارية من أجل التسوق ..!
حالة ريكايل اليوم كانت أفضل بكثير .. لكن جوليا لا تجيب مجدداً ..!
الآنسة جيني ذهبت من جديد لمنزل الخالة آنا حيث أنهم لم يروا جوليا منذ ما قبل الأمس ..!
لكن أيضاً .. لا أحد في البيت ..!
لوهلة .. قلقت من أن شيء قد أصاب إحداهن ..!
ربما جوليا في مشكلة .. و ربما زادت حالة الخالة آنا سوءاً ..!
وقد يكون الأمر متعلقاً بميشيل ..!
انقبض قلبي فجأة !!.. أيعقل أن ميشيل تواجه مشكلة ما ؟!!..
كنت أجلس مع روز و فلورا و دايمن و لوي في الردهة نشرب الشاي .. لكنني وقفت حينها : لينك إلى أين ؟!..
كان هذا لوي الذي سأل باستغراب ..!
التفت إليه بهدوء : دورة المياه .. دقيقة وأعود ..!
قلت هذا لأن دورة المياه فالاتجاه ذاته لغرفة ريكايل ..!
فعلاً اتجهت إلى هناك و طرقت الباب لكني لم أجد رداً ..!
دخلت حينها : ريك أنت هنا ؟!..
لا أحد .. و لا يبدو أنه في دورة المياه ..!
إلى أين ذهب ..!
خرجت من الغرفة و أغلقت الباب .. نظرت إلى نهاية الممر .. هناك باب زجاجي يخرجك إلى الحديقة الخلفية ..!
ربما يكون هناك ..!
سرت بخطوات متلاحقة حتى وصلت إلى ذلك الباب و فتحته فخرجت إلى شرفة صغيرة خشبية ..!
أخذت أنظر إلى تلك الحديقة التي كانت مليئة بالأشجار التي بدأت أوراقها تتساقط مع بداية فصل الخريف ..!
رأيته هناك يجلس مستنداً إلى إحدى الأشجار الكبيرة يعبث بهاتفه أو بالأحرى ربما يحاول الاتصال بمنزل الخالة آنا مجدداً ..!
نزلت ثلاث درجات لأطأ على أرض تلك الحديقة ..!
ما إن اقتربت منه و وقفت بقربه حتى همست : أتشعر بالملل ؟!!..
بهدوء أجابني : بل بالقلق ..!
استندت إلى الجهة الأخرى من الشجرة .. لا يستطيع رؤيتي فجذع تلك الشجرة كان ثخيناً .. لكنه يستطيع سماعي بوضوح : أتريد العودة لباريس ؟!..
بسرعة قال بجد : ماثيو قادم .. الأفضل أن لا ينتبه لوجودك ..!
لم أتحرك من مكاني بل قررت أن أعرف ماذا يريد ماثيو من أخي الآن ..!
شعرت بريكايل الذي وقف كما اعتقد وقال باحترام : طاب يومك سيد ديمتري ..!
بهدوء رد عليه ماثيو : لا داعي لكل هذا .. يمكنك أن تناديني ماثيو ..!
- عذراً .. لكن لا أستطيع ..!
- كما تشاء فأنا لا أريد إجبارك على شيء فأنت تبدو مجبراً على فعل الكثير ..!
صمت رايل و لم يرد .. لكن ماثيو بانزعاج قال : لما وافقت على العمل عند لينك ؟!!.. أنت تعلم بالتأكيد كم هو سيء في معاملة من هم تحته ..!
شعرت بالغيض من كلامه فتمنيت لو أخرج و أقتله لولا أني أعلم بأن ريك سيقتلني لو فعلت ذلك ..!
أجابه أخي بنبرته الهادئة : لا سبب معين لموافقتي .. ربما لأن العمل كخادم للسيد مارسنلي سيكون أفضل من العمل كنادل في مدرسة كبيرة .. إنه أفضل من كل نواحي ..!
- من أجل المال ؟!!.. أيجعلك هذا تحتمل تصرفات لينك ؟!!..
- ليس الأمر بالسوء الذي تعتقد ..!
- أخبرني .. هل يسبب لك البقاء بهذا العمل الأذى ؟!!..
- آسف .. لكن لا أجد سبباً لإخبارك بأمور كهذه ..!
- اسمع يا ريكايل .. أنا لست مثل لينك فتفكيري مناقض تماماً لتفكيره .. لذا أريد أن أطلب منك أن تقدم استقالتك للينك و تأتي للعمل عندنا وتأكد بأني سأدفع لك أكثر ..!
- لا أستطيع .. العمل مع مارسنلي يناسبني أكثر ..!
- أنا أعرف لينك جيداً .. لن استغرب إن كان أدخل شقيقتك التي حظرت الحفلة بالأمر ..!
- ميشيل ؟!.. أبداً لا شأن لها ..!
- إذاً لما أنت مصر على البقاء مع ذلك المتسلط ..!
- لدي أسبابي الخاصة .. عذراً سيد ديمتري .. لكني لا أرضى بأن تصف سيدي بهذه الألقاب ..!
كتمت ضحكتي في النهاية فرايل أطفأ النار التي اشتعلت داخلي ..!
لقد بدا لي أنه يريد أغاضة ماثيو هو الآخر .. بالفعل نحن توأمان !!..
هذا ممتع للغاية !!..
- على العموم .. هذا كرتي .. أن رأيت أنك تريد أن تغير مكان عملك فلا تتردد بالاتصال بي ..!
- شكراً لك على كل حال .. لكن لا أظن أني سأغير رأيي ..!
- أرجوا أن تغيره قريباً ..!
سمعت صوت خطواته يبتعد .. لكني لم أتحرك : لقد ذهب ..!
هذا ما قاله رايل و هو يطل برأسه إلي خلف الشجرة : أعلم .. شعرت بخطواته ..!
- انه مصر على أنك تقوم بتعذيبي ..!
- اتركه يعتقد ما يشاء .. يظن أنه صاحب قلب حنون ..!
- أرجوا أن لا أكون قد سببت المشاكل بينكما ..!
هذا ما قاله بتردد و قد كانت نبرته ممزوجة بالندم و الشعور بالذنب لذا ابتسمت له بهدوء و ربت على كتفه : اطمئن .. لطالما كانت علاقتي مع ماثيو هكذا فكما ذكر لك هو نقيضي تماماً ..!
لم يرد .. بل جلس مجدداً مستنداً إلى الشجرة ..!
جلست بقربه و سألت : أتريد العودة لباريس ؟!.. أن كنت تريد أن تطمئن على الخالة آنا فلا بأس يمكننا العودة ..!
أومأ سلباً حينها : لا مشكلة .. إن أنقضى اليوم بدون أي أخبار فربما يجب أن نعود ..!
- أنا أيضاً بدأت أقلق ..!
- أرجوا أن يكونوا بخير ..!
تمتم بهذه الكلمات و الخوف الممزوج بالقلق قد احتل نبرة صوته ..!
وقفت حينها و أخذت أنفض الغبار عن ملابسي : على كل حال سنخرج بعد قليل إلى الهايد بارك ..!
نظر إلي بهدوء : الحديقة الشهيرة ؟!!..
- أجل ..!
- جيد .. ستكون أفضل من الأماكن المغلقة ..!
- إذاً استعد .. سننطلق خلال نصف ساعة ..!
- حسناً ..!
تركته بعدها و أنا أشعر بالراحة .. فعلى الأقل سنذهب لمكان يناسبه ..!
رغم ذلك لا زلت واثقاً بأن قلقه يزداد كل ثانية .. لذا يبدو أنه من الأفضل لنا العودة لباريس ..!
...............................................
لنتوقف هنا بعض الوقت ..!

مرحباً يا أصحاب .. كيف حالكم ؟!!..

أعلم أني تأخرت عليكم لكن السبب كان عدم توفر أنترنت جيد في الفترة الماضية ..!

أرجوا أن يكون البارت نال على استحسانكم ^^

جوليا و اختفاء غريب .. ما هو السبب يا ترى ؟!..

إرهاق و تعب واضح على
رايل .. هل سيمر على خير ؟!!..

أمور كثيرة تعود لإقلاق
لينك مجدداً .. كيف ستكون نهايتها ؟؟!..

ماثيو و ماحولة لجعل ريك في صفه .. هل تؤيدون ذلك ؟!!..

كيف ستمر باقي أحداث رحلة لندن يا ترى ؟!!..

سؤحاول قدر الأمكان أن لا أتأخر عليكم في البارت القادم ..!

طبعاً مبارك عليكم دخول شهر رمضان المبارك .. و كل عام و أنتم بخير و صحة و عافية ..!

بمناسبة شهر الخير .. أحببت أن أضع لكم بعض المقتطفات من البارت القادم ^^

.................

وقفت أنا الآخر و قد غلبني الغضب حينها : لا شأن لك بي و بريكايل !!.. أنا و هو نعامل بعضنا كما نشاء فلا تتدخل بيننا ..!
.................

أنقبض قلبي حين انتبهت إلى صوت جين التي بدا أنها تبكي فهتفت حالاً بقلق : جين ما الأمر ؟!!.. لما تبكين ؟!!..
.................

أومأت إيجاباً : لقد صورت فيه مدام توسو الجثث التي خلفتها الحرب .. و يقال أنها استوحتها من الجنود الفرنسيين ..!
.........................

التفت إلى الخلف بقلق احتل صدري فجأة و ما إن فعلت حتى اتسعت عيني على مصراعيها و هتفت بخوف : رايل !!!!!..

......................


في حفظ الله و رعايته ^^ ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 07:35 PM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 23

نزل الجميع من السيارات الثلاث التي أقلتنا إلى الحديقة .. قالت روز بأن الخادمتين اللتان جاءتا معنا سوف تجهزان المكان للجلوس و سترتبان الشاي و الحلوى لذا قرر الجميع القيام بالتجوال هنا و هناك حتى ينتهوا ..!
كنا قرب البحيرة حيث قرر الجميع الجلوس .. تقدمت ناحية ليديا و أنا أقول بابتسامة : هل نتجول معاً ؟!!..
أومأت إيجاباً فتقدمت سورا حالاً لتقول : أنا سآخذ ريكي معي ..!
أخذت نفساً عميقاً و قلت بصرامة : لا .. سوف يأتي معي ..!
- أنا أريده يتمشى معي ..!
- إنه خادمي .. لذا سيتبعني ..!
- أنا اتصلت بأبي أخبرته بأن يعطيني مال .. سوف أشتريه منك !!..
اتسعت عيني و أنا أحاول استيعاب جملتها الأخيرة التي قالتها بنبرة واثقة مع لكنتها الغريبة : من قال لك أنه للبيع ؟!!..
باستياء قالت و بالانجليزية التي تتقنها هذه المرة : أنت لا تحتاجه لينك .. تستطيع إحضار خادم غيره ..! أما أنا فلن أجد فتى يناسبني كريكي !!..
وضعت يدي على جبيني محاولاً تخفيف الصداع الذي داهمني فجأة ..!
تدخل أحدهم حينها : آنسة ساتوشي .. أنا لا أناسبك ..!
نظرت ناحية ريكايل الذي قال هذا بهدوء فقالت تلك الأخيرة بعدم تصديق و بالفرنسية : لا .. أنت مناسب ..!
- آسف .. لكني أفضل البقاء مع السيد مارسنلي ..!
- ريكي .. أرجوك أنا أبحث عنك منذ زمن ..!
- آنستي .. اعذريني لكني لا أريد أن أضيف شيئاً جديداً لحياتي ..! إنسي أمري من فضلك ..!
بدا عليها الإحباط للغاية .. دام هذا للحظات فقط قبل أن تقول بحماس : سوف أغير ريكي .. سأجعله يحبني !!..
بدت الصدمة على الجميع فتابعت هي بحماس : نعم .. سوف أحاول فعلها ..!
لحظات حتى أردفت بنبرة حالمة : كم هذا رومنسي !!..
شعرت بشخص يربت على كتفي وهو يقول بهمس : لم أعلم أن هناك أناس يتأثرون بالمسلسلات إلى هذا الحد !!.. هيا لينك ..!
كان هذا لوي الذي دفعني للأمام فسرت معه و ليديا و رايل على ضفة تلك البحيرة الكبيرة في الهايد بارك ..!
بعد أن ابتعدنا عن البقية التفت إلى ريك : هل أجابت جوليا عليك ؟!..
أومأ سلباً : لا رد ..!
بدا الاستغراب على ليديا : ما بها جوليا ؟!..
دهش ريكايل : هل تعرفينها ؟!..
ابتسمت له : أجل .. لقد أخذني لينك لملجأ الأيتام الأسبوع الماضي ..!
عضضت على طرف لساني فأنا أظن أن ريك سيغضب بالتأكيد لأني لم أخبره .. و بالفعل نظر إلي باستياء : لم تخبرني بأنك أخذت الآنسة ليديا إلى هناك ..!
- آسف بالفعل يا عزيزي .. لقد حدث ذلك بسرعة ..!
قبل أن يقول شيئاً ضحك لوي بخفة : أنتما غريبان .. حين يكون ماثيو هنا تبدأان بتلك المسرحية و كأنكما تريدان استفزازه فقط ..! يجب أن أحدث عمي بشأنكما فأنتما ممثلان بارعان ..!
أومأت ليديا بمرح : أنت محق لويفان ..! آه صحيح .. أعتقد أن عمك مدير شركة الإنتاج التي تعمل بها ؟!!..
- بلا أنتي محقة ..! لذا سأحدثه بشأن هذين الاثنين ..!
قاطعتهما حينها : لا أنوي أن أكون ممثلاً لذا لا تتعب نفسك ..!
تابع ريك : و أنا لا أريد أن أكون كذلك ..!
تنهد لوي بإحباط : ضاعت المواهب !!..
بينما قالت ليديا : لم تخبراني بشأن جوليا ..!
نظرت إلى رايل للحظات ثم عدت أنظر لليديا و قلت بقلق : في الحقيقة .. جوليا لا تجيب على الهاتف منذ جئنا إلى هنا .. لذا رايل قلق عليها و لا أحد يجيب على هاتف منزلهم ..!
قطبت حاجبيها حينها : أرجوا أن تكون بخير ..!
باستغراب سأل لوي : من هذه التي تدعى جوليا ؟!..
أجابته ليديا : أنها شقيقة ريكايل .. آه صحيح ..!
التفت ناحيتي و قالت باستغراب : أليست جوليا في السابعة عشر و ريكايل كذلك .. أهما توأمان ؟!!..
يا إلهي .. لقد نسيت هذا الأمر تماماً !!..
كيف أجيبها الآن ؟!!..
تدخل رايل حينها : نحن أخوان بالتربية .. لقد قامت والدة جوليا بتربيتي منذ أيامي الأولى ..!
- هكذا إذاً ..! لدي رقم جوليا .. هل تريد مني أن أتصل بها ؟!..
- أرجوك أفعلي ذلك فقد تجيب عليك ..!
- حسناً ..!
أخرجت هاتفها و بعد ضغط عدة أزرار وضعته على أذنها .. مضى بعض الوقت قبل أن تبعده و تقول بإحباط : لا رد ..!
ازداد قلقي كما تنهد ريكايل بانزعاج .. لما تفعلين هذا يا جوليا ؟!!..
أين أنتي ؟!..
بقلق قلت : ربما يجب أن نعود لباريس .. فالوساوس بدأت تسيطر علي ..!
أومأ ريك إيجاباً و بذات النبرة : أنت محق ..! لا أستطيع التوقف عن التفكير ..! ما الذي تفعلينه الآن يا جوليا ؟!!..
قال جملته الأخيرة باستياء فسأل لوي بجد : هل ستعودان لباريس للاطمئنان عليها ؟!!..
تنهدت حينها : ربما ..!
بتوتر قالت ليديا : أتراه شيء حدث للأطفال ؟!!..
أومأ رايل سلباً : لا اطمئني .. فالأطفال على خير ما يرام .. لقد تحدثت إليهم هذا الصباح و جميعهم بخير ..! آه صحيح لينك .. جين تسأل عنك و هي مستاءةٌ لعدم اتصالك عليها ..!
بخبث قال لوي : من هذه يا لينك .. أصارت لديك رفيقة و أنا لا أعلم ؟!!.. و اسمها جين أيضاً ..!
لحظتها .. انفجرت ضاحكاً كما فعل ريكايل و ليديا فحين أتخيل كلام لوي على جين أشعر بمدى غرابة الأمر ..!
بدا الاستياء عليه : ما الأمر ؟!!.. لم أقل ما يضحك ..!
كتمت ليديا ضحكتها بصعوبة : آسفون .. لكن جين مجرد طفلة يا لويفان ..!
قطب حاجبيه : طفله ؟!!..
توقفت أنا عن الضحك و رايل الذي تابع و آثار الضحك لا تزال واضحة في صوته : أجل يا لوي .. لا تزال تلك الطفلة في سنتها الثالثة ..!
ببرود ممزوج بالاستغراب قال : طفلة في الثالثة ؟!!.. منذ متى و لينك يعير الأطفال اهتماماً ؟!!..
بصراحة قلت مع ابتسامة : لكني اعترف أن تلك الطفلة غيرتني ..!
بالفعل .. جين كانت السبب الثالث في تغيري بعد ريكايل و ميشيل .. لأنها أول طفلة أحببتها و أول طفلة أحبتني بعد أن كنت أكره الطفولة و الأطفال بسبب الحادثة التي علقت في ذهني طويلاً .. و لا تزال عالقة فيه ..!
انتبهنا لإحدى الخادمات اللواتي كن خلفنا : عذراً .. أيها السادة الآنسة دايفيرو تدعوكم لشرب الشاي ..!
أومأنا موافقين إلا أن ريك أمسك بيدي وهو يقول : سأبقى أنا هنا .. المكان يعجبني و أفضل البقاء أمام البحيرة ..!
بقلق قلت : أخشى أن تعود الأفكار السوداء إلى رأسك ..!
أومأ سلباً : على العكس .. أريد أن أصفي ذهني قليلاً ..!
لم أجد داعياً لرفض ذلك لذا تمتمت : كما تشاء ..!
سرت مع ليديا و لوي عائدين إلى البقية حيث كانوا يجلسون على الجهة الأخرى للضفة فوق ذلك البساط الأحمر الفاخر و فناجين الشاي تتراقص هنا و هناك ..!
جلسنا معهم و فور أن فعلنا سأل دايمن باستغراب : أين ريكايل .. ألم يكن معكم ؟!!..
ببرود أجبته : قال أنه يريد البقاء أمام البحيرة وحدة كي يصفي ذهنه ..!
تمتم ماثيو بانزعاج : أشك في هذا ..!
نظرت إليه فأوشح بوجهه مستاءً .. إنه يكذبني !!..
لكن ليديا قالت حينها بتوتر : يكفي أنتما .. ألم تملا من الشجار ؟!.. ماثيو .. لقد صدق لينك فيما قاله .. ريكايل هو من قال أنه يريد البقاء هناك ..!
لم يقل شيئاً .. وأنا كذلك ..!
لكن آندي قالت باستياء : لقد أفسد مزاجكما المعكر رحلتنا هذه فنحن لا نكاد نتحدث معاً بإرياحية ..!
أردفت روز بهدوء : ديمتري .. ليس من الجيد أن تغضب كل هذا الغضب من أجل خادم ..!
نظر إليها باستياء : لو أنه كان خادماً و حسب .. لكني أعتقد أن هذا اللينك قد جعل منه لعبه !!..
أردت أن أرد عليه لكن روز سبقتني : إن لمارسنلي الأحقية في فعل ما يريده بما أن هذا الفتى خادم له ..!
بغضب قال : كيف يمكنك قول هذا ؟!!!.. ألا تفهمين معنى كلمة بشر ؟!!!..
هذه المرة قلت أنا بشراسة : ماثيو لقد طفح الكيل منك !!.. ماذا تريد الآن ؟!!.. هل يعجبك دور الفارس الشهم إلى هذا الحد ؟!!.. نحن في مجتمع يضع لنا الأحقية في فعل ما نريد !!.. لا تعتقد أن هذا العالم لطيف لتلك الدرجة التي تظنها ..! لذا لا داعي للمثاليات الزائدة ..!
قلت كلامي الأخير باقتناع كامل .. فأنا مررت بظروف كثيرة أثبتت لي هذا .. كذلك جين و بقية الأطفال .. الحياة التي كانوا يعيشونها كتبت لي بالخط العريض .. ( نحن في عالم لا يعرف معنى اللطف ) !!!..
وقف ماثيو حينها وهو يصرخ : هل ماتت عندك الإنسانية إلى هذا الحد ؟!!..
وقفت أنا الآخر و قد غلبني الغضب حينها : لا شأن لك بي و بريكايل !!.. أنا و هو نعامل بعضنا كما نشاء فلا تتدخل بيننا ..!
لم أكد أقول ذلك إلا و تقدم نحوي ليمسك بياقة قميصي و لا أعلم كم فنجان شاي سكب بسبب اصطدام قدمه به لكنه صرخ حينها : لا أصدق بأنك ابن السيدة مارسنلي !!.. أنت عار عليها بالفعل !!..
في الحقيقة .. صدمني كلامه لكنه أشعل ناراً في قلبي فأنا لم أعتقد أنه قد يتطرق لهذا الأمر ..!
أمسكت بيديه اللتان تشدان قميصي و صرخت : ابنها رضيت أم لم ترضى !!.. و لا أسمح لك أن تشكك في هذا !!..
لست ابنها .. أعلم أني لست أبنها !!..
لكني أرفض ذلك .. لا أريد أن أصدق بأني مجرد طفل تبنته !!..
و أكثر ما لا أريده .. أن يذكر أحد كماثيو هذا أمامي ..!
هذا ما لن أسمح به !!!..
كان دايمن قد وقف و أمسك بماثيو ليبعده عني كما فعل لوي حيث أمسك بي و سحبني للخلف ..!
بينما قال تيموثي البغيض بسخرية بعد ضحكته تلك : مشاجرة لطيفة .. أنا متعجب حقاً من أن أحدكما لم يضرب الآخر بعد ..!
نظر الجميع ناحيته باستياء لكنه لم يهتم بل اتسعت ابتسامته المغرورة ..!
فككت نفسي من لوي و قلت حينها بغضب رغم أني خفضت صوتي قدر الإمكان : يبدو أنه من الأفضل أن أترك هذا المكان بما أن هذا الفتى لن يهدأ باله بوجودي ..!
بحقد رد : هذا أفضل ..!
قبل أن أصرخ فيه صرخ أحدهم قبلي : يكفي !!!..
كانت بالانجليزية ..!
لذا علمت فوراً من هي : نحن أتينا للندن لنستمتع .. لكن منذ كنا في المطار و أنتما تتشاجران و تتصادمان !!.. لما صرتما صديقين أصلاً ؟!!..
كانت هذه سورا التي بدا أنها غضبت بالفعل من تصرفاتنا ..!
لكن ماثيو قال حينها بذات الاستياء : كنت أعتقد أنه قد يعدل من تصرفاته المتسلطة و لو قليلاً ..!
قاطعه لوي بغضب : يكفي ماثيو .. ليس عليك أن تتأثر إلى هذا الحد ..!
- أنت تقول هذا لأنه صديقك لويفان .. فقط أنت تخشى أن تخسر صداقته لذا تسكت عن تصرفاته ..! أما أنا فيشرفني أن أخسرها إن كان السبب شخصيته المتسلطة ..!
- كلامك غير صحيح ..! أنا أعرف لينك أكثر منكم جميعاً لذا يحق لي الدفاع عنه ..!
- لم اعتقد أنك من النوع الذي يدافع عن الظلم ..!
- هلا توقفت رجاءاً ..!
بغضب قالت آندي : جميعكم توقفوا .. ليلزم الجميع الصمت فنحن خرجنا إلى هنا لشرب الشاي و الاستمتاع سويةً لكنكم أفسدتم كل شيء ..!
فلورا بتوتر أيضاً : لقد اختارت ليديا هذا المكان لأنه يجلب الراحة للأنفس .. لكنكم بدأتم بإشعال النار في أنفسكم بلا توقف ..!
بحزم قالت ليديا هي الأخرى : لينك ماثيو .. عليكما أن تتصالحا على الفور .. ليس من أجلكما فقط بل من أجل الجميع ..!
لقد أتعبني هذا كله لذا قررت الابتعاد عن هذا المكان على الفور قبل أن أتهور و أغرق ماثيو في هذه البحيرة التي لا تبعد عني سوا مترين ..!
ما إن سرت حتى سمعت صوت دايمن : لينك إلى أين ؟!!..
ببرود محاولاً كتم غضبي : سأتمشى قليلاً .. ثم سأعود للمنزل فأنا أشعر بالتعب ..!
لم يعلق أحدهم و لم يتبعني أحد .. يعلمون أني سأقتل من سيفعل ذلك لأني حتى الآن لم أنفس عن غضبي ..!
سرت بهدوء مسافة طويلة على ضفاف البحيرة حتى وصلت للمكان الذي تركت أخي فيه ..!
بدأت أبحث عنه بعيني حتى رأيته هناك يجلس تحت إحدى الأشجار الكبير قرب البحيرة ..!
تقدمت ناحيته و ما إن اقتربت حتى انتبهت إلى أنه كان نائماً بالأساس و قد استند إلى الشجرة ..!
جثوت بقربه و بقيت أنظر لوجهه النائم وقد كانت خيوط رقيقة من أشعة الشمس تخترق أوراق تلك الشجرة الكثيفة لتنزل على وجهه .. أكثر ما لاحظته أنه يبدو كطفل حين ينام ..!
ابتسمت بهدوء .. لكن ابتسامتي لم تلبث أن اختفت حين تذكرت ماثيو الذي يريد أبعاد ريك عني .. لكني لن اسمح له بذلك ..!
همست حينها وقد عدت لابتسم : رايل .. هل أنت مستغرق في النوم ؟!!..
فتح عينيه بهدوء و أخذ ينظر حوله .. جلس مستقيماً حينها : يبدو أني غفوت ..!
- صحيح .. و هذا جيد فهذا يدل على أنك لم تفكر بالأشياء السيئة ..!
- لقد جلست هنا بعد ذهابك مباشرة .. و يبدو أني غفوت فوراً ..! كم الساعة الآن ؟!!..
- اطمئن .. لم تمر سوا خمسة عشر دقيقة منذ تركتك ..!
لم يعلق بل بقي يحدق في البركة التي انعكس وهجها على عينيه ..!
جلست بقربه و استدنت إلى الشجرة فاستند هو مجدداً : لينك .. لنعد لباريس ..!
قال هذا بخفوت و كأنه لا يريدني أن أسمعه لكنني قلت حينها بهدوء : سنفعل ذلك قريباً .. فأنا لم أعد أريد البقاء هنا ..!
نظر إلي مستغرباً : لما ؟!!..كنت متحمساً للقدوم ؟!!..
ابتسمت حينها : كل ما كنت أريده رؤية لويفان .. و ها قد رأيته لذا لا بأس بأن نعود ..!
- أمتأكد أنك لا تفعل هذا من أجلي فقط ؟!!..
- لا تعتقد أنك الوحيد القلق على جوليا .. أنا أيضاً قلق ..! أخشى أن شيئاً أصابهم .. لذا أريد أن أذهب و أطمئن عليهم جميعاً ..!
بمكر قال : عليهم جميعاً ؟!!.. أم على ميشيل ؟!..
احمر وجهي حين كشف حقيقة ما في نفسي لكنني حينها قلت : عليهم و على ميشيل ..! لم أحدد شخصاً ..!
- أنت بالفعل مكافح .. لو كنت مكانك لتركت ميشيل و نسيتها منذ زمن .. ما الذي ترجوه من فتاة سليطة اللسان مثلها ؟!..
- كف عن شتمها فأنا لا أرضى بهذا ..! تعلم أني لا أستطيع نسيانها .. إنها الفتاة الوحيدة التي تذكرني بأليس ..!
- هل تحبها من أجل أليس فقط ؟!!..
سأل بجد .. و هذا ما وترني ..!
لأفكر في السؤال جيداً ..!
أول ما أحببته في ميشيل أنه تشبه أليس في الشكل و في الصفات رغم أن أليس لم تغضب علي يوماً لذا لا أعلم إن كان غضبها كغضب ميشيل ..!
كان ريكايل ينظر إلي بجد .. يجب أن أجيبه بصراحة ..!
ليس من الطبيعي أن أحب فتاة من أجل أخرى ؟!!.. الشخص يحب الآخر لذاته و ليس لشخص آخر ..!
لذا تنهدت حينها و قلت بنوع من الإحراج : لا أعلم .. ربما لأليس فقط .. و ربما لا ..!
أبعد نظره عني فارتحت نوعاً ما ..!
وقفت حينها و أنا أقول : لنعد لمنزل روز ..!
- لما ؟!!.. هل أنهيتم جولتكم بهذه السرعة ؟!!..
- لا .. أنا أشعر بالتعب وأريد العودة لارتاح ..!
- كما تشاء ..!
وقف هو الآخر فسمعت صوتاً من خلفي : هل تمانع من أن أرافقك ؟!!..
التفت إلى الخلف حينها فرأيت لوي ينظر لي بابتسامته المرحة .. بادلته تلك الابتسامة : بالتأكيد لا .. بل سيسعدني الأمر ..!
.................................................. ................
رميت بجسدي على ذلك السرير بتعب فنظر إلي لوي بهدوء : أتنوي البقاء على هذا الحال طيلة الرحلة ؟!.. تصرفاتك انت و ماثيو لم تعد تطاق ..! و بصراحة أنا لا ألومه بما أنه لا يعرف الحقيقة ..!
تنهدت حينها و ارحت رأسي على الوسادة : أعلم أنه لا ذنب له فلطالما كان ماثيو هكذا ..! لكن ريكايل هو من يرفض الموافقة على علم الجميع بالأمر ..!
قطب حاجبيه و جلس على السرير الآخر بقربي : ألن تخبرني عن الأمر الذي تخفيه مع ريكايل ؟!.
- أنا لا أخفي شيئاً ..!
- حسناً .. سأغير صيغة السؤال .. لما أنت و ريكايل تخفيان علاقتكما الجيدة ؟!!..
شعرت بالتوتر نوعاً ما فأنا لم أخفي شيئاً عن لوي .. حتى أليس و حادثة طفولتي لديه بعض التلميحات عنها و إن لم تكن القصة كاملة ..!
لكنني لا استطيع اخباره دون علم رايل : آسف لوي .. ليس بيدي أن أشرح لك الأمر ..! لكن حال ما تسنح الفرصة سأخبرك ..!
تنهد حينها : كما تشاء ..!
أردف بعد لحظات بابتسامة : و الآن ما رأيك أن تتصل بتلك الصغيرة جين ؟!!..
رفعت حاجبي مستغرباً : لما فجأة ؟!!..
- أريد أن أرى كيف تتصرف مع الأطفال بعد أن كنت لا تطيقهم ..! لذا استعمل السماعة الخارجية للهاتف ..!
- حسناً .. أعتقد أنها أفضل فرصة للاتصال بها ..!
استلقيت على جانبي و وقف لوي ثم جلس على حافة سريري .. اتصلت بهاتف الملجأ و وضعت مكبر الصوت و تركته على السرير بقربي ..!
لحظات حتى أجابني أحدهم : مرحباً ..!
عرفت الصوت في الحال : مرحباً ايريك .. كيف حالك ؟!!..
- رايل ؟!!..
- لا .. أنا لينك ..!
- أهلاً لينك .. أنا بخير ..!
- هل كنت أخاً جيداً في غيابنا كما طلبت منك ليديا ؟!!..
- أجل .. لم أعد أسرق الحلوى في الليل ..!
- هذا شيء جيد ..! هل حضرت الآنسة جوليا لزيارتكم ؟!!..
- لا .. نحن لم نرها منذ يومين ..!
- إذاً أيمكنك أن تعطي الهاتف للآنسة جيني ؟!!..
- حاضر ..!
نظرت إلى لوي الذي كان متعجباً : أنت تجيد معاملة الأطفال إذاً .. تتحدث معه و كأن لديك خبره ..!
ابتسمت حينها بمرح : إنها مراقبة ليديا .. فهي محترفة في ذلك ..!
- ذلك واضح فهي تبدوا فتاة رقيقة للغاية ..!
- أنت محق ..!
لحظات حتى سمعت صوت الآنسة من الهاتف : مرحباً لينك ..!
- أهلاً آنسة جيني .. كيف حالك و كيف حال الأطفال ؟!..
- جميعنا بخير .. لولا أنهم يفتقدون جوليا و ريكايل جداً فهم لم يعتادوا على غيابهم ..!
- أعلم هذا .. لذا فأنا و رايل سنعود قبل الموعد لنطمئن على جوليا .. ألم تصلكم أي أخبار عنها ؟!!..
- لا .. لا جديد ..!
- حسناً .. حال ما يصلكم شيء أخبرينا ..!
- حاضر ..!
- أيمكنني أن أتحدث لجين ؟!!..
- بالتأكيد .. إنها تفتقدك كثيراً ..!
- و أنا كذلك ..!
- سأناديها الآن ..!
كنت أسمع صوتها من بعيد و هي تنادي على جين .. لكن لوي كان مذهولاً : طفلة .. و تفتقد لينك !!!.. ماذا حدث للعالم ؟!!..
ضحكت حينها بخفة فملامح وجهه المصدومة كانت مضحكة للغاية !!..
لكني حينها سمعت صرخة من الهاتف : لينك !!!..
أنقبض قلبي حين انتبهت إلى صوت جين التي بدا أنها تبكي فهتفت حالاً بقلق : جين ما الأمر ؟!!.. لما تبكين ؟!!..
- لقد دخل كلب إلى حديقتنا و قتل أزهاري !!...
تنفست الصعداء حينها فقد كانت أسوء الاحتمالات قد غزت رأسي لحظتها ..!
أخذت نفساً قبل أن أقول : لا بأس عزيزتي .. يمكنك زراعتها مجدداً ..!
- هل تأخذ وقتاً كثيراً حتى تكبر ؟!!..
- إن اعتنيت بها فهي ستكبر بسرعة ..!
- لينك متى ستأتي أنت و رايل ؟!!..
- قريباً جداً اطمئني .. لذا جففي دموعك و ابتسمي ..!
- كل شيء هنا محزن .. الأزهار ماتت و الآنسة جوليا لم تعد تحبنا و أنت و رايل ذهبتما بعيداً ..!
- لما تقولين هذا ؟!!.. الآنسة جوليا تحبكم كثيراً يا صغيرتي ..!
- إذاً لما لم تزرنا .. حتى ميشيل لم تأتي لرؤيتنا منذ زمن ..!
شعرت بقلق أكبر .. أتراه شيء أصاب ميشيل ؟!!.. قلبي غير مطمئن إطلاقاً ..!
لكنني حاولت أن أجعل صوتي طبيعياً من أجل جين : ربما كانت مريضة .. و تعلمين أن ميشيل لديها عمل لذا هي و جوليا مشغولتان ..!
بقيت أحدث جين لبعض الوقت حتى سمعت ضحكتها التي عادت أخيراً .. بينما كان لوي ينظر إلي باستغراب رغم تلك الابتسامة العريضة التي غزت شفتيه ..!
ودعت جين و أغلقت الخط .. فهتف لوي حالاً : تقدم ملحوظ لينك .. لم أعتقد أني سأراك هكذا من قبل ..!
بابتسامة هادئة قلت : أنا نفسي أشعر بالغرابة ..!
حينها وقف وهو يقول : حسناً .. أين ريكايل الآن ؟!..
- لاشك أنه في غرفته ..!
- ما رأيك أن تذهب و تخبره بأنني أدعوكما إلى أحد المقاهي القريبة من هنا ..!
- هذا لطف كبير منك ..!
.................................................. ...
كان ذلك المقهى الصغير الذي اختاره لويفان لطيفاً للغاية .. فيه نادلات لهن ابتسامة واسعة و أناس تبدو السعادة في وجوههم حتى أنك تسعد فقط بالجلوس هنا ..!
رغم ذلك اخترنا الجلوس على الطاولات في الخارج فالجو جميل و هناك طبقة رقيقة من الضباب تعطي السكينة و الهدوء في لندن مدينة الضباب ..!
جلسنا حول تلك الطاولة المستديرة .. و قد كان لوي قد غير من شكله بعض الشيء حتى لا يتعرف عليه أحد فقد وضع قبعة صوفية تخفي شعره و ارتدى نظارة كبيرة العدسات مع عدسات لاصقة بلون العسل لتخفي عينيه النهريتين ..!
طلبنا بعض القهوة الساخنة فالجو كان شبه بارد ..!
سأل لوي بعد أن ارتشف القليل من فنجان قهوته : لم تخبرني يا لينك كيف تعرفت إلى ريكايل ؟!..
ابتسمت بهدوء كما فعل رايل .. حينها قلت : بدأ الأمر في المدرسة .. فرايل كان يعمل هناك نادلاً في الكافيتيريا .. و لكن في ذلك اليوم تشاجرت معه و كان سليط اللسان للغاية ..!
ابتسم ريك نصف ابتسامة بسخرية : أنا كنت سليط اللسان .. لكنك كنت مفتول العضلات ..!
بدا على لوي العجب و قال مع ابتسامة استنكار : أفهم من كلامك أنكما تعاركتما ؟!!..
أومأنا إيجاباً فتابعت : لقد أوسعته ضرباً .. لكن ذلك لم يشفي غليلي ..! لذا قررت جعله خادمي الخاص كي أتمكن من تحطيمه .. لكن الأمر أنعكس علي فلم تمر فترة بسيطة حتى صرنا صديقين ..!
قطب حاجبيه : أنت جاد ؟!!.. هكذا فقط ؟!!..
بارتباك قال رايل : حدثت بعض الأشياء لكن هذا الملخص ..!
رن هاتفي حينها فقطع على لوي الذي أراد أن يعلق على الأمر ..!
المتصل ( ميراي ) ..!
تعمدت عدم كتابة خالتي حتى لا تحدث مشكلة لو اتصلت و كان هاتفي قرب شخص آخر ..!
لكني أعلم بأنها لو علمت بهذا لكسرت جمجمتي قبل أن تكسر هاتفي : ألن تجيب ؟!..
هكذا سأل ريكايل باستغراب : بلا .. إنها ميراي ..!
- ستقتلك لو سمعتك ..!
- أعلم .. لكنها ليست هنا الآن ..!
- يستحسن أن تسرع في الإجابة عليها ..!
- و هذا ما سأفعله ..!
رفعت الهاتف و ضغطت الزر الأخضر فوصلني صوتها في الحال : مرحباً عزيزي ..!
ابتسمت حينها : أهلاً ..!
- كيف حالك و كيف حال ريك ؟!!..
- نحن بخير .. ماذا عنك ؟!!..
- بأفضل حال ..! إذاً .. هل تقضيان وقتاً ممتعاً ؟!!..
- أجل .. كل شيء على ما يرام ..!
- حسناً .. تعلم أن طائرتي اليوم يا لينك .. لذا أود لقاءكما لأني سأكون مشغولة في العطلة و قد لا يتسنى لنا اللقاء إلا بعد فترة ..!
- ذلك مؤسف بالفعل .. أتستطيعين القدوم الآن ؟!!.. نحن في أحد المقاهي .. يمكنك أن تأتي لشرب القهوة معنا ..!
- الآن لا أستطيع عزيزي .. لقد وعدت ديانا بالذهاب معها إلى الهايد بارك فهي تعشق ذلك المكان ..!
- لقد كنت هناك في أول النهار .. ليتك أخبرتني أنك ستذهبين إليه لكنت بقيت فيه ..! حسناً .. متى ستذهبين للمطار ؟!!..
- في السابعة .. يجب أن أكون هناك قبل انطلاق الطائرة بساعة حتى أساعد في التجهيزات من أجل الرحلة ..!
- حسناً .. سأكون في متحف الشموع منذ الساعة الرابعة و حتى السابعة .. أيمكن أن نلتقي هناك ؟!!..
- هذا جيد .. يمكنني القدوم إليك في الخامسة تماماً ..!
- ممتاز ..!
- و الآن إلى اللقاء .. أوصل سلامي لريك ..!
- حاضر .. وداعاً ..!
أغلقت الخط بعدها ثم نظرت إلى ريك : إنها توصل سلامها إليك ..!
ابتسم حينها و هو يقول : كيف حالها ؟!!..
- بخير .. و هي تريد رؤيتنا ..لذا اتفقت معها على اللقاء في متحف الشمع ..!
- هذا جيد .. فأنا أيضاً أريد رؤيتها قبل أن تعود لباريس ..!
هنا سأل لويفان باستغراب : من هذه لينك ؟!..
ابتسمت بهدوء : إنها الآنسة
ميراي خالة ريكايل .. و هي تعمل مضيفة طيران ..!
- هكذا إذاً .. لكن إن كانت خالة ريكايل فلما تتصل بك أنت و ليس به هو ؟!!..
ارتبكت حينها .. فأنا لا أستطيع إخباره بأنها خالتي أيضاً ..!
لكن ريك أنقذني حين قال : لم أزود هاتفي برقم دولي لذا طلبت منها الاتصال بلينك أن احتاجت شيئاً ..!
بدا أن ذلك الجواب اقنع لوي لذا تنفست الصعداء ..!
تابعنا شرب القهوة قبل أن تتصل ليديا و تخبرنا بأن الجميع عاد للمنزل و أن علينا العودة للاستعداد للذهاب إلى متحف الشمع ..!
وقد كانت الساعة تشير إلى الثالثة نهاراً ..!
.................................................. .........
كنا نقف بين مئات من البشر التي تسير و تتخبط بالآخرين لأن أعينها معلقة بتلك التحف البشرية الشمعية الموزعة في كل مكان ..!
لطالما كان متحف الشمع بلندن مزدحماً للغاية .. خاصة أن لندن مدينة تستقطب السياح من كل مكان و لهذا المتحف شهرة واسعة و يعتبر من أهم الأماكن كما أنه أشهر متحف من نوعه في العالم ..!
خاصة و أننا في العطلة لذا يكون العدد ضعفاً ..!
بصعوبة دخلنا و قد كانت الساعة تشير إلى الرابعة و النصف ..!
و في الداخل .. كان الزحام أكثر و أكثر لذا وقف دايمن أمامنا ليقول : يفضل أن ننقسم لأن تحركنا كجماعة هكذا سيسبب في تأخرنا و قد يضيع أحدنا وسط هذه الحشود .. ربما من الجيد أن ننقسم لثلاث أو أربع مجموعات ..!
لم يعترض أحد على هذا القرار ..!
لذا حينها قلت بهدوء : أنا سأكون مع لوي .. من يرافقنا ؟!!..
تقدمت ليديا ناحيتي بابتسامة مع وجنتيها المتوردتين : أنا أود مرافقتكما ..!
بادلتها تلك الابتسامة اللطيفة : على الرحب و السعة ..!
انتهى الأمر بتقسيمنا إلى ثلاث مجموعات ..!
أنا .. لوي .. ليديا و ريكايل ..!
دايمن .. فلورا .. سورا و آندي ..!
تيموثي .. ماثيو .. روزاليندا ..!
و هكذا انطلقت كل مجموعة إلى وجهة معينة مع اتفاقنا على اللقاء في حديقة المتحف تمام السادسة ..!
وقفت مع مجموعتي : و الآن يا أصحاب إلى أين تريدون الذهاب ؟!!..
هتفت ليديا حالاً : ما رأيكم بأن نبدأ بغرفة المئتي عام ؟!.. أود رؤية تمثال الجميلة النائمة ..!
بدا الأمر مناسباً للجميع لذا اتجهنا إلى هناك .. سألني ريك حينها : من هي الجميلة النائمة ؟!!..
قطبت حاجبي : ألا تعرفها ؟!!..
- ربما سمعتها و لا أذكرها ..!
- إنها قصة خيالية شهيرة ..!
- إذاً لأخبرك أني لم أكن مهتماً بالقصص إطلاقاً ..!
- حسناً .. سأخبرك بها .. القصة تتكلم عن بلاد عظيمة يعمها السلام .. و في ذلك اليوم أنجبت الحاكمة طفلة جميلة و استدعت ساحرات البلد ليلقين عليها التعويذات اللطيفة كي تكون أميرة مميزة في المستقبل ..! لكن كانت هناك ساحرة شريرة ألقت بسحر على الأميرة الصغيرة حيث ستنام الأميرة طيلة حياتها ..!
- يا لها من حقيرة .. و ماذا حدث بعدها ؟!!..
قبل أن أنطق تدخلت هي بحماس : بعدها .. مات جميع من في القصر من جنود و حاشية و كذلك الملك و الملكة بسبب سحر الساحرة الشريرة و بقيت الأميرة وحدها نائمة ..! إلى أن مرت سنوات و سنوات و جاء أمير وسيم إلى تلك القلعة المهجورة و تجاوز كل الأخطار حتى وصل إلى سرير الأميرة التي كانت في غاية الجمال ..! حينها أنحنا و قبل تلك الأميرة التي أبهرته بجمالها ففتحت عينيها ..! و بعدها تزوجت الأمير بالأمير و صارت حاكمة البلاد .. النهاية ..! هذه هي القصة بأكبر اختصار ممكن ..!
بدا على ليديا السعادة و هي تحكي تلك القصة .. لكن ريكايل قال متعجباً : يا له من كاتب عاطفي ..!
- لا ريكايل .. أليست قصة لطيفة ؟!!..
- تبدين مغرمة بهذه القصة آنسة ليديا ..!
- صحيح .. لقد كانت وصيفتي تحكيها لي كثيراً حين كنت طفلة ..!
تلك الوصيفة .. أعتقد أنها تقصد والدتها الحقيقية ..!
إذاً لن أتعجب حبها لهذه القصة ..!
انتبهت إلى لوي الذي وقف و قال : ها قد وصلنا إلى التمثال .. لكن علينا أن ننتظر حتى يخف الزحام عليه ..!
انتظرنا بضع دقائق حتى حان دورنا و اقتربنا من ذلك التمثال الذي بدا كحقيقة أكثر من كونه تمثالاً ..حيث كان كتلة من الشمع الذي تشكل على شكل فتاة جميلة مستلقية على أريكة زرقاء قاتمة بفستانها الوردي ذاك ..!
تمتمت حينها بهدوء : إن لمدام توسو إبداعاً خاصاً ..!
وافقني لوي فوراً : أنت محق ..!
همس لي رايل : من هي ؟!!..
- إنها أول من أنشأ هذا المتحف .. و قد كانت بارعة في تشكيل الشمع على هيئة بشر ..!
- هكذا إذاً ..! إنها محترفة فهذه الدمى تبدو حقيقية ..!
- محق ..!
أخرج لوي آلة تصوير من تلك الحقيبة الصغيرة طويلة السلك التي علقها على كتفه : لنلتقط بعض الصور ..!
اقتربت من ليديا و فالتقط لنا صورة مع تمثال الجميلة النائمة ..!
تجولنا في تلك الصالة المسماة بغرفة المئتي عام و التقطنا الكثير من الصور ..!
أردنا الانتقال لغرفة أخرى و من فوره لوي هتف : غرفة الرعب !!..
شعرت بالاشمئزاز : لا أرجوك ..!
بخوف قالت ليديا : لقد تجنبت دخولها في المرة التي زرت فيها هذا المكان من قبل ..!
بقلق سأل ريك : أهي مخيفة إلى هذا الحد ؟!!..
أومأت إيجاباً : لقد صورت فيه مدام توسو الجثث التي خلفتها الحرب .. و يقال أنها استوحتها من الجنود الفرنسيين ..!
بدا عليه الارتباك .. يبدو أنه لا يحب المناظر البشعة ..!
بالنسبة لي فتلك الغرفة تذكرني دائماً بالنهاية البائسة لأليس ..!
لكن لوي كان متحمساً جداً لدخولها : هيا أرجوكم .. لقد قدم لي عرض تصوير فلم سيستخدمون فيه دمى مشابهه و أريد تجربة الوضع على الطبيعة ..!
هكذا إذاً .. لوي يتحمس للشيء حين يكون متعلقاً بعمله : لا بأس .. نظرة بسيطة فقط ..!
لم يعلق أي من ريك و ليديا لذا اتجهنا لتلك الصالة المسماة بغرفة الرعب حيث التماثيل التي على شكل جثث و الرؤوس بلا أجساد و الأجساد بلا رؤوس ..!
كان هناك لافتة كبيرة تحذيرية .. يمنع دخول الأطفال و ضعيفي القلوب ..!
إنهم محقون فهذا المكان أشبه بساحة مجزرة خلفتها الحرب العالمية الثانية ..!
فور أن دخلنا وقعت أعيننا على تلك الدمى .. أغمضت ليديا عينيها : لا أريد أن أرى !!..
ربت على كتفيها حينها : أغمضي عينيك و أنا سأدلك على الطريق حتى لا تصطدم بأحد ..!
أومأت موافقة بصمت فسرت خلفها و قد ربت على كتفيها كي أدلها على طريقها ..!
لوي كان يراقب بشغف .. لقد صور فلمي رعب من قبل لذا لا مشكلة لديه ..!
ليديا كما ذكرت أغمضت عينيها فور دخولنا .. و أنا كنت منتبهاً على طريقي محاولاً قدر الإمكان إبعاد عيني عن تلك الدمى البشرية لكن ما إن تقع عيني على إحداها حتى تظهر صورة أليس الأخيرة أمامي !!..
ريكايل كان يسير خلفي .. بدا عليه الارتباك و التعب و قد اصفر وجهه .. كان يأخذ لمحات خاطفة فيزداد اصفرار وجهه ..!
هتف لوي بحماس : يبدو الأمر مثيراً .. سوف أوقع عقد الفلم فور عودتي لمديرة أعمالي ..!
باشمئزاز قلت : لا تطلب مني مشاهدته ..!
قطب حاجبيه باستياء : لما ؟!!.. أنت لم تشاهد أي من الفلمين السابقين .. هذا سيكون مدهشاً صدقني ..!
- أرجوك لا تجبرني .. تعلم أني لا أحب هذه الأشياء ..!
- لينك يا لك من جبان ..!
- صدقني إن شاهدته و رأيتك بذلك الشكل المفزع فسأكرهك طيلة حياتي ..!
- اطمئن شكلي ليس مختلفاً كثيراً .. فقط بعض الأزياء التنكرية مع بعض التغير البسيط .. إنه ليس مخيفاً حتى !!..
- لا تجبرني .. لن أشاهده ..!
قبل أن يرد علي سمعت صوت ارتطام شيء بالأرض ..!
أهي دمية سقطت أم ماذا ؟!..
وقبل أن ألتفت كانت هتافات الناس تتزايد من حولنا إلا أني لم أتمكن من تميزها لأنها كثيرة و بلغات مختلفة ..!
حتى ليديا فتحت عينيها ..!
التفت إلى الخلف بقلق احتل صدري فجأة و ما إن فعلت حتى اتسعت عيني على مصراعيها و هتفت بخوف : رايل !!!!!..
نعم .. لقد كان أخي هو من سقط بتلك القوة التي لفتت انتباه الجميع ..!
أسرعت ناحيته مخترقاً تلك الحشود التي أحاطت به و جثوت قربه و أنا أهزه : رايل أجبني .. هل أنت بخير ؟!!..
لا رد .. لقد كان مغمضاً عينيه و اصفرار وجهه واضح :يا إلهي .. يبدو أنه فقد وعيه ..!
هذا ما قاله لوي الذي جلس بجانبي بينما كانت ليديا تقف بقربنا ..!
حركته و قلبته ليصير مستلقياً على ظهره و رفعته قليلاً حيث أسندت رأسه على ذراعي و حاولت إيقاظه بضرب وجهه بخفه عدة مرات : رايل أفتح عينيك .. أرجوك أفتح عينيك ..!
لا استجابة ..!
حاولت مجدداً و ساعدني لوي ..!
كنت مشتتاً تماماً فكيف حدث هذا بلا سابق إنذار ؟!!..
وصل ممرضان من القسم الطبي في المتحف و حملاه على سرير متحرك و بدأ بدفعه كي يأخذاه إلى غرفة الطبيب بينما لم أتحرك أنا من مكاني فقد بقيت أفكر .. ما الأمر فجأة ؟!!..
لكن ليديا هتفت في : هيا لينك .. لنتبعهم ..!
رفعت رأسي لها و أومأت إيجاباً و أنا لا زلت أشعر بالتشتت ..!
لكنني سرت معها نتبع الممرضين و لوي الذي سار معهم إلى غرفة التمريض ..!
...............................................
يكفي هنا اليوم ^^
...............................................

تروح للأسئلة ..!

صراعات بين
ماثيو و لينك تشير إلا إمكانية قطع صداقتهما نهائياً .. أيمكن أن يحدث ذلك ؟!!..

جوليا في وضع مقلق حتى الآن .. ما السبب يا ترى ؟!!..

هل سيكون لإصرار
سورا بالنسبة لعلاقتها مع ريكي أي نتائج ؟!!..

ريكايل و أنهيار مفاجئ .. كيف سينتهي هذا ؟!!..

.....................................

راح أعطيكم مقتطفات من البارت القادم ^^

...

هنا سألت ليديا باستغراب : هل أتخيل أم أنها قالت ماذا حدث مع أخيك ؟!!..
...

بدهشة هتف كلاهما : نيكول ؟!!.....

نعم صفعته و قد التف وجهه بشدة و صرخت : و تقولها بابتسامة !!!... أجننت ريكايل ؟!!..
...

لكنها ما إن رأتني حتى تركت ما بيدها و هتفت مستنكرة : لينك ..!
...

بخوف قال : لو تركناه حتى الصباح فستجدني ميتاً حينها و السبب سكتة قلبية ..!
...

وقفت حين وصلت إلى الباب .. أخذت نفساً .. كنت أشعر بشيء غريب في داخلي .. يدفعني للدخول .. لقد حدث أمر سيء .. ريكايل كان يبكي .. للمرة الأولى أراه يبكي ..!
...

حينها همست .. بشيء شل حركتي : لا !!.. ابقى فيها ..!
...

سمعت صوتها و هي تصرخ و قد اجهشت بالبكاء : لينك لما أحببتك ؟!!!..
...

فقد كان يغمض عينيه .. و قد ازرق وجهه .. و في يده علبة دواء فارغة .. و لا يبدو أنه يتنفس ..!
....


يكفي ... أن شاء الله المقطفات تحمسك للبارت الجاي ^^

في رعاية الله ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 07:44 PM   #26

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 24



كنت أجلس على كرسي الألمنيوم الطويل ذاك في ذلك الممر الأبيض قرب تلك الغرفة ..!
هذا الموقف يذكرني بذلك اليوم الذي فقد فيه ريك الوعي فأخذته للمشفى و هناك التقيت بالدكتور هاري ليبرت ..!
لكن ما الذي أصابه يا ترى ؟!!..
هل مر بجوار شخص يضع الكثير من العطر ؟!!..
لا .. لو كان كذلك لأصابته نوبة سعال فقط وليس فقدان للوعي ..!
ربما أصيب بالاختناق جراء الزحام ؟!!.. يستحيل فغرفة الرعب لم تكن مزدحمة بل فيها القليل من الناس لأن محتوياتها لا تناسب إلا القليل ..!
لما يا ترى ؟!!..
كانت ليديا تجلس بجواري .. و لوي يقف هناك ..!
الساعة تشير للرابعة و خمسين دقيقة ..!
انتبهت للطبيب الذي خرج من الغرفة و نظر إلينا فقد وقفت أنا و ليديا ووقف لوي بجانبنا ..!
نظر إلي و سأل : أأنت شقيقه ؟!!..
لقد لاحظ الشبه بسهولة ..!
أومأت سلباً : لا .. إنه صديقي ؟!..
- حسناً .. ألا تعلم لما فقد وعيه فجأة ؟!!..
- لا علم لي ..!
- لقد كنتم في غرفة الرعب .. أهو من النوع الجبان ؟!..
- ليس تماماً .. أنه يخاف المرتفعات لكن لم أعلم أنه يخاف من الدمى المرعبة ..!
- يخاف من المرتفعات ؟!!..
بقي يفكر للحظات و كأنه غير متأكد من الشيء الذي يفكر فيه .. لكنه حينها نظر إلي بجد : أهو ضعيف قلب ؟!!.. أقصد .. هل لديه مرض في قلبه أو شيء من هذا القبيل ؟!!..
قلب ؟!!.. أيعقل ؟!!..
بتوتر قلت : لا أعتقد ..! لديه ربو و يصيبه أحياناً التهاب في رئته ..! لكن لا أعلم أن كان لقلبه دخل ..! أخبرني أيها الطبيب .. هل هناك شيء ؟!!..
- إشارات نبضه غير متزنة .. أعتقد أنه من الأفضل نقله للمشفى .. لقد طلبت منهم تجهيز سيارة الإسعاف ..!
- هل سيكون بخير ؟!!..
- حاله ليست سيئة فاطمئن ..! لكن الأفضل أخذه للمشفى كي يجري فحصاً شاملاً ..!
قبل أن أقول شيئاً ربت لوي على كتفي : هيا لينك .. لنلحق بهم نحن بسيارة أجرة ..!
أومأت موافقاً .. فأنا لا أملك خياراً آخر ..!
فعلاً .. أخرجوا ريكايل من الغرفة على سرير نقال فهو لم يستعد وعيه بعد .. ثم أخذوه إلى باب خارجي و صعدوا به لسيارة الإسعاف ..!
أما نحن فقد أسرعنا إلى الشارع كي نأخذ سيارة أجرة ..!
.................................................. ..........
كنت أجلس في المقعد الخلفي مع ليديا بينما لوي في الأمام متجهين إلى المشفى الذي علمنا من الطبيب أن سيارة الإسعاف تلك ستتجه إليه ..!
كنت مشتت الذهن طيلة الوقت .. و قد كانت الساعة تشير إلى الخامسة و لازلنا في النهار ..!
رن هاتفي حينها فأخرجته من جيبي بلا شعور ونظرت لأسم المتصل ..!
إنها خالتي ميراي .. كيف سأجيب عليها ؟!!..
لن أجيب .. فأنا لا أعلم ما سأقوله لها ..!
لكن .. إن لم أجب فستقلق خاصة أني وعدتها باللقاء في هذا الوقت ..!
لأجب و يكن ما يكون : مرحباً ..!
أتاني صوتها فوراً : أهلاً لينك .. أنا الآن متجهة إلى المتحف .. أين نلتقي بالضبط ؟!!..
ترددت .. فبقيت صامتاً : لينك .. هل تسمعني ؟!..
بتوتر قلت : خالتي .. أنا لست في المتحف الآن ؟!!..
يبدو أنها انتبهت لتوتري لذا قالت بقلق : ما الأمر لينك ؟!!..هل حدث شيء ؟!..
أخذت نفساً عميقاً و قد قررت أخبارها : في الحقيقة .. بينما كنا في المتحف فقد ريكايل الوعي .. لذا نحن الآن في الطريق للمشفى ..!
لم ألبث أن أنهي كلامي حتى صرخت : هل هو بخير ؟!!.. لما فقد وعيه ؟!!..
بتوتر قلت : اطمئني هو بخير .. لكن سآخذه للمشفى من أجل إجراء فحص احتياطي وحسب ..!
- أعطني إياه الآن .. سأتحدث إليه ..!
- إنه ليس معي ..!
- ماذا تقول ؟!!..
- اهدئي .. هو لم يستعد وعيه بعد لذا نقلناه بسيارة إسعاف ..!
- لا يزال فاقداً وعيه و تريد مني أن أهدأ !!.. أخبرني بسرعة إلى أي مشفى اتجهتم ؟!!.. سآتي إليك حالاً ..!
- لا داعي .. ستكون الأمور بخير ..!
- لينك أخبرني إلى أي مستشفاً ستذهبون فأنا أريد أن أطمئن بنفسي ..!
لم أجد مفراً لذا أخبرتها .. و فوراً قالت بأنها ستوافينا هناك ..!
بدا على ليديا الاستغراب بعد أن أغلقت الهاتف : لم أعلم أن لديك خالةً في لندن ..!
بتوتر قلت : خاله ؟!!. من قال لك ذلك ؟!!..
- لم أقصد أن أسترق السمع لكن صوتك كان واضحاً .. لقد ناديت بالمتصل بخالتي إن لم أكن مخطئة ..!
- حسناً .. أنا فقط أحترمها لذا أناديها خالتي ..!
- هكذا إذاً ..!
لقد أخبرت لوي بأن ميراي خالة ريكايل .. لذا إن أخبرت ليديا أنها خالتي أنا و أتت هناك سيختلط الأمر عليهما كونها خالتي أم خالة ريكايل و لن يمر وقت حتى يفهموا أنها خالتنا كلينا ..!
تمكنت من رؤية مبنى المشفى في نهاية الشارع .. لقد كانت سيارة الإسعاف بعيدة جداً عنا فقد كانت السيارات تبتعد عنها فور أن تسمع صفارتها المدوية ..!
.................................................. .....
وقفت أمام ذلك الباب في قسم الطوارئ حيث يوجد ريكايل في الداخل ..!
كنت أضرب قدمي في الأرض بتوتر و ليديا تحاول تهدئتي ..!
لوي كان يتحدث بالهاتف بعيداً عنا لكنه أغلقه و عاد إلينا ليقول : إنه ماثيو وهو يسأل عنا ..!
نظرته إليه بتوتر : ماذا قلت له ؟!!..
- لا تقلق .. أخبرته أننا لم ننهي جولتنا بعد ..!
الساعة كانت تشير إلى الخامسة و خمسة عشر دقيقة ..!
سمعت صوت خطوات مسرعة في بداية الممر فالتفت لأرى خالتي ميراي تسير ناحيتنا و معها صديقتها ديانا ..!
فور أن وصلت إلينا ربتت على كتفي لتقول : لينك ماذا حدث مع أخيك ؟!!..
كانت الدموع تلمع في عينيها لذا بجد قلت : خالتي اهدئي .. لن تكون الأمور سيئة ..!
لم أكن واثقاً بكلامي لكني لم أجد غيره لأقوله ..!
ربتت ديانا على كتفها : اهدئي ميراي .. سيكون بخير ..!
سارت بضع خطوات و جلست على مقعد طويل بالقرب منا بمساعدة صديقتها الآنسة ديانا ..!
نظر إلي لوي باستغراب : أليست ميراي خالة ريكايل ؟!!..
بارتباك قلت : بلا ..!
- لما تناديها خالتي ؟!!.. إنها ليست كبيرة في السن ..! لا تزال في أول شبابها ..!
- لا أعلم .. أناديها خالتي فقط ..!
هنا سألت ليديا باستغراب : هل أتخيل أم أنها قالت ماذا حدث مع أخيك ؟!!..
- أنت تتخيلين بالتأكيد .. لقد قالت ماذا حدث مع ريك ..!
كنت أحاول جهداً طرد الشكوك التي بدأت تتسلل إليهما لكن الآنسة ديانا أفسدت الأمر حين قالت : لينك حاول أن تخفف على خالتك .. إنها مصدومة بما حدث مع أخيك فهي تعد نفسها مسؤولة عنكما بعد وفاة والديك ..!
قبل أن أنطق بدا الاستنكار على ليديا : وفاة والديك ؟!!..
بدهشة قال لوي : لكن السيدة إلينا لا تزال على قيد الحياة ؟!!..
بدا على ديانا الاستغراب : إلينا ؟!!.. اعتقدت أن اسمها نيكول ..!
بدهشة هتف كلاهما : نيكول ؟!!..
- هذا ما قالته ميراي .. لينك أليس نيكول هو أسم أمكما أنت و ريكايل ؟!..
طأطأت رأسي بتوتر فهذه الآنسة قد نشرت غسيلي كما يقال ..!
ربت أحدهم على كتفي فرأيت لوي الذي قال بجد واضح : يبدو أنك بحاجة لتوضيح بعض الأمور لنا يا لينك ..!
لم أرد عليه .. لقد كشف أمري كما كشفته ليديا أيضاً ..!
سرت بخطوات مترددة و جلست على كرسي آخر بعيد قليلاً عن كرسي خالتي .. جلس لوي على يميني و ليديا على يساري و هما ينتظران مني تفسير تلك الشفرات ..!
لذا .. بدأت كلامي بقول : في الحقيقة .. أنا لست ابن مارسنلي .. و لست ابن إلينا و جاستن ..! لأن أسمي الحقيقي هو .. لينك إيان براون ..!
و بعد هذه الافتتاحية .. حكيت الحكاية كاملة ..!
و أقصد بكاملة .. كل شيء ..!
لقائي الأول بريكايل و قراري بجعله خادمي و كل ما حدث بعدها إلا أن الشيء الوحيد الذي تجاوزته هو أني حكيت له عن أليس فقد غطيت ذلك بأننا صرنا صديقين مع مرور الوقت ..!
جوليا و الخالة آنا .. ملجأ الأيتام و شرائي له .. وحتى ميشيل ..!
كذلك كيف علمت بأخوتي لريكايل و لقائنا بخالتنا ميراي و بعض الأشياء عن والدينا إيان و نيكول ..!
كل هذا أخبرتهما به .. لأنه إما أن يفهما الأمر كاملاً أو يجهلاه كاملاً ..!
و بعد أن انتهيت تماماً .. كنت أنتظر أن يصدما بالأمر و يشفقا علي بسبب الكذبة التي عشتها طيلة حياتي ..!
لكني صدمت بلوي الذي ضرب رأسي بخفة : يالك من لئيم .. أخفيت كل هذا عني ؟!!..
بابتسامة هادئة قالت ليديا و قد توردت وجنتاها : لكن أتعلم .. إن الأمر يبدو مثل الحكايات الخيالية ..!
ابتسمت بهدوء : رغم أني عنصر رئيسي في هذه الحكاية .. إلا أني لا أكاد أصدقها ..!
وقفت بعدها و اتجهت إلى مقعد خالتي و جلست بجوارها : خالة ميراي .. إن ريك قوي أكثر مما تظنين .. لذا جففي دموعك ..!
تنهدت بحزن و مسحت دموعها بكفيها .. و كي أخفف من ثقل الجو قلت بابتسامة : لم أعلم أنك رقيقة القلب ميراي ..!
لم أكد أقولها حتى ضربت رأسي بقبضتها : ابتعد عني يا مزعج .. إن ريك أفضل منك بكثير ..!
ابتسمت لها فابتسمت هي بهدوء و كلانا يحاول إخفاء قلقه ..!
نظرت الآنسة ديانا إلى ساعتها : ميراي الساعة صارت الخامسة و النصف .. يجب أن نكون في المطار تمام السابعة و نحن لم نوضب حقائبنا بعد ..!
بهدوء قالت : ديانا يمكنك أن تسبقيني .. سأنتظر هنا بعض الوقت ..!
ابتسمت الآنسة ديانا : حسناً عزيزتي .. سأعود للفندق و أرتب حقيبتي و حقيبتك .. ثم أعود لأخذك للمطار ..!
- شكراً لك .. هذا لطف منك ..!
- لكن فور أن يخرج الطبيب طمئنيني على ريكايل ..!
- حاضر ..!
نظرت إلى لوي و ليديا : أيمكنكما أن تبقيا الأمر سراً ؟!!..
بمرح قالت ليديا : بالطبع ..!
ابتسم لوي حينها : أعتمد علينا ..!
بادلتهما الابتسامة تلك .. من الرائع أن يكون للمرء أصدقاء مخلصون ..!
ودعتنا الآنسة ديانا و ذهبت عائدة للفندق ..!
و بعدها بلحظات خرج الطبيب فأسرعنا إليه ..!
نظر إلي : أنت شقيقه ؟!..
هذه المرة أجبت بنعم فعلق حينها : أنت تشبهه كثيراً ..!
- أنه أخي التوأم ..!
- أطمئن فقد استيقظ منذ وقت لكني بقيت أسأله عن حاله لكي أعرف ما به فقط ..! لذا لا مشكلة ..!
- تحدثتما ؟!.. لكنه لا يجيد الانجليزية ..!
- أنا أجيد الفرنسية ..!
- لما فقد الوعي إذاً ؟!..
- طبيعي أن يطرب قلبه بما أنه كان في مكان كغرفة الرعب التي في متحف الشموع .. لذا هذه نوبة بسيطة لا تسبب ضرراً ..!
بتوتر قلت : نوبة ؟!..لم أفهم ؟!!..
لكنه ببساطة أجابني و هو ينظر إلى الأوراق معه : أجل .. بسبب قصور القلب لديه فأن الإطراب قد يسبب فقدانه الوعي .. لكنه بخير الآن لذا يمكنك إخراجه من المشفى ..!
اتسعت عيني .. قصور قلب ؟!!.. ما هذا أيضاً ..!
حاولت تدارك الأمر .. أمسكت برأسي بيدي اليمنى و تمتمت : أيها الطبيب .. هل كان ريكايل .. يعلم ؟!!.. بأن لديه قصور قلب ؟!!..
بدا الاستغراب على الطبيب : بالطبع .. هو من أخبرني حين استيقظ ..!
الملح ؟!!.. إنه لا يأكل الملح ..! بسبب قصور القلب !!.. فالمرضى المصابون بهذا المرض يتضررون بالملح !!..
ينام وقد رفع نصفه العلوي بشكل ملحوظ ..! أجل .. الاستلقاء الكامل يضر مرضى قصور القلب ..!
تلك الأدوية الكثيرة .. ليست كلها لالتهاب الرئة !!.. بل معظمها لقصور القلب ..!
- لينك .. لما لم تخبرني بأن ريك لديه مرض كهذا ؟!..
هكذا سألت خالتي بنبرة عتاب وقد سالت دموعها ..!
لكنني حينها تمتمت باستياء : و كأنني كنت أعلم أصلاً ..!
بدا عليها الاستنكار من جملتي لكن الطبيب قال : يمكنكم الدخول و الاطمئنان عليه ..!
تجاوزت الطبيب حينها بسرعة و قد بلغ الغضب مبلغه مني ..!
لا بأس بأن يخفي علي أمر الربو .. لكن هذا قلبه !!.. لديه مرض قد يقتله جراء نوبة ما !!.. و يعتقد أني سأكون سعيداً لو سببت له نوبة دون أن أعلم ..!
فور أن دخلت رأيته يجلس على السرير مستنداً إلى الوسادة الكبيرة مغمضاً عينيه ..!
لكنه حين شعر بي فتح عينيه و نظر إلي بهدوء .. ثم ابتسم : آسف .. لم أرد أن أخفي هذا عنك ..!
تقدمت ناحيته بغضب و بلا شعور صفعته !!!..
نعم صفعته و قد التف وجهه بشدة و صرخت : و تقولها بابتسامة !!!... أجننت ريكايل ؟!!..
شعرت بأحدهم يسحبني إلى الخلف : لينك ليس هذا وقت العتاب ..!
كان هذا لوي و قد أسرعت خالتي لتحتضن أخي الذي بدا هادئاً وقد احمر خده بشدة بينما كانت ليديا تقف قربنا و قد استقرت يمناها على قلبها ..!
لكني لم أهدأ بل صرخت حينها بغضب : لما أخفيت هذا ؟!!.. أتعلم ما معنى قصور قلب ؟!!.. كيف تخفي عني شيئاً مهماً مثل هذا الأمر ؟!!.. هل تعتقد أني سأصفق و أضحك حين تقتلك نوبة تسببت أنا بها لأني لا أعلم بأنك مريض ؟!!.. أتعتقد أني كنت سأوافق على دخول غرفة الرعب اليوم لو كنت أعلم أنك مريض ؟!!.. وفي النهاية تقول بكل برود .. آسف !!!.. أتريد أن تقتلني ؟!!..
لم يرد .. بل طأطأ رأسه بهدوء وقد اتضح الاحمرار على خده كما اتضح الندم عليه ..!
لم أشفي غليلي منه فقد أغضبني بالفعل .. لكني تذكرت حالته الصحية الآن فتمالكت أعصابي بصعوبة ..!
أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقول : خالتي .. احجزي لنا على طائرتك ذاتها من فضلك .. سنعود لباريس هذا المساء ..!
بهدوء تمتمت و هي لا تزال تربت على كتفي ريكايل : حاضر ..!
خرجت من الغرفة حينها فتبعني لوي بينما بقيت ليديا في الداخل : أأنت جاد بشأن العودة لباريس ؟!!..
بهدوء أجبته : أجل .. سأذهب الآن لأخذ حاجياتي و حاجيات رايل من منزل روز .. أخبر المجموعة أني عدت بسبب ظرف طارئ ..!
- كما تشاء .. لقد قال الطبيب أنه بإمكان ريكايل الخروج .. هل نأخذه للمنزل ؟!!..
- لا .. سأعود أنا إلى هنا و أخذه و نذهب للمطار مباشرة ..! لا وقت للعودة للمنزل ..!
- حسناً .. سأرافقك الآن ..!
- كما تشاء ..!
قلت هذا بهدوء لأني لم أرد مناقشته فأنا لست بمزاج جيد لنقاشه ..!
عاد هو للغرفة و أخبر البقية بالأمر ثم عاد إلي ..!
خرجنا إلى الشارع و أوقفنا سيارة أجرة و ركب كلانا في الخلف .. دله لويفان على منزل روزاليندا فأنطلق ..!
أما أنا فقد بقيت صامتاً أحاول استيعاب ما حدث للتو ..!
.................................................. ..........
صارت الساعة هي السابعة و الربع حين وصلنا مجدداً للمشفى بعد أن حملت حقيبتي و حقيبة ريكايل ..!
كانت ليديا تنتظرنا في الأسفل مع ريك .. لذا لم نكن مضطرين للوقوف كثيراً ..!
لوي في الأمام .. و في الخلف أنا ثم ليديا ثم رايل ..!
لقد تعمدت جعلها تجلس في المنتصف لكي لا أتهور و أضرب ريك من شدة غيضي ..!
علمت بأن خالتي قد سبقتنا للمطار ..!
ستقلع الطائرة تمام الثامنة ..!
طيلة الطريق كنا صامتين .. فلا أحد منهم كان يريد أن يوقد ناري التي لم يطفأ جمرها بعد ..!
وصلنا إلى المطار .. بقي عشرون دقيقة و تقلع الطائرة ..!
بعد السير لبعض الوقت و شحن الحقائب وصلنا إلى الإجراء النهائي أو كما يسمونه الخط الأحمر الذي بعد تجاوزه نعتبر خارج البلاد ..!
وقفت أنا و ريك مقابل لوي و ليديا : آسف لويفان لأنني سأغادر مبكراً ..!
ابتسم لي بهدوء : لا بأس عليك يا صاحبي .. المرات القادمة كفيلة بالتعويض ..!
تقدمت ليديا ناحيتي و همست لي : لا تقسوا على ريك .. لقد أخبرني أنه يشعر بالذنب لإخفائه الأمر عنك ..!
تنهدت حينها : اطمئني ..!
ابتعدت حينها وابتسمت : ريكايل اهتم بصحتك ..!
بهدوء قال : لا عليك .. سأكون بخير ..!
ودعناهما و تركنا المكان .. و بعد مطابقة الجوازات وصلنا إلى صالة المغادرة ..!
جلسنا على أحد المقاعد قرب البوابة الخاصة بطائرتنا .. كان الإزعاج في كل مكان حولنا ..!
و رغم ذلك .. شيء ما أشبه بغيمة هدوء أحاطت بنا .. همس هو أولاً : أنا .. أعتذر ..!
لم أرد .. لأن أعتذر لم تكفني ..!
لكن ..ليديا طلبت مني أن لا أقسوا عليه ..!
قالت أنه نادم ..!
لذا بعد صمت طويل أطلقت تنهيدة متعبة .. و دون أن أنظر إليه قلت : لما أخفيت الأمر ؟!!..
بخفوت قال : لا أعلم .. لم أرد قوله و حسب ..!
لما أعتاد على الكتمان ؟!!.. لما ؟!!.. هل لأنه لم يجد من يحدثه بأموره الخاصة ؟!!..
أهدأ لينك .. عليك أن تقدر الظروف .. فريكايل لم يعش الحياة التي عشتها أنت ..!
لذا .. بهدوء قلت : هذه المرة فقط سأسامحك .. على شرط أن لا تخفي عني أي شيء مرةً أخرى ..!
أومأ إيجاباً بصمت .. و بعدها عدنا للسكون ..!
حتى أعلنوا عن طائرتنا فوقفنا و اتجهنا مع صفوف المسافرين إلى تلك الطائرة التابعة للخطوط الفرنسية ..!
قرب الباب في الاستقبال كانت الآنسة ديانا مع أحد المضيفين ..!
ابتسمت لنا براحة و هي تقول : أهلاً بكم على متن خطوطنا الجوية .. نتمنى لكم سفراً مريحاً و ممتعاً ..!
لم أجد إلا أن ابتسم لها ..!
سرنا ناحية مقاعدنا و هذه المرة كنت أنا بجانب النافذة بينما كان على يميني ..!
انتبهت لتلك الشابة التي كانت تسير ناحيتنا و هي ترتدي زي المضيفات كانت الخالة ميراي..!
فور أن وقفت عندنا قالت : هل أنت بخير الآن ريكايل ؟!!..
أومأ إيجاباً : اطمئني ..!
نظرت إلي و قالت بهدوء : لينك أهتم به و لا تغفل عنه .. مفهوم ..!
أومأت موافقاً ..!
فاستأذنت بأن عليها الذهاب لعملها ..!
أسندت رأسي إلى ظهر المقعد بإرهاق .. و ما إن أغمضت عيني حتى رن هاتفي ..!
أخرجته من جيب سترتي ونظرت إلى أسم المتصل .. ( دايمن رافالي ) ..!
لا مزاج لي للحديث معه .. و صوت المضيف الذي طلب من المسافرين إغلاق أجهزتهم بمكبر الصوت أنقذني لذا قطعت الخط دون أن أجيب و تركت هاتفي على نمط الطيران ..!
لاشك أن دايمن سيسأل عن سبب مغادرتي المفاجئة ..!
وصلت الطائرة إلى المدرج .. و ما هي سوا لحظات حتى انطلقت كالقذيفة لتخترق كبد السماء المظلمة ..!
و بعد حوالي دقيقة كنا قد استقرينا في الطبقة الخاصة بالملاحة الجوية .. فتحت النافذة و نظرت إلى الخارج .. حيث كان البدر مكتملاً بحكم أننا في منتصف الشهر ..!
الغيوم كانت في الأسفل كثيفة .. ربما تمطر تحتنا الآن ..!
كان انعكاس ضوء القمر على الغيوم رائعاً و مريحاً للنفس : ريكايل أنظر إلى هذا ..!
حين التفت إليه رأيت أنه قد أغمض عينيه و غفا بلا شعور ..!
ابتسمت بهدوء حينها .. يبدوا أنه مرهق بعد كل ما حدث اليوم ..!
عدت أنظر من النافذة إلى تلك السماء المظلمة بينما كانت الغيوم كفراش من قطن ناعم ..!
شعرت باصطدام شيء بكتفي .. حين التفت وجدت أنه رأس ريكايل الذي استند على كتفي وهو نائم ..!
أغلقت النافذة و أسندت رأسي على رأسه .. و ما هي سوا لحظات حتى غفيت أنا الآخر ..!
.................................................. ..
شعرت بشخص يهزني : هيا لينك .. ريكايل .. ستهبط الطائرة بعد قليل ..!
فتحت عيني لأرى خالتي ميراي تبتسم لي .. رفع رايل رأسه المسند إلى كتفي و أخذ يفرك عينيه حيث قالت خالتي : هيا اربطا الأحزمة .. ستبدأ عملية الهبوط خلال دقيقة ..!
كنت قد استعدت وعي تماماً فربطت حزامي .. التفت إلى ريكايل لأجد أنه لا يزال شبه نائم ..!
ربت على كتفه و هززته بخفة : هيا أخي .. افتح عينيك سوف نهبط ..!
أومأ إيجاباً بهدوء و ربط الحزام بصعوبة فهو يجد الآن صعوبة في الاستيعاب ..!
لحظات حتى بدأنا في الهبوط و قد تمكنت من رؤية أضواء باريس الكثيرة حين فتحت النافذة ..!
لكنني عدت لإغلاقها حين تذكرت ريكايل فلا أعتقد انه سيكون بخير و لو أنتبه لهذا المنظر ..!
اصطدمت العجلات بالمدرج لم يمضي سوى بعض الوقت حتى توقفنا تماماً ..!
ربت على كتف ريكايل : هيا .. لنستعد لمغادرة الطائرة ..!
وقف بصمت حينها و خرج إلى الممر كي يسمح لي بالخروج ..!
فتحت الأبواب و بدأ الناس يغادرون .. و حين وصلنا إلى الباب كانت خالتي تقف و قد همست لنا : أهتما بنفسيكما ..!
ابتسمت لها بهدوء : اطمئني .. سنكون بخير ..!
غادرنا الطائرة .. و بهذا انتهت رحلتنا للندن التي لم تستغرق سوا يومين فقط فنحن غادرنا هذا المطار صباح الأمس و هانحن عدنا إليه مساء اليوم ..!
و رغم ذلك .. كانت رحلة قصيرة مليئة بالأحداث المرهقة ..!
.................................................. ......
كنت أقود سيارتي الفراري الحمراء و الساعة تشير إلى العاشرة مساءاً ..!
لقد تركت السيارة في المطار بعد صباح الأمس و ها أنا أعود إليها ..!
التفت إلى ريكايل : سنذهب للقصر الآن .. و بعد أن نرتاح قليلاً نذهب للاطمئنان على جوليا ..!
تنهد بتعب : أرجوا أن تكون بخير ..!
- هل تعتقد أن شيئاً أصاب إحداهن ؟!!..
- لا تقل هذا أرجوك فمجرد تفكيري في الأمر يؤلم قلبي ..!
- عموماً سنعرف كل شيء قريباً ..!
لم يقل شيئاً بل شرد بذهنه .. لكنه همس بعد لحظات : كم الساعة ؟!!..
أجبته بعد أن نظرت لساعة السيارة الرقمية : إنها العاشرة و النصف ..!
أخرج من جيبه شيئاً .. لقد كانت زجاجة أقراص .. إنها ذاتها التي رأيتها معه في أول مرة و قد نزع الملصق منها ..!
أخرج قرصاً أبيض و رماه في فمه و ابتلعه ..!
بهدوء سألت : ألا مشكلة لديك بابتلاعها بلا ماء ؟!!..
بذات نبرتي رد : اعتدت على هذا ..!
- أهي من أجل القلب ؟!..
- صحيح ..!
- لقد كذبت سابقاً .. قلت أنها مسكن ألام ..!
- لم أكذب .. إنها مسكن بالفعل ..! لكن لآلم القلب ..!
- أتشعر بالألم الآن ؟!!..
- الأمر يرتبط بالمشاعر .. حين يفكر المرء بالأشياء السيئة يشعر بانقباض في قلبه ..! في حالتي يكون الأمر أكثر ألماً ..!
لم أعلق على الموضوع فأنا لا أعرف ماذا يجب أن أقول في هذه الحالات ..!
لكن الأمر انتهى بي و أنا أقول : المهم أن تنتبه لصحتك ..!
أخرج كرت كبسولات بعدها و أخرج كبسولة و ابتلعها أيضاً : و ما هذه أيضاً ؟!!..
بتعب أجاب : إنها من أجل القلب أيضاً .. لكنها حبة رئيسة يلزم علي تناولها كل يوم في هذه الساعة ..!
- ألديك الكثير من الأدوية ؟!..
- لا .. اثنان للقلب و واحد للرئة و بعض المسكنات و المنشطات العادية ..! جيوبي مليئة بها ..!
تذكرت أن جوليا ذكرت لي عن تناول ريكايل للمسكنات بشكل كبير .. لذا قلت بهدوء : لا تكثر من المسكنات فما زاد عن حده انقلب إلى ضده ..!
- فات الأوان .. لقد اعتاد جسدي عليها و إن لم أتناولها يبدأ الصداع بالسيطرة علي ..!
- ألا تعتقد بأن هذا سيء ؟!!..
- لقد قام الدكتور هاري بعمل خطة طبية ليساعدني على التخلص منها بالتقليل منها على فترات متباعدة .. لكنني لا زلت في البداية لذا لا زلت أتناولها كثيراً ..! إن اتبعت أوامره فسيأتي اليوم الذي لن أتناول فيه حبة واحدة ..!
- يستحسن أن تتبع خطته بحذافيرها ..!
- و هذا ما أفعله ..!
قطع علينا حوارنا هذا هاتفي الذي رن .. نظرت إلى أسم المتصل لأجد أنها آندي .. لم يكن لي المزاج للرد عليها لذا وضعته على وضع الصامت و حسب : من ؟!!..
- آندي ..!
- لا شك أنهم قلقون إثر مغادرتك المفاجئة ..!
- لا أعتقد .. ربما الفضول هو ما يدفعهم للاتصال .. أنا لست طفلاً ليقلقوا علي ..!
- ألن تجيب ؟!!..
- لا ..!
- لقد قلقت حين لم تجب عليك جوليا .. و ها أنت تضع الآنسة آندي في ذات الموقف ..!
تففت بانزعاج و أخرجت الهاتف من جيب سترتي و أجبت : مرحباً ..!
جاءني صوتها المنزعج : لينك أين أنت ؟!!.. لم تأخرت في الرد ؟!!.. و لم غادرت دون إخبارنا ؟!!.. لم عدت مبكراً أصلاً ؟!..
- على مهلك ..! أتريدينني أن أجيب على هذه الأسئلة كلها دفعة واحدة ؟!..
- حسناً .. لما غادرت مبكراً دون إخبارنا ؟!!..
- بعض الظروف المفاجئة .. لم يكن لي الوقت لإخبار أحد ..!
- سورا قلقة على ريكايل ..!
- لم تقلق ؟!!.. انه بخير على كل حال ..!
- حسناً .. هل ستعود لإكمال الرحلة ..!
- لا أعتقد ..!
- لماذا ؟!!..
- آندي .. لقد وصلت للمنزل الآن .. سأتحدث إليك فيما بعد ..!
أغلقت الخط دون أن أستمع لردها و نظرت لرايل : هل ارتحت الآن ؟!!..
ابتسم بهدوء : أجل ..!
كنا قد وصلنا إلى القصر و قد فتح لنا الحارس البوابة الكبيرة فدخلت مع ريكايل إلى الداخل ..!
أوقفت السيارة في المربض و نزلت كما هو حال ريكايل .. سرنا سويةً بصمت إلى الداخل و حين كنا في منتصف الردهة رأيت جيسكا تنزل من الأعلى و ما هي سوى لحظات حتى وقفت أمامنا و حنت رأسها باحترام : أهلاً بعودتك سيدي ..!
يا لبرودها .. حتى أنها لم تستنكر عودتي مبكراً : هل والدتي في المنزل ؟!!..
بنبرتها الجامدة ذاتها : أجل .. إنها في غرفة الجلوس ..!
- و حدها ؟!!..
- كان أدريان هنا .. لكنه غادر منذ قليل ..!
- هكذا إذاً ..!
قلت هذا و نظرت إلى باب غرفة الجلوس المغلق .. لقد كثرت زيارات أدريان في الفترة الماضية حتى أني أشك أنهما يلتقيان في الشركة فهما يقومان بالكثير من الأعمال هنا ..!
سرت ناحية تلك الغرفة و ريكايل خلفي .. و حين وصلت فتحت الباب دون أن أطرقه و أنا أقول بمرح : لقد عدت ..!
كانت و الدتي هناك تجلس أمام التلفاز تشاهد الأخبار الاقتصادية و تشرب الشاي ..!
لكنها ما إن رأتني حتى تركت ما بيدها و هتفت مستنكرة : لينك ..!
دخلت و رايل خلفي مغلقاً الباب و اقتربت قليلاً : بشحمه و لحمه ..!
وقفت و قد بدا عليها القلق و اتجهت ناحيتي و ربتت على كتفي : ماذا حدث ؟!!.. لما عدت بهذه السرعة ؟!!.. هل أنتما بخير ؟!..
ابتسمت بلطف و أنا أقول : اشتقت إليك لذا عدت ..!
بدا عليها الاستياء : لا تختلق الأعذار .. ما السبب الحقيقي وراء عودتكما ؟!..
- أنا لا أختلق الأعذار .. فأنا بالفعل مشتاق إليك ..!
- لكن هذا ليس السبب الذي جعلك تعود ..!
- حسناً .. بعض الأمور الطارئة أدت لعودتي ..!
- ألن تخبرني عنها ؟!!..
- عذراً أمي .. لكني أفضل الاحتفاظ بها لنفسي لبعض الوقت ..!
- كما تشاء .. لكن عدني أن لا توقع نفسك في المشاكل ..!
- أعدك بذلك ..!
ابتسمت لي حينها بهدوء و عانقتني و هي تقول : أنا أيضاً اشتقت إليك .. حمداً لله على سلامتك ..!
ابتسمت بدوري و بادلتها العناق ..!
و بعد لحظات ابتعدت عنها و قد خطرت ببالي فكرة ..!
اقتربت منها و همست : أمي .. أتعلمين أن ريكايل كان يعيش في ذات ملجأ الأيتام الذي تبنيتني منه ؟!!.. أترين .. إن له شعر أشقر و عينان خضراوتان ..! تخيلي لو أنك تبنيته هو و ليس أنا ..!
ابتسمت و قد فهمت قصدي بوضوح ..!
سارت ناحية ريكايل و ربتت على كتفيه فبدا متوتراً : كيف حالك ريك ؟!!.. أرجوا أن تكون بخير ؟!!..
رغم ارتباكه إلا أنه قال : بخير سيدتي .. شكراً لاهتمامك ..!
لكنها حينها عانقته و هي تقول : شكراً لاعتنائك بلينك ..!
كان هذا للحظة فقط ثم ابتعدت عنه لكنه بدا محرجاً للغاية و قد نظر إلي بنبرة توعد و قد علم أني وراء هذا ..!
لكني ابتسمت له بمكر كرد ..!
لقد أردت لهذا أن يحدث لإقناع ريكايل بمدى تقبل والدتي له .. لكنه لا زال يرفض إخبارها بأمرنا ..!
التفت أمي نحوي : حسناً .. أنتما لم تقضيا سوى يومين .. هل استمتعتما خلالها ؟!!..
أومأت لها إيجاباً : أجل ..!
- هل كان لوي معك ؟!!..
- صحيح .. لقد حضر من تايلند ..!
- ألن يمر علينا في باريس ؟!.. إني مشتاقة إليه ..!
- لقد قال أن لديه تصوير مسلسل في هاواي بعد رحلة لندن لذا سيذهب لهناك مباشرةً ..!
- هكذا إذاً .. يجب أن تحضره إلى هنا في عطلته القادمة ..!
- حاضر ..!
دخلت خادمة في ذلك الوقت .. بدت متفاجئة حين رأتني لكنها أخفت ملامح الاستغراب حالاً و هي تحني رأسها و تقول باحترام : تسرني عودتك سالماً سيدي ..!
- شكراً لك ..!
رفعت رأسها و ابتسمت بلطف : العشاء على المائدة سيدتي ..!
ابتسمت لها والدتي : سوف نكون هناك في الحال ..!
خرجت الخادمة بعدها فنظرت إلي أمي : رائع لينك .. لقد تغيرت معاملتك للخدمات بشكل ملحوظ .. و أنا سعيدة لهذا ..!
- أشعر أني تغيرت كلياً و ليس فقط في معاملة الخدم ..!
التفت أمي إلى ريك و ابتسمت له بلطف : شكراً لك ريكايل .. منذ قدمت إلى هنا تغير لينك للأفضل .. أنا حقاً فخورة بك ..!
حنى رأسه و قال باحترام : كلماتك هذه وسام شرف اعتز به سيدتي ..!
سرت ناحية الباب و أنا أقول : الأفضل أن نذهب لتناول الطعام فأنا و ريكايل لم نأكل شيئاً منذ النهار ..!
أومأت موافقة و سرنا سوية إلى غرفة الطعام ..!
ماهي سوى لحظات حتى استوينا على المائدة و قد بدأت جيسكا بذكر الأطباق الموجودة ..!
و بعدها .. بدأنا في تناول الطعام بصمت كما هو المعتاد ..!
.................................................. ...........
كنت في غرفتي بعد أن بدلت ملابسي و ريكايل معي و قد بدل ملابسه هو الآخر ..!
الساعة كانت تشير إلى الحادية عشر و خمس عشرة دقيقة : أنذهب الآن ريك ؟!!.. لما لا نأجل هذا حتى الصباح ..!
بخوف قال : لو تركناه حتى الصباح فستجدني ميتاً حينها و السبب سكتة قلبية ..!
باستياء قلت : لا تقل هذا الكلام ..! حسناً .. سوف نخرج لكن دون أن تشعر والدتي بنا .. لا شك أنها في مكتبها الآن ..! و احرص على أن لا تراك جيسكا ..!
أومأ موافقاً و هكذا تسللنا إلى الأسفل و قد كان معظم الخدم قد أنهوا أعمالهم لذا سيذهبون للنوم في غرفهم ..!
لهذا لم نلقي بأحد و جيسكا بالتأكيد في غرفتها أما والدتي فهي في المكتب تراجع أعمالها التي أنهتها اليوم كما هي العادة ..!
اتجهت ناحية سيارتي السوداء و ركبت مكان السائق فنظر إلي ريك : لما لا تدعني أقود ؟!!..
- أجننت ؟!!.. بحالتك هذه قد تصاب بنوبة مفاجئة و تقتلنا ..! لن أسمح لك بالقيادة بعد الآن إلا إن كنت في حالة نفسية ممتازة ..!
بدا عليه الانزعاج لكنه لم يعترض ..!
ركب هو بجانبي فغادرة المنزل و قبل أن أتجاوز الباب طلبت من الحارس العجوز ألا يخبر أحداً بمغادرتي المنزل في هذا الوقت فأومأ موافقاً ..!
من فوري اتجهت لمنزل الخالة آنا .. و قلبي يخفق بعنف من شدة القلق ..!
...............................................
خلال الطريق كانت الأمطار قد بدأت بالهطول .. و ما إن اقتربنا من المنطقة التي فيها منزل الخالة حتى سطع البرق في السماء ثم زمجر الرعد من بعده معلنين عن بدأ أول عاصفة رعدية هذه السنة ..!
وصلنا إلى المنزل أخيراً و أوقفت السيارة .. و ما إن مددت يدي لأفتح الباب حتى ربت ريك على كتفي : لحظة .. سأنزل وحدي أولاً ..!
نظرت له باستغراب : لما ؟!!..
بجد قال : عادة تكون ميشيل في المنزل هذه الساعة .. لا اعتقد أنها ستكون سعيدة برؤيتك ..!
شعرت بالإحباط .. هي لن تكون سعيدة برؤيتي ..!
أجل .. رغم أن قلقي عليها هو ما أحضرني إلى هنا في هذه الساعة ..!
لكني لم أجد سوى القبول .. لذا نزل رايل و هو يقول : سأطمئن عليهم و أعود بسرعة ..!
لم أجب فأغلق الباب هو و اتجه إلى منزلهم ..!
طرق الباب عدة مرات و رن الجرس كذلك .. لكنه لم يجد رداً كما اعتقد ..!
اسندت رأسي إلى المقود و أنا اراقبه يخرج شيئاً من جيبه ..!
لم أعلم أن لديه مفاتيح .. ربما لا يستعملها إلى للأوقات الطارئة ..!
واضح أن الخالة آنا تثق به بشدة ..!
دخل بعدها مغلقاً الباب من بعده ..!
لحظتها ضرب الرعد مجدداً بقوة لدرجة أن الكهرباء انقطعت عن الشارع فلم يعد هناك سوى ضوء سيارتي و الضوء الصادر من بعض المنازل التي لم تفقد التيار ..!
نظرت إلى منزل الخالة آنا ..!
لا ضوء .. سوى ضوء بسيط برتقالي ظهر من خلف نافذة غرفة المعيشة التي تجلس فيها الخالة غالباً ..!
يبدو أنها أضواء شموع .. و هذا يثبت أن التيار الكهربائي قد أنقطع عندهم منذ فترة ..!
تذكرت ملجأ الأيتام .. أرجوا أن لا تكون الكهرباء قد قطعت عنهم فمهما كان هم أطفال و يخافون بالتأكيد من الظلام ..!
مضى بعض الوقت و أنا فقط غارق في فكري حتى مضت خمس دقائق و الساعة تشير إلى الحادية عشر و النصف ..!
لكن حينها .. فتح أحدهم الباب و خرج ..!
كما توقعت كان ريكايل ..!
فتحت باب السيارة و نزلت و أسرعت ناحيته : رايل .. ماذا حدث ؟!!..
كان يطأطأ رأسه و قد بدا عليه الألم و الحزن بشدة مما أخافني رغم أني لم أرى عينيه ..!
رأيت شيئاً يسيل على وجنتيه .. أتراها دموع ؟!!.. أم أنها مجرد قطرات مطر سالت من أعلى رأسه ..!
تجاوزني حينها و ذهب للسيارة .. كنت قلقاً ..!
إن كان هناك أمر سيء فلما خرج ؟!!..
أخذ قلبي ينبض بشدة و أنا أتذكر ميشيل .. هل حدث لها شيء ؟!!..
حينها لم أجد نفسي إلا أصعد الدرجات الثلاث لباب المنزل و أدخل دون طرقه ..!
كان الممر مظلماً .. سوى ضوء برتقالي صادر من غرفة المعيشة ..!
بلا شعور ركضت إلى هناك .. و صوت الرعد يحيط بي و ضوء البرق يسطع داخل المنزل بشكل مخيف ..!
وقفت حين وصلت إلى الباب .. أخذت نفساً .. كنت أشعر بشيء غريب في داخلي .. يدفعني للدخول .. لقد حدث أمر سيء .. ريكايل كان يبكي .. للمرة الأولى أراه يبكي ..!
لذا .. استجمعت طاقتي و دخلت ..!
كانت الغرفة فارغة .. ضوء برتقالي هادئ صدر من ثلاث شمعات كن على شمعدان قديم فوق الطاولة قرب سرير الخالة ..!
ذلك السرير .. كان مرتباً بعناية .. لم تكن الخالة هناك .. لقد كان هناك شخص آخر ..!
فتاة .. نعم .. كانت تستلقي على جانبها و رغم ذلك كانت منحنية تحاول لم جسدها كأنها طفلة تحتمي من البرد ..!
كان صوت أنينها واضحاً .. مع أنه كان خافتاً للغاية .. بدا أنها تحاول إخفاءه في الأساس ..!
تتشح بالسواد .. أجل لقد كانت ترتدي الأسود و كأنها في جنازة ..!
سرت ناحيتها بخطوات مترددة .. و تمكنت من رؤيتها عن قرب ..!
أليس !!!..
لا يا لينك .. هذه ليست أليس !!..
بل هي .. ميشيل !!!..
كانت تغمض عينيها .. هل هي نائمة ؟!!..
همست بخفوت : ميشيل ..!
لم أعلم ما ردة الفعل التي قد تواجهني الآن .. لكنها مبدئياً فتحت عينيها .. و نظرت إلي ..!
رفعت رأسها عن السرير و تبعاً له رفعت الجزء العلوي من جسدها و هي تنظر إلي .. بخوف ؟!!.. بقلق ؟!!.. أم .. بألم ؟!!..
لم استطع تفسير تلك النظرة .. لكنها تشعرك بالضعف بمجرد رؤيتها ..!
أنزلت قدميها عن السرير فصارت جالسة على حافته .. و طأطأت برأسها حينها قبل أن تهمس : انتهى الأمر ..!
انتهى ؟!!.. ما هو الذي انتهى ؟!!.. كلامها أرعبني ..!
لذا سألت فوراً : ماذا حدث يا ميشيل ؟!!..
دمعت عيناها و سالت دموعها .. طأطأت رأسها أكثر و بدا صوتها مخنوقاً و هي تقول : لقد .. لقد رحلت !!!!..
أزداد رعبي و أنا أحاول استيعاب ما نطقت به للتو لكنها لم تتح لي فرصة فقد صرخت : لقد ماتت أمي يا لينك !!!..
.
.
.
ماتت .. أمها !!..
الخالة آنا .. ماتت !!!..
.
.
.
اتسعت عيناي و أمسكت رأسي بين يدي .. أي مصيبة هذه ؟!!..
متى ؟!!.. متى ماتت ؟!!.. كيف ؟!!..
لقد كانت بخير !!..
قبل أن نذهب للندن بيوم واحد زرناها و كانت بأفضل حال !!.. كيف ماتت فجأة ..!
ميشيل .. ميشيل الآن بلا أم و لا أب !!..
لقد فقدتهما جميعاً ..!
بدأت تبكي .. نعم أجهشت حينها بالبكاء و قد أمسكت برأسها و أخذت تضغط عليه و كأنه سينفجر ..!
جثيت على ركبتي بعد أن شعرت بارتخائهما !!.. كيف يحدث كل هذا الآن ؟!!.
أغمضت عيني و أنا لا ازال أمسك برأسي .. كنت أشعر بدموعي حبيسة في جفني ..!
لا تزال العاصفة تشتد .. و البرق بدا كمصباح داخل هذه الغرفة ..!
لفت انتباهي همسة و دعتني لفتح عيني : لماذا ؟!!.. لماذا ؟!!..
نظرت إلى ميشيل التي تمتمت بهذه الكلمة .. لكنها بعدها صرخت : لما ؟!!.. لما فجأة ذهبت ؟!!.. أمي لم تمت !!.. يستحيل أن تموت !!..
قالت هذا بصراخ بدأت ترمي بالأشياء حولها !!..
وقفت و اسرعت ناحيتها كي أوقفها عن هذا لكنها فاجأتني بأنها أمسكت الشمعدان حينها : لا ميشيل توقفي !!..
هكذا صرخت .. لكنها لم تسمعني بل رمت به بكل قوتها أرضاً قرب قدميها ..!
أسرعت و أمسكت بذراعها و سحبتها ثم دفعتها لجهة أخرى فقد بدأت السجادة تشتعل ..!
فوراً خلعت سترتي و حاولت إطفاء النيران الصغيرة كما رأيتهم يفعلونها في الأفلام .. و من الجيد أنها نجحت معي و انطفأت النار و لم يعد هناك ضوء في الغرفة ..!
لقد كادت الغرفة تحترق بسبب تهور هذه الفتاة !!..
لكنني لا ألومها و هي في هذه الحالة الصعبة ..!
التفت إلى الخلف .. فسطع البرق مجدداً ..!
و من خلاله تمكنت من رؤية ميشيل التي جثت على قدميها أرضاً و قد كانت تبكي بشدة ..!
ترددت للحظات .. هل أقترب منها ؟!!.. هل ستسمح لي بأن أقوم بمواساتها ؟!!..
ليس هذا وقت الأسئلة يا لينك ..!
قلت هذا لنفسي و أنا أسير ببطء و أقترب منها أكثر مع كل خطوة ..!
و ما إن صرت أقف أمامها حتى تمتمت و قد توقفت عن البكاء و طأطأت رأسها : أخرج من هنا ..!
لم استوعب ما قالته لكنها وقفت حينها و دفعتني بيديها و هي تصرخ : أخرج حالاً لا أريد أن أراك !!.. لما أتيت أصلاً ؟!!.. منذ عرفتك و المصائب تطاردني !!.. أرجوك أرحل و اتركني لقد تعبت منك !!..
اتسعت عيناي و أنا أستمع لكلماتها تلك لكنها انهارت جالسةً أرضاً مجدداً و هي تمسك برأسها و تصرخ : لما تلحق بي في كل مكان ؟!!.. لما أرى صورتك أمامي أينما ذهبت ؟!!.. لما تظهر لي في كل ليلة داخل أحلامي ؟!!!.. حتى أمي كانت تنادي عليك في آخر لحظاتها !!!.. لقد تعبت منك يا لينك ..!
لم أصدق ما قالته !!..
شعرت بمدى ألمها و هي تصرخ بتلك العبارات !!..
هل تسببت في ألمها إلى هذا الحد ؟!!..
هل جعلت ميشيل تعاني ؟!!.. كما جعلت أليس تعاني من قبلها ؟!!..
أجل !!.. أليس حبست معي في ذلك المكان و ماتت في النهاية رغم أن لا ذنب لها !!..
لقد أرادوني أنا !!.. أنا من يتم دفع الفدية لأجله !!.. أما هي .. فلم تكن سوى ضحية !!..
و هي من دفع الثمن في النهاية !!..
جثيت أمامها حينها و قلت بنبرة متألمة : ميشيل .. أتريدين مني أن أرحل ؟!!.. إن كنتي تريدين ذلك .. فأعدك بأنك لن تري وجهي بعد الآن ..!
كان علي أن أتخذ قرار صارماً بشأن هذه المسألة التي لن تنتهي ..!
لقد كنت أتألم !!.. أجل أتألم !!.. فها أنا أفقد أليس للمرة الثانية ..!
لكن .. ربما ميشيل تتألم أكثر مني .. لذا سأفعل ما يريحها .. و حينها قد أرتاح أنا الآخر ..!
و في الحقيقية .. صدمت للغاية حين رأيت ملامحها الهادئة و قد غسلت الدموع وجهها و هي تنظر إلي ..!
كانت عيناها خاليتان من أي بريق .. و كأنها تنظر إلى فراغ أمامها ..!
ربت على كتفيها بلا شعور و أعدت كلامي : ميشيل .. أتريدين مني أن أرحل من حياتك ؟!!..
حينها همست .. بشيء شل حركتي : لا !!.. ابقى فيها ..!
تجمدت في مكاني !!.. هل أتخيل ؟!!.. أم أنها طلبت مني أن أبقى ؟!!!..
لكنها حينها طأطأت رأسها .. و عادت تبكي من جديد .. لم تمض لحظات حتى ارتفع صوتها الذي بدا غاضباً و مستاءً : أجل ابقى !!!.. أريدك أن تبقى !!!.. أتعلم لما ؟!!.. لأني صرت أفكر فيك طيلة الوقت !!.. لقد صار طيفك يتبعني في كل مكان !!.. لذا .. يجب أن تبقى !!!.. لا اعلم لماذا أبكي كلما فكرت فيك ؟!!!.. إنه مؤلم .. مؤلم أكثر مما تتخيل !!..
كانت صدمتي تزداد و عقلي يحاول بصعوبة استيعاب كلامها المتناقض للغاية !!!..
لكنني حينها همست بترقب : إذاً ؟!!..
صرخت حينها : أخرج من هنا الآن !!.. لا اريد رؤيتك !!.. أبتعد عني !!!..
دفعتني بكلتا يديها أثناء صرختها الأخيرة و عادت للبكاء ..!
اما أنا .. فمن شدة الصدمات التي تلقيتها اليوم لم أعد أفهم شيئاً ..!
لكنها تبكي الآن .. و تطلب مني الذهاب : من ؟!!.. رايل ؟!!..
سمعت هذا الصوت من خلفي ..!
التفت .. فرأيت فتاة بعمري .. ترتدي فستان أسود .. تركت شعرها البني منسدلاً حتى وصلت لنهاية ظهرها .. و عيناها كانتا مرهقتان و هالت سوداء تحيط بهما ..!
جوليا .. إنها هي ..!
لحظات حتى تمتمت : إنه أنت يا لينك ..!
لم أتكلم .. بل بقيت أنظر إليها ..!
لكن ملامحها تغيرت فجأة و هتفت : ميشيل .. ما الأمر ؟!!..
قالت هذا و هي تسير ناحيتي لكنها تجاوزتني و جثت بقرب ميشيل و احتضنتها : لينك لما أنت هنا ؟!!.. و أين رايل ؟!!.. يفترض أنكما في لندن ..! ما الذي حدث لميشيل ؟!!..
وقفت بهدوء دون أن أجيب عليها .. لكنني قلت فقط في النهاية : اهتمي بميشيل .. فهي تحتاجك أكثر من أي وقت مضى ..!
كان صوت بكاء ميشيل و صوت الرعد هو الشيء الذي يمكن أن تسمعه في هذه الغرفة ..!
كانت جوليا مدهوشة .. لكنها لم تلبث أن بدأت تبكي و قد ضمت أختها الصغرى أكثر إلى صدرها ..!
إنها المرة الأولى التي أراهما فيه سوية .. لذا لأول مرة أصدق بأنهما شقيقتان ..!
قفز سؤال في بالي .. كيف ستستطيع هاتان الفتاتان العيش في هذه الحياة بلا أم أو أب ؟!!.. لا جواب ..!
ألقيت نظرة أخيرة على ميشيل التي كانت تحاول السيطرة على نفسها و التوقف عن البكاء ..!
تمنيت لو استطيع فعل شيء من أجلها .. لكنني حينها تذكرت أنها طلبت مني أن أرحل و ابتعد عنها الآن ..!
سرت بخطوات مترنحة حتى خرجت من الغرفة .. و ما إن فعلت حتى سمعت صوتها و هي تصرخ و قد اجهشت بالبكاء : لينك لما أحببتك ؟!!!..
عقلي لا يستوعب أي صدمات جديدة .. لكنه تمكن من استيعاب هذه العبارة ..!
و بكل تأكيد أستوعب بأن ميشيل .. قد أحبتني بالفعل !!.. و هي الآن تتساءل عن سبب هذا و كأنه غلطة فادحة في حياتها !!..
لم أعلم هل أضحك أن أبكي في هذه الحالة ؟!!..
لكني في أعماقي تمنيت أن لا يكون كل ما قالته مجرد هلوسة بسبب حالتها النفسية ..!
كل ما علي فعله الآن هو الخروج من هنا .. لأني إن سمعت صوتها مجدداً .. فسأجن !!..
لذا أسرعت الخطى إلى الخارج و فتحت الباب ثم خرجت مغلقاً إياه من خلفي .. ما زال المطر يهطل .. يبدو أن عاصفة الليلة لن تهدأ إلا إن هدأت عواصف قلبي المضطرب ..!
نزلت الدرجات الثلاث و اتجهت إلى السيارة و ركبت خلف المقود ..!
و ما إن التفت : ريكايل .. أأنت ....!
صمت من هول المفاجأة ..!
فقد كان يغمض عينيه .. و قد ازرق وجهه .. و في يده علبة دواء فارغة .. و لا يبدو أنه يتنفس ..!
هل مات أخي ؟!!..
.................................................. .....

هنا يكون البارت قد اكتمل ^^

كيف حالكم يا بنات ؟!..

أعلم أني تأخرت عليكم قليلاً لكن كان هذا بسبب ظروفي و كما تعلمون نحن في رمضان لذا الوقت ضيق بالنسبة لي ..!

عموماً أعلم أن هناك منكم من قرأة مدرسة المراهقين .. كثير ممن تابعوني أخبروني بأنهم تعلموا الصبر منها لأن البارت كان يتأخر شهراً كاملاً بلا مشاكل ^____^ ..!

نذهب الآن للأسئلة ..!

أحداث مفاجئة تحاصر
لينك .. إلى أين ستصل ؟!!..

ريكايل و انهيار جديد أشد قوة .. هل سيحتمل هذا ؟!..

ظهور
ميشيل مجدداً و بعض العبارات التي صدمت بها لينك .. أهو بداية الصلح ؟!!..

لوي و ليديا علما بالسر .. ماذا سيكون دورهما في حياة الأخوين فيما بعد ؟!..

.................................

نأتي الآن للمقتطفات ..!

...........

يستحيل أن أفقده بعد أن عثرت عليه !!.. لن احتمل ذلك ..!
..........

كلامه أشعل الرعب في قلبي : دكتور مارفيل .. هل حالة ريك خطيرة إلى هذا الحد ؟!!..
.........

قبل أن أخرج .. كنت أرى الدكتور مارفيل يضغط على صدر ريكايل بقوة عدة مرات .. لكنه لم يلبث أن صرخ : أنيتا .. أحضري جهاز الصدمة الكهربائية بسرعة !!!..
.........

هتف حينها : لا تقل هذا .. صحيح أن قلبه ضعيف لكنه مازال ينبض !!.. إنه حي .. لازال حياً .. لذا لا تفقد الأمل ..!
........

كان لدينا صديق في الصف .. يأتي إلى المدرسة في فترات متباعدة .. و لا أعلم لما ؟!!.. لكن الأولاد قالوا لي بأنه يقضي أيامه في المشفى ..!
.......

هنا تدخل شخص آخر : لحظة .. عليك أن تظهري بعض الاحترام للسيد مارسنلي يا آنسة !!!..
.......

هنا ننتهي من كل شيء ..!


اعتذر عن انقطاع البارت لكن كما ذكرت قطعته علي صيانة المنتدى .. لذا أرجوا منكم لو حدث هذا في المرات القادمة تأجيل الرد و الحجز حتى انتهي من تنزيل البارت ..!

في حفظ الله ..!





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 07:51 PM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 25

كنت أسير بسرعة معهم و ألهث بتعب في الوقت نفسه ..!
عيناي كانتا مسلطتان عليه و قد كان فوق السرير المتحرك و ثلاثة ممرضين يدفعونه بعد أن وضعوا له قناع الأكسجين ..!
ها نحن في قسم الطوارئ بالمدينة الطبية الكبيرة ..!
دخلوا به إلى غرفة و منعوني من الدخول ..!
لذا استندت على الجدار بتعب .. أرجوا أن أكون قد وصلت إلى هنا في الوقت المناسب ..!
لا أعلم كم إشارة قطعتها و كم حادث كدت أتسبب به وفي النهاية .. لا أعرف ما المبلغ الضخم الذي ستأخذه مني شرطة المرور كغرامة !!..
كل ذلك .. لأنني كنت أشعر بأنه سيموت إن لم نصل للمشفى بأسرع وقت ..!
يستحيل أن أفقده بعد أن عثرت عليه !!.. لن احتمل ذلك ..!
رأيت أحد الممرضين الثلاثة قد خرج من الغرفة و فور أن وقعت عينه على ممرضة كانت تسير في ذلك الممر حتى صرخ : أستدعي الدكتور مارفيل في فوراً !!.. حالة طارئة ..!
بدا عليها الفزع لكنها استدارت و راحت تركض حتى وصلت إلى هاتف على الجدار خاص بالممرضين لاستدعاء الأطباء و قد وضع في قسم الطوارئ في كل زاوية ..!
الدكتور مارفيل .. أليس من المفترض أن يستدعي الدكتور ليبيرت ؟!!.. فهو طبيب ريكايل ..!
لكن .. لحظة ..!
تذكرت شيئاً .. صباح الأمس حين قدمنا إلى هنا .. قال ريكايل للدكتور ليبيرت .. أوصل سلامي للدكتور مارفيل ..!
أهو طبيبه أيضاً ؟!..
القلب !!!.. لا شك أنه طبيب القلب !!!..
أجل .. هل يعني أن قلبه في خطر بسبب الصدمة التي تلقاها ؟؟!..
أنهرت أرضاً و أنا أستند إلى الجدار ..!
لم أعد أحتمل .. كل شيء حدث في يوم واحد !!..
أغمضت عيني .. و كثير من الأمور تتصادم في رأسي مختلفة في الأهمية إلا أنها جميعاً كونت عاصفة قد تفجر دماغي ..!
الخالة آنا توفيت ..!
ميشيل منهارة تماماً ..!
جوليا في حالة صعبة ..!
ريكايل بين الحياة و الموت ..!
تمنيت للحظة لو أضرب رأسي في الجدار لأوقف هذا الصداع الذي داهمني ..!
لكني حينها سمعت صوت خطوات متسارعة تضرب في أرض هذا الممر ..!
فتحت عينياي فرأيت ذلك الرجل الذي أسرع للدخول إلى الغرفة التي تحتضن أخي ..!
كان يرتدي معطفاً أبيض .. هل هو الدكتور مارفيل ؟!!..
رغم أني رأيته للحظات فقط .. إلا أني أستطيع وصفه ..!
كان ذا شعر بني باهت و طويل قليلاً .. يربطه إلى الخلف بينما ترك بعض الخصل إلى الأمام .. بشرته برونزية .. طويل القامة و عريض بعض الشيء .. يمكنني القول أنه في الخامسة و الثلاثين .. لم يكن وسيماً لكنه كان يملك شيئاً يجذب إليه .. بدا شخصاً جدياً مع نظراته الطبيبة و قد رفع أكمام قميصه و معطفه الأبيض حتى ما تحت المرفقين بقليل ..!
أمسكت برأسي بين يدي .. فتذكر شكله أتعبني !!!..
أجل .. أشعر بأني سأجن عما قريب ..!
لكن .. أنا قلق على ريكايل .. لذا لا وقت لي لأفكر بأمر الجنون ..!
هل سيكون بخير ؟!!..
لقد كان الممرضون الثلاثة خائفين حين رأوا وجهه ..!
يا إلهي ساعده ..!
مضى بعض الوقت .. حتى مرت عشرون دقيقة ..!
الساعة الأن هي الثانية عشر و النصف ليلاً ..!
أرجوا أن لا تكتشف أمي أمر مغادرتي المنزل حتى لا تقلق ..!
كان التوتر قد بلغ مبلغه و أكثر مني .. فمرور كل هذا الوقت دون خروج أحد من الغرفة أرعبني ..!
لكن .. يبدو أن الطبيب شعر بي و أشفق على حالي لذا خرج من الغرفة و ما إن فعل هذا حتى وقفت مسرعاً لأتجه إليه : عذراً أيها الطبيب ..!
التفت ناحيتي و نظر إلي بعينيه اللتان تطابقان لون الخشب القاتم : ماذا هناك ؟!!..
بتوتر قلت : كيف حال ريكايل ؟!!..
بدا عليه الاستغراب : أنت قريبه ؟!!.. لا بل .. شقيقه ؟!!..
- أنا .. أنا صديقه ..! هل هو بخير ؟!!..
ابتسم لي ابتسامة مطمئنة : أنت تشبه إلى حد كبير ..! لا عليك .. إنه بخير .. لقد تجاوز مرحلة الخطر فقد تمكنا من إنقاذه .. و حالته مستقرة الآن ..!
لحظتها .. انهرت أرضاً بعد نفس عميق قد أخذته : هيه أيها الفتى .. أأنت بخير ؟!!..
كان هذا ما قاله بقلق و قد جثى أمامي ..!
وضعت يدي على جبيني محاولاً إيقاف الصداع : أجل .. لكني مرتاح الآن فقد كنت قلقاً بشأنه ..!
وقف حينها و سألني : أتستطيع الوقوف ؟!!..
أومأت إيجاباً فمد إلي يده لأمسكها و أقف : شكراً لك ..!
- أيمكنني التحدث إليك ؟!!..
- أجل لكن .. في ماذا ؟!!..
- أريد أن أسألك بشأن ما حدث مع ريكايل .. لنذهب للمكتب ..!
أومأت موافقاً فسار بين ممرات قسم الطوارئ حتى وصل إلى مكتب أعتقد أنه خاص بالمناوبين و يبدو أن الدور اليوم في المناوبة على الدكتور مارفيل هذا .. دخل و دخلت خلفه .. جلس أمام مكتبه و طلب القهوة على الحال لنا الاثنان : أنت تبدو متعباً .. و القهوة ستريح أعصابك ..!
هذا ما قاله بابتسامة هادئة .. واضح أنه طبيب محترف و لا أعلم لما لكنك تشعر بهذا ما إن تتحدث معه ..!
جلست أمامه على المقعد بجوار المكتب : شكراً .. بالفعل أنا مرهق ..!
أخذ ينظر إلي للحظات قبل أن يقول بجد : أنت تشبه ريكايل إلى حد كبير جداً .. ألا توجد صلة قرابة بينكما ؟!!..
أومأت سلباً بتردد : لا .. نحن صديقان منذ فترة وجيزة .. لكننا صرنا مقربين من بعضنا بسرعة ..!
- حسناً .. لم نتعارف بعد .. أنا الدكتور ادوارد مارفيل .. متخصص في أمراض القلب ..! يبدو أنك تعلم بأمر مرض ريكايل رغم أنه كان شديد الحرص على اخفائه ..!
- أجل .. لقد علمت بأمر مرضه بقصور في القلب ..! تشرفنا دكتور مارفيل .. أنا لينك مارسنلي ..!
قطب حاجبيه باستغراب : لم أصدق هاري حين قال أن وريث مارسنلي صديق ريكايل ..! لكن يبدو أنه كان صادقاً ..!
يبدوا أن الدكتور ليبيرت حدث الدكتور مارفيل عني ..!
- هل الأمر غريب إلى هذا الحد ؟!..
- ليس كثيراً .. لا تشغل بالك ..! عموماً أيمكنك أن تخبرني عن السبب الذي جعل ريكايل يتعرض لهذه النوبة الحادة ..! هل تلقى صدمة أو أفزعه شيء أم ماذا ؟!!..
أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقول بهدوء : في الحقيقة .. قبل أن نأتي للمشفى كنا قد قمنا بزيارة المرأة التي تولت تربية ريكايل منذ طفولته فهو يتيم الوالدين و قد كان يعيش في ملجأ أيتام ..! لكن .. لقد صدم بخبر وفاتها حين ذهبنا إلى منزلها .. فقد كانت مريضة منذ فترة و يبدو أن حالتها تدهورت دون أن نعلم ..!
بدا الهدوء على الطبيب حينها : هكذا اذاً .. تعازي الحارة ..!
- شكراً لك .. لكن ربما عليك تقديمها لريكايل فهو أحق بها ..!
- سأفعل ذلك بالتأكيد ..! حسناً .. هل يمكنك أن تخبرني إن كانت هناك أمور حدثت مسبقاً .. فقياسات نبضه كانت مشككة و كأنه كان ضعيفاً من قبل تلقي تلك الصدمة ..!
تذكرت حينها أمر النوبة التي تعرض لها حين كنا في لندن آخر النهار : لقد عدنا هذا المساء من لندن .. و هناك كان قد تعرض لنوبة فنقلته للمشفى و عندها علمت بأمر مرضه ..!
- ما سبب النوبة ؟!!..
- لقد كنا مع بعض الاصدقاء في متحف الشمع .. و بعد أن دخلنا إلى غرفة الرعب فقد وعيه و نقلناه للمشفى فقال الطبيب أن قلبه اضطرب للمناظر المفزعة التي رآها ..! كان هذا حوالي الساعة الخامسة اليوم ..! كما أنه كان طيلة اليوم قلقاً على اخته بالتربية فهي لم تكن تجيب على هاتفها و لا على هاتف المنزل ..! لذا عدنا إلى هنا لنطمئن عليهم لكننا صدمنا بوفاة السيدة ..!
بدا على الدكتور مارفيل الجد وهو يسجل بعض الملاحظات على أوراق أمامه : هذا يعني أن قلبه كان مجهداً من الاضطرابات و الضغوط طيلة اليوم .. و في النهاية كانت القشة التي قسمت ظهر الجمل ..! أن لديه قوة تحمل نادرة فمن في مثل حالته كان قد يدخل لغيبوبة كأقل ضرر بعد كل هذا إن لم يصل الأمر إلى الموت .. خاصة أنه تعرض لنوبتين في يوم واحد ..!
كلامه أشعل الرعب في قلبي : دكتور مارفيل .. هل حالة ريك خطيرة إلى هذا الحد ؟!!..
نظر إلي و ابتسم ابتسامة مطمئنة : ليس كثيراً .. قلبه قوي بالنسبة لمرضه .. خاصة أنه يتناول أدويته بانتظام ..!
بلهفة سألت : هل يعني هذا أنه قد يشفى ؟!!..
اختفت ابتسامته حينها : يؤسفني القول أنه مرض مزمن ..! لكن مادام حريصاً على صحته و يتناول الأدوية في وقتها و فهو سيكون بخير ..!
شعرت بالإحباط حينها .. رغم أن كلامه يدل على أن حالة أخي أفضل من غيره ..!
طُرق الباب حينها .. أذن الطبيب للشخص بالدخول فدخلت ممرضة تحمل القهوة : دكتور ادوارد .. إنها القهوة التي طلبتها ..!
ابتسم لها حينها : شكراً لك انيتا .. أتركيها على المكتب ..!
لقد كانت ذات الممرضة التي استدعته من أجل ريكايل .. كانت تبدو في الثلاثين من عمرها ..! تركت القهوة على المكتب و حينها نظر إلي الطبيب الشاب و قال : أعرفك بانيتا .. و هي الممرضة التي تهتم بريكايل في كل زيارة ..!
وقفت حينها و صافحتها : شكراً لك على الاهتمام بريك آنسه انيتا .. أنا لينك مارسنلي ..!
بابتسامتها اللطيفة قالت : تشرفنا .. أنا أنيتا مارفيل ..!
اخذت لحظات حتى استوعب اسمها : مارفيل ؟!!..
ضحك ذلك الطبيب بخفة : أجل .. إنها زوجتي !!!..
عدت أنظر إليها مجدداً .. كانت صغيرة الحجم فهي أقصر مني بقليل رغم أنه من الواضح أنها قد تجاوزت التاسعة و العشرين .. ذات بشرة بيضاء ساطعة ولها فاحم و لامع تجمعه ككرة في مؤخرة رأسها و عينان بلون التوت الأزرق .. كانت تبدو صغيرة بالنسبة للدكتور مارفيل الذي يمكنني أن أصفه بضخم الجثة فهو كان طويلاً نوعاً ما و عريض الكتفين قليلاً ..!
لم أعلق على الأمر لكن الدكتور بدأ يتحدث إلى زوجته تلك بشأن أخي فقد أخبرها بأنه سيبقى لفترة و بقي يملي عليها بعض التعليمات التي عليها تطبيقها من مواعيد الأدوية و نوعية الغذاء و أشياء كتلك ..!
و فيما كانا يتحدثان شربت أنا فنجان قهوتي الذي اعاد إلي شيئاً من الهدوء ..!
بعد أن أنهيا حديثهما انصرفت الممرضة بينما نظرت إلى الطبيب : دكتور مارفيل .. اريد البقاء مع ريكايل هذه الليلة ..!
بهدوء قال : لن تستفيد شيئاً .. عد لمنزلك و تعال في الصباح فأنا أضمن لك أنه لن يستيقظ قبل ذلك ..!
بجد قلت : أرجوك .. هذه الليلة فقط .. لا استطيع تركه في هذه الحالة الحرجة ..!
تنهد حينها : كما تشاء لكن الليلة فقط .. سوف يبقى عدنا بضعة أيام ستمتد من خمسة على الأقل و سبعة على الأكثر حتى نراقب حالة و نطمئن عليه ..! سيبقى هذه الليلة في غرفة الملاحظة التي هو فيها الآن ..!
وقفت حينها : شكراً لك دكتور .. و الآن استأذنك ..!
- لو شعرت بأي شيء غير طبيعي أو حدث ان استيقظ ريكايل فاضغط زر الجرس قرب السرير ..!
- حاضر ..!
غادرت بعدها المكتب تركاً ذلك الطبيب يقوم ببقية أعماله من مراجعة لملفات مرضاه ..! بينما اتجهت أنا إلى الغرفة التي كان فيها ريكايل منذ قليل ..!
.................................................. .....
كانت الساعة تشير إلى الثالثة و النصف فجراً .. و أنا لم يغمض لي جفن بعد ..!
شعرت بمدى سوء الأوضاع عندي فريكايل ممد أمامي الآن ولا يبدو أنه بخير ..!
كان هناك قناع أكسجين على وجهه .. و كذلك هناك بعض الأسلاك موصولة بجسده لقياس النبض و غيره .. و أيضاً هناك أنبوب المغذي الموصول بذراعه ..!
أسندت رأسي على ظهر الكرسي الذي أجلس عليه و أغمضت عيني .. كيف هي ميشيل الآن ؟!!..
.
(( أمي لم تمت !!.. يستحيل أن تموت !!.. ))
.
قفزت جملتها تلك في ذهني و تذكرت حالتها المزرية كيف كانت لدرجة أنها قامت بخلط الأمور سوية ..!
لكن .. لقد قالت الكثير اليوم ..!
.
(( منذ عرفتك و المصائب تطاردني !!.. أرجوك أرحل و اتركني لقد تعبت منك !!.. ))
.
(( لما أرى صورتك أمامي أينما ذهبت ؟!!.. لما تظهر لي في كل ليلة داخل أحلامي ؟!!!.. حتى أمي كانت تنادي عليك في آخر لحظاتها !!!.. ))
.
كان واضحاً من خلال كلامها ذاك أنني مصدر تعاسة لها ..!
لكن .. ذلك لم يكن كل شيء !!..
.
(( لا !!.. ابقى فيها ..! ))
.
(( لأني صرت أفكر فيك طيلة الوقت !!.. لقد صار طيفك يتبعني في كل مكان !!.. لذا .. يجب أن تبقى !!!.. لا اعلم لماذا أبكي كلما فكرت فيك ؟!!!.. إنه مؤلم .. مؤلم أكثر مما تتخيل !!.. ))
.
تريد مني أن ابقى في حياتها .. رغم أن الأمر يؤلمها !!..
يصعب علي تفسير سبب هذا ..!
مع ذلك .. يخيل لي أن السبب كان مرتبطاً بهذه الجملة ..!
.
(( لينك لما أحببتك ؟!!!.. ))
.
قالت أنها احبتني .. و لكن .. لا أعلم إن كانت لا تزال كذلك أم لا ؟!!.. فلا شيء واضح من هذه الناحية ..!
لذا .. لا أريد التعمق في موضوع ميشيل ..!
عدت أنظر لريكايل و الألم يقتلني في كل لحظة .. إنها صدمة قاسية تلك التي تعرض لها ..!
لقد كانت الخالة آنا بمثابة أم له .. لذا أنا قلق للغاية ..!
كان التعب و الارهاق واضحاً على ملامحه و كذلك الانزعاج ..!
صوت تنفسه كان مسموعاً نوعاً ما فقد بدا أنه يحاول سحب أنفاسه بصعوبة ..!
نظرت إلى جانبي حيث جهاز قياس النبض .. كنت أرا تلك الخطوط المتقطعة تصعد و تنزل و هي منطلقة إلى الأمام ..!
ليس لدي خبرة .. لكن حسب ما رأيته في الأفلام و المسلسلات استطيع القول بأن نبضه الآن شبه ضعيف ..!
شعرت بالاستياء لأني لا أستطيع فعل شيء من أجله في هذه اللحظات ..!
لكنني في الوقت ذاته شعرت بأن الإرهاق قد نال مني .. لذا استندت رأسي إلى الكرسي مجدداً و اغمضت عيني و أنا أفكر كم كان اليوم عصيباً ..!
.................................................. ...........
فتحت عيني و أنا اشعر بالنعاس .. لقد شعرت بشيء ما على ركبتي لذا استيقظت ..!
كنت لا أزال أنظر إلى السقف و لا أعلم أين أنا أو لما أنا نائم على هذا الكرسي ..!
أخفضت بصري إلى ركبتي و حينها رأيت تلك اليد التي تربت عليها .. و في لحظة تذكرت كل ما حدث ..!
أسرعت لأنظر لريكايل بلهفة .. كانت عيناه شبه مفتوحتين و الارهاق باد فيهما ..!
يده تلك امتدت بصعوبة لتكون على ركبتي حيث بدا أنه حاول إيقاظي ..!
أمسكت بيده تلك بيدي اليمنى بينما ربتت على رأسه باليد اليسرى .. تمتمت بعدها و أنا أشعر بالاختناق محاولاً قدر الإمكان السيطرة على نفسي و منع دموعي من السيلان حتى لا يتأثر ريكايل هو الآخر : حمداً لله على سلامتك ..!
لم يرد .. بل بقي يحدق بي بعينيه المرهقتين .. نظرت إلى ساعة يدي لأرى أنها تشير إلى السادسة فجراً .. لذا أبعدت يدي عن رأسه و مددتها لأضغط الزر الذي قرب السرير .. و أترقب ما سيحدث ..!
مضى أقل من دقيقة حين دخلت ممرضة إلى الغرفة .. و قد كانت انيتا زوجة الدكتور مارفيل ..!
ابتسمت بهدوء و تقدمت ناحيتنا : حمداً لله على سلامتك ريكايل .. حسناً .. لنرى الآن ما أحوال قياساتك ..!
اغمض عينيه حينها بهدوء فتقدمت هي و بدأت تنظر للأجهزة و تسجل في سجل الملاحظات معها ..!
بينما أبقيت أنا عيني على ريكايل وقد ضغطت بيدي على يده بقوة أكبر ..!
انتهت انيتا تسجيل الملاحظات و نظرت إلى ريكايل لتقول : أتستطيع الكلام ؟!!..
فتح عينيه مجدداً .. لكن نصفهما فقط .. و بصعوبة حرك رأسه بطريقة سلبية .. لذا عادت لتسأل : هل أنزع قناع الأكسجين ؟!..
أومأ سلباً مجدداً : هل تشعر أنك ستواجه صعوبة في التنفس بدونه ؟!!..
هذه المرة كانت إجابته إيجابية مما أقلقني ..!
لكن الهدوء بدأ على الممرضة و قد ابتسمت : لا عليك .. ستكون بخير قريباً .. و الآن من الأفضل أن ترتاح ..!
أمسكت بذراعه و بإبرة بيدها الأخرى ثم وخزته بها و ماهي إلا لحظات حتى أغمض عينيه مجدداً و ارتخت يده التي كنت أمسك بها ..!
نظرت إلى أنيتا بقلق : ما الأمر ؟!!..
ابتسمت لي : لا تقلق .. إنها ابرة منومة .. فهو الآن يحتاج للراحة أكثر من أي شيء آخر .. لن يستيقظ قبل الظهيرة ..!
تنهدت حينها بتعب و تركت يده لتمتد بجانبه على السرير ..!
وقفت حينها و قد قررت العودة للمنزل الآن .. ثم سأعود قبل الظهيرة ..!
ألقيت نظرة أخيرة عليه .. يبدو أنه لن يكون بخير قبل فترة ..!
أغمضت عيني و غادرت الغرفة ثم سرت في ممرات المشفى أجر خطواتي بتعب ..!
حتى خرجت إلى الحديقة و قد كانت السماء قد بدأت تتلون بألوان الصباح ..!
سرت ناحية مربض السيارات و أنا أشعر بأن جسدي يرتعش من البرد ..!
بقيت أفكر للحظات .. أين معطفي الأسود ؟!!..
لكنني حينها تذكرت أني تركته في منزل الخالة آنا بعد أن أطفأت به النار الصغيرة التي اشعلتها الشموع في السجاد و قد انتشرت بسرعة بسبب نوعية تلك السجادة ..!
وصلت إلى سيارتي السوداء و فتحتها بالمفتاح الذي كان في جيب بنطالي طيلة الوقت ..!
ركبت خلف المقود و أغلقت الباب .. و بسرعة شغلت السيارة و نظام التدفئة .. ثم حركتها ناحية القصر و أنا أتمنى أن لا أتعرض لحادث بسبب شرودي ..!
.................................................. .
كنت أسير في الردهة باتجاه المصعد أجر خطواتي المرهقة و اشعر بالاستغراب من عدم وجود جيسكا الباردة في الاستقبال كالعادة ..!
طلبت المصعد الذي كان بابه مغلقاً .. و حين فتح بابه كان يحتضن والدتي و وصيفتها العجوز بين جدرانه ..!
شهقت حين رأتني و خرجت فوراً من المصعد : لينك .. ماذا تفعل في هذه الساعة المبكرة ؟!!.. لما وجهك شاحب هكذا ؟!!!..
قالت هذه الكلمات بقلق و قد ربتت على كتفي .. لم يكن لي المزاج لأجيبها : في ما بعد أمي .. رأسي سينفجر و أريد أن أنام ..!
وضعت يدها على جبيني : حرارتك مرتفعة .. هل أتصل بالطبيب ؟!!.. أم آخذك للمشفى ؟!!..
تجاوزتها بتعب و أنا أركب المصعد : لا هذا و لا ذاك .. بعض الراحة تفي بالغرض .. أيقظوني قبل الظهيرة ..!
ببرود قالت جيسكا : هل أخبر ريكايل بأن يوقظك ؟!!..
ببرود يضاهي برودها : لا .. فهو ليس في القصر الآن و لن يكون هنا في ذلك الوقت ..!
كادت أمي أن تقول شيئاً لكن باب المصعد أغلق حينها فطلبت الدور الثالث فوراً .. و حين نزلت اتجهت لغرفتي في الحال ..!
غسلت جسدي بالماء الدافئ و ارتديت ملابس النوم .. استلقيت على سريري بعد أن وضعت منبه الهاتف على الساعة العاشرة و النصف ..!
و بعدها رحت في نوم عميق مليء بالكوابيس ..!
.................................................. ....
رن هاتفي بشكل مزعج في رأسي كي يوقظني من نومة يمكنني أن أصفها بالمرهقة رغم أن النوم لا يتحد من الإرهاق إطلاقاً ..!
مددت يدي بانزعاج كي اطفأه و أنا لم أفتح عيني بعد حتى ..!
لكن .. صمت قبل أن تصل يدي اليه .. رغم أنه لم ينهي مهمته بعد و هذا دليل على أن أحدهم قد اسكته ..!
فتحت عيني حينها بتعب فرأيتها تجلس على حافة السرير و القلق في عينيها ..!
إنها أمي : ألم تذهبي للشركة ؟!!..
هكذا تمتمت بصوت مليء بالخمول فأومأت هي سلباً : سأذهب في الظهيرة .. كيف تشعر الآن ؟!!..
رغم أني لا أزال متعباً .. إلا أني في الحقيقة : لا تقلقي .. فحالي أفضل الآن ..!
قلت هذا و أنا أرفع جسدي عن الفراش .. نظرت إلى الساعة الجدارية الكبيرة لأرى أنها تشير إلى العاشرة و النصف تماماً .. يفضل أن أذهب لريكايل الآن ..!
نزلت من السرير و وقفت دون أن أنطق حرفاً و سرت بضع خطوات : لينك .. أين ريكايل ؟!..
قالت هذا أمي و قد وقفت خلفي .. تنهدت بتعب حينها : إنه في المشفى .. لقد شعر بالمرض ليلة البارحة لذا أخذته إلى المشفى و أخبروني أنه سيبيت عندهم .. و قد بقيت معه حتى الصباح ..!
كانت نبرة القلق الجسيم واضحة في صوتها : و كيف حاله الآن ؟!..
اتجهت ناحية دورة المياه : قال الطبيب أنه سيكون بخير .. عموماً سأذهب الآن إليه ..!
- سآتي معك لينك ..!
التفت ناحيتها : ليس الآن أمي .. إنه لا يزال مريضاً و يحتاج إلى الراحة ..!
قطبت حاجبيها : ألهذا عدتم من لندن ؟!!..
أومأت سلباً : لقد عدنا لأن أخت ريكايل بالتربية لم تكن تجيب على هاتفها و لا على هاتف المنزل و والدتها التي ربت ريكايل في طفولته امرأة مريضة لذا قلقنا عليهم .. لذا عدنا كي نطمئن حين يأسنا من إجابتها على الهاتف .. و حين ذهبنا في الأمس بعد العشاء للاطمئنان عليهم علمنا بأن المرأة توفيت لذا أصيب ريكايل بالتعب ..!
رفعت يدها و وضعتها على قلبها بخوف : يا إلهي .. مسكين ريكايل .. إنها صدمة كبيرة ..!
أومأت إيجاباً حينها : لا تقلقي أمي .. سيكون بخير قريباً ..!
- أرجوا ذلك يا عزيزي ..!
- و الآن سأستحم ثم أبدل ملابسي و أذهب إليه ..!
- حسناً .. و طمئني عندما تتحسن حاله ..!
- حاضر ..!
سارت بعدها لتخرج من الغرفة و أغلقت الباب من خلفها .. لا أعلم لما أخبرتها بكل هذا .. لكن ربما لم أتمكن من اختلاق الأكاذيب في أمور كهذه ..!
بدوري حملت منشفتي و دخلت دورة المياه و أخذت حماماً دافئاً ثم خرجت و ارتديت بنطال اسود مع كنزة زرقاء فيها بعض الكتابات البيضاء و كذلك سترة جلدية بذات لون البنطال مع شال صوفي أسود فيه بعض الخيوط الزرقاء ..!
غادرت القصر باتجاه المشفى بسيارتي السوداء .. و أنا أرجوا أن تكون حال رايل أفضل حين أراه ..!
.................................................. ......
وقفت أمام باب غرفته المغلق .. أخذت نفساً عميقاً قبل أن أفتح الباب .. و حين دخلت رأيت أثنين يرتديان زي الأطباء و يتناقشان و هما ينظران إلى الأجهزة التي قرب السرير ..!
التفت كلاهما إلي فعرفتهما على الفور .. الدكتور ليبيرت و الدكتور مارفيل ..!
أغلقت الباب خلفي و سرت بضع خطوات و نظرت إلى ريكايل لأرى أنه كما تركته تماماً ..!
نظرت إليهما : كيف حاله الآن ؟!!..
بهدوء أجابني الدكتور مارفيل : ليست سيئة إلى هذا الحد .. عندما يستيقظ سيتضح كل شيء ..!
تابع الدكتور ليبيرت و هو ينظر إلى أوراق معه : لا يبدو أنه يعاني حالياً من أي مشاكل في التنفس .. مع أن انيتا قالت أنه رفض إزالة قناع الأكسجين .. يبدو لي أن المشكلة نفسية فقط ..!
لم أعلق على كلامهما بل عدت بعيني إلى أخي المدد على السرير و القلق يكاد يقتلني ..!
حينها .. فتح عينيه الخضراوين .. على الفور هتفت : لقد استيقظ ..!
التفت الاثنان ناحيته لكن بدا أن هناك تغيرات في الأرقام على الأجهزة لذا بقيا ينظران إليها و يتناقشان ..!
بالنسبة لي فقد جلست على حافة السرير و أمسكت بيد ريكايل بين يدي .. كان ينظر إلي .. و قد بدأ يهمس ..!
ماذا ؟!!.. ماذا يقول ؟!!.. لا استطيع سماعه !!..
قربت رأسي منه كي أسمع لكن في تلك اللحظة صدى صوت جرس غريب في الغرفة : مشكله !!..
هكذا تمتم الدكتور مارفيل بصوت مسموع .. بينما استمر الجرس بالرنين ..!
لحظتها دخل ثلاثة ممرضات من بينهم أنيتا ..!
شعرت بأحد ربت على كتفي من الخلف و سحبني بهدوء لأقف وهو يقول : لنخرج و ندعهم يهتمون به ..!
كان صوت الدكتور ليبيرت .. بالنسبة لي فلم أجد فرصة للرد عليه فأنا كنت في حالة صدمة لأنه قد خيل إلي أن ذلك الصوت هو الصوت الذي يصدر من الجهاز حين تتوقف نبضات القلب ..!
قبل أن أخرج .. كنت أرى الدكتور مارفيل يضغط على صدر ريكايل بقوة عدة مرات .. لكنه لم يلبث أن صرخ : أنيتا .. أحضري جهاز الصدمة الكهربائية بسرعة !!!..
كنت قد خرجت مع الباب و الدكتور ليبيرت يحركني .. أما أنيتا فقد خرجت تركض لجهة أخرى ..!
بدأت أنفاسي تعلو و رعب جسيم احتل قلبي خوفاً من أن أفقد أخي !!..
همس لي ذلك الطبيب الوسيم : تمالك نفسك يا مارسنلي .. لنبتعد من هنا ..!
لم أملك القوة على الرد فقد سيطر الصداع علي بشكل فضيع ..!
سحبني هو في بعض الممرات و أنا أشعر بأن الرؤيا لم تعد واضحه ..!
دخلنا إلى مكان مليء بالمقاعد : لننتظر هنا ..!
أجلسني على كرسي طويل و جلس بجواري .. أعتقد أنها غرفة الانتظار ..!
كنت مصدوماً بشده .. قطبت حاجبي و قد دمعت عيناي و تمتمت برعب : دكتور .. هل سيموت ريكايل ؟!!..
هتف حينها : لا تقل هذا .. صحيح أن قلبه ضعيف لكنه مازال ينبض !!.. إنه حي .. لازال حياً .. لذا لا تفقد الأمل ..!
بدأت دموعي تلك بالتساقط .. أمسكت برأسي بين يدي و قد دخلت في حالة يمكنني وصفها بالصعبة فأنا لم أعد أدرك ما حولي فبقيت أتمتم : لن يموت .. لن يموت .. لا يمكن أن يموت .. إنه كل ما بقي لي من أمي و أبي .. كل ما بقي لي من براون .. يستحيل أن يموت .. ريكايل ..!
أشعر أني سأنهار .. لما حدث كل ذلك بسرعه ؟!!..
لا أريد أن أفقده بهذا الشكل !!.. ليس هكذا !!..
لا أعلم لما ؟!.. لكن طرأت في بالي ذكرى قديمة .. حين كنت في الصف الثالث الابتدائي ..!
كان لدينا صديق في الصف .. يأتي إلى المدرسة في فترات متباعدة .. و لا أعلم لما ؟!!.. لكن الأولاد قالوا لي بأنه يقضي أيامه في المشفى ..!
و مرة تغيب لشهر و نصف فقد كان مريضاً بشدة ..!
جاءنا المدير في ذلك اليوم و أخبرنا بأنه توفي اثر مرضه .. لقد كان يعاني مرضاً في قلبه ..!
رغم أني لم أكن ذا علاقة قوية مع ذلك الصبي إلا أني بكيت عليه .. و لم أكن وحدي بل كل طلاب الصف بمن فيهم لوي .. الجميع كان يبكي .. و قد كان الأمر سيئاً للغاية ..!
لقد تألمت في ذلك اليوم .. و تألمت أيضاً حين ماتت أليس ..!
لكن .. لو كان ريكايل .. فأنا أخشى أن الألم سيقتلني !!!..
لحظتها بكيت .. أجل بكيت و قد أمسكت رأسي بشدة بين يدي .. فأنا لن احتمل فقدان ريكايل إطلاقاً .. ليس بعد أن وجدته ..!
شعرت بأحدهم يربت على كتفي و يقول بصوت جاد : عليك أن تكون أقوى و تثق به .. صدقني سيكون بخير ..!
رفعت رأسي و نظرت إلى الدكتور ليبيرت التي كانت النظرة الواثقة تنبعث من عينيه الزرقاوين ..!
هل يحاول فقط مواساتي ؟!!.. أم أنه جاد بما يقوله ؟!!..
لا أعلم ؟!.. لكن الوقت كان يمر و أنا أمسك برأسي بين يدي في صمت رهيب .. حتى مضت عشر دقائق !!..
لحظتها دخلت ممرضة إلى الغرفة و نظرت إلينا : دكتور ليبيرت .. طلب مني الدكتور مارفيل أن أخبرك بأن المريض ريكايل بروان بخير حالياً فقد تمكنوا من اسعافه و حاله مستقرة الآن ..!
حينها .. شعرت بأن أحدهم سكب ماءً بارداً على رأسي ..!
ربت الدكتور ليبيرت على كتفي و قال بابتسامة : أرأيت ؟!.. أخبرتك أنه قوي ..!
ابتسمت له حينها و وقفت معه كي نعود إلى غرفة ريكايل ..!
كانت أنفاسي قد عادت و خطواتي تسارعت كي أصل إلى الغرفة .. و حال ما وصلت إلى هناك دخلت مسرعاً ناحية سريره ..!
كانت عيناه مغمضتان .. لكن .. هدوء و سكينة طغت على ملامحه مما أراحني ..!
لا يزال قناع الأكسجين على وجهه .. لكن تنفسه كان هادئاً و منتظماً للغاية ..!
ربت احدهم على كتفي فالتفت و رأيت الدكتور مارفيل يبتسم لي ..!
بادلته تلك الابتسامة بامتنان : شكراً لجهودك دكتور ..!
بذات ابتسامته أجابني : هذا عملي ..!
عدت بنظراتي إلى ريكايل .. انحنيت إليه و قبلت جبينه ثم همست : حمداً لله على سلامتك ..!
و حال ما ابتعدت قليلاً فتح عينيه بهدوء و كأنه صحى من غفوة قصيرة ..!
لم أجد حينها إلا أن ابتسمت له و قد جلست على حافة السرير و امسكت بيده بين كفي ..!
تقدم الدكتور ليبيرت ناحيته بابتسامة : كيف تشعر الآن ريكايل ؟!..
تمتم بصوت مبحوح : بخير ..!
- هذا رائع .. أتريد أن انزع قناع الاكسجين عنك أم ماذا ؟!!..
هذه المرة أومأ موافقاً فما كان من الدكتور ليبيرت إلا أن نزع القناع عنه و على وجهه ابتسامة لطيفه ..!
بينما تقدم الدكتور مارفيل و عدل وضعية السرير حتى صار رايل شبه جالس ..!
استأذن الدكتور ليبيرت ليذهب لعمله و كذلك الدكتور مارفيل و قد أخبرانا أنهما سيكونان هنا في الحال ان شعر ريك بأي تعب ..!
نظر إلي بهدوء .. لا أعلم إن كان يذكر ما حصل ليلة الأمس .. لكن ملامحه الحزينة كانت تدل على علمه بالأمر ..!
ظهر شبح ابتسامة على وجهه المرهق : وجهك محمر .. و عيناك كذلك .. أكنت تبكي ؟!..
لم أرد بل طأطأت رأسي فتابع هو : هل خفت إلى هذا الحد ؟!!..
أوشحت بوجهي عنه و بتردد قلت : شعرت للحظة بأني سأفقدك ..!
لكنه بنبرة ساكنة قال : عليك أن تعتاد على هذا .. لا يجب أن يكون قلبك ضعيفاً .. كقلبي !!.. ليس عليك أن تفزع كلما اصابتني نوبة .. فقط انتظر و ادعوا لي ..!
كنت مصدوماً نوعاً ما من كلامه لكني لم أظهر ذلك بل اغمضت عيني للحظات و تمتمت : أعلم أنك تتألم .. و لكن تذكر ريكايل .. نحن توأمان و مهما حدث يمكنني الشعور بألمك ..!
ابتسم ابتسامة جانبية : ربما أنت محق .. مع أني لا أرجوا ذلك ..!
صمتنا للحظات و كل منا شرد بفكره بعيداً .. أعتقد أن كل واحد فقينا قلق على الآخر ..!
أنا قلق على ريك بسبب مرضه هذا و الذي لست أعرف حتى الآن طبيعته ..!
و ريك قلق علي لأني لا استطيع احتمال مواقف صعبة كهذه ..!
أخذت نفساً عميقاً و قررت أن أهدأ قليلاً و أوقف هذا الاضطراب الذي أشعر به ..!
حينها تمتم بصوته المتعب : لينك ..!
لم يعجبني صوته و لا نبرته .. لكنني أجبته : ماذا ؟!..
- اذهب !!..
قطبت حاجبي غير مستوعب جملته !!..
لكنه تابع حينها : اذهب إلى ميشيل .. فهي تحتاج من يواسيها الآن ..!
.
إلى .. ميشيل !!!.
بعد كل ما حدث في الأمس !!!..
.
في الحقيقة صدمني طلبه !!.. أو يمكنني أن أقول أمره !!..
صمت للحظات فلم أكن أعلم ما سأقوله له .. لكنني ابتسمت بهدوء : ميشيل معها جوليا الآن .. ربما من الأفضل أن أبقى معك أنت ..!
بجد قال : لا .. أنا بخير ..! ثم أن ميشيل تحتاجك أنت ..!
أوشحت بوجهي بهدوء .. لا يمكنني مقابلة ميشيل .. ليس الآن على الأقل ..!
حينها هتف : أرجوك .. أخي أرجوك ..!
نظرت اليه مستغرباً : لما أنت مصر ؟!..
- لينك .. ميشيل الآن في أمس الحاجة لشخص يكون بجوارها .. لقد كانت متعلقة بالخالة آنا أكثر من أي شخص آخر و حتى أكثر من جوليا ..! أرجوك يا أخي .. اذهب إليها و كن معها ..! أنها تحتاجك الآن .. إن كنت تحبها حقاً فاذهب إليها حالاً !!!..
أوشحت بوجهي عنه و أنا أشعر أني في موقف صعب للغاية .. فأنا بالفعل لست مستعداً لمواجهة ميشيل الآن ..!
صنعت ابتسامة لطيفة و تركتها على شفتي ثم التفت إلى رايل : أنت متعب الآن يا أخي .. لذا يجب علي البقاء بقربك كما أمرني الدكتور مارفيل و الدكتور ليبيرت .. لذا لا استطيع الذهاب الآن .. سأذهب في المساء بعد انتهاء الزيارة للاطمئنان عليها و على جوليا ..!
أغمض عينيه حينها : كما تشاء يا عنيد ..!
لحظات حتى بدا أنه غرق في النوم .. و انا صراحةً لا ألومه فأعتقد أنه متعب للغاية ..!
شعرت بهاتفي في جيبي يهتز فعلمت أن أحدهم يتصل بي ..!
لذا وقفت و خرجت من الغرفة و أخرجت الهاتف من جيبي لأجد أن المتصل .. ليديا ..!
أجبتها حينها بهدوء : أهلاً ليديا ..!
- مرحباً لينك .. صباح الخير ..!
- صباح الخير .. رغم أننا اقتربنا من الظهيرة ..!
- دعك من هذه الأمور .. أخبرني كيف حالكم ؟!!.. هل اطمأننتم على جوليا ؟!!..
- أجل .. اطمئني فهي بخير .. لقد توفيت والدتها بعد ذهابنا للندن .. لذا لم تجب ..!
بدا الحزن و الأسى في صوتها : يا إلهي .. مسكينة جوليا .. كم أتمنى أن أكون معها الآن ..!
- أجل .. كانت هذه صدمة كبيرة للجميع ..!
- و كيف حالها الآن ؟!.. هل أنت عندها ؟!..
- لا .. لست عندها ..!
- لما ؟!.. لينك يفضل أن تبقى معها و مع ميشيل .. فهما بالتأكيد تحتاجان من يقف معهما الآن ..!
- أعلم ليديا .. لكن لم يكن بيدي .. ريكايل مريض بعض الشيء لذا أنا معه في المشفى ..!
- حقاً .. ماذا حدث له ؟!.. و كيف حاله الآن ؟!..
- اطمئني .. شعر بالتعب بعد سماعه لخبر وفاة الخالة آنا .. انه بخير الآن ..!
- أريد التحدث إليه ..!
- لقد نام منذ قليل .. سأرسل إليك رقمه و اتصلي به فيما بعد ..!
- حسناً ..!
- كيف الحال عندكم ؟!!..
- كل شيء بخير .. بيد أن الجميع غاضب بسبب مغادرتك المفاجئة ..!
- هل قلتي شيئاً لهم ؟!..
- لا .. لقد ألتزمت أنا و لوي الصمت تماماً .. فقد أخبرناهم أننا نجهل السبب ..!
- شكراً لكما .. إنها خدمة عظيمة بالفعل ..!
- لا داعي للشكر فنحن أصدقاء .. و الآن إلى اللقاء لينك .. علي أن أنظم للبقية ..! أخبرني بكل جديد ..!
- حسناً ..!
- و شيء آخر .. يجب أن تكون مع ميشيل الآن إن كنت تريد أن تحسن موقفها تجاهك ..!
- حاضر ..!
- إلى اللقاء ..!
- وداعاً ..!
أغلقت الخط بعد مكالمتي مع ليديا .. ثم أتصلت بأمي و أخبرتها بأن ريكايل بخير و هو على ما يرام ..!
عدت للغرفة حينها و جلست على الكرسي بقرب السرير ..!
و حينها طرأ في بالي بعض الأشياء ..!
.
(( اذهب إلى ميشيل .. فهي تحتاج من يواسيها الآن ))
.
(( ميشيل تحتاجك أنت ))
.
(( إن كنت تحبها حقاً فاذهب إليها حالاً ))
.
(( يجب أن تكون مع ميشيل الآن إن كنت تريد أن تحسن موقفها تجاهك ))
.
أحقاً ميشيل تحتاجني ؟!!..
ألن تطردني ؟!!..
.
(( لا !!.. ابقى فيها ..! ))
.
لا أعلم إن كانت ستفعل .. لكن .. رغم ذلك علي أن أذهب إليها ..!
عدت أنظر لوجه ريكايل النائم حيث بدا كطفل حينها ..!
خلال يومين فقط .. اكتشفت الكثير من الأشياء عن صحته التي أرجوا أن لا تتدهور أكثر من هذا ..!
..................................................
كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساءاً ..!
و انا لا أزال في المشفى قرب ريك .. خالتي ميراي اتصلت بي و حين علمت أن رايل في المشفى جاءت مسرعة إلى هنا ..!
و ها هي تجلس بقربه و تطعمه من الحساء الذي أحضرته أنيتا قبل قليل ..!
تنهدت حينها بملل : هنيئاً لك بهذا الدلال ..!
نظرت إلي خالتي باستياء : لينك .. ما هذا الكلام ؟!!. عليك أن تدعوا له بالشفاء و حسب ..!
ببرود قال ريكايل : دعيك منه يا خالتي .. أنه يغار لأنه مهتمة بي أكثر منه ..!
وقفت حينها و أنا أقول : ليس إلى ذلك الحد ..!
كنت أنوي المغادرة الآن و الذهاب للاطمئنان على ميشيل و جوليا .. لكن قبل أن أتحرك من مكاني طرق أحدهم الباب : أدخل ..!
هذا ما قلته بهدوء و قد اعتقدت أنها ممرضة ما أو حتى عامل نظافة سيغير كيس القمامة ..!
لكن .. من دخل كان أهم من ذلك بكثير ..!
دخلت و على وجهها ابتسامة لطيفه .. و خلفها كان مساعدها الوسيم ..!
و بمرح قالت : مرحباً ..!
حين رأيتها قلت باستنكار : أمي !!!.. لما أنت هنا ؟!!..
ريك أيضاً كان مصدوماً حتى أنه كاد يقف من سريره لولا أن والدتي قالت بسرعة : لا تتحرك يا ريكايل .. أنت مريض و الأفضل أن تبقى في مكانك ..!
أومأ إيجاباً و هو يقول بارتباك : شـ .. شرف لي زيارتك .. سيدة إلينا ..!
ابتسمت هي حينها و هي تقول : أرى أنك بصحة جيدة و هذا رائع ..!
تقدم أدريان من خلفها و هو يحمل باقة زهور و يقول : لقد أصرت السيدة مارسنلي على أخذ هذه الباقة إليك كهدية ..!
بدا أنه استوعب قليلاً : شكراً لك سيدتي .. يسعدني قبولها ..!
أخذت الباقة من أدريان و اعطيتها رايل و أنا أقول : لما لم تخبريني بأنك ستأتين إلى هنا ؟!!..
بمرح قالت : أعتقد أن المفاجأة أفضل ..!
هنا سمعت صوتاً من شخص قد نسيت وجوده : مرحباً سيدة مارسنلي .. أود شكرك على الاهتمام بلينك و ريكايل .. أنا ميراي ستيوارت ..!
اتسعت عيناي حينها .. خالتي ميراي هنا !!..
أنها لا تعلم أن أمي لا تعرف بأمري مع ريك .. لا تعلم بأن ريكايل في نظر أمي خادم ابنها !!..
ما هذه الورطة ..!
لكن والدتي حينها قالت بابتسامة : تشرفت بمعرفتك انسة ستيوارت .. لا داعي للشكر فلينك هو ابني على كل حال و ريكايل مثل أبني ..! أنهما صديقان جيدان ..!
قطبت خالتي حاجبيها اثر كلمة أمي الأخيرة لكن قبل أن تقول شيئاً أسرعت لأقول : أمي .. الآنسة ميراي هي خالة ريكايل الوحيدة ..!
بسرعة قالت خالتي : لينك كم مرة قلت لك أن تناديني .....!
قاطعها ريك و قد شعر بسوء الموقف : خالتي هلا ناولتني كأس الماء ..!
- هلا صبرت قليلاً حتى أتفاهم مع هذا الفتى !!..
هنا تدخل شخص آخر : لحظة .. عليك أن تظهري بعض الاحترام للسيد مارسنلي يا آنسة !!!..
كان هذا أدريان الذي بدا كأنه سكب الزيت على النار حيث قالت الخالة باستياء : أنا لم أقل شيئاً سيئاً أيها السيد .. أنا فقط أريد التفاهم مع أبن أخـ ..!
قاطعتها حينها مجدداً بسرعة : آنسة ميراي .. يبدو أن ريكايل يشعر بالعطش .. ألا نأجل هذا الحديث لوقت لاحق ..!
أرجوا أن تفهم رسالتي هذه .. علينا تأجيل الحديث قبل أن تفضحنا !!..
لقد كانت هناك نظرة استغراب في عيني أمي بينما الانزعاج بادٍ على الخالة ميراي ..!
صحيح اني أريد أن تعلم أمي بأن ريك أخي .. لكن لا أريد منها أن تكشف ذلك بنفسها أو عن طريق أحد آخر بل أريد أن أخبرها بنفسي حتى لا تظن أني تعمدت اخفاء الأمر عنها ..!
و أيضاً لا اريد أن يكشف سرنا أمام أدريان البغيض !!!..
بدا أن ميراي فهمت الرسالة فقد ذهبت ناحية الثلاجة الصغيرة في زاوية الغرفة و أخرجت زجاجة ماء صغيرة و أعطتها لريكايل ..!
هنا قال ذلك المستفز : سيدتي .. سيبدأ الاجتماع بعد ساعة و الشركة بعيدة من هنا ..!
نظرت والدتي لساعتها و هي تقول : أذاً علي المغادرة الآن ..! ريكايل أتمنى لك الشفاء العاجل ..! آنسة ستيوارت .. تشرفت بلقائك و أرجوا أن نلتقي ثانيةً ..!
ابتسمت خالتي لها : بل أنا من تشرفت بمعرفتك سيدة مارسنلي .. شكراً لزيارتك ..!
خرجت أمي حينها من الغرفة فاستعدت أنفاسي أخيراً كما فعل ريك ..!
لكن الخالة ميراي هتفت بسعادة : السيدة مارسنلي كما سمعت عنها تماماً .. امرأة مليئة بالعطف و الرقة ..!
لكنها لم تلبث أن أظهرت استياءها : هيه أنتما الأثنان .. عليكما أن تشرحا لي فوراً سبب محاولات التهرب قبل قليل و مقاطعة كلامي عدة مرات ..!
اتجهت ناحية الباب و أنا أقول : ريك .. أشرح لها القصة كاملة .. أنا ذاهب لزيارة منزل الخالة ..!
هتف حينها : لحظة لينك لما أنا من سيشرح الأمر ؟!!..
لم أرد عليه لأني خرجت من الغرفة بالفعل و أغلقت الباب .. أنا واثق أنه يشتمني الآن في سره .. لكن أنا علي الهرب لأن خالتي ستقتلني إن علمت أني جعلت ريك المدلل خادماً لي !!..
و الآن إلى المهمة الأصعب .. ميشيل !!!..
.................................................. .....
أنتهى البارت هنا


مرحباً يا أصحاب ..!

كل عام و أنتم بخير و من العايدين الفايزين بإذن الله .. الله يعيده علينا بالفرحه و الصحه و البركات ..!

أدري أني تأخرت عليكم كنت أنوي تنزيل البارت في نهاية رمضان لكن أنشغلت كثير و ما حصل لي فرصه و لما تجي الفرصه يكون النت سيء ..!

و طبعاً كلكم تعرفون ارتباطات أيام العيد فما فرغت إلا الحين لتنزيل البارت ..!

أن شاء الله يكون البارت عجبكم ..!

نروح للأسئله ..!

ريكايل و لينك
مع بعض الضغوطات .. كيف سيتجاوزونها ؟!..

مرض
ريكايل
الغير متزن .. أيمكن أن يتعرض لما هو أقوى من هذا ؟!!..

لينك قرر زيارة ميشيل
.. كيف ستستقبله ؟!!..

ماذا عن السيدة
إلينا
؟!.. و هل ستعلم بسر التوأمين قريباً ؟!!..

في حفظ الله و رعايته ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 08:01 PM   #28

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 26


لن أتردد .. هذا ما خططت له ..!
أنها فرصتي .. و يجب أن أستغلها ..!
هذا ما كنت أكرره لنفسي و أنا أقف أمام باب منزل الخالة آنا ..!
مددت يدي بهدوء و ضربت الجرس .. لو فتحت ميشيل الباب .. فيجب أن أكون قوياً ..!
لن أرحل فور أن تطلب مني ذلك .. بل سأبقى حتى تطلب مني البقاء .. كما حدث بالأمس ..!
لكن .. هذا لم يحدث فجوليا هي من فتحت الباب ..!
لقد تغيرت كثيراً .. وجهها شاحب و هناك هالات سوداء تحت عينيها الزرقاوين ..!
أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقول : مرحباً جوليا .. تعازي الحارة في وفاة والدتك .. آسف لأني لم أتمكن من تقديمها بالأمس ..!
بصوت مبحوح قالت : شكراً لك .. تفضل ..!
دخلت هي فدخلت من خلفها مغلقاً الباب .. سرنا ناحية غرفة الجلوس التي كان فيها سرير والدتها .. لا يزال السرير في مكانه و قد كان مرتباً بعناية مع أن ميشيل بالأمس افسدت ترتيبه بينما كانت ترمي بالأشياء بانفعال ..!
جلست جوليا على الأريكة فجلست على أريكة أخرى بقربها ..!
أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقول : كيف حالك ؟!..
بهدوء دون أن تنظر إلي و لمسة حزن على وجهها : بخير ..!
- كيف حال ميشيل ؟!!..
- إنها في غرفتها .. لم تغادرها منذ خرجت البارحة ..!
رغم أنها لم تقل شيئاً .. إلا أني أعتقد أنها تشك في أمر حضوري بالأمس ..!
بقينا صامتين لفترة .. جوليا بدت شاردة للغاية .. لم أرها هكذا مسبقاً فلطالما كانت مبتسمة و مرحه ..!
لكنها فجأة قالت بهدوء : لقد أخبرتني ميشيل بالأمس ..!
نظرت إليها باستغراب : عن ماذا ؟!..
رفعت عيناها الجامدتين إلي و بجد قالت : عن ما حدث بينكما مسبقاً ؟!!..
لا أعلم .. لكنني شعرت بارتجاف بسيط في أطرافي .. في الحقيقة صدمني كلامها للغاية ..!
لا شك أن جوليا ستطردني الآن .. بعد كل ما فعلته مع أختها ..!
لكن .. علي أن أقول شيئاً ..!
لا يجب أن أبقى صامتاً : آسف .. أعلم أني كنت سيئاً للغاية معها ..!
- ميشيل تكن مشاعر لك ..!
رفعت رأسي إليها مصدوماً .. أي مشاعر تكنها لي ؟!!..
بتوتر قلت : لم أفهم ؟!.. ما هي تلك المشاعر ؟!..
لكنها حينها نظرت إلي : يبدو لي أنها تحبك .. ربما ليس بذلك القدر لكن لديها بعض المشاعر لك ..! لينك .. في الحقيقة ميشيل باتت تعلم ما علاقتك الحقيقية برايل !!!.. لقد أطررت لشرح الأمر لها لأن أمي قبل أن تموت أرادت رؤيتكما مما أذهل ميشيل .. و في لحظة طيش أخبرتها بالحقيقة .. أنا آسفه !!!..
لم أعلم هل علي أن أستوعب ما قالت في البداية أم ما ذكرت في المنتصف أم أسفها الأخير ؟!!!..
لكن .. ميشيل تحبني .. ليس كثيراً لكن هناك بعض المحبة لي في قلبها ..!
ميشيل تعلم أن رايل أخي الآن .. أي تبعاً لهذا تعلم أني لست ابن مارسنلي ..! أعتقد أن هناك مشكلة في هذا فأنا أخبرتها أني وريث مارسنلي و ربما تظن أني كذبت عليها !!..
تنهدت حينها بهدوء : ليس عليك الاعتذار جوليا .. ربما كان من الأفضل أن لا أخفي الامر عن ميشيل أساساً ..!
في الحقيقة .. ما أكثر الأشياء التي أخفيها عن ميشيل .. لكن ذلك ليس بيدي ..!
أحياناً نخفي أموراً مهمة عن من نحب خشية فقدانهم ..!
أعتقد أني خشيت أن تفقد ميشيل اهتمامها بي بعد أن تعلم بأني فتى عادي و لست أبن مارسنلي الوحيد ..!
لا أعلم .. لكني أود رؤية ميشيل الآن بشدة كي أعتذر إليها ..!
- أذهب لرؤية ميشيل ..!
قطع تفكيري صوت جوليا ..!
نظرت إليها فرأيت الهدوء في عينيها : إنها في الأعلى .. الغرفة الأولى على اليسار ..!
هل تريد مني أن أصعد إلى ميشيل في غرفتها ؟!!!..
أعتقد أن هذا صعب للغاية !!..
لكن .. أنا أريد رؤيتها أكثر من أي شيء الآن !!..
أومأت لجوليا إيجاباً و وقفت مغادراً غرفة الجلوس ..!
صعدت درجات السلم القديم الخشبي و قد كان هناك بعض الأصوات تظهر من وطأة قدمي عليه ..!
في الأعلى كان على يساري غرفتان متجاورتان و أماهما غرفة واحدة و هناك باب أمامي يبدو بطريقة ما باب دورة المياه ..!
نظرت إلى الباب الأول على اليسار .. إنها غرفة ميشيل ..!
أشعر بالتوتر .. لكنني أخذت نفساً عميقاً و أنا أقول لنفسي أن علي أن أظهر بعض الشجاعة الآن ..!
اتجهت لباب الغرفة .. طرقته طرقتين لكن لم أسمع أجابه ..!
لذا .. فتحت الباب بهدوء ..!
لقد كان الضوء الوحيد من خلال النافذة و قد كانت شمس الغروب مما ملأ تلك الغرفة الصغيرة نوراً برتقالياً لطيفاً ..!
لقد كانت الغرفة صغيرة للغاية ..!
في الزاوية اليسرى كان السرير الخشبي الصغير .. أمامي أي الزاوية اليمنى هناك مكتب دراسة خشبي أيضاً ..!
و على يساري على ذات جدار الباب خزانة صغيرة للملابس ..!
فقط .. كانت هذه هي غرفة ميشيل بلا أي أضافات ..!
أرضها من السجاد الأزرق القديم .. و الستائر كانت عبارة عن قطعة قماش بيضاء .. فقط !!..
رأيت ميشيل مستلقية على السرير بإهمال فوق الغطاء و قد كانت لا تزال بفستانها الأسود ..!
كانت مفاتيح الضوء على الجدار يساري .. لكن حين أردت تشغيل الضوء لم يعمل أطلاقاً .. يبدو أنه معطل منذ فترة ..!
دخلت إلى الغرفة و أغلقت الباب خلفي و اتجهت ناحية السرير ..!
نظرت إلى ميشيل بهدوء .. لقد كانت هناك دموع على وجنتيها ..!
الغرفة باردة .. و هي لم تتغطى بشيء ..!
خلعت معطفي الثقيل الطويل و تركته عليها ثم مددت يدي و مسحت تلك القطرات الرقيقة عن وجنتها بأصبعي ..!
ابتعدت بضع خطوات عن السرير و استندت على الجدار ثم جلست أرضاً ..!
سأبقى هنا حتى تستيقظ .. لن أغادر المكان قبل أن أتحدث إليها ..!
مضى الوقت بهدوء و أنا أراقبها فقط .. و ذلك الضوء البرتقالي يختفي بسكون ..!
.
(( أسمي ؟!.. نادني ميشيل !!..أكملت الخامسة عشر قبل فترة قصيره .. و أنت ؟؟!.. ))
.
(( أنت لطيف لينك كما هي هذه الزهور تماماً ))
.
(( لم تخبرني بأنك .. السيد مارسنلي !!.. ))
.
(( دعني أخبرك الآن .. ريكايل هو الذي أخبرتك بأنه يشبهك نوعاً ما في لقائنا الأول .. إنه أخي !!!.. ))
.
(( إنه مجرد شيطان يتخفى خلف قناع شخص لطيف !!.. ))
.
(( نعم أنا أكرهك لينك !!.. أكرهك بالقدر الذي احببتك به !!.. ))
.
(( ليس كونك وريث مارسنلي يجعلك تحصل على كل ما تريد .. أنا لست ملكاً لك .. و لست ملكاً لأحد !!.. ))
.
(( لينك لما أحببتك ؟!!!.. ))
.
لقد سمعت الكثير من ميشيل .. أجل ..!
استقبلت كل عباراتها بمشاعر مختلفة .. سعادة .. حزن .. يأس .. ألم .. فرحة .. و حتى خجل ..!
ميشيل .. ما الذي فعلته بي ؟!!!..
أي سحر استخدمته ضدي حتى صرتي تحتلين تفكيري بهذه الطريقة ..!
لقد أيقنت من شيء مهم الآن ..!
أنا لا أحب ميشيل من أجل لأليس !!!..
أنا أحب ميشيل من أجل ميشيل فقط !!..
لحظتها تمتمت بابتسامة يائسة : رغم ذلك .. لم أجد منك إلا التكذيب ..!
مضت دقائق .. و لا يزال ذلك النور البرتقالي يضيء في الغرفة مما جعلها ككتلة ملتهبة ..!
هنا .. شعرت بها تتحرك بهدوء .. و ما هي إلا لحظات حتى رفعت جسدها عن السرير متكئة على يديها ..!
انتبهت لتلك السترة الثقيلة .. ثم نظرت إلي .. إلى عيني !!..
توقف الزمن عندها .. فكثير من الأفكار اجتاحت عقلي ..!
هل ستطردني ؟!!.. هل ستقول أنها تكرهني ؟!!.. أم أن شيئاً معاكساً قد يحدث ؟!!..
لا أعلم .. لكن الكثير من المواقف ظهرت في ذهني الآن و شتتني تماماً ..!
رغم ذلك .. لم يمنعني هذا من تأمل عينيها الزرقاوين اللتان انعكس عليهما ذلك النور الدافئ ..!
بقيت في مكاني .. لم أتحرك إطلاقاً .. هي أيضاً .. بقينا نحدق في بعضنا لفترة من الزمن ..!
لكنها في النهاية جلست على حافة السرير بهدوء و هي تقول : منذ متى و أنت هنا ؟!!..
بهدوء أخفي خلفه اضطراب قلبي أجبتها : منذ بضع دقائق ..!
بعد هذه العبارتين صمتنا مجدداً .. لكن عيوننا لم تصمت بل بقيت تتخاطب طويلاً ..!
في النهاية طأطأت هي رأسها مما قطع ذلك الحوار الصامت .. و بنبرة خافتة تمكنت من سماعها قالت : أنك تشبهه للغاية ..!
لم أرد التفكير .. لكني علمت في الحال أنها تقصد رايل .. لذا قلت : طبيعي أن أشبهه .. أنه أخي التوأم ..!
رفعت رأسها حينها و الدموع تتساقط من عينيها و بنبرة مكتومة تمتمت : لمَ لم تخبرني ؟!!.. لمَ أخفيت الأمر عني ؟!!..
صمتت للحظات .. و بعدها قلت : أنت لم تعطيني فرصة للحديث .. لطالما أردت أخبارك بالكثير لكنك كنتي ترفضين هذا ..!
ازداد انهمار دموعها لكنها حاولت كتمها .. و في النهاية قالت : أنا .. أنا آسفه ..! لقد أتعبتك يا لينك !!..
خفق قلبي بشدة مع عبارتها الأخيرة ..!
أجل لقد أتعبتني كثيراً .. لقد ألمتني كثيراً .. لكن .. ليس عليك الاعتذار ..!
وقفت حينها و اتجهت ناحيتها .. توقفت أمامها على بعد خطوة واحدة ..!
لقد بدأت تبكي بحق .. لا أعلم لكن ربما هي تشعر بالذنب ..!
لكن .. أنا أيضاً أخطأت ..!
جثيت أمامها حينها و قد كانت تطأطأ رأسها و كفاها على وجهها محاولة إيقاف الدموع ..!
لا أعلم ماذا أفعل .. لكني بلا شعور حينها ربتت على رأسها بهدوء و قلت : لا .. لا تعتذري .. أنا من يجب عليه الاعتذار ..! لقد أخطأت في حقك كثيراً ..!
رفعت رأسها لي .. كانت الدموع تداعب وجنتيها المحمرتين ..!
حينها .. لم أجد إلا أن أبتسم .. فأنا لم أرها هكذا من قبل ..!
لقد بكت أمامي كثيراً .. لكنها لم تعطني الفرصة لتأملها هكذا .. فقد كانت تهرب كلما بكت ..!
أخرجت من جيبي منديلاً و مسحت دموعها به و تمتمت : لا يجب أن تبكي بعد الآن .. لأن لابتسامتك رونقاً خاصاً ..!
ازداد احمرار وجهها و هي تنظر إلي بنوع من الخجل لكنني حينها قلت : ميشيل .. سامحيني .. على كل ما فعلته في حقك ..!
أخفضت بصرها للحظات ثم قالت : سأفعل .. لكن أنت أيضاً سامحني ..!
أومأت إيجاباً : بالتأكيد أسامحك .. هل أنت راضية علي الآن ؟!!..
نظرت إلي حينها و قالت : لينك .. أريد منك وعداً بأن لا تكذب علي ابداً ..!
ابتسمت حينها و قلت و أنا أربت على كفتيها : أعدك .. بأني سأكون صادقاً معك دائماً .. مهما كانت الظروف ..!
بتوتر سألت : و هل يمكنني الثقة بهذا الوعد ؟!!..
أومأت إيجاباً فابتسمت هي ابتسامة صغيرة و قالت : و أنا أعدك .. بأنني سأصدقك دائماً .. و لن اتهمك بالكذب بعد الآن ..!
يا إلهي .. هل انتهت مشاكلي مع ميشيل أخيرا ؟!..
بلا .. لقد أنتهى ذلك الخلاف الذي أرقني كثيراً !!..
أريد أن أبكي و أرقص فرحاً ..!
أريد أن أخبر العالم أجمع بهذا ..!
لكني حينها .. اكتفيت بأن بادلت ميشيل تلك الابتسامة الحانية .. و قد تمنيت لو يتوقف الزمن الآن حتى لا تختفي من أمامي مجدداً ..!
.................................................. ...
لقد مضى يومان ..!
الأمور كانت رائعة خلالها للغاية ..!
صحة أخي في تحسن مستمر .. و ميشيل و جوليا بدأتا تستعيدان نشاطهما و تبتسمان للحياة .. كما أنهما كانتا تزوران رايل في المشفى و قد تعرفتا إلى الخالة ميراي كذلك ..!
في الحقيقة .. حين نجلس سوية حول ريكايل نتبادل الضحكات .. ينتابني شعور رائع لم أشعر به من قبل .. و كأنهم جميعاً عائلتي التي لا أستغني عنها ..!
أيضاً قمت بزيارة الأطفال في الملجأ .. و قد ساعدت جين في زراعة الأراولا من جديد ..!
لقد كانت الأمور تسير على ما يرام بلا أي مشاكل ..!
و هذا ما جعل قلبي الذي كان مضطرباً طيلة الفترة الماضية يهدأ قليلاً ..!
...............................................
اليوم هو الخميس ..!
مساء الأمس عاد جميع أصدقائي من رحلتهم في لندن .. إلا أني لم ألتقي بأحدهم بعد ..!
الساعة كانت تشير إلى الثانية عشر ظهراً ..!
كنت في غرفة الألعاب الصغيرة مع الأطفال في الملجأ .. و قد كنت أساعد مارسيل على تركيب سكة للقطار الذي اشتراه ..!
جاءت إلي رينا تركض و هي تقول : لينك .. لنلعب في الحديقة المجاورة ..!
ابتسمت لها و قلت : سنفعل ذلك بعد تناول الغداء ..!
حينها دخل لورا و هي تركض : لينك أنظر إلى هذا .. أنظر بسرعة ..!
التفت ناحيتها فرأيت كراس الرسم بين يديها و قد رسمت بعضاً من الزهور الملونة بعشوائية في الصفحة : إنها جميلة جداً .. أنت مبدعة يا لورا ..!
ضحكت حينها بخفة : هذه زهور قوس المطر ..!
كتمت ضحكتي حينها فجميع الأطفال بدأوا يسمون الأراولا بذلك الاسم الذي اختارته جين ..!
- سوف أهزمك الآن .. و اقضي عليك ..!
- توقف أيريك .. يجب أن يموت الشرير في النهاية ..!
التفتت إلى جهة في الغرفة فرأيت أيريك و مايك اللذان دخلا دون أن أنتبه و قد كان الأخير مستلقياً على ظهره بينما الآخر منقضاً عليه ..!
كلن منهما قد ربط غطاءً أبيض على رقبته يتدلى على ظهره و هو يحمل سيفاً بلاستيكياً ..!
ضحكت حينها عليهما فيبدو أن أيريك الشرير يريد القضاء على مايك فارس العدالة بينما كان الأخير مستاءً من هذا ..!
لكن الآنسة جينا دخلت حينها و هي تقول باستياء : من أخذ الأغطية من فوق حبل الغسيل ..!
لكنها شهقت بفزع حين رأت تلك الأغطية قد صارت أوشحت فرسان لهاذين الطفلين ..!
بدا عليها الاستياء و هي تقول : يا له من تصرف سيء يا صغار ..! كم مرة أخبرتكما أن الأغطية ليست للعب ..!
و قف الأثنان و قد بدا عليهما الخجل من أفعالهما السيئة ..!
لكن الأنسة جينا قالت بصرامه : سوف تحرمان من البسكويت اليوم ..!
صرخ الأثنان : هذا ليس عدلاً ..!
لكنها تقدمت ناحيتهما و أخذت تفك الأغطية المربوطة حول أعناقهما و قالت : و هل من العدل أن تسرقا الأغطية و تعبثان بها كلما غسلتها ؟!!.. أنظرا .. لقد اتسخت تماماً ..!
بدا عليهما الحزن الشديد لكنني قلت حينها : عليكما أن تكونا أكثر احتراماً للوضع .. الآنسة جينا تتعب في غسل الأغطية كل أسبوع لذا يجب أن تقدرا ذلك ..!
بنبرة أسف قالا : آسفان ..!
ابتسمت حينها : سوف أسامحكما هذه المرة ..!
بلهفة سألا : حقاً ؟!!..
- أجل .. لكن لا بسكويت اليوم ..!
بدت عليهما التعاسة فضحكت بخفة عليهما ..!
خرجت الآنسة جينها من الغرفة و خلفها الصبيان بينما هتف مارسيل بسعادة : أنظر يا لينك .. لقد انتهينا من تركيب السكة ..!
أومأت إيجاباً و أنا أقول : سوف نجرب القطار الآن ..!
قبل أن أفعل شيئاً دخلت ديالا و هي تقول : لقد جاء ضيوف ..!
التفت إليها مستغرباً : من ؟!!..
ابتسمت بلطف : إنه ماثيو و أخوه ستيف .. لقد مضى وقت منذ قاما بزيارتنا آخر مره ..!
.
.
.
هل قالت .. ماثيو و ستيف ؟!!!.
.
إنهما بالتأكيد ماثيو و ستيف ديمتري !!..
.
يستحيل !!!!..
ماذا سأقول لو رآني ماثيو الآن ؟!!..
لا .. لا يجب أن يراني !!..
هنا قلت بسرعة : أين هما الآن ؟!..
بدا عليها الاستغراب و هي تقول : في غرفة الجلوس .. لكن ستيف سيأتي ليلعب معنا هنا الآن ..!
ركضت حينها خارجاً من الغرفة و صعدت للأعلى بسرعة خشية أن يرياني ..!
من الرائع أني ركنت سيارتي في مواقف الحديقة و ليس أمام باب الملجأ و إلا لحدثت كارثة ..!
بينما كنت أصعد الدرج بسرعة ألتقيت بالآنسة جيني التي كانت تحمل جين بعد أن بدلت لها ملابسها التي اتسخت بالطين ..!
بدا عليها الاستغراب : ما الأمر لينك ؟!!.. لما صعدت ؟!!..
بتوتر قلت : يا آنسة .. هناك شخص بالأسفل يجب أن لا يراني .. أرجوا منك مساعدتي ..!
رغم أنها لم تفهم شيئاً لكنها قالت : اصعد و ستجد غرف الصبية على يمينك ..!
- حسناً .. لكن أخبري الأطفال أن لا ينطقوا اسمي أمام ذلك الضيف ..!
- سأفعل ..!
شكرتها و تابعت صعودي للأعلى .. كان هناك الكثير من الغرف على اليسار و اليمين لكنني دخلت إلى أول غرفة يميني ..!
فور أن دخلت رأيت جون الصغير يجلس على الأرض و يلون في دفتر تلوين معه ..!
كان هناك سريران مرتبان بعناية ..!
تقدمت بإرهاق و جلست على احد السريرين بينما كان جون مستغرباً : لما أنت خائف ؟!!..
نظرت إليه للحظات لأرى التعجب على ملامحه .. هل يبدو علي الخوف إلى هذه الدرجة ؟!!..
لكنني لم أجبه بل ابتسمت و قلت : جون .. غرفة من هذه ؟!!..
ابتسم لي و هو يقول : غرفتي مع ايريك .. و بجانبي غرفة مايك و مارسيل ..!
- و هل تحب الحياة هنا ؟!!..
- أجل .. إنه أجمل من بيتنا القديم .. و هناك كثير من الألعاب .. و الآنسة جيني تطهو طعاماً شهياً .. كذلك الآنسة جينا ماهرة في صنع الكعك و البسكويت ..!
- أنا سعيد لهذا ..!
لقد كانت الفرحة تشع من عينيه و هو يتحدث عن مميزات هذا المكان رغم أنها بسيطة للغاية ..!
حينها دخل أحدهم و قد كانت لورا و قالت : لقد ذهب ماثيو يا لينك ..!
قطبت حاجبي : بهذه السرعة ؟!!..
أومأت إيجاباً : لقد قال أنه سوف يزور الآنسة جوليا في منزلهم .. و قد ترك ستيف هنا ..!
سيزور جوليا ؟!!.. لما ؟!!..
آه صحيح .. لاشك أنه سأل عنها فأخبرته الآنسة جينا بأن والدتها توفيت ..!
لحظة .. إن ذهب لرؤية جوليا فلا شك أنه سيرى ميشيل !!..
هذا لن يكون جيداً أيضاً ..!
نظرت إلى لورا : أين ستيف الآن ؟!!..
- في غرفة الألعاب مع مايك و رينا ..!
- حسناً عزيزتي .. علي الذهاب الآن .. أتريدين شيئاً ؟!!..
بدت عليها السعادة وهي تقول : أحضر رايل معك في المرة القادمة ..!
اختفت ابتسامتي حينها فلم يحدد موعد خروج رايل من المشفى بعد ..!
لكنني عدت لأبتسم و قلت : سأفعل .. لكن علي الآن الخروج دون أن ينتبه لي ستيف .. لذا حاولي إبقاءه في غرفة الألعاب ..!
أومأت موافقة فركضت لتنزل بينما اسرع جون للحاق بها ..!
فوراً أخرجت هاتفي و اتصلت بجوليا .. و ماهي سوى لحظات و أجابت علي : مرحباً لينك ..!
- أهلاً جوليا .. أأنت في المنزل ؟!!..
- أجل ..!
- و ميشيل ..!
- إنها معي هنا .. لما ؟!!..
- اسمعي جوليا .. سوف يزوركم ماثيو بعد قليل .. لقد علم من الآنسة جينا عن وفاة الخالة آنا و سوف يأتي لزيارتكم الآن ..!
- حسناً .. و ماذا في ذلك ؟!!..
- ماثيو لا يجب أن يرى ميشيل بسبب بعض الأمور .. لذا أيمكنك أن تطلبي منها أن تخرج من منزلكم حالاً ؟!!..
- لكن .. إلى أين تذهب ؟!..
- أخبريها أن تذهب إلى الحديقة التي في حيكم و أنا سوف آتي لأخذها من هناك ..!
- رغم أني لم أفهم شيئاً .. لكني سأفعل ..!
- شكراً لك .. و شيء آخر .. لا تنطقي أمام ماثيو بثلاثة أسماء .. لينك .. ريكايل .. ميشيل .. جيد ؟!..
- لا تقلق .. أعتمد علي ..!
- أنا حقاً لا أعلم كيف أشكرك جوليا ..!
- لا داعي لهذا لينك .. فنحن أخوة ..!
- بالتأكيد .. حسناً سوف آتي لاصطحاب ميشيل الآن .. أرجوا أن تترك المنزل قبل وصول ماثيو ..!
- سوف أخبرها بهذا ..!
- إلى اللقاء ..!
- إلى اللقاء ..!
بعد أن أنهيت المكالمة أسرعت لمغادرة الملجأ و من حسن الحظ أن ستيف لم ينتبه لي رغم مروري من امام غرفة الألعاب ..!
و دعت الآنستين و جين ثم خرجت من الملجأ ..!
الآن علي أن أتجه للمكان الذي ركنت في سيارتي و أسرع إلى ميشيل ..!
..................................................
كنت أقود سيارتي بتمهل على ذلك الطريق ..!
حركت بصري للحظات كي أنظر إلى يميني .. و حينها رأيتها وهي تنظر إلي نظرة شك عارمة مما جعلني أبعد بصري بسرعة و بتوتر ..!
مرت بضع لحظات أخرى .. و بعدها حركت بصري إليها لأرى أنها لم تبعد عينيها عني و تلك النظرة الغريبة لا تزال فيهما ..!
يا إلهي .. ما بها تنظر إلي هكذا ؟!!..
لقد مضت دقائق و نحن على هذا الحال ..!
أخشى أن أفقد السيطرة على السيارة من شدة توتري الذي سببته نظرتها تلك ..!
بعدها بلحظات توقفت بسبب إشارة مرورية حمراء و من فوري التفت ناحيتها باستغراب : ما بك ؟!!.. لما تنظرين إلي هكذا ؟!!..
قطبت حاجبيها و بنبرة شك سألت : إلى أين ستأخذني ؟!!..
عدت أنظر إلي الطريق حينها رغم أني و السيارات حولي متوقفون ..!
لكنني أردت أن أفكر .. إلى أين أذهب بميشيل الآن ؟!!..
أنا جائع .. كنت أنوي تناول الغداء مع الأطفال في الملجأ ..!
لقد كانت رائحة السمك المشوي الذي أعدته الآنسة جيني مذهله ..!
لكن ماثيو الأحمق و أخاه المدلل أفسدا هذا ..!
لا أستطيع العودة إلى الملجأ الآن .. لأن ستيف البكاء سيكون هناك ..!
التفت إلى ميشيل : هل تناولت غداءك ؟!!..
أومأت سلباً و قالت باستياء : لقد كنت أعد الغداء حين دخلت جوليا و قالت لي بأنه علي الهروب حالاً لسبب أجهله !!.. هلا شرحت لي الآن ..!
ابتسمت بتوتر : في الحقيقة .. ماثيو كان ذاهباً لزيارة جوليا من أجل تقديم التعازي .. خفت أن يراك و يعلم أنك أختها ..! سيسبب هذا الكثير من المشاكل لأني و ريكايل سنكون مرتبطين بهذا أيضاً ..!
نظرت إلى الأمام و قالت : أنت و أخوك مصدر للإزعاج بالفعل .. أرجوا أن تنتبه جوليا للغداء كي لا يحترق .. بالكاد كنت أملك الوقت لتبديل ملابسي ..!
كانت ميشيل ترتدي كنزة صوف وردية ثقيلة و بنطال جينز أزرق طويل و معطفاً تربياً جلدي بسيط ..!
أما أنا فقد كنت أرتدي بنطال جينز أزرق و كنزة برتقالية مع معطف أسود طويل من الجلد ..!
الجو بارد .. و هناك أنباء عن أن الثلج سيسقط قريباً جداً ..!
هنا قلت : ميشيل .. ما رأيك أن نذهب لتناول الغداء ..! على حسابي ..!
أخذت تفكر للحظات قبل أن تقول : موافقة .. لكن ليس في مطعم فاخر ..!
- كما تشائين ..! ماذا تريدين أن تأكلي ؟!..
- أنا أفضل المأكولات السريعة على أي شيء آخر ..!
- حسناً .. نذهب إلى أحد المطاعم المتخصصة في الوجبات السريعة ..!
أومأت إيجاباً و قد ابتسمت بهدوء .. بادلتها الابتسامة حينها و حركت السيارة حين انتبهت لأن الضوء الأخضر قد سطع أخيراً ..!
.................................................. ...
كانت الساعة تشير إلى الرابعة مساءاً ..!
لقد تناولت الغداء مع ميشيل .. ثم ذهبنا إلى السنيما و حظرنا فلماً بوليسياً كان لصديقي لوي دور مهم فيه و إن لم يحصل على دور البطولة ..!
و بعدها ها نحن في السيارة بعد أن أنتهى الفلم الذي دعوت ميشيل لمشاهدته ..!
نظرت إلي حينها و قالت : كاذب .. أنت تكذب مجدداً لينك ..!
قطبت حاجبي حينها : أقسم لك أني لا أكذب .. لقد وعدتك أن لا أكذب عليك و وعدتي أن تصدقيني دائماً ..!
- هذا أمر آخر ..! كيف تريدني أن أصدق بأن لويفان الممثل الشهير هو صديقك منذ الطفولة ..!
- حسناً .. أنا لا أكذب .. إن لوي صديقي فعلاً ..!
- أأنت جاد لينك ؟!!..
- أجل .. وحين يأتي لزيارتي في المرة القادمة فسأجعلك تقابلينه شخصياً ..! لكن أخبريني .. أأنت من المعجبات به ؟!!..
- ليس كثيراً .. لكنه نجم شهير و كل الفتيات في مدرستي يتحدثن عنه .. كما أن أفلامه ليست غالية كباقي الممثلين لذا أستطيع شراءها ..!
- هكذا إذاً .. حسناً دعينا منه الآن .. إلى أين سنذهب ؟!!..
- ألن نزور رايل ؟!!..
- إن لديه فحوصات كثيرة اليوم .. و قد طلب مني الطبيب أن لا آتي فهو لن يكون في غرفته .. و حين يعود إليها فسيكون متعباً بالتأكيد .. لذا ليس من الجيد زيارته فعليه أخذ قسط كافي من الراحة ..!
- هكذا إذاً .. لنذهب و نتجول في إحدى الحدائق ..!
- ما رأيك بحديقة برج إيفيل ؟!!.. إنها مكان رائع و أنا أحب زيارته ..!
- كما تشاء .. لا مشكلة لدي ..!
...........................................
اليوم هو الخميس ..!
مساء الأمس عاد جميع أصدقائي من رحلتهم في لندن .. إلا أني لم ألتقي بأحدهم بعد ..!
الساعة كانت تشير إلى الثانية عشر ظهراً ..!
كنت في غرفة الألعاب الصغيرة مع الأطفال في الملجأ .. و قد كنت أساعد مارسيل على تركيب سكة للقطار الذي اشتراه ..!
جاءت إلي رينا تركض و هي تقول : لينك .. لنلعب في الحديقة المجاورة ..!
ابتسمت لها و قلت : سنفعل ذلك بعد تناول الغداء ..!
حينها دخل لورا و هي تركض : لينك أنظر إلى هذا .. أنظر بسرعة ..!
التفت ناحيتها فرأيت كراس الرسم بين يديها و قد رسمت بعضاً من الزهور الملونة بعشوائية في الصفحة : إنها جميلة جداً .. أنت مبدعة يا لورا ..!
ضحكت حينها بخفة : هذه زهور قوس المطر ..!
كتمت ضحكتي حينها فجميع الأطفال بدأوا يسمون الأراولا بذلك الاسم الذي اختارته جين ..!
- سوف أهزمك الآن .. و اقضي عليك ..!
- توقف أيريك .. يجب أن يموت الشرير في النهاية ..!
التفتت إلى جهة في الغرفة فرأيت أيريك و مايك اللذان دخلا دون أن أنتبه و قد كان الأخير مستلقياً على ظهره بينما الآخر منقضاً عليه ..!
كلن منهما قد ربط غطاءً أبيض على رقبته يتدلى على ظهره و هو يحمل سيفاً بلاستيكياً ..!
ضحكت حينها عليهما فيبدو أن أيريك الشرير يريد القضاء على مايك فارس العدالة بينما كان الأخير مستاءً من هذا ..!
لكن الآنسة جينا دخلت حينها و هي تقول باستياء : من أخذ الأغطية من فوق حبل الغسيل ..!
لكنها شهقت بفزع حين رأت تلك الأغطية قد صارت أوشحت فرسان لهاذين الطفلين ..!
بدا عليها الاستياء و هي تقول : يا له من تصرف سيء يا صغار ..! كم مرة أخبرتكما أن الأغطية ليست للعب ..!
و قف الأثنان و قد بدا عليهما الخجل من أفعالهما السيئة ..!
لكن الأنسة جينا قالت بصرامه : سوف تحرمان من البسكويت اليوم ..!
صرخ الأثنان : هذا ليس عدلاً ..!
لكنها تقدمت ناحيتهما و أخذت تفك الأغطية المربوطة حول أعناقهما و قالت : و هل من العدل أن تسرقا الأغطية و تعبثان بها كلما غسلتها ؟!!.. أنظرا .. لقد اتسخت تماماً ..!
بدا عليهما الحزن الشديد لكنني قلت حينها : عليكما أن تكونا أكثر احتراماً للوضع .. الآنسة جينا تتعب في غسل الأغطية كل أسبوع لذا يجب أن تقدرا ذلك ..!
بنبرة أسف قالا : آسفان ..!
ابتسمت حينها : سوف أسامحكما هذه المرة ..!
بلهفة سألا : حقاً ؟!!..
- أجل .. لكن لا بسكويت اليوم ..!
بدت عليهما التعاسة فضحكت بخفة عليهما ..!
خرجت الآنسة جينها من الغرفة و خلفها الصبيان بينما هتف مارسيل بسعادة : أنظر يا لينك .. لقد انتهينا من تركيب السكة ..!
أومأت إيجاباً و أنا أقول : سوف نجرب القطار الآن ..!
قبل أن أفعل شيئاً دخلت ديالا و هي تقول : لقد جاء ضيوف ..!
التفت إليها مستغرباً : من ؟!!..
ابتسمت بلطف : إنه ماثيو و أخوه ستيف .. لقد مضى وقت منذ قاما بزيارتنا آخر مره ..!
.
.
.
هل قالت .. ماثيو و ستيف ؟!!!.
.
إنهما بالتأكيد ماثيو و ستيف ديمتري !!..
.
يستحيل !!!!..
ماذا سأقول لو رآني ماثيو الآن ؟!!..
لا .. لا يجب أن يراني !!..
هنا قلت بسرعة : أين هما الآن ؟!..
بدا عليها الاستغراب و هي تقول : في غرفة الجلوس .. لكن ستيف سيأتي ليلعب معنا هنا الآن ..!
ركضت حينها خارجاً من الغرفة و صعدت للأعلى بسرعة خشية أن يرياني ..!
من الرائع أني ركنت سيارتي في مواقف الحديقة و ليس أمام باب الملجأ و إلا لحدثت كارثة ..!
بينما كنت أصعد الدرج بسرعة ألتقيت بالآنسة جيني التي كانت تحمل جين بعد أن بدلت لها ملابسها التي اتسخت بالطين ..!
بدا عليها الاستغراب : ما الأمر لينك ؟!!.. لما صعدت ؟!!..
بتوتر قلت : يا آنسة .. هناك شخص بالأسفل يجب أن لا يراني .. أرجوا منك مساعدتي ..!
رغم أنها لم تفهم شيئاً لكنها قالت : اصعد و ستجد غرف الصبية على يمينك ..!
- حسناً .. لكن أخبري الأطفال أن لا ينطقوا اسمي أمام ذلك الضيف ..!
- سأفعل ..!
شكرتها و تابعت صعودي للأعلى .. كان هناك الكثير من الغرف على اليسار و اليمين لكنني دخلت إلى أول غرفة يميني ..!
فور أن دخلت رأيت جون الصغير يجلس على الأرض و يلون في دفتر تلوين معه ..!
كان هناك سريران مرتبان بعناية ..!
تقدمت بإرهاق و جلست على احد السريرين بينما كان جون مستغرباً : لما أنت خائف ؟!!..
نظرت إليه للحظات لأرى التعجب على ملامحه .. هل يبدو علي الخوف إلى هذه الدرجة ؟!!..
لكنني لم أجبه بل ابتسمت و قلت : جون .. غرفة من هذه ؟!!..
ابتسم لي و هو يقول : غرفتي مع ايريك .. و بجانبي غرفة مايك و مارسيل ..!
- و هل تحب الحياة هنا ؟!!..
- أجل .. إنه أجمل من بيتنا القديم .. و هناك كثير من الألعاب .. و الآنسة جيني تطهو طعاماً شهياً .. كذلك الآنسة جينا ماهرة في صنع الكعك و البسكويت ..!
- أنا سعيد لهذا ..!
لقد كانت الفرحة تشع من عينيه و هو يتحدث عن مميزات هذا المكان رغم أنها بسيطة للغاية ..!
حينها دخل أحدهم و قد كانت لورا و قالت : لقد ذهب ماثيو يا لينك ..!
قطبت حاجبي : بهذه السرعة ؟!!..
أومأت إيجاباً : لقد قال أنه سوف يزور الآنسة جوليا في منزلهم .. و قد ترك ستيف هنا ..!
سيزور جوليا ؟!!.. لما ؟!!..
آه صحيح .. لاشك أنه سأل عنها فأخبرته الآنسة جينا بأن والدتها توفيت ..!
لحظة .. إن ذهب لرؤية جوليا فلا شك أنه سيرى ميشيل !!..
هذا لن يكون جيداً أيضاً ..!
نظرت إلى لورا : أين ستيف الآن ؟!!..
- في غرفة الألعاب مع مايك و رينا ..!
- حسناً عزيزتي .. علي الذهاب الآن .. أتريدين شيئاً ؟!!..
بدت عليها السعادة وهي تقول : أحضر رايل معك في المرة القادمة ..!
اختفت ابتسامتي حينها فلم يحدد موعد خروج رايل من المشفى بعد ..!
لكنني عدت لأبتسم و قلت : سأفعل .. لكن علي الآن الخروج دون أن ينتبه لي ستيف .. لذا حاولي إبقاءه في غرفة الألعاب ..!
أومأت موافقة فركضت لتنزل بينما اسرع جون للحاق بها ..!
فوراً أخرجت هاتفي و اتصلت بجوليا .. و ماهي سوى لحظات و أجابت علي : مرحباً لينك ..!
- أهلاً جوليا .. أأنت في المنزل ؟!!..
- أجل ..!
- و ميشيل ..!
- إنها معي هنا .. لما ؟!!..
- اسمعي جوليا .. سوف يزوركم ماثيو بعد قليل .. لقد علم من الآنسة جينا عن وفاة الخالة آنا و سوف يأتي لزيارتكم الآن ..!
- حسناً .. و ماذا في ذلك ؟!!..
- ماثيو لا يجب أن يرى ميشيل بسبب بعض الأمور .. لذا أيمكنك أن تطلبي منها أن تخرج من منزلكم حالاً ؟!!..
- لكن .. إلى أين تذهب ؟!..
- أخبريها أن تذهب إلى الحديقة التي في حيكم و أنا سوف آتي لأخذها من هناك ..!
- رغم أني لم أفهم شيئاً .. لكني سأفعل ..!
- شكراً لك .. و شيء آخر .. لا تنطقي أمام ماثيو بثلاثة أسماء .. لينك .. ريكايل .. ميشيل .. جيد ؟!..
- لا تقلق .. أعتمد علي ..!
- أنا حقاً لا أعلم كيف أشكرك جوليا ..!
- لا داعي لهذا لينك .. فنحن أخوة ..!
- بالتأكيد .. حسناً سوف آتي لاصطحاب ميشيل الآن .. أرجوا أن تترك المنزل قبل وصول ماثيو ..!
- سوف أخبرها بهذا ..!
- إلى اللقاء ..!
- إلى اللقاء ..!
بعد أن أنهيت المكالمة أسرعت لمغادرة الملجأ و من حسن الحظ أن ستيف لم ينتبه لي رغم مروري من امام غرفة الألعاب ..!
و دعت الآنستين و جين ثم خرجت من الملجأ ..!
الآن علي أن أتجه للمكان الذي ركنت في سيارتي و أسرع إلى ميشيل ..!
..................................................
كنت أقود سيارتي بتمهل على ذلك الطريق ..!
حركت بصري للحظات كي أنظر إلى يميني .. و حينها رأيتها وهي تنظر إلي نظرة شك عارمة مما جعلني أبعد بصري بسرعة و بتوتر ..!
مرت بضع لحظات أخرى .. و بعدها حركت بصري إليها لأرى أنها لم تبعد عينيها عني و تلك النظرة الغريبة لا تزال فيهما ..!
يا إلهي .. ما بها تنظر إلي هكذا ؟!!..
لقد مضت دقائق و نحن على هذا الحال ..!
أخشى أن أفقد السيطرة على السيارة من شدة توتري الذي سببته نظرتها تلك ..!
بعدها بلحظات توقفت بسبب إشارة مرورية حمراء و من فوري التفت ناحيتها باستغراب : ما بك ؟!!.. لما تنظرين إلي هكذا ؟!!..
قطبت حاجبيها و بنبرة شك سألت : إلى أين ستأخذني ؟!!..
عدت أنظر إلي الطريق حينها رغم أني و السيارات حولي متوقفون ..!
لكنني أردت أن أفكر .. إلى أين أذهب بميشيل الآن ؟!!..
أنا جائع .. كنت أنوي تناول الغداء مع الأطفال في الملجأ ..!
لقد كانت رائحة السمك المشوي الذي أعدته الآنسة جيني مذهله ..!
لكن ماثيو الأحمق و أخاه المدلل أفسدا هذا ..!
لا أستطيع العودة إلى الملجأ الآن .. لأن ستيف البكاء سيكون هناك ..!
التفت إلى ميشيل : هل تناولت غداءك ؟!!..
أومأت سلباً و قالت باستياء : لقد كنت أعد الغداء حين دخلت جوليا و قالت لي بأنه علي الهروب حالاً لسبب أجهله !!.. هلا شرحت لي الآن ..!
ابتسمت بتوتر : في الحقيقة .. ماثيو كان ذاهباً لزيارة جوليا من أجل تقديم التعازي .. خفت أن يراك و يعلم أنك أختها ..! سيسبب هذا الكثير من المشاكل لأني و ريكايل سنكون مرتبطين بهذا أيضاً ..!
نظرت إلى الأمام و قالت : أنت و أخوك مصدر للإزعاج بالفعل .. أرجوا أن تنتبه جوليا للغداء كي لا يحترق .. بالكاد كنت أملك الوقت لتبديل ملابسي ..!
كانت ميشيل ترتدي كنزة صوف وردية ثقيلة و بنطال جينز أزرق طويل و معطفاً تربياً جلدي بسيط ..!
أما أنا فقد كنت أرتدي بنطال جينز أزرق و كنزة برتقالية مع معطف أسود طويل من الجلد ..!
الجو بارد .. و هناك أنباء عن أن الثلج سيسقط قريباً جداً ..!
هنا قلت : ميشيل .. ما رأيك أن نذهب لتناول الغداء ..! على حسابي ..!
أخذت تفكر للحظات قبل أن تقول : موافقة .. لكن ليس في مطعم فاخر ..!
- كما تشائين ..! ماذا تريدين أن تأكلي ؟!..
- أنا أفضل المأكولات السريعة على أي شيء آخر ..!
- حسناً .. نذهب إلى أحد المطاعم المتخصصة في الوجبات السريعة ..!
أومأت إيجاباً و قد ابتسمت بهدوء .. بادلتها الابتسامة حينها و حركت السيارة حين انتبهت لأن الضوء الأخضر قد سطع أخيراً ..!
.................................................. ...
كانت الساعة تشير إلى الرابعة مساءاً ..!
لقد تناولت الغداء مع ميشيل .. ثم ذهبنا إلى السنيما و حظرنا فلماً بوليسياً كان لصديقي لوي دور مهم فيه و إن لم يحصل على دور البطولة ..!
و بعدها ها نحن في السيارة بعد أن أنتهى الفلم الذي دعوت ميشيل لمشاهدته ..!
نظرت إلي حينها و قالت : كاذب .. أنت تكذب مجدداً لينك ..!
قطبت حاجبي حينها : أقسم لك أني لا أكذب .. لقد وعدتك أن لا أكذب عليك و وعدتي أن تصدقيني دائماً ..!
- هذا أمر آخر ..! كيف تريدني أن أصدق بأن لويفان الممثل الشهير هو صديقك منذ الطفولة ..!
- حسناً .. أنا لا أكذب .. إن لوي صديقي فعلاً ..!
- أأنت جاد لينك ؟!!..
- أجل .. وحين يأتي لزيارتي في المرة القادمة فسأجعلك تقابلينه شخصياً ..! لكن أخبريني .. أأنت من المعجبات به ؟!!..
- ليس كثيراً .. لكنه نجم شهير و كل الفتيات في مدرستي يتحدثن عنه .. كما أن أفلامه ليست غالية كباقي الممثلين لذا أستطيع شراءها ..!
- هكذا إذاً .. حسناً دعينا منه الآن .. إلى أين سنذهب ؟!!..
- ألن نزور رايل ؟!!..
- إن لديه فحوصات كثيرة اليوم .. و قد طلب مني الطبيب أن لا آتي فهو لن يكون في غرفته .. و حين يعود إليها فسيكون متعباً بالتأكيد .. لذا ليس من الجيد زيارته فعليه أخذ قسط كافي من الراحة ..!
- هكذا إذاً .. لنذهب و نتجول في إحدى الحدائق ..!
- ما رأيك بحديقة برج إيفيل ؟!!.. إنها مكان رائع و أنا أحب زيارته ..!
- كما تشاء .. لا مشكلة لدي ..!
...........................................
لا يزال الجو بارداً للغاية .. لذا أخذت كوبين من القهوة الساخنة لي و لميشيل من أحد المقاهي الصغيرة التي تملأ الحديقة ..!
و بعد أن شربناها حتى آخر رشفة خرجنا من المقهى ..!
كانت أسير مع ميشيل جنباً إلى جنب و نتحدث في أمور كثيرةً ..!
- هل ستعودين للعمل بدءً من الأسبوع القادم ؟!..
- أجل .. لقد أعطاني المدير إجازة حين توفيت أمي .. لكني لا استطيع البقاء حزينةً لوقت طويل حتى لا تحزن أمي هي الأخرى ..!
كلما تحدث مع ميشيل و عرفت كم حياتها مليئة بالكفاح تأكدت بأنها تملك قلب عشرة رجال فأنا حتى لم أكن لأصمد كما صمدت هي ضد الظروف ..!
ابتسمت هي حينها فجأة : في المرة القادمة .. سنأتي بريكايل و جوليا معنا إلى هنا ..!
أومأت إيجاباً و قد ابتسمت أنا الآخر : أجل .. بالتأكيد ..!
- كيف حال خالتكم يا لينك .. لم أرها بالأمس حين زرت رايل ..!
- لقد سافرت صباح الأمس إلى واشنطن .. و أظنها ستعود هذا المساء .. عملها يفرض عليها الكثير ..!
- أجل .. لكن بما أنها تحب عملها فلا بأس ..! إنها شابة نشيطة للغاية .. و هي مرحة و لطيفة كذلك ..!
بدا أن ميشيل قد أحبت الخالة ميراي و قد اسعدني هذا بالفعل .. فأنا حين أجلس معها و مع ميراي و ريك و جوليا أنسى كل هموم الدنيا ..!
التفت إلى ميشيل و في نيتي سؤالها عن إن ما كانت تريد الذهاب لمكان معين بعد أن نخرج من الحديقة .. لكنني صمت حين رأيت ملامحها الهادئة الشبه مصدومة وهي تنظر أمامها و قد توقفت عن المسير ..!
و قبل أن أقول شيئاً سمت صوت أحدهم : أهذا أنت مارسنلي .. تركت رحلتنا كي تقضي وقتك مع فتاة هنا ..!
أعرف هذا الصوت .. و أعرف أني أكره صاحبه إلى حد يفوق ثروة مارسنلي ..!
التفت ببرود إلى ذلك التموثي البغيض .. لكن برودي تحول إلى استغراب حين رأيت ليديا برفقته و قد كانت تنظر إلي بهدوء ..!
.
.
ميشيل معي .. و ليديا أمامنا ..!
ألهذا ميشيل مصدومة ..!
.
.
لكن ليديا ابتسمت حينها : كيف حالك لينك ؟!!..
بهدوء أجبت : بخير .. و أنت ؟!!..
بمرح قالت : بخير أيضاً .. اهذه رفيقتك ؟!!.. إنها جميلة لينك .. هنيئاً لك بها ..!
ليديا .. كم أنت عظيمة !!!..
أعلم أن ليديا قالت تلك الكلمات كي تطمئن ميشيل .. و ربما كي تطفأ النار التي قد تكون اشتعلت في قلب ميشيل التي لا شك أنها تذكرت ذلك اليوم حين رأتني و ليديا في المقهى ..!
لذا .. قالت هذا الكلام كي تثبت لميشيل أنه لا شيء بيني و بينها بطريقة غير مباشرة ..!
ابتسمت لها : شكراً لك ليديا ..!
لكن ذلك التيموثي تدخل فجأة : إذاً .. لم تعرفنا على رفيقتك هذه ..!
حينها قالت ميشيل بخفوت وهدوء : أدعى ميشيل ..!
تقدمت ليديا فوراً و مدت يديها إلى ميشيل : أسمي ليديا .. و أنا زميلة لينك في المدرسة ..! أيمكن أن نصير صديقتين ؟!!..
بدا على ميشيل الاستغراب .. لكن يبدو أنها استشعرت صدق ليديا لذا ابتسمت بهدوء و صافحتها : بالتأكيد يمكن ذلك ..!
نظرت إلي ليديا باستياء : لينك كيف يكون لك صديقة لطيفة كهذه و لا تعرفني عليها ..!
- أعتذر ليديا .. لم تسمح الظروف بذلك .. لكني سأكون سعيداً لو صرتما صديقتين ..!
ابتسمت كلاهما في ذات الوقت فابتسمت أنا الآخر ..!
تقدم تيموثي حينها وهو يقول : إنها جميلة و جذابة لينك رغم بساطتها .. لكن بالفعل جمالها مختفٍ خلف تلك البساطة !!..
يا له من وقح بالفعل !!.. و يتجرأ على قول هذا أمامي بتلك النبرة المسمومة !!..
مد يده إلى ميشيل : أنا تيموثي برايان .. مرحباً ..!
أرادت ميشيل مصفحته لكني بسرعة أمسكت بيديها و أرجعتها إلى الخلف مما جعلها تستغرب بينما نظر إلي تيموثي ببرود و أعاد يده إلى جيب معطفه الأسود ..!
حين شعرت ليديا بسوء الوضع قالت بابتسامة : حسناً .. أنه لمن الجيد رؤيتكما ..! نراك فيما بعد لينك ..! هيا تيموثي ..!
سارت بعدها و تيموثي برفقتها بينما سرت مع ميشيل بعيداً عنهما قليلاً ..!
و بينما نحن نسير سألت هي بهدوء : تلك الفتاة .. هي ذاتها من كانت في المقهى ..!
كنت أعلم أنها ستسأل عن هذا لذا قلت : لقد طلبت مني أمي إجراء مقابلة زواج معها ..! و بينما كنا نتجول معاً دخلنا إلى ذلك المقهى ..! في تلك الفترة كنت مشتتاً بسبب غضبك مني و لأني كنت قد اكتشفت أن رايل هو أخي .. لذا اعتقدت أن ليديا سوف تخرجني من تلك الحالة لأنها بالفعل فتاة طيبة و رائعة ..! لكن كما تذكرين حين رأيتك في المقهى تركتها و تبعتك ..!
- و ماذا كان موقفها حينها ؟!!..
ابتسمت حينها و التفت إليها : هل ستصدقين ؟!!..
بدا عليها الاستغراب : لقد وعدتك بأن أصدقك دائماً ..!
نظرت إلى الأمام حينها و أنا أقول بابتسامة : لقد قالت لي بأنها أحبتني كصديق و لم تقع في حبي بعد ..! لذا قالت بأنها ستساعدني كي أصلح علاقتي معك ..! و قد فعلت ذلك ..!
كانت ميشيل مصدوماً : لا أصدق ..!
ضحكت حينها : لقد قلت أنك ستصدقين ..!
- لكن .. إنها بالفعل فتاة غريبة !!..
- حسناً .. شيء من هذا القبيل ..! لكنها رائعة فهي دائماً ما تسدي إلي النصائح و تقول بأنها لن ترتاح حتى ترضي أنت عني ..!
- لقد شعرت بهذا .. حين صافحتني قبل قليل شعرت بمدى طيبتها و نبل أخلاقها ..!
- أجل ..! لقد صارت من أكثر المقربين مني و من ريكايل أيضاً .. إنها تعلم أننا أخوان و تعلم بأني لست ابن مارسنلي حقاً ..! كذلك هي تعرف جوليا و أطفال الملجأ ..!
قطبت ميشيل حاجبيها باستياء : كل هذا يحدث من دوني !!.. حتى أختي تعرف كل شيء و أنا دائماً آخر من يعلم ..!
ضحكت حينها بخفة فقد بدت غاضبةً بالفعل : أنا آسف .. لكنك لم تعطني فرصة لأخبرك بشيء .. لكن من الآن فصاعداً فأنت ستعرفين كل شيء أولاً بأول ..!
ابتسمت حينها بهدوء لكنها لم تلبث أن حولت ابتسامتها إلى نظرة شك باردة : لينك .. لما منعتني من صافحة ذلك الشاب ..!
توترت لحظتها لكني قلت بهدوء : أنا لا أحب ذلك الفتى .. منذ كنا طفلين و نحن عدوان ..! إنه مغرور و لعوب للغاية ..! و كلامه مسموم أيضاً ..!
تحولت نظرة الشك إلى استغراب : المصافحة أمر طبيعي .. فلا بأس بمصافحة من تكرههم حتى ..!
- لا أعلم .. لكني لا أريد منه أن يتعرض لك ..! إنه أكثر شخص أمقته في هذا العالم ..!
بدت مستغربة و لكنها لم تعلق ..!
حينها طرأت في بالي فكرة .. التفت إلى ميشيل و قتل بحماس : ميشيل ما رأيك أن نزور منزلي الآن ..!
نظرت نحوي مصدومة : نذهب لقصر مارسنلي ؟!!..
- أجل ..!
- أجننت لينك !!..
- لما لا ؟!!.. فقط قليلاً .. أمي لا تكون في المنزل هذا الوقت ..! هيا ميشيل سوف أريك صوراً لي مع لويفان حتى تصدقي ..!
- يستحيل لينك .. إنه أمر صعب ..!
- هيا لن يحدث شيء .. سيكون الأمر ممتعاً صدقيني ..!
- لكن لينك .. أنا لا أتجرأ على دخول قصر كبير ..!
- لقد ذهبت لقصر رافالي مسبقاً .. ليس هناك فرق كبير بين قصرنا و قصرهم ..!
تنهدت حينها و اخذت تفكر للحظات قبل أن تقول : موافقة لكن بشرط .. لن يعلم أحد بهذا .. و لن نبقى لوقت طويل ..!
أومأت موافقاً بحماس : بالتأكيد ..!
................................................
كنت قد وصلت إلى بوابة القصر التي فتحها الحارس العجوز و حينها سألته : هل عادت أمي من العمل ؟!..
أومأ سلباً : لا سيدي .. لم تعد بعد ..!
ابتسمت حينها : حسناً .. حين تعود لا تخبرها بأن هناك فتاة معي ..!
أومأ إيجاباً بابتسامة : على عيني ..!
حركت سيارتي حينها إلى داخل القصر .. خلال الفترة الأخيرة اكتشفت بأن الخدم و الخادمات عندنا لطيفون للغاية ..!
وصلت إلى مربض السيارات و نزلت منه مع ميشيل التي بدا عليها الخوف : لينك أنا أنسحب .. لنخرج في الحال ..!
باستياء قلت : لا يمكن ميشيل .. لقد وصلنا إلى المنزل أخيراً ..!
بدا عليها الخوف و لكني امسكت بيدها و أنا أقول : أتبعيني ..!
سرت معها بهدوء حتى وصلنا إلى الحديقة .. حينها رأيت إحدى الخادمات قف قرب حوض الزهور لكنها ما إن انتبهت إلي حتى قدمت ناحيتي : أهلاً بعودتك سيد لينك ..!
- أين جيسكا ؟!!..
- إنها في الداخل .. هل أخبرها بأنك عدت ؟!!..
- لا .. أسمعي أريد التسلل إلى الداخل دون أن تعلم بأني هنا .. هل تساعدينني ؟!!..
اومأت إيجاباً : بالطبع .. حسناً .. سوف أناديها إلى هنا و حينها أدخل أنت من باب الحديقة ..!
بدت فكرة جيدة : حسناً ..!
سارت بعدها نحو الباب الرئيسي بينما سرت أنا و ميشيل إلى الحديقة الجانبية حيث بركة السباحة و القبة الحجرية ..!
كنت أستطيع سماع صوت الخادمة و هي تقول : سيدة جيسكا .. هناك أمر غريب هنا ..!
سمعت بعد لحظات صوت جيسكا وهي تقول : ماذا هناك ؟!!..
لقد خرجت أذاً .. ألتفت إلى ميشيل : هيا بنا ..!
أومأت إيجاباً بتوتر فسرت معها بسرعة إلى الباب الكبير المطل إلى الحديقة و منه دخلنا إلى الردهة الكبيرة و ركضنا فوراً باتجاه المصعد ..!
طلبته حينها و من الرائع أنه فتح فوراً ..!
ركبت و ميشيل معي و حين أغلق الباب استندت إلى الجدار و أنا التقط أنفاسي ..!
كانت ميشيل هي الأخرى تلتقط أنفاسها : من هي تلك المدعوة جيسكا ؟!!..
ضغطت على زر الدور الثالث و أنا أقول : إنها وصيفة أمي العجوز التي لم تتغير قسمات وجهها منذ عرفتها .. لقد كنت أراها في كوابيسي حين كنت طفلاً ..!
قطبت حاجبيها : لهذه الدرجة تخاف منها ..!
وصلنا إلى الدور الثالث فسرت مع ميشيل ناحية غرفتي : ليست مسألة خوف .. لكنني كنت دوماً أفكر في أنها قد تكون ألية أو مخلوقاً من الفضاء .. فهي لم تبتسم يوماً لأحد ..!
ضحكت حينها ميشيل بخفة : يا إلهي .. أي نوع من الأطفال كنت يا لينك ..!
ابتسمت حينها : سأعترف .. كنت طفلاً لا يترك فستان أمه إذا كان هناك الكثير من الناس حوله ..!
بسخرية قالت : لم أعلم أنك جبان ..!
- كنت كذلك حين كنت طفلاً .. لكنني الآن أشجع من الأسود ..!
- أتمنى أن تكون كذلك فعلاً ..!
- أتشكين ؟!!..
- لا .. لكنني أرجوا أنك لا تبالغ ..!
وصلنا حينها إلى باب غرفتي ففتحت الباب و قلت بنبرة لبقة : تفضلي يا آنستي ..!
دخلت حينها و هي تنظر حولها بهدوء ..!
دخلت أنا خلفها و أغلقت الباب : ما رأيك ؟!!..
التفت إلي بابتسامة : أذاً فغرفتك أشبه بالشقة المنعزلة عن المنزل ؟!..
- تستطيعين قول هذا ..!
- أنتم الأغنياء غريبون .. لما تضع مطبخاً في غرفتك بما أن هناك مطبخاً للقصر ..!
- حين أعد فنجان قهوة لا أكون مضطراً للذهاب للمطبخ الرئيسي ..!
- هكذا إذاً ..!
أخذت تنظر حولها للحظات فانتبهت إلى رف على الجدار قرب الطبخ و قد كان هناك بعض الصور في اطارات عليه ..!
سارت ناحيته و أنا خلفها ..!
كانت تنظر إلى تلك الصورة في الوسط كما نظرت أنا أليها ..!
لا أذكر هذه الصورة .. فأنا كنت طفلاً في الثانية من عمري ..!
لكن أبي كان يقف حينها ببدلته الرسمية السوداء و هو يحملني بين يديه و يضحك لي و قد وقفت أمي بجواره بفستانها الأبيض اللطيف مع قبعة القش التي كانت على رأسها و هي تنظر إلي بابتسامة .. أما أنا فقد كنت صغيراً جداً و ارتدي بنطالاً قصيراً بلون أزرق و قميص أبيض قصير الأكمام وقد كنت حينها أضحك بالفعل في وجه جاستن ..!
بابتسامة قالت ميشيل : هل هما السيد و السيدة مارسنلي ؟!!..
أومأت إيجاباً : أجل .. قالت أمي بأنها ذهبت إلى منزلنا الصيفي في الريف الفرنسي و أخذتني معها .. لكن أبي لم يتمكن من الذهاب بسبب عمله .. إلا أنها تفاجأت به يلحق بنا بعد بضع ساعات .. وقد التقطت هذه الصورة في لحظة وصوله ..! كان هذا قبل شهرين فقط من اصابة أبي بالمرض الذي أودى بحياته ..!
بدا الهدوء على ميشيل وقد تمتمت : إنها صورة جميلة .. والداك يبدوان لطيفين ..!
ابتسمت حينها : إنهما كذلك بالفعل ..!
حينها بمرح قالت : لكنك تبدو لطيفاً للغاية و أنت صغير يا لينك ..!
أردت أن أرد عليها لولا أن أحدهم طرق الباب حينها و بعدها ذلك الصوت اللطيف : بني .. أأنت بالداخل ؟!!..
شهقت بفزع بينما تراجعت ميشيل إلى الخلف : من ؟!!..
نظرت إليها و همست : إنها أمي .. اختبئي بسرعه !!..
أومأت موافقة و ركضت إلى المطبخ التحضيري و جلست أرضاً حيث لا تظهر من خلف ذلك الجدار الصغير ..!
أسرعت أنا بالقول : تفضلي ..!
فتحت الباب و دخلت وهي تقول : لما تأخرت بالرد ؟!!..
كانت نبرة شك بينما ابتسمت أنا ابتسامة عريضة : لم أتأخر ..!
لكنها حينها دخلت و جلست على إحدى الأرائك فتقدمت و جلست بجوارها : أمي لقد عدت مبكراً من الشركة اليوم ..!
أومأت إيجاباً : صحيح .. لقد أخبرني أدريان بأنه سيهتم بباقي الأعمال ..!
- هكذا إذاً ..!
- حسناً عزيزي .. سيبدأ النصف الثاني من المدرسة قريباً فهل أنت مستعد ؟!!..
- اعتقد ذلك ..!
- اه صحيح .. قبل أن أدخل سمعتك تتحدث إلى أحدهم ..!
شعرت بالارتباك حينها فقلت : كنت أتحدث بالهاتف ..!
بدا عليها الشك : حقاً ؟!..
بتوتر أومأت إيجاباً فقالت هي : لينك أنا أمك فلا تكذب علي ..!
يا إلهي .. ما هذه الورطة : أمي لما أكذب عليك .. كنت أحدث أحد الأصدقاء بالهاتف ..!
ابتسمت حينها بمكر قبل أن تقول : إذاً لن تخبرني أين اختبأت الفتاة التي كانت معك هنا ..!
.
.
.
و لكم أن تتخيلوا مقدار صدمتي !!..
من أخبرها ؟!!..
.
.
.
حاولت قدر الامكان السيطرة على ملامحي المصدومة و قلت : أي فتاة ؟!.. هل تمزحين ؟!!.. من هي هذه الفتاة التي ستصل إلى غرفتي ..!
بذات مكرها قالت : لا أعلم .. ربما الفتاة التي خطفت قلبك ..!
- أمي ماذا تقولين ؟!!.. لا توجد أي فتاة هنا ..! يبدوا أنك متعبة من العمل و يجب أن ترتاحي ..!
- و أنا لن أخرج حتى أرى هذه الفتاة التي وصلت لغرفتك ..!
يا إلهي .. كيف سأتصرف الآن .. يبدو أنها واثقة من كلامها ..!
حينها قلت : أخبرتك أني لم أحضر أي فتاة إلى هنا ..!
لكنها حينها أظهرت استياءها : لم أعتقد أنك ستكذب علي يوماً يا لينك .. رغم كل ما بذلته في تربيتك ..!
أوشحت بوجهها مستاءه ..!
كيف أتصرف الآن ؟!!..
لا يمكنني أن أتركها تغضب مني ..!
ليس هناك سوى حل واحد ..!
أخذت نفساً عميقاً ثم قلت بتوتر : حسناً .. كيف علمت أن هناك فتاة في غرفتي ؟!!..
التفت حينها بسعادة : الخادمات لا يستطعن الكذب علي !!...
سحقاً !!!.. لقد كانت تمثل حتى تجبرني على الاعتراف ..!
وقفت حينها و سرت ناحية المطبخ التحضيري و فور أن دخلت رأيت ميشيل تجلس على الأرض و قد التفتت نحوي و نظرت إلي باستياء ..!
جثيت قربها بتوتر و همست : أعتذر .. لم استطع الكذب عليها أكثر ..!
همست هي بانزعاج : لقد وعدتني بأنه لن يعلم أحد بذلك ..!
- ميشيل أرجوك أعذريني .. أنها أمي و لا استطيع أن أخدعها ..!
تنهدت حينها فوقفت و وقفت هي الأخرى ..!
أمي أيضاً وقفت حين رأتنا فسرت مع ميشيل حتى خرجنا من المطبخ التحضري ..!
كانت أمي تنظر إلى ميشيل بهدوء ..!
لكنها سرعان ما ابتسمت بخبث و نظرت إلي : حسناً لينك .. ما الذي تفعله هذه الحسناء في غرفتك ..!
أخذت نفساً عميقاً و قلت : الحقيقة يا أمي أني أعرف كل الأمور التي اختلطت في رأسك الآن لكني أأوكد لك أن أحدها ليس صحيحاً ..! كل ما في الأمر أن هذه الفتاة هي قريبة ريكايل و قد أحضرتها إلى هنا كي أريها صوراً لي مع لويفان بعد أن رفضت التصديق بأنه صديقي ..!
قطبت أمي حاجبيها : أأنت متأكد أن هذا كل ما في الأمر ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. حسناً أنت لم تتعرفي عليها بعد ..!
بهدوء حنت ميشيل رأسها و هي تقول : مرحباً سيدتي .. أنا أدعى ميشيل .. و أنا أخت ريكايل بالتربية ..!
تغيرت ملامح أمي حينها إلى الحزن وهي تقول : قلت أخت ريكايل .. يا إلهي عزيزتي تعازي الحارة في وفاة والدتك ..!
رفعت ميشيل رأسها و قالت بابتسامة هادئة : شكراً لك سيدة مارسنلي ..!
- لا شك أنك عانيتي الكثير بدونها ..!
- كانت الأيام الماضية صعبةً للغاية .. لكن ريكايل و لينك ساعداني على تخطي حزني ..!
تقدمت أمي أكثر ناحيتها و احتضنتها حينها و هي تقول بنبرة حانية : أعلم كم الأمر صعب .. أنا أيضاً فقدت والدتي مسبقاً في سن مبكرة .. عزيزتي ميشيل يمكنك أن تناديني بخالتي من اليوم فصاعداً ..!
كنت هادئاً حينها و لم أنطق .. أعرف كم تأثرت أمي بهذا ..!
لقد عانت من فقد والديها مسبقاً و من فقد أبي لذا هي تعرف ما معنى الفراق إلى الأبد ..!
أما ميشيل .. فقد دمعت عيناها حينها و سالت على وجنتيها .. يبدو أن حضن أمي ذكرها بحضن الخالة آنا ..!
لكنها حينها تمتمت بنبرة مخنوقة : شكراً لك .. خالتي ..!
كان واضحاً جداً .. أنها كانت تحاول منع نفسها عن البكاء .. بأي طريقة ..!
.................................................. ...
كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءاً بينما كنت أقود سيارتي الفراري و معي ميشيل كي أعيدها إلى منزلها ..!
لقد بكت اليوم بالفعل في حضن أمي و لا أخفي عليكم أن أمي بكت هي الأخرى معها ..!
و بعد تلك الحالة التي استمرت لدقائق جلسنا سويةً نشرب القهوة في غرفتي و قد حاولت جهداً إبعاد سحابة الحزن عنهما و من الجيد أني تمكنت من ذلك ..!
ها قد وصلت إلى الحي الذي يحتضن منزل ميشيل .. و قبل أن نصل إلى هناك قالت هي بابتسامة و هدوء : لديك أم رائعة يا لينك ..!
ابتسمت حينها : الجميع يقول ذلك ..!
- لا الومك على تعلقك بها و محاولة ارضائها ..!
- لقد فعلت الكثير من أجلي رغم أني لست أبنها الحقيقي .. لكنها لم تشعرني يوماً بهذا بل لطالما اعتبرتني ابنها الوحيد ..!
- لينك .. لا تفرط بها ابداً ..!
- بالتأكيد .. إنها أغلى شيء في حياتي ..!
وصلت حينها إلى منزلهم فأوقفت السيارة عند الباب و حينها فتحت ميشيل بابها و هي تقول بابتسامة لطيفة : شكراً على كل شيء اليوم ..!
- لا تشكريني .. فقد استمتعت معك كثيراً ..!
- إلى اللقاء .. تصبح على خير ..!
- ليلة سعيدة ..!
أغلقت الباب حينها و راحت تصعد درجات السلم بخفة ثم دخلت المنزل و أغلقت الباب بعد أن لوحة لي ..!
حركت سيارتي حينها عائداً لمنزلنا و أنا أفكر بقدر سعادتي لأن أمي أحبت ميشيل و كذلك العكس ..!
.................................................. ......
لقد مضى شهر على الأحداث الأخيرة ..!
لقد مر ذلك الشهر بسلام تام ..!
.
ريكايل كان قد خرج من المشفى و صحته جيدة و قد عاد لممارسة نشاطاته اليومية ..!
.
أنا عدت للمدرسة و أيامها و إلى أصدقائي أما علاقتي مع ماثيو فتزداد سوءاً يوماً بعد يوم على الرغم من أنه لم يلتقي بريك منذ رحلة لندن ..!
.
ميشيل لا تزال تكافح في حياتها .. تدرس في الصباح في احدى مدارس حيهم و تعمل بعد المدرسة حتى الغروب في أحد المطاعم الصغيرة ..!
.
جوليا أيضاً تدرس في الصباح و بعد المدرسة تقضي وقتها في الملجأ تساعد بالاهتمام بالأطفال ..!
.
خالتي ميراي على حالها دائمة السفر و تلتقي بنا من فترة إلى أخرى فنخرج سويةً و في احيان تخرج ميشيل معنا و كذلك جوليا ..! لكنها أنبتني بشدة لما كنت أفعله بريكايل قبل معرفتي بأخوتنا ..!
.
جين و باقي الأطفال بخير تام و هم سعيدون كثيراً بحياتهم في الملجأ مع الآنسة جيني و الآنسة جينا ..!
.
ليديا تقضي أيامها مثلي في المدرسة و نحن نمضي الكثير من الوقت معاً .. لقد لاحظت كم يحاول تيموثي الاقتراب منها .. لكنها أخبرتني بأنها لا تحمل أي مشاعر له بل أنها تعامله كصديق فقط ..!
و في الحقيقة شيطاني سعيد بهذا !!..
.
لوي أيضاً لم تتغير حياته و هو الآن يقوم بتمثيل ذلك الفلم المرعب الذي وقع عقده بعد عوته من لندن .. وقد وعدني بزيارة قريبة لباريس ..!
.
و لكن .. هناك شخص ليس على ما يرام .. إنها أمي ألينا !!.. لقد بدت متوترة و حزينة في الآونة الأخيرة .. رغم محاولاتي الكثيرة لمعرفة المشكلة إلا أنها دائماً كانت تطلب مني أن لا أقلق عليها ..! و ما يغيظني أكثر أن أدريان البغيض يعرف سبب حزنها و يرفض أخباري ..!
.
لقد تساقط الثلج و ملأ باريس بحباته البيضاء التي تواجدت في الطرقات و على سطوح المنازل و في كل مكان على هذه الأرض الواسعة ..!
إنه الشتاء البارد من جديد ..!
لكني لم أعرف أطلاقاً كم ستتغير حياتي خلال هذا الشتاء !!..
و كيف سينقلب حالي .. من حال إلى حال أخرى تماماً !!..
و كم ستكون معاناتي كبيرة في هذا الشتاء القارص !!..
................................................
أنتهى البارت ^^


مرحباً يا اصحاب ؟!..

كيف حالكم ؟!..

أرجوا أن لا اكون قد تأخرت عليكم هذه الفتره ..!

سعدت كثيراً بتعلياتكم و توقعاتكم .. و هناك خبر رائع سأخبركم به ..!

البارت القادم سيكون نقطة تحول مهمة للغاية في الأحداث .. بل أهم نقطة تحول على الإطلاق في الرواية كاملة .. كما أنه سيكون أطول بارت نزل في الرواية حيث أنه عبارة عن 50 صفحة في الوورد << ذكرني بأيام بارتات مدرسة المراهقين الطويلة جداً .. لدرجة أن البارت الأخير كان عبارة عن 114 صفحه ^^ ..!

ننتقل الآن للأسئلة ..!

السلام عم أخيراً بين
ميشيل و لينك .. هل سيستمر هذا طويلاً ؟!..

ليديا و ميشيل وجهاً لوجه .. أيمكن أن تصيرا صديقتين ؟!..

ريكايل خرج من المشفى .. هل سيكون بخير ؟!..

موضوع يؤرق
السيدة إلينا مارسنلي .. ماهو يا ترى ؟!..

ماذا يمكن أن يحدث في الأيام القادمه ؟!..

أي معاناة ستواجه
لينك في هذا الشتاء البارد ؟!..


لاحظت أيضاً أن البعض ارادوا المقتطفات و التي كانت عرضاً خاصاً برمضان .. لكن بما أنكم تريدونها فلا بأس ..!

المقتطفات ..!

..............................

أنه غير طبيعي أطلاقاً .. حتى قوله كلمة أخي في هذا المكان .. ريك لا يقولها إلا إن كنا وحدنا .. لكن في هذه المدرسة المزدحمة يمكن لأي شخص أن يسمعنا ..!
...

رأيت ريكايل يقف قرب الباب ينظر إلي بقلق .. لم أفهم سبب نظراته تلك لكني علمت أنه لا يستطيع الاقتراب بسبب وجود آل رافالي هنا ..!
...

دمعت عيناي و تمتمت : أشعر أن حياتي انتهت !!..
...

توقفت السيارة في مكانها فنزل رايل و لوي و أنا من خلفهما و اتجهنا إلى الباب الرئيسي ..!
...

بالنسبة لي فقد كنت صامتاً طيلة الوقت و لم أذرف أي دمعة حينها فقد كنت فقط أحاول المحافظة على رباطة جأشي ..!
...

لذا اكتفيت بالقول : شخص مهم بالنسبة لي ..!
...

كان واضحاً أنه يحاول جعلي أضحك و استمتع بحياتي كالسابق .. و رغم أن هذا كان صعباً بعض الشيء إلا أنه لم ييأس بل حاول جاهداً حتى استخرج مني تلك الضحكة قبل قليل ..!
...

انه يستفزني أكثر : كف عن الضحك و اخرج من هنا حالاً .. و حين تأتي إلى منزلي مرةً أخرى لا تأتي في ساعة متأخرة .. و ثمل أيضاً !!!..
...

هذا ما قلته بغضب لكنه ابتسم مجدداً : بقي لدي الكثير لقوله لك سيد مارسنلي ..! أو لنقل .. سيد براون !!..
...

لكني لحظتها سمعت صوت ارتطام شيء ما فالتفت حالاً لأرى أن ريك اصطدم بالطاولة الزجاجية فوقع أرضاً بينما سقطت التحفة التي كانت عليها و تكسرت حالاً ..!
...

وقف ريك حينها و الغضب يشتعل من عينيه : سحقاً ،


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 08:10 PM   #29

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 27



شعرت بأحدهم يهزني برفق : لينك .. هيا لقد حل الصباح ..!
فتحت عيني بانزعاج و سحبت الغطاء إلى رأسي : أوه رايل .. ابتعد و دعني أكمل نومي ..!
لكنه سحب الغطاء عني و هو يقول بصرامه : استيقظ فلديك مدرسة اليوم ..!
بخمول نهضت من سريري الذي يعز علي فراقه الآن .. لكني مجبر على هذا فلدي امتحان مهم اليوم و لا يمكنني التغيب عنه ..!
اتجهت إلى دورة المياه في الحال استحممت بمياه ساخنة ثم خرجت و ارتديت ملابس المدرسة و مشطت شعري بعد تجفيفه و ارتديت حذائي و خرجت إلى الجناح حيث ريك قد حضر الافطار ..!
و بعد الانتهاء منه حان وقت الذهاب إلى المدرسة ..!
كان اليوم روتينياً للغاية .. حتى الآن ..!
نزلت مع رايل من خلال المصعد و قبل أن أغادر المنزل اتجهت لمكتب أمي التي لم تعد تذهب للشركة مبكراً هذه الفترة ..!
طرقت باب المكتب بضع طرقات و سمعت الأذن بالدخول ..!
و حين دخلت كانت أمي تجلس خلف مكتبها و أمام المكتب كان أدريان واقفاً ..!
التفت ألي و قالت باحترام : صباح الخير سيدي ..!
ببرود قلت : صباح الخير ..!
وجهت بصري إلى أمي التي كانت تنظر إلي بابتسامة رغم وجهها الشاحب ..!
شعرت بالقلق عليها لكنني سرت بخطوات هادئة ناحيتها حتى وصلت إليها ..!
انحنيت و قبلت جبينها و أنا أقول : صباح الخير أمي ..!
بصوت مبحوح أجابتني : صباح الخير عزيزي .. ستذهب الآن للمدرسة ؟!..
أومأت إيجاباً و أنا أقول بقلق : أمي .. عليك أخذ اجازة اليوم فأنت تبدين مرهقة كما أنك لم تأخذي قسطاً كافياً من الراحة منذ أيام ..! صوتك مبحوح و حرارتك مرتفعة ..!
لكنها حينها قالت بابتسامتها الحانية : لا تقلق لينك .. أنا بخير ..!
باستياء قلت : أي خير ؟!!.. يحق لي أن أقلق عليك كما تقلقين علي .. أرجوك أمي .. لا يوجد شيء يستحق أن ترهقي نفسك من أجله و لا حتى أعمال الشركة ..! بداً من اليوم سأساعدك في العمل إن كنت تريدين ذلك .. المهم أن ترتاحي ..!
وقفت حينها و احتضنتني بهدوء و هي تمتم : لا يا بني .. أخبرتك بأني بخير ..! لا تقلق أرجوك عزيزي لينك ..! المهم أن تنتبه لدراستك الآن ..!
و قبل أن تبتعد عني تماماً طبعت قبلة حانية على وجنتي ثم قالت بابتسامة : لكني أعدك بأني سآخذ إجازة الأسبوع القادم و سنذهب معاً لمنزلنا الشتوي ..!
لم أعلم ماذا أقول لكني أومأت إيجاباً و قلت : سأعتبره و عداً منك ..! و الآن إلى اللقاء ..!
بذات ابتسامتها : وداعاً ..!
سرت بعدها مغادراً المكتب .. و لا أعلم لما أخذت كلمة وداعاً تدور في خاطري ..!
لطالما قالت لي " إلى اللقاء " .. " مع السلامة " .. لكنها لم تقل " وداعاً " من قبل ..!
لا أعلم إن كان يجب علي القلق من هذا كثيراً .. لكنني رغم ذلك تابعت سيري إلى الخارج حيث ريك ينتظرني قرب السيارة ..!
................................................
كنت أجلس في صفي شارد الذهن غير منتبه لأستاذ الفيزياء الذي يشرح مسألةً على اللوح ..!
و قد شغل تفكيري موضوع والدتي التي بدت شاحبةً للغاية هذا الصباح ..!
رن الجرس حيناً مما ايقظني من شرودي بينما قال المعلم بهدوء : سنتابع الدرس غداً ..!
خرج بعدها من الصف تبعه الطلاب بالخروج حيث كان وقت الاستراحة قد بدأ ..!
شعرت بأحدهم يقف بجواري و يربت على كتفي : لينك .. ما بك اليوم ؟!!..
رفعت رأسي قليلاً فرأيت دايمن الذي بدا عليه الاستغراب .. وقفت حينها و أنا أقول : لا شيء .. اشعر بالتعب لأني تأخرت في السهر ليلة الأمس ..!
كانت كذبةً تلك التي اطلقتها لكنها خياري الوحيد للهرب من هذه المسألة ..!
وقفت حينها و خرجت من الصف بلا شعور لكني قررت ان أذهب للحديقة الصغيرة التي تخصني لأجلس و ارتاح قليلاً ..!
لكني فور أن سرت بضع خطوات حتى التقيت أحدهم في طريقي ..!
ابتسمت ليديا لي بلطف : صباح الخير لينك ..!
لم استطع ان ابتسم لكني رددت عليها بهدوء : صباح الخير .. ليديا ..!
سرت قليلاً فسارت بجواري وهي تقول بقلق : ما بك ؟!.. أأنت مريض ؟!!..
أومأت سلباً : لا .. لكني اشعر ببعض الارهاق ..!
- لينك الأفضل أن تعود لمنزلك الآن .. فأنت لا تبدو بحال جيدة ..!
- لدي امتحان في الحصة الخامسة لذا لا استطيع المغادرة ..!
قبل أن ترد علي سمعنا صوتاً يخرج من تلك الأجهزة التي توزعت في كل زاوية من زوايا المدرسة : انتباه .. ارجو من السيد لينك مارسنلي التوجه إلى غرفة الإدارة ..! أكرر .. ارجو من السيد لينك مارسنلي التوجه إلى غرفة الإدارة ..!
قطبت حاجبي متعجباً .. ماذا يريدون مني ؟!!..
ليديا ايضاً بدت مستغربه : ماذا يريد المدير منك ؟!..
بقلق قلت : لا أدري ؟!!..
- ألم يحدث هذا من قبل ؟!!..
- عادةً يرسل المدير احدهم لاستدعائي إذا اراد مناقشتي بأمر يخص المدرسة .. لكنه لأول مرة يستدعيني علناً هكذا ..!
- اذاً أذهب ولتعرف ما الأمر .. و طمئني ..!
- حسناً ..!
قلت هذه الكلمة و انا اسرع إلى الدرج كي انزل إلى الدور الأول حيث غرفة الادارة ..!
و بعد السير في عدة ممرات و نزول السلالم و صلت إليها ..!
طرقت الباب طرقتين فسمعت حالاً اذناً بالدخول ..!
ما إن فتحت الباب حتى رأيت المدير يجلس خلف مكتبه بشعره البني الممزوج بخصلات بيضاء من الشيب اضافةً إلى نظارة طبية ..!
وقد كان ينظر إلي بهدوء ..!
لكني لم ألق بالاً بل شغلت نفسي بالنظر مستنكراً إلى الشخص الآخر الذي كان ينظر إلي ببساطة ..!
انتبهت للمدير الذي قال : تفضل سيد مارسنلي ..!
دخلت حينها و اغلقت الباب و سرت ناحية الشخص الآخر بلهفة و أنا أقول بقلق : ما الأمر ريكايل ؟!!.. لما أنت هنا ؟!!..
بهدوء قال : في الحقيقة .. جئت لاصطحابك من المدرسة ؟!..
- ولما في هذا الوقت المبكر ؟!..
- لا أعلم .. لكن أدريان طلب مني أن احضرك بسرعة ..!
- أدريان !!.. ريك هل حدث شيء ؟!!..
- لست أدري .. فأنا بعد أن أوصلتك للمدرسة ذهبت للملجأ و هناك تلقيت اتصال أدريان ..!
شعرت بقلق شديد فهذا يحدث معي للمرة الأولى ..!
لكن ريك حينها قال بنبرة جادة : لنذهب و نرى ما الأمر .. فربما لا يكون بذلك السوء ..!
اومأت ايجاباً بتردد رغم خوفي الشديد من القادم ..!
اخبرت المدير بأني سأغادر و أن لدي امتحان فأخبرني بأنه سيخبر المعلم بذلك فيؤجل لي الامتحان حتى الوقت الذي يناسبني ..!
خرجنا من غرفة المدير : حسناً .. سأذهب لصفي كي احضر حقيبتي ..!
- أيمكنني القدوم معك ؟!!..
- يمكنك أن تسبقني للسيارة ..!
- لكني اريد أن آتي معك ..!
- ريك ما بك ؟!.. لما كل هذا الاصرار ؟!!..
بدا عليه التوتر .. أشعر أنه يخفي شيئاً .. لكنه رغم ذلك قال : أريد أن آتي معك فحسب .. هيا أخي حتى لا نتأخر ..!
أنه غير طبيعي أطلاقاً .. حتى قوله كلمة أخي في هذا المكان .. ريك لا يقولها إلا إن كنا وحدنا .. لكن في هذه المدرسة المزدحمة يمكن لأي شخص أن يسمعنا ..!
ربما هو يعلم ما الذي يريده ادريان ..!
عموماً تنهدت بتعب و قلت : كما تريد ..!
سرت بعدها ناحية صفي و قد كان الطلاب في كل مكان حولنا بما أنه وقت الاستراحة ..!
الجميع كان يحدق بي و بريكايل ..!
أعلم أنهم جميعاً يقولون في أنفسهم " انهما متشابهان كثيراً .. لكن السيد مارسنلي ليس له اخوة .. كما أن هذا الفتى الآخر يبدو كخادم له .. أجل تشابههما مجرد صدفه " !!..
أنا أرجوا حقاً أن لا يتقدم أحدهم و يسألني عن رايل لأني لست بمزاج جيد للإجابة ..!
وصلت لصفي وفور أن دخلت كان ماثيو و دايمن اللذان لا يزالان هنا في استقبالي ..!
قبل أن يقول احدهما شيئاً أنتبها لريكايل الذي وقف قرب الباب بينما اتجهت أنا لمقعدي كي أجمع أشيائي ..!
لم يكن مقعدي بعيداً لذا تمكنت من سماع ماثيو و هو يقول : صباح الخير ريكايل .. كيف حالك ؟!!..
و ببرود رد عليه أخي : صباح الخير سيد ديمتري .. أنا بخير .. شكراً لسؤالك ..!
- غريب وجودك هنا .. أهناك شيء ؟!!..
- لا .. شعر سيدي ببعض التعب فجئت لاصطحابه إلى المنزل ..!
- ألم تغير رأيك في مكان عملك ؟!..
- أطلاقاً .. عذراً سيد ديمتري .. لكنني لا أفكر في ترك العمل عند مارسنلي ..!
- عموماً أنا لا أريد أن أجبرك .. لكن تذكر بأني سأستقبلك في الوقت الذي تشاء ..!
قبل أن يرد ريكايل عليه قلت أنا ببعض الانفعال : ماثيو .. أخبرتك عدة مرات بأن لا تتدخل في عمل ريكايل .. لقد قال بأنه سيبقى للعمل عندي لذا لا داعي لأن تحاول تغير رأيه فهو لن يتغير ..!
كنت بالفعل في مزاج سيء و كلامه أثارني أكثر .. لكنه نظر إلي باستحقار و قال : كل ما اردت فعله هو انقاذه من واقعه البائس ..!
كدت أرد عليه لكن رايل قال حينها : سيد ديمتري .. عذراً لكني لا أود أن تقول هذا عن واقعي الذي لا تعرفه أنت ..!
كان رده جريئاً للغاية .. لكنه أعجبني بالفعل ..!
بينما بقي ماثيو صامتاً للحظات قبل أن يقول : ليس من الضروري أن أشهد واقعك فهو واضح على وجهك .. عموماً إن كنت لا تريد ذلك فلا بأس .. احترم رغبتك ..! و إن أردت تغير رأيك فأنا لم اسحب عرضي بعد ..!
حملت حقيبتي لحظتها : هيا بنا ريكايل ..!
قبل أن أخرج قال دايمن بقلق : لكن لينك ماذا عن الامتحان ؟!..
ببرود قلت : سأقدمه لاحقاً .. أراكم فيما بعد ..!
قلت هذه الكلمات و أنا أخرج من الصف و رايل خلفي ..!
لا أعلم لما أصر على ملازمتي ؟!.. لكن يبدو أنه قلق بشأن شيء ما و يخشى أن أعرف ما هو و هو بعيد عني ..!
يا الهي .. أرجوا أن لا يكون الأمر بذلك السوء ..!
.................................................. ........
كنت أجلس بجانب مقعد السائق شارد الذهن بينما ريكايل يتولى القيادة ..!
أنا بالفعل قلق .. ماذا يريد أدريان ؟!..
أيعقل أن أمراً ما أصاب والدتي ؟!!..
شعرت بالرعب بمجرد التفكير بهذا لذا طردته من ذهني ..!
أسندت رأسي إلى المقعد و أغمضت عيني لوقت و أنا أفكر كم بدت أمي محبطةً في الآونة الأخيرة ..!
مضى بعض الوقت حينها قبل أن أشعر بتوقف السيارة و اسمع صوت ريك وهو يقول : وصلنا ..!
فتحت عيني حينها و نظرت إلى الخارج لأصدم : أين نحن ؟!..
هذا ما قلته حين علمت بأن هذا ليس مرآب قصرنا ..!
لكن ريك طأطأ رأسه للحظات وهو يقول بنبرة ثقيلة : نحن .. في المشفى ..!
خفق قلبي حينها فهتفت فيه فزعاً : لما نحن في المشفى ؟!!.. هل أصيبت أمي بمكروه ؟!!.. تكلم ريكايل ..!
بدا عليه التوتر لكنه أخذ نفساً عميقاً قبل أن يقول : لينك .. لا احتمل اخفاء الأمر عنك لذا سأقول الحقيقة ..!
كلامه أرعبني بالمرة !!..
لكنني لم أنطق بحرف بل حاولت تمالك أعصابي بينما التفت ريك ناحيتي و قد بدا عليه الألم و الحزن وهو يقول : اتصل بي ادريان .. و طلب مني احضارك للمشفى ..! حين سألته عن السبب أخبرني بأن .. بأن ..!
صمت حينها فصرخت بخوف : ماذا حدث لأمي ريك ؟!!..
نظر إلي حينها بجد يخفي خلفه توتره و قال : تعرضت لحادث سير !!..
لا أعلم ما الذي جرى لي لكني شعرت بدوار فضيع لحظاتها و رفعت يدي لرأسي و قلبي يكاد ينفجر من قوة نبضة و بخفوت سألت : هل هي .. بخير ؟!!..
كان الحزن القاتل واضحاً على ريك الذي أخذ نفساً عميقاً قبل أن يقول بنبرة متألمة : جيسكا كانت معها .. لقد .. لقد اصيبت جيسكا اصابةً بالغةً في الحادث مما أدى إلى .. وفاتها مباشرةً !!!!!!!..
جيسكا .. توفيت !!!..
شهقت حينها بشكل لا شعوري و انتابني ألم فضيع في رأسي حتى أن دموعاً سالت من عيني اللتان أغمضتهما بقوة للحظة ..!
كان قلبي ينبض بعنف و أنا أتخيل صورة جيسكا أمامي !!..
كيف حدث هذا بهذه السرعة ؟!!..
أشعر أني في حلم ..!
رغم ذلك .. حاولت اخراج صوتي بصعوبة و أنا أقول : و أمي ؟!..
كان هناك شيء يلمع في عيني ريك .. لم تلبث أن سالت على وجهه بانحدار .. أهي دموع ؟!!.. إنها تبدو كذلك ..!
صوت رايل بدا مخنوقاً و مكتوماً للغاية و هو يقول : لقد نقلت السيدة إلينا للمشفى ..! لينك .. السيدة ألينا .. لقد ..!
سالت دموعي أكثر و أغلقت عيني بشدة .. أشعر بما سيقوله الآن لكني أتمنى أن لا يقولها ..!
حاولت أن انطق و أطلب منه أن يصمت .. لكني لم استطع إخراج صوتي ..!
كنت أمسك رأسي بشدة بيدي و قلبي يرجوا الرحمة .. لكن رايل حينها رما بي إلى نار مشتعلة و هو يقول بصوته المتألم المكتوم : لقد .. لقد توفيت السيدة إلينا يا لينك ..!
فارقت الحياة .. إلينا مارسنلي !!..
لم تعد موجودة في حياتي !!..
رحل أغلى شخص يا لينك !!..
أمي ..!
لقد شعرت بها طيلة اليوم ..!
كلمة " و داعاً " .. لم يكن احساسي بمرارتها خاطئاً ..!
أمي إلينا .. رحلت .. توفيت .. ماتت .. ماذا أقول ؟!!..
لقد فقدتها .. كما فقدت أمي نيكول من قبل ..!
ماذا أفعل ؟!.. كلاهما ذهب ..!
إيان .. نيكول .. جاستن .. إلينا .. جميعهم رحلوا واحداً تلو الآخر ..!
و أنا ؟!.. ماذا سأفعل أنا من بعدهم ؟!..
لما فجأة يحدث هذا ؟!!..
كيف يمكنني تقبل صدمة كهذه ؟!..
لقد كانت صباح اليوم بخير .. ربما مرهقة لكنها كانت بخير !!..
كيف ماتت فجأة ؟!!..
كان رايل يصرخ بي لأن أتمالك نفسي ..!
لكن رأسي سينفجر.. أشعر بالدوار .. و عيناي حاصرهما شيء أشبه بالسحاب الأبيض ..!
لم أعد أسمع شيئاً ..!
أشعر أن حواسي شلة ..!
كنت أسير .. أجل لقد فتحت باب السيارة و نزلت منها و ها أنا أسير ..!
لكني حينها لم أفقه إلا بجسدي ينهار مما جعلني أفقد الاحساس تماماً تبعاً لفقدان وعي ..!
.................................................. ....
كنت أسمع حولي صوت بكاء .. لكني لا أرى شيئاً ..!
هناك أصوات كثيرة مختلطة بالأنين و النياح ..!
- ماما .. ألن نرى خالتي ثانيةً ؟!!..
- آه يا إلينا .. آه يا عزيزتي ..!
- أمي أهدئي .. يكفي أهدئي ..!
حاولت فتح عيني و بصعوبة تمكنت من ذلك .. رغم أن الرؤية كانت مشوشة ..!
- انه يستيقظ ..!
- عزيزي لينك ..!
بدأت الرؤية تتضح .. و تمكنت من رؤية ذلك الرجل الذي يقف بقربي .. أنه العم رونالد ..!
الخالة كاثرن كانت تجلس على مقعد بقربي و هي تمسك بيدي بين يديها ..!
أعتقد أني مستلقٍ على سرير ما .. لكن لما ؟!!..
حاولت النطق لأفهم ما يجري حولي ..!
انتبهت لدايمن الذي تقدم و ابعد قناع الأكسجين عن وجهي .. ثم استعمل الجاهز الخاص بالسرير ليعدل وضعيتي إلى الجلوس نوعاً ما ..!
حينها استوعبت أني في مشفى و استطعت التركيز حولي ..!
الخالة كاثرن كانت تبكي .. و العم رونالد تغير وجهه ..!
دايمن بدا حزيناً أيضاً .. و آندي التي كانت تجلس بجانبي على الجهة الأخرى قد غسلت الدموع وجهها ..!
ميرال أيضاً جلست على ذات الاريكة مع آندي و هي تبكي ..!
لما يبكون ؟!.. ماذا حدث ؟!!..
رأيت ريكايل يقف قرب الباب ينظر إلي بقلق .. لم أفهم سبب نظراته تلك لكني علمت أنه لا يستطيع الاقتراب بسبب وجود آل رافالي هنا ..!
نظرت إلى عمي رونالد و تمتم بإرهاق : ماذا حدث ؟!..
لم يجبني أحد بل عادوا للبكاء مجدداً .. و قد اسرعت الخالة كاثرن لتحتضنني و هي تبكي بحدة و تصرخ : إلينا .. آه يا إلينا ..!
إلينا ؟!!.. ماذا حدث لها ؟!!.. رأسي لم يستوعب شيئاً بعد ..!
طرأت في بالي جملة حينها ..!
.
(( لقد توفيت السيدة إلينا يا لينك ))
.
لحظتها تذكرت كل شيء ..!
حين أتى ريكايل ليصحبني من المدرسة فجأة و أتى بي إلى هنا ثم أخبرني بذلك الخبر المشؤوم !!..
ليخبرني بأن أمي إلينا .. توفيت !!..
أمسك عمي بخالتي من كتفيها و ابعدها عني برفق ..!
استندت إلى الوسادة الكبيرة خلفي و بتعب تمتمت : هلا خرجتم ؟!!..
بدا عليهم الاستغراب الممزوج بالقلق من طلبي ..!
بتوتر هتف دايمن : لينك .. اهدأ ..!
لكنني كررت مجدداً و بحدة هذه المرة : هلا خرجتم ؟!!..
نظر إليهم العم رونالد بيأس : هيا يا أولاد ..!
أمسك بالخالة كاثرن و ساعدها على السير .. بينما اتجه دايمن إلى ميرال و حملها بين ذراعيه فهي كانت تبكي و من الواضح أنها لن تتحرك .. آندي أيضاً وقفت بعد أن ألقت علي بنظرة قلق حزينة ..!
بعد خروجهم جميعاً .. فرغت الغرفة إلا مني و من ريكايل ..!
تقدم هو ناحيتي و جلس على حافة السرير ثم سألني بقلق واضح : كيف تشعر الآن ؟!!..
دمعت عيناي و تمتمت : أشعر أن حياتي انتهت !!..
عانقني لحظتها و هو يقول بألم ممزوج بالاستياء : لا تقل كلاماً مخيفاً كهذا أرجوك ..!
كانت دموعي تسيل بلا شعور .. تمتمت حينها بصوت مخنوق : لقد فقدتها .. لقد رحلت من رعتني بعد أمي يا أخي ..!
شد علي أكثر وهو يتمتم و قد بدا لي صوته منكسراً هو الآخر : كن أقوى .. كن أقوى يا لينك ..!
ازدادت دموعي و اختنقت أنفاسي و أنا أتمتم : لا استطيع العيش بدونها ..! ريكايل لقد فعلت الكثير من أجلي ..! كيف تموت دون أن أرد شيئاً من جميلها علي ؟!!..
وضع يده على رأسي و قد شعرت بدموعه هو الآخر : اعلم .. أعلم أنها ضحت كثيراً من أجلك يا أخي ..! أعلم أنها عوضتك عن والدتنا التي فقدناها مبكراً ..! لكن لا يمكنك الاعتراض على القدر ..! كل انسان في هذه الدنيا سيموت في النهاية .. حتى أنا و أنت ..!
شعرت بالألم الحقيقي حينها و عانقت رايل بشدة و أنا أقول : أنه صعب .. صعب للغاية ..! أنا لم أشعر بمرارة فقد نيكول .. لكن إلينا أذاقتني إياها ..! ريك .. إنها أمي .. أمي يا ريكايل !!.. كيف سأحتمل أن أعيش يوماً واحداً دون أن أسمع صوتها أو ارى ابتسامتها ..! ماذا لي بعدها في هذه الحياة ؟!!..
رغم أنه حاول كتم بكائه إلا أنه اتضح في صوته : لينك .. لا أعلم ماذا يجب أن أقول لك يا أخي ؟!.. من عاش حياته كلها بلا أم مثلي .. لا يحق له مواساتك ..! لكن .. أفهم تماماً ما معنى العيش بدون ذلك القلب الذي يعطف عليك و يرعاك ..! لطالما تمنيت وجودها في حياتي .. كي تحتضنني حين أبكي و تبقى بجواري حين أمرض و تلاعبني في الصباح و تغطيني في المساء ..! لكن لو اختفت من حياتي فجأة .. أعتقد أني لن استطيع الاستمرار بدونها ..!
صمت قليلاً ثم تابع : هذه هي الحياة .. تأخذ من نحب لتعلمنا مرارة فقدانهم ..! العيش بلا أب أو أم مثل الجحيم يا أخي ..! شيء لا أريد لأي أحد أن يجربه ..! إنه أمر قاسٍ للغاية ..! فحينها يكون الأمان و الحنان و العطف منزوعاً من حياتك ..! لينك عليك أن تكون سعيداً لأنك لم تجرب هذه الحياة !!.. أعلم أن فقدان الأم فجأة كالطعنة في الصدر .. لكن العيش بدونها منذ البداية كانتزاع الروح !!..
أجل .. أعلم أن ريك محق في كل كلمة قالها ..!
و هل هناك أعظم في الدنيا من الوالدين ؟!..
رغم ذلك لم استطع كبت دموعي التي لم تتوقف و لن تتوقف ..!
ذلك ما دعاني لأن أتشبث بريكايل أكثر و قد أخرجت حينها جزءاً من ذلك الألم الذي استوطن قلبي هذا اليوم ..!
.................................................. .....
حين حل المساء خرجت من المشفى حوالي الساعة العاشرة مساءاً ..!
لم أكن أرغب برؤية منزلنا إطلاقاً فأنا لا أتخيله من دون وجود والدتي ..!
و قد أصرت علي الخالة كاثرن أن آتي لمنزلهم لذا ها أنا في قصر رافالي في تلك الغرفة التي جهزوها من أجلي ..!
كنت أجلس على السرير مستنداً إلى تلك الوسادة الكبيرة خلفي و أشعر بصداع أليم ..!
خالتي التي كانت بقربي تجلس على تلك الأريكة الصغيرة قالت : لينك عزيزي .. لقد طلبت من الطاهي أن يعد لك بعض الحساء .. أرجوا أن تتناوله ..!
لم أرد عليها فأنا لا أرغب بذلك ..!
سمعت طرقاً على الباب و اذن خالتي بالدخول لكني لم التفت .. و لم ألبث أن سمعت صوت رايل الذي دخل : سيدة رافالي .. لقد احضرت الحساء ..!
حينها فقط التفت إليه حيث كان يقف قرب الباب يحمل تلك الصينية التي وضع عليها كأس ماء و وعاء يخرج منه البخار ..!
لاحظت الانزعاج على خالتي التي قالت : أخبرتك أنه بإمكانك الذهاب لمنزلك فلما لا تزال هنا ؟!..
بنبرة لبقة قال : عذراً سيدتي .. لكن يجب علي الاهتمام بسيدي في هذه الظروف ..!
- ضع الطعام و غادر في الحال ..!
شعرت أنا بالانزعاج حقيقةً لذا قلت : خالتي .. من فضلك دعيه يبقى هنا ..!
نظرت إلي حينها للحظات قبل أن تقول بنبرة منزعجة : كما تريد لينك .. حسناً سأتركك الآن .. تأكد من تناول الحساء ..!
خرجت حينها من الغرفة بعد أن ألقت على ريكايل بنظرة مستاءة ..!
و حينها تقدم ريكايل ناحيتي فاستلقيت على ذلك السرير الواسع مما دعاه للقول : لينك .. عليك تناول هذا الحساء .. لذا أجلس مجدداً ..!
أعطيته ظهري و قلت بهدوء : لا أريد ..!
- أنت لم تأكل شيئاً منذ الصباح !!..
- ليس لدي رغبة في الأكل .. أشعر بالنعاس و أريد أن أنام ..!
تنهد هو بتعب حينها : كما تشاء .. أعلم كم أنت عنيد و أعلم أنك لن تغير رأيك ..!
شعرت به يسير مبتعداً و ما هي سوى لحظات حتى انطفأت الأضواء و من بعده صوت الباب يفتح ثم يغلق ..!
كانت الغرفة مظلمة تماماً حينها ..!
سحبت الغطاء و غطيت نصف رأسي حينها ..!
ظلام دامس كان يحيط بي .. يشبه في مضمونه الظلام الذي غطى قلبي و روحي ..!
حين كنت طفلاً .. كنت أخاف من الظلام .. و لا أجرأ أن أنام في غرفة مظلمة ..!
لقد كانت أمي تنام بجواري كل ليلة .. أحياناً في غرفتي و معظم الأحيان في غرفتها ..!
و بالطبع لم نكن نغلق أضواء الغرفة ..!
لا أزال أتذكر .. حين كنت في الثامنة من عمري و في أول ليلة كنت سأنامها وحدي ..!
.
.
.
[][][][][][][][][][][][]
كنت أستلقي في سريري الكبير على ظهري و أنظر إلى السقف ..!
لقد ذهبت أمي منذ نصف ساعة إلى غرفتها .. لاشك أنها نامت الآن ..!
جلست فوق السرير حين شعرت بأني لا استطيع النوم و أخذت أنظر حولي ..!
الغرفة كبيرة و واسعة ..!
أشعر ان هناك شيئاً سيخرج من الخزانة أو من باب دورة المياه ..!
حتى صوت جهاز التكيف كان يرعبني ..!
و غيره لا أجد سوى الصمت ..!
لا أطيق الصمت !!..
استلقيت مجدداً و احضنت إحدى الوسائد الصغيرة .. النوم وحيداً في غرفة واسعة أمر مخيف ..!
أجل .. بل أنه أكثر خوفاً من النوم في ذلك المبنى المهجور .. فقد كانت أليس معي هناك على الأقل ..!
لحظتها ظهر خيال أليس في ذهني بعدة صور و منها تلك الصورة الأخيرة ..!
جلست مجدداً على السرير و عدت أنظر حولي برعب ..!
تتالت علي تلك الصور المفزعة من ذلك الشهر المشؤوم ..!
أسحب كلامي .. حتى النوم هناك كان مخيف كما هو الحال هنا ..!
تركت سرير حينها حالاً و سرت مسرعاً و خرجت من الغرفة ..!
اتجهت إلى غرفة والدتي بسرعة و حاولت فتح الباب و ما أدهشني أنه فتح في الحال ..!
غريب .. عادة ما تقفل أمي الباب حين تريد النوم ..!
فور أن دخلت رأيتها هناك تجلس على الأريكة و تشاهد التلفاز ..!
لكنها فور أن شعرت بي التفتت إلي و ابتسمت ..!
دخلت و أغلقت الباب فأشارت إلي أن أقترب منها ..!
بالفعل أسرعت و ذهبت لأجلس بجوارها على تلك الأريكة و حينها سألتني حالاً : ألم تنم بعد ؟!..
أومأت سلباً و أنا أحوال طرد فزعي : لا .. لم .. اسـ .. استطع .. النوم .. و أنت ؟!..
مسحت على رأسي حينها و ابتسمت : كنت أنتظرك .. أعلم أنك لن تستطيع النوم وحدك لكنك أصررت على خروجي من الغرفة ..! كان من الأفضل أن تتركني أبقى بجوارك حتى تنام على الأقل ..!
بتأتأتي تلك قلت : ماما .. أنا .. لا استـ .. لا استطيع .. النوم ..!
احتضنتني حينها و قالت بحنان : حسناً .. سأسمح لك بالمبيت عندي هذه الليلة .. لكن بدأً من الغد عليك أن تعتاد النوم وحدك ..!
أومأت إيجاباً حينها فقبلت جبيني ثم قالت : أسبقني إذاً إلى السرير ..!
ابتسمت حينها و اسرعت إلى سريرها الكبير و استلقيت عليه ..!
و ما هي سوى لحظات حتى استلقت هي بجانبي و قامت بتغطيتي جيداً ثم قالت : حسناً صغيري .. أخبرني ماذا فعلت في المدرسة اليوم ؟!.. أنت لم تحدثني بشيء إطلاقاً ..!
بابتسامة قلت لها : صديقي لوي .. عرفـ .. ـني .. إلى أولاد .. جدد ..! و قد لعبنا .. بالكرة معاً .. وقت الاستـ .. الاستراحة ..!
بابتسامتها الرقيقة قالت لي : إنه أمر رائع يا لينك .. و قريباً سيصير لديك عدد كبير من الاصدقاء ..! أخبرني هل لا زالت تواجه صعوبةً في تعلم الانجليزية ؟!..
أومأت سلباً بمرح : لا .. الاسـ .. ـتاذ .. علمني .. الكثير .. من .. من الكلمات ..!
مسحت على رأسي حينها و قالت : أعلم أنك ستتقن الانجليزية بسرعة .. المهم هو أن تستطيع التواصل مع بقية الطلاب ليكون لديك الكثير من الأصدقاء .. و الآن بني عليك أن تنام حتى تستيقظ مبكراً من أجل المدرسة .. تصبح على خير ..!
ابتسمت لها حينها : تصـ .. ـبحين .. على خير .. ماما ..!
قلت هذه الكلمات و أغمضت عيني و على شفتي ابتسامة مطمئنة سعيدة لأنها قريبة مني فهي مصدر الأمان الوحيد في حياتي ..!
[][][][][][][][][][][][]
.
.
.
لكن مصدر الأمان .. اختفى ..!
.
دمعت عيناي حينها و تمتمت بصوت مخنوق : إنها أول ليلة أنامها دون أن أقول لك .. تصبحين على خير يا أمي ..!
أغمضت حيني حينها و دمعت حارقة تسيل على وجنتي لم استطع منعها ..!
.................................................. ......
لا أخفي عليكم أني لم أنم تلك الليلة ..!
لقد كنت أغفوا من التعب و استيقظ بعد دقائق على كابوس مفزع ..!
كان رايل يتفقدني من فترة لأخرى و ما إن يدخل الغرفة حتى أتظاهر بأني غارق في النوم رغم أني أعلم أنه يعرف أني مستيقظ ..!
اليوم التالي كان يوم الجنازة .. ذلك أفضل فدفن الإنسان بعد موته إكرام له و كلما كان ذلك مبكراً كان أفضل ..!
لا أصدق بأن جسدها سواري التراب اليوم أمام عيني ..!
لا أعلم أن كنت سأحتمل ذلك المشهد أصلاً ..!
لم أغادر السرير بعد فأنا لا أشعر برغبة في ذلك ..!
طرق احدهم الباب طرقتين ثم دخل ..!
لم التفت لكني اعلم يقينناً أنه ريك ..!
جلس على حافة السرير و هو يقول بحزن : لينك .. هيا عليك أن تستعد .. ستبدأ المراسم بعد ساعة و أنت لا تزال في سريرك ..!
بهدوء أجبت : سأنهض بعد قليل ..!
- يجب ان تأكل شيئاً أيضاً .. إن لم تفعل فستنهار بالفعل .. أرجوك لينك ..!
- ليس لدي شهية للأكل .. لا تجبرني رايل ..!
- ليس من الجيد أن تفعل هذا بنفسك .. صدقني حتى السيدة إلينا لم يرضيها هذا ..!
جلست حينها و تركت السرير حالاً كي أهرب من إلحاحه ..!
أخذت معطف الاستحمام و دخلت لدورة المياه ..!
و بعد حمام دافئ لخمسة عشر دقيقة و حين خرجت لم أجد ريك هناك بل وجدت بدلة رسمية سوداء على السرير ..!
إنها بدلتي .. لا شك أن رايل جلبها من منزلنا ..!
ارتديتها على عجل و تركت المنشفة الصغيرة على شعري فليس لدي مزاج لأجففه ..!
جلست على تلك الأريكة و أنا أشعر بانزعاج حين أتذكر أن حدث اليوم سيكون الأسوأ في حياتي ..!
دخل ريكايل حينها مجدداً و معه صينية عليها بعض الحساء و كوب من الشاي ..!
تركها أمامي على الطاولة ثم اتجه إلى طاولة التزين ..!
لا أعلم ماذا سيفعل لكنه حمل مجفف الشعر ناحيتي و شبكه في القابس القريب ثم شغله و بدأ بتجفيف شعري بعد أن أبعد المنشفة : نحن في الشتاء و ترك شعرك مبللاً لبعض الوقت قد يمرضك ..!
لم أرد عليه .. لكني أعترف أني شعرت بالدفيء بسبب الهواء الساخن الخارج من المجفف ..!
بعد أن أنتهى أعاد المجفف لمكانه و اقترب مني ثم جلس بجواري و أمسك الملعقة التي احتوى جوفها على عينة من ذلك الحساء و قال : أرجوك لينك .. تناول بعضاً منه .. فقط ما يكفيك للصمود اليوم ..!
لم أجد حينها إلا أن فتحت فمي فأدخل الملعقة فيها و بالفعل شعرت مجدداً بالدفء جراء ذلك الحساء ..!
حتى أني لم أتدارك نفسي إلا و قد تناولت نصف ما في الآنية إضافةً إلى القليل من الشاي ..!
لقد كان دافئاً لذا تشجعت لتناوله ..!
لا أعلم إن كان الدفيء قادماً من الهواء الحار و الحساء أم من غيره ؟!..
لكني أشعر أن اهتمام أحدهم بك أهم مصدر من مصادر الدفء في هذه الحياة ..!
............................................
لقد مرت مراسم الجنازة و الدفن بمشاعر مليئة بالحزن و الألم ..!
الجميع كان هناك .. أفراد رافالي و أدريان و ماثيو و تيموثي و روز و ليديا و حتى لوي الذي حضر مسرعاً مساء الأمس ..!
رغم أنهم كانوا جميعاً حولي إلا أني لم أشعر بوجود أحد ..!
رايل كان يقف بقربي طيلة الوقت و لم يفارقني لحظة .. رغم ذلك لم استطع أن أخفف من الألم في داخلي ..!
حاولت جاهداً أن أكون قوياً اليوم أمام ذلك الجمع الذي حضر جنازة أمي من بعض اصدقائها و اصدقاء أبي و مدراء شركات أخرى ..!
كانت دموعي تسيل أحياناً لكني حاولت قدر الامكان كتمها ..!
لقد تم دفن والدي و جيسكا في قبرين متجاورين و بالقرب منهما كان قبر أبي أيضاً ليكون بجوار أمي مجدداً ..!
و بعد أن أنتهى كل شيء و تمت عملية الدفن بدأ الجميع بمغادرة المقبرة ..!
حتى أنا سرت مغادراً و رايل بجواري و قد سأل : هل نعود لقصر مارسنلي الآن ؟!!..
بتردد أومأت إيجاباً ..!
ركبت تلك السيارة السوداء و رايل بجانبي يتولى القيادة .. و قبل أن نحركها كان أحدهم قد فتح الباب الخلفي : أيمكنني أن آتي معكم ؟!..
لقد كان لوي .. أخبره ريكايل بأنه مرحب به فصعد في الحال و هنا حرك ريك السيارة ..!
مضى بعض الوقت بصمت قبل أن يقطعه لويفان بسؤاله : رايل .. لم أرى خالتكم اليوم .. ألم تحضر ؟!!..
أجابه الآخر دون أن يلتفت إليه : صباح الأمس كان لديها رحلة إلى الهند .. و ستعود قبيل مساء اليوم ..!
لم يعلق ذلك الآخر .. بالنسبة لي فقد أغمضت عيناي بتعب و أنا أشعر بأن رأسي سينفجر ..!
بعد بعض الوقت وصلنا إلى قصر مارسنلي الذي بدا لي موحشاً من الوهلة الأولى ..!
توقفت السيارة في مكانها فنزل رايل و لوي و أنا من خلفهما و اتجهنا إلى الباب الرئيسي ..!
حين دخلت إلى المنزل .. أخذت انظر إلى تلك الردهة الواسعة التي بدت فارغة تماماً ..!
لطالما دخلت إلى هنا لكني لم استوعب كم تلك الردهة واسعة .. ربما لأن وجود الأشخاص فيها كان يملأها سابقاً ..!
بلا شعور حينها نطقت : حين أصل للمنزل .. تستقبلني جيسكا دائماً .. مهما كان الوقت .. بوجهها البارد الذي لم تتغير تعابيره منذ عرفتها .. و حينها تقول لي " أهلاً بك سيد مارسنلي " .. إنها الجملة التي كنت أسمعها كلما دخلت بيتنا ..! و فوراً أرد عليها " أين أمي ؟!.. " ..! و إجابتها تكون " في مكتبها تنهي بعض الأعمال " .. أو تكون " لم تعد بعد من الشركة " ..! و حينها اظهر انزعاجي " إنها لا تمل من العمل " ..! هذا الحوار كان جزءاً من روتين يومي ..! كلما دخلت المنزل أبدأ بهذا الحوار ..! وبعدها أذهب إلى مكتب والدتي لألقي التحية عليها و أطلب منها ترك ما بيدها و أخذ قسط من الراحة فتجيبني أنها ستفعل بعد دقائق ..! لكن الآن .. لا جيسكا و لا أمي هنا لتجيباني ..!
سرت حينها بلا شعور ناحية مكتب والدتي ..!
و حين دخلت إليه نظرت إلى ذلك المقعد الفارغ ..!
شعرت بالاختناق حينها : لقد كانت تجلس هنا معظم وقتها ..! تراجع ملفات و توقع أوراق ..! أخبرتني بأنها تحب هذا المكتب أكثر من مكتبها في الشركة لأن أبي كان يجلس هنا دائماً ..! حتى أنها لم تغير أثاثه .. بل أبقته كما هو لأنه كما قالت ذوق جاستن الذي أحبته ..!
سرت بخطوات بطيئة ناحية المقعد الكبير و جلست عليه .. لا زالت رائحة عطرها هنا ..!
ابتسمت حينها حسرةً على نفسي و قد سالت دموعي و انا أتمتم : من يصدق أنها صباح الأمس كانت تجلس هنا .. و صباح اليوم .. في القبر ..!
رايل و لوي كانا يقفان قرب الباب .. لكني لم أنظر إليهما ..!
بل لم أرفع رأسي خشية أن تتضح دموعي التي فاضت لحظتها ..!
أخذت أنظر إلى بعض الأوراق على المكتب .. لقد كان توقيعها في أسفل كل ورقه ..!
كنت أشعر أنها لا تزال هنا .. لا تزال أثار وجودها تنتشر في المكان ..!
لكن .. أنا لا أراها ..!
لم أعد أستطيع رؤيتها ..!
بل .. لم يعد بإمكاني ذلك ..!
لأنها .. اختفت من حياتي للأبد ..!
شعرت بأحدهم يربت على كتفي .. إنه رايل .. أعرف يده حين تربت علي ..!
بنبرة متألمة واضحة قال : يكفي يا أخي .. أنت متعب و يفضل أن تأخذ قسطاً من الراحة ..!
لم أرد عليه بل رفعت يدي و مسحت دموعي ..!
ثم وقفت مع رايل و سرت بجواره أجر خطواتي ..!
لوي أيضاً بدأ بالسير قربي حتى وصلنا إلى المصعد .. ركبت مع ريك الذي أخبر لوي أنه سيوصلني إلى غرفتي و طلب أنه أن يسبقه لغرفة الجلوس ..!
و بالفعل .. حين وصلنا إلى الدور الثالث و وصلنا إلى مفترق الطرق نظرت إلى اليمن و اليسار .. غرفة أمي هناك و كذلك غرفة جيسكا ..!
شعرت بأن المكان صار موحشاً بدون وجودهما ..!
حتى جيسكا التي لم تكن تعني لي شيئاً في الماضي ..!
لم أعتقد أني سأفتقدها إلى هذا الحد ..!
تابعت السير ووصلت إلى غرفتي ..!
أوصلني ريكايل إلى سرير ثم أخرج ملابس مريحة من الخزانة و هو يقول : بدل ملابسك و نم قليلاً .. أعلم أنه لم يغمض لك جفن منذ الأمس ..!
لم أجبه .. لكنه حينها نظر إلي للحظات و همس : لينك .. هل هناك شيء يمكن أن أفعله لأجلك .!!
رفعت رأسي إليه لأجد نظرة حزن و يأس في عينيه ..!
أجبته حينها بعد صمت : لا .. أنت تبذل ما بوسعك رايل .. سأكون أنا بخير بعد أن آخذ قسطاً من الراحة ..!
لا أعلم كيف قلت هذا لكن رايل تنهد بتعب و هو يقول : سأتركك الآن لترتاح .. تأكد من تبديل ملابسك ..!
أومأت إيجاباً فخرج هو من الغرفة بينما ألقيت أنا بجسدي على السرير بإرهاق ..!
حينها انتبهت لتلك الصورة التي كانت على الخزانة الصغيرة قرب السرير ..!
لقد كانت صورة لي حين كنت في الخامسة عشر و في يوم تخرجي من الاعدادية و قد التقطت هذه الصورة لي مع أمي التي كانت ابتسامتها تلك مليئة بالأمل ..!
بلا شعور مددت يدي و قلبت الصورة إلى الناحية الأخرى فأنا لا احتمل فكرة أنها لن تتمكن من رؤيتي أتخرج من الثانوية كما انتظرت دائماً ..!
وقفت حينها بسرعة و قررت أن أبدل ملابسي و أحاول أن أنسى ما بي من هم قليلاً حتى يهدأ ألم رأسي الذي لم يعد يحتمل ..!
.................................................. ...........
شعرت بيد على جبيني .. يد دافئة ..!
لم أرد أن تبتعد أبداً .. لكني لم أعلم يد من هذه ؟!..
فتحت عيني بهدوء و رأيت .. شعر أشقر ..!
أمي ؟!.. لا يا لينك .. أمك رحلت إلى الأبد ..!
لكن .. هذا الاحساس يشبه احساسي بيدها الدافئة : حرارته مرتفعة قليلاً ..!
ركزت أكثر في صاحب الشعر الأشقر الذي نطق هذه الجملة .. إنه أخي ريكايل ..!
فتحت عيني تماماً حينها و أنا أقول بصوت مبحوح : كم الساعة الآن ؟!..
أجابني شخص أخر : إنها الثانية عشر .. من الرائع أنك تمكنت من النوم طيلة الساعات الثلاث الماضية ..!
نظرت إلى الشخص الآخر فلم يكن سوى لويفان الذي كان يقف و هو يحمل كأس ماء بيد و كرت أقراص بيد أخرى و قد اردف بقلق : لينك .. حرارتك مرتفعة قليلاً ..! ربما من الجيد أن تأخذ هذا الدواء كي تنخفض ..!
ساعدني ريك على الجلوس و أخذ قرصاً من لوي : أرجوا أن تنخفض بالفعل .. فأنت لا تبدو بخير و هي ستزيد حالك سوءاً ..!
أخذت الحبة من يده و ابتلعتها ثم ناولني لوي كأس الماء فشربت بالمقدار الكافي لدفعها ..!
بدا رايل قلقاً للغاية : لينك .. هل استدعي لك طبيباً ؟!.. وجهك أصفر و شاحب للغاية ..!
أومأت سلباً : اطمئن .. مجرد إرهاق بسيط ..!
- اذاً يجب أن تأكل شيئاً ..!
- ليس لدي رغبة بالأكل ..!
- لينك إنه أفضل لصحتك حتى لا تسوء ..!
- أرجوك ريك .. قلت أني لا أشعر برغبة بتناول أي شيء ..!
- أرجوك أنت .. صدقني ستمرض أكثر هكذا ..!
- لا أريد ..!
جلس لوي على حافة السرير وهو يقول : لينك لا تعاند .. كلام أخيك صحيح ..! هيا من الأفضل أن تأكل شيئاً ..!
وقف رايل حينها و هو يقول : سأحضر لك بعض الشطائر .. و ستأكلها ..!
استلقيت مجدداً على السرير : افعل ما تشاء ..!
تنهد هو بتعب و خرج من الغرفة بينما قال لوي : سيحضر الجميع في الساعة الثانية .. يجب أن تأكل شيئاً لتستجمع قواك ..!
لم أرد عليه بل أغمضت عيني و أنا أشعر بأن المرض بدأ يحتل جسدي ..!
ربما من الأفضل أن أتناول شيئاً يرد إلي جزءاً من طاقتي ..!
.................................................. .......
في الساعة الثانية و النصف ظهراً ..!
كنت قد بدلت ملابسي و عدت ببدلتي الرسمية ..!
و في غرفة الجلوس الكبيرة كنت أجلس هناك على يميني الخالة كاثرن و على يساري العم رونالد ..!
لقد كان كلاهما يتحدث عن ما يجب علي فعله كي اتجاوز هذه الصدمة .. لكني لم أجبهما حتى بإشارة ..!
كان معنا في ذات الغرفة دايمن و أندي و كذلك ميرال .. لوي .. ليديا .. ماثيو و سورا .. حتى أدريان الذي كان أكثرنا قوة في مواجهة هذا الموقف فقد بدت الصرامة عليه و قد تقبل تلك الصدمة بسرعة ..!
جميعهم كانوا هناك .. حتى ريكايل إلا أنه كان يقف قرب الباب و يوجه نظراته القلقة الخائفة علي ..!
كان هناك الكثير من الأشخاص الذين أتوا لزيارتي و تقديم التعازي .. كان بعضهم متواجداً في المقبرة هذا الصباح لكني لا أعلم من هم ؟!.. في النهاية أخبرني أدريان أنهم موظفون من شركتنا و من فنادق و مطاعم مارسنلي ..!
لقد تعرفت فقط إلى كاترين سكرتيرة مكتب والدتي التي كانت الدموع تسيل من عينيها ..!
ليست وحدها بل هناك الكثير منهم بكى و بالأخص النساء منهم ..!
هذا أثبت للجميع كم هي كبيرة مكانة أمي إلينا في قلوب موظفيها ..!
لطالما كانت رحيمة بمن حولها حتى أصغر موظفي الشركة ..!
بالنسبة لي فقد كنت صامتاً طيلة الوقت و لم أذرف أي دمعة حينها فقد كنت فقط أحاول المحافظة على رباطة جأشي ..!
مضى بعض الوقت و الناس يتوافدون و يخرجون من قصرنا و الجميع يقدم التعازي لي و لأدريان و لآل رافالي فقد كنا أكثر المقربين من الفقيدة ..!
حين كانت الساعة هي السادسة مساءاً .. ظهر أشخاص لم أتوقع رؤيتهم ..!
تقدمت بضع خطوات حين رأيت أنيتا الممرضة الشابة و زوجها الدكتور إدوارد مارفيل ..!
كانت هي ترتدي ثوباً أسود بينما هو ارتدى بدلة رسمية سوداء بدا مختلفاً فيها عن شكله بالمعطف الأبيض ..!
ربتت هي على كتفي و هي تقول : تعازي الحارة في وفاة والدتك ..!
بنبرة جادة قال زوجها : كن قوياً مارسنلي .. لا تدع هذه الحادثة تحطم حياتك ..!
أومأت له إيجاباً فظهر شخص آخر من خلفه .. إنه الدكتور هاري ليبيرت ببدلته الرسمية السوداء التي زادت من وسامته و قد قال هو الآخر : أقدم لك أحر التعازي في وفاة السيدة مارسنلي ..!
بصوتي المبحوح أجبتهم : شكراً لكم جميعاً على حضوركم .. أقدر لكم هذا ..!
بنبرة هادئة رد الدكتور ليبيرت : هذا أقل الواجب مارسنلي ..!
كان عمي و خالتي قد وقفا بجانبي و قد قال العم رونالد حينها : لم تعرفنا بهؤلاء الضيوف يا لينك ؟!..
قبل أن أجيبه بشيء سمعت صوت أحدهم : لينك ..!
حولت نظري إلى الأمام .. و هناك كانت تقف هي بفستان أسود يصل لمنتصف ساقيها ..!
شعرها البني الطويل قد تركته حراً و عيناها الخضر كانتا تذرفان الدموع ..!
ريكايل كان يقف بقربها و ينظر إلي بهدوء ..!
بالنسبة لي .. فقد دمعت عيناي لا شعورياً حين رأيتها .. رغم أني أخفيت دموعي هذه طويلاً ..!
تقدمت خالتي ميراي ناحيتي بسرعة و حين وصلت إلي عانقتني في الحال و هي تبكي ..!
أزداد ألمي حينها .. فذلك العناق يشبه عناق أمي لي ..!
عموماً ميراي هي خالتي .. و هي شقيقة أمي نيكول .. لذا من الطبيعي أن أشعر بهذه المشاعر اتجاهها ..!
قد تكون صغيرة .. و لكنها مهما كان تشبه أمي ..!
سالت دموعي حينها و بادلتها ذلك العناق ..!
لقد كانت هي تبكي بصوت مسموع .. من يراها يشعر بأنها متألمة على فقدان إلينا أكثر مني ..!
لكن مالا يعلمه أحد هو أنها لا تبكي من أجل إلينا بل من أجلي أنا ..!
أجل .. تبكي على ابن اختها الذي فقد أمه مرتين ..!
شعرت بأنها هي من تحتاج أحداً يواسيها و ليس أنا ..!
حاولت استجماع قواي و همست لها : خالتي اطمئني .. أنا بخير .. أرجوك لا تبكي .. لا تبكي ..!
بدا انها تأثرت بكلامي فشدت علي أكثر للحظات حتى توقفت عن البكاء ..!
ابتعدت عني برفق و قد غسلت الدموع وجهها المحمر ..!
لقد راقب كثير من المتواجدين هذا الموقف ..!
و بالأخص السيد و السيدة رافالي اللذان بدا عليها التعجب من هذه الشابة التي عانقتني و التي لا يعرفانها أطلاقاً ..!
لكن ميراي ربتت على كتفي و هي تقول : عزيزي لينك .. أعلم أن ما حدث صعب عليك .. لكن أرجوك كن بخير .. أنا لا أحتمل يحدث لك شيء ..!
أومأت إيجاباً و قلت : لا تخافي .. سأكون بخير ..!
- عدني بذلك لينك .. عندي بأن تكون قوياً في مواجهة هذه الصدمة ..!
- اعدك بذلك .. اطمئني فأنا سأكون على ما يرام قريباً ..!
كان معها صديقتها ديانا التي بدا الحزن في عينيها : تعازي الحارة في وفاة أمك لينك ..!
يبدو أن خالتي شرحت لها القصة كاملة فهي في السابق لم تكن تعلم بأني وريث مارسنلي ..!
أجبتها بهدوء : شكراً لك انسة ديانا ..!
بقيت أتحدث معهما قليلاً و قد استأذن الدكتور مارفيل و زوجته و الدكتور ليبيرت بالذهاب ..!
كانت الشمس في منتصف الغروب .. و بعد بعض الاحاديث تقدم مني العم رونالد : لينك .. لم تعرفنا إلى هذه الآنسة ..!
كان يقصد خالتي ميراي ..!
لم أكن أنوي أطلاقاً إخباره بالحقيقة ..!
لذا اكتفيت بالقول : شخص مهم بالنسبة لي ..!
لم يرد هو فقد فهم رغبتي في اخفاء العلاقة بيني و بين ميراي و التي بدت مبهمة بالنسبة له ..!
الشيء الذي استغربته هو عدم الحاح الخالة كاثرن كي تعرف الحقيقة .. لكن يبدو أنها بالفعل تقدر بأني لا اريد لأحد أن يعلم ..!
.................................................. ...........
كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءاً .. لم يبقى هنا سوى الخالة كاثرن و خالتي ميراي إضافةً إلى دايمن و آندي و ميرال و كذلك لوي الذي سيبيت هنا ..!
بالطبع كان علي أن أجد حلاً لمشكلة عدم معرفتهم بميراي لكن لوي أنقذني حين قال بأنها كانت جارتي حين كنت أعيش في ادنبره ..!
فقد خشيت بأن يبحثوا في أمرها أكثر ..!
لقد خرج ريكايل من غرفة الجلوس قبل قليل و لا أعلم إلى أين ذهب ..!
وقفت السيدة رافالي و اتجهت إلى ابنائها الثلاثة : هيا يا أولاد يجب أن نعود للبيت .. دايمن اتصل بالسائق و قل له أن يجهز السيارة ..!
أومأ موافقاً فعادت خالتي إلي ..!
وقفت حينها فربتت على كتفي : لينك .. الأفضل ان تذهب الآن و ترتاح فأنت بالتأكيد مجهد بعد كل هذا العناء .. سأكون هنا في الصباح من أجلك ..!
بهدوء أجبتها : شكراً لك خالتي ..!
حملت حقيبتها التي كانت على الأريكة ثم سارت و معها ميرال خلفهما دايمن و آندي بعد أن ودعني كلاهما ..!
بعد خروجهم رميت بجسدي على الأريكة مرهقاً و أغمضت عيني ..!
شعرت بكف أحدهم على جبيني : عزيزي لينك حرارتك مرتفعة .. الأفضل أن تتناول خافضاً ..!
فتحت عيني فرأيت خالتي ميراي التي بدا القلق في عينيها : لقد تناولت الخافض قبل نصف ساعة .. سيظهر مفعوله قريباً ..!
تقدم لوي ناحيتي و جلس بجواري : لينك الأفضل أن تذهب و ترتاح كما قالت السيدة رافالي ..!
أومأت إيجاباً لكني سألت : أين ريكايل ؟!..
أجابني لوي : لقد تلقى اتصالاً و خرج من الغرفة قبل أن يجيب .. لا شك أنه سيكون هنا بعد لحظات ..!
فور أن أكمل لوي جملته سمعت صوت أحدهم : لينك .. جاءك ضيوف ..!
التفت ناحية الباب فرأيت ريك و من خلفه فتاتان ..!
كانتا ترتديان ملابس سوداء .. و الحزن العميق متضح عليهما ..!
الأولى ذات شعر بني طويل تركته منسدلاً .. أما الأخرى فقد كان شعرها البني يصل لما تحت كتفيها بقليل ..!
إنهما الأختان جوليا و ميشيل ..!
لم أركز كثيراً في جوليا بل صوبت نظراتي ناحية ميشيل .. لقد بدا الحزن العميق في عينيها ..!
تقدمتا ناحيتي فوقفت و حين وصلتا قالت جوليا بحزن : تعازي الحارة في وفاة السيدة مارسنلي ..!
بهدوء أجبتها : شكراً لك .. جوليا ..!
نظرت للأخرى فكانت تطأطأ رأسها دون أن تنطق بشيء ..!
لكن اختها تحدثت بالنيابة عنها : لقد صدمنا كثيراً حين علمنا بالخبر .. لكني أرجوا أن تكون قوياً لمواجهة هذا الموقف لينك .. لقد ساعدتنا كثيراً حين توفيت والدتي لذا نحن نريد أن نساعدك الآن .. إن كنت تريد أي شيء فأخبرنا فقط ..!
لقد فاجأني كلامها فقد بدت جوليا متأثرة للغاية : أقدر لك هذا .. كل ما أريده هو أن تكونا بخير ..!
هنا بدأ أحدهم يبكي .. إنها ميشيل ..!
لقد طأطأت رأسها و بدأت تبكي بالفعل فاحتضنتها جوليا بهدوء : يكفي عزيزتي .. لقد جئنا إلى هنا لمواساة لينك و ليس ليواسينا ..!
تقدمت بخطوات بطيئة ناحيتها و بلا شعور ربت على كتفها ..!
التفت ناحيتي و هي تحاول كتم عبرتها فابتسمت بصعوبة ابتسامة صغيرة : ميشيل .. أمي أخبرتني منذ فترة بأنها أحبتك .. و قد أرادت أن تأتي دائماً لزيارتنا ..!
صمت للحظات ثم تابعت : كوني قويةً من أجلها .. أعلم أن الأمر صدمك و أزعجك كما فعل بالجميع ..! لكن يجب علينا أن نتعاون لتجاوز هذه الصدمة ..!
أومأت هي إيجاباً دون أن تضيف حرفاً آخر ..!
بينما تمنيت حقاً أن استطيع تحقيق من نطقت به قبل قليل ..!
.................................................. .....
مضى أسبوعان على الأحداث الأخيرة ..!
لقد مرا علي كالسنوات ..!
لكني تمكنت من تدبير أموري ..!
المنزل صار فارغاً و هادئاً .. حتى لوي سافر بعد أن قضى عندي أربعة أيام ..!
لقد عدة منذ يومين للمدرسة و قد حاولت التعايش مع الوضع الجديد لأنه من المستحيل أن يتغير ..!
صحيح أنني تمكنت من تجاوز تلك الصدمة لكن حيويتي قلت و لم أعد أتحدث كثيراً و معظم وقتي أكون شارد الذهن ..!
ذكرى إلينا ظلت في داخلي فقد كنت أراها في كل ركن من أركان قصرنا الواسع ..!
حتى في منامي أحلم بها دائماً ..!
و قد عادت لي ذكريات كثيرة لي معها كنت قد نسيتها تماماً ..!
كلما رأيت صورة لها ابتسم و اتحدث إليها و كأنها أمامي ..!
أخبرها عن أيامي و عن ما يحدث معي .. كنت أتمنى حقاً لو كانت بالفعل هنا تحاورني و تجيبني ..!
لقد اكتشفت كم من المؤلم أن تتحدث إلى شخص تعلم أنه لا يستطيع أن يجيبك ..!
ريكايل لم يكن أفضل حالاً مني .. لقد كان قلقاً علي كثيراً و دائم العناية بي ..!
حتى أنه لم يعد ينام في غرفته بل صار ينام بقربي كي لا اشعر بالوحدة على حسب قوله ..!
لقد كان ريكايل في الفترة الأخيرة خير سند لي ..!
كنت أشعر بأنه هو الأخ الأكبر لا أنا .. فقد بقي يهتم بي حتى استعدت نشاطي و صحتي السابقين ..!
و ها هو اليوم أصر على دعوتي إلى أحد المقاهي على حسابه ..!
...........................................
كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءاً حين دخلت إلى ذلك المقهى الكبير مع ريكايل ..!
توجهنا إلى إحدى الطاولات التي لشخصين و جلسنا ..!
بقيت أنظر حولي للحظات : أن المكان فاخر .. متأكد بأنك جئت للمكان الصحيح ؟!..
بدا عليه الاستياء : أنا لست فقيراً إلى هذه الدرجة ..! إن لدي المال الكافي لدعوتك في أفخر مقاهي العالم ..!
ابتسمت حينها : لكنك ستكون قد أفلست بعد هذه الدعوة ..!
بادلني تلك الابتسامة ببرود و سخرية : لأني دعوتك اليوم فلن أجيبك على سخافاتك و سأتظاهر بأني لم أسمع ..!
ضحكت بخفة حينها : أعتذر لم أقصد هذا .. لكن تذكر أني لم أجبرك على هذا المقهى ..!
بدت ابتسامته هادئة : لا عليك .. المهم هو أن تكون أنت سعيداً .. يجب أن تخرج من الجو المكتوم الذي عزلت نفسك فيه ..!
كان واضحاً أنه يحاول جعلي أضحك و استمتع بحياتي كالسابق .. و رغم أن هذا كان صعباً بعض الشيء إلا أنه لم ييأس بل حاول جاهداً حتى استخرج مني تلك الضحكة قبل قليل ..!
قررت أن أترك التفكير في هذا الأمر جانباً و سألت : أين ميراي ؟!.. ألم تدعوها ؟!!..
بمكر قال : للمرة الألف أقول .. ستصفعك لو سمعتك ..!
- إنها ليست هنا ..! حسنا أين هي على كل حال ؟!..
- ألا تعرف خالتك و عملها ؟!.. لقد ذهبت إلى الأرجنتين في السادسة هذا المساء .. و لن تعود إلا مساء الغد ..!
- هكذا إذاً .. لما لم تأجل هذه الدعوة حتى تكون معنا ..!
- إنها مشغولة هذه الفترة لذا لا أظن أنها ستتفرغ قريباً ..! لا بأس سأدعوها معك إلى هذا المقهى في المرة القادمة ..!
- أخبرني بصدق .. أتنوي أن تفلس ؟!!..
- الصدق هو أن لدي المال الكافي لدعوتك إلى هنا كل يوم على مدار شهر كامل ..!
ابتسمت حينها بهدوء : أرجوا أن هذا صحيح ..!
قبل أن يرد علي وصل النادل ..!
طلبت أنا فنجان قهوة امريكية مع كعكة صغيرة بالشوكولا بينما طلب ريك فنجان قهوة تركية مع فطيرة تفاح صغيرة ..!
بدأنا نتحدث في أمور منوعة متجاهلين ما حدث في الفترة الأخيرة ..!
لكن ريكايل فجأة سأل : لينك .. أتنوي إدارة شركات مارسنلي ؟!..
ببرود أجبت : سيتولى أدريان ذلك حتى أتخرج من الجامعة ..!
- سيحتاج ذلك لسنوات .. هل ستترك أدريان يهتم بكل الأمور حتى ذلك الحين ؟!..
- أعلم أن ادريان لا يحبك و عليك أن تعلم أني لا اطيقه ..! لكن تذكر بأنه كان مساعد أبي ثم مساعد أمي منذ سنوات لذا هو يعرف كل شيء في الشركة ..! أمي كانت تثق به و تعتمد عليه كثيراً لذا أعتقد أن علي فعل ذلك ..!
- كلامك صحيح .. يبدو أنه محط ثقة ..!
صمتنا بعدها للحظات ثم دخلنا إلى مواضيع أخرى مختلفة تماماً ..!
.................................................
كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر حين اقتربنا من القصر ..!
بعد تلك الدعوة ذهبنا إلى حديقة البرج التي كانت شبه فارغة إلا من بعض العشاق ..!
فالجو كان بارداً للغاية و الثلج ينزل من السماء و غداً يوم دراسي ..!
وصلنا أخيراً إلى بوابة القصر .. لكن لفت نظري أن المكان كان مظلماً نوعاً ما فالأضواء كانت مغلقه ..!
لم أعلق .. توقفنا أمام البوابة بانتظار فتحها .. لكنها لم تفتح ..!
قطبت حاجبي : أين الحارس ؟!..
باستنكار قال ريك : أتراه ذهب للنوم ؟!!..
- محال .. هو يعلم أننا لم نعد بعد ..!
- غريب .. حتى غرفته مغلقه ..!
بانزعاج قلت : لن نستطيع الدخول هكذا ..!
تنهد حينها : الحل الوحيد أن نقفز و نرى ما الأمر ؟!.. المكان يبدو غريباً بالفعل و لاحظ أن الأضواء على سور القصر مغلقة على غير العادة ..!
فتحت باب السيارة و أنا أقول : لك معي حساب عسير أيها الحارس ..!
سرت حتى وصلت إلى الباب الكبير الذي كان عبارة عن تحفة تشكيلية مفرغه ..!
بدأت التسلق من خلال تلك الفتحات الكثيرة المتناسقة حتى وصلت للأعلى .. كان المكان مرتفعاً لذلك نزلت قليلاً ثم قفزت إلى الداخل ..!
اتجهت إلى غرفة الحارس التي كان بابها مغلقاً و في داخلها جهاز لفتح هذه البوابة ..!
حاولت فتح الباب لكنه كان مقفلاً .. سحقاً !!.. ما القصة ؟!!..
عدت إلى الباب و اشرت لريك فنزل من السيارة و وصل إلي : ما الأمر ؟!..
من خلف الباب قلت له باستياء : غرفة الحارس مقفله .. تسلق أنت الآخر .. و كن حذراً ..!
أومأ إيجاباً وبدأ يتسلق ذلك الباب المزخرف مثلي تماماً ..!
و بعد أن قفز بقربي سألته : أنت بخير ؟!..
وقف و أومأ إيجاباً وهو يلتقط أنفاسه : أجل .. رغم أنه كان مجهداً ..!
تنهدت حينها : لندخل و نرى ما المشكلة ..!
- حسناً ..!
سرنا خلال ذلك الطريق الطويل عبر الحديقة حتى وصلنا إلى الباب الرئيسي للقصر .. كان الهدوء يحيط به بشكل غريب ..!
عادة ما نلتقي بخادم أو خادمة على الأقل .. لكننا لم نرى أحداً ..!
دخلنا إلى تلك الردهة الواسعة فلم نجد أحداً أيضاً : أين اختفى الجميع ؟!!..
- لا أعلم لينك .. ربما ذهبوا للنوم ؟!!..
- لا أعتقد .. ألم تتصل بالطاهي ليجهز العشاء ؟!!..
- بلا ..!
- اذاً يجب أن يكون هناك خادمتان على الأقل هنا أو هناك لاستقبالنا ..!
- ربما يكونون في المطبخ ..!
شعرت بالقلق لكني سرت بهدوء ناحية غرفة الجلوس : أخشى أن هناك أمراً سيئاً حدث ..!
فتحت باب الغرفة بينما قال ريكايل : اجلس أنت الآن و أنا سأذهب للمطبخ .. لاشك أن الطاهي هناك ..!
- لحظة .. أنظر ..!
هذا ما قلته و أنا أنظر أمامي إلى ذلك الجالس هناك ..!
حيث كان يمسك بفنجان قهوة يتصاعد البخار منه و يجلس بطريقة متعجرفة على تلك الأريكة التي لطالما كانت أمي تجلس عليها ..!
كنت غير مستوعب أطلاقاً لكن ذلك الشخص البغيض قال بابتسامة ماكرة وهو ينظر إلي : أين كنت حتى هذه الساعة المتأخرة ؟!..
قطبت حاجبي و تجاهلت سؤاله : ما الذي تفعله هنا ؟!!..
- لا شيء .. احتسي القهوة كما ترا ؟!.. أتريد أن أطلب لك فنجان ؟!.. آه صحيح الخدم ليسوا هنا .. ما رأيك أن تطلب من هذا الخادم الذي بجانبك أن يحضر لك بعض القهوة ..!
كنت مصدوماً من اسلوبه المستفز و طريقة كلامه حتى شككت أنه بوعيه : ما بك أدريان ؟!!.. هل شربت زجاجة كاملة من المسكر و جئت إلى هنا في هذه الساعة ؟!!.. أم أنك جننت حقاً ؟!!..
فاجأني حين تغيرت ملامحه و انفجر ضحكاً !!..
انه يستفزني أكثر : كف عن الضحك و اخرج من هنا حالاً .. و حين تأتي إلى منزلي مرةً أخرى لا تأتي في ساعة متأخرة .. و ثمل أيضاً !!!..
توقف عن الضحك و نظر إلي بخبث : و من قال لك أني ثمل يا هذا ؟!!.. أنا لم أشرب منذ توفيت السيدة ..!
- اذاً أخرج حالاً من هنا لأنك بالتأكيد قد جننت ..!
- أنا أخرج ؟!!.. أنت من يفترض بك أن تخرج ؟!!..
نبرته الواثقة أرعبتني .. ماذا حدث له يا ترى ؟!!..
تقدمت ناحيته بخطوات متلاحقة و انفاس غاضبة : أن تتوقف عن التحدث إلى سيدك بهذه الطريقة ؟!!..
عاد للضحك مجدداً لكنه وقف بعد لحظات أمامي فبدا كم هو فارق الطول الشاسع بينننا و بسخرية قال : أنت سيدي ؟!.. لم يبقى سوى الأطفال !!.. لقد كنت أحترمك مسبقاً من أجل أمك .. أما الآن فأنت لا تعني لي شيئاً ..!
هو بالتأكيد ليس طبيعياً ..!
لكنه بالفعل نجح باستفزازي : أدريان .. أخرج من هنا قبل أن أطلب الشرطة .. و اياك أن تظهر في حياتي مجدداً ..!
ما فاجأني أكثر هو حين ربت على رأسي وهو يقول : لن أخرج أيها الصغير .. أريد التحدث معك بموضوع قد يغير مسار حياتك ..!
كان يقولها بقمة الخبث و الثقة ..!
يغير مسار حياتي ؟!!.. ما هذا الموضوع ؟!!..
ابعدت يده عن رأسي و قلت : هاتي ما عندك حالاً ..!
- حسناً ..!
جلس حينها مجدداً على تلك الأريكة : هل حدثتك أمك الراحلة عن مشروعها الضخم المشترك مع دايفيرو ..!
فور أن لفظ الاسم الأخير عرفت عما يتحدث .. إنه المنتجع الكبير الذي كانت أمي قد بدأت العمل عليه منذ فترة ..!
أومأت إيجاباً بتردد فتابع هو : جيد ..! تعلم أن ذلك المشروع كان تحت اشراف مارسنلي .. أي خطأ سيكونون هم السبب فيه ..! لكن السيدة مارسنلي الراحلة قررت المجازفة فاستلمت ذلك المشروع ..! لقد وقعت عقوداً كثيرة مع شركات عالمية من أجله فهو كان من الممكن أن يكون الأفضل في فرنسا بأسرها ..! هناك شركات فندقية و شركات مطاعم و أيضاً هناك شركة ألعاب استأجرت جزءاً كبيراً منه ..! الجميع دفع النقود لمارسنلي من أجل ذلك المشروع ..!
صمت حينها مما وترنني ..!
بقي صامتاً و لم ينطق مما دعاني لأن أقول بقلة صبر : و ماذا بعد هذا كله ؟!!..
بابتسامة مكر قال : ذلك المشروع فشل .. و سقطت معه ثروة مارسنلي ..!
اتسعت عيناي حينها و أنا أحاول أن أستوعب ما مقدار الخسائر الآن ..!
لكن ذلك الأدريان قال بخبث : لقد افلست الشركة يا لينك ..!
بلا شعور حينها انقضضت عليه و أنا أصرخ : و تقولها بسعادة !!.. كيف حدث هذا تكلم ؟!!!.. كيف تفعل هذا بمارسنلي بعد كل ما فعلوه لك !!..
دفعني حينها بشدة فسقطت أرضاً و وقف هو أمامي : لست أنا من فعل هذا ..!
كنت قد جننت بالفعل فوقفت و أنا أنقض عليه مجدداً : أيها الوغد !!..
و مجدداً دفعني بقوة زائدة لكن ريكايل كان خلفي هذه المرة فالتقطني : لينك أهدأ ..!
اردت أن أقتل أدريان الآن لكن ريكايل كان يمسك بي : اتركني ريك .. دعني أتصرف مع هذا الخائن الوقح الحقير !!..
بذات ابتسامته قال : أتصفني بكل هذا و أنا لم أفعل شيئاً ؟!!.. ربما لا تعلم بأن الشركة قد أفلست منذ فترة يا لينك لكن أمك الحنون أخفت عنك ذلك ..!
تجمدت حينها في مكاني مذهولاً .. أحقاً ما يقوله ؟!!.. أمي كانت تعلم أن الشركة أفلست قبل وفاتها ؟!!!..
أجل .. لقد كانت متضايقة و حزينة في الفترة الأخيرة !!.. أكان هذا بسبب فشل المشروع و افلاس الشركة ..!
نظرت إلى ادريان و صرخت : و ماذا تريد أنت الآن ؟!!.. أأنت سعيد لأن الشركة التي عملت طيلة حياتك من أجلها أفلست ؟!!.. هيا اخرج من هنا ..!
بهدوء قال : كما قلت .. عملت طيلة حياتي لأجلها .. لكني لم أحصد شيئاً ..! رغم أني أكثر من عمل في اعمار شركات مارسنلي .. كنت ستأتي أنت و تأخذ كل شيء في لمحة بصر ثم ترمي بي بعيداً !!..
صمت حينها و أنا استمع لكلامه !!..
أيعقل أنه ساهم في افلاس الشركة كي لا أرثها أنا : أخرج من هنا حالاً يا أدريان !!..
هذا ما قلته بغضب لكنه ابتسم مجدداً : بقي لدي الكثير لقوله لك سيد مارسنلي ..! أو لنقل .. سيد براون !!..
شدد على كلماته الأخيرة بطريقة لم أفهمها .. بل لم أفهم ما شأن بروان الآن ؟!!..
لكنه قطع علي أفكاري حين قال : قبل وفاة والدتك قامت بترتيب كل شيء ..! لديكم الكثير من الديون لذا كان على أمك أن تقسم ما تبقى من ثروتها كي تسدد بها بعض الديون ..! حتى الأشياء التي كتبتها باسمك .. المدرسة و تلك السيارة استعادتها بالتوكيل الذي لديها ..! جميعها الآن قد تم تصريفها ابتداءً بقصركم هذا ..! اتعلم لما وعدتك السيدة بالذهاب إلى منزلكم الشتوي ؟!!.. لأنها كانت ستسلم هذا القصر لصاحب شركة الألعاب فهو ملكه من الآن فصاعداً ..! حتى المنزل الشتوي له الآن لكنه كان قد اعطاه أمك لمدة أسبوع فقط حتى تجد مكاناً تلجأ أليه ..! لكن الأسبوع انتهى لذا هو ايضاً لذلك الرجل ..! أما نصف ما تبقى من الثروة و كذلك المدرسة فقط صارت لدايفيرو الذين كانوا أكثر من دفع نقوداً في ذلك المشروع ..! و ما تبقى قامت بتوزيعه على باقي الشركات حتى أتمت ما بقي من ديون و تركت لك فقط مبلغاً من المال عله يفيدك ..!
رمى إلي حينها بظرف بني بحجم الكف .. كان منتفخاً قليلاً و يبدو أن داخله بعض النقود : هذه النقود تكفي لتعيش لبضعة شهور قادمة .. لكن عليك أن تكون مقتصداً قدر الإمكان ..!
كنت مصدوماً و أنا أنظر إلى الظرف على الأرض .. لا أصدق كل ما سمعته قبل قليل .. إنها صدمة !!.. صدمة كبيرة !!..
لقد رحل كل شيء في طرفة عين .. و رحلت معها حياة النبلاء !!..
ربما يمكنني القول أن " لينك مارسنلي " الآن لا يختلف كثيراً عن " لينك براون " ..!
نظرت إلى أدريان حينها و قلت بشك : و ماذا استفدت أنت بعد كل هذا ؟!!.. لما تبدوا غير مهتم رغم كل ما حدث ؟!!..
عاد ليبتسم مجدداً : يمكنك القول .. صاحب شركة الألعاب كان من أكبر المستفيدين ..! أتعلم .. تلك الشركة تعود لأسرة سميث .. و ريئسها هو ..!
بمكر تابع : أدريان سميث ..!
رن ذلك الاسم في رأسي مراراً ..!
ذلك الحقير أدريان فعل كل هذا كي يحصل على ما يريد !!..
أشك أنه كانت هناك شركة ألعاب أصلاً !!..
أمي تركت لأدريان أن يتصرف معهم .. و هكذا كان يوقع أورقاً كما يشاء بتوقيعين ..!
توقيع أدريان سميث مساعد رئيسة شركات مارسنلي ..!
و توقيع أدريان سميث مدير شركة الألعاب ..!
كنت أريد أن أضربه حينها لولا أن ريكايل أمسك بي بشدة حين شعر بما في داخلي : توقف لينك .. لن تستفيد شيئاً من ضربه ..!
صرخت حينها : رايل اتركني يجب أن ألقن هذا الحقير درساً !!.. كيف يجرأ على فعل هذا بعد كل ما قدمه له والداي !!..
- لينك ليس هكذا ..! لن تحل شيئاً بهذه الطريقة ..!
بلا شعور دفعت ريك بذراعي بشدة و انزعاج : ابتعد !!..
لكني لحظتها سمعت صوت ارتطام شيء ما فالتفت حالاً لأرى أن ريك اصطدم بالطاولة الزجاجية فوقع أرضاً بينما سقطت التحفة التي كانت عليها و تكسرت حالاً ..!
بدا الألم على وجه ريك رغم أنه لم ينطق و فوراً اسرعت ناحيته و جثيت بقربه بقلق : ريكايل أأنت بخير ؟!!.. أنا آسف لم أقصد دفعك ..! أخبرني أصبت ؟!..
التفت ناحيتي وهو يقول مخفياً ألمه : لا تقلق .. أنا بخير ..!
انتبهت حينها لظهره الذي كان قد اصطدم بحافة الطاولة الزجاجية بعنف : هل يؤلمك ظهرك ؟!..
أخذ نفساً وهو يقول : قليلاً .. لكني بخير على كل حال .. إنها مجرد ضربة خفيفة ..!
قبل ان أقول شيئاً أخر قطع علي ذلك الصوت الماكر : رائع .. تبدوان رائعين هكذا معاً ..!
التفت ناحية ذلك الحقير و نظرت إليه بحقد : و هل هذا يهمك ؟!!..
بابتسامته المستفزة قال : ليس كثيراً ..! لكن هناك شيء أخير أريد أن أخبركما به يا .. توأم بروان !!!..
هذا كان آخر شيء توقعته !!..
توأم بروان ؟!!..
يمكنني فهم كل شيء الآن .. لأني كنت أشك في هذا منذ البداية ..!
بدت ملامح الصدمة على ريك بينما وقفت أنا و قلت بشك : أدريان .. أنت إذاً السبب منذ البداية !!.. أنت من تبنى واحداً فقط منا دون الآخر ..!
ضحكته تلك اثارت اشمئزازي .. لكن ما أغضبني هو حين أجاب بخبث : صحيح .. أنا من اخترت أحدكما دون الآخر ..! هناك أشياء كثيرة لا تعلمون عنها ..! أجل أنا من وجدكما في ذلك الملجأ القديم و أنا من طلبت من المديرة أن تعطيني أحدكما فقط ..!
حاولت تمالك أعصابي : و لما فعلت ذلك ؟!!.. ما مصلحتك ؟!!..
- الأمر بسيط ..! إلينا و جاستن يريدان طفل يشبههما حتى يتبنياه و يربياه .. و أيضاً يرثهما في المستقبل ..! إن عثرت على الطفل فسأكبر في عينيهما أكثر .. و حين وجدتكما في الملجأ رأيت كم تشبهان السيد و السيدة مارسنلي لكن لم أرد أن يكونا أثنان .. لأنه لو صارا اثنين فهذا قد يبعدني أكثر عن تلك الثروة ..! لذا قررت أن يكون واحد ..!
بغضب صرخت : و بالطبع فعلت ما بوسعك لكي لا يعلم أحدنا بأن له أخ .. لذلك عزلتنا عن بعض بشدة و منعت الخالة آنا من الاتصال بي و كذلك خالتي ميراي من الوصول إلى أحدنا ..!
أومأ إيجاباً بابتسامة واسعة ..!
وقف ريك حينها و الغضب يشتعل من عينيه : سحقاً لك !!..
لكنه حينها قال بابتسامة هادئة : لكنكما كنتما أقوى مما ظننت .. لقد كنت قد نسيت أمر ريكايل تماماً حتى ذلك اليوم الذي رأيته هنا و رأيت كم يشبه لينك و حين عرفت أسمه علمت بأنه وصل إلى هنا بطريقة ما ..! لم أعتقد أن تكونا مرتبطين إلى هذه الدرجة !!..
كان الدم يغلي في عروقي غضباً على هذا الخائن الذي كان يدمر حياتي في الخفاء !!..
ذلك ما جعلني أصرخ حينها : أخرج من هنا حالاً .. لا أريد رؤيتك !!..
- بل أنت من سيخرج .. فهذا القصر .. صار ملكاً لي ..!
قبل أن أقول شيئاً دخل أربعة رجال إلى تلك الغرفة .. يرتدون ثياب الحرس لكني لم أرهم من قبل .. يبدو أنهم تابعون لأدريان فقد نظر إليهم و قال بلهجة آمرة : خذوا هاذين الأثنين خارج قصري حالاً !!!..
امسك أحدهم بذراعي بقوة و سحبني بشدة : أتركني أيها الوغد ..!
هذا ما قلته و أنا أحاول ضربه بيدي الأخرى لكن واحداً آخر باغتني بقبضته الضخمة التي اخترقت معدتي حتى شعرت أنها تمزقت ..!
أمسك ذلك الضخم بذراعي الأخرى و سحبني مع رفيقه ..!
لم استطع التخلص منهما لكني رغم ذلك حاولت ما بجهدي و أنا اصرخ غضباً مما يحدث الآن ..!
كان أثنان الآخران قد أمسكا بريكايل و سحباه خلفي ..!
لا أصدق بأنهم الآن يجرونني خارج المنزل الذي عشت سنين حياتي فيه و الذي يحمل كل ذكرياتي !!..
يخرجونني من منزلي !!..
كنت أشعر بالألم الحقيقي و لا أخفي عليكم أن دموعاً تجمعت في عيناي و أنا أصرخ بأعلى صوتي : أدريان أيها الخائن !!..
.................................................. .....
نتوقف هنا لليوم

مرحباً .. كيف حالكم يا أصحاب ؟!..

و أخيراً نزل هذا البارت بعد عنا ..!

أتمنى يكون عجبكم أحداثه و طوله ..!

ننتقل إلى الأسئلة

ماذا يمكن أن يحدث بعد رحيل
إلينا ؟!..

و ما موقفكم من موتها المفاجئ ؟!..

وضع صعب يواجه
لينك و ريكايل .. كيف سيتصرفان فيه ؟!..

أي تصرف سيتخذ
لينك بعد فقدان كل شيء ؟!..

و هل هناك أمكانية من عودة تلك الثروة ؟!..

ما أفضل مقطع في هذا البارت ؟!..

..............

المقتطفات

نظرت إلى ريكايل حينها فنظر هو الآخر إلي و ابتسم بهدوء فابتسمت ابتسامة مطابقة و نطقنا معاً حينها : أخوان ..!

...

سحقاً .. ها هو وريث مارسنلي لا يجد ما يلبسه .. إنها نهاية العالم بالفعل ..!

...

ابتسم بمكر : عليك أن تجيده منذ اليوم يا وريث مارسنلي فلم يعد لديك أي خدم .. حتى أنا .. لا تعتقد أني سأخدمك بدون راتب ..!

...

أجل .. لقد كانت صورتي الشخصية موضوعة هناك و بجوارها عنوان عريض " افلاس شركة مارسنلي قبل تسليمها للوريث المنتظر " ..!

...

لقد ضاع كل شيء .. و علي الآن أن أبدأ من الصفر ..!

...

هتف ريك حينها : لينك ماذا سنفعل ؟!.. لاشك أنه شبح ..!

...

المسكينة .. لقد طردها أدريان أيضاً ..!

...

ارتشفت القليل من العصير ثم قلت : الأفضل أن أقطع علاقتي بهم نهائياً ..!

...


هذا ما لدي اليوم ..!

أترككم في حفظ الله ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 08:25 PM   #30

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 28


في ذلك البرد القارص .. و الثلج يهطل من كل مكان .. كنت اسير بخطوات متعبة .. أنا لم أعتد على هذا ..!
لم أعتد على التشرد !!!..
يفترض أني الآن في مكان دافئ و مريح !!..
لما أنا الآن في هذا الشارع ؟!!!!..
توقفت عن السير حينها .. فالتفت الذي يسير أمامي إلي : ما بك ؟!!..
شددت قبضتي و باستياء قلت : كم هو مؤلم .. الشعور بالخيانة !!..
ربت على كتفي حينها و هو يقول : أنا لم أجربه و لا أعلم ما هو .. لكني أتفق معك في أن ذلك الأدريان شيء في منتهى الدناءة و الحقارة ..!
بلا شعور ضربت رأسي في تلك الشجرة التي بجواري بعنف من شدة الغضب : لينك .. للمرة الألف أقول لك .. تمالك نفسك !!..
بدت نبرة رايل مستاءة بالفعل بينما كنت أشعر بالألم في رأسي .. رفعت يدي إليه فشعرت بشيء رطب و دافئ و ما إن نظرت إلى يدي حتى رأيت تلك الدماء عليها و شعرت بذلك الشيء الذي بدأ يسيل من يسار جبيني ..!
ازداد قلق رايل حينها : مشكلة .. رأسك ينزف ..!
تقدم مني أكثر و رفع يده ليبعد خصلات شعري عن جبيني : لديك جرح هنا .. أيؤلمك ؟!!..
كنت أشعر بشيء غريب فيه : قليلاً .. ريكايل .. هل هناك شيء داخل ذلك الجرح ؟!..
أمعن النظر فيه : لا .. لما ؟!!..
بتعب قلت : لا أعلم .. كأن شيئاً ما دخل إلى رأسي ..!
- أرجوا أن لا يكون شيء من لحاء هذه الشجرة قد دخل فيه .. صحيح أنه ليس كبيراً و عميقاً إلا أن القطع الصغيرة من اللحاء قد تخترقه ..! لينك لنذهب للمشفى ..!
صمت للحظات قبل أن أقول : ليس لدينا مكان غير المشفى أصلاً ..! خالتي مسافرة لذا لا نستطيع اللجوء إليها ..! و ملجأ الأيتام صار بالتأكيد من أملاك أدريان .. لا أريد الذهاب لأي مكان له علاقة بهذا الشخص ..! و بالتأكيد لن نطرق باب جوليا و ميشيل في هذه الساعة المتأخرة ..!
تنهد هو حينها : حاول أن تنسى أمره قليلاً .. و إلا أنك ستموت هماً ..! هيا بنا .. ليس لنا إلا أن نسير إلى المشفى ..!
أومأت موافقاً مجبراً فهو الحل الوحيد لنا ..!
تابعنا سيرنا في ذلك الشارع الصغير وحيدين تحت تلك السماء المظلمة و فوق ذلك الثلج البارد .. بلا مأوى ..!
.................................................. .
انتهت من لف تلك الضمادات على رأسي و قالت : حسناً .. ها قد نظفنا الجرح و ضمدناه جيداً .. أي طلبات أخرى ؟!!..
بهدوء قلت : شكراً لك .. أنيتا ..!
ها نحن الآن في تلك المدينة الطبية .. لقد كانت أقرب مركز طبي من مكاننا لذا اتجهنا إليها ..!
قامت أنيتا باستقبالنا هناك فقد كان اليوم هو يوم مناوبتها و قد فحصت لي جرح رأسي و اعتنت به جيداً ..!
ها نحن في تلك العيادة الصغيرة .. عيادة الدكتور مارفيل ..!
رغم أنه يفترض أن نكون في قسم الطوارئ لكنه اصر على أن نأتي إلى هنا لسبب أجهله ..!
جلست أنا على سرير صغير في تلك الغرفة و أمامي وقفت أنيتا التي كانت تهتم بجراحي ..!
أما ريكايل فقد جلس على مقعد عند مكتب الدكتور الذي لم يكن موجوداً هنا فقد غادر منذ قليل ..!
ابتسمت أنيتا لي حينها : هل يؤلمك رأسك ؟!..
- قليلاً .. أشعر بأن الجرح يلسعني ..!
- ذلك بسبب المعقم .. أنتظر قليلاً و سيكون كل شيء بخير ..!
- حسناً ..!
تذكرت حينها شيئاً و نظرت إلى رايل : هل يؤلمك ظهرك ؟!!..
أومأ سلباً : لا ..!
- أنت تكذب .. ذلك واضح ..!
- إنها كدمة بسيطة .. ستكون بخير ..!
سألت تلك الممرضة حينها : ما الأمر ؟!.. هل تأذى ريكايل أيضاً ؟!!..
أوشح هو بوجهه بينما قلت أنا : لقد اصطدم ظهره بحافة الطاولة الزجاجية بشدة ..!
بابتسامتها اللطيفة قالت : حسناً .. هذا يحدث لأي شخص لذا لا داعي للقلق .. سوف أصرف لك مرهماً كي تضعه على الكدمة حتى لا تنتفخ ..!
لم يرد هو و لم أعلق أنا .. بينما دخل أحدهم إلى الغرفة : هل انتهيتم ؟!!..
كان ذلك الدكتور مارفيل و خلفه الدكتور ليبيرت .. أجابته زوجته بأننا انتهينا منذ لحظات .. يبدو أن الثلاثة لديهم مناوبة اليوم ..!
جلس الدكتور مارفيل خلف مكتبه بينما جلس الآخر قبالة ريكايل ..!
بدأ الدكتور مارفيل كلامه قائلاً بهدوء : كيف جرحت يا مارسنلي ؟!.. لا أعتقد أنك اصطدمت بالشجرة بلا انتباه فمكان الجرح و عمقه يخالفان ذلك ..!
ترددت للحظات قبل أن أقول : لقد كنت غاضباً فضربت برأسي في الشجرة ..!
بدا على الدكتور ليبيرت الشك : تضرب رأسك بالشجرة من شدة الغضب .. ثم تأتي للمشفى في هذه الساعة مع أنك تستطيع تنظيف جرح كهذا في منزلك ..!
- شعرت بأن شيئاً من لحاء الشجرة دخل إليه لذا جئت للمشفى ..!
- اعذرني مارسنلي لكني لا استطيع تصديقك ..! واضح من حالة ملابسك و حذائك أنك مشيت إلى هنا لأن الثلج كان يتساقط و ملابسك لازالت مبللة جراء ذلك ..! ما الذي يدفع وريث مارسنلي إلى السير إلى المشفى رغم أنه يستطيع استدعاء طبيب اسرته إلى غرفته ؟!!..
بغضب قلت و بصوت مرتفع : أهذا تحقيق أم ماذا ؟!!..
انتبهت إلى نبرتي تلك و قلت بخفوت : اسف ..!
لكن الدكتور ليبيرت قال بعد صمت : لا عليك .. أعتذر لتطفلي ..!
حل السكون بعدها للحظات .. أعلم أن هؤلاء الثلاثة يريدون معرفة القصة التي اودت بي و بريك إلى هنا ..!
بعد لحظات من الصمت نطق أحدهم أخيراً : لقد .. لقد أفلست شركة مارسنلي ..!
التفت بصدمة إلى ريكايل الذي تمتم بتلك الكلمات إلا أن الجميع سمعه ..!
لما أخبرهم ؟!!.. لما قال ذلك ؟!..
باستياء قلت : هلا صمت ريك ..!
لكنه رفع رأسه و نظر إلي بجد : كانوا سيعلمون عاجلاً أم آجلاً فهذا الخبر بالتأكيد سينتشر قريباً ..!
كنت أرى الهدوء على ملامح البقية بينما أوشحت أنا بوجهي بعدها ..!
لحظات حتى سمعت : أهذا ما دفعك لإيذاء نفسك بهذه الطريقة ؟!!..
كانت نبرة أنيتا تلك تحمل بعض العتاب ..!
أخذت نفساً عميقاً و بلا شعور استلقيت على ذلك السرير الذي كنت اجلس فوقه و قلت بهدوء : ليت الأمر مجرد افلاس .. لو أن الشركة أفلست فقط لما غضبت إلى هذا الحد .. لكن ..!
قطبت حاجبي حينها و تابعت : ما أغضبني هو الشخص الذي تسبب في هذا .. سحقاً لك يا ادريان ..!
بنبرة تعجب سأل الدكتور مارفيل : و من أدريان هذا ؟!..
تابع ريك عوضاً عني : لقد كان الشخص الثاني في الشركة بعد السيدة إلينا .. لقد تسبب في فشل المشروع الذي بدأت العمل به مما سبب افلاس الشركة ..! بينما حصل هو على تعويض مناسب ..! يمكنكم القول بأنه تحول من صديق إلى عدو خائن ..!
بلا شعور تابعت أنا : لقد وثقنا به .. كان من أكثر المقربين من مارسنلي .. لقد كان صديقاً لأبي في السابق .. و بعدها صار مساعداً له ثم لأمي ..! كنت أنوي تركه يدير الشركة حتى أتخرج من الجامعة .. لكنه غدر بي ..!
بنبرة هادئة قال الدكتور ليبيرت : أذاً أنتما الآن لا تملكان شيئاً ..!
تذكرت حينها ظرف المال .. يا إلهي .. لقد نسيته في القصر : يبدو أننا حقاً لا نملك قرشاً واحداً ..!
عدنا للصمت مجدداً .. لا أعلم ما يدور في خواطر الجميع .. لكن كل ما أعرفه أني الآن في ورطة لم يسبق لها مثيل ..!
مضت بضع دقائق على هذا الحال حتى قطع الدكتور مارفيل هذا الصمت بقوله : هناك سؤال يخطر ببالي .. أود لو أعرف إجابته ..!
رفعت جسدي عن السرير حينها و قد صار لدي الفضول لمعرفة سؤاله و نظرت إليه فقال هو بعد صمت : ريكايل .. أنا أعرفك منذ بضعة أشهر .. لقد كنت دائماً تأتي إلى مواعيدك هنا وحدك بلا أي مرافق .. حتى حين تبقى في المشفى لأيام لا يزورك أحد عدا المرة الأخيرة في الشهر الماضي ..!
بدا أن ذات الأفكار كانت تراود الدكتور ليبيرت الذي تابع : في الآونة الأخيرة فقط ظهر صديق لك .. يأتي معك إلى هنا و يعرف الكثير عنك .. و أعتقد أنه يلازمك طيلة الوقت .. واضح أنه تعرفك قريباً لكنه رغم ذلك صار مقرباً منك للغاية ..! لو كان شخصاً عادياً لما أثار فضولي لكن .. بما أنه وريث مارسنلي فهذا غريب حيث أنك لا تبدوا غنياً لتتعرف إلى شخص مثله ..!
عاد الدكتور مارفيل لإكمال حديثه : حين رأيت مارسنلي للمرة الأولى ظننت أنه قريبك بسبب الشبه بينكما .. حتى أني لم اصدق أنه وريث مارسنلي إلا حين رأيت نسخة من بطاقته عند مكتب الاستقبال بعد أن أدخلك إلى هنا ..! سؤالي يقول ..!
صمت للحظات ثم أردف : ما العلاقة بينكما بالضبط ؟!..
نظرت إلى ريكايل حينها فنظر هو الآخر إلي و ابتسم بهدوء فابتسمت ابتسامة مطابقة و نطقنا معاً حينها : أخوان ..!
.................................................. ...
كنت أشعر بثقل جفوني التي حاولت فتحتها لسبب أجهله ..!
لكنني حينها فتحتها بجهد بسيط لأكتشف أني اكتفيت من النوم ..!
أول ما رأيته كان سقفاً .. ما هذا السقف ؟!!..
إنه ليس سقف غرفتي ..!
و أيضاً ليس سقف غرفة في المشفى ..!
آه صحيح .. إنه سقف تلك الغرفة الصغيرة التي نمنا فيها الليلة الماضية ..!
نظرت إلى جواري لأجد رايل نائماً و تحته وسادة كبيرة ترفع نصف جسده .. الاستلقاء يضره لذا هو مجبر على النوم بهذه الوضعية ..!
عدت أنظر إلى السقف و اتذكر ما حدث بالأمس ..!
لم يكن الأمس ذا اهمية إلى منتصف الليل حيث حدث زلزال عظيم في حياتي ..!
لقد فقدت مارسنلي كل شيء .. ماذا أقول ؟!.. أنا الوحيد من مارسنلي الآن لذا أنا من فقد كل شيء ..!
رفعت يدي إلى جبيني و شعرت بتلك الضمادات التي لا تزال تلتف حوله و تذكرت جرح الأمس ..!
و تبعاً لهذا تذكرت أن هناك أشخاص جدد أنظموا لقائمة من يعلمون بسر توأم بروان .. الذي صار يعرفه عدد ربما كبير بالنسبة لكونه سراً ..!
الخالة ميراي
ميشيل
جوليا
ليديا
لويفان
.
و الآن
.
الدكتور ليبيرت
الدكتور مارفيل
و أنيتا
.
و لا ننسى ذلك الخائن أدريان
.
هؤلاء هم من يعرفون العلاقة الحقيقية بيني و بين ريكايل ..!
من يدري .. فبعد الأحداث الأخيرة قد يعلم العالم أجمع بهذا : هل استيقظت ؟!!..
التفت إلى يميني حيث كان ريك قد فتح عينيه : أجل .. منذ لحظات ..!
رفع جسده حينها و جلس : رغم كل ما حدث نمت بعمق .. عادةً في مثل هذه الظروف لا أذوق طعم النوم ..!
جلست أنا الآخر و قلت : صحيح .. حتى أنا مستغرب من أنني نمت بسرعة و استيقظت بهدوء و لم أرى أي كابوس .. أعتقد أن المكان الذي نحن فيه الآن ساعد على هذا ..!
لن أخفي عليكم .. بالأمس بعد أن شرحنا القصة للثلاثة السابق ذكرهم أصر الدكتور مارفيل و زوجته على استضافتنا في منزلهم لقضاء الليلة الماضية ..!
رفضنا في البداية لكن بعد الحاحهما و معرفة موقفنا جيداً وافقنا .. فقد كان الحل الوحيد لنا لأننا يستحيل أن نبيت في الشارع فصحة ريك لن تتحمل ذلك ..!
و هذا كان السبب الرئيسي لقبولي دعوتهم ..!
طرق أحدهم الباب حينها : تفضل ..!
دخلت انيتا بعد كلمتي تلك و على وجهها ابتسامة مشرقة و قد كانت ترتدي بنطال جينز أزرق مع كنزة ثقيلة بلون المانجو : صباح الخير ..!
أجبنا معاً : صباح الخير ..!
- هل نمتما جيداً ؟!..
ابتسمت لها حينها : أجل .. شكراً لكم ..!
- رائع .. حسناً الساعة الآن هي العاشرة .. ألا تريدان تناول الفطور ..!
بدا علي الخجل حينها بسبب تأخرنا في النوم إلى هذه الساعة : يبدوا أننا استغرقنا في نومنا .. نعتذر ..!
ضحكت حينها بخفة و هي تقول : لا عليك .. أنا و ادوارد لم نستيقظ إلا منذ قليل أيضاً .. لقد نمنا جميعاً في ساعة متأخرة لذا لا بأس عليكما ..!
لم أعلم ماذا أقول حينها فأردفت هي : حسناً .. الافطار جاهز .. سوف ننتظركما على السفرة ..!
خرجت بعدها و أغلقت الباب ..!
أخذت نفساً عميقاً حينها : إنها شخص جيد بالفعل ..!
هذا ما قاله ريك فأومأت إيجاباً : أجل .. حتى الدكتور ادوارد كذلك ..! يبدو أنه ليس لديهما أبناء فأنا لم أرى شخصاً غيرهما الليلة الماضية ..!
- أنت محق .. حتى هذه الغرفة فارغة .. يفترض أن تكون غرفة النوم الثانية بعد غرفتهما .. لو كان لديهم أبناء لكانت هذه غرفتهم ..!
- لا أعلم .. عموماً الأفضل أن لا نتأخر عليهم ..!
- أنت محق ..!
وقفت حينها و دخلت إلى دورة المياه المتصلة بالغرفة .. غسلت وجهي و استعدت نشاطي ..!
تمنيت لو كان لدي بعض الملابس كي ابدل ملابسي التي لا أزال أرتديها منذ الأمس ..!
سحقاً .. ها هو وريث مارسنلي لا يجد ما يلبسه .. إنها نهاية العالم بالفعل ..!
خرجت بعد لحظات فدخل ريك بدوره إلى دورة المياه ..!
و ما هي سوى دقيقة حتى خرج فقلت : لنخرج إليهما الآن ..!
أومأ إيجاباً : أجل .. لكن لنرتب هذه الأغطية و نعيدها للخزانة .. لا يجب أن نخرج و الغرفة في حالة فوضى ..!
قطبت حاجبي حينها : أنا لا أجيد هذا .. لم أفعله في حياتي كلها ..!
ابتسم بمكر : عليك أن تجيده منذ اليوم يا وريث مارسنلي فلم يعد لديك أي خدم .. حتى أنا .. لا تعتقد أني سأخدمك بدون راتب ..!
ضحك بسخرية بعد جملته الأخيرة بينما تمتمت أنا بانزعاج : سحقاً لك أيها الطماع ..!
سرت بجواره و رأيت كيف يقوم هو بترتيب فراشه و قمت بتقليده ..!
لم أتقن الأمر لكن ريك تدبر هذا ثم اعدناها للخزانة الفارغة و التي كانت قطعة الاثاث الوحيدة في الغرفة ..!
خرجنا بعدها من الغرفة إلى تلك الردهة ..!
لقد كان منزل الدكتور مارفيل عبارة عن شقة سكنية في عمارة كبيرة .. و قد كانت واسعة و يبدو أن إجارها مرتفع ..!
اتجهنا إلى المطبخ حيث طاولة الطعام التي تناولنا فيها وجبة خفيفة بالأمس حين وصلنا إلى هنا ..!
أشعة الشمس كانت تتسل من تلك النافذة المغلقة هناك و قد ملأت أركان ذلك المطبخ الصغير لتشعرك بجو الصباح ..!
كان الدكتور مارفيل يجلس على مقعد حول الطاولة و يرتدي بنطالاً اسود و كنزة صوفية بلون السماء .. و قد كان يمسك بين يديه بإحدى الصحف المحلية و يقرأها ..!
بينما كانت انيتا تقف قرب آلة القهوة و تنتظر الابريق الزجاجي حتى يمتلأ ..!
أخذت نفساً عميقاً و قلت : صباح الخير ..!
من خلفي قال ريك فوراً : صباح الخير ..!
التفت الدكتور مارفيل ناحيتنا بابتسامة : صباح النور .. هل نمتما جيداً ؟!.. أرجوا أن الأرضية لم تكن قاسية ..!
بابتسامة قلت له : أطلاقاً .. لقد نمنا جيداً .. شكراً لضيافتكم ..!
أنا لم أنم على أرضية منذ عشر سنوات .. منذ كنت في ذلك المكان المهجور مع أليس ..!
لكني لسبب أجهله لم أشعر بأنها لم تكن قاسية الليلة الماضية كما كانت خلال ذلك الشهر الكئيب ..!
حملت انيتا ابريق القهوة و وضعته على الطاولة و هي تقول : تفضلا بالجلوس ..!
سرت حينها و جلست على مقعد مقابل الدكتور و ريك بجواري بينما اتجهت انيتا إلى الفرن وهي تقول : كم أنا سعيدة بكما هنا .. أن صنع الفطور لعدة أشخاص أمر رائع .. كم تمنيت لو كانت اسرتي أكبر بقليل ..!
نظر إليها الدكتور مارفيل وهو يقول بابتسامة : هل تشعرين بالملل مني يا عزيزتي ؟!..
أومأت سلباً و هي تقول : ليس هذا مقصدي ..! لكن أنظر .. لو كان لدينا والدان مثل لينك و ريكايل لكان أمراً رائعاً ..!
إذاً ليس ليدهم أبناء : أرجوا أن ترزقوا بهم قريباً ..!
قلت هذا بابتسامة فقالة أنيتا و هي تحمل طبقاً و تسير ناحيتنا : أتمنى هذا .. لقد مضى على زواجي بإدوارد خمس سنوات لكننا لم نرزق بأية أطفال ..!
بهدوء قال زوجها و هو يعيد بصره إلى الجريدة : لا تستعجلي .. سيأتي رزقنا يوماً ما ..!
للحظة بدت لمست من الحزن على وجه انيتا حيث يبدو ان هناك شيئاً قصده الدكتور مارفيل بكلامه الأخير لم نفهمه نحن ..!
لكنها بعد لحظات ابتسمت : لنبدأ بتناول الطعام .. هل اسكب لكما بعضاً من القهوة ؟!..
أومأ كلانا إيجاباً فأمسكت بالأبريق و بدأت بسكب القهوة في الأكواب للجميع ..!
نظرت إلى تلك الأصناف على الطاولة ..!
هناك جبنة فرنسية جاهزة و بعض الخبز المعد بالطريقة الفرنسية كذلك .. و أيضاً بعض البيض المقلي مع الخضر ..!
كانت وجبة افطار بسيطة ألا أنها تبدوا رائعةً بشكل ما ..!
بدأ الجميع بتناول الافطار بصمت .. و قد كان لذيذاً بحق ..!
انتهينا منه بعد دقائق فقال ريك بابتسامة : شكراً لك انيتا .. لقد كان لذيذاً للغاية ..!
أردفت أنا : أجل .. سلمت يداك ..!
ابتسمت لنا بسعادة : بالهناء و العافية ..!
قبل أن يقول أحد شيئاً انتبهت للدكتور مارفيل و قد مد إلي الصحيفة وهو يقول : أقرأ الخبر في الصفحة الأولى ..!
أخذتها منه دون أن أضع احتمالاً واحداً لما قد يلاقيني ..!
و ما إن القيت نظرة على تلك الصفحة حتى لفتت انتباهي تلك الصورة ..!
صورتي !!..
أجل .. لقد كانت صورتي الشخصية موضوعة هناك و بجوارها عنوان عريض " افلاس شركة مارسنلي قبل تسليمها للوريث المنتظر " ..!
لم أقرأ غير العنوان و اغلقت الصحيفة و قلت بهدوء : لست مهتماً لما قد يقولونه ..!
ابتسمت الدكتور في وجهي وهو يقول : و هذا هو الأفضل .. لا تدع لهم فرصة للنيل منك .. الصحافة لا ترحم أحداً ..!
بابتسامة قالت انيتا : لينك .. الأفضل لك أن تبدأ حياة جديدة بعيدة عن المشاكل .. أن أدخلت نفسك في مشاكل مارسنلي فلن تنتهي ..!
تابع زوجها حينها : كما قالت انيتا .. ربما عليك أن تترك مارسنلي و تعيش باسمك الأصلي بروان من الآن فصاعداً ..!
كلامه فاجأني نوعاً ما ..!
هل أترك مارسنلي حقاً ؟!!..
هل أغير أسمي إلى لينك براون ؟!!..
لا أعلم !!..
أنا حقاً لا أعلم ..!
تنهدت حينها و قلت بهدوء : لم أقرر ماذا سأفعل بعد ..! كل ما أعرفه أن علي أن أجد حياة يمكنني العيش فيها مع ريكايل بهدوء ..!
شعرت بأحدهم يربت على كتفي فالتفت إلى رايل لأجده يبتسم بهدوء : اطمئن .. أنا واثق بأننا سنجد حلاً معاً ..! لا تقلق بهذا الشأن كثيراً يا أخي ..!
بادلته تلك الابتسامة على أمل أن نجد حلاً عاجلاً لهذه المشكلة ..!
..............................................
كنت أجلس شارد الذهن على تلك الأريكة في غرفة الجلوس ..!
أشعر بأني تائه و لا أعلم ما يجب علي فعله ..!
هل حقاً علي ترك اسم مارسنلي ؟!..
ذلك الاسم الذي لطالما كنت افتخر به ..!
إنه الاسم الذي يجمعني بإلينا و جاستن .. أيمكن أن أتخلى عنه : فيما تفكر ؟!!..
استيقظت من شرودي على صوت الدكتور ادوارد الذي يجلس هناك أمام التلفاز و يتابع نشرة الأخبار ..!
ابتسمت بتصنع : لا شيء ..!
أغلق التلفاز بجاهز التحكم في يده و وقف ثم سار ناحيتي و جلس بجواري : هل حددت ما ستفعله في الخطوة القادمة ؟!..
أومأت سلباً : ليس بعد .. لم استطع التفكير .. أشعر أن أفكاري مشتتة و أن علي الاختيار بين رمي نفسي في وادي سحيق أو رمي نفسي في وادي سحيق ..!
ابتسم حينها : هل الأمر بهذه الصعوبة ؟!..
- ألا ترى ذلك ؟!.. لقد انقلبت حياتي ليلة الأمس و علي الآن أن أجد حلاً في اسرع وقت ..!
- حياتك لم تنقلب .. في رأي أنها عادت كما كانت ..! ألم تقل أن مارسنلي تبنوك و أنت بعمر أسبوعين ؟!.. كل ما حدث أنك عدت كما كانت أوضاعك المادية في أول اسبوعين في حياتك ..!
- أتسخر مني ؟!.. حين كان عمري اسبوعين لم أكن مضطراً للصرف على نفسي و تدبر أمري ..!
بجد قال : لكنك الآن بعمر السبعة عشر سنة .. و عليك الاعتماد على نفسك ..! أنظر لريكايل مثلاً .. إنه اخوك التوأم و مع ذلك لم يعش الدلال الذي عشته ..! صحيح أنه لم يصرف على نفسه وهو بعمر الاسبوعين لكنه مع مرور الوقت و السنوات تمكن من ذلك ..! بالنسبة لك فأنت في مشكلة لأنك لم تعش تلك الظروف التي تجبرك على الاعتماد على نفسك .. لكن ربما عليك أن تتعلم من ريك ..!
قطبت حاجبي : ما الذي علي أن أتعلمه بالضبط ؟!..
- أولاً .. أن تبدأ حياتك من الصفر .. و أن تترك كل ما له علاقة بالماضي ..! و إلا فإنك لن تستطيع العيش ..!
أنسى الماضي ؟!..
أنسى مارسنلي ؟!.. إلينا ؟!.. جاستن ؟!.. رافالي ؟!!.. و الكثير !!..
أخذت نفساً عميقاً : هذا صعب .. الماضي هو كل شيء في حياتي .. كيف انساه ؟!..
ربت على كتفي حينها فالتفت لأرى تلك النظرة الواثقة في عينيه البنيتين مع تلك الابتسامة الهادئة : ربما أهم شيء عليك أن تتعلمه من ريكايل هو التضحية !!.. عليك أن تضحي بأشياء كثيرة يا لينك إن كنت تريد أن تعيش مع أخيك بهدوء كما تتمنى ..! عليك أن تعيش من أجل المستقبل لا من أجل الماضي ..!
أضحي ؟!!.. أضحي بأغلى شيء .. بذكرياتي ؟!!..
إنها حقاً تضحية كبيرة .. لكن هل أنا مجبر عليها ؟!..
لا لست مجبراً ..!
لكن أنا أريد ذلك .. أريد أن اخطو خطوةً جريئة نحو الأمام ..!
علي أن أفعل شيئاً من أجل المستقبل ..!
شعرت حينها براحة غريبة و نظرت إلى ذلك الشاب حينها : شكراً لك دكتور مارفيل .. كلامك أعاد لي بعضاً من الثقة ..!
ابتسم لي حينها و قال : يمكنك مناداتي بإدوارد .. و يمكنك أن تعتبرني بمكانة أخيك الأكبر إن شئت ..!
بادلته تلك الابتسامة : بالتأكيد .. ادوارد ..!
.................................................. .......
كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر ظهراً ..!
كنت لا أزال أجلس في تلك الغرفة من بعد ذلك الحوار حيث استأذنت ادوارد للجلوس وحدي قليلاً لأفكر فيما علي فعله ..!
بالنسبة لريك فقد قرر مساعدة أنيتا في اعداد القهوة و الحلوى أيضاً بعد أن أخبرها بأنه ماهر في هذا ..!
لقد كان اليوم هو الإجازة الشهرية للزوجين مارفيل حيث اعتادا على الخروج في هذا اليوم كل شهر للتنزه إلا أنهما تنازلا هذا الشهر من أجلنا ..!
شعرت بهاتفي يهتز في جيبي فتنهدت بضجر و أخرجته لأرى من المتصل هذه المرة ..!
إنها آندي .. يبدو أنها خرجت من المدرسة و سمعت الأخبار ..!
هناك عدة مكالمات لم يرد عليها في هاتفي الذي وضعته على وضع الصمت لأني لا أريد التحدث إلى أحدهم ..!
العم رونالد و الخالة كاثرن اتصلا أيضاً .. لاشك أنهما يريدان معرفة مكاني الآن ..!
دايمن و ليديا أيضاً .. لقد تغيبت عن المدرسة رغم أن لدي امتحان لذا لا شك أنهما قلقان .. أعتقد أنهما لم يسمعا بالأخبار التي نشرت في الصحف بعد ..!
تركت الهاتف جانباً و استندت إلى ذلك الجدار .. ماذا علي أن أفعل ؟!..
لم يعد لدي شيء .. كل شيء رحل في لحظة ..!
علي أن أتدبر مكاناً للسكن أولاً ..!
هل نسكن عند الخالة ميراي ؟!..
لا ..! صحيح أنها ستسعد بذلك لكن مهما كان هي شابة مستقلة و من الصعب أن نعيش عندها للأبد ..!
ماذا عن منزلنا منزل بارون ؟!..
إنه قديم و لا شك أنه يحتاج للتصليح و أيضاً لاشك أنه بلا ماء و لا كهرباء و ترميمه سيكلف كثيراً و نحن ليس لدينا المال الكافي الآن ..!
هل نستأجر شقةً ما ؟!..
أعتقد أن الشقق أيضاً لها إجار مرتفع و إن وجدنا شقة رخيصة فلن تكون جيدةً بالتأكيد ..!
لدينا بعض المال .. يجب أن استرد ذلك الظرف من أدريان ..!
لكن .. لن نستطيع العيش منه دوماً ..!
ربما يجب علي أن أعمل ..!
ماذا عن الدراسة ؟!.. لن استطيع العودة لمدرسة مارسنلي بعد ما حدث ..!
طرق أحدهم الباب مما أيقضني من أفكاري و حينها دخل رايل : ألم تنتهي من التفكير ؟!!..
- ليس بعد ..!
- دعني أساعدك أذاً ..!
جلس حينها أمامي فقلت : ماذا لديك ؟!..
تنهد حينها : أنت أخبرني ما مشكلتك ..!
بهدوء قلت : كل حياتي صارت مشكلة .. ريك نحن الآن ليس لدينا مأوى ..!
- لدينا منزل براون ..!
- إنه قديم و لم يعد صالحاً للعيش .. إنه مهجور منذ سبعة عشر عاماً ..!
- يمكننا ترميمه ..!
- سيحتاج ذلك لكثير من المال .. نريد أن نقتصد قدر الإمكان ..!
- إذاً .. ما رأيك أن نبيعه ؟!.. و بنقوده نستطيع أن نستأجر شقة و نعيش فيها حتى تتحسن الأوضاع ..!
فاجأني كلامه .. فلم أعتقد أنه سيفكر في بيع المنزل ..!
بتردد قلت : لكن .. ذلك البيت هو بيت إيان و نيكول .. هل نبيع المنزل الذي عاش فيه والدانا ؟!..
بهدوء أجابني : أعلم أن هذا صعب .. لكن فكر في الأمر .. لو كان أبي و أمي هنا لوافقا على بيع المنزل .. لأنه الحل الوحيد لنا ..! لينك تذكر .. ذلك المنزل ليس الذكرى الوحيدة من إيان و نيكول ..!
طأطأت رأسي حينها : ربما أنت على حق .. أعتقد أنه يجب علينا بيع المنزل ..!
رفعت رأسي حين تذكرت شيئاً : لكن .. يجب أن نستشير خالتي أيضاً ..!
أومأ موافقاً : سوف تعود في الثامنة مساءاً .. سنذهب إليها و نخبرها بالقصة .. أنا واثق بأنها لن ترفض بيع المنزل بما أن ذلك في مصلحتنا ..!
- ريك .. حتى و إن بعنا المنزل و استأجرنا شقة ما ..! أتعتقد أننا سنتمكن من توفير المصاريف اليومية ..!
- أنا لدي بعض المال و أنت كذلك .. نجمعها معاً و نتدبر أمرنا ..! سوف أعمل لكي نحصل على بعض المال ..!
قطبت حاجبي حينها : كيف تعمل و صحتك غير مستقرة ؟!!..
ابتسم حينها : اطمئن .. فقد اعتدت على العمل منذ كنت في الخامسة عشر .. قلبي أقوى مما تتوقع ..!
بادلته تلك الابتسامة : في هذا معك حق .. إذاً بما أنني الأخ الأكبر فأنا يجب أن أعمل معك ..!
ضحك بعدها بخفة و هو يقول بسخرية : مدلل مارسنلي يريد أن يعمل .. كم هذا مثير !!..
باستياء قلت : لا تضحك على أخيك الكبير يا فتى ..! ثم أنني لم أعد مدلل مارسنلي ..!
نظر إلي حينها باستغراب من نبرتي الأخيرة الجادة ..!
اخذت نفساً حينها و قلت : لقد قررت أن أحول أسمي إلى لينك براون ..!
تحولت ملامحه إلى الصدمة وهو يقول : أأنت جاد ؟!!..
- أجل ..!
- لكن .. ماذا عن أصدقائك و رافالي ؟!.. هل ستخبرهم بكل شيء ؟!..
- لا .. ريك لقد قررت أن أبتعد عن عالم الطبقة المخملية .. لو بقيت فيه فلا أحد سيرحمني .. لا الصحافة و لا ألسنة الناس .. الأفضل أن انسحب بهدوء و ابدأ حياة جديدة ..!
- لينك فكر جيداً .. هكذا ستضطر لقطع علاقتك مع رافالي و ديمتري و غيرهم ..!
- أعلم .. لكنني لن اتراجع ..!
كنت مقتنعاً بكل ما في بالي .. أعلم أن هذا سيبعدني عن الكثير من أحبابي لكن هذا هو الحل الوحيد ..!
قبل أن يقول ريكايل شيئاً آخر طرق أحدهم الباب و دخل : الحلوى و القهوة جاهزة .. تعاليا إلى غرفة الجلوس ..!
كانت هذه انيتا بابتسامتها اللطيفة ..!
أومأ ريك موافقاً : سنأتي الآن ..!
خرجت و أغلقت الباب فعاد ريك ينظر إلي : لينك أأنت واثق من خيارك هذا ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. أنا مقتنع بهذا كله ..!
تنهد حينها بقلق : لا استطيع قول شيء لكن تذكر لينك .. حياة العامة ليست كحياة الطبقة المخملية .. و لينك براون لن يكون كلينك مارسنلي .. انه الفرق بين السماء و الارض ..!
ابتسمت حينها : و أنا قررت أن أعيش تلك الحياة المختلفة ..!
ابتسم لي حينها : كما تشاء .. أعتقد أنه الحل الوحيد ..!
- إنه كذلك بالفعل ..!
- حسناً .. الأفضل أن لا نتأخر على انيتا و الدكتور ادوارد ..!
- أجل .. لنذهب إليهم الآن ..!
............................................
كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءاً حين كنا نقف أمام باب تلك الشقة و نودع ساكنيها : شكراً لكم على استضافتنا .. نتمنى أننا لم نسبب لكم الازعاج ..!
بابتسامة قال ادوارد : إطلاقاً .. لقد سعدنا بكم كثيراً ..!
أردفت أنيتا حينها : تمنيت لو تبقون عندنا لوقت أطول .. لكن لا بأس .. عودا لزيارتنا متى شئتما .. و طمئننا عليكما قريباً ..!
أومأت إيجاباً : بالتأكيد .. إلى اللقاء الآن ..!
بابتسامة قال رايل : نراكم قريباً ..!
سرت مع ريك بعدها ناحية المصعد و نزلنا إلى الطابق الأول حيث كانت شقة الدكتور مارفيل في الدور السابع ..!
خرجنا من تلك العمارة و حينها قلت : كيف سنصل إلى شقة الخالة ميراي ؟!..
- بالحافلة ..!
- ليس لدي بطاقة حافلة فأنا لم أكن استقلها ..!
- لا بأس .. سنستعمل بطاقتي ..!
سرنا معاً ناحية موقف الحافلة في ذلك الشارع و حينها سأل ريك : ماذا قلت للخالة ميراي حين اتصلت بك ؟!!..
بهدوء قلت دون أن أنظر إليه : لقد سمعت بالأخبار لذا اتصلت لتطمئن .. أخبرتها بوضعنا الحالي باختصار فأصرت أن نقضي الفترة القادمة عندها حتى تهدأ الأمور ..!
لم يعلق و أنا أيضاً لم أضف شيئاً .. لا زلت غير متقبل لهذا الوضع الجديد الذي يجب علي عيشه ..!
جلسنا على ذلك المقعد وماهي سوى دقائق و توقفت الحافلة فصعدنا إليها باستخدام بطاقة رايل ..!
لقد كان هناك الكثير من الناس فيها و إن لم تكن مزدحمة ..!
هناك طلاب مدارس لم يعودوا لمنازلهم بعد .. و هناك بعض كبار السن اللذين لا يقوون على السير .. وكذلك أطفال مع امهاتهم و ابائهم ..!
سرنا بهدوء و جلسنا على مقعدين متجاورين فتحركت الحافلة حينها ..!
للمرة الأولى في حياتي أصعد حافلة نقل جماعي ..!
لقد كنت في السابق لا اركب إلا أفخم السيارات ..!
حين حصلت على رخصة قيادة منذ حوالي ستة أشهر أهدتني أمي سيارتي الفيراري لأنها كانت الأحدث في ذلك الشهر ..!
لقد أخذها أدريان بالتأكيد فبالأمس حين خرجنا من القصر لم تكن أمامه رغم أننا تركناها هناك ..!
أسندت رأسي إلى ظهر المقعد بتعب .. ليس فقط سيارتي بل منزلي و مدرستي و حياتي كلها ..!
لقد ضاع كل شيء .. و علي الآن أن أبدأ من الصفر ..!
.................................................
ارتشفت القليل من كوب الشاي الدافئ ذاك بينما قال ريك : وهذا ما حدث بالتفصيل ..!
اتضحت ملامح الغضب و الانزعاج على وجه ميراي وهي تقول : إذاً ذلك الحقير كان سبب تفرقكما منذ البداية .. و السبب في عدم عثوري عليكما .. و الآن و بكل بساطة يدمر حياة لينك ..! آه لو أقتله ..!
أعدت الكوب إلى مكانه و قلت : لا فائدة من قتله خالتي .. فهذا لن يعيد شيئاً ..! علي أن أبدأ حياة جديدة ..!
نظرت إلي بقلق و قالت : ماذا قررت أن تفعل ؟!..
- في البداية .. علي أن أعود إلى اسمي الأصلي براون و ابتعد عن عالم النبلاء تماماً ..!
- و ماذا بعد ذلك ؟!..
ترددت للحظات و نظرت إلى ريك الذي فهم ما يجول في خاطري فقال : خالتي .. هل منزل بروان في حالة جيدة ؟!!..
قطبت حاجبيها : لا .. إنه قديم و مهجور منذ سنوات .. أعتقد أنه يحتاج إلى الكثير و الكثير من الترميم ..!
أخذ نفساً عميقاً و قال : في الحقيقة .. فكرنا أنه ربما يمكن العيش فيه .. لكن بما أنه ليس مناسباً فلا يوجد سوى حل واحد ..!
صمت هو للحظات فابتسمت خالتي : إن كنتما تريدان بيع المنزل أو تأجيره فهذا حق لكما وحدكما ..!
نظرت إليها باستغراب : لكن .. أليس لك حق في البيت ؟!.. لقد كان منزل ستيوارت ولاشك أن لك جزءاً منه ..!
أومأت سلباً و هي تقول : المنزل كان لأمي مسبقاً و حين مرضت كتبت وصيتها .. و قد كتبت فيها المنزل بأسم نيكول و المشتل المرافق له باسمي .. لقد كانت تعلم بأن نيكول ستهتم بي و لن تخرجني من المنزل مهما حدث لذا لم تكتبه باسمي بل كتبته باسمها و أعطتني المشتل ..! و بالطبع قمت أنا بتأجير المشتل و تركت المنزل على حاله لأنه ليس لي ..!
كنت مدهوشاً من هذا فهتفت حالاً : أهذا يعني أننا نستطيع بيعه ؟!..
بابتسامة قالت : هذا أمر يعود إليكما ..!
التفت لريك حينها بسعادة : جيد .. هكذا نستطيع توفير بعض المال ببيع المنزل ..!
أومأ إيجاباً و قاد ابتسم هو الآخر : أجل .. علينا فقط أن نجد من يشتريه ..!
قاطعتنا خالتي حينها : إن كنتما تريدان شخصاً يشتريه فأنا أعرف واحداً ..!
التفت إليها حينها : حقاً ؟!.. من هو ؟!..
- المرأة التي استأجرت من المشتل .. لقد أرادت أن تستأجر المنزل أو تشتريه مني حتى تنتقل إليه و تكون قريبة من مكان عملها بدل القدوم إليه يومياً من منزلها ..!
- رائع .. إذاً يمكننا أن نبيعه عليها ..!
- اتركا هذا الأمر لي .. سوف أتفاهم معها على المبلغ الذي تريدانه لقاء المنزل ..! هذا أقل ما يمكنني فعله لمساعدتكما ..!
- ممتاز .. إذاً سنترك أمر المنزل لك ..!
سأل ريك حينها : لكن أليس هناك أية أشياء شخصية تريدين أخذها منه ؟!..
أومأت سلباً : لا .. لقد أخذت كل ما أريده منه منذ فترة طويلة و جمعتها في صناديق .. لقد وضعتها في مخزن صغير في هذه الشقة ..!
- إذاً يمكننا بيعه في أسرع وقت .. و من خلال النقود التي سنحصل عليها سنستأجر شقة صغيرة و ننتقل للعيش فيها ..!
- لا تستعجلا بهذا .. سأكون سعيدة بوجودكما عندي .. كم أتمنى أن تلغيا فكرة العيش وحدكما و تبقيا معي ..!
ابتسمت لها حينها : شكراً لك خالتي .. لكننا نريد أن نعتمد على أنفسنا في هذا ..!
تنهدت بحزن حينها : كما تريدان .. لن أجبركما على شيء ..!
وقفت بعدها و هي تقول : سوف أعد العشاء الآن ..!
قبل أن تتحرك رن الجرس .. قطبت حاجبيها و هي تقول : غريب .. لم يخبرني أحد بأنه سيأتي لزيارتي ..!
خرجت من الغرفة و اتجهت ناحية الباب .. و ما هي إلا لحظات حتى قالت : لينك ريكايل .. تعاليا بسرعة ..!
بلا شعور وقفت و ركضت ناحية الباب و ريك خلفي : ما الأمر ؟!!..
هكذا هتفت و أنا أرى خالتي تقف أمام الباب بلا حراك ..!
تقدمت أكثر و نظرت إلى الخارج لتلجمني الدهشة من تلك الأشياء أمام الباب ..!
كان هناك حقيبتا سفر كبيرتان و ثلاث صناديق كبيرة !!..
هتف رايل حينها : لينك .. هذه الحقائب لك .. إنها حقائبك ..!
أجل .. تلك الحقيبة هي ذاتها التي وضعت فيها ملابسي ذهبت للندن المرة الماضية ..!
باستنكار قالت خالتي : و من ترك هذه الأشياء أمام شقتي و هرب ؟!..
تنهدت حينها : لندخلها الآن قبل أن يراها أحد الجيران و يشتعل فضوله ..!
انحنيت و حملت أحد الصناديق .. كان ثقيلاً نوعاً لكنني تحملته و أدخلته إلى الردهة ..!
خالتي سحبت إحدى الحقيبتين بينما حمل ريك صندوقاً آخر فقلت حالاً : أترك الصندوق .. إنه ثقيل .. اسحب الحقيبة ..!
بدا عليه الانزعاج لكنه ترك الصندوق و نفذ ما طلبته ..!
أخبرني الدكتور ادوارد أن حمل الأشياء الثقيلة مضر بصحته ..!
أدخلنا كل شيء ثم أغلقنا الباب ..!
قالت خالتي بأنها سوف تعد العشاء بينما نتفقد نحن هذه الأشياء ..!
لقد كانت الحقائب مليئة بملابسي و ملابس ريك .. يبدو أن خدم أدريان أوصلوها إلى هنا ..!
باستغراب سأل أخي : لما إلى هذه الشقة ..!
تنهدت حينها بضجر : لاشك أن أدريان توقع أن نكون عند الخالة ميراي لذا حصل على عنوان شقتها .. و لا تدري ربما هم يرقبوننا ..!
- سحقاً لهم .. أنا أكره هذا ..!
- عموماً شيء جيد أنهم لم يسلبوا ملابسي أيضاً بعد أن أخذوا كل شيء ..!
نظر ريك إلى احد الصناديق : إذا كانت الحقائب تحتوي على الملابس فماذا يوجد في الصناديق ؟!..
أومأت سلباً دليل عدم علمي .. لكنني توجهت إلى أحدها و فتحته و أول ما واجهني هو تلك الصورة ..!
الصورة التي التقطت لي مع جاستن و إلينا حين كنت في الثانية من عمري .. في منزلنا الصيفي ..!
كان ذلك الصندوق يحتوي على كل اطارات الصور الموجودة في غرفتي اضافة لظرف فيه أوراقي الشخصية و جواز سفري ..!
أيضاً ظرف المال الذي تركته لي أمي ..!
أما الصندوق الثاني فقد كان يحتوي على بعض الهدايا التي تلقيتها من والداي منذ طفولتي .. و كذلك الصندوق الذي يحتوي على ذكريات ايان و نيكول ..!
الوحيد الذي يعرفها هو أدريان .. يبدو أنه هو من ملأ هذه الصناديق ..!
شعرت حينها بالألم حين تذكرت خيانته تلك ..!
صحيح أني لم أكن أحبه لكني لم أعتقد أبداً أنه قد يفعل هذا بل أنني صدمت بالفعل من ما فعله ..!
- يا إلهي !!!!!..
التفت مفزوعاً اثر صرخة ريك تلك : ما بك ؟!!..
خرجت خالتي من المطبخ و بخوف قالت : ما بكم ؟!.. لما تصرخ ريك ؟!..
كان الرعب واضحاً على وجهه وهو يشير إلى شيء ما : أنظروا ..!
حركت بصري ناحية ما يشير إليه لأرى أنه الصندوق الثالث : و ما المفزع في الصندوق ؟!..
برعب قال : لقد تحرك قبل قليل ؟!..
ارتعبت بالفعل و وقفت بلا شعور : ماذا .. ماذا تقصد ؟!..
بهلع قالت ميراي : يا إلهي .. أنا من أدخلت ذلك الصندوق .. لكن .. لقد وضعته إلى اليمين قليلاً !!.. هل تحرك بالفعل ؟!!..
هنا اهتز ذلك الصندوق و خرج منه صوت غريب مما دعا خالتي للصراخ برعب : أخرجوا هذا الشيء من شقتي !!..
هتف ريك حينها : لينك ماذا سنفعل ؟!.. لاشك أنه شبح ..!
بالنسبة لي فقد قطبت حاجبي .. ذلك الصوت ليس غريباً ..!
و كأنني قد سمعته من قبل ..!
شككت في الأمر .. أيعقل أن يكون ما في بالي صحيحاً ؟!..
بهدوء سرت ناحية ذلك الصندوق : أخي احترس .. كن حذراً ..!
تمتمت حينها : لا تقلق ..!
جلست قربه و أنا اسمع تلك الاصوات الصادرة منه و أرى اهتزازه .. و بهدوء ابعدت الشريط اللاصق و فتحت الصندوق ..!
لحظتها قفز شيء ما إلى الخارج فصرخ الاثنان برعب بينما ضحكت أنا بخفة : لقد توقعت هذا .. انها وايت !!..
التفت إليهما : لا تخافا .. إنها مجرد قطة ..!
بخوف تمتم ريك : أليست هذا قطة جسيكا ؟!.. أنا لم أرها منذ ماتت ..!
بابتسامة قلت : أعتقد أنها تنام لأيام متواصلة ..!
اقترب ذلك القط الأبيض السمين مني فحملته و أنا أقول : المسكينة .. لقد طردها أدريان أيضاً ..!
هنا هتفت خالتي باشمئزاز : لينك تصرف بأمرها بسرعه ..!
نظرت إليها باستغراب فقالت حالاً : لدي حساسية من وبر القطط .. افعل شيئاً بهذا القطة قبل أن تبدأ تلك الحساسية ..!
قطبت حاجبي : لا استطيع رميها إلى الشارع .. هذا القطة مستأنسة و لم تعتد على العيش وحدها .. ستموت بالتأكيد ..!
- لينك لا تكن رحيماً أكثر من الازم .. أرجوك قبل أن أبدأ بنهش جلدي ..!
- خالتي أرجوك .. لقد كانت أمي تحب هذه القطة كثيراً .. لا استطيع تركها وحدها ..!
- ليس بيدي .. لا استطيع !!.. أرجوك أخرجها حالاً ..!
تنهدت حينها و أغمضت عيني للحظات ..!
فجأة طرأت في ذهني صورة أحدهم و ابتسمت : حسناً ..!
وقفت حينها و اتجهت للخارج و قلت : سأخرج قليلاً ..!
هتف ريك : إلي أين ؟!!..
عدت إليه و قلت : هلا أعرتني بطاقة الحافلة ؟!!..
اخرجها من جيب معطفه و أعطاني إياها : إلى أين ستذهب ؟!..
بابتسامة عريضة قلت : ستعرف قريباً ..!
.................................................. .....
نظرت إلى ساعة يدي لأرى أنها تشير إلى الحادية عشر مساءاً ..!
رننت الجرس ففتح أحدهم الباب فوراً : أخيراً عدت ..!
دخلت إلى الشقة حينها : أعتذر على التأخير .. لكن كان علي التصرف بشأن القطة التي عكرت مزاجك ..!
أغلقت الباب و خلعت معطفي فخرج ريك من غرفة الجلوس ..!
كان قد استحم و بدل ملابسه : إلى أين أخذتها ؟!..
ابتسمت حينها : إلى منزل مارفيل .. لو رأيت كم كانت انيتا سعيدة بها ..!
باستغراب قال : و لما هم بالتحديد ؟!..
- لا أعلم .. لكن اليوم على الافطار شعرت بالحزن عليها حين قالت أنها تتمنى عائلة أكبر .. يبدو أنها تريد شيئاً يشغل وقتها حين يكون ادوارد مشغولاً ..! لذا فكرت بأن القط لن يكون سيئاً ..!
- و هل وافق الدكتور ادوارد على أخذها للقطة ؟!..
- أجل .. لقد بدا سعيداً لأجلها أيضاً ..! كما أنها قررت أن لا تغير اسمها وايت لأنه أعجبها ..!
- انه اسم غريب ..!
- تلك القطة ناصعة البياض .. و قد اهدتها أمي لجيسكا منذ سنوات و اسمتها وايت لأن الأبيض بالإنجليزية ينطق وايت ..!
خرجت خالتي من المطبخ وهي تقول : لينك .. أذهب و خذ حماماً دافئاً حتى لا تصاب بالبرد جراء هذه الثلوج في الخارج ..! هيا حتى نتناول طعام العشاء ..!
- حسناً ..!
...........................................
كنا نتناول طعام العشاء على تلك الطاولة الصغيرة في المطبخ .. و قد كان عبارةً عن طبق من المعكرونة الحمراء ..!
رن هاتفي حينها و نظرت إلى اسم المتصل .. ليندا ..!
هل وصلت الأخبار لها ؟!..
لاشك في ذلك ..!
تركت الهاتف جانباً و لم أجب فانقطع الخط بعدها ..!
سألت خالتي باستغراب : لما لا تجيب على كل هذه الاتصالات ؟!!..
ارتشفت القليل من العصير ثم قلت : الأفضل أن أقطع علاقتي بهم نهائياً ..!
هنا قال ريك بهدوء : لقد اتصلت ليديا بي عدة مرات .. و قد اجبت عليها ..!
نظرت إليه بحدة : و ماذا قلت ؟!..
نظر إلي بهدوء : إنها مستاءة منك لأنك لا تجيب ..! لينك لقد ساعدتنا تلك الفتاة كثيرة ومن غير المعقول أن نقطع علاقتنا بها فجأة ..!
كلامه جعلني اصمت .. انه محق فليديا مختلفة عن البقية ..!
تنهدت حينها و سألت مجدداً : ماذا قلت لها ؟!..
- لقد اخبرتها بكل شيء .. و قد وعدتني بأنها ستكتم الأمر و لن تخبر احداً بأنها اتصلت بنا ..! لوي أيضاً و جوليا كذلك .. الجميع قلقون عليك حتى ميشيل ..!
- هل اخبرت لوي و جوليا ..!
- اعتقد بأنك تعبر لوي أعز صديق لك .. و جوليا ستعرف عاجلاً أم أجلاً فهي اختي في النهاية كما أنها ليست من النبلاء الذين ستقطع علاقتك بهم ..!
لم أرد عليه فأنا لا أجد ما أقوله ..!
هنا قالت خالتي كي تغير الجو المكتوم : لقد جهزت لكما فراشين في الغرفة الصغيرة .. ستكون غرفتكما من اليوم فصاعداً ..!
سألت حينها : خالتي .. متى رحلتك القادمة ؟!..
تنهدت بضجر وهي تقول : غداً في العاشرة مساءاً .. سأذهب إلى تركيا .. و سأعود ظهر ما بعد غد ..! عموماً لا تقلقا بهذا الشأن بل تصرفا براحتكما فالبيت بيتكما ..! سأترك لكما المفاتيح ..!
- شكراً لك ..!
- لا تشكرني لينك .. هذا أقل ما يمكنني فعله ..!
...........................................

أنتهى البارت هنا ..!

أعلم أنه قصير لكن لا بأس أصبروا حتى الجمعة القادم ..!

و الآن للأسئلة ..!

أدوارد .. هاري .. أنيتا .. أشخاص بدأوا في التوغل في أحداث روايتنا .. فماذا سيكون دورهم في الستقبل ؟!..

بعض المشكلات الصغيرة تواجه
لينك .. هل سيتجاوزها ؟!..

هل سيعود
أدريان للظهور مجدداً ؟!.. أم أن الباب عنه قد أغلق ؟!..

ماذا عن
ليديا و لوي ؟!..

لينك قرر قطع علاقته برافالي و الآخرين .. أيستطيع ذلك ؟!..

و الآن المقتطفات للبارت القادم ..!

...

دخلت و أغلقت الباب خلفي فسأل بهدوء : هل تخليت عن الملجأ إذاً ؟!..
...

ابتسم حينها بلطف : إذاً .. هل تعتقد أن إيان كان سعيداً حين صرت ابن جاستن ؟!..
...

ازدادت نبرته جدية و غموضاً وهو يقول : تحدي النصف ..!
...

رفعت الهاتف مجدداً و نظرت إلى اسم المتصل .. لتحل بي صدمة عنيفة !!..
...

بغضب قلت : أنا لا أشتري قصري ..!
...

لو كان طلبهم هو أن أقتل أدريان فسأنفذ بلا تردد ..!
...

بتوتر قالت : في المشفى ..!
...


أتمنى أن يكون البارت قد أعجبكم ..!

أراكم على خير ^^


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:33 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.