آخر 10 مشاركات
مشاعر طي النسيان- شرقية-للكاتبة المبدعة:منى الليلي( ام حمدة )[زائرة] *كاملة &الروابط* (الكاتـب : أم حمدة - )           »          قيدك الماسي (7) -رواية غربية- للكاتبة المبدعة: Shekinia [مميزة]*كاملة &الروابط* (الكاتـب : shekinia - )           »          عيد ميلاد لا ينسى(101) قلوب نوفيلا(حصريا)ف.الزهراء عزوز*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          1- أهواك - شارلوت لامب * (الكاتـب : فرح - )           »          111 - سقوط الأقنعة - آن ميثر - ع.ق ( كتابة / كاملة ** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          الزواج الملكي (109) للكاتبة: فيونا هود_ستيوارت.... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          أبواب الجحيم-زائرة-ج1 من سلسلة دموع الشياطين-للآخاذة::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          ودواهم العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : emy33 - )           »          نعم يا حبيب الروح (17) الجزء1س عائلة ريتشي-للآخاذة أميرة الحب*مميزة -حصرية**كاملة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          موعد مع القدر "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : athenadelta - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-13, 08:30 PM   #31

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



part 28

في اليوم التالي و الذي كان يوم الإجازة .. الساعة الثانية ظهراً ..!
خرجت خالتي و معها ريكايل من أجل التسوق و احضار حاجات المنزل ..!
بالنسبة لي فلم ارد الخروج معهما خشيت أن ينتبه لي احد ..!
لذا ها أنا في غرفة الجلوس اشاهد التلفاز و أقلب في المحطات علي أجد ما يلهيني عن التفكير ..!
رن هاتفي حينها مجدداً .. يا الهي .. من المتصل هذه المرة ؟!!..
أخرجت الهاتف من جيبي و نظرت إلى اسم المتصل .. إنها ليديا ..!
هل أجيب ؟!..
لقد شرح ريك لليديا الأمر .. إذاً ليس لدي عذر إن لم أجب عليها ..!
أخذت نفساً عميقاً و أجبت : مرحباً ..!
جاءني صوتها حالاً : لينك أين أنت ؟!..
استغربت نبرتها تلك : في منزل خالتي .. لما ؟!..
- لينك .. لقد أخبرني ريكايل بكل شيء ..!
- أعلم هذا ..!
- لقد قال ريك بأن السيدة مارسنلي الراحلة تصرفت بالأشياء التي باسمك من خلال التوكيل الذي لديها ..!
- هذا صحيح .. المدرسة و السيارتان و غيرها .. كلها لم تعد لي ..!
- المدرسة و السيارة ليستا مهمتين .. هناك شيء أهم ..!
قالت عبارتها الأخيرة بجد ممزوج بالقلق فسألت بشك : ما هو ؟!..
- الملجأ !!.. هل كانت السيدة مارسنلي تملك توكيلاً للملجأ ؟!!..
تذكرت حينها .. أمي لا تعلم بأني اشتريت الملجأ .. لقد اشتريته بمالي الخاص !!..
أمي لم تكن تملك توكيلاً ..!
بتردد قلت : لا .. ليس لديها توكيل ..!
هتفت حينها : إذاً الملجأ لا يزال بخير !!..
- لكن .. أنا كتبت الملجأ باسم جوليا !!.. كما أني لم أعد قادراً على الصرف على الملجأ !!..
- أعلم هذا .. لذا اتصلت بك ..! أخبرني أين منزل خالتك ؟!.. سوف أتي لأخذك الآن ..!
قطبت حاجبي : تأخذينني !!.. إلى أين ؟!!..
- إلى الملجأ .. أنا و جوليا نريد التحدث إليك هناك بأمر ضروري ..!
- لكن ..! أنا لا أريد لأحد أن يعلم بمكاني .. حتى لو كان سائقك الخاص ..!
- لن يكون معي سائق .. سوف آتي وحدي !!..
- كيف ؟!.. بالحافلة ؟!..
- لا .. بل بسيارتي ..!
شهقت حينها : هل تجيدين القيادة ؟!..
بمرح قالت : لقد حصلت على رخصة الأسبوع الماضي بعد أن دخلت دورةً لمدة ثلاثة أيام عن تعليم القيادة ..!
- أأنت واثقة بأننا لن نكون في خطر ؟!..
- أجل اطمئن .. أنا أتعلم بسرعة ..!
- اذاً .. سوف أنتظرك ..!
- جيد .. أين شقة خالتك ؟!..
أخبرتها عن مكان العمارة فقالت أنها ستأتي حالاً ..!
بسرعة بدلت ملابسي فارتديت بنطال جينز ازرق مع كنزة قطنية رمادية و معطف أسود له قبعة خلفية ..!
وضعت القبعة على رأسي كي تغطي شعري الأشقر و تقلل من امكانية التعرف إلي ..!
نزلت إلى الاسفل حالاً كي انتظر ليديا و حين كنت في المصعد رن هاتفي ..!
لقد كانت هي .. لاشك أنها وصلت ..!
لم أجب عليها فالمصعد توقف في الدور الأرضي .. ركضت إلى الخارج و ما إن نظرت حولي حتى رأيت تلك السيارة البرتقالية ذات اللون المميز و ليديا تقف بقربها ..!
اتجهت إليها و على وجهي ابتسامة لطيفة : صباح الخير ..!
ابتسمت لي : صباح الخير .. يسعدني أن أرى ابتسامتك الرائعة هذه رغم كل المصائب التي تعرضت لها ..!
انتبهت حينها لمعطفها الوردي الذي يصل لركبتها و الذي غطت به كل ملابسها ..!
كان أنيقاً للغاية و لطيفاً في الوقت ذاته .. بالأحرى يلفت الانتباه رغم لونه الهادئ ..!
بلا شعور قلت بابتسامتي تلك: إنه معطف رائع .. و يناسبك للغاية ..!
احمرت وجنتها كما يحدث في الغالب و قالت بخجل : شكراً لك .. لقد وصلني كهدية قبل يومين من أحد الأصدقاء يعيش في الخارج ..!
- انه له ذوقاً رفيعاً .. حسناً الأفضل أن لا نتأخر ..!
- أنت محق ..! تفضل .. إنها سيارتي الجديدة ..!
ركبت في تلك السيارة الفاخرة بجوار مقعد السائق بينما تولت ليديا القيادة ..!
.................................................. ...
وصلنا إلى ملجأ الأيتام بسلام .. و هذا ما لم أتوقعه !!..
التفت إلى ليديا و قلت بضجر : ذكريني بأن أقود عوضاً عنك في طريق العودة ..!
بدا عليها الاستياء : أنت لئيم لينك .. أنا لا أزال أتعلم و ستتحسن قيادتي قريباً ..!
- أني ارجوا ذلك قبل أن تموتي أو يموت شخص بسببك ..!
- لن استمع اليك أيها المحبط ..!
أوشحت بوجهها باستياء بينما ابتسمت أنا : عموماً لا بأس .. لندخل الآن و نناقش ما تريدينه .. كنت أنوي أخذ فكرة مبدئية منك في الطريق لكن الخوف أشغلني عن ذلك ..!
تنهدت هي و قالت : حسناً .. لندخل ..!
اتجهنا ناحية الباب بعد صعود الدرجات الثلاث .. ضربت ليديا الجرس الذي كان بالقرب منها و ماهي سوى لحظات حتى فتحه أحدهم ..!
ميشيل ..!
شعرت بالتوتر نوعاً ما لكنها ابتسمت وقالت : تفضلا ..!
هي لم تستغرب وجودنا .. هذا يعني أن ليديا أخبرتها بأننا قادمون ..!
أغلقت ميشيل الباب و قالت بابتسامة : تبدو بحالة جيدة لينك .. هذا مطمئن ..!
بادلتها تلك الابتسامة : لا تقلقي فأنا بخير ..!
بدا عليها الاستغراب : أين رايل ؟!.. ألم يأتي معك ؟!!..
- لقد خرج مسبقاً مع خالتي لجلب حاجيات لمنزلها بينما بقيت هناك حتى اتصلت بي ليديا ..!
- هكذا إذاً ..! حسناً لندخل .. جوليا تنتظر في المكتب ..!
سرنا بهدوء إلى الداخل دون أن أسمع ضجة الأطفال فسألت حينها : أين الأولاد .. لا أحد هنا ..!
اجابت ميشيل بهدوء : لقد خرجوا منذ نصف ساعة مع الآنسة جينا و الآنسة جيني إلى متجر الكعك ..! هذا أفضل فيجب أن نناقش مصير هذا الملجأ بهدوء ..!
دخلنا إلى تلك الغرفة الصغيرة التي كانت عبارة عن غرفة الإدارة ..!
جوليا كانت تجلس خلف هذا المكتب و ما إن دخلنا حتى وقفت : أهلاً بكم .. تفضلوا ..!
جلست على المقعد قرب المكتب و ليديا أمامي .. قالت ميشيل بأنها ستحضر القهوة ..!
عادت جوليا للجلوس و هي تقول بحزن : آسفة لما حدث معك لينك .. إنها مصيبة كبيرة ..!
بهدوء قلت : لا عليك .. ستكون الأمور بخير قريباً ..!
ابتسمت حينها : أنا سعيدة لأن الملجأ لم يكن باسمك ..! ربما لو كان قد أحيل إلى شخص آخر لقام بتوزيع الأطفال في ملاجئ مختلفة و استفاد من هذا المنزل لشيء آخر ..!
تنهدت حينها : لا اعتقد أن هذا سيفيد في شيء .. فأنا لن استطيع الصرف على الملجأ بعد الآن .. أخشى أن يتحول إلى شيء يشبه الملجأ السابق ..!
لم ترد جوليا بل نظرت نحو ليديا و ابتسمت فبادلتها ليديا ذات الابتسامة ..!
ما بهما ؟!.. هل تخططان على شيء ؟!..
بشك قلت : ما الأمر ؟!..
نظرت إلي جوليا بابتسامتها و قالت : لذا استدعيناك إلى هنا ..!
قطبت حاجبي حينها : لم أفهم ؟!..
- لقد عثرت على شخص سيتولى الصرف على الملجأ منذ اليوم فصاعداً ..!
بلهفة سألت : حقاً ؟!.. أين هو ؟!..
هنا تكلمت تلك الأخرى : ها أنا أمامك ..!
التفت حالاً إلى تلك الفتاة .. ليديا ..!
كانت ابتسامتها واسعة و سعيدة ..!
سألت حينها بسعادة : ليديا ..! هل .. ستصرفين عليه ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. هكذا نضمن أن الأطفال سيبقون بخير و نضمن أن جوليا و المربيتين سيبقون معهم للأبد ..!
- لكن أأنت واثقة من قدرتك على هذا ؟!..
- كما تمكنت أنت من ذلك .. أستطيع أنا فعلها ..! لا فرق بين ثروة روبرتون و ثروة مارسنلي السابقة ..!
- إن كان الأمر هكذا .. فلا يمكنني قول شيء فهكذا سنضمن سلامة الأطفال ..!
- حسناً .. إذاً أعطني رقم حساب الملجأ الذي سأحول المال إليه ..!
- بالتأكيد ..!
دخلت هنا ميشيل و هي تحمل صينية عليها فناجين يتصاعد منها الغبار و قالت بابتسامة : قبل هذا كله ستشربون القهوة التي اعددتها ..!
ضحكت ليديا بخفة حينها : حسناً .. لا نستطيع تفويت قهوتك يا ميشيل ؟!..
باستنكار قلت : و لما قهوة ميشيل بالتحديد ؟!..
بتفاخر قالت تلك الفتاة : قهوتي مميزة .. لقد عملت في مقاهي مختلفة و اعددت القهوة مراراً بعدة طرق .. لذا تستطيع القول بأني محترفه ..!
ضحكت على كلامها و بابتسامة قلت : إذاً شرف لي تذوقها آنستي المحترفة ..!
شعرت بالسعادة لأن العلاقة بين ميشيل و ليديا تبدو ودية للغاية ..!
يبدو لي أنهما صارتا صديقتين مقربتين في الفترة الماضية كما يبدو لي أن ليديا تعلقت بالأطفال هنا أكثر مما كنت أتوقع ..!
..........................................
كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساءاً حين ودعت ليديا بعد أن طلبت منها أن لا تخبر أحداً انها التقت بي ..!
وقفت أمام شقة خالتي و ضربت الجرس ..!
فتح أحدهم الباب بعد لحظات .. و قد كان ريك : أهلاً بعودتك ..!
قالها بابتسامة هادئة : أعتذر على التأخير .. لقد أخذ الأمر بعض الوقت ..!
دخلت و أغلقت الباب خلفي فسأل بهدوء : هل تخليت عن الملجأ إذاً ؟!..
أومأت إيجاباً و ابتسمت : لا تقلق .. لن يتغير شيء في الملجأ .. كل ما في الأمر أني لم أعد الممول له بل ليديا .. هذا أفضل للأطفال و للجميع ..!
دخلنا إلى غرفة الجلوس و بعد أن جلس على احدا الارائك قال : أنت محق .. إنها مبادرة رائعة من ليديا ..!
أخذت نفساً عميقاً حينها : هكذا سندخر المزيد من المال .. و يمكننا الآن أن نستأجر شقة جيدة ..!
التفت ريك و ابتسم : أجل .. لقد ذهبت الخالة اليوم إلى صاحبة المشتل .. و قد اخبرتها بأنها سوف تشتريه و طلبت منها مهلة كي تجمع المبلغ المطلوب ..!
تنهدت براحة : جيد .. الأمور تسير على خير ما يرام ..! أين خالتي ؟!..
- إنها في غرفتها تجهز حقيبتها من أجل السفر .. يجب عليها أن تذهب للمطار في الثامنة على الأقل فطائرتها في العاشرة ..!
- هكذا إذاً .. ستعود ظهر الغد ؟!..
- هذا ما قالته ..!
صمتنا للحظات و كلن منا شرد بذهنه ..!
تذكرت حينها شيئاً فسألت بهدوء : هل ذهبت للمشفى اليوم ؟!.. أذكر ان لديك موعداً ..!
أسند رأسه إلى ظهر الأريكة و أغمض عينيه : أجل ..!
- و بماذا أخبروك ؟!..
- إنه فحص روتيني .. لا شيء جديد ..!
شعرت بالقلق حينها .. أكثر ما يؤرقني هو مرض ريكايل .. أخشى أن يأتي يوم لا يصير لدينا مال من أجل أدويته الكثيرة ..!
كان هذا ما يزعجني في أمر فقداني لتلك الثروة ..!
قطع تفكيري صوته الجاد وهو يقول : صحيح .. نسيت أن أخبرك بما تحدثت به مع الدكتور ليبيرت اليوم ..!
التفت إليه و سألت باستغراب : ماذا ؟!..
ابتسم بهدوء وهو يقول : لقد أخبرني بأن لديه صديقاً مقرباً يعمل في الأحوال المدنية بمركز جيد و كبير .. و يستطيع إعادة اسمك إلى لينك بروان بسرية تامة ..!
شعرت بالراحة حينها و ابتسمت : جيد .. لقد كنت قلقاً بشأن هذا الموضوع أكثر من أي شيء آخر ..!
- غداً يوم أحد وهو إجازة للموظفين .. لذا سيأتي الدكتور ليبيرت لاصطحابك في الصباح كي تذهبا إليه فهو لن يكون في إجازة .. كلما كان عدد الموظفين أقل كلما صار الأمر سرياً أكثر حتى لا ينتشر الخبر بأن وريث مارسنلي غير اسمه ..!
- رائع .. إذاً سأتصل بالدكتور ليبيرت و أأكد عليه ذلك ..!
- إذاً أجمع أوراقك اللازمة من شهادة الميلاد و شهادة تبني مارسنلي ..!
- بالتأكيد سأفعل .. جميعها لدي الآن ..!
تنهد ريك حينها و قال بابتسامة متفائلة : من الرائع أن تجد من يساعدك و يمد لك يد العون في أوقات كهذه ..!
أومأت إيجاباً و قلت : صحيح .. الدكتور مارفيل و الدكتور ليبيرت .. انيتا و ليديا .. الخالة ميراي كذلك .. لن ننسى وقفتهم معنا في هذه الفترة ..!
......................................
بابتسامة قالت : لقد صنعت لكما بعض الشطائر من أجل العشاء .. ستجدانها في الفرن الصغير ..! تصرفا براحتكما فالبيت بيتكما ..! كل ما أريده منكما هو ان لا تقربا غرفتي فقط ..!
كتمت ضحكتي على كلماتها الأخيرة بينما قال أخي : اطمئني .. لن نقترب منها ..!
عانقت ريك حينها ثم عانقتني من بعده ..!
ابتعدت عنا و قالت بذات ابتسامتها : سوف أعود ظهيرة الغد .. كونا بخير حتى ذلك الوقت ..! لينك .. عليك أن تنام مبكراً كي تستيقظ مبكراً فلا يجب أن تتأخر على الدكتور ليبيرت ..!
- حاضر ..!
بدأت تنهال علينا بالتوصيات الكثيرة و كأنها ستغيب لأسبوع بينما الأمر لن يستغرق سوى أقل من يوم ..!
ودعتنا بعدها و خرجت وهي تسحب حقيبتها الصغيرة خلفها ..!
أخذت نفساً عميقاً فقال ريك حينها : حسناً .. ماذا نفعل الآن ؟!..
نظرت إلى ساعتي : سيعرض بعد قليل فلم ببطولة لوي .. لنشاهده ثم نتناول العشاء و نخلد للنوم ..!
رفع أحد حاجبيه باستنكار : هل لديك المزاج لمشاهدة فلم ؟!..
- الحقيقة أني أعشق مشاهدة الأفلام .. خاصة التي يكون بطلها صديق طفولتي العزيز ..!
- و هل تحدثت إلى صديق طفولتك العزيز هذا ؟!.. إنه قلق عليك ..!
- اطمئن .. لقد اتصلت به هذا الصباح و طمأنته أن كل شيء بخير ..!
زفر حينها بهدوء : إذاً لنذهب لمشاهدة الفلم إذاً .. أرجوا أن لا يكون مرعباً ..!
ضحكت حينها بخفة : أنا نفسي لا أحب أفلام الرعب .. انه فلم بوليسي فقط .. و لوي سيمثل دور اللص الذي أرهق رجال الشرطة كثيراً ..!
سبقني حينها لغرفة الجلوس : يا له من دور .. أعتقد أنه يناسبه ..!
لحقت به حينها و أنا أضحك بخفة : أكثر مما تتوقع ..!
.................................................. ......
مضت تلك الليلة بهدوء تام .. إنها الليلة الأولى التي أقضيها مع ريك وحدنا ..!
لدينا الكثير من الأعمال فبعد أن أغير اسمي سوف نبدأ بالحث عن شقة تناسبنا ..!
أرجوا أن نعثر عليها بسرعة ..!
صباح اليوم التالي أتى الدكتور ليبيرت لأخذي تمام السادسة و النصف ..!
بينما قال ريكايل بأنه سيذهب لرؤية الأطفال في الملجأ فهو لم يزرهم طيلة اليومين السابقين ..!
الساعة كانت تشير إلى الثامنة صباحاً .. و ها أنا أمسك بذلك القلم و قد اخذت يدي ترتجف فجأة ..!
فقط علي أن أوقع .. و بعدها سوف أعود إلى لينك ايان براون ..!
أخذت نفساً عميقاً .. لم اعتقد أن الأمر سيكون صعباً إلى هذه الدرجة : هيا .. هل غيرت رأيك ؟!..
هذا ما قاله صديق الدكتور ليبيرت الذي قام بترتيب أموري .. و لم يبقى سوى هذا التوقيع ..!
و بعده سأترك الاسم الذي جمعني بإلينا و جاستن ..!
ربت الدكتور ليبيرت على كتفي فنظرت إليه ..!
بدت الثقة في عينيه الزرقاوين و قد ابتسم : اطمئن .. ستكون الأمور بخير .. لم يبقى إلا هذه الخطوة ..!
عدة أنظر إلى مكان التوقيع و أخذت نفساً عميقاً ثم وقعت بسرعة ..!
لقد انتهى الأمر أخيراً ..!
بابتسامة قال السيد جونز صديق الدكتور ليبيرت : تهانينا .. تستطيع الآن أن تعتبر نفسك لينك إيان براون ..!
بهدوء قلت : شكراً لك ..!
- حسناً .. سوف آخذ أوراقك الرسمية التي تحتوي على اسم مارسنلي فلم يعد بإمكانك استعمالها .. بقي فقط أن تنتظر حتى نهاية الأسبوع و حينها ستكون كل أوراقك الجديدة جاهزة و بطاقتك المدنية كذلك .. و كلها باسم براون ..!
- حسناً .. أرجوا أن يتم الأمر بسرية تامة ..!
- أجل بالتأكيد .. لقد شرح لي ليبيرت القصة لذا اطمئن سوف أقوم بكل شيء بنفسي حتى لا ينتشر الأمر بين الموظفين .. لن يلحظ أحد ذلك ..!
- أنا حقاً لا أعلم كيف أشكرك ..!
- أنه عملي فلا تشكرني .. لقد انتهينا الآن لذا يمكنكما الانصراف ..!
وقفت حينها كما فعل الدكتور ليبيرت : شكراً جونز .. إنها خدمة عظيمة ..!
- نحن صديقان منذ زمن ليبيرت .. و هذه أقل خدمة يمكن أن أقدمها لك ..!
- أراك قريباً ..!
- إلى اللقاء ..!
خرجنا من ذلك المكتب حينها و من مبنى الأحوال المدنية كاملاً ..!
كانت سيارة الدكتور ليبيرت الفاخرة ذات اللون الرمادي تقف بين قليل من السيارات هناك ..!
إنه طبيب و لن استغرب أن يمتلك سيارة كهذه ..!
ركب هو خلف المقود بينما ركبت أنا بجواره و قبل أن يحرك سأل بهدوء دون أن ينظر إلي : كيف تشعر الآن ؟!..
بتردد أجبت : لا أعلم .. أشعر بأني مصدوم ..! لقد دخلت إلى هذا المبنى أحمل اسم " لينك جاستن مارسنلي " .. لكنني خرجت أحمل اسم " لينك إيان براون " .. إنه أمر غريب لا استطيع وصفه ..! أشعر الآن كم هو الفرق شاسع تماماً بين الاسمين ..!
صمتنا للحظات فسأل فجأة بنبرة هادئة تميل للجد : هل تكره إيان ؟!!..
التفت ناحيته باستغراب : بالتأكيد لا .. إنه أبي فكيف أكرهه ؟!..
- إذاً .. أتكره جاستن ؟!..
- بالتأكيد لست أكرهه .. لما هذا السؤال ؟!..
تجاهلني و قال : لما تحبهما معاً ؟!..
صمت للحظات ثم أجبت بهدوء و قد طأطأت رأسي : أنا لا أذكر جاستن .. و لا أذكر إيان أيضاً .. لكن كلاهما أبواي .. اعتقد أنه سبب كافي لكي احبهما ..!
ابتسم حينها بلطف مما زاد من وسامته : إذاً .. هل تعتقد أن إيان كان سعيداً حين صرت ابن جاستن ؟!..
استغربت سؤاله لكنني اجبت ببساطة : ربما حزن قليلاً .. لكني أعتقد انه سعد بهذا فأنا حظيت بحياة جيدة لأن جاستن صار أبي ..!
اتسعت ابتسامته حينها و قال : إذاً .. جاستن لن يكون حزيناً إن عدت ابن إيان .. كلاهما سيكون سعيداً فلم أنت مهموم وحزين ..! جاستن و ايان أبواك .. و كلهما يريدان لك الأفضل .. إن كان الأفضل أن تعود ابناً لإيان فهما سيكونان سعيدين .. الأمر ذاته مع الينا و نيكول ..! جميعهم سيكونون سعداء و مطمئنين بمجرد أن تحصل أنت على الحياة الهادئة المطمئنة ..! و بتغير اسمك سوف يسهل عليك الابتعاد عن المشاكل و المصائب .. و هذه هي الحياة الأفضل لك ..!
رغم أن كلامه كان غريباً و متشابكاً و فلسفياً .. إلا أنه كان مقنعاً للغاية لدرجة أني ارتحت لكلامه كثيراً ..!
ابتسمت حينها : أعتقد أنك محق فيما تقول .. شكراً لك دكتور ليبيرت .. أشعر بالراحة الآن ..!
بذات ابتسامته قال : لا عليك مارسنلي .. آه أقصد براون ..!
- اعتقد أني أفضل أن تناديني لينك منذ اليوم ..!
- كما تريد لينك .. إن اردت فيمكنك أن تناديني بهاري عوضاً عن " دكتور ليبيرت " ..!
- حسناً هاري .. أني أشكر لك وقفتك هذه معنا ..!
حرك السيارة حينها و هو يقول : لا داعي للشكر ..! لقد احببتكما كثيراً و من الجيد أن نكون أصدقاء ..! إذاً أخبرني .. ماذا ستفعلون الآن ؟!..
أخذت نفساً عميقاً و قلت : سوف نبحث عن شقة لنعيش فيها .. فلا يمكننا البقاء عند خالتي للأبد ..!
أوقف السيارة حين وصلنا لإشارة المرور و التفت ناحيتي : أقلت .. ستبحثان عن شقة ؟!..
استغربت نبرته تلك : أجل ..!
ابتسم ابتسامة عريضة : لما لم تقل منذ البداية ؟!..
بشك قلت : هل تعرف شقة مناسبة ؟!!..
ضحك بخفة و قال : أجل .. الشقة التي بجوار شقتي فارغه .. يمكنكما أن تستأجراها ..!
شعرت بالتوتر حينها : لكن .. أليس إجارها مرتفعاً للغاية ؟!..
باستغراب قال : لا .. إن إجارها جيد جداً .. لما تعتقد أنها غالية ؟!..
- حسناً .. أرى أن لديك سيارة فاخرة .. لذا اعتقد أن شقتك فاخرة كذلك .. تبعاً لهذا ستكون ذات اجار مرتفع و الشقة التي بجوارها كذلك ..!
حرك السيارة و ابتسم ابتسامة غريبة و هو يقول : هكذا إذاً .. اطمئن إنها ليست غالية ..!
- كم إجار شقتك ؟!.. اعلم أنه سؤال شخصي لكن أرجوا منك الإجابة ..!
- لا مشكلة في سؤالك إطلاقاً .. عموماً أنا أعيش في تلك الشقة بالمجان ..!
قطبت حاجبي و قتل باستنكار : أتمزح ؟!..
بذات ابتسامته الواثقة وهو يركز على طريقه : أطلاقاً ..!
- كيف تقول أنك تعيش في شقة اجار بالمجان ؟!!..
- حسناً .. لن يكون ذلك غريباً إن كانت الشقة ملكي ..!
- هل اشتريتها من صاحبها ؟!.. أليست بالإيجار ؟!..
- بلا .. يفترض أنها بالإجار .. لكنني اسكن فيها ..!
- لقد دوختني يا هاري .. ألن تفهمني ما القصة بالضبط ؟!!..
كنت قد قلت كلامي الأخير باستياء بسيط فضحك هو بخفة و قال : اعتذر .. أردت أن أرى ما النتيجة التي ستصل إليها لكن يبدو أنك لن تصل لشيء بتورتك هذا ..! عموماً سأشرح لك .. الشقة التي أعيش فيها في عمارة سكنية من خمسة أدوار .. الدور فيه ثلاث شقق .. و شقتي في الدور الخامس .. هناك اربعة عشر شقة تم تأجيرها و واحدة فارغة و هي التي بجانبي ..!
بضجر قلت : و ما المهم في ذلك كله ؟!..
- لا شيء مهم من ذلك ..! المهم هو أن تلك العمارة ملك لأسرتي لذا اعيش بالمجان ..!
استندت إلى المقعد وقلت بهدوء: هكذا إذاً .. لما لم تقل منذ البداية ؟!.. إذاً هل تعيش مع اسرتك في تلك العمارة أيضاً ؟!..
بابتسامة هادئة قال : لا .. لقد كنت أعيش مع اسرتي في منزل كبير .. لكن بعد أن توفيت أمي منذ عشر سنوات و توفي أبي قبل ست سنوات .. انتقلت مع أختي الصغرى إلى العيش في احدى شقق العمارة التي نملكها .. و بعنا منزلنا السابق ..!
بهدوء قلت : أعتذر .. لقد تدخلت في خصوصياتك ..!
بذات ابتسامته قال : لا بأس .. فنحن سنصير جيراناً إن وافقتم على استئجار الشقة المجاورة ..!
- و هل اجارها مرتفع ؟!..
- ليس كثيراً .. اعتقد أنه سوف يناسبكما ..!
- و كيف هي الشقة ؟!..
- فيها غرفتا نوم و غرفة جلوس و مطبخ .. و حجم الغرف متوسط ..!
- جيد .. إن هذا ما كنت أبحث عنه ..!
- أيضاً الشقة مؤثثة بالكامل ..!
باستغراب قلت : لما قمت بتأثيثها ؟!..
- جميع الشقق مؤثثة ..!
- ألا يفترض أن تكون غالية أذاً ؟!..
- لا .. أنا لست مهتماً بالمال .. كما ترى أنا طبيب .. و شركة أبي لا تزال تعمل و قد تركت من يديرها و أنا أراقب أعمالها من فترة لأخرى .. لو درست ادارة الأعمال لربما صرت مديرها .. لكني اخترت الطب ..! لذا لست بحاجة إلى المال .. كل ما أريده هو محيط جيد ..!
- اعتذر .. لكني لم أفهم عبارتك الأخيرة ..!
اتسعت ابتسامته و قال بهدوء : ليس كل شخص يأتي لاستئجار شقة عندي يحصل عليها .. فالمهم لدي هو أن يكون شخصاً جيداً و محترماً .. لقد رأيت هذه الصفات فيك و في ريك لذا قدمت لك عرضي هذا ..!
- شكراً لك ..! و هل حصلت على المحيط الذي تريده ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل .. الجميع في عمارتي جيران جيدون و لطيفون معاً .. كلهم كالعائلة الواحدة رغم اختلاف أعمارهم و أجناسهم ..!
شعرت بالراحة لسبب أجهله و ابتسمت : سوف استشير ريكايل في الأمر .. أعتقد أننا لن نجد أفضل من هذا العرض دكتور هاري ..!
بدا عليه الجد فجأة و هو يقول : بقي شيء أخير لم أخبرك به ..!
استغربت نبرته تلك : ما هو ؟!..
ازدادت نبرته جدية و غموضاً وهو يقول : تحدي النصف ..!
................................................
دخلت إلى شقة خالتي بالمفتاح الذي كان معي .. كانت هادئة للغاية .. يبدو أن ريك لم يعد بعد ..!
اتجهت إلى غرفة الجلوس و استلقيت على احدى الأرائك أفكر بكلام الدكتور هاري ..!
أعتقد انه من الجيد ان نستأجر الشقة المجاورة له فهي تبدو مناسبة من خلال وصفه كما أنها مؤثثة بالكامل و هذا سيسمح لنا بادخار المزيد من المال عوضاً عن صرفه بشراء الأثاث ..!
كما أن حديثه عن سكان العمارة أراحني .. على الأقل سأعيش حياة العامين البسيطة ..!
رغم أني لا أعلم ما قصد بكلمته الأخيرة ألا وهي " تحدي النصف " .. فقد قال أنه سيشرح لي الأمر فقط لو صرت احد سكان عمارته ..!
يبدو لي انه اختبار خضع إليه كل من يسكن هناك ..!
عموماً أعتقد أن هذا زاد شوقي للعيش في تلك العمارة ..!
أخرجت هاتفي المحمول و فتحته لأرى تلك الصورة أمامي .. كانت صورة التقطتها خلسة لوالدتي و هي تقرأ في احد الكتب و على شفتيها ابتسامة لطيفة ..!
اشتقت إليها ..!
رغم أني احاول تجاهل ذلك إلا أني اتذكرها في كل لحظة من يومي ..!
لم أتخيل أن الحياة بدونها ستكون متعبة هكذا ..!
لو كانت هنا .. لكفاني وجودها فقط حتى لو بقيت في الشارع ..!
ليس هي فقط .. بل اشتقت لجيسكا أيضاً ..!
لم أعتقد أني سأفتقدها هكذا ..!
لا يزال صوتها الصارم يرن في أذني و كأنها أمامي الآن ..!
اشتقت لتلك الحياة ..!
غرفتي .. حديقة قصرنا .. سيارتي الفيراري .. مكتب أمي .. ثانوية مارسنلي ..!
مشاكسات آندي .. و دايمن و فتاته فلورا .. حتى مثالية ماثيو .. بكاء ستيف .. طفولة ميرال .. و صوت ليندا و هي تدعوني بالشيطان .. نظرة العم رونالد الواثقة .. ضحكة الخالة كاثرن المرحة .. حتى لهجة سورا الغريبة ..!
لقد اشتقت اليهم رغم أنه لم يمضي سوى يومان فقط ..!
لا بأس .. يجب علي أن أعتاد على هذا ..!
سأذهب هذا المساء و أغير رقم هاتفي .. حتى ارتاح من هذه الاتصالات التي لا أجيب عليها ..!
أغلقت هاتفي و أعدته لجيبي .. و لحظتها رن مجدداً ..!
من هذه المرة ؟!!..
لا شك أنه أحد من رافالي فحتى ميرال تتصل بي ..!
رفعت الهاتف مجدداً و نظرت إلى اسم المتصل .. لتحل بي صدمة عنيفة !!..
.
لأن الاسم الذي ظهر على شاشة هاتفي كان .. " أدريان " ..!
.
استقمت واقفاً من هول المفاجأة ..!
ماذا أفعل ؟!!..
هل أجيب ؟!!..
لما أدريان يتصل بي ؟!..
ربما .. ربما ندم على ما فعله و يريد أن يعتذر و يعيد لي قصري ..!
هو لن يتصل هباءً ..!
أشعر أن خلف اتصاله شيئاً عظيماً ..!
يجب أن أجيب .. أجل و قبل أن ينقطع الخط !!..
ضغط زر الإجابة و قربت الهاتف من أذني دون أن أنطق حرفاً ..!
بقيت هكذا للحظات حتى سمعت الطرف الآخر يقول : لينك ؟!..
انه هو .. صوت أدريان ..!
ترددت للحظات قبل أن أقول : ماذا تريد ؟!..
بنبرة بدت لي ساخرةً أكثر من أي شيء : ألن تلقي التحية ؟!.. أم أن أخلاقك فسدت خلال الفترة الأخيرة ؟!..
أمسكت أعصابي و قلت ببرود : إن كان هناك من فسدت أخلاقه حقاً .. فهو بالتأكيد أنت ..! تكلم ماذا تريد ؟!.. لست متفرغاً لك ..!
- هل وصلت أشياءك إليك ؟!.. لقد ارسلتها لشقة خالتك الشابة ..!
- لا أعتقد أن الأمر يهمك ..! قل ماذا تريد حالاً ؟!.. ما المصيبة التي خلفك هذه المرة ؟!..
ضحك حينها بسخرية ضحكة قصيره : على رسلك .. لما بدأت تغضب ..! عموماً لا بأس ..! أردت أخبارك أن لدي خبراً قد يقلب حياتك مجدداً ..!
اتسعت عيناي حينها .. فأنا الآن أدرك أن أدريان إن قال أن حياتي ستنقلب فسيحدث ما لن اتوقعه ..!
حاولت أن أمسك أعصابي و حاولت قدر المستطاع أن أكون هادئاً : قل ما لديك ..!
بنبرة هادئة جادة : دايفيرو .. تعلم أنهم أخذوا نصف ثروة مارسنلي ..! لديهم عرض مغري من أجلك ..! إن اتصلوا بك فأنصحك بالإجابة عليهم و قبول عرضهم إن كنت تريد أن تعود " السيد مارسنلي " مجدداً ..!
قطبت حاجبي : هل طلبوا منك إخباري ؟!..
- لا .. هم لا يعلمون أني أخبرتك ..! لكني خشيت أن لا تجيب حين يتصلون ..! تستطيع القول أن اتصالي هذا مجرد خدمة ..!
صرخت حينها : و أنا مستغنٍ عن خدماتك !!..
بدا الغرور في نبرته وهو يقول : لا مشكلة لينك .. أنا أعرفك منذ كنت بعمر الخمسة أيام .. و أعلم أنك تغضب بسرعة ثم تفكر في كل شيء جيداً ..! لذا اتصلت بك .. حتى تكون قد فكرت و هدأت وقت اتصالهم ..! اتمنى أن أقرأ في الصحف قريباً بأنك عدت لمنصبك .. و تذكر أنك أن قبلت فأنا سأبيع قصر مارسنلي لك بسعر زهيد ..!
بغضب قلت : أنا لا أشتري قصري ..!
- لم يعد قصرك يا عزيزي .. إنه قصري الآن ..! قد يعود إليك إن قبلت عرض دايفيرو .. و الآن وداعاً ..!
أغلق الخط بعدها دون أن يسمع ردي ..!
رميت بهاتفي بعنف على الأريكة القريبة و أمسكت برأسي و انا اتمتم : سحقاً لك .. سحقاً ..!
لقد كنت أكرهه في الماضي .. و الآن أكرهه بعشرة أضعاف مضاعفة !!..
لا بل مئة ضعف !!..
بل الف !!..
لن أكذب لو قلت بأنها مليون وقد تصل للمليار !!..
أكرهه بضعف عدد البشر على هذا الكوكب !!..
سحقاً له و لخدماته !!..
رميت بجسدي على الأريكة و أغمضت عيني : أكرهك يا أدريان .. أكرهك !!..
متى سينتهي هذا ؟!.. متى سينتهي هذا الكابوس ؟!..
كلما خرجت من مصيبة وقعت في واحدة أكبر ..!
ما هو عرض دايفيرو هذا ؟!..
ما الشيء الذي سيطلبون مني فعله مقابل عودة نصف ثروة مارسنلي لي ؟!..
لو كان طلبهم هو أن أقتل أدريان فسأنفذ بلا تردد ..!
أخذت نفساً عميقاً و حاولت أن أهدأ .. يجب أن أفكر بتمعن ..!
هل أجيب عليهم أم لا ؟!!..
لو عادت لي ثروة مارسنلي فسوف تعود حياتي طبيعية ..!
سوف اتمكن من استعادة قصري و كل شيء فيه ..!
يبدو أنني سأجيب على اتصالهم .. إن لم يعجبني العرض سأرفضه و أبدأ حياتي كما خططت لها ..!
أجل .. مصيري الآن يتوقف على عرض دايفيرو الغامض ..!
.................................................
فتحت عيني على صوت هاتفي الذي اشعر أنه صار يرن في رأسي ..!
هل نمت ؟!..
يبدو أني غفوت فوق تلك الأريكة ..!
كان هاتفي بجانبي مرمياً بإهمال و يرن باستمرار ..!
لقد كنت أسمعه أثناء نومي لكني لم استطع الاستيقاظ له ..!
نظرت لاسم المتصل كدافع فضول .. لأرى أنها كانت " انيتا " ..!
غريب .. لما تتصل أنيتا الآن ؟!..
ربما تريد أن تطمئن علينا ..!
جلست على الأريكة و اجبت بصوت مليء بالخمول : مرحباً ..!
جاءني صوتها الرقيق حالاً ليطرق مسامعي و بنبرة قلق : لينك لما لم تجب على الهاتف ؟!.. لقد اتصلت بك كثيراً ..!
حاولت أن استوعب أكثر : أعذريني .. لقد غفوت دون أن أشعر ..!
- يبدو أنه غرقت في النوم لا غفوت فقط ..!
- لما ؟!.. كم الساعة الآن ؟!!..
- إنها الثانية ظهراً ..!
شهقت حينها و فتحت عيني على وسعيهما : لقد كانت تشير إلى التاسعة .. هل نمت طيلة هذا الوقت ..!
- ذلك واضح ..! عموماً أخبرني كيف حالك ؟!.. هل حصل جديد معكم ؟!..
- أنا بخير .. لقد غيرت اسمي ..!
- أعلم .. أخبرني هاري ..!
- حسناً .. يبدو أن لديك ما تقولينه ؟!.. هل هناك شيء ؟!..
شعرت بأنها لم تتصل عبثاً ..!
صمتت للحظات ثم قالت بخفوت : ريكايل هنا ..!
اتسعت عيناي و سألت : أين ؟!..
بتوتر قالت : في المشفى ..!
وقفت حينها مصدوماً : متى ؟!.. لماذا ؟!.. كيف حدث هذا ؟!..
كنت مرتبكاً و متوتراً للغاية : اهدأ لينك أنه بخير .. لقد فقد وعيه فقط ..! سيكون على ما يرام بعد أن يأخذ قسطاً من الراحة ..!
أخذت نفساً عميقاً : متى حدث هذا ؟!..
- بحدود الساعة العاشرة ..!
- و ما الذي حدث بالضبط ؟!..
- تعال إلى المشفى و سيشرح لك ادوارد كل شيء ..!
ركضت ناحية غرفة النوم و أنا أقول : سوف ابدل ملابسي و آتي حالاً ..!
بسرعة أغلقت الهاتف و رميته فوق الفراش على الأرض ..!
دخلت دورة المياه و غسلت وجهي حتى استيقظ ..!
بدلت ملابسي و ارتديت بنطالاً رمادياً مع كنزة بيضاء و سترة ثقيلة بنية و قد وضعت قبعتها على رأسي ..!
خرجت من الغرفة و من الشقة و اقفلت الباب ثم تركت المفتاح تحت حوض الزهور بقربه .. قد تعود خالتي في أي لحظة لذا من الأفضل ترك المفتاح لها ..!
.........................................
انتهى البارت هنا ..!

أعلم أنه قصير بالنسبة لمدة انتظاركم لكن للاسف تم تقسيم البارتات حسب الأحداث ..!

قد يكون هادئاً و مملاً بعض الشيء لكن يسعدني إخباركم أنه عبارة عن هدوء يسبق عافصة هوجاء صاعقة ستقلب الأحداث مجدداً ^^ ..!


الأسئلة ..!


لينك مارسنلي غير إسمه إلى لينك براون .. هل سيستمر هذا طويلاً ؟!..

و هل سيقبل
لينك بعرض الدكتور هاري بالسكن في الشقة المجاورة ؟!..

ليديا قررت الصرف على الملجأ .. أهي قادرة على ذلك ؟!..

ماذا عن صداقتها
بميشيل ؟!.. و هل ستأثر إيجابياً أم سلبياً على الأحداث ؟!..

ماهو عرض
دايفيرو هذا ؟!.. و هل سيوافق لينك عليه ؟!..

رايل و سقوط آخر .. كيف سيكون هذه المرة ؟!..



و الآن المقتطفات ..!

...

طأطأت رأسي بتعب : رغماً عني .. كل شيء من حولي تغير .. من الصعب التعايش مع وضع مناقض لوضعك السابق ..!
...

صمتت للحظات ثم تابعت بمكر : ربما من المثير أن أكون السيدة مارسنلي ..!
...

بدا الاستياء واضحاً عليها : أنت فقدت عقلك و أنتهى الأمر بما أن هذا تفكيرك !!.. هل ستخون ميشيل من أجل المال ؟!..
...

لا أعلم كيف نطقت بكلماتي الأخيرة لكن ليديا حينها هتفت بنبرة باكية : أجل أحبك .. !
...

وقف حينها و راح يجري ناحية تيموثي فوقفت أنا و على وجهي ابتسامة شيطان خبيث ..!
...

بدا أن صدمتها تضاعفت مما جعلها ترفع يدها بغضب في نية لصفعي لكني أمسكت ذراعها بقوة و أنا أضغط على كلماتي : لا أحد يتجرأ على صفع السيد مارسنلي .. حتى أنت يا ميراي ..!
...

ربما أشبه وريث مارسنلي الذي ظهر في الصحف هذه الأيام ..!
...

لأنني بالفعل لا استحق أن أكون سبباً في حزنها ..!
...


ترقبوا البارت القادم بشوق ففيه أشياء ستغير مسار القصة من جديد ..!

في حفظ الله و رعايته ^^ ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 08:38 PM   #32

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 29

تنهدت بتعب و أنا أنظر إليه ..!
كان نائماً فوق هذا السرير الأبيض ..!
بدا وجهه شاحباً و مصفراً ..!
أشعر أني سأنهار خلفه قريباً .. لم أعد احتمل المزيد ..!
شعرت بأحدهم يربت على كتفي و قد كان الدكتور مارفيل : اطمئن .. سيخرج هذا المساء .. إنه يحتاج إلى الراحة فقط ..! لقد فقد وعيه اثر الضغوط النفسية التي تعرض لها في اليومين الأخيرين ..! من الجيد أن الأمر لم يتطور إلى نوبة صحية ..!
بتعب و هدوء قلت : لا ألومه ..! رغم أني بكامل صحتي أشعر بأني سأنهار .. لو كنت مكانه فربما لن يردعني إلى الموت ..!
ضرب رأسي بخفة وهو يقول : كف عن قول كلام سخيف كهذا ..! ستنال ضربةً أقوى لو سمعتك تهذي بهذه الأشياء مجدداً ..!
طأطأت رأسي بتعب : رغماً عني .. كل شيء من حولي تغير .. من الصعب التعايش مع وضع مناقض لوضعك السابق ..!
أبعد يده عن رأسي و سار مغادراً الغرفة : سأذهب لأتم أعمالي .. سيخرج ريك في السابعة مساءاً ..!
اقتربت من السرير حينها و جلست على حافة .. وضعت يدي على جبين أخي الأصغر النائم إثر الابرة المنومة .. انه ساخن بعض الشيء ..!
اخذت نفساً عميقاً و تمتمت : يبدو أني سأقبل عرضهم مهما كان من أجلك ..!
وقفت بعدها و خرجت من الغرفة ..!
اتصلت بخالتي فأخبرتني بأنها في الطريق إلى المنزل .. أخبرتها بمكان المفتاح و بما حدث مع ريكايل ..!
كما طلبت منها أن لا تشغل بالها فهو سيخرج في السابعة و أنه من الأفضل لها أنت تأخذ قسطاً من الراحة بدل القدوم للمشفى ..!
وقد وافقت بشق الأنفس ..!
أعدت الهاتف لجيبي بعد أن أغلقت الخط و حينها سمعت : لينك ..!
التفت حينها لتلك الفتاة ذات الشعر البني الطويل إنها جوليا : أهلاً جوليا ..!
بدا عليها الهدوء وهي تنظر إلي : هل كنت عند رايل ؟!..
أومأت إيجاباً و سألت بخفوت : أكنتي معه ؟!..
تنهدت حينها بتعب و آثار الخوف لا تزال واضحة على ملامحها : أجل .. كنا في حديقة الملجأ نتحدث عن بعض الأمور لكنه فجأة وضع يده على صدره ثم فقد الوعي ..!
جوليا تجهل الحقيقة الكاملة لمرض رايل .. فهي تظن أنه أخف من الحقيقة بكثير .. الأمر ذاته مع ميشيل ..!
تابعت هي حينها : لقد اتصلت بالإسعاف حالاً و نقلوه إلى هنا ..!
بهدوء قلت : اطمئني .. سيخرج من المشفى اليوم لذا لا داعي للقلق ..!
قطبت حاجبيها : تبدو متعباً لينك .. وجهك شاحب ..!
- بعض الإرهاق فقط ..!
- عد إلى المنزل و خذ قسطاً من الراحة و أنا سأبقى مع رايل ..!
أومأت موافقاً فأنا لا أريد البقاء هنا أكثر فقد مللت هذا المكان ..!
سرت مغادراً المشفى و كلمة " المنزل " التي نطقتها جوليا بكل عفوية تدور في ذهني .. فأنا لم يعد لي منزل ..!
أكاد أجن بالفعل .. و الآن علمت أني كنت مبذراً و مسرفاً للغاية في السابق ..!
عند بوابة الخروج من المشفى التقيت بفتاة أخرى هتفت حين رأتني : لينك .. كيف حال ريكايل ؟!..
استغربت معرفة ليديا بالأمر بهذه السرعة : من أخبرك ؟!..
بقلق قالت : كنت في طريقي لزيارة الأطفال في الملجأ .. فأخبروني بأن ريك فقد الوعي و نقل إلى هنا ..!
- اطمئني .. مجرد فقدان للوعي .. سيخرج من المشفى هذا المساء .. إنه نائم الآن و جوليا معه .. الأفضل تركه ليرتاح ..!
تنهدت بهدوء حينها لكنها لم تلبث أن قالت : لينك ما الأمر ؟!.. تبدو شاحباً .. هل أنت بخير ؟!..
أومأت إيجاباً بتعب : أجل .. بعض المشاكل أرهقتني ..!
قطبت حاجبيها متسائلة : هل حدث جديد ؟!.. لقد كنت تبدو بخير بالأمس رغم ما حدث ..!
أجل .. اليوم فقط بسبب اتصال أدريان ذاك فقدت صوابي : لا شيء مهم .. لقد غيرت أسمي هذا الصباح ..!
بإصرار قالت : لكن هذا ليس ما يزعجك ..!
تنهدت بتعب و استسلمت لها في النهاية : يبدو أني سأخبرك .. لأني إن كتمت الأمر في نفسي كثيراً سأجن بالتأكيد ..!
ابتسمت حينها بهدوء : و أنا مستعدة لسماعك ..!
..............................................
بخفوت قلت : وهذا ما حدث ..!
أوقفت السيارة حينها و هي تقول : لننزل هنا كي تستنشق بعض الهواء و ترفه عن نفسك ..!
نظرت إلى الأمام فإذا بها إحدى الحدائق الصغيرة الكثيرة في باريس و قد كان الثلج يغطي أرضها بالكامل ..!
نزلت مع ليديا إلى هناك و قد كان الجو أشد برودة منه في الصباح ..!
نظرت إلى ليديا للحظات : ألديك حل لمشكلتي ؟!..
سرنا إلى داخل الحديقة و هي تقول : في الحقيقة من الصعب الثقة بأدريان بعد ما فعله .. و بما أنه قرر بيعك القصر إن قبلت عرض دايفيرو فهذا يعني أن عرضهم سيكون صعباً لكنه يستحق المخاطرة ..!
- ماذا تعتقدين أن ذلك العرض سيكون ؟!..
- لا أعلم .. لكني متعجبة حقاً فما الذي يدفعهم لإعادة الثروة لك مقابل طلب مجهول .. أعتقد أنه سيكون شيئاً لهم مصلحة خاصة فيه ..!
بسخرية قلت : بالتأكيد سيكون كذلك .. هم ليسوا لطيفين إلى تلك الدرجة ..!
باستياء قالت : أنت لم تفهم قصدي .. أقصد أن مصلحتهم تلك ستفوق مصلحتك بكثير .. أي أنه سيكون صعباً للغاية عليك ..!
بتعب قلت : أياً كان طلبهم يبدو أني سوف أوافق عليه .. أنا لا أستطيع العيش هكذا .. عشت يومين بدون خدم و دلال و أشعر أني سأنهار ..!
قطبت حاجبيها : هل الأمر صعب إلى هذه الدرجة ؟!..
ابتسمت نصف ابتسامة و قلت بسخرية : في البداية كنت واثقاً من أني سوف أتجاوز ذلك بسهولة و سأكافح كي أحظى بحياة كريمة و سأبدأ من الصفر .. لكني اكتشفت أني أضعف من ذلك بكثير .. بل أنني لا أملك الثقة الكافية لخوض هذه التجربة ..! حاولت أن أقنع نفسي بأن هذه أوهام و أن الأمور ستتحسن مع مرور الوقت لكني أدركت أن المستحيل سيبقى مستحيلاً ..!
- أيعني أنك ستقبل عرضهم حتى لو كان صعباً ..!
- أجل .. كما ترين ليديا .. صحة ريكايل غير مستقرة .. و جل ما أخشاه هو أن يحدث شيء له و حينها لن يكون معي ما يكفي من المال لإنقاذه ..! كما أني يجب أن أتابع دراستي و ريك كذلك .. إن عادة لي نصف الثروة التي مع دايفيرو فإن المدرسة تابعة لها أيضاً .. هكذا سأضمن لنا تعليماً جيداً بدون دفع مال ..! أما إن بقينا هكذا فسوف نضطر لدفع المال للدراسة في إحدى المدارس الصغيرة التي لا أعلم إن كانت ستمنحني التعليم اللازم لمواجهة المستقبل أم لا ..!
- وجهة نضر جيدة .. لكن يجب أن تستشير ريكايل أيضاً ..!
- ريك لن يرفض إن كان الأمر يصب في مصلحتنا ..!
- لكننا لم نتأكد من ذلك العرض بعد .. أخشى أن يكون إعجازياً ..!
بهدوء و جد قلت : لن يكون إعجازياً .. بما أن أدريان قال أني استطيع قبوله فهذا يعني أني استطيع ..! أدريان خائن كبير لكنه إن قال شيئاً فهو سيحدث لا محاله و ذلك ناتج عن ثقته الكبيرة بنفسه ..! رغم أنه خيب أملي للغاية فأنا لم أعتقد أنه سيلجأ إلى طرق ملتوية كي يستولي على كل شيء ..!
لم تعلق هي على كلامي الأخير بينما أخذت أفكر للحظات فيما علي فعله ..!
لقد خسرت الكثير في الفترة الماضية ..!
و أكبر شيء خسرته كان أمي إلينا .. تلك الخسارة التي لا يمكن أن تعوض ..!
كذلك خسرت القصر و المدرسة و الشركة و الثروة و حياة النبلاء ..!
و أخيراً .. خسرت أسم مارسنلي ..!
لطالما كان لقب " وريث مارسنلي " هو أكبر فخر لي في هذه الحياة .. و قد كنت أطمح لأن يتحول مستقبلاً إلى " رئيس شركات مارسنلي " .. لكن ذلك الطموح ذهب أدراج الرياح ..!
ربما لو قبلت ذلك العرض سيعود لي كل ما أريده .. لا اعتقد أنه سيكون بذلك السوء ..!
لا استطيع وضع احتمالات في رأسي للموضوع لذا أشعر بالتشويش ..!
شعرت بشيء يهتز في جيبي معه صوت مألوف لي ..!
ذلك الصوت كان مصدر إزعاج في الفترة الأخيرة لكني أشعر أنه تحول اليوم إلى نذير شؤم !!..
تجمدت في مكاني و انا أسمعه يرن بتواصل و اصرار ..!
بينما قالت تلك التي بجانبي ببساطة : هاتفك يرن ..!
استيقظت من شرودي و أخرجته من جيبي في الحال لأنظر لأسم المتصل .. و كان شيئاً غريباً بالفعل ..!
تصنمت في مكاني و أنا أقرأ ذلك الاسم الذي ظهر على تلك الشاشة بينما نظرت ليديا إلي باستغراب : ماذا تريد روز منك الآن ؟!..
.
أجل .. كان ذلك الاسم الذي ظهر على شاشة هاتفي .. " روزاليندا دايفيرو "
.
تمتمت للحظات : دايفيرو ..!
استعت عيناي حينها : لاشك أنها اتصلت من أجل عرض دايفيرو ..!
التفتت لليديا متوتراً : ماذا أفعل ؟!..
أمسكت بيدي و سحبتني إلى الكرسي الذي بقربنا : أجب ..!
سينقطع الاتصال بعد قليل .. لذا يجب أن أجيب قبل أن تفوت هذه الفرصة ..!
أخرجت ليديا هاتفها من جيبها و فصلت السماعة المتصلة به و أعطتني إياها ..!
بلا شعور أوصلتها بهاتفي و وضعت إحداهما في أذني بينما أخذت ليديا الطرف الآخر لتستمع معي ..!
حينها أجبت .. و من حسن الحظ أن الخط لم ينقطع ..!
بقيت صامتاً بعد الإجابة حتى سمعت صوتها الأنثوي المليء بنبرة الغرور : تأخرت في الإجابة .. لم يكن هذا من صالحك ..!
كنت مرتبكاً للغاية لكن ليديا أمسكت بيدي حينها و نظرت إلي بنظرة مشجعة فسحبت نفساً عميقاً و قلت بنبرة حاولت قدر الإمكان جعلها طبيعية : ماذا تريدين ؟!..
أطلقت ضحكة قصيرة خافتة : إذاً لا تنوي أن تكون لطيفاً و تلقي التحية .. لا بأس سأكون أنا ألطف منك .. كيف حالك مارسنلي ؟!..
بهدوء قلت : حالي موجود في الصحف و يعلمه الجميع .. فلما تسألين ؟!..
بدت نبرة غنج مزعجة في صوتها : لما أنت قاسي ؟!.. كنت أريد أن أطمئن عليك ..!
رفعت ليديا أحد حاجبيها و كأنها مستنكرة مما تسمع .. كما حدث معي ..!
حاولت ضبط أعصابي حينها : وهل هذا ما اتصلت من أجله ؟!..
ضحكت ضحكة مكتومة حينها : هل بدأت تغضب ؟!.. هذا و أنا لم أقل شيئاً بعد ..!
- أسرعي و قولي ما لديك فأنا لست متفرغاً ..!
- أوه .. يبدو أنك بحق لا تملك صبراً ..! حسناً واضح أن أدريان أتصل بك و أخبرك .. ذلك الرجل الوسيم لا يمسك لسانه ..!
- دعينا منه الآن .. ما هو عرضكم هذا ؟!.. و لما انت من يطرحه علي ؟!..
بمكر قالت : يمكنك أن تستنتج العرض و سبب اتصالي أنا من تلميح صغير ..!
قطبت حاجبي حينها و ليديا كذلك .. و ماهي سوى لحظات حتى قالت تلك الروز بغرور : الفلنتاين ..!
الفلنتاين .. عيد الحب .. ما شأنه الآن ؟!..
أخذت لحظات أفكر فيه .. لكني كنت مشتتاً : ماذا ؟!.. ألم تفهم ؟!.. إذاً سأساعدك .. ماذا حدث في يوم الفلنتاين من هذا العام ؟!..
لقد كان ذلك منذ أكثر من شهرين .. كيف تريدني أن أتذكر ما حدث فيه إن لم يكن هناك أمر مميز ؟!..
لحظة .. تذكرت !!..
روز أعطتني هدية غريبة في يوم الفلنتاين الماضي !!..
.
.
خاتم خطوبة !!..
.
.
استنتجت حينها شيئاً .. و بجد قلت : تقصدين .. ذلك الخاتم ؟!..
- بالضبط !!..
- و المطلوب ؟!..
- أنت بطيء الاستيعاب ..!
- ليس كذلك .. لكني أحاول طرد الفكرة المجنونة التي خطرت ببالي ؟!..
ضحكت مجدداً و هذه المرة بصوت أعلى بينما ارتفع مستوى غضبي ..!
لكنها حينها صمتت بصعوبة ثم قالت بكل بساطة : لما ؟!.. هل الزواج بي يعد جنوناً ؟!..
شهقت ليديا حينها بفزع بينما اتسعت عيناي و أنا أقول : أنت لن تطلبي مني التقدم لخطبتك صحيح ؟!.. ذلك لأنك مسبقاً أعطيتني خاتم الخطوبة و انتظرت ردي .. و بهذا تكونين أنت من تقدم لخطبتي !!.. يبدو أنني خذلتك حين نسيت أمر الخاتم !!..
بغرورها ذاته قالت : لكن الأمور جرت في صالحي .. و الآن لديك خياران .. إما الزواج بي و العودة إلى عالم النبلاء السعيد .. أو العيش حياة كئيبة في الشارع ..!
أردت أن أصرخ بها رافضاً لكن فجأة ظهرت صورة ريكايل في ذهني .. إنه الآن طريح الفراش في المشفى .. و ذلك ما جعلني أفكر في قبول عرضهم مهما كان ..!
هل اتزوج بروز ؟!..
لا تجب الآن يا لينك .. يجب ان تحصل على الوقت الكافي للتفكير ..!
حاولت كتم غيضي و أنا أقول : إذاً بما أنك لعبتي دوري و تقدمتي لخطبتي فها أنا الآن سألعب دورك و أسألك .. أيمكنك منحي وقتاً لأفكر بالأمر ؟!.. تعلمين أنه أمر حاسم بيد أني لا أحبك أصلاً لكن الظروف أجبرتني ..!
- لا عليك عزيزي .. ستحبني مع مرور الوقت فلا أحد يمكنه مقاومة سحري ..! حسناً لا بأس .. سأنتظر إجابتك حتى ظهيرة ما بعد غد ..!
- أيمكن أن أسألك ؟!.. لما أنا دون غيري ؟!.. رغم أن شركتي أفلست ؟!..
- لأنك الأكثر وسامة .. و لأنك تعجبني .. و الأهم من ذلك ..!
صمتت للحظات ثم تابعت بمكر : ربما من المثير أن أكون السيدة مارسنلي ..!
قطبت حاجبي حينها : و لما ؟!.. لما مارسنلي ؟!..
بذات نبرتها قالت : أنت لا تعلم يا مارسنلي كم هو مميز لقب عائلتكم ..! و أيضاً لا تعلم كيف كانت والدتك في عيون نساء هذا المجتمع ..! بمجرد ذكر اسم السيدة مارسنلي يتخيل الجميع الملكة التي تعتلي العرش ..! لذا ذلك الاسم يقدر بملاين يا عزيزي .. و لو فكرت في الموضوع على مهلك لتمنيت لو كنت فتاة كي ترث ذلك اللقب ..!
سحقاً لها مئة مرة !!..
كيف لحقيرة مثلها أن ترث مكان أمي إلينا ؟!!..
أمسكت أعصابي حتى لا أتهور و أرفض عرضهم هذا : كلامك مثير للغاية ..! سأفكر في الأمر و أرد عليك .. إلى ذلك الحين لا تتصلي بي ..!
- كما تريد .. و الآن وداعاً .. أتمنى أن أسمع أخبار جيدة منك قريباً ..!
أغلقت الخط دون توديعها و أنا أحاول ضبط أنفاسي و قد بدأت أسمع صوت نبضات قلبي تنبض بعنف و تمرد ..!
هنا هتفت ليديا فوراً : لينك يجب أن ترفض .. لا يمكن أن تقبل بعرضهم السخيف هذا ..!
صمت للحظات و بلا شعور تمتمت : لما ؟!..
استعت عينا ليديا حينها : وهل يحتاج الأمر لسؤال ؟!!.. أنت بالتأكيد لن تقبل بالزواج من تلك المجنونة روز !!..
التفت ناحيتها حينها : أخبرتك مسبقاً بأني مضطر لقبول عرضهم مهما كان ..!
وقفت حينها مصدومة : تتزوج بروز ؟!!.. أجننت ؟!.. و ميشيل ؟!..
طأطأت رأسي حينها بتعب : لا أعلم ..!
- ما الذي لا تعلمه ؟!.. أنت تحب ميشيل يا لينك .. لا يمكنك أن تتخلى عنها الآن بعد أن صرتما على علاقة جيدة ..!
صرخت حينها بلا شعور : و ماذا سيحدث لو تركت ميشيل و تزوجت روز ؟!.. هل ستنتهي الدنيا ؟!.. أطلاقاً بل إن ذلك أفضل لي و لرايل و الجميع ..!
بغضب قالت : لا بالتأكيد فقدت عقلك ؟!.. أتعتقد أن ريك سيكون سعيداً بما تفكره في الآن ؟!..
- لا يهم أن يكون سعيداً .. المهم أن يكون بخير ..! سيفهم الأمر مع مرور الوقت ..!
- أأنت جاد ؟!.. أتنوي حقاً فعلها ؟!..
ترددت للحظات ثم قلت : أجل .. الزواج من روز سينقذني من هذه الحياة ..!
قطبت حاجبيها غاضبة : أتعني أن كل ما يهمك هو أنك ستعود إلى حياة النبل إن تزوجت تلك الخبيثة ؟!..
أوشحت بوجهي بعيداً عنها : ليديا لن تفهمي هذا .. عشت يومين فقط دون خدم و أكاد أجن .. حين أفكر بأني مضطر للعيش بعيداً عن رافالي أكاد أجن .. إنهم أسرتي يا ليديا .. كل ما بقي لي من أمي إلينا ..!
- و من أجبرك على الابتعاد عنهم ؟!.. يمكنك أخبارهم بالحقيقة و زيارتهم دائماً .. إن كانوا يحبونك فسيقبلون بك سواء كنت لينك مارسنلي أو لينك براون ..! لذا لا تختلق أعذار واهية ..!
- تعتقدين أنها واهية ؟!.. اما أنا فلا أعتقد ذلك .. ليديا أنا عشت طيلة حياتي في دلال لم يعشه شخص مثلي .. بهذا الانقلاب سأفقد عقلي قريباً ..! أتعتقدين أن مجتمع النبلاء سيقبل بي باسم لينك براون ؟!.. لا .. و حتى لينك مارسنلي لم يعد ذا أهمية بلا ثروة !!.. الطريقة الوحيدة للعودة لحياتي هي بعودة ثروتي و اسم مارسنلي و ذلك سيكون بزواجي من وريثة دايفيرو ..!
بدا الاستياء واضحاً عليها : أنت فقدت عقلك و أنتهى الأمر بما أن هذا تفكيرك !!.. هل ستخون ميشيل من أجل المال ؟!..
بغضب صرخت : لا تقولي بأني سأخونها .. أنا لا أعلم أصلاً إن كانت ميشيل تحبني أم أنها تحترمي كصديق .. لم يحدث بيننا شيء يجعل التخلي عنها خيانة ..!
دمعت عيناها حينها و احمر وجهها : كيف تقول هذا ؟!.. كيف تفكر بجرح ميشيل هكذا ؟!.. لا يمكنك لينك أرجوك قل إنك تمزح ..! صدقني أنت ستتخطى هذه العقبة و تعتاد على الأمر .. ستتمكن من العيش مع ريكايل بسعادة و لكن دون أن تتزوج من روزا ..!
صرخت بها حينها : ألن تتوقفي عن هذا ليديا .. ميشيل ستفهم الأمر قريباً .. إن لم أتزوج من روز فستدمر حياتي و حياة أخي .. لذا لا يمكنني رفض عرضهم ..!
بكت حينها حقاً وهي تقول : و ماذا عن مشاعرك تجاه ميشيل ؟!.. ماذا عن الوعد الذي قطعته لي بأن تحارب من أجلها .. هل ستخلف وعدك الآن ؟!!..
كان قلبي ينبض بعنف أكبر كل ثانية .. لكن عقلي يحاول المكابرة أكثر .. أخذت نفساً عميقاً حينها : سأشرح الأمر لميشيل و ستفهمه .. سأتزوج من روز حتى أتمكن من الاهتمام بريك أكثر ..! إن بقيت بهذه الحال فسيكون على ريكايل العمل و ذلك سيجعل صحته تسوء ..! أنت رأيت بعينيك كيف فقد الوعي فجأة حين كنا في متحف الشمع ..! قد لا تعلمين أن ذلك لا شيء مما يعانيه ..!
صرخت حينها و قد أمسكت بأعلى قميصي بعنف بيديها : و سيعاني أكثر إن لم تتوقف عن هذا !!.. كيف تريد منه أن يعيش معك بسلام حين يعلم أنك كسرت قلب أخته الصغرى مقابل ذلك ؟!!.. أنت لا تفهم ريكايل حتى الآن !!.. رغم أنك أخوه التوأم لكنك لا تستطيع فهم ما في داخله !!.. أنا واثقة أنه سيكون أسعد بالعيش معك حياة بسيطة و هادئة فلا تفسد كل ذلك بطيشك ..!
أمسكت يديها حينها و صرخت : ليديا لا تتدخلي في هذا !!.. إن كنت ستساعدينني في قراري أهلاً و سهلاً و إلا ابتعدي عني ولا تتدخلي في شؤوني ..!
- لينك أرجوك .. أني أرجوك لا تتزوجها ..! لا تفعل هذا ..!
- لما كل هذا الرفض للفكرة ؟!.. هل تحبينني مثلاً و تخشين أن أذهب لغيرك ..!


لا أعلم كيف نطقت بكلماتي الأخيرة لكن ليديا حينها هتفت بنبرة باكية : أجل أحبك .. أحبك و أحب ريكايل و ميشيل و جوليا و الجميع .. لذا لا أريد منك أن تقع في خطأ قد يفقدكم كلكم السعادة !!.. ربما لا تعلم ما أشعر به .. لكني أحبكم أكثر مما تتخيلونه .. بل إن أسعد لحظاتي هو حين أكون معكم ..! أرجوك لينك لا تفسد هذا بقرار خاسر ..!
صدمني كلامها بالفعل .. لذا أبعدت نظري عنها و قلت بهدوء : قراري هذا هو الأفضل للجميع .. ليديا أرجوك أفهمي هذا ..!
تركتني حينها و بغضب قالت رغم دموعها : لقد تبرأ الجنون منك .. سأتركك الآن لتفكر في عواقب ما ستقدم عليه و تأكد أني سأمنعك إن قررت الاستمرار فيما ستفعله ..! و تذكر .. قرارك هذا سيدمر الجميع و أولهم قلبك !!..
سارت بعدها مبتعدة عني و قد كانت الدموع تسيل على وجنيتها بسلاسة .. و اختفت من أمامي ..!
عدت للجلوس على ذلك الكرسي بتعب و امسكت برأسي حينها و اسندت مرفقي إلى ركبتي و أنا أتمتم : أي مصيبة هذه .. رأسي سينفجر ..!
وقفت حينها و بدأت أسير حتى خرجت من تلك الحديقة ..!
رفعت القبعة المتصلة بالمعطف على رأسي و أغلقت أزراره كلها .. أشعر بالبرد ..!
لا .. ذلك البرد في داخلي .. يسري في عظامي .. يحيط بقلبي ..!
أهو الجمود الذي أشعر به ؟!.. أم برودة المشاعر التي أصابتني فجأة ؟!..
يبدو أن عقلي تمكن و بجدارة من إسكات قلبي و محاولاته الفاشلة بإقناعي أنني أحب ميشيل إلى حد كافي لرفض عرض روز كما يجب تسميته ..!
حتى أني بدأت أنسى كلمات ليديا و محاولاتها لإقناعي منذ قليل ..!
تنهدت حينها فخرج ذلك البخار من بين شفتي .. الجو بارد للغاية ..!
كنت أسير بلا شعور .. لا أعلم إلى أين تقودني قدماي .. لكني أشعر بأنه مكان أعرفه ..!
بعد السير المتواصل لنصف ساعة من التفكير .. و صلت إلى ذلك المكان .. حديقة برج إيفل .. لطالما قضيت أوقاتاً كثيرة فيها ..! بل إنها تحتوي على جزء كبير من ذكرياتي ..!
و أهم شيء هو أنها المكان الذي كنت اجتمع بأصدقائي فيه دوماً ..!
طأطأت رأسي أكثر و بدأت بالتجول فيها .. أعلم أنه لو رآني أحد من طلاب مدرستي اللذين انتشروا هنا و هناك ستكون مشكلة كبيرة ..!
أجل .. لقد رأيت الكثير منهم .. لا أحفظ الأسماء لكنهم كثر هنا و قد عرفتهم بأشكالهم فقط ..!
لكن .. أحدهم لفت انتباهي .. كان شاباً في مثل سني .. شخص أبغضه بشكل لا يصدق .. بالتأكيد عرفتموه .. تيموثي برايان !!..
كان يتجول مع أحدى الفتيات من مدرستنا .. اهو موعد ؟!.. ربما ..!
هه .. و هو من كان يقول بأني لعوب .. لم يرى نفسه قبل أن يراني ..!
رغم أنه يحب ليديا إلا أنه يتجول مع فتاة أخرى ..!
أصمت لينك .. لست أفضل منه ..!
أنت تحب ميشيل و تريد الزواج بروز .. أي تناقض هذا الذي في داخلك ..!
عاد قلبي للنبض بشكل أقوى و كأنه شعر بأني لازلت أحب ميشيل و يريد تحفيزي على هذا ..!
لكن تلك الضحكة أسكتته مجدداً ..!
كان تيموثي الذي مر بقربي دون أن ينتبه لي يضحك مع تلك الفتاة ..!
سحقاً !!.. أي يوم هذا الذي أكون فيه مشرداً و مهموماً بينما تيموثي يضحك سعيداً و لا يحمل في قلبه مثقال ذرة من هم ..!
اجتاحني الغضب حينها و بدأ شيطاني الذي كان في اجازة طويلة الفترة الماضية بعمله ..!
أي خطة شيطانية ستجعله يغضب و أنا أضحك ؟!..
لم تمر سوى لحظة واحدة و ارتسمت على شفتي ابتسامة شيطانية .. أجل ها هي الخطة ..!
أخذت أنظر حولي للحظات .. أبحث عن ذلك الشيء الذي سيساعدني في تنفيذها ..!
إنه هناك .. يلعب بالثلج ..!
سرت بخطوات هادئة ناحية ذلك الشيء .. و حين وصلت إليه جثيت بقربة : مرحباً ..!
رفع رأسه إلي و نظر باستغراب : ماذا تريد ؟!..
كان طفلاً في الخامسة .. و هو المطلوب ..!
- أريد منك خدمة .. أتساعدني ؟!..
- في ماذا ؟!..
أشرت ناحية ذلك البغيض : أترى ذلك الشاب هناك ؟!..
أومأ إيجاباً بعد أن ألقى نظرة .. فاقتربت و همست له ببضع كلمات ..!
و حين ابتعدت بدا عليه الاستياء : لكن هذا تصرف سيء .. و أخشى أن يغضب مني و يضربني ..!
أومأت سلباً بابتسامة : لا عليك .. إنه بطيء و ان هربت فلن يمسكك .. و إن أمسك بك فأخبره بأن مايكل طلب منك ذلك .. إنه صديقي و أريد أن أمزح معه ..!
لم يبدو مقتنعاً فتنهدت بانزعاج و أخرجت محفظتي .. أعطيته بضع قطع نقدية و قلت : يمكنك شراء الحلوى بهذه ..!
ابتسم حينها وقال : حاضر ..!
- إذاً هيا ..!
وقف حينها و راح يجري ناحية تيموثي فوقفت أنا و على وجهي ابتسامة شيطان خبيث ..!
بقيت أراقب ذلك الطفل الذي وقف قرب تيموثي و بدأ فجأة يرميه بكرات من الثلج ..!
بينما تفاجأ ذلك الآخر و التفت غاضباً إلا أن إحدى الكرات اصطدمت بوجهه !!..
استمر ذلك الصغير برمي الكرات و تيموثي يحاول أن يتفاداها و يصرخ بغضب بينما هربت الفتاة بعيداً عنهما حتى لا تصيبها إحدى تلك الرميات القانصة ..!
ركض الصغير هارباً فلحق به الأحمق المغفل لكنه بعد لحظة انزلق و سقط على وجهه مما مكن الصغير من الهرب بعيداً ..!
بينما اجتاحتني حينها حالة ضحك عنيف متواصل .. أخذت أضحك بشكل هستيري حتى أني امسكت ببطني و بدأت عيناي بذرف الدموع ..!
لقد كان المشهد أروع مما تمنيت بكثير .. بل إن ذلك الطفل فاق توقعاتي !!..
جثيت أرضاً فقدماي لم تعودا تحملانني من شدة الضحك ..!
لكنه لم يستمر سوى لحظات حتى بدأ صوتي ينخفض و بدأت ابتسامتي تختفي تماماً ..!
و ماذا بعد هذا ؟!!..
سقط تيموثي أرضاً و رماه طفل بالثلج .. و سيذهب بعدها لمنزله كي يأخذ حماماً دافئاً و يرتدي أفخر ملابسه ثم يتابع حياته بسلام ..!
أما أنا .. فسأضحك للحظات ثم ستعود التعاسة لتعشعش في صدري و تطبق عليه ..!
أغمضت عيني بقوة حينها .. لا فائدة .. مهما حاولت أن أكون سعيداً فكل شيء سيغلق في وجهي ..!
أي جحيم هذا الذي أعيشه ؟!!..
لما أشعر بألم خانق ؟!!.. لما أنا غاضب بهذه الطريقة ؟!..
وقفت حينها و قررت أن أعود لشقة خالتي الصغيرة و آخذ قسطاً من النوم علني أرتاح قليلاً .. لقد تعبت من كل ما يحيط بي ..!
سرت بخطوات بطيئة ناحية المخرج كي استقل سيارة أجرة تقلني إلى الشقة ..!
..................................
وقفت أمام باب شقة خالتي .. و ضغطت على الجرس ..!
لم تمر سوى لحظات حتى فتحت لي الباب و على وجهها نظرات متعجبة ..!
دخلت حينها دون أن أقول شيئاً و تجاوزتها فقالت باستغراب : أين ريكايل ؟!..
ببرود قلت : أخبرتك مسبقاً أنه سيخرج في المساء ؟!..
- هل استيقظ ؟!..
- لا أعلم .. فأنا لم أكن عنده ..!
- ماذا ؟!!!..
صرخت بكلمتها الأخيرة مصدومة لكنها لم تلبث أن صفقت بالباب ثم التفت نحوي و هي تقول بغضب : و لما لم تكن عنده ؟!!.. ألم يكن يجدر بك أن تهتم به ؟!..
بذات برودي قلت دون أن ألتفت ناحيتها : قال الطبيب أنه سيكون بخير فلما أبقى عنده بينما هو نائم ؟!!..
سارت ناحيتي و وقفت أمامي و هي تقول بذات غضبها و استيائها : لقد طلبت مني أن لا آتي فلم أفعل ظناً مني أنك ستكون معه و تهتم به .. لكنك لم تكن على قدر كافي من المسؤولية !!.. ماذا لو حدث له شيء مفاجئ مثلاً ؟!!..
نظرت ناحيتها بشراسة و حاولت أن أضبط أعصابي : لا تصرخي في وجهي فأنا لا أحب أن يفعل أحدهم ذلك ..!
- بل سأفعل .. إن كنت عديم مسؤولية في نفسك فهذا شأنك وحدك .. لكن إن كان الأمر متعلقاً بأخيك فأنا لن أسمح لك بتجاوز حدودك !!.. لو كنت أعلم أنك لن تبقى معه لذهبت أنا لكني كنت أعتمد عليك في العناية به ..!
- ألن تتوقفي عن هذا ؟!!.. أنا متعب و أريد أن أنام ..!
صرخت حينها و هي تقول : متعب ؟!!.. حقاً ؟!.. و ما الذي فعلته حتى تكون متعباً ؟!.. إن كنت متعباً و أنت لم تفعل شيئاً فماذا ستفعل حين تعيش مع ريك وحدكما و تبدأ بالقيام بأعمال كثيرة ؟!.. أم أنك ستترك كل شيء على ذلك المسكين ؟!..
صرخت حينها بغضب : توقفي عن هذا !!!.. لست مجبراً لأستمع لمحاضراتك الآن فأنا في مزاج سيء لذا الأفضل أن تغربي عن وجهي !!..
بدت مصدومة للحظات لكنها لم تلبث أن قالت باستياء مكتوم : يا لك من مدلل قليل التهذيب !!..
أردت أن أتخلص منها بأي طريقة لذا قلت : أجل أنا مدلل و قليل تهذيب .. و لم أعتد أن يصرخ أحد في وجهي أو يوجهني لما أفعل .. و لست على قدر كافي من تحمل المسؤولية .. لذا ابتعدي عن طريقي الآن و إلا فإني سأرميك بكلمات لن تتمني سماعها مطلقاً !!..
بدا أن صدمتها تضاعفت مما جعلها ترفع يدها بغضب في نية لصفعي لكني أمسكت ذراعها بقوة و أنا أضغط على كلماتي : لا أحد يتجرأ على صفع السيد مارسنلي .. حتى أنت يا ميراي ..!
بذات غضبها صرخت : كف عن التصرف كلينك مارسنلي !!... أنت أبن إيان و نيكول براون .. لذا عليك أن تحمل أسمهما ..!
تركت يدها و اتجهت لغرفتي و أنا أقول ببرود : أفضل أن أكون ابن جاستن و إلينا مارسنلي !!..
بدا أن الصدمة أخرستها تماماً و أنا لا ألومها .. فهي للمرة الأولى ترا شخصيتي الشيطانية المستبدة !!..
دخلت إلى الغرفة المظلمة حينها و أغلقت الباب خلفي بهدوء ..!
رميت بنفسي على الفراش الموجود أرضاً دون أن أخلع حذائي حتى .. و لحظتها شعرت كم الأرض قاسية و كم كان سريري السابق مريحاً ..!
أغمضت عيني حينها و أنا أشعر بأن ألمي تضاعف ..!
لا أعلم بما تشعر الخالة ميراي الآن .. لكني واثق تماماً أنها مصدومة و تحاول تكذيب ما رأته و سمعته مني قبل قليل !!..
............................................... أشعر بأن عظامي محطمة .. و كأن أحدهم ضربني بالمطرقة في أنحاء من جسدي ..!
ذراعي خادرة كذلك .. أشعر بالبرد أيضاً ..!
فتحت عيني بصعوبة فلم أرى غير الظلام .. كم الساعة الآن يا ترى ؟!.. يبدو أننا في المساء ..!
رفعت جسدي بصعوبة عن الأرض .. بنطالي الجينز و معطفي الثقيل و حذائي حرموني لذة النوم ..!
لذا أشعر بأني متعب و أريد أن أرتاح .. لكني لا استطيع فقد نفذ رصيدي من النوم لهذا اليوم ..!
أخرجت هاتفي من جيبي و الذي ساهم أيضاً في إقلاقي فعدا أنه كان يرن من فترة لأخرى فقد كان يؤلمني حين استلقي على الجهة التي هو فيها ..!
نظرت إلى الساعة لأجد أنها العاشرة مساءاً .. هل نمت كل هذا الوقت ؟!!..
كان هناك سبعة مكالمات لم يرد عليها .. آندي .. جوليا .. ليديا .. دايمن .. ماثيو .. أنيتا .. و ميرال ..!
لم أفكر أطلاقاً في سبب أتصال رافالي و ماثيو لأني أعلم مسبقاً ..!
ربما أتصلت جوليا و انيتا كي تخبراني بأن رايل خرج من المشفى فقد تجاوزت الساعة السابعة ..!
أما ليديا فلاشك أنها تريد أن ترى ماذا قررت في مصيبتي الجديدة ..!
تنهدت بتعب و وقفت في الحال ..!
خلعت حذائي و معطفي و خرجت من الغرفة ..!
في الردهة و على طاولة الطعام التي يحيط بها أربعة مقاعد كانت خالتي تجلس على جهة و في يدها مجلة تتصفحها بينما ريك يجلس مقابلاً لها يعبث بهاتفه ..!
تقدمت ببرود و جلست بجوار ريكايل : كيف حالك ؟!..
دون أن ينظر إلي : بخير .. لم يكن الأمر بتلك الخطورة ..!
لم أعلق بل بانزعاج قلت : لما لم يوقظني أحد ؟!..
نظرت إلي خالتي ببرود و قالت بنوع من السخرية : خفت أن تقوم بضربي لأني أيقظت السيد مارسنلي من نومته الهنية ..!
نظرت إلى جهة أخرى و لم أعلق .. بينما قالت هي بهدوء و هي تعود للنظر في مجلتها : هناك بعض الشطائر في المطبخ .. تناول بعضها فأنت لم تأكل شيئاً اليوم ..!
كنت بالفعل لم أذق شيئاً منذ تناولت الإفطار في الصباح الباكر ..!
لكني لا أشعر برغبة في تناول أي شيء لذا قلت بهدوء : ألديك حبوب منومة ؟!..
نظرت إلي باستنكار : لقد استيقظت منذ قليل !!..
- لكني لا زلت أريد أن أنام .. فأنا أشعر أن جسدي مرهق ..!
- ليس لدي شيء منها .. إن أردت فانزل إلى الصيدلية القريبة و اشتري ما تريد ..!
قبل أن أقول شيئاً رأيت ذلك الكرت الذي تمركز أمامي و هو مليء بالأقراص ..!
نظرت إلى يساري حيث قال ريكايل ببرود دون أن ينظر إلي : إنها حبوب مسكنة و الشعور بالنعاس من آثارها الجانبية .. أعتقد أنها تفي بالغرض ..!
رفعت أحد حاجبي و أنا أفكر في أن أخي هذا عبارة عن صيدلية متحركة تسير على قدمين ..!
وقفت خالتي حينها : لا تأكلها على جوع .. أنتظر حتى أحضر لك ما تأكله ..!
رغم أنها تعرض خدماتها علي إلا أنها تبدو غاضبة من الداخل ..!
أجل فأنا لم أعتذر منها .. و لا أعتقد أني سأعتذر قريباً فشيطاني لم يهدأ بعد ..!
- هل أغضبتها ؟!..
التفت ناحية رايل الذي كان ينظر إلي بهدوء و يتساءل ..!
و ببرود قلت : شيء من هذا القبيل ..!
- الأفضل أن تعتذر منها ..!
- سأفعل فيما بعد .. فأنا لا أشعر برغبة في الاعتذار لأحد الآن ..!
وقفت حينها و أخذت قرصاً صغيراً من ذلك الكرت و رميته في فمي : أخبرها بأني لا أشعر برغبة في الأكل ..!
عدت أدراجي إلى الغرفة و بدلت ملابسي على عجل قبل أن يسيطر النوم علي ..!
استلقيت على فراشي و تغطيت حتى أعلى رأسي .. و ماهي سوى لحظات حتى غرقت في نوم عميق ..!
.................................................. ....
فتحت عيني مجدداً .. لقد انتهى مفعول تلك الحبة ..!
على عكس المرة الماضية كان هناك بعض النور داخل الغرفة متسللاً من بين الستائر .. واضح أنه الصباح ..!
نظرت إلى يميني لأجد رايل نائماً في فراشة و معيراً إياي ظهره ..!
أما أنا فقد تركت فراشي و اتجهت لدورة المياه بعد أن أخذت بعض الملابس ..!
أخذت حماماً دافئاً سريعاً ثم ارتديت بنطال أسود مع كنزة صوفية ترابية و ارتديت معها معطفي الجلدي الذي يملك ذات لون البنطال ..!
ارتديت حذائي الرياضي الأسود كذلك و خرجت من الغرفة بعد أن رتبت شعري ..!
كانت أضواء الشقة مغلقه .. يبدو أن خالتي لا تزال نائمة .. أردت أن أعتذر منها على الأقل لكن لا بأس ..!
سأخرج الآن و اعتذر منها حين أعود ..!
و بالفعل خرجت من تلك الشقة بل من العمارة بأسرها و بدأت أجول الشوارع بلا كلل أو ملل ..!
الساعة كانت تشير إلى السابعة صباحاً .. و اليوم هو الأول في الأسبوع لذا معظم الطلاب في مدارسهم ..!
دخلت إلى أحد المطاعم الصغيرة فأنا أشعر بالجوع ..!
جلست على طاولة و نظرت إلى قامة الطعام .. و للمرة الأولى كنت أنظر إلى سعر الوجبة قبل أن أطلبها فهذا بات أمراً مهماً كي لا أبذر مالي ..!
لم يكن المطعم فاخراً لذا كانت أسعاره جيدة لمن هم في حالتي التعيسة و بهذا طلبت لي طبقاً من السجق المقلي مع كوب شاي ..!
أنهيت تناول طعامي بعد عشر دقائق و قررت أن أتجول قليلاً علي أرفه عن نفسي ..!
..........................................
بقيت طيلة الصباح أجول الشوارع بلا هدف .. كنت أجلس على أي مقعد يصادفني و أفكر لوقت ثم أقف و أعود للسير مجدداً ..!
فئة قليلة من الناس كانوا ينظرون إلي و يتهامسون ..!
ربما أشبه وريث مارسنلي الذي ظهر في الصحف هذه الأيام ..!
لكني كنت أتجاهل كل هذا ..!
لم أعلم ماذا أفعل الآن ؟!..
هل علي أن أتزوج بروزاليندا دايفيرو حقاً ؟!..
أجل !!.. علي أن أفعل هذا حتى تعود المياه لمجراها !!..
و ميشيل ؟!!.. أنا أحبها !!.. قلبي متعلق بها و يرفض سواها ..!
لكني لا أملك حلاً !!.. عقلي يرفض !!..
أنا الآن مخير بين الاستماع لعقلي و الاستماع لقلبي ..!
أشعر أن أمامي ميزان ..!
في إحدى كفتيه .. صحة ريكايل .. ثروة مارسنلي .. قصري الذي تربيت في أركانه منذ طفولتي .. عودتي لحياتي السابقة المريحة .. جاستن و إلينا ..!
و في الكفة الأخرى .. ميشيل فقط !!!..
أي كفة سترجح يا ترى ؟!!..
أحتاج إلى شخص يرشدني لهذا !!..
شخص أثق أن قراره سيكون الصائب !!..
لأني لا استطيع أن أقرر هذا وحدي فأنا متردد بين خيارين أحلاهما مر !!..
لذا ذلك الشخص سيحسم الأمر و يحدد مصيري و لن يكون سوى شخص واحد ..!
ميشيل ذاتها !!!..
..................................................
لقد مضى الوقت في ذلك اليوم بسرعة .. فحين عدت للشقة رننت الجرس فلم يجبني أحد مما دعاني لأن أبحث عن المفتاح و بالفعل كان تحت إناء الزهور قرب الباب .. يبدو أن لا أحد في الداخل ..!
دخلت و و جدت رسالة على طاولة تقول " سنخرج لجلب حاجيات المنزل و سنمر بأحد المراكز التجارية .. إن أدرت المجيء فاتصل بنا " ..!
لقد تركت هاتفي في الغرفة كي ارتاح من ضجيجه لذا لم يكن لهم سوى ترك هذه الرسالة ..!
كانت الساعة تشير إلى الثالثة ما بعد الظهر ..!
اتجهت إلى الغرفة و أخذت هاتفي ثم عدت أدراجي إلى غرفة الجلوس و فتحت التلفاز ..!
كانت هناك خمسة عشر مكالمة لم يرد عليها .. لم أنظر إلى الأسماء لأني أعلم أنهم رافالي مجدداً ..!
لكني اتجهت إلى القائمة و ضغطت على اسم جوليا ..!
بعد لحظات أجابتني : مرحباً ..!
- أهلاً لينك ..!
- كيف حالك جوليا ؟!..
- بخير .. و أنت ؟!..
- بخير ..! هل ميشيل عندك ؟!..
- لا .. لقد ذهبت لعملها الآن ..!
- متى ستعود ؟!..
- في الثامنة ..!
- أريد أن ألتقيها بعد انتهاء دوامها إن كان هذا ممكناً .. حوالي الثامنة و النصف ..!
- لا بأس .. سأخبرها بهذا ..!
- في الحديقة المقابلة للمقهى الذي كانت تعمل به ..!
- حسناً .. أعتقد أنها ستأتي إليك ..!
- شكراً جوليا .. وداعاً ..!
- إلى اللقاء ..!
أغلقت الخط بعد تلك المكالمة القصيرة ..!
لا أعلم لما اخترت تلك الحديقة بالذات ؟!.. لكنها تذكرني بذلك اليوم الذي كنت فيه في مقابلة زواج مع ليديا و التقيت بميشيل و حلت كارثة عظيمة ..! أشعر أن شيئاً كهذا سيتكرر اليوم ..!
حاولت طرد الأمر من رأسي و نظرت إلى التلفاز .. بقيت أبدل بين المحطات علي أجد فلماً ما أتابعه كما أفعل كلما كنت متفرغاً ..!
..................................... أشعر بأن عظامي محطمة .. و كأن أحدهم ضربني بالمطرقة في أنحاء من جسدي ..!
ذراعي خادرة كذلك .. أشعر بالبرد أيضاً ..!
فتحت عيني بصعوبة فلم أرى غير الظلام .. كم الساعة الآن يا ترى ؟!.. يبدو أننا في المساء ..!
رفعت جسدي بصعوبة عن الأرض .. بنطالي الجينز و معطفي الثقيل و حذائي حرموني لذة النوم ..!
لذا أشعر بأني متعب و أريد أن أرتاح .. لكني لا استطيع فقد نفذ رصيدي من النوم لهذا اليوم ..!
أخرجت هاتفي من جيبي و الذي ساهم أيضاً في إقلاقي فعدا أنه كان يرن من فترة لأخرى فقد كان يؤلمني حين استلقي على الجهة التي هو فيها ..!
نظرت إلى الساعة لأجد أنها العاشرة مساءاً .. هل نمت كل هذا الوقت ؟!!..
كان هناك سبعة مكالمات لم يرد عليها .. آندي .. جوليا .. ليديا .. دايمن .. ماثيو .. أنيتا .. و ميرال ..!
لم أفكر أطلاقاً في سبب أتصال رافالي و ماثيو لأني أعلم مسبقاً ..!
ربما أتصلت جوليا و انيتا كي تخبراني بأن رايل خرج من المشفى فقد تجاوزت الساعة السابعة ..!
أما ليديا فلاشك أنها تريد أن ترى ماذا قررت في مصيبتي الجديدة ..!
تنهدت بتعب و وقفت في الحال ..!
خلعت حذائي و معطفي و خرجت من الغرفة ..!
في الردهة و على طاولة الطعام التي يحيط بها أربعة مقاعد كانت خالتي تجلس على جهة و في يدها مجلة تتصفحها بينما ريك يجلس مقابلاً لها يعبث بهاتفه ..!
تقدمت ببرود و جلست بجوار ريكايل : كيف حالك ؟!..
دون أن ينظر إلي : بخير .. لم يكن الأمر بتلك الخطورة ..!
لم أعلق بل بانزعاج قلت : لما لم يوقظني أحد ؟!..
نظرت إلي خالتي ببرود و قالت بنوع من السخرية : خفت أن تقوم بضربي لأني أيقظت السيد مارسنلي من نومته الهنية ..!
نظرت إلى جهة أخرى و لم أعلق .. بينما قالت هي بهدوء و هي تعود للنظر في مجلتها : هناك بعض الشطائر في المطبخ .. تناول بعضها فأنت لم تأكل شيئاً اليوم ..!
كنت بالفعل لم أذق شيئاً منذ تناولت الإفطار في الصباح الباكر ..!
لكني لا أشعر برغبة في تناول أي شيء لذا قلت بهدوء : ألديك حبوب منومة ؟!..
نظرت إلي باستنكار : لقد استيقظت منذ قليل !!..
- لكني لا زلت أريد أن أنام .. فأنا أشعر أن جسدي مرهق ..!
- ليس لدي شيء منها .. إن أردت فانزل إلى الصيدلية القريبة و اشتري ما تريد ..!
قبل أن أقول شيئاً رأيت ذلك الكرت الذي تمركز أمامي و هو مليء بالأقراص ..!
نظرت إلى يساري حيث قال ريكايل ببرود دون أن ينظر إلي : إنها حبوب مسكنة و الشعور بالنعاس من آثارها الجانبية .. أعتقد أنها تفي بالغرض ..!
رفعت أحد حاجبي و أنا أفكر في أن أخي هذا عبارة عن صيدلية متحركة تسير على قدمين ..!
وقفت خالتي حينها : لا تأكلها على جوع .. أنتظر حتى أحضر لك ما تأكله ..!
رغم أنها تعرض خدماتها علي إلا أنها تبدو غاضبة من الداخل ..!
أجل فأنا لم أعتذر منها .. و لا أعتقد أني سأعتذر قريباً فشيطاني لم يهدأ بعد ..!
- هل أغضبتها ؟!..
التفت ناحية رايل الذي كان ينظر إلي بهدوء و يتساءل ..!
و ببرود قلت : شيء من هذا القبيل ..!
- الأفضل أن تعتذر منها ..!
- سأفعل فيما بعد .. فأنا لا أشعر برغبة في الاعتذار لأحد الآن ..!
وقفت حينها و أخذت قرصاً صغيراً من ذلك الكرت و رميته في فمي : أخبرها بأني لا أشعر برغبة في الأكل ..!
عدت أدراجي إلى الغرفة و بدلت ملابسي على عجل قبل أن يسيطر النوم علي ..!
استلقيت على فراشي و تغطيت حتى أعلى رأسي .. و ماهي سوى لحظات حتى غرقت في نوم عميق ..!
.................................................. ....
فتحت عيني مجدداً .. لقد انتهى مفعول تلك الحبة ..!
على عكس المرة الماضية كان هناك بعض النور داخل الغرفة متسللاً من بين الستائر .. واضح أنه الصباح ..!
نظرت إلى يميني لأجد رايل نائماً في فراشة و معيراً إياي ظهره ..!
أما أنا فقد تركت فراشي و اتجهت لدورة المياه بعد أن أخذت بعض الملابس ..!
أخذت حماماً دافئاً سريعاً ثم ارتديت بنطال أسود مع كنزة صوفية ترابية و ارتديت معها معطفي الجلدي الذي يملك ذات لون البنطال ..!
ارتديت حذائي الرياضي الأسود كذلك و خرجت من الغرفة بعد أن رتبت شعري ..!
كانت أضواء الشقة مغلقه .. يبدو أن خالتي لا تزال نائمة .. أردت أن أعتذر منها على الأقل لكن لا بأس ..!
سأخرج الآن و اعتذر منها حين أعود ..!
و بالفعل خرجت من تلك الشقة بل من العمارة بأسرها و بدأت أجول الشوارع بلا كلل أو ملل ..!
الساعة كانت تشير إلى السابعة صباحاً .. و اليوم هو الأول في الأسبوع لذا معظم الطلاب في مدارسهم ..!
دخلت إلى أحد المطاعم الصغيرة فأنا أشعر بالجوع ..!
جلست على طاولة و نظرت إلى قامة الطعام .. و للمرة الأولى كنت أنظر إلى سعر الوجبة قبل أن أطلبها فهذا بات أمراً مهماً كي لا أبذر مالي ..!
لم يكن المطعم فاخراً لذا كانت أسعاره جيدة لمن هم في حالتي التعيسة و بهذا طلبت لي طبقاً من السجق المقلي مع كوب شاي ..!
أنهيت تناول طعامي بعد عشر دقائق و قررت أن أتجول قليلاً علي أرفه عن نفسي ..!
..........................................
بقيت طيلة الصباح أجول الشوارع بلا هدف .. كنت أجلس على أي مقعد يصادفني و أفكر لوقت ثم أقف و أعود للسير مجدداً ..!
فئة قليلة من الناس كانوا ينظرون إلي و يتهامسون ..!
ربما أشبه وريث مارسنلي الذي ظهر في الصحف هذه الأيام ..!
لكني كنت أتجاهل كل هذا ..!
لم أعلم ماذا أفعل الآن ؟!..
هل علي أن أتزوج بروزاليندا دايفيرو حقاً ؟!..
أجل !!.. علي أن أفعل هذا حتى تعود المياه لمجراها !!..
و ميشيل ؟!!.. أنا أحبها !!.. قلبي متعلق بها و يرفض سواها ..!
لكني لا أملك حلاً !!.. عقلي يرفض !!..
أنا الآن مخير بين الاستماع لعقلي و الاستماع لقلبي ..!
أشعر أن أمامي ميزان ..!
في إحدى كفتيه .. صحة ريكايل .. ثروة مارسنلي .. قصري الذي تربيت في أركانه منذ طفولتي .. عودتي لحياتي السابقة المريحة .. جاستن و إلينا ..!
و في الكفة الأخرى .. ميشيل فقط !!!..
أي كفة سترجح يا ترى ؟!!..
أحتاج إلى شخص يرشدني لهذا !!..
شخص أثق أن قراره سيكون الصائب !!..
لأني لا استطيع أن أقرر هذا وحدي فأنا متردد بين خيارين أحلاهما مر !!..
لذا ذلك الشخص سيحسم الأمر و يحدد مصيري و لن يكون سوى شخص واحد ..!
ميشيل ذاتها !!!..
..................................................
لقد مضى الوقت في ذلك اليوم بسرعة .. فحين عدت للشقة رننت الجرس فلم يجبني أحد مما دعاني لأن أبحث عن المفتاح و بالفعل كان تحت إناء الزهور قرب الباب .. يبدو أن لا أحد في الداخل ..!
دخلت و و جدت رسالة على طاولة تقول " سنخرج لجلب حاجيات المنزل و سنمر بأحد المراكز التجارية .. إن أدرت المجيء فاتصل بنا " ..!
لقد تركت هاتفي في الغرفة كي ارتاح من ضجيجه لذا لم يكن لهم سوى ترك هذه الرسالة ..!
كانت الساعة تشير إلى الثالثة ما بعد الظهر ..!
اتجهت إلى الغرفة و أخذت هاتفي ثم عدت أدراجي إلى غرفة الجلوس و فتحت التلفاز ..!
كانت هناك خمسة عشر مكالمة لم يرد عليها .. لم أنظر إلى الأسماء لأني أعلم أنهم رافالي مجدداً ..!
لكني اتجهت إلى القائمة و ضغطت على اسم جوليا ..!
بعد لحظات أجابتني : مرحباً ..!
- أهلاً لينك ..!
- كيف حالك جوليا ؟!..
- بخير .. و أنت ؟!..
- بخير ..! هل ميشيل عندك ؟!..
- لا .. لقد ذهبت لعملها الآن ..!
- متى ستعود ؟!..
- في الثامنة ..!
- أريد أن ألتقيها بعد انتهاء دوامها إن كان هذا ممكناً .. حوالي الثامنة و النصف ..!
- لا بأس .. سأخبرها بهذا ..!
- في الحديقة المقابلة للمقهى الذي كانت تعمل به ..!
- حسناً .. أعتقد أنها ستأتي إليك ..!
- شكراً جوليا .. وداعاً ..!
- إلى اللقاء ..!
أغلقت الخط بعد تلك المكالمة القصيرة ..!
لا أعلم لما اخترت تلك الحديقة بالذات ؟!.. لكنها تذكرني بذلك اليوم الذي كنت فيه في مقابلة زواج مع ليديا و التقيت بميشيل و حلت كارثة عظيمة ..! أشعر أن شيئاً كهذا سيتكرر اليوم ..!
حاولت طرد الأمر من رأسي و نظرت إلى التلفاز .. بقيت أبدل بين المحطات علي أجد فلماً ما أتابعه كما أفعل كلما كنت متفرغاً ..!
..................................... نظرت إلى ساعة الجدار المعلقة هناك لأرى أنها تشير إلى الثامنة ..!
خالتي و رايل لم يعودا بعد .. ولم يبقى شيء على موعدي مع ميشيل ..!
لذا وقفت و أنا أحمل سترتي التي رميتها بجواري .. و اتجهت إلى التلفاز و أغلقته ..!
ليس لدي الكثير من الوقت حتى أصل إلى تلك الحديقة .. و لا أريد أن استقل سيارة أجرة ..!
تركت المفتاح تحت حوض الزهور و غادرت العمارة ..!
كان الثلج كثيفاً فقد هطل اليوم في الصباح و بعد الظهر .. رغم ذلك لم يمنع هذا الناس من الخروج و التجول في الشوارع و متابعة حياتهم ..!
كنت أسير من أمام منازل صغيرة و أرى أهاليها يبعدون الثلج بالمجارف اليدوية من أمام أبوابهم .. لقد كنا نحضر سيارة لجرف الثلج في الشتاء سابقاً .. يبدو أن العاميين لا يفعلون ذلك ..!
تابعت سيري بهدوء و أنا أحضر للكلام الذي سأقوله لميشيل ..!
تذكرت حينها مكالمة روز و كيف كانت مستفزة للغاية !!..
ميشيل ستكون حزينة بالتأكيد لو تركتها من أجل روز .. و أنا لا أريد أن تكون كذلك ..!
لذا ليس لدي سوى خيار واحد .. و هو أن تكرهني ميشيل حتى لا تحزن أو تأسف علي ..!
أظن أن الغضب أفضل من الحزن .. لذا سأتعمد إغضابها لأن ذلك أفضل من إحزانها ..!
لأنني بالفعل لا استحق أن أكون سبباً في حزنها ..!
تنهدت حينها فخرج البخار الدافئ من بين شفتي .. يا له من طقس سيء !!..
لا أحب البرد .. و خاصة حين تنزل الثلوج بكثافة كما يحصل اليوم ..!
و لا استبعد أن تختم اليوم بعاصفة ثلجية فقد قالوا أن هناك احتمالات لوقوعها في نشرة الأرصاد الجوية التي تابعتها اليوم للمرة الأولى في حياتي !!..
الأفضل أن أترك التأمل في الجو و الناس و أسرع في طريقي كي لا أتأخر عن ميشيل ..!
.........................................
تمام الثامنة و النصف .. كنت أجلس على احد مقاعد الحديقة أنظر حولي علي أراها ..!
أرجوا أن تأتي .. و لا أرجوا ذلك ..!
لا أعلم لكن هناك شيء في داخلي يخشى ما سيحدث ..!
لو اتبعت عقلي اليوم .. فأنا سأحدث كارثه ..!
لينك .. عليك أن تكون حازماً .. فالأمر يحدد مصير عدة أشخاص ..!
أكثر ما يقلقني أن شيطاني يحوم حول المكان .. و إن سيطر علي فأنا سأنهي الموضوع بشكل بشع !!..
- ما الذي يشغل بالك هكذا ؟!..
رفعت رأسي حالاً إليها وقد كانت تنظر إلي باستغراب .. لقد وصلت ميشيل !!..
ابتسمت ببلاهة : لا .. لا شيء ..!
جلست بجواري حينها : كيف حالك ؟!..
بهدوء قلت : بخير .. و أنت ؟!..
- بحال جيدة ..! كيف حال ريكايل ؟!..
- إن صحته مستقرة .. لقد خرج منذ الظهيرة للتسوق مع خالتي و لم يعودا بعد ..!
- هذا رائع .. لقد كنت قلقة عليه ..!
لم أقل شيئاً بل بقيت أنظر إلى الأمام بهدوء .. أشعر بالخوف و القلق ..!
بنبرة مستغربة و قلقة : لينك .. أأنت بخير حقاً ؟!..
التفت ناحيتها بهدوء : أجل .. لا !!..
قطبت حاجبيها : أنت لست على طبيعتك .. لما أردت رؤيتي ؟!..
بلا شعور قلت : لا شيء .. اشتقت إليك فقط ..!
انتبهت لكلمتي تلك حينها .. كما انتبهت لوجنتي ميشيل اللتان توردتا و قد أوشحت بوجهها بهدوء ..!
لقد كنت أكرر هذه العبارة دوماً لأمي إلينا .. لذا قلتها بعفوية ..!
لكنها حينها التفتت إلي و قد رفعت أحد حاجبيها : أعلم أن هناك أمراً ما يشغل بالك فأنت مشتت تماماً ..!
تنهدت حينها بتعب و أنا أقول بهدوء : ميشيل .. هل سيكون من الجيد أن تكرهي شخصاً تحبينه ؟!..
باستنكار قالت : بالطبع لن يكون هذا جيداً ..!
فوراً قلت : لما ؟!..
ازداد استغرابها لكنها تنهدت بهدوء و نظرت إلى الأمام : لأني حين أحب شخصاً فإني أثق به .. و لا يجوز لي أن أكرهه من أثق بهم و يثقون بي ..!
- ماذا لو خان ثقتك هذه ؟!..
- حينها يمكن أن أكرهه ..!
- إلى أي حد ؟!!..
- حسب مقدار خيانته ..!
كان كلامها منطقياً .. إذاً فخيانة الثقة هي السبيل لكرهي !!..
بتردد قلت و أنا أنظر إلى مجموعة أطفال يلعبون بالثلج أمامي : ميشيل .. لو واجهت مشكلة و أمامك فيها خياران .. فماذا ستفعلين ؟!..
شعرت بيدها على جبيني فالتفتت حالاً لأرى نظراتها المستغربة الخائفة : ما بك تهذي اليوم ؟!.. حرارتك ليست مرتفعة ..!
ابتسمت نصف ابتسامة وقلت : ليس الأمر كذلك .. لكني أواجه قراراً صعباً .. و علي تجاوزه ..! أمامي خياران أحلاهما مر .. و لا أعلم أيهما سأختار ؟!..
بهدوء وقد ابعدت يدها عن جبيني : و لما أنت محتار إلى هذه الدرجة ؟!..
طأطأت رأسي حينها و بخفوت نطقت : لأني ان اخترت أحدهما فأنا سأضحي بالثاني .. و هذا صعب علي ..!
بنبرة لطيفة و هادئة قالت : و ما الأقرب لنفسك ؟!..
أخذت نفساً عميقاً و أخرجته حينها و قد اسندت ظهري إلى ظهر المقعد و نظرت إلى السماء السوداء الذي بدأ الثلج يتساقط منها بسلاسة : عقلي يرجح أحدهما بشدة .. بينما قلبي يرفض ذلك ..! هذا ما يجعلني في دوامة لا تنتهي ..!
صمتنا حينها .. يبدو أنها لا تجد ما تقوله ..!
كنت أدعوا في قرارات نفسي أن تشير إلي باتباع قلبي .. أتمنى ذلك ..!
لأني و بحق لا أريد التخلي عنها ..!
لكني سأضحي بالكثير هكذا .. و من الأشياء التي سأضحي بها هو ريكايل !!..
أجل .. إن علي الاختيار بين ميشيل و بين ريكايل ..!
إما من أحببت .. و إما أخي التوأم ..!
إنه صعب .. صعب للغاية .. لدرجة أن هذا يخنقني ..!
- عقلك !!..
التفت حالاً لميشيل التي كانت تبتسم لي : ماذا قلتي ؟!..
كنت أريد تكذيب ما سمعته .. ربما قالت قلبك .. أتمنى أن تكون قلبك لكني سمعت العكس ..!
لكنها حطمت أمالي بابتسامتها الهادئة الحانية : عقلك هو من يختار الطريق الصحيح ..! إن للإنسان عقلاً قادراً على تحديد الصواب و الخطأ ..! لذا أنا أثق بأن العقل هو من يحدد المصير ..! أما القلب .. فهو ينجرف خلف المشاعر الجياشة بلا تفكير .. و هذا ما يسبب الكثير من المشاكل ..! ربما من الأفضل أن تختار ما يرجحه عقلك يا لينك .. هذا هو رأيي ..!
شعرت بالألم حينها .. أنت أيتها المسكينة لا تعلمين ما معنى أن أختار ما يريده عقلي ..!
أردت أن أحاول ثنيها عن قرارها لذا قلت بتردد : و لكن .. إن كان ما يريده عقلي سيتسبب في إبعادي عن أشخاص مهمين لي ..!
أخذت تفكر للحظات ثم قالت بذات ابتسامتها : على أولئك الأشخاص تقدير وضعك .. و أن ما اخترته أفضل لك و لهم ..! فقد تندم أشد الندم إن استمعت لقلبك بلا تفكير ..!
طأطأت رأسي عندها ..!
سحقاً لكي يا روزاليندا .. أنت من أجبرتني على هذا ..!
أنت من حطمتي ما بيني و بين من أحب ..!
سحقاً لك مئة مرة !!..
ميشيل .. أنا آسف .. أعذريني على ما سأفعله الآن .. لكن تأكدي أني مضطر .. و عزائي الوحيد أنك بنفسك شجعتني على هذا ..!
لكن هناك مشكلة .. شيطاني هرب بعيداً .. كيف سأتصرف الآن ؟!!..
استطيع أن أمثل دوره .. و لكن هذا يعني أن مشاعري الحقيقية ستكون حاضرة .. على عكس البرود الذي يحيط بي حين يكون هو بنفسه مسيطراً ..!
ليس لي إلا التمثيل .. و لأتحمل ما سيحدث ..!
فكما سأتأذى .. هي ستتأذى أكثر مني ..!
بدأت ..!
ببرود قلت دون أن أنظر إليها : حسناً .. يمكنك الذهاب الآن ..!
التفت ناحيتها بذات برودي فقالت بابتسامة ساخرة : ماذا .. هل مللت مني بهذه السرعة ؟!.. و أنا التي اعتقدت أنك مشتاقاً إلي ..!
وقفت حينها : أجل مللت منك .. سترحلين من أمامي حالاً أم أغادر أنا المكان ..!
قطبت حاجبيها باستياء : يا لك من لئيم .. و أنا التي تركت استذكار امتحاني لآتي لأراك ..!
بذات جمودي قلت : هذا شأنك وحدك .. لم أجبرك على المجيء ..!
وقفت حينها و هي تقول بانزعاج : حقاً .. حسناً لن آتي حين تطلب مني ذلك مرةً أخرى ..!
ابتسمت ابتسامة شيطانية حينها : لن تكون هناك مرة أخرى يا فتاة .. فهذا سيكون اللقاء الأخير بيننا ..!
بدا عليها الهدوء للحظات و كأنها غير مستوعبة و لكنها قالت باستنكار : هل ستهاجر إلى بلاد ما مثلاً ؟!..
استعت تلك الابتسامة الشيطانية : لا .. سأبقى هنا في باريس .. لكني سأكون في مكان لا يمكن لأمثالك الوصول إليه ..!
باستياء صرخت : هيه .. توقف عن التحدث بالألغاز لينك .. أنت ترعبني هكذا ..!
- و هل فهم هذا الكلام يعد لغزاً بالنسبة لك ؟!.. لست أستغرب هذا على فتاة ساذجة مثلك ..!
- أنا ساذجة ؟!!.. إذاً أنت لئيم و مجنون !!.. أي مكان هذا الذي تتحدث عنه ؟!..
بغرور و خبث أضفتهما لابتسامتي قلت : عالم النبلاء يا صغيرة .. عالم الطبقة المخملية حيث لا وجود لأشخاص من طبقتك المنخفضة .. باستثناء بعض الخدم ..!
بدا عليها الصدمة حينها بدأت و تراجعت خطوتين إلى الخلف : ماذا تقول ؟!.. أأنت جاد أم أنك تمزح ..! لا بالتأكيد أنك تمزح ..!
ضحكت بخفة حينها للحظات ثم قلت : يا لك من بسيطة للغاية .. و لما أمزح في أمر كهذا ؟!.. كل ما في الموضوع أني سأعود لمكاني الأصلي .. حيث يجب أن أكون ..!
صرخت حينها منزعجة : لينك هذه فرصتك الأخيرة .. إن لم توقف هذه المزحة فأنا سأخاصمك لشهر ..!
كتمت ضحكتي الساخرة : تخاصمينني لشهر ؟!.. هه .. و من يهتم بهذا ؟!.. هل سينقص مني فلس واحد إن فعلت ذلك ؟!!.. لا بأس عزيزتي .. يمكنك مخاصمتي طيلة الحياة إن أردت ..! فهناك كثيرات غيرك ينتظر إشارة مني ..! معظمهن أجمل منك و أكثر رقياً و أنوثة ..! و الأهم أن جميعهن من تلك الطبقة التي تناسبني ..! إنها دنيا الأغنياء يا فتاة .. و لا تفكري أن شاباً بمقوماتي كان سينظر إليك بجد ..! إطلاقاً .. بل إن هذا ضرب من الخيال ..!
صرخت بغضب حينها : لينك توقف عن هذا فأنا بالفعل لم أعد أحتمل سخافتك هذه !!..
- الأمر متعلق بك .. لكن تأكدي بأني جاد فيما أقول فأنا لا أمزح في مثل هذه الأمور ..!
- اوه حقاً .. تريد مني أن أصدق بأنك كنت تخدعني طيلة الفترة الماضية ..!
- هذا ما حدث فعلاً .. و لك الخيار في تصديقي أو عدم ذلك ..! لكن هذا لن يغير شيئاً من الحقيقة ..! كل ما فعلته لك سابقاً كان فقط لأني أشفق عليك ..!
كانت تنظر إلي مصدومة بلا حراك .. رغم أنه هناك دموعاً تجمعت في عينيها ..!
دست على قلبي و تحاملت على نفسي لأكمل تلك التمثيلية ..!
و قلت بعدها بخبث : هناك فتاة أخرى تحتل قلبي بأكمله .. إنها روزاليندا دايفيرو و هي وريثة أسرتها ..! لاشك أنك تذكرينها ..! إنها تلك الفتاة التي رقصت معي في حفلة المدرسة ..! منذ ذلك الحين و أنا أحبها و لا أرى غيرها ..!
صرخت حينها و قد سالت دموعها : أنت تكذب ..! قل أنك تكذب لينك أرجوك ..!
باستخفاف قلت : و لما أكذب ؟!.. أنا لم أكن لكي أي مشاعر ..! لقد كنت أجاريك من أجل ريكايل فقط ..! لأني لم أرد أن أزعجه فهو يهتم لأمرك كثيراً ..! و لأني أعلم أنك معجبة بي كان علي أن أجاريك فحسب !!.. قد لا تصدقين لكن حتى في المرة الماضية حين اعذرت إليك كان ريك هو من طلب مني أن أذهب لرؤيتك لأن وجودي سيخفف عليك حزنك بسبب فقد أمك ..! و حين أخذتك لقصري في ذلك اليوم كنت أريد فقط تضييع الوقت بانتظار مغادرة ماثيو لمنزلكم ..! لأني لم أرد أن يعرف أن الفتاة التي حضرت معي الحفلة مجرد فقيرة معدمة ..! هذا سيشوه سمعتي !!.. كل ما فعلته لك كان من أجلي و من أجل ريكايل فقط !!..
صمتت للحظات ثم تابعت بخبث أكبر : لكني لم أعد أحتمل ذلك لأن حب روزي صار يتفجر في داخلي !!.. أتظنين أن وريث مارسنلي سيختار نادلة في مطعم على وريثة دايفيرو ؟!.. إنه الجنون بعينه ..!
شهقت حينها و وضعت يدها على فمها كي تكتم بكاءها .. بينما عيناها كانت تزف الدموع بغزارة ..!
كانت لا تزال تأمل أن أتوقف عن هذا و أخبرها أنها مزحة ثقيلة لذا قالت بنبرة مكتومة : تريد أن تقنعني بأن كل ما فعلته معي كان مجرد خداع ..!
- شيء من هذا القبيل ..! فكري بالله عليك .. ما الذي أريده من فتاة فقيرة مثلك بينما أنا محاط بكثيرات يملكن ما لا تملكينه ..! المال يضمن المستقبل يا عزيزتي .. لذا علي ضمان مستقبلي الذي سيضيع مع فتاة مثلك ..! بالتأكيد الأمر سيكون مختلفاً لو كنت وريثة دايفيرو ..!
لكنها حينها صرخت بغضب : لا يهمني إن كنت صادقاً أم كاذباً ..! لا يهمني أن كنت تحبني أم لا ..! كل ما أريد منك أن تعلمه هو أني لن أعود إليك مهما حدث !!.. حتى إن كنت تكذب علي الآن لسبب ما ..! لا تأتي لتعتذر مني لينك ..! لأنني لن أهين كرامتي معك مرة أخرى !!..
ضحكت بخفة حينها بينما أشعر أني أريد أن أصرخ في داخلي : اطمئني عزيزتي .. فأنا لن آتي لأعتذر منك ..! روزا تنتظرني .. و لا يمكنني أن أخذلها ..!
كانت نظرات الحقد و الغضب الشرسة التي صوبتها نحوي تلتهمني بالكامل .. و لكنها حينها قالت بنبرة تهديد و وعيد رغم دموعها : لينك .. حتى و إن اعتذرت بصدق .. حتى و إن فعلت المستحيل .. فأنا لن أغفر لك هذا ..! فكرامتي ألزم علي من أي شيء في هذا العالم .. حتى منك ..!
بلا اهتمام قلت : أذهبي بعيداً .. و حين تنامين الليلة أحلمي بأني أتي و أعتذر إليك !!.. لأنه لن يتحقق إلا في أحلامك ..!
نظرت إلي نظرة حقد أخيرة : سنرى ..!
تغيرت ملامحها للحظة إلى الحزن و الألم لكنها استدارت فوراً .. كنت أعلم أنها بدأت تبكي من جديد ..!
و بدأت تبتعد من أمامي ..!
ربما .. ربما لو اسرعت الآن فقد اتدارك الوضع ..!
ربما لو لحقت بها الآن و شرحت لها الموضوع ستفهمه و لن تغضب مني ..!
سحقاً لك يا روز ..!
بل سحقاً لي أنا ..!
لقد اختفت ميشيل .. معها اختفت آمالي تماماً ..!
جثيت أرضاً بلا شعور .. ما الذي فعلته ؟!..
يا لي من تافه أحمق !!..
كنت أشعر بأني منهار تماماً .. لقد تقرر الأمر .. و اخترت قرار عقلي مجبراً ..!
لقد ضحيت بها .. ضحيت بميشيل !!..
ليتني لم ألتقي بها أو أعرفها ..!
كان الأمر سيكون أسهل بكثير لو كانت علاقتي بها مجرد صداقة ..!
دمعت عيناي حينها ..!
لا .. لا يمكن أن أبكي ..!
إن بكيت الآن فماذا سأفعل فيما بعد ؟!..
رفعت ذراعي بسرعة و مسحت دموعي بها .. لأني إن بكيت الآن فسأجهش بالبكاء في حفل زفافي بتلك الشيطانة روزاليندا !!..
لكن .. أشعر بالألم ..! قلبي سينفجر من قوة نبضة .. إنه ينبض بعنف و كأنه تبرأ مني و يريد الخروج من بين ضلوعي مهما كان ..!
أشعر و كأن أحدهم ربط حبلاً على رقبتي و ها هو يسحبه بعنف ..!
بالكاد التقط أنفاسي ..!
أي شعور هذا ..!
و الأسوأ مما سبق كله ..!
ندم كبير احتل كياني .. أهذا ما يسمونه تأنيب الضمير ؟!!..
ما بي ؟!.. دموعي تسيل بلا اذن و لا استحياء !!..
رفعت يدي فوراً و غطيت عيني ببطانها .. يجب أن تتوقف هذه الدموع حالاً و إلا سأجن ..!
كنت أمسحها فتعاود السقوط بصمت و هدوء ..!
أين تلك القوة التي كنت أتحدث بها مع ميشيل قبل قليل ..!
تحاملت على نفسي و وقفت .. الأفضل أن أعود للشقة و آخذ قسطاً من الراحة لأن رأسي بدأ يؤلمني بحق !!..
..........................................
حين عدت إلى الشقة لم أجد أحداً .. يبدو أنهم لم يعودوا بعد رغم أن الساعة كانت تشير إلى التاسعة و النصف ..!
كنت جائعاً للغاية فأنا لم أتناول شيئاً منذ الصباح .. لذا بحثت في الطبخ علني أجد شيئاً وقد وجدت بعض الفطائر في الثلاجة ..!
وضعتها في جهاز التدفئة حتى تصبح ساخنه .. كان يشبه الموجود في مطبخ جناحي السابق لذا لم أجد مشكلة في استعماله ..!
تناولتها مع بعض العصير الذي كان في الثلاجة أيضاً ..!
و بعدها بدلت ملابسي و استلقيت على فراشي فأنا أشعر بالنعاس الشديد ..!
حاولت تناسي كل ما حدث اليوم لأني أعلم أنه لم يعد بإمكاني تغير الواقع ..!
وقد نمت نوماً عميقاً في تلك الليلة ..!
.................................................. ...... نتوقف هنااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا ااااا


البارت طويل صح ؟!.. حتى لو مو طويل يعتبر أطول من البارت السابق ..! على فكرة البارت الجاي راح يكون أطول ..!

لأن البارت الجاي عبارة عن شيء مشابه لقنبلة هوريشيما التي بدأت تعد لنفسها عداً تنازلينا .. و نبسبة الحرارة فيه تساوي 1000 درجة مئوية ..!

ننتقل للأسئلة ..!

عرض دايفيرو هو الزواج من وريثتهم روزاليندا .. ما رأيكم ؟!..

لينك وافق على هذا .. هل سيتم هذا الأمر أم أن أحدهم سيوقفه ؟!..

شجار حاد بين لينك و ليديا .. كيف ستكون نتائجه ؟!..

ماذا عن مافعله مع ميراي ؟!..

حبل العلاقة المتين بين ميشيل و لينك قطع بعنف .. أهناك سبيل لتعود المياه لمجاريها ؟!..

نذهب للمقتطفات

...

جلس على كرسي في زاوية الغرفة و قال بمرح : كالعادة .. تبدو وسيماً بها ..! و كأنك مدير شركة ذاهب لعقد صفقة العمر ..!
...

لذا تقدمت ببرود و جلست على احداها بتعب و أنا أتمتم : هذا عقابي لما فعلته بميشيل .. أنا استحق هذا ..!
...

مددت يدي حينها و امسكت بيدها ثم رفعتها و قبلتها و أنا أقول : ليس عليك حساب النقاط .. بل يستحسن أن تثقي بي فوراً لأنني لن أخونك مهما حدث .. روزي ..!
...

نظرت ناحيتها بنوع من البرود فأشاحت بوجهها عني مستاءة : يبدو أن أحدهم لم يستطع امساك لسانه الثرثار ..!
...

وقف حينها بغضب و قد انفلتت أعصابه : أنت الآن لا تختلف عن ذلك الحقير أدريان في شيء !!.. كلاكما يخون من حوله من أجل المال !!..
...

ازداد بكاءها حينها : أخوك سيموت بسبب طيشك !!..
...

دمعت عيناي لا شعورياً : رايل .. أرجوك لا تمت ..!
...

بهدوء قلت : كان يسعل دماً ..!
...

التفت لأرى أنيتا تسير ناحيتي بسرعة فلم يكن لي إلى أن أقول : روزي عزيزتي يتوجب علي أن أغلق الآن .. إلى اللقاء ..!

...

يا ترى .. هل سيحدث شيء لو سقطت من هذا الإرتفاع ؟!..
...

و بس ^^ ..!

هذا ما لدي اليوم .. تشوقوا للبارت القادم ..!

جانا ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 09:23 PM   #33

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

part 30


- هيا استيقظ .. أنها المرة العاشرة لينك !!..
فتحت عيني بخمول .. من هذا الذي يزعجني كل دقيقة و يطلب مني ترك فراشي في الحال ؟!..
بانزعاج قلت و أنا أسحب الغطاء على رأسي : رايل ابتعد .. أريد أن أنام ..!
كانت نبرته مستاءة للغاية : قلت لك استيقظ .. إلى متى ستضل نائماً ..! لقد صارت الساعة الآن الثانية ظهراً و أنت لا تزال نائماً ..!
فزعت من فراشي بسرعة مدهوشاً : قلت الثانية ظهراً !!!.. أأنت جاد ؟!!..
تنهد بضجر و قال : أجل .. هيا بدل ملابسك و تعال لتناول الغداء معي ..!
خرج بعدها من الغرفة و عيناي تتبعه ..! لم أرى رايل طلية الأمس إلا حين استيقظت و قد كان نائماً ..!
لكن أتعلمون .. هذا إيجابي للغاية لأني بالأمس كنت مشتتاً جداً و كان سيلاحظ هذا بسهولة ..!
و أنا حقاً لا أريده أن يعلم بما سيحدث قريباً إلا بعد أن ينتهي كل شيء ..!
تركت فراشي حينها و أنا ألوم نفسي على النوم حتى هذه الساعة المتأخرة .. لا أصدق أني بقيت نائماً طيلة هذا الوقت .. خاصة أني نمت مبكراً ليلة الأمس ..! ربما جسدي كان في حاجة إلى الراحة ..!
أخذت حماماً سريعاً و ارتديت بنطالاً ثقيلاً و دافئاً باللون الأسود مع كنزة صوفية رمادية ..!
خرجت إلى الردهة فكان رايل يجلس هناك على طاولة الطعام و أمامه طبق حساء الدجاج و الخضر .. و هناك طبق آخر عند الكرسي المقابل ..!
جلست على الكرسي الآخر و سألت : أين خالتي ؟!..
أجابني حالاً : لقد غادرت منذ نصف ساعة .. حاولت إيقاظك لتوديعها لكنك لم تستيقظ ..!
ببرود قلت : هل لديها رحلة اليوم ؟!..
أومأ إيجاباً: أجل .. إلى أميركا .. و لن تعود إلا يوم الجمعة ..!
نظرت إليه مدهوشاً : اليوم هو الأثنين !!.. لما كل هذا التأخير رغم أن أميركا ليست بعيدة ؟!..
ببساطة قال : لديها دورة تدريبية إلزامية هناك .. لذا لن تعود مبكراً ..! لقد ذهبنا للتسوق بالأمس من أجل هذه الرحلة فقط ..!
- هكذا إذاً .. متى عدتم ؟!..
- في العاشرة و النصف ..! أين كنت يوم الأمس ؟!..
- لا مكان محدد .. لقد خرجت في الصباح و تجولت في كل مكان .. و عدت في الظهيرة و لم أجدكم .. و بقيت حتى حل المساء ثم خرجت لساعة فقط و عدت ..!
- توقعت أنك ستلحق بنا ..!
- لم أكن لأفعل ذلك في هذه الفترة الحرجة .. لا أعلم من قد ألاقي في تلك المراكز التجارية ..!
بهدوء قال : أتخشى أن تلتقي بشخص من معارفك السابقين ..!
ببرود أجبته : شيء من هذا القبيل ..!
لكني تابعت في نفسي : ( ليس بعد الآن .. فالليلة سيحسم كل شيء ) ..!
تابعت تناول الطعام مع ريكايل بهدوء ..!
و بعد أن انتهينا أخذ الصحون إلى المطبخ لجليها و أخبرني أنه سيحضر القهوة ..!
رغم اني عرضت عليه المساعدة إلا أنه رفض بحجة أني قد احدث كارثة أو أحطم أحد الصحون بالخطأ .. لازال الوقت مبكراً على دخولي المطبخ ..!
كان يبدوا سعيداً اليوم أو بالأحرى مطمئنناً و مرتاحاً ..!
ابتسمت بهدوء فهذا يرحني أكثر .. فمزاجه الجيد ينعكس علي بطريقة سحرية بالفعل ..!
بالنسبة لي فقد عدت إلى غرفة النوم و اخذت هاتفي ..!
اتصلت بروز و أخبرتها أني سآتي الليلة إليهم .. أخبرتني أنها سترسل سيارة لاصطحابي ..!
و لأني لا أريد لأحد أن يعرف مكان شقة خالتي أخبرتها بأن ترسل السائق إلى مكان عام و انا سألتقيه هناك ..!
لم ترفض ذلك ..! بل إنها لا تستطيع الرفض خشية أن أغير رأيي ..!
يبدو أنها مهووسة بي و باسم مارسنلي ..!
حاولت أن تكون المكالمة مختصرة قدر الإمكان و لم أسمح لها بقول كل ما تريده فقد أغلقت الخط بعد تحديد الموعد ..!
لست بمزاج يسمح لي بالاستماع لنبرة الغنج المقززة التي بدأت تتحدث بها هذه الفترة ..!
بل أعتقد أني لن أحب هذا إطلاقاً حتى بعد مئة عام ..!
سحقاً لتلك الطماعة ..!
آه صحيح .. أنا لم أسحب أوراق تغير أسمي بعد .. سوف تصدر بطاقتي الجديدة باسم بروان يوم الجمعة ..!
لا بأس .. هناك وقت كافي لإلغاء الأمر ..!
.................................................. .......
كانت الساعة تشير إلى السادسة و النصف حين وقفت أمام المرآة الصغيرة في تلك الغرفة التي أسكنها مع رايل ..!
رتبت ربطة العنق جيداً و وضعت بعض العطر الذي كان في احدا الصناديق المحتوية على أشيائي ..!
أعلم أني أتعس إنسان في هذا العالم الآن ..!
فتح أحدهم الباب حينها و بالتأكيد كان ريك فلا أحد غيره معي هنا ..!
بدا عليه التعجب : لما ترتدي هذه البدلة الرسمية ؟!..
ابتسمت بهدوء مخفياً توتري ببراعة : افتقدت ارتداءها بالفعل ..!
جلس على كرسي في زاوية الغرفة و قال بمرح : كالعادة .. تبدو وسيماً بها ..! و كأنك مدير شركة ذاهب لعقد صفقة العمر ..!
اختفت ابتسامتي أنا أفكر أنها بالفعل صفقة العمر .. و يا لها من صفقة خاسرة ..!
سأل حينها : هل ستخرج إلى مكان ما بهذه البدلة ؟!..
أومأت إيجاباً و عدت أنظر إلى المرآة : سأعود قبل العاشرة ..!
- إلى أين ستذهب ؟!..
- سأخبرك حين أعود .. فلا وقت للشرح الآن ..! أنا ذاهب ..!
بدا عليه الضجر للحظة : هل ستخرج و تتركني وحدي ؟!..
ابتسمت له حينها : التلفاز مليء بمحطات الأفلام .. شاهد فلمين إلى حين عودتي ..!
خرجت من إلى الردهة و أخذت معطفي الطويل الأسود .. ارتديته و أغلقت كل أزراره حتى لا تتضح البدلة الرسمية من تحته .. و لأنها سوداء لن ينتبه أحد ..!
فمن الغريب أن يسير طالب ثانوية ببدلة الرسمية في الشارع بين الناس .. من الطبيعي أن يحدق بي الجميع ..!
سرت بعدها ناحية الباب و خرجت دون أن أقول كلمة واحدة لرايل ..!
علي أن أسرع إلى الشارع الذي سينتظرني السائق فيه ..!
............................................
كانت الساعة تشير إلى السابعة حين كنت داخل تلك السيارة السوداء الفاخرة ..!
السائق كان صامتاً .. و أنا بقيت شارد الذهن أتفكر فيما سيحدث قريباً ..!
رن هاتفي حينها .. من المتصل الآن ؟!..
أخرجته من جيبي لأرى ذلك الاسم الذي ظهر على شاشته .. ليديا ..!
تنهد بتعب .. إنها تتصل منذ الأمس و لم أكن أجيب عليها خشية أن تثنيني عن قراري الذي تم تحديده خاصة بعد ذلك الموقف الصعب مع ميشيل ..!
ليس لي إلا أن أجيب عليها فهي لن تستطيع فعل شيء الآن ..!
و بالفعل .. ضغطت زر الرد و أجبت : مرحباً ..!
بدا الاستياء الكبير في صوتها : لما تتجاهل اتصالاتي ؟!!..
ببرود قلت : لم أكن أريد الاستماع لنصائحك التي لا فائدة منها ..!
تجاهلت كلامي و قالت في الحال : ماذا فعلت في موضوع تلك الخبيثة روزاليندا ؟!!..
صمتت للحظات ثم قلت : أنا في الطريق الآن لقصرهم ..!
بقيت صامتة للحظات و كأنها مصدومة و لكنها بعدها قالت بشك : أنت تمزح صحيح ؟!.. لأنك لن تفعلها حقاً ..! لا يمكن أن تتزوج بروز ..!
بذات برودي قلت : لا .. أنا جاد ..!
هتفت حينها : و ماذا عن ميشيل أيها الأهوج ؟!.. إن تزوجت بروز فسوف ينتهي الأمر بينك و بين ميشيل ..!
- لقد أنهيت الأمر مع ميشيل بالفعل !!.. لقد أخبرتها بالأمس أني سأتزوج بروز ..!
صرخت بغضب : لا أصدق أن جنونك وصل لهذه المرحلة !!!.. هل ماتت فيك المشاعر إلى هذه الدرجة أيها القاسي ؟!!.. ألم تعدني أن تقاتل من أجل ميشيل ؟!!!..
أخفيت انزعاجي بصعوبة : الأمر أختلف الآن .. ليديا سأغلق الخط فقد وصلت لقصر دايفيرو ..! وداعاً ..!
بالفعل أغلقت الخط متجاهلاً نداءها لي ..!
ليديا أعتذر .. لكن لا فائدة لكل ما ستقولينه لأني لن أغير رأي ..!
بالفعل كان السائق قد دخل من البوابة إلى قصر دايفيرو الذي يعد من أكبر القصور في باريس ..!
وقد كان يجاري قصرنا في ضخامته و فخامته إضافة إلى الحديقة الواسعة ..!
توقف السائق أمام مدخل القصر الكبير .. و حينها فتح خادم الباب لي و هو يقول : أهلاً بزيارتك سيد مارسنلي ..!
تجاهلته تماماً و كأني لم أسمع .. رغم أني افتقد لقب " سيد مارسنلي " في الفترة الأخيرة ..!
صعدت تلك الدرجات البيضاء حتى وصلت إلى الباب الطولي الكبير و دخلت من خلاله و هناك كان خادم آخر حنى رأسه باحترام : تشرفنا زيارتك سيد مارسنلي ..!
تقدمت خادمة من خلفه و أخذت معطفي الأسود الذي خلعته في ذلك الحين .. بينما سار الخادم الأول طالباً مني ان اتبعه لغرفة الضيوف ..!
لقد بدأ الأمر يزداد جدية .. و ها أنا قد وصلت إلى نقطة الحسم ..!
وصلنا إلى غرفة لها باب مزدوج كبير .. فتحه الخادم فدخلت : سيصل السيد و السيدة دايفيرو خلال لحظات ..!
أغلق الباب بعدها لأتنهد بتعب في الحال .. أي يوم نحس هذا ..!
نظرت إلى الأمام لأرى أن الغرفة كانت فارغة من الأشخاص و مليئة بالتحف و اللوحات الفنية و التصاميم المجنونة على الجدران .. بينما كان الجدار المقابل للباب عبارة عن زجاج مطل على بركة السباحة في الخارج ..!
النظر إليها فقط يجلب البرد !!..
هناك مجموعة آرائك تجمعت في المنتصف .. لذا تقدمت ببرود و جلست على احداها بتعب و أنا أتمتم : هذا عقابي لما فعلته بميشيل .. أنا استحق هذا ..!
نظرت حولي مجدداً للحظات فانتبهت لطاولة طويلة بالقرب مني .. إنها طاولة الضيافة ..!
كان فوقها صينية عليها كؤوس زجاجية فاخرة و بالقرب منها ثلاث زجاجات نبيذ من أفخر الأنواع ..!
هذا كان أول شيء جعلني أشمئز من الغرفة .. و الباقي أعظم !!..
دخل حينها شخص آخر و حين التفت رأيت ذلك الرجل و زوجته قد دخلا .. السيد و السيدة دايفيرو ..!
لم أقف مباشرة بل انتظرت بعض الوقت ثم وقفت في محاولة بسيطة لاستفزازهم !!..
اقتربا مني و ذلك السيد يقول : أهلاً بك سيد مارسنلي في قصري المتواضع .. كيف هي أحوالك ؟!..
صافحته حينها و أنا أقول ببرود : بخير ..!
تعمدت أيضاً أن لا أسأل عن حاله و يبدو أنه احتس لهذا .. ممتاز !!..
جلس السيد دايفيرو مقابلاً لي كما فعلت زوجته بعد أن صافحتني ..!
فعدت أنا للجلوس قبل أن يقول ذلك الرجل البغيض : نحن حقاً متأسفون لما حدث لثروة أسرتك ..! لكن تذكر أنه لا ذنب لنا فالسيدة مارسنلي الراحلة هي من أساءت تنظيم المشروع ..!
كتمت غيضي حينها .. يا له من رجل !!.. أخذ نصف مالي و ها هو يعتذر ببرود !!..
لم أقل شيئاً بينما قالت زوجته بنبرة مغرورة تشبه فيها طريقة ابنتها في الكلام : لقد كانت روزي قلقة على مصير مارسنلي بعد هذه الخسارة الفادحة ..! و لهذا قررت أن تهب نفسها في سبيل الحفاظ على سمعة تلك الأسرة العريقة ..! إنها فتاة حساسة للغاية ..!
بل قولي شيطان خبيث للغاية !!!..
قالت ماذا ؟!.. قالت وهبت نفسها !!..
يبدو أن هذه العجوز لا تعلم أن ابنتها مهووسة بوسامتي و اسم اسرتي !!..
بل انها تنتظر اليوم الذي سأبتسم لها فيه و ان كانت ابتسامة مصطنعة !!..
لكني رغم ذلك قلت ببرود : أجل .. كانت تضحية كبيرة منها ..!
كانت نبرة الأخيرة ممتزجة بالسخرية فبدا عليهما الانزعاج البسيط منها ..!
لحظتها دخل شخص آخر إلى الغرفة .. كان الخادم الذي قال : لقد وصلت الآنسة روزاليندا ..!
قبضت يمناي بقوة و ظهر الاستياء علي .. ها قد وصلت الأفعى إلى هنا .!
لم أكن أكرهها سابقاً لكن هي من جعلني لا أطيق سماع اسمها ..!
و المصيبة العظمى أنها ستصير زوجتي و شريكة حياتي !!..
نظرت ناحية الباب لأرى أنها دخلت بالفعل و على وجهها ابتسامة غرور ..!
كانت ترتدي فستان أحمر حريري بالكاد يصل إلى ركبتها و بلا كم .. و على الخصر حزام عريض أسود و فاخر عليه شعار إحدى ماركات الملابس الشهيرة ..!
كما أنها كانت ترتدي حذاءً ذا كعب عالي بلون أسود كذلك ..!
أما شعرها الأشقر ذو الخصل الحمراء فقد رفعته بطريقة احترافية تظهر مدى جمالها ..!
كما وضعت القليل من المساحيق الناعمة على وجهها .. إضافة إلى الحلي الذي يبدو من الألماس الطبيعي ..!
سحقاً لها !!..
وقفت و قد ابعدت بصري عنها لكنها اقتربت مني و صافحتني و هي تقول : يسرني حضورك مارسنلي .. أهلاً بزيارتك ..!
ببرود رددت عليها : شكراً لك آنسة دايفيرو ..!
نظرت إلى يدها التي تصافح يدي .. تلك الأظفار الطويلة المبرودة بعناية و التي صبغت بلون أحمر لامع جعلتني اتساءل .. كم من الوقت تحتاج هذه الفتاة للاستعداد لحفلة ما ؟!!..
هه .. لا تقلق يا لينك ستعرف قريباً .. فهذه ستصير زوجتك يوماً ما !!..
تركت يدها حين لاحظت أني أطلت ذلك ..!
بالنسبة لها فقد سارت بهدوء و جلست في المنتصف بين والديها و قد قالت أمها بذات نبرتها المغرورة : إذاً يا سيد مارسنلي .. أعتقد أن حضورك إلى هنا يعني أنك وافقت على طلب يد ابنتنا روزاليندا ..!
أطلب يدها ؟!!.. بل هي من طلب يدي يا فهيمة !!..
ترددت قبل أن أقول : أجل .. و لهذا أتيت اليوم ..!
تابعت والدتها بابتسامة مكر : حسناً .. عزيزتي روز .. هل أنت موافقة على الزواج به ؟!..
بنبرة مغرورة مع ابتسامة ماكرة صوبتها نحوي : نعم موافقه ..!
هنا نطق والدها ببرود : أعتقد أن هناك فوائد كبيرة من هذا الزواج لمارسنلي و لنا أيضاً ..!
أجل .. أنا سأكسب المال و هم سيكسبون شرف اسم مارسنلي ..!
رغم ذلك لست سعيداً بهذا إطلاقاً .. و لولا الظروف لكنت رميت بطلبهم هذا عرض الحائط ..!
وقف الزوجان دايفيرو و قد قال السيد حينها : إذاً سنترككما تتفقان على الترتيبات ..!
سارا بعدها مغادرين الغرفة .. لنبقى أن و تلك الروز وحدنا ..!
كانت تنظر إلي بمكر بينما بادلت نظراتها بالبرود ..!
لكنها وقفت حينها و اتجهت لطاولة الضيافة وهي تقول : أي نوع تفضل أن تشرب ؟!..
كانت تقصد زجاجات النبيذ الفاخرة ..!
أجبتها ببرود قارص : أنا لا أشرب الكحول إطلاقاً ..!
التفت ناحيتي متعجبة و قد رفعت احد حاجبيها : حقاً ؟!.. هذا غريب ..! ألم تتجاوز السن القانونية ؟!..
حاولت أن لا أكثر الحديث معها لذا قلت : لقد قررت أن لا أشرب مطلقاً من قبل بلوغ السن القانونية ..!
ابتسمت حينها بغرور و سارت ناحيتي ثم جلست بجواري و هي تقول : إذاً .. سأنقطع أنا عن الشرب أيضاً ..!
ابتسمت بنوع من السخرية : و هل ستنفذين كل ما أريده ؟!..
- يعتمد هذا لتقبلي للأمر ..! لست مهتمة بشرب النبيذ لذا استطيع تركه بسهولة ..!
- هذا جيد ..! لأني لا أحبه و لا أحب رائحته حين يعلق بثياب شخص ما ..!
كنت أحاول أحراجها بكلامي الأخير لكنها لم تهتم بل قالت ببرود : لا أرى أنك ترتدي الخاتم .. اعتقدت أنك أحضرته معك ..!
و كأني أريد أن أرتديه أصلاً : كل ما في الأمر أني فكرت بأنه من الأفضل ارتداءه في حفلة الخطوبة ..!
وضعت احدى ساقيها على الأخرى و هي تقول بغرور : حسناً .. بما أننا تطرقنا لهذا الأمر .. متى سيكون حفل الخطوبة ؟!..
ببرود أجبتها : متى ما أردتِ .. و لكن ليس قبل شهر من الآن ..!
نظرت إلي متعجبة : شهر !!.. لما ؟!..
ببساطة لأنني لا أريد أن أرتبط بك قريباً بل اريد أن استغل آخر لحظات عمري السعيدة : لدي بعض الالتزامات يجب علي القيام بها قبل اعلان الخطوبة ..! و اريد منك إخفاء الأمر عن الجميع حتى ذلك الحين ..!
تنهدت حينها بنوع من الانزعاج : حسناً لا بأس .. ماذا عن الزفاف ؟!..
فوراً قلت : بالطبع بعد التخرج .. لا نزال صغاراً على هذا ..! ربما من الأفضل أن يكون بعد ثلاث سنوات من الآن ..!
ابتسمت نصف ابتسامة : ليس سيئاً ..! و لكن عزيزي .. أخشى أن تضيع مني حتى ذلك الحين !!..
ليتني أموت قبل أن يصل ذلك الحين !!..
تصنعت الابتسامة و أنا أقول : اطمئني .. فأنا لا أفكر في خيانتك ..!
و قفت حينها و أخذت تدور حول المقعد الذي أجلس عليه و هي تقول : لكني لا أضمن الأمر .. ربما تأتي فتاة أخرى و تحاول سرقتك مني !!.. حتى بعد الزواج قد يحدث هذا ..!
قطبت حاجبي .. إلى أين تريد أن تصل هذه الفتاة ؟!..
ربتت على كتفي من الخلف و حنت رأسها قليلاً نحوي و هي تقول بنبرة بريئة مصطنعة : لذا .. ربما من الأفضل أن يبقى كل شيء باسمي حتى أطمئن لأن حبك و وفاءك لي سيردع كل من يحاول التفريق بيننا ..! و بالطبع أنا سأقرر متى سيحدث هذا ..!
سحقاً لها !!.. إنها تأخذ الحيطة لكل شيء !!..
لا أخفي عليكم أني فكرت في الانفصال عنها بعد أن استعيد ثروتي ..!
و لكن يبدو أنها حسبت حساباً لهذا ..!
أخفيت غيضي و استيائي بصعوبة و قلت و انا اتصنع الابتسامة اللطيفة : لا تقلقي عزيزتي روزي .. لن يمر وقت طويل قبل أن تصير الثقة بيننا متبادلة ..!
سارت بعدها مجدداً و عادت للجلوس بجواري على ذلك المقعد الذي يخص شخصين و هي تقول : روزي .. شيء جميل !!.. إذاً مبدئياً أيمكنني أن أناديك لينك ؟!..
بعد كل ما فعلته تأخذين الأذن في هذا الأمر ؟!!..
بصعوبة كتمت اشمئزازي و قلت بذات الابتسامة المصطنعة : بالطبع عزيزتي .. فنحن سنصير مخطوبين قريباً و شركين في رحلة الحياة ..! لذا من غير المعقول أن ننادي بعضنا بأسماء رسمية ..! خاصة أنك ستصيرين السيدة مارسنلي و لن اتمكن من مناداتك بالآنسة دايفيرو بعد الآن ..!
اتسعت ابتسامتها الواثقة : هذا جيد .. نقطة ممتازة في صالحك في طريق كسب ثقتي ..!
أتمنى حقاً أن يحدث لكي شيء يجعلك تندمين على التلاعب بي ايتها الخبيثة !!..
مددت يدي حينها و امسكت بيدها ثم رفعتها و قبلتها و أنا أقول : ليس عليك حساب النقاط .. بل يستحسن أن تثقي بي فوراً لأنني لن أخونك مهما حدث .. روزي ..!
.................................................. ............
لقد انتهى الأمر .. و تحدد مصيري النهائي .. و اتفقت معها على كل شيء ..!
حفل الخطوبة سيكون نهاية الشهر القادم بعد حوالي خمسة أسابيع .. و قد وعدتني بإخفاء الأمر لثلاثة أسابيع قادمة ..!
يا لي من تعيس !!..
تنهدت بتعب حينها و نظرت إلى ذلك الباب : أرجوا أن يكون رايل نائماً ..!
هذا ما تمتمت به .. لأني حقاً لا أريد لقاءه الآن فهو سيسأل أسئلة رأسي في غنى عنها ..!
بيد أني حتى الآن لم أجد الطريقة المناسبة لإخباره .. و لكن يجب أن أخبره بهدوء كي لا ينفعل و يؤثر هذا على صحته ..!
الساعة كانت تشير إلى التاسعة و النصف مساءاً ..!
أخرجت نسخة المفتاح التي اعطاني إياها رايل اليوم و فتحت الباب بها ..!
دخلت إلى الشقة و أغلقت الباب من خلفي و أنا أشعر ببعض الإرهاق جراء ما حدث هذا المساء ..!
سرت بهدوء ناحية الردهة و حين مررت بغرفة الجلوس لم أرى رايل هناك .. أتراه في غرفة النوم ؟!..
لم أخطوا خطوتين إلى الأمام حتى لفتح نظري شيء غريب .. هناك شخصان في الردهة يجلسان متقابلين حول طاولة الطعام الصغيرة ذات الكراسي الأربع ..!
أحدهما هو ريكايل و هذا ليس غريباً .. و لكني استنكرت وجود ليديا هنا في هذه الساعة ..!
لم أبدي أي ردة فعل تجاه هذا لكن ريك سأل بنوع من الشك : أين كنت ؟!..
اها .. هكذا الأمر إذاً !!..
نظرت ناحية ليديا بنوع من البرود فأشاحت بوجهها عني مستاءة : يبدو أن أحدهم لم يستطع امساك لسانه الثرثار ..!
قطع علي رايل الذي ضرب الطاولة بقبضته غاضباً : لما قبلت عرضهم ؟!!..
حاولت أن أكون هادئاً قدر الإمكان : لأني قررت العودة إلى مارسنلي .. العيش باسم براون لا يناسبني إطلاقاً ..!
صرخ حينها بغضب : ألم تجد لك طريقاً سوى الزواج بتلك الخبيثة ؟!!..
ببرود أجبته : شيء من هذا القبيل ..! ثم أن تلك الخبيثة ستصير خطيبتي و حفل خطبتنا في الشهر القادم ..!
- و ميشيل أيها الأهوج ؟!!.. لقد ائتمنتك على ميشيل !!..
- لا أذكر أني قلت بأني سأتزوج ميشيل .. أنا لم أعدها بشيء ..! ثم أني أخبرتها بأني سأتزوج بروز فقالت بأنها ستتركني و تنساني نهائياً ..!
- بعد كل ما فعلته حتى ترضى عنك ميشيل تنكر الآن أنك تحبها !!..
- حسناً .. بالتفكير في الموضوع ميشيل لن تمنحني شيئاً .. على عكس روز التي ستعيد لي ثروتي ..!
وقف حينها بغضب و قد انفلتت أعصابه : أنت الآن لا تختلف عن ذلك الحقير أدريان في شيء !!.. كلاكما يخون من حوله من أجل المال !!..
تشبيهي بذلك الأدريان لم يعجبني بتاتاً .. لذا قلت و أنا أحاول كتم غضبي : أدريان فكر في نفسه وحسب ..! أما أنا ففكرت بك قبل أن أفكر بنفسي !!.. حياة الفقر ستقتلك ريكايل !!..
- ومن اشتكى لك ؟!!.. هل طلبت منك أن تصرف علي أو تتحمل تكاليف علاجي ؟!!..
- حين تسقط طريح الفراش فلا أنا و لا ميشيل سننفعك حينها !!.. لن ينفعك سوى مال مارسنلي الذي سأستعيده بزواجي من روزا !!..
- من قال لك أني سأقبل منك قرشاً واحداً ؟!!.. أتعتقد أني سآخذ منك المال الذي كسرت قلب ميشيل من أجله ؟!!..
باستياء قلت : أنت مجنون !!.. أتريد أن تموت في سن صغيرة ؟!!..
تقدم ناحيتي و أمسك بربطة عنقي و شدها بقوة وهو يقول بذات غضبه : بل أنت هو المجنون هنا !!.. لست أنت من تحدد موعد موتي !!.. كما أني أفضل الموت على أن أعيش على نفقتك !!..
لم أعد استطيع امساك أعصابي لذا قلت بغضب : أنا أخوك الأكبر و المسؤول عنك !!.. لذا أنا المسؤول عن الصرف عليك أيضاً ..!
بدا أن غضبه تضاعف حينها فقد صرخ : أترى طفلاً في السابعة أمامك ؟!!.. أنا الآن في السابعة عشر و مسؤول عن نفسي و ليس لأي أحد سلطة علي !!.. كونك أكبر مني بثلاث دقائق لا يعني أن تكون المسؤول عني !!..
- ألن تكف عن هذا ؟!!..
- لا !!.. لن أفعل حتى تفهم أني عشت حياتي كلها من دونك !!.. من دون مالك !!.. و من دون مساعدة أي أحد !!.. رغم مواجهتي أحلك الظروف و أسوأها !!.. رغم الجوع و المرض الذي كنت أعيش فيه بقيت صامداً و ألم أطلب العون من أي كائن ولن أطلبه منك !!.. لذا استطيع متابعة حياتي بهذه الطريقة !!.. لا تتخذ مرضي عذراً لجشعك !!.. إن كنت تريد العودة إلى ذلك العالم الخبيث فعد و حدك و دعني و شأني !!..
كلامه صدمني بالفعل .. و لكنه في ذات الوقت أوقد النار في داخلي مما جعلني أزداد غضباً : أووه حقاً ؟!.. يا لك من بطل تمكنت من الصمود لهذه اللحظة !!.. أتعلم أني أحسدك ؟!!.. أحسدك لأنك لا تعيش الخوف و الذي أعيشه حين تفقد وعيك فجأة !!.. حينها أشعر أنك ستموت في أي لحظة !!.. لا تتصرف كأنك شخص خارق للطبيعة فلن تتمكن من فعل شيء حين تصيبك نوبة قلبية تردي بك كالقتيل في ثوان !!..
- كفى !!..
هكذا صرخ بغضب و ألم في الوقت ذاته و لكني صدمت من تلك الصفعة التي تلقيتها !!!..
أجل لقد صفعني بشدة فالتف وجهي في غمضة عين !!..
رفعت يدي و أنا لا أزال مصدوماً و وضعت كفي على ذلك الخد الذي احمر بلا شك ..!
أكثر ما أكرهه هو أن يمد احدهم يده علي .. لسببين !!..
الأول هو أني أعد هذا إهانة لا متناهية !!..
و الثاني هو أنني فوراً أتذكر ذلك المكان المهجور الذي ضربت فيه بلا رحمة رغم جسدي الصغير الضعيف !!..
التفت ناحية رايل غاضباً : كيف تجرأ ؟!!..
لكنني توقفت لحظة حين رأيت ملامحه المتعبة و يده التي استقرت على صدره و قد قبض على كنزته الزرقاء الصوفية بعنف !!..
لم يلبث أن جثى أرضاً في لحظة ذهول مني و وقد وقفت ليديا التي كانت منذ اليوم تراقب بخوف و هتفت : ريكايل !!..
جثيت بقربه حين استوعبت ما يحدث : ريك !!.. ريك أجبني ..!
كان يلتقط أنفاسه بصعوبة و يده لا زالت على ذراعه و قد جثى على احدى ركبتيه ..!
لم تمر سوى ثوان حتى اتسعت عيناه فجأة و رفع يده الأخرى إلى فمه و بدأ يسعل بشكل مكتوم !!..
كنت متفاجئاً فهو يفعل هذا للمرة الأولى لكن قبل أن أنطق شيئاً وقف فجأة و ركض بصعوبة إلى جهة أخرى !!..
وقفت خلفه حالاً لأرى أنه قد دخل إلى دورة المياه صافقاً بالباب من خلفه !!..
اسرعت خلفه و الرعب ينتابني و طرقت الباب : رايل ما بك ؟!!.. أرجوك لا تخفني هكذا !!.. أخبرني هل استدعي الإسعاف ؟!!..
لكني بدأت أسمع صوته من الداخل و كأنه يسعل بصعوبة و يتألم كذلك .. كما أن صوت ماء المغسلة كان واضحاً ذلك ما دفعني لأن أقول بقلق : ريك .. سأدخل الآن ..!
فتحت الباب بعدها و رأيته يقف فعلاً أمام المغسلة التي تدفقت المياه منها بشكل قوي و هو منحني بشكل كبير ناحيتها ..!
اقتربت منه و ربت على ظهره لا شعورياً و هو لا يزال يسعل ..!
لم أكن استطيع رؤية وجهه من شدة انحنائه و لكنه كان يسعل بشدة و يبدو أن هناك شيئاً ما يخرج من فمه .. لا اعتقد أنه يتقيأ ..!
فجأة لحظت ذلك الشيء الذي اختلط بالماء في حوض المغسلة الصغير .. سائل أحمر !!!..
ذلك ما جعلني أنحني بسرعة لأرى أن أخي كان يسعل دماً بالفعل !!..
اتسعت عيناي مذهولاً حينها و تجمدت في مكاني غير مصدق لما أرى !!..
لكنه حينها توقف عن السعال و بقي يلتقط انفاسه و ماهي سوى لحظات حتى أغلق المغسلة فيبدو أن تلك الحالة من السعال الدموي قد انتهت ..!
وقفت مستقيماً حينها كما فعل هو و قد نظر إلي و التعب غطى على ملامح وجه ..!
بلا شعور ربتت على كتفيه : رايل أنت ....!
قاطعني حينها و هو يدفعني عنه : ابتعد !!!!..
تراجعت خطوتين و اصطدمت بالجدار خلفي فسار هو بهدوء و هو يتمم : لقد خذلتني !!..
أنا .. خذلته ..!
كنت أشعر بشيء غريب .. هناك خطأ فادح قمت به .. أشعر أن ما حدث قبل قليل أيقضني من كابوس مفزع .. و لكنه رمى بي في كابوس آخر أكثر خوفاً و ألماً ..!
لكن الفرق أن عقلي ارتد لي ..!
صوت ارتطام عنيف أيقضني من شرودي و صرخت انثوية فزعت بعده ..!
ركضت حالاً إلى خارج دورة المياه لأرى أخي الأصغر ممدداً على الأرض و تلك الفتاة قد جلست بقربه وهي تهزه بعنف و تصرخ بخوف و قلق جسيمين : ريك !!.. ريكايل أستيقظ !!.. ريكااايل !!..
أنقبض قلبي بعنف في تلك اللحظة !!..
.................................................. .
استندت إلى الجدار خلفي بتعب .. كان اليوم من اسوء أيام حياتي ..!
كنت اسمع صوتها المكتوم و هي تحاول قدر الإمكان كتم بكائها ..!
التفت يساري حيث كانت تقف على مسافة بسيطة .. متر تقريباً ..!
تضع يدها على فمها كي تخفي صوتها الباكي بينما لم تتوقف عيناها العسليتان عن ذرف الدموع منذ فقد ريك وعيه و نقلوه إلى هنا .. وجهها أيضاً كان محمراً للغاية ..!
بهدوء أخفيت خلفه استيائي : لما تبكين ؟!.. هل شعرت بالذنب على فعلتك عندما رأيت العواقب ؟!!..
نظرت ناحيتي بحدة و هي تقول من بين دموعها : أنت السبب في ذلك ..! أنت من دفعني لفعل هذا ؟!!..
حاولت كتم غضبي حينها و استدرت قليلاً ناحيتها : كنت تعلمين أنه مريض فلما أخبرته ؟!..
- كله بسبب تصرفاتك المجنونة !!.. أردت إيقافك بأي طريقة !!.. ثم أني لم اعتقد أنك ستتشاجر معه حين تعود !!..
ضربت الجدار بجانبي بقبضتي و بغضب قلت : ليديا لا تستفزيني !!.. أخبرتك مسبقاً بأن لا تتدخلي في الأمر فلما خالفتي ذلك ؟!!..
ازدادت دموعها حينها : لأني أعلم أنك على خطأ !!.. كان ذلك سيحدث لريك حتى لو لم أخبره !!.. الأمر متعلق بما فعلته أنت بميشيل و هو ما سبب هذا لريكايل !!..
أزداد غضبي حينها : لا تلقي بأخطائك على الآخرين !!.. كنت سأشرح الموضوع لريكايل بطريقة هادئة كي يتفهمه و لكن تصرفاتك الهوجاء أفسدت كل شيء !!!!..
أزداد سيلان دموعها و صرخت بغضب : فعلت ذلك كله لأجلك و لأجل ريك و ميشيل !!.. أردتك أن تعود لصوابك لكن لا فائدة من شخص متحجر القلب و التفكير مثلك ..!
بلا شعور حينها أمسكت بكتفيها بقوة و أنا أصرخ بغضب : قلتي من أجل ريك ؟!!!.. ريك الآن في تلك الغرفة بين الحياة و الموت بسببك أيتها الحمقاء المتطفلة !!.. لا تتصنعي دور منقذة المواقف الصعبة بينما تسببين المشاكل لمن حولك !!.. من عينك مشرفة أسرية علي حتى تغيري مسار حياتي حسب ما ترينه مناسباً ؟!!.. اسمعي ليديا .. إن اصاب أخي أي مكروه فأنا لن اسامحك طيلة الحياة أفهمت ؟!!..
ازداد بكاءها حينها : أخوك سيموت بسبب طيشك !!..
- إذاً تصرين على عدم الاعتراف بمدى الذنب الذي اقترفته !!..
دفعتني حينها بشدة و هي تصرخ : ابتعد عني و لا تحملني ذنباً لم اقترفه !!.. أنت من تشاجر مع ريكايل و اسمعه كلاماً يؤذيه لذا أنت من عليك تحمل هذا الذنب ..!
ارتفع منسوب غضبي حينها : أقسم أنه لو لم تكوني فتاةً لأدبتك !!.. هيا أذهبي من هنا و لا أريد رؤية وجهك مرةً أخرى !!.. إن رأيتك تحومين حولي أو حول أخي فسترين مني مالم تريه من أحد هل فهمت ؟!!.. و أنا جاد فيما أقول !!..
صرخت حينها و قد بدا أن غضبها ارتفع هي الأخرى : لا يحق لك طردي من هنا !!.. أريد أن أطمئن على ريك فلا شأن لك !!..
حاولت أن اسيطر على نفسي كي لا أتهور و أفتعل مصيبة هنا لذا اكتفيت بالصراخ بغضب واضح : اخرجي من حياتي كلها !!.. و إياك و التدخل في شؤوني و شؤون رايل بعد الآن !!.. لم أعد أريد رؤية وجهك أتفهمين !!.. هيا اغربي عن وجهي حالاً قبل أن أتهور و اقتلك في لحظة !!.. و لا تدخلي في حياتنا بعد الآن !!..
كانت قد أغمضت عينيها ع دموعها تتوقف لكنها لم تفلح بل ازداد بكاءها رغم أنها حاولت كتمه و حين علمت أنها لن تستطيع استدارت حالاً و ركضت مبتعدة خلال ذلك الممر ..!
التقطت انفاسي حينها .. لو أنها قالت شيئاً آخر لكنت قد ارتكبت فيها جريمة هنا !!..
عدت لأستند للجدار لكنني لم ألبث أن انهرت أرضاً بتعب ..!
قربت ركبتاي المثنيتان من صدري و وضعت رأسي عليهما و أنا أتمتم : رايل .. أرجوك كن بخير ..!
لقد كان في الغرفة المقابلة .. و معه طبيب و ممرضتان .. و قد استعملوا جهاز الصدمة الكهربائية أيضاً و هذا ما أفزع ليديا أكثر ..!
لا أعلم ما الذي يفعلونه الآن لكن لا يسمح لي بالدخول حتى ينتهوا ..!
و اكثر ما يقلقني هو أن الدكتور مارفيل مشغول الآن في احدى العمليات الجراحية و انيتا كذلك .. أما الدكتور ليبيرت فيبدو أنه غير موجود في المشفى اطلاقاً ..!
تذكرت حينها ذلك الدم الذي كان يسعله اليوم .. أيمكن أنها نهايته ..!
لا لا .. لا أريد التفكير في هذا !!..
دمعت عيناي لا شعورياً : رايل .. أرجوك لا تمت ..!
كان هذا جل ما أخشى منه .. أن يأخذه الموت مني .. كما أخذ والداي ايان و نيكول .. و كذلك جاستن و إلينا .. و أليس أيضاً ..!
لا أريد أن يلحق ريكايل بهم .. لأني حينها لن أجد سبباً كافياً لجعلي اتابع الحياة في هذا العالم ..!
............................................
فتحت عيني و أنا أشعر بالصداع .. كان نظري مشوشاً في البداية ..!
لكني بعد بضع لحظات تمكنت من تمييز ذلك السقف الأبيض .. لما أنا مستلقي هنا ؟!..
هذه الرائحة .. إنها تشبه رائحة المعقمات الطبية ..!
مستشفى ؟!.. يبدو أنني في احد المستشفيات ..! لما ؟!!..
- لينك ..!
حولت بصري قليلاً إلى ذلك الشخص الذي ناداني بهدوء و خوف لتلقي عيناي بعيني تلك الشابة التي تنظر إلي بقلق و بصوت متعب مبحوح تمتمت : أنيـ .. ـتا ..!
ابتسمت حينها بهدوء : جيد .. أنت بخير ..!
نظرت إلى جواري للحظات .. هذا المكان ليس غريباً علي .. لقد استلقيت هنا سابقاً ..!
اه .. انه مكتب الدكتور مارفيل .. لكن لما أنا هنا ؟!..
نظرت إليها و قلت بذات صوتي السابق : ماذا حدث ؟!..
بنبرة هادئة و حانية قالت : كنت فاقداً الوعي في أحد الممرات لذا قرر ادوارد نقلك إلى هنا حتى تستيقظ .. اطمئن فيبدو أنه مجرد إرهاق .. لقد قام ادوارد بتحليل عينة من دمك و لم يجد أي مشكلة ..!
بالفعل كنت أشعر بأثر وخزة في ذراعي .. لكن كيف حدث كل هذا دون أن أشعر ؟!!..
لما أنا في المشفى منذ البداية ؟!..
اتسعت عيناي حينها و بلا شعور جلست حالاً و هتفت : ريكايل !!..
ربتت على كتفي بسرعة لتهدئني و اعادتني مستلقياً : اطمئن فحالته مستقرة ..! لكنه لا يزال فاقداً الوعي .. أظن أن استيقاظه سيستغرق عدة ساعات ..!
عدت أنظر إليها للحظات ثم قلت : كم الساعة الآن ؟!..
- الخامسة فجراً ..!
- كانت العاشرة و النصف حين فقدت وعي على ما اعتقد ..!
- ربما .. لكن لا عليك كل شيء سيكون بخير ..!
لا أعلم لما لم اشعر بالراحة لنبرتها الأخيرة التي بدت غير واثقة منها ..!
دخل أحدهم حينها إلى الغرفة و ما إن وقعت عينه علي حتى قال : استيقظت .. حمداً لله على سلامتك ..!
بهدوء قلت : شكراً لك ..!
وقفت انيتا و جلست على حافة السرير فتقدم زوجها و جلس في مكانها على ذلك الكرسي الدائري الصغير : كيف تشعر الآن ؟!..
- صداع بسيط ..!
- هذا شيء طبيعي ..! يبدو أنك لم تأكل جيداً هذه الفترة مما جعلك تفقد الوعي ..!
هذا صحيح .. فأنا لم أكن آكل سوى القليل في الأيام الأخيرة .. حتى أني اتجاهل عدة وجبات ..!
بتردد قلت : ربما ..!
بجد قال : التغذية أمر مهم يا لينك .. و اهمالها يؤدي إلى أمراض خطيرة و قاتلة أحياناً .. لذا عليك الاهتمام بتناول الطعام و لا تنسى أن تهتم لنوعية ما تأكله ..! انظر إلى وجهك كيف هو شاحب و مصفر و كأنك لم تأكل منذ أيام ..!
لم أعلق على الأمر حينها فوقف هو و اتجه إلى مكتبه .. جلست على السرير حينها : كيف حال ريكايل ؟!!..
- استلقي !!..
هكذا قال بنبرة هادئة آمرة .. فلم أفهم ما يريد إلا عندما التفت إلي ليقول : لن يسير محلول التغذية في جسدك بسلاسة إن لم تستلقي ..!
نظرت حينها إلى ظاهر يدي حيث كانت ابرة المغذي الموصولة به تستقر هناك .. لذا استلقيت مجدداً ..!
أجابني على سؤالي حينها : لا استطيع القول أنه بخير ..! هل لحظت عليه أية أعراض غريبة قبل أن يفقد الوعي ؟!..
أخذت أتذكر ما حدث ليلة الأمس .. و بعد صمت قصير قلت دون أن أنظر للدكتور ادوارد : لقد قبض على صدره في البداية ..! ثم ركض إلى دورة المياه وهناك ..!
صمت حينها .. و طال صمتي ..!
مما جعل ذلك الطبيب يستغرب : ألن تتابع ؟!..
بهدوء قلت : كان يسعل دماً ..!
قطبت انيتا حاجبيها بقلق بينما بدا الهدوء على الدكتور ادوارد الذي فتح أحد الملفات على مكتبه ليقول : هكذا إذاً ..!
نظرت إليه بقلق : أخبرني أهذا سيء كثيراً ؟!..
دون أن ينظر إلي قال بهدوء يحمل بعض الجد : نوعاً ما .. أنه عارض طبيعي لقصور القلب .. لكنه خطر في الوقت ذاته خاصة لو استمر السعال لوقت طويل ..! لكن لا تقلق كثيراً بهذا الشأن ..!
أغمضت عيني حينها .. كيف يريد مني ألا أقلق ؟!..
- ألن تخبرني عن السبب الذي جعل ريكايل ينهار ؟!..
فتحت عيني مجدداً على نبرة الشك في صوته لكني لم أجب ..!
ذلك ما دعاه للقول : أعلم أن نوبة كهذه تخفي خلفها أموراً كثيرة ..! إن لم تكن تريد شرح التفاصيل فلا بأس بالمجمل ..! هذا ضروري من أجل التشخيص الطبي ..!
ترددت للحظات قبل أن أقول بهدوء : تشاجرت معه .. و قد كان السبب قوياً نوعاً ما عليه .. لذا كان غاضباً بشدة ..!
بنبرة منزعجة قال : ألم أطلب منك أن تبتعد عن ما يغضبه ..!
أغمضت عيني حينها و بنوع من البرود قلت : لم يكن بيدي .. كنت أريد التفاهم معه لكنه كان غاضباً منذ البداية و لم يسمح لي بالشرح ..!
أغلق الدكتور مارفيل الملف الذي بيده و وقف حينها و هو يقول بنوع من البرود يخفي خلفه بعض الاستياء : سأذهب لتفقده .. لا تغادر حتى ينتهي محلول التغذية ..!
كان واضحاً أنه غاضب لسبب ما حتى أنه صفق الباب من خلفه بانزعاج ..!
نظرت إلى أنيتا حينها و قلت بحيرة : هل قلت ما أزعجه ؟!..
ابتسمت لي حينها بذات هدوءها و بنبرة حانية قالت : ليس الأمر كما تعتقد ..! تعلم أن شخصية ريكايل حساسة بعض الشيء و هذا يقلق ادوارد كثيراً لأن حساسيته هذه تتعارض مع مرضه ..! لذا يجب عليك أن تكون أكثر حذراً في التعامل معه و أن تحاول قدر المستطاع عدم ازعاجه أو اغضابه حتى لا يحصل له كما حصل البارحة .. وكما تعلم لا تسلم الجرة في كل مرة ..!
تنهدت حينها بتعب .. لم يكن بيدي .. كنت أريد أن أشرح له الأمر بهدوء كي يتفهمه و بدون أن تسوء صحته ..!
لكن ليديا أفسدت الأمر ..!
تذكرت حينها أني تشاجرت معها بشدة في الأمس .. ربما أكون قد قسوت عليها بعض الشيء فأنا أعلم أن ما فعلته كان بحسن نية لكنها أخطأت تقدير الموقف ..!
قطبت حاجبي حينها .. فخطأها هذا كاد يقتل أخي و من الصعب مسامحتها على ما فعلته ..!
وقفت أنيتا حينها و هي تقول بذات ابتسامتها : سأذهب الآن و أعود بعد ربع ساعة حين ينتهي محلول التغذية لفصل الإبرة عن يدك .. و يمكنك بعدها المغادرة ..!
بتردد قلت : ألا يمكنني .. زيارة رايل ؟!..
تحولت ملامحها للحزن حينها لكنها بعدها قالت : ليس الآن .. حين يستيقظ سيسمحون لك بمقابلته ..!
لم أقل شيئاً فعادت هي للقول : سأخرج الآن .. ابقى مستلقياً في مكانك إلى حين عودتي ..!
بالفعل سارت مغادرة الغرفة فأغمضت أنا عيني .. و الآن كيف سأتصرف ؟!!..
انتبهت حينها إلى أني ارتدي بدلتي الرسمية ذاتها لكن بلا ربطة عنق .. أعتقد أني رميتها في شقة خالتي في الأمس .. أما السترة فقد كانت بجانبي على هذا السرير .. ربما نزعها أحدهم حتى استطيع الاستلقاء براحة ..!
نظام التدفئة في المشفى جيد لذا لا أشعر بالبرد رغم أني لا أرتدي سوى قميص خفيف ..!
لقد بدأت اتعب بالفعل .. ها أنا غارق في دوامة أخرى ..!
سأتزوج روز .. لكن كيف أقنع رايل بهذا ؟!.. من المستحيل أن أتركه بعد زواجي منها فهذا يعني أني لم أحصد شيئاً ..!
يبدوا أني سأحتاج وقتاً طويلاً لجعله يفهم الأمر و يدرك موقفي ..!
.................................................. ....
كنت أجلس على تلك الطاولة في المقهى الصغير في ذلك المبنى الطبي .. حيث أجبرتني انيتا على الجلوس ..!
لقد أخذتني إلى هنا و طلبت لي بعض الطعام كي أتناوله كفطور يعيد لي بعضاً من طاقتي التي فقدتها ..!
و بالفعل كنت أكل القليل من شطيرة الكرسان مع كوب قهوة فرنسية ..!
الهدوء كان يحيط بي حتى أوقفه جرس هاتفي .. من المتصل الآن ؟!..
أخرجت من جيبي بضجر و ما إن نظرت إلى اسم المتصل حتى شعرت بانزعاج عميق ..!
روزاليندا ..!
ماذا تريد هذه الآن ؟!.. الا يكفي ما سببته لي من مشاكل ؟!..
هل اتجاهلها ؟!.. لا هذا صعب .. فإن تجاهلتها الآن فلن استطيع فعلها فيما بعد بما أنها ستصير زوجتي ..!
و المصيبة أني لو تجاهلتها الآن فستساء و تبدأ بالقيام بأشياء لا أود ذكرها ثم سيستلزم على خطيبها الوسيم أن يرضيها و هذا الجزء الذي لا أحبه في الموضوع ..!
لأجب عليها و ارتاح ..!
بالفعل ضغطت زر الإجابة فأتاني صوتها حالاً : صباح الخير عزيزي ..!
يا للقرف !!..
حاولت أن تكون نبرتي عادية : صباح الخير .. عزيزتي ..!
بنبرة الغنج ذاتها : كيف حالك ؟!..
على وشك الموت : سعيد بسماع صوتك ..!
أطلقت ضحكة صغيرة و خافتة قبل أن تقول : هذا يعني أنك بخير .. هذا رائع ..!
نظرت إلى ساعتي لأرى أنها تشير للسادسة و النصف لذا قلت : أليس لديك مدرسة ؟!..
- بلا .. لكني أردت أن أطمئن على أحوالك فقط ..! ألن تعود للمدرسة لينك ؟!..
- ليس الآن عزيزتي .. ربما بعد الخطبة ..!
- لما ؟!.. أنت لاتزال واحداً من أفراد هذه الطبقة و الخطبة لم يتبقى لها سوى شهر من المؤسف أن تضيع دراستك هكذا ..!
لو تصمتين سيكون أفضل لي ..!
تنهدت حينها : لا استطيع حالياً .. لكن ربما بعد أسبوعين على الأقل ..!
- رائع .. سأكون سعيدة برؤيتك كل صباح ..!
و هذا من حظي المنحوس ..!
هنا سمعت صوتاً من خلفي ينادي : لينك ..!
التفت لأرى أنيتا تسير ناحيتي بسرعة فلم يكن لي إلى أن أقول : روزي عزيزتي يتوجب علي أن أغلق الآن .. إلى اللقاء ..!
- اه حسناً عزيزي .. إلى اللقاء ..!
أغلقت الخط حينها .. سحقاً لك يا خبيثة !!..
من المؤسف ان تصير امرأة مثلك شريكة لحياتي ..!
وصلت أنيتا إلى طاولتي حينها و على وجهها علامات البشر : لقد استيقظ ريكايل ..!
وقفت حينها فوراً : حقاً ؟!.. حمداً لله ..!
شعرت بالاطمئنان بالفعل فأنا كنت أخشى أن يطول الوقت خاصة أن الأمر كان قوياً علينا كلينا ..!
كنت قد دفعت الحساب مسبقاً و أكلت نصف الشطيرة لذا بلهفة قلت : أريد رؤيته ..!
اومأت لي إيجاباً بذات ابتسامتها التي تعبر عن اللطف و المودة و بعض الحينة : اتبعني ..!
بالفعل سرت خلفها مسرعاً ناحية المصعد ..!
صعدنا للدور الثالث حيث يحتوي مبنى طب القلب على ثلاثة أدوار و سطح .. الدور السفلي للعيادات و الدور الثاني لغرف الكشف و بعض غرف المرضى بينما الدور الثالث لغرف بقية المرضى ..!
اتجهنا فوراً للغرفة التي فيها ريكايل و قد كانت أنيتا أمامي و فتحت الباب حينها ..!
أخذت نفساً عميقاً و أنا أتذكر كم كان شجارنا بالأمس مفزعاً .. يفضل أن أكون هادئاً الآن و أن لا أتشاجر معه مهما قال ..!
دخلت حينها بخطوات هادئة .. و رأيته ..!
كان على ذلك السرير الذي رفع ظهره بشكل واضح كي لا يكون مستلقياً و قد كان الدكتور مارفيل يقف قربه و يتحدث إليه ..!
لم ينتبه إلي بل كان تركيزه مع الطبيب الذي نزع قناع الأكسجين عن وجهه لحظتها و هو يبتسم له و يطمئنه على أن كل شيء بخير ..!
شعرت حينها بالراحة فعلاً .. فلا أخفي عليكم أني اعتقدت أن هذا سيكون يومه الأخير بعد ما حدث ..!
رغم شحوب و اصفرار وجهه إلا أن ملامحه بدت هادئة للغاية ..!
تقدمت بعض خطوات و بتردد قلت : ريك ..!
انتبه لصوتي و التفت ناحيتي بذات نظرة الهدوء .. لكنه لم يلبث أن قال : أخرج ..!
ماذا ؟!!.. ماذا قال ؟!!..
لم أستوعب ما قله حقاً : ماذا ؟!..
بدا عليه الانزعاج حينها : أخرج لا أريد رؤيتك ..!
قطبت حاجبي مستاءً و حاولت الحفاظ على أعصابي و قبل أن أقول شيئاً تدخلت أنيتا التي قالت بذات لطفها رغم تعجبها و استغرابها من موقف رايل : ريكايل ماذا تقول ؟!.. لقد كان لينك قلقاً عليك و مهما حدث بينكما أنتما أخوان لذا لا داعي لأي خلافات ..!
لكنه حينها أوشح بوجه غاضباً : و أنا لا أريد أخاً مثله !!..
كنت مصدوماً بالفعل كما كان ادوارد و أنيتا إلا أن تلك الأخيرة حاولت اخفاء صدمتها و هي تقول : انه أخوك التوأم يا ريكايل .. و كلاكما يحتاج للآخر لذا ليس من الجيد أن تتشاجرا ..!
أغمض عينيه حينها رغم أني لحظت دموعاً فيهما و بنبرة مستاءة و متألمة صرخ وقد أطرق برأسه : أنا أحتاج أخاً يحترم رأي و يفهم مشاعري .. لا أخاً يشفق علي !!!..
.
.
ألهذا الحد .. أثر به الأمر ؟!..
هل صار ريك .. يكرهني ؟!!..
.
.
كنت لا أزال بصدمتي و لم اتمكن من الرد إلا أنه صرخ مجدداً بانزعاج أكبر : أخرج حالاً !!!..
نظر ادوارد ناحيتي و هو يقول : لينك .. غادر الآن و دع أخاك يأخذ قسطاً من الراحة ..!
أجل .. كان الدكتور مارفيل يخشى من أن تسوء حالة رايل بسبب وجودي !!..
و هذا مالم أتوقع أن يحدث إطلاقاً ..!
استدرت حينها و غادرت الغرفة و شيء ما يطبق على صدري ..!
ألم ؟!.. أم غضب ؟!.. أم حزن ؟!.. لا أعلم لكنه سيء للغاية !!..
كنت أسير بسرعة و لا أعلم إلى أين ستقودني قدماي لكني أشعر بالاستياء من كل ما حولي !!..
انتبهت حينها لدرج في ناحية الممر فاتجهت إليه .. لا يبدو أنه درج رسمي فهو صغير نوعاً ما .. كانت هناك أشعة تظهر من الأعلى و لذا بلا تفكير بدأت في الصعود إلى هناك ..!
ما إن وصلت حتى وجدت باباً حديدياً شبه مفتوح .. و حين فتحته أكثر انتبهت على أني وصلت إلى السطح ..!
بلا شعور خرجت حينها فلم يوقظني من شرودي إلا نسمة هواء باردة لفحت وجهي في لحظات ..!
رغم ذلك استمريت بالسير في ذلك السطح الواسع الفارغ .. كان هناك سور حماية من خيوط المعدن المتشابكة قبل حافة السطح بعدة خطوات ..!
اجتاحتني رغبة عارمة في تجاوزه و كأني طير يريد الخروج من القفص .. بالفعل أشعر أني مقيد !!..
ركضت حينها بسرعة و قفزت عليه ثم بدأت بالصعود من فوقه ولم يستغرق ذلك سوى لحظات حتى قفزت للجهة الأخرى ..!
كان هناك مسافة قبل الحافة .. لكني استندت على السور و أدخلت يدي في جيوب بنطالي الرسمي ..!
الجو بارد للغاية .. و هذه السترة الرسمية لا تقي من البرد رغم ذلك هذا ليس مهماً ..!
فالسخونة في مشاعري كفيلة بجعلي أنسا الجو من حولي ..!
مشهد ريكايل منذ لحظات كان يدور في ذهني .. هل يعقل بأني لن استطيع إقناعه بوجهة نظري ..!
تنهدت حينها بتعب ثم تمتمت : هذا إن أراد رؤيتي أصلاً !!..
رن هاتفي لحظتها فأخرجته من جيب بنطالي و نظرت إلى اسم المتصل لأتفاجأ نوعاً ما ..!
إنه لويفان ..!
غريب .. لما يتصل في هذه الساعة المبكرة ؟!..
ابتسمت حينها .. ربما كان في بلد بعيد التوقيت فيه مختلف ..!
أعرف صديقي جيداً و لن استغرب أنه نسي فارق التوقيت ..!
عموماً فقد اتصل في وقته .. أنا بالفعل احتاج شخصاً يسمعني الآن ..!
أجبت حينها و رفعت السماعة إلى أذني و قبل أن أقول شيئاً سمعت صوته الغاضب : لينك !!..
قطبت حاجبي مستغرباً من تلك النبرة المستاءة و باستغراب قلت : لوي ؟!!..
عاد صوته مجدداً بذات النبرة : ما الذي تفعله يا مجنون ؟!!.. أصحيح ما سمعته بشأن عرض الزواج !!!..
اتسعت عيناي و ازداد تعجبي .. من أخبره ؟!!.. لا يمكن أن تكون روز !!..
تحول تعجبي لاستياء و أنا أقول : ليس ليديا ثانيةً !!!..
- ليديا لا شأن لها !!.. أنا من أجبرتها على الكلام !!..
- تلك الحمقاء التي لا تمسك لسانها !!.. لقد أخبرتها بأن لا تتدخل و الآن تريد ادخالك في الموضوع لتغير رأي ؟!!!!..
فوراً هتف بغضب أكثر : توقف لينك !!.. قلت لك لا شأن لها .. أنا حين تحدثت إليها هذا الصباح تعجبت من صوتها و حين سألتها إن كانت بخير بدأت تبكي !!..
بغضب ضربت السور بقبضتي : أجل .. و قلبك الرقيق لم يحتمل سماع صوت فتاة تبكي فأجبرتها على الكلام !!..
- ليس هذا هو المهم !!.. قل لي هل ما قالته ليديا صحيح ؟!.. إن كان صحيحاً فأنت بالفعل فقدت عقلك !!..
- لن أجيبك ..! أما ليديا هذه فلها حساب عسير عندي !!..
بنبرة تهديد و وعيد غاضبة قال : لينك .. إياك أن تتعرض لها أو تؤذيها في شيء !!.. أبعد شيطانك عن ليديا و إلا فأنا من سأتصرف معه !!..
قطبت حاجبي مستغرباً من هذا الدفاع الجريء : لما ؟!.. لا تقل لي أنك ....!
قاطعني عندها بجد : بلا .. و هي تعلم و تبادلني ذات المشاعر !!.. لذا إياك و أن تسيء إليها بشيء لينك !!.. لقد ارادت هي مساعدتك فقط لكنك بالفعل لا تستحق !!.. إن فكرت فقد في فعل شيء يسيء إليها فأنا سوف أوقفك عند حدك !!..
ليديا و لوي !!..
حتى لوي صار ضدي بسبب هذه القصة التي لن تنتهي !!!..
لم استطع كتم أعصابي حينها فصرخت في الهاتف : سحقاً لك و لليديا و لروز أيضاً !!..
بعد تلك الكلمات أغلقت الخط في الحال و بلا شعور قذفت بالهاتف بعيداً عني فسقط من أعلى هذا المبنى !!..
انتبهت لما فعلته فأسرعت للنظر لأرى أن الهاتف اختفى بين الثلوج في الأسفل !!..
استندت إلى ذلك السور و أنا أقول : هذا أفضل .. لم يجلب لي غير المصائب ..!
أشعر بالتعب بالفعل .. فحين رأيت اسم لوي على الشاشة توقعت بأني سأهدأ بعد هذه المكالمة ..!
لكن صديق طفولتي ذاك دمر توقعاتي بل و قلبها أيضاً !!..
كله من أجل ليديا .. لا أعلم إن كان يفترض بي أن أكون سعيداً من أجلهما .. لكني لست كذلك الآن ..!
ذلك المعطف الوردي الطيف .. قالت أنه من صديق يسكن بالخارج .. هل تطورت علاقتهما لدرجة تبادل الهدايا الفاخرة ؟!!..
لا شأن لي بهذا !!..
أغمضت عيني حينها و تمتمت بإرهاق : لم يبقى لي أحد ..!
ابتسمت نصف ابتسامة و بسخرية قلت : عدا خطيبتي روزي بالطبع .. سحقاً لها تلك الحقيرة !!..
لقد تشاجرت مع ليديا .. مع ريكايل .. مع لوي .. مع ميشيل و تبعاً لها جوليا فبالتأكيد هي لن تكون راضية بعد ما فعلته لأختها ..!
حتى خالتي ميراي التي ربما تسمعني .. تشاجرت معها و هي مسافرة الآن ..!
لو اتصلت عليها فربما لن تسمعني قبل أن أعتذر .. عموماً هاتفي اختفى لذا لن استطيع الاتصال عليها ..!
و أنا لا أود إدخال أي من ادوارد و انيتا في المشكلة .. و لا حتى هاري ..!
تمتمت بتعب : أمي .. كنت الوحيدة التي ستسمعينني في هذه الظروف .. ليتك هنا الآن ..!
بالطبع كنت أقصد أمي إلينا .. فحتى أمي نيكول لا أعرف عنها سوى اسمها و معلومات سطحية ..!
جاستن و ايان بالمثل ..!
عدت أنظر إلى الأرض من هذا الطابق .. المكان مرتفع للغاية ..!
يا ترى .. ماذا سيحدث لو سقطت من هذا الارتفاع ؟!..
ربما أموت .. و حينها سأتخلص من كل هذه المصائب دفعةً واحدة .. و حينها لن أكون مضطراً للزواج من روزا ..!
ابتسمت بسخرية على أفكاري .. لا أعتقد أن موتي هكذا سيكون جيداً ؟!..
لكن بالتفكير في الأمر .. لن يكون سيئاً لو جربت هذا ..!
أن مت فليكن .. و كأن حياتي تستحق أن أكملها أصلاً ..!
و إن لم أمت فعلى الأقل سأكون قد جربت السقوط من هذا الارتفاع ..!
الدور الرابع ليس سيئاً .. و ربما خلال هذه السقطة سأتخلص من الغضب المكبوت في داخلي ..!
اقتربت من الحافة أكثر و بدأت أنظر إلى الأسفل ..!
كان مطلاً على الحديقة الصغيرة التابعة لهذا المبنى .. هناك بعض المرضى يتجولون في المكان .. ربما ثلاثة و ربما أكثر فيبدو أن هناك بعضهم تحت الأشجار فلا أراهم من موقعي ..!
انتبه لي رجل عجوز .. كنت أنظر إليه و أعلم أنه ينظر إلي .. لحظات حتى بدأ ينادي على الآخرين ..!
كنت استطيع سماع صوته بشكل خافت وهو يقول " أنظروا .. ماذا يفعل هذا الشاب على حافة السطح ؟!.. "
أردت أن أجيبه لذا ابتسمت بشيطانية و تمتمت : سأجرب الانتحار !!!..
أعلم أنه لم يسمعني .. لذا ردي في المرة القادمة سيكون عملياً ..!
و بالفعل .. فخلال لحظات .. كان جسدي وحده بين السماء و الأرض ..!
،نتوقف هنا ..!

أتمنى أن يكون البارت قد نال على إعجابكم ..!

في الحقيقة لقد تعبت عليه كثيراً لذا أتمنى أن أجد ردوداً تثلج صدري ..!

ننتقل للأسئلة ..!

حفل الخطوبة في الشهر القادم .. هل سيتم الأمر حقاً ؟!..


شجار لينك مع ريكايل احتد .. كيف سينتهي ؟!..

شجار
لينك مع ليديا أشعر الحطب .. أهو نهاية العلاقة ؟!..

شجار
لينك مع لويفان أيضاً .. ماذا سيحدث بينهما ؟!..

لوي و ليديا .. ما رأيكم ؟!..

و في النهاية ..
لينك قفز من الطابق الرابع .. أهي نهايته ؟!..

....


المقتطفات .. لا يوجد مقتطفات للأسف << تتوقعوا لينك مات o.o ؟!...

ههههه .. أن شاء الله إذا كتبت البارت القادم كامل بنزل لكم المقتطفات ..!

...


شيء آخر .. قد لا أتمكن من تنزيل باتات في عطلة الحج بسبب انشغالي .. أتمنى منكم تقدير ظروفي ..!

في رعاية اللله ..!

و كل عام و أنتم بخير ..!


جانا ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-13, 09:39 PM   #34

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





part 31


أين أنا ؟!!.. هذا مؤلم !!..
جسدي يرتجف .. أشعر بالبرد .. و أطرافي مخدره ..!
- أنت هيه أنت .. أتسمعني ؟!!..
- أهو ميت ؟!..
- لا انه يتنفس ..!
- لا تلمسوه .. ربما كسر عموده الفقري أو رقبته ..!
- انه ينتفض .. أخشى أنه يحتضر الآن ؟!!..
- أكان يحاول الانتحار ؟!..
- هذا ليس مهماً الآن .. استدعوا احد الأطباء لحمله ..!
- لقد اتى معي ممرضان و طبيب .. ابتعدوا جميعاً كي يتسع المكان لهم ..!
اصوات مختلطة كنت أسمعها .. هذا غريب فرغم أنني أفتح عيني إلا أني لا أرى سوى الظلام ..!
كان احدهم يتحسس جسدي .. شعرت بالألم عدة مرات لكني لم استطع التعبير عن هذا ..!
- هناك الكثير من الرضوض و الجروح .. يجب نقله لخياطة الجروح حالاً قبل أن ينزف حتى الموت ..!
شعرت بشخص يضع يده على جبيني .. من صوته علمت أنه ذات الشخص منذ لحظات : أنت .. هل تسمعني ؟!..
لم استطع الرد فعاد يقول : حاولت أن تتنفس بهدوء .. أعلم أنك تسمعني .. لا تتحرك حتى لا تشعر بالألم ..! حاول ان تكون هادئاً حتى لو تألمت ..!
بالكاد كنت أستوعب ما يقول .. هناك شيء ما يرن في رأسي ..!
شعرت بهم يحملونني حينها و لحظتها تفجرت ألام الدنيا في جسدي و كأنه محطم إلى قطع صغيرة ..!
لم استطع الصراخ لكنني شهقت بقوة لدرجة أني فقدت وعي لحظتها ..!
..................................................
بأعجوبة .. نجوت من الموت ..!
سقوطي على أغصان احدى الأشجار خفف من حدة اصطدامي بالأرض .. و وجود الثلج المتراكم تحتها أنقذني أيضاً فمن حسن حظي أنها كانت تثلج بغزارة الليلة الماضية كما من حسن حظي أن العمال لم يقوموا بإزاحة تلك الثلوج بعد ..!
رغم هذا حصلت على رضوض قوية و كدمات ملأت جسدي .. هذا غير الجروح التي كادت تقتلني .. لولا أني كنت أرتدي تلك السترة لكان هناك المزيد من الجروح القاتلة ..!
بالطبع تلك السترة تمزقت تماماً كما أجزاء من البنطال و القميص كذلك بسبب أغصان الشجرة ..!
لذا اضطررت لارتداء ملابس المشفى الخاصة ..!
الساعة الآن تشير إلى التاسعة صباحاً .. و قد تمت خياطة كل الجروح التي تحتاج لذلك ..!
كانت تلك الجروح متفرقة في جسدي متفاوتة في عدد الغرز من الثلاثة إلى السبعة غرز.. اعتقد أنها كانت ستة جروح .. لم أشعر بالألم بسبب التخدير الموضعي فيها .. و لكني كنت أتألم من تلك الكدمات ..!
لقد وضعوا عليها مراهم كثيرة و قاموا بتضميدها جميعاً .. وقد انتهوا من مداواتي قبل قليل فقط ..!
ها أنا في تلك الغرفة التي وضعت فيها وحدي كمريض في هذا المشفى الخاص بالجراحة ..! و الذي يقع داخل حدود هذه المدينة الطبية ..!
كان عندي ثلاثة أشخاص .. كما توقعتم فهم الدكتور مارفيل و زوجته انيتا و الدكتور ليبيرت ..!
لم أكن مهتماً إطلاقاً لنظرات الدكتور ادوارد الغاضبة .. و قبل ان يقول شيئاً أمسكت انيتا بيده وهي تقول : ادوارد لنخرج و نترك الدكتور هاري يتفاهم معه ..!
تعلم أن زوجها سينفجر الآن من غيضه و هي لا تعلم ما قد تكون ردة فعلي تجاهه ..!
نظر إلي نظرة حنق و هو يقول : مجنون !!..
خرج بعدها غاضباً و زوجته خلفه تحاول أن تهدأ أعصابه ..!
بعد أن أغلقت انيتا الباب نظر إلي هاري و تنهد بتعب : حسناً .. ألن تخبرني ماذا كنت تحاول أن تفعل ؟!..
ببرود أجبته : كنت أريد أن أجرب القفز المظلي .. لكني بعد أن قفزت تذكرت أني نسيت المظلة في المنزل .. و أنت تعرف الباقي ..!
ابتسم نصف ابتسامة و بسخرية قال : ظريف ..! تعتقد أني لا أعلم أنك كنت تنوي أن تنتحر ..!
بذات برودي و قد أغمضت عيني : أنتحر ؟!.. أطلاقاً أنا لم أفكر في هذا ..! إنه عمل مشين و يعاقب عليه القانون !!.. من قال لك أني أنوي الانتحار ؟!!..
- الناس الذين شاهدوك و أنت تقفز .. ألم تكن تبتسم بشيطانية ؟!.. أعتقد أنك جننت و لذا قفزت ..!
- الجنون ليس عذراً للانتحار حتى لو أنني جننت ..! ثم كيف استطاعوا رؤية ابتسامتي و أنا في الدور الرابع .. أنهم يكذبون عليك ..!
بدا عليه الضجر و هو يقول : اذاً تريد إخفاء الأمر الذي دفعك للانتحار خلف هذه البراءة التي تصنعها ..! أنا لن أصدقك إطلاقاً ..! لولا أني أعرفك مسبقاً لقلت أنك مريض نفسي ..!
ابتسمت ببرود : صنفني كما تشاء .. أنا لن أقول لك حرفاً واحداً ..!
رفع حاجبه وهو ينظر إلي باستغراب طفيف : إن لم تخبرني .. فسأضطر لاستدعاء طبيب نفسي لرؤيتك ..! في الحقيقة يفترض أن يكون هذا هو الاجراء المتبع لكني و بصعوبة اقنعت مدير المشفى بأني أعرفك جيداً و أنك يستحيل أن تفكر بالانتحار لذا وافق على جعلي أسألك عن السبب بنفسي ..!
بذات ابتسامتي الشيطانية المستخفة : استدعي رئيس الأطباء النفسيين في العالم ..! لأني لن أخبره بما لا أريد أن أقوله ..!
- حقاً ؟!.. يا له من تحدي ..! يبدوا أني سأستدعي أمهر طبيب نفسي عندنا ..! ان لم تعترف سيعطيك أدوية تجعلك تقول ما لا تريده مجبراً ..!
- ليفعل ما يشاء ..! لن أنطق حرفاً حتى على جثتي ..!
- كما تريد ..!
وقف حينها و اتجه إلى الباب و فتحه .. استدعى احدى الممرضات و قال لها بجد : استدعي الدكتور جيرالدو في الحال ..!
ماذا ؟!.. ماذا قال ؟!!.. الدكتور ماذا ؟!..
.
.
.
بلا .. الدكتور جيرالدو !!!..
.
.
.
صرخت حينها بفزع : هاري توقف !!!!!!!..
التفت ناحتي باستغراب كبير بينما كدت أنزل من سرير لو لا أني لا أقوى على الحركة !!..
من شدة صدمته طلب من الممرضة الذهاب دون ان تستدعي احداً ثم أغلق الباب و تقدم ناحيتي : ما بك فجأة ؟!..
شعرت بالتوتر حينها .. لذا بقيت صامتاً بينما ابتسم هو بمكر و قد فهم شيئاً ما : يبدو أنني سأستدعي الدكتور جيرالدو ..!
بارتباك قلت : أي طبيب نفسي غيره !!..
بذات خبثه قال : لا .. سأستدعيه هو ..!
شعرت بالتوتر حينها .. إنها مصيبة .. ليس ذلك الرجل !!..
تنهدت حينها بتعب .. لن استطيع التوقف عن هذا : حسناً .. أفضل الحديث معك ..!
جلس على المقعد قرب السرير مجدداً : إذاً .. هل تعرف ذلك الطبيب ؟!..
بانزعاج قلت : صديق أبي ..!
باستغراب سأل : أبوك ؟!.. جاستن أم أيان ؟!..
- بالكاد أعرف إيان نفسه حتى أعرف أصدقائه ..! بالطبع هو صديق جاستن ..!
- اها .. و تخشى أن يراك فيقول ان ابن صديقه مجنون ..!
تمتمت حينها بانزعاج دون أن يسمعني : للأسف هو يعلم أني مجنون مسبقاً ..!
لمن لم يتذكر ذلك الطبيب .. فهو ذاته الطبيب الذي كانت أمي إلينا تريد منه عقد جلسات نفسية معي حتى يعدل شخصيتي !!..
بالكاد تخلصت منه في السابق لذا يستحيل أن أراه الآن ..!
غير ذلك فهو معروف في عالم النبلاء و لو حصل و علم أحدهم بمكاني فسأكون في ورطة ..!
أنا أصلاً لا أريد رؤية ذلك الرجل ..!
- الن تتكلم الآن ؟!.. أم تنتظر حتى أقوم باستدعاء صديق أبيك ..!
نظرت إلى الدكتور ليبيرت الذي قال هذا بمكر ..!
سحقاً لك يا هاري .. لقد وجدت احدى نقاط ضعفي ..!
تنهدت حينها بضجر : ماذا تريد أن تعلم ؟!..
بدت نظرات الانتصار في عينيه لكنه بعدها تنحنح بجد : حسناً .. ما الذي دفعك لمحاول الانتحار ؟!..
صمتت للحظات قبل أن أقول بهدوء : واجهت بعض الضغوط النفسية .. شعرت أني وحيد للحظات لذا لم استطع إلا أن أقفز لأبعد الأفكار السوداء عن رأسي ..!
قطب حاجبيه باستياء : وحيد و أنت لديك أخ توأم .. إذاً ماذا تقول عن من ليس لديهم أخوة ؟!..
أغمضت عيني و اسندت رأسي إلى الوسادة خلفي : حتى أخي التوأم لم يعد يردني .. أعز أصدقائي .. الفتاة التي احبها .. أمي العزيزة .. أقربائي .. و غيرهم أخرون .. كلهم الآن صاروا بعيدين عني ..!
بدا الهدوء على الدكتور هاري حينها : هل تشاجرت مع ريكايل ؟!..
بذات وضعيتي قلت : للأسف نعم ..!
بجد سأل : و ما هذا الشيء الذي جعلكما تتشاجران رغم قوة الصلة بينكما ؟!.. بل إلى الحد الذي دفعك لرمي نفسك من الدور الرابع ؟!..
فتحت عيني و بهدوء ممزج ببعض الجدية قلت : استمع .. و لا تقاطعني ..!
بدأت أتحدث عن ما كان يحدث منذ فقدت ثروتي .. و كيف كنت خائفاً على صحة ريكايل بعد أن لم يعد لدينا مال .. ثم كيف أن روزاليندا اتصلت بي و أخبرتني بأنها ستعيد نصف الثروة أن تزوجتها و كيف ان ادريان عرض علي بيع القصر بمبلغ جيد إن تزوجت وريثة دايفيرو .. ثم تحدثت له عن موقفي من ذلك و كيف اني سألت ميشيل عن رأيها ثم طلبت منها أن تخرج من حياتي لأني سأتزوج روز .. و ختمت الأمر بموقف ريكايل حين علم بعد عودتي من قصر دايفيرو ..!
تنهدت حينها بإرهاق : و هذا كل ما حدث ؟!!..
لم أفقه إلا بضربة من قبضته كادت تحطم رأسي !!!..
وضعت يدي اليمنى على رأسي و صرخت : هيه أنت .. ماذا تفعل ؟!..
بشك قال : أتأكد إن كان هناك دماغ في رأسك أم أنه لا يوجد سوى هواء ملوث و دم فاسد ؟!..
- سأشتكي عليك بتهمة ضرب أحد المرضى ..!
- سأقول بأنك مجنون و أنك حاولت التهجم علي و أني دافعت عن نفسي فقط !!..
- سأخبرهم بأنك تكذب ..!
- لا أحد هنا يصدق المجانين لذا لا تتعب نفسك ..!
يا له من مستفز !!.. أنه يجد الطريقة المثلى ليرغمني على ما يريده !!..
تنهدت حينها و عدت لاستند إلى تلك الوسادة : لما فعلت هذا ؟!..
بضجر قال : لأني أريدك أن تستيقظ من أحلامك الواهية ..!
- أنت لا تفهم ما اشعر به ..!
- بلا أفهم .. و استطيع القول أنك أحمق و أهوج ..! هل تظن أن زواجك بتلك السحلية سيحل مشاكلك ؟!..
كتمت ضحكتي على وصفه روز بالسحلية .. لكنني حاولت المحافظة على موقفي المستاء : كان هذا من أجل ريكايل ..!
- من خدعك وقال أن ريكايل بحاجة للمال ؟!..
- لا أحد .. أنا بنفسي استنتجت هذا ..! كل مريض يحتاج للمال للمحافظة على صحته ..!
- كل المرضى .. إلا ريكايل ..!
نظرت إليه بتعجب و حيرة : ماذا تقصد بكلامك ؟!..
تنهد حينها و قال بجد و هدوء : أقصد أن ما يحتاجه ريكايل ليس المال .. هو فقط يحتاج لحياة سعيدة ..! مرضة متعلق بنفسيته .. لذا إن لم يكن مرتاحاً نفسياً فسيمرض أكثر ..! العيش في عالم النبلاء لا يناسبه ..! كل ما يريده هو أن يعيش معك حياة بسيطة و سعيدة ..! إن كنت حقاً خائفاً على صحته فعليك التكيف مع ما يناسبه هو و ليس ما يناسبك أنت ..!
أوشحت بوجهي حينها بانزعاج : هذا لا ينفي الحاجة للمال ..!
وقف حينها و هو يقول : للأسف أنت لا تفهم ريكايل بعد ..!
اتسعت عيناي اثر جملته تلك بينما سار هو ناحية الباب وهو يقول : لا تغادر هذه الغرفة حتى يسمحوا لك .. و إلا ..!
نظر إلي بطرف عين : فإني سأستدعي الدكتور جيرالدو ..!
خرج بعدها تاركاً إياي في حيرة من أمري ..!
.................................................. ................
كنت أحتسي من كوب شاي أحضرته لي انيتا كي أريح اعصابي ..!
و في الوقت ذاته أفكر فيما علي فعله ..!
الساعة كانت الثانية ظهراً .. رغم أني حاولت أن أنام إلا أني لم استطع ..!
أخبرني الطبيب المشرف على حالتي اني سأغادر المشفى مساء الغد ..!
و بالطبع تولا هاري اقناع الطبيب و مدير المشفى بإخفاء الحادثة بعد أن أخبرهم أني سقطت بسبب شعوري بالدوار ..!
من الجيد أن الأمر لم ينتشر فحتى المرضى الذي رؤوني كانوا قلة و متفهمين للأمر ..!
و لأنه كان في الصباح الباكر لم يكن المشفى مزدحماً و حتى العاملون لم يصلوا جميعاً إليه ..!
كل هذا من حسن حظي الذي كان تعيساً للغاية في الفترة الأخيرة ..!
ماذا أفعل الآن ؟!..
كلام هاري يدور في رأسي ..!
.
(( للأسف أنت لا تفهم ريكايل بعد ))!!..
.
انه يذكرني بجملة سمعتها من ليديا سابقاً ..!
.
(( رغم أنك أخوه التوأم لكنك لا تستطيع فهم ما في داخله ))!!..
.
أحقاً أنا غير قادر على فهم ريكايل ؟!!..
.
(( أنا أحتاج أخاً يحترم رأي و يفهم مشاعري .. لا أخاً يشفق علي ))!!..
.
يبدو أني بالفعل لا أفهم شعوره ..!
أتعلمون .. بطريقة سحرية تلك السقطة من الدور الرابع أعادتني لصوابي ..!
ربما من الجيد أن أفعل هذا في كل مرة تواجهني مشكلة ..!
هل ارفض عرض دايفيرو ؟!..
لا أعلم .. لست مقتنعاً تماماً بعد ..!
لدي وقت كبير للتفكير .. ثلاثة أسابيع حتى يعلم الجميع أني تقدمت لروز و خمسة أسابيع حتى موعد الخطبة ..!
أنه وقت كافي لأفكر بالأمر بروية تامة و أعيد النظر في كل شيء ..!
و أيضاً هي فرصة لأحاول إقناع رايل بوجهة نظري اتجاه الموضوع ..!
عموماً .. سأدرس الموضوع بدقة فالأمر سيحدد حياتي القادمة بأسرها ..!
نظرت إلى هاتفي الذي احضرته لي أنيتا .. لقد رميته من السطح مع ذلك لم يتحطم .. الثلوج حمته من ذلك ..!
هه .. بما أنها حمت جسدي الثقيل فليس غريباً أن تحمي هذا الهاتف ..!
هذا جيد نسبياً .. فلا أظن أني استطيع شراء هاتف جديد الفترة الحالية ..!
.................................................. ......
مضت ثلاثة أيام منذ ذلك اليوم المشؤوم ..!
و اليوم هو الخميس ..!
الساعة هي السابعة مساءاً ..!
خرجت أنا من المشفى يوم الثلاثاء .. أما ريكايل فلم يحددوا موعد خروجه بعد ..!
أنا لم أره منذ طردني ذلك اليوم .. لأنه رفض ذلك !!..
و لأن صحته لا تزال على المحك قال ادوارد أنه من الأفضل أن لا يغضب حتى على اتفه سبب و إن كان ذلك السبب رؤيتي !!..
يبدو أنني تافه بالفعل في نظرهم ..!
خالتي ميراي لا تزال في اميركا ..!
أنا لم أخبرها بما حدث لريك .. بل لم أتحدث إليها أصلاً ..!
أخبرتني أنيتا أنها تتصل بريكايل كل يوم و أنه لم يخبرها بأنه بالمشفى بل كان يقول لها أنه بخير و أنه معي في شقتها ..!
عموماً ذلك جعلني أشعر بأني ابن البطة السوداء .. فلما ريك وحده من يتم الاتصال به ؟!..
لم يكن ذلك مهماً كثيراً .. المهم الآن أني سأعود لمحاولة اقناع أخي بأن يسمح لي برؤيته ..!
لذا ها أنا دخلت إلى مبنى طب القلب في تلك المدينة الطبية و ها أنا متجه إلى غرفة ادوارد كي أطلب منه أن يسأل ريكايل إن كان يسمح لي بالدخول عليه أم لا !!..
فجأة بت أشعر بأني أسبب الحساسية ..!
لكن لا بأس .. يمكنني تحمل هذا بما أنه متعلق بصحته .. أما لو كان بصحة جيدة فأنا لن أسمح له أن يفعل ما يشاء متى أراد ..!
قبل وصولي إلى مكتب إدوارد رأيت ذلك الأخير يسير في ذات الممر أمامي ..!
اتجهت ناحيته حالاً فانتبه إلي و بدا عليه توتر طفيف : مرحباً دكتور مارفيل ..!
- أهلا لينك ..!
- كيف حال ريك ؟!..
- اه ريكايل .. إنه بخير ..!
لم يعجبني تردده ذاك لذا قلت : أهناك شيء ؟!..
أومأ سلباً حالاً : إطلاقاً .. كل شيء على ما يرام ..!
لم أرتح لكلامه لذا سألت : إذاً .. هلا سألته إن كان يمكنني رؤيته الآن ؟!..
بارتباك قال : لا .. لا يمكنك ..! أقصد .. هو قال أنه لا يمكنك !!.. لقد كنت عنده منذ لحظات ..!
رأيت أنيتا تسير ناحيتنا بابتسامتها المعتادة .. لكن ما ان انتبهت إلي حتى تغير وجهها ..!
بسرعة سرت ناحيتها و أنا أقول بقلق : هل ريكايل بخير ؟!..
بتوتر قالت : أجل .. لما تسأل ؟!..
- أريد رؤيته حالاً ..!
- كنت عنده منذ لحظات .. إنه نائم منذ ساعة و لا أظن أنه سيستيقظ قريباً ..!
بدهشة هتفت : نائم !!!!!..
نظرت إلى ادوارد بطرف عين و قد بدا عليه التوتر حتى أنه أوشح بوجهه عني : قلت .. رفض رؤيتي منذ لحظات .. و هو نائم منذ ساعة ..!
لم انتظر ردهما بل ركضت في ذلك الممر ناحية الدرج ..!
صعدت حالاً إلى الدور الثالث متجاهلاً وجود المصعد .. و فور أن وصلت إلى هناك ركضت ناحية الغرفة التي يفترض أن تكون لرايل ..!
فوراً فتحت الباب و نظرت إلى داخل ..!
كما توقعت .. لا أحد هنا .. الغرفة فارغة و مرتبة بعناية .. كشكلها بعد مغادرة صاحبها من المشفى ..!
انبهت لصوت خطوات متسارعة بالقرب مني ..!
كان الدكتور مارفيل و انيتا و هما ينظران ناحيتي بقلق .. ذلك ما جعلني أقول باستياء : يا له من تصرف طفولي ..!
تنهدت انيتا بتعب ثم قالت : لقد طلب منا أن لا نخبرك بأنه غادر المشفى ..! و نحن نفذنا لأنه ان أخبرناك و علم ريك بهذا فسيغضب و قد يؤثر هذا على صحته ..!
تابع ادوارد حينها : لقد سمحت له بالخروج اليوم فطلب مني أن أخفي الأمر عنك .. و قد فعلنا هذا كما قالت انيتا ..! لينك هدء من أعصابك ..! لقد غادر منذ ساعتين لذا ظننت أنك رأيته في المنزل ..!
تنهدت بتعب و أنا أقول : لقد غادرت المنزل منذ الرابعة .. لو كنت أعلم أنه سيخرج لبقيت هناك ..!
فوراً قالت أنيتا : إن ذهبت الآن فستجده هناك بالتأكيد ..!
أومأت إيجاباً فقال الدكتور ادوارد بجد : لكن لينك .. حاول أن لا تغضبه .. و لا تذكره بشجاركما ..! و إن طلب منك ألا تقترب منه فافعل ما يريده ..! على الأقل في الفترة الحالية حتى يعود إلى صحته الكاملة ..!
باستياء قلت : إن لم يكن بصحته الكاملة فلما أخرجته من المشفى ؟!..
- البقاء في المشفى لن يفيد .. لو بقي هنا أكثر فقد يشعر بالإحباط و ينزعج أكثر خاصة مع عدم وجود زوار ..! لذا خروجه من هنا أفضل له ..! اطمئن فلولا أني أعلم أن مغادرته لن تضره لما سمحت له ..!
لم أجد ما أقوله حينها غير : شكراً على تقديركما لظروفه الصحية ..! أستأذن الآن ..!
جملتي الأخيرة لم تكن ممتنة بالفعل بل استطيع القول انها مجرد مجاملة و اعلم أنهما يعلمان هذا ..!
سرت بعدها و قد قررت مغادرة هذا المكان في الحال ..!
علي أن أسرع إلى المنزل ..!
.................................................. .........
وصلت إلى الشقة أخيراً ..!
و أخرجت المفتاح من جيبي .. من الرائع أني أعطيت انيتا النسخة الأخرى من المفتاح لعطيها ريكايل .. و إلا لبقي ينتظرني هنا ..!
استجمعت أنفاسي .. سأدخل الآن ..!
فتحت الباب بالفتاح و دخلت و تعمدت أن أقول : لقد عدت ..!
لم أسمع رداً .. بالتأكيد لن يقول " أهلاً بعودتك " لأنه بالطبع غاضب الآن ..!
تنهدت حينها .. لم أجد طريقة لإرضائه بعد .. لكن أعتقد أن قراراتي الجديدة سترضيه ..!
اتجهت إلى غرفة الجلوس .. لا أحد هنا ..!
الردهة .. دورة المياه .. المطبخ .. غرفة النوم .. لا أحد !!..
أين ذهب ؟!..
حتى المخزن الصغير المليء بالصناديق لا يوجد به أحد !!..
هل خرج يا ترى ؟!..
لا يمكن .. لا يزال مريضاً و لن يحتمل الخروج في هذا الجو البارد !!..
قطبت حاجبي بانزعاج : متى ستكف عن هذه التصرفات يا رايل ؟!!..
انه يكابر بالفعل .. لقد خرج للتو من المشفى وهو يعلم بالطبع بأن عليه ان يأخذ قسطاً من الراحة ..!
يجب أن أعيده إلى هنا على الفور ..!
أسرعت حينها و غادرت الشقة ..!
نزلت إلى الدور السفلي و من فوري ركضت ناحية الحارس الضخم : عذراً ..!
نظر إلي بهدوء :أهلاً ..!
- هل رأيت أخي ؟!..
- أخوك التوأم ؟!.. لا ..!
- ألم يأتي إلى هنا ..!
- إطلاقاً .. أنت من كان يدخل و يخرج طيلة اليوم ..!
ازداد قلقي و خوفي حينها فسأل هو باستغراب : هل خرج من المشفى ؟!..
أومأت إيجاباً : منذ ساعتين .. لكني لم أعلم إلا قبل قليل ..!
- هكذا إذاً .. إن رأيته فسأخبرك ..! ربما ذهب لزيارة أحد أصدقائه ..!
شكرت الحارس حينها و خرجت .. يجب أن أبحث عنه ..!
أي أصدقاء سيزورهم ؟!..
جوليا ؟!.. ربما ..!
أخرجت هاتفي و اتصلت برقم جوليا .. لكنها لم تجب ..!
لا شك أنها غاضبة مني .. كيف تجرأت و اتصلت بها أصلاً ؟!!..
الملجأ ..! بالتأكيد هو هناك ..!
اتصلت على هاتف الملجأ فأجابتني الآنسة جينا .. سألتها عن ريك فقالت أنها لم تره و أنه لم يأتي اليوم ..!
أشعر بالخوف .. أين ذهب ؟!!..
اتصلت بالدكتور إدوارد و سألته إن كان رايل قد قال شيئاً عن وجهته ؟!.. لكنه نفى علمه بشيء ..!
و حين علم أن ريك غير موجود في المنزل بدا القلق في صوته وهو يقول أنه ربما فقد الوعي في طريقه للشقة !!..
كلامه ذاك بث مزيداً من الرعب في داخلي ..!
خاصة أن هاتف رايل مغلق رغم محاولات اتصالي به ..!
أخبرني ادوارد بأنه سيرسل أنيتا لتبحث معي .. إنها بالفعل خدمة عظيمة ..!
بدأت أركض في الشوارع و أبحث في المقاهي !!..
اتصلت بهاتفه عدة مرات و وجدت ذات النتيجة في كل مره .. مغلق !!..
بدأ خوفي يزداد .. كنت أركض كالمجنون في الشوارع و أسأل من يصادفني إن كانوا قد رأوا شاباً يشبهني يسير هنا أو هناك ..!
لكن لا أحد أجابني إجابة شافية ..!
مضت ساعة و نصف من الركض و البحث .. حتى أني أنهكت تماماً ..!
الساعة باتت تشير إلى التاسعة و النصف ..!
التقيت أنيتا في احد الشوارع و فور أن رأتني ركضت ناحيتي : ما الأخبار ؟!..
نبرتها القلقة كانت واضحة فقلت أنا بتعب و إنهاك : لم أعثر على أثر ..! حتى أني سألت أصحاب المقاهي إن كان قد دخل إلى أحدها فلم أحصد أي نتيجة ..!
- أنا اتصلت بالمستشفيات القريبة .. لو كان فقد الوعي فلا شك أنه نقل إلى أحدها .. لكن جميعهم يقولون بأنه ليس عندهم ..! ادوارد اتصل بي و أخبرني بأنه لم يعد للمدينة الطبية حتى ..!
- ماذا أفعل الآن ؟!!.. أنيتا أرجوك يجب أن نجده ..! اخشى أن يكون قد فقد وعيه في احد الشوارع الفرعية فلم ينتبه له احد ..!
- ألا يمكن أن يكون عند احد معارفكم ؟!..
- جوليا لا تجيب على اتصالاتي ..! و ملجأ الأيتام يقولون بأنه لم يزرهم اليوم ..!
- أعطني رقم جوليا .. و سأسألها بنفسي ..!
لم يكن مني إلا التنفيذ فأرسلت الرقم بسرعة إلى رقم انيتا التي اتصلت بسرعة .. بعد لحظات بدا أن جوليا أجابتها : مرحباً آنسة جوليا .. أنا أنيتا ممرضة في المدينة الطبية ...... أجل أنا هي من كانت تهتم بريكايل ....... كنت أريد أن أسألك إن كنت قد رأيته اليوم ....... حقاً ؟!.. ......... لا لا إنه بخير لكنه غادر المشفى و لم يذهب لمنزله لذا قلقت عليه بعض الشي .. ربما يكون في ملجأ الأيتام ......... آه شكراً لك .. إلى اللقاء ..!
أغلقت الخط حينها و نظرت إلي بإحباط : لم تره .. قالت بانها ستتصل بنا إن ذهب لزيارتهم ..! لقد اقلقها كلامي بالفعل ..!
تنهدت بتعب : أين يمكن أن يكون ؟!..
ليديا !!..
كيف نسيت أمرها ؟!!..
من فوري أخرجت هاتفي و اتصلت بها ..!
لم تجب مباشرة لكن بعد مضي بعض الوقت وصلني صوتها : نعم ؟!..
هتفت في الحال بغضب : ليديا !!..
جاءني صوتها البارد حينها : أهذا أنت يا لينك ؟!.. اعذرني فهاتفي لم يظهر لي اسمك .. لقد محوت رقمك منذ يومين ..!
- لا داعي لهذا .. اعلم أنك تكذبين فأنت لن تمحي رقمي بسهولة ..!
صمتت للحظات مما أثبت لي صحة كلامي ..!
لكنها بعدها نطقت بانزعاج : ماذا تريد ؟!.. ألم تقل أنك لا تريد رؤيتي و لا تريد مني أن أتدخل في حياتك ؟!..
أخذت نفساً عميقاً و سألت : أين ريكايل ؟!..
بنبرة استنكار : و ما أدراني ؟!.. لقد طلبت مني أن لا أقترب منه هو الآخر ..!
قطبت حاجبي حينها : ألا تعلمين أين هو ؟!..
- لا .. أنا لم أره منذ ذلك اليوم الذي دخل في المشفى ..! لما هل حصل شيء ؟!..
كانت هناك نبرة قلق في سؤالها .. صمت قليلاً قبل أن أقول : لقد خرج من المشفى .. و لا أعلم أين هو ؟!..
بدا الخوف في صوتها : ماذا تقصد ؟!!.. ألم تكن معه حين خرج ؟!..
- لا .. خرج دون علمي ..!
- يا إلهي .. هل بحثت عنه ؟!..
- أجل .. حين لم أجده فكرت في أنه قد التقى بك أو شيء من هذا القبيل ..!
- أنا لا أعلم عنه شيئاً ..! أتريد مني أن أبحث عنه ؟!!..
- لا .. سأتابع أنا البحث ..! لقد حل الليل لذا لا داعي لخروجك ..!
- لينك طمئني حين تجده .. و إن لم تجده فأخبرني حتى أقدم المساعدة ..!
- لا عليك .. أنا واثق أننا سنجده قريباً .. إلى اللقاء ..!
- مع السلامة ..!
أغلقت الخط حينها و تنهدت : غير معقول .. حتى ليديا لا تعرف أين هو ..!
ربتت انيتا على كتفي حينها : لينك .. عد للمنزل .. و لو مرت ساعة أخرى و لم يعد فسنبلغ الشرطة ..!
بقلق قلت : حتى لو بلغنا الشرطة ..! لن يبحثوا عنه قبل مضي أربع و عشرين ساعة على اختفائه ..! اخشى أن يصيبه شيء حتى ذلك الوقت ..! ما كان عليكم بالسماح له بالخروج ..!
- اهدأ .. أخبرتك بأنه سيكون بخير .. ثق به ولو قليلاً ..!
- لا فائدة من الكلام في هذه الحال .. حتى الشرطة لن يتحركوا لو اخبرناهم ..!
ابتسمت لي بهدوء : إن شرحنا لهم ظروفه الصحية فقد يتفهمون الوضع ..! هيا عد للمنزل .. و إن عاد فاتصل بي في الحال ..!
اومأت موافقاً .. فهذا الحل الوحيد لدي الآن ..!
.................................................. .. عدت للمنزل بالفعل .. لكن كما توقعت .. لا احد هنا ..!
جلست على طاولة الطعام الصغيرة بتوتر .. أين تراه ذهب ؟!.. هو لم يأتي إلى هنا أصلاً ..!
حارس العمارة قال أنه لم يرى شخصاً غيري اليوم ..!
ربما لم ينتبه بسبب الشبه ؟!.. لا لا .. هناك فرق بيننا ..!
يا إلهي ريكايل .. لما تفعل هذا بي ؟!..
أمسكت رأسي بين يدي و تنهدت بضيق .. لو حدث له شيء فأنا لن اسامح نفسي ..!
الموقف الأخير بيننا كان سيئاً .. فبينما كنت قلقاً عليه طردني من الغرفة بلا تردد ..!
أنا لا ألومه .. اجل كنت أستحق أكثر من هذا ..!
و لكن ما يحدث الآن يتجاوز طاقتي ..!
إن لم يظهر في الحال فسوف اصاب بالجنون !!!..
اين أختفى ؟!.. لما الآن ؟!!.. ريكايل أرجوك عد ..! أنا لم أعد احتمل هذا ..!
استيقظت من شرودي على صوت القفل .. و من بعده هناك من فتح باب الشقة ..!
لاشك أنه هو .. أجل !!..
على الفور وقفت و هتفت : ريكـ ...!
اتسعت عيناي حين رأيت ذلك الشخص الذي دخل .. من هذا ؟!..
كنت مصدوماً للغاية .. بينما كان ينظر إلي ببرود بعينيه الخضراوين بينما شعره الأشقر قد انسدل عليهما من الأمام ..!
بدلة رسمية فاخرة .. و ربطة عنق أيضاً ..!
كانت عيناي تتسع أكثر و أنا أحدق به مذهولاً ..!
يدي استقرت على صدري من شدت التوتر و بتردد قلت : ريكايل ؟!.. لا .. لينك ؟!.. أهذا أنا أم أنت ؟!..
كان ما أراه أشبه بصورة .. صورة لي !!..
قطب حاجبيه حينها : ما بك تهذي ؟!..
شهقت حينها بخفة .. حتى الصوت متطابق !!..
لوهلة .. كنت اشك أني أقف أمام مرآة .. لأنني للمرة الأولى ألحظ كم أشبه ريكايل ..!
لا .. بل هو من صار يشبهني ..!
تقدم بضع خطوات و هو يشد ربطة العنق إلى الأسفل كي يوسعها : سحقاً .. كان من الممكن أن اختنق .. لهذا أكره ربطة العنق ..!
هدت اعصابي قليلاً .. انه ريكايل بالفعل .. للمرة الأولى اراه يرتدي ربطة العنق ..!
اخذت نفساً عميقاً و هدأت .. انه بخير وهذا هو المهم ..!
الآن انا مطمئن ..!
لكن هناك شيء مهم أيضاً .. أين كان طيلة هذا الوقت ؟!..
و لما هو بهذا الشكل ؟!..
ربطتي .. بدلتي .. قصة شعري .. و حتى حذائي !!..
بجد نظرت إليه : لما تنكرت بشكلي ؟!..
ابتسم نصف ابتسامة و تجاوزني ببرود وهو يعلق : انه شكلي انا أيضاً .. كل ما فعلته هو أني تركت شعري حراً و لم اصففه إلى الخلف ..! هل يعد هذا تنكراً ؟!..
كلامه أصابني بالتوتر .. لم يخطر ببالي أن تصفيف الشعر كان يشكل ذلك الفرق الكبير بيننا فبمجرد أن غيرها صرنا توأمين متطابقين ..!
التفت لأراه يجلس على كرسي طاولة الطعام الصغيرة بكل هدوء فوقفت بجواره : إذاً .. لما تبدو مثلي تماماً ؟!.. صحيح أننا توأمان .. لكن قصة الشعر هذه خاصتي !!..
نظر إلي ببرود و قال : احتجت لأن أكون أنت لبعض الوقت .. كي أصحح بعض الأمور ..!
اتسعت عيناي مذهولاً ..!
أي مصيبة فعلها يا ترى ؟!..
نبضات قلبي أخذت في التسارع فتلك النبرة الجامدة تقلقني بالفعل و نظرة الجد في عينيه دليل عن ان هناك شيئاً كارثياً حصل : وماذا فعلت ؟!..
نظر إلي بكل ثقة وابتسم : الغيتها ..!
لم أفهم ما قصد بكلمة ألغيتها ؟!..
لكنه أكمل كلامه بابتسامة ماكرة للغاية : خطبة تلك الشيطانة ..! ذهبت لقصرهم و ألغيتها ..!
.
.
.
ألغاها ؟!.. خطبتي بروز ألغيت ؟!.. و على يد من ؟!.. ريكايل !!..
.
.
.
قطبت حاجبي في محاولاً الاستيعاب أكثر : ألغيت الخطبة !!.. كيف تفعل هذا ؟!!..
بضجر قال : ما بك الآن ؟!.. لما أنت غاضب ؟!..
هتفت باستياء : لما أغضب ؟!!.. ألغيت خطتي كاملة و تقول لما أغضب ؟!!.. أيها الأحمق المتهور !!.. كيف تخاطر و تذهب لقصرهم بنفسك ؟!.. ألم تخشى أن يكشفوك ؟!!.. ثم من وكلك نائباً عني ؟!!.. كيف تفعل أمراً مهماً كهذا دون أن تأخذ رأيي ..!
بدا عليه الهدوء فجأة وهو يقول : اطمئن .. كنت واثقاً بانهم لن يكشفوني .. لأني أعرفك جيداً لينك .. و الآن أنا قادر على تقمص شخصيتك ..! كما أني ....!
صمت قليلاً ثم تابع بضجر : تعمدت عدم أخذ رأيك لأذيقك من الكأس المرة نفسها !!..
الكأس نفسها ؟!..
آه .. أنا لم آخذ رأيه بالسابق ..!
لا يزال يفكر بهذا ؟!..
ليس غريباً فقد خاصمني لأيام لأني لم آخذ رأيه ..!
رغم ذلك .. كم هو مغفل ..!
تنهدت بتعب و جلست على المقعد المقابل له .. هذا العنيد سيجلب لي الجلطة ..!
بقينا صامتين لفتره .. رغم أن ما فعله كان جريئاً إلا أني لم أغضب لسبب أجهله ..!
أو ربما أنا أعرف السبب ..!
ابتسمت بهدوء : اتعلم .. كنت سآتي لزيارتك اليوم و أخبرك بأني سألغي الخطبة .. لكنك لم تكن في المشفى ..!
ابتسم ابتسامة غريبة .. ربما يمكنني وصفها بالماكرة : أعلم ..!
لم أفهم قصده : تعلم ؟!..
- أجل .. كنت أعلم بأنك ستنوي الغاء الخطبة !!.. حدسي أخبرني بأنك ستفعل قريباً ..!
بانزعاج قلت : و ما دمت تعلم فلما ذهبت بنفسك ؟!!.. لما لم تترك الأمر لي ؟!..
ببساطة أجاب : كنت أريد أن أجرب و حسب ..!
قطبت حاجبي مستنكراً : تجرب ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل .. أجرب أن أكون وريث مارسنلي ..! لأني حين أفكر بالأمر اقول لنفسي أنه كان من الممكن أن أكون انا وريث مارسنلي بنسبة 50% ..! لذا أردت أن أجرب هذا الشعور لبعض الوقت ..!
يا له من فتى !!..
لكن تفكيره الغريب هذا يضحكني بالفعل ..!
رغم ذلك لم أضحك بل بابتسامة متسائلة قلت : إذاً .. و ماذا رأيت ؟!..
تنهد بتعب حينها : لا أعلم كيف اصف الأمر ؟!.. لكنه كان مزعجاً للغاية ..!
ابتسمت بنوع من الاهتمام : ماذا حدث ؟!.. أخبرني بالضبط ؟!..
بدت عليه ملامح هادئة .. بل يمكنني وصفها بالطفولية رغم ان بعض الاستياء ظهر على وجهه : في البداية حين رأتني تلك الروز عانقتني على الفور وهي تهتف " لقد جاء عزيزي إلى هنا " ..! كدت أختنق بالفعل ..! ثم أخذتني إلى غرفة الجلوس وهناك قالت بنبرة غنج مزعجة " لما لم تخبرني بأنك ستأتي لزيارتي .. كنت سأستعد لاستقبالك " ..!
كتمت ضحكتي : و ماذا قلت لها ؟!..
تابع بنفس نبرته تلك : قلت لها " ليس هناك داع .. فأنا سأذهب بسرعة يا آنسة " ..! بدت منزعجة لسبب ما و سألتني بنبرتها المقرفة " آنسة ؟!.. لما ليست روزي " لكني بالفعل لم أفهم قصدها ؟!..
بالتأكيد لن تتوقع أني كنت انادي تلك الشيطانة باسم .. روزي ..!
ابتسم بهدوء : ربما كانت تريدك أن تناديها روزي بما أنك ستخطبها ..!
- تلك الأفعى ؟!.. أناديها روزي ؟!!.. هذا ما كان ينقصني !!..
ضحكت بخفة حينها : ألهذه الدرجة تكرهها ..!
- أنا أكرهها منذ زمن ..! و لكن هذا ازداد في الآونة الأخيرة ..! لا أعلم ماذا أصاب عقلك حين قررت أن تتابع حياتك معها ..! كنت أظن أنها رزينة و هادئة لكن اتضح لي أنها صاخبة و مزعجة أكثر مما توقعت ..! كما أنها تملك أسلوباً خاصاً في التبرج !!..
بصعوبة كتمت ضحكتي حينها : يبدو أنها ليست من نوعك المفضل !!..
- إطلاقاً !!.. و اعلم أنها ليست من نوعك أيضاً لكنك أجبرت نفسك على خطبتها مكرهاً !!.. كنت سأجن لو كنت بمكانك !!.. لا بل كنت سأنتحر !!.. أنا بالفعل أشفق على من سيتزوجها تلك الخبيثة ..!
اختفت ابتسامتي .. ريكايل لا يعلم أني حاولت الانتحار فعلاً بسببها ..!
لكني تداركت نفسي و ابتسمت مجدداً : إذاً .. و ماذا حدث بعد ؟!..
أكمل كلامه وهو يقول : أخبرتها بأني هنا لإلغاء الخطبة ..!و أني لم أعد أريد أي معونات منهم ..! و هكذا رفضت العرض ..!
بتوتر و بنوع من الحماس سألت : و كيف كانت ردة فعلها ؟!..
- في البداية لم تصدق و بدت مستاءة وهي تقول " مستحيل عزيزي لينك أنت لن تفعلها بي صحيح .. لأنك وعدتني بأنك لن تخونني أبداً !!.. " !!.. و حين أخبرتها بأني أقول الصدق طلبت مني ان أنتظر لبرهة بينما تستدعي والدها لكي يتفاهم معي ..! لقد ارادت أن تضغط علي بشأن نصف الثروة ..!
اتسعت عيناي حينها : هل قابلت والدها ؟!..
أومأ سلباً فسألت باستغراب : إذاً كيف سمح لك الخدم بالمغادرة ؟!.. لأنه لم يكونوا ليسمحوا لك و أنت لم تقابل السيد ؟!..
ابتسم ابتسامة مرحة : لقد هربت ؟!..
قطبت حاجبي مستنكراً : ماذا ؟!!.. هربت ؟!..
- أجل .. خرجت من شرفة غرفة الجلوس إلى الحديقة .. و منها إلى باب الخدم الخلفي .. لم يكن أحد هناك لذا تمكنت من المغادرة ..!
- ثم ؟!..
- ثم جئت إلى هنا بسيارة أجرة ؟!..
- أأنت جاد ؟!..
- أجل ..!
وقفت هنا و أنا مصدوم : و هربت من قصر دايفيرو بهذه الطريقة ؟!!.. هل نسيت أنك كنت تمثل دوري ؟!!..
بدا عليه الاستغراب : ما بك ؟!.. و ماذا ان كنت أمثل دورك ؟!..
نبرته تلك و ملامحه البريئة وهو يسأل أجبرتني على الضحك .. لا بل انفجرت ضحكاً ..!
انهرت على الكرسي و أنا اضحك بشكل هستيري و اتخيل شكله وهو يهرب في جنح الظلام من الباب الخلفي ..!
حينها لم اتمالك نفسي بل سقطت من فوق الكرسي و أنا اضحكت و اتقلب على الأرض !!..
كان هو ينظر إلي بتعجب و قد جلس بجواري ..!
أما أنا .. فقد ضحكت إلى حد الجنون .. فأنا لم أضحك منذ زمن و تخيل هروبه فجر كل ما في ..!
بعد أن توقفت أخيراً سأل هو مجدداً : لم تخبرني .. ما دخل أني أمثل دورك ؟!..
جلست حينها و أنا أقول و أكاد أعود للضحك مجدداً : لأنك كنت وريث مارسنلي ..! هل تعلم ماذا يعني أن يهرب وريث مارسنلي في جنح الليل من الباب الخلفي لقصر دايفيرو ؟!.. انه أمر مضحك بالفعل !!.. كقصة خيالية !!.. كم اتمنى رؤية وجه روز حين اكتشفت أمر هروبك ..!
لم يبدو أنه فهم الأمر ..!
لكن بالفعل .. اختفائي هكذا فجأة وهروبي من الباب الخلفي و كأنني كنت في سجن و أريد الهرب دون علم الحراس ..! كم هو أمر مضحك أن يفعل وريث مارسنلي هذا ..!
و أكثر ما جعلني أضحك .. هو براءة ريكايل اثناء قوله لهذا الكلام ..!
بقينا صامتين للحظات .. لقد نسيت بالفعل أنه خرج من المشفى اليوم ..!
كان يجلس بجواري و كلانا على الأرض ..!
نظرت إليه بطرف عين و انا ابتسم : البدلة تبدو جميلة عليك ..! تبدو أوسم من المعتاد ..!
نظر إلى نفسه للحظات : هل تعتقد هذا ؟!.. ارى أنها أفضل عليك ..!
لحظتها لم اتمالك نفسي بل عانقته في الحال ..!
بدا عليه التعجب و همس : لينك .. ما الأمر ؟!..
في المرة الماضية .. كنت أنا من دخل .. ببدلة رسمية .. بينما كان هو من ينتظر بقلق .. تشاجرنا شجاراً حاداً أدى لدخوله للمشفى ..!
أما الآن .. كان هو من دخل في موقف مشابه .. بل و قادم من المكان نفسه الذي كنت قد قدمت منه .. لكننا رغم ذلك ضحكنا سوية ..!
خطبتي لروز كادت تقتل أخي .. و لكن الغاءها أعاد العلاقة بيننا مجدداً ..!
لم انتبه إلا لدموعي تسيل حينها .. ها هو الآن معي .. لا اعلم اين سيكون غداً و بأي صحة ؟!.. لكن بما انه هنا الآن بحال جيدة فأنا سعيد .. أسعد من أي شخص في هذا العالم ..!
بالعفل .. وجوده يكفيني ..!
كانت دموعي تسقط أكثر و أكثر .. بل أني بدأت بكتم بكائي فسأل هو باستغراب و قلق : لينك ؟!.. لما تبكي ؟!..
ابتعدت عنه حينها و ابتسمت بهدوء .. تمت و أنا لا أزال اربت على كتفيه : تهانينا لخروجك من المشفى ..!
طأطأ رأسه حينها بحزن : آسف لجعلك تقلق ..!
أومأت سلباً : لا .. بل أنا من يجب ان يعتذر ..! اسف ريكايل .. لقد كنت فظيعاً للغاية تجاهك ..! آسف لأني لم أقدر مشاعرك و لم اهتم برأيك ..! انا بالعفل اسف ..!
ابتسم هو حينها بهدوء : أعلم لما فعلت كل هذا ؟!.. أعلم أنك كنت تفكر بي ..! لذا اعذرك يا مجنون ..! هيا الآن لا داعي لكل هذا الحزن ..!
أومأت إيجاباً و وقفت و أنا امسح دموعي .. لقد انتهى هذا الخلاف بيننا أخيراً ..!
لكن لا يزال هناك غيره ..!
خلافي مع ليديا
خلافي مع ميراي
خلافي مع لويفان
و الأهم من هذا كله .. خلافي مع ميشيل ..!
رغم أني واثق بأنها لن تسامحني .. مهما فعلت ؟!..
لكني استحق ..!
انتبهت لرايل الذي هتف : أنا جائع ..!
قطبت حاجبي : صحيح .. يبدو أنك لم تأكل شيئاً منذ خرجت من المشفى ..!
- أجل .. لنتناول العشاء ..!
- لن نأكل شيئاً من خارج البيت .. لأن هذا قد يضرك ..! كما أنني مفلس حالياً ..!
قطب حاجبيه : مفلس ؟!.. لما ؟!..
بابتسامة متوترة قلت : حسناً .. خلال الفترة الماضية اضطررت تناول طعامي من المطاعم .. لذا افلست ..!
- لا تقلي أنك كنت تذهب لمطاعم فاخرة كالعادة ؟!.. ليس غريباً أن تفلس على هذه الحال !!..
- ليس الأمر كذلك .. لم ارتد سوى مطاعم تحمل ثلاثة نجوم فقط ..!
- ماذا ؟!.. حتى هذه غالية ..!
- ما باليد حيلة .. لم اعتد على الطعام الرخيص بعد ..! ارجوا أن تتهاون معي فأنت تعلم كيف كانت حياتي في السابق ..!
تنهد بتعب و هو يقول : حسناً ماذا سنأكل الآن ..!
بقلق قلت : الأفضل أن لا تجهد نفسك بالطبخ ريكايل ..! لكن مشكلة فأنا لا أجيد الطبخ ..! كما أنك تحتاج لطعام صحي جيد بما أنك خرجت للتو من المشفى و إلا فأن أنيتا و إدوارد سيقتلانني فهما كانا ينهلان علي بالتوصيات كل حين ..!
ابتسم بهدوء : ما رأيك أن تطبخ أنت تحت توجيهاتي .. سأجلس انا على كرسي في المطبخ و انت ستنفذ ما أطلبه منك .. و هكذا لن اجهد نفسي ..!
ترددت قليلاً .. فأنا لم أجرب الطبخ من قبل ..!
لكن بالتفكير في الموضوع .. علي أن أجيده من الآن فصاعداً .. لذا هذه لن تكون بداية سيئة : لا بأس ..!
وقف حينها وهو يقول : اذاً سوف ابدل ملابسي أولاً .. اسبقني للمطبخ ..!
دخل هو للغرفة حينها ..!
بينما أخرجت هاتفي و كتبت رسالة تقول أن ريك بخير و انه عاد لشقة خالتي .. و ارسلتها للدكتور مارفيل و كذلك انيتا و ليديا و جوليا .. فقد أقلقتهم بالتأكيد عليه ..!
رغم أني كنت متردداً للغاية بشأن الأخيرة .. لكن بما أنها رسالة فلا بأس ..!
وقفت حينها و أنا اشتعل حماساً : و الآن .. حان وقت المطبخ ..!
...............................................
اليوم هو الجمعة .. و الساعة هي الثامنة و النصف مساءاً ..!
و ها أنا أقف أمام تلك البوابة الكبيرة و الناس تدخل و تخرج منها و حركة السير امامها لا تهدأ ..!
هناك الكثير من سيارات الأجرة و النقل العام و الخاص ..!
تنهدت بتعب حينها .. لقد اقنعني ريكايل بأن المجيء إلى هذا المطار الدولي في هذا الوقت سيحل إحدى مشاكلي ..!
صحيح انه على حق لكن أنا قلق للغاية بهذا الشأن ..!
كنت قد تركت قبعة معطفي الرمادي على رأسي .. فليس من صالحي أن يتعرف احدهم علي هنا ..!
لم ادخل لصالة الاستقبال بل فضلت الانتظار هنا خشية ان تكون مزدحمة في هذا الوقت ..!
يفترض أن تكون طائرتها قد هبطت قبل نصف ساعة .. ربما تقوم بالمساعدة في بعض الأعمال .. لا علم لي ..!
بالتأكيد عرفتم من اتحدث عنه .. انها خالتي ميراي و التي اريد أن أضع حداً لشجاري معها الآن ..!
في تلك اللحظات لمحتها .. انها هناك قد خرجت الآن .. و معها صديقتها الدائمة الآنسة ديانا ..!
حان وقت تنفيذ الخطة التي اصر ريكايل على ان انفذها ..!
سرت بخطوات متلاحقة ناحيتها دون أن تنتبه لي و فور أن وصلت اليها عانقتها في الحال مما فاجأها لأنها كانت منشغلة بالحديث ..!
بمرح قلت : اشتقت إليك ؟!..
باستنكار قالت : ريك ؟!..
ابتعدت عنها للحظات و أنا أقول : لا .. أنا لينك ..!
بدا انها لم تستوعب لكنها قطبت حاجبيها متعجبة : هل جئت لاستقبالي ؟!..
أومأت إيجاباً فسألت : معقول ؟!.. لما ؟!..
- قلت اني اشتقت إليك .. لذا لم احتمل الانتظار في الشقة بل جئت لاستقبلك بنفسي ..!
- حسناً .. أتحاول التهرب من الاعتذار ؟!.. أنا لا أنسى بسرعة للأسف ..!
حاولت أن أبدو لطيفاً للغاية و أنا أقول بحزن : خالتي اسف .. تعلمين أني لم اقصد ..! أنا بالفعل نادم لأني أحزنتك ..!
لم أكد أكمل كلامي حتى عانقتني و هي تقول بحماس سعيد : عزيزي لابأس عليك ..! أنا أسامحك لذا لا تحزن ..!
يبدو أن أسلوبي قد أجدى نفعاً .. زيادة عن اللزوم فذلك الصفح بدا أنه بسبب وقوعها تحت تأثيري مظهري الحزين و انا اعتذر ..!
ابتعدت عني حينها فانتبهت للآنسة ديانا التي بدا انها الأخرى قد وقعت تحت ذلك السحر فهي كانت تحدق بي بذهول و قد احمرت وجنتاها ..!
ابتسمت لها حينها : مرحباً آنسة ديانا .. كيف حالك ؟!..
بابتسامة و نبرة مسحورة قالت : بخير .. يالسعادتك يا ميراي ..! انا اريد ابن أخت كلينك ..!
بدت ابتسامة سعيدة على ملامح خالتي وهي تقول : أعلم أني محظوظة به و بأخيه ..!
من الجيد أنها سامحتني فقد ظننت الأمر سيكون أصعب من ذلك ..!
حينها قلت : خالتي .. هناك مفاجأة تنتظرك في المنزل ..!
باستغراب سألت : مفاجأة ؟!.. من أي نوع ..!
- ستعرفين حين نعود ..! آنسة ديانا يمكنك الحضور أيضاً ..!
بابتسامة لطيفة قالت : اعذرني .. علي الذهاب للمنزل فأخي الأكبر قدم لزيارة والدتي منذ يومين و أنا لم أره منذ فترة طويلة فهو يدرس خارج البلاد ..! ربما في مرة قادمة ..!
- هذا مؤسف ..! اذاً لن نؤخرك ..!
- أراكما فيما بعد .. علي الذهاب الآن ..!
ودعناها بينما اوقفت هي سيارة أجرة و ركبتها ..!
نظرت إلي ميراي بطرف عين : كيف كانت الأمور في غيابي ؟!..
بابتسامة هادئة : كل شيء كان على ما يرام .. لم يحدث شيء يذكر ..!
بدا الاطمئنان عليها : جيد ..! حسناً لنعد نحن أيضاً للمنزل ..!
أومأت موافقاً فأوقفت سيارة أجرة و ركبنا سوية في الخلف ..!
الحقيقة أن الأيام الماضية كانت من أصعب أيام حياتي .. لكنني قررت أن لا أتحدث عنها مجدداً حتى عند الخالة ميراي ..!
.................................................. ..... دخلت إلى الشقة و أنا أقول : ستذهلين من المفاجأة ..!
دخلت خلفي و هي سحب حقيبتها : سيقتلني الشوق ..!
دخلت إلى الردهة حيث كان ريكايل يجلس خلف طاولة الطعام لكنه فور أن رآنا وقف وهو يقول بسعادة : أهلاً بعودتك خالتي ..!
كادت أن تقول شيئاً لكن ما على الطاولة أذهلها : ما هذا ؟!..
في الحقيقة .. كان هناك الكثير من اصناف الطعام المنوعة و الفاخرة هناك ..!
وضعت يدها على قلبها : هل أحضرتما هذا الطعام من أحد المطاعم يا ترى ؟!.. يبدو غالي الثمن ..!
بحماس قال ريك : أطلاقاً .. لقد صنعناه أنا و لينك ..!
شهقت مصدومة : هل تجيد الطهو يا لينك ؟!..
بدا علي الاحراج لسبب اجهله : ليس تماماً .. لكني اكتشفت ان تطبيق ما في كتب الطبخ يعطي نتائجه .. رايل ساعدني في الكثير ..!
ظهرت السعادة على ملامحها حينها : رائع .. من النادر أن يجيد الشخص الطهو في فترة وجيزة ..!
بغرور علقت : يعود الأمر لذكائي الحاد و موهبتي الفطرية ..!
- لا تتباها كثيراً ..! لأني واثقة أن ريك أفضل منك في هذا ..!
تقدمت بسرعة وعانقت ريكايل بسعادة : عزيزي اشتقت إليك ..!
بابتسامة مرحة رد عليها : و أنا أيضاً ..!
كالعادة .. لا تزال تفضل ريكايل علي !!.. ربما يعود الأمر لأنها تعلم أن ريكايل لم يتلقى عناية كافية خلال السنوات الماضية على عكسي تماماً لذا تريد تعويضه ..!
عموماً أنا لا أنزعج من هذا اطلاقاً بل اشعر بالراحة حين أرى اهتمامها الكبير به ..!
خلعت معطفي كما فعلت خالتي ثم جلسنا حول المائدة .. بدأت هي باحتساء شيء من الحساء و لم تلبث أن أبدت أعجابها : رائع .. لا أصدق بأنكما صنعتما هذا ..!
أجبتها و أنا أسكب العصير في الكؤوس : كما قلت لك .. قمنا بتطبيق حرفي لما في الكتب .. و المكونات كانت موجودة ..!
كنا قد صنعنا الحساء بالخضر .. أضافة إلى لحم مشوي مع بعض التوابل .. و هناك أيضاً السلطة التي قام ريكايل بتقطيعها ..!
قبل أن تتناول ميراي شيئاً من السلطة ناولتها علبة الملح : أنها خالية من الملح .. لأنه على ريك أن لا يتناول الكثير منه ..!
بابتسامة لطيفة : لا عليك .. أنا أيضاً أكلها أحياناً بلا ملح ..!
بدأنا نحن تناول الطعام : هذا اللحم أروع مما كنت أتوقع ..!
كان هذا تعليق ريك المنبهر : صلصة الباربكيو هي من أضفت إليه هذا الطعم .. من الجيد أننا أضفناها ..!
تابعنا تناول الطعام ونحن نتحدث بشأن رحلة خالتي الماضية و كيف قضتها .. و قد حاولنا قدر الامكان ألا نتحدث عن ما حدث هنا من مصائب ..!
بعد أن انتهينا أخيراً : رائع .. من سيجلي الصحون ؟!..
هكذا سألت ميراي فأجاب ريك بأنه سيفعل لذا تدخلت : سأساعدك ؟!..
- لا .. لا داعي لذلك ..!
- لما ؟!..
- أنت تعرف السبب ..!
بشك قالت خالتي : ما السبب ؟!..
شعرت بتوتر للحظات بينما أجاب ريك ببساطة : انه لا يجيد جليها فهي تنزلق من يده بسهولة ..! لقد حطم عدد من الصحون بالأمس ..!
فوراً قلت : سأعوضك عنها ..!
ابتسمت هي ابتسامة لطيفة تخفي من خلفها غيضاً مكبوتاً : لا بأس عليك .. استلمت زيادة في راتبي هذا الشهر و يمكنني شراء أواني جديدة ..!
تنهدت بتعب حينها .. لا أعلم كيف يريدون مني أن أمسك بشيء مسطح و يدي مليئة بالصابون ..!
نظرت إلى يدي للحظات .. بالأمس بعد ان انتهينا من جلي الصحون شعرت بأنهما جافتان تماماً و كأنهما ستتمزقان ..!
عندما أخبرت ريكايل بهذا و انه مزعج و مؤلم علق بنوع من السخرية " يداك الناعمتان لم تعتادا على هذا .. انهما من النوع الفاخر .. مكانهما على مفاتيح البيانو .. من الطبيعي ان تنزعجا من صابون الأواني و الماء البارد "
انه محق .. يداي هذان كانتا لا تفعلان شيئاً يؤذيهما .. لم تمسحا و تنظفا او تحملا أشياء ثقيلة من قبل .. كانتا تجدان أيد أخرى تعمل عنهما .. الكثير من الأيدي .. و لكن كلها رحلت و عليهما الآن أن تفعلا كل شيء .. الطبخ و التنظيف و حمل الأشياء الثقيلة ..!
أجل لينك .. لم يعد هناك خدم يقومون بفعل كل شيء عنك .. لم يعد هناك من يأخذ ثيابك و يغسلها و يقوم بكيها و يعيدها إلى الخزانة مجدداً بأبهى حلة .. لم يعد هناك من يمسك حذاءك الفاخر و ينظفه و يلمعه لك ثم يضعه تحت قدميك .. لم يعد هناك من يطهو لك ما تشتهي وقت ما تشاء و يحضره لك أينما كنت .. لم يعد هناك من يرتب سريرك بعد أن تستيقظ أو يجهز لك الماء الساخن في الحوض للاستحمام ..!
عليك فعل كل هذا بنفسك .. عليك أن تخدم نفسك من الآن فصاعداً ..!
هذان اليدان الناعمتان .. عليهما أن تعتادا على ذلك الألم ..!
هذا ما قررت أن أكون عليه .. و سأبذل كل ما استطيع لأتمكن من الاعتماد على نفسي بنفسي منذ الآن فصاعداً حتى لو قتلني ذلك ..!
الحياة كفاح .. للمرة الأولى أدرك هذا ..!
............................................
فتحت عيني بخمول .. كم الساعة الآن ؟!..
نظرت إلى هاتفي بجواري .. إنها السادسة صباحاً .. أهو وقت المدرسة ؟!..
لا .. لم يعد بإمكانك الذهاب للمدرسة لينك ..!
ريك نائم .. لقد نمت قبله بالأمس لذا لا أعلم متى ذهب للنوم ..!
اذكر أنه كان يتحدث بالهاتف حين ذهبت للنوم .. بدا أنها مكالمة طويلة و اعتقد أنه كان يتحدث إلى صديقه بيير ..!
لكنه بدا سعيداً بها فهو كان يتحدث بحماس إلا أني لا أذكر ماذا كان يقول ..!
أشعر بالبرد .. الجو اليوم بارد للغاية .. مهما تدثرت بالغطاء لن يفيد هذا ..!
نهضت من الفراش و أخذت معطفي القطني من الكرسي القريب و ارتديته ثم خرجت الغرفة و اتجهت مباشرة للمطبخ ..!
سأعد لي كوباً من القهوة .. أو ربما الحليب أفضل ..!
بينما كنت أقوم بذلك رن هاتفي معلناً وصول رسالة نصية .. ربما من رافالي مجدداً ..!
تنهدت بتعب حينها .. ألن يملوا ؟!.. لكني قررت أن انظر ممن الرسالة هذه المرة .. و ما إن قرأت الاسم حتى تفاجأت .. ليديا !!..
لما ترسل لي ليديا رسالة الآن ؟!.. ماذا كتبت فيها يا ترى ؟!..
ترددت كثيراً .. هل افتحها ؟!.. لا أعلم ؟!..
تساءلت في قرارات نفسي .. لما أنا غاضب من ليديا أساساً ؟!.. لقد كانت على حق في كل ما فعلته !!.. حتى و إن كان رايل دخل المشفى بسببها .. فذلك جعلني أدرك خطورة ما أقدم عليه ..!
أمسكت بالهاتف و فتحت الرسالة .. لنرى ماذا كتبت لي ..!
.
(( مرحباً لينك .. كيف حالك ؟!.. و كيف حال ريكايل ؟!.. أعلم أنك طلبت مني أن لا أظهر في حياتكما مجدداً .. و لكن قبل ذلك أريد لقائك و التحدث إليك لبعض الوقت ..! أرجوك لينك لا تخذلني .. أنه آخر طلب أطلبه منك ..! أرجوا أن تأتي في السادسة مساءاً إلى الحديقة التي تحدثنا فيها عن قبولك لعرض روز ..! تحياتي .. ليديا ))
.
تريد أن تراني ؟!.. لما ؟!!..
لا استطيع أن أفكر أكثر فيما تريد أن تقوله لي على عجل .. خاصة أنها ذكرت طلبي بأن تخرج من حياتنا ..!
في الحقيقة .. أنا أيضاً أريد قول الكثير لها .. إذاً هذه فرصة مناسبة ..!
ليس لها فقط .. بل إلى ميشيل ..!
لا يمكن أن أترك الأمر هكذا .. حتى لو سامحتني .. أنا لا استطيع أن أترك الأمر هكذا ..!
تنهدت بتعب .. لقد ضيعت ميشيل .. بسبب لساني السليط !!..
صوت الابريق يفور أيقضني من شرودي .. أغلقت الموقد بحذر .. لقد علمني ريكايل عليه بالأمس ..!
كنت كطفل في الابتدائية حينها ..!
صنعت لي كوباً من الحليب ثم خرجت و جلست في الردهة على طاولة الطعام الصغيرة ..!
لا زلت أشعر بالنعاس .. لذا سأعود للنوم بعد أن أنهي هذا الكوب الذي قد يبعث إلي شيئاً من الدفء ..!
رن هاتفي حينها .. ما قصته هذا الصباح ؟!.. منذ قليل رسالة مبهمة و الآن أتصال في هذه الساعة المبكرة ..!
لنرى من هذا أيضاً ..!
اتسعت عيناي حينها .. لأن المتصل كان .. لويفان !!..
أنا لم أتحدث إليه منذ ذلك اليوم .. حين حاولت الانتحار ..!
.
((سحقاً لك و لليديا و لروز أيضاً ))
.
احمر وجهي حين تذكرت تلك الجملة التي ودعته بها المرة الماضية ..!
ماذا أفعل ؟!.. كان علي ان اعتذر منه .. لقد مرت عدة أيام منذ ذلك الوقت ..!
لكن .. هل اتصل ليؤنبني ؟!.. أم ليقول شيئاً ..!
الخط سينقطع الآن .. يجب أن أجيب ..!
ضغطت زر الاجابة و صمت .. بقيت صامتاً حتى سمعته يقول بهدوء : لينك ..!
شعرت بالارتباك .. لأول مرة أسمع صوت لوي هكذا .. بهدوء .. فهو دوماً إما مرح أم غاضب .. لا يعترف بالجدية ..!
ترددت للحظات : نعم ..!
- آسف !!..
- هه ؟!!..
هل قال " آسف " ؟!!!.. هل يعتذر مني ؟!!.. لما ؟!!..
لكن .. أنا من يجب أن : لقد كنت غاضباً حين هاتفتك المرة الماضية و لم اسيطر على نفسي .. إني اعتذر فقد قلت كثير مما لم يجب علي قوله ..!
في الحقيقة .. كلامه ألجمني ..!
لم أعرف ماذا أقول : لوي ..!
هذا ما تمكنت من نطقه .. بنبرة حيرة .. لم يكن في جعبتي شيء ..!
لكن .. هناك ما يجب فعله : و أنا آسف .. كنت فضاً أيضاً ..!
بدت نبرته مرتاحة : لقد عدت لصوابك أذاً ..!
ارتشفت من كوب الحليب الساخن دون أن أنطق فعاد لي صوته : كيف حالك ؟!.. و كيف حال ريكايل ؟!..
ابتسمت حينها : نحن بخير .. و أنت ماذا عنك ؟!..
- بأفضل حال ..! لكن لا يبدو أني سأتمكن من زيارة باريس في الفترة القادمة فلدي الكثير من الأعمال ..!
حاولت خلق جو جديد لذا قلت بمكر : حقاً ؟!.. هناك من سيشتاق إليك إذاً ..!
بدا الاستغراب في نبرته : هل ستشتاق إلي ؟!!..
- لا لست أنا ..! بل شخص الآخر ..!
- لم أفهم قصدك ..!
- ماذا عن فتاتك ؟!..
- ليديا ؟!!.. هل أخبرتك عنا ؟!..
- لا .. أنت أخبرتني .. لكني أجزم أنك لم تنتبه ..!
- لا أذكر !!.. عموماً لا بأس فقد كنت أنوي أخبارك قريباً ..! أذاً ما رأيك ؟!..
- اختيار موفق .. لكن تذكر بأن لديك الكثير من المنافسين ..!
- حقاً .. ألديها شعبية كبيرة ؟!..
- يبدو أنك لا تعلم أنها تلقب بمحبوبة الملايين ..!
- لا مشكلة .. أنا سأتغلب على هذه الملايين بدمي ..! لن أفرط بليديا ..!
كلماته الأخيرة .. أثرت في .. لقد كنت أقول لنفسي الكلام ذاته .. عن علاقتي بميشيل ..!
لكني في النهاية لم أحصد شيئاً ..!
- لينك .. هل تسمعني ؟!..
ايقظني صوته من شرودي : آه أجل .. عموماً عليك أن تعلم بأن تيموثي أحد منافسيك ..! ربما ليديا لا تعيره اهتماماً .. لكني أعلم أنه يحبها ..!
- لاحظت ذلك حين كنا في لندن ..! لكني لن اسمح له بالاقتراب منها بعد الآن ..!
بجد قلت : كيف ستفعل ذلك و أنت بعيد عنها ؟!!.. تسافر من بلد لآخر طيلة الوقت ..! قد لا تحتمل ليديا ذلك ..!
بدا الهدوء و نوع من الجدية في صوته : أعلم ان هذا أنانية مني .. لكنها طلبت مني أن لا أغير شيئاً في حياتي .. لذا سأستمر في بناء أسمي .. و حين يحين الوقت المناسب سأتقدم لخطبتها ..! تعلم أنها من اسرة نبيلة .. و لأن اسرتي ليست كذلك فعلي أن أجعلهم يقبلون بي بأي طريقة ..!
ضحكت بخفة حينها : لو سمع معجباتك هذا الكلام لقتلهن البكاء ..!
بتوتر قال : المعجبات شيء آخر .. لا علاقة له بليديا ..!
ابتسمت بهدوء : لكن كلامك رائع .. لقد كبرت يا فتى ..!
- بقي أن تكبر أنت ..!
- لما تقول هذا ؟!..
- هل لا تزال تنوي الزواج بروز ؟!..
- لا .. لقد ألغيت الخطبة ..!
- رائع .. الآن أنا مطمئن ..! انها لا تناسبك .. لو اجتمع شيطانان في نفس المكان فستدمر أحدهما بالتأكيد .. وهو سيكون أنت ..!
ضحكت حينها : اتقصد أن شيطانها أقوى من شيطاني ؟!..
ضحك هو الآخر : شيطانك يتعلم من أمثالها ..! عموماً أنت لا تزال طفلاً في نظري ..!
- سأكبر في نظرك قريباً .. حين أبني لنفسي حياة جديدة ..!
- انا اتوق لهذا ..! لكني أرجوا منك ألا تقطع اتصالاتي بك ..!
- أطمئن .. أنا لن أنسى صديق طفولتي ..!
- حسناً .. لقد تحدثنا طويلاً و علي الذهاب إلى العمل ..! اوصل سلامي لريك .. إلى اللقاء ..!
- وداعاً ..!
أغلقت الخط حينها و على وجهي ابتسامة لطيفة .. لم يتغير لوي أطلاقاً ..!
كان دوماً واثقاً بنفسه وقدراته ..!
لا أزال أذكر كيف كنا في لقائنا الأول ..!
كنت مجرد طالب جديد في تلك المدرسة الابتدائية الخاصة بالأثرياء .. بينما كان هو الأكثر شعبية و شغباً فيها ..!
كنت هادئاً و منعزلاً .. لا أحب التحدث مع احد .. و ما إن يقترب احدهم مني أذرف الدموع فوراً .. ذلك ما جعل الجميع يتحاشونني و يصفونني بألقاب كالجبان و المدلل و البكاء ..!
إلا أنه كان مختلفاً عنهم .. فهو بقي مصراً على أن يتحدث معي و يجعلني صديقاً له .. هذا ما كانت تحثه عليه طبيعته الاجتماعية ..!
و في النهاية .. تمكن من سحبي خلفه ليعرفني إلى جميع الطلاب في المدرسة ..! و لأني لم أكن أريد ذلك رغم أنه يجبرني أطررت لأن أحتمي به عن الآخرين ..!
بعد مضي بعض الوقت صرت أثق به و اعده صديقاً .. و لكن لم أتمكن من الاندماج مع الآخرين بسرعة فقد كنت دوماً خلف لوي ..!
إلا أنه في النهاية .. سحبني بشدة حتى صرت بجانبه .. و ساعدني على صنع الكثير من العلاقات في المدرسة ..!
و رغم ان لديه الكثير من الأصدقاء الذين يعرفهم قبلي إلا أني صرت الأقرب إليه بطريقة ما ..!
رغم شخصيتي الضعيفة .. و مشاكل النطق لدي .. و بعض الأمور الأخرى كالارتجاف أحياناً و الفزع من الصراخ و الظلام و الغرف المغلقة .. إلا أنه بقي مسانداً لي في كل مرة ..!
و بعد السنوات الست التي قضيناها معاً .. كنت خائفاً من العودة لباريس .. إن ذهبت و درست في مدرسة أخرى بعيداً عنه فقد أعود كما كنت في سنتي الابتدائية الأولى .. لا أجرء على التحدث إلى الطلاب ..!
لكن كان علي أن أودعه و أعود لوطني الأم ..!
هناك حين بدأت بالدراسة في الاعدادية كان دايمن معي .. و لأنه قريبي فقد كنت أعرفه منذ الطفولة .. و هو من عرفني إلى ماثيو ..!
تمكنت من بناء علاقات جديدة .. لكنها لم تكن لطيفة و سعيدة كما كانت في الابتدائية ..!
شخصية لوي المرحة كانت تنعكس علي بشكل سحري ..!
لكن ما ان ابتعد عني حتى قل نشاطي و صرت أكثر هدوءً و رزانه ..!
لقد خشيت بالفعل أن يظهر علي الضعف أمام الآخرين .. و لأني لا أستطيع أن أكون مرحاً و لطيفاً مع أي شخص كنت مضطراً لصنع شخصية خاصة .. شيء خارجي فقط .. شيء مظهري يمنع الآخرين من الاقتراب أكثر ..!
و مستغلاً مكانتي الاجتماعية و اسم اسرتي بنيت تلك الشخصية المغرورة التي تحولت مع مرور الوقت إلى شيطنة عارمة ..!
صحيح أني حين كنت في الابتدائية كنت احاول اظهار هذا الجانب الشرس لكني لم أملك الجرأة لذلك .. كنت مهزوزاً بشكل أقوى من أن يسمح لي بإظهارها ..!
لكني بعد أن استعدت القليل من الثقة بمساعدة لوي بنيتها من جديد ..!
كل ما كنت أريده هو أن أقول للعالم بأني لست خائفاً من شيء .. أنا واثق بنفسي .. لدي أمكانيات مذهلة .. لن ينظر إلي احدهم بشفقة بعد الآن ..!
لكن .. يبدو أني كنت مخطئاً ..!
فهذه الأفكار هي ما سببت لي شيئاً يشبه الانفصام الشخصي
.
(( إما شيطان .. أو شخص مهزوز الكيان ))
.
هكذا صرت ..!
و أنا الآن أدرك كم كنت مخطئاً ..!
فبعد الاحداث الماضية في حياتي منذ عرفت ريكايل .. اكتشفت ان معاملة الآخرين بلطف و حنية هو ما يجعلك مطمئناً و سعيداً .. بل انه يعطيك قوة و ثقة لا حدود لها ..!
لذا .. لقد قررت أن أبدأ حياة جديدة مختلفة تمام الاختلاف عن الماضي .. بشخصيتي الجديدة التي لا زور فيها ..!
لكن هذا لن يحدث حتى أصفي بعض الحسابات ..!
.................................................. الساعة الخامسة و النصف ..!
اخبرت خالتي و ريك بأني سأخرج لبعض الوقت .. دون ان اخبرهما بوجهتي ..!
و بالفعل .. صعدت إلى احدى الحافلات باستخدام بطاقة النقل العام ..!
كانت مزدحمة للغاية .. لذا كنت مضطراً للوقوف مسمكاً بإحدى الحلقات المعلقة من السقف ..!
الآن فقط بدأت أدرك قيمة تلك السيارات التي كانت تصطف في ساحة قصرنا ..!
ها أنا الآن في طريقي لمقابلة ليديا .. و في ذهني الكثير من الافكار المشوشة بشأنها ..!
بعد مضي بعض الوقت وصلت إلى وجهتي أخيراً .. أعتقد أن هذه هي الحديقة المطلوبة ..!
نزلت فور أن فتحت الأبواب و اتجهت إلى المدخل .. كانت الشمس تغيب و الجو يزداد برودة مع اقتراب الليل ..!
بدأت بالبحث عن ليديا بعيني رغم انه قد بقي عشر دقائق على السادسة : لينك ..!
التفت فوراً لأجد أنها خلفي : كنت في السيارة قرب البوابة .. و حين رأيتك تنزل من الحافلة تفاجأت .. لقد جئت مبكراً ..!
حاولت أن أكون هادئاً قدر الامكان : ما الذي تريدين أن تحدثيني بشأنه ؟!..
كانت ترتدي ذلك المعطف الذي اعتقد أنه هدية من لوي .. مع قبعة منفصلة صوفية لطيفة ظهر من تحته شعرها الكستنائي المموج ..!
توردت وجنتاها للحظات و قد بدت نظرة حزن في عينيها العسليتين : في الحقيقة .. بشأن ما حدث لريكايل في المرة الماضية ..! أنا آسفه .. لقد سببت لكم المشاكل بالفعل ..!
حسناً .. رغم كل الأمور التي فكرت بها .. كان هذا أبعد احتمال ..!
شعرت بالتوتر .. فقد كان الخطأ خطأي من الأساس ..!
لكن بما انها اعتذرت من تلقاء نفسها : لا عليك .. لم يحدث الكثير ..!
بقينا صامتين للحظات قبل أن تسأل : كيف حال ريك ؟!..
بذات هدوئي : أنه بخير ..!
- و أنت ؟!.. هل .. هل لا زلت مصمماً على قرارك ؟!..
- أي قرار بالضبط ؟!.. هناك الكثير من القرارات التي اتخذتها في الآونة الأخيرة ..!
- تعلم ما أقصد .. انه قرارك بشأن روزاليندا ..!
- هل أنت مهتمة كثيراً ؟!..
سألت هكذا بابتسامة هادئة فما كان منها إلا أن قالت : يبدو أنني متطفلة بالفعل .. عذراً ..!
- لقد ألغيت الخطبة ..!
بدت ملامح الصدمة عليها للحظات : حقاً ؟!!..
أومأت إيجاباً فتحولت ملامحها إلى السعادة : هذا مطمئن ..!
ترددت قليلاً قبل أن أقول : اعذريني ليديا .. كنت قاسياً معك في الفترة الأخيرة ..!
بذات ابتسامتها الهادئة و وجنتيها المتوردتين : لا بأس .. بما أن الأمر أنتهى على خير فلم يعد يهمني شيء ..! إذاً ماذا ستفعل من الآن فصاعداً ..!
صمتت للحظات قبل أن أقول بجد : سأبدأ حياة جديدة .. لا علاقة لها بالماضي ..! لقد استلمت اليوم بطاقة هوية جديدة باسم براون .. سأعيش هكذا و سأبني نفسي من جديد ..! لذا .. سأبتعد عن كل من أعرفهم من عالم النبلاء الذي كنت اعيشه .. هذا هو السبيل لنجاحي في حياتي التي ستبدأ من الصفر ..! و حين قلت الجميع فأنا ....!
ترددت قليلاً قبل أن أقول : أعني الجميع بالفعل .. بلا استثناء ..!
بدا أنها فهمت ما ارمي إليه .. لذا طأطأت رأسها و قد بدا عليها الحزن رغم ابتسامتها : هكذا إذاً ..! أعتقد أني سأفتقدك حينها .. فأنت يا لينك حتى الآن أكثر شخص شغل تفكيري و اثار قلقي ..!
ابتسمت لها حينها : لا عليك .. لديك من سيشغل تفكيرك من الآن فصاعداً ..!
رفعت رأسها و نظرت إلي باستغراب : من تقصد ؟!..
- تعلمين .. صاحب المعطف ؟!..
بدا عليها الخجل و احمر وجهها بأكمله : هل أخبرك لويفان ؟!..
أومأت إيجاباً فأردفت هي بذات خجلها : حقاً .. أنتما صديقان و من الطبيعي أن يخبرك ..!
بذات ابتسامتي قلت : لا تفرطي فيه ليديا .. لويفان ليس مثلي .. أنا واثق بأنه سيسعدك و لن يتخلى عنك إطلاقاً ..!
نظرت إلي حينها بحزن : أتقصد .. أنك ستتخلى عن ميشيل ..!
أوشحت وجهي بهدوء : لن أفعل .. أنا لن أحب فتاة في حياتي بعد ميشيل لأني أعلم بأنها الوحيدة التي تمكنت مني رغم ذلك الكم الذي كان يحيط بي من الفتيات ..! لكن .. اعتقد أنها لا تشعر هكذا اتجاهي ..!
بجد هتفت : لينك .. إنها آخر نصيحة أقدمها لك .. لا تستسلم بشأن ميشيل !!!.. أنا واثقة بأنها تريدك أيضاً ..!
نظرة إليها بيأس : أنا أريدها .. و هي تريدني .. لكن يبدو أن الزمن لا يريدنا معاً ..!
صمتت حينها للحظات .. لكنها عادت لتقول : رغم ذلك لا تفقد الأمل ..! أعلم أن ذلك اليوم الذي ستكون فيه مع ميشيل سيأتي .. طال الزمن أم قصر .. سيأتي بالتأكيد ..!
رفعت رأسي حينها و نظرت إلى السماء التي كان لونها البرتقالي يغطي الأفق و الشمس في طريقها للغروب : اتمنى هذا ..! إن كان ذلك اليوم سيأتي .. فأنا سأنتظره بشغف ..!
- حتى لو أجتمع ظلام الدنيا كله .. فهو لن يستطيع أن يخفي ضوء شمعة صغيرة .. ليكن الأمل لديك كتالك الشمعة التي تحارب في الظلام ..!
نظرت إلى ليديا حينها .. كان على وجهها ابتسامة لطيفة و حانية للغاية .. لم استطع إلا أن أبتسم حينها : أجل .. أنت محقة ..! ليديا .. ربما سوف نفترق الآن .. لكني أشعر أن هذا لن يطول .. لذا لا تنسيني حتى نلتقي مجدداً ..!
أومأت موافقة : بالتأكيد .. سأسل ريك عن أحوالك دائماً .. أم أنك لا تريد مني أن أحدثه هو الآخر ..!
قالت جملتها الأخيرة بنوع من السخرية مما جعلني أضحك بخفة : لا اطمئني ..! ريكايل سيبقى على اتصال معك .. فحياته لن تتغير كثيراً كما يحدث معي ..!
- هذا ممتاز .. على الأقل سأعرف عن أخباركما ..!
- شكراً لك .. و الآن علي أن أودعك .. أتمنى لك السعادة مع لوي يا ليديا .. وداعاً ..!
- لن أقول لك وداعاً .. بل سأقول إلى اللقاء لينك .. فأنا أيضاً أشعر بأن هذا الفراق لن يطول ..!
ابتسمت لها فقط .. ثم استدرت لمغادرة المكان ..!
ليديا .. لقد كنت من أكثر الأشخاص الذين أحببتهم ..!
لقد صنعت في حياتي أشياء جميلة للغاية ..!
لقد ساعدتني عدة مرات في اختيار الطريق الصحيح و بقيتي كذلك حتى النهاية ..!
أشكرك من صميم قلبي .. ليديا ..!
..............................................
وقفت أمام ذلك الباب .. و ضربات قلبي تتسارع ..!
الظلام قد حل .. و الساعة الآن تشير للثامنة ..!
علي أن أنهي هذا .. و إلا فإني لن اتمكن من النوم الليلة ..!
هذا ما كنت أقوله لنفسي و قد وقفت أمام باب منزل الخالة آنا ..!
ترددت كثيراً .. لكن علي أن أكون جريئاً هذه المرة ..!
يجب أن تعتذر لينك .. لقد سببت لهذه الأسرة الكثير من المشاكل ..!
حتى الخالة آنا كانت في السابق تعاني بسببك .. و يبدو أن ابنتها الصغرى قد ورثت هذا منها للأسف ..!
لم أشعر بنفسي إلا وقد ضغطت على الجرس ..!
مضت بضع لحظات قبل أن يفتح أحدهم الباب .. كانت جوليا ..!
نظرت إلي ببرود حين رأتني : ماذا تريد ؟!..
في الحقيقة شعرت بخيبة الأمل من استقبالها الجاف ..!
لكني لا ألومها إطلاقاً فلا شك أنها علمت بما فعلته بأختها : اتيت للتحدث فقط .. أرجوك قليلاً فقط ..!
استدارت وهي تقول : ادخل .. أنا أيضاً لدي الكثير أريد قوله لك ..!
تبدو غاضبة ..!
لا .. إنها غاضبة للغاية !!..
أجل .. بل هي تكاد تنفجر من الغضب ..!
بتوتر دخلت و أغلقت الباب من خلفي .. كان الممر شبه مظلم .. يبدو أنه لا يحتوي على مصابيح من الاساس فالضوء الوحيد قادم من غرفة المعيشة ذات الإضاءة البرتقالية الخافتة..!
بعد أن دخلت إلى تلك الغرفة كان أول ما لحظته أن سرير الخالة لا يزال هناك ..! يبدو أنهم سيتركونه هنا للأبد ..!
نظرت إلى جوليا التي كانت تنظر إلي .. بحقد ربما ..!
للمرة الأولى أراها هكذا ..!
لطالما كانت هادئة و لطيفة .. لكنها الآن .. ستقتلني من غيضها : ماذا تريد الآن ؟!..
شعرت بالتوتر فعلاً : أعلم أنه لا عذر لي .. أعلم أنه لا يمكن أن تغفري لي ما فعلت ..! لكني جئت فقط لأعتذر ..! أنا نادم .. نادم بالعفل على ما حدث ..!
أخذت نفساً عميقاً و قالت بجد و بعض الغضب : حتى لو قبلت اعتذارك .. لا تفكر بأني سأترك ميشيل لشخص مخادع مثلك ..!
هتفت حينها في محاولة دفاع عن نفسي : لكني أحبها !!.. أنا لا أكذب في هذا ..! إنه الشيء الذي يستحيل أن أكذب فيه ..!
بغضب قاطعتني : كيف تقول أنك تحبها و هي لم تعد مرة من لقاء بك إلا و هي تبكي ؟!!.. أتعلم منذ عرفت ميشيل لم أرها تبكي بالقدر الذي بكته بعد لقائها بك !!!.. حتى لو كنت متعلقاً بها و حتى لو كانت هي الأخرى متعلقة بك ..! أن كنت غير قادر على جعلها الأهم لديك فأنا لن اسلمها لك ..!
بدا أن جوليا تعلم بطريقة ما عن موضوعي بروز و السبب الحقيقي خلفه : انت تعلمين الحقيقة ؟!..
أومأت ايجاباً : ريكايل أخبرني ..! لأنه أراد مني أن أشفع لك عند ميشيل ..! لكنه لا يعلم بأني أنا من سيقف في وجهك هذه المرة ..! ميشيل ليست معطفاً ترتديه حين تحتاجه و ترميه حين يتغير الجو عليك !!..
شعرت بالاختناق حينها و بدأ الغضب يجتاحني .. ليس على جوليا .. بل على نفسي التي اوصلتني لهذا الحال ..!
اخذت نفساً عميقاً و قلت : أين ميشيل ؟!..
- لا شأن لك بها بعد الآن ..!
- أريد أن أتحدث إليها ..!
- إياك أن تقترب منها مجدداً ..! يجدر بك أن تنساها فهي قررت أن تنساك ..!
- لا استطيع ..!
- لا يهم .. الأهم أن لا تسبب لها الحزن بعد الآن ..!
صمت حينها .. لم أجد ما أقوله و قد اطرقت برأسي يأس : اتعلم .. لو كان شخص آخر في مكاني لطردك فور رؤيتك ..! لكني لم أفعل .. فقط لأنك شقيق رايل ..! و ربما ما فعلته لأطفال الملجأ في السابق يشفع لك ..! لكن ذلك لا يعني بأني سأستقبلك بابتسامة و سأسلمك أختي الصغرى مجدداً ..!
اخذت نفساً عميقاً ثم تابعت : يفضل أن لا أراك في الفترة القادمة حتى تنطفئ نار غضبي ..! لذا ان أردت زيارة الملجأ اتصل مسبقاً بهم حتى يخبروني فأغادر قبل وصولك ..! فأنا بالفعل لن اطيق رؤيتك حتى وقت قريب ..!
صدق المثل القائل .. اتقي شر الحليم إذا غضب ..!
لم اعتقد أن جوليا صارمة من هذه الناحية ..!
لكني استحق هذا بالفعل ..!
و ما فهمته من كلامها أن هذا الحال سيكون لفترة معينة حتى تهدأ أعصابها ..!
حين رأت أني لن أقول شيئاً أو اعلق على كلامها علمت بأني مقتنع بأنها على حق : و الآن هلا خرجت ..! يبدو أن حديثنا انتهى هنا ..!
بهدوء قلت : اعتذر مجدداً .. على كل ما فعلته ..! وداعاً ..!
استدرت مغادراً المكان .. لم يحصل لي لقاء ميشيل في النهاية ..!
لكني بعد أن فعلت ذلك مباشرةً انتبهت للشخص الذي كان أمامي .. اعقد أني كنت مخطئاً في جملتي الأخيرة ..!
كانت تنظر إلي بهدوء .. ترتدي زيها المدرسي .. يبدو أنها عادت من العمل للتو ..!
لم استطع ان انظر في عينيها فأبعدت بصري عنها قليلاً : ميشيل .. أتسامحينني ؟!..
كنت أعرف الإجابة مسبقاً .. رغم ذلك لم استطع منع نفسي من السؤال : ليس بعد الآن ..!
نظرت إليها حينها .. لقد قالتها بهدوء تام .. رغم ان هناك شيء من الحزن في عينيها ..!
هذه المرة .. بقيت انظر لعينيها .. أريد أن اعرف ما تشعر به الآن ؟!..
اهو الحقد ؟!.. أم الغضب ؟!.. أم الحزن و الألم ؟!..
لست أعرف .. لكني اشعر بأنه شيء أشبه بما في داخلي ..!
او ربما هذا خيالي فقك فلاشك انها تحقد علي حالياً بعد كل ما فعلته معها ..!
لكن هذا لن يثنيني عن قراري .. يبدو أنها سمعت ما كنت اقوله لجوليا : أعلم ان ذنبي لا يغتفر .. لكن ذلك لن يمنعني من الاعتذار ..!
نظرت إلي بنوع من السخرية رغم غضبها : الم تقل انك لن تعتذر إلي مهما حدث ..!
- كنت أكذب ..!
- و هذا ما جعلني لا احتملك ..!
- اعلم انك تكرهين الكذب .. لذا لا عذر لي بالنسبة لكذبتي الأخيرة ..!
- و إذاً ..!
اخرجت شيئاً من جيب معطفي .. علبة صغيرة فاخرة ذات لون اسود و مددتها لها ..!
نظرت إلي يدي ببرود : ما هذا ؟!..
بهدوء أجبتها : خذي و انظري ..!
اخذته من يدي بالفعل و حين فتحته صدمة بذلك الخاتم في داخله ..!
نظرت إلي باستنكار تطلب اجابة فقلت بذات نبرتي الهادئة التي تميل للجدية : هذا الخاتم .. اعطتني اياه روزاليندا .. يفترض أن يكون خاتم خطبتي بها ..!
بانزعاج قالت : و لما تعطيني شيئاً كهذا ؟!..
تنهدت حينها ثم قلت بجد : اسمعي ميشيل .. كي اكفر عن غلطتي ساترك هذا الخاتم عندك و أرجعيه لي متى أردت ..! لن اتقرب إليك حتى ذلك الوقت .. و لا أي فتاة أخرى ..!
بدا عليها التعجب لكنها همست : تقصد أنك ستترك مصيرك بيدي ؟!.. أي نوع من الألعاب هذه ؟!..
تجاوزتها حينها و انا اقول : اعتبريها لعبة ان أردت ..! لكني لن اخلف كلامي هذه المرة ..! طالما هذا الخاتم معك .. فحياتي بأسرها معك ..! لن ألومك إن قررت أن تبقيه عندك للأبد ..! لكني أتمنى ....!
صمتت للحظات قبل أن أتابع : أن تعيديه لي .. حين تقررين مسامحتي و غفران زلتي ..! وداعاً .. ميشيل ..!
و بعد خطوة واحدة سمعتها تقول بهدوء : حتى ذلك الوقت لننسى الخلاف .. و لتكن علاقتنا عادية ..! وداعاً .. لينك ..!
تابعت مسيري و أنا احاول التفكير في كلامها الأخير .. يبدو أن ميشيل أيضاً استطاعت أن تختار قرارها الخاص ..!
قراران .. سيحددان مصيرنا ..!
................................................
بعد مرور يومين .. أنهيت كافة إجراءاتي أنا و ريكايل ..!
لقد قررنا أن نترك شقة خالتي و نستأجر الشقة التي عرضها علينا هاري .. و سننتقل إلى هناك مطلع الاسبوع القادم ..!
كانت الخالة ميراي تشعر بالتعاسة وهي تقول أنها اعتادت على وجودنا معها و أنها لا تريد أن تعود للوحدة مجدداً ..!
و لكن ريكايل اقنعها بأنها قريباً قد تجد الشاب الذي يجب أن يعيش معها عوضاً عنا .. في الحقيقة بدت محرجة للغاية من هذا الكلام..!
بالنسبة لي فقد بدأت بتعلم أساسيات الحياة من ريكايل .. غسيل الملابس و كيها .. طهو الطعام كذلك .. و أيضاً تدريبات قاسية لغسل الصحون دون ان تنزلق من يدي ..!
اتفقت مع رايل أيضاً على متابعة الدراسة ..!
اخترنا مدرسة ثانوية بالقرب من منزلنا الجديد .. و سوف نبدأ بالدراسة فيها قريباً ..!
فقط على ريكايل أن يتجاوز بعض الامتحانات لأنه لم يدرس النصف الدراسي الأول من هذه السنة ..!
لقد كان مضطراً إلى استعمال تقارير طبية له كي يسمح له بخوض الامتحانات بحجة أن ظروفه الصحية منعته من الدراسة سابقاً ..!
حسناً .. لقد درس المرحلة الثانوية الأولى بالطريقة نفسها .. لم يذهب للمدرسة .. لكنه حضر الامتحانات فقط .. و نجح فيها بطريقة عجيبة .. لذا يمكنني القول بأنه سيفعلها هذه المرة أيضاً ..!
بالطبع يجب أن نجد عملاً أيضاً فالنقود التي تركتها لنا أمي ألينا قررنا أن نخصصها لإجار الشقة التي كان مناسباً لوضعنا المادي .. و لا انسى أيضاً رسوم الدراسة و هكذا سنحتاج لمزيد من المال ..!
قال ريك بأنه سيتمكن من الحصول على عمل لنا الاثنان بحكم أن لديه خبرة في هذا .. لكني أصررت على مساعدته ..!
على العموم سنترك هذا حتى تنتهي امتحاناته التي ستكون بعد اسبوع و ستستمر لمدة أسبوع ..!
أي اننا سنذهب للمدرسة و نبدأ العمل بعد اسبوعين تقريباً ..!
ربما سيكون هذا صعباً في البداية .. فحتى ريكايل لم يجرب العيش وحده فهو كان يعيش في الملجأ سابقاً من أجل الأطفال ..!
لكن .. ميراي .. هاري .. أنيتا .. ادوارد .. جميعهم قرروا أن يدعمونا .. و أنا أقدر لهم هذا ..!
آخر عمل قمت به هو أنني غيرت رقم هاتفي .. لأنه قد يكون عقبة في طريقي ..!
فكلما رن الهاتف و قرأت اسم احد أصدقائي السابقين أو احد افراد رافالي أصاب بنوع من التردد ..!
لقد قرأت بعضاً من الرسائل التي كنت أتجاهلها سابقاً ..!
كلهم كانوا قلقين علي .. و يسألون عن مكاني فقط .. خالتي كاثرن قالت في احدا الرسائل بأنه علي ان اعيش معهم و أنها ستعتبرني أحد ابنائها ..!
لكني لا استطيع ..!
اسرتي هي مارسنلي .. و بما انها انتهت فأسرتي هي براون .. لذا سأعيش باسمي الجديد " لينك براون " الاسم الذي كان يفترض أن يكون اسمي منذ البداية ..!
لذا .. سأطلق العنان لحياتي الجديدة ..!
فحياة " لينك جاستن مارسنلي " قد انتهت .. و قد بدأت عوضاً عنها حياة " لينك ايان براون " ..!
و الآن .. ليرن جرس البداية مجدداً ..!
.................................................. ........

نتوقف هنا ..!

و هنا ينتهى هذا الجزء من أحداث قصتنا ..!

فمع بداية الجزء القادم .. سيكون هناك أحداث جديدة .. شخصيات جديدة .. عالم جديد ..!

اتمنى أن يكون هذا الجزء قد نال على استحسانكم ..!

لنذهب للأسئلة ..!

حياة جديدة سيبدأها الأخوان .. كيف ستكون يا ترى ؟!.!.

ليديا قررت الابتعاد عن عالم لينك بناء على طلبه .. ما رأيكم بالأمر ؟!.. و هل سيطول ذلك ؟!..

ميشيل و قرار اتخذته .. علاقتها بلينك ستكون محدودة من الآن فصاعداً .. أإلى الأبد ؟!..

ماذا عن استياء جوليا القاتل ؟!!..

و الآن .. ما رأيكم بالبارت عموماً ؟!.. و بطوله ؟!..

أفضل مقطع في البارت ؟!..

من لديه اقتراحات للاحداث القادمة أرجوا أن لا يبخل علي فيمكنني ان اضيف ما يناسب منها ..!

.......


للاسف ليس لدي مقتطفات لأني لم أكتب البارت القادم بعد ..!


.....

ارجوا منكم أن تقدروا ظروفي لو تأخرت بالبارت القادم فلدي الكثير من الامتحانات و الاعمال حالياً ..!


....

في حفظ الرحمن


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-15, 10:18 AM   #35

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مرحباً يا أصحاب .. كيف حالكم ؟!!..

لا أعلم ماذا أقول و ماذا أترك ؟!.. بالفعل أنا سعيدة بكل من استطاع التعليق على البارت ..!

افتقدت الكثير من المتابعين هذه المرة لكن لا بأس .. أعلم أن لديهم ما يشغلهم ..!

.
.
.
أعلم أنكم تتنظرون البارت الجديد بفارغ الصبر .. لكني هذه المرة لم آتي ببارت بل بـ " قنبلة " !!!..

.
.
.
لدي خبر هام للغاية لكم .. أرجوا أن تنتبهوا جيداً لأنني سأقولها مرة واحدة ..!

.
.
.
بعد مناقشات و مشاورات بيني و بين أنين قررنا ما يلي :

رواية " إما شيطان .. أو شخص مهزوز الكيان " ستنتهي هنا .. و البارت الماضي رقم 31 .. سيكون البارت الأخير منها ..! .
.
.
.
اطمئنوا !!.. أنا لم أنتهي من كلامي بعد ..!

قصة لينك و ريكايل لم تنتهي بالطبع .. فلا زال الوقت مبكراً للغاية على انتهائها .. و لكن تتمت قصتهما ستكون في رواية جديدة .. أو بالأحرى في جزء جديد من أما شيطان لكن بعنوان مختلف و في موضوع منفصل ..!.
.
لم أختر العنوان بعد و لازلت في صدد البحث عنه .. و لذا من يريد تقديم المساعدة في هذا فسأكون له شاكرة ^___^ ..!

سينزل الجزء الثاني من الرواية في غضون أسبوعين تقريباً .. و سأضع بالطبع رابط الموضوع الجديد هنا كي يتسنى لكم متابعة أحداث الجزء الثاني من القصة ..!

.
.

ما رأيكم بهذا الخبر ؟!!.. أعلم أنه مفاجيء نوعاً ما .. و لكن هذا لأن الأحداث القادمة ستكون مختلفة تماماً و سيظهر الكثير من الشخصيات الجديدة مما يسمح بأن تكون الأحداث القادمة رواية بحد ذاتها .. و كذلك سيسمح لي بجعلها أطول كما أتمنى فأنا سأبدأ برواية جديدة بهذا ..!

.
.
أصدقكم القول بأني كنت مستمعة للغاية معكم و كم كنت أترقب ردود أفعالكم بعد كل بارت .. بل أني كنت أفكر في كل واحدة منكم و أتخيل ردة فعلها ..! لذا أني أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم أيضاً بروايتي هذه .. أتمنى أن تستمروا بمتابعة أحداث الجزء الثاني منها ..!

و قبل أن أترككم .. سأسألكم عن بعض الأشياء بشأن روايتي العزيزة .. إما شيطان أو شخص مهزوز الكيان
.
.
برب


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-15, 10:19 AM   #36

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


أرجوا الإجابة على اسئلة هذا الامتحان << خلاص ما في واجبات الموضوع تطور ^_^


..


الرواية :

ماذا تعني لك رواية " إما شيطان .. أو شخص مهزوز الكيان " ؟!..

هل استمتعت أثناء قراءتك للرواية ؟!..

هل تشجع بدأ جزء ثاني للرواية ؟!..

كم النسبة التي يمكنك منحها للرواية ؟!.. " النسبة من 100% "


..


الشخصيات :

رأيك بشخصيات الرواية عامة ؟!..

أول خمسة شخصيات مقربة إلى قلبك و ما تعليقك على كل منهم ؟!..

أي التوأمين تفضل .. لينك & ريكايل .. و ما السبب ؟!..

رأيك بشخصية لينك ؟!..

رأيك بشخصية ريكايل ؟!..


..



الأحداث :

ما رأيك بأحداث الرواية عامه ؟!..

أي الأحداث كانت الأبرز خلال الرواية ؟!..

حدث معين كان له أثر على قلبك ؟!..

حدث حزين ؟!.. و حدث سعيد ؟!.. و حدث حماسي ؟!..


..


البارتات :

ما رأيك بطول البارتات و مواعد تنزيلها ؟!..

هل شعرت بالملل أثناء قراءتك لبعض البارتات ؟!..

..


الكاتب :

رأيك بأسلوب الكاتب من ناحية اللغة و العبارات ؟!..

رأيك باختيار الكاتب للأحداث ؟!..

رأيك باختيار الكاتب للشخصيات و أدوارها ؟!..

ما النسبة التي يمكنك منحها الكاتب عليها في النهاية ؟!.. " النسبة من 100% "


..


السؤال الأخير : ماذا تقترح كعنوان للجزء الثاني من الرواية ؟!..

..


في النهاية .. أتمنى منكم الإجابة على هذه الأسئلة حتى استفيد منها في الجزء الثاني بإذن الله ..!

أترككم في رعاية الرحمن حتى يبدأ تنزيل الجزء الثاني بإذن الله ..!




سبحان الله و بحمده ~ سبحان الله العظيم
لا تنسوا الصلاة على الحبيب





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-15, 10:21 AM   #37

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


سلام يا اصحاب .. كيفكم ؟!..


شكراً شكراً شكراً لكل من جاوب على اسئلة الامتحان .. كنت سعيدة للغاية بإجابتكم و قد استفدت منها بالفعل من أجل الجزء الجديد ..!

اطمئنوا فكل الملاحظات التي أشرتم إليها ستتضح فيه .. سأوحاول قدر الأمكان تفادي مالم يعجبكم في القصه ..!


و الآن .. ها أنا أحمل لكم الخبر السعيد !!..


الموسم الثاني وصل !!!..


بعنوان :

ما بعد ماضــي التـــــرف ! .. مستقبل يغـــوص في " المجهـــــــول " ,,



استمتعوا بها ..!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-15, 11:13 AM   #38

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 11:22 PM   #39

Vii98

? العضوٌ??? » 461420
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » Vii98 is on a distinguished road
افتراضي

❤❤❤❤❤❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
❤❤❤❤❤❤❤


Vii98 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-22, 06:44 AM   #40

ندى تدى

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية ندى تدى

? العضوٌ??? » 142345
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 8,585
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond reputeندى تدى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شكرا حبيبتي على الرواية الرائعه



ويعطيك العافيه


ندى تدى غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:58 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.