آخر 10 مشاركات
6 - موعد مع الغرام - روزمارى كارتر - ع.ج ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          328 - العروس المتمردة - جوليا جيمس (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          نصيحة ... / سحر ... / الأرملة السوداء ... ( ق.ق.ج ) بقلمي ... (الكاتـب : حكواتي - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إحساس جديد *متميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree142Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-04-18, 02:58 PM   #11561

Rteel

? العضوٌ??? » 320421
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » Rteel is on a distinguished road
افتراضي


لا اله الا أنت يبحانك إني كنت من الظالمين

Rteel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 04:04 PM   #11562

Bosh12

? العضوٌ??? » 422634
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 323
?  نُقآطِيْ » Bosh12 is on a distinguished road
افتراضي

شدني العنوان
تحمست لمعرفة الئ اين ستأخذنا الكاتبة
في انتظار القصة


Bosh12 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 04:16 PM   #11563

بسنت123

? العضوٌ??? » 415350
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 223
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » بسنت123 is on a distinguished road
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

بسنت123 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 04:21 PM   #11564

Bosh12

? العضوٌ??? » 422634
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 323
?  نُقآطِيْ » Bosh12 is on a distinguished road
افتراضي

بداية مشوقة جدا
كنت فقدت الامل بوجود احياء في القصر وظننت ان احدالحرس سيأخد الجنين


Bosh12 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 05:10 PM   #11565

vinca

? العضوٌ??? » 413003
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 45
?  نُقآطِيْ » vinca is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

vinca غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 05:48 PM   #11566

Bosh12

? العضوٌ??? » 422634
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 323
?  نُقآطِيْ » Bosh12 is on a distinguished road
افتراضي كيف سيتأكد الملك من ان الطفل هو ابنه

متأكدة من ان الملكة تركت ع الفتاة علامة ملكية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maroska مشاهدة المشاركة
الفصل الثاني.





"في قاعة الاجتماعات السرية"



_ علينا إطلاق سراحه.


التفتت جميع الوجوه الباردة إلى رأس الطاولة الضخمة التي ضمت عليها في جنح الظلام كل كبار وريثي العائلة ، نظروا إلى ثاني أهم وريث للسلالة ، كانوا يحدقون إليها باستنكار فما كان كلامها معقولا بالمرة ، بل إن بعضهم تجرأ على الجزم أن تكون قد أصابتها علة الجنون كي تفكر في إطلاق سراح عدوهم الذي أفنوا عمرهم و عمر أجدادهم حتى يصلوا إلى هذه المرحلة المتقدمة من مهمة مسح السلالة الملكية الحاكمة عن وجه الأرض


_لا بد بأنه لك سبب لقول هذا


عادت الوجوه كي تلتفت في وقت واحد لناحية اكبر وريثة في سلالة العائلة التي كانت تتصدر الطاولة ، سنها المتقدم وشتى الأمراض التي تعاني منها .. كل هذا لم يمنعها و لو لمرة واحدة من عدم حضورها لأي اجتماع سري للعائلة ، بل إنه لا يؤخذ أي قرار بدون موافقتها ، تظهر دوما بقوتها و شموخها ، و ترفض أن تظل جالسة على الكرسي المتحرك عند حضورها لقاعة الاجتماعات السرية ، فيحملونها حتى تجلس على كرسيها الضخم الذي يليق بمكانتها الرفيعة كما تفعل الآن و هي تنظر إلى ابنتها بهدوء ليس مستغربا من صاحبة الأعصاب الجليدية ، بل المستغرب كيف أنها طرحت سؤال كذاك على ابنتها ، ففكرتها لا تستحق حتى الاستماع اليها فما بالك بنقاشها .


و أكملت كبيرة العائلة كلامها ورغم صوتها الضعيف و الخافت إلا أن الرؤوس انخفضت احتراما و إجلالا لها و هي تقول لوريثة دمائها:


_بكل تأكيد لديك سبب قوي لتقترحي هكذا أمر .. هيا اخبرينا به


_شكرا جلالتك على هذه الثقة التي منحتني إياها


أحنت ابنتها رأسها باحترام و هي تقول ذلك ، كي تضيف بعدها و هي ترمق كل عضو في المجلس على حدة من نظراتها القوية الخبيثة.


نحن نحتجزه لدينا أكثر من ثلاثة أشهر و الأمر لم يفدنا بشيء اذ لم نفلح سواء بالتعذيب الجسدي أو النفسي و آخر التقارير تشير إلى أنه يقول لنا الحقيقة ، إنه لا يعلم مكان إرث الملكية و دون هذا الإرث الذي هو من حقنا لا نستطيع أن نستعيد مُلك بلادنا و اكتساب احترام شعبنا المخدوع بملك ليس من سلالة المملكة و لهذا فإن القرار الصواب أن نطلق صراحه حيث إعدامه يعني إعدام إرث الملكية.


_ و لكن فخامتك لتوك قلت بأنه لا يعلم مكان الارث .


أومأت للأمير لورانت ابن عمها ذي الشعر الأبيض و هو واحد من الذين قد يفنون أعمارهم لأجل استعادة حقهم الملكي .. بهدوء و ابتسامة صغيرة على شفتيها اللتان انفرجتا إلا لتقول : - أجل فخامة الامير لورانت ، هو لا يعلم شيئا عن مكان الإرث الملكي و هذا ليس كلامي بل كلام الاطباء و الخبراء النفسيين الذين يشرفون على حالته ، و لكن ماذا سنستفيد إن قتلناه ؟ فنحن لن نستطيع الوصول إلى مكان الإرث، بينما هو بلى ، يستطيع إيجاده و دلنا عليه ، فمن غير المعقول أن اجداده الذين سلبوا مكانتنا لم يتركوا له اشارات تدله للوصول لإرثنا الملكي.


_تقصدين أنه سيبقى تحت أنظارنا بعد خروجه ، أتعنين أننا لم ننتهي من الحرب بعد ؟

اتسعت ابتسامتها بانتصار وهي تضيف بتلقائية : - لا لم تنتهي الحرب بعد أمير لورانت.


تحدث أمير آخر يستفسر قائلا: - و كيف سنطلق صراحه بكل هذه السهولة ؟ إن هذا لمهين لكرامة العائلة لأنهم سيظنون بأننا نخشاهم لذلك أعدنا لهم ملكهم.


اومأت له برأسها منتصرة عليهم من جديد بأفكارها الشيطانية و هي تقول لهم بثقة بالغة : - سأخبركم كيف و الآن ..


تغضنت كل الوجوه في محاولة لاستيعاب الصوت الذي قاطعهم مدويا في أنحاء القصر ، فنهضوا جميعا واقفين على أقدامهم عدا كبيرة العائلة لكنها مع ذلك رفعت رأسها أكثر رغم رقبتها المعوجة و الهشة ، بقي الصوت العالي يدوي في جميع الأنحاء و خصوصا في تلك الغرفة التي كانت تبدو طاولتها و كراسيها كمن علقت بخيوط خفية في سماء ليلة موحشة.


_جرس الإنذار


ما إن هتف أحد الأمراء بذلك حتى فُتح الباب الضخم الذي أصدر صريرا مزعجا من قبل الحارس الذي بدل كل مجهوده الجسدي حتى يدفعه بالكامل كي يدخل إلى القاعة و بعجلة قام بالتحية الملكية ليبادرهم بعدها : - هجوم مسلح على القصر، يستهدف زنزانة السجين.


........


قواه الخائرة لم تساعده حتى على رفع رأسه و هو يسمع تلك الأصوات الحادة خارج البوابة الحديدية لزنزانته ، بقي على كرسيه المتحرك بجسد شبه ميت من التعذيب و الأدوية و المسكنات التي كانوا يحكمون بها السيطرة عليه ، أجفل بعينيه بتلقائية عندما دوى صوت قوي أصابه بصممٍ مؤقت في أذنيه و جعله يسعل بحدة و ذلك الدخان يملأ الغرفة الصغيرة من حوله كي يغرقه في غمامة لم يستطع معها تمييز شيء حتى الباب و هو يدفع بكل سهولة كي يدخل منه أولئك الرجال المتشحون بالسواد والذين لم تظهر منهم سوى عيونهم السوداء الصلبة ، اقتربوا منه غير مصدقين المنظر الذي لم يتوقعوه حتى في أسوأ كوابيسهم لملكهم القوي ، أحاطوه من كل جانب قبل أن يجثو أحدهم على قدميه بيده حقيبة سوداء صغيرة ، فتحها بسرعة كي يخرج منها حقنة أدرينالين ، حقنها بسرعة في ذراع ملكه المرتخي الذي سرعان ما أحس بالألم الحاد يسري في جسده لكن ما هي إلا دقائق قصيرة حتى جعلته تلك الحقنة السحرية يستعيد قوته التي فقدها بفضل الأدرينالين الذي نجح في إنعاش قلبه.


استوعب الملك الأسير ما يحصل من حوله و فقط من عينَي الرجل الذي حقنه فهم أن الفرج الذي لم يتوقع قدومه قد أتى ، لم يتردد في النهوض من ذلك الكرسي المتحرك لحظة واحدة ، بل إنه أمر أحدهم بإعطائه سلاحه رغم إصرار الحرس على أن لا يجهد نفسه فهم سيقومون بتأمينه ولو على حساب حياتهم، لكن الادرينالين كان قد أعاد له وحشية غضبه الذي سكن في قلبه لوقت طويل منذ أن رأى نفسه ضعيفا أمام أعدائه و هم يريقون دماء عائلته.


خرج يجري بساقه المصابة بين تلك الأروقة المظلمة التي لا تضيئها سوى مصابيح عملية تضاء أوتوماتيكيا كلما مر شخص بجانبها ، و استمر في الركض بين تلك السراديب مع رجاله و عيناه حمراوتان من شدة غضبه ، كان لا يكف عن إطلاق الرصاص على أي شيء يهدد فرصة خروجه من سجنه ، و قتل فقط لوحده عددا من حرس ذلك القصر بقلبه غير الرحيم الذي لم يهتز و هو يصوب رصاصاته في اتجاه الهدف بكل احترافية و بلا أدنى خطأ لاجساد حماة العدو ، لم يكن يدري أن رجاله سهلوا عليه المهمة قبل أن يخرجوه من الزنزانة ، فهم لم يدخلوا ذلك القصر المجهول المعزول إلا بعد حرب دامت لساعات بينهم و بين حراس ذلك القصر حتى استطاعوا التغلب عليهم و أفسحوا الطريق لأنفسهم لإنقاذه ، ولم يبقَ من حماة القصر سوى القليل الذين لفظوا أنفاسهم على يد رصاصات الملك الذي لم يفر من القصر كما يجب عليه أن يفعل بل ترك رجاله يركضون وراءه و هو يصعد درجاته الحجرية و يفتح كل باب فيه بجنون ، أراد لحظتها فقط القتل والقتل ، جال القصر كله هو و رجاله، من سراديبه حتى أبراجه ، لكن لم يجد فيه أحدا و لا حتى رائحة خلفها قاطنوه تدل على مرورهم في أي رواق أو جلوسهم في أي غرفة من غرفه الفسيحة ، و توقف أخيرا بتعب و هو يضرب بقبضة يديه الجدار بجانبه غير مهتم للألم الذي تسبب فيه لعضلة يده فقد كان يشعر بالغضب الشديد من نفسه لقتله جميع الحراس المتبقيين في القصر من دون أن يتريث و يحتجز أحدهم لعله يدله على مكان أعدائه ، ليكتشف من كان يحتجزه في هذا القصر طوال اشهر أذاقه فيها عذابا متواصلا نفسيا وجسديا .


خطا بعد دقائق طويلة من وقوفه عند ذلك الجدار إلى النافذة العريضة ، و نظر عبرها للمنظر الذي كانت تطل عليه ، الغابة ذات الأشجار الكثيفة التي غطتها الثلوج حتى أثقلت أغصانها فمالت بتعب تئن من ذلك الحمل تنتظر متى يأتي الفرج بشمس مشرقة تذوب فيها أثقالها.. ومتى .. متى سيستطيع هو أن يجذب أعداءه إليه ؟؟


_جلالتك كم أنا سعيدة لأني أراك سليما معافا.


استدار بسرعة إلى مصدر الصوت فوجدها واقفة عند الباب الكبير ، بشموخها و هيبتها المعتادة حتى لو كانت الدموع تترقرق في عينيها لرؤيته من جديد بعد أن كادت تيأس و تصدق خبر موته فاحتراق القصر الذي كان يقيم فيه فترة الصيف جعل الكل يقر بذالك الخبر الاليم ، لكنها حافظت على قوتها و هي تقترب منه و كعبا حذائها الصغيران يطرقان الأرض بهدوء، نظرت إليه بعينيها ذات اللون الدخاني للحظات قبل أن تكتم شوقها إليه في داخلها و تقوم بالتحية الملكية له، بعدها رفعت رأسها مجددًا إليه و هي تسأله بلهفة لم تستطع إخفاءها :


- هل هي ما تزال حية جلالتك ؟


حرك رأسه ببرود مخيف قبل أن يجيبها بجمود : - لقد قتلوها و الطفل ما يزال في أحشائها .


زمت شفتيها بقوة حتى تمنع شهقتها من الإفلات من بينهما و ادعت القوة مع أن دموعها اللامعة في مقلتيها تفضحان ألمها و أملها الأخير في إيجاد الملكة قد مات ، استمرت في النظر إليه بجمود قبل أن يقاطع صدمتها تلك قائلا : - كيف وجدتني كونتيسا مارغريت؟


هزت برأسها و قد استعادت رباطة جأشها و ابتلعت دموعها و قالت له و تجاعيدها تتحرك على وجهها برزانة كأنه خُصر يتمايل على أنغام كلماتها : - أنت بمثابة ابني و ليس فقط ملكي ، قلبي لم يصدق و لو للحظة واحدة أن قلبك قد توقف عن النبض .


كلامها لم يكن جوابا كافيا على سؤاله لذلك ردد سؤاله بصوت ناقوسي حاد سببه غضبه و صدمته من كل ما حدث و قلب حياته رأسًا على عقب، فجعله يقسو على مربيته التي لم يعرف غير حنانها في صغره و مشورتها في كبره : - كيف وجدتني ؟


_ليس لدى سلالتنا سوى عدو واحد، .. الدوق مكسيم .


شعر حينها بغصة ألم قوية في حلقه و هو يسمع الاسم ، إنه المجرم مكسيم الذي و للأسف تنحدر زوجته الغالية من نسله القذر و قد وصل به الانتقام إلى جعل الملكة رمادًا تطاير مع الرياح الشتوية اللئيمة .


استدار إلى النافذة من جديد حتى لا ترى الكونتيسا تعابير وجهه المعذبة من ضميره الذي لم يكن ليرحمه ، فهو هُزم أمام أعدائه و تركهم يقتلون زوجته و هي تلد ابنه ، الغضب الوحشي يعتريه خصوصا أن من قتلوها هم عائلتها .


رغم المنطق الذي كان يأمرها بمعاملته بالاحترام الكامل و الرسمية إلا أنها رفضت أن تتخلى عن صوت قلبها الذي كان يتوسلها أن تقف بجانبه كأم تواسي ابنها في أسوأ لحظات حياته و ليس كمربية أو مستشارة ملكية تنتهي مهمتها عند إعطائها للمشورة و النصح ، لقد فقد زوجته و شريكته في العرش و ابنه وريث عرشه و كاد يفقد حياته هو الآخر و لم ينجو إلا بصعوبة حتى يعيش مع ألم الذنب و هدف الانتقام طوال عمره .


_بُني دعنا نذهب إلى قصرك ، الكل في انتظار عودتك .. مملكتك و شعبك .. الجميع سيفرح لأنك لم تسقط ضحية في تلك المجزرة التاريخية.


صاح فاقدا السيطرة على أعصابه و هو يضرب زجاج النافذة بقبضته :- أنا أريد الانتقام و ليس الاحتفال بعودتي .


_ ستفعل بُني عندما تعرف عدوك و تعرف تحركاته ، لأنك ستخسر دوما ما دمت لا تستطيع فهمه بينما هو يعلم كل نقاط قوتك و نقاط ضعفك و يظهر و يختفي متى ما أراد .


استدار إليها ليقف أمامها بهدوء ظاهري ، بينما عاصفة هوجاء تحطم كل ما تبقى داخله من مشاعر إنسانية و هو يقر بصمت بحقيقة كلامها ، فمشكلته أنه لا يعلم من يمنح يد المساعدة لعمه الهارب من المنفى و لا يعلم متى سيظهر له فها هو قتل فجأة عائلته و هشم كرامته كي يرحل أيضا فجأة و لا يترك أي أثر خلفه غير قصر مجهول خالِ، أين هو و من هم الذين يقفون في صفه ؟ و ماذا ستكون ضربتهم القادمة ؟ و كيف يعرف جميع نقاط ضعفهم و قوتهم و هم بعيدون عنه بعد السماء عن الأرض؟ أم أنهم ربما قريبون منه لدرجة لا يبصرهم قلبه مع أن عيناه تراهم؟



بعد ثلاثة أيام.


توقفت سيارة الأجرة السوداء عندما لم تستطع التقدم اكثر بين ذلك الحشد الغفير الذي تجمع عند بوابة القصر الأمامية و الرئيسية ، كان منظرا غريبا ، الكل متشح بالسواد و المظلات السوداء كانت تبدو و كأنها متلاصقة مع بعضها فوق رؤوسهم و قد أصبح لونها أبيضا من الثلج الذي لم يتوقف عن الهطول في ذلك الجو الحزين ، فالبلاد بأكملها في حدادٍ منذ إعلان خبر موت الملك و الملكة و خدمهم إثر هجوم مسلح على القصر الصيفي الذي كانوا يمضون فيه فترة راحة ، و لكن الان , يجتاح البلاد أمل جديد جاء بكافة الشعب الى القصر الملكي الرئيسي للتحقق من تلك الأخبار التي أعلنت فيها رسميا منذ يومين عن عودة الملك ، و أنه لم يمت كما كان يظن الجميع و هو اليوم سيطل عليهم من شرفة قصره الفسيحة .. لذلك الجميع في حالة تأهب و انتظار خائفين من أن تكون الأخبار فقط إشاعة مغرضة ، و مع أن الجو كان قارص البرودة إلا أنهم لم يترددوا في حضور هذه اللحظة كما ستحضرها هي، ليس فقط من أجل أن يطمئن قلبها أن مولاها مازال على قيد الحياة بل كي تُسلمه الأمانة التي تخفيها معها لشهور أليمة .


نقدت السائق ببعض القطع النقدية التي امتلكتها بعد جهد كبير مع أنها تملك بين يديها إرثا لا يقدر بثمن و لا تحتاج معه للعمل و لكنها ليست ممن يخونون الأمانة.


خرجت من سيارة الأجرة السوداء و هي تضمه بين ذراعيها بقوة و سمعت في نفس الوقت سائق الأجرة يترجل من سيارته ، فهو لن يضيع عليه فرصة أن يرى الملك يطل من شرفته و يعود لعرشه، شعرت بالدموع تنزل على خديها بلا توقف و هي ترفع رأسها تنظر للقصر الضخم المهيب الذي لم تعلم له يوما نهاية أو بداية ، فمع أنها ولدت و عاشت فيه إلا أنها كانت تضيع فقط بالتجول في الأروقة المخصصة للخدم ، و حتى مطابخ القصر و غرف تخزين الطعام ، فما أدراها بما هو داخل القصر الذي كان شبيها بقلعة ملكية مرعبة.


ضمته أكثر إلى صدرها ، فقد خافت عليه من نسمات الهواء الشديدة البرودة و التي كانت تلفح دموعها فتجمدها على خديها ، كما أن زخات باردة كانت تتطاير من البحر القريب الذي كان القصر يطل عليه فتحط على وجهها كأنها أحجار مدببة تثقب بشرتها و تشوهها ببرودتها القارسة و خافت أن تصل إلى وجهه الرقيق الصغير هو الآخر ، لذلك نظرت إليه و هو مندس في أغطيته البيضاء التي كانت تحميه بها من البرد و تبقيه مخفيا فيها ، و شعرت بالألم الشديد لأنها ستفارقه ، فلم تتوقع أن تتعلق به بكل هذه القوة في هذه الأشهر المريرة التي كانت تصارع .فيها لإبقائه حيا ، و لكن الوعد وعد و هي وعدت بتسليم الأمانة لأصحابها.


Bosh12 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 05:49 PM   #11567

Bosh12

? العضوٌ??? » 422634
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 323
?  نُقآطِيْ » Bosh12 is on a distinguished road
افتراضي كيف سيتأكد الملك من ان الطفل هو ابنه

متأكدة من ان الملكة تركت ع الفتاة علامة ملكية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maroska مشاهدة المشاركة
[size="
:ts_011:
حماس

5"]الفصل الثاني.





"في قاعة الاجتماعات السرية"



_ علينا إطلاق سراحه.


التفتت جميع الوجوه الباردة إلى رأس الطاولة الضخمة التي ضمت عليها في جنح الظلام كل كبار وريثي العائلة ، نظروا إلى ثاني أهم وريث للسلالة ، كانوا يحدقون إليها باستنكار فما كان كلامها معقولا بالمرة ، بل إن بعضهم تجرأ على الجزم أن تكون قد أصابتها علة الجنون كي تفكر في إطلاق سراح عدوهم الذي أفنوا عمرهم و عمر أجدادهم حتى يصلوا إلى هذه المرحلة المتقدمة من مهمة مسح السلالة الملكية الحاكمة عن وجه الأرض


_لا بد بأنه لك سبب لقول هذا


عادت الوجوه كي تلتفت في وقت واحد لناحية اكبر وريثة في سلالة العائلة التي كانت تتصدر الطاولة ، سنها المتقدم وشتى الأمراض التي تعاني منها .. كل هذا لم يمنعها و لو لمرة واحدة من عدم حضورها لأي اجتماع سري للعائلة ، بل إنه لا يؤخذ أي قرار بدون موافقتها ، تظهر دوما بقوتها و شموخها ، و ترفض أن تظل جالسة على الكرسي المتحرك عند حضورها لقاعة الاجتماعات السرية ، فيحملونها حتى تجلس على كرسيها الضخم الذي يليق بمكانتها الرفيعة كما تفعل الآن و هي تنظر إلى ابنتها بهدوء ليس مستغربا من صاحبة الأعصاب الجليدية ، بل المستغرب كيف أنها طرحت سؤال كذاك على ابنتها ، ففكرتها لا تستحق حتى الاستماع اليها فما بالك بنقاشها .


و أكملت كبيرة العائلة كلامها ورغم صوتها الضعيف و الخافت إلا أن الرؤوس انخفضت احتراما و إجلالا لها و هي تقول لوريثة دمائها:


_بكل تأكيد لديك سبب قوي لتقترحي هكذا أمر .. هيا اخبرينا به


_شكرا جلالتك على هذه الثقة التي منحتني إياها


أحنت ابنتها رأسها باحترام و هي تقول ذلك ، كي تضيف بعدها و هي ترمق كل عضو في المجلس على حدة من نظراتها القوية الخبيثة.


نحن نحتجزه لدينا أكثر من ثلاثة أشهر و الأمر لم يفدنا بشيء اذ لم نفلح سواء بالتعذيب الجسدي أو النفسي و آخر التقارير تشير إلى أنه يقول لنا الحقيقة ، إنه لا يعلم مكان إرث الملكية و دون هذا الإرث الذي هو من حقنا لا نستطيع أن نستعيد مُلك بلادنا و اكتساب احترام شعبنا المخدوع بملك ليس من سلالة المملكة و لهذا فإن القرار الصواب أن نطلق صراحه حيث إعدامه يعني إعدام إرث الملكية.


_ و لكن فخامتك لتوك قلت بأنه لا يعلم مكان الارث .


أومأت للأمير لورانت ابن عمها ذي الشعر الأبيض و هو واحد من الذين قد يفنون أعمارهم لأجل استعادة حقهم الملكي .. بهدوء و ابتسامة صغيرة على شفتيها اللتان انفرجتا إلا لتقول : - أجل فخامة الامير لورانت ، هو لا يعلم شيئا عن مكان الإرث الملكي و هذا ليس كلامي بل كلام الاطباء و الخبراء النفسيين الذين يشرفون على حالته ، و لكن ماذا سنستفيد إن قتلناه ؟ فنحن لن نستطيع الوصول إلى مكان الإرث، بينما هو بلى ، يستطيع إيجاده و دلنا عليه ، فمن غير المعقول أن اجداده الذين سلبوا مكانتنا لم يتركوا له اشارات تدله للوصول لإرثنا الملكي.


_تقصدين أنه سيبقى تحت أنظارنا بعد خروجه ، أتعنين أننا لم ننتهي من الحرب بعد ؟

اتسعت ابتسامتها بانتصار وهي تضيف بتلقائية : - لا لم تنتهي الحرب بعد أمير لورانت.


تحدث أمير آخر يستفسر قائلا: - و كيف سنطلق صراحه بكل هذه السهولة ؟ إن هذا لمهين لكرامة العائلة لأنهم سيظنون بأننا نخشاهم لذلك أعدنا لهم ملكهم.


اومأت له برأسها منتصرة عليهم من جديد بأفكارها الشيطانية و هي تقول لهم بثقة بالغة : - سأخبركم كيف و الآن ..


تغضنت كل الوجوه في محاولة لاستيعاب الصوت الذي قاطعهم مدويا في أنحاء القصر ، فنهضوا جميعا واقفين على أقدامهم عدا كبيرة العائلة لكنها مع ذلك رفعت رأسها أكثر رغم رقبتها المعوجة و الهشة ، بقي الصوت العالي يدوي في جميع الأنحاء و خصوصا في تلك الغرفة التي كانت تبدو طاولتها و كراسيها كمن علقت بخيوط خفية في سماء ليلة موحشة.


_جرس الإنذار


ما إن هتف أحد الأمراء بذلك حتى فُتح الباب الضخم الذي أصدر صريرا مزعجا من قبل الحارس الذي بدل كل مجهوده الجسدي حتى يدفعه بالكامل كي يدخل إلى القاعة و بعجلة قام بالتحية الملكية ليبادرهم بعدها : - هجوم مسلح على القصر، يستهدف زنزانة السجين.


........


قواه الخائرة لم تساعده حتى على رفع رأسه و هو يسمع تلك الأصوات الحادة خارج البوابة الحديدية لزنزانته ، بقي على كرسيه المتحرك بجسد شبه ميت من التعذيب و الأدوية و المسكنات التي كانوا يحكمون بها السيطرة عليه ، أجفل بعينيه بتلقائية عندما دوى صوت قوي أصابه بصممٍ مؤقت في أذنيه و جعله يسعل بحدة و ذلك الدخان يملأ الغرفة الصغيرة من حوله كي يغرقه في غمامة لم يستطع معها تمييز شيء حتى الباب و هو يدفع بكل سهولة كي يدخل منه أولئك الرجال المتشحون بالسواد والذين لم تظهر منهم سوى عيونهم السوداء الصلبة ، اقتربوا منه غير مصدقين المنظر الذي لم يتوقعوه حتى في أسوأ كوابيسهم لملكهم القوي ، أحاطوه من كل جانب قبل أن يجثو أحدهم على قدميه بيده حقيبة سوداء صغيرة ، فتحها بسرعة كي يخرج منها حقنة أدرينالين ، حقنها بسرعة في ذراع ملكه المرتخي الذي سرعان ما أحس بالألم الحاد يسري في جسده لكن ما هي إلا دقائق قصيرة حتى جعلته تلك الحقنة السحرية يستعيد قوته التي فقدها بفضل الأدرينالين الذي نجح في إنعاش قلبه.


استوعب الملك الأسير ما يحصل من حوله و فقط من عينَي الرجل الذي حقنه فهم أن الفرج الذي لم يتوقع قدومه قد أتى ، لم يتردد في النهوض من ذلك الكرسي المتحرك لحظة واحدة ، بل إنه أمر أحدهم بإعطائه سلاحه رغم إصرار الحرس على أن لا يجهد نفسه فهم سيقومون بتأمينه ولو على حساب حياتهم، لكن الادرينالين كان قد أعاد له وحشية غضبه الذي سكن في قلبه لوقت طويل منذ أن رأى نفسه ضعيفا أمام أعدائه و هم يريقون دماء عائلته.


خرج يجري بساقه المصابة بين تلك الأروقة المظلمة التي لا تضيئها سوى مصابيح عملية تضاء أوتوماتيكيا كلما مر شخص بجانبها ، و استمر في الركض بين تلك السراديب مع رجاله و عيناه حمراوتان من شدة غضبه ، كان لا يكف عن إطلاق الرصاص على أي شيء يهدد فرصة خروجه من سجنه ، و قتل فقط لوحده عددا من حرس ذلك القصر بقلبه غير الرحيم الذي لم يهتز و هو يصوب رصاصاته في اتجاه الهدف بكل احترافية و بلا أدنى خطأ لاجساد حماة العدو ، لم يكن يدري أن رجاله سهلوا عليه المهمة قبل أن يخرجوه من الزنزانة ، فهم لم يدخلوا ذلك القصر المجهول المعزول إلا بعد حرب دامت لساعات بينهم و بين حراس ذلك القصر حتى استطاعوا التغلب عليهم و أفسحوا الطريق لأنفسهم لإنقاذه ، ولم يبقَ من حماة القصر سوى القليل الذين لفظوا أنفاسهم على يد رصاصات الملك الذي لم يفر من القصر كما يجب عليه أن يفعل بل ترك رجاله يركضون وراءه و هو يصعد درجاته الحجرية و يفتح كل باب فيه بجنون ، أراد لحظتها فقط القتل والقتل ، جال القصر كله هو و رجاله، من سراديبه حتى أبراجه ، لكن لم يجد فيه أحدا و لا حتى رائحة خلفها قاطنوه تدل على مرورهم في أي رواق أو جلوسهم في أي غرفة من غرفه الفسيحة ، و توقف أخيرا بتعب و هو يضرب بقبضة يديه الجدار بجانبه غير مهتم للألم الذي تسبب فيه لعضلة يده فقد كان يشعر بالغضب الشديد من نفسه لقتله جميع الحراس المتبقيين في القصر من دون أن يتريث و يحتجز أحدهم لعله يدله على مكان أعدائه ، ليكتشف من كان يحتجزه في هذا القصر طوال اشهر أذاقه فيها عذابا متواصلا نفسيا وجسديا .


خطا بعد دقائق طويلة من وقوفه عند ذلك الجدار إلى النافذة العريضة ، و نظر عبرها للمنظر الذي كانت تطل عليه ، الغابة ذات الأشجار الكثيفة التي غطتها الثلوج حتى أثقلت أغصانها فمالت بتعب تئن من ذلك الحمل تنتظر متى يأتي الفرج بشمس مشرقة تذوب فيها أثقالها.. ومتى .. متى سيستطيع هو أن يجذب أعداءه إليه ؟؟


_جلالتك كم أنا سعيدة لأني أراك سليما معافا.


استدار بسرعة إلى مصدر الصوت فوجدها واقفة عند الباب الكبير ، بشموخها و هيبتها المعتادة حتى لو كانت الدموع تترقرق في عينيها لرؤيته من جديد بعد أن كادت تيأس و تصدق خبر موته فاحتراق القصر الذي كان يقيم فيه فترة الصيف جعل الكل يقر بذالك الخبر الاليم ، لكنها حافظت على قوتها و هي تقترب منه و كعبا حذائها الصغيران يطرقان الأرض بهدوء، نظرت إليه بعينيها ذات اللون الدخاني للحظات قبل أن تكتم شوقها إليه في داخلها و تقوم بالتحية الملكية له، بعدها رفعت رأسها مجددًا إليه و هي تسأله بلهفة لم تستطع إخفاءها :


- هل هي ما تزال حية جلالتك ؟


حرك رأسه ببرود مخيف قبل أن يجيبها بجمود : - لقد قتلوها و الطفل ما يزال في أحشائها .


زمت شفتيها بقوة حتى تمنع شهقتها من الإفلات من بينهما و ادعت القوة مع أن دموعها اللامعة في مقلتيها تفضحان ألمها و أملها الأخير في إيجاد الملكة قد مات ، استمرت في النظر إليه بجمود قبل أن يقاطع صدمتها تلك قائلا : - كيف وجدتني كونتيسا مارغريت؟


هزت برأسها و قد استعادت رباطة جأشها و ابتلعت دموعها و قالت له و تجاعيدها تتحرك على وجهها برزانة كأنه خُصر يتمايل على أنغام كلماتها : - أنت بمثابة ابني و ليس فقط ملكي ، قلبي لم يصدق و لو للحظة واحدة أن قلبك قد توقف عن النبض .


كلامها لم يكن جوابا كافيا على سؤاله لذلك ردد سؤاله بصوت ناقوسي حاد سببه غضبه و صدمته من كل ما حدث و قلب حياته رأسًا على عقب، فجعله يقسو على مربيته التي لم يعرف غير حنانها في صغره و مشورتها في كبره : - كيف وجدتني ؟


_ليس لدى سلالتنا سوى عدو واحد، .. الدوق مكسيم .


شعر حينها بغصة ألم قوية في حلقه و هو يسمع الاسم ، إنه المجرم مكسيم الذي و للأسف تنحدر زوجته الغالية من نسله القذر و قد وصل به الانتقام إلى جعل الملكة رمادًا تطاير مع الرياح الشتوية اللئيمة .


استدار إلى النافذة من جديد حتى لا ترى الكونتيسا تعابير وجهه المعذبة من ضميره الذي لم يكن ليرحمه ، فهو هُزم أمام أعدائه و تركهم يقتلون زوجته و هي تلد ابنه ، الغضب الوحشي يعتريه خصوصا أن من قتلوها هم عائلتها .


رغم المنطق الذي كان يأمرها بمعاملته بالاحترام الكامل و الرسمية إلا أنها رفضت أن تتخلى عن صوت قلبها الذي كان يتوسلها أن تقف بجانبه كأم تواسي ابنها في أسوأ لحظات حياته و ليس كمربية أو مستشارة ملكية تنتهي مهمتها عند إعطائها للمشورة و النصح ، لقد فقد زوجته و شريكته في العرش و ابنه وريث عرشه و كاد يفقد حياته هو الآخر و لم ينجو إلا بصعوبة حتى يعيش مع ألم الذنب و هدف الانتقام طوال عمره .


_بُني دعنا نذهب إلى قصرك ، الكل في انتظار عودتك .. مملكتك و شعبك .. الجميع سيفرح لأنك لم تسقط ضحية في تلك المجزرة التاريخية.


صاح فاقدا السيطرة على أعصابه و هو يضرب زجاج النافذة بقبضته :- أنا أريد الانتقام و ليس الاحتفال بعودتي .


_ ستفعل بُني عندما تعرف عدوك و تعرف تحركاته ، لأنك ستخسر دوما ما دمت لا تستطيع فهمه بينما هو يعلم كل نقاط قوتك و نقاط ضعفك و يظهر و يختفي متى ما أراد .


استدار إليها ليقف أمامها بهدوء ظاهري ، بينما عاصفة هوجاء تحطم كل ما تبقى داخله من مشاعر إنسانية و هو يقر بصمت بحقيقة كلامها ، فمشكلته أنه لا يعلم من يمنح يد المساعدة لعمه الهارب من المنفى و لا يعلم متى سيظهر له فها هو قتل فجأة عائلته و هشم كرامته كي يرحل أيضا فجأة و لا يترك أي أثر خلفه غير قصر مجهول خالِ، أين هو و من هم الذين يقفون في صفه ؟ و ماذا ستكون ضربتهم القادمة ؟ و كيف يعرف جميع نقاط ضعفهم و قوتهم و هم بعيدون عنه بعد السماء عن الأرض؟ أم أنهم ربما قريبون منه لدرجة لا يبصرهم قلبه مع أن عيناه تراهم؟



بعد ثلاثة أيام.


توقفت سيارة الأجرة السوداء عندما لم تستطع التقدم اكثر بين ذلك الحشد الغفير الذي تجمع عند بوابة القصر الأمامية و الرئيسية ، كان منظرا غريبا ، الكل متشح بالسواد و المظلات السوداء كانت تبدو و كأنها متلاصقة مع بعضها فوق رؤوسهم و قد أصبح لونها أبيضا من الثلج الذي لم يتوقف عن الهطول في ذلك الجو الحزين ، فالبلاد بأكملها في حدادٍ منذ إعلان خبر موت الملك و الملكة و خدمهم إثر هجوم مسلح على القصر الصيفي الذي كانوا يمضون فيه فترة راحة ، و لكن الان , يجتاح البلاد أمل جديد جاء بكافة الشعب الى القصر الملكي الرئيسي للتحقق من تلك الأخبار التي أعلنت فيها رسميا منذ يومين عن عودة الملك ، و أنه لم يمت كما كان يظن الجميع و هو اليوم سيطل عليهم من شرفة قصره الفسيحة .. لذلك الجميع في حالة تأهب و انتظار خائفين من أن تكون الأخبار فقط إشاعة مغرضة ، و مع أن الجو كان قارص البرودة إلا أنهم لم يترددوا في حضور هذه اللحظة كما ستحضرها هي، ليس فقط من أجل أن يطمئن قلبها أن مولاها مازال على قيد الحياة بل كي تُسلمه الأمانة التي تخفيها معها لشهور أليمة .


نقدت السائق ببعض القطع النقدية التي امتلكتها بعد جهد كبير مع أنها تملك بين يديها إرثا لا يقدر بثمن و لا تحتاج معه للعمل و لكنها ليست ممن يخونون الأمانة.


خرجت من سيارة الأجرة السوداء و هي تضمه بين ذراعيها بقوة و سمعت في نفس الوقت سائق الأجرة يترجل من سيارته ، فهو لن يضيع عليه فرصة أن يرى الملك يطل من شرفته و يعود لعرشه، شعرت بالدموع تنزل على خديها بلا توقف و هي ترفع رأسها تنظر للقصر الضخم المهيب الذي لم تعلم له يوما نهاية أو بداية ، فمع أنها ولدت و عاشت فيه إلا أنها كانت تضيع فقط بالتجول في الأروقة المخصصة للخدم ، و حتى مطابخ القصر و غرف تخزين الطعام ، فما أدراها بما هو داخل القصر الذي كان شبيها بقلعة ملكية مرعبة.


ضمته أكثر إلى صدرها ، فقد خافت عليه من نسمات الهواء الشديدة البرودة و التي كانت تلفح دموعها فتجمدها على خديها ، كما أن زخات باردة كانت تتطاير من البحر القريب الذي كان القصر يطل عليه فتحط على وجهها كأنها أحجار مدببة تثقب بشرتها و تشوهها ببرودتها القارسة و خافت أن تصل إلى وجهه الرقيق الصغير هو الآخر ، لذلك نظرت إليه و هو مندس في أغطيته البيضاء التي كانت تحميه بها من البرد و تبقيه مخفيا فيها ، و شعرت بالألم الشديد لأنها ستفارقه ، فلم تتوقع أن تتعلق به بكل هذه القوة في هذه الأشهر المريرة التي كانت تصارع .فيها لإبقائه حيا ، و لكن الوعد وعد و هي وعدت بتسليم الأمانة لأصحابها.[/size]


Bosh12 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 08:58 PM   #11568

Bosh12

? العضوٌ??? » 422634
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 323
?  نُقآطِيْ » Bosh12 is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع مشوق
احسست كأنني ا ى فيلما والاشخاص حقيقيون امامي
نقلتي الصورة بشكل واضح وجميل
بإنتظارك


Bosh12 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 09:45 PM   #11569

Bosh12

? العضوٌ??? » 422634
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 323
?  نُقآطِيْ » Bosh12 is on a distinguished road
افتراضي واخيرا رق قلب الملك اتجاه باتريسيا.حقا الحب اعماه

كيف باستطاعة فتاة هزيلة ان تنقذ الملكة المريضة وابنها لوحدها
هذا شي مستحيل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maroska مشاهدة المشاركة

الفصل الرابع



ظل متصلبا جامداً في مكانه ينظر إليها بلا حراك وذاك ما زاد من ارتباكها بشدة وأخافها، لكنها بدل أن تصمت استمرت في الحديث ظنةً بأنها بذلك ستطمئنه وتخفف عنه هول الصدمة بقول الحقيقة.



- ولدت فخامتها ولي العهد بصحة جيدة، ولكن في المقابل ساءت صحتها كثيرا، كانت تموت وهي ترشدني لباب سري في الجناح الملكي حيث يؤذي ذلك النفق الضيق الطويل الى خارج القصر من دون أن يستطيع أحد رؤيتي، وسلمتني طفلها آمرة إياي بحمايته فهو وريث العرش.



احنت برأسها تنظر لطاولة في الوقت الذي تسربت دمعة ثقيلة على وجنتها .. مسحتها بسهولة بدت بوضوح بأنها تتمنى لو تستطيع بنفس تلك السهولة مسح ذاكراتها أيضا، ذكرى تسليم الملكة ابنها لها ووثوقها بها رغم انها لم يسبق لها حتى التحدث إليها من قبل، ذكرى خروجها من القصر باكية خائفة تجري في الغابة وهي تضم الى صدرها الرضيع الذي ولد لتوه ملتفا بأغطية حملتها من غرفة الملكة تاركة إياها تلفظ أنفاسها الاخيرة قبل أن يخنقها الدخان الذي بدأ يتصاعد مع جدران القصر، وعندما تعبت من الركض توقفت وصرخات الطفل تتعالى في الغابة ونظرت الى الافق حيث القصر الذي بقي خلفها يحترق بالجثث، جثث أهلها وجثة ملكة المملكة من غيرها هي ووريث العرش الذي ما ظنت نفسها يوما أنها ستكلف بمهمة مصيرية في إيصال الطفل للقصر الملكي الرئيسي.


رفعت عينيها من على الطاولة بغير تصديق عندما سمعته يتكلم بالهدوء الذي يسبق العاصفة مما جعلها ذلك ترتعش بقوة ألمتها:


-هل تعنين بأنك تركتها حتى تلتهمها النيران في القصر وهي ما تزال حية؟



-جلالة.....



أجفلت بفزع عندما قاطعها بضربة قوية من قبضة يديه على الطاولة وهو ينهض واقفا، رأت العصا التي اسندها على الطاولة تسقط أرضاً محدثة جلبة مزعجة، قبل ان يقترب هو منها بدون مساعدة عصاه الثمينة التي لم تلاحظ من قبل أنه يستند عليها بسبب دخوله الزنزانة بذلك الشكل المهيب وحيث كان لأول مرة عليها ان تتعامل مع الملك ألكسندر بنفسه، لم يظهر عليه العرج وهو يمشي إليها بسبب الغضب الذي جعله كالمتوحش ،ولم تظن يوما بأن الملك يصبح على ذلك الحال الغير مقبول لمكانته، أمسك بياقتي معطفها، فصرخت رغما عنها رعبا ولكنها كتمت صرخاتها وهي ترتجف بين يديه عندما جذبها لكي تقف على قدميها، كان صراخه في وجهها كزئير الاسد: - كيف استطعت، كيف واتتك الجرأة على تركها تموت هناك ثم تخرجين من القصر؟؟



حاولت الدفاع عن نفسها تتمتم من بين شهقاتها وهي مازلت في نفس الوقت غير فاهمة لذلك القرب بينهما الذي صدمها: - انا توسلتها .. وحاولت مساعدتها .. ولكنها لم تكن تستطيع مرافقتي، بنفسها آمرتني أن أدعها وأرحل، افهمني أرجوك.



-كيف تريدين أن أفهم بأنه كان باستطاعتك مساعدة زوجتي ومولاتك ولكنك انقذت فقط نفسك وتركتها تُحرق.


صرخ بذلك وهو يدفعها بقوة الى الجدار البارد خلفها، فتأوهت ألما لاصطدام ظهرها بقوة بالجدار الصلب لكي تشهق شهقة اخيرة قبل ان يقبض على رقبتها بقبضة من حديد، ويغرس اصابعه في بشرتها الرقيقة الشاحبة .. كانت تختنق وترى الموت أمامها في عينيه الجاحظتين مستمرا في صراخه: - أنت لا تعلمين ماذا فعلت بمجيئك ألي بكلتا قدميك، أنا سأقتلكِ، سأقتل بيدي الخائنة التي بسببها ماتت ملكة البلاد.



كانت تريد الكلام والدفاع عن نفسها، كانت تريد القول له بأنها ترجت الملكة أن تحاول الصمود ومرافقتها ولكن النار ابتدأت تشتعل في القصر والملكة كانت ضعيفة جدا لدرجة انها بدأت تفقد وعيها فكيف كان بإمكانها الوقوف واتخاذ ذلك الممر السري الضيق معها للخارج؟؟ كانت تريد ان تصرخ بأن الملكة بنفسها هي من آمرتها ان تأخذ ابنها وتخرج فالاهم هو ولي العهد ولكنها لم تستطع قول كل هذا لأنها كانت تختنق والهواء لم يجد طريقا الى رئتيها، كانت تموت بين يديه وبيديه حتى انها اغمضت عينيها استسلاما للموت وألم خنقه لها، وظنت بأنها فارقت الحياة عندما شعرت بالراحة تعود إليها رغم أن الألم كان يشوبها، ورويدا رويد احست بأن الدماء تعود للتدفق في عروقها من جديد وعندها فتحت عينيها فوجدته واقفا أمامها بصمت وقد كان هو من سحب قبضتيه من على رقبتها وليس لأنه قتلها فشعرت بالراحة وبالألم يقل .. تجمدت الدموع في مقلتيها وهي تنظر إليه وقد كان وجهه قريبا منها متصلبا قبل أن يبتعد عنها خطوتين متراجعا للوراء لكي يقول لها بازدراء واحتقار كبيرين: - كيف صدقت كاذبة متشردة مثلك؟ كيف لا أنتبه بأنك لحد الأن لم تقدمي لي دليلا واحدا على صحة ما تقولينه، يا للعار لأنني ثُرتُ لكذبة حقيرة سأدفعك ثمنها غاليا.



شدد على كلماته الاخيرة بقوة جعلتها تشعر بعدم القدرة على الحديث، واستمرت معها تلك الحالة حتى عندما استدار وفتح الباب يخرج منه بقوة لكي تنهار هي ببطء تجلس على الارض تضم ركبتيها إليها باكية من ما هي واقعة فيه، الملكة المسكينة ظنت بأن الامر سيكون سهلا فقط ما أن تجلب الامير الصغير للقصر الملكي ولكن لا أحد لا أحد سيصدقها بل سيتهمونها بالكذب والاحتيال وعلى من؟ على القصر الملكي والملك بعينه.



خرج فجأة مما جعل الحارسين يستقيمان بسرعة في وقفتهما ثم يغلقان باب الزنزانة، وقف امامهما وبعينان يتطاير الشرر منهما آمرهما قائلا: لا تطلقا سراحها، حققا معها حتى تصلا الى سبب مجيئها الى القصر وحتى تعترف لكم بكل أهدافها الخفية.



-أمرك جلالة الملك.



تركهما بعدها وخطا بخطوات تنفث النار، ولكنه توقف فجأة عندما رأى الكونتيسا مارغريت تقف أمامه تحمل شيئا صغيرا بين ذراعيها لم يُكشف له بسبب تلك الاغطية البالية التي كانت تحجبه عن ناظريه، تغضن جبينه وهو يسمعها تناديه باسمه دون رسميات:


-الكسندر انظر ماذا وجدت بين طيات ثياب هذا الرضيع.


تصلبت ملامحه بغير تصديق عندما رأى الدوقة ترفع يدها الاخرى عاليا وفي سبابتها علقت سلسلة طويلة رخيصة وعند اسفلها كان يتدحرج خاتم أهين بشدة عندما عُلق على تلك الضفيرة المعدنية التي تفتقد لأي قيمة كانت، الخاتم الذي كان يلمع ثراءً وقوة وعظمة وتاريخا، الخاتم الذي يعرفه جيدا .. الخاتم الذي توارث من جداته الملكات لأمه الراحلة وصولا لزوجته الغالية فيكتوريا.


تقدم ببطء من الدوقة حتى وصل إليها ووقف أمامها، وعندها مد يده واخذ السلسلة بهدوء منها، أمسك بطرف الخاتم ونظر لداخله، ملتزما الصمت ذهولا للحظات معدودة قبل ان يتمتم: - غير معقول، انه هو خاتم العائلة، والشعار الملكي عليه أيضا.


-ماذا نفعل الأن؟ الخاتم وجدته معلقا برقبة هذا الرضيع الذي أبقوه مع إحدى خادمات القصر حتى يحققوا مع تلك المرأة التي جاءت به.


نظر إلى تلك الاغطية الرثة المتكومة حول جسد صغير لا يتبين رأسه من قدميه ولم يستطع مد يده لرؤية وجهه فقد شعر بالرهبة من ذلك، رهبة غريبة أخجلته من نفسه، لكنه شد بقوة على الخاتم وأبقى عليه في كفه عندما استدار راحلا وهو يقول للكونتيسا: - عند هذا الحد لم يعد الامر يحتمل التجاهل، سنقوم باختبار الصلة العائلية لهذا الطفل ولي أنا حتى أعرف إن كنت حقا والده وإن كان ابني وابن فيكتوريا كما تدعي تلك الفتاة.


………..


كان جالسا على كرسي مكتبه وحيدا كالعادة ينظر أمامه الى تلك الصورة الضخمة المعلقة على الجدار مقابل مكتبه، صورة بإطار ذهبي اختارت نقوشه بنفسها حتى تحيط بصورتها وهي جالسة على العرش الملكي وفستانها الملكي يغطي ساقيها والارض امامها كنهر يجري بماء عاجي لؤلؤي .. بينما هو يقف بجانبها بقامته المديدة ويده يضعها على كتفها بتملك حيث ظهر خاتم الزواج بوضوح على بنصره ..تملك الملك لمليكته الزوج لزوجته والحبيب لحبيبته.


أبعد أنظاره عن الصورة ونظر إلى مكتبه بهدوء وهو يأذن للطارق الذي يقف عند بابه منذ لحظات بالدخول .. وكما توقع دخلت الكونتيسا إليه ..حيته التحية الملكية ولم تتكلم بعدها، شعر بترددها وعندها رفع عينيه لها ونظر إليها يسألها ببرود جليدي: - نتيجة الاختبارات الطبية إيجابية أليس كذلك؟


اكتفت بإيماءة صغيرة من رأسها وهي لا تقدر على النظر الى عينيه بالحزن الذي تحمله ملامحها وشعر حينها بغصة كبيرة قاوم ألمها وهو يقول للكونتيسا: - اذن فيكتوريا استطاعت ان تلد الطفل وماتت حرقا في ذلك القصر.



-أعلم بأن الامر بشع للغاية، ولكن يجب ان ننظر الى الامر من الناحية الثانية، طفلكما ولد ولم يمت، فيكتوريا حية في روح ذلك الطفل الصغير، ولي العهد عاش يا جلالة الملك.



نظر إليها وهي تسترسل في الحديث بكل عفوية والدموع تترقرق في عينيها: - لقد حملتهُ وجلبتهُ إلى الغرفة التي كانت فخامة الملكة قد جهزتها له، غرفة ولي العهد، انه في غاية الجمال يا ألكسندر، يشبهك بل يشبه ايضا فيكتوريا، جميل جدا في غاية النعومة ونومه هادئ ونظرته ملكية تدل حتى بدون اي اختبارات علمية على أنه أميرا يسري في عروقه الدم الازرق الملكي، انه رائع جدا .. كم انا سعيدة لأن فيكتوريا تركت لنا روحها نابضة في جسد ابنها، على الاقل نحن لم نفقد كل شيء.


هتف بغضب من سعادتها تلك: - كيف تكونين سعيدة ونحن في الحداد، م عن أي هبة من السعادة تتحدثين، انا كنت اتمنى ألا يكون ابني وان يكون كل هذا ملفقا من طرف تلك الفتاة، لأن وجود هذا الطفل يثبت كم تعذبت وكم كان موتها بشعا، يثبت بأنها لم تمت اثناء ولادتها بل النيران من التهمتها وهي ماتزال تتنفس الحياة.


قالت غير مصدقة:-غير معقول جلالتك، إنه الطفل الذي انتظرناه طويلا، الذي فعلت المستحيل للحفاظ على حياته وهو ما يزال في أحشاء والدته .. إنه ولي العهد الذي به ستستمر السلالة ....



قاطعها غير قادر على تحمل المزيد من كلماتها وهو يهتف من بين أسنانه المطبقة بشدة على بعض:-اجل مارغريت أعلم كل هذا، اعلم بأنه علي أن أكون سعيداُ جدا لأن وريث العرش ما يزال حيا، ولكنني لا استطيع، ليس بدون فيكتوريا.



صمتت بألم كبير وهي تطأطأ رأسها بحرج، وزمت شفتيها حتى أصبحتا شاحبتين تحت حمرة شفاهها وذلك لكي لا تنزل دموعها من عينيها، بقيت واقفة بجمود وهي تسمعه ينهض من مكانه، تقدم بخطواته منها وتجاوزها ولم تتوقف خطواته الا عند الصورة الجدارية الكبيرة له وللملكة، نظر للصورة بألم شديد، نظر لعينيها لشفتيها لخديها لبشرتها لجسدها كل شيء فيها كان يعشقه لكنه لم يبقى له منها سوى الصور، نظر إلى الخاتم الملكي الذي كانت تضعه في يدها بينما بنصر اليد الاخرى احتله خاتم الزواج، وعندها رفع يده له بذلك الخاتم الذي كان يحتفظ به بكل قوته ويشد عليه بين أنامله .. خاتمها الملكي.



-اجل مؤلم مولاي، ولكن لا تنسى بأنك ملك وعليك واجبات وأقسمت بأن تكون هذه الواجبات هي أولوياتك ولو على حساب مشاعرك وأحاسيسك.



صاح فيها من دون ان يستدير إليها: - من قال لك بأنني أقصر في واجباتي الملكية، انا لن ولم أجري يوما وراء احاسيسي ورغباتي الخاصة.



جاءه صوتها قويا صلبا جريئا في اتخاذ جانب حساس من الحوار عندما قالت: - اذن فلتعلم بأن ابنك في خطر عظيم الأن، لو أعلنا بكل سهولة على ان ولي العرش قد عاش فهذا الخبر سيصل لعمك وسيأتي لقتل حفيده بيده كما قتل ابنته فيكتوريا.


كز على أسنانه بقوة وهو ينظر لوجه حبيبته في الصورة، وهو يردف في نفسه على كلام الكونتيسا .. (الوالد حرق ابنته).


-سأحميه وسأنتقم لأمه شر انتقام من والدها.


-عليك حماية ابنك أولا، لا نستطيع توقع خطوات مكسيم، ولكن من المؤكد بأنه مجنون بالانتقام ويريد الاستلاء على الحكم ولو قتل جميع من في المملكة، واعلم بأنه حال ان يعرف بأن ابنته تركت إرثا ملكيا روحيا منها فهو سيسعى لتخلص منه بكل ثمن.


نظر لصورتها من جديد ولابتسامتها الملكية ورقي نظراتها الثاقبة الساحرة الجمال، وتذكر كلماتها عندما كان يشوب صوتها الرنان الأنيق الحزن فيزيده سحرا خاصا فوق سحره المميز: تحد لي ان ألد هذا الطفل، والتحدي الاكبر ان نحافظ على سلامته.


وكان دوما ما يجيبها بثقة كبيرة ويعدها بأنه سيحميه ويضحي من اجله بأي شيء كان .. ولذلك اخرج نفسه من أفكاره تلك يعد الكونتيسا قائلا:


-لا تقلقي انا سأفعل أي شيء كان لحمايته.


-لكي تحميه فعليك أولا أن تستعيد ثقة شعبك بك وبأنه في استطاعتك ان توفر لهم الامان وتأكد بأن ما حصل لن يزعزع من ثقتك بنفسك وهذا سيحصل عندما تحقق شروط الملكية التي أصبحت ناقصة بموت فيكتوريا.


استدار إليها بحدة متفاجأ من كلامها، لم يتكلم بل نظراته المستغربة كانت كفيلة بأن تجعلها تتكلم وتشرح ما كانت تعنيه بكلماتها الوقحة تلك .. فقالت:


-اعلم بأن الامر صعب جدا تقبله ولكن ولاءك للحكم الملكي سيطغى على ألم قلبك .. للأسف سنك لا يسمح لك في قانون الملكية أن تظل أرملا لبقية حياتك .. السلالة بحاجة شديدة لتوسع وولي العهد وحده ليس كافيا لهذا كما أن المملكة بحاجة لملكة تشاركك الحكم كما كانت تفعل جلالة الملكة فيكتوريا.


بقي يحدق فيها بجمود وهي لم تخف من ردة فعله، فكانت تعلم بأنه لن يعارض قوانين الحكم الملكي، يعلم جيدا حتى لو أنه كان يهرب في الآونة الاخيرة بتفكيره من حقيقة خطيرة وهي أن سلالته العريقة توشك على الانقراض بطريقة أسرع من المعقول وانه الوحيد الباقي من السلالة هو وابنه الذي علم بأمره لتو بعد موت ابنة عمه ونفي عمه وإعلان عدم انتمائه لسلالة الملكية لاكتشافه خيانته.


شعر بيدها تربت على كتفه تواسيه قائلة: -على الاقل فخامتك حققت حلمك بالإنجاب منها وابن جلالتها من سيرث عرشك لا غير فما عليك سوى ان تتقبل بأنه مقدر لك أن تنجب أمراء أخرين من غيرها .. ثم إن كل اميرات السلالات العريقة الملكية للبلدان الاخرى يتمنين ان يقترن بك وسيسعين لإرضائك واستحقاق شرف الجلوس بجانبك على العرش الملكي .. ما عليك يا بني سوى ان تختار...


قاطعها بقوة وحزم جليديين يخفي تحتهما ألم قلبه الشديد: - مازلنا في فترة الحداد، ثم إننا لم نقم لحد الأن بمراسيم لائقة لجنازة الملكة الراحلة.


اجابته باستغراب وذهول قوي: لكننا قمنا بمراسيم الجنازة اثناء غيابك.


-تقصدين قمتم بمراسيم جنازاتي انا وزوجتي وطفلنا، ولكنني عدت ولم أمت وعلي ان أقيم مراسيم ثانية حقيقية احضرها بنفسي انا وطفلي.


أومأت باستسلام برأسها ولم تسمح لها نظراته القاسية ببنت شفة، استدار بعدها ناحية اللوحة الملكية وفي نفس الوقت حدث الكونتيسا قائلا: - يمكنك الذهاب مارغريت.


حال ان شعر بباب المكتب يغلق حتى نظر من جديد لصورتها ويده لا تكف عن الشد على خاتمها في كفه، بقي يتأمل ملامحها المتناسقة الساحرة الجمال الوله بها منذ الصغر، واخذه الحنين الى الشعور ببشرتها وملامسته لذلك الحريري الناصع البياض، فمد يده الى وجهها لكي يصعق بالملمس الخشن للوحة التي رسمت عليها صورتهما معا، فسحب يده بحزن إليه متذكرا بأنها ليست اكثر من لوحة زيتية و لن يستطيع بعد ما حدث رؤيتها أمامه مباشرة .. محادثتها وملامستها، كل ما فكر بأن عليه العيش بعيدا عنها يصيبه جنون لا يستطيع بسبب مكانته العالية ومسؤولياته الكبيرة سوى ان يكتمه بصمت داخله.


بعد ساعات من مكوثه وحيدا في مكتبه غارقا في الالام والاحزان ومرهقا من التفكير في الهجوم القاتل على قصره الصيفي، والانتقام الذي وعد به لنفسه ولحبيبته ولشعبه من عمه الغادر الخائن .. وقف على قدميه وترك مقعده للخروج من غرفة المكتب، ولم يعرف لما واتته تلك الرغبة الملحة للخروج، فقلبه كان يقوده لطريق لم يكن يعرفها وبينما هو يمشي بلا هوادة في أحد أروقة القصر الكثيرة سمع صراخا وبكاءً شديدا مصدره الجناح الرئيسي للقصر .. صعد الدرجات الرئيسية المؤذية الى الجناح الملكي الخاص به، وهناك سمع الصراخ اقوى واقوى مع انه كان ذو نغمة رقيقة صغيرة، فتح باب الجناح الذي كانت تهتم به فيكتوريا في أشهر حملها كثيرا.. توقف عند عتبة الباب بذهول وهو يرى الكونتيسا تحمل بين ذراعيها ذلك الرضيع الصغير والذي لم يكن ليكف عن الصراخ مهما حاولت من تهدئته بهزه والدندنة له، نظرت الكونتيسا ناحية الملك عندما شعرت بوجوده فرأى على محياها إمارات القلق وقلة الحيلة.


-ما الذي يزعجه؟


سألها ذلك وهو يقترب منها بهدوء .. توقف على بعد خطوات صغيرة منها وقد شعر بالارتباك كل ما اقترب اكثر من ذلك الطفل، ولم تفت حركته تلك عيناي الكونتيسا الدقيقة الملاحظة والتي أجابته فوراً: - جلالتك إن سمو الامير لم يكف عن البكاء منذ أن أتينا به الى هنا.


ثم اضافت وهي تربكه اكثر بمدها للطفل إليه: - احمله جلالتك .. فأنت والده ومؤكد سيهدأ بين أحضانك.


لم يظهر الملك اي نية في الاقتراب من الطفل ومع ذلك ظلت الكونتيسا مصرة على طلبها عندما رددت: - إنه ابنك وابن فيكتوريا فلماذا تتعامل مع وجوده بكل هذه القسوة والبرود؟


نظر بحزن الى الطفل الابيض الذي كان صاحب شعر اسود داكن كوالدته بالضبط وقال للكونتيسا مفصحا عن مشاعره الحقيقية بكل حرية لا يتجرأ عليها سوى معها لثقته الشديدة بها: - اشعر بأنني لم أتقبل الأمر بعد، بأن طفلنا قد ولد بينما هي ليست بيننا، لازلت غير مستوعب لفقداني لها.


-أنت لم تفقدها كليا يا بُني، فهي تركت لك قطعة منها وانت عليك ان تعتني بها.


أومأ برأسه باستسلام ومد يده للطفل بتردد غير معهود منه، ولكنه قبل حتى أن يلمسه ويحمله بين ذراعيه، سحب يديه إليه عندما سمع طرقا على الباب، استقام في وقفته ونظر ناحية الباب يعطي الاذن بدخول الطارق، نظر بوجوم الى الخادمة التي تفاجأت بوجوده لكي تلقي عليه التحية الملكية بارتباك وهي تشير للحارس الذي دخل ورائها يمسك بذراع ذلك الجسد الهزيل الشاحب:


- فخامة الكونتيسا مارغريت ...


اتسعت عيناه بغضب شديد ونظراته تلتقي بنظراتها الزرقاء الباهتة التي ارتجفت حال ان رأته أمامها فوجد نفسه يصرخ بغضب اشتعل في داخله في وجه الحارس والخادمة التي جلباها للقصر الملكي ولجناح الامير ايضا: - من أمر بإخراج هذه المجرمة من زنزانتها؟


-أنا.


قالت الكونتيسا ذلك بهدوء وثقة قبل ان تهرب بعينيها من عينيه عندما زعزع ثقتها تلك بنظراته النارية .. فقالت للخدم بلهجة آمرة مغلفة بقوة مزيفة أمامه: - خذوها وابقوا في الخارج حتى أنادي عليكم من جديد.


نظر الخدم الى ملكهم وعندما لم يتحرك أو يقل شيئا .. نفذوا آمر الكونتيسا بسرعة وعادوا بباتريسيا الى الخارج .. حال أن اغلق الباب حتى نظرت الكونتيسا بتردد الى الملك وقالت بصوت خفيض وهي ما تزال تتحاشى نظراته القاسية الغاضبة ما أمكنها:


-كان علي أن آمر بجلبها الى هنا.


-وأوامري كانت واضحة بإبقائها في الزنزانة واستمرار التحقيق معها حتى يحين موعد محاكمتها وتأخذ جزائها لعدم مدها يد المساعدة للملكة.


نظرت الكونتيسا إليه بغضب رفضت إخفائه وفاجأته بجرأتها تلك وهي ترمقه بنظرات غير راضية، لكنها قبل ان تتكلم تقدمت بالرضيع الذي لم يكف عن الصراخ والبكاء بين ذراعيها ووضعته في مهده الملكي، واستدارت الى الملك بنفس النظرات الغاضبة وهي تقول له: - لم يكن يوما ملكنا ظالما، ليس عدلا ما قررته في حق تلك المسكينة، انا أتفهم موقفها جيدا ما كان يمكنها مساعدة ملكتنا فيكتوريا وان فعلت فما كانت إحداهن لتنجو والطفل معهما، ولكن يبدوا بأنك لا ترى هذا لأن حب الملكة أعماك.


-مارغريييييت


صاح بذلك بقوة كبيرة في وجهها، وقد احمر وجهه غضبا ولم يسبق له أن انفجر بتلك الطريقة على الكونتيسا، بينما رمشت هي بألم من تصرفه معها في الوقت الذي ازدادت صرخات الرضيع حدة لصراخ والده الذي لا يعرفه بعد، بقي ينظر إليها بغضب لوقت طويل قبل ان تتكلم أخيرا وتقول بجمود:


-ناديتُها فقط لكي ترى ولي العهد، ربما يهدأ معها لأنه هكذا سيفارق الحياة إن استمر على الصراخ والبكاء .. وبكل واضح لنا جميعا ولي العرش يبدوا بأنه لم يتحمل فراق تلك الفتاة.


نظر لطفله بألم وبقي يحدق فيه وهو يصرخ ويركل اغطية المهد بقدميه الصغيرتين، وجهه اصبح محمرا من شدة بكاءه وبعد برهة من الصمت اقترب من المهد ووقف أمامه مد يده الى وجه الطفل ولكنه ما ان لمس خذه حتى ازاداد الطفل صراخا فسحب يده بسرعة وقال ببرود:


-يمكنك الذهاب الأن كونتيسا، سأتولى أمر الامير.


-عن إذن فخامتك.


وببرود وثقل استدارت تخطوا نحو الباب ولكنه اوقفها قبل أن تصله قائلا بصرامة: - واطلبي منهم أن يتركوا الفتاة تدخل لوحدها.


التفتت إليه بذهول غير مصدقة ما سمعته فوجدته يولي ظهره اليها بتصلب ينظر لطفله الباكي وعندها لم تتجرأ على سؤاله عن سبب تغير قراره المفاجئ هذا ورغبته في رؤية الفتاة التي يُحملها ذنب موت زوجته فاستدارت من جديد الى الامام واكملت خطواتها الثقيلة الرزينة نحو الباب.



Bosh12 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 09:48 PM   #11570

Bosh12

? العضوٌ??? » 422634
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 323
?  نُقآطِيْ » Bosh12 is on a distinguished road
افتراضي واخيرا رق قلب الملك اتجاه باتريسيا.حقا الحب اعماه

كيف باستطاعة فتاة هزيلة ان تنقذ الملكة لوحدها
خاصة وهي بحرلة نفسية مذرية وهي تري اهلها امواتا
[size=6][font=arial black]الفصل الرابع



[font=arial][color=black][size=5]ظل متصلبا جامداً في مكانه ينظر إليهاroman]


كانت تريد الكلام والدفاع عن نفسها، كانت تريد القول له بأنها ترجت الملكة أن تحاول الصمود ومرافقتها ولكن النار ابتدأت تشتعل في القصر والملكة كانت ضعيفة جدا لدرجة انها بدأت تفقد وعيها فكيف كان بإمكانها الوقوف واتخاذ ذلك الممر السري الضيق معها للخارج؟؟ كانت تريد ان تصرخ بأن الملكة بنفسها هي من آمرتها ان تأخذ ابنها وتخرج فالاهم هو ولي العهد ولكنها لم تستطع قول كل هذا لأنها كانت تختنق والهواء لم يجد طريقا الى رئتيها، كانت تموت بين يديه وبيديه حتى انها اغمضت عينيها استسلاما للموت وألم خنقه لها، وظنت بأنها فارقت الحياة عندما شعرت بالراحة تعود إليها رغم أن الألم كان يشوبها، ورويدا رويد احست بأن الدماء تعود للتدفق في عروقها من جديد وعندها فتحت عينيها فوجدته واقفا أمامها بصمت وقد كان هو من سحب قبضتيه من على رقبتها وليس لأنه قتلها فشعرت بالراحة وبالألم يقل .. تجمدت الدموع في مقلتيها وهي تنظر إليه وقد كان وجهه قريبا منها متصلبا قبل أن يبتعد عنها خطوتين متراجعا للوراء لكي يقول لها بازدراء واحتقار كبيرين: - كيف صدقت كاذبة متشردة مثلك؟ كيف لا أنتبه بأنك لحد الأن لم تقدمي لي دليلا واحدا على صحة ما تقولينه، يا للعار لأنني ثُرتُ لكذبة حقيرة سأدفعك ثمنها غاليا.



شدد على كلماته الاخيرة بقوة جعلتها تشعر بعدم القدرة على الحديث، واستمرت معها تلك الحالة حتى عندما استدار وفتح الباب يخرج منه بقوة لكي تنهار هي ببطء تجلس على الارض تضم ركبتيها إليها باكية من ما هي واقعة فيه، الملكة المسكينة ظنت بأن الامر سيكون سهلا فقط ما أن تجلب الامير الصغير للقصر الملكي ولكن لا أحد لا أحد سيصدقها بل سيتهمونها بالكذب والاحتيال وعلى من؟ على القصر الملكي والملك بعينه.



خرج فجأة مما جعل الحارسين يستقيمان بسرعة في وقفتهما ثم يغلقان باب الزنزانة، وقف امامهما وبعينان يتطاير الشرر منهما آمرهما قائلا: لا تطلقا سراحها، حققا معها حتى تصلا الى سبب مجيئها الى القصر وحتى تعترف لكم بكل أهدافها الخفية.



-أمرك جلالة الملك.



تركهما بعدها وخطا بخطوات تنفث النار، ولكنه توقف فجأة عندما رأى الكونتيسا مارغريت تقف أمامه تحمل شيئا صغيرا بين ذراعيها لم يُكشف له بسبب تلك الاغطية البالية التي كانت تحجبه عن ناظريه، تغضن جبينه وهو يسمعها تناديه باسمه دون رسميات:


-الكسندر انظر ماذا وجدت بين طيات ثياب هذا الرضيع.


[font=arial][color=black]تصلبت ملامحه بغير تصديق عندما رأى



قاطعها غير قادر على تحمل المزيد من كلماتها وهو يهتف من بين أسنانه المطبقة بشدة على بعض:-اجل مارغريت أعلم كل هذا، اعلم بأنه علي أن أكون سعيداُ جدا لأن وريث العرش ما يزال حيا، ولكنني لا استطيع، ليس بدون فيكتوريا.



صمتت بألم كبير وهي تطأطأ رأسها بحرج، وزمت شفتيها حتى أصبحتا شاحبتين تحت حمرة شفاهها وذلك لكي لا تنزل دموعها من عينيها، بقيت واقفة بجمود وهي تسمعه ينهض من مكانه، تقدم بخطواته منها وتجاوزها ولم تتوقف خطواته الا عند الصورة الجدارية الكبيرة له وللملكة، نظر للصورة بألم شديد، نظر لعينيها لشفتيها لخديها لبشرتها لجسدها كل شيء فيها كان يعشقه لكنه لم يبقى له منها سوى الصور، نظر إلى الخاتم الملكي الذي كانت تضعه في يدها بينما بنصر اليد الاخرى احتله خاتم الزواج، وعندها رفع يده له بذلك الخاتم الذي كان يحتفظ به بكل قوته ويشد عليه بين أنامله .. خاتمها الملكي.



-اجل مؤلم مولاي، ولكن لا تنسى بأنك ملك وعليك واجبات وأقسمت بأن تكون هذه الواجبات هي أولوياتك ولو على حساب مشاعرك وأحاسيسك.



صاح فيها من دون ان يستدير إليها: - من قال لك بأنني أقصر في واجباتي الملكية، انا لن ولم أجري يوما وراء احاسيسي ورغباتي الخاصة.



جاءه صوتها قويا صلبا جريئا في اتخاذ جانب حساس من الحوار عندما قالت: - اذن فلتعلم بأن ابنك في خطر عظيم الأن، لو أعلنا بكل سهولة على ان ولي العرش قد عاش فهذا الخبر سيصل لعمك وسيأتي لقتل حفيده بيده كما قتل ابنته فيكتوريا.


كز على أسنانه بقوة وهو ينظر لوجه حبيبته في الصورة، وهو يردف في نفسه على كلام الكونتيسا .. (الوالد حرق ابنته).


-سأحميه وسأنتقم لأمه شر انتقام من والدها.


-عليك حماية ابنك أولا، لا نستطيع توقع خطوات مكسيم، ولكن من المؤكد بأنه مجنون بالانتقام ويريد الاستلاء على الحكم ولو قتل جميع من في المملكة، واعلم بأنه حال ان يعرف بأن ابنته تركت إرثا ملكيا روحيا منها فهو سيسعى لتخلص منه بكل ثمن.


نظر لصورتها من جديد ولابتسامتها الملكية ورقي نظراتها الثاقبة الساحرة الجمال، وتذكر كلماتها عندما كان يشوب صوتها الرنان الأنيق الحزن فيزيده سحرا خاصا فوق سحره المميز: تحد لي ان ألد هذا الطفل، والتحدي الاكبر ان نحافظ على سلامته.


وكان دوما ما يجيبها بثقة كبيرة ويعدها بأنه سيحميه ويضحي من اجله بأي شيء كان .. ولذلك اخرج نفسه من أفكاره تلك يعد الكونتيسا قائلا:


-لا تقلقي انا سأفعل أي شيء كان لحمايته.


-لكي تحميه فعليك أولا أن تستعيد ثقة شعبك بك وبأنه في استطاعتك ان توفر لهم الامان وتأكد بأن ما حصل لن يزعزع من ثقتك بنفسك وهذا سيحصل عندما تحقق شروط الملكية التي أصبحت ناقصة بموت فيكتوريا.


استدار إليها بحدة متفاجأ من كلامها، لم يتكلم بل نظراته المستغربة كانت كفيلة بأن تجعلها تتكلم وتشرح ما كانت تعنيه بكلماتها الوقحة تلك .. فقالت:


-اعلم بأن الامر صعب جدا تقبله ولكن ولاءك للحكم الملكي سيطغى على ألم قلبك .. للأسف سنك لا يسمح لك في قانون الملكية أن تظل أرملا لبقية حياتك .. السلالة بحاجة شديدة لتوسع وولي العهد وحده ليس كافيا لهذا كما أن المملكة بحاجة لملكة تشاركك الحكم كما كانت تفعل جلالة الملكة فيكتوريا.


بقي يحدق فيها بجمود وهي لم تخف من ردة فعله، فكانت تعلم بأنه لن يعارض قوانين الحكم الملكي، يعلم جيدا حتى لو أنه كان يهرب في الآونة الاخيرة بتفكيره من حقيقة خطيرة وهي أن سلالته العريقة توشك على الانقراض بطريقة أسرع من المعقول وانه الوحيد الباقي من السلالة هو وابنه الذي علم بأمره لتو بعد موت ابنة عمه ونفي عمه وإعلان عدم انتمائه لسلالة الملكية لاكتشافه خيانته.


شعر بيدها تربت على كتفه تواسيه قائلة: -على الاقل فخامتك حققت حلمك بالإنجاب منها وابن جلالتها من سيرث عرشك لا غير فما عليك سوى ان تتقبل بأنه مقدر لك أن تنجب أمراء أخرين من غيرها .. ثم إن كل اميرات السلالات العريقة الملكية للبلدان الاخرى يتمنين ان يقترن بك وسيسعين لإرضائك واستحقاق شرف الجلوس بجانبك على العرش الملكي .. ما عليك يا بني سوى ان تختار...


قاطعها بقوة وحزم جليديين يخفي تحتهما ألم قلبه الشديد: - مازلنا في فترة الحداد، ثم إننا لم نقم لحد الأن بمراسيم لائقة لجنازة الملكة الراحلة.


اجابته باستغراب وذهول قوي: لكننا قمنا بمراسيم الجنازة اثناء غيابك.


-تقصدين قمتم بمراسيم جنازاتي انا وزوجتي وطفلنا، ولكنني عدت ولم أمت وعلي ان أقيم مراسيم ثانية حقيقية احضرها بنفسي انا وطفلي.


أومأت باستسلام برأسها ولم تسمح لها نظراته القاسية ببنت شفة، استدار بعدها ناحية اللوحة الملكية وفي نفس الوقت حدث الكونتيسا قائلا: - يمكنك الذهاب مارغريت.


حال ان شعر بباب المكتب يغلق حتى نظر من جديد لصورتها ويده لا تكف عن الشد على خاتمها في كفه، بقي يتأمل ملامحها المتناسقة الساحرة الجمال الوله بها منذ الصغر، واخذه الحنين الى الشعور ببشرتها وملامسته لذلك الحريري الناصع البياض، فمد يده الى وجهها لكي يصعق بالملمس الخشن للوحة التي رسمت عليها صورتهما معا، فسحب يده بحزن إليه متذكرا بأنها ليست اكثر من لوحة زيتية و لن يستطيع بعد ما حدث رؤيتها أمامه مباشرة .. محادثتها وملامستها، كل ما فكر بأن عليه العيش بعيدا عنها يصيبه جنون لا يستطيع بسبب مكانته العالية ومسؤولياته الكبيرة سوى ان يكتمه بصمت داخله.


بعد ساعات من مكوثه وحيدا في مكتبه غارقا في الالام والاحزان ومرهقا من التفكير في الهجوم القاتل على قصره الصيفي، والانتقام الذي وعد به لنفسه ولحبيبته ولشعبه من عمه الغادر الخائن .. وقف على قدميه وترك مقعده للخروج من غرفة المكتب، ولم يعرف لما واتته تلك الرغبة الملحة للخروج، فقلبه كان يقوده لطريق لم يكن يعرفها وبينما هو يمشي بلا هوادة في أحد أروقة القصر الكثيرة سمع صراخا وبكاءً شديدا مصدره الجناح الرئيسي للقصر .. صعد الدرجات الرئيسية المؤذية الى الجناح الملكي الخاص به، وهناك سمع الصراخ اقوى واقوى مع انه كان ذو نغمة رقيقة صغيرة، فتح باب الجناح الذي كانت تهتم به فيكتوريا في أشهر حملها كثيرا.. توقف عند عتبة الباب بذهول وهو يرى الكونتيسا تحمل بين ذراعيها ذلك الرضيع الصغير والذي لم يكن ليكف عن الصراخ مهما حاولت من تهدئته بهزه والدندنة له، نظرت الكونتيسا ناحية الملك عندما شعرت بوجوده فرأى على محياها إمارات القلق وقلة الحيلة.


-ما الذي يزعجه؟


سألها ذلك وهو يقترب منها بهدوء .. توقف على بعد خطوات صغيرة منها وقد شعر بالارتباك كل ما اقترب اكثر من ذلك الطفل، ولم تفت حركته تلك عيناي الكونتيسا الدقيقة الملاحظة والتي أجابته فوراً: - جلالتك إن سمو الامير لم يكف عن البكاء منذ أن أتينا به الى هنا.


ثم اضافت وهي تربكه اكثر بمدها للطفل إليه: - احمله جلالتك .. فأنت والده ومؤكد سيهدأ بين أحضانك.


لم يظهر الملك اي نية في الاقتراب من الطفل ومع ذلك ظلت الكونتيسا مصرة على طلبها عندما رددت: - إنه ابنك وابن فيكتوريا فلماذا تتعامل مع وجوده بكل هذه القسوة والبرود؟


نظر بحزن الى الطفل الابيض الذي كان صاحب شعر اسود داكن كوالدته بالضبط وقال للكونتيسا مفصحا عن مشاعره الحقيقية بكل حرية لا يتجرأ عليها سوى معها لثقته الشديدة بها: - اشعر بأنني لم أتقبل الأمر بعد، بأن طفلنا قد ولد بينما هي ليست بيننا، لازلت غير مستوعب لفقداني لها.


-أنت لم تفقدها كليا يا بُني، فهي تركت لك قطعة منها وانت عليك ان تعتني بها.


أومأ برأسه باستسلام ومد يده للطفل بتردد غير معهود منه، ولكنه قبل حتى أن يلمسه ويحمله بين ذراعيه، سحب يديه إليه عندما سمع طرقا على الباب، استقام في وقفته ونظر ناحية الباب يعطي الاذن بدخول الطارق، نظر بوجوم الى الخادمة التي تفاجأت بوجوده لكي تلقي عليه التحية الملكية بارتباك وهي تشير للحارس الذي دخل ورائها يمسك بذراع ذلك الجسد الهزيل الشاحب:


- فخامة الكونتيسا مارغريت ...


اتسعت عيناه بغضب شديد ونظراته تلتقي بنظراتها الزرقاء الباهتة التي ارتجفت حال ان رأته أمامها فوجد نفسه يصرخ بغضب اشتعل في داخله في وجه الحارس والخادمة التي جلباها للقصر الملكي ولجناح الامير ايضا: - من أمر بإخراج هذه المجرمة من زنزانتها؟


-أنا.


قالت الكونتيسا ذلك بهدوء وثقة قبل ان تهرب بعينيها من عينيه عندما زعزع ثقتها تلك بنظراته النارية .. فقالت للخدم بلهجة آمرة مغلفة بقوة مزيفة أمامه: - خذوها وابقوا في الخارج حتى أنادي عليكم من جديد.


نظر الخدم الى ملكهم وعندما لم يتحرك أو يقل شيئا .. نفذوا آمر الكونتيسا بسرعة وعادوا بباتريسيا الى الخارج .. حال أن اغلق الباب حتى نظرت الكونتيسا بتردد الى الملك وقالت بصوت خفيض وهي ما تزال تتحاشى نظراته القاسية الغاضبة ما أمكنها:


-كان علي أن آمر بجلبها الى هنا.


-وأوامري كانت واضحة بإبقائها في الزنزانة واستمرار التحقيق معها حتى يحين موعد محاكمتها وتأخذ جزائها لعدم مدها يد المساعدة للملكة.


نظرت الكونتيسا إليه بغضب رفضت إخفائه وفاجأته بجرأتها تلك وهي ترمقه بنظرات غير راضية، لكنها قبل ان تتكلم تقدمت بالرضيع الذي لم يكف عن الصراخ والبكاء بين ذراعيها ووضعته في مهده الملكي، واستدارت الى الملك بنفس النظرات الغاضبة وهي تقول له: - لم يكن يوما ملكنا ظالما، ليس عدلا ما قررته في حق تلك المسكينة، انا أتفهم موقفها جيدا ما كان يمكنها مساعدة ملكتنا فيكتوريا وان فعلت فما كانت إحداهن لتنجو والطفل معهما، ولكن يبدوا بأنك لا ترى هذا لأن حب الملكة أعماك.


-مارغريييييت


صاح بذلك بقوة كبيرة في وجهها، وقد احمر وجهه غضبا ولم يسبق له أن انفجر بتلك الطريقة على الكونتيسا، بينما رمشت هي بألم من تصرفه معها في الوقت الذي ازدادت صرخات الرضيع حدة لصراخ والده الذي لا يعرفه بعد، بقي ينظر إليها بغضب لوقت طويل قبل ان تتكلم أخيرا وتقول بجمود:


-ناديتُها فقط لكي ترى ولي العهد، ربما يهدأ معها لأنه هكذا سيفارق الحياة إن استمر على الصراخ والبكاء .. وبكل واضح لنا جميعا ولي العرش يبدوا بأنه لم يتحمل فراق تلك الفتاة.


نظر لطفله بألم وبقي يحدق فيه وهو يصرخ ويركل اغطية المهد بقدميه الصغيرتين، وجهه اصبح محمرا من شدة بكاءه وبعد برهة من الصمت اقترب من المهد ووقف أمامه مد يده الى وجه الطفل ولكنه ما ان لمس خذه حتى ازاداد الطفل صراخا فسحب يده بسرعة وقال ببرود:


-يمكنك الذهاب الأن كونتيسا، سأتولى أمر الامير.


-عن إذن فخامتك.


وببرود وثقل استدارت تخطوا نحو الباب ولكنه اوقفها قبل أن تصله قائلا بصرامة: - واطلبي منهم أن يتركوا الفتاة تدخل لوحدها.


التفتت إليه بذهول غير مصدقة ما سمعته فوجدته يولي ظهره اليها بتصلب ينظر لطفله الباكي وعندها لم تتجرأ على سؤاله عن سبب تغير قراره المفاجئ هذا ورغبته في رؤية الفتاة التي يُحملها ذنب موت زوجته فاستدارت من جديد الى الامام واكملت خطواتها الثقيلة الرزينة نحو الباب.

[/align][/center][/quote]


Bosh12 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مُلوك, العشق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:54 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.