آخر 10 مشاركات
رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          376 - الزوجة العذراء - ماريون لينوكس (الكاتـب : monaaa - )           »          372 - هروب إلي ناره - ميلاني ميلبورن ... ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          130-كلمة السر لا-أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          كنزي أنا (53) -ج3 من سلسلة زهور الحب الزرقاء- للمبدعة: نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          468 - لهيب الظل - ريبيكا وينترز ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          31- المسافرة الى الحرية - ماغ وسغات - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > مكتبات روايتي > منتدى الـروايــات الـعـربـيـة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-10-10, 03:59 PM   #1

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي ذاكرة الغد .. قصة جديدة لد/ نبيل فاروق .



(1) رؤيا





كل شيء كان يسير كالمعتاد..

السيارات تنطلق بسرعة صاروخية، عبر طرقات واسعة طويلة..

المارة كلهم يسيرون داخل تلك الأنابيب الكبيرة الشفافة، مكيّفة الهواء.. الأطفال يلعبون في حدائق واسعة مغطّاة بقُبّة زجاجية كبيرة، تقيهم تلوَّث الهواء، ولا تمنع عنهم أشعة الشمس الدافئة، التي يخفَّف مِن شدّتها لون الزجاج نصف الداكن، وتلك المادة في تركيبه، والتي تمتصّ الأشعة فوق البنفسجية، وتمنع مرورها، وتعكس في الوقت ذاته الأشعة دون الحمراء..

البيوت متراصة على نحو جمالي متناسق، ولا يزيد ارتفاع كل منها على خمس طوابق على الأكثر..

وفي هدوء، وقف هو يتطلَّع إلى كل هذا، وهو يرتدي رباطي عنقه، اللذيْن يتميّزان بلونيهما المعكوسين، كومضة زمنه، و..

وفجأة، ظهرت تلك السيارة الصاروخية من بعيد..

كانت تتجاوز كل ما أمامها من سيارات في سرعة جنونية، غير مألوفة في هذا الزمن، وصفارات التحذير والإنذار تنطلق من كل خط مروري تعبره، دون أية استجابة من ناحيتها..

لم يكن هذا مألوفاً في عصره؛ ولكن ذلك الشعور الذي راوده، لم يكن يرتبط بأية عصور..

لقد تفجَّر في أعماقه لمرآها شعور عجيب..

شعور بالخوف..
والفزع..
والانزعاج..

شعور جعله يريد أن يركض..
ويركض..
ويركض..

ولكن ساقيْه لم تسمحا له بهذا..
كانتا ثقيلتين..
جامدتين..
باردتين..

ولقد غيرَّت تلك السيارة مسارها ؛ لتنطلق نحوه مباشرة..
واتسعت عيناه عن آخرهما..
وبلغ فزعه مبلغه..
وأراد أن يصرخ..
ويصرخ..
ويصرخ..

ولكن تلك السيارة زادت من سرعتها، وانقضّت عليه مباشرة، و..

انتفض (حاتم) انتفاضة قوية، وهبَّ جالساً على طرف فراشه، وهو يلهث في شدّة، وشلّال من العرق البارد يسيل على وجهه، وتثاءبت زوجته (لميس)، وهي تنهض بدورها، متسائلة، في لهجة من اعتادت الأمر:

- أهو ذلك الكابوس مرة أخرى؟!..

أومأ برأسه إيجاباً، وهو يلتقط كوب ماء من جواره، في محاولة لتهدئة لهاثه العنيف، واعتدلت هي تمسح وجهها في إرهاق، وهي تقول في صوت، لم يفارقه نُعاسه بعد:

- وأيضاً في ذلك العالم العجيب.

هزَّ رأسه، وهو ينهض من الفراش، قائلاً:

- ليس عالماً عجيباً.. إنه المستقبل.

التفتت إليه في بطء، وهي تسأله في مزيج مدهش، من الصرامة والاستنكار:

- أي مستقبل؟!..

أجاب في بساطة، وكأنه يُقرّ حقيقة واقعة:

- مستقبلنا.

هزَّت رأسها في استنكار ساخر، وهي تُكرّر إجابته:

- مستقبلنا!!

ثم حمل صوتها صرامة شبه غاضبة، وهي تضيف مستنكرة:

- هل تتصور أن (مصر)، وحتى بعد ألف عام، يمكن أن تُصبح على تلك الصورة، التي تراها في كابوسك.. جميلة.. نظيفة.. منظمة؟!

سألها، وهو يجلس على مقعد مجاور للنافذة:

- ولم لا؟!..


اتجه حاتم نحو دولابه وأخرج ملابسه وزوجته تتابعه بعينيها في عصبية





كررت إجابته مرة أخرى، ولكن في لهجة شديدة الاستنكار، وبصوت مرتفع غاضب:

- لم لا؟!.. ألا ترى ما يدور حولك، أم أنك تقيم في عالم آخر؟!.. ألا تمرّ بأناس مكتئبين، وتعاني من فوضى مرورية، ومن الفساد الذي صار سمة من سمات البلد، والمحسوبية التي صارت السبيل الوحيد للحصول على ما يُفترض أنه حق لكل مواطن؟!..

رفع كفه يدعوها للكف عن حديثها، وقال، وقد تملّك نفسه إلى حد ما:

- لا داعي لتكرار هذه الأسطوانة يومياً.

قالت في حدة:

- لو أنك مللت سماعها؛ فقد مللتُ أنا ترديدها أكثر.





زفر في توتر، واتجه نحو دولابه، وأخرج ملابسه، وهي تتابعه بعينيها في عصبية، قبل أن تقول، في لهجة لم تفارقها حدتها بعد:

- الساعة لا تزال الخامسة والنصف صباحاً.

أجابها، محاولاً السيطرة على أعصابه:

- سأقوم بالتمشية قليلاً، قبل الذهاب إلى العمل.

قالت في سخرية محتدة:

- التمشية؟!.. أين؟!.. في الشوارع التي أغرقتها مياه أمطار الأمس، أم على الأرصفة، التي يندر أن تجد بها نصف متر خالياً، أو سليماً؟!..

التفت إليها بنظرة صامتة، وراح يرتدي ثيابه، متحاشياً الدخول معها في منازلة كلامية؛ إلا أنها لم تصمت، وإنما قالت في توتر:

- مازلت أنصحك باستشارة خبير نفسي.

قالت، وقد عاودتها حِدّتها:

- هذا لو أنها كوابيس؛ ولكنه مجرد كابوس واحد، يتكرر طوال الوقت، وربما يعبّر عن شيء ما في أعماقك.

راح يرتدي ثيابه في سرعة، مغمغماً:

- سأفكّر في الأمر.

واصلت، وكأنها لم تسمعه:

- شقيقتي (ماهيتاب) أعطتني رقم تليفون عيادة طبيب نفسي معروف.. حاول الاتصال به.. ربما.

أومأ برأسه في آلية، ومد يده يلتقط الورقة من يدها، ويدسهّا في جيبه، وهو يقول:

- ولكنه كابوس يبدو شديد الوضوح، وكأنني عشته من قبل بالفعل.

أطلقت ضحكة عصبية قصيرة، وقالت:

- ألم تنتبه إلى ذلك التناقض في حديثك؟!.. تقول: إنك تسقط في كابوس مستقبلي، ثم تشير إلى أنك قد عشته من قبل !!!..

ثم نهضت من الفراش، مضيفة:

- لا أحد يعيش المستقبل؛ لأنه ببساطة، لم يحدث بعد.

قال في لهجة تشف عن حيرته الطبيعية:

- لماذا إذن يبدو كل شيء واضحاً، كما أنه ذكرى قديمة؟

هتفت مستنكرة:

- ذكرى؟!.. من الغد؟!.. ألم تر كيف يزداد تناقصك مع الوقت.. الذكريات تأتي مما عشناه، وليس مما نعايشه بعد.

انعقد حاجباه، وهو يقول في ضيق:

- كان مجرَّد مصطلح؛ لتوضيح ما أعنيه.

قالت، وهي تسير في خطوات عصبية نحو الحمام:

- مصطلح جانَبَه الصواب.

زفر مرة أخرى، وغمغم، وهو يتجه نحو الباب:

- أنت على حق.

غادر المنزل، هارباً من ذلك الجدل الصباحي، ووقف أمام الباب لحظات في حيرة..

أين يمكن أن يذهب، في هذه الساعة المبكَّرة؟!... ضوء النهار بالكاد يتسللَّ إلى الطرقات، وعمله يبدأ في التاسعة، و****ب الساعة لم تعلن السادسة بعد!!..

وقف لحظات متوتراً، ثم ألقى على ساعة يده نظرة، وكأنما يتمنى أن تسرع ****بها في سيرها، ثم غمغم:

- لا بأس من تمشية صباحية بالفعل.

هبط درجات السلم، وتوقَّف لالتقاط صحيفة اليوم، الذي اعتاد عم (محمد) تركها بعد صلاة الفجر، وألقى نظرة سريعة على عناوينها الرئيسية، وهو يواصل الهبوط درجات السلم، ومرَّ بنظرة عابرة على التاريخ في أعلى الصفحة الأولى..

تاريخ الثالث من ديسمبر..

قرأ رقم العامِ، ثم انعقد حاجباه في شدة..

لماذا يبدو له هذا التاريخ مألوفاً؟!..

لماذا؟!..

عاد يقرأ التاريخ كله، ثم طوى الصحيفة، ووضعها تحت إبطه، وهو يغادر المنزل إلى سيارته الصغيرة..

ما الذي يعنيه الثالث من ديسمبر؟!..
أو ما الذي يمكن أن يعنيه؟!..
أي شيء سيحدث اليوم؟!..

مضى في تساؤلاته لحظات، ثم لم يلبث أن هزَّ رأسه في قوة، وقال لنفسه في حدة:

- يبدو أنك تحتاج بالفعل إلى طبيب نفسي.

هزَّ رأسه مرة أخرى، واستقلّ سيارته؛ ليقودها إلى تلك الحديقة الكبيرة، المجاورة لمقرّ عمله، وأدار الراديو، وراح يستمع إلى بعض الموسيقى الهادئة، و..

وفجأة قطع المذيع الإرسال، ليذيع خبراً عاجلاً..

واتسعت عينا (حاتم) في ذهول، وهو يسمع الخبر..

لقد كان الثالث من ديسمبر يعني شيئاً بالفعل..

وليته ما عناه..

ليته..

يـــتــبـــع







حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-10, 04:01 PM   #2

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي

(2) الصدمه




" لماذا عُدت بهذه السرعة؟!..."

هتفت زوجة (حاتم) بالعبارة في دهشة، عندما فوجئت به يعود إلى المنزل، بعد أقل من نصف الساعة من خروجه، وأدهشتها أكثر علامات الانفعال الشديد على وجهه، وذلك اللهاث العنيف، الذي يكاد يلتهم أنفاسه، والارتجافة العجيبة، التي شملت جسده كله، فاستطردت في فزع، وهي تحدِّق في وجهه الممتقع:


- هل أصابك حادث ما؟!..


ألقى جسده على مقعد قريب، وراح يلوّح بذراعيه لحظات، قبل أن يجيب بأنفاس لاهثة مبهورة:


- لقد رأيته... رأيت ذلك الحادث من قبل.

ارتجف قلبها بين ضلوعها، وهي تضرب صدرها بكفها، هاتفة:


- الحادث؟!... أي حادث.


عاد يلوّح بذراعيه لحظات، قبل أن يهتف:


- حادث القطار..


لم تفهم الكلمة، فرددت في دهشة، تمتزج بالحيرة:


- أي قطار؟!... منزلنا بعيد للغاية عن محطة القطارات.

هتف بنفس الأنفاس اللاهثة:


- قطار الصعيد... لقد انفجرت قاطرته، فخرج عن القضبان، وانقلب، واحترق بالكامل.. الضحايا بالمئات.


ثم أخفى وجهه بين كفيه، وبدا وكأنه يبكي، وهو يضيف:


- مئات النساء والأطفال.


لطمت صدرها مرة أخرى، وامتقع وجهها، وهي تقول في لوعة مذعورة:


- يا إلهي !.. وكيف هذا؟!.


بدا لحظات وكأنه ينتحب، ثم رفع رأسه إليها فجأة، وهو يقول في انفعال:


- لقد رأيته.


تراجعتْ بحركة حادة، متسائلة:


- رأيت ماذا؟!..


عاد يلوّح بذراعيه في انفعال عجيب، وهو يجيب:


- ذلك القطار.. رأيت الحادث قبل أن يقع.. إنني أعرف حتى كيف وأين وقع..


حدقت فيه بدهشة متوترة، ورأت عينيه تتسعان، وهو يكمل، وعيناه تحدّقان في الفراغ، وصوته يكتسب رنة فزع:


- رأيت حتى ما لم تذكره وسائل الإعلام.


تراجعت مواصلة التحديق فيه، وهي تسأله في توتر شديد:


- (حاتم).. أأنت بخير..


لم يبدُ حتى أنه قد سمعها، وهو يتابع كالمأخوذ:


- أعرف عدد الضحايا.. والتعويضات التي سيحصل عليها ذويهم.. بل إنني أعرف.. أعرف..


ردد الكلمة الأخيرة عدة مرات، قبل أن تتسع عيناه عن آخرهما، على نحو عجيب، ويشملهما ذعر شديد، ثم يلتفت إليها، مكملاً في خفوت ملؤه الانفعال:


- أعرف سبب الحادث.


قالت في حذر قلق:


- قلت.. إن القاطرة قد انفجرت.


هتف فجأة، وهو يرفع سبابته أمام وجهه:


- ليس تلقائياً.


تراجعت في حدة مذعورة، واتسعت عيناها في ذعر، وهي تحدق فيه، قبل أن تسرع إلى الهاتف، قائلة بكل توتر الدنيا:


- سأستدعي طبيبك.


اندفع نحوها، وأمسك معصمها، قبل أن ترفع سماعة الهاتف، وقال في لهجة عجيبة، وكأنه قد أصيب بجنون فِعلي:


- ليس الطبيب.


حاولت أن تُفلت معصمها في ذعر، وهي تهتف به:


- حاتم.


مال نحوها، يقول في صرامة أخافتها:


- بل الشرطة.


انتفض جسدها في ذعر، وهي تردد:


- الشرطة.


بدت عيناه عجيبتين، وهو يقول، وقد عاد يحدّق في الفراغ.


- بالتأكيد.. فما حدث لقطار الصعيد ليس مجرد حادث قَدَري.


وانتفض جسدها مرة أخرى، وهو يضيف بصوت عجيب:

- إنها جريمة مدبّرة.. جريمة قتل.

عاد جسدها ينتفض..
وينتفض..
وينتفض..




* * *





انعقد حاجبا ضابط الشرطة في شيء من الغضب، وهو يميل بكيانه كله نحو (حاتم)، قائلاً في حدة:

- رأيت ماذا يا أستاذ؟!..

أجابه (حاتم) في انفعال:

- رأيت الحادث كله.. لقد زرعوا قنبلة أسفل المقطورة، عند مؤخرتها بالتحديد، وأخرى أسفل القضبان، على مسافة ستة كيلو مترات من مدينة (قنا)، وتمّ تفجير القنبلتين بواسطة جهاز تحكُّم عن بُعد، وكل هذا لأن..

قاطعه الضابط بصرخة غاضبة:

- هل فررت من مستشفى للمجاذيب أم ماذا؟!..

تراجع (حاتم) كالمصدوم، وهو يردّد في ذهول:

- مستشفى ماذا؟!..

التفت الضابط الغاضب إلى أمين الشرطة، وهتف به:

- احتجز هذا المختلّ، حتى نتحرى أمره.

تراجع (حاتم) في صدمة أعنف، وهو يهتف في غضب ذاهل:

- يحتجزني؟!.. وبأية تهمة؟!.. لقد أتيت لأبلغكم بما حدث!.. أهكذا تتعاملون مع المواطنين؟!..

صاح فيه الضابط في حدة:

- تُبلغنا بماذا أيها المختلّ؟!.. لقد صدر بيان رسمي بشأن الحادث، منذ عدة دقائق.. إنه خطأ السائق، الذي لقي نحبه في الحادث.. زاد من السرعة، و...

قاطعه (حاتم)، وجسده كله ينتفض انفعالاً:

- أنت كاذب.

توتر الموقف كله، فور نطقه العبارة، واتسعت العيون كلها، غير مصدقة أن مواطناً عادياً يجرؤ على الهتاف بها، في وجه ضابط شرطة، في بلد يسيطر فيه الفكر الأمني على حرية المواطن وحقوق الإنسان نفسها، وانعقد حاجبا الضابط المصدوم في غضب شرس، وتحرك المخبرون وأمناء الشرطة نحو (حاتم)، وعيونهم مع قبضاتهم المضمومة تحمل نية التنكيل به؛ فتراجع هو في عصبية، هاتفاً:

- ليس هذا ما حدث.

صرخ فيه الضابط الغاضب، وهو يندفع نحوه، ملوّحاً بقبضته:

- إنه بيان الحكومة الرسمي.. هل تجرؤ على تكذيب بيان رسمي، أيها الـ...

" كفى.."..

انطلق الأمر فجأة بمنتهى الصرامة، من ناحية السلم، فتوقّف الكل دفعة واحدة، وكأنما ارتطم الأمر برءوسهم مباشرة، وتراجع المخبرون وأمناء الشرطة، وبدا عليهم كلهم اضطراب واضح؛ في حين خفض الضابط قبضته، وبدا أشبه بتلميذ مشاغب، ضبطه مدير المدرسة متلبساً، وقال في اضطراب، لم تفارقه عصبية بعد:

- إنه يسخر من بيان الحكومة يا (رشدي) بك.

التفت (حاتم) في دهشة وتوتّر، إلى شخص وقور، قوي البنية والملامح والنظرات، خَطّ فوقه الشيب؛ على الرغم من أن ملامحه توحي بأنه بالكاد في منتصف الثلاثينات من عمره، يهبط الدرجات الأخيرة من سلم الطابق الثاني، وهو يقول في صرامة غاضبة:

- أهذه جريمة؟!..

اضطرب الضابط أكثر، وهو يقول مكرراً في خفوت:

- لقد سخر من بيان الحكومة.

وصمت لحظة، ثم اندفع قائلاً في غضب:

- ونعتني بالكذب.

شدّ الوقور قامته، وهو يقول في صرامة أكثر:

- هذه أيضاً ليست جريمة.

احتقن وجه الضابط في غضب، والتفت بنظرة حادة إلى (حاتم)، وكأنه يلومه على ما يحدث، ولكن (حاتم) لم ينتبه إلى هذا، وهو يسأل الوقور في دهشة مبهورة:

- من أنت؟!..

هتف الضابط في حدة:

- أرأيت يا (رشدي) بك!

التفت إليه (رشدي) هذا بنظرة قاسية، وهو يقول في بطء، في لهجة أشبه بلهجة من يلقّن غيره درساً:

- أنت إذن تفترض أننا آلهة، ينبغي للكل أن يعرفنا، ومن العار أن يسألنا أي مواطن عن هوياتنا ومن نكون!..

ارتبك الضابط، وهو يقول:

- ليس هذا يا (رشدي) بك، ولكن..

قاطعه (رشدي)، وهو يلتفت إلى (حاتم) ويمدّ يده إليه، قائلاً في هدوء، يحمل نبرة مودّة واضحة:

- المقدم (رشدي عبد الهادي)... أمن الدولة.

وعلى الرغم من أن العبارة تمثل لدى الغالبية العظمى من الشعب، كل الخوف والقهر؛ فقد شَعَر (حاتم) بارتياح لم يفهمه، وهو يمدّ يده إليه بدوره، قائلاً:

- (حاتم مبارك).. مهندس و..

امتقع وجه ضابط الشرطة، وتراجع المخبرون وأمناء الشرطة في ذعر؛ في حين هتف الضابط في صوت مختنق:

- (حاتم) من؟!..

أشار (حاتم) بيده، قائلاً:

- لست أمتّ إليه بأية صلة.. إنه تشابه أسماء فحسب.

تنفّس الجميع الصعداء على نحو ملحوظ، فرمقهم (رشدي) بنظرة استياء، ثم التفت إلى (حاتم) مبتسماً، وهو يقول:

- لو أنك تمتّ إليه، ولو حتى بصلة قديمة، لغسلوا قدميك بماء الورد، قبل أن يرسلوا موكباً لحراستك، حتى باب منزلك.

هزّ (حاتم) كتفيه، دون أن يجيب، وابتسم ابتسامة شاحبة؛ فمال المقدم (رشدي) نحوه، وقال في صوت خافت:

- كنت أعلم أنك ستأتي.

وانتفض جسد (حاتم) في عنف..
فقد كانت مفاجأة..
حقيقية
يـتـبـع ...





حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-10, 04:05 PM   #3

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي

(3)

.. جنــــــــــــــون










لهثت زوجة (حاتم) على نحو ملحوظ، وبدت زائغة العينين، أشبه بمن عانى صدمة عنيفة، وهي تقول لأمها، التي تحدَّق فيها مذعورة:

- إنه مجنون.. أنا واثقة من هذا.

حاولت أمها تهدئتها، وهي تربِت عليها بيد مرتجفة، قائلة:

- تمالكي أعصابك، وأروِ لي ما حدث.

لوّحت الزوجة بيديها، في عصبية بالغة، وهي تُجيب:

- يزعم أنه يستطيع معرفة ما سيحدث.. وفي كل مرة يسمع فيها خبراً ما، يؤكّد أنه كان يعرفه من قبل.

اتسعت عينا أمها، وهي تغمغم في صوت مبحوح:

- حقاً؟!..

هزّت الزوجة رأسها في قوة، قائلة:

- كنت أحتمله في البداية، متصوّرة أنه توتر عصبي، من إجهاد العمل، فقد مروا في شركته بفترة عصيبة، إثر الأزمة الاقتصادية الماضية، ورأيت أنه من واجبي كزوجة أن أحتمله، حتى تمرّ الأزمة، وينصلح الأمر، إلا أنه تمادى، إلى حد أعجز عن احتماله.

سألتها أمها في جزع:

- هل أساء إليك؟!..

هتفت في عصبية:

- ليس بدنياً، ولكن..

لم تتم عبارتها..

بل ولم تحاول حتى هذا..

لقد عادت تهزّ رأسها في قوة، وكأنها تحاول أن تنفض الأمر كله، ثم نهضت بحركة حادة، أفزعت أمها، وراحت تدور في المكان، في عصبية بالغة، قائلة:

- مع حادث القطار هذا الصباح، تحوّلت حالته إلى جنون حقيقي.. إنه يصرّ على أنه ليس مجرّد حادث، بل جريمة قتل.

شهقت أمها، هاتفة في ذعر:

- قُتل.. يا ستّار.

أكملت الزوجة، وكأنها لم تسمعها:

- بل جريمة اغتيال سياسي.

أطلقت الأم شهقة أكبر، ونهضت من مقعدها، تضرب صدرها براحتها، هاتفة:

- الرحمة يا إلهي!..

التفتت إليها الزوجة، وهي تُكمل في عصبية:

- على الرغم من البيان الحكومي الرسمي، يؤكّد في هستيريا أنها جريمة اغتيال مدبّرة؛ لافتعال حادث قطار، يودي بحياة زعيم سياسي معارض، قُبَيل الانتخابات الرئاسية القادمة.


ارتجف جسد الأم، من قمة رأسها، وحتى أخمص قدميها، وهي تقول:

- لقد جُنّ.. من المؤكد أنه جُنّ.

مالت الزوجة نحوها، وبدت عيناها زائغتين، وهي تقول:

- ولم يكتف هذه المرة بهستيريته.

بدا صوت أمها منفعلاً مبحوحاً، وهي تقول:

- ماذا فعل أيضاً؟!..

اتسعت عينا الزوجة، وهي تجيب، وكل حرف من كلماتها يرتجف على شفتيها:

- ذهب لإبلاغ الشرطة.


انتفض جسد الأم في عنف، من ذهول الصدمة، ونافست عيناها عيني ابنتها في اتساعهما، وكل منهما تحدّق في وجه الأخرى ذاهلة، قبل أن ينتفض جسد الأم مرة أخرى، هاتفة بكل الانفعال:

- الطلاق.. ليس هناك من حل سوى الطلاق.

تراجعت الزوجة في بطء، وبدا على ملامحها أن ذلك الحل لم يدُر بخلدها قط؛ على الرغم من كل ما حدث، ورددّت في بطء مذعور مستنكر:

- الطلاق؟!.

هتفت أمها:

- لا يوجد حل سوى هذا.. جنونه ليس من النوع الشخصي، الذي يمكن احتماله، أو حتى السعي لعلاجه.. إنه جنون شديد الخطورة، سيورّطه، وربما يورّطك معه، في مشاكل سياسية وأمنية، نحن في غنى عنها.


على الرغم من تحديق ابنتها فيها، بعينين شديدتي الاتساع، بدا وكأنها لم تسمع حرفاً واحداً من عباراتها الأخيرة، وهي تردّد في خفوت:

- الطلاق؟!.

سألتها أمها في عصبية:

- ألديك حلّ آخر؟!

مرة أخرى، حدّقت فيها الزوجة، بعينين زائغتين ذاهلتين، ولم تنطق بحرف واحد..
أي حرف..
على الإطلاق..



* * *





" خبرتي علّمتني أن الصمت نوع من الاعتراف.."

حدّق (حاتم) في ضابط أمن الدولة أمامه في حيرة، وأدهشته ابتسامته الهادئة الواثقة، التي لا تتفق مع عبارته؛ فسأله في شيء من الحذر:

- اعتراف بماذا؟!..

مال الرجل نحوه، وقال، دون أن يتخلى عن ابتسامته:

- كنت تعرف ما حدث.. أليس كذلك؟!..

تطلّع إليه (حاتم) لحظات في دهشة، قبل أن يهّز رأسه، قائلاً:

- (رشدي) بك..

قاطعه الرجل، وقد اكتسب صوته لمحة من الصرامة:

- كنت تعرف الحقيقة، وليس ما أعلنه البيان الرسمي.

سَرَت قشعريرة باردة في جسد (حاتم)، وهو يحدّق فيه، مغمغماً في انفعال واضح:

- الحقيقة!!.. تقول الحقيقة!.. إذن فلم يكن حادثاً.

تراجع (رشدي) في بطء، دون أن يرفع عينيه عنه، ولاذ بالصمت بضع لحظات، فيما بدا وكأنه يتفحّصه في اهتمام، قبل أن يسأله:

- إنه أمر يتعلّق بأمن الدولة؛ فكيف أمكنك معرفته؟!..

لم يبدُ أن (حاتم) قد استوعب السؤال، أو حتى سمعه، وهو يسأله بدوره في انفعال:

- كان اغتيالاً سياسياً.. أليس كذلك؟!

صمت (رشدي) لحظات، وهو يتطلّع إليه، ثم لم يلبث أن هزّ كتفيه، وأجاب في بطء:

- ربما هذا ما تُطلقونه عليه.

ثم مال نحوه بحركة مباغتة، وبدا صارماً قاسياً، وهو يضيف:

- أما نحن؛ فنطلق عليه اسم (العمل الإرهابي).

تراجع (حاتم) بحركة حادة، واتسعت عيناه في دهشة مستنكرة، وهو يقول:

- عمل إرهابي؟!.. نحن؟!.. أين ذهب تفكيرك بالضبط؟!

بدا (رشدي) أكثر قساوة، وهو يقول:

- بل أين ذهب تفكيركم أنتم، عندما خطّطتم لهذا؟!

انتفض (حاتم)، وهو يهتف في عصبية:

- ماذا تقصد بصيغة الجمع هذه؟!

لم يُجبه الضابط، وهو يتطلّع إليه في صرامة؛ فسأله في حدة:

- ولماذا قلت: إنك كنت تنتظرني؟!

صمت الضابط لحظات أخرى، ثم اعتدل يجيب في صرامة:

- لم أكن أنتظرك بالتحديد؛ ولكنني كنت أنتظر من سيأتي؛ ليعترف بما فعله الباقون.

هتف (حاتم) في حدة:

- أي باقون؟!

صاح (رشدي) في وجهه، في غضب صارم:

- لا تحاول إقناعي بأنك علمت فحسب.. مثل تلك الأمور لا يمكن أن نعلمها فحسب؛ إلا لو كنا جزءاً منها.

هتف (حاتم)، وهو يلّوح بيده:

- ولكن هذا بالفعل ما..


قاطعه (رشدي) بحركة مباغتة، قبض بها على معصمه بأصابع من فولاذ، وهو يميل نحوه بشدة، قائلاً في غضب:

- هل تفضّل الأسلوب الأصعب؟!

حدّق فيه (حاتم)، في مزيج من الدهشة والذعر، وغمغم في صوت مبحوح:

- تصوّرت في أسفل أنك أكثر تحضراً.

قال الضابط في صرامة:

- إننا نتحّدث عن أمن الدولة، لا عن علاقة ودية.

هزّ (حاتم) رأسه، قائلاً في عصبية:

- ولكنكم ستدركون فيما بعد، أن هذا الأسلوب يستحيل أن يوصلكم، إلى الحقائق التي تنشدونها؛ لأنكم بالعنف ستحصلون على ما تريدون سماعه فحسب.

صرخ (رشدي)، في غضب هادر:

- لست هنا لتلقّنني محاضرة في فن الاستجواب، أنت هنا لتجيب أسئلتي فحسب.


شعر (حاتم) بتوتر شديد يسري في كيانه، وبعصبية تسيطر على مشاعره، وهو ينكمش في مقعده..

لقد كانت زوجته على حق..
لا أحد سيستمع إليه..
لا أحد..

لقد كانت تخشى أن يظنوه مجنوناً..
وليس أبداً إرهابياً..
ويا ليته استمع إليها!!..

إنه يجلس الآن في مواجهة الوزير، الذي..

تجمّد ذهنه كله دفعة واحدة، وحدّق في وجه ذلك الضابط، واتسعت عيناه عن آخرهما..
الوزير.. نعم.. لقد أدرك الآن فقط لماذا شعر بالمودّة، مع أوّل لقاء بينهما؟!..

ولكنه لا يستطيع الإفصاح؛ فلو فعل، سيبدو للجميع أكثر جنوناً..
ألف مرة..

فما أدركه الآن أمر مذهل..
وبكل المقاييس.



يتـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــبع


حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-10, 04:06 PM   #4

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي

(4) ..
مؤامرة








انهمك ذلك المسئول السياسي في مراجعة عدة ملفات شديدة الأهمية، تتعلَّق بترشيحات فترة الانتخابات القادمة..

وراح يؤشر بقلمه تأشيرات سريعة، على تلك الورقة، أو ذلك الملف، عندما دخل رئيس طاقم أمنه الخاص مكتبه، وهو يقول:

- سيّدي، هل تسمح لي بمقاطعتك قليلاً.
رفع المسئول عينيه إليه في عصبية، وهو يقول:
- ألم أخبرك أنني منشغل للغاية..
بدا رئيس الأمن شديد التوتر، وهو يقول:
- ولكن الأمر مهم للغاية.
تطلّع إليه المسئول في دهشة قلقة، قبل أن يسأله:
- إلى أي درجة من الأهمية؟!
رفع رئيس طاقم الأمن يده، إلى أقصى ارتفاع يمكنها بلوغه، قبل أن يخفض صوته، مجيباً:
- إنه أمر يتعلّق بحادث القطار.

تفجّر توتّر عنيف مباغت، في وجه المسئول، قبل أن يقول في عصبية:

- لقد صدر بيان رسمي، في هذا الشأن.
قال رئيس الطاقم بنفس التوتر:
- إنه مجرد بيان رسمي.
وضع المسئول قلمه على الأوراق في توتر، وهو يسأله:
- هل من جديد؟!
تقدّم منه رئيس طاقم الأمن، وهو يحمل ورقة صغيرة، مجيباً:
- تطوّر لم يكن في الحسبان.

وضع الورقة أمامه، وتراجع عدة خطوات؛ فجذبها المسئول إليه، وطالعها في سرعة متوترة، قبل أن يغمغم في صوت مختنق، من فرط التوتر والانفعال:

- متى حدث هذا؟!
أجابه رجل الأمن، وهو ينافسه توتراً:
- منذ ساعتين تقريباً، وهو يجلس مع (رشدي) الآن.
انعقد حاجبا المسئول، وهو يردّد متسائلاً في توتر:
- (رشدي)؟!
أجابه رجل الأمن في سرعة:
- (رشدي عبد الهادي).. المقدّم (رشدي)، ضابط أمن الدولة، في قسم شرطة الـ..
قاطعه المسئول في عصبية:
- ولماذا انتظر (رشدي) هذا ساعتين كاملتين، قبل أن يخبرنا بالأمر؟!
أجابه رجل الأمن:
- إنه لم يخبرنا حتى الآن..
تراجع المسئول في مقعده بحركة حادة، هاتفاً في غضب مستنكر:
- لم يخبرنا؟!
أسرع رجل الأمن يفسّر الموقف، قائلاً:
- ضابط القسم هو من أبلغ الأمر؛ فالرجل ذهب ليتقدّم ببلاغ رسمي، وبدا أشبه بالمجنون، ثم تدّخل (رشدي)، واصطحبه إلى مكتبه في الطابق الثاني، ولما طال بهما الوقت، أبلغ الضابط الأمر، ليخلي مسئوليته.

انعقد حاجبا المسئول في شدة، وراح يحّدق في الورقة أمامه في دهشة بالغة، قبل أن يرفع عينيه إلى رجل الأمن ثانية، قائلاً:

- ومن أين أتى ذلك الرجل بما لديه؟!
هزّ رجل الأمن رأسه، قائلاً:
- لم نعلم بعد.. لقد قال للضابط إنه يعلم فحسب.

عقد المسئول حاجبيه أكثر، وهو يقول في حدة:

- هراء..
ثم التقط نفساً عميقاً، في محاولة فاشلة لتهدئة أعصابه، قبل أن يتابع في صرامة:
- أجْرِ اتصالك بضابط أمن الدولة هذا، واطلب منه أن يغلق ذلك الملف لديه، ويحيل الأمر كله إلى..
لم يكمل عبارته، وبدا شديد الاستغراق في التفكير والحيرة؛ فتساءل رجل الأمن في حذر:
- إلى مَن؟!

تطلّع إليه المسئول في شيء من الحيرة، وتراجع يحكّ ذقنه بأصابعه في عصبية شديدة، قبل أن يسأل:

-مَن مِن أمن الدولة يتعاون معنا في هذا الأمر؟

تلفّت رجل الأمن حوله، وكأنه يخشى أن يسمعه أحد، قبل أن يميل نحو المسئول، مجيباً في صوت، أقرب إلى الهمس:

- العقيد (هشام).
تساءل المسئول، في اهتمام متوتر:
- (هشام حمزة)؟!
أومأ رجل الأمن برأسه إيجاباً، وغمغم:
- بالضبط.

التقط المسئول نَفَساً آخر أشد عمقاً، ثم قال في حزم، أراد عبثاً أن يُخفي به توتره:

- اتصل برقمه الخاص.. فوراً
وتحرك رجل الأمن في سرعة..
وتوتر..
وقلق..
الكثير من القلق..

*****************



فرك (رشدي عبد الهادي) عينيه في إرهاق واضح، وفرد ذراعيه إلى أقصاهما على جانبيه، قبل أن يعتدل مواجهاً (حاتم)، الذي بدا أكثر منه إرهاقاً، وهو يغمغم في توتر:

- هل يمكنني العودة إلى منزلي؟!
هزّ (رشدي) كتفيه، وقال:
- أخبرني ما أريد معرفته، وستعود إليه فوراً.
قال (حاتم) في عصبية:
- ليس لديّ ما أخبرك به.
سأله (رشدي) في اهتمام:
- وماذا عن واقعة الاغتيال؟!
أجابه (حاتم) في عصبية أكثر:
- إنه مجرّد حادث قطار.
تراجع (رشدي) في دهشة، وهو يقول:
- ولكنك قلت إن..
قاطعه (حاتم) في حدة:
- هَوَس.. مجرّد هوس وهلوسة.. لقد أصدرت حكومتكم بياناً رسمياً؛ فمن أنا لأخالفهم؟


تطلّع إليه (رشدي) لحظات في صمت، ثم مال نحوه كثيراً، وهو يقول في بطء:

- عجباً ّ.. ولكن (رمزي الجيار) كان ضمن ركاب القطار بالفعل.
ردّد (حاتم) وكأنه يسمع الاسم لأوّل مرة:
- (رمزي الجيار)؟!

اعتدل (رشدي)، وهو يقول في حزم:

- لقد سافر دون إعلان، على الرغم من أنه أكبر زعيم للمعارضة في (مصر)، والمنافس الأخطر للرئيس، في الانتخابات القادمة.
ردّد (حاتم) في شرود، وكأنه يستعيد ذاكرة ما:
- (رمزي الجيار)؟!
ثم رفع عينيه إلى (رشدي)، مستطرداً في هلع:
- لقد اغتالوه لهذا السبب.

عاد (رشدي) يميل نحوه في حركة حادة، قائلاً في صرامة:

- قلت (اغتالوه).
هزّ (حاتم) رأسه في قوة، وهو يقول في انفعال:
- لقد تذكّرت فجأة أن..

ثم بتر عبارته دفعة واحدة، واتسعت عيناه، وهو يحدّق في عيني (رشدي) اللتين حملتا التماعة ظافرة، جعلت (حاتم) يتراجع، ويطبق شفتيه بشدة؛ فابتسم (رشدي) وقال:

- أخبرني بالضبط ما تذكّرته.


صمت (حاتم) بضع لحظات، وهو يلعن تسرّعه، الذي جعله ينطق العبارة، ثم لم يلبث أن هزّ رأسه، قائلاً في عصبية:

- ليس أمراً تذكّرته بالفعل، ولكن..

انعقد حاجبا (رشدي)، وهو يقول في صرامة:

- هل سنعاود ذلك الحديث السخيف عن الرؤى؟!
زفر (حاتم) في عصبية، وهو يقول:
- ما الذي تريد سماعه بالضبط؟!
أجابه (رشدي) في صرامة:
- الحقيقة.
قال (حاتم) في حدة:
- إنها لا تروق لك.
أجابه (رشدي) في غضب:
- لأنها ليست الحقيقة.

تراجع (حاتم)، وقلّب كفيه في استسلام، وهو يقول:

- ليس لديّ سواها.
بدا الغضب واضحاً، على وجه (رشدي) وهو يقول:
- اسمع يا أستاذ (حاتم)، على الرغم من أنك تبغض كل حرف أنطق به معك؛ فإنني أحد أهدأ رجال أمن الدولة، وأكثرهم صبراً واحتمالاً، ولو انتقلت هذه القضية إلى ضابط آخر؛ فلن يمكنني أن أضمن لك أي شيء.
ومال نحوه بشدة، عبر مكتبه، مضيفاً بكل الحزم والصرامة:
- أي شيء على الإطلاق.
امتقع وجه (حاتم)، وهو يحدّق فيه في ارتياع، قبل أن يغمغم:
- ولكنك ترفض أساليب القهر والضغط.
اعتدل (رشدي) في حركة حادة، وهو يقول:
- ومن أدراك؟!
أجابه في سرعة:
- أنا أعرف تاريخك كله، و..

قبل أن يتم عبارته، انعقد حاجبا (رشدي) في شدة، وسحب مسدسه في حركة حادة سريعة، وصوّبه إلى رأسه..

ومع المفاجأة، أطلق (حاتم) شهقة قوية..
للغاية.

يتـــــــــــــــبع


حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-10, 11:41 PM   #5

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي


(5) أمن دولة








ارتجفت كل ذرة من كيان (حاتم)، وهو يحدّق في فوّهة المسدس، المصوَّبة إليه، و..
وفجأة، انطلق شيء ما، من أعمق أعماق عقله..

فوهة أخرى كانت مصوَّبة إلى رأسه..
فوهة تختلف..
في زمن يختلف..

فوهة مغطاة بزجاج قرمزي داكن، وخلفها وجه قاس شبه آدمي..

- "لا بد وأن تموت.."..

ثم انطلقت من تلك الفوهة حزمة من الأشعة..

حزمة لها نفس اللون الأرجواني، مع صوت أشبه بفحيح أفعى هائلة، وسطع الضوء في شدة، و..

- "كيف عرفت تاريخي؟!"

انتفض جسده في عنف، وعاد عقله إلى زمنه، وهو يحدّق في فوهة مسدس (رشدي)، الذي أكمل في صرامة أكثر:

- الجماعات المتطرّفة وحدها تجمع تاريخنا؛ سعياً وراء الانتقام منا يوماً.

انفرجت شفتا (حاتم) لحظة، موحية بأنه سيقول شيئاً ما؛ إلا أنه لم يلبث أن أطبقهما في قوة..

ربما لأنه وجد أنه ما من جدوى مما سيقول..
لا أحد سيصدقه..
لا أحد حتماً..

- " أجب.."..

هتف بها (رشدي)؛ بكل ما لديه من صرامة، وهو يجذب إبرة مسدسه؛ فقال (حاتم) في عصبية:

- لن تصدقني.

أجابه (رشدي) في حدة:

- هات ما لديك، واترك لي مهمة تقييمه.

التقط (حاتم) نفساً عميقاً، وحاول في صعوبة أن يزدرد لعابه الجاف، قبل أن يقول في توتر:

- يوماً ما، سيصبح تاريخك معروفاً للجميع.

زمجر (رشدي)، قائلاً:

- أتحدّث عن الآن.

أكمل (حاتم)، وكأنه لم يسمعه:

- لأنك ستصبح وزيراً.

على الرغم مما في القول من روح عبثية، تراجع (رشدي) بحركة حادة، وخفض فوهة مسدسه، وهو يغمغم في دهشة:

- وزير؟!..

أومأ (حاتم) برأسه إيجاباً، وعاود عبثاً محاولة ازدراد لعابه، وهو يقول:

- نعم.. وزيراً للأمن.

غمغم (رشدي)، في حذر متوتر:

- تقصد وزيراً للداخلية؟!..

هزّ (حاتم) رأسه نفياً، وهو يجيب:

- بل للأمن.. المسمى نفسه سيتغير، بعد عشرة أعوام من الآن.

حدّق فيه (رشدي) بضع لحظات، في دهشة مستنكرة، قبل أن يرفع فوهة مسدسه في وجهه مرة أخرى، قائلاً في غضب:

- أهذه وسيلتك للإفلات؟!..

غمغم (حاتم) في دهشة:

- الإفلات؟!..

أجابه في حدة:

- نعم.. التظاهر بالجنون؛ حتى تُفلت من التهمة.


هتف (حاتم) في توتر شديد:

- أية تهمة؟!.. لقد جئت إلى هنا لتحذيركم؛ فاعتبرتوني جميعاً متهماً، ولم يحاول أحد منكم التحقق مما قلته.

ثم هزّ رأسه في شدة، هاتفاً.

- لهذا الأسلوب العقيم، سيتغير نظام الأمن كله.

انعقد حاجبا (رشدي) في شدة، وحدّق فيه لحظات، بوجه لا يحمل أية انفعالات واضحة، إلا أنه لم يلبث أن خفض فوهة مسدسه، وأعاده إلى غمده، وهو يقول:

- هل تعلم؟!.. إنك على حق في بعض ما تقول.

تنفس (حاتم) الصعداء، وسأله في لهفة:

- هل صدقتني أخيراً؟!

أجابه (رشدي) في صرامة:

- ليس للأمر علاقة بتصديقك أو تكذيبك.. إنني أتحدّث عن التحقق مما تقول.







رفع سمّاعة الهاتف، وهو يسأله في اهتمام:

- قلت إنهم صنعوا كل هذا لاغتيال (رمزي الجيار).. أليس كذلك؟!..


هزّ (حاتم) رأسه نفياً، وقال:


- لم أذكر اسم الرجل، ولست حتى أعرفه.. كل ما قلته إنه لم يكن حادثاً عرضياً؛ وإنما كان نوعاً من الاغتيال السياسي.


انعقد حاجبا (رشدي)، وهو يقول:


- لم تكن تقصد (رمزي الجيّار) بالتحديد إذن.


أجابه (حاتم) في حزم:


- أكررًّ إنني أجهل اسم الشخص المقصود.

أدار (رشدي) رقم الهاتف، ثم اعتدل يقول لمحدّثه عبره:


- صباح الخير يا (حازم).. أخبرني.. مَن مِن ساسة المعارضة كان يستقلّ ذلك القطار؟!..

استمع في اهتمام، وراح يدّون بضع كلمات على ورقة أمامه، قبل أن يعتدل في حركة حادة، هاتفاً:

- (أمين ضياء)؟!.. أأنت واثق؟!


اصطدم الاسم بأذن (حاتم)، وترك صدى هائلاً..

صدى دوّى في مخه كله..

نعم.. إنه (أمين ضياء).. الرئيس السابق لحزب المستقبل المعارض..

لقد اغتالوه، حتى لا يكشف ما لديه من أدلة ومستندات، على تورّط عدد من كبار رجال الحزب والحكومة، في فضيحة فساد كبرى..

- "إنه هو.."

هتف (حاتم) في انفعال جارف؛ فالتفت إليه (رشدي) بنظرة مندهشة متوترة، بدا توترها واضحاً في أصابعه، التي تمسك الهاتف، وهو يقول لمحدّثه:

- لا يا (حازم).. شكراً.. هذا يكفي.

أنهى المحادثة، وازداد انعقاد حاجبيه، وهو يفكّر في عمق؛ في حين قال (حاتم) في انفعال:

- كان يستكمل بعض المستندات؛ لإدانة شبكة فساد كبرى، عندما قررّوا التخلّص منه، و..

التفت إليه (رشدي) في حركة حادة، يقاطعه:

- (أمين ضياء) لم يعلن أي شيء عن هذا.

نهض (حاتم) نصف نهضة، متشبثاً بإطار المكتب، ومال نحو (رشدي) قائلاً في انفعال:

- كان يهمّ بإعلان هذا؛ ولكنهم..

قاطعه (رشدي) في حدة:

- كفى.

ثم نهض من خلف مكتبه، مكملاً في غضب:

- من أنت حتى تحضر إلى هنا، متظاهراً بأنك تعرف ما لا يعرفه الآخرون..

قال (حاتم)، وجسده وصوته يرتجفان في انفعال:

- ليس ما لا يعرفونه، ولكن ما لم يعرفوه بعد.

صرخ فيه (رشدي) في غضب:

- وكيف تعرفه أنت؟!..

امتقع وجه (حاتم)، وتراجع في مقعده، وبدا شديد الحيرة، وهو يغمغم في خفوت:

- لست أعلم.. صدقني.. لست أعلم.

صرخ (رشدي)، وهو يلّوح بسبّابته في وجهه، في انفعال جارف:

- وتريدني أن أصدّقك.

تضاعفت علامات الحيرة على وجه (حاتم)، وهو يغمغم..

قاطعه (رشدي) في انفعال حاد:

- لا يوجد ربما.. إما أنك تعلم ما تعلمه؛ لأنك جزء من مؤامرة الاغتيال المزعومة، أو أنك مصاب بنوع من جنون الاضطهاد، أو انقسام الشخصية..

انفرجت شفتا (حاتم)، ليجيب بعبارة ما، لولا ارتفع فجأة صوت صارم، يقول:

- أنا أرجّح الاحتمال الثاني.

أدار (رشدي) عينيه في حركة حادة، إلى مصدر الصوت، والتفت إليه (حاتم) في توتر، فوقع بصريهما على رجل أنيق المظهر، صارم الملامح، استطرد في لهجة صارمة:

- أنا العقيد (هشام حمزة)، من أمن الدولة.

مد (رشدي) يده يصافحه في توتر، قائلاً:

- أعرفك جيداً بالطبع يا سيادة العقيد.

نقل (حاتم) بصره بينهما في توتر؛ في حين رمقه (هشام) بنظرة صارمة، وقال:

- معذرة يا سيادة المقدّم.. لقد تمّت تنحيتك عن هذه القضية.

تفجّرت الدهشة في وجه ( حاتم)، في نفس اللحظة التي هتف فيها (رشدي) في استنكار:

- تنحيتي؟!.. ولكنها ليست قضية بعد.. إنني أستمع فحسب إلى المهندس (حاتم)، و..

قاطعه (هشام) بمنتهى الصرامة:


- لقد أصبحت قضية، منذ هذه اللحظة.. قضية أمن دولة عليا، وتحت إشرافي شخصياً.

وهنا.. هنا فقط، أدرك (رشدي) أنه أمام مؤامرة..
مؤامرة أمن دولة..
عليا.
يتبــــــــــــــــــــــ ــــــــــع


حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-10, 02:42 PM   #6

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


يتبـــــــــــــــــــــع



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-10-10 الساعة 07:38 PM
حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-10, 07:26 PM   #7

* فوفو *

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 6485
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 93,121
?  نُقآطِيْ » * فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute
افتراضي

شكرا لك على هذه القصة الجميلة ودكتور نبيل فاروق ما شاء الله فى كتاباته مبدع بجد

في إنتظار التكملة واحلي تقييم ليك وللموضوع اخي



التعديل الأخير تم بواسطة * فوفو * ; 09-10-10 الساعة 07:39 PM
* فوفو * غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-10, 06:32 PM   #8

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي

شكرا على التقييم والرد ..
جزاكم الله خيرا ..


حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-10, 06:53 PM   #9

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي

(7) مخابرات











امتقع وجه ذلك المسئول الكبير في شدة، وهو يطالع تلك الرسالة العاجلة، التي أرسلها إليه العقيد "هشام"، ورفع وجهه إلى رئيس أمنه، متسائلاً في هلع، لا يتناسب مع منصبه الرفيع:

- ما الذي يعنيه هذا؟!

هزّ رئيس أمنه كتفيه في حيرة مضطربة، وهو يقول:

- نُظم صنع بطاقات الرقم القومي عسيرة وشديدة التعقيد، بالإضافة إلى أن أجهزتها رفيعة المستوى التكنولوجي، ومن المستحيل أن يستطيع مزوّر عادي مجرّد الحصول عليها.

سأله المسئول في توتر:

- ألا يمكن تزويرها؟!

تردد رئيس أمنه لحظات؛ فصاح به في حدة:

- أهذا ممكن أم غير ممكن؟!

واصل رئيس أمنه تردده لحظات أخرى، قبل أن يقول في توتر:

- غير ممكن على المستوى الشعبي.

انعقد حاجبا المسئول في غضب، مع ذلك الجواب الهلامي؛ فتابع رئيس أمنه في تردد واضح:

- وليس على المستوى الدولي.

تراجع المسئول بحركة حادة، متسائلاً في انزعاج:

- ماذا تعني؟!

أجابه في سرعة:

- أعني أنه أمر مستحيل، لمزوّر عادي؛ لأنه لا يحتاج إلى براعة فائقة فحسب؛ ولكن إلى مهارة تكنولوجية غير عادية، وإلى أموال طائلة، يستحيل أن يحصل عليها، ولا تساوي النتائج هذا في النهاية؛ ولكن بالنسبة لدولة أخرى.

قاطعه المسئول، وهو يشهق في ذعر:

- دولة أخرى.

تابع رئيس أمنه، دون أن توقفه الشهقة:

- الدول تمتلك تلك التكنولوجيا بطبيعة الحال، وهذا يجعلها قادرة على تزييف كل الهويات الرسمية، و..

عاد المسئول يقاطعه في هلع:

- هل تعني أن ذلك الرجل، يعمل لحساب دولة أخرى.

تزايد تردد رئيس أمنه هذه المرة، قبل أن يقول في خفوت:

- ليس من الضروري أن تكون أخرى.

اتسعت عينا المسئول في ارتياع، وسأله بصوت شاحب:

- ماذا تعني؟!

هزّ الرجل كتفيه، وقال:

- ربما يعمل لحساب مخابراتنا.

امتقع وجه المسئول بشدة، وهو يتراجع منكمشاً في مقعده الفخم الكبير هذه المرة..
يعمل لحساب المخابرات؟!
هذا يعني أنهم قد كشفوا أمره، على نحو أو آخر..

وهذه كارثة..
لو كشفوا أمره، و أمر ما فعله؛ فسيعني هذا نهايته، وفتح كل ملفاته القديمة، و..

"لا.. مستحيل!!"

هتف بها في قوة، وكأنه يحاول إقناع نفسه بها؛ فتطلّع إليه رئيس أمنه في دهشة، وهو يردد متوتراً:

- مستحيل؟!

صاح فيه المسئول في عصبية:

- نعم.. مستحيل! المخابرات لا شأن لها بالشئون الداخلية.. إنها ليست مسئوليتها.

أجابه رئيس أمنه في حذر:

- المخابرات جهاز سيادي، يتبع رئيس الجمهورية مباشرة، وسينفّذ أوامر فخامته، في أي شأن كان.

عاد وجه المسئول يمتقع، وهو يغمغم:

- ولكن.. لو أنها مخابراتنا؛ فلماذا..

أسرع رئيس طاقمه يهتف منزعجاً:

- أنا لم أجزم بهذا يا سيدي.. كان مجرّد احتمال فحسب.

هتف المسئول:

- ولكنه تفسير مثالي لتلك البطاقة التي يحملها.

انعقد حاجبا رئيس أمنه لحظات، قبل أن يغمغم:

- ربما كان هذا صحيحاً.

وصمت لحظة أخرى، قبل أن يشدّ قامته، مضيفاً في حزم:

- ولكننا لا نعلم هذا.

سأله المسئول في اضطراب:

- ماذا تريد أن تقول؟!

مال رئيس أمنه، مستنداً براحتيه على سطح مكتبه، وهو يقول:

- من الناحية الرسمية، نحن نستجوب مشتبهاً فيه، في واقعة إرهاب، ووفقاً لقانون الطوارئ، حتى مع تعديلاته الأخيرة، نحن نسير على منهج قانوني تماماً.

قال المسئول في عصبية:

- لست أفهم.

اعتدل رئيس أمنه، وهو يقول:

- "هشام حمزة" سيفهم.

نطقها في غموض..
كل الغموض..


* * *

تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لرؤية الصورة كاملة. الحجم الأصلي للصورة هو 800 * 533.




"ماذا تريد أن تقول بالضبط يا "رشدي"؟!"

ألقى الطبيب الشرعي الشاب السؤال، في فضول واهتمام شديدين، على المقدّم "رشدي"، الذي انعقد حاجباه، وتراجع في مقعده، وهو يغمغم في توتر:

- لست أقول شيئاً.. فقط أريد أن أعرف.

ابتسم الطبيب الشاب، متسائلاً:

- تعرف ماذا؟!

أجابه في جدية متوترة:

- سبب وفاة "أمين ضياء".

ارتفع حاجبا الطبيب الشاب في دهشة، وهو يحدّق في وجه "رشدي"، قبل أن يطلق ضحكة قصيرة، ويقول:

- يمكنك أن تسأل أي رجل شارع في "مصر"، وسيُخبرك أن سبب الوفاة هو حادث القطار.

انعقد حاجبا "رشدي"، وهو يقول في عصبية:

- حادث القطار هو الوسيلة؛ ولكنني أسأل عن أسباب الوفاة.

ارتفع حاجبا الطبيب الشاب، وابتسم، وهو يقول:

- مدهش.. ثقافة لا تتناسب مع ضابط أمن دولة.

سأله "رشدي" في ضيق:

- وكيف يُفترض أن تكون ثقافة ضباط أمن الدولة.

ضحك الطبيب الشاب، قائلاً:

- ثقافة اعتقال.

لم ترُق الدعابة له، فقال في شيء من الصرامة:

- ضابط أمن الدولة، بحكم سعة تعاملاته وتنوّعها، يفترض فيه أن يمتلك ثقافة واسعة.

حاول الطبيب الشاب أن يقول شيئاً؛ ولكن "رشدي" واصل في صرامة:

- وهذا لا يجيب سؤالي.

تراجع الطبيب الشاب، وتطلّع إليه لحظة، قبل أن يقول:

- أنت على حق، فحادث القطار وسيلة، يمكن أن يحدث الموت معها بسبب اصطدام الرأس بجسم صلب، أو السقوط عليه، أو على جسم حاد، أو من سقوط الركاب بعضهم على بعض، أو حتى بأزمة قلبية، من جراء الصدمة.

سأله "رشدي" في اهتمام:

- وأيها ينطبق على "أمين ضياء".

صمت الطبيب الشاب لحظة في تردد، قبل أن يجيب في خفوت:

- لست أدري.

انعقد حاجبا "رشدي" في دهشة، وهو يقول:

- ليس هذا الجواب الذي توقّعته.

اعتدل الطبيب الشاب، وقال في سرعة، وكأنه يدافع عن نفسه:

- هل تدرك عدد ضحايا حادث القطار هذا؟! هل تدرك عدد القتلى والمصابين؟! إننا في مثل هذه الكوارث لا نفحص كل قتيل على حدة، ولا نحدد أسباب وفاة كل منهم منفرداً.. إننا نكتب الحادث في خانة سبب الوفاة فحسب، وإلى جوارها عبارة تقول: إن سبب الوفاة إصابة، نتج عنها هبوط حاد في الدورة الدموية.

مال "رشدي" نحوه، يقول في صرامة:

- وماذا لو أن سبب الوفاة يخالف هذا؟!

قلب الطبيب الشاب كفيه، وقال في توتر:

- ولماذا؟! كلهم أصيبوا، ولقوا حتفهم نتيجة للإصابة.

صمت "رشدي" لحظات، وهو يرمقه بنظرة غامضة، قبل أن يقول:

- وماذا لو طلبتُ منك إعادة فحص جثة "أمين ضياء" على نحو منفرد، وتحديد أسباب وفاته بدقة؟!

بدت الدهشة على وجه الطبيب الشاب، قبل أن يتساءل في حذر:

- بصفة قانونية؟!

هزّ "رشدي" رأسه نفياً في بطء، وهو يجيب في حزم:

- بل بصفة شخصية.

ظلً كلاهما يتطلّع إلى عيني الآخر لحظات في صمت، قبل أن يغمغم الطبيب الشاب في خفوت:

- هذا قد يكلفني وظيفتي.

غمغم "رشدي" بدوره:

- قانون العمل في "مصر" لا يسمح بفصل أحد.

مضت لحظات أخرى من الصمت، قبل أن ينهض الطبيب الشاب من مقعده ويقول في حزم:

- ينبغي أن نسرع إذن؛ فسيتمّ تسليم الجثث كلها لذويها صباح الغد.

وتنهّد "رشدي" في ارتياح عجيب، تشوبه لمحة من التوتر، في مزيج مدهش عجيب..
وفي أعماقه تفجّر سؤال كبير..
ترى هل سيسفر هذا عن جديد؟!
هل؟!



يــتــبـــــع


حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-10, 04:21 PM   #10

حماده عماره

? العضوٌ??? » 103192
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » حماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond reputeحماده عماره has a reputation beyond repute
افتراضي

(8)..


إرهاب




لم يشعر "حاتم" في حياته كلها، بذلك المزيج من الإرهاق والتوتر، مثلما شعر بهما في تلك اللحظة، وهو يغلق عينيه، في ركن مكتب "هشام حمزة"، وذلك الضخم يقف إلى جواره، ويمسك كتفه في قوة، وكأنه يحاول منعه من الفرار؛ على الرغم من وجوده داخل المبنى الرئيسي لأمن الدولة، في "مدينة نصر"..

كان "هشام" منهمكاً في حديث تليفوني هامس، وكل ملامحه تشفّ عن خطورة هذا الحوار السري؛ فحاول هو، على الرغم من سخافة الموقف كله أن يسترخي، وأن يحظى ولو بدقيقة أو دقيقتين من النوم..

- "وجودك هنا لم يعد آمناً.."..

نطقها حارسه الخاص في حزم، وهما يقفان على قمة ذلك النصب التذكاري الكبير، الذي أقيم في نهاية النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، فرفع عينيه إليه في توتر، وقال بلهجة تشوبها نبرة عصبية:

- لن أتخلى عن مسئولياتي بهذه السهولة.

قال الحارس الخاص، في حزم أكثر:

- ولكن ابتعادك صار ضرورة حتمية.

تزايدت عصبيته، وهو يجيب:

- هذا بالضبط ما ينشدونه بمحاولاتهم هذه.. أن أشعر بالخطر، وبالخوف على حياتي، وأن أبادر بالفرار..

قال الحارس في صرامة:

- وهذا ما ينبغي أن تفعله بالفعل.

لوَّح بذراعيه في حدة، هاتفاً:

- وأتخلى عن كل هذا؟! هل نسيت لماذا أقيم هذا النصب الخاص، الذي نقف فوقه؟! لقد أقيم لتمجيد ثورة الحرية.. تلك الثورة التي استعاد بها هذا الشعب كرامته وحريته، بعد ما يقرب من قرن من الزمان، رزح خلاله تحت نير الظلم والجبروت.. إنه رمز الحرية يا رجل.. الحرية التي يحاولون سلبها من هذا الشعب ثانية، وهذا ما لا يمكن، بل ويستحيل أن أقبل به أبداً.

أمسك حارسه الخاص ذراعه، هاتفاً:

- وجودك هو الدعامة الأساسية لهذه الحرية، ولهذا يجب أن تبقى.

جذب يده في حدة، هاتفاً:

- خطأ.. وجود الشعب وإرادته هو الدعامة الأساسية والرئيسية والوحيدة للحرية.. الأفراد زائلون؛ ولكن الشعب والوطن باقيان.. فكرة ارتباط الحرية بفرد واحد هي قمّة الديكتاتورية..

هتف الحارس الخاص، وقد تحوَّلت صرامته إلى عصبية واضحة:

- ولكنك لم تكمل برنامجك بعد، ووجودك مازال ضرورياً، وإلا فلماذا يحاولون اغتيالك الآن؟! لماذا؟!

- "هذا ليس فندقاً.."

انتزعته صرخة "هشام" الصارمة من عالمه الخاص، وأخرجته من نومه، لتلقي به بعنف في عالم الواقع؛ فانتفض جسده، وهو يفتح عينيه في سرعة؛ فوجد "هشام" يقف أمامه مباشرة، وهو يكمل في شراسة:

- من سمح لك بالنوم؟!

تنحنح في توتر، واعتدل في مجلسه، مجيباً في صوت أشبه بالغمغمة:

- جسدي المنهك.

صرخ فيه، في شراسة أكبر:

- لم يحن وقت النوم بعد.

قالها، ورمقه بنظرة وحشية، قبل أن يعود إلى ما خلف مكتبه، ويضيف في قساوة:

- ستنام عندما تخبرني بكل ما لديك.

قال "حاتم" في توتر:

- لقد أخبرتك به بالفعل.

ابتسم "هشام" ابتسامة شديدة العصبية، وهو يقول:

- أنت لم تستوعب ما يمكننا أن نفعله بك.. أليس كذلك؟!

زفر "حاتم" في إرهاق، وسأله في عصبية:

- ما الذي تريد معرفته بالضبط؟!

أشاح "هشام" بوجهه عنه، وهو يقول في صرامة:

- ما علاقتك بذلك التنظيم الإرهابي بالضبط؟! ومن يموّلكم ويعاونكم من خارج البلاد؟!

حدّق فيه "حاتم" في دهشة مستنكرة، وهو يقول:

- تنظيم إرهابي، وخارج البلاد؟! من أين أتيت بهذا؟!

أجابه "هشام" في صرامة شديدة:

- من اعترافاتك.

كاد يهبّ من مقعده، وهو يهتف مستنكراً:

- اعترافاتي؟!

دفعه الضخم من كتفه في قوة وغلظة؛ في حين تابع "هشام" بنفس تلك الصرامة الوحشية:

- الاعترافات التي ستوقّعها بنفسك هنا.


* * *



- "هل جننت؟!"

صرخ بالعبارة في غضب مستنكر؛ فهوى ذلك الضخم على فكّه بلكمة قوية، قبل حتى أن تنتهي صرخته، و..

ولدهشته هو شخصياً، ارتفعت يده في سرعة خرافية، لتمسك قبضة الضخم، قبل أن تلمس فكه..

وعلى الرغم من ضخامة ذلك الضخم وقوته الظاهرة، ارتطمت يده براحة "حاتم" التي لم تتحرك من مكانها، كما لو أنها حائط من الصلب، وشهق الضخم في ألم، واتسعت عيناه في شيء من الذعر، وهو يتراجع في حركة غريزية حادة، فصرخ فيه "هشام" في غضب:

- ماذا أصابك؟!

بدا صوت الضخم مهتزاً مضطرباً، وهو يقول:

- ألم تر سيادتك ما حدث؟!..

صاح به "هشام":

- لقد لكمته في رعونة.

هتف الضخم، في صوت أكثر اضطراباً:

- بل أقسم أنني لكمته بكل قوتي.

انعقد حاجبا "هشام" في شدة، وحدّق في الضخم لحظة، ثم لم يلبث أن نقل تحديقه إلى "حاتم"، الذي بدا أكثر منه دهشة، وهو يقلّب راحته؛ ليحدّق فيها ذاهلاً، خاصة وأنه لم يشعر بقوة اللكمة بالفعل..

وفي غضب غلب دهشته، غادر "هشام" مكتبه، واتّجه في خطوات عصبية نحو "حاتم"، وهو يقول للضخم:

- لو أنك نسيت كيف تلكم.

ثم هوى بقبضته على فك "حاتم"، مردفاً في انفعال عنيف:

- فدعني أذكّرك.

وللمرة الثانية، ارتفعت قبضة "حاتم" في سرعة خرافية، وصدّ لكمة "هشام" في راحته..

وفي هذه المرة، كان هناك صوت..

صوت ارتطام قبضة ضابط أمن الدولة براحة المتهم..
بمنتهى العنف..

وبعد ذلك الصوت مباشرة، وثب "هشام" إلى الخلف..

وثب في حركة غريزية حادة، وقد اتسعت عيناه عن آخرهما، وبدا أشبه بالمذعور، وهو يمسك قبضته براحته الأخرى في ألم..

ومع تراجعه، وتلك الملامح التي ارتسمت على وجهه، تراجع الضخم أكثر..
وأكثر..

وفي كل خلجة من خلجاته، ارتسم رعب..
وفزع..
وذهول..

إنه لم يواجه، في حياته كلها، أمراً كهذا..
لقد اعتاد دوماً أنه الأقوى..
فهو ضخم الجثة، قويّ البنية، مفتول العضلات..

ثم إنه يحمل رتبة رقيب، وفي أمن الدولة..
وهذا دوماً يجعله أقوى من كل من يتمّ احتجازه هناك..
أقوى بحكم بنيته..
وبحكم سلطته..
وبحكم حماية الكبار له..

ولكنها أول مرة يشعر فيها بالخوف..
أول مرة يكون فيها المتهم أكثر قوة..
أول مرة، على الإطلاق..

أما "هشام" الذي لم تختلف مشاعره كثيراً؛ فقد غمغم في ذهول:

- كيف تفعل هذا؟!

حدّق "حاتم" لحظة في راحته، قبل أن يرفع عينيه إليه في حيرة حقيقية، قائلاً:

- لست أدري!!

رددًّ "هشام" ذاهلاً ومستنكراً:

- لست تدري؟! كيف؟!

عاد "حاتم" يحدّق في راحته، مغمغماً في حيرة أكبر:

- حقيقة لست أدري!!

حدّق فيه "هشام" عدة لحظات، في دهشة أكبر، ثم لم يلبث أن تراجع نحو مكتبه في حذر، وهو يقول:

- هل فقدت الذاكرة؟!

هزّ "حاتم" رأسه نفياً في بطء، وهو يجيب في صوت، لم تفارقه تلك الحيرة بعد:

- على العكس.. إنني أحمل ذكريات لم أعشها بالفعل.

عاد "هشام" يحدّق فيه، غير مستوعب لإجابته، ثم مد يده في حذر، يضغط زراً خفياً، في إطار مكتبه، وهو يغمغم:

- في هذه الحالة..

فور نطقه للعبارة، اقتحم ثلاثة جنود، مدججين بالأسلحة المكان، وكل منهم صوّب مدفعه الآلي نحو "حاتم"، فصرخ فيهم "هشام"، بكل عصبية الدنيا وانفعالها:

- اقضوا عليه.

واتسعت عينا "حاتم "..
بمنتهى الشدة.



يـــتــــــبـــــــــع


حماده عماره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:17 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.