آخر 10 مشاركات
صراع الحب (32) للكاتبة الرائعة: زاهرة *كاملهـ[مميزة]ــ* (الكاتـب : واثقة الخطى - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          215 - لعبة الحب والحياة - بيتانى كامبل - مكتبة مدبولى ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          600 - مع الذكريات ( عدد جديد ) - ق.ع.د.ن*** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          [تحميل] جبروت الشيخ وقلبي ، للكاتبة/ بنين الطائي "عراقية " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          الغريبه ... "مكتملة" (الكاتـب : tweety-14 - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-08-13, 02:10 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل 19

ثلاثة أيام مرت ببطء شديد وصعوبة حاول عماد خلالها إنهاء ما طلبه منه والده ليعود سريعا إلى القطيف . ركبت الطائرة وهو يفكر بكاميليا ، وعن السبب الذي يجعلها تتجاهل اتصالاته ولا تريد عليه وهي التي لم تفعلها خلال أربع سنوات . ما الذي يمنعها من الرد عليه ولو برسالة تشرح فيها ظروفها . ألا تشعر بالخوف والقلق الذي يعتمل في قلبه ويكويه وهو يشعر بأنه بعيد مكبل اليدين واللسان .لم يعهدها يوما جافية ،هو الذي لا يستطيع الذهاب إليها ولا يستطيع السؤال عنها عند أخته على الأقل . هي حنونة ورقيقة وعاطفية ولكن ما الذي يمنعها من الإجابة .

مساء الثلاثاء هبطت الطائرة في مطار الدمام في الساعة السابعة أنهى بسرعة إجراءات الجوازات والجمرك وركب سيارته التي تركها في مواقف المطار الخاصة ، وأتجه بسرعة جنونية نحو منزل كاميليا في حي الخامسة ودقات قلبه تزيد من توتره . أوقف سيارته أمام البيت المقابل لبيتها وظل يراقب الحركة الساكنة في الحي الهادئ . أخرج هاتفه من جيبه وأتصل بها ولم تجبه ، فكتب لها رسالة نصية ( أنا واقف أمام البيت الآن وسأنتظرك لعشر دقائق .. وإذا لم تتصلي بي سأسأل عندك لدى أي شخص يفتح لي الباب وليحصل ما يحصل ) . ظل ينتظر في سيارته وعينيه على هاتفه حتى اتصلت به ، وسألته بنبرة حزينة :
- متى عدت من دبي ؟
بلع ريقه وأجابها :
- لقد جئت من المطار لمنزلك مباشرة .
وأكمل يعاتبها :
- لماذا لا تجيبين عليّ ؟..أنا قلق عليك حبيبتي بطريقة لا يمكنك تصورها ولا الإحساس بها لأنك لو شعرت بما أشعر به لما تركتني هكذا .
جاءه صوت بكائها حارا حزينا ويائسا ، قال لها :
- تكلمي بحق الله يا كاميليا .. ما الذي حصل ولماذا تبكين ؟.. هل حصل مكروه لأحد أفراد عائلتك .
ظلت تبكي للحظات ثم قالت له بصوت متقطع :
- تقدم لخطبتي ابن عمي ناصر والدي سيجبرني على الزواج به .. ومنذ ثلاثة أيام وأنا حائرة ولا أعرف كيف أتصرف .. لم أعرف كيف أواجهك ولا أعرف ماذا أفعل .
انخرطت في البكاء وعماد ساكت من أثر الصدمة فهذا ما لم يفكر به ولم يحسب حسابه أبدا . طلب منها أن تهدأ وقال لها :
- دعيني أتقدم لخطبتك وأخبري والدك برغبتك بالزواج مني .
ترجته أن لا يخبر والدها بأنه يعرفها أو رأها في حياته وألا يزيد الأمور تعقيدا . غضب من كلامها فكل ما يهمها أن لا يعلم أحد بعلاقتهما . قال لها بحدة :
- لا تخافي فلن أخبره .. ولن أبقى مكتوف اليدين .. أنا الآن سأنزل من السيارة وأطلبك للزواج .
ترجل من سيارته وهو يحس بألم يعتصر قلبه ، وأفكاره مشتتة ومشى بخطوات بطيئة وهو يفكر بكاميليا وبكائها الذي قطع نياط قلبه . دق جرس الباب وفتح له السائق وطلب أن يقابل سيده . وقف في الحديقة ينتظر وكاميليا تراقبه من نافذة غرفتها وبعد دقائق قليلة استقبله والدها بملامح وجهه القاسية . أدخله في مجلس الرجال وهو متوتر لا يعرف كيف يبدأ بالحديث ، لكن والد كاميليا استأذنه وعاد يجر عربة التقديم المحملة بالشاي والفاكهة وسكب له كوبا من الشاي وساد الصمت . بلع عماد ريقه والد كاميليا ينظر إليه بدهشة فقرر البدء بالحديث . قال وهو يضع كوب الشاي على الطاولة القريبة منه :
- في البداية أود أن أعرفك بنفسي .. أنا عماد الغانم .. عمري واحد وثلاثين سنة وأعمل في إدارة شركة والدي الخاصة .
أبتسم والد كاميليا وهو يهز رأسه وقال :
- نعم .. عرفتك وعرفت والدك .. كما أن لعائلتي صداقة قوية بعائلتك .
سكت عماد فعاد والد كاميليا بالترحيب به وسأله بم يستطيع مساعدته فتنفس يعمق وقال :
- في الحقيقة أنا .. جئت طالبا الزواج من كريمتك .
رفع والد كاميليا حاجبيه باستغراب وسأله :
- ولماذا جئت وحدك ؟
بلع ريقه واخذ نفسا عميقا وقال كاذبا :
- والدي وعائلتي على علم بالموضوع وأنا جئت بنفسي لأطلب يدها وإن شاء الله سيأتي والدي وعائلتي كلها إذا سمحت بذلك وحددت لهم موعدا .
حدق به وسأله عن أي واحدة من ابنتيه يتحدث ، فقال له بأنه يريد الزواج بكاميليا وأبدى استعداده لأي شيء . رطب شفتيه وهو ينتظر رد والدها الذي قال :
- يؤسفني أن أخبرك بأن ابنتي كاميليا مخطوبة لابن عمها وستتزوج بعد مدة ..لقد جئت متأخرا .. سلم على والدك كثيرا .

أحس عماد بأن الزيارة انتهت وعليه أن يذهب فوالدها لم يدع له فرصة . ركب سيارته متجها إلى منزل والديه الذي وجده خاليا . دخل غرفته والألم يعتصر قلبه واليأس هو ما يشعر به ، ظل يفكر مستنكرا ما حدث ولا يعرف ماذا يفعل . أبهذه البساطة تتبخر الأحلام ويذهب الحب ، أبهذه السهولة تسرق كاميليا من بين يديه وهو لا يستطيع فعل شيء ؟، بعد أن انتظرها أربع سنوات . أين النصيب وفلسفته ، وأخرجه اتصال كاميليا من أفكاره وتشتته ، قال لها بألم :
- والدك يقول بأني جئت متأخرا .. لماذا لم تدعيني أتقدم لخطبتك قبل أربع سنوات ؟
قالت موضحة :
- لأنه رفض خطبتي لناصر وقتها متعذرا بإنهاء دارستي الجامعية .
أطلق آهة حزينة وقال بأسف :
- ما كان يجب عليّ إطاعتك .. لو خطبتك منذ البداية لأختلف الأمر .
وبسرعة أجابته:
- حتى ولم تقدمت لخطبتي وقتها فسيرفض لأنه مقتنع بناصر .
تنهد بعمق وقال :
- أنت لا تشعرين بما يجول في قلبي .. أشعر بأني سأنهار .. المنزل الذي بنيته من أجلك جاهز .. حتى المجسم الذي اشتريته لبرج إيفل وضعته في صالة المنزل كما اتفقنا .
سكت للحظة ثم طلب منها أن تقنع والدها بأي وسيلة . راحت تبكي وقالت له :
- كيف أتصرف وهم سيعقدون قراننا في الأسبوع المقبل .. عليك أن تساعدني .
******
ظل عماد في غرفته بلونها الأصفر الكئيب لم يبرح مكانه منذ أن انتهى الحديث بينه وبين كاميليا . بقي على نفس الوضع مستلقيا على سريره يحدق في سقف الغرفة وفكره محصور بها وبالحل المناسب الذي يبحث عنه . أحس بأن السعادة التي يشعر بها منذ تعرفه إليها اختفت فجأة . وللحظة طرأ سؤال غريب على تفكيره . لماذا أصرت كاميليا على منعه من التقدم لخطبتها قبل أربع سنوات ؟ وطلبت منه مرارا كتمان علاقتهما حتى على أخته وابنة عمه وهما صديقتيها المقربتين ؟.

فكر بعمق في الموضوع ، وتساءل في نفسه .. هل كانت تتسلى معه ومن ثم تتزوج بابن عمها . ربما كانت لعوبا كغيرها وتعرف بأن علاقتهما ستنتهي يوما ما كبقية علاقات العبث في البلد . أغمض عينيه وقلبه ينفي أن تكون الفتاة التي أحبها عابثة ولعوب بهذه الطريقة وهو الذي أحبها بصدق ربما ينذر وجوده . تأرجح بين قلبه ومشاعره وبين عقله وأفكاره ، وكيف يخلص نفسه من هذا الوسواس الذي بدأ ينخر في عقله ؟.. حاول إبعاد الفكرة وخلع ملابسه وأستحم بالماء الفاتر وأطفأ أنوار غرفته واستلقى على سريره وذاكرته تبحث عن دليل يدين حبيبته . لأول مرة ومنذ توفي علاء شعر بأن قلبه يبكي وأن دموعا مخفية تريد أن تخرج من عينيه . وجاءت نسرين مع أمه إلى غرفته حالما رأتا سيارته خارجا وأخبرتهما الخادمة بقدومه . كلمته أمه بهدوء وهو ساكت يغطي وجهه بلحافه ويتظاهر بالنوم وسمعها وهي تقول بأنها ستتحدث معه صباحا .

مرت ساعات الفجر الواحدة تلو الأخر وهو مازال على سريره ويفكر بكاميليا وبالمنزل الذي بناه من أجلها . الألوان ونوعية الأثاث ومخطط البيت وموديلات الستائر ولون الرخام والخشب المستخدم . كلها ساهمت في اختيارها أحس بأنه سيختنق وهو يفكر بحلمه الذي يحتضر ويديه مكبلتين وحبيبته لا تجد حلا غير البكاء إن كانت صادقة أصلا .
طرأت بباله فكرة تساعده في كشف حقيقة عاطفتها ، سيخبرها ويرى كيف تكون ردة فعلها وكيف تتصرف . جاءت أمه من جديد واقتربت منه تدعوه للنهوض والذهاب للشركة فالساعة تشير إلى السادسة صباحا . نهض وهو يشعر بصداع في رأسه لأنه قضى الليل يفكر ويتذكر . ارتدى ملابسه ودلالات المزاج السيئ واضحة على وجهه . جلس مع والديه وهو يضع يده على جبينه من شدة الألم ، وطلب من والدته دواء مسكنا فأحضرت له قرصين مسكنين ابتلعهما بسرعة وتناول قطعة كعك بصمت . سألته أمه :
- هل أنهيت ما طلبه منك والدك في دبي .
أومأ إيجابا بوجهه المتجهم وأخرج الأوراق الخاصة بالمشروع من حقيبته وأعطاهم لأبيه الذي شكره ونهض مستعدا للخروج فسألته أمه بقلق :
- ألم تنم جيدا .. تبدو وكأنك مريض .
- لا داع للقلق .. مجرد صداع.

ودع والديه وخرج متجها إلى الشركة وبدأ العمل رغم أفكاره المشوشة والقلق من المجهول يعصر قلبه بيدين قويتين . ظل يعمل حتى أخرجه اتصال كاميليا به من دائرة العمل ، ولأول مرة شعر بأنه لا يريد الإجابة عليها ولا يريد أن يسمع صوتها المخادع لكنه أجاب . سمع صوتها المحبب إلى نفسه ، الصوت الذي جذبه إليها وكأنه مسحور وشعر بأنه أسير ضعيف لها ولصوتها . قال لها بحزن بدا في نبرة صوته :
- لم أنم البارحة .. أشعر بأني سأفقدك .
فاجأها كلامه فقالت له :
- هل استسلمت بهذه السرعة وأنا المقتنعة بأنك ستحارب من أجلي ؟.. لا تخيب ظني بك .
قال بغضب :
- ماذا أستطيع أن أفعل ؟.. هل تريدني أن أقتل ابن عمك لنتخلص منه ونرتاح ؟..أعطني أمرا بذلك وسأفعل ..المهم أن تثبتي لي بأنك صادقة ولم تتلاعبي بي طيلة هذه السنوات .
أجابته باستنكار :
- وكيف تفكر بأنني أتلاعب بك .. لا بد أنك فقدت عقلك لتفكر بهذا الأمر ..أنا أحبك يا مجنون وأنت ..
سكتت ولم تتم عبارتها ، فسادت لحظات الصمت قطعه عماد عندما طلب منها دليلا يثبت له بأنها صادقة وما أن أنهى كلامه حتى قالت له وهي تبكي :
- ماذا تريد مني أن أفعل ؟..أنا لم أغادر غرفتي منذ ثلاثة أيام .. ولم أتحدث مع والدي ولا أكل شيئا .. حتى نسرين وأمل جاءتا لزيارتي البارحة ولم تصدقان بأنني بهذه الهيئة .. أبدو كمريضة .
سألها بسخرية :
- هل عرفت نسرين وأمل بنبأ زواجك السعيد ؟
تنهدت وقالت له :
- عماد أنا مستعدة للموت على ألا تشك بي ولو للحظة فأنت تظلمني .
بدأت تبكي بحرقة فقال لها بغصة :
- صارحي والدك بأمر علاقتنا واخبريه بما بيننا وبأنك تعلمين بأنني تقدمت لخطبتك وتريدين الزواج بي وأنا مستعد لمقابلته مرة ثانية وثالثة .
رفضت وفضلت الموت على أن تخبر والدها بأنها تعرف شابا وتحبه وتريد الزواج به فلن يتسامح بهذا الأمر وقد يقتلها . تنهد عماد وقال بألم حاول إخفاءه بالتظاهر بالقوة :
- لن أتمسك بك وأنتِ لا تريدين المجازفة أبدا .. لقد سلمت أمري للبعد والفراق وأنتِ لا تعذبي نفسك تزوجي بابن عمك وحاولي أن تكوني سعيدة .
قالت له وهي تشعر بخيبة من انسحابه :
- لا تكن متخاذلا ..أنا لا أستطيع أن أنساك وأعيش سعيدة مع غيرك .
تنهد بقوة وأحس وكأن روحه ستخرج من جسمه وقال لها :
- أنا إنسان متصالح مع نفسي وقلبي بريء كأحلامي .. ومتأكد بأن الدنيا ستقف بصفي يوما ما وستمنحني السعادة التي أبحث عنها .. وأطلب منك عدم الاتصال بي ..أتمنى لك السعادة في حياتك وبعيدا عني .
بكت بألم وتمنت أن يكون ما تمر به حلم مزعج وستستيقظ منه قالت له بيأس :
- هل ستتخلى عني ؟..أين وعودك ..أين كلامك ؟
صرخ فيها بصوت مرتفع :
- وماذا أفعل لك ؟.. كوني شجاعة وأخبري والدك بعلاقتنا .
تأففت وقالت له محذرة :
- لا ترفع صوتك في وجهي .. والدي لن يقبل بالأمر وسيؤذيني وربما يؤذيك أيضا ..أنا أعرفه جيدا وهو متشدد في هذه الأمور..و..
قاطعها بنفاذ صبر :
- أنا مشغول الآن .. إذا أخبرت والدك بالأمر أتصلي بي ..إلى اللقاء .

أغلق الهاتف وأسند رأسه إلى المكتب وهو يشعر بمرارة ما بعدها مرارة ، أحس بالضعف والدمعة الكئيبة ترقص بألم في زوايا قلبه . أحس بأن الدنيا تدور وتضحك عليه وهو لا يستطيع إيقافها ، وبأن قلبه لا يتحمل صدها هي التي تنكرت له قبلا . كان دائما يفكر بأن الدنيا تسرق منه السعادة وكأن ثأرا بينهما ، وها هي اليوم تسرق منه السعادة التي شعر بها منذ تعرفه إلى كاميليا .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:11 PM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 20


غسلت كاميليا وجهها وهي تفكر بعماد الذي لم يتصل بها منذ خمسة أيام وهي لم تتصل به أيضا فهي لا تريد أن تذل نفسها أمام من تحب .
بدأت تجفف وجهها المتعب وعينيها المرهقتين من السهر والبكاء .وضعت كريما رقيقا على جفنيها ، ولبست خاتمها الياقوتي بيدها وهي تتذكره يوم جاء ووضعه على باب منزلها فجرا مع باقة ورود بيضاء . خلعت الخاتم من أصبعها وقبلته بحب وأعادته إلى مكانه في خنصرها .سألته عن عماد ، ماذا يفعل وكيف يعيش خمسة أيام دون أن يسمع صوتها ،لكن الياقوت بقي صامتا . ظلت تتأمل وجهها في المرآة وهي تتذكر كلام عماد وغزله بها ، كان مفتونا بها والآن يهجرها .
جاءت شذى ممسكة بصينية بها طبق من السلطة وكوبا من اللبن، ووضعتهما على المكتب وقالت لأختها :
-أرجوك يا أختي .. لا تعاقبي نفسك بهذه الطريقة.. تناولي طعامك فأنت منذ أسبوع تعيشين على الماء والتفاح وهذا لا يجوز .
جلست على سريرها وتنهدت قائلة :
-لا أشعر بالرغبة في الأكل ..أكلت قهر.
- أف .. قطع الحب وسنينه.
قالت لأختها وهي تشرب اللبن :
-لست مصدقة بأن خمسة أيام مرت ولم أسمع فيها صوت عماد .. عمادي الذي أحببته تخلى عني بسهولة وتركني .
اقتربت منها شذى وطلبت منها أن تنساه وتخفف على نفسها ، فتنهدت بغصة وهي تشعر بأنها هشة و ضعيفة بعدما تخلى عنها . مازال حبه يوجع قلبها بعدما أدار ظهره لها ولم يترك سوى عينيه السوداويين لتزيد من عذابها . هبت بسرعة لهاتفها الجوال عندما رن فربما يكون عماد هو المتصل ، ولكنها شعرت بالخيبة سريعا لأن نسرين هي المتصلة تدعوها للخروج والذهاب إلى السوق ومن ثم تناول العشاء في أحد المطاعم . اعتذرت منها ودعتها بدلا من ذلك إلى زيارتها بصحبة أمل ، وقامت لتغير ملابسها وتستعد لقدوم صديقتها .

جاءت نسرين لوحدها لأن أمل ذهبت إلى السوق مع أمها ، ولم تستطيعا إبعاد مجرى الحديث عن الموضوع المهم وهو زواج كاميليا التي قالت :
-والدي يجبرني على الزواج بالزفت ناصر بلا أي احترام لي أو لرأيي....والمشكلة بأني أمقته .. أنا الآن أنتظر حكم الإعدام .. ولا أعرف متى سيصدره القاضي .
كانت نسرين جادة عندما قالت:
-تبا لهذا الوضع وهذا التخلف الذي نعيشه .. كيف تتزوج فتاة رغما عنها .. أين حقوق الإنسان وحقوق المرأة الضائعة.
طرأت ببال نسرين فكرة فاقترحت على كاميليا أن توسط أحد أقاربها للتفاهم معه لكنها قالت لها بأن أخوالها يكنون الجبيل ماعدا سعيد وهو على خلاف معه.
ابتسمت نسرين وسألت صديقتها هل يوجد حبيب من حيرتها ويعزز رفضها لابن عمها ، وحاصرتها قائلة :
-أنت تبدين عاشقة وترفضين الاعتراف . إلى متى ستنكرين وعينيك تقول ذلك ؟.. اعترفي وبلا نحاسة.
تنهدت كاميليا بألم اثبت لنسرين شكها ، وقالت وهي تغالب دموعها:
-لا وجود لهذا الحبيب .. يوجد فارس أحلامي الذي أحبه منذ ولادتي وشعوري بأني أنثى تبحث عن نصفها الأخر في هذه الحياة .. وهو ليس ناصر بالتأكيد.

قضت نسرين وقتا مع صديقتها واستطاعت أن تخفف عنها قليلا ، ثم عادت إلى منزلها كانت أمها جالسة مع عماد يتحدثان بصوت منخفض في أحد أركان الصالة الواسعة . اقتربت منهما وتنبهت لوجه أخيها العابس وأمه تتحدث معه عن ريم ، فقاطعتها بمرح وسألتهما عم يتحدثان .
سكت عماد بينما أجابت أمها بتذمر :
-عن القضية الأزلية ذاتها .. زواج عماد .. أنا أفكر برفعها إلى الأمم المتحدة فربما يساعدني "كوفي عنان "
ضغط عماد على شفتيه وهو يستشعر سخرية أمه التي عرضت عليه أن تتحدث مع عمته بشأن ريم، فتأفف ونهض متجها لغرفته تاركا أمه تتذمر من تصرفاته، وتقول لابنتها:
-منذ أن عاد من دبي وهو بمزاج سيء ولا يتجمل الحديث معي .. في اليوم الذي سافر فيه أخبرني وسعادة الدنيا كلها تشع من عينيه بأنه يريد الزواج .. لا أعرف ما به وهو يقلقني كثيرا .. سأقوم لأبخره باللبان والحرمل .

أومأت نسرين موافقة وقالت :
- بات يحيرني أيضا ..أمس جاء ماجد لزيارته وتهرب من لقاءه وطلب مني أن أقول له بأنه نائم.
تنهدت الأم وسألت ابنتها عن كاميليا إذا ما سيزوجها والدها من ابن عمها رغما عنها . هزت نسرين برأسها وقالت :
-سيعقد قرانها خلال أيام .. المسكينة بدت متعبة وشاحبة فهي تحبس نفسها في غرفتها لا تخرج ولا تأكل وبدون فائدة.
-يؤسفني زواجها بهذه الطريقة .. ولكن لا شيء بيدنا وربما تسعد مع ابن عمها .
وأكملت مستدركة تخبر ابنتها بأنهم سيذهبون إلى البحرين من أجل التسوق قبل زفاف أما وسيبيتون هناك ليلة واحدة .
صعدت نسرين لغرفتها وبدلت ملابسها ثم ذهبت لتتحدث مع عماد علها تخفف من توتره . وجدته على سريره يشاهد برنامجا في التلفزيون لكنه أغلقه حالما دخلت أخته وجلست بجانبه.
سألته بابتسامة :
-ألا تستمع لفيروز ؟
لم ينطق بحرف فأردفت تخبره بأنهم سيذهبون إلى البحرين ودعته للذهاب معهم ، لكنه لوى فمه وقال لها بأنه لا يريد الذهاب لأي مكان.يريد البقاء وحده لمراجعة حساباته وإعادة النظر في مسار حياته . سألته:
-هل أنت منزعج من أمي ؟
هز رأسه نافيا فقد تعود على كلامها وعلى سخريتها . تنهد بقوة وأحست بأن وراء تنهيدته هم كبيرة ، فأمسكت بيده بعطف وطلبت منه أن يفتح لها قلبه فهما أصدقاء برغم الفارق في السن . كانت تنظر إلى وجهه وهي تتحدث ورأته وهو يغمض عينيه السوداويين للحظات وعندما فتحهما رأت الدموع الحارة تغلفهما . أخرج من صدره آهات حزينة . عانقته وهو يقول بأنه عاجز عن فتح قلبه لها . قالت له بتفهم كبير :
-عندما تشعر بأنك بحاجة للحديث والبوح عما تخفيه في قلبك .. لا تتردد فقلبي يتسع دائما.
شكرها وتنهد بحيرة فهو غارق في بحر لا يعرف فيه شاطئ ولا مرسى ولا يعرف بدايته أو نهايته . خرجت نسرين تاركة أخاها لوحدته ولتفكيره المحصور بكاميليا ، تارة يتذكارها وهي في السيارة وعينيه تسترقان النظر لها عبر المرآة . يتذكر أحاديثها وضحكاتها وعينيها والكحل الأسود وحجابها الملون وهي تمشي في شوارع باريس بملابسها الأنيقة تذكر تلك القبلة الوحيدة في منتصف ليل باريس عندما أهداها ورورد الكاميليا وكم أحبها
****

ظلت كاميليا جالسة في غرفتها وتتحدث مع شذى في جو هادئ نسبيا حتى جاءت أمها بابتسامة مصطنعه ، تخبرها بأن قرانها سيعقد غدا. هزت رأسها والدموع تتدفق من عينيها :
-لا أريده .. ساعديني يا أمي .
بلغت الأم ريقها والدموع تنحدر من عينيها فزوجها هددها بالطلاق لو تدخلت . قالت لابنتها بانكسار :
-أرى رضوخك أمرا لا مفر منه .
بكت كاميليا بحرقة كبيرة على صدر أمها وهي ترى كل أحلامها تتكسر أمام رغبات والدها وعناده وتسلطه وجوره . بكت أكثر وهي تفكر بحياتها مستقبلا وحب عماد يغفي في قلبها بكل هناء وراحة . ظلت تبكي وهي تفكر بالاستسلام تارة وبالتمرد على والدها والرفض تارة أخرى . بكت بنجيب وهي تتذكر كلمات عماد الأخيرة عندما طلب منها الاتصال به فقط عندما تخبر والدها بأمر علاقتهما . ومن بين الدموع والبكاء ورياح اليأس التي تعصف بها طرأت ببالها فكرة قد تنقدها من هذا الزواج الإجباري ، ولكن عواقب هذه الفكرة وخيمة ونتيجتها غير مضمونة.أسرعت تقفل باب غرفتها بالمفتاح وأمسكت بهاتفها الجوال للتحدث مع عماد الذي لم يرد على اتصالاتها المتكررة ، وبسرعة كتبت له رسالة نصية وأرسلتها ، تخبره بأنها تريد الحديث معه لأمر هام . ظلت حتى شروق الشمس وهي تترجى اتصاله بدون جدوى . نامت على مخدتها المبللة بالدموع واستيقظت ظهرا وشذى تطرق بابها المغلق وقد جلبت معها وجبة خفيفة لتأكلها . فتحت لها الباب وعينيها متورمين من البكاء، وبسرعة طلبت منها الدخول . رن هاتفها الجوال فهبت له مسرعة فربما حن عماد عليها وقرر الاتصال ، إلا أن ظنونها خابت مجددا كانت نسرين هي المتصلة تخبرها بذهابها مع والديها إلى البحرين عصرا وتسألها إذا ما كانت تريد أن تشتري لها شيئا من هناك ، شكرتها فلا مزاج لها لأي شيء ، ونهضت لقفل الباب بالمفتاح وقالت لأختها :
- منذ البارح وأنا أفكر بطريقة ما لمنع هذا الزواج البائس .. ولأني أحتاج مساعدة عماد اتصلت به مرارا ولم يرد علي .. سأذهب إليه في منزله وأتحدث معه .
عضت شذى شفتها وقالت :
- لابد أنك جننت .. لقد فقدت عقلك بكل تأكيد لتفكيرك بالذهاب لمنزله .
أخبرت أختها بأن نسرين ووالديها سيذهبون إلى البحرين بعد ساعة وعماد سيعود في الخامسة إلى المنزل كالمعتاد وستذهب لتعرض فكرتها عليه .
حذرتها شذى وطلبت منها أن تتعقل فلو عرف والدهما سيذبحهما معا كدجاجتين وينتف ريشها ، ولكن كاميليا مستعدة لكل شيء فقالت لأختها :
- كيف سيعرف ؟ ..أنا سأتحدث مع عماد وأنت أبقي في السيارة لانتظاري.

ترددت شذى لكنها لم تشأ أن تدع أختها تذهب له وحدها . بسرعة استأذنت كاميليا وشذى أمهما في الخروج لزيارة أمل لبعض الوقت للترفية عن نفسيهما . ركبت كاميليا السيارة وطلبت من السائق التوجه إلى منزل نسرين واتصلت بها لتتأكد من ذهابها إلى البحرين مع والديها ، واطمأنت لسير خطتها بالطريقة الصحيحة . أحست برعشة وكأنها تتركب جريمة وخائفة أن يراها أحد وقلبها ينبض بقوة ظنت أن جميع سكان القطيف يسمعونه . كانت خائفة وهي تفكر بعماد وكيف سيستقبلها ، وهل سيوافق على فكرتها الرهيبة . أوقف السائق السيارة أمام المدخل الرئيسي . بقيت شذى تنتظر أختها بخوف ووجل وترجلت كاميليا وهي تحس برجليها ستتجمدان ودقات قلبها العنيفة تزعجها . بيد مرتعشة ضغطت على جرس الباب والأفكار تزيد من توترها . ظلت تنتظر للحظات ولم يجبها أحد ، فضربت الجرس مرة أخرى وقلبها يكاد أن يتوقف ، وبعد لحظات فتح الباب ورأت عماد أمامها . نزعت نظارتها الشمسية والتقت عينيها بعينيه المندهشتين والمشتاقتين لها ، كان الحب والشوق ظاهر في سواد عينيه ولا يستطيع إخفاءه مهما فعل . بلع ريقه وقال لها برقة وكأن شيئا لم يكدر صفوهما أبدا :
- لماذا أنت هنا يا كميليا .. نسرين غير موجودة .
هزت رأسها وهي تتلفت خلفها وقالت له :
- أعلم بأن عائلتك في البحرين .. ولكني أريد التحدث معك بأمر هام ولهذا اتصلت بك ..ولأنك لم تجبني اضطررت للقدوم .
وأكملت تعاتبه :
- لماذا تعاقبني بهذه القسوة وكأنني مذنبة ؟.. أنا لا أستطيع فعل شيء وعليك أن تصدقني .. وجئت لأبرهن ذلك.
دخلت كاميليا داخل المنزل ووقفت قرب الباب المفتوح على مصراعيه وقالت له بأن قرانها سيعقد غدا ولديها حل مناسب ووحيد لمنع إتمام هذا الزواج ، وطلبت مساعدته ، سكتت للحظة وهي تراقب عينيه السوداويين وهما تتفحصان وجهها بشوق ، وقالت لها :
- أنا متعبة وأشعر بأني على حافة الجنون.
بلع ريقه وسألها عن الحل الذي جاءت من أجله ، فأغمضت عينيها للحظات وقالت له :
- سأذهب إلى منزل خالي سعيد وسأبقى لثلاثة أيام حيث والدي لا يستطيع أن يفكر بوجدي هناك فهما على خلاف كما تعلم .. بينما أخبره لاحقا بأنني كنت معك في أي مكان .. سأوهمه بأني هربت معك وبعدها سنتزوج رغما عنه .
ظل عماد ساكتا للحظات وعينيه ستخرجان من محجرهما من شدة اندهاشه من فكرة كاميليا الجهنمية ، قال لها بهدوء :
- كيف تفكرين بهذا الحل ؟ .. نهرب معا لثلاثة أيام .. تخيلي الفضيحة وما سيحصل .
حاولت إقناعه بفكرتها :
- نحن سنوهمهم بذلك والله شاهد علينا .. وبعد الزواج نخبرهم بالحقيقة .
ارتفع صوته قليلا :
- لن يصدقنا أحد وقتها .. والدك سيقتلك حتما .. كما أن أمي سترفض زواجي بك.
قال جملته وبتعد عنها . جلس على أول مقعد صادفه وأسند رأسه على يديه . شعر بالحيرة ويريدها فهو يحبها ويريدها زوجة له ولكن ليس بهذه الطريقة ، قال لها :
- إن الأمر ليس سهلا كما تتصورين ونحن لا نستطيع تقدير عواقب
شعرت كاميليا بالخيبة مجددا وقالت له والدموع تنحدر من عينيها :
- أنا فتاة من أسرة محترمة وسأضحي بسمعتي ومستعدة لكل ما سيحدث .. وأنت رجل وتخاف من الفضيحة !؟
سكت لثوان قليلة وأردفت :
- غدا يعقد قراني .. كيف يطاوعك قلبك على التخلي عني ؟ .. وعدتني بأن نكون معا
أقترب منها كثيرا وعينيه تتفحصان وجهها الجميل رغم التعب . تذكرت ما حدث في باريس والسعادة التي كانت تشعر بها ، وتنهدت وهو يمد يده ويضعها على جانب رأسها . أحس برغبة كبيرة في تقبيلها ولم يفعل ، قال لها :
- أرغب بأن نكون معا .. ولكن ليس بهذه الطريقة.
بكت أكثر وابتعدت عنه ، فقال لها بنبرة حادة وعينيه السوداويين تصوب سهماها نحوها :
- لا تبك أمامي فموافقتي مستحيلة .
استدار وهو يفرك جبينه وقال :
- أرجوك أذهبي إلى منزلك .ز لو كنت تريدني حقا لسمحتي لي بالتقدم لخطبتك قبل أن يصبح الأمر بهذا السوء .. لو تقدمت لخطبتك قبل أربع سنوات مرة واثنتين وثلاث لوافق والدك وكان كل شيء مختلفا .
مسحت دموعها بغضب وطلبت منه أن يفكر في الأمر مرة أخرى ، لكنه هز رأسه بالنفي رافضا ذلك وقال:
- أنا أرفض هذه الحلول ولا أقبل بها .. لست نذلا .

أرادت أن تسأله عن القسوة التي ظهرت في عينيه فجأة ، ممن أخذها وكيف يستطيع أن يعاملها بهذه الطريقة . لم تستطيع أن تقول له ذلك فأبعدت شفتيها عن بعضها وتنهدت بسكوت ، فصرخ فيها بقوة :
- أخرجي .. لا أريد أن أراك مرة أخرى ..أرفض أن أكون لعبة تسليتي بها أربع سنوات وترين الاستمرار بالحفاظ عليها لتتسلي أكثر .
أحست بأنها ستختنق بدموعها وتمنت لو أن الأرض تنشق وتبتلعها على أن تعيش هذا الموقف . قالت له بنظرة أسى :
- عماد ..أنت تخطئ في حقي .. أنت تكسر قلبي وتهينني .
بلع ريقه وقال لها بغضب :
- سألتك إذا كنت مخطوبة أو مرتبطة منذ البداية .. لكنك لعبت معي دور الفتاة الصافية والطيبة وأنت تعرفين بأنك ستتزوجين بابن عمك بعد تخرجك .. طلبت التقدم لخطبتك ورفضت .. أكملت معك وانتظرتك .. أحببتك حبا كبيرا لا أستطيع أن اعرف نهايته .. حبا كنت أخشى على نفسي منه فهو اجتاحني كإعصار مدمر .
سكت للحظات تمنى فيها لو لم يقابلها يوما ولم يعرفها ولم يعشق صوتها . بلع ريقه وقال لها :
- كنت قديسة في نظري وكنت مؤمنا بك .
نظرت له بعينين ضيقتين غارقتين في الدموع وهو يقول بأنه كافر وملحد لا يؤمن بها ولا بالقديسات . شعرت بأن قلبها سيتوقف وهي تسمع كلامه فهزت رأسها وهي تمسح دموعها الغزيرة وقالت :
-لست عماد الذي أحببته .. من أعطاك كل هذه القسوة ؟
حدق بعينيها وقال لها بانفعال وغضب تراه فيه لأول مرة :
- أنت تكذبين علي وتمكنت من إيهامي وتملكي بالحب الزائف .. حلمت بالسعادة معك والعيش في جنتك الموعودة وها أنا أعيش في نار جحيمك المحرقة .. أنا السبب في ما يحصل لي لقد فتحت أبواب قلبي لك متجاهلا عقلي وعاداتنا التي تحيل كل علاقة حب إلى القبر
.. لا يوجد حب صادق هنا .. لا يوجد غير العبث واللهو وقلة الأدب .
شهقت ووجهها غارق بالدموع وقالت :
- ما الذي حدث لك وكيف تفكر بهذه الطريقة ؟
بلعت ريقها وقالت وهي تهز رأسها غير مصدقة :
- برغم حبي الكبير لك .. لكني لست مضطرة لتحمل تجريحك وكلامك .
أجابها والغضب يزيد ناره استعارا :
- أخرجي من المنزل ولا تذلي نفسك أكثر.. لا أريد أن أراك مرة أخرى .. وأنسي لعبتك التي تسليتي بها لأربع سنوات فلقد ضاعت اللعبة من بين يديك .
قالت له وهي تمسح دموعها بيديها وتهم بالخروج :
- تذكر بأني أتيت ومددت لك يدي .. تذكر وقوفي أمامك وأنت تذلني وتهنني وتطردني .. لست الرجل الذي سحرني باهتمامه وعاطفته وحبه .. أنت لم تحبني أبدا .. أنت جبان ومنحط ونذل كالبقية .

خرجت بدموعها وانكسارها وهي موقنة بأن نضالها وحربها وتضحيتها دون معنى وليس أمامها سوى الاستسلام . ركبت السيارة وانطلقت بسرعة أمام عيني عماد الذي أغلق الباب وصعد غرفته واستلقى على سريره ودموعه تتدفق من عينيه رغما عنه . بكى وهو يتذكر وجهها والدموع تغرقه قبل أن تخرج ، بكى بشدة وهو يلوم نفسه على تصرفه معها وكيف سمح لنفسه بأن يهينها بهذه الطريقة لتخرج وقلبها مكسور ومصدومة به . كيف يستطيع النوم هذه الليلة بعد الذي فعله بحبيبته التي جاءته لتبرهن له على حبها ؟ بكت بانكسار قلب بسبب قسوته وشكه ووساوسه ، تذكر كلامها الأخير وهو يشعر بالذنب وظل يبكي طوال الليل بعد أن ضيعها من يده وهي التي جاءت بنفسها مضحية بكل شيء من أجله.


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:33 PM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 21

خرجت كاميليا مع صديقتها من مركز التجميل بعد أن انتهت من تسريح شعرها ، ووضع لمسات الماكياج الذي أظهرها جميلة رغم مسحة الحزن الظاهرة في عينيها العسليتين . توجهت معهما للقاعة التي سيقام فيها زواج أمل في كورنيش الخبر المليء بالحركة والناس ككل خميس . نظرت لنفسها في المرآة بفستانها الأزرق التي وصفته نسرين بالمثير لإظهاره للكثير من مفاتنها . مهما كان جمالها فستقدمه قربانا لناصر حتى يرضى والدها وعمها ، وعندما أحست بتسلل الدموع إليها ذهبت لأمل الجالسة في الجناح المخصص للعروس وبجانبها أمها وعمتها وأم عماد أيضا ، وقالت لها بابتسامة :
- سيفقد عصام صوابه بكل تأكيد فأنت جميلة .. هو محظوظ .
وجاءها صوت ريم بتعال :
-أخي وسيم أيضا ولا يحتاج لشهادة أحد .
تضايقت كاميليا من لهجتها ولآثرت تجاهلها من أجل صديقتها . لم تكن قادرة على مجاملتها أيضا فما يعتريها من حزن وضيق يكيفها . خرجت مع نسرين وجلستا على أحد الطاولات . قالت لنسرين بامتعاض :
- ابنة عمتك مغرورة ومتعجرفة .. ولم استسغ أسلوبها في الكلام معي .. من تظن نفسها .
- لا عليك منها فهي تظن نفسها أفضل وأرقى من الجميع رغم جرفلتها .
تنهدت كاميليا وهي تنظر لخاتم الخطوبة الذي وضعه ناصر في أصبعها في يوم عقد قرانها . بكت بشدة ليلتها وهي تنظر إليه وهو بجانب خاتم الياقوت ، وبقدر ما تحبه تكره خاتم خطوبتها . فسألتها نسرين بابتسامة :
- هل اشتقت لناصر .. وبدأ الحب السعودي الخرافي .
تمنت أن تكون لها سلطة على قلبها ليحب من تريد ويكره من تريد ، شعرت بالأسف فقلبها يحب رجلا وتتزوج بآخر . فتحت نسرين عينيها بذهول وظلت ساكتة وهي تستمع لاعتراف صديقتها التي شكت بعلاقتها بأحدهم لكنها ظلت تداري وتنفي معرفتها بأي شاب :
- من أحبه تركني .. يظن بأني تسليت معه طيلة السنوات الفائتة والآن أتزوج بابن عمي .
جديتها ومسحة الحزن التي ظهرت أكثر على وجهها جعلت نسرين تصدقها بلا تردد . سألتها عن علاقتها بهذا الشاب المجهول وأجابتها وهي تغمض عينيها لتمنعهما من البكاء :
- منذ أربع سنوات وأنا على علاقة به .. علاقة حب رائعة ومميزة ربطت بين قلبينا .. وعلى ما يبدو كنت مخطئة لأن تصرفه الأخير أثبت بأنه لم يحبني يوما .. ليته لم يعدني بشيء فأنا أتجرع الآن مرارة وعوده التي لم يفي بها ..لم احسب حساب هذه اللحظة ولا اعرف ما الذي يحصل لقلبي المسكين فالعذاب يسكنه ولا يريد البوح بذلك .

تنهدت بقوة وهي تغالب دموعها فمازالت غير مصدقة بأنه تخلى عنها وصدمها بكل ما قاله ذلك اليوم .كيف سمح له قلبه بأن يتركها وينام .
- كيف تعرفت عليه؟.. هل يعمل في المستشفى ؟ .. من يكون ؟
شعرت دموعها تتسلل تدريجيا وهي مستمرة في البوح :
- جعلني أحبه رغما عني والآن تركني لأواجه حياتي .. لك يكن في دائرة أفكاري ولكنه أقتحم قلبي وحياتي بدون إرادتي ولم يكن لي يد في ذلك ..أحاطني بحبه وعاطفته واهتمامه .
أغمضت عينيها وقالت وكأنها تتذكر شيئا بعيدا :
- مازالت نظراته مختبئة في قلبي وكلماته الحنونة ترن في أذني .
نظرت لخاتمها وأكملت :
- هذا الخاتم الذي أضعه في أصبعي هدية منه يزيد من ألمي وعذابي ويذكرني به .. عاهدت نفسي وأقسمت أن يكون هذا الرجل لي .
وتنهدت بقوة وهي مستمرة في البوح بما كانت تخفيه عن صديقتها :
- كان يتمنى العيش بجانبي مدى الحياة .. وعدني بأن ينتظرني لنهي دراستي ونتزوج كما يريد والدي .. خدعني بقوة عينيه الساحرتين .أخشى أن يبقى حبه وجع مزروع في قلبي يتغّّّدى بالذكريات والحرمان .. كان لدي إيمان واعتقاد عميقين بأنه سيكون لي ولكن نبوءتي لم تصدق .
أمسكت بيدها وسألتها بتعاطف عن هويته :
- من هو الذي أوقعك بحبه ؟..فأنت غارقة لأذنيك
نظرت كاميليا لعيني نسرين المندهشتين وهي تسأل عن هويته رغم أنه أقرب ما يكون إليها . تهربت من الإجابة فلقد انتهى كل شيء بينهما وعليها أن تبدا بالنسيان ، أيدتها نسرين وطلبت منها ان تبذل بعض الجهد للتأقلم مع ناصر وتنسى حبيبها المجهول . ابتسمت وهي تقول لصديقتها عن مميزة ناصر الوحيدة وهي غيابه عن المنزل ، فهو يغيب منذ الفجر السبت ويعود ليل الثلاثاء أيام ويذهب إلى رأس تنورة مجددا . ضحكت نسرين وهي تقول :
- أنا مندهشة فلقد كنت أشك بأنك عاشقة فعينيك ترقصان من الحب .. بدوت متغيرة كثيرا وسألتك مرارا وكنت تكذبين شكوكي أنا وأمل كانت صحيحة .. وحتى الآن لا اصدق أنك اخفيت الأمر عنا يا شلاخة .
وبمرارة قالت لصديقتها :
- جرحني في صميم قلبي وهو يعلم بان قلبي بيته وهو يغفو فيه بهناء وراحة ..أشعر بأني سأموت .
ابتسمت وطمأنتها :
- لا احد يموت من الحب .
- هواه أسعدني في الماضي والآن أدفع الثمن .. ساتزوج من ناصر بعد ثلاثة أشهر على ابعد تقدير .

تنبهت إلى امتلاء القاعة بالمدعوات ، فتوقفتا عن الحديث وبدات المغنية تغني وعلا صوت الموسيقى وسط التصفيق والرقص والزغاريد . بعد ساعتين جاءت امل من جناحها الخاص تنزل السلم بتأني ودلال على إيقاع الموسيقى الكلاسيكية وكاميليا ونسرين وريم وندى ينثرون عليها اوراق الورد . رقصت كاميليا متناسية حزنها وجروحها ومن يراها يظن أنها سعيدة ولا يكدر حياتها شيء.


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:34 PM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 22

جلس عماد مع والدته وأخته في إحدى زوايا صالة منزلهم الكبير يتحدثون وهم يشربون الشاي في أمسية رائقة من ليالي الأربعاء ، تنبه لنسرين وهي تقول لأمها بأنها ستذهب مع أمل إلى السوق لشراء فستان لزواج كاميليا.
أحس بأن خنجرا أخترق قلبه فحبيبته ستتزوج والكل سيستعد لزفافها . اضطربت أنفاسه ونسرين تكمل كلامها :
- ستقيم حفلا عائليا في منزلهم .. فهي ما زالت غير مقتنعة بزوجها ولم تكن تود إقامة الحفلة لكن والديها يريدان ذلك .. حتى أنها لن تسافر ولن تتغيب عن المستشفى .. ستتزوج الأربعاء وستعمل السبت .
بلع ريقه والألم يأكل من روحه المتعبة ، فهو لم يرتاح منذ ذلك اليوم الذي جعله تخرج حزينة ومنكسرة . أخذ نفسا عميقا وسألها عن موعد زواج كاميليا وهو يحاول أن يكون طبيعيا برغم الشحوب الذي كسا وجهه أخبرته بأنها ستتزوج بعد شهرين في الأربعاء الثالثة من شهر شعبان .

مشى في شارع الخليج متجها إلى الدمام للقاء صاحبه في منزله . جلسا يشربان القهوة مع المكسرات . جلس مع صاحبه وتفكيره مع كاميليا وقلبه يؤنبه على تصرفه معها . تذكر دموعها وهي تذكره بمبادرتها لإنقاذ حبهما ، كانت قوية وشجاعة أكثر منه ، ومستعدة لإغضاب عائلتها والمخاطرة بردة فعلهم من أجله ، وهو لم يرد أن يخسر شيئا وخاف من الفضيحة وموقف عائلته . أخرجه صاحبه من دائرة أفكاره عندما قال وهو يلوح بيده أمامه :
- ما بك يا عماد .. لي ساعة أتكلم وأنت صامت ولم تنطق بحرف ..إلى أين وصلت ؟
تنهد بحسرة وقال :
- أنا بائس .. وجبان .. وحمار أيضا .
ضحك ساخرا وسأله :
- ومنذ متى ؟
عض على شفته وأخرج من صدره تنهيدة كئيبة فوبخه صاحبه :
- أنا لا أعرف لماذا تجبر نفسك على العيش بتعاسة .. أنت شاب لديك كل شيء فما الذي يجعلك بائسا ؟!..أنت تريد العيش بهذه الطريقة .. لا تريد الزواج ولا تسافر لتتنزه ولا تذهب لأي مكان .. ليس لديك سوى منزلك والشركة وأنا .
وارتفعت نبرة ماجد وهو يطلب منه أن يتزوج لينشغل بزوجته وعائلته وحياته الجديدة وأكمل وهو يتفحصه :
- أرى بعض الشعيرات البيض على جانبي رأسك يا مقرود .
قال عماد وهو يتحسس جبينه :
- هذا شيب الكرام .
- الشيب هو الشيب .. بلا كلام فاضي .
بلع ريقه وقال باستسلام بأنه طلب من أمه أن تجد له عروسا وسيتزوج بالطريقة التقليدية وكما تزوج جده من جدته . لا يريد فتاة يعرفها أو يحبها ويكفي ما جاءه من الحب . واستطاع ماجد أن ينتزع منه ابتسامة عندما أعلن له عن استعداده ليكون الخطابة . وجاء فيصل وقضى مع صاحبه بعض الوقت ثم توجهوا إلى المطعم وقبل أن ينتصف الليل اتصلت زوجة كل واحد منهم تسأل عن زوجها ، ما عدا عماد الذي أحزنه عدم وجود من يسأل عنه ويقلق عليه ويطلب منه العودة إلى البيت مبكرا

********

استيقظ عماد من نومه قرابة الحادية عشر عندما أتصل به ماجد يدعوه للذهاب معه لحضور حفل زفاف أحد أقرباءه الليلة فوافقه . خرج بسرعة من غرفته ليرى والديه ويخبرهما بقراره الذي أمضى طوال الليل وهو يفكر به . وجد والديه جالسان في إحدى زوايا الصالة ، فجلس بجوار والده وقال لأمه بلهجة هادئة لم تخلو من الحزن :
- ابحثي عن عروس مناسبة ..أريد الزواج بسرعة .
وسألته بحزم :
- هل أنت جاد هذه المرة ؟
وضع يده على خده وهز رأسه إيجابا .سأله والده عن مواصفات العروس فالتفتت إليه زوجته قائلة :
- وماذا يريد ؟ .. بنت حلال .. جمال ودلال وأصل وفصل .
تأفف الأب وقال :
- أنت لا تريديني أن أتكلم أبدا .. مابك يا امرأة ؟ .. هذا ولدي الوحيد ورأيي مهم في زواجه .
قبل عماد يد والده مؤكدا على أهمية رأيه ، وبدوره شكره ورشح له ريم فهو يراها مناسبة . لوت سميرة فمها وقالت لزوجها بسخرية :
- لم تأت بجديد .. منذ مدة وأنا أقول بأن ريم هي العروس المناسبة ولن يجد أفضل منها .
ابتسم عماد وأعلن موافقته ، لكن أمه سألته لتتأكد من رغبته :
-هل أنت واثق من اختيارك هذه المرة ؟.. عصر اليوم سأذهب إلى عمتك وأكلمها بالموضوع ولا أريد إي إخراج معها .. لا تفشلني .
******

وقف عمادأمام المرآة ليمشط شعره ويستعد للذهاب لزفاف قريب ماجد ، وهو ينتظر قدوم أمه التي ذهبت لتخطب له ريم . فكر بكاميليا التي ستتزوج وستعيش مع رجل غيره في بيت واحد ، أحس بضيق وهو يفكر بتفاصيل حياتها مع زوجها . تألم وهو يفكر بالفرصة التي أضاعها من بين يديه ، لو أنه نفذ خطتها لكانا الآن متزوجين ولو بعد فضيحة ، ولن يكونا أول شخصين يتزوجان بهذه الطريقة .أغمض عينيه بندم لم يستطيع منع نفسه من الشعور به . تذكرها فهي لا تفارق باله وتحل كفراشة بين ذكرياته وأيامه وأحلامه ، ونسيانها صعب وحياته مع امرأة أخرى هي السبيل الوحيد لنسيان الندم .
طرقت أمه باب غرفته ، دخلت وجلست على حافة السرير وقالت له بتذمر :
- عمتك أخبرتني بأن عادل تقدم لخطبة ريم من جديد .. رفضته أكثر من مرة ولم يستسلم .
وسألها باهتمام :
- وهل وافقت عليه ؟
لم تحسم ريم أمرها بسهولة . كانت حائرة بين عماد الذي تراه رجلا مناسبا بكل المقاييس ، فهو وسيم وناجح وليس له ماض مشين وسفر متكرر ، هو لا يحب السفر ولا مخالطة الكثرين ويقضي وقته بين العمل والمنزل ، وابن عمها عادل الذي يحبها منذ صغره ولم يتوانى عن التقدم لخطبتها رغم صدها ورفضها له ، وبرغم انتقادها الدائم لتهوره وتصرفاته الصبيانية إلا أنها لم تشك بحبه لها وبأنه سيفعل المستحيل دائما لإسعادها . ترددت وهي تستعرض الاثنين أمامها وخصوصا والديها تركا لها حرية الاختيار رغم ميل أمها ناحية عماد أكثر .
أنهت حيرتها وترددها بعد عدة أيام باختيار عماد ، وكان لخبر الخطوبة أثرا سعيدا على الجميغ أفراد العائلة والمقربين ، باستثناء عادل الذي أحس بمدى الصفعة القوية التي وجهتها له ابنة عمه بعد طول الانتظار ، كما أن كاميليا استقبلت الخبر بدموع حاولت منعها فهي مرتبطة وعلاقتها بعمادانتهت وليس من حقها الاعتراض على زواجه . سيتزوج من المتعجرفة ريم متناسيا وعوده وكلامه لها . متناسيا كلامه بأنه يراها زوجته المستقبلية وشريكة حياته وأم أولاده ، والمرأة التي أندفع نحوها بطريقة لا يفهمها ، وتأثيرها عليه مثل السحر الذي لا يستطيع فكه .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:35 PM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 23


شعر عماد بألم في بطنه وهو يعقد ربطة العنق ، ويمشط شعره الأسود ويضع العطر في يده ويربت على وجهه وعنقه استعداد للذهاب إلى منزل عمته . نزل الدرج ببطء وأخته تستعجله . ركب سيارته بصحبة نسرين صامتا ، ورغما عنه تذكر كاميليا وعينيه تقع على خاتمه . أوصى قلبه أن يكتم دقاته وحنينه وأشواقه لها ، وكفى تفكيرا بها فالليلة سيتغير كل شيء . قالت له نسرين لتكسر الصمت بينهما :
- تبدو رائعا يا أخي .. وأوصيك بعدم الارتباك عندما تضع خاتم الخطوبة في أصبع ريم.
ابتسم وهو يتمنى أن يكون الحفل صغيرا ومقتصرا على العائلة ، فضحكت وطمأنته :
- العائلة وبعض الصديقات فقط .. لا تقلق .
تأفف فهو لا يرى داعيا لإقامة حفلة للخطوبة فزواجه قريب . كان يريد الزواج قبل شهر رمضان فطلبت منه أخته أن يختار تاريخا مختلفا عن موعد زواج كاميليا المقرر في الأربعاء الثالثة من الشهر . تنهد بأسى وعينيه على الميدالية الزجاجية المعلقة في مرآة سيارته وقال :
- ليكن الأسبوع الذي يلي زواجها إذن .
توقف إمام محل الزهور بناء على طلب أخته التي نزلت معه لاختيار باقة ورد جميلة يقدمها لخطيبته ، لم يرد أن يختار ورودا مشابهة للورود التي كان يشتريها لكاميليا فاشترى ورودا زهرية اللون وابتسم وأخته تقول له ضاحكة :
- يجب أن تكون رومانسيا لتملك قلبها .

انطلقا إلى منزل العمة نورة ، دخل هو إلى المجلس الرجال وسلم على الجميع وأتخذ مكانه بجانب صديقه ماجد ، وبدأ بمراسيم عقد القرآن وأصبحت ريم زوجته أمام الله والناس ، وبقيت كاميليا ذكرى في القلب فقط لا يعرف بها أحد سواه . أحس بأنه سيختنق وهو يتذكر ما قالته له يوم خروجها من منزلهم وأنقده اتصال ندى تدعوه للدخول فالجميع بانتظاره . دخل الصالة وأختيه باستقباله ونهضت أمه بسرعة لتعانقه وكذلك فعلت عمته ، وجلس بجوار ريم التي بدت بغاية الجمال ، وترتدي فستانا أسود تملؤه ورود حمراء ، ووردة حمراء على جانب شعرها الكثيف الذي غطى كتفها العاريين ، وبدأ الجميع يوف لهما التهاني . وضع الخاتم الخطوبة الماسي في يد ريم ، والتقطا عددا من الصور ثم خرج معها لتناول العشاء خارجا . ركبت بجواره في السيارة وسألها عن المطعم الذي تفضله ، فأجابته بابتسامة :
- المطعم اللبناني .
وصلا إلى مطعم في الخبر وبدءا يأكلان بصمت قطعته ريم عندما سألته :
- أخبرتني أمي بأنك تريد الزواج بسرعة .
أجابها بابتسامة :
- منزلي جاهز ومؤنث بالكامل ولم يبقى غير أثاث غرفة النوم .. لقد جلبت رسام إيطاليا ليرسم اللوحات في أسقف المنزل كلها .
عرض عليها فكرة الزواج في نهاية شهر شعبان فوافقت ، وقالت له مستدركه :
- أود أن أسافر لشهر العسل .
- بما أن شهر رمضان سيكون على الأبواب فدعينا نؤجل السفر قليلا .
انتهت سهرته مع ريم في الواحدة عندما أوصلها لمنزلها وعاد إلى المنزل ووجد والديه وأخته في الصالة ينتظرونه ليستمعوا لردة فعله وانطباعه عن أحداث هذه الليلة ، لكنه فاجأهم عندما صعد لغرفته وسط اندهاش أمه تأففت وهي تقول لزوجها :
- ابنك هذا سيجنني وبسببه سأموت قبل أواني .. لقد احترت معه فلا قبل الخطوبة ولا بعدها .. حالته لا تتغير وعليه أن يستثير طبيبا نفسيا لأني تعبت منه .
تنهد حسن بصمت كعادته ، فغضبت سميرة وقالت له :
ولماذا أنت ساكت ؟.. أنا أعطيك الفرصة الآن .. غرد وسمعني .
بلغ ريقه ووعدها بأن يتحدث معه فهو الآن متزوج من ابنة أخته وعليه أن يكون لطيفا معها .

لم يستطيع عماد النوم بسهولة وهو يفكر بكاميليا رغما عنه . هي متزوجة ولا تقربه بأي صلة ولا تربطه بها أي علاقة ، لا حب ولا صداقة ولا أي شيء آخر . أحس بالشوق لرؤيتها ولسماع صوتها ، وتمنى لو يراها من بعيد بدون أن تعلم به ..ولكن كيف ؟ فلم تعد تزور أخته في البيت كما مضى فالعمل التدريبي يشغلها . نام وهو يفكر بها ويحاول تشتيت ذهنه عنها .
خرجت نسرين من المنزل ومرت بكاميليا وتوجهتا سويا لزيارة أمل في منزل العمة نورة ، استقبلتهما في غرفة الاستقبال العلوية . جلسن يتحدثن وهن يشربن الكولا المثلجة مع رقائق البطاطس ، وتحدثن كثيرا في أمور شتى بدأت بعلاقة كاميليا بناصر وانتهت بالحبيب المجهول ، قالت أمل وهي تضحك :
- وكيف استطعت إخفاء الأمر عنا .. لا بد أنه سحرك .
تنهدت وهي تعبث بشعرها ، وقالت بأسى :
- كنت مستعدة لفعل أي شيء لينتهي بنا الأمر سويا .. كنت سأضحي بأشياء كثيرة .. لكنه رفض فكرتي .
سألتها نسرين بخوف بان واضحا من نبرة صوتها :
- ألم تتورطي معه ؟
بلعت ريقها وأغمضت عينيها للحظة وكأنها تبتلع علقما ، ثم قالت مدافعة عن حبها :
- كنا نلتقي في مطعم المجمع وبرغم من تواضعه الشديد كان أجمل مطعم في الدنيا بالنسبة لي .. لقد عرضت عليه فكرة إيهام عائلتي بهروبي معه لنتزوج بعدها ولكنه رفض .
- ستحدث فضيحة كبيرة .. وستذهبين في ستين داهية .
لوت فمها وقالت مدافعة عن نفسها وعن حبها :
- يقول هتلر (لا كرامة في الحب ولا في الحرب )
تنهدت نسرين وقالت :
- بلا هبل .. وحاولي أن تنسي .
وقالت لها أمل موبخة :
- حبك له وصل إلى مرحلة مؤذية وكنت سترتكيبين حماقة ستدفعين ثمنها طوال حياتك .. ودعي هتلر عنك فهو انتحر في النهاية.
- لن أكون أول فتاة تتزوج بهذه الطريقة .
- تذكري بأن الحب يجب أن يرفع من شأن الإنسان لا أن يفضحه .. عليك أن تعطي ناصر فرصة .. أفتحي قلبك له .
شربت كاميليا رشفة من الكولا وقالت بغضب :
- لا أستطيع أن أفتح له قلبي .. لا أستطيع أن أتخيل بأني سأعيش مع نذل ومنحط وسافل في بيت واحد يشاركني سريري وطعامي وحياتي .. أنا أرغم نفسي على الجلوس معه لساعة واحدة وأشعر خلالها بالغثيان ..أكرهه وأشعر بالنفور منه .. منذ خطوبتنا وأحاديثه مقتصرة على ما يعرفه من فساد أخلاقي وانحطاط على وجه الأرض.. لا يوجد فاجر في البلد لا يعرفه .. ولا مدمن أو سكير إلا والصدف جمعته به .. ولا امرأة لم تتحرش به ولم تغازله .. والفتيات يحمن حوله وهو يصدهن كما يقول .
وشربت بقية كولا دفعة واحدة وقالت بقرف:
- يقول بأن أصحابه في أمريكا كانوا يدعوه إلى ملاهي القاذورات والدعارة وذهب معهم على مضض .. لقد تجرأ وقال لي بأنه شرب حتى السكر في أحد الملاهي الليلة احتفالا بحصوله على شهادة الماجستير .. وعندما أخبرت والدي بذلك .. قال لي بكل بساطة بأنه طيش الشباب أثناء الغربة والسفر وليس من حقي محاسبة خطيبي أو زوجي على الماضي .. لماذا يسامحون السفلة الذين يسافرون إلى الخارج والله وحده يعلم بأفعالهم هناك ولا يسامحون على سبيل المثال امرأة مطلقة اختارت العيش بكرامة بعيدا عن رجل يسبب لها معاناة فتحيط بها الشبهات والأقاويل .
ذرفت كاميليا مزيج من دموع الظلم والقهر والانكسار ، نشجت بالبكاء وهي تشعر بأن الدنيا تظلمها ، وكلما أرادت أن تبدأ حياتها بعيدا عن حبيبها المجهول تصدها . وما أخبرها به ناصر عن ماضيه جعل نظرتها سوداوية للحياة التي تنتظرها معه ، ولذا طلبت من خالها أن يسأل ويتحرى عنه لتستعد للحياة التي ستعيشها معه . بقدر ما كانت سعيدة مع عماد ، هي الآن تعيسة دونه . قالت لها نسرين :
- هوني عليك فلا يوجد رجل يستحق الأسف .
صبت لها مزيدا من الكولا وقالت لصديقتها بأن حبيبها المجهول كان مختلفا عن البقية والآن أصبح في نظرهم مثلهم ، كاذب ومخادع وحقير .
************

بدأ عماد بالخروج بصحبة خطيبته للتجول في أرقى محلات الأثاث لاختيار غرفة النوم ، وقع اختيار ريم على غرفة خشبية راقية بلون الخشب المعتق ، وأريكة مناسبة ومرآة كبيرة ، ومن ثم ذهبا لمحلات أقمشة المفروشات من أجل تفصيل ستائر مناسبة لها . وبعد ذلك عادا لاصطحاب العمة نوره معهما لرؤية المنزل الذي كان لكاميليا والآن أصبح لريم ، بانقلاب عاطفي من الدنيا التي أبت جمعهما معا . أعجب المنزل بديكوراته وأثاثه وألوانه ريم وشعرت براحة كبيرة لأن عماد أثثه بالكامل فهي ليست متفرغة للتأثيث ولا تعلم بأن هناك من أسهم في تأثيثه وكان دافعا لخطيبها ليقوم بكل شيء بسرعة .

كانت ريم سعيدة بزواجها من عماد فهو شاب مثالي بنظرها ، لكنها تنزعج من بروده معها وصمته الدائم . هو سارح ولا يحب الخروج كثيرا ويقضي وقته في العمل وقراءة الجرائد ومشاهدة التلفزيون وأحيانا يلبي دعوات رجال الأعمال . كانت تقول لأمها دائما بأنه جاف معها وكأنه مرغم على الزواج بها ، وأمها تطمئنها بأنه شاب خجول وفترة الخطوبة قصيرة والحب يأتي بعد الزواج ، وستعرف معنى المشاركة عندما يضمهما بيت واحد .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:35 PM   #26

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 24



( الليلة ستتزوج وسيفرح أهلها وعائلتها بزفافها حتى لو كانت مجبرة .. هل هي سعيدة بهذا الزواج ؟.. وهل ستتذكر الليلة رجلا أحبها بصدق .. هل ستفكر بي وستتذكرني وأنا هنا والألم يمزقني .. هل ستسمح له بالإمساك بيدها وبتقبيلها ومداعبتها .. كيف ستكون لغيري ؟ .. متناسية كل عواطفي والحب الذي وهبته لها ) . شعر بأنه السبب فيما يحصل له لو أنه نفذ ما طلبته منه ، لو أنه هرب معها واختفيا لعدة أيام ، لو أنه قتل ابن عمها وتخلص منه ، لو أنه أمسك بيدها ورحلا في ذلك اليوم لكانت له وحده وأصبحت حبيبته وزوجته وحياته كلها . كان يجب أن تكون له فقلبه بيتها ومكانها . يجب أن تكون له ليحبها ويعانقها ويقبلها ويسعدها بمشاعره وأشواقه ويقول لها ما لم يقوله قبلا . هو نادم على رفضه وغروره وغبائه ، ويتجرع كأس الألم والهزيمة والجراح ، ويرقص على أنغام الكرامة والرجولة ، والليلة سيدفع الثمن بالكامل .

استلقى عماد على سريره وهو يتذكر بكاء كاميليا عندما طردها وأهانها . تذكر عينيها العسليتين غارقتين في الدموع وهي تطلب منه التفكير مجددا قبل أن ينتهي كل شيء وتضيع من بين يديه . شعر بضعف وانكسار ..الوقت يمر والألم يزداد والدموع البخيلة تخرج بصعوبة من عينيه وكأنهما ترفضان غسل ذنوبه . شعر بالندم والسعادة التي حلم بها في الماضي تنتحر أمام عينيه ولا يستطيع منعها . أشرقت شمس الخميس غير آبهة به وبألمه وندمه ، أشرقت تبث الضياء إلى جميع البشر وهو الوحيد يعيش في ظلمة لا يعرف متى تنتهي . جاءت أمه ظهرا لتوقظه ووجدته على سريره ، نائم ووجهه أصفر وعينيه نصف مغمضتين والعرق يضيء جبينه ويتأوه من التعب ، قالت له بقلق أحست به عندما رأته :
- أستيقظ يا ولدي .. الساعة تجاوزت الواحدة .
فتح عينيه بصعوبة وحرك شفتيه الجافتين متمتما بكلام لم تفهمه ، فاقتربت منه أكثر ووضعت يدها على وجهه وجبينه ولمست حرارة جسمه المرتفعة ، وقالت :
- حرارتك مرتفعة جدا ..أنت مريض.
أسرعت تنادي نسرين وطلبت منها إحضار الماء البارد ، وجاءت بسرعة وبيدها قارورة ماء ، وقالت لأمها :
- هو نائم بملابسه منذ البارحة .. يبدو مريض جدا .
وضعت أمه منشفة صغيرة مبللة على رأسه وفتحت أزرار قميصه وبللت صدره ، واتصلت بسرعة بزوجها لينقله إلى المستشفى
في قسم الطوارئ في المستشفى الخاص والديه بجانبه والممرضات حوله ، واحدة تغرز إبرة في وريده وتمده بالمحلول السائل ، وأخرى تضع الكمادات الباردة على رأسه وتبلل وجهه وصدره ، وتقيس درجة حرارته بين حين وأخر ، جاء الطبيب وألقى عليه نظرة وذهب . قالت سميرة لزوجها بقلق :
- بقي أسبوع على زواجه وهو مريض .
تنهد الأب وحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه وزوجته تقول :
- لا بد أنه محسود فمنذ صغره والعين تؤثر فيه بقوة ولا يتحمل النظر .
وبعد لحظات جاءت ريم إلى المستشفى حالما سمعت بخبر نقل خطيبها ورأته وهو نائم على السرير الأبيض وأنينه يوجع قلب أمه الجالسة بجواره تترقب وتنذر بالصدقة وقالت لريم :
- لا أعرف ما الذي أصابه ؟..بالأمس كان متضايقا ولم يأكل ولم يخرج من غرفته .. واليوم وجدته مريضا ويهذي من الحرارة .. لكن الطبيب اخبرنا بأنه سيتحسن حالما يستجيب جسمه للدواء .
عاد عماد لغرفته يتهادى من التعب والده ممسك به من وجهة وأمه من الجهة الأخرى وتلحق بهم نسرين وريم . استلقى على السرير وهو يتأوه .أسندت أمه رأسه على وسادتين وغطته باللحاف وخرجت ولحق بها زوجها وابنتها . بقيت ريم معه ، جلست بجانبه على سرير وأمسكت بيده . قالت له بابتسامة :
- الحمد الله بأنك بخير الآن .. كنت خائفة عندما وصلت حرارة جسمك إلى الأربعين ولم تنخفض بسهولة .. كنت تهذي وتحرك رأسك ورجليك لا إراديا من شدة الحرارة .
سألته :
- هل تعرضت لهواء المكيف البارد بعد الحمام مباشرة ..أو أنك ..
تنهد وقاطعها :
- لا تكوني طبيبة معي يا ريم .. فما فيّ يكفيني .
اعتذرت فلم تقصد مضايقته . كانت قلقة فلم يبقى على زواجهما غير أسبوع وتريده أن يشفى . جاءت أمه وبيدها صينيه بها طبقا من شوربة الخضار الدافئة وآخر من السلطة وعصير البرتقال الطازج ، وطلبت من ريم مساعدته ، فأمسكت بالملعقة لتحثه على الشرب :
- هيا اشرب فالسوائل الدافئة ستساعدك على التعافي بسرعة .
- لا أريد شيئا .
أصرت ريم على تناوله الطعام فلم يشأ مجادلتها . أطعمته وأعطته دواءه وتركته مستلقيا بهدوء ، وعادت أمه بعد قليل لتبخره باللبان والحرمل وتقرأ عليه المعوذتين وآية الكرسي . ظل مستلقيا على سريره ولم يستطيع إبعاد أفكاره عن المرأة التي يهيم حبا بها أصبحت زوجة لغيره الآن ، تذكرها بغصة رغما عنه ، وأغمض عينيه بألم وصورتها تمر بسرعة أمامه في مشاهد سريعة بدأت بلقائه الأول بها في منزل عمه عندما كان مشدودا لها ويحاول تفحصها بالكامل وكأنه يريد حفظها عن ظهر قلب ، وانتهى بلقائهما العاصف في منزلهم وهي تطلب منه مساعدتها في منع إتمام الزواج .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:36 PM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 25

استيقظت كاميليا من نومها ولم ترى ناصر في الغرفة . غسلت وجهها وبدلت ملابسها ونزلت الدرج ببطء متوجهة إلى المطبخ ، وهناك وجدته يجلس على الطاولة ويأكل فطوره ، قال لها :
- تعالي لتأكلي معي .. لقد طلبت من الخادمة أن تعد لنا الفطور .
عبست وجهها وقالت :
- لا أريد .. سأشرب الكولا فقط .
كان يراقبها بعينيه وهي تسكب لها الكولا وتجلس بعيدة عنه ، فأقترب منها وأمسك بكتفها وقال :
- مرت ثلاثة أيام على زواجنا وأنت لم تسمحين لي بالاقتراب منك وممارسة حقي الزوجي ..لماذا هذا الدلال يا حلوتي ؟
استمرت بشرب الكولا وكأنها لم تسمعه ، فاقترب منها أكثر وقبل وجنتها ، وعندما انزعجت منه وقالت له :
- لا تتكلم معي بهذه الطريقة الرخيصة .. وابتعد عني فأنا متعبة .
ضحك بقوة وقال :
- اعلمي بأني سأذبح القطة الليلة .
وعاد للضحك وهو يبتعد عنها .أحست بالقرف منه وآلمتها معدتها ، ورغما عنها جاءت صورة عماد أمامها برقته ولباقته وسحره . حاولت تفادي التفكير به فبدأت تشغل نفسها بالاستعداد لاستقبال صديقاتها عصر اليوم وإعداد الضيافة بمساعدة الخادمة .

جلست في صالة المنزل ترحب بأمل ونسرين ، وأخذت راحتها معهما عندما خرج ناصر . أخبرتهما بكل ما حدث ، وبموضوع القطة التي سيذبحها الليلة . قالت لها أمل :
- حاولي أن تكسبيه لتعيشي بلا مشاكل .
بلغت ريقها وقالت بامتعاض :
- أنا أكرهه ولا أطيق النظر لوجهه .. كلما أستيقظ من النوم وأراه يصيبني بالغثيان لذا أشرب فنجان القهوة أو كأسا من الكولا مباشرة .. يقول خالي سعيد بأنه يتردد على شقة مشبوهة في الخبر .
تنهدت وأكملت :
- لا يوجد من هو أتعس مني على هذه الأرض .. لكن أفضل ما في هذا الزواج أنني سأتمكن من استقبال وزيارة ناهد وقتما أشاء.
قالت نسرين بجدية :
- الأهل يغمضون عين ويفتحون أخرى على ابن العم وابن الخال .. ومن المهين أن تعيش المرأة مع رجل مكرهة .. تبا لهذه التقاليد العائلية وصلنا للقرن الواحد والعشرون ومازال أبائنا يجبروننا على الزواج بمن لا نريد .. ألا يوجد من ينقذنا من الأمراض الاجتماعية الوراثية .
تنهدت كاميليا بحسرة وألم ، وذرفت دموعا صادقة لتؤكد على كلامها ، فمسحت دموعها بصمت ، وأمل تهدئها :
- حاولي أن تتأقلمي مع وضعك الجديد .. وإلا ستصابين باكتئاب إن ظللت بالتفكير بزوجك ومساؤه وبالتنقيب عن ماضيه وأخطاءه .. حاولي العيش بأقل قدر من المشاكل ولا تزيدي التراكمات في نفسك .. ناصر قد يتغير ..أكثر الرجال لهم تجاربهم السوداء قبل الزواج .
أغمضت عينيها وقالت بمرارة :
- لو كان سيتغير لتغير مع زوجتيه السابقتين .. ذيل الكلب يبقى أعوجا ولا يعتدل .. وإذا كان عليّ فنهايتي هي الجنون.. تعاسة وتفكير متواصل .
وطلبت منها نسرين الامتناع عن التفكير بحبيبها المجهول ، فحاولت منع نفسها من الإجهاش في البكاء وهي تقول :
- مازلت أفكر به .. مازلت أحبه برغم كل الذي فعله بي .. لقد كتبت له قصيدة عبر جريدة "اليوم " وأتمنى أن يقرأها ويشعر بالقليل من الكآبة التي أعيشها .
ووبختها نسرين قائلة :
- ولماذا لا تتركيه في حاله وتتعقلي ..أنت امرأة متزوجة الآن .
زمت شفتيها وقالت بإصرار وهي تمسح دموعها :
- سأرسل له الرسائل لأنغص عليه حياته .
أرادت نسرين تغير مجرى الحديث فراحت تخبرهما :
- التقت أمي البارحة بسماح وأمها في حفل زفاف ابن جيراننا ..عادت من أمريكا ولم تتصل بنا .
لم تكن أمل مكترثة بسماح الناقمة على الدنيا والمجتمع الذي بسببه اضطرت لإلغاء حفل زواجها وقالت :
- لقد تغيرت منذ سفرها ولست حزينة عليها . وسنبقى نحن ثلاث منذ طفولتنا وحتى نصبح عجائز .
لم تستطيع نسرين إخفاء تأثرها واندهاشها من تصرفات سماح وعدم اتصالها بهن عندما جاءت :
- مازلت مندهشة من تصرفاتها وكأنها تريد أن تنسى حياتها الماضية وتعيش من أجل زوجها فقط .
قالت كاميليا بتأثر :
- مخبولة ..والوقت كشف حقيقة صداقتها المؤقتة .. الوقت قادر على كشف الحقائق دائما .

*****

دخل عماد غرفته مساءا ، نظر لوجهه في المرآة بسرعة . أحس بأن ملامح السعادة والرضا التي سكنت قسمات وجهه منذ تعرف بكاميليا قد زالت . بدل ملابسه وجلس على السرير وبدأ يقرأ الجريدة ، وعندما أتصل به ماجد رد عليه بملل وأعتذر عن الخروج معه ليلا لأي مكان . عاد إلى الجريدة وبدأ يقرأها إلى أن وصل إلى الصفحة الثقافية ، وزاوية (همسات من قلبي )

"عيني لم تنساك بعد
وقلبي لم ينساك بعد
مازلت محفورا على عمري
مازالت مزروعا على جفني
تشبه الريحان والياسمين
وأشجار العنب والتين
جميل .. طاهر .. وشهي
مازال أسمك مكتوب على جبيني
ومرسوم بالوشم على كتفي
وقلبك ينبض في قلبي
ورائحتك تعطرني
يا رجلا يسكن في قلبي "

كاميليا الناصر
هذه الرسالة الأولى .. والبقية تأتي

كاد قلبه أن يتوقف عندما رأى توقيع الكاتبة . تنهد بقوة وهو يقرأ هذا العتاب الموجه إليه في الجريدة ، وتساءل في نفسه ( إنها هي وهذا توقيعها ماذا تقصد كاميليا بهذا الكلام ؟ .. تريدني أن أتذكرها .. وهل تعتقد بأنني نسيتها ؟.. تريدني أن أتذكر بأني تخليت عنها وتحملني مسئولية فراقنا .. هذا ما تريده ) رن هاتفه الجوال ، وللحظة ظن بأنها المتصلة ، فأمسك بالهاتف بسرعة ورأى أسم ريم ظاهرا ، أجابها بملل وبرود:
- أهلا ريم .
- اتصلت لاطمأن عليك فأنت لم تتصل بي منذ الأمس .
- كنت مشغولا .. هل تحتاجين إلى شيء ؟
دعته إلى زيارتها ومساعدتها في نقل ما تبقى لها من أغراض إلى منزلهما الزوجي . المنزل الذي أرادته كاميليا وساعدته في اختيار أثاثه وفرضت ذوقها فيه . أنهى حديثه معها وألقى نظرة على الجريدة وخبأها في درج مكتبه . جاءت أمه تعرض عليه مساعدته في تجميع ثيابه وأغراضه استعداد لنقلها إلى منزله الجديد ، لكنه طلب منها أن تقوم بذلك بمساعدة الخدم . دخل الحمام ليستحم وهو يشعر بالضيق ، خلع ملابسه ووقف تحت رشاش الماء وهو يفكر بكاميليا ، لا بد أنه سعيدة مع زوجها وكتبت في الجريدة لتضايقه وتسخر منه . تبا لها ولليوم الذي سمع صوتها فيه وأحبها . خرج بسرعة وارتدى ملابسه ومشط شعره وتعطر ، وركب سيارته متجها لمنزل عمته ، وهو يستمع لفيروز ..

يا قمر أنا وياك صحبة من صغرنا
حبينا قمرنا وعشنا أنا وياك
وياما أنا وياك .. لونا سمانا وزرعنا هوانا
يا قمر أنا وياك ..

جلس مع ريم وهي تتحدث معه ولم يسمع ما كانت تقول . كان شاردا ومشغولا ، يفكر برسالة كاميليا . وبعد مدة من سرحان والسكوت المطبق طلبت منه نقل أغراضها إلى المنزل الجديد ، فذهبا سويا وفي صالة المنزل الأنيقة قرب تمثال برج إيفل قالت له ممازحة :
- أنت ديكتاتوري .
تفاجأ من كلامها وظل ساكتا ، فأردفت:
لأنك اخترت كل شيء في البيت وأثثته بالكامل ولم تترك لي شيئا . زم شفتيه ثم قال بفخر :
- ألا يعجبك المنزل ؟.. تصميمه مميز جدا ومهندس مختص أشرف على الأثاث والديكور .
رفع رأسه إلى السقف وقال :
- لا يوجد منزل في القطيف كلها أسقفه مزينة بلوحات رسمها فنان إيطالي .. العيش في هذا المنزل يجلب السعادة .
أومأت برأسها وقالت :
- البيت جميل ومترف .. والأهم من ذلك هو السعادة يا ابن خالي .
امتعض مما قالته وأكملت :
- إذا لم أكن سعيدة من صميم قلبي فالبيت ولوحاته وديكوراته لا تعني لي شيئا ..وإذا كنت سعيدة فسأرى أسوأ البيوت قصرا جميلا .
أراد أن يقول لها بأنه لم يبني ويؤثث المنزل من أجلها ، فلقد بناه من أجل امرأة أخرى لكنه تراجع فما سيقوله سيؤذيها بالتأكيد وهي لا ذنب لها .

**********
جلست كاميليا تشرب الكولا أما شاشة التلفزيون تشاهد بعينين سارحتين وعقل مشغول وقلب وجل ، تفكر بعماد هل وصلته رسالتها في الجريدة . هل شعر بما تحسه وبعذابها ، قالت في سرها ( هو يقرأ الجريدة يوميا .. ولا بد أن الرسالة وصلت إليه وفهمها .. وربما لم يقرأها لانشغاله بموعد زفافه .. تبا له ولابنة عمته المتعجرفة التي سيتزوجها .. سأذهب لأراه وهو بجانبها .. سأرى عينيه السوداويين وهما ينظران إليها .. وربما يقبلها أمام الناس كما قبلني تلك الليلة في باريس .. وهل سيتذكرني ..أم ..
وقطع دخول ناصر حبل أفكارها ، قال لها :
- لقد أحضرت العشاء من المطعم الذي تحبينه .. هيا تعالي لنتعشى .
سكتت عنه ، فاقترب منها وأمسك بيدها بقوة وطلب منها أن تنهض قبل أن يحملها بنفسه . ذهبت معه إلى المطبخ وبدأت تأكل بلا شهية ، وهي تنظر له وهو يأكل بشهية مفتوحة فلا شيء ينغص عليه حياته . سكبت لها كوبا من الكولا وعادت لشاشة التلفزيون ، قلبت المحطات بسرعة واستقرت إحدى المحطات الغنائية تشاهد بلا اهتمام . وبعد دقائق جاء وجلس بجانبها ، وقال لها وهي تتظاهر بالمتابعة :
- جلبت فيلما جميلا لنشاهد سويا .. فيلم خاص بالمتزوجين حديثا .
رشقته بنظرة حادة وقالت :
- لا أريد أن أشاهد شيئا .. مزاجي معكر ورأسي يلومني وأحتاج إلى الراحة . قالت جملتها ونهضت متوجهة لغرفة نومها ، فنهض ولحق بها بسرعة وحاولت أن تغلق الباب وأخبرته بأنها تريد النوم بمفردها . دفع الباب بقوة وقال لها وهو يضحك :
- تريدين التهرب مني يا صغيرة .
بلغت ريقها وقالت بحدة :
- أريد أن ارتاح بمفردي ولست مستعدة للشجار .. سأنام في الخارج ونم أنت هنا لوحدك .
أخذت وسادتها وهمت بالخروج لكنه أقترب منها وأمسك بيديها بقوة وقال :
- سئمت من تصرفاتك الغيبة .. أنت زوجتي وستنامين معي في هذه الغرفة .. وعلى هذا السرير .
ضمها إليه عنوة وراح يلقي بقبلاته على وجهها رغما عنها وهي تصرخ طالبة منه الابتعاد عنها . شعرت بالقرف ورائحة فمه النتنة تدخل أنفها .واستمرت في الصراخ حتى تعبت واستسلمت ووجدت نفسها بين ذراعيه وهو يحملها ويضعها على السرير . صرخت فيه :
- ابتعد عني .. ابتعد يا خايس .
شعرت بالغثيان وهو يجثو عليها ويحاول خلع ملابسها . سكتت بخوف والدموع تنحدر من عينيها العسليتين ، لكنها تفاجأت عندما نهض فجأة وارتدى ملابسه وأخذ علبة السجائر وخرج . نهضت وراءه وأغلقت الباب براحة ونامت وهي تشكر ربها وهي تشكر ربها على ما حصل .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:37 PM   #28

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 26

وقفت أمام المرآة تلقي على نفسها النظرة الأخيرة قبل أن تخرج من البيت متجهة إلى الفندق حيث يقام زفاف عماد . رشت المزيد من نفحات عطر " ألور" الذي استخدمته للمرة الأولى عندما أهداها إياه ، ومن يومها أصبح عطرها المفضل . وضعت اللمسات الأخيرة على شعرها وماكياجها وهي تشعر بألم يعتصر قلبها وتتخيله مع زوجته المتعجرفة . أحست بالألم يصل إلى رأسها وفكرت بالتراجع عن الذهاب فهي تخشى أن يغمى عليها إذا رأته ، ولكنها لا تستطيع فنسرين وأمل صديقتيها ولا تستطيع التخلف عن الذهاب . كانت على وشك البكاء عندما أحست بدوار فجلست على الأريكة المجاورة لسريرها وناصر يفتح عليها باب الغرفة ويقول لها بلهجة غير موزونة عرفت من خلالها بأنه أسرف في الشرب قليلا :
- تتأنقين من أجل الزفاف وأنا تتجاهليني .
تأففت وراحت ترتدي عباءتها بصمت ، فقال لها :
- لا تخلعي عباءتك في الفندق ففستانك يكشف أكثر مما يستر .. ألم تجدي غيره .. سيصورونكِ في الفندق وعندها تكون الفضيحة فلقد رأيت بنفسي نصف فتيات البلد .
نفذ صبرها فقالت له بغضب :
- أولا الملابس المكشوفة والتي تظهرني مثيرة تعجبني وأحب ارتداءها .. وثانيا لا شأن لك بي فمن تظن نفسك ؟
ضحك وهو يقترب منها وقال :
- أنا زوجك ولي الحق بمنعك من لبس هذا الفستان العاري .
صرخت به قائلة :
- وأنت تعرف بأني تزوجتك رغما عني .. فعلت المستحيل لتلافي هذه المصيبة ولكن دون جدوى ..أنا أكرهك ولا أتحمل البقاء معك ..أنت لا تحترمني وأصبحت تأتي إلى المنزل والسكر أفقدك توازنك .. طلقني ودعني أعيش بهدوء .. عليك أن تفهم بأنك تعيش مع امرأة أجبرها أبوها على الزواج بك بالإكراه .
غضب ناصر لكلامها واقترب منها وأمسك بذراعها بيد ، وجهها باليد الأخرى وقال لها وعينيه ستخرجان من محجرهما :
- لا تحسبي فشلي في معاشرتك دليلا على ضعفي .. لن أطلقك يا غبية .. ولو علم أحد بما جرى بيننا سأقطع لسانك .
وتغيرت نبرة صوته وهو يعيد على مسامعها بتهديد بأن ما يحدث في غرفة النوم يبقى فيها . شعرت بالخوف أكثر وهو يقول لها :
- أذهبي مع أهلك إلى العرس وعودي معهم .. والليلة لنا موعد جديد .
وطلب منها أن تعطي وجهها المزين عندما تخرج ، فردت عليه بحدة :
- لا شأنك لك بي .
جلست تنتظر أمها وأختيها لتذهب معهن إلى زفاف حبيبها ، شعرت بالحاجة ماسة للبكاء بقوة ، ولكن وصول أمها وأختها أنقذها.
دخلت القاعة المزينة بالورود والشموع ، وصوت الموسيقى يصدح بفرح وطرب ، ورائحة البخور تعطر المكان . خلعت عباءتها ونظرت إلى نفسها في المرآة . بدت جميلة ومثيرة وتعيسة وتشعر بغصة تكتمها في قلبها رغما عنها ، فلقد أوصت قلبها بالصبر والتحمل . فهذا الحفل الذي تحضره ليس كباقي الحفلات ، هذا حفل زفاف عماد . سلمت وباركت على أمه وعمته ، وندى ونسرين وبقية أفراد العائلة واختارت لها مقعدا مع أمها وأختيها على إحدى الطاولات الأمامية . كان كل شيء يدل على الرفاهية والترف ، الطاولات مزينة بمفارش راقية وورود ملونة وشموع ، والمضيفات يوزعن الهدايا التذكارية والشوكلاتة الفاخرة على المدعوات .

جلست تراقب نسرين وأمل وهما ترقصان ، وجاءت أم عماد تدعوها إلى الرقص معهما ، فاعتذرت منها بحجة كونها عروس جديدة أيضا . ظلت شاردة حتى جاءت من تحمل أسم حبيبها الآن ، جاءت من ستكون زوجته وستعيش معه تحت سقف واحد ابتداء من الليلة . ستسكن في البيت التي هي صممته وفرضت ذوقها في الأثاث والألوان . هي زوجته الآن وستعطيه كل شيء لتكسب حبه فهو يستحق . تنهدت بأسى والمتعجرفة ريم تقترب أكثر وتجلس على المنصة الفخمة ، والجميع يعانقها ويهنئها .

رقص الجميع على أنغام الموسيقى والغناء ورقصت ريم بسرور مع صديقاتها وقريباتها . لم تتحرك كاميليا من مكانها وظلت تشرب العصير وتراقبهن بألم ، فهن يرقصون فرحا لزواج عماد وريم ، ونهاية سعادتها هي . يرقصن على جرحها وألمها وتعاستها . أحست بأن نار تعتمل في قلبها وكلما مر الوقت زاد الجمر اشتعالا . في الواحدة والنصف فجرا أعلن بأن عماد سيدخل القاعة .إرتعشت أوصالها ورجف قلبها .إرتدت عباءتها ولفت على رأسها حجابها وتنقبت ولم تظهر غير عينيها . لم تكن تريده أن يراها في حفل زواجه فيتجاهلها . وستكتفي برؤيته مع عروسه دون أن يراها أو يميزها . دقائق وعماد بكل وسامته وجاذبيته وثقته بنفسه يقف عند البوابة وأمه وأختيه وقريباته خلفه ، لم تصدق عينيها فهو يبدو أنيقا وهو يرتدي الثوب والغترة ويضع البشت الأسود على كتفيه . كان يمشي الهوينى وريم واقفة على المنصة تنتظره وعينيها عليه وابتسامة السعادة تعلو وجهها .

انحدرت الدموع من عيني كاميليا العسليتين ، ولم تستطيع التحمل أكثر وحبيبها يقترب من زوجته ويقبل رأسها أمام الناس ويجلس بجانبها . الرجل الذي كانت تحلم به والذي وعدت نفسها بأن يكون لها ، أصبح لغيرها الآن ناسيا كل شيء كان بينهما . كانت قريبه منه ، وبعيدة في نفس الوقت . لمحت خاتمه الفضي بفصه الياقوتي الجميل وتحسست خاتمها الذي أهداها إياه ليوصل مشاعرها به والدموع تتساقط من عينيها العسليتين بكل حسرة . كان الرقص دائر على أشده نهضت من مقعدها وطلبت من السائق الذي ينتظرهن بالخارج إعادتها إلى المنزل . لم تكن قادرة على الصمود أكثر وعينيها تدمع وقلبها يعتصر من الألم . وطوال الطريق من الخبر إلى حي الجزيرة كانت تبكي بحسرة وألم وتتذكر كلام عماد ووعوده ، وورود الكاميليا البيضاء وزجاجات عطر "ألور " المتراكمة في خزانتها . كيف تمكن من نسيان حبها بسهولة وكأنه لم يحبها ولم يعرفها يوما .

دخلت المنزل بدموعها ، ارتمت على سريرها وبكت بحرقة بالغة ، وصورة عماد ووعوده وكلامه تمر في ذاكرتها وتعذبها . رائحة " ألور " والياقوت الأحمر جعلاها تبكي كما لم تبك قبلا في حياتها . أفرغت ما في قلبها من ألم ودموع وقهر . لابد أنه نسيها ليتمكن من الابتسام أمام زوجته بكل الفرح الظاهر عليه. هو لم يحبه أصلا لكي يتذكرها ، كان كاذبا ووغدا وسافلا كبقية الشباب . دخلت إلى الحمام وملأت المغطس بالماء الدافئ وسكبت فيه علبة الرغوة بكاملها . بقيت لبعض الوقت حتى هدأت نفسها قليلا وهي تحاول منع نفسها من التفكير بعماد وما يفعله الآن مع زوجته .

شعرت بالقليل من الراحة وهي تمسح زيت الشاي الأخضر على بشرة جسمها . ارتدت ملابسها وجلست على الأريكة وهي مازالت تفكر به .كانت تشعر بيأس كبير لذا نهضت لتخرج علبة سجائر خاصة بناصر . كانت مستعدة لفعل أي شيء لترتاح وتنسى عماد . أشعلت سيجارة وبدأت تسحب نفسا قويا تلو الآخر وبالمقابل تسعل بقوة . كانت تفكر بعماد وكيف سيقضي ليلته مع زوجته . شعرت بأنها ستختنق فأطفأت السيجارة ونهضت إلى المطبخ . ابتلعت قرصين مسكنين وعادت لغرفتها استلقت على السرير لتفكير بعماد من جديد .

********

استيقظت ريم من نومها ظهرا بينما لا يزال عماد نائما . استحمت وهي تفكر بتصرفه معها البارحة ، لماذا تصرف معها بلا مبالاة ؟ . تجاهلها في ليلة زفافها ، لم يقترب منها ولم يبح لها بحبه وأشواقه ولهفته ولو كاذبا ، لم يجاملها ولم يداعبها ولم يقبلها كأي عروسين ، كانت ليلتهما باردة . إرتدت ثوبا قصيرا ومكشوفا ، واقتربت منه وأريج عطرها يسبقها . أيقظته من نومه ، فنهض بصمت واستحم بسرعة وارتدى ملابسه ، وعندما خرج من غرفة النوم وجدها جالسة في الحديقة الداخلية أمام بركة السباحة . جلس بقربها وسألها :
- هل أنت جائعة ؟
- ليس كثيرا .
دعاها لتناول الغذاء في المطعم اللبناني وبعدها يذهبا لمنزل والديه فوافقته وطلبت منه أن تذهب لمنزل والديها أيضا . نهض ومد لها يده ، كانت سعيدة لأنه أمسك بيدها ومشى معها لغرفتهما وانتظرها حتى ترتدي عباءتها وتأخذ حقيبتها ، فهذه أول مرة يفعل ذلك منذ عقد قرانهما ، حتى عندما خرجا من الفندق بعد نهاية الزفاف لم يمسك بيدها كأي عروسين .
وصلا إلى المطعم بعد ساعة من الصمت ، قضياها في السيارة من القطيف إلى الخبر . جلسا متقابلين واختار ما سيأكلان . وأثناء انتظارهما للطعام ، تذكر كاميليا وصوتها وضحكاتها وعينيها وحبة الخال في زاوية فمها . أحس بأنه يحبها أكثر من الماضي ، ربما لأنها بعيدة عنه ومتزوجة من أخر . تذكر ليلة البارحة بكل رفاهيتها وبهجتها بالنسبة للجميع سواه . تنبه على آهة حزينة أطلقتها ريم من قلبها ، قالت له :
- ما بك ؟.. ولماذا هذا الضيق البادي على وجهك المتجهم .
سكت للحظات وهو يستشعر غضبها منه وكأنها تقرأ بحدسها بأنه مشغول عنها ويفكر بامرأة أخرى في اليوم الثاني لزفافها ، قال لها :
- أشعر بالإرهاق .
وسكت للحظة ثم سألها :
- متى ستعودين إلى العمل في المستشفى ؟
تضايقت أكثر لسؤاله فقالت له :
- ألم تجد ما تحدثني به غير العمل .. أنا في أجازة لمدة شهر .
وقطع صوت النادل كلامها عندما جاء يطلب الأذن بوضع الطعام .

****************

جلست ريم مع أمها في المطبخ بعيدا عن عماد الجالس في الصالة مع عصام وأمل ، واستشفت ضيق ابنتها ، فسألتها بقلق :
- لم تبدين حزينة ؟.. هل ضايقك عماد بشيء ؟
نزلت دموعها من عينيها وقالت :
- تجاهلني البارحة .. أحسه حزينا وشاردا ومهموما .. لقد تعودت على قلة كلامه وجديته الزائدة منذ عقد قراننا .. ولكنه أزعجني بعدم اهتمامه بي .
وسألته أمها :
ألم يقترب منك ؟
سكتت وهي تشعر بالإحراج ، فعاودت أمها الكلام :
- لا تكوني محرجة ... هل أقترب منك البارحة أو اليوم كزوج ؟
هزت رأسها نافية ، وقالت :
- هو لم يبارك لي الزواج كحد أدنى .. ذهبت لغرفة الملابس لأخلع فستاني وعندما عدت للغرفة وجدته مستلقيا على السرير يتظاهر بالنوم .
طلبت منها أن تنتظره ليومين ودعتها لشد انتباهه :
- تدللي عليه وارتدي الملابس المثيرة وحاولي أن تكوني قريبه منه .
وسكتت للحظة ثم قالت :
- عصام كان منسجما مع أمل في فترة الخطوبة وأنهيا أمورهما منذ الليلة الأولى .

أنهت ريم حديثها مع أمها وتوجهتا للصالة حيث يجلس عماد مع عصام وأمل ، واندهشت عندما رأت زوجها يضحك مع أمل بتلقائية وراحة دون تكلف كما يتحدث معها . جلست مع أمل تتحدثان في ترتيبات احتفال اليوم الثالث للزواج الذي ستقيمه سميرة ، وستقيم عشاءا دعت إليه النساء اللاتي لم تدعوهن في الفندق لأنهن لم يكن بالمستوى النخبوي المطلوب .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:38 PM   #29

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 27

جلست سميرة تشرب الشاي مع زوجها بعد إفطارهما في ليلة الناصفة ( النصف من شهر رمضان ) وهما يأكلان السكسبال المحمص ( الفول السوداني ) ويشاهدان مسلسل طاش ما طاش . جاءت نورة لزيارتها ، جلست معها لبعض الوقت وبعد أن أصبحتا وحدهما ، سألت زوجة أخيها إذا ما تحدثت مع عماد عن علاقته بريم فقالت :
- سألته عدة مرات فقال لي بأن كل شيء على ما يرام .. عماد متكتم. تنهدت نورة وقالت :
- هذه ليست الحقيقة .. فأمورهما ليست جيدة .. عماد يتجاهل ريم وهي تشكو من قلة اهتمامه بها وكأننا أجبرناه على الزواج .. هو حتى الآن لم يدخل بها ولا شيء بينهما .
شهقت سميرة وقالت :
- لا أصدق .. لقد مر أسبوعين على زواجهما .. لماذا لم يدخل بها حتى الآن .. هل تشاجرا ؟
- عماد بالكاد يتحدث معها .. فأي شجار سيحدث بينهما .
سكتت سميرة للحظات مصدومة من ما سمعته ، ثم قالت :
- سأتصل به الآن وسأتحدث معه بصراحة .. فما يفعله بالفتاة غير مقبول .. الليلة سيدخل بها وسيكون لطيفا معها رغما عنه .. بعض الرجال يتأخرون ليلة أو اثنتين.. ولكني لم أسمع بهذا أبدا .
وبعد أن خرجت نورة، اتصلت سميرة بابنها تطلب منه أن يأتي لزيارتها . جاءها بعد ساعة وقد بدأ الأطفال يتجولون في الحي يحملون أكياسهم ويطرقون أبواب البيوت ليأخذوا نصيبهم من السكاكر والحلوى والألعاب والمكسرات وبالأخص السكسبال . طلبت منه الجلوس لوحدهما في المجلس وسألته بابتسامة مصطنعة:
- ألم تحمل ريم بعد ؟.. أريد أن أرى حفيدا منك .
رفع حاجبيه وقال مستنكرا :
- تزوجنا منذ أسبوعين فقط وتسألين عن الحمل .
زمت شفتيها وأخبرته بأن الكثيرات من النساء يحملن من الأيام الأولى ، ففرك جبينه بإصبعه وظل ساكتا فباغتته أمه بالسؤال :
- كيف هي أموركما ؟
بلع ريقه وتمتم لها بأنهما بخير ، فاخترقته وكشف كذبه بعينيها القويتين :
- لكن ريم تقول كلاما مختلفا .. أنت لم تدخل بها حتى الآن !
- هل أخبرتك ؟
وبنبرة قوية قالت :
- لماذا لم تدخل بها حتى الآن ؟..أتظن بأن الفتاة تركت منزل والديها وتزوجتك لتتجاهلها ولا تسأل عنها فشلتنا .
تنهد وسكت لأنه لا يجد ما يقوله فغيرت أمه نبرة صوتها وقالت له آمرة :
- الليلة كل الأمور ستتغير وغدا صباحا سأتصل بريم لأطمأن .
تأفف وطلب منها أن لا تتدخل في أموره الخاصة . غضبت منه وقالت :
- ما تفعله مهزله .. ما الذي يحدث لك ولماذا لا تصارحني ؟ .. كن لطيفا مع زوجتك والحب سيأتي تدريجيا .
- أنا لا أشعر بأي شيء تجاهها .
- لم يكن والدك يذوب تحت قدمي عندما تزوجنا ولكن الأمور تغيرت مع الوقت .. أذهب لزوجتك الآن وعاملها بلطف ولا تكن جلفا وغليظا .
سكت للحظات ثم قال :
- لا أستطيع فعل شيء لا أشعر به.
وبصرامة قالت :
- معظم الرجال يفعلون ولا يشعرون .
سكتت للحظات وعينيها السوداويين تحدق بعينيه :
- لا أريد لقصتك مع سوسن أن تتكرر .. تلك كانت قبل الزواج أمام الناس والأمر مختلف .
وأكملت بحدة :
- إذا أخبرتني ريم غدا بأنك لم تدخل بها فسأخبر والدك وعندها ستصبح مهزلة أمام الجميع وربما تخبر ريم والديها .. فماذا سيقولون عنك .. هل فهمتني ؟

خرج عماد من منزل والديه عائدا لمنزله . لم يكن يريد الذهاب مباشرة فأخذ جولة سريعة في شارع القدس المليء بالمحلات ومراكز التجميل واستوديوهات التصوير النسائية. مر بالمجمع التجاري وتذكر لقاءاته بكاميليا . أنعطف يسارا وعبر شارع الملك عبد العزيز المزدحم والمعروف بشارع المطاعم وأمضى بعض الوقت وهو يفكر في ريم . كان عابسا ولكنه ضحك رغما عنه عندما التقى بالفتى الأبله الذي طلب منه ريالا فأعطاه عشرة ولم يقبلها فهو لا يريد إلا ريالا واحد . مشى عنه وذهب لمنزله وجد ريم جالسة في الصالة تشاهد التلفزيون . أراد أن يوبخها لحديثها مع أمه ولكنه تراجع ، ولأول مرة أحس بأنه يظلمها فهي لا ذنب لها بهاجسه بامرأة يحبها ولم تكن له . جلس بالقرب منها وقال لها بابتسامة :
- ما رأيك لو نذهب إلى السوق الآن .. وبعدها نتسحر في أحد المطاعم .
ابتسمت وقالت بلطف :
- لا مانع لدي ..أود الخروج معك .
أمسك بيدها وقربها لشفتيه وطبع عليها قبلة وطلب منها أن تستعد . ظلت في مكانها غير مصدقة فسألته :
- هل أنت متأكد ؟.. فهذه المرة الأولى التي تدعوني فيها إلى الخروج .
اقترب منها أكثر ونفذت لأنفه رائحة عطرها وقال لها :
- طبعا متأكد .. قد أكون قليل الكلام ولا أعبر عن مشاعري ولكني لست سيئا .. أصبري علي قليلا .
نهضت وهي تمسك بيده ، وبدت له جميلة ومثيرة فأحاطها بذراعه وطبع قبلة أخرى على خدها ، لم يشعر بنفسه إلا وشفتيه تبحثان عن شفتيها . قبلها وهي مازالت تحت تأثير الصدمة من تغيره المفاجئ فلقد كانت بين يديه لأسبوعين ولم يفكر بالاقتراب منها برغم كل الذي بذلته في إغراءه . أمسك بيدها وذهبا سويا لغرفة نومهما ولم يذهبا إلى السوق .

*****

عادت كاميليا من منزل خالها ليلا بعد أن قضت مع ناهد وقتا طويلا في الحديث وأعطتها الهمسة الثانية التي سترسلها لعماد . ذهبت إلى المطبخ مباشرة وأخذت كأسا كبيرا وضعت فيه عددا من مكعبات الثلج وملأته بالكولا ، وعندما همت بالخروج جاءتها الخادمة وهي مرتبكة وخائفة ، أخبرتها بأن ناصر جاءها في غرفتها وأراد الجلوس والحديث معها . تذكرت أن اليوم الثلاثاء وهو موعد عودة ناصر من عمله . سألت الخادمة عنه فأخبرتها بأنه خرج من المنزل . توجهت لغرفتها وألقت عباءتها جانبا . جلست على السرير تشرب الكولا وأفكارها المتطايرة تقلقها . فكرت فيما قالته الخادمة عن ناصر ، وبسرعة أنتقل تفكيرها لعماد وكأن المقارنة تفرض نفسها عليها . شهرين مضيا منذ أخر مرة رآته فيها في ليلة زواجه . شغلت نفسها بقراءة المجلات وقطع دخول ناصر خلوتها ، أقترب منها وقال بابتسامة أرعبتها :
- لدي حبوب جيدة وسأبتلع واحدة الآن لكي ...
ابتعدت عنه وراقبته وهو يخرج من جيبه حبة زرقاء صغيرة ابتلعها وقال لها :
- سيبدأ مفعولها بعد نصف ساعة وس...
قاطعته قائلة :
- أدلف عن وجهي .. لقد أتعبتني بمحاولاتك الفاشلة .
- لن أبتعد فأنتِ من حقي ..أنتِ زوجتي .
وشدها من يدها وراح يرعبها من جديد وقاومت كالعادة وما لبثت أن استسلمت بعد مدة وجيزة . بكت وهي تراه ينهض من السرير ويخرج بعد أن تكررت هزائمه أمامها ولم تنفعه الحبة التي جلبها .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-13, 02:38 PM   #30

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 28


أمطرت سماء عينيها العسليتين وهي مستلقية على سريرها وناصر بجانبها . نام بعد أن أرهبها بصراخه واتهاماته بأنها السبب في فشله ، وتجرأ وضربها هذه المرة . بكت بمرارة وتذكرت عماد وقسوته عليها يوم ذهبت لزيارته . ليتها لم تذهب ولم تذل نفسها أمامه .أحست بالندم والألم وهو يأكل روحها ويتعبها وأثر الضربة القوية التي وجهها ناصر تؤلم كتفها تمنت لو تخنقه وهو نائم وتتخلص منه لكنها لم ترد ارتباك حماقة فخرجت من الغرفة بدموعها وبكائها . جلست على إحدى الكنبات تعبث بجهاز الكمبيوتر المحمول الذي تستخدمه نادرا وهي تفكر بترك المنزل بعدما حدث والذهاب لمنزل والديها ولكنها أيقنت بأن والدها سيعيدها رغما عنها . لم تكن تذهب لمنزل والدها كثيرا لإحساسها بأنه خرجت منه بإذلال وذهبت لتعيش مع ناصر رغما عنها . شعرت بكآبة وحزن عميقين ، وفكرت بزيارة طبيب نفسي أو استخدام أي دواء قد يريحها مما تعانيه وأخيرا غفت على الكنبة بعد أن قضت ليلة حزينة واستيقظت وهي تفكر به .

*********

كان عماد يقود سيارته متوجها لمزرعته بعد عودته من الشركة مباشرة فزوجته ستبقى في المستشفى مناوبة لأربع وعشرون ساعة ، كان يسير بسيارته بمحاذاة شاطئ الخليج في سيهات يستمع لفيروز تغني ...

" ع هدير البوسطة الكانت ناقلتنا
من ضيعة حملايا على ضيعة تنورين
تذكرتك يا عليا وتذكرت عيونك
يخرب بيت عيونك يا عليا شو حلوين "

وصل إلى القطيف وسلك الطريق المؤدية إلى المزرعة بسمائها الصافية التي تزينها الطيور البرية . دخل إلى الاستراحة بدل ملابسه ووضع القبعة على رأسه واتجه مباشرة إلى إسطبل الخيول . سرج خيله وركبها وراح يمشي ببطء ونسمات الهواء الجافة تداعبه والشمس توشك على الغروب لتأذن بحلول الظلام . صلى المغرب واستلقى على الأرض وهو يشعر بالراحة لوجوده وحده ، لا يعكر صفوه أحد وهو في حالة هدوء وتصالح مع نفسه ، وعندما اتصلت به ريم لم يجبها رغم اتصالها المتكرر .

*******

عادت ريم من المستشفى صباح اليوم التالي منهكة بعد انتهاء مناوبتها الحافلة بالكثير من العمل وعدد كبير من الولادات في الليل . لم تجد عماد في البيت ولا نائما في سريره ، فاستحمت واتصلت به عدة مرات لم يرد عليها . شعرت بالغضب فهي لا تعرف عنه شيئا منذ الأمس وإحساسها يخبرها بأنه يتعمد تجاهلها . ارتدت عباءتها وأمرت السائق بالتوجه لمنزل والديها . ذهبت بدموعها وغضبها واستياءها من زوجها الذي لا يهتم بها وهم في الأشهر الأولى لزواجهما ، كم هي بداية تنبئها بحياة باردة وتعيسة وخالية من الحب والعاطفة . تمنت لو تعرف ما الذي يشغله عنها ولماذا يتجاهلها . لم تعلم بأنه يعيش بأفكاره وذكرياته مع امرأة أخرى . لم تتمنى شيئا كما تمنت أن تفتح قلبه وترى ما فيه فربما تفهم أسباب بعده وبروده . لو فتحت قلبه لوجدت كاميليا مستلقية بأريحية وهدوء . وكما هي تعيش في عذاب من جراء تجاهل زوجها فحبيبته تعيش عذاب أيضا . هم الثلاثة يشتركون في عذاب واحد . وجدت أمها في المطبخ ، وسرعان ما هبت لها عندما رأتها تدخل بدموعها . بكت على كتف أمها بحرقة وهي تقول :
- لا أعرف عنه شيئا منذ الأمس .. هو لا يهتم لأمري ولا يحبني .. اتصلت به عدة مرات ولم يكلف نفسه عناء الإجابة علي كما أنه نام خارج المنزل .
- ألم تتحسن طريقته في التعامل معك .
- هو لا يعرف عني شيئا .. نحن نعيش كغرباء في بيت واحد .. ولا يتذكرني إلا في غرفة النوم .
رن هاتفها الجوال كان المتصل عماد فآثرت عدم الرد عليه لكن أمها طلبت منها إجابته ، فردت على مضض :
- آلو .. أين كنت منذ الأمس .. ولماذا لا ترد على اتصالاتي ؟
- أنا في المزرعة وسأعود بعد آذان المغرب .. هل عدت من المستشفى ؟
- عدت قبل قليل وأنا في منزل والدي .. وعندما تعود من المزرعة تعال هنا لنتفاهم .
أغلقت الهاتف وراحت تمسح دموعها وهي تقول لأمها :
- لماذا تزوجني إذا كان لا يريدني ؟ .. أنا السبب رفضت الذي يحبني وتزوجت من لا يحبني .
اقترحت عليها أمها الذهاب لامرأة مكشوف عنها الحجاب لتعرف سبب جفاء زوجها ، فقالت لها :
- لن أذاهب لأي مكان فهذا ما كان ينقصني .. أذهب للمشعوذين ليحلوا مشاكلي الزوجية .
- أم يوسف ليست مشعوذة .. هي ستقرأ القرآن الكريم وستقول لنا عن السبب الذي يجعل عماد بعيدا عنها .
شعورها باليأس جعلها تردد فقالت :
- أنا الدكتورة ريم أذهب للمشعوذات وأرى لماذا زوجي لا يحبني .

وافقت ريم بعد أن أقنعتها أمها بأنها لن تخسر شيئا ولن يتعرف عليها أحد ، وذهبت معها بالسيارة إلى المنزل تلك المرأة الكائن في أحد أحياء " حلة محيش " القديمة والمتهالكة . توقفت السيارة في بداية الشارع الضيق ومشيا بسرعة متجهين لمنزل أم يوسف . كانت ريم خائفة وهي تنظر إلى البيت القديم الذي توقفت أمها عند بابه ، بدا مخيفا ورائحة كريهة تنبعث منه . رفضت الدخول وأرادت العودة إلى السيارة لكن أمها أمسكت يدها بقوة ودخلت بصحبتها . جلسا في الصالة حيث تجلس عدد من النسوة المنقبات ، وكل واحدة تدخل لغرفة أم يوسف حسب دورها . تفاجئت ريم من وجود عدد من الفتيات الصغيرات يخرجن من غرفة أم يوسف . وجاء دور ريم فدخلت مع أمها إلى الغرفة ووجدت أم يوسف مختلفة عن الصورة التي رسمتها لها . وجدتها امرأة تبدو في الأربعين من العمر ، وتجلس على مكتب وأمامها مصحف كبير وعدد من الأوراق البيضاء ودفتر صغير وجهاز كمبيوتر . قالت أم يوسف :
- أنا لا أستقبل سوى الحالات الطارئة يومي الخميس والجمعة .. من منكما بحاجة للمساعدة .
أجابت أم عصام :
- ابنتي .. تزوجت من قريبها منذ عدة أشهر لكنه لا يهتم بها ويتجاهلها .. هو بعيد عنها ويعيشان كغريبين في بيت واحد .
- ما هو أسم ابنتك ؟.
- ريم بنت نورة .. وزوجها عماد ابن سميرة .
كتبت المرأة الأسماء على الورقة وفتحت القرآن الكريم وقالت :
- سورة الطور .
وسكتت للحظات ومن ثم سألت ريم :
- هل كنت تريدين الزواج بآخر ؟.. أو مترددة بينه وبين آخر .
سكتت ريم مندهشة من الكلام المرآة وأجابت أمها نيابة عنها :
- تقدم لها عماد وشخص آخر في الوقت ذاته .. وابنتي ترددت ومن ثم اختارت عماد .. وهي تشكو من تجاهله لها من خطوبتها وحتى الآن وهو لم يتغير .
- يبدو لي بأن فتاة من عائلة زوجك تريد الزواج به ولذا عملت له عملا ليصده عنك ، وأسمها من أربعة أحرف.
أجابت أم عصام :
- من أين جاءت هذه الفتاة .. في عائلته لا توجد بها فتاة غير متزوجة سوى أخته .
أطرقت المرآة مفكرة ثم قالت :
- إذا عماد يعرف امرأة من خارج البلاد وهي من عملت له العمل .. ولدي علاج مناسب لمثل هذه الحالة .. والعلاج يبدأ بألف وخمسمائة ريال .
أخرجت نورة من حقيبتها ثلاثمائة ريال وأعطتهم للمرأة وعادتا إلى المنزل جلستا في الصالة وقالت ريم لأمها :
- إنها كاذبة .. وغير موضوع ترددي بين عماد وعادل لم تنطق بكلمة صحيحة .. وأي فتاة هذه التي تريد الزواج بعماد؟. كما أنه لا يسافر إلى الخارج وحده .. هذه المرأة محتالة .. كيف وافقتك على الذهاب لها .
بقيت ريم مع أمها تنتظر عودة عماد لترى ما ستفعله معه . أقنعتها أمها أن لا تتحدث معه إلا في بيتهما ، وعندما جاء أصطحبها إلى المنزل وهو يعرف بأن شجارا ينتظره . جلسا في الزاوية الفرنسية . ظلت ريم صامتة ومستاءة وهو لا يعرف كيف يبدأ بالحديث معها ، فقال لها بأنه قضى وقتا ممتعا في المزرعة ودعاها للذهاب عصر الغد ، فردت عليه بحدة بأنها لا تريد الذهاب معه لأي مكان . وسألها ببرود :
- ولماذا أنت غاضبة ؟
اقتربت نحوه وأجابته وقد أغاظتها لا مبالاته :
- لأنك ذهبت إلى المزرعة ونمت هناك ولم تكلف نفسك عناء إخباري .. كنت أتصل بك ولا تجيبني . تأفف وقال لها بضيق :
- لديك مناوبة في المستشفى فماذا تريد مني ؟
فاجأته بسؤالها والدموع أندت عينيها :
- لماذا تزوجتني يا عماد ؟
كررت عليه السؤال مرة أخرى وسكت وهو يتأمل وجهها وهو يحمر . بلع ريقه وقال لها بهدوء محاولا التملص من الإجابة :
- ولماذا يتزوج الناس ؟!
كانت على وشك البكاء عندما صرخت :
- يتزوجون ليحبوا بعضهم ويعيشوا بهناء واستقرار ويكونوا عائلة جديدة .. لا ليتجاهل الزوج زوجته ويدير لها ظهره .. لم أتخيل بأني سأعيش معك حياة زوجية تعيسة كحياتي هذه .
كان مصدوما من كلامها فسألها :
- وهل أنت تعيسة معي ؟
- نعم .. وهذا البيت الكبير ولوحات الرسام الإيطالي الذي أعطيته الآلاف لا تعنيني .. أنا أحب الرفاهية لكني أفضل السعادة عليها .. منذ خطوبتنا وأنا لأشعر بغير الغم والكآبة .
وبكت بقوة وهي تقول له :
- لماذا تتجاهلني .. ولماذا تزوجتني إذا كنت لا تريدني ؟.. لو تزوجت بابن عمي عادل الذي يحبني بصدق لحاول أن يسعدني بأي ثمن .
نهض من مقعده وقال لها بدهشة :
- وهل أنت نادمة على زواجك بي ؟
- الناس يحسدوني على زواجي بك وهم لا يعرفون طبيعة الحياة التي أعيشها معك .
فرك جبينه بأصبعه وقال :
- كلامك قاس جدا .
- وأنا تعبت منك يا عماد .. أنا لا أفهمك أبدا ..أنت دائما ..
أرادت أن تكمل فأشار لها بيده وطلب منها أن تتوقف عن الكلام فيكفيه ما سمعه . صرخت في وجهه مجددا مستنكرة رفضه للحوار معها ، فهو لا يريد مواجهتها أو مصارحتها .. أخذ مفاتيح سيارته وخرج .. تركها تبكي وتندب حظها الذي جعلها تترك عادل الذي تعرف بأنه يحبها منذ سنوات وتحمل رفضها وطلبها للزواج عدة مرات .

أوقف عماد سيارته أمام منزل والديه ، ودخل بخطى بطيئة والتقى بأمه عند الباب وهي بكامل زينتها ، سألها:
- هل أنت خارجة ؟
- نعم سأذهب لاصطحاب ندى وزوجة عمك وسنذهب إلى حفل زواج في الدمام .
قال لها بأنه جاء لرؤية نسرين فأخبرته بأنها خرجت مع صديقاتها . سألها :
- إلى أين ؟
- السوق ثم المطعم ولا أعرف أين ستنتهي سهرتهن .. ربما في منزل عمتك .
تنهد بصمت فسألته :
- ما بك ؟.. هل تشاجرت مع زوجتك ؟
لم يتجرأ على إخبار أمه بحقيقة شجاره مع ريم لأنها ستلقي عليه محاضرة لا يود أن يسمعها ، فكذب وأخبرها بأنها خرجت للقاء صديقتها . عرض عليها أن يوصلها لمكان الحفل لكنها فضلت الذهاب مع سائقها . ركب سيارته مجددا وهو ما يزال يشعر بضيق مما قالته ريم ، وتساءل بداخله هل كانت تقصد الكلام الذي قالته أو دفعها الغضب لذلك ؟ ألم تكن تدري قسوة كلماتها لكونها منفعلة وغاضبة وقالت كل الذي تخبئه في قلبها ؟
اتصل بماجد وأخبره بأنه قادم لزيارته في بيته . جلس معه في مجلسه وأخبره بكل ما جرى بينه وبين زوجته، فوبخه :
- ماذا تظن نفسك يا صديقي ؟ .. لن تتحملك المرأة وأنت بهذه الطباع السيئة .. يجب أن تكون لطيفا معها .
مرر أصابعه في شعره الأسود وقال :
- لست سيئا لهذه الدرجة .
- النساء بحاجة إلى الحب والحنان والاهتمام .. لا إلى التجاهل والسرحان .. أقولها لك للمرة الألف .. المرأة عاطفية بطبعها .
تأفف وقال :
- وماذا أفعل ؟..أنا لا أستطيع أن أحبها كما لا أستطيع نسيان كاميليا فأنا مازلت أفكر بها .. هي تتملكني ومازلت أحبها حتى هذه اللحظة .
سكت ماجد من هول دهشته وهو يرى صاحبه يضع رأسه بين يديه ويتنهد بعد اعترافه ، فسأله :
- ومن تكون كاميليا هذه ؟ .. هل تعرف إحداهن غير زوجتك ؟
تنهد بقوة وأجابه :
- أعرفها منذ سنوات وقبل زواجي .. هي من غيرت رأيي بالزواج وجعلتني أبني المنزل من أجلها على الطريقة التي أرادتها .. ثم كافأتني وتزوجت بآخر .. تزوجت ومازلت تقف عائقا بيني وبين السعادة والراحة ..أنا أحبها من كل قلبي يا ماجد ..أحبها .
سأله ماجد عن هوية كاميليا وكيف عرفها ، فتملص من إجابته :
- وماذا تريد منها الآن .. دعها وشأنها فهي تزوجت وأنا تزوجت وانتهى كل شيء .
هز ماجد كتفه وخاطبه بحدة :
- كلا لم ينتهي الأمر .
وأكمل توبيخه ووضح له بأن تفكيره بها خيانة في حق زوجته ، وأنهى حديثه :
- ما تفعله لا يجوز يا صديقي فزوجتك قريبتك وهي إنسانة محترمة .. يقول الأمام الشافعي .. عفو تعف نسائكم .
قال له بحدة وهو يتذكر ما حدث بينهما الليلة :
- وماذا أفعل معها ؟.. لا أحبها وأعرف نفسي .. تركتها تبكي في المنزل .. زواجي منها كان خاطئا .. ظلمت نفسي وظلمتها معي .
قال ماجد بلين محاولا إقناعه بإخراج كاميليا من فكرة :
- أنسى تلك المرأة التي تركتك وتزوجت بآخر هذه واحدة ممن قال الإمام علي عنهن قبل أربعة عشر قرنا ..
" دع ذكرهن فما لهن وفاء ريح الصبا وعهودهن سواء
يكسرن قلبك ثم لا يجبرنه وقلوبهن من الوفاء خلاء "
سكتت للحظات وهو مغمض العينين فأبيات الشعر تنطبق على كاميليا ثم قال :
- لو يرجع الزمن إلى الوراء لما اندفعت نحوها بجنون .. لقد اندفعت نحوها وأحببتها كالأبله .
دعاه ليكون لطيفا وودودا مع زوجته ، وعرض عليه أن يسافر معها أي مكان فهو لم يسافر معها منذ زواجهما . وأنهى كلامه باقتراح :
- أذهب إلى شرم الشيخ أو دبي فهذا أضعف الإيمان .. دعها تأخذ إجازة من عملها وسافرا ليومين أو ثلاثة .


**********

عادت كاميليا إلى منزلها بعد نهار قضته مع صديقتها في التسوق والعشاء خارجا عن منزلها ومشاكله . أمضت وقتا ممتعا معهما خاصة بعد أن أخبرها ناصر بأن سيسهر مع أصحابه ولن يعود مبكرا . كانت تعرف بأنه لن يعود قبل شروق الشمس كعادته كل ليلة جمعة فهو يجتمع مع أصدقاءه في الخبر كما يخبرها ، وفي الشقة المشبوهة كما أخبرتها ناهد . يقضي وقته معهم في لعب الورق والشرب الذي يصل إلى السكر أحيانا .توجهت مباشرة إلى المطبخ وأخرجت من حقيبتها الدواء العشبي الذي أشترته لمعالجة الكآبة وابتلعت حبة وشربت رشفة من الماء .سكبت لها كأسا من الكولا ووضعت به عدد من مكعبات الثلج وهمت بالخروج عندما سمعت صوت ناصر وهو يضحك بصوت مرتفع وغرفة الخادمة هي مصدر الصوت . شعرت بقلبها ينقبض بقوة فخرجت من المطبخ بخفة وأطلت من النافذة لتتحقق من وجود سيارته ، فوجدتها قابعة تحت المظلة فهي لم تنتبه لوجودها عندما دخلت .عادت إلى المطبخ مرة أخرى ووضعت يدها على مقبض الباب بتردد ، وعندما فتحته وجدت ناصر مستلقي على بطنه والخادمة تدلك ظهره العاري . شهقت ونهض هو أمامها ، ظلت ساكتة للحظات ..ثم بصقت في وجهه وخرجت ودموعها تسيل بحرارة على خديها . لحق بها وهي تستعد للخروج ، أمسك بيدها وقال :
- دعيني أشرح لك ما حدث
صرخت فيه :
- وماذا تشرح ؟ .. رأيتك بعيني ولم يخبرني أحد ..أيها السافل ..أنت لا تتوب ولا يمكن أن تتغير .. لن أبقى في هذا المنزل دقيقة واحدة .. وستطلقني رغما عنك يا نذل يا منحط .
ضحك وقال :
- قبل أن تخرجي عليك أن تعرفي بأني رجل .. وفشلت معك أنت فقط لأنك باردة وحتى العلاج لا ينفع معك .. لكني نجحت مع الخادمة عدة مرات .
بصقت في وجهه وخرجت من المنزل . كانت تبكي وتنتحب بقوة والسائق يتوجه إلى منزل والديها في منتصف الليل . طرقت الباب ودخلت ببكائها ودموعها وصدمتها . ألقت بنفسها بين ذراعي أمها أمام استغراب والدها وأختيها . بكت كما لم تبك من قبل ، كانت تحس بالذل والمهانة رغم كرهها لزوجها الذي تزوجته رغما عنها ، إلا أ الخيانة جارحة . سقطت أرضا وغابت عن الوعي بدون أن يعرف والديها سبب حالتها المريعة .

استفاقت وهي على سرير الطوارئ بالمستشفى . كانت شاحبة ومتعبة والمحلول السائل مغروز في وريدها ، تشعر بالألم من وخز الإبر المهدئة . وجدت والديها حولها يسألانها عما حصل وخصوصا أن ناصر لم يجب عندما حاول والدها الاتصال به . بكت بمرارة أحرقت قلب أمها ، وقالت بألم وانكسار وعينيها تائهتين لا تنظران لشيء :
- هذا من أرغمتني على الزواج به يا أبي .. وجدته عاريا في غرفة الخادمة وهي تدلك ظهره .. وأخبرني بنفسه بأنه أقام علاقة معها عدة مرات .
وانتحبت مجددا وأمها تشاركها دموعها ، فقبلت جبينها وطلبت منها أن تهدأ حتى يجدوا حلا مع ناصر . قالت لوالدها بصوت متهدج معاتبة :
- هذا الذي سيصونني وسيحافظ علي .. لن أرجع إليه وأريده أن يطلقني .
- لا تتعبي نفسك .. فوراءك رجال ليأخذوا حقك .. كوني هادئة وأنا سأتفاهم معه .
عادت كاميليا بصحبة والديها من المستشفى فجرا واستلقت على سريرها الخالي في غرفتها الزهرية ، وأحسته مشتاقا لها ولأحلامها ولذكرياتها . ظلت تبكي بصمت وذكريات الأيام الحزينة التي قضتها في هذه الغرفة تطفو على سطح ذاكرتها . تذكرت كيف اعتصمت عدة أيام لا تخرج ولا تأكل لتعبر عن موقفها من هذا الزواج ، وكيف طرأت فكرة الهروب والاختفاء لثلاثة أيام على بالها وذهبت لعماد وأخبرته ، وكيف أهانها وأذلها وطردها من بيته . تنهدت بحرقة وألم وهي تفكر به .

استيقظت ظهر الجمعة وهي تشعر بوهن وألم في رأسها وعينيها من كثرة البكاء . طلبت من أختها كوبا من الشاي ، فأحضرته لها مع ساندويتشا وطلبت منها أن تأكله . قضمت قضمة صغيرة بلا شهية وشربت الشاي ، جاءت أمها وضمتها إليها وقالت له بحنان بالغ :
- جاء ناصر قبل قليل وهو في المجلس يتحدث مع والدك .. عليك إخباري بكل شيء لأذهب وأواجهه أمام والدك .
التفتت كاميليا لأختها شذى ، فطلبت منها أمها الخروج وبقيتا لوحدهما وقالت بألم ودموعها تسبقها :
- أخبرتني الخادمة مرة أنه طلب الجلوس معها للحديث وهي رفضت .. والبارحة سمعت صوت ضحكاته وفاجأته في غرفتها .. بعدها قال لي بأنه أقام معها علاقة عدة مرات وكان ناجحا .. كما أنني السبب فشله معي واتهمني بالبرود .
- ولماذا يتهمك بالبرود .. ألم يدخل بك منذ زواجكما ؟
هزت رأسها بخجل وقالت :
- لا .. كان يفشل دائما في ..

كانت محرجة فهي لم تتكلم مع أمها في هذه الموضوعات يوما وسكتت للحظات ثم قالت :
- كان يوبخني ويسخر مني كل مرة .. وهددني بأن يقطع لساني إذا تكلمت لأحد .. كنت فرحة بهذا واشكر ربي فأنا أبغضه بشدة .. وفي الآونة الأخير صار يغضب ويعنفني بقسوة وتجرأ وضربني في آخر مرة .. وأنا أتحمل لأني لا أريده أن يمسني .
طرق الباب وكان والدها هو الآتي . دخل وأقفل الباب وقال لزوجته بأن ناصر خرج فسألته بحدة :
- وماذا يريد ؟
- يشرح سوء الفهم الذي حصل بينه وبين كاميليا .. وهو يقول أن الأمر لم يتجاوز تدليك الظهر .. وأنه حاول إغاظة كاميليا فقط بكلامه .
قالت كاميليا لوالدها ودموعها تتدفق بغزارة من عينيها وتغرق وجهها :
- لا أريده وعليه أن يطلقني ... يكفي ما عانيته معه خلال الأشهر الماضية .
أنتفض الأب وقال :
- الطلاق أبغض الحلال وهو ليس حلا أبدا .. أتريدين أن تصبحي مثل ابنة خالك التي تطلقت وها هي تدور على حلّ شعرها .
تهدج صوتها وهي تقول :
- لن أرجع إليه بعد الذي فعله .. أم أنك ترى ما فعله قليل بحقي ؟
- هو لم يرتكب كبيرة ... وبالنسبة للخادمة طلبت منه أن يسفرها .. وعليك أن تسامحي زوجك إذا أخطأ .
ترجته أن لا يجبرها على العودة إليه وأن لا يظلمها مرة أخرى . فخفف من حدة كلامه وقال :
- وهل تعتقدين بأني أقبل بظلمك .. سأجعل ناصر يعتذر منك أمامي وأمام أبوه أيضا .
أجهشت بالبكاء وخبأت رأسها بين ذراعي أمها وهي تقول :
- أريد الطلاق .. لن أرجع إلى ذلك البيت المشئوم .
غضب والدها من تكرارها طلب الطلاق فقال لها بصوت مرتفع :
- الطلاق طعن لنا ولشرفنا ولسمعتنا .. هل ترضين لنا ذلك ؟.. كوني عاقلة وأنا سآخذ منه تعهدا بعدم إغضابك والحياة الزوجية تحتاج إلى الكثير من الصبر .
وتدخلت الأم قائلة :
- وأي علاقة زوجية هذه التي تتحدث عنها .. هو لم يتمكن من الدخول بها حتى الآن .. لا بد أنه مريض .. دعهما يطلقان بالمعروف وكفى ما حصل .
- لا تحلمي بالطلاق مادمت حيا .. لقد قال لي بأنها دلكت ظهره فقط ولم يتطور الأمر .. وسأدعه يعتذر منك وانتهينا وكفى تضخيما للأمور .. وعلى المرأة أن تصبر على زوجها .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أميرة, مكتملة, الملعونة, المضحي, الكاتبة, بقلم, سعودية, فصحى

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.