آخر 10 مشاركات
أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          " بين الصمت والهمس ...حكايا تروى " * مميزة * (الكاتـب : همس القوافي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          للحب, الشرف والخيانة (101) للكاتبة: Jennie Lucas *كاملة* (الكاتـب : سما مصر - )           »          قيود ناعمة - ج1سلسلة زهورالجبل - قلوب زائرة - للكاتبة نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          رهين الشك - كارول ويستون - عبير دار الكنوز [حصرياً على منتديات روايتي] (الكاتـب : Andalus - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree13Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-08-13, 05:51 PM   #11

بيبه الجميله

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية بيبه الجميله

? العضوٌ??? » 271411
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 342
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » بيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
افتراضي


الفصل التاسع

كانت جميع الفتيات تتحدث في نفس واحد داخل الحجرة في محل عطا و يسألون شهد عن تفاصيل ما حدث، بينما هي تحاول شرح الامر، قطع عليهن الحوار دخول عطا دون ان يطرق الباب.. كان مستائا متوعدا، وقف في منتصف الحجرة و قال محدثا شهد بنبرة هجومية:" هو مفيش غيرك في المحل؟!! كل دقيقة بمشكلة؟! فاردة نفسك علي الناس و مستقوية بجو! اديكي جبتيله مصيبة.. الخواجة زمانه رفده دلوقتي! وريني بقي هتعملي ايه لما يمشي؟ اللي حصل برة دلوقتي ده هعيملنا كلنا مشاكل.. الراجل اللي اضرب بسببك ده من اهم الزباين هو و شلته كلها!"
قالت شهد بحرج:" يا ريس انا فضلت اهاوده بالراحة لحد ما كان خلاص خارج بيا برة.. و الراجل اللي واقف عالباب عمال يحلقلي!"
عطا:" ودي كمان واقعة تانية سودة علي دماغك.. هاني ده حارس الصالة من جوا .. اهو مضروب دلوقتي و الصالة من غير حارس!.. شوفي يا شهد اذا كنت ناوية تكملي معانا، يبقي تتعلمي من زمايلك تعاملي الزباين المهمة ازاي.. انا الغباوة دي مش هسمح بيها تاني! و لو حصل معاكي اي مشكلة تانية مع اي حد تاني سواء زبون او زمايلك.. تاخدي حاجتك وتتكلي علي الله!"
شعرت شهد بكرامتها تئن من تهديد عطا، و امام كل الفتيات .. فقامت باخراج مبلغا كبيرا من ضمن ما حصلت عليه اليوم و مدت يدها به لعطا قائلة :" طب يا ريس اتفضل دول تعويض مني لو حاجة اتكسرت في الصالة.."
ثم اخرجت حفنة اخري و قالت:" ودول عشان علاج هاني"
بمجرد رؤية النقود تحول اسلوب عطا تماما.. اخذ النقود و هو يقول بأسي:" يا شهد يا حبيبتي مش الفكرة.. انا عايز مصلحتك.. انتي مكسب للمحل و لينا.. لكن انا عايزك تتعلمي ازاي تعدي الليلة كده سهلة من غير مشاكل.. عموما انا عاذر ان ده اول موقف ليكي .. بكرة تتودكي.. انتي انهاردة متطلعيش تاني بعد الراحة.. ريحي كده و خلي الناس تنسي الليلة" و ربت علي كتفهل في رضا و خرج مبتسما يعد النقود علي عكس ما دخل.. بينما ابتسمت في استعلاء ، لقد ردت لها بضعة نقود كرامتها و حطت من كرامة من اهانها..
جلست سارحة في جو الذي سيفقد وظيفته من تحت رأسها..
***
بقيت شهد مع سمر بداخل المطبخ تتحدثان اثناء عمل سمر.. بينما جلس مندو يرمقهما بنظرات السخط و لكنه تجنب التحدث اليها او سمر تماما..
سمر تحدث شهد همسا عن مندو:" من ساعة اللي حصل و هو مبيحطش عينه في عيني"
شهد:" احسن.. خليكي كده كاسره عينه الحرامي الواطي.."
سمر:" امال لما انتي اللي كنتي زانقاه في الحمام كنتي بتصوتي ليه؟؟"
شهد:" مصوتش خالص!"
سمر:" انا سمعت صوات و ندهت جو عشان كده"
القت شهد نظرة جانبية ساخرة الي مندو و قالت:" ده هو اللي صوت"
انفجرتا في الضحك.. مما اثار حفيظة مندو و احس ان الامر يخصه فادار ظهره لهما في امتعاض.
كادت سمر ان تموت حماسا و سعادة من اثر ما حدث الليلة.. بينما شهد ابدت قلقها علي جو ووظيفته. ظلت شهد معها الي ان وجدت ان الخواجة رحل و معه جو و الرجال.. انتظرت ساعة اخري ثم ودعت سمر و رحلت..
***
دخل جو الي بيته منهكا.. لقد تم استنزافه نفسيا في تلك الليلة السوداء.. القي بنفسه علي سريره ولكنه لم يتمكن من النوم.. طبعا هو لن يفكر بها ابدا ككل ليلة.. هو لا يطيق سماع اسمها بتاتا.. هل وصلت للبيت؟ .. كان امرا بديهيا الا تصعد للرقص ثانية لباقي الليلة، مؤكد تصرف حكيم من عطا.. ولكنه لم يلمحها ترحل.. كفي تفكير بها.. لقد نال ما يكفيه منها.. تري هل وصلت؟ .. امسك هاتفه بابمتعاض.. وضعه علي اذنه بعد ان ضغط زرا و نفث في ضيق و نفاذ صبر و هو مازال مستلقيا علي ظهره..
زوزو:" جو"
جو بنبرة هادئة وصوت متعب:" ازيك يا زوزو؟"
زوزو:" انا امي داعيالي بقي.. ليلتين و را بعض تكلمني"
جو:" صحيتك؟"
زوزو:" لا انا صاحية.. لسة داخلة.."
جو:" و شهد؟ رجعت؟"
زوزو:" اه.. انت كل ليلية هتكلمني تطمن عليها؟"
جو:" اعمل ايه يا زوزو.. دي امانة .. مضطر"
زوزو بغضب حاولت اخفاءه:" عموما.. هي لسة مرجعتش.. تلاقيها صايعة هنا و لا هنا.. اصلها دايما بتروح مشاوير كده مش مفهومة"
جو لم يكن في مزاجا يسمح بالاستماع لقصص زوزو الكيدية فقال:" طيب شكرا.. سلام"
كيف لم تصل؟ تري اين ذهبت؟ لقد انتهي عملها، كما انها الليلة لم تكن تعمل النصف الاخير منها.. مالذي اخرها؟
وضع يديه علي راسه .. شهد! لقد اصبحتِ صداعا يشق رأسه!
حاول ان يخرجها من رأسه ..فهي لا تستحق كل هذا الاهتمام.. لم تهتم هي حتي به.. لم تحاول حتي ان تتاكد ان كان بخير بعد ان تعارك من اجلها..
سمع طرقا علي الباب..كان منهكا ..فصاح :" مين؟"
اتاه صوتها:" انا شهد.."
رفع يديه من علي رأسه وحدق في السقف لثانية.. اهي حقا؟؟ انتابه ارتياح شديد لانه اصبح علي دراية بمكانها.. و لكن اكتسحه شعورا اخر بالسخط عليها..
فقال من مكانه:" عايزة ايه؟ في حد تاني عايزاني اخشلك في خناقة معاه؟"
لم ترد.. رفع رأسه ليرهف السمع .. و لكنه فوجيء بها تقفز الي الداخل من النافذة و تبتسم في وجهه بمرح:" مش هتتعلم تقفل بقي الشباك ده"
فقال باقتضاب:" فعلا لازم اقفله.. بقي بيدخل قرف"
وضعت شهد يدها علي قلبها في وضع متالم تمثل دور المطعونة بكلمته في قلبها..
ثم قالت بجدبة:" انا عارفة انك مش طايق تشوف و شي عشان اترفدت بسببي "
قال بشمئزاز مستنكرا:" اترفدت بسببك! انت افتكرت نفسك انك حاجة بجد! مين اللي يرفدني؟؟ و عشان ايه؟"
قالت شهد و قد ضايقها قوله:" انا فهمت كده من عطا.. و جيت اقلك حقك عليا و كنت ناوية كمان اديك هدية.. يعني.. شكر علي اللي عملته معايا"
واخرجت بعض النقود و همت بوضعهم علي المنضدة.. الا انها فوجئت به ينقض عليها بعصبية قائلا:" تصدقي ان اللي كان لازم ينضرب الليلة هو انتي !"
امسك ياقتها وجذبها اليه و هو يصيح في وجهها:" فلوس ايه دي اللي هتسيبهالي؟! خليهملك .. انتي عرقتي بيهم! و لا تكونيش فاكرة اني اشتغلت الفتوة بتاعك!"
شهد و هي تتماسك محاولة اخفاء الذعر:" ايه طريقة الكلام دي.. عرقك و قتوة!.. برضه بتكلم علي اساس اني رقاصة!"
هز الياقة في عصبية فارتجت شهد في يده و قال:" لا باللي شفته انهاردة ..الرقاصة كانت احسن!.. ده الراجل دفع وشال الشروة"
دفعته شهد بعنف فكلامه اغضبها و اهانها وقالت:" وانت مالك رقاصة ولا شروة و لا زفت.. انت مالك؟!"
نظر اليها وقال:" وانا مالي؟!!!! طب تصدقي...انا غلطت و لازم اصلح غلطتي.. " و امسك بها و دفع بها الي الخارج قائلا بعصبية:" فعلا الراجل دفع و انا بوظتله البيعة.. لازم اوصلك ليه..يلا "
خلصت شهد نفسها منه و قالت و هي تلهث:"ايه بقي! بس! انت واخد الموضوع علي نفسيتك كده ليه؟!! دانا جاية اتأسف..بتعمل معايا كده ليه؟!"
جو:" عشان انا قلتلك قبل كده بلاش تطلعي ترقصي و انتي برضه ركبتي دماغك! و يوم ما حصلك مشكلة انا اللي لبستها وانتي معندكيش ريحة الدم"
شهد:" مانا..."
صاح بها مقاطعا:" مانتي ايه بس؟! انتي تخرسي خالص! ده مش بس رقص.. عماله تتمرقعي و تضحكي وتغمزي و توزعي بوس ..ايه؟ نجمة يا جدعان؟!.. ومستعجبة اوي ان الراجل كان عايز يروح بيكي.. مانتي دفّعتيه مقدما!"
شهد متظلمة:" ماكلهم بيعملوا كده عشان البقشيش يكتر عليهم.. اشمعني انا"
جو:" و كلهم بيدوا للي بيدفع حقه علي قد ما بيدفع.. ايه مبتشوفيهمش و همة قاعدين معاهم و بيخرجوا كمان برة.. واظن ان اللي راجل دفعه يستاهل اكتر بكتير من عشوة او سهرة!"
شهد:" لأ معلش انت اللي دماغك وسخة و ظنك سو..زوزو قالتلي ان صُحبيتها للناس بكيفها , ملهاش دعوة بالبقشيش"
جو ساخرا بانفعال شديد:" اه.. لأ مدام زوزو هي اللي قالتلك يبقي آمين!... اصلها يا كبدي قلبها عليكي قوي"
شهد بحدة:" ماهي بتعد معاك! وانت كنت بتديها حاجة؟!!"
جو ضاربا كف بكف:"هقولك ايه بس؟! لهو انت متعرفيش ان زوزو مني عينها اني اعبرها.. دا فاضل هي اللي تدفعلي عشان تعد معايا.. لكن بأة مخدتيش بالك ان اصحابها اللي بتعد معاهم همة بس الي بقشيشهم كبير ؟! ملهاش اصحاب كحيانين ابدا!.."
شهد باستخفاف:" انا مش عارفة مين فينا النجم والله؟! لما انت مستكبر اوي كده ..شاغل نفسك ليه بالبنات؟؟.. عارف زوزو بتعد مع مين و حافظ انا بضحك و بغمز امتي و لمين.. " ثم تحولت فجأة نبرتها للجدية الممزوجة بالضيق:" عموما يا عم متشكرين اوي لحد كده.. انت كنت جدع معايا و انا شايلالك الجميل و رقبتي فداك.. لكن خلاص لحد الليلة و ملكش دعوة بيا بعد كده.. لو شفتني بتقتل قدامك متدخلش! انا جيت اتأسف و واتشكرلك .. وان كنت زعلت مني اديك فشيت غيلك و سمعتني الكلمتين اللي في نفسك.. وانت ماشاء الله لسانك ميتوصاش.. بيعرف ينشن.. "
وتوجهت للباب قائلة بمرارة :" سلام يا نجم"

كان صمت جو هو نوع من السيطرة علي النفس نجح في ان يتجمد بينما هو داخليا يصارع نفسه و يمنعها من ان تجعله ياخذ شهد في احضانه ، و يطلب منها الغفران عن كل اهانة ، و يرجوها ان تبقي معه ،و يتوسل اليها الا تذهب مجددا لعطا.. بقي صامتا بتعبير عابس علي وجهه يراها و هي تصل للباب..
"البسي دي .. ولا مش مكفيكي فرجة الصالة عليكي كمان عايزة الشارع يتفرج؟!"
قالها باقتضاب بعد ان امسك سترته الجلدية السوداء من شماعة الحائط و القاها اليها .. كانت مازالت ترتدي ذلك الفستان القصير اللامع الذي يظهر اكثر مما يخفي..
تلقفت السترة و همت بقول شيء علي غرار (مش قلنا ملكش دعوة) ولكن اللفتة الحانية اسكتتها.. ابتسمت نصف ابتسامة و هزت رأسها تشكره و خرجت..
وقف هو مكانه سارحا مفكرا بعمق لبرهة بعد ان اغلقت الباب خلفها .. ثم ضرب علي الباب بغيظ وخرج خلفها متمتما في غضب:" الله يقل راحتك يا بعيدة"
لحق بها في الشارع لتجده ماشيا بجوارها فجاة ، نظرت اليه مستفهمة فقال عاقدا حاجبيه ناظرا امامه وكأنه لا يحدثها:" هوصلك عشان اخد الجاكتة! دي مستوردة!"
خفق قلبها.. كم هو حنون.. حتي و ان حاول اخفاء الامر .. ابتسمت في رضا و هي تنظر امامها و سارا معا في صمت.. لقد سامحته وغفرت له كل ما قاله..
نظر هو اليها بجانب عينه كانت تبدو مثل طفلة صغيرة تردتدي سترة ابيها.. كانت السترة مضحكة عليها تغوص فيها غوصا.. الا ان ذلك جعلها في نظرة اكثر فتنة من ما كانت تردتدي قبلا.. شرد في فكرة عجيبة استولت علي رأسه.. إن ما يضم جسدها الان هي سترته هو..
عندما وصلا لبيت زوزو وقفت شهد مواجهة له ورفعت عينها اليه وقالت :" متشكرة.." ثم همت بخلع السترة لتعطيها اليه فقال باقتضاب:" بتعملي ايه؟! اطلعي.."
شهد متعجبة:" هديك الجاكتة! انت مش جاي عشان تاخدها؟؟!"
جو بنفس الاسلوب العابس المقتضب:" كده تاخدي برد..بلاش غباوة..اطلعي"
شهد وقد زاد اندهاشها:" الله ! مش هتاخدها؟:
جو مستغبيا اياها:" هو انا هموت؟! هاتيها بكره.."
شهد :" يعني انت مش عايزها؟ امال جيت ليه؟"
جو في قمة الملل ونفاذ الصبر:" عايزها طبعا.. انت ماصدقتي! بس مش لازم حالا .. اطلعي بقي! متقرفنيش في عشتي زيادة..عايز انام !"
شهد بنبرة عالية:" هو انا اللي قلتلك تعالي وصلني! لما انت عايز تنام و مش عايز الجاكتة كان ايه اللي جابك؟!"
دفعها بيده في نفاذ صبر لتدخل مدخل البيت و قال :" اطلعي يا شهد! اطلعي و عدي الليلة المنيلة دي!"
ازاحت يده بغيظ و بالفعل توجهت للصعود للبيت..
بقي واقفا حتي اختفت عن ناظريه ثم عاد ادراجه الي بيته..

بالطبع كان اول شيء فعلته شهد عند رؤية زوزو ان اخبرتها ان من وصلها للتو هو جو.. ثم حكت لها تفصليا عن ما حدث عند عطا.. مشددة علي التفاصيل التي قد تصيب زوزو بقرحة في المعدة..
زوزو وهي تعض علي شفتيها:" و الجاكتة دي بتاعته؟"
شهد بهيام و هي توجه وجهها لاحد جانبيها فتدس انفها في ياقة السترة التي مازلت ترتديها وتستنشق نفسا عميقا..ثم تخرجه في تنهيدة اعمق و تقول:" ايوة هو قاللي البسيها عشان ممشيش بللبس ده في الشارع.. و بعدين مرضيش ياخدها احسن اخد برد لو قلعتها .. يا بختك يا زوزو ..ده جدع و حنين اوي"
كان الامر اقوي من قدرة زوزو علي الاحتمال .. فتركت لها الحجرة و خرجت للسطح بعد ان صفقت الباب بعنف.. ووقفت لتدخن بغل..
اما شهد فلم تخلع اي من ملابسها بل احتضنت نفسها بالسترة و نامت و هي تدس وجهها كله في الياقة وتتنفس الرائحة التي تعبئها.. و علي شفتيها ابتسامة سعادة..
***

جلس يوسف مع حمادة علي القهوة يدخنان الشيشة
حمادة:"طب وهتكمل باقي المبلغ منين؟"
جو:" هو انا عبيط زيك.. انا بحوش طبعا.. معايا شوية حلوين.. و بعدين انت ناسي الارض اللي قرب مطروح.."
حمادة:" ايه هتزرعها مثلا و لا هتأجرها.. دي صحرا وفي الطل وانت راميها من ساعة ما اشترتها من زمان"
جو:" لأ هبيعها.. دي قرب البحر و بعدين مسير المكان يعمر.. انا كنت واخدها بملاليم و قتها و المعلم صابر بتاع تسقيع الاراضي ساعدني.. لو سألته دلوقتي مية مية هيقولي تمنها ضرب"
حمادة:" وانت شايف ان الموضوع يستاهل انك تبيع الارض دي عشانه.. طب ماهي لو عليت دلوقتي اكيد بعدين هتعلا اكتر..وتبقي انت كده خسران"
جو:" مش عايزها من اساسه.. انا كنت شبط في الموضوع ساعتها لما قعدت مرة مع المعلم صابر و عجبتني اللعبة.. لكن طلعت عايزة تركيز و متابعة و انا مليش فيه.. هبيعها و اخد القرشين واتمم الموضوع.. وبعدين علي فكرة في ارض تانية في الصعيد.. اشتريتهم مع بعض برضه المعلم صابر كرمني فيها.. بس كان املي كبير في بتاعة البحر دي.. قلت بكرة تقرب منها القري السياحية بتاعة الناس اياهم ويضرب سعرها في السما"
حمادة:"طب انت كده حليت قصة الفلوس.. بس الموضع معقد و هتلاقي الكل واقفلك .. انت اصلك بتجور علي حق الناس كده.. و اسمه ايه اللي بتقول عليه ده مش هيسكت!"
جو:"لا سيبك منه! المهم الكبار.. بس هلاقلها حل.."
حمادة:" اد كده الموضوع همك "
نظر له جو و نفث الدخان للاعلي و اومأء برأسه في تصميم..
***

جلس الخواجة و علي طاولته المعتادة في المساء مجتمعا ببعض الاصدقاء بينما تواجد حوله جو و الرجال.. اقترب جو من اذن الخواجة و قال:" يا ريس كنت عايز اكلمك في موضوع.."
التفت له الخواجة و قال:" اكلم"
جو:" موضوع طويل شوية.."
الخواجة:" قول بخصوص ايه و بعدين نكمل لما اخلص هنا"
جو:" عايز اضمنلك ان الي حصل امبارح مش هيتكرر تاني.."
الخواجة:"ازاي؟"
جو:" هشتري البنت!"
الخواجة مستفهما:" معكش تمنها؟؟"
جو:" لأ ..معايا.. بس هي عليها مشاكل..مش هيحلها غيرك يا ريس"
الخواجة:"ممم.. موضوع طويل فعلا.. استني بقي لما نخلص هنا"
وقف يوسف متابعا المكان كالمعتاد، منتظرا ان تعلوا الموسيقي في اي وقت معلنة صعود شهد و الفتيات.. و تبدأ فقرة حرق الدم.
كانت عينيه تدور في المكان كما هي طبيعة عمله و لكن فجأة اصطدمت عينه بشيء كان ينقصه حقا..
كان عدوي يتقدم بعض ررفاقه.. داخلا من الباب و يرحب به عطا ..بينما يجوب بنظره المكان بتؤدة.. الي ان التقت عيناهما..
ابتسم عدوي ابتسامة كبيرة وسخيفة.. و فتح ذراعيه عن بعد قائلا:" حبيب قلبي!"
رفع جو يده ملوحا في سخافة.. ثم وجد احدب النادلات تعبر جانبه حاملة صنية اكواب.. فامسك بذراعها و جذبها اليها ثم همس في اذنها.. اومأت الفتاه برأسها و اختفت بسرعة..
اقبل عدوي.. و قام بتحية الرجال من حول جو ثم احتضن جو وربت علي ظهره في حفاوة مفتعلة..
عدوي:" جيت عشان اشوفك..مدام انت مبتسألش.."
جو باشمئزاز:" بس ياله.. هو انا صاحبتك!"
ضحك عدوي وقال:" ها اخبار المزز هنا ايه؟ لسة مفيش جديد؟!"
جو:" اديك هتشوف بعينك..."
فاشار عدوي الي طاولة قريبة و قال:" طيب انا قاعد هناك.. ابقي تعالي اقعد لما تفضي"
وربت علي كتفه و توجه لطاولته بالفعل..
تابعه جو.. ها قد بدأت للتو ليلة اخري من تلف الاعصاب..
***
دخلت سمر حجرة الفتيات الراقصات و معها في يدها النادلة التي حدثها يوسف..
التفتن الفتيات اليها و منهن من نظر اليهما بتعالي..
لم تهتم سمر بل توجهت لشهد و قالت بصوت خفيض:" جو بعتلي البت دي تقولي اقلك ..متطلعيش ترقصي!"
فاومأت النادلة براسها مؤكدة..
فقالت لها شهد:" ليه؟"
فقالت النادلة:"مقالشي.. هو قالي بالحرف.. قولي لسمر تقول لشهد اوعي تطلعي.."
رفعت شهد بصرها للاعلي في وهي تهز رأسها اعتراضا قائلة:" هو فاكر نفسه ايه.؟ بيبعتلي تعليمات كمان و هو قاعد في مكانه.. لو هامه قوي كده..مكلفش خاطره حتي يهز طوله و يقولي بنفسه!!"
طبعا زوزو كانت موجودة وقد القت باذنها عندهن باستماتة لتستمع.. و ما ان سمعت اسم جو حتي قامت و قالت محدثة سمر و النادلة:" انتي بتعملي ابه هنا يا بت .. وانتي يا سمر مش المفروض تبقوا هنا!"
النادلة بحدة:" خلاص يعني دخلنا الجنة.. انا جاية ابلغ رسالة و ماشية.. " و خرجت بعد ان صفقت الباب..
اما سمر فامسكت بيد شهد قائلة:" بلاش يا شهد احسن.. اسمعي الكلام!"
فقالت شهد:" لأ يا سمر ده زودها اوي.. انت مشفتيش اصلك امبارح.. روحي انتي لشغلك و انا هبقي احكيلك"
فخرجت سمر دون حتي ان تنظر لزوزو و كانها لم تسمعها او تراها..
زوزو لشهد:" هتسمعي كلامه؟"
ابتسمت شهدوقالت ساخرة:" هو احنا كان صوتنا عالي اوي كده؟!"
لم ترد زوزو فكلتاهما تعلم انه سؤال هدفه السخرية.. انما قالت:" بكرة بقعدك من الشغل.. انهاردة بيقولك متطلعيش..يا عالم بعد كده ايه؟."
ابتسمت شهد اكثر..لم يكن كلام زوزو ما جعلها تقرر ان تضرب برسالة جو عرض الحائط.. انما بجميع الاحوال هي لم تكن لتترك زوزو تصعد للرقص امام جو.. بينما تبقي هي تشاهد الامر.. و ليعلم جو ايضا انه ان كان يخشي عليها و يهتم بها، فعليه بذل مجهودا اكثر من ارسال النادلة لسمر..
***
مرت النادلة امام جو فاشار اليها بما يعني "هل فعلتِ؟" فأومأت برأسها ايجابا.. فارتاح جو قليلا لمعرفته انه لن يحتاج لان يخوض في مشكلة اخري بسبب شهد الليلة و خصوصا ان مع عدوي سيتحول الامر الي حرب طاحنة مثل ايام الصبا.. كما ان الامر معقد اكثر.. فهو ليس عراكا من اجل فتاه احدهم ضايقها فالاخر صعد الدم الي رأسه.. انما الواقع ان عدوي سيحاول استرداد ما هو حقه بينما يوسف سيمنعه.. وبذلك يصبح موقفا عجيبا معقدا..
علت الموسيقي فجاة معلنا عن موعد الرقص.. بالفعل هلل بعض الرواد و قام بعضهم من مكانه ليرقص ومنهم من كان يرقص جلوسا من مكانه.. وبدأت الفتيات في الخروج و احدة تلو الاخري لتصعد لمكانها.. وكانت المفاجأة الصاعقة لجو هو ان شهد كانت بينهن.. لقد صعدت لمكانها وهي تبتسم ابتسامة عريضة و تشير الي المعجبين من الزبائن.. وبدأت فورا بالرقص.. التفت جو بسرعة ليري رد فعل عدوي.. كان عدوي فاغرا فاه ينظر غير مصدقا لشهد التي لم تراه بعد.. المسكين يبدو انه لم يتوقع ان يجدها امامه بتلك السهولة.. كان يضع احنمالا كبير ان زوزو كاذبة ..ولكنه فوجيء مثله مثل جو بخروج شهد و صعودها للرقص..
وقف يوسف وكل اعصابه مشدودة عن اخرها ..كان يرقب الموقف مستعدا لأي رد فعل من عدوي.. وقلبه يخفق في عنف.. لم يتخيل ان تلك اللحظة المتوقعة منذ لحظة ان اختبأت شهد عنده ستصيبه بكل هذا القلق و التوتر.. لم يقلقه عدوي ابدا في حياته.. و لكن الان هو قلق..قلق بشدة! ليس منه بل قلقا علي شهد..مازال ينظر لعدوي المذهول.. شعر ان دهرا مضي اثناء تلك اللحظات..
بحثت شهد سريعا عن مكان جو ونظرت اليه استعدادا لأن تكيده.. و لكنها وجدته محدقا في نقطة ما في الصالة وعلي وجه اهتمام رهيب.. بالطبع حولت نظرها بسرعة لتري مالذي اثار اهتمام (البيه) .. اصطدمت عيناها بتلك العينيان الكريهة المحدقة بها في لهفة.. العينان التي طالما عانت من نظراتها المتطفلة.. العينان التي تمقت هي صاحبها مقتا بالغا.. ويالـ الهول هاهو صاحبها يجلس بذاته امامها .. لا يفصلها عنه سوي امتار قليلة.. تراجعت للوراء ويكاد فكها يهوي مع قلبها الذي ربما هو ما تعثرت به علي الارض حتي كادت ان تسقط من فوق المساحة الصغيرة التي تعتليها.. لحقت نفسها قبل السقوط .. ثم قفزت في سرعة .. وفرت بسرعة متجهه لباب الصالة.. مما جعل عدوي يهب و اقفا و يتجه بسرعة الي حيث تجري هي ..اين المطواة الان؟.. ذلك الزي السخيف ليس به جيوبا..تعثرت و هي تجري بالحذاء ذو الكعب العالي.. شعرت انها بذلت كم من المجهود و لم تصل للباب بعد.. قامت و عاودت الجري.. لتجد عدوي يحيطها بذراعه قائلا:" وحشتيني يا بت يا شهد!"

اما جو فبمجرد ان رأي شهد تسرع للباب ..استدار للخواجة قائلا:" اعذرني يا ريس.. لازم الحق مصيبة!"
واسرع باتجاهها.. ولكن عدوي كان اسرع منه فامسك بها و قام بشبه حملها الي الخارج و هو يكتم نفسها.. كان ايضا قويا و لم تقدر عليه شهد..خرج بها الي سيارته العملاقة ذات الدفع الرباعي و فتح الباب ليلقي بها اولا ويدفعها ثم يدخل خلفها ..فتصبح هي علي الكرسي بجوار القائد بينما هو علي كرسي القائد .. و قبل ان يغلق القفل الابواب فوجيء بجو ينقض علي الباب ليفتحه و يدخل..فيصبح جو جالسا في الخلف.. اخرج عدوي مسدسا و صوبه الي رأس شهد قائلا بعد ان اغلق القفل:" كنت عارف انك لقيتها و طمعت فيها! و قال بتتهمني دايما اني واطي!"
جو:" الواطي اللي يرفع سلاح علي بت"
عدوي:" والله انا شايف بما انك جيت نطلع كلنا عل المعلم مرعي و هو اللي يقول مين اللي واطي!"
كانت شهد تبكي في صمت مذعورة.. غير مصدقة ان عدوي و جدها و ستمضي حياتها ملك له.. كانت تدرك جيدا ان جو مهما فعل من بطوله الان.. لا يجود لديه اي حق.. فهي هاربة و بالفعل ملكا لعدوي.. بل قد يقتله المعلم مرعي او حتي عدوي بدم بارد بحجة انه تعدي علي ملكيتهم و لن يلومهم لائم.."
قالت و سط دموعها:" نزله يا عدوي.. هو ماله؟ انا هربت منك و انت جبتني...ماله هو ومال المعلم ؟"
عدوي ضاحكا بانفعال:" يا سيييدي! ده الموضوع مش ناحيته بس! صبرك عليا بس اما نخلص منه.. وشك الحلو ده مش هيبانله ملامح و لا نسيتي!"
قالها و مر بكفه علي وجهها ليضايقها .. فدفعت يده بعنف فصفعها بقوة.. و بسرعة صوب صوب المسدس لرأسها و هو ينظر لجو مهددا قبل ان يتمكن جو من الانقاضاض عليه و تمزيقه من اجل ما فعل توا..
كان جو يرمقه بنظرات نارية .. يدرس الامر من كل الجوانب .. و قد كانت الصفعة و ما تلاها من بكاء شهد الصامت اشبه بطعنات نافذة في صدره..
قال و هو يضغط علي اسنانه:" طب ايه رأيك في صفقة؟ تاخد كام؟"
عدوي ساخرا:" معاك كام؟"
جو:" اللي تطلبه معابا اكتر من عشرة.."
نظر عدوي لشهد:"لا دانت طلعتي غاليه عنده اوي.. انا كحيان حياله دافع 3 بس و متنازل كمان عن نص اللي بتكسبيه للمعلم.. ليكي حق يدخل دماغك"
فقال جو بحدة:" كلمني انا! تاخد كام؟"
عدوي:" يعني يرضيك تاخد حاجة اخوك عينه فيها؟! "
جو:" يرضيك انت؟!"

عدوي :" خلاص ! مدام احنا اخوات نخسر بعض ليه عشانها؟.. احنا نخلص منها و نرتاح" وثبت فوهة المسدس الي رأسها.. فاغمضت شهد عينيها.. و هوي قلب يوسف
وصاح قائلا:" انت عبيط؟! بعد ما استنيتها سنين جاي تخلص منها دلوقتي! خلاص يا عم حلال عليك بس شيل البتاع ده!"
ضحك عدوي ساخرا:" بلعب معاكوا يا جدعان انت خدتوا الموضوع جد كده ليه؟." ونظر الي شهد ممثلا التعاطف :" خايف عليكي اوي.. يا سيدي علـعواطف!"
ثم عاد ينظر الي جو قائلا بجدية:" انس يا جو! شهد بتاعتي.. انا صبرت سنين لحد ماخدتها.. وانت مش عشان طيب و حنين و كلت عقلها بكلمتين هتفتكر انك ممكن تاخدها مني.. ساعتها انس بقي الاخوة! هموتك و ضميري مستريح"
ونظر الي شهد قائلا:" شهد انا بقلك اهه قدام واحد بعتبره اخويا.. لو جيتي معايا دلوقتي و سمعتي الكلام هتشوفي عيشة محصلتش و عدوي تاني غير اللي عرفتيه طول حياتك.. انا ناوي اجوزك يا بت! "
اتسعت عينا شهد ذهولا.. لم تتوقع ابدا ان يعرض عليها احد الزواج ابدا في حياتها ويوم ان يحدث يأتي ذلك العرض المقدس حلم كل فتاة علي وجه الارض من اكثر شخص تكرهه في الكون!
اكمل عدوي:" لكن هتعيش دور الهربانة.. هتشوفي معاملة اوسخ من كل الي شفتيه مني في حياتك..و في الاخر كده او كده.. هتفضلي معايا.. انا خلاص مشتريكي رسمي! اختاري يا بنت الحلال.. و انا بشهد جو اهه.. لو اتعدلتي لكون مجوزك!"
لوهلة شعر جو بالخوف.. لسبب غريب حقا.. ليس علي شهد و ليس لفوهة المسدس المصوبة لرأسها و ليس من جنون و عنف عدوي.. ولا بسبب الموقف المعقد الحاصل الان.. انما خشي ان توافق! خشي ان تري ما يعجبها في عرض عدوي.. الزواج هو امرا لا تحلم به اي فتاة مثلها.. برغم جمالها فهي مازالت سلعة .. و البيع و الشراء فيها مربحا للطرفين.. هل تصدق حقا انه سيتغير معها و يصبح شخصا افضل؟!! هل سيغريها عرض الزواج؟!!
نظر يتاملها.. مذهولة تنظر لعدوي.. دموعها تبلل و جنتيها و انفها الدقيق احمر مثل عينيها الغارقتان في الدموع.. اقسم بالله يا عدوي ان اجعلك تندم علي كل دمعة نزلت من عينها.. هكذا عاهد في سره! .. ما ردك يا شهد.. هل توافقين؟!!
قالت شهد بهدوء بصوت خنقته الدموع :" يا عدوي هتتجوز واحدة مش عايزاك!"
خرج نفسا كان محبوسا في صدر جو..
قال عدوي ببرود": كنت عارف انك فقرية و غاوية بهدلة!! و انا هوريكي بهدلة عمرك ما شفتيها!"
التفت الي جو و قال بعد ان فتح القفل:" انزل.. و قتك معانا انتهي.. انزل!"
نظر جو الي المسدس المصوب اليها و الي نظرات عدوي المجنونة..ثم الي شهد التي تبكي مرتجفة..فصاح عدوي مرة اخري بانفعال:" بقولك انزل بدل ما امتوها و بعدين اموتك و ارتاح منكوا!"
شعر جو ان رفض شهد لعدوي اصابه بالجنون و قد يصدر منه اي تصرف مؤذ لها.. هل يترجل و يتركها معه! ام ماذا؟؟
صاح عدوي بعد ان خبط فوهة المسدس بقوة علي رأس شهد التي صرخت الما:"هو انت مش سامع لا مش شايف ده! انزل بقولك!"
بالفعل نزل يوسف بهدوء شديد كان يحاول ان يعطي لنفسه فرصة للتفكير..
و اذ فجأةّّ صرخ عدوي الما.. لقد انتهزت شهد فرصة التفاته لجو و نزعت ولاعة السيارة الساخنة و غرستها في فخده.. ثم دفعت ذراعه الممسكة بالمسدس بعيدا و استدارت لتنزل من السيارة في سرعة.. انطلقت تعدو باتجاه المحل مرة اخري.. اما جو بعد ان وجه لكمة قوية لعدوي، لحق بها حيث ان بالداخل رفاق عدوي و قد يمسكون بها..
توجهت شهد سريعا الي حيث تضع حقيبتها و اخرجت المطواة .. لم ينتبه احدا لما قد حدث او ما يحدث فمرور فتاه تجري ليس شيئا ملفتا للدرجة.. ظهر لها عطا من مكان ما قائلا:" انتي فين يا شهد بقالك نص ساعة مش في مكانك! "
قالت له شهد ة هي تلهث محذرة:" اوعي من وشي يا راجل انت!"
صعقه ردها و بالفعل ازاحته من طريقها فابتعد مذهولا.. ثم و جدت بعدها يوسف مقبلا عليها و هي في منتصف الصالة.. وقف امامها يلهث .. لم يتحدث .. تأكد ان لا احد من رفقا عدوي بالصالة ثم قال:" جدعة يا بت!"
قالت باكية وبسرعة:"اشوف و شك بخير!"
امسكها قبل ان تذهب:" علي فين؟"
شهد:" ههرب منه تاني.. اطلع انت من الموضع عشان ميحصلكش مشاكل. انت هنا في بيتك و اكل عيشك.. مش عايزاك تضر.."
امسك بذراعها و جذبها الي حيث طاولة الخواجة و امرها الا تتحرك ..اقترب جو من الخواجة الذي نظر اليه منتظرا تفسير..
قال جو:" يا ريس.. لازم اكلم معاك.. الموضوع كبر!"
الخواجة:" دي تاني مرة تسيب مكانك عشان البنت دي!"
جو:" عشان اللي بيحصل مش جدعنة يا ريس و ميرضيش حد... انت عارفني كويس .. انا عمري ما صدر مني اي حاجة زي كده.. واوعدك يا ريس مش هيحصل تاني ابدا لو البت دي ملكي و تحت سيطرتي!"
الخواجة ببرود:"من امتي الجارد بيدخل ريسه في تفاصيل تافهة في حياته زي دي! انت نسيت نفسك!"
جو:" يا ريس انا مش بكلمك دلوقتي بصفك ريسي.. انا متعشم فيك تعتبرني اخوك الصغير.. انا فديت نفسي عشانك كتير با ريس!"
ابتسم الخواجة و قال:" طب خلصني من غير تفاصيل! عايز ايه عشان ترجع تركز تاني؟"
جو:" البنت بتاعة و احد مش عايز يبيعها! "
الخواجة:" بسيطة نبيعه!"
جو:" معاه كمان شريك.."
الخواجة مصرا:" نبيعه هو و الشريك!"
جو:" الشريك يبقي المعلم مرعي!"
الخواجة:"يعني دي البت اللي قالبوا الدنيا عليها؟!"
اومأ جو برأسه
الخواجة:" لا معلش يا جو.. انت كده هتعملنا ازمة! مش لازم البت دي خالص.. شوف غيرها و هدفعهالك هدية مني"
جو:" البت مش طايقة.. و متحامية فيا.. اخلي بيها يا ريس؟!"
الخواجة:" و من امتي البنات بيتاخد رأيهم يا جو؟ وهي كل ما تتباع هتنقي المشتري؟.. ده كلام فارغ و ميستاهلش اني اخسر عليه المعلم مرعي.. "
قطع كلامهم دخول عدوي للصالة و هو يصيح شاهرا مسدسه و ملوحا به:" شهد! انتي يا شهد!"
تدافع الناس للهروب من امامه و حدثت ربكة في الصالة و سط صراخ و ذعر..
عندما سمعت شهد اسمها انتفضت مكانها و اندفعت لتمسك بذراع جو وتتشبث به طالبة الحماية و الامان..
قال جو للخواجة في محاولة اخيرة:" شفت يا ريس اهو ده المجنون الي بهربها منه.. بص داخل بقلة ادب ازاي و لا عامل احترام للكبار اللي فلمكان.."
اصاب حديث يوسف هدفه.. فقد تحدث الخواجة الي عدوي من مكانه بنبرة باردة يملوءها الكبر:" انت يا بني انت! صوتك يوطي و سلاحك ينزل لما تبقي في حضور الخواجة! لو مش متعلم الادب نعلمهولك!"
كان عدوي عصبيا جنونيا و لما التفت الي الخواجة ليجد شهد تقف بقربه مع جو.. تخيل ان الخواجة في صفهما ينصرهما و يحميها..
فقال:" ااااه .. ده كمين بقي..عايزين تلهفوا البت مني.. لكن انا مش هسكت.. شهد بتاعتي و هاخدها غصب عن عين الكبير فيكوا"
قال الخواجة:" غصب عن مين يا واد انت؟؟! و اضح انك فعلا محتاج تتعلم الادب.." واشار الي رجاله منفذي الاوامر قائلا:" علموه الادب"
بالفعل توجه اليه رجال الخواجة زملاء جو.. الا انه صوب المسدس باتجاههم و اطلق طلقة عشوائية لم تصب احد و هو يقول:" اللي هيقرب هيموت!"
فقاموا جميعا باشهار اسلحتهم في وجهه.. كان موقفه ضعيفا هم خمسة و هو احد..
قال الخواجة:" خدوه برة.. عايزه يرجع للمعلم بتاعه مفيهوش حتة سليمة.. عشان يتعلم يكلم اسياده ازاي"
تنفست شهد الصعداء .. لم تكن تصدق ان الموقف انقلب لينتهي تلك النهاية الرائعة.. الا انها قد تسرعت.. فقد قام عدوي بحركة اكروباتية و افلت من الخمسة رجال متجها الناحية المعاكسة لهم و قفز فوق بعض الطاولات وسلاحه مازال في يده.. كان متجها حيث كانت شهد و جو و الخواجة..صوبه باتجاههم و صاح و هو يقفز علي اخر طاولة قربهم:" لو مخدتكيش هموتك يا شهد!" و هم بالضغط علي الزناد.. و لكنه لم يضغط بل سقط فجأة قرب اقدامهم وسالت من جسده دماءا.. بينما وقف جو مصدوما ومازالت يده مرفوعة بها المسدس الذي اطلق منه تلك الطلقة التي اصابت عدوي.. هز الخواجة جسد عدوي بقدمه، فاصدرعدوي تأوها عاليا.. فقال الخواجة:" مامتش.."
ثم امر رجاله:"شيلوه ودوه في اي داهية يتعالج و لما يخف يتبعت لمعلمه.. "
ثم ستدار لجو و قال:" جدع يا واد .. مين عارف الطلقة اللي كان هيضربها كانت هتيحي في مين.. تصدق انك اول مرة تضرب من المسدس ده! انا جايبهولك بقالي اد ايه؟!! عمرك ما ضربت منه علي حد.. جدع ضربت في الوقت الصح.. بس يا خسارة الواد مامتش.. ابقي نشن عدل المرة الجاية!"
لم يدر الخواجة ان نشان جو كان (عدل) و لم يكن خطأ..
نظر الخواجة الي شهد التي مازالت منزعجة و مضطربة جراء كل ما حدث وقال لجو:" انا عارف هكافئك بأيه المرة دي.. اعتبر الموضوع اللي طلبته خلص!"
التقت فورا جو لشهد وقال :" مش عايزة تخشي لسمر تشربي حاجة جوة و تهدي شوية؟" اومأت شهد برأسها في توتر و ذهبت الي المطبخ بدون ان تتحدث..
فعاد جو لحديثه مع الخواجة، قال بلهفة:" بجد يا ريس؟ ازاي!"
الخواجة:" الواد ده اتجراء ورقع سلاحه واتهجم عليا في منطقتي و لا لأ؟"
جو:" حصل"
الخواجة:" خلاص وانا مسكته و صادرت كل املاكه و هبعتوا عريان لمعلمه! انت دلوقتي بتكلم المالك الجديد!"
توجس جو قليلا فقد خشي ان يطمع فيها الخواجة هو الاخر..
ولكن الخواجة قال مبتسما:"هات تمنها.. و مش هكرمك في مليم!!"
لم يصدق جو نفسه فقال:"اؤمرني.. الي تقول عليه"
الخواجة:" مش هاخد منك فلوس.. بس مش هديك مرتب لمدة 3 شهور.. "
جو سعيدا:" موافق! متشكر اوي يا ريس.."
الخواجة :"اطلبلي بقي المعلم مرعي بتاعها ده.. في كلمتين عايز اقلهمله.."
وبالفعل حدثه حديث شديد اللهجة و اخبره ما حدث و ان شهد اصبحت ملكا له بعد صادر ممتلكات عدوي و طالب باعتذار منه عما بدر من صبيه قليل الادب و عديم الاخلاق..
وكان رد مرعي هو انه تنصل تماما من انتساب عدوي لجماعته..و اخبره ان ما بينهم هو علاقة عمل سطحية.. وتظلم طالبا اطلاق سراح شهد ففي ذلك خسارة له.. فاخبره الخواجة انه لم يعد بامكانه حتي اعادة النظر في الامر فقد باع شهد للتو.. واقترح ان ربما عليه ان يبحث بمعرفته عنها و يفاوض من اجل اعادة شرائها مرة اخري..فالامر لم يعد بيده..
كان جو يستمع الي المكالمة .. ليتاكد ان لا ذيولا باقية في الامر و ان شهد بالفعل رسميا صارت ملكه..
كان مازال غير مصدقا..سرح و هو يتابع النادلات و العمال يعيدون ترتيب المكان ، و رواد الصالة يتحدثون في صخب حول ما حدث، بينما كان عطا يحاول ادارة الازمة و تهدئة الاوضاع...في نهاية الامرمثل تلك الاحداث ليست جديدة علي المكان و لن يمر ساعة قبل ان يعود كل شيء لطبيعته .. كان هو يفكر بعمق في رد فعل شهد .. كيف سيخبرها؟ هل ستفرح؟ كان هو فرحا علي ايه حال..
تذكر كيف ضغط علي الزناد و اطلق ارصاص..كان يعتقد ان هذا امرا ليس بامكانه فعله.. كما قال الخواجة هو لم يطلق رصاصة من هذا المسدس قط.. و لم يكن ينو.. و لكنه عندما رأي المسدس مصوب نحو شهد و عدوي علي وشك الضغط علي الزناد.. وجد نفسه تلقائيا يطلق هو عليه ليحمي شهد.. حاول الا يقتله و نجح.. فهو لن يسامح نفسه ان قتل عدوي.. او اي انسانا.. كانت مجاذفة.. و لكن حياة شهد تستحق ان يجاذف حتي بحياته هو نفسه من اجلها.. ابتسم مرة اخري في سعادة .. لقد اصبحت ملكه




بيبه الجميله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-13, 05:58 PM   #12

بيبه الجميله

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية بيبه الجميله

? العضوٌ??? » 271411
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 342
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » بيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
افتراضي

اللصة :: (10)

كانت شهد تجلس علي كرسي في المطبخ في حالة من الاضطراب ممتزجة ببعض البكاء و قد و ضعت لها سمر كوبا من العصير البارد في يدها، تدريجيا التف حولها معظم الفتيات و علي رأسهم زوزو و قد دس مندو نفسه بينهن ليستمع الي اجابات شهد عليهن بخصوص ما حدث للتو..
كانت زوزو اكثر من سأل وكأنها تحاول اظهار و التأكيد علي عدم معرفتها بشيء، بينما كانت شهد تجيب اجابات مشتتة و جمل غير مترابطة، ولكنهن نجحن في بناء القصة بصورة تعتبر صحيحة.
حاولت سمر ابعادهن حتي تهدأ صديقتها و ايضا حتي تنفرد بها و تحصل علي تفاصيل اكثر، ة لكنها فشلت فقد كان الحدث اكبر من كل مرة، فقد اطلق جو الرصاص علي شخص.. كانت سابقة في حد ذاتها.. وكونه اطلقه من اجل شهد، فالامر يستحق سماع القصة وراءه.. و ماكان من قصة شهد و هروبها من عدوي واحتمائها بجو المفترض انه صديقه كانت مثيرة جدا .. لذا لم تنجح سمر في ان ترسل الفتيات الي الخارج و تبعدهم عن شهد..
سمر و هي تربت علي كتف شهد:" يعني انتي كده بقيتي حرة يا شهد! مبروك يا حبيبتي"
شهد مفكرة بعمق:" هو مات؟ لما يفوقلي –الهي ما يوعي يفوق- هيرجع ينتقم مني.. لازم اخفي في حتة تانية"
سمر:" و ليه؟؟ خليكي في وسطينا و جنب جو و زي ما حماكي منه طول المدة دي يحميكي تاني "
زوزو:" مفيش حاجة اسمها كده! شهد ملك اللي اسمه عدوي ده.. واخد رصاصة بقي ..مكسر..طول ماهو عايش هي من حقه.. اللي عمله جو ده اكبر غلط .. وهيسببلوا و يسببلها مشاكل! "
سمر:" والنبي ملكيش دعوة انتي يا ختي.. اطلعي منها.. انتي مفروسة و بطلعي نفسانتك علي البت الغلبانة"
زوزو و قد استعدت للردح:" نعم يا حبيبتي! و انا ايه اللي يفرسني؟! ماعاش و لا كان اللي يفرسني؟! انتي اللي تطلعي منها.. انا و شهد بنكلم مبقاش الا خدامين الصالة اللي هيتحشروا بنا"
سمر و قد انفعلت و همت بتطويل يديها و هي تقول بحدة:" انا بقي هوريكي الخدامين بيتعاملوا ازي مع قلالات الرباية اللي زيك!"
وتدخلت الفتيات لتمنعها بينما استعدت لها زوزو فالتف حولها فتيات اخريات احطياطيا
وفجأة صرخت بهم شهد و هي تضع يديها علي اذنيها في انيهار:" بس! بس! انتوا مصدقتوا!"
تمت السيطرة علي العركة الصغيرة بين زوزو و سمر، و قبل ان تخرج زوزو غاضبة فوجئت بجو يدلف الي المطبخ، فابتسمت بعد ان كانت عابسة و قالت:" تسلم ايدك يا بطل.. الحمد لله انك كويس..قلبي و قع من الخضة"
ثم ربتت علي صدره في دلال ..فابتسم لها و ربت بدوره علي يدها الموضوعة علي صدره قائلا:" تسلمي يا زوزو" ، في لحظتها القت زوزو نظرة ذات معني واضح لشهد ، فاشاحت شهد بوجهها فلم يكن ينقصها الان ان تتجاوب او حتي تتلقي هذه النوعية من التصرفات.. اما جو فقد كان مبتسما ابتسامة مشرقة، وقد استقبلتها زوزو علي انها رد فعل لاهتمامها به.. فانتفخت وزادت في نظرات الكيد للجميع و ليس لشهد فقط.
بعد ان قام جو بالتربيت علي يدها في امتنان ، ابعد يدها و تخطاها هي شخصيا وتوجه بنظراته و ورجليه و كيانه كله الي شهد و نادها مبتسما..
نظرت اليه و قامت متوجة نحوه و قالت :" يا جو انا و النعمة ما عارفة اقولك ايه؟ دانا لو شكرتك من هنا للسنة الجاية يدوبك يكفي اللي عملته معايا لحد قبل الليلة.. انما اللي عملته الليلة دي والله ما في كلام لاقياه اقولهولك!"
كان لا يزال مبتسما ينظر اليها بسعادة.. لم يكن حقا مهتما بما تقول .. لم يكن منصتا.. كان يحدق بها و يتأملها وهي تتحدث.. يستمع الي صوتها.. غير مميزا لكلماتها..
اكملت شهد:" انت جميلك فوق راسي و علي رقبتي.. و الناس اللي واقفة دي تشهد عليا.. اول ما استقر في مكان هعرفك فين.. واي طلب انت عايزه اؤمرني بس! "
جو:" وانتي فاكرة انك هتمشي؟"
شهد:"هو ده الصح.. و علي رأي زوزو اللي حصل ده كان اكبر غلط و مش هيجيب غير المشاكل ليا وليك"
القي يوسف نظرة جانبية نارية الي زوزو و ثم عاد ليقول لشهد:"بما انك هتنفذيلي اللي اطلبه.. اول طلب اطلبه منك.. بلاش تمشي و را كلام حد!"
برغم من ان شهد لم تكن في مزاج (للعكننة )علي زوزو و لكن اعجبها (التخبيط) الغير مباشر الذي بدي في كلام يوسف وقد ترائي ذلك في نظرة سريعة القتها الي زوزو..
قالت شهد بأسي:" حاضر.. بس العقل بيقول ان الصح اني امشي قبل ما عدوي يفوقلي تاني.. المرة دي هيتقال انك كنت بتحمي ريسك من و احد كان هيضرب نار ناحيته، و هتعدي و محدش له عندك حاجة.. بس مش كل مرة تسلم الجرة"
جوبحزم:" مفيش كل مرة! دي المرة الاخيرة.. عدوي لو خطا جنبك تاني هكسرله رجله"
شهقت سمر شهقة خافتة من فرط التأثر بالجملة.. وسرحت بهما وكأنها تشاهد فيلما رومانسيا..كان ينقصها فقط علبة فشار واريكة..
غمر شهد احساسا غريبا، لقد اثرت بها كلمته الاخيرة بشدة.. كيف يصر علي ان يكون بهذه الرجولة و القوة الممزوجة بالحنان و الرعاية.. مع قدر كبير من الحزم و القسوة؟! كل هذا في ان واحد!!
التفت جو فجأة للفتيات و مندو و قال متسألا:" هي الناس دي كلها هنا بتعمل ايه؟؟!!"
ارتبكن و منهم من بررت و جودها بلإطمئنان علي شهد..و منهن من توجهت للباب في احراج.. انتهي الامر ان خرجن جمعيا الا زوزو، فقد بدأت في صنع الشاي قائلة باقتضاب:" انا عندي راحة و هشرب شاي!"
اما سمر فقد تظاهرت بالعودة للعمل بقرب الحوض بينما تركت حواسها الخمس مع يوسف و شهد ، و كذلك فعل مندو بعد ان جلس قرب زوزو..
قالت شهد:" جو انا مقدرة خوفك عليا! متخافش انا افوت في الحديد.. شفت في العربية علمت فيه ايه؟ و قبل كده رشقتله ازازة في كتفه! المرة الجاية انا ناوية علي عينه ان شاء الله.. مش زوزو بتقول طول ما هو عايش انا ملكه؟! و انا طول مانا عايشة ما هيملكني ابدا!"
ابتسم جو في استخفاف و قال :" هو محدش بيكلمك في الحياة غير زوزو.. كل اصحابك قاطعوكي؟!"
ارتبكت زوزو في جلستها عن بعد، جاولت ان تظهر انها لم تسمع و تشاغلت بكوب الشاي في يديها..
و لكن لاحظت شهد ذلك و لاح علي شفتيها شبح ابتسامة ساخرة من الامر..
فاكمل جو:" شهد انتي مش فاهمة! مفيش عدوي تاني!"
شهد مصعوقة:" مات؟!"
جو:" لأ.. يا شيخة بعد الشر"
عقدت شهد حاجبيها و نظرت له بغباء ، فقال هامسا:" يموت موتة ربنا ولا اتوبيس يهفه بعيد عني.. انما يموت، و ابقي انا اللي قتلته؟! " حرك رأسه مستنكرا للفكرة
ثم عاد و قال مبتسما و ببطء حتي يثير فضولها:"الخواجة صادر ممتلكات عدوي.....و انتي يا حلوة من ضمنها" اتسعت عينا شهد الجميلتين في محاولة لاستيعاب الامر..
اكمل جو:"فبقيتي ملك الخواجة..."
بدا علي وجهها الذهول و قالت:" يانهار مش باين!"
فاكمل و كانها لم تتحدث و قال:" قام هو باعك في ساعتها.. هيعمل ايه بواحدة مسلوعة وخيبانة زيك؟!"
امسكت شهد بقميصه من الصدر بحركة لا ارادية وقالت بلهفة و انزعاج:" لمين؟!!!!!"
فامسك بيدها و ازاحها بتعال وكبر مصطنعين و قال:" حد يمسك المالك بتاعه من قميصه كده؟!"
سمعا صوت انفجار كوب زجاجي يحمل شايا ارتطم بالارض بعد ان سقط من يد اصابها هول المفجأة بالصدمة ، وكان الصوت مختلطا بشهقة عالية صادرة من حنجرة سعيدة متأثرة و مذهولة..
اما شهد فلم تتمكن من استيعاب الامر فسألت بفم ينغلق بصعوبة:" مالك مين؟"
جو مبتسما في تشف:" المالك بتاعك؟"
شهد تكذب نفسها:"مين ده؟"
جو:" انا!"
شهد:"انت المالك بتاعي؟َ!!"
جو:" ايوة!"
شهد:" اشترتني!!!"
جو:" ايوة!"
نظرت شهد حولها غير مصدقة تحاول ان تتأكد من كان الموجودين انهم سمعوا ما سمعت.. عندما التقت عينها بسمر رأت سعادة و فرحة غامرة و عندما وقع بصرها علي زوزو لتجدها مذهولة و عصبية تذيل اثار الكوب المتحطم في غل و غضب..
فسأل جو ساخرا:" مستنية رأي زوزو؟! "
ولكن شهد قالت بتوجس:" وانت ناوي علي ايه يا جو؟ "
جو مستنكرا سؤالها:" ناوي علي ايه في ايه؟!"
شهد:" هتبيعني؟"
جو:"لأ طبعا"
ابتسمت شهد ابتسامة هذيلة فهي مازلت متوجسة ، قلقة ، غير فاهمة و قالت:" طب ده كويس..انت جدع اوي يا جو.. واحد تاني كان باعني لأعلي مبلغ و كسب من و رايا قد كده.."
كانت تحاول تملقه و كسب رضائه اثناء الحديث عله يكون رحيما بها ..
جو:" لأ انا مش غبي ..قعادك معيا هيكسبني اكتر!"
شهد و مندهشة و غير راضية بالمرة:" هتشغلني و تاخد شقايا؟؟؟!!!!"
ضربها جو علي رأسها برفق و قال ضاغطا علي اسنانه:" مين ده اللي ياخد شقاكي؟! اتعلمي بقي تكلمي عدل!! لأ طبعا"
شهد و هي تلهث من فرط الاثارة و السعادة وعدم التصديق:" كنت متأكدة.. كنت عارفة ان هي دي اخلاقك.. انت بحد راجل.. ارجل واحد في المنطقة.. في العالم.."
جو:" علي مهلك بس.. ليه ده كله؟"
شهد بابتسامة واسعة و حماس:" مهو مدام و لا هتبيعني و لا هشتغل وكتسب من ورايا.. يبقي انت اشترتني عشان ترجعلي حريتي.. هتنازل عني..صح؟!"
جو:" اولا ارجعلك حريتك ايه بس؟ وانت عمرك ما شوفتيها اساسا.. ثانيا انا مش جمعية خيرية يا روح خالتك ولا لاقي فلوسي في الارض عشان اشتري حاجة و بعدين اسيبها.. ثالثا.. المفروض بعد كل اللي حصل ده تبوسي ايدي عشان احميكي.. قاعدك معايا مصلحة ليكي قبل ما تكون ليا.. "
لم تتمكن سمر من الحفاظ علي صمتها اكثر فقالت لشهد:" و النبي عين العقل!"
فتراجعت شهد و قد بدأ الغضب ينتابها بعد ان استوعبت الامر و زال اثر المفاجأة قالت بحدة:" يا سلام! لهو انا كنت بهرب من واحد عشان يطلعي و احد تاني!"
جو :" انتي كمان مش عاجبك!!بقي بعد كل اللي عملته عشانك و حرقة الدم والاعصاب بتقارنيني انا و عدوي ببعض.. بقي انا و احد زي زيه!!"
شهد:" مانت مختلفتش عنه في حاجة اهو.. هو قلب الدنيا عشان يملكني و انت عملت زيه.. ايش حال اذا ماكنت قعدت ووفضفضت معاك و عارف انا اتعذبت اد ايه؟! برضه جاي تقولي ملكي؟!"
جو بعصبية:" يا بنت الغبية! انت كده في حمايا.. يعني عاجبك عيشتك المنلية اللي كل يوم فيها مشكلة؟"
شهد بحدة:" وانا كنت طلبت منك حماية؟!! المشاكل انت اللي بتعملها؟!"
جو و قد وصل انفعاله لقمته:" بقي انا اللي بعمل المشاكل؟! بعملها عشان انا مجنون؟ و لا عشان واحدة غبية مبتعرفش تحافظ علي نفسها.. دانا كده ضمنتلك ان ولا مرعي و لا عدوي ليهم اي حق فيكي.. حتي الخواجة لولا اني كلمته وخاطري عنده كان زمانه باعك لاول واحد معدي..انت متلزميهوش في حاجة!..بقولك ايه؟! هو انا بكلم معاكي ليه اصلا؟! صح فعلا.. من امتي البنات بيتاخد رأيهم في المشتري؟.. قدامي!"
واشار بيده الي الباب..
تسمرت شهد مكانها للحظات تحسب الامر.. في جميع الاحوال هي لن تقدم علي ايذاءه ابدا مثل ما فعلت بعدوي.. فهروبها مستخدمة اي سلاح خارج الخيارات.. و كما هو واضح لن تتمكن من مقاومته و الافلات منه ان حاول ان يتعامل معها جسديا او اخذها معه بالقوة.. كما ان زوزو تتابع الامر و هي لن تضع نفسها في موقف مهين امامها او امام اي شخص في الصالة.. الخيار المتبقي هو ان تمتثل الان حفاظا علي ماء و جهها..

بالفعل سارت غاضبة الي الباب مثلما امر و سار هو خلفها.. كان الغيظ منها يملئه ، فبعد كل ما فعل من اجلها تأتي الان لتقارنه بعدوي.. و تعترض بدلا من ان تطير فرحا علي تملكه لها.. كانت تسير امامه بذلك الزي المنحل وقد ازداد غضبا و صار يتذكر لها كل سيء.. كل موقف ضايقة او اغاظه ، عن عمد او بدون.. بحق او من دون.. حسنا يا شهد لقد فتحتي علي نفسك ابوب (فش الغل)!
مشا بجوارها في الشارع.. كانت صامتة تفكر في الامر.. حسنا ليس الامر سيئا للدرجة فجو لا يقارن بعدوي او المعلم مرعي.. علي الاقل هو انسان..غير مؤذ و حنون.. ثم انها اقامت في بيته فترة و كان كريما لطيفا.. كما انه بالفعل حماية لها.. و لكن سبب ضيقها هو انها توقعت ان يكون اكرم من هذا و يتنازل عنها.. ثم ما مصلحته في ابقائها ان كان لا يريد بيعها ولن يستفيد من مهارتها الحرفية في السرقة.. يا المصيبة ايكون غرضه قذرا مثل اغراض عدوي؟؟ و لكنه لم يبد قط اهتماما بها من تلك الناحية و ينعتها دائما (بالمقددة المسلوعة).. و عندما باتت في داره كان غاية في الاحترام.. لا .. جو ليس من تلك النوعية من الاشخاص.. هو حتي لم يمتلك اي فتاة من قبل.. فلنأمل انه حقا كذلك! لأن ساعته سيؤلمها حقا ان تضطر الي ايذاءه..
عندما وصلا فتح لها الباب و تأكد من دخوها ثم دخل خلفها و اغلق الباب
قال باسلوب خال تماما من الذوق وهو يخلع قميصه:" اعملي عشا! جعان"
نظرت له شهد مندهشة:" نعم!"
جو:" اتطرشتي؟! اعملي عشا.. افتحي التلاجة وشوفي هتعشيني ايه؟ انا جعان..بسرعة"
شهد :" و متعشتش ليه عند عطا؟"
جو حانقا:" مكنتش فاضي! كنت بضرب نار علي واحد!"
احرجت شهد من رده و توجهت للثلاجة فعلا لاعداد الطعام..
كانت تري انه برغم كل شيء يستحق منها علي الاقل تلك الوجبة، اعدت ما تيسر ، فقال بنفس النبرة الآمرة اثناء انشغالها:" وشاي.."
اومأت برأسها و بالفعل بدأت في اعداده، و ما ان انتهت حتي قدمت ما اعدت ووضعته امامه علي الطاولة الصغيرة، لم يشكرها و لكنه قال ببرود:" اعدي كلي!"
فقالت شهد ببؤس :" مش جعانة.."
فصاح بها:"اللي اقوله يتنفذ.. انا مش بتعازم عليكي.. من هنا ورايح مفيش حاجة اسمها مكلتش! انا مش ناقص بلاوي .. وخلق صفرة و بهتانة! نا عايزك بصحتك عشان تسدي في الخدمة!"
نظرت له شهد مستنكره حديثه الجاف، فنهرها:" اعدي بقولك!"
جلست بسرعة و بدأت تأكل في صمت.. ثم قالت و عنينها لا تزال تننظران لاسفل للطعام امامها:" انا كنت بس عايزة اروح عند زوزو!"
فانتفض من مكانه و امسك ذراعها و ضغط عليه قائلا بانفعال:" زوزو؟! زوزو تاني.."
شهد و هي تحمي نفسها بذراعها الاخري و تبعد وجهها قائلة :"عشان اجيب حاجتي.. هدومي كلها هناك!"
فترك ذراعها و نظر اليها رافعا احد حاجبيه و سأل بهدوء:" هدومك الزبالة! ماشي هروح اجيبهالك انا"
شهد:" اروح انا عشان الممهم مش هتعرف انت!"
جو:"نروح مع بعض.. انت اصلا من هنا ورايح مش هتعتبي برة البيت ده غير معايا.."
شهد مستنكرة:"يا سلام! طب افرض عوزت حاجة وانت برة.. ده المعلم مرعي نفسه مكانش بيعمل معايا كده! كنت طول اليوم في الشوارع"
جو:" تحبي ترجعيله؟! ده بيدور علي اللي اشتراكي عشان يدفعله مبلغ كبير و يرجعك تاني.. تحبي؟!"

تراجعت شهد و قالت:" اقصد يعني لازمتها ايه الحبسة.. هو انا ههرب؟"
ابتسم جو بشدة و قال ساخرا:"لا.. لا سمح الله.. دا حتي مش من طبعك"
لم ترد بل صمتت غاضبة و وضعت وجهها في الطعام..
قال جو:" و علي فكرة لبس الراقصات بتاعك ده مش عايز المحه ابدا.."
لم ترد ايضا..
فعاد ليقول:"و بعد كده .. لما هدومي تتوسخ تتغسل.. و البيت يبقي نضيف .. و لو مجبتش اكل معايا تعملي انت"
رفعت اليه شهد اخير رأسها و قالت بحدة:" انت شاري خدامة بأة؟!"
ابسم ساخرا و قال و هو ينهض :" خدامة بس؟! انت لسة شوفتي حاجة.."
وتوجه لغسيل يده.. بينما جلست هي تاكل في نفسها غلا..
القي بجسده علي السرير و قال:" انا هنام.. وانتي بتلمي الاكل و توضبي الدنيا مش عايز اسمع صوت.. لو صحتيني هقوم اكسر دماغك!"
و اعطاها ظهره و تظاهر بالنوم و هو يخفي ابتسامة تشفي..
اما شهد فبقيت جالسة تفكر في ما الت اليه الامور.. فجو الكريم العطوف اصبح مطلبا ،سخيفا ، عديم الذوق ، يريدها خادمة.. ناهيك عن الحبس و تقييد الحرية.. لم يرغمها شخص ابدا علي ارتداء ما لا تريد ..فيأتي جو ليمنعها عن ارتداء ما تريد؟!! ثم ما قصة الخدمة .. ان كان يريد خادمة لكان عين و احدة باليومية اوفر و بدون العناء الذي بذله من اجلها!! ماذا يريد منها حقا؟!!
***
فتحت شهد عيناها الدامعتين لتجد جو يجثوا بقربها و يحدق بوجهها قائلا:"طب عدوي وخلصنا منه مين اللي جالك في الكابوس المرة دي؟.. اكيد انا بقي!"
استغرقت لحظة لتدرك اين هي و انها كانت في كابوس و ان الواقع هو وجودها في بيت جو امنة و هو بجوارها منزعجا..يبدوا انها نزعته من نومه بصراخها..
فقالت بصوت متعب:" لامؤاخذة.. "
فقال حانقا:" كسبت انا ايه بللامؤاخذة بتاعتك؟ حرام عليكي انا مش هشوف النوم تاني قبل فجر بكره! كان مين بقي بيجري وراكي؟ منا ضاربهولك بالنار..وكنت هموته.. خايفة من ايه؟"
فقالت:"متحطش في بالك.. الليلة الي فاتت كانت صعبة عليا .. كان لازم تطلعلي في الحلم!"
جو:" طب بما انك صحتيني بدري.. قومي اعملي فطار!"
اغمضت شهد عينيها في يأس و تنهدت..
فقال:" انتي هتعمليلي فيها نايمة؟! قومي فزي!"
قالها و هو ينهض متجها للحمام ليغتسل..
لم تنهض شهد كانت متعبة حقا..لم تنم طوال الليل تفكر.. حتي عندما هدأ عقلها وسقطت في اعمق نومة.. جائها عدوي مطاردا و لم يكتفي بافزاعها بل انه اطلق الرصاص من سلاحه ليصيب جو بدلا منها فتصرخ مولولة بعد ان سقط صريعا بين ذراعيها.. لهذا لم ترغب في ان تحدث يوسف عن الامر.. فليس من السهل اخبار شخص عن رؤيته مقتولا في المنام.. راحت في النوم مرة اخري بدون ان تشعر..تسلل اليها النعاس ثم اجتاحها..
عندما استيقظت مرة اخري و جدت جو غير موجودا و قد ترك علي المائدة كيس به شطائر فول و طعمية..
***
وقف جو يحدث حمادة امام الدكان الصغير الذي يمتلكه حمادة في السوق، حيث يدير اعماله كمحترف توزير من داخله و يقوم ببيع بعض الاغراض المتعلقة بالامر..
حمادة:" طب و النبي الخواجة ده راجل مجدع!"
جو:"معلش مانا كمان مقصرتش معاه ابدا.. وفديت حياته اكتر من مرة..لامؤاخذة يعني لولايا كان زمانه يا متصاب يا ميت!"
حمادة :" المهم بقي البت بقت من حقك رسمي.. هنيالك يا عم! متبيعهالي .. انا ممكن اقسطلك علي 36 شهر"
جو:"والله ساعتها هتلاقيها هي اللي بايعاك وكمان ناصبة علي الزبون و قابضة منه اكتر ما تسوي انت"
حمادة:" طب احكيلي.." ثم غمز بعينه بمعني فهمه جو
فقال جو:"بطل وساخة.. هو انا واخدها عشان كده.. بالعكس والله و ربنا يشهد..انا عايز احافظ عليها"
حمادة:" يا سلام.. هتحافظ عليها لمين؟ للمشتري اللي بعدك؟ ولا لابن الحلال اللي عمره ما هيجلها؟"
صمت جو فقد ضربه السؤال في رأسه و لكنه لم يجد لديه اجابة " لمن ؟؟!"
فقال:"هي اصلا مش النوع ده.. وانا عمري ماغصب واحدة علي حاجة"
حمادة:" يعني هي بذمتك مش عاجباك؟ دي عاجبة المنطقة كلها.. و بعدين نوع ايه الي هي مش منه.. هي مش برضه كانت بترقص عند عطا؟!!"
جو بنفاذ صبر:" اسكت يا واد يا حمادة انت مش فاهم حاجة.. ولو سمعتك بتكلم عليها كده تاني وربنا هتضايقني منك!"
حمادة:"عيب يا جو انت عارف اني عمري ما اكلم علي واحدة تخصك.. انا بس بنصحك.. "
ضربه جو علي رأسه مازحا:" تنصح مين يا واد يا اهبل انت.. انا هفهمك.. شهد هربت من عدوي عشان اللي في دماغه نفس اللي في دماغك كده.. و انا اللي هربتها منه عشان اطلعها من القرف ده.. اقوم اجي في الاخر افكر انا بنفس الطريقة وانا عارف هي هربت ليه.. ده حتي مش جدعنة "
حمادة:" عنك حق.. بس اصل البت متتسابش يا جو" قالها و عض علي شفتيه في اسلوب فج.. و برغم من ان جو يعرف جيدا مدي ميل حمادة للعبث و المزاح فهو قد خرج لتوه من مرحلة المراهقة و التي يبدوا انه لم يتخلصها من اعراضها بعد.. وايضا برغم ان حديث كهذا علي النساء امرا معتاد بينهم.. وهو يعلم انه لم يخطيء بشيء.. الا ان جملته الاخيرة باسلوبه الوقح، اثارت شعورا غريبا بالضيق لدي جو..كاد ان يفجر لكمة في شفتي واسنان حمادة في هذا الوضع المتشابك .. و لكنه تماسك، في النهاية حمادة هو اقرب صديق له و اخيه الصغير وانه لا يعني ما يقول فهو نظيف القلب.. لذا اتخذ منه صديقا برغم قارق السن
رن هاتفه فقام بالرد بسرعة حتي ينسي فكرة لكم حمادة.
"ايوة... انا جو... لا مش واخد بالي .... اهلااااا يا باشا.. دا ايه الشرف ده؟! دي اكيد حاجة مهمة اوي اللي خليتك تدور علي رقمي و وتشرفني بمكالمة.. طبعا انت تؤمر..."
ثم انقلب وجهه فجأة وقال ردا علي المتحدث:"ايوة.. تقصد شهد... فعلا اخدتها امبارح.. والله يا باشا مش عارف اقلك ايه.. يعني من غير زعل .. انت عارف انا تحت امرك في اي حاجة.. بس شهد مش هينفع .. باشا انا لسة شاريها امبارح.. ابيعها انهاردة؟! اسف يا باشا مش هقدر اخدمك.. اطلب اي حاجة تانية.. طب ليه بس الغلط؟!.. الو..الو"
نظر جو الي حمادة وقال:" ابن الـ(..) قفل السكة في وشي... الله يخرب بيتك يا شهد و يقل راحة بالك ..ابتدينا القرف"
ضحك حمادة و قال:" اشرب.. مش عايز تحافظ عليها.. حافظ بقي ..ده كان مين اصلا؟"
جو:" زبون تقيل عند عطا .. عارفين بعض بحكم اني بشوفه كل يوم.. اول ما عرف اني اشترتها شبط ابن الـ(..) ولما قلتله لأ، بيشتم!"
ضحك حمادة في شماتة.. مما جعل جو يلكمه في صدره غيظا و يسلم سلام مقتضبا و يذهب تاركا حمادة غارقا في الضحك..
***
جلست شهد بمفردها في البيت علي شفي الجنون.. لا تصدق انها تمتثل لامر جو و تُبقي نفسها محبوسة، هو لم يغلق الباب او النافذة باي اقفال او مفاتيح.. اهو واثق بها لهذه الدرجة؟.. ام و اثق في نفسه و قدرته علي السيطرة؟! جلست تقضم اظافرها و تحدق في الباب.. ان ارادت الخروج الان لن يكلفها الامر سوي ثلاث خطوات للباب وان تدير بيدها المقبض فتصبح في الخارج.. ولكن هناك شيئا ما يبقيها مكانها.. يمنعها من الخروج.. اهو الخوف منه؟! ام انها لا تريد اغضابه ؟ فهو لا يستحق منها هذا... ام انها ترغب في البقاء؟!

دخل عليها هو فجأة ليجدها تجلس متقوقعة علي الاريكة صامتة وتنظر للباب.. ابتسم في شماتة فهو فقد راهن نفسه انه سيعود ليجدها..وقد اعجبه انه فعل!
قال:" مالك مسهمة كده.. مبتشتغليش في البيت ليه؟"
نظرت له شهد غير فاهمة
فقال:"تنضفي .. تغسلي.. متشوفي وراكي وايه"
ثبتت شهد نظرها اليه في غيظ ثم اشاحت بوجهها.. و قالت غير ناظرة اليه:" انا كان ممكن اهرب علي فكرة!"
اقترب منها جو و ابتسم في برود:" متقدريش!"
فقالت:" اقدر طبعا! لكن انا بحترمك وشيلالك جمايلك و مقدرش اغدر بيك!"
فقال جو ببرود:"اضيفلك سبب كمان.. لو هربتي هجيبك .. انا مش غبي زي عدوي هعد ادلل بالايام...هتتجابي في لحظتها.. وساعتها هتشوفي مني وش .. انسي بقي معلمك و عدوي و الناس الاي كلام دي.. هتقولي ساعتها: يارتني مت قبل ما يلاقيني"
نظرت له شهد بسخافة محاولة اخفاء التوتر الذي سري بها من اسلوبه المخيف و قالت:"مش ده اللي هيمنعني عشان تبقي عارف.. انا مبخافش.. اللي منعني ان عندي اصل !"
فابتسم ساخرا وكانه غير مصدقا..
ثم قال:" طب يلا لو عايزة تجيبي حاجتك عشان انا مش فاضيلك طول اليوم.."
فقامت شهد بعصبية مسرعة لترتدي حذائها ولكنها فقدت توازنها لتسقط و تصدم راسها بحافة المائدة..تأوهت بصوت عالي و امسكت برأسها و هي تجلس علي الارض..اما يوسف فلحظة ان اختل توازنها حاول ان يمسك بها و لكنه لم يكن سريعا كفاية ، جلس علي ركبتيه بجوارها ووسط تأوهاتها حاول ان يبعد يدها عن رأسها ليري ان كان هناك جرحا او كدمة..كانت تبعد يديه بحركات عفوية من شدة الالم..
كان جو يحاول ان يهدئها بعبارات مثل:" طب وريني راسك و مش هوجعك".. "طب بصي انا ايدي بعيد ..شيلي انتي ايدك".. "يا شهد بلاش غباوة.. خليني اشوف.. يا حبيبتي لو في جرح للازم يطهر"
كان يتألم لالمها و قلقا عليها و لكنها تتصرف مثل الاطفال فانتهي الامر به ممسكا بيدها الاثنتين باحدي يده بينما ثبت رأسها بيده الاخري و اقترب بنظره ليري ما الامر.. بالفعل كانت هناك كدمة كبيرة فوق حاجبها و بها جرح صغير جدا نزف بعض قطرات الدماء..
فقال بهدوء ونبرة حانية كانه يحدث طفلة:" مافيش حاجة..هنحط تلج و نتطهر التعويرة.. كل اللي انت عاملاه ده علي دي؟!"
هدأت شهد قليلا عندما و جدت انه لم يؤلمها اثناء فحصه للجرح.. كانت رأسها تؤلمها بشدة مكان تلك الكدمة لذا عقدت حاجبيها في ضيق و الم بينما تتابع جو وقد ذهب مسرعا للثلاجة ليأتي لها بثلجا و الي احد الادراج ليجلب المطهر..
جلس بجوارها مرة اخري علي الارض و اقترب منها ليعتني بالجرح.. كانت تتأمله و هو منهمكا وكل تركيزه في رأسها.. لم يعتني احدا من قبل بها هكذا..
تمتمت:" متشكرة يا جو!"
ثبت نظره علي و جهها وقال:" اياك يتمر" و عاد مرة اخري يضع الثلج برفق..
ولكنه عندما اعاد نظره الي وجهها مرة اخري و جد دموعا تنساب في صمت من عينيها.. فابعد يده بسرعة عن رأسها وقال مخضوضا:"انا بعمل براحة اوي.. بتعيطي ليه؟!
ابتسمت و سط دموعها و قالت بصوت مخنوق:" لا انت تمام.. انا بس صعبت عليا نفسي"
فقال هو محاولا ان يبدوا ساخرا ليغطي علي الم انفطار قلبه عليها:" يادي نكد النسوان..صعبت عليكي نفسك عشان اتخبطي في الترابيزة.. طب بتعملي ايه لما تقعي علي السلم؟"
فضحكت بشدة و سط انهمار دموعها..
فقال هو مستكملا السخرية:" يااما...دي طلعت مجنونة!"
فقالت شهد:" اصلي افتكرت لما كنت بترمي زي الكلبة في سريري في البدروم باليومين محدش يعرف عني حاجة..و مش لاقية اللي يناولني قطنة بمكركروم"
فقال جو محاولا تخفيف الامر:" ايه يا شهد انتي بتقعي كتير اوي كده؟!"
ولكنه تذكر قول عدوي له عن قيامه بضرب شهد ورقادها بسبب الامر..
سأل جو برغم من ان الامر يسبب له ضيق في صدره و لكنه اراد ان يفهم:"هو كان بيضربك ازاي يا شهد.. وكان فين معلمك؟"
اندهشت شهد لمعرفته بالامر و لكنها لم تسأل بل قالت:" لما كان بيقرفني في عيشتي و يرزل عليا كنت بشتمه في الرايحة و الجاية.. و لما يقل حياه كنت احاول اضربه بس الناس كانت بتحوش بنا.. بس في مرة رزعته قلم علي و شه علم..قام قلع حزامه و ضربني .. وساعتها الكل قالي لو المعلم عرف هيضربني هو كمان عشان عدوي مهم عنده اوي و انا اللي اتجرأت عليه و مديت ايدي..فسكت!.. و من ساعتها فضلت اسكت، و كان الموضوع بيتكرر.. كان يضربني لما ارد عليه او اشتمه..كنت بضربه برضه بس هو بقي ربنا يهده وميوعاش يقوم من اللي هو فيه، كانت ايده تقيله"
كان جو حانقا بشدة يشعر بقلبه يكاد ينفجر من الغضب..و في نفس اللحظة كان يشعر تجاه شهد بالاسي و العطف الشديدن.. اراد ان يضمها و لكنه خشي ان تظن به ظن سوء وتتحول من تلك الطفلة الباكية الي النمرة الشرسة الغاضبة فينتهي ذلك الموقف الانساني نهاية سيئة.. اكتفي بان ربت علي كتفها في حنان و قال:" انا مش عايزك تفتكري الحيوان ده تاني.. انسيه خالص.. هو كل عيشتك هناك.. انسي المعلم و انسي البدروم و انسي كل حاجة.. وقسما برب العزة.. محد منهم هيهوب ناحيتك تاني!"
نظرت له شهد في امتنان شديد كان تود ان تلقي بنفسها في صدره و تختبيء بين ذراعيه.. ليته كان ابيها او اخيها اللذان لم تحظي بهما في الدنيا.. لو كان لديها ابا مثله لما حملت للحياة هما..
تركت نفسها تماما حتي يعتني هو بكدمتها و كرست نفسها لـتتأمله.. كل سم في جهه يشع رجوله ووسامة.. لها الف حق زوزو ان تجن به وتصير مهووسة..
قالت فجأة:" مش هنروح لزوزو؟"
جو:" لما تحسي انك قادرة و مش تعبانة قولي.."
شهد في دلال:" انت مش قلت انك مش فاضيلي.. و عايز تخلص من المشوارده بسرعة"
جو وقد ادرك انها توقعه في الكلام ..فقال هائما بصوت هامس:"لأ منا لقيت ان زوزو وحشاني اوي..فلغيت اللي ورايا "
فابعدت شهد يده فجأه و قامت من مكانها وهي تقول بعصبية:" طب اوعي.. انا بقيت كويسة.." ثم اكملت ساخرة وبنفس الاسلوب العصبي :"قوم نروحلها احسن شكلك مش علي بعضك من شوقك ليها!"
فابتسم فرحا بما انجزه لتو.. كان برغم تعاطفه معها ..الا انه لم ينسي لها ما تسببت هي فيه طوال ايام عملها عند عطا..
***
استقبلتهم زوزو بوجه عابس.. فهي حانقة و مستأة منذ ان عملت ان جو اشتري شهد.. ولكنها عندما رأت الكدمة فوق حاجب شهد..افرجت عن ابتسامة و رحبت بهما..
شهد:" انا جاية الم حاجتي.. علي عيني يا زوزو سيباكي..حكم القوي"
جو:" كويس انك عارفة مين القوي..يلا خلصينا .. واسمعي الهباب اللي انتي لابساه من امبارح ده تغيريه دلوقتي و مش عايز اشوفه تاني!"
زوزو لجو في شماتة :" حرام عليك يا جو دي بت غلبانة..متستقواش عليها" قالتها و هي تعني العكس تماما و عينها لم تنزل عن الكدمة..
توجهت شهد الي حيث متعلقاتها بينما اخذت زوزو جو ليجلسا في الخارج في السطح..
زوزو بلهفة:" اشغلك الشيشة.. تشرب ايه؟"
جو:" تسلمي يا زوزو مش مستاهلة ..هنمشي علي طول"
زوزو:" انت ناوي بقي تعمل ايه بيها؟"
جو:" ولا حاجة .. اهي متلقحة عندي.. زي ماكنت موجودة قبل ما تجيليك"
زوزو:" يعني انت دفعت فيها و مش هتستفيد؟!!!"
جو وقد راقه ان يغيظها قليلا:" ومين قالك اني مش مستفيد؟" وابتسم ابتسامة خبيثة..
كاد ان يقسم انه رأي دخانا يخرج من اذنيها..
ولكنها قالت :" بس انا عندي ليك اكتر من و احد مستعدين يكعوا قد كده فيها"
جو:" قوليلهم ينسوا! "
زوزو:" ليه بس؟! دانت هطلع كسبان.."
فقال بحزم ضاغطا علي كل حرف:" شهد مش للبيع!"
لم تملك نفسها و قالت منفعلة:" انا عارفة انت عاجبك فيها ايه؟!! ولما انت ليك في الشرا.. منا كنت قدامك عمرك حتي ماعرضت عليا .. مع انا وانت يعني .. اللي بنا..."
جو مقاطعا مستنكرا:" اللي بنا ده ايه؟! عمر ما كان في بنا حاجة غير القعدة الحلوة..جارلك ايه يا زوزو متركزي كده"
نظرت له زوزو بغيظ و قالت:" مدام مش عايز تشرب حاجة..اما اقوم اجيب لنفسي كوباية مية ابلع بيها كلامك"
وبالفعل قامت لتدخل لشهد التي كانت مازالت تجمع اغراضها
زوزو:" حتوحشيني اوي يا بت"
شهد:"والله يا زوزو القلوب عند بعضيها و اللي في القلب في القلب"
زوزو:" خلي بالك بقي علي نفسك.. جو مش سهل.. ربنا يستر عليكي و يصبرك ..من عدوي لجو ماسخم من سيدي الا ستي"
شهد:" ليه بتقولي كده..ده ده حاجة و ده حاجة تانية خالص ..ميتقارنوش من اساسه"
زوزو:" بس يا بت يا خايبة.. دول متربيين مع بعض..شاربين من نفس المعلم..كان راجل سو ومجرم.. سيبك من ان جو عامل فيها برنس بعد ما ربنا كرمه ونضف وبقي مع الخواجة و الريس عبود..ركك بس يعد مع الشلة القديمة و ينسي نفسه..بيرجع لأصله..ميفرقش حاجة عن عدوي"
شهد وقد ادركت ان زوزو تسرد اكاذيبا من غيظها.. فهي قد رأت الفارق بعينها..
فقالت:" طيب هخلي بالي.."
زوزو:" بعد ايه؟ هو مش ابتدي يمد ايده اهو..ماهو باين علي خلقتك"
ضحكت شهد ووضعت يدها علي رأسها وقالت:" اهه قصدك دي.. بالعكس باة دانا اللي وقعت و متشوفيش حنيته عليا بعدها "
احست زوزو ان سير الحوار لا يخدمها ..فبسرعة بديهتها قررت ان تسلك اتجاه اخر
فقالت:"اهو ده بقي الفرق اللي بين عدوي جو"
لم تفهم شهد ، فقالت زوزو:" شوفي همة الاتنين من طينة واحدة و بيفكروا بنفس الطريقة..اللي عدوي عايزه نفس اللي جو عايزه بس الفرق في الطريقة..عدوي عشان بطبعه عنيف كان بيعاملك كده ،مع انه هيجنن عليكي.. انما بقي جو..اسأليني انا،استاذ في الحنية و النحنحة.. هياخد اللي هو عايزه بس بالراحة .. باله طويل و صبور.. امال هو ليه بيقول عليا مش صاحبته مع انه بيني و بينه حاجة تانية..عشان انا كشفته و عرفت اسلوبه..و مطالش مني حاجة..بس مع ذلك لسة متعلقة بيه.. اعمل ايه بقي في قلبي..خلي بقي بالك علي نفسك يا شهد.. فكري فيها كده.. اشتراكي و مش ناوي يبيعك و لا يستفيد.. يبقي عايز ايه؟؟ لو لقيتي نفسك هتدبسي اهربي يا بت.. ده كله الا الشرف! احنا اه بنرقص و نخرج و نصاحب، بس اكتر من كده و معطلكش!"
صمتت برهة لتري ان وجه شهد بدأ ينقلب فاكملت:" دانا سألته وش كده..قلتله بيعها عشان تستفيد..قالي مش بايع و مين قالك اني مش هستفيد!! يعني البجح بيقولي انا في وشي و مش مكسوف"
برغم ادراك شهد و ما اختبرته قبل ذلك من غدر و خداع زوزو الا ان كلامها جاء علي وترا حساس لديها.. كما انها بالفعل لا تجد تفسيرا لابقاء جو عليها دون اي استفاده له.. ثم ان كلامها يتماشي مع حنية جو الغريبة معها و التي طالمة ادهشتها و تسائلت عن سرها..
كانت قد انتهت من جمع اغراضها وتغير ملابسها ، فحملت الحقيبة كما حملت الهم.. و خرجت صامتة..
خرجت زوزو خلفها مباشرة ..و قبل ان تودعهم قالت باسلوب ساخر لجو امام شهد لتسجل اخر هدف :" ربنا يقدرك و تستفيد كويس!"
فنظر اليها جو بخبث و قال:" عيب عليكي.."
لم يتخيل جو ان شهد وصل اليها حديثه مع زوزو ، فعندما رد هذا الرد كان استكمالا لعبثه بمشاعر زوزو واغاظتها حيث انها تستحق جراء كل ما تفعله في شهد .. فنظرت زوزو لشهد نظرة"صدقتيني؟!"
اما شهد فقد هالها ان تجد زوزو صادقة!
انحني جو واخذ حقيبة الظهر من يد شهد ليحملها، تركتها له في سلاسة وكانها لا تعي فهي لا تزال تحت تأثير حديث زوزو. مشيا معا في صمت..
ثم قطعت شهد الصمت قائلة:" هو انت ليه عمرك ما كان عنك واحدة؟! قصدي يعني ماشترتش قبل كده؟"
جو:" كنت بحط فلوسي في حجات اهم.. "
شهد:"بس انت ربنا فتح عليك مع الخواجة بقالك فترة ..صح؟"
جو:مكنتش محتاج اشتري واحدة..يعني مكنتش ناوي اشغل واحدة واكسب من وراها.. مش انا"
صمتت شهد تحاول انتقاء كلامها في التعبير عن فكرتها .. الا انه اكمل و كأنه قراء افكارها
جو:" ولو قصدك جو حب و غرام و الكلام ده.. اولا مكانش في واحدة عليها النظر.. ثانيا لو مكنتيش واخدة بالك يعني..انا مش محتاج اشتري.. انا اشاور بس!"
شهد ساخرة :" اه طبعا في مليون بنت تتمني انك بس تشاور"
جو:"طب مانتي حافظة اهه.. "
شهد:"طب و ايه اللي غير كل ده!"
جو:" مين اللي قالك انه اتغير ..لحد دلوقتي.. مش محتاج اشتري..و عمري ما هشغل و احدة.. و برضه المليون بت مستنيين"
شهد مندهشة:" طب مانت اهه اشترتني و دفعت فيا فلوس ، ولا انت مش معتبر نفسك اشترتني.. لو كده طب متأصر و تسيبني اروح لحالي"
ضحك جو ساخرا:" لا يا حبيبتي انتي حاجة تانية... انا واخدك تخليص حق! زي متقولي كده كان نفسي انكد علي عدوي.. و منولوش غرضه"
كالعادة لم تخرج منه باي مفيد لذا انتابها الاحباط و الغيظ فاكملت الطريق صامتة بينما هو راض عن قدرته علي اصابتها بالفرسة!
قطع الصمت قائلا:" تعالي من هنا" واشار الي طريق غير متجها للبيت..
تسائلت:" مش هنروح البيت؟"
جو بغلاسة:"لا هنتغدي.. بس متاخديش علي كده.. الاكل ده شغلتك!"
وبالفعل توجه بها الي العربة الشهيرة و جلسا امامها علي الكراسي البلاستيكة و قد طلب جو كمية لا بأس بها من القائمة..
كانت شهد بعد كل ما حدث، تحتاج لتلك النزهة في الهواء الطلق و حيث الطعام الشهي ..
حاولت ان تبعد عن تفكيرها كلام زوزو.. برغم من ان عزومة و نزهة مثل تلك تندرج بشدة تحت ما قالت زوزو عن اسلوب الاستمالة .. تركت نفسها تستمع ببعض النسمات التي تخللت شعرها.. وكانها تأخذ الافكار بعيدا عن راسها و تطيرها الي مكان بعيد..

اما جو فقد كان يتأملها و هي سارحة تماما ..بدا عليها الرضا لاول مرة ..كان وجهها صافيا بلا اي توتر و عصبية.. اجتاحه احساس بالسعادة و الرضا هو الاخر.. احقا اعطته اخيرا الدنيا سببا ليكون سعيدا؟ كيف يمكن ان تتلخص سعادته في هذا الكائن الضئيل الجميل الجالس امامه.. ود لو استطاع ان يداعب شعرها مثل تلك النسمات..ادرك للتو معني كلام الاغان التي طالما شعرانها مبالغ فيها حين يقول الشاعر انه يغار من النسيم.. كان هو حقا في تلك اللحظة يحقد عليه حقدا شديدا.. ابتسم للفكرة .. انه يستمتع بوجودها.. عندما تتحدث معه وتسأله تلك الاسئلة و التي دائما ورأها غرض.. كان يتمني الا تسكت.. التحاور معها امرا مسليا.... كم هي جميلة حتي في صمتها.. ثم ما قصتة مع غضبها و انعقاد حاجبيها الجميلين ؟!! هو امرا يحب مشاهدته ..كيف يصير احدا جميلا في غضبه؟!!.. وحتي عندما يتعمد اذلالها او مضايقتها فهو يعلم انه مثل الاب الذي يربي طفله.. فهي و الحق يقال طفلة عن حق! ..بنفس عدم الادراك و التهور..بالاضافة الي ان انها لم تمر عليها اي نوع من انواع التربية.. كان يشعر ان الامر صار مسؤليته.. يجب عليه تأهليها لتتمكن من العيش..
عندما جاء الطعام لم يحتاج ان يجبرها علي الاكل.. فقد بدأت في الاكل بسلاسة ونهم..
قرر ان يتركها و الا يحدثها خشية ان يقطع عليها الاكل.. كان يشعر بالرضا حين يراها تأكل..
انشعل بطعامه بدوره.. الي ان قطع الصمت سؤالها:" طب يعني هو انا مش هخرج ابدا؟ هتفضل حابسني كده؟"
جو:" انت مش متهببة خارجة اهه؟"
شهد:"طب بالنسبة للريس عبود؟"
جو:" ماله؟"
شهد:" يعني.. دي كانت الحاجة اللي مرتبة عليها حياتي.. اني اقابله و يشغلني معاه.. ابوس ايدك متقف في طريقي.. ده مستقبلي!"
جو:" مش فاهم!..حبيبتي.. انت حياتك اتغيرت!.. رتبي حاجة تانية..عشان انت ملكي دلوقتي.. انسي اي ترتيبات برة القصة دي"
عقدت شهد حاجبيها و توقفت عن الاكل
فقال: " وعشان تريحي نفسك.. الريس عبود ميلزموش واحدة زيك! انت لو شفتي واحد من اللي بيشتغلوا معاه هتخافي تتنفسي قدامه"
شهد:" مهو الخواجة شغال معاه و دراعه اليمين و لا مرعب و لا حاجة..دانا لو شفته من غير رجالته افتكره واد سيس بعنيه الحلوة دي"
جو ساخرا:"انتي كمان مركزة في عنين الخواجة؟! يا خسارة خدتك منه.. تحبي ارجعك؟!"
شهد متجاهلة تعليقه:" و بعدين الناس دي انت اللي تخاف منهم! انا مبخافش"
فاجأها بامساكه بيدها في قوة و لفها حتي صرخت الما ثم تركها و هو يقول:" افتكري دي ..كل ما تيجي تغلطي" نظرت حولها لتري من يشاهد من الناس و هي تتحس يدها..
ولكنه قال:" محدش هيرفع عينه.. انا لو دبحتك و احنا قاعدين مش هيبصوا..اطمني"
قالت شهد وقد غيرت اسلوبها باخر هاديء و مسايس :" يا جو ..انا متأكدة ان الريس عبود لما يقابلني.. هيعرف انه محتاج واحدة زيي معاه..كل اللي معاه خشنين و جامدين بس معندوش حد خفيف و سريع و عنده امكانياتي.."
ضحك جو من اصرارهاو قال:" شهد! انسي الحكاية دي"
قطع الحوار رنين هاتفه..
جو بعد ان قراء الاسم و تعجب:" اهلا يا باشا.. تمام ..وانت اكتر.. ايوة انا فعلا قاعد هناك..مين ده اللي بيراقبي و خبصلك؟.. هاهاها دي ضريبة الشهرة.. لا لسة قاعد شوية.. تشرف و اعزمك كمان علي طاجن من اللي قلبك يحبه.. خلاص..سلام"
قلب شفتيه في تعجب بعد ان انتهت المكالمة وتمتم :" من امتي؟؟!"
لم تهتم شهد فقد كانت تفكر بعمق في موضوعها..
وفي لمح البصر ظهر شابا في مثل عمر جو تقريبا وهل عليهما و سلم علي جو بحرارة بينما القي اليها تحية مهذبة برأسه.. واضح انه المتصل قبل قليل..
جو:" انت كنت بتكلم من الترابيزة الي ورايا و لا ايه يا عم؟!"
الشخص:"حاجة زي كده.. انا اصلي كنت رايحلك البيت و بدور عليك..و لما عرفت في السكة انك هنا ، جيت بسرعة..كنت قريب اوي"
بدا علي و جه جو تعبير قلق و اندهاش وقال:" خير ؟!!"
اشار له الشخص كي يعرفه علي شهد..فاقال جو بقليل من الضيق:" اكرم يا شهد.. معلم كبير و زبون جامد عن عطا..طبعا مش محتاج اعرفك يا كرم ان دي شهد.."
فقال لجو بينما هو ينظر لشهد و يمد يده:" طبعا حد ميعرفش شهد"
مدت شهد يدها في امتعاض.. بدا فعلا مألوفا و لكنها كانت في مزاج لا يسمح بالاجتماعيات و اللطف.
اما جو فقد بدأ يضايقه نظرات و انبهار اكرم بشهد..
فقال:" خير يا اكرم بتدور عليا ليه؟!"
اجابه اكرم و هو يشير اليه ان يبتعدا:" طب اقوم معايا اقولك!..بعد اذنك يا شهد!"
قام جو معه وقد بداء يشعر بالقلق..
كان جو يقف ظهره الي شهد علي بعد عدة خطوات بينما يقف امامه اكرم و جهه ناحية شهد..
قال اكرم و عيناه زائغتان بين جو ز شهد:" انا جاي اعرض عليك عرض متحلمش بيه.. وانا عارف انك بتعزني و مش هترفضلي طلب"
ادرك جو ماهية الامر فانقلب و جهه و قال بسخافة:" لو قدرت!"
اكرم:" لأ هتقدر بعون الله .. الموضوع مش صعب.. الطلب عندك اهه موجود!"
جو:" خلص يا اكرم..عايز ايه؟"
اكرم وهي ينظر الي شهد:" هدفعلك اللي انت عايزه قصاد شهد!"
صارت نظرات اكرم لشهد فوق احتمال جو و لكنه تماسك و قال ببرود:" اسف مش هقدر.."
اكرم:" ليه يا جو؟ دنا اللي هديهولك هيخليك تتنطر..ممكن تسيب شغلك و تبتدي حاجة مع نفسك وتبقي زيي معلم كبير "
جو:" لأ مش محتاج.. ومين قالك اني عايز اسيب شغلي و ابقي زيك.."
اكرم:" حرام عليك يا جو.. انا من يوم ما شفتها و انا هجنن عليها.. و كنت فاكرها حرة فقلت هبتدي ارسم عليها ونتصاحب..بس مدام طلعلها صاحب.. اسهلي اشتريها.. وخصوصا لما يبقي صاحبي و بيعزني"
كان اكرم و هو يتحدث عن شهد يحدق بها عن بعد..
فجأة امسك جو بذقن اكرم بقوة و حول رأسه ليكون مواجها له تماما و اقترب منه كانه علي وشك تقبيله و قال ضاغطا علي اسنانه:" وانت بتكلمني تبصلي انا.. "
دفع اكرم يده و قال غاضبا:" انت اتجننت ؟!"
فقال جو:" انت اللي مش محترم وقفة الرجالة اللي احنا واقفنها! وجنان بجنان بقة..لو لمحت عينيك و قعت علي شهد لكون مدغدغلك و شك كله!"
لم يكن حديثهم صاخبا و لكن بدي عن بعد انهم رجلان يحتدان علي بعضهما مما جعل شهد تهتم وتتابع..
ادرك اكرم انه لا يقدر علي العراك مع جو، فبمقارنة بسيطة..جو يسحقه! لذا قرر اتخاذ اسلوب "الانسحاب مع الجعجعة"..
تراجع خارجا من المكان و هو يقول منفعلا:" ليك ريس يترد عليه.. انا مش هنزل مستوايا و اتخانق مع جارد.. انا غلطان اني عملتلك احترام و جيتلك لحد عندك.."
جو:" امشي يا بني بدل ما اجنن عليك.. لما تعرف يعني ايه احترام الاول ابقي اكلم عليه.. امشي!"
بالفعل رحل اكرم، بينما عاد جو للطاولة ينفث..
شهد ببرائة واندهاش:" ايه ده؟اتخانقتوا ليه؟"
رد جو كان عنيفا :" انتي تخرسي خالص!"
لم تكن تتوقع الرد فصعقت ولكنها اثرت الصمت رهبة من مزاجة الحالي..كان مخيفا حين يغضب..
نهرها قائلا:" يلا!" و نهض وقافاً
قالت شهد في ذعر و حيرة وهي تنظر للمائدة:" طب بقية الاكل ده كله؟!"
حاولت في سرعة و ارتباك ان تجمع الطعام في طبق واحد لتأخذه..
في وسط جام غضبه نظر اليها و هي تجمع الطعام بلهفة..كاد ان يبتسم.. اشفق عليها بشدة.. لذا وقف لبرهة وتركها تجمعه.. و بعد ان انتهت في خلال لحظات امسكت الطبق و غلفته بكيس بلاستيكي وتجهت حيث يقف جو..فوضع يده علي ظهرها و دفعها برفق امامه.. كانت شهد تتلفت باحثة عن شيء ما اثناء سيرهم مبتعدين.. الي ان فجاة صاحت:" استني و النبي يا جو!"
ثم توجهت حيث يتجمع عدة قطط بجوار كومة من القمامة و القت لهم محتويات كيس اخر اصغر..كان به عظام دجاجة وفتات طعام.. ثم عادت لتسير بجوار جو مرة اخري..وهي تقول مفسرة:" اشمعني احنا ناكل كل ده..الجوع وحش.."
لم يرد عليها.. كان مازال يغلي داخليا.. ولكنه شعر انه للتو رأي جزء مختلف من شخصيتها..


بيبه الجميله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-13, 06:03 PM   #13

بيبه الجميله

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية بيبه الجميله

? العضوٌ??? » 271411
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 342
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » بيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
افتراضي

اللصة :: (11)


كانت شهد تعد الشاي بدون ان يطلبه منها يوسف علي سبيل اتقاء شره و ربما قليل من (المحلسة)، بينما هو كان منهمكا في قراءة بعض الرسائل علي هاتفه و ينفث في غيظ..
اتت شهد بالشاي و جلست امامه، ولكنه لم ينتبه لها..فقامت بتفليب السكر مستخدمة المعلقة و مصدرة بها صوتا عاليا... فارفع عينه اليها وقد رأ ي انها اعدت له الشاي فقال بتلقائية:" شكرا.."
قالت شهد في محاولة لجذب وده:" انت في حاجة مضيقاك؟ عمال تنفخ كده متزربن"
جو باقتضاب:" خليكي في حالك!"
ابتلعت شهد الرد القاطع ثم عاودت الحديث في محاولة لتلطيف الجو:"شكلك وحش قوي وانت قالب و شك كده..ياستر..انت مش محتاج مسدس يا عم في شغلك..انت بس اقلبلهم و شك و هم يطلعوا يجروا"
رفع عينه اليها ونظر نظرة سخيفة..
فمدت جسدها بينما هي تجلس علي الكرسي المقابل له و بينهم الطاولة و دست رأسها امامه و قالت بمرح كلاطفال:" طب اضحك كده! اتأكد بس انك بتعرف.."
نظر اليها و الي وجهها القريب منه جدا و تلك البسمة علي شقتيها الجملتين.. بالاضافة الي الوضع المضحك الذي اتخذته لتقرب رأسها بتلك الصورة.. لم يملك سوي ان يبتسم.. احس انه ان لم تبتعد الان لن يتمالك نفسه عن تقبيلها.. فدفعها برفق بعيدا و نهض مبتعدا..
قالت شهد:" مش هتشرب الشاي؟"
تناول الكوب و جلس علي فراشه بعيدا عنها يشربه..
احست شهد انها نجحت، وان مزاجه قد تحسن الان و بامكانها اخذ منه ما تريد فبدأت بالطلب الاول
قالت :" انا كنت عايزة مكان احط فبه هدومي.."
جو:" حطيهم مع هدومي علي الشماعة اللي ورا الباب"
نظرت شهد باحتقار للشماعة و قالت:" لا طبعا .. انت عايز هدومي الشياكة تتحط كده..تبوظ! انت عارف دول مكلفني اد ايه؟! و بعدين لامؤاخذة يعني مش كل الهدوم ينفع تتعلق و تبقي مشاع كده" قالت جملتها الاخيرة بنبرة يملؤها الاحراج..
فقال جو:"مؤقتا يا ستي..لحد ما اتصرف.. " ثم عاد ليقول بخبث:" اما بقي الهدوم التانية.. هفضيلهم درج خصوصي من ادراجي"
لم يعجب شهد اسلوبه و تذكرت حديث زوزو فقالت بتوتر و قليل من الجدية:"ولما انت مش قد انك تجيب حد زيادة معاك هنا كنت بتشتريني ليه؟!! انا عايزة دولاب لوحدي!"
ضحك جو ساخرا و قال:" حبي..فوقي كده! انت متباعة ياحلوة مش عروسة! فاكرة نفسك بتجهزي؟!"
قالت شهد و قد المها ما قال:" لا اطمن انا عارفة كويس ان عروسة دي حاجة عمرها ما هتتقالي..طول ما انتوا مخليني شروة و بيعة"
ضايقه انه شعر بضيقها فقال بجدية:" يا شهد ساعات وجودك مع حد بيكون احسنلك بكتير من وجودك لوحدك! انتي بذات.. الناس كلها طمعانة فيكي.. دا مفاتش 24 ساعة و لحد دلوقتي 4 مكلمني عليكي.. ده غير اللي في النص عايزين يطلعوا بعمولة..اهو تحبي تشوفي الرسايل..و الراجل اللي اتخانقت معاه عند العربية..مهو دا واحد منهم.. و يارتهم بيطلبوا بادب ..الا واخدين القصة عافية.. كنتي هتروحي فين انتي لوحدك في و سط كل ده.."
شهد بمرارة شديدة:" سبحان الله كل الناس دي! كلهم عايزين يملكوا بس، ياخدوا و ميدوش حاجة.. و اوطي واحد قابلته في حياتي هو الوحيد اللي عرض عليا الجواز.. سبحان الله!"
فقال جو بحنان:" ورحمة ابويا و امي ..لو حد فيهم كان كلمني علي جواز يمكن كنت فكرت و اديتك فرصة تفكري!"
شهد باستنكار و سخرية شديدة:" يا سلام ده ايه التضحية دي.. طب يا استاذ ملاك والنبي لما انت جدع كده ..عايزين دولاب الله يكرمك"
جو رداعلي سخريتها:" مفيش دولاب.. و كتر كلام في الموضوع ده هقولك هدوك تتعلق كلها هنا و را الباب.. قطعة قطعة!"
ثم نهض و توجه حيث الادراج وفتح احدهم ثم قام بجمع كل ما كان به من اغراضه و ضعهم جانبا و قال :" وادي الدرج .. اتفضلي بقي حطي حاجتك.. و مش عايز زن تاني.." ثم حسس بيده علي الدرج قائلا بهدوء ساخرا:"يا ابن المحظوظة!"
شهد بعدم رضا:" شكرا.."
فقال بخبث:" طب يلا مش هتحطي حاجتك!"
شهد ببرود مقصود:" بعد ما تخرج انت!"
ضم جو شقتيه كناية عن الحسرة وقال:" طيب ..اروح انا بقي يدوب.."
بالفعل اغتسل و خرج مرتديا ملابسه بعد ان حياها..
جلست بمفرها تتأمل الفراغ وتفكر..لقد ضايقها امرا ما في الحوار.. اعادت الحديث في راسها الي ان امسكت به.. هل سيزوجها بمنتهي السهولة الي من يطلب؟.. لقد ظنت في لحظات ان عصبيته بها مشاعر الغيرة.. و لكنها غالبا مخطئة.. احبتطها الفكرة فقامت لترتب متعلقاتها القليلة الموجودة بالحقيبة ، اتسعت ابتسامتها حين تذكرت اسلوبه و هو يتحدث عن اغراضها الخاصة.. برغم انها تمقت كل من يحاول التحدث اليها بطريقة يتخللها السفالة في الحديث..الا ان الامر مع يوسف بدا مشوقا مضحكا..لم تعرف لم؟

***

"عاملنا مشاكل ليه يا جو؟"
كان هذا الخواجة محدثا جو في السيارة اثناء ذهابهم الي عطا..
جو:"مشاكل ايه؟ خير يا ريس؟"
الخواجة:" معرفش! كلام فارغ كده ..عنك و عن البت بتاعتاك ..مش عايزه يوصلي تاني..مش مقامي اني ادخل في المواضيع دي.. حل مشاكلك من غير ما تزعل حد.. احنا لينا شعبية و مينفعش نخسرها عشان تفاهات!"
جو:"افهم بس يا ريس.. ايه اللي وصلك؟"
الخواجة:" لما حد يطلب منك انه يشتريها..كلمه براحة.. مش هقول اكتر من كده.. القصة اخذت مني كلام اكتر من اللازم.. خلصني من المواضيع الهايفة دي والا هتخلص منها بنفسي..انا مريحتكش عشان تفضيلي دماغك..تقوم دماغي انا اللي تتقلب!"
فقال جو:" امرك يا ريس"
فقال الخواجة ساخطا وكانه يحدث نفسه:" انا مش عارف اللي جري للراجالة ؟! وبيتخانقوا عشان حتة بت"
هم جو بقول شيئا ما و لكنه اثر الصمت..

***

جلست شهد في المنزل بمفردها تشعر بالضيق و الملل و ما زاد من ضيقها انها كانت تعرف ان زوزو ستكون في الصالة... سواء كانت ليلة عمل ام لا فهي متواجدة لوقت متأخر.. تخيلت ماسيحدث.. بالتأكيد ستجلس مع جو..مثلما كانت تراهم دوما.. يتضاحكان بمفردهما او مع الاصدقاء..دائما تلتصق به و تحدثه عن قرب.. زوزو جميلة كما ان اسلوبها في الدلال ،مليء بالانوثة.. كان لديها كم رهيب من المعجبين.. وينفقون عليها ثروات.. فما بالك بمن اختاره قلبها .. ستصب عليه الدلال المركز الخالي من الشوائب..
شعرت شهد بالاختناق .. رغبت في الخروج و لكنها خشيت من رد فعل جو، فتحت الباب بحركة لا ارادية و لكنها لم تخرج بل جلست علي العتبة و استندت الي الحائط وقررت ان تسلي نفسها بمتابعة الشارع و التمتع بالهواء البارد..
لم تدري كم من الوقت بقيت جالسة قبل ان يمر بها حمادة.. وعندما رأها اقترب ليحيها و يسألها عن سبب جلوسها، فانتهي الامر بجلوسه معها حيث ، كانت شهد بحاجة للصحبة و قد وجدت في حمادة التسلية و الاضحاك..
حمادة ضاحكا:" مانت بتعرفي تضحكي اهه"
شهد:"انت اللي دايما كان حظك فقري معايا"
حمادة:"بس ايه! ضحكتك عسل"
ضحكت شهد:"انت بتعاكس يا وله؟"
حمادة متصنعا الذعر:" اعاكس ايه؟! انت عايزة جو يطخني.. دانتي حتي ضحكتك تقرف"
ضربته علي ظهره و ضحكت بشدة..
قالت شهد:"الا قللي ..هو زوزو و جو..يعني..عاملين ازاي مع بعض"
حمادة بغباء:"هم اصلا زوزو و جو مع بعض؟"
شهد متسائلة:"مش مع بعض؟!"
حمادة:" و لا عمرهم هيبقوا..هي اه ممكن تكون بتعجبه علي اساس انها مزة و كده..بس مش للدرجة، هي بأة بترسم عليه..هتتجنن ويبقي بينهم حاجة.. بس هو بيحلق.. ساعات يعد معاها اما يبقي مش لا قي حاجة يعملها..اهو كده قاعدة حلوة و ضحك و فرفشة و خلاص"
ابتسمت شهد بشدة
فقال و هو متأملا ابتسامتها:" بس انا لو منه و قصادي الحلاوة دي..ولا زوزو و بتاع..مش هسيب البيت.. و يتحرق الشغل!"
ضحكت شهد.. كانت تضحك بلا توقف علي اتفه التوافه.. و كانها تلهي نفسها بالضحك..
فقال حمادة:" طب بما اننا قاعدين.. ماتدخليني اجيب الشيشة و ارصها هنا عشان القعدة تبقي بمزاج؟"
ضحكت شهد و اشارت له لكي يدخل بينما بقيت في انتظاره..
وفي خلال فترة وجيزة كان حمادة و شهد يجلسان و مازالت شهد تضحك بينما هو يتحدث و يدخن الشيشة ، و ثم بداءت تدخن معه طالبة منه (نفس) كل بضع دقائق..

***

قبيل الفجر كان جو يسيرعائدا.. كان مهموما بعدة مواضيع.. اولهم و اهمهم هو اولائك الذين يلحون عليه لشراء شهد.. وضغط الخواجة عليه ليكون لطيفا معهم و الا يغضبهم.. كيف لا يغضبهم؟! كيف يتحمل حديثهم السخيف الحقير عنها و احيانا نظراتهم .. كيف يمنع قبضته من تحطيم افكاكهم ؟!! وماذا كان يعني الخواجة قوله "اخلص من القصة بنفسي" هل بامكانه ان يغدر به يوما؟! بعد كل التضحيات التي قدمها؟!! كان رأسه مرهقا من التفكير.. اقبل علي البيت ليجد عن بعد شهد تجلس مع حمادة علي عتبة المنزل وصوت ضحكهما يصل اليه ..يدخنان معا من شيشته الخاصة..كانت شهد تقوم بضرب حمادة علي كتفه و تضحك بشدة.. اصابه الغيظ الشديد.. كل ما خطر علي باله الان هو يذهب اليهما و يركل الشيشية لتسقط جمراتها عليهما.. ثم يمسك برأسيهما و يقرعهما معا.. و لا مانع من بعض الصفعات و اللكمات ، و الركلات ان توافر..
ولكنه افاق نفسه قبل ان يتصرف بهذا الغباء.. وظل يعيدها في نفسه قبل ان يصل اليهما "حمادة اخوك الصغير.. حمادة اخوك الصغير"
هلل حمادة لرؤيته..بينما اتسعت ابتسامة شهد ..
حمادة:"فاتتك سهرة بقي.. مقولكش.. احسن من ميت عطا.. دي البت دي طلعت مسخرة"
ضربته شهد مرة اخري وقالت ضاحكة:"بت في عينك"..فرد حمادة:"يا ريت بت في عيني"
لاحظ حمادة ان جو ليس متحمسا مثله فقال بتوتر وقد ادرك ان هناك ما يغضب صديقه وان كان يحاول اخفاء الامر:" بعد اذنك انا استلفت الشيشة..انت عارفني مقدرش اعد من غيرها"
جو محاولا ان يبدوا هادئا:"وانت ايه اللي جابك؟"
حمادة:" وانا معدي لقيتها قاعدة علي الباب كده زي الشحاتيين..و بعدين كلمة في كلمة لقتيني مرزوع جنبها.. بس والله فاتتك القاعدة"
كانت شهد تضحك في بلاهة..
اما جو فقد اصابه الضيق اكثر فهناك نبرة حميمة في حديث حمادة..يتحدث عنها و كانها صديقته المقربة..يسخر منها و هي لا تهتم..بل تضحك و كانهم اقرب الاقرباء..ثم لم تجلس بقربه بهذه الدرجة.؟؟ و ما قصة ضربه علي كتفه كل ثانيتتين؟ هل صاروا اصدقاء الطفولة علي حين فجأة؟!
.
جو:"وانت ليه كنتي قاعدة عل الباب يا شهد؟"
شهد:"كنت زهقانة ..هطق!"
حمادة:"لا يا شوشو..بعد كده كل ما تزهقي هاجي اسليكي.."
جو بحزم:"قوم ياحمادة روح..الوقت اتأخر.."
حمادة وهو ينهض:"اهو ده اللي بناخده منك امارة و بس..مفيش شكرا يا حمادة عشان سليت المزة! ده وشها نور من كتر الضحك"
ركل جو ركلة في الهواء نحو حمادة قائلا بغيظ:"غور ياد..يا.." ولم يكمل، بينما حمادة جري مبتعدا و هو يضحك قائلا:"سلام يا شوشو"
شهد بصوت عالي و هي تضحك:"شوشو دي تبقي خالتك!"
ابتسمت و هي تنظر لجو لتري ان كانت اضحكته دعابتها الاخيرة ولكنه كان عابسا..
اخافها عبوسه فقامت الي الداخل اتقاء لشره..
صاح بها:" تعالي هنا ..لمي ياختي مطرح السهرة.. الشيشة الي كنتي بتشربي منها يا ست المعلمة.. تدخل جوا وتتفك و تتنضف قبل ما تنامي! ثم تعالي هنا مين سمحلك تعدي كده علي الباب و كمان تجيبي حمادة يسليكي"
شهد:"انت قلت متخرجيش و انا مخرجتش!..ثم حمادة هو اللي عدي و قعد انا مجبتش حد..ثم انت ايه اللي مزعلك؟!.. انا لا رحت و لا جيت و حمادة صاحبك.. مش من الناس اياهم و وكتر خيره هون عليا الزهق"
لم يكن لديه ردا..
فقال بغيظ قبل ان يدخل و يتركها:"عايز الشيشة تبرق!"
القي بنفسه علي السرير بيأس.. ماذا عساه ان يفعل معها؟!.. ان خرجت بمفردها.. جلبت المصائب.. وان خرجت معه..جلبت الولهانين الطامعين.. وان بقيت بالبيت.. اتت بحمادة (يسليها)!! كان منظرهم معا مثيرا للحفيظة.. لم يصل هو نفسه معها لهذه الدرجة من الحميمية و رفع التكليف.. شوشو؟!! هل حقا دعاها شوشو!! و يل لك يا حمادة الكلب!
دخلت شهد عابسة تحمل الشيشية المفككة بعد غسلتها في الخارج.. كان يضايقها اسلوبه في اعطاء الاوامر وتغتاظ من نفسها لعدم قدرتها علي فعل شيء امامه سوي الامتثال..
جو:"كلتي؟"
وقفت شهد تنظر اليه حاملة الشيشة بيدها وتحاول التذكر:"اه.. حمادة كان جايب سندوتشات سجق و كبده"
اشاح بوجه عنها ..و قد زاد عبوسه..
اعادت الشيشة في ركنها ثم وقفت لبضع ثاون بظهرها اليه تستجمع شجاعتها ثم التفتف اليه لتقول:" علي فكرة بقي انا مينفعش اعد كده تاني"
جو و قد ابدي تعبير الملل علي وجهه قائلا:"فعلا مينفعش تعدي كده تاني! ولو قعدتي بره تاني سواء مع حمادة او عفريت ازرق.. هيبقي يومك اسود!"
شهد و قد اغاظها انه لم يفهم ما تعني فعادت تقول:"انا بقول مينفعش اقعد كده معملش حاجة.. مين قالك اصلا ان قعدتي برة لوحدي و لا حتي مع حمادة تريحني.... انا لازم اشتغل..مقدرش اعد كده!"
جومؤكدا:" طبعا لازم تشتغلي.. "
تهللت اسارير شهد و لكنها صدمت بقوله:" البيت زي الطين.. همتك بقي..ورينا.. عايزه بعد كده ولا البيوت اللي بتطلع في اعلانات التلفزيون بيلمع كده و منور"
فقالت شهد بغضب:" معرفش.. معرفش يا جو.. مش شغلتي و مليش فيها!"
جو:" امال البرنسيسة عايزة تعمل ايه؟"
شهد محاولة ان تكون هادئة:"مش هقولك عطا عشان متهبش فيا..خلاص بلاش.. ارجع بقي شغلي الاصلي.. اقلب عيشي..و مش هعرض عليك حتة من السبوبة عشان فهمت خلاص انك مكلش فيه..بس هقولك اني مش هكلفك نكلة في عيشتي عندك.. وتبقي كسبت فيا ثواب .. سبتني اكسب و احوش.."
جو ساخرا:" طب معلش كلميني اكتر عن عيشك.. بتقلبيه ازاي يا تري؟"
شهد:" عادي يا جو..بسرق... خلاص؟ ارتحت لما قلتهالك صراحةً ؟!! اللي ربنا بيسهله.. بخلصه! انا بسألك انت جارد ازاي ولا بتعمل ايه؟ كل و احد عنده اسرار شغله"
جو:"انا عمر ما شفت حرامية بتذكر ربنا في كل جملة كده.. بذمة ابوكي مش مكسوفة و انت بتقولي اسرق و ربنا في جملة و احدة؟!"
شهد:" انت هتخش بيني و بين ربنا كمان؟!!!!.. هو االوحيد الي عالم بحالي و بنيتي.. وبعدين لما انت عارف ربنا اوي كده يا خويا كان ايه اللي مشغلك مع الخواجة؟!! و لا هو حرام عليا و حلال عليك.. بقولك ايه انت مش احسن مني.. زي ما انا بسرق انت بتحمي اللي بيسرقوا.. خليك بقي في حالك.. و سيبني اشوف حالي الله يكرمك"
جو و قد قرر ان يتماشي مع تحويل دفة الحوار حيث انه لم يجد ردا لديه علي ما قالته للتو، فقال ردا علي اخر كلمة فقط متجاهلا بقية الحديث:" شهد! اصحي بقي.. انتي، بمالك، بحالك اللي عايزاني اسيبك تشوفيه ده ..كلكوا كده علي بعض ملكي! و انا اللي اتصرف في ملكي بمزاجي! شغل حوش وحرامية و سرقة مش هيحصل و انسيه يا شهد! و مش عايز صداع تاني!"
شهد بحماس:" طب انا مستعدة ارجع للمطبخ عند عطا..اهو ابقي مع سمر و اوشوف ناس"
جو ضاغطا علي حروفه:" لأ! عطا لأ!"
شهد في محاولة للايضاح:" بقولك في المطبخ مش رقص.."
جو مقاطعا:"عطا لأ.. مش عايزك تهوبي هناك اصلا.. مش ناقص وحياة ابوكي بلاوي تتحدف عليا"
شهد في عدم فهم :"بلاوي ايه؟!!"
لم يرد جو بل اكتفي بتحرك رأسه نافيا قاطعا..
ثم قال بعدها:" وبعدين ماهو هناك شغل مطبخ و غسيل صحون و مسح.. اشمعني! متشتغلي هنا اهه"
شهد باشمئزاز وهي تدير رأسها في المكان :" هناايه؟! عند عطا علي الاقل بقبض.. و بتونس بالناس!"
جو:" انا مش مصدق الصداع.. كان المفروض ينزل معاكي في العرض شريط مسكن! لأ يا شهد مش هتروحي عند عطا تاني..ونرجع تاني لزفت بص و هباب غمز.. وزوزو قالت و فلانة نصحت"
شهد بغيظ:"محسسني اني مراتك مثلا و بتغير عليا.. تعالي شوف عندنا في المنطقة كانوا بيشتروا البنات و يسرحوهم.."
جو باستكار شديد:" اغير عليكي ايه يا بت؟! انتي او غيرك.. اللي يبص لحاجة تخصني اقلعله عينه.. وبعدين اللي بتحكي عنهم دول عندكوا هناك.. انسي بقي المنطقة العرة اللي جاية منها دي..مفيش كده هنا ..نضفي راسك دي بقي شوية!"
شهد:"طب خلاص شفلي حل! مقدرش اعد كده لوحدي كل ليلة بدون ماعمل حاجة.. حتي القاعدة علي الباب مش راضي؟!طب ده لولا حمادة كان جرالي حاجة من الزهق"
جو بغيظ:" هو مش حمادة ده كان سيس و قليل الحيا و مابطيقيهوش؟! "
شهد وقد استشعرت ان الامر يضايقه:" لا بس عسل.. وبصراحة انا كنت ظالماه.. كان عندك حق اما قلت انه بيحب الهزار.. انا اصلي ميدخلش قلبي قد الناس اللي تعرف تضحكني"
جو:"ربنا يرزقك ببهلوان"
شهد:" متحاولش تهزر.. تدمك تقيل"
نظر اليها بسخافة و قال:" لا وانا هاجي ايه بعد حمادة.."
شهد متمعنة في المزاح علي جو:" فعلا.. كان ممكن اضحك لو مكنتش قضيت ليلة بحالها قاعدة معاه..بس بعد حمادة صعب..ممكن لو كنت جيت قبلها كنت ضحكت.. و لو انك مينفعش تضحك اصلا.. انت تخوف ..ترعب.. حاجات من النوع ده"
علي قدر ما اغاظه حديثها عن حمادة علي قدر ما راقه اسلوبها في الحديث الان ..حيث كفت عن ازعاجه بمواضيع مؤرقة ، و تغلل الي نبرتها بعض الدلال و هي تسخر منه.. كانت مثل الاطفال تسخر منه في سذاجة وتغيظه.. كان الامر يمتعها بشدة..
فقال:"يا حبيبتي انا بدي لكل و احد اللي يستاهله..ايه اللي يخليني اهزر و اضحك مع و احدة رخمة و مزعجة زيك.. لكن روحي اسألي.. مليون بنت بتموت في قعدتي .. وتمتني اهزر معاها"
صاحت شهد في ملل :"يييييه.. قرفتي بالمليون بنت!! طب معلش بأة انا بالمليون بت دول كلهم.. " قالتها بتفاخر و دلال..
جو وهو ينظر اليها باعجاب شديد و لكن كلماته خرجت ساخرة:" ده علي اساس ايه بقي؟!"
شهد في تعال :"في اي واحدة منهم الدنيا اتقلبت عشانها اكتر من مرة عند عطا و هي مبقلهاش شغالة اسبوع؟!!"
جو:"ده من خبتك!"
شهد متجاهلة رده:" طب في اي واحدة منهم لمت فلوس زي مانا لميت؟"
جو:"يا حبيبتي المليون دول مافيهومش اصلا ولا واحدة بتشتغل رقاصة.."
شهد:" انا مش رقاصة!"
جو:"طبعا مش رقاصة.. انت ملك جو!.. مينفعش تكوني رقاصة! انت كنتي يا رقاصة و انا خليتك تعتزلي"
شهد:" مش هرد عليك علي فكرة.. طب خد دي بقي عندك:.. في اي واحدة منهم انت اشترتها؟َ!"
جو:"في دي عندك حق.. انا مشترتش غيرك"
شهد:" ليه بقي مشترتش منهم؟ عشان همة ميستاهلوش.. و لا انت الي ماتطولش؟!!! ها ها زنقتك!"
ابتسم باعجاب و هو يراها تهلل في سعادة لانها انتصرت عليه في الحوار ووضعته في ركن فإما يقول عن نفسه انه لا يرقي لشراء اي فتاة اخري او يقول عن اي فتاة اخري لا تستحق الشراء..و في الحالتين يجعل ذلك شهد الافضل.. كانت لعبة طفولية ممتعة .. ليس لشيء سوي رؤية شهد تبتسم في سعادة..
قال جو ببرود بينما عينيه يقفز منهما الانجذاب الشديد لها:"انا مشترتش غيريك عشان كيفي كده!" و اشار الي رأسه..
شهد معترضة في حماس:"ايوة قول بقي اي كلام.. اي فتي بقي.. عشان مش لاقي رد .. هاهاها"
لم يجب بل ظل يحدق بها و علي شفتيه نصف ابتسامة جانبية.. كان يمسك نفسه عن اخبارها بمدي جمالها و هي تضحك.. ظل يعبث بمطفأة السجائر و يقلبها بين يديه في توتر..
احست شهد انه الان قد يتقبل منها اي شيء فاقتربت منه و هو جالسا علي السرير و قالت بدلال:" طب وحياة المليون بت بتوعك دول.. متسيبنيش اعد لوحدي كده! خليك حلو.."
لم يقدر فمه علي نطق شيء سوي:"ماشي"
تقافزت شهد و امسكت بذراعه في مرح و قالت:" والنعمة انت اجدع و احد في الدنيا.."
ادرك ما فعل للتو فعاد و قال:" متفرحيش او ي كده.. مش اي حاجة هتتعمل..سيني انام دلوقتي و بكرة اقولك"
تركت ذراعه وقالت بقليل من الاحباط:"طيب! كل اللي منك حلو.. تصبح علي خير.."
وذهبت و تكومت في فرشتها علي الارض..قال بهدوء يخفي اضطراب و مشاعر حارة:" وانتي من اهله"
فجاة رفعت رأسها و سألت:" هي زوزو كانت هناك؟!"
جو:" لأ مجاتش..اشمعني؟"
ابتسمت شهد في رضا وقالت:" عادي بسأل.."
ثم وضت رأسها علي وسادتها مرة اخري واغمضت عينيها..
ولاول مرة بقي يتابعها.. كان دائما يعطيها ظهره و يتركها تتعامل علي حريتها.. و لكن الان رغب بشدة ان يملي نظره برؤياها الي اخر لحظة..حتي عندما استلقي علي السرير ووضع رأسه علي الوسادة ظل ينظر اليها ..كانت مازالت في تسقط في النوم و جفونها تغمض و تعود للفتح كل بضع ثوان.. فوجيء بها تبتسم له لما التقت عيناهما عندما فتحتهما للمرة الاخيرة ، ثم اغمضت ..و بدي واضحا انها راحت في النوم.. ابتسم بدوره واغمض عينه و نام هو الاخر..
***
هذه المرة لم يكن كابوسا.. كان حلما..لم تري احلاما سعيدة كثيرة في حياتها و لكنها عرفت انه حلما سعيدا.. تميزه سهلا.. فقد رأت فيه ما تتمني.. كانت تري نفسها تجلس داخل حجرة فخمة للغاية وكل جدرانها من المخمل (القطيفة) الناعم.. يحيطها المخمل من كل جانب ..جلست عليه تمرر يدها وتتحسس نعومته في استمتاع.. ثم فجأة تسرب ضوءا ساطعا الي داخل الحجرة وكأن شخصا فتح النافذة.. غمر الضوء الرائع المكان.. نظرت لمصدره لتجد يوسف عملاقا كبيرا ينظر اليها من خارج الحجرة و يبتسم.. انه يحتفظ بها في علبة مثل علب الجواهر التي طالما سرقتها.. كان يضعها في جيب قرب قلبه.. وكل لحظة يفتح العلبة لينظر اليها و يبتسم في حنان ثم يعيدها قرب قلبه مرة اخري..
ابتسمت بشدة و هي تستفيق..كادت ان تضحك علي غرابة الحلم.. حاولت تفسيره و لكن فشلت..ابتسمت و اكتفت بالشعور الذي تركه الحلم بداخل قلبها..
نهضت لتجد جو مازال نائما..تأملته عن بعد.. ثم اقتربت بتوجس بضع خطوت اخري لتتأمله بصورة اقرب.. انه حقا وسيم.. ابتسمت وهي تتخيل مدي حقد زوزو الان.. برغم من انها تعذرها.. فجأة تحرك! فتراجعت بسرعة مبتعدة ..الا انه قام بقلب جسده و هو مازال نائما ليصبح ظهره مواجها لها..
ضحكت في سرها علي رد فعلها الساذج و..ثم احست انه يستحق منها وجبة افطار..فقامت باعداد وحدة وهي تتجنب اصدار ضجة..
اما جو قفد بدأ يصحو علي صوت تحركها في المكان فاستدار ليري ماهية الامر..وجدها تقف امام الموقد الحقير تعد شيئا.. تأملها قليلا.. و ابتسم في رضا.. قال في محاولة لجرالشكل:" ايه الدوشة دي علي الصبح؟!"
استدارت شهد و قالت:" انت اللي بيتك قد الحق.. بحضر فطار... هعمله من غير صوت ازي.. لو كان بيتك بأوض زي الناس كان زمانك في اوضة مقفول عليك .."
جو:"بس ! بس ! ايه الرغي ده كله.. اتوبيس بيكلم؟! "
نهض و توجه للمحمام مارا بها فقالت:" فكرت هتخيلني اعمل ايه؟ ها؟"
جو:"انا لحقت؟! مش نايم قدامك و صاحي قدامك..يخرب بيت زن النسوان"
بدي علي وجهها احباط ممزوج بضيق..
فقال:"اهدي علي نفسك شوية..كله بوقته"
***
خرج ليجد زوزو تجلس مع شهد علي المائدة و تتناول بعض لقيمات من الطعام الموضوع امامهما..
رفع حاجبية مندهشا..
فقالت زوزو:" صباح الفل.. انا جبت فطار معايا و قلت نفطر كلنا سوا.. اصلكوا وحشتوني..ان كان انت ولا البت دي"
قالت شهد وهي تربت علي ذراع زوزو:" مش بقولك القلوب عند بعضها.."
جر جو كرسيا و جلس معهما علي المائدة بحيث صارت شهد ناحية يمينه و زوزو ناحية يساره..
قال قاصدا بعد ان وضع لقمة في فمه:"الله يا زوزو البيض حلو اوي تسلم ايدك"
زوزو في غباء:" انا مجبتش بيض.. انا جايبة فول و طعمية..اهم " واشارت اليهم..
شهد و هي تنظر لجو بغيظ:" انا اللي عاملة البيض..."
جو متعمدا ان يبدي عدم اهتمام:" اي حاجة.. تسلم ايد اللي عمله وخلاص"
زوزو:" مفيش اخبار عن اللي اسمه عدوي ده.."
جو:"ايه السيرة دي عالصبح..احنا بناكل!"
شهد:" ولا عايزين نعرف اخباره..خلاص مبقاش له عندي حاجة.."
زوزو:" ازي بقي مش عايزة تعرفي اخباره.. مش تعرفي فاق و لا حصله ايه عشان تتقي شره ..وهو هيسكت؟!"
رأي جو علامات التفكير و التوتر علي وجه شهد ..فقال لزوزو ببرود ضاغطا علي حروفه بحزم:" اعلي ما في خيله يركبه!"
واكمل بازدراء :"ثم انتي جاية تقرفيني بالسيرة دي.. متشوفيلنا حاجة تستاهل نكلم عليها"
سألت شهد في خفوت واعين زائغة:" هو انت تعرفي عنه حاجة يا زوزو؟"
ضرب جو بيده علي المائدة مما جعل كلتاهما تنتفض و قال:" قلت غيروا السيرة دي!"
فربتت زوزو علي صدره في استسماح وقالت:" خلاص متزعلش نفسك.. عدوي ايه ده الي يقل مزاجك..كل يا خويا.. مش هنكلم عليه تاني" ونظرت لشهد قائلة و هي تزغر لها:" خلاص يا شهد قفلي السيرة دي" كانت شهد تدرك من نظرات زوزو المقصودة انها تعني" قفلي السيرة دلوقتي و هقولك بعدين"
توقفت شهد عن الاكل و سرحت في تخيلات عن رد فعل عدوي ان عاد.. وما سيكون انتقامه و تذكرت الكابوس الذي قتل فيه جو بين يديها..
فقال جو امرا:" كلي يا شهد!"
دست شهد قطعة خبز في فمها امتثالا ومضغتها ببطء..
كان جو حانقا من تصرف زوزو الغير غريب عنها.. بات واضحا انها اتت اليوم لتضايق شهد وان غلفت ادائها بغلاف الاهتمام و الصداقة..
زوزو:" انتي يا بت يا شهد مش هتنزلي الشغل تاني خلاص؟"
شهد بعد القت نظرة جانبية لجو يملؤها اللوم و الغيظ:"نفسي!"
رفع جو رأسه الي الاعلي في نفاذ صبر:"ده ايه الفطورة المهببة دي.. بت يا زوزو انت جاية عالصبح عايزة مني ايه؟"
زوزو مندهشة:" يوة؟! زعلان ليه تاني؟؟.. دانا حتي بكلم شهد و مجبتش سيرتك.. انا بطمن علي البنية واحوالها"
ثم وجهت جديثها لشهد:" طب لما نفسك.. ما ترجعي"
شهد وقد قررت (المحلسة ) لجو:" اما جو يقول.. الكلمة له"
مصمصت زوزو شفتيها و قالت:"ممم طب ياختي بشوقك"
اما جو فقد كان صامتا و كأن صوتهما لا يصل اليه.. وقد تأكد من نية زوزو.. و لكن ابي ان يتدخل في ما يسميه (شغل نسوان) برغم من انه مستفزا بشدة من توجيه زوزو لدفة الحديث..
زوزو لشهد:" متعمليلنا شاي يا شوشو.. محتاجين نحبس"
قامت شهد بتثاقل وهي تقول علي مضض:"واجب برضه"
بمجرد ان ادرات شهد ظهرها وابتعدت حتي التفتت زوزو وقالت بعيون هائمة:" ايه؟ انت مخاصمني؟"
جو ببرود:" ربنا ما يجيب خصام"
وضعت زوزو يدها علي ساعده الممدود علي المائدة قائلة بدلال:" امال مالك؟ مبقتش تسأل؟ معدتش بوحشك؟"
جو:"انا موجود طول الوقت عند عطا زي مانا..انتي الي مبتظهريش.."
زوزو:" عطا ايه؟ انا نفسي مرة تيجي تسهر معايا "
جو:" انتي عارفة يا زوزو مليش في شلتك و لا بحب سهراتكوا"
زوزو :"يولعوا كلهم... اعملك سهرة خصوصي لوحدك .. انت بس تعالي"
كانت زوزو قد قربت وجهها بشدة من جو التصقت بكتفه..
فوجئا بشهد تضع صنية الشاي بعنف علي المائدة ، لدرجة ان بعض الشاي تناثر علي الصنية و المائدة..
شعر جو بسخونة قطرات الشاي علي يديه فصاح بشهد:" براحة يا بت..حرقتي ايدي"
اما زوزو فقد اجفلت ثم قالت:"ايه يا شهد.. حد يحط الصنية كده.." كانت مدركة ان ذلك هو رد فعل شهد علي المشهد الغرامي بينها و بين جو..
فراحت تتحسس ساعد جو و هي تقول بمياعة مستفزة:" حرام عليكي اديه"
وجد جو نفسه يسحب يديه من زوزو ..وهو ينظر لشهد بارتباك.. قائلا:" لا بسيطة.. بسيطة"
هل حقا خشي من استيائها؟؟ لقد فاجأء نفسه بهذا التصرف التلقائي..
اما شهد فقد منعت نفسها من سكب كوب الشاي المغلي علي رأسيهما. و لكنها لاحظت تراجع من جو.. وقد ارضاها الامر قليلا..
جلست معهما و قالت متصنعة المزاح:"انتي ايه كنتي بتوزعيني.. حبكت معاكي يعني.. ماهو عندك طول الوقت.. عايزة يعني تفهيني انك مش عارفة تتلايمي عليه و انك جاية تزنقيه هنا؟.. عشان هنا ملوش مهرب!بلاش بكش يا زوزو.. "
كانت تتعمد سرد الواقع المؤلم بالنسبة لزوزو في صورة سؤال مستنكر..
زوزو:"لا وانتي الصادقة مبنشبعش من بعض"
نظر اليها جومندهشا وكأنه يقول "مين دول؟"
فقالت شهد:" عموما انا مش عايزة ابقي عزول.. يا ريت اقد اخرج واسيبلكوا المكان بس جو مش راضي يخليني اخرج.."
زوزو :" حابسك؟ ليه يا جو.. متسيب البت تفك عن نفسها"
جو:"منك ليها.. بقولكوا ايه.. حلوا عن نفوخي.. انت يا زوزو مش وراكي اي حاجة؟يلا لا تتأخري.."
ابتسمت شهد في شماتة فقد وجهت الحوار تماما الي حيث تريد و حصلت علي النتيجة المطلوبة.. نفذ صبر جو وشبه طرد زوزو بالذوق..
زوزو بهيام:" عسل وانت متعصب.. حاضر همشي.. بس زي ما اتفقنا مستنياك عندي في سهرة خصوصي عشان عيونك"
احست شهد بحرارة دمائها..كانت تغلي..
اما جو فقد ربت علي كتف زوزو هو يوصلها للباب قائلا:" اتكلي علي الله انتي بس..و نبقي نشوف"
خرجت زوزو فاستدار جو ليجد شهد تبدوا غاضبة، وللمرة الثانية ارتبك وقال وكأنه غارقا في الاندهاش ، مفسرا دون ان يُطلب منه:"سهرة ايه الل بتكلم عنها دي؟؟ انا فاضي؟!!"
لم ترد شهد بل حملت صنية الشاي وتوجهت بها للحوض وشبه قذفت بها لتسقط داخله مصدرة صوت عالي..
اثر يوسف الصمت.. كان لديه شعوراغامضا .. لم يدر ان كانت سعادة لغضبها، ام هي رهبة منه.. هل حقا يشعر بالرهبة منها؟.. تلك الفتاة الضعيفة التي تخشاه ؟!

اثر ايا الابتعاد عنها الان ، وقرر فعل شيئا مفيدا امسك هاتفه ومر علي قائمة الاسماء فيه.. لوهلة بدا انه مشغول و لكن الواقع انه كان يتابع شهد خلسة..كانت حانقة تغسل بعض الصحون..
قطع الصمت قائلا:"تحبي تشتغلي في مركز تجميل؟"
التفتت اليه شهد و ضيقت عينيها مستفهمة وقالت:"مركز تجميل؟! كاوافير كبير يعني.."
جو:" ايوة يا فلاحة.."
شهد:" معلش اصلي مبعرفش خواجات زيك.. المهم.. قصدك مع زوزو؟"
جو :"لأ.. و طلعي زوزو من دماغك شوية"
شهد:"امال فين؟"
جو": واحدة معرفة فاتحة واحد .. تروحي؟"
شهد:" من ابو كام؟"
جو:"يا بت متبقيش دنية كده.. انتي مش عايزة تسلي نفسك و خلاص دي شغلانة محترمة وهتكسبي عيش، في مكان كله ستات"
شهد:" انا مالي انا ستات و لا رجالة.. المهم هعمل ايه ؟ و هاخد كام؟ واوعي تقولي نضافة تاني؟"
جو:" البت صاحبتي اوي و اللي هطلبه هتمشيه.. عايزة تعملي ايه و تاخدي كام..بس متطمعيش؟"
شهد:" انا معرفش.. عمري ما اشتغلت في كاوافير.. "
جو:"عادي يعلموكي.. و اطمني علي اليومية..سيبها عليا.."
صمتت شهد تفكر ثم قالت:" وهي صاحبتك منين بقي؟"
جو:" وانتي مالك هيفرق معاكي في ايه؟ اللي ليكي عندي انها تشغلك "
شهد بغيظ:" ايه يعني؟ سر؟ اظن دي من المليون بت اياهم؟ وهروح بأه تعد تقوللي اللي بيني و بينه و اصل علاقتي بيه و هتصدع امي.. اصل زوزو مش كفاية!.. موعودة انا بصحباتك!"
كانت تتحدث باستياء عفوي.. وجو يتابعها بابتسامة علي وجهه..
جو بهدوء ومازالت الابتسامة الغامضة علي وجهه:" وهي زوزو بتقولك ايه؟"
شهد و قد شعرت انها تحدثت اكثر مما يجب فارتبكت قائلة:" عادي مانت عارف.. الكلام اللي انت عارفه..انا وجو بنا قصة و رواية"
جو:" وهي بتقولك انتي الكلام ده ليه؟"
شهد بتلقائية وحدة:" بتغيطني!"
جو:" وانت ايه اللي يغيظك؟"
زاد ارتباك شهد و قالت:" انا عارفة.. دي مهبوشة.. فاكرة كل الناس بصالها فيك.."
عقد جو حاجبية متصنعا الاستنكار:" بصالها فيا؟! ده علي اساس اني كيلو كباب؟"
شهد:وهي تشيح بيدها " اهه بقي.. المهم البت بتاعة الكوافير دي..برضه هتكفر سيئات اهلي بقصى حبكوا و لا ايه؟"
حو :" لا اطمني.. "
شهد:" خلاص هجرب"
نهض جو ولوح بهاتفه قائلا:" طب انا هخرج بر اكلمها.."
رفعت شهد احد حاجبيها واقتربت منه و اضعة يدها في وسطها و قالت مستنكرة:" يا سلام.. و متكلمهاش من هنا ليه؟"
توجه الي الباب و ازاحها من طريقه قائلا:" انت هتحاسبيني و لا ايه يا بت؟!..اوعي كده"
خرج بالفعل تاركا شهد في حالة احتراق ذاتي..
كان يريد ان يحدث حنان علي انفراد..
حنان.. اسم علي مسمي .. صديقة الطفوله و رفيقة العذاب.. تكبره باعوام عده.... كانت مصدر الامومة و الحنان في حياته .. اعتنت به كثيرا.. كانا معا لدي المعلم القديم.. كم من مرة اهتمت بجروجه.. كم من مرة اطعمته من ما سرقت.. كان ينام قربها قبل ان يشب عوده ، و ينتقل لحجرة الصبيان.. كم من مرة دافع هو عنها .. كم من مرة سحق عدوي لانه حاول التعدي عليها.. يذكر انه انقذها مرة من براثن اوغاد الشارع زملائها.. كان قويا في سن صغيرة.. ويذكر جيدا ليلة هروبها .. اخبرته انها رأت مكانا افضل للعيش .. وانها ستعود لأخذه فور ان تستطيع.. بكت معه كثيرا و احتضنته.. يذكر قبلتها الحانية علي جبينه.. و يذكر ايضا انها لم تعد ابدا..
وبعد ما حدث للمعلم و انفراط عقد جميع من يملك.. تقابلا.. كانت تعمل في صالون تجميل.. ساعدته في البداية في التعرف علي بعض الاشخاص للعمل.. ثم كل منهما اكمل منفردا في مشوار حياته .. و بقيت علاقتهم الطيبة، المتقطعة نظرا لظروف الحياة .. و لكن ما لم تنقطع ابدا الجمايل المتبادلة التي تأتي و تذهب بينهم علي مدار ما فات من اعوام..
لم يرغب ان يحدثها امام شهد لسبين..اولهما انها لن تتفهم طبيعة العلاقة.. ستظن انها حبيبته.. هي بالفعل حبيبته و لكن هل يلام احدا علي حب امه.. و السبب الاخر هو انه اراد ان يوضح لحنان مدي اهتمامه بشهد لكي تهتم بها بدورها.. و هو الامر الذي لم يعرف لمَ لم يرغب في ان تسمعه شهد ..
وهناك سبب اخر.. سبب ربما لم يدركه هو نفسه..كان يود ان يبوح... يبوح بمكنون نفسه..يزيح عن صدره ما يختلج داخله من اضطراب و عدم فهم.. يتحدث عنها لشخص ما.. شخص لن يحكم عليه.. لن يقول عنه ضعيفا مرتبكا.. شخص يثق به و يعرف انه يهتم به بدوره.. كان يريد ان يتحدث عن شهد.. بدون ان تسمع شهد!

وقفت شهد قرب النافذة مختبئة و قد القت اذنيها خارجا علها تسمع حديث جو مع تلك من اراد ان ينفرد بها..

جو بنبرة هادئة ودودة للغاية:"ازيك؟.. فينك انتي؟... مش قد مانتي واحشاني... بصي لو اعدنا نبرر لبعض بظروف الشغل مش هنخلص..سيبك من الكلام ده..عاملة ايه؟... انا كويس،مش كويس اوي ، تقريبا مش كويس خالص.. محتاجلك اوي يا حنان.. لازم اشوفك.. بس الاول عندي طلب يهمني اوي.... تسلمي يا حبيبتي طول عمرك جدعة.. عايزك تشغلي معاكي واحدة تهمني.. عايز اضمن انها تحت عينك انتي.. ملاقتش مكان غير عندك اطمن عليها فيه... اه اوي.. تهمني اوي.."
همس في اخر كلمة و تلفت حوله لكي يتأكد من انه بعيدا عن مسامع شهد، و لكنه لمح ظلها تقف بقرب النافذة، اقترب من النافذه و دس رأسه بها ليري شهد بالفعل تقف بلا حراك ، اجفلت عنما رأت رأسه فصاح بها:" بتعملي ايه عندك؟! امشي اعمليلي قهوة.."
صاحت شهد بحدة:" اعملها لنفسك مبعرفش!"
حدق بها غير مصدقا و قال:" انتي اتهبلتي بتعلي صوتك؟!!! امشي اعملي قهوة يا بت.. هخلص المكالمة و ادخل اعرفك تزعقي ازاي"
و لم ينتظر ردة فعلها بل سحب نفسه وابتعد لكي يكمل مكالمته الهاتفيه السرية..
كادت شهد ان تبكي غيظا.. حركت يديها في حركات عصبية عنيفة كطفلة في نوبة غضب.. وتمتمت بسباب ما..
جلست بعدها تلهث في انفعال وتفكر.. لا يروقها نبرته الامرة العالية في الحوار.. لمَ يصيح؟؟!!! لن تصنع له القهوة.. ذلك افضل له! ان صنعتها الان ستضع له دواءا يصيبه بالاسهال.. فليصيح ساعتها بملء فمه!
كانت حانقة عليه بشدة.. هل بسبب النبرة حقا؟ لم تكف عن اعادة حديثه مع تلك "الحنان" في رأسها.. " محتاجلِك اوي"!!
ايكون لك حبيبة يا جو؟ ... ايكون لك حبيبة؟!!


بيبه الجميله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-13, 06:19 PM   #14

بيبه الجميله

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية بيبه الجميله

? العضوٌ??? » 271411
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 342
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » بيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
افتراضي

الفصل الثانى عشر


جلست شهد علي الكرسي الجلدي الانيق بجاوار جو تتأمله ..كانت ضئيلة حجما بجانبه.. هو عملاقا قويا .. كم يشعرها الامر بشعورلذيذ ،غامض ومريح.. هناك شيئا في قوته و شراسته يجذبها بشدها، علي عكس كل الرجال الشرسين الذين قابلتهم و رغبت في نزع امعائهم.. تذكرت امس حين دخل اليها بعد المكالمة الغامضة، كان غاضبا و لكنه لم يخيفها .. وبخها بشدة علي صوتها الذي علا عليه، وحين اخذها من يدها في عصبيه ليريها كيف تصنع القهوة و يلومها علي خيبتها الثقيلة .. كانت تنظر اليه بهيام واعجاب حتي انه حين التقت عيناه بعينيها صمت لثانية ثم تركها والقهوة .. و هرب مبتعدا.. متمتما بشيء عن ان لا فائدة في تعليمها و انه يأس..هكذا فسرتها.. لقد هرب.. وكأنه يخشي نظرات الاعجاب منها.. ها هما الان يجلسان في مركز التجميل الخاص بصديقته في انتظارها.. برغم كل ما يثير حفيظتها في الامر، الا انها كانت تريد العمل بشدة.. كما انها بعد ما سمعته امس من المكالمة ارادت ان تري بنفسها ماذا تكون "حنان " و ما طبيعة علاقتها بجو..
اقبلت عليهم سيدة شابة انيقة و قد ادهش شهد انها اكبر سنا مما توقعت.. تهللت اسارير جو لرؤيتها، بل قام من مكانه في حماس و اقبل عليها.. تلقاها بين ذراعيه واحتضنها بشدة وربت علي ظهرها في حفاوة .. كانت صدمة شهد كبيرة فهي توقعت ان ما يجمع جو و حنان هو اعجاب و او علاقة سطحية تتمثل في غزل و سهرات.. ولكن ما تري الان هو عاطفة شديدة .. اتكون تلك حبيبته؟.. من المليون فتاة اخترت تلك المسنة لتكون حبيبتك يا جو؟!!
انتبهت حنان لوجود شهد فمدت يدها بلطف شديد و ابتسامة و دودة قائلة:" انتي شهد.. اهلا يا حبيبتي"
فمدت شهد يدها و هي علي وشك البكاء.. كانت تحاول اخفاء ما تشعر من احباط حزن ..فقالت:" اهلا بيكي"
"اتفضلوا.. اتفضلوا" قالتها حنان و هي تشير اليهم للتوجه الي مكتبها..
وضع جو يده بحركة تلقائية علي ظهر شهد ليدفعها برفق امامه، فاستدارت له شهد بنظرة نارية و دفعت يده بمنتهي الغل..
عقد حاجبيه مستنكرا مندهشا ولسان حاله يقول:"مالها دي؟!"
جلست حنان علي كرسي انيق وثير بينما جلس جو و اجلس شهد بجواره علي الاريكة المقابلة لها..
قالت حنان و هي تفتح علبة صدفية انيقة بها سجائر و تقدمها لجو:" مستوردة.. مفيش منها هنا"
امتنع جو واضعا يده علي صدره و قال:" مبدخنش عشان الشغل.. لازم ابقي بصحتي انتي عارفة"
فبتلقائية قدمت العلبة لشهد..فقال جو قبل ان تبدي شهد اي رد فعل:" و لا شهد اكيد.."
فما كان من شهد الا ان لحقت العلبة قبل ان تبعدها حنان و سحبت منها و سيجارة و هي تنظر لجو بتحدٍ..
ابتسمت حنان فقد كان تصرف شهد طفوليا وعنيدا و قد بدا واضحا انها تتحدي جو..
حنان لشهد بابتسامة وهي ممسكة بالولاعة بعد ان اشعلت سيجارتها:" اولعهالك و لا هتحتفظي بيها؟" وضحكت
قام جو بهدوء شديد و اخذ السيجارة منها بقوة و لكن بهدوء وجلس مكانه مرة اخري قائلا ببرود :" انا هحتفظلها بيها يا حنونة"
بينما شهد تنظر اليه في غيظ..
حنان:" جو يا شهد عزيز عليا جدا و عشان انتي تهميه اعتبري نفسك اهم واحدة هنا.. ها تحبي تعملي ايه ؟"
شهد:" انا عمري ما شتغلت في حتة زي دي.. ماعرفش ممكن اعمل ايه؟"
حنان:" طبعا مش هينفع نبتدي بالشغل مع الزباين.. بس لو حابة ممكن نعلمك الاول وتاخدي فترة تدريب.. انما ممكن تعدي برة في الريسيبشن.. تبقي انتي و البنت اللي برة ... تساعدك لحد ما تتمكني.. الموضوع بسيط.. "
شهد: "بس انا معرفش اعمل ايه في الرشبشن دي؟"
ضحكت حنان ضحكة صافية و قالت:" تصدقي ان انا كمان كنت بقول عليها كده برضه اول ما اشتغلت.. رشبشن.. هي صعبة فعلا..بس هتتعلمي.. انا يفدني و جدا واحدة حلوة زيك تبقي واجهة للمركز"
تدخل جو مقاطعا باستنكار:" وانت لمؤاخذة عايزة و احدة حلوة في الواجهة ليه يا حنان؟!.. لا معلش شوفيلنا حاجة غير دي"
شهد:" هو انت لازم تطلعلي في كل حاجة؟!.. انا بقي عجباني الريشبشن دي!"
جو:" مش لما تعرفي تنطقيها الاول .. و بعدين اللي اقوله يمشي وانتي تسكتي خالص"
ثم استدار لحنان وقال محذرا:" حنان!!.. بقولك تهمني و جايبهالك عشان اطمن عليها.. متركزي كده!.. حلوة ايه وواجهة ايه؟!! "
ضحكت حنان مرة اخري و هي تتابع الحديث ثم قالت لجو:" ركز انت يا حبيبي.. ده مركز تجميل للسيدات فقط... سامع يا ابو مخ ضلم سيداااات.. انا اصلي عارفاك و عارفة تفكيرك الواطي"
بدي علي جو وكأن الامر خبطه ..فقال باستنكار محاولا ان يداري علي غباءه:"منا عارف انه سيدات عشان كده جبتها ! طب ولما هو سيداااااات ..عايزة و احدة حلوة ليه؟؟"
حنان:" هو انت كنت ست و لا تفهم في الستات؟!! لما الواحدة تدخل هنا عشان عايزة تبقي جميلة و تلاقي الجمال حواليها ..تعرف انها جت المكان الصح.. وشهد بسم الله ماشاء الله عليها.. وبعدين ادي مكتبي قريب اهه و عيني هتبقي عليها" وغمزت له بمعني فهمه هو..
شهد:" انا موافقة .. من دلوقتي.."
فقالت حنان:" طب جميل .. دقيقة بقي هطلع اتابع حاجة انتوا معطلني عنها برغيكوا ونقاركوا" وخرجت مسرعة.
جو لشهد مداعبا:" اي حاجة فيها استعراض لحلاوتك عايزة تزيطي فيها.. تكونيش فاكرة نفسك حلوة بجد.. دي بس حنان اللي نفسها حلوة و بتجاملك"
تحت ضغط الموقف لم تصل الدعابة لشهد فقالت باستياء :" متشكرة .. الله يكرم اصلك يا ذوق"
شعر يوسف بضيقها فاقترب منها وهي و ينظر اليها وقال باسلوب اقرب للغزل :" هي كلمة الحق تزعل؟ .. طبعا مش حلوة.. مفكيش غير شوية الشعر الحلوين دول.. " وامسك باطراف شعرها و مررها علي اصابعه ..ثم اكمل:"علي العيون الجميلة دي.. " و وحدق في عينيها و هو يتحدث..ثم قال:"وشفايف.." لم تدر شهد الي اين كانت ذاهبة يده التي ابعدتها للتو ، ثم تراجعت للخلف في الاريكة.. بينما اكمل هو متسائلا:" قلويلي بقي حلوة بأمارة ايه؟"
كان قلب شهد يخفق بشدة.. لقد غازلها الكثيرون.. و برغم اسلوب جو العجيب جدا..الا انها المرة الاولي التي يستجيب قلبها بهذا القدر من الخفقان.. مشاعرها كانت ممتزجة يسيطر عليها الفرح .. وقليل من التوجس حيث تذكرت كلام زوزو وخاصة و قد حاول لمسها .. وكثير من الحيرة فهي لم تفهم بعد مشاعره نحو حنان..
اما جو فقد شعر لوهله انه فقد السيطرة.. بل استمتع بترك العنان لنفسه .. استمتع بالتدقيق في ملامحها .. بلمس شعرها و بوصف جمالها وكانها حبيبته في لحظة غزل.. ولكن تراجع شهد اوقفه و استعاد بروده و سيطرته علي نفسه..
ظلت شهد صامتة مرتبكة.. عشرات الافكار تتخبط في رأسها.. القت نظرة سريعة علي جو لتجده محدقا بها.. كان يتابعها من مكانه علي الطرف الاخر من الاريكة..مما زاد من توترها فقالت في محاولة لانهاء التوتر:" انت تعرف حنان من زمان؟"
جو:"من زمان اوي..ليه؟"
شهد:" بتأكد انها ثقة يعني.."
جو مؤكدا:" كانها انا.."
شهد ولم يعجبها رده:" يااه اوي كده؟!!"
دخلت حنان عليهم بابتسامتها اللطيفة وقالت:" طب يا حلوين.. تحبوا تتغدوا فين؟ انا عزماكوا علي الغدا"
***
بالفعل كانوا يجلسون ثلاثتهم في مطعم كباب.. بدأت شهد تصاب بعدوي المودة من حنان.. كانت من الناس التي يطلق عليها (مريحة) او (ترتاحلها) ..بينما دلف جو الي الحمام بقيتا كلتاهما..
حنان وهي تتابعه اثناء ذهابه:" الواد ده عمره ما هيكبر في عيني ابدا.. مع انه زي الشحط و ممكن يلعب بعشرة زيي بلي"
ضيقت شهد عينيها في محاولة للفهم.. نعم حنان تبدو اكبر سنا و لكن ليس لدرجة ان تري في جو طفلا..
استطردت حنان بعد ان رأت علامات عدم الفهم علي شهد :" هو جو ماقالكيش عني حاجة؟"
هزت شهد رأسها نفيا.. و تمالكت اعصابها التي ارتعشت في لهفة للمعرفة اخيرا
حكت لها حنان قصتها مع جو.. و كيف كانت تعتني به برغم ان فارق السن بينهما عدة سنوات ليست بكثيرة..
انهت حديثها بقولها:" مش قادرة انسي شكله و هو عيل نايم جنبي .. بس العيل ده كبر و اتحول لاجدع راجل شوفته في الدنيا.. و لا انت رأيك ايه؟" وغمزت لشهد في خبث و اطلقت ضحكتها الجميلة..
شهد في احراج:" هو من جهة الجدعنة هو جدع فعلا الحق يتقال.."
كانت هناك مزيكة حسب الله تدوي داخل شهد.. حتي كادت لا تسمع حنان.. حنان ليست حبيبة جو!!... حنان ليست حبيبة جو!!.. كانت تنظر لحنان مبتسمة ابتسامة عريضة في بلاهة ، غير منتبهة للحديث..
عاد جو ليجلس معها عندما التقت عينه بشهد.. وجدها قد تغيرت.. اختلفت النظرة عن قبل ذهابه.. الان هو لا يستطيع ان يبعد نظره.. حاول ان يشيح بوجهه و لكن كان عالقا..عالقا في عينيها.. سمع حنان تحدثه و لكن بدا الامر لا يعنيه .. ابتسمت شهد لانها ايضا تسمع حنان تحدث جو بينما هو لا يبدو عليه انه يسمع.. قالت بدلال :"ايه؟ بتبصلي كده ليه؟"
جو:" انتي اللي بتبصيلي !"
شهد:"لا انت.."
حنان:" ممم طب اروح اتمشي انا عشان مرارتي لحد متحددوا مين فيكوا اللي بيبص للتاني "
استدارت لها شهد و قالت مازحة:" تعالي بس رايحة فين؟ امال مين هيحكي عن جو و هو عيل؟"
نظر جو الي حنان نظرة:" بقي كده!"
حنان:" والله يا بنتي كلها ذكريات مهببة ..بس ميمنعش ان كان جو متألق برضه.."
امضوا ثلاثتهم وقتا لطيفا جدا.. شعروا جميعا بالارتياح و ضحكوا بشدة.. ربما كانت من افضل الايام التي مرت في حياة شهد..
وبعد مدة طويلة ودعا شهد و جو حنان .. علي وعد بلقاء قريب اخر ..بينما اتفقت شهد مع حنان علي ان تبدأ العمل في اليوم التالي .. و اتفقت حنان مع جو في السر ان يلتقيا معا للحديث في امر هام يخص جو..
***
كان جو يشرب كوبا كبير من المياة الغازية اثناء جلوسه في مكتب حنان..
سألت حنان:" انت عايز مرتبها كام؟"
جوبعدم اكتراث:" ادفعي اللي انتي عايزاه و انا هكمل الباقي؟"
حنان:" وده اسمه ايه ده؟ في حاجة اسمها كده؟!!"
جو:" من الاخر انا جميلك علي راسي انك شغلتيها في لحظة ماجبتها.. لكن مش لدرجة اني ادبسك في واحدة لا عمرها اشتغلت و لا تفهم حاجة واقولك كمان ادفعيلها مرتب محترم.. حطي الرقم اللي تقدريه لو كانت جايلك من برة.. و انا هبعتلك الزيادة كل شهر.. بس من غير ما تعرف هيا"
حنان:" طب وليه هي متفهمش ان كل واحد بيقبض علي قد اللي يقدر يديه.. انت كده بتفهمها الحياة غلط!"
جو:" مبلاش دوشة انتي راخرة.. انا عايزها تمسك في الشغلانة دي و متشتكيش وتصدعني.. هي بتيجي بالفلوس.. انا عارفها.. كده اشتريت اعصابي و ريحت دماغي"
حنان بخبث:" سلامة اعصابك يا خويا.. وانت اعصابك تعبانة ليه يا عنيا؟"
ابتسم و لم يرد بل جرع من الكوب جرعة كبيرة..
حنان:" عموما انا ميخفاش عليا حاجة.. باين اوي انها مجنناك.. شفت انت لما سَحَبِت السجارة بالعند فيك؟" وضحكت ضحكة ساخرة.
جو:" هي عنيدة اوي بس علي مين! انا معلمها الادب"
حنان:" طب يا عم السيطرة.. لما انت جامد كده مال اعصابك؟؟"
جو:"مش عارف يا حنان .. كل اللي اعرفه اني بخاف عليها اوي"
حنان:" طب مانت بتخاف عليا.. و ياما حمتني من بلاوي.. ايه المختلف؟"
جو:"لا يا حنان ..انتي بخاف عليكي من ولاد الحرام بس، انما لو شفتك مع واحد بيحبك مثلا و مطمن عليكي معاه..هفرح"
حنان:" و لو شفت شهد مع واحد ابن حلال و شاريها و هيصونها؟"
جو :"كنت دفنتهم مكانهم! مهي دي المشكلة.. ولاد حرام و لاد حلال.. بخاف من اي حد يهوب ناحيتها"
حنان:" يبقي ده مسموش خوف .. اسمها غيرة!"
صمت جو لبرهة ثم قال:" مش غيرة .. مانتي عارفة انا الدم بيضرب في دماغي لو اي واحدة ماشية معايا او تبعي حد بصلها.. مش شهد بذات يعني"
حنان:"الله ..اجيلك من هنا تجيلي من هنا.. من الاخر كده.. عاجباك؟"
جو:" مفيش حد مش عجباه... امال انا هتشل من ايه؟"
حنان:" شوف اقوله ايه ..يقولي ايه؟!! انا مالي انا بالناس التانية.. عاجباك انت؟!"
جو:" ايوة.. حتي انتي نفسك قلتي عليها حلوة.."
حنان:" من غير ما تبرر يا حبيبي.. علي فكرة البني ادمين علي كوكبنا بيعجبوا ببعض عادي!"
ثم اكملت في حيرة "طب.. معجب بيها..دي درجة.. فيه الاعلي .. بتحبها؟"
اتسعت عينا جو للسؤال الاخير وقال باصرار:" لا لا لا طبعا.. احب مين؟!"
حنان:" يابني هو انا اتهمتك في شرفك؟! مالك؟! وايه المشكلة لو حبيت..عادي..مش البعيد بني ادم برضه؟!"
جووقد بدأ ينفعل:" مش انا.. مش انا خالص علي فكرة.. يا بنتي انا جارد! جارد! عارفة يعني ايه؟! حب ايه و هبل ايه؟"
حنان :" لا و النبي يا خويا فهمني جارد يعني ايه؟ و ايه علاقته بالحب؟"
جو:" اولا من مباديء الجارد.. انه ميبقالوش نقطة ضعف.. ثانيا انا مش واد سيس من اللي بيتدهولوا في واحدة عشان حلوة"
حنان:" يعني انت شايف ان الحب ضعف؟.. فهمني.. انا بحاول افهم دماغك المزنخة دي"
جو:" مش الفكرة.. انا لو عندي حد بخاف عليه اوي عشان بحبه..سهل اتهدد بيه.. او ينتقموا مني فيه.. او اتذل بسببه.. فاهماني.. كمان بعرضه هو نفسه لحجات ملوش ذنب فيها"
صمت كليهما
ثم قالت حنان:" لو بتحبها سيب الشغلانة دي خالص.."
جو:" يا سلام..دي اكل عيشي.. مبعرفش غيرها.. اسيبها بعد ما و صلت للي انا فيه.. انا احسن جارد في المنطقة.. ثم مين قالك اني بحبها.. كل الحكاية ..انها حلوة.. و مزة.. وضحكتها حلوة.. و غلبانة.. " وبدا كانه تاه سارحا في عالم اخر
قاطعته حنان في حسم :" خلاص.. استحمل بقي العذاب اللي جاي.. لما تيجي فيوم تقولك بحب و احد.. و لا واحد بيحبها يطلبها منك.. وانت اعد عذب نفسك كده شايفها رايحة جاية قدامك و مش عارف تعبرلها عن مشاعرك.."
جو :"بقي انا جايلك عشان تقويليلي كده؟!"
حنان:" عشان انت مش صريح مع نفسك!"
انتهي الحوار الذي اعتبره جو فاشلا ، بينما اعتبرته حنان ثغرة صغيرة انفتحت في رأس جو عله يفكر في الامر و يدرك الحقيقة..
***
في المساء فوجئت شهد بزوزو تطرق الباب..
شهد متعجبة:" زوزو؟! معندكيش شغل و لا ايه؟"
زوزو:" جو هنا؟"
شهد وقد استفزها عدم اكتراث زوزو لسؤالها :" يعني انتي مش عارفة انه في شغله؟ متدوري عليه عند عطا"
زوزو:" يا بت انا جيالك انتي.. بس مش عايزاه يعرف.. اديكي شفتي كان بيزغرلي ازاي لما جيت اكلم في الموضوع"
شهد:" موضوع ايه؟"
زوزو و هي تبعد شهد عن طريقها لتدخل و تستقر علي الكرسي :" موضوع الجدع ده اللي اسمه عدوي.. المالك القديم!"
انقبض قلب شهد بذكر الاسم و قالت :" عندك اخبار و لا ايه؟"
زوزو:" مش اخبار.. طراطيش كلام كده.. بيقولوا انه لسة تعبان.. بس مستحلفلك... حالف ليموتك اول ما يقوم.. "
شهد وقد شعرت بالتوتر الشديد:" خلاص يموتني بأة ..هعمل ايه يعني الاعمار بيد الله..خلي الواحد يخلص من العيشة المهببة دي"
زوزو:" لا يا قلبي بعد الشر عنك.. ان شالله هو.. انا مش مرتاحة لقعادك هنا.. لازم تروحي حتة امان.. ده لو طب دلوقتي ليكون قاتلني انا و انتي من غير ما حد يدري.. البيت هنا مش امان و جو بيسيبك كتير."
صمتت شهد تفكر.. قد تكون الاخبار عن عدوي صحيحة، فهذا هو رد الفعل المتوقع منه بعد كل ما حدث.. و لكن المؤكد سواء كانت صحيحة او من تأليف زوزو فهي قد اتت لاستغلال الامر لصالحها..
شهد:"لا يا زوزو انا تعبت من عيشة الهربانين دي.. اديني قاعدة هنا والي ليه شوق في حاجة يعملها.. "
زوزو:" طب لو انتي مستبيعة.. ذنبه ايه الجدع تورطيه معاكي؟ لو انتي مش هامك لا حياتك و لا حياة جو.. في اللي يهمهم حياته وعايزنه؟" وربتت علي صدرها مشيرة الي نفسها
تذكرت شهد الكابوس اياه الذي قتل فيه عدوي جو.. هزت رأسها كانها تنفض الفكرة منها.. و تمتمت بتوتر:" سيبيها علي الله يا زوزو..سيبيها علي الله"
***
وقف جو يتحدث مع احد الاشخاص عند محل عطا بدا عليه السخط..
الرجل:" يا جو المبلغ ده بيدفع في فلل و عربيات مش في بنات.. دي حاجة عمرها محصلت.. انا مش فاهم ازاي مبتقبلش ؟!! الراجل كريم معاك جدا.."
جو محاولا ان يسيطر علي نفسه بناء علي اوامر الخواجة:" انا اللي مش فاهم ما الدنيا مليانة بنات زي القمر.. و مش بالتمن ده.. اشمعني هي يعني؟ "
الرجل:" القلب و ما يريد.. ايش فهمك انت؟! هو بأة رايدها هي بذات من ساعة ما شافها .. و بعدين دي مصلحة للبنت.. هتتنطق جامد.. انت فاكره هياخدها يبهدلها و لا يشغلها.. دي هتعيش برنسيسية.. ها وافق بأة"
جو:" معلش.. اعتذرله.. قله مش هينفع.. قوله اني هجوزها...لأ قوله اني اجوزتها خلاص"
الرجل و قد تحولت نبرته الي الجدية :" انت كده هتخليه يتصرف معاك بطريقة مش هتعجبك.."
نظر اليه جو بغضب وتمالك نفسه عن سبه و سب من ارسله و قال:"براحته!"
وترك الرجل وعاد الي موقعه قرب الخواجة.. كان يشعر بالسخط الشديد..
***
في اليوم التالي اصطحب جو شهد الي محل عملها الجديد لدي حنان، اطمأن ان الامور علي ما يرام ثم ذهب لشؤنه الخاصة.
جلست حنان مع شهد في البداية لتشرح لها المطلوب منها، و عرفتها علي زميلاتها و خاصة زميلتها هدي خلف (كاونتر) الاستقبال..
كانت المهام عديدة من حجز المواعيد و استقبال الزبونات ، و توجيههم للقسم الصحيح، و الحساب الخ.. كانت شهد مرتبكة ولكن مع تكرار تلك المهام علي مدار اليوم بداء ارتباكها و توترها يزولان.. بدأت تتأقلم مع طبيعة العمل بالمكان، كانت تفكر بجو كثيرا لدرجة انها ابتسمت كالبلهاء حين تذكرت غزله لها بالامس ..كما لم يذهب ايضا عن بالها حديث زوزو عن عدوي.. كلما تذكرته شعرت بالضيق الي ان تتناساه بالعمل..
تابعت حنان و اسلوبها مع المرؤسات، كانت تحظي باحترام و حب الجميع.. لديها طاقة ايجابية معدية ، تجعل الجميع مبتسم و راض.
لمحت الخزانة الصغيرة بجانب هدي حيث تضع نقود الحساب.. تحسرت بشدة لانها لن تستيطع المساس بها.. اجل هي قد اشتاقت لممارسة مهاراتها.. و لكن زيارة تلك الخزانة خصيصا دونا عن غيرها يعتبر تصرف حقير في حق حنان التي كانت كريمة معها.. ضمت شفتيها في حسرة وهي تنظر للخزانة في شوق..

***
في نهاية اليوم و قبل المساء مر جو لاصطحابها..
جو اثناء سيرهما معا:" ها ايه؟ النظام؟"
شهد:" لا تمام.. و حنان دي طيبة و جدعة اوي"
جو:" انتي هتحكيلي عن حنان؟! محدش استفاد من جدعنتها قدي"
شهد فجأة:" هو مفيش فعلا اخبار عن عدوي؟"
جو باستياء وملل:" ارحميني يا شهد..مش كل تفة زوزو تتفها.. تعملي منها قصة"
شهد:" اصل بيقولوا انه مستحلفلنا... و.."
قاطعها بعصبية وامسك بذراعها :" مين اللي بيقولوا؟ انتي شفتي مين ؟!!"
تراجعت برأسها للوراء وقالت:" والله ماشفت حد.. دي زوزو الي قالت..جات امبارح.. سيب ايدي!"
ترك ذراعها و صاح بصبر نافذ:" يعني امنعك كمان انك تقابلي زوزو؟!ولا اعمل ايه؟"
شهد محاولة ان تخرج صوتها الذي هرب فزعا :" طب افرض كلامها طلع صح؟"
جو:" يبقي احسن! انا مستنية عشان اموته بقي المرة دي.. ارتحتي كده! اتهدي بأة و سيرة اي زفت مش عايزة اسمعها!"
قالها و مد في خطوته يسبقها في عصبية.. فذهبت ورائه سارحة تفكر..
***
كان جو يستعد للخروج و شهد تتابعه في قلق...
كان يشعر بنظراتها تتابعه و كانها ترغب في قول شيئا ما..
التفت اليها وقال:" مالك يا بت مش علي بعضك؟"
شهد و هي تقضم اظافرها في توتر:" لا.. مفيش.. انت هتغيب؟"
جو:" زي كل ليلة؟ من امتي بتسألي؟"
شهد:" لا ..عادي"
جو:" لا مفيش.. لا عادي؟! مالك عاملة زي الستات المأموصين من اجوازاتهم كده؟؟! الا تكوني مأومصة من حاجة؟"
شهد ببرود:" هتقمص من ايه يعني؟؟.. ولا انت اصلا جوزي؟؟.."
فاقترب منها وقال بنبرة حانية:" امال مالك؟"
شهد:" اقولك و ما تزعقش؟!
ابتسم و هز رأسه بنعم
شهد:" بصراحة خايفة.. خايفة اعد لوحدي"
جو وقد تراجع للخلف وبدي عليه الغيظ:" وطبعا عايزة حدي يعد معاكي يونسك... و يا حبذا لو حمادة.. "
شهد بعد ان فكرت لوهلة:" هو انا مجاش في بالي انا كنت هقولك خدني معاك ..بس كده فكرة احسن"
جو:" انتي اصلا هتنامي دلوقتي.. بذمتك مش تعبانة؟؟..دانتي شغالة من الصبح و صاحية بدري"
شهد بعيون راجية:" النوم طار من الخوف.. "
اخذ جو نفس عميقا.. ونفثه.. لكي يتمكن من السيطرة علي نفسه.. كان احتوائها بين احضانه الان هو امر حتمي و قد جاهد نفسه بقوة لكي لا يفعل..
لا يمكن ان يتركها تخاف او تخشي شيئا.. لا مفر من حمادة الكلب..
اتصل به و اخبره ان يأتي ، و اصابه الغل حين وجد رد فعل حمادة السعيد جدا..
قبل ان يصل حمادة .. قال جو:" اشمعني الليلة يعني خايفة؟"
شهد ووهي متوجسة بعيون حزينة:" هتعتبرني جبانه لو قلتك من عدوي؟ انا اه جامدة و بدافع عن نفسي.. وعدوي بذات اكتر واحد اذيته في حياتي.. بس برضه خايفة.. خايفة من يوم ما يرجع"
وضع جو يده خلف رأسها و ربت عليها و قال:"اولا انتي مش جبانة انت اشجع بت شفتها في حياتي.. بس انا مش عايزك تخافي ابدا.. طول مانا معاكي متخفيش.. دانا حتي اهه جيت علي نفسي و بعت جبتلك الزفت حماده عشان محتسيش انك لوحدك"
تسائلت شهد:" جيت علي نفسك؟؟!"
ادرك جو انه استطرد في كلام لا يُقال..
قام من مكانه وتظاهر بعمل شيء لا معني له بادراج الملابس..
اخيرا وصل حماده ..وقبل ان تطأ قدمه للداخل..دفعه جو للخارج بقوة للتحدث بعيدا عن شهد..
حمادة:" ايه المقابلة العنيفة دي؟"
جو:" اسمع يا له.. انت تعد محترم.. دورك تخلي بالك منها بس! مش جايبك تسليها .. "
حمادة بغباء: " يعني ايه؟"
جو:" يعني ياروح خالتك مش عايز هزار و مرقعة... و ورحمة ابويا و امي لو مبطلتش مزة و قمر و ضحكتِك معرفش ايه.. والكلام الهابط بتاعك ده.. لكون مكدرك و موريك معاملة زي وشك"
ابتسم حمادة ابتسامة عريضة تحولت الي ضحكة و هو يحدق بعيون جو اثناء حديثه وقال:"خلاص يا حج.. المعلومة و صلت..في ناس بتغير..فهمنا"
جومعترضا:" بغير ايه يا بغل انت؟ انتوا ركبكوا عفريت كلكوا اسمه بغير؟؟! انا مبحبش قلة الادب بس"
حمادة:" انا جيبت سيرتك؟!.. انا قلت فيه ناس.. خدتها علي نفسك ليه؟؟.. عموما متقلقش علي المزة معايا"
قالها و ابتعد عن مرمي يد جو و هو يضحك..
فقال جو بغل ممزج بسخرية:" انا عارف هاجي الاقيها مغمي عليها من الضحك و مسخسخة.. حكم اصلك طِعِم اوي.. ولذيذ خالص" كان يتصنع الرقة مقلدا الفتيات في اخر كلمتين..
دخلا معا..فاقتربت شهد مبتسمة لتحيي حمادة..
شهد:" ازيك يا واد؟"
فقال حمادة بطريقة جادة مقتضبة ومخفضا بصره للارض في محاولة للسخرية من جو:" اهلا يا انسة شهد"
عقدت شهد حاجبيها و التفت الي جو و قالت مشيرة الي حمادة:" مين ده؟"
فقال جو:" ده حمادة المؤدب.. متعدل لسة ..لو قال حاجة غير الكلمتين دول الليلة بلغيني.."
ضحكت شهد ضحكة جملية مما جعل كليهما يبتسمان في سعادة لانهما السبب في تلك الضحكة..
وبعد توصيات عديدة ذهب جو متأخرا الي عمله وهو يسب و يلعن في اللي كان السبب..
***
امضي جو وقته اثناء العمل في عدم تركيز تام.. اكثر ما كان يسيطر علي فكره هو ماذا تفعل شهد مع حمادة الان؟؟.. كانت الكلمات تتردد في رأسه بصوت اصحابها..
شهد:" اصل انا ميدخلش قلبي قد الناس اللي تعرف تضحكني"


حنان:" لما تيجي فيوم تقولك بحب و احد.. و لا واحد بيحبها يطلبها منك.."


حمادة:" طب متبيعهالي !"


كيف فعل هذا بمحض ارادته و اتي بحمادة ليمضي الليلة جالسا معها؟!! ماذا اصابه ليسمح بامر كهذا؟؟!!!
كاد ان يجن من التفكير.. وبدا عليه انه مشتت الذهن..
"جو حبيب قلبي!"
كان هذا صوت احد الاصدقاء، افاق عليه جو من شروده..
جو:"اهلا.."
الصديق:" ازيك كده؟ واحشني يا واد"
جو:" انا مرزوع هنا كل ليلة.. انت اللي فين؟"
الصديق:"انت عارفني بذهق بسرعة و احب اغير الاماكن.. اخبار المزة ايه؟ اهي دي الحاجة الوحيدة اللي كانت بتجيبني هنا كل ليلة.. بصراحة كانت حركة تغيير من عطا في الجون.. انت مبتجيبهاش معاك ليه؟"
اخذ جو نفسا عميقا.. استعدادا لحوار حارق للدم مع هذا الصديق ، قال ببرود يخفي إنصهار:" واجيبها ليه؟ ماهي عندي في البيت.. هتبقي في البيت و في الشغل؟"
الصديق وقد احس بنبرة عدائية من جو فقال متراجعا كي لا يغضب صديقه:"لا حقك .. حقك يا راجل.. دانت خدتها بالدم.. كفاية الواد عدوي اللي انضرب بالنار.."
ضم جو شفتيه في ملل..
فاكمل الصديق:" بس حرص بقي عليها و علي نفسك.. بيقولوا انه اتجنن و مبيفكرش في حاجة غير يقوم و يموتكوا"
ابتسم جو ساخرا:" ياريت يقوم و يوريني نفسه.. و ابقي وصل الكلام ده للي ماشيين بيقولوا دول اللي انا مش عارف همة مين.. بس والنبي قلهم يمكن يقولوله.."
ربت الصديق في حماس علي كتف جو قائلا:" قدها و قدود يا جو.."
ابتسم له جو ابتسامة صفراء.. تحمل كل معاني الضجر و عدم الاحتمال و قرب لحظة الانفجار..
انصرف عنه ذلك الصديق بعد ان شعر ان وجوده غير مرغوب فيه الان ، تاركا جو سارحا.. الان يشعر ان و جود حمادة مع شهد لهو امر غاية في الاهمية.. بعكس ما كان يفكر قبل لحظات!! تجمد عن التفكير للحظة قبل ان يدرك ان وجود شهد نفسها في حياته لهو امر مثير للجنون.. لقد اصابت عدوي بالجنون و علي وشك ان تصيبه هو بدوره!!
***
عاد الي المنزل يجر قدميه.. لا يرغب في مواجهة مشهدا بين حمادة و شهد قد يصيبه بازمة قلبية.. لم يكن في مزاج لتحطيم رأس حمادة..
اقبل علي البيت متوقعا ان يجدهما جالسين في الخارج مع شيشته يتضاحكان.. و لكنه لم يجد احدا.. لسبب ما لم يسعده الامر.. بل مد مسرعا ليري ما سبب ان اضاءة المنزل خافتة و الباب مغلق و لا صوت واحد لضحكة او حتي كلام.. كانت ظنونه كلها تتجه اتجاها نهايته ستكون جثة حمادة، ودماءا علي يده هو..
دفع الباب و دخل في عنف و انار النورموجها بصره الي السرير، ليجد الغرفة خالية تماما..
وقف لبرهة لا يدري ان كان سعيدا لان كل ظنونه قد تبخرت.. ام انه قلقا بشدة لاختفائهما..
امسك هاتفه واتصل بهاتف حمادة و ما ان سمع صوته حتي هتف قلقا:"انتوا فين يا حمادة؟!!! "
وما ان جاءه الرد حتا انفجر صياحا:" بتهبب ايه بيها عندك الساعة دي؟!! مين اساسا اذنلك؟!! بتفسح يا روح امك معاها؟!! متاخدها بيتك احسن! تتوِجدوا قدامي حالا!.. دانت هتشوف ايام سودة !"


جلس علي عتبة الباب في انتظارهما.. كان انفعاله لا يهدأ.. اخيرا لمحهما قادمين عن بعد.. بدا عليهما التوتر ..كانا يمشيان مسرعين.. لفت نظره ان حمادة يمسك ذراع شهد بيده ليسرع من خطوتها.. و بدا علي وجه شهد الذعر .. حسنا لقد كانت المكالمة ذات تأثير مرغوب فيه.. احسن!..
اقبلا عليه يلهثان..ووقفا امامه كطفلين مذنبين في ترقب العقاب..
قال حمادة مبررا:" كنا جاعنين.. خدتها معايا نجيب عشا..وبعدين قلنا نعد ناكل.. يعني كنت اسيبها لوحدها وتيجي بعد كده تقولي سبتها ليه؟"
شهد وقد اصفر وجهها وقالت تستسمحه:" مجراش حاجة ياجو.."
كان جو ينظر اليهما مستمعا و علامات الغضب علي وجهه.. كان صامتا ..
حمادة ومازال يبرردون يسأله جو :" انت عندك حق.. كان لازم ابلغك بالتليفون عشان متجيش تلاقينا مش في البيت.. بس مجاش في دماغي ساعتها"
وضعت شهد يدها علي صدر حمادة وربتت عليه قائلة لجو:" و الله ده كتر خيره.. انا كنت واقعة من الجوع"
رفع جو حاجبه معترضا وهي يركز بصره علي يد شهد الموضوعة علي صدر حمادة.. كان يرغب ان يحرقهما بنظره..كما احرقت تلك الحركة قلبه..
ازاح حمادة بسرعة يد شهد بسرعة عنه.. كان يقراء افكار صديقه من خلال نظراته..
نطق جو اخيرا موجها حديثه لشهد:" من امتي يعني بيهمك الجوع.. مانا لساني بيتدلل عشان تطفحي اي حاجة و مبترضيش؟! ثم انا قلت مفيش خروج.. هتكسري كلامي هكسر دماغك!"
شهد بابتسامة خائفة و ظانة انها في محاولة لتهدئة الجو:" مانا.. مانا قلت انت لما تلاقيني خارجة مع اخوك و حبيبك حمادة.. مش هتزعل.. و بعدين مش انت عايزني اكل؟.. ادي حمادة اهو فتح نفسي علي الاكل.."
كانت مع ذكر اسم حمادة في كل مرة تضع يدها علي كتفه او ظهره في اشارة اليه.. و كان حمادة ينظر الي جو في توجس و يزداد ارتباكا..
ادرك جو ان حمادة بالفعل يشعر بالذنب.. بدي عليه الامر.. كما انه يدرك تمام الادراك ان الامر فات علي حمادة و لم يتعمد ان يذهب بشهد للسوق دون علمه.. ولكنه مازال غاضبا.. مازالت رؤية شهد و هي تلمس حمادة "بتكهربه".. وقول شهد للتو عن ان حمادة "يفتح نفسها" جعله يريد ان يفتح رأسيهما..
اغمض عينية ورفع حاجبية في استياء واخذ نفسا عميق ليهدأ ،ثم نهض قالبا شفتيه في امتعاض وتوجه للدخل تاركا كليهما ..القي نظرة احتقارلهما قبل ان يدخل و يصفق الباب..
قال حمادة بصوت خفيض لشهد:" ادخلي انت بقي.. انا همشي"
امسك شهد بذراعه و قالت بذعر:" هتسيبني؟! ده هيموتني لو دخلت وراه"
انزل حمادة يدها من علي ذراعه و قال:" متخفيش.. قلبه مش هيطاوعه.. و بعدين ابوس رجلك.. خفي ايدك دي.. الواد مش مستحمل.."
حدقت به شهد فاتحة فمها في غباء..
فعاد ليقول:" جو مبيحبش لاتلمسي حد و لا حد يلمسك.. حتي لو انا.. واضحة كده؟! خشي بقي شوفي هتعملي معاه ايه؟ ربنا معاكي.."
وهرب مبتعدا.. فقالت شهد:" اه يا ندل.."
وفتحت الباب برفق و دلفت الي البيت في قلق و توجس..
وجدت جو قد اتخذ وضعه المعتاد في السرير.. مستلقي وظهره لها..
فكرت لوهلة ان تحاول مصالحته.. و لكن ما ان اعادت ما حدث للتو في رأسها حتي احست بشعور لطيف ، برغم التوتر الشديد الذي مرت به..كانت في النهاية مستمتعة الي حد ما.. لاحظت ان رد فعله بدا مختلفا لم ينهرها، لم يكسر راسها كما قال.. بل غضب و نام "مقموصا" .. و ما قاله للتو حمادة عن ضيق جو من قصة التلامس هذه.. لقد اعجبها الامر.. تذكرت شعورها هي و هي تري زوزو تقترب منه و تضع يديها عليه باستمرار.. ان كان هذا شعورك يا جو.. فلتنم مستمتعا به.. كما امتعتني من قبل!
استلقت علي فرشتها شاعرة بالرضا و الانتصار ..
اما جو فلم يغمض له جفن.. شعر بها و هتدخل سمع اصوات استلقائها علي الارض.. تمني ان تحدثه و لو كلمة.. تخبره ان حمادة لا يعني لها شيئا.. انها لا تقض معه افضل لحظات حياتها.. ان ابتساماتها له مجاملة.. وان يديها لن تلمسه مرة اخري..
كان يدرك انه تصرف بطريقة مختلفة الليلة.. ظلل يردد لنفسه ان الامر ليس ضعفا، بل قمة القوة.. فلو انه ترك نفسه لطبيعته.. لكان ندم اشد الندم صباحا علي جرائم القتل الشنعاء..


بيبه الجميله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-13, 07:50 PM   #15

درة الاحساء

نجم روايتي ومشرفة سابقةومصممه

 
الصورة الرمزية درة الاحساء

? العضوٌ??? » 213582
?  التسِجيلٌ » Dec 2011
? مشَارَ?اتْي » 6,499
?  نُقآطِيْ » درة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا وسهلا بيكٍ بيبه الجميلة شرفتني المنتدى استمري بنقل حبيبتي لا تخلي قلة الردود تأثر على نقلك تابعي النقل ... بس ممكن حبيبتي تكبرين الخط شوي

الله يعطيك العافية



التعديل الأخير تم بواسطة درة الاحساء ; 31-08-13 الساعة 08:10 PM
درة الاحساء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-13, 12:57 AM   #16

امال س

فراشة الروايات المنقولة

alkap ~
? العضوٌ??? » 276954
?  التسِجيلٌ » Dec 2012
? مشَارَ?اتْي » 666
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » امال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond reputeامال س has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

امال س غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-13, 01:31 AM   #17

بيبه الجميله

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية بيبه الجميله

? العضوٌ??? » 271411
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 342
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » بيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
افتراضي


الفصل الثالث عشر

نستطيع القول ان الوضع اصبح مستقرا.. نعم مستقرا الي حد كبير..
اذا استبعدنا اولائك الذين يطاردون جو وقد يصل الامر الي التهديد ويرغبون في امتلاك شهد.. نعم هو مستقر
اذا جنبنا اغارة زوزو المتلاحقة علي رأس شهد، وبث فيها ما يجعل شهد في توتر و ترقب دائم .. نعم هو مستقر
اذا تغاضينا عن القلق المستمر من عودة عدوي الذي يسيطر علي شهد و جو برغم ان الاخير ينجح في اخفائه.. مؤكد مستقر
اذا قلنا ان رغبة شهد دوما في خنق زوزو، ورغبة جو الملحة ازهاق روح حمادة هي "لعب عيال" ..فالامر بالفعل مستقر..

وبذكر حمادة... كان الشاب المسكين يبذل ما في وسعه حتي يتلاشي غيرة صديقه ،وقد صار واثقا منها.. الا انه دائما ما يجد نفسه في موقف لا يعرف كيف وصل اليه.. وينتهي به الامر بنيل قدرا من سخط وغضب صديقه الغيور العصبي..

ما لم يعرفه حمادة.. هو ان تلك المواقف كانت غالبا من تدبير شهد.. فقد ادمنت رؤية جو وهو يتمييز غيظا.. كانت تسعد بشدة حين يكون علي وشك تحطيم وجه حمادة .. حين ينهرها بسبب امرا يصيبه بالغيرة.. حين يغضب و يمسك بذراعها في انفعال ثم ينظر الي عينيها و لا يجد ما يقوله فيتركها في عنف..

احينا كانت تخشي علي نفسها منه.. ليس من غضبه.. فهي اصبحت واثقة انه لن يؤذيها يوما.. ولكنها كانت تري في عينيه نظرات عجيبة ، وكأنها ثمرة فاكهة حلوة شهية يمني نفسه بتناولها.. ربما كانت صريحة مع نفسها وادركت ان ذلك الامر يرضيها بشكل ما ويشبع غرورها.. و لكنها كانت تخشي ان يتخطي حدوده .. وطالما تذكرت حديث زوزو عن اسلوب جو الذي يستميل الفتيات بسلاسة وهدوء..

ما لم تعرفه شهد .. ان جو كان يبذهل جهدا جبارا في السيطرة علي نفسه، كان يتذكر حديث حنان عن ذلك العذاب.. والذي يذوقه الان.. وكثيرا ما كان يقول لنفسه لم عليه ان يخضع نفسه لكل تلك القيود؟.. شهد في النهاية ملكه.. لمن عليه ان يحافظ عليها؟! ولكنه يعود الي فطرته التي تفيض بالرجولة..لا يمكن ان يتخطي حده معها ابدا.. فكونها ملكه لا يعني ان يحط من انسانيتها و كرامتها .. كما ان شهد صارت تعني له الكثير.. لن يقبل ابدا ان يضايقها و لو بكلمة اوحتي نظرة.. لذا صارت اعصابه كيان ملتهب ، متوتر دوما.. حقا ما وصفته حنان ..هو بالظبط ما يحدث..
لا يمنع كل ذلك من كونه مازال مسيطرا.. يعتمر بداخله ما يعتمر .. و لكن ثباته الخارجي كان جزءا من تكوينه.. بل انه احيانا في لحظات الصفاء كان يتعمد ان يعابث شهد ، ويستمتع بردود افعالها البريئة و نظراتها المذهولة المرتابة حين يبدي لها اي تعليق او تصرف قد تعتبره هي خارج عن حدود الادب.. وربما ترد رد عصبي متوتر يبعث علي الضحك تحاول ان تبدوا فيه ثابتة ، قادرة علي الدفاع عن نفسها..
كان يترك لنفسه احيانا مساحة لكي ينفث عن حرارة شوقه اليها.. ربما غازلها.. تأمل ملامحها عن قرب.. حدثها بحنان.. او حتي مرر يده سريعا ليلامس بشرتها.. كانت ترتبك و تتبعد عنه في تخوف.. فيبتسم في خبث و يكف عن الامر..

ما لم يعرفه جو.. ان شهد كانت تنتظر تلك اللحظات بشوق.. برغم ما تبدي من تَمَنُّع لا لشيء سوي ان تضع حدودا، الا انها كانت تشعر بسعادة بالغة حين يثني علي جمالها و يتغزل فيها..
لم يعرف ايضا شيئا عن شعور شهد بالضيق الشديد من وجود زوزو التي تظهر دوما دون سابق انذار.. كانت تصاب بحالة من الغليان و الذي يظهر بوضوح في ردودها التي تصيب وتؤلم.. و لكن جو كان يظن ان الامر مجرد كيد نساء لا علاقه له به..

هكذا كان الوضع مستقرا... شهد تذهب يوميا للعمل لدي حنان.. صارت افضل في اداء مهام الوظيفة، كما توطدت علاقتها بحنان ، واصبحت تكن لها معزة كبيرة.. تكررت عزومات حنان التي تجمع شهد و جو، اصبحوا اقرب الي عائلة صغيرة.. في ايام اخري كانت حنان تقل شهد الي البيت بعد يوم عمل وتعفي جو من المشوار.. كانتا تنمان علي جو طوال الطريق.. فتسعد شهد بالحديث عنه و تبتسم و هي تستمع لقصص بطولاته السابقة.. وترتبك وتتعلثم في الرد حين تفاجئها حنان بكلام مباشر او غير مباشر يخص مشاعر جو او مشاعرها..

اما جو فقد صار يمل جدا وجوده بالعمل و يشتاق للعودة للمنزل حيث تكون شهد.. كان لا يأكل العشاء الفاخر عند عطا فدائما تكون معدته ممتلئة من و جبة رائعة اعدتها شهد و تناولاها معا قبل ان يخرج.. نعم !.. شهد اصبحت تقتل وقتها الممل في المنزل في اعداد الطعام بعد ان تعود من العمل.. كانت تحاول اتقان الطعام وتنتظر ردة فعل جو عليه حين يأكل.. وتبتسم في فخر حين يثني عليه..
برغم تفاوت مواعيد عملهما.. الا ان تلك الساعات من اليوم و احيانا من الليل التي يلتقيان فيها، تسعدهما كثيرا و تساعدهما علي تحمل مشاق اليوم..
كان جو في عمله يواجه الاخبار عن عدوي ببرود شديد.. ولكنه في اعماقه.. في نهاية الامر تعب من انتظار لحظة المواجهة تلك الي بات واضحا انها اتية لا محالة.. هل عليه ان يقتله فعلا ان رأي منه تهديدا علي حياة شهد؟ كان الامر يؤرقه بشدة سرا.. ولكنه كان محسوما.. سيتخلص من عدوي الي الابد ان حاول ايذاء شهد!

ومن جهة اخري بدأ صبره ينفذ علي اولائك من يهدودنه ليترك لهم شهد.. و اولائك اللزجين الذين يلحون عليه.. وهو مابين هذا و بين ارشادات الخواجة الصارمة بعدم افتعال مشاكل سببها شهد.. كان الضغط عليه من كل اتجاه .. ولكنه بقي صامدا ..
***
"مالك قالب وشك كده؟!"
كانت هذه شهد تحدث جو اثناء سيرهما معا للبيت بعد مر واصطحبها من العمل.. كان جو يبدوا عليه الكدر بالفعل..
جو:" مصدع بس.. منمتش كويس"
كان هذا اليوم هو نصف يوم عمل لشهد ككل اسبوع.. فتخرج مبكرا ، لذلك يكون الامر شاقا علي جو حين يذهب لاصطحابها..
شهد:" طب مكنتش حقك صحيت عشان تيجي توصلني.. كنت كملت نوم لحد بليل معاد ما بتخرج.. هو انا يعني هتوه؟"
لم يرد كنوع من الاحتقار لتلك الفكرة الغبية.. فهو لا يتركها ابدا لتسير بمفردها..
عادت لتقول بعد ان دققت النظر اليه لوهلة :" لأ .. مش صداع.. في حاجة معصباك"
لم يعلق علي قولها بل قال مقترحا:" متيجي نعمل حاجة.."
شهد:" حاجة ايه؟؟!!"
جو سارحا :" مش عارف... حاجة نتبسط فيها.. نبعد عن القرف شوية.."
شهد في عدم فهم:" نتفسح يعني؟؟"
جو:" هنتفح فين يا حسرة.. في السوق عشان نقابل طوب الارض ويقلبوا لي مزاجي.. انا عايز حاجة جديدة"
ضحكت شهد وقالت ساخرة:" ناقص تقولي تعالي نسافر الساحل في الويك إنز"
نظر اليها وقلب شفته السفلي متصعنا التقزز و قال:"الويك انز؟!! اسمها الويك إنز؟!! الله يسامحه اللي علمك.. اسمها ويك إند.. ثم وليه لأ هو حنا اقل من اللي بيسافروا الساحل.."
لمعت عيني شهد و قالت:" مرة المعلم مرعي وداني هناك في جو زي ده كده مش صيف اوي.. يا خراشي علي الخيرات اللي طلعتلوا بيها من القصور و الفلل اللي هناك.. انا ممكن افتحلك الفيلا الي تعجبك تغير فيها جو زي مانت عايز.. فرصة هيكون كله مهجور دلوقتي.."
جو:" هو الداء مش هيطلع من دمك.. خلاص قفلتيني مش عايز اتهبب في حتة!!"
شهد:"يا سلام.. شريف اوي وسيرة السرقة بتقفلك من كتر الشرف.."
كان جو سارحا ثم قال بابتسامة :" الي قدامك ده عنده حتة ارض في الساحل.."
شهقت شهد و قالت:" اييييه! كذاب.."
جو:" و النعمة الشريفة.. مش بس في الساحل.. في الصعيد كمان.. "
شهد:" دانت من الاعيان بقي.. و سايبني اقولك يا جو حاف كده... بعد كده هقولك يا يوسف بيه"
جو:" نفسي اخطف رجلي اعد علي البحر كده و الرملة وانسي الدنيا شوية.. "
شهد:" تخطف رجلك؟!!! ده الساحل ده بعيد ياما.. دي بلد تانية.. زي اسكندرية كده.."
ابتسم جو من سذاجتها و قال بحنان:" همة تلات ساعات بالاتوبيس.. "
عقدت شهد حاجبيها في تفكير..

***

"بذمة ابوك كل الارض دي ملكك؟؟!"
كانت شهد تسير علي في مكان صحراوي و تتعثر في الرمال فتمسك بذراع جو و هي تنظر الي المساحة الشاسعة..
جو:" مش كبيرة زي مانت متخيلة.. ده صاحب الارض الي جنبها بيملك يجي عشرين مرة ضعفها.. هي المصلحة انه لما يجي يبني في ارضه يشتري ارضي عشان يضمها عليها .."
لم تكن شهد تهتم كثيرا بشرح جو للموضوع.. كانت تتأبط ذراعه و تنظر للبحر غير مصدقة انه اقنعها ان يتركا كل شيء و يركبا اول مواصلة لهذا المكان الرائع.. كان لون البحر ساحرا.. و الرمال النظيفة البيضاء تتخلل قدميها الحافيتتين.. ناعمة، دافئة ، و لذيذة..
كان جو يكمل حديثه:" ساعات كده بقرف من كل حاجة.. و اقول لو بعت الارض دي و خدت تمنها و رحت علي الارض اللي في الصعيد .. بنيتلي فيها بيت.. و بيقيت زي العمد كده.. وارجع و اقول .. اسيب حياتي وشغلي هناك ؟!!"
رفعت عينيها اليه و هو يتحدث في حماس عن احلامه في بيع تلك الارض.. كم يبدوا رائعا.. وجدت نفسها تتحسس ذراعه باصابعها.. دون ان تشعر.. مما جعله يتوقف عن الحديث و ينظر اليها.. تعلقت عيناهما ببعض .. ابتسمت فابتسم..
تمنت ان يضمها اليها.. بل عقدت امالا كبيرة ان تلك اللحظة ستكون في خلال ثانية او اثنين علي الاكثر.. و لكنه خذلها ..بل ابعدها عنه برفق .. متظاهرا انه يعبث في شعرها و يدفعها كنوع من المزاح.. برغم الاحباط الشديد كان يجب ان تجاريه في هذا التظاهر بالمزاح فدفعته ضاحكة.. او متظاهرة بالضحك.. و بدأت معركة بينهم من الدفع و التشابك بالايدي.. كان جو بالطبع منتصرا و شهد تصرخ في مرح.. الي ان انحنت و حملت بعض الرمال الناعمة في قبضتها و القتها عليه.. بعد ان تخطي الصدمة ونفضها عنه.. فعل مثلها .. وهكذا بدأت حرب الرمال..حتي صارا كليهما جزء لا يتجزأ من المكان برماله و اتربته..
نظر جو الي البحر و قال :" متيجي ننزل.."
شهد:" مش معايا هدوم تانية.."
جو:" هتنشفي! الشمس تنشف البحر نفسه ."
شهد:" مبعرفش اعوم و عمري ما نزلت البحر.."
جو مندهشا:" عمرك؟!!! لا دانتي فايتك كتير.."
سحبها من يدها.. و برغم ذعرها .. الا انها استسلمت له تماما كانت تثق به.. و لم يحتاج هو ان يطلب منها الوثوق فيه..
كان شعور المياه علي ارجلها في البداية رائعا.. ثم بدأت تتوتر حين وصلت مستوي المياه الي اعلي من وسطها.. كانت ممسكة بيد جو و تقفز معه عند قدوم الموجة..كما اخبرها ان تفعل .. كان تشعر بقدر بالغ من الاثارة حين تصعد بها الموجة لأعلي و تعود للذعر حين تهبط بها مرة اخري.. ثم بدأت تصاب بالذعر الشديد حين صارت المياه في مستوي كتفها و رقبتها.. تمسكت بذراع جو كطفلة مذعورة.. ضحك و قال :"امال هتعملي ايه؟ لما يبقي ملكيش طول.. انا كل ده و المية لسة عند وسطي.. لازم ندخل جوة اكتر.."
كان يتعمد اخفاتها.. فقد صدر منها رد الفعل الذي اراده بالظبط.. جذبت نفسها اليه و تعلقت برقبته و هي تلهث و تنظر للمياة في خوف..
فصاح متظاهرا بالضيق:" هتخنقيني!..افف.. تعالي كده"
جعلها تدور حوله و تمسك به من الخلف و ظهره اليها .. وكأنها طفلة تركب ظهر ابيها.. كان ظهره عريضا وقد شعرت شهد بالامان في هذا الوضع ، وفي نفس الوقت كان هناك مساحة لجو لكي يسبح و يستخدم ذراعيه..
بعد ان هدأ ذعرها من المياة و اطمأنت انها بأمان .. بدأت تدرك حقيقة الامر.. خفق قلبها في عنف.. هاهي تحتضنه بين ذراعيها.. وتمسك به وتضمه اليها.. لكم تمنت هذا قبل قليل.. بل هذا افضل مما تمنت بكثير.. ازاحت التوتر و الخجل عنها متعمدة ففي جمع الاحوال هي بعيدة عن عينيه التي توترها.. اراحت رأسها علي كتفه واسمتعت بالمياه وكانها علي ظهر بارجة من العضلات..

اما جو فقد كان يسبح بهدوء و يترك نفسه و شهد ينسابا مع الامواج الهادئة بعد ان تخطيا منطقة (قلبة الموج) .. لن احكي عن سعادته.. و لا عن شعوره بأنه لو مات الان ..سيموت سعيدا لا يريد شيئا اخر من الدنيا.. وضع يده علي ذراعها الملفوفة عليه من الخلف و كأنه يثبت مسكتها و لكن في واقع الامر كان فقط يريد ان يلامس يديها.. لم تمانع هي .. لدرجة انه شك انها راحت في النوم..
فقال بهدوء:" شهد؟"
اصدرت صوتا هائما من الخلف فوق كتفه حيث رأسها: " همم"
جو:" انتي نمتي؟"
شهد وكانها نامة:" لأ بس المية حلوة اوي.. اسكت بقي..و سيبني اتمتع.."
ربت علي ذراعها و لم يبعد يده.. ابتسم و اكمل سباحة..
لم يدريا كم مضي عليهم من الوقت.. قضيا الوقت في صمت كل منهما مستمع بذلك القرب الحميم و المياة والجو الرائع..

فجاة قالت شهد:" الشمس هتروح.. مش هننشف!"
انتبه جو الي انها محقة:" فدار وسبح بها الي نحو الشاطيء و لكن قبل ان يصلا حيث صارت الامواج قاسية قرب الشاطيء.. جذبها ليمسك بها باحد زراعيه بقوة و عاد بها اخيرا..

جلست علي الرمال تنظر للسماء في محاولة لتجد افضل وضع لتلحق الشعاع الباقي من الشمس..
ولكن هيهات ان الوقت قد اقترب من الغروب حتي النسمات تحولت لهواءا باردا..

مشكلة جو كانت بسيطة .. فهو قد خلع (التي شيرت) و بنطاله و بقي بشورت داخلي قبل ن ينزل الي الماء.. ولكن شهد كانت بكامل ملابسها المكونة من (تي شرت) و (وبنطلون) بالاضافة الي شعرها الغزير المبتل..
قال جو وكانه يحدث نفسه بجدية: " كده هيجيلك برد.. برد ايه؟ ده التهاب رئوي اقل واجب!! و لو قلنا مش مشكلة و طلعنا الطريق عشان نركب حاجة.. مش هينفع بمنظرك ده.. " واشار الي (التي شيرت) الذي ترتديه.. فنظرت الي نفسها حيث يشير و جدت ان البلل قد جعل (التي شيرت ) الابيض شفافا لدرجة ان ملابسها الداخلية واضحة كوضوح الشمس التي كانت هنا قبل قليل و لم تلحق بها ..
وضعت يديها علي صدرها في حركة تلقائية .. فالقي اليها (بالتيشيرت) الخاص به الغير مبتل ..
قال:" طب كحل مبدئي.. البسي ده"
امسكت به شهد ثم نظرت حولها و قالت بغباء:" فين؟"
قال جو في غيظ:" هيكون فين يعني؟؟! في الاوتيل السبع نجوم؟؟!! هنا.. انا هدور و شي.. اخلصي عشان الدنيا لو ضلمت مش هنعرف نوصل للطريق اللي برة من اساسه"
توجست شهد قليلا و لكن خوفها من بقائهما في هذا المكان القاحل في الظلام كان اقوي من اي شكوك او توجسات..
ما ان اعطاها ظهره حتي انتظرت لبضع ثواني للتأكد من انه لن يستدير لها .. ثم غيرت (التي شيرت ) في سرعة قصوي
شهد بعد ان انتهت قالت :" خلاص"
استدار و تفحصها بدقة عند منطقة الصدر.. مما جعلها تضيق بالامر وتقول بعصبية:" ايه؟؟ بتبص كده ليه؟؟"
جو بانفعال:" اتنيلي علي عينيك.. مانتي كنتي قدامي اربع ساعات في البحر مجتش جنبك.. ايه؟ بشوف الهبابة دي شفافة زي التانية و لا لأ!"
صمتت شهد بعد ان احرجها..
فعاد ليقول وهو يرتدي بنطاله:" طب مش كده احسن؟ نقدر نمشي لأول الطريق ونركب ميكروبص يوصلنا لاي حتة ناكل فيها و بعدين ناخد الاتوبيس و نرجع .. علي منوصل للمطعم يمكن تكوني نشفتي شوية.."
شهد بنبرة لائمة :" اه نشفت من البرد... وانت هتمشي من غير حاجة من فوق كده.. هتعيا! قلتلك كانت فكرة غبية و انت اصريت ننزل المية برضه!"
جو:" يا لهوي علي ور النسوان.. مانتي كنتي قاعدة ساكتة بقالك اربع ساعات .. جاية تتكلمي دلوقتي... اقسم بالله .. دول كانوا احلي اربع ساعات قديتهم في حياتي من ساعة ماعرفتك! ...عارفة ليه عشان مسمعتش فيهم صوتك!"
شهد:" طب خلاص هخرس خالص و متفكرش لسانك ده يخاطب لساني تاني ابدا!"
نهضت من مكانها وتحركت ماشية بعصبية و بيدها فردتي حذائها و باليد الاخري ملابسها المبتلة.. تعثرت عدة مرات في الرمال الي ان لحق بها جو و مد ذراعه اليها.. تأبطتها في غيظ و علي وجهها كل علامات الاستياء منه..

وبعد رحلة شاقة وباردة ووسط نظارت الكثير من الناس للشاب العاري الجزع.. وصلا الي كافتريا تابعة لاحد الفنادق الحقيرة الرخيصة .. و التي تأكد جو انها تستخدم غالبا في الدعارة ، حيث انه عندما سأل عن امكانية ايجار حجرة ، لم يطلب احدا منهما اي اثبات زواج..
جو لشهد:"انا اجرت اوضة.. احنا نطلع كل واحد يستحمي احسن الملح اكلني خلاص.. و فرصة نحاول ننشف الهدوم.. و ناكل وبعدين نتكل علي الله"
قلبت شهد شفتيها في عدم اكتراث.. فهي مازالت لا تحدثه..
ماان ادخلا الحجرة حتي توجه جو للشرفة ، تاركا لها الحجرة باكملها حتي تكون علي حريتها. قام بنشر (تي شيرت) شهد علي احد الكراسي وجلس علي الكرسي الاخر.
فوجيء بها تناديه من داخل الحمام بعد فترة وتطلب منه ان يناولها (التي شيرت) ..
جو:" انتي مش مبتكلمنيش؟! اطلعي انتي خديه؟"
لم ترد بل مدت يدها في اصرار من فتحة الباب الصغيرة جدا..
قال:" و من امتي الثقة دي.. مش دايما عاملة فيها ابلة حريصة"
شهد بغيظ من خلف الباب:" هحرص من ايه؟! منا كنت قدامك اربع ساعات في البحر مجيتش جنبي!"
ابتسم و قد ادرك ان قوله علي الشاطيء اغاظها.. فمد يده اليها عن بعد بال(تي شيرت) وقال محدثا اياها من خلف الباب: " لا بس دولقتي حاجة تانية.. احنا بنكلم في هدوم مقلوعة وملبوسة وحكاية ..."
قاطعته بسحب الملابس من يده بعنف وصفعت الباب في وجهه..
ضحك في خبث.. و عاد الي مكانه في الشرفة..
***
جلست شهد بدورها في الشرفة تتابع المارة في الشارع الضيق الحقير حيث يطل الفندق.. كان جو بالداخل يفعل ما فعلت هي قبل قليل..
لا حظت امورا مريبة ، و نساء عجيبة الشكل تدخل و تخرج .. ادركت ما ادرك جو قبل قليل .. هذا الفندق مريب بشدة.. قطع تفكيرها شخص يجري قادما من اخر الشارع .. و صاح بشيء غير واضح لحراس الفندق الواقفين علي البوابة.. مما جعلم يهبون من اماكنهم و يتبعثرون جريا الي الداخل وكأنه حذرهم من امرا ما.. ثم سمعت جلبة في الداخل و اقدام كثير تجري في طرقات الفندق و علي السلالم.. حسها الاجرامي اخبرها ان الامر لا يبشر خيرا.. دلفت مسرعة لداخل الحجرة و طرقت الباب علي جو قائلة:" جو .. لازم نمشي من هنا دلوقتي.."
فقال: من الداخل" هو انت مش عاملة مبتكلمنيش؟ ثم نمشي ليه دلوقتي؟"
لم تدري بم ترد و لكنها قالت بجدية:" مش وقت اسئلة دلوقتي.. اطلع بسرعة .. لازم نمشي"
خرج اليها و هو يكمل ارتداء ملابسه و قال:" ليه؟"
سمعا صوت سارينة سيارة الشرطة.. و كأي شخصين مثلهما .. كان التصرف سريعا فهما لم يتوقفا لتقبل المفاجأة او للارتباك.. بل اسرعا معا الي الشرفة.. حيث انه معروف ان في مثل هذه الحالات السلالم اختيار غير موفق..
قفزت شهد اولا و صعدت علي الماسورة الجانبية -والتي ميزت مكانها فورا- الي السطح في سرعة .. و تبعها جو .. وصلا الي سطح الفندق.. اشار لها جو في سرعة الي سطح المبني الملاصق.. و بالفعل توجها اليه .. قفز جو اولا ثم مد يده ليعاونها.. وقفا يلهثان لثانية .. ثم اقترب جو من الباب المؤدي لسلالم المبني الذي هم علي سطحه.. انه باب حديدي مغلق بقفل.. كيف سينزلان؟؟ .. المواسير الان بعد تجمع المارة في الشارع امرا غير وارد..
وقف حائرا يدرس المسافة بين سطح ذالك المبني و المبني التالي.. كانت ابعد كثيرا من السابقة.. قد يجتازها هو لكن ربما لا تستطيع شهد.. اما شهد فقد امسكت بالقفل تتفقده.. ثم بحثت عن شيئا ما في الحطام المبعثرة في كل مكان .. و اخيرا وجدت ضالتها.. تابعها جو في صمت محاولا فهم ما تفعل... وجدها تدس ذلك الشيء المعدني الرفيع في ثقب القفل.. عالجته بطريقة ما و.. "طك" وقع مفتوحا! نظرت اليه في تفاخر.. و لكنه لم يعلق بل دفع بها امامه لينزلا السلم في خفة مسرعين .. و قبل ان يخرجا من مدخل المبني.. وقفا ليهندما نفسيهما و خرجا بهدوء.. شهد متأبطة ذراع جو... مشيا بهدوء و سط المارة المحتشدة و الشرطة المحاصرة للمبني الفندق..
سمعا عبارت علي غرار.." الله يحرقه فندق".. "كل يوم البوليس هنا" .. "ربنا يتوب علي المنطقة من لاشكال دي" ..
ابتعدا عن ذلك الشارع في سلام ..

قالت شهد:" طب مانت صايع اهه.. و النبي انا وانت نعمل عصابة عسل.. انت الاكشن و الحركات و انا الفتح و التسليك"
جو:" بس يا بت"
شهد:" تنكر ان لولا صوابعي الحلوة دي.. كان زمانا محبوسين في السطوح لحد ما حد كان لمحنا و رحنا في سين و جيم"
لم يرد ليغيظها..
فقالت بغيط:" علي فكرة انا لسة اصلا مبكلمش معاك.. متكلمنيش تاني!"
ضربها علي راسها من الخلف ضربة خفيفة و ابتسم في حب..

رن هاتفه.. اخ انه الخواجة..
"انت فين يا جو؟؟"
جو:" انا تعبان قوي يا ريس و مش قادر اجي الليلة؟"
الخواجة:" نعم؟! من امتي؟ و مقلتش من بدري ليه؟"
جو:" كنت فاكر اني هقدر اجي.. بس مش قادر.."
الخواجة:"جو.. انت مش عاجبني!"
جو:" تعبان يا ريس!"
الخواجة:" بكرة تكون موجود في معادك.. مش عارف هفضل اديك فرص لحد امتي؟"
جو:" انا بتاعك يا ريس.. وعمري ما اخذلك"
الخواجة:" بكرة تكون موجود!"
جو:" امرك يا ريس"
وانتهت المكالمة
زفر جو في ضيق و قال :"يظهر حنان عندها حق"
شهد:" بتقول ايه؟"
جو:" تخيلي اني موجود كل ليلة.. ولا مرة مرحتش.. و بعد كل اللي عملته عشانه.. بيتعصب عليا عشان بقوله تعبان!"
ضحكت شهد ضحكة طفولية و قالت:" هو الخواجة بتاعكوا ده بيعرف يتعصب؟!"
ابتسم جو للملاحظة التي هي في محلها و قال بنصف ابتسامة ساخرة:" يعني اتعصب علي قد ما بيعرف.. يعني قال تلات كلمات زيادة عن الكلمتين الاساسي بتوعه.."

ابتسمت شهد و هي تنظر حولها و قالت في قلق:" متيجي نسرع شوية المنطقة هنا لبش قوي و كل شوية يعدي نجوم و دبابير.."
بالفعل نظر جو حوله كان تواجد الشرطة كثيفا.. لذا دفع بها لشارع جانبي مظلم وسارا به حتي و جدا نفسيهما في طريق رملي شبه ممهد..
شهد:" انت عارف احنا فين؟"
صمت مفكرا و هو يتلفت حوله:" غالبا اخر الطريق ده يطلعنا علي الطريق الصحراوي نفسه.. نركب منه اي حاجة.."
شهد:" غالبا؟!! يعني مش متأكد؟!"
جو:" هيحصل ايه يعني.. ادينا هنجرب,, مش احسن من المنطقة اللبش دي"
شهد:" انا عارفه انا كان ايه الي خلاني اوافقك علي المشوار المهبب ده؟؟"
قال في خبث:" الكام ساعة بتوع البحر يستاهلوا التعب"
لم ترد.. كانت بدأت تتعب من السير.. مشي بها مسافة طويلة الي حد ما .. و ما جعلها اصعب انه دخل بها في الرمال مرة اخري..كان طريقا ممهدا داخل الصحراء.. وفجأة ظهر لهما رجلان بدو يحملان سلاحا..
الرجل ملوحا بسلاحه:" بتسووا ايه هنا؟.. ارفع يدك انت و هي لفوق"
رفعت شهد يدها بسرعة و الصقت نفسها بيوسف، وكذلك فعل يوسف بهدوء..
فاقترب الرجل منه و و قام بتفتيشه.. و اخذ منه حافظته وهاتفه.. ثم و جه سلاحه لشهد و قال :" طالعي اللي معاكي.. ما تخليني افتش الحريم".. فاخرجت شهد من جيبها بضع نقود.. واعتطها له..
فقال الرجل:" بتسووا ايه هنا؟ عايزيين حشيش؟؟"
قال جو بهدوء:" احنا هاربانيين و عيب لما ولاد الكار يرفعوا سلاح علي بعض.. انا سبتك للاخر علشان البسك الغلط ويبقالي عندكوا حق عرب"
الرجل:"ولاد كار كيف؟؟"
جو:" السلاح اللي انت ماسكه ده و بتهددني بيه.. من عند الريس عبود.. و انا كمان من طرف الريس عبود"
عقد الراجل حاجبيه و قال:"الريس عبود في مصر.. ايش جابك هنا؟؟"
جو:" جيت اشم هوا.. البوليس كبس علي اللوكاندة" قالها هو يشير الي شهد
ابتسم الرجل في خبث و قال:"ممم عُشّاج"
همت شهد بالاعتراض علي سمعتها التي تلطخت بالوحل للتو... الا ان جو اسكتها بضربة كوع..
فقال جو:".. الله ينور عليك.. هات الحاجة.. و قولي اطلع الطريق منين؟"
الرجل:" لا.. ايش دراني انكوا مش جواسيس الحكومة؟ قدامي.. هتيجوا معايا؟"
جو:" معاك فين يا شيخنا؟؟ احنا لازم نرجع القاهرة.. الريس عبود هيزعل جدا لو عرف.."
الرجل:" ما لي دخل.. حديثك بيكون مع الشيخ فريج.. قدامي"
جو:" انت كده هتركب غلط كتير قوي.. انا معاك للاخر... "
بالفعل قادهما الرجلان مشيا مسافة اخري طويلة داخل الصحراء حتي كادت شهد ان تبكي..
الى ان لاح امامهم ما يشبه المخييم.. ووسطه مبني بدائي من دورين..
تحدثا الرجلين البدو مع حراس المخييم.. بقي منهم الصامت في الخارج بينما مر الاخر معهما بالاضافة الي حارسين اخرين من حراس المخييم ..
طلب منهما احد الحراس ان يتبعوه..
قالت شهد بصوت خفيض:" هو واخدنا فين؟ انا رجلي اتكسرت.كانت شورة مهببة"
جو:" ششش هنا اامن مكان نداري فيه .. ومش بعيد يوصلونا"
صمتت شهد بدون ان تفهم.. البيئة المرتابة و السلاح والحراس لا تشعرها بالغربة ولا تخيفها.. بل علي العكس بالنسبة اليها افضل من البشر الطبيعية و الشرطة.. تحاملت علي نفسها في السير حتي وصلا الي ساحة ذلك المبني حيث يجلس شخص بدا عليه من هيبته انه هو الشيخ فريج.. كان مجلس عربي حول نار كبيرة في المنتصف.. بعض الاشخاص يجلسون معه حول النار بعضهم يبدوا عليهم انهم من البدو او كما يطلق عليهم (العرب) و البقية اشخاص في ملابس عادية..
تقدم الرجل الذي قبض علي جو و شهد من الشيخ و اخبره عن ما لديه..
رفع الشيخ رأسه وقال":الريس عبود حبيبي.. ايش امارتك انك من رجاله؟"
جو:" اخر وارد للسلاح جالكوا من عندنا كانت بعد اتفاقية مع الخواجة.. 80 صندوق.. و الامارة عربيات التوصيل مشيت 30 كيلو وسط الشجر اللي بين طريق الرايح و طريق الراجع.. دي كانت فكرة الخواجة عشان الكمين"
ابتسم الشيخ و قال:" وكانت فكرة مبتكرة! اهلا اهلا بالرجال من طرف زين الرجال"
ثم نظر الي شهد و داعب ذقنه و سأل:" و مين الحلوة؟
لف جو ذراعه علي كتفها وكانه يثبت ملكيته و قال:" انا يوسف علي فكرة.. ودي شهد.. بتاعتي.. اشتريتها من الخواجة.."
الشيخ:" يازين ما اخترت يا يوسف.. ما كنت اعرف ان الخواجة الندل بيبيع حريم؟؟ ليش ما قال.. كنت سبقتك" و اطلق ضحكة قصيرة لا معني لها..
جو:" احنا لينا عندكوا حق عرب يا شيخنا.. رجالتك قللبوني.. انا سيبتهم بمزاجي.. "
صاح الشيخ بالرجل الذي قبض عليهما:" رد حاجته يا ولد!"
اخذ جو منه الحافظة و الهاتف و هو ينظر اليه نظرة شماته و كانه يقول:" مش قلتلك!"
ثم قال الشيخ:" اقعد يا يوسف.. اقعد.. العشاء جاي.. ليك عندنا حق"
جو:" لا.. لو ممكن توصيلة لمصر.. نبقي كده خالصين"
جذبت شهد ذراعه لتلفت انتباهه اليها، ثم اشارت الي فمها بما يعني.."لنأكل اولا"
فهمس :" من امتي الفجعة دي؟؟!! يا بنتي خلينا نروح احسن.."
شهد بصوت هامس ايضا ووجه بائس:" جعانة.. مكلتش من الصبح.. هيغمي عليا"
القي نظرة جانبية الي الشيخ الذي مازال يعبث في ذقنه وينظر ناحيتهم، ثم قال لشهد:" مش مرتاح للراجل ده! نمشي احسن!"
شهد بعصبية تقترب من البكاء وصوت خفيض:" امشي انت! انا رجلي ورمت و جعانة وعطشانة.. و كل اللي احنا فيه دا اصلا بسبب افكارك.. انا مش هتحرك من هنا غير اما استريح و اكل!!"
نظر جو للشيخ مرة اخري و عاد ينظر لشهد ثم نفث في غضب ودفعها لتجلس علي الوسائد الملقاة علي الارض قائلا:" طيب اتهببي!"
ثم جلس بجوارها..
فقال الشيخ عن بعد:" لا لا انتو ضيوفي و بنحتفل بيكوا الليلة.. تعالوا هنا قربي"
فقال جو:" لا .. احنا قطعنا مجلسكوا.. خلينا هنا وخليكوا علي راحتكوا "
الشيخ في اصرار:" لا ابدا.. مجلسنا يتشرف بيكوا..قوم تعالا انت و الحلوة"
قام مع شهد و توجها ليجلسا قربه حيث اشار اليهما..
همست شهد:" هو ده شيخ ايه يعني؟؟ راجل بتاع ربنا؟؟ امال بيعرف اشكال معلمك السو دي ليه؟؟"
جو:" بتاع ربنا ايه يا هبلة.. ده اكبر تاجر حشيش في الساحل.. شيخ هنا يعني زي معلم كده.. الريس عبود بيوردله هو عصباته سلاح اد كده..ده زبون كبير اوي"
شهد و هي تلوك قطعة لحم:" و النبي افتكرته راجل كويس"
كاد جو ان يجن من برودها و غباءها.. هاهو يجلس قلقا فهو هنا لا حول له و لا قوة ، محاطا بالاسلحة التي لا يضمن اصحابها، لا يملك اي سلاح.. لا يدري كنه او طبيعة اي شخص موجود هنا.. نظرات الشيخ لشهد لا تعجبه.. و هي تجلس بمنتهي البرود تأكل و تتحدث في امور تافهة وغبية..
قال الشيخ:"هتبيتوا هنا الليلة و الصبح عربية بترجعكم مصر، السفر بلليل كله مخاطر و كماين"
جو:" لا طب خلاص احنا هنتصرف.. بس ممكن توصيلة للطريق نفسه"
الشيخ بحدة:" ابدا !! ما يصير! انتوا ضيوفنا و ليكوا حق عندنا.. ما نترككم علي الطريق ابدا.." ثم اكمل بنبرة حازمة:" هتباتوا الليلة .. و بكرة تسافرواّ"
قالت شهد:" و ماله.. نريح و النهار له عنين.. كماين البوليس دي بتقلبلي معدتي.."
نظر اليها الشيخ و قال:" سلامتة معدتك يا حلوة.."
قال جو مقاطعا و قدأ بدأ يغضب:" و هنبات فين يا شيخنا.."
الشيخ مشيرا الي المبني الوحيد في المكان:" الحلوة جوا في داري مع الحريم.. وانت هتلاقي هنا افخم خيمة جاهزة عشانك!"؟
هل الرجل يخطط لشيء ما غير مريح بخصوص شهد... ام ان جو صار مرتابا فيما يخصها؟!!
قال جو هذه المرة بحزم:" لا يا شيخنا.. شهد مبتفارقنيش! ومبتغيبش عن عيني.."
الشيخ:" كيف يعني؟ عايزين تناموا في خيمة واحدة؟؟!! عوايدكم بتاعة مصر ما بتصير عندنا.. احنا هنا عرب..الحريم في الدار و الرجال في الخيام"
جو:" هو مش انت بتنام يا شيخنا في الدار برضه و لا ايه؟!"
قال احد الرجال في الجلسة مدافعا بحماس:" الشيخ فريج اب لكل واحدة.. "
قال جو وقد انتهز فرصة ان حديثه موجه لشخص غير الشيخ فريج فاخرج فيه انفعاله المكبوت:" ماليش فيه! شهد مبتفارقنيش.. وعشان عوايدكم ..مش هنام في خيمة .. هنفضل قاعدين كده برة هنا جنب النار للصبح.. اظن دا ما يضايقكش عوايدكم في حاجة؟!!"
قال الشيخ فريج بعند:" بكيفكم.. البرد هياكلكم.. وهتندموا"
ومن بعدها لم يوجه و لا كلمة او حتي لفتة لاي منهما .. تجاهلهما تجاهل تام..
تكلمت شهد بعد ان تابعت الحديث في صمت قائلة:"الشيخ باين اتقمص ... مسبتنيش ليه انام جوة مع الستات؟ مش كان زماني فاردة ضهري..."
جو:" انهي ستات؟ انتي شفتي بعينك ان في ستات جوة؟!"
شهد:" يعني هو الراجل هيكدب؟؟.. شكله كبارة ومحترم! و هيقول كده ليه يعني؟!!"
جو في عصبية:" انت بتستعبطي يا بت؟! "
لاحت علي شفتي شهد شبح ابتسامة.. فعلا كانت تتصنع السذاجة.. فهي منذ ان جلسا بقرب الشيخ و لاحظت نظراته الغير بريئة اليها.. ادركت سر توتر جو.. وكما تشكك يوسف من امر النوم في الداخل.. تشككت هي الاخري.. ولكن اعجبها بشدة تمسكه الشديد بموقفه برغم انهما محاطان برجال الشيخ و اسلحتهم.. لم تكن قلقة بالمرة فهي تعلم ان معها اكثر الرجال رجولة.. لم تعبأ بنظرات الشيخ و لا اسلحة الرجال و لا الصحراء و لا شيء.. هي مطمئنة انها في ايد امينة..
بعد ان انتهي المجلس و الطعام.. قام الشيخ يحي بعض من ضيوفه و يودعهم ، ثم القي تحية مساء مقتصبة ليوسف و شهد و توجه لداخل ذلك المبني الذي قال عنه داره.. انفض الناس المجتمعة..كل ذهب لحاله او لخيمته بينما بقيا شهد و يوسف بمفردهما في وسط المخييم امام النار..
سرحت شهد تتأمل الوضع.. رأت في الامر رومانسية حالمة.. ها هي تجلس مع جو في الهواء الطلق.. فوقهما سماء رأئعة تكاد تلمس نجمومها من شدة الصفاء.. وامامها نارا تشبه تلك التي بداخل قلبها.. عبثت باصابعها في الرمال النامة تحتها .. برغم الظرف الذي هم فيه.. كانت سعيدة
يوسف باهتمام:" بردانة؟"
شهد:" شوية.."
يوسف :" طب تعالي.."
كان هو مستندا بظهره الي جذع نخلة.. مد ذراعه نحوها يحثها علي الاقتراب منه..
فقالت شهد بساخفة ونظرة مستنكرة:" نعم؟! اؤمر؟!"
يوسف:"تعالي يا بت.. تعالي بدل ما اقوم اجيبك!"
ذهبت قربه وجلست بجانبه واسندت ظهرها الي جذع النخلة.. فقام بلف ذراعه حولها و ضمها اليه قليلا..
صمتت شهد في محاولة للسيطرة علي قلبها الذي كان يخفق في هيسترية.. كم هو رائع الاقتراب منه.. كم تشعر بالدفء بقربه.. ودت لو اراحت رأسها علي كتفه كما يفعل العشاق.. و لكنها منعت نفسها.. بل حتي جعلته يظن انها غير مرتاحة لهذا الوضع.. فهي تؤمن دوما بحتمية وضع حدا له..
شعر جو ان هذا الوضع و ترها و لكنه لم يبالي.. الليلة ليست ليلة ارضاء شهد.. تشبثه بها هكذا يجعله اكثر اطمئنانا و اقل توترا.. كان قلقا وخائفا من اي خسة او غدر من اي شخص في هذا المخييم .. هكذا يشعر انه يخبئها و يكنّها ..كما ان الجو باردا حقا و قد بعث قربها منه الدفء في جسده..

تابع كليهما النار في صمت.. ثم قطعه جو قائلا:"تفتكري يا شهد ينفع الواحد يغير كل حاجة في حايته مرة و احدة"
شهد:"اسأل اي بنت من اللي بتبيعوا و تشتروا فيهم.. فجاة كله بيتغير مع المالك الجديد.. السكن و الشغل و العيشة و كل اللي اتعودت عليه.. عادي و بتعيش و تكمل"
صمت و لم يرد..
شهد:" متكلم حمادة تطمنه علينا حتي يبقي حد عارفلنا طريق"
جو و قد استدار اليها برأسه محدقا بها:" و ايه اللي فكرك بسي زفت.. حتي واحنا في اخر الدنيا في الحوسة دي ما بيروحش عن بالك؟!"
شهد:"طب بلاش حمادة كلم حنان"
جو:" لا هكلم زوزو!"
شهد بغيظ و حدة:" كلم اللي تكلمه.. انا مالي.. انا غرضي ان يبقي حد عارف احنا فين.. قدر مارجعناش؟!"
ضيق ذراعه ضاغطا عليها عدة مرات متتالية و هو يقول:" بتعلي صوتك؟! بتعلي صوتك؟!"
في كل مرة كانت تصطدم بوجهها في صدره... الي ان وضع يده اخر مرة علي شعرها و تحسسه بينما وجهها مدفون في صدره.. استسلمت شهد للامر.. كانت تسمع صوت دقات قلبه..و كأنها تحدثها.. اخذت نفسا عميقا وعبئت صدرها و انفها برائحته..ثم ابعدت رأسها بصعوبة.. ونظرت الي وجهه و قالت:" جو.. انت زودتها اوي!!"
ضربها علي رأسها من الخلف ضربة خفيفية و قال :" انت هتحاسبيني؟؟!.. انا اعمل اللي انا عايزه..قال زودتها قال! يا بنتي انتي ملكي.. اعمل اللي علي كيفي.. ابيع و اشتري فيكي.. ابهدلك.. امرمطك.. اعمل كده.. او كده... او كده"
كان يقول "كده" تارة و هو يعبث في شعرها فيبعثره.. وتارة يعبث في وجهها بيده ليضايقها.. وتارة يخبطها علي رأسها.. و هي تداري و جهها ورأسها بيديها لتحميهما من مزاح الصبيان السخيف..

ثم ثبت كتفيها ليبقيها معتدلة امام و جهه و قال بخبث:"او حتي ابوسك.."
اتسعت عينا شهد و قالت بعصبيه تداري ذعرا:"لا علي فكرة.. لو فاكر اني بعزك و مش هأذيك تبقي غلطان.. "
ضحك ساخرا وهو مازال ممسكا بها علي نفس الوضع:" هتعملي ايه؟ اخرك ايه يعني؟"
شهد:"افتكر كويس عملت ايه في عدوي"
فقال بنفس السخرية الباردة:" عدوي دا عيل اي كلام.. انت دلوقتي مع جو.. وريني اخرك"
وبدأ يتظاهر بأنه سيقترب منها..
فجأة تحولت نبرتها العصبية المتعالية الي نبرة مسكنة وبؤس و قالت:" خلاص يا جو.. عندك حق انا فعلا ملكك وانت من حقك اي حاجة.. لو ده يرضيك اعمله.. انا راضية ضميرك و شهامتك"
افلتها من يده و قال في شماتة:" ما كان من الاول!"
ابتعدت عنه بمسافة قصيرة وجلست تتمالك اعصابها..
فقال شامتا :"مانتي لو من الاول تفهمي حجمك.. ومتبوقيش معايا ..كنت رحمتي نفسك من البهدلة دي"
ثم مد زراعه مرة اخري و قال:" تعالي تاني اتهببي هنا.. الدنيا برد و انا كنت مدفي"
ترددت كثيرا، فقال:" تاني؟؟.. عايزة تتبهدلي تاني؟"
فقامت بتؤدة و جلست بجواره مرة اخري.. فربت عليها في حنان شديد بعد ان ضمها اليه..
صمتا تماما وسرحا في النار..
كان جو يفكر في ان و جودها بقربه يجعله لا يذكر للدنيا هما.. ها هما في موقف غير آمن تماما و قد كان قلقا مرتابا قبل قليل.. الا انها جعلته يمازح و يعابث و يستمتع .. واي استمتاع .. هذا الاسلوب و ردود افعالها عليه يجعل الامر رائعا..
اما شهد فقد هزها الامر هذه المرة كثيرا.. ان جو دوما يربكها بتلك التصرفات.. احيانا تدرك انه مزاح، و احيانا مثل الان تظن به الظنون و تخشي علي نفسها منه.. ثم يجعل منها اضحوكة في النهاية..
ظلا صامتين يستمتعان بالدفء الذي ينبعث من داخلهما .. كانت لحظات رائعة مثل تلك التي مرت بهما ظهرا اثناء السباحة... ود كل منهما علي حدة الا تنتهي ابدا.. ساد الصمت الي ان ذهبا في النوم علي هذا الوضع..اراح جو رأسه للخلف مستندا الي النخلة بينما اراحت شهدد رأسها علي كتفه.. لو ان هناك تعريفا يمزج الامان مع الحنان مع الدفء مع السعادة ، لكان ما تشعر به الان..

استيقظ جو بعد فترة من اثر البرودة.. شعر انه علي وشك التجمد..فتح عينيه ليجد ان شهدغير موجودة.. دار بعينه حوله علها تكون نامت بعيدا.. الا انها لم تكن في اي مكان..
انتفض قلبه!
اين هي؟ هل حدث ماكان متوقعا؟؟
ماذا عليه ان يفعل؟ كيف سيهاجمهم؟ لا سلاح لديه؟؟
كان يفكر و هو متوجها بسرعة نحو المبني الخاص بالشيخ..
ادرك ان الامر انتحاريا و لكن لا يهم.. لن يتركها حتي لو مات في سبيل الامر..
فجأة سمع صوت "بسبسة"، استدار علي امل ان يجد شخصا شهما متخفيا سيساعده.. و لكنه و جد شيئا اخر، انها هي.. لقد ميزها في الظلام علي ضوء النار.. سليمة معافاة .. تقف بعيدا و علي وجهها ابتسامة عريضة..
الشكر لك يا رب..
ذهب اليها مسرعا و قبل ان ينطق رفعت يدها و ارته مفتاحا.. انه مفتاح سيارة..
قالت وهي ترتعش من البرد:" لو قعدنا هنا هنموت من البرد زي الشيخ ما قال.. "
ثم لوحت بالمفتاح في يدها و قالت:" نستلف عربية لحد اول الطريق!"
كان يرتعش هو الاخر .. اخذ منها المفتاح و ذهبا حيث تقف عدة سيارات اغلبها ذات الدفع الرباعي المناسبة جدا للصحراء.. ميز السيارة من اسمها علي المفتاح.. ركبا و انطلقا..
شهد:" بس هنعرف الطريق ازاي؟"
جو:"همشي و را الطريق المتمهد.. "
شهد:" اياك متكونش شورة مهببة جديدة"
جو:" بت..انتي جبتي المفتاح ازاي.؟!
شهد بفخر:" زي ما فتحتلك القفل في السطوح"
جو:" متقولي خلصي"
شهد:"صحيت لقيت نفسي هجمد وانت كلك عبارة عن حتة تلجة... قلت اما انط علي بيت الشيخ اضربلنا بطانية.. و انا باخد جولة جوة لقيت المفتاح.. قلت انها فكرة احسن من البطانية.."
جو غاضبا:" انتي عارفة الي انت عملتيه ده غباء و كان ممكن يقلب بغم لولا انك محظوظة بس.."
شهد:" في شغلي مفيش حاجة اسمها حظ ! يا شاطرة يا خايبة.. وانا شاطرة اوي... بس مسألتش يعني ليه انا قلت ان العربية فكرة احسن؟"
جو:" ليه ؟"
شهد:" اصلي ملقتش جوة حريم.."
***
اخيرا في البيت بعد رحلة شاقة.. جلس ممدا علي السرير بينما افترشت شهد فرشتها.. كل منهما يئن من آلآم في اماكن متفرقة من الجسم ..لقد تركا السيارة علي اول الطريق ثم استوقفا ميكروباص، الذي اوصلهما لمكان الاتوبيس فاستقلاه للقاهرة بعد ان انتظراه كثيرا..
كانت مغامرة عجيبة.. و قد زاد فيها شغف كل منهما بالاخر..


بيبه الجميله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-13, 01:36 AM   #18

بيبه الجميله

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية بيبه الجميله

? العضوٌ??? » 271411
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 342
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » بيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
افتراضي

بعتذر عن الخطأ الغير مقصود احضرت لكم الفصل الرابع عشر ونتمنى من المشرفه وضعه بالترتيب

الفصل الرابع عشر



جلست شهد علي كرسيها خلف (كاونتر) الاستقبال حيث تعمل.. كانت سارحة تماما تفكر في جو ، ظهرت علي وجهها ابتسامة حالمة و هي تتذكر الليلة السابقة حين تظاهر انه يساعدها في ترتيب وتنظيف المائدة بعد ان أكلا.. و كلما امسكت بغرض لتضعه مكانه تعمد ان يمسكه معها و يلامس يدها بيده.. وكأنها مصادفة..
فتظاهرت بدورها انها تصدق ان الامر مجرد مصادفة..
كانت تسمع اصوات من حولها كأنها قادمة من بعيد..
"انا قصيت شعري وصبغته وعملته.. و عملت مانيكييور و باديكييور"
كانت هذه زبونة انيقة بشعر اشقر جميل تخبر هدي زميلة شهد عن ما تم عمله حتي تدفع الحساب..
سجلت هدي ما قالت السيدة في دفتر، ثم قالت بابتسامة عريضة :" كده يبقي 300"
دفعت السيدة الانيقة المبلغ بالاضافة للبقشيش ..
استدارت هدي لتضع المبلغ في الخزنة الصغيرة..
بينما بقيت شهد تنظر امامها وهي مازالت هائمة في ملكوت اخر.. ثم وقعت عينيها علي الدفتر تأملته بدون ادراك.. كان مفتوحا علي الصفحة التي سجلت فيها هدي للتو حساب السيدة الانيقة..
داعبت خصلات شعرها في دلال .. كانت تقراء المكتوب بلا هدف..
مدام سها:
قص 100
موزمبليه 70
مانيكييور 20
اجمالي: 190

الم تقل السيدة انها صبغت و عملت باديكييور؟؟!! سرحت شهد تعيد ما قالته السيدة في رأسها.. هي متأكدة انها قالت "صبغت" حتي ان اللون لفت نظرها.. كان انيقا جدا ..
ايعقل ان تكون هدي غير منتبهة للامر؟؟!
شهد:" هدي.. مش الست دي قالت انها صبغت شعرها.. مش مكتوبة في الحساب"
هدي بحدة:" قصدك ايه يا شهد؟ بتراجعي ورايا.. بقي انا اللي سيباكي قاعدة طول النهار سارحانة ومش مركزة في شغلك و قلت بلاش اسخف عليكي .. تقومي تتهميني اني انا اللي مش مركزة؟!!"
شهد:" انا متهمتكيش بحاجة.. انا بلفت نظرك بس.. الست شعرها باين انه مصبوغ و قالت انا صبغت! و الحساب مش مكتوب فيه الصبغة... و علي فكرة و لا كمان مكتوب فيه الباديكييور.. "
هدي:" انا و الله مش مجبرة ابررلك واعيدلك اللي فاتك وانتي سارحانة.. ابقي بعد كده امسكي انتي الحساب لما انتي شاطرة قوي كده.."
ثم نهضت من مكانها وتوجهت نحو الحمام قائلة:" اتفضلي امسكي مكاني بقي وانا فالراحة.. و ريني شطارتك!"
كانت شهد محتارة و مترددة فعلا .. هي بالفعل لم تكن منتبهة.. ولكنها متأكدة مما سمعت.. لقد صار الامر حرجا.. فاما ان هدي نصابة .. او ان شهد تظلمها ..
اعادت شهد المشهد السابق في رأسها و فجأة تذكرت شيئا اخر.. لقد قالت هدي ان الحساب 300 ..هذه هي متأكدة منها مائة بالمائة.. فتحت شهد الصفحة مرة اخري لتجد ان الرقم المكتوب هو 190..
لامجال لأن تكون هدي مظلومة..
"أخصصصصص! اه يا بنت الحرامية يا نصابة.." هكذا قالت شهد في رأسها و هي متجهة الي الحمام..
دخلت دون ان تطرق لتجد هدي و بعض الفتيات من الزميلات يقفن امام المرأة ..بعض منهن يتحدثن معا..ومنهن من تأخذ جانبا للتدخين و منهن من تهندم حالها..
نظرت هدي بامتعاض لشهد.. و ابدت و جها مستاءا ظنا منها ان شهد اتت للاعتذار..
اقتربت منها شهد .. تفحصتها جيدا مما جعل هدي تقول :" نعم؟ بتبصيلي كده ليه؟! طبعا ملكيش عين تتكلمي بعد الكلام البايخ اللي قلتيهولي.. عموما لو عندك حاجة اتفضلي قوليها دلوقتي"
وبدون سابق انذار.. امسكت شهد ياقة قميص هدي و دفعتها للخلف لتصطدم بالاحائط.. صرخت هدي و تدخلت الفتيات المندهشات للتفريق بينهما ، الا ان شهد دفعت بقوة اول فتاة حاولت لمسها مما جعل البقية يخشون الاقتراب.. جذبت شهد هدي من شعرها القصيروهدي تصرخ .. ثم دست يدها في قميصها من فتحة الصدر و بعد لحظة خرجت يدها و بها لفة نقود..
ثم قالت:" انا مش عارفة مين فينا دلوقتي اللي ملوش عين؟!"
انفتح الباب بقوة و دخلت حنان.. صاحت :" ايه الصوت العالي ده؟!! صوتكم و صلني لحد برة.. انتوا اجننتوا؟؟! مين اللي بتصرخ كده؟"
ثم تسمرت مكانها ما ان رأت رأس هدي في يد شهد و يدها الاخري بها لفة نقود كبيرة..
قالت بغضب :" دي خناقة علي فلوس دي بأة و لا ايه ان شاء الله؟! انتي يا شهد اللي بتعملي كده؟؟!.. بعد كل اللي اتعلمتيه برضه مش قادرة تنسي انتي جاية منين.."
بالطبع اغضب شهد حديث حنان فتوجهت اليها و وضعت النقود في يدها بعنف و قالت:" اتفضلي فلوسك.. وابقي راجعي دفاتر الحساب.. ووفري زعيقك للي بيسرقوكي!"
وخرجت من المكان بسرعة غاضبة بشدة..
عادت للبيت لتجد جو نائما..
جلست علي الكرسي بجوار الشباك وهي علي وشك البكاء.. لم تتوقع ان تسمع كلمة مثل تلك من حنان بالذات.. لقد اهانتها امام الفتيات .. ما قالته المها جدا...
تقلب يوسف في السرير وفتح عينه ليجد شهد جالسة .. انتفض من مكانه و قال مفزوعا:" في ايه؟؟ ايه اللي جابك بدري؟؟ عدوي ظهر و لا ايه؟؟"
استدارت له شهد ثم نهضت من مكانها و ذهبت اليه ..جلست بقربه علي السرير و القت برأسها علي كتفه وانهارت بكاءا..
رفع جو رأسها و امسكه بيده قائلا في عصبية:" في ايه يا بت؟ اكلمي!"
قالت شهد بصوت باكي كالاطفال:" انا مش هرجع الشغل تاني"
جو:" ليه؟؟؟"
شهد:" اتخانِقت هناك.. و حنان هزقتني جامد"

هدأ قلق جو تماما عندما فهم ماهية الامر.. لقد ذهب به بكاؤها الي اشياء اخطر بكثير.. حمدا لله
ربت علي كتفها و قال بهدوء و حنان:" ايه اللي حصل يعني؟ احيكيلي.. ثم قبل اي حاجة.. حنان طيبة جدا وممكن تزعق و تقول كلام دبش متقصدوش.."
قالت شهد و هي مازالت تبكي:" لا تقصده! تقصده عشان هو فعلا صح!"
قال جو و هو يمسح دموعها من علي وجنتيها :" طب بس كفاية عياط و احكيلي اللي حصل"
حكت له شهد ما حدث بالتفصيل..
فرد جو مستنكرا:" هي البت دي هبلة؟؟ و هي ازاي الحسابات مش منظمة كده.. اي حد بيكتب اللي مزاجه.. الكلام ده له اصول.. دي تلاقيها بتتسرق من زمان و هي مش دريانة"
شهد بغيظ:" هو ده اللي همك؟!! مش همك انها قالتلي كده قدام الناس.."
ابتسم جو وقال:" عشان انا عارف اننا لو استنينا شوية هتلاقيها جاية لحد عندك تعتذرلك وتبوس راسك .. حتي بدون ما تعرف انك كنتِ بتجيبيلها حقها"
قالت شهد بغضب كالصغار:" حتي لو جت .. عمري ما هسامحها ابدا.. دي عايرتني بأصلي.."
قال جو مبتسما:" حقك.. لو انتي عايزة كده محدش يقدر يغلطك.."
عقدت حاجبيها ، كانت تريده ان يثنيها و يرجوها ان تصالح حنان..
جو:" بس قوليلي.. من امتي الشرف ده كله؟؟"
شهد بغباء:" يعني ايه؟"
جو:" يعني هي البت اللي اسمها هدي دي قلبت القرشين قبليكي.. ايه يعني اللي حمقك اوي و خلاكي تضربيها في الحمام؟"
ولأول مرة من لحظة ما حدث.. وقفت شهد امام نفسها لترى الامر من هذا المنظور.. ما وجه اختلاف هدي عنها؟.. كلتاهما لصة‍!
لو كان مبدأ شهد الا تسرق المُعدمين وتوجه نشاطها نحو من يملكون "الخيرات" علي حد تعبيرها.. فهدي إذن لم تفعل ما يخل بمباديء شهد .. فحنان لديها الكثيرو الكثير من الخيرات.. لقد غضبت شهد من هدي لأن حنان صديقتها.. اهذا يجعلها افضل من هدي؟!
تذكرت كم احتقرت هدي عندما ادركت انها سارقة.. هل تنظر اليها حنان بهذه الطريقة؟ هل ينظر اليها جو كذلك؟!!
قالت في محاولة لتغير صورتها في عينه:" عشان لما اسرق واحدة بتأكلني عيش و مأمناني علي فلوسها ابقي واطية مش بس حرامية.."
جو بهدوء و لكن بجدية:" يا شهد السرقة نفسها وطيان .. انتي بتحكمي علي اللي بتسرقيه انه يستاهل السرقة و لا لأ علي اساس ايه؟ اشعرفك اللي سرقتيه منه ده هو جايبه ازاي.. و لا عزيز عليه قد ايه؟؟ "
شهد و الدموع تملأ عينيها:" انت هتديني محاضرة.. انا ناقصاك؟ متبص لنفسك.. هو الخواجة و لا الريس عبود دول يعني كاملين الاوصاف في الشرف"
جو:" ولا حتي انا كامل الاوصاف.. بس انا علي الاقل بقدم شغل و باخد مرتب عليه اخر الشهر.. مبخدش حاجة مش من حقي "
صمتت شهد و تركت دموعها تنهمر.. فكرة ان يوسف يراها كما رأت هي هدي مزقتها من الداخل..
وضع يده علي ظهرها و ربت عليه ثم قال :" عشان انا شايف انك بت جدعة و قلبك نضيف.. اصريت انك تبعدي عن كارك ده.. و حكمت دماغي انك تشتغلي في حتة وتقبضي حق ما اشتغلتي.. واحدة زيك خسارة في القرف ده.. انتي يا شهد تستاهلي تبقي احسن من كده.. انا نفسي اشوفك احسن و احدة .. عشان بالنسبالي انتي احسن واحدة"
كم هو جميلا ورائعا..
كم اراحها و اراح قلبها المضطرب..
لقد انستها كلماته كل ما شعرت به قبل قليل من ضيق و استياء..
ابتسمت و دموعها لم تجف بعد..
سألت:" احسن من المليون بنت؟؟"
عقد حاجبيه متظاهرا بالتفكير ثم قال:" حاجة زي كده.."
ابتسمت و قامت لتغسل و جهها.. تابعها و هي متجهة للحمام..
كم هي غالية عليه..
ضيقها يضايقه و حزنها يحزنه.. وكأنها قطعة منه تسير منفصلة عنه..
الا يُشَّبه الاباء اطفالهم بشيء كهذا؟؟
سمع طرقا هيستيريا علي الباب.. فقام ليفتح .. وجد امامه حنان، ابتسم ساخرا و قال :" والله قلتلها انك جاية!"
قالت حنان بانفعال و توتر:" انا مش عارفة اللي حصل ده حصل ازاي.. دي شهد دي فوق راسي.. ده بعد اللي عملته انهاردة المفروض كنت اشكرها.. هي فين؟!.. انا جاية ابوس راسها"
جو ضاحكا:" والله قلتلها كده كمان!"
خرجت شهد من الحمام بعد أن سمعت صوت حنان.. وقفت وهي علي وشك البكاء مرة اخري..
قالت حنان في محالولة (لجر ناعم):" كده تمشي و تسبيني في وسط الحوسة اللي كنت فيها دي؟!!"
لم ترد شهد بل اشاحت بنظرها بعيدا ..في محاولة لمنع انهمار الدموع..
اكملت حنان:" حقك عليا يا شهد.. انا طول عمري كده بدب كلام غبي زيي.." ثم اقبلت عليها و قبلت رأسها واحتضنتها و ربتت عليها..
قال جو ساخرا للمرة الثالثة:" وحياة النعمة برضه قلتلها كده.. خلصونا بقي من دلع الحريم ده.. اتصالحوا وبوسوا بعض"
ثم اقترب من شهد و حدثها قرب اذنها قائلا :" ولا ابوس انا؟"
ابتسمت شهد رغما عنها..
و بعد حديث ليس طويلا بين ثلاثتهم لعب فيها جو دور المصلح.. انتهي الامر.. وعادت شهد و حنان افضل صديقتين.. كما طلبت حنان من شهد ان تكون المراقِبة السرية علي امانة الموظفة المسؤولة عن حساب الزبائن والخزنة.. وذلك بعد ان تضع حنان نظاما جديدا يضمن تسجيل كل الحسابات بطريقة صحيحة..
وهكذا وجدت شهد نفسها في موقع المُراقِب بعد ان امضت حياتها في موضع المراقَب..
لا يهم.. ايا كان ..
اي شيء في سبيل ان تكبر في نظر جو..
***
صارت علاقة الخواجة بجو علي غير طبيعتها.. كان الخواجه يعامله معاملة مختلفة.. و كأنه غاضب منه.. وجو قد مل بشدة احساسه بالضغوط من كل الجوانب.. إن كان الخواجة (مأموصا) فليبقي علي حاله.. لم يعد يهتم.. خبص له احد الرجال أن الخواجة كان يتلقي شكاوي من اشخاص غاضبين من جو.. و أن الامر صار سخيفا والخواجة صبره نفذ.. وقد يتصرف حيال الامر
شعر جو بالضيق.. بعد ما كل ما قدم للخواجة.. فعلا كما قالت شهد (ناس سَو!)
مر نهارا علي حمادة .. كان يحتاج لصديق..
جو:" يا ندل.. مختفي فين ياد؟!"
حمادة:" بقصر الشر يا عم.. كل اما اجي عندك تقابلني وعلي وشك غضب الدنيا و الاخرة.. قلت ابعد عن البيت خالص ونتقابل برة احسن؟"
جوساخرا:" اشمعني البيت بذات يعني اللي مش هطيقك فيه .. و برة هطيقك؟!"
حمادة بخبث:"عشان البيت فيه المزة!"
جو في محاولة ليبدو طبيعي:" ومالها المزة و مال اذا كنت طايقك و لا لأ؟ هي اي حجة و خلاص؟!"
حمادة ومازال خبيثا:" طب يعني معندكش مشاكل؟؟ اجي بالليل اسهر معاها اسليها و انت في الشغل؟"
جو:"لأ يا روح امك!"
ضحك حمادة من قلبه و قال:"و يا تري هي بتغير عليك كده زي مانت بتغير عليها.."
جو بتلقائية وقد شرد ذهنه مفكرا في شهد :" من زوزو ساعات.."
قال حمادة بحماس و قد حصل علي مراده اخيرا:" يعني انت فعلا بتغير؟!!!"
انتبه له جو و قد ادرك انه (اندلق) في الحديث.. قال مبتسما:" ايوة يا رزل!"
حمادة مصفقا بيديه :" ايوة بقي!! اسمع.. انا بفهم في الحريم كويس.. خد مني تكسب.. البت شهد دي عايزة و احد قوي..جريء واحد يخليها مش علي بعضها.. تعمله حساب كده.. "
جو:" اتلهي علي عينك! بتنصح مين يا خيبة"
حمادة:" مقصدش طبعا يا جو انك مش قوي.. بس انت بصراحة مش جريء معاها.. مدلعها كده و عاملها حساب و خايف علي زعلها.. اللي انت مش فاهمه انها تتمني منك انك تقرب منها اكتر.. هي ممكن تعمل تقيلة.. بس من جواها صدقني هتكون مبسوطة... جربت مرة كده علي غفلة ترزعها حضن عشاق و في اخره بوسة افلام؟!"
جو مستنكرا:" حضن عشاق و بوسة افلام.. هي دي النصايح يابن العبيطة؟!! وبعدين لما اعمل كده هنستفيد ايه غير طولة لسانها بعدها؟؟"
حمادة:" اشتري مني بس.. ما هي هتعد تفلفص و تقفش عليك وتشتمك.. بس ده كله تمثيل.. انا عارف الحريم.. الحركة دي هتخليها تفكر فيك صبح و ليل.."
جو:" انا غلطان اني بكلم مع عيل تافه زيك! بقي انا جاي قرفان و عايز افضضلك.. تقولي عشاق و افلام؟؟!"
حمادة:" مالك يا جو؟!"
جو:" فاض بيا من الخواجة و الشغل و الصالة والناس!!"
وحكي له عن كل ما يؤرقه في الفترة الماضية..
حمادة:" الخواجة ده يتحرق في ستين داهية يا عم.. بكرة لما ينضرب و لا يتقتل هيعرف قيمتك!"
جو:" انا بجد اتخنقت! خلاص أنا بقي دمي بيفور بمجرد ما بدخل عند عطا .. بدون حتي ما يحصل حاجة! وبعدين انا عارف الخواجة كويس.. قلبته وحشة اوي .. وغدره صعب.. انا مش خايف علي نفسي.. ان قلقان يحط شهد في دماغه! "
حمادة بحمقة:" يحطها! اخره ايه يعني؟؟! شهد معانا ميتخافش عليها!"
رمقه جو نظرة فهمها حمادة و تدارك نفسه قائلا:" قصدي معاك.. معاك ميتخافش عليها!"
فقال جو:" وأنا بقي الاحِق علي مين و لامين؟؟.. عدوي و لا الخواجة .. أسيب حالي و أقعدلها بقي؟!! و بعدين الخواجة مش اهطل زي عدوي.. ده ممكن يبعتلها إللي يسحلها لحد مرعي.. او حتي يتاويها خالص "
حمادة:" وانت هتسيب ده يحصل!"
جو :" منا عشان مش هسيبه يحصل.. هكون ساعتها جثة.. تفتكر وانا جثة ممكن افيدها؟!!"
حمادة:"طب انا عندي فكرة..."

***
طرق الباب مساءا.. فتحت شهد لتجد سمر صديقتها من ايام عطا.. فرحت بشدة و احتضنتها في قوة
شهد:" ده ايه الخطوة العزيزة دي.. وحشاني جدا يا بت!"
سمر:" وانت اكتر .. و الله الشغل مبقاله طعم بعد ما مشيتي.."
ثم دارت بعينيها داخل الحجرة و قالت بتوجس:" هو جو هنا؟"
شهد في قلق:" لأ .. خير في حاجة؟ "
سمر:" اسمعي .. انا جاية في السريع ليكي عندي كلمتين.."
شهد:" خشي طيب.."
دخلت سمر و جلست ثم استطردت في الحديث..
"انتي عزيزة عليا قوي يا شهد و ميرضنيش اسمع عن حاجة و حشة عليكي و اسكت.."
شهد:" حاجة و حشة زي ايه؟"
سمر:" حرصي من جو يا شهد! خلي بالك علي نفسك.."
شهد مندهشة:" احرص من ايه؟؟ متكلمي يا سمر سمعتي ايه؟"
سمر:" و النبي منا مصدقة اللي هقوله.. بس الامر ما يسلمش.. والواحد يحرص احسن ما يندم.."
قالت شهد بعصبية:" متنطقي يا سمر و قعتي قلبي .. ماله جو؟؟!!"
سمر:"طب انا هحكيلك من الاول بس صبرك عليا.. اصلي كنت في المطبخ و دخلت البت سماح و البت عبير وكانوا بيكلموا مع مندو علي ان جو كل يوم والتاني حد من الزباين التقال يقفش عليه.. اكمنوا معصلج و مش راضي يبيعك لحد ابدا مهما يعرضوا عليه فلوس، او حتي يهددوه.. المهم الواد مندو.. انتي عارفه اصله و اد منفسن.. قعد يقول وهو عاجبه فيها ايه؟ .. و كلام سم كده زيه.. قامت البت سماح قالتله انه جو مكلبش فيكي كده عشان مطالش لسة منك حاجة.. و انه بيخطط انه اول ما ينول مراده هيبيعك و يكسب فيكي كمان.. قامت عبير سألتها و هي جابت الكلام ده منين.. قالتلها ان زوزو اللي قالت.."
ابتسمت شهد اثناء حديث سمر حين علمت ان جو يلاقي الامرين من ضغوط لبيعها و انه مازال متمسك بها.. قاطعتها قائلة:" متخفيش عليا يا سمر جو جدع جدا..زوزو نفسها قالتلي كلام شبه كده.. بيتهيالي انها بتخرف.. جو صحيح لعبي..بس الصراحة عمره ما ضايقني لحد دلوقتي..بس كتر خيرك انك قلبك عليا.. اطمني"
لطمت سمر علي وجهها و قالت:" مانا قلت زيك كده.. قلت ان زوزو هي راخرة منفسنة و بتقول اي كلام.. بس الي جابني هنا مش الكلام ده.. اللي جابني اللي سمعته بودني بعد كده!"
اتسعت عينا شهد و هي تستمع و قد بدأ قلبها ينقبض..
اكملت سمر:"المهم سماح و عبير اتراهنوا ان كلام سماح صح.. وعبير تقولها ان جو راجل و ميعملش كده .. وسماح تقولها و ايه الوحش في كده ماهي ملكه و من حقه.. فعبير ترد انها برضه متصدقش عليه الكلام ده.. قامت راحت سماح جابت زوزو عشان تأكد الكلام.. بس اما دخلت زوزو و لاقتني موجودة .. انتي عارفة اصلها تطيق العما و لا تطقنيش!.. قامت شاورتلهم انهم يطلعوا يكلموا برة.. فخرجوا كلهم حتي مندو.. قمت انا وقفت اسمع.. لقيت زوزو بتضحك كده وتقول لعبير طب إما خلتها تسمع الكلام ده من جو نفسه متبقاش زوزو.. المهم خدت عبير و سماح و راحوا وقفوا مع جو و سابو الواد مندو.. انا فضلت راقماهم من بعيد بس طبعا مش سامعة حاجة.. كانوا و قافين بيضحكوا.. و بعدها لقيت سماح و عبير راجعين المطبخ ..قمت عملت نفسي بكمل شغلي علي الحوض.."
صاحت بها شهد:" انتي هتحكيلي باللقطة يا سمر.. انجزي وبعدين؟!!"
قالت سمر:" منا جيالك في الكلام اهه.. لما دخلوا كان الكلام عن ان عبير خسرت الرهان و ان كلام سماح طلع صح.. حتي عبير قعدت تقول خسارة يا جو نزلت من نظري.. وسماح تضحك و تقولها عشان تعرفي ان كل الرجالة كده و تبطلي سذاجة.. "
سألت شهد بتوتر:" ايوة.. يعني هو جو قالهم ايه بالظبط؟"
سمر:" وانا هسمع ازاي يا شهد من بعيد.. هو يعني مش واضح قال ايه؟ بقولك قالوا سماح طلع كلامها صح! المهم بس اللي عايزاكي تحرصي منه ان يستدرجك يا شهد.. سماح قالت كده بالحرف: وانتي زعلانه منه ليه؟؟ هو يعني هياخدها غصب؟؟.. ده هيوقعها برضاها.. هو طريقته كده... "
شهد مصدومة:" يعني ايه؟؟ يعني فالاخر زوزو اللي صح؟!! يعني كل اللي بيعمله معايا ده بيكسب بيه ارض عندي..مش جدعنه منه ؟!! بيضحك عليا؟؟!!"
سمر:" معرفش يا شهد انتي الوحيدة اللي تحسي.. انا بس مقدرتش ابقي عارفة كل ده و اسكت.. بس حرصي علي نفسك.. انا عن نفسي مش قادرة اصدق.."
تركتها سمر ورأسها يكاد ينفجر من الاسئة و الحيرة.. أيعقلل ما قيل لها للتو؟! تري ماذا كانت كلمات جو التي اكدت لعبير كلام سماح؟؟!! ماذا قال عنها لزوزو و الفتيات؟؟ هل يتحدث عنها هكذا؟!! هل حقا تلك نيته ؟!
ظلت تدور الدنيا بها ورأسها (بتجيب و تودي)..
الي ان عاد جو قبل الفجر..
جو مندهشا:" لسة صاحية؟!"
شهد باقتضاب :" مجليش نوم!"
جو بضجر شديد:" انا علي اخري يا شهد.. اجلي اي نكد او طلبات للصبح.."
شهد باسلوب جاف:" وانا هعوز منك ايه؟!"
ظن جو ان رده كان جافا و ضايقها .. فاقترب منها و جلس قربها و قال برقة:" انت تطلبي اللي يخطر علي بالك.. وكل اللي تعوزيه يجيلك.. بس ممكن بكرة؟!"
لم ترد بل رمقته بنظرة اقل ما يقال عنها انها قاسية..
كان مرهقا بشدة.. لم يكن لديه الطاقة ليدللها او يمازحها.. و في ذات الوقت لم يستطع ان يتركها في هذا الحزن الذي بدي عليها..
امسك يدها ليربت عليها كنوع من الترضية و قبل ان يتحدث مواسيا .. سحبت شهد يدها بعنف.. لم يفهم ما مشكلتها.. فهي مؤخرا قد صارت لينة بعض الشيء حيال مثل تلك الامور.. وحتي الصباح كان بامكانه ان يلمس يدها دون ان تنتفض و تبعده..
لم يدر لمَ خطر علي باله حديث حمادة :" الحركة دي هتخليها تفكر فيك صبح و ليل" .. ابتسم عندما تذكر تعبيره الطفولي "حضن عشاق و بوسة افلام".. اطال النظر اليها و بدأ يترائي له ان نظرية حمادة قد تفيده الان.. كان هو يحتاج الى تلك الضمة اكثر منها..
ربت علي ظهرها كنوع من التمهيد.. فابعدت يده بسرعة و قامت من جانبه.. رنت في رأسه جملة حمادة :" هي ممكن تعمل تقيلة.. بس من جواها صدقني هتكون مبسوطة"
قال :" رحتي فين؟"
شهد بحدة:" يعني و مفيش مكان في البيت إلا لزق فيا؟؟! معندك المطرح و اسع "
جو:"لأ انا كيفي اعد كده.. تعالي هنا" و أشار اليها لتعود بجانبه كما كانت..
شهد:" هو انت يابن الحلال مش قلت تعبان و عايز تنام؟"
جو:" هنام بس اما تيجي.."
كانت اعصاب شهد عي و شك الانهيار.. لربما كانت لتتقبل ذلك الحوار او تتجاهل الحاحه في دلال لو لم تستمع لكلام سمر هذا المساء.. صاتر كل حركة و كل لفتة تؤكد لها كلام سمر و من قبلها زوزو.. هل حقا انت بهذه الحقارة يا جو؟؟!!
جو عاقدا حاجبيه و بملل:" متفرهدنيش بقي يا شهد.. تعالي.. هقولك حاجة"
وقفت ترمقه باستنكار عن بعد.. هل يظن انها بهذه السذاجة؟؟!
اما جو فقد كبرت الفكرة في رأسه وركبه العند..ماذا تظن نفسها؟! هي ملكه! هل حقا كما قال حمادة هو يدللها اكثر من اللازم؟!! يبدو كذلك فهاهي بمنتهي الكبر تأبي ان تنصاع لطلبه.. انه ليس طلب يا حلوة انه أمر!..
نهض و اقبل عليها ..فتراجعت في انزعاج و خوف.. استفزه تراجعها .. فاقترب منها وامسك زراعها و قربها منه قائلا بغيظ:" لما قول تعالي.. تيجي!"
فاجأته شهد بسكينا في يدها.. سحبته من درج المطبخ عندما تراجعت نحوه رفعته بيدها الحرة و قالت و قد اغروقت عيناها بالدموع في حزن:" يعز عليا قوي أذيك! ابوس ايدك متوصلناش لكده!"
نظر الي السكين ثم الي وجهها الدامع.. لم يفهم شيئا.. ماذا جري لها؟؟!! اغضبه بشدة ان ترفع السكين في وجهه..
نزعه من يدها في سرعة وقوة و القاه بعيدا، ثم قال غاضبا:"انت يظهر نسيتي نفسك.. او انا فعلا اللي دلعتك بزيادة!"
تركها واقفة و توجه لسريره، القي نفسه عليه و اعطاها ظهره.. سوف ترين يا شهد معاملة مختلقة تماما من الأن!
اما هي فقد توجهت الي فرشتها بخطوات حزينة بطيئة.. جلست عليها و ضمت ارجلها علي صدرها وأحتضنهم بذراعيها.. وضعت ذقنها علي ركبتيها .. وتركت دموعها تنهمر..
خسارة يا جو!
***
في اليوم التالي استيقظت شهد ولم تجد جو في البيت..وهوامرا غريبا.. امضت الصباح في العمل كانت حالتها النفسية غاية في الاضطراب.. لم تتوقف عن التفكير لحظة.. لقد تأكدت لها تماما امس نية جو.. المها بشدة ان تكون مغفلة طوال تلك المدة.. ان يكون كل ما رأت منه هو خداعا.. ان بعد ما ظنت انها قد تعيش عمرها كله ملكا له.. ستغير الخطة.. انها قد تضطر الي فراقه.. و لكن اكثر ما المها انها علمت انه تحدث عنها بسوء امام زوزو والفتيات.. هل و صل استهتاره بها لهذه الدرجة!
ظلت تفكر في الامر حتي جاء المساء..
***
في اثناء النهار في مكتب الشهر الxxxxي جلسا شابيين امام الموظف .. قدما له عقدا لتسجيله.. كان العقد ينص علي بيع قطعة من الارض بالصعيد .. حيث يبيعها احدهما و يشتريها الاخر..
كتب الرجل اسم الطرف الاول الابائع: يوسف محمد احمد
و اسم الطرف الثاني المشتري: عبد الله محمود سالم
طبقا لما ورد في اثبات الشخصية لكل منهما..
بعد ان تمت الاجراءات قال الموظف ببرود:" مبروك عليكوا.."
نظرا لبعضهما وابتسما.. و قاما معا و غادرا المكان بعد شكرا الرجل ..
***
لم تتمالك شهد نفسها، كانت عصبية و شبه مغيبة.. وهي تحدث سمر عبر نافذة مطبخ محل عطا المطلة علي الشارع الخلفي المُظلم .. لسمر:" اتصرفي و دخليني يا سمر انا لازم اشوف زوزو!"
تسللت شهد الي حجرة الفتيات حيث كانت زوزو بعد ان ادخلتها سمر الي المطبخ من نافذته.. خشية ان تقابل جو في الصالة ..
زوزو مصعوقة:" شهد!! ايه ده؟ جيتي هنا ازاي.. مش قلتي جو مانعك؟؟"
شهد:" جيت بقي و خلاص .. عيازاكي في كلمتين..لوحدنا"
امرت زوزو الفتيات الموجودات بأن يخرجن من الحجرة..
زوزو:" خير يا قلبي.. لونك مخطوف.. مالك؟"
شهد:" انا عايزة اعرف بالتفصيل جو قايلك ايه عني.."
زوزو:"متقلبيش عليا المواجع يا شهد.. كفاية اني مستحملة قعادكوا في بوز بعض.. و بقول لنفسي اصبري عليه يا بت اهي فترة و هتعدي!"
شهد:" قصدك ايه؟ هتعدي ازاي؟"
زوزو:" لامؤاخذة يا شهد.. استحملي كلامي زي مانا مستحملة و جودك من اساسه!"
اندهشت شهد من صراحة زوزو ثم قالت:"مفهمتش برضه.. متقولي كلام واضح كده"
زوزو:" من الاخر يا شهد انا بحبك و انتي عزيزة عليا بس بعيد عن جو.. واللي مصبرني علي قعادك عنده.. اني عارفة انه هيبيعك اول ما .. لامؤاخذة.. انتي فهماني.. انا حذرتك من اول يوم وانتي مرضتيش تمشي.. خلاص بأة اعملك ايه؟؟ ولا اعمل في روحي ايه؟؟ اطق من جنابي؟؟! اديني مستحملة وعاملة روحي عمية و طارشة لحد ما يبيعك.. مهو في الاخر هيرجعلي!"
شهد مصعوقة و غاضبة :" يعني انتي سايباه يعك.. و يرجعلك في الاخر؟؟!.. نزوة انا؟؟!"
زوزو:" اعذريني يا شهد.. بس خلاص فاض بيا.. مهو يا تهربي.. و انا مستعدة اخبيكي عندي لحد مترتبي امورك.. يا إما تخلصينا و بعدها يبيعك هو لواحد من الناس الجامدة اللي هيموتوا عليكي.. اي و احد فيهم هيخليكي برنسيسة.. بس تطويل المدة كده تعب علينا كلنا.."
شهد وكأن عقلها طار:" هو قالك عني كده؟! قالك هيبعني بعد ما ياخد غرضه!"
زوزو بأسي:" ايوة يا شهد.. لما قفشت عليه و واتخنقت من وجودك عنده.. اتفق معايا علي كده.. وانا من خبتي وافقت.. الحب والله بيذل البني ادم! يا ريت الواحد كن يقدر يختار اللي بيحبه.. كنت اخترت و احد عينه مليانه مش زايغة زيه ..مايملاهاش غير التراب! "
شهد بذهول:" مش مصدقة يا زوزو ان اللي بتتكلمي عنه ده جو! مش راكبة معايا.. يعني هو بيخطط لكل ده من لحظة ما نطيت علي بيته؟؟.. من ساعة ما قالي اعدي عندي لحد ما الريس عبود يرجع؟؟.. بس ده كل حركاته معايا جدعنة!..حتي حركاته الي مش مظبوطة كانت بحساب.. مضايقنيش و لا مرة.. ولاحتي امبارح!! ده شافلي لحد دلوقتي شغلانتين!.. دا غير موضوع عدوي!!. . ولما كنا عند العرب!!..غير كل تصرفاته!!.. كل ده تمثيل؟؟!! مش مصدقة يا زوزو.. مش قادرة!"
سألت زوزو و قد لفت نظرها شيئا ما في حديث شهد:" الريس عبود يرجع منين؟؟"
شهد مفسرة:" انا كنت عايزة اقابله و هو كان مسافر سفرية شغل.. عشان كده قعدت عند جو في الاول خالص!"
زوزو:" طب خدي دي عندك.. ايه قولك إن الريس عبود مسافرش من زمان جدا.. هو اصلا مبيسافرش.. ده لو خرج من المنطقة يتقبض عليه في ثانية! هو قاعد هنا عاملها امبراطورية.. اللي عايزه يخشله هو ما بيطلعش.. اسألي اي حد.. دي حاجة معروفة! فكري كده و شوفي بأة جو كذب عليكي في ايه كمان.. و مصلحته ايه في الكذبة دي بذات؟؟.. سلام يا شهد انا لازم اطلع دلوقتي.. اديكي سامعة المزيكا اشتغلت.. فكري كويس!"
خرجت و تركتها في حالة ذهول و صدمة لا اخر لهما..
***
"عين العقل اللي انت عملتيه ده"
كانت هذه زوزو وهي تعطي شهد كوب شاي دافيء في يدها.. بينما تجلس شهد في بيت زوزو علي الكنبة الاضافية..
شهد في حالة انهيار تام و عيناها بلون الدم.. بدا و اضحا انها بكت طويلا:" مش هتقل عليكي يا زوزو.. انا كنت جاية المنطقة هنا اساسا لهدف معين.. واللي حصل بعدني عنه.. اديني راجعاله تاني.. و ساعتها هنشوف!"
قالت جملتها الاخيرة بغل..
زوزو:" انت تنوري هنا.. انا قلتلك قبل كده.. طول مانت بعيد عن جو.. تبقي علي راسي من فوق"
ضحكت شهد بمرارة و هي تجرع الشاي ثم قالت:" اطمني عليه.. عمره ما هيشوف خلقتي تاني ابدا.."
ربتت زوزو علي ظهرها و قالت:" انا عارفة ان الموضوع جرحك.. انت حلوة قوي يا شهد وولاد الحرام كتير والكل يتمني ضفرك.. بس مجاتش علي ابن الحرام بتاعي انا!! انا عارفة انه عرف يلف دماغك.. هو قادر الصراحة.. بس انتي اجمد من كده.. و هتقلبيه بسرعة و تشوفي حالك و حياتك"
اومائت شهد برأسها في استسلام ..
ثم استلقت و حاولت النوم..
لم تستطع وانهمرت دموعها في صمت..
***
جن جنون جو عندما عاد و لم يجد شهد.. بحث عنها في كل مكان.. كان معه حمادة.. ذهب الي حنان ولم يجدها..
كان كل ظنه ان الامر له علاقة بعدوي.. او بالخواجة.. لذا كاد ان يتوقف قلبه رعبا عليها..
لم يجد مفر من ان يذهب للخواجة و يسأله ان كان يعرف مكان شهد..
كان رد الخواجة:" بنت مين دي اللي تسألني عنها؟! انت اتجننت!!! عموما احسن.. كده كده كان قعادها هنا قرب ينتهي!"
لم يفهم جو بالتحديد قصده في الجملة الاخيرة.. الا ان هذا لم يكن همه الان.. ان كانت ليست مع الخواجة اذن فاحتمال وجودها مع عدوي اكبر..
سأل و بحث و علم ان عدوي مازال في المستشفي و ان حالته الصحية سيئة ..
أين هي إذن؟؟!
جلس لبعض الوقت ليهدأ و يفكر بهدوء و عقل.. علي الاقل هي ليست مع عدوي او الخواجة..
حمادة:"انت مش قلت انها كانت متغيرة بالليل و رفعت عليك سكينة؟"
اومأ جو برأسه..
حمادة:" طب ما يمكن هربت!"
جو:" من ايه؟؟ تهرب من ايه؟؟ شغل و بتشتغل و تقبض.. انا معاها مش مخليها عايزة حاجة.. وكنا في الاخر قربنا قوي من بعض.. تهرب ليه؟؟"
حمادة:" طب فاكر النوبة اللي فاتت.. راحت عند زوزو.. متيجي نجرب"
***
"يا ابلة زوزو..ابلة زوزو"
اطلت زوزو من بير السلم لترد علي نداء الفتاة الصغيرة التي تقف اسفله:"ايوة يا فتحية.."
فتحية الصغيرة:" الراجل صاحبك اللي قلتيلي اقولك اول ما المحه؛ جاي من اول الشارع و معاه و احد كمان.."
زوزو:" طب يا بت جدعة.."
دخلت زوزو الي شهد مسرعة و قالت:" جه!.. انزلي بقي"
قامت شهد مسرعة و نزلت الي الدور اسفل السطح و انزوت خلف عمود عريض.. صارت مختبئة تماما..
استمعت الي وقع اقدام جو و معه حمادة.. اعتصر الالم قلبها و هي تري جزء من ظهره.. كم ستفتقده!
***
زوزو في استقبال جو:" اهلا يا جو.. ايه الزيارة الحلوة دي ..مش عادتك يعني.. ازيك يا واد يا حمادة"
ابتسم حمادة في وجهها ولم يرد..
جو:"شهد جت هنا يا زوزو؟؟"
زوزو:" و هي ايه اللي هيجبها؟ هي مش مبسوطة عندك.؟"
جو:"رجعت الفجر ملقتهاش.. اسمعي يا زوزو.. انا عارف انك مبتطقيش سيرتها.. ومنى عينك تغور من هنا.. انا يا ستي هغورها و اريحك منها .. بس من غير اذية.. دانتوا بنكوا عيش و ملح يرضيكي البت تتبهدل وتتئذي؟؟"
زوزو:" اذية ايه كفا الله الشر؟! و انا هأذيها ليه يعني؟؟"
جو:" لو تعرفي مكانها و مخبية عليا تبقي بتئذيها.. انتي متعرفيش كل المتربصينلها؟!.. اولهم عدوي.. ده حالف يموتها!! "
كان حمادة يتفحص المكان بهدوء ليري ان كانت شهد بالداخل و لكنه القي نظرة سريعة و لم يجدها..
زوزو:" صدقني.. وغلاوتك عندي ماعرف عنها حاجة.."
جو:" طب حاولي تعرفي! مفيش احسن منك في مجايب الاخبار.. عسي.. دوري .. اعرفيلي يا زوزو..البت كده في خطر"
زوزو:" عنيا يا خويا.. عنيا.. انت بس هدي نفسك وروح ارتاح.. و انا لو عرفت حاجة هقولك.. "
نزلا جو وحمادة.. وسمعتهم شهد لمرة الثانية..
و بعد ان إطمائنت لذهابهم صعدت لزوزو..
زوزو ما ان رأتها:" يا كبدي الراجل هيتفرس انه مش لاقيكي! فلوسه الي دفعها فيكي و مطالش حاجة ناقحة عليه اوي.."
لوهلة كادت شهد ان تسعد قبل ان تكمل زوزو جملتها و تصيبها بالضيق و الاحباط.. ثم قالت بغل:" خليها تنقح!"
***
جلس جو في منزله حوله حنان و حمادة..
كانت اعصابه عبارة عن كتلة مشدودة بشدة علي و شك الانفلات..
قلبه كان يدق بقوة وعنف..
ورأسه كانت تفور و تغلي..
شعر ان امرا ما سيصيبه..
شعر انه علي و شك الموت.. كيف فقدها؟ كيف تركها بمفردها و هو الان لا يدري شيئا عن مكنها؟!
ليته يموت قبل ان يسمع عنها مكروها..
***
في الظلام سارت بخطوات سريعة .. لن يثنيها شيئا عن تحقيق هدفها.. وساعتها يجدر بك الاختباء ايها الندل الغدار..
وصلت اخيرا.. و لكنها لم تكن إلاعلي بعد مئات الامتار عن غايتها.. كيف تدخل؟؟ كيف تجاز كل تلك الحواجز؟
انها قلعة الريس عبود..
يحيطها حراس و اسلحة اكثر مما يحيط القصر الرئاسي..
هل تتسلل؟ ام تواجه؟؟
فلتجرب الطريقين..
اقتربت بخطوات ثابتة نحو بضعة حراس علي البوابة الجانبية لسور القصر..
صاح بها أحدهم:" جاية علي فين يابت؟؟"
بينما غازلها الاخر:" سيبك منه يا قطة..تعالي أما اقولك"
رمقت الاخر بنظرة إحتقار وقالت للاول بثقة تخفي توترها الداخلي:" عايزة اقابل الريس عبود!"
انفجر كل الحراس ضحكا..
قال الذي غازلها :"هتقابليه لوحدك و لا جايبة معاكي حد كبير؟!"
وقال الاول محذرا:" إمشي يا بت من هنا !"
شهد بثبات :" صدقني لما الريس عبود يعرف انك مشتني قول علي نفسك يا رحمن يا رحيم!! أنا عايزاه في حاجة مهمة جدا"
فقال احدهم ساخرا:" دا انتي جاية مسنودة بقي!"
فرد عليها الحارس الاول:" اسمعي يا شاطرة.. محدش بيقابل الريس عبود كده.. ولو نتي مهمة اوي كده ..مكنتيش جيتي لوحدك علي رجلك.. انا لو رضيت ادخلك.. اعرفي انك هتضربي بالنار جوة اول ما رجلك تخطي قرب القصر! اتكلي بقي و متوجعيش دماغنا"
شهد:" طب انت بس دخلني و ملكش دعوة .. ولو انضربت بالنار ابقي استاهل !"
فقال الذي غازلها:" لأ ميهونش علينا الجمال ده ينضرب بالنار.. متسيبك من الريس عبود و خليكي مع الريس احمد" و أشار الي نفسه و اضعا يده علي صدره مبتسما في لزوجة..
رمقته شهد نظرة اخري مليئة بالتقزز..ثم استدارت للأول وقالت :" صدقني دخولي جوة مش هيضرك في حاجة.. بالعكس بكره تشوف اني هفتكرك دايما و انغنغك!"
قال الاول ولم يفهم من حديثها شيئا:" انت يا بت غبية و لا معتوهة.. بقولك غوري من هنا أحسن و النعمة اسيب عليكي الرجالة تقطعك!"
نظرت له شهد و ضيقت عينيها في شر.. ثم ذهبت.. عادت تتواري بين الاشجار وتارقب القصر عن بعد..
حسنا.. المواجهة فشلت..
فلنجرب اسلوب التسلل..
***
حنان :" طب و هي ايه اللي خلاها ترفع السكينة عليك؟"
جو:" منا مفهمتش ساعتها.. تقريبا كانت خايفة.. فاكراني هغدر بيها..مش فاهم! بس دي معملتهاش من ايام ماكنت لسة هربانة عندي"
حنان:" يمكن هربت عشان كده! خايفة منك.."
جوبإصرار:" لأ لايمكن.. شهد اتخطفت! يا حنان احنا كنا كويسين قوي مع بعض.. مستحيل تهرب"
حنان:" فكر كده يا جو.. انت جيت لاقيتها متغيرة و وقالبة و شها.. و هددتك بالسكينة لما قربت منها و دي حاجة جديدة.. وتاني يوم هربت ! يبقي كان في حاجة في راسها.. حد قالها حاجة.. سمعت حاجة.. هي قعدت مع مين قبلها؟؟.. بتدي ودنها لمين؟؟"
جو وقد بدأ يري جانب قد يكون صحيحا في وجة نظر حنان:" مفيش إلا زوزو بنت الـ..." و لم يكمل السبة..
حمادة:" بس احنا رحنا بيتها.. و انا بصيت بنفسي.. شهد مش هناك!"
حنان:" وهي يعني متعرفش تخبيها يا ناصح منك له؟!! "
جو:" احنا طبينا فجأة يا حنان.. هتلحق تخبيها امتي؟!"
حنان:" مش هيغلبوا في دي يعني يا جدعان.!. "
قال جو و هو سارحا:" وهي يعني هتكون زوزو قالتها ايه خلاها تهرب مني؟؟"
حمادة:" انت مستقل بقدرات زوزو.. دي تخرب بلاد بصباع رجلها الصغير"
صمت جو مفكرا..
ثم قال:" لو كده يبقي الموضوع ليه ترتيبات تانية.. "
تمني من الله ان يكون الامر كذلك.. وان شهد ليست في خطر..
***
بدا الامر صعبا حقا.. السور الحديدي المغلف بالسلك والاشجار محاط بالكثير من الحراس و الكل مدجج بالسلاح.. ظلت شهد تراقب الوضع وتحاول التفكير في طريقة تمكنها من الدخول.. لفت نظرها قطة تخرج من الداخل عبر السور و كانها اخترقته.. اكيد هناك فتحة.. انحنت و زحفت و قفزت بخفة الي ان التصقت بالسور حيث خرجت القطة .. كانت هناك كومة من القمامة و بدا تحتها صندوق لم يحتمل الكمية فصارت اكواما فوقه.. والرائحة شنيعة.. هذا يفسر عدم تواجد الحراس بالقرب منه.. بحثت عن الفجوة التي خرجت منها القطة.. بالفعل و جدت فتحة حيث انقطع فيها السور المصنوع من السلك.. ضربت بقدمها في قوة مكان القطع فانفتح اكثر وصارت الفتحة تمكن جسدها الضئيل من المرور.. ازاحت النباتات و فروع الاشجار المتعانقة مع السور و دلفت من الفتحة..
اطلت برأسها لتدرس الوضع.. كان هناك حراسا في الداخل و لكن علي مسافة مازالت بعيدة.. و لم يكن احدا منتبها لها.. حسنا يجب ان تدخل القصر من احد تلك النوافذ الخلفية المفتوحة في الدور الارضي..
بالفعل نجحت في الزحف قرب القصر دون ان يراها احدا.. نظرت للنافذة القريبة المفتوحة.. خفق قلبها و هي تتخيل كيف سيكون رد فعل الريس عبود حين يعلم انها هي الفتاة الضئيلة الغير مسلحة قد اقتحمت قصره تحت انف حراسه.. مؤكد سينبهر.. مؤكد سييجعلها ذراعه الايمن.. ستصبح ذات شأن عظيم.. و لربما قامت بطرد الخواجة... و ساعتها ستجبر جو ان يعمل لديها و سوف تريه الامرين من العذاب!! ثم..
فجأة شعرت بيد غليظة تسحبها من شعرها بعنف..
نظرت مذعورة و قد ادركت انها قد امسك بها..
قالت لمن امسك بها:" انا لازم اقابل الريس عبود!"
وجدت حارسا ضخما هو من يمسك بها كمن يمسك ارنبا صغيرا من اذنيه..
ويقف امامها رجلا انيقا بدا و كانه رئيسا للحراس.. و بضعة حراس مسلحين ...
قال الرجل الانيق:"انتي مخلولة يا بت انتي؟ بايعة عمرك؟! "
شهد في محاولة لترك انطباعا علي الرجل انها جريئة ، فلم يعد لديها ما تخسره:" ايوة بايعة عمري.. و قلبي ميت.. و جاية هنا اقابل الريس عبود و مش خايفة من حاجة! "
الرجل بابتسامة ساخرة:" و عايزة الريس عبود في ايه؟"
شهد:" عايزة ابقي من رجالته!"
ضج الجميع بالضحك..
شهد منفعلة وحانقة بشدة :" بتضحكوا علي ايه؟؟ علي خيبتكوا ؟! انا وصلت لحد هنا ومحدش فيكوا حس يا بهايم! وقال بس الاسم حراس الريس عبود.. ده لو عرف خيبتكم هيضربكم بالنار و احد و احد يا بقر!! أنا ارجل من ارجل واحد فيكوا يا (لفظ بذيء)"
لطمها الرجل الانيق لطمة عنيفة علي وجهها.. مما سبب لها صدمة كبيرة فلم تكن تتوقع ن الضرب سيبدأ بهذه السرعة..
قال ببرود:" لسانك يظهر عايز يتقطع!"
حاولت شهد ركله بقدميها و لكن الرجل الضخم كان يمسكها بقوة..
قال الرجل الانيق ببرود واستنكار معلقا علي ركلاتها:" واضح ان عقلك فيه مشكلة!"
ثم اشار الي السور حيث تقبع كاميرا مراقبة و استطرد:"انتي فاكرة ان في سنتيمتر في المكان مش متراقب؟!! انا شايفك من اول ما دخلتي بدماغك الغبية جوة السور!!"
كم انتي غبية حقا يا شهد؟! كيف لم تدركي ان مكان مثل هذا به بدل الكاميرا عشرة.. الخيبة خيبتك انتِ و ليس هم! كيف ظننتي انك ستفلتين من هذا الحصن الحصين؟!! لقد اعماك غرورك!!
اكمل الرجل:" احنا مبنشغلش معانا اغبيا و متهورين! و الريس عبود مبيقابلش حد! وخصوصا لو حد ميسواش زيك كده.. و كمان ناقص رباية"
صمتت و ابتلعت ريقها.. استعراضها بأنها تسللت ونجحت، وكل توقعاتها بان الامر سيبهر الجميع و علي رأسهم الريس عبود.. ذابت فقد سكب الرجل للتو عليهم دلو من الماء القذر..
استعدت لعلقة ساخنة.. و كما توقعت تماما.. نالت ما تستحق!
القوها في الخارج و قد سال الدم من شفتيها و انفها أثر اللكمات .. استقامت بصعوبة و نجحت في المشي.. كانت تبكي بشدة.. ليس الماً.. فهي اعتادت الضرب.. انما احباطاً و حسرة.. لقد ذهب حلمها بعيدا مع الريح.. و صارت خطتها رمادا.. كل ما فعلته هو انها جعلت من نفسها اضحوكة.. وجلبت (لروحها علقة من اللي هي)..

عندما دخلت عليها زوزو في المساء صرخت فزعا من منظرها..
فحكت لها شهد انها تعرضت للضرب و لكن لم تذكر تفاصيلا عن زيارتها للريس عبود..
اخبرتها شهد انها قد تطيل مدة بقائها معها قليلا فقد كان لديها تخطيطا ما وفشل.. و انها ستعود لممارسة عملها القديم فور ان يشفي وجهها ..و ما ان تتمكن من تدبير مسكن خاص بها ستنتقل بعيدا علي الفور..
كان رد زوزو علي مضض:" براحتك يا قلبي .. ربنا يوفقك.. بس ايه شغلك القديم؟ قصدك الرقص عند عطا؟؟!"
شهد بمرارة:" لأ شغلي اللي طول عمري بعمله!.. صحيح ..من خرج من داره يتقل مقداره.."
لم تفهم زوزو تحديدا ولكنها لم تسأل ..لم تهتم طالما ان هناك وعدا من شهد بالرحيل قريبا..



التعديل الأخير تم بواسطة Topaz. ; 06-03-18 الساعة 02:21 PM
بيبه الجميله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-13, 07:12 AM   #19

بيبه الجميله

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية بيبه الجميله

? العضوٌ??? » 271411
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 342
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » بيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond reputeبيبه الجميله has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
افتراضي


الفصل الخامس عشر




تقريبا شفي و جه شهد إلا من بعض اللون البسيط.. وهكذا عادت لأسلوبها اياه في سرقة ركاب السيارات..
كانت تقف علي الطريق السريع مرتدية ما يثير الظنون و الشهوات.. و ما أن يقف لها احدهم حتي تر كب وتهدده بالسلاح الابيض و تأخذ كل ما لديه.. ثم تتركه مذعورا مرتبكا..
كانت تعود بمبالغ لا بأس بها .. و لكنها لم تكن سعيدة مثل ما كانت تسعد في الماضي بغنائم نهاية اليوم.. كانت تنظر للنقود وتتذكر كلمات يوسف:" اشعرفك اللي سرقتيه منه ده هو جايبه ازاي؟؟.. و لا عزيز عليه قد ايه؟؟ "
فتعود و تبرر لنفسها قائلة :" لو كانت الفلوس عزيزة عليه مكانش نزل يبعزقها في العط!!.. يستاهل!"



واثناء الليل تتذكره .. جو.. بطلها.. سابقا!...وتبكي قليلا من الم فراقه ثم تنام..
مرت بضعة ايام علي نفس الحال..كان هدفها الان ان تجعل لنفسها مسكن بعيدا عن المنطقة و عن جو ، و عدوي و المعلم مرعي.. و كل من تهرب منهم.. لذا لم تتوقف يوما عن العمل.

وقفت بدلال علي جانب الطريق السريع.. تلوقك قطع علكة بمياعة .. ها هو الزبون الاول.. بالفعل وأوقف السيارة و ركبت ثم ..هووب.. في اقل من دقيقتين نزلت محملة بالغنيمة ، بينما هو هرب مبتعدا..
توارت عن الانظار قليلا حتي لا تلفت النظر .. ثم عادت لتقف من جديد في مكان ابعد قليلا..
هاهو الزبون الثاني.. اقترب و اوقف السيارة ..ثم داعاها للركوب.. تدللت في البداية ثم ركبت.. ما أن وطأت بقدمها في السيارة حتي وجدت ذراعا قوية تلتف حول رقبتها من الخلف! يبدو ان شخصا كان مختبئا خلف مقعدها و لم تنتبه له و هي تركب.. حاولت الافلات بعنف ..الا انه وضع مطواه علي رقبتها مستخدما يده الاخري.. اما قائد السيارة فقال:" لو اتحركتي و لا اتنفستي نفس واحد..هنخلص عليكي!!"
تحسس جسدها.. فكادت ان يغشي عليها ذعرا و لكنه اخرج من جيوبها المطواه و النقود التي قد تحصلت عليها قبل قليل.. ابتسم في طمع ووضعهم في جيوبه.. ثم قاد السيارة و هو يعيد عليها ماقاله عن بقائها بلا حراك..
قالت:" انتو و اخدني علي فين؟؟"
قائد السيارة:" انتي تخرسي خالص.."
صمتت شهد مفكرة .. و لكن قطع تفكيرها ان الرجل فجأة قام بنزع (ولاعة) السيارة من مكانها والقاها بعيدا في الخلف و هي يقول:"متفكريش تلمسيها!"
يال الحظ كيف سبقها اليها.. لقد سبقها حتي في التفكير.. هي لم تخطر في بالها (الولاعة) كسلاح بعد..
كانت شهد تفكر بسرعة.. الي اين يأخذونها؟؟ ستقوم بضرب الرجل فور ان يترك رقبتها ليترجلا من السيارة.. هذه هي الخطة..
بعد مدة ليست طويلة اوقف الرجل السيارة في مكان مقفر.. ونزل منها بينما الرجل الذي يكمم شهد و يهددها بالمطواة ابقاها مكانها و لم يحرك ساكنا..
سمعت قائد السيارة في الخارج يوجه حديثه لشخص ما و لكنها لم تتمكن من روئيته من مكانها..
"تمام يا ريس.. الامانة اهي.. حسن مثبتها في العربية!"
اذن هما أجيران.. طُلب منهم خطفها.. ذلك يلغي الظن بانهم خاطفان مغتصبان.. و يجعل الامر ينحصر ما بين عدوي او المعلم مرعي..
قالت للرجل الممسك بها:" هو عدوي اللي مأجركوا؟"
ضغط بسن المطواه علي رقبتها و قال :" قلنا ترخرسي!".
لم تسمع شهد صوت مُحدث الرجل قائد السيارة، فقد كان خفيضا وهو يقول:
"طب تمام يا رجالة.. نخدمكم في الافرح.. عذبتكم هي؟؟"
الرجل:" خالص.. انت خوفتنا علي الفاضي.. انا كنت ممكن اجيبها لوحدي.. حتي موضوع الولاعة اللي حذرتني منه.. كنت نسيته.. و هي مجاش في بالها اصلا..بس أنا شيلتها احطياتي.. " وضحك بصوت عالي..
ادركت شهد الان الامر.. انه عدوي! مؤكد.. لم ينسي انها احرقت احدي ارجله بولاعة السيارة.. وحذر الرجل منها..
سمعت صوت اقدامه تقترب.. حسنا ستضرب الرجل الممسك بها في انفه بقبضتها و تأخذ منه المطواه و تغرسها في قلب عدوي..
تلك هي الخطة..
تعالت دقات قلبها في خوف وتوتر وهي تشعر باقترابه.. استعدت بقبضتها للمواجهة ..
يا قاتل يا مقتول..
لم يعد لديها ما تخسره..
لن يقترب منها عدوي إلا جثة!
وقف بجانب السيارة.. انحني بجسمه ليحدثها عبر النافذة..
"ازيك يا شهد!"

اتسعت عيناها و هوي فكها للاسفل و تراخت قبضتها .. ليس الوجه الذي توقعت رؤيته.. ولا الصوت..
قالت مذهولة:"جو؟!"

اشار هو للرجل المتحفظ عليها وقال:"اتوكل انت يا حسن.. متشكرين.."
تركها حسن و ترجل من السيارة.. تحسست رقبتها بحركة لا ارادية و هي مازالت تحت تأثير المفاجأة..
وقبل ان تستوعب؛ كان جو قد ركب بجوارها و قاد السيارة مبتعدا..

قال بغضب:" هربتي ليه يا شهد؟"
بدأت شهد مرحلة الاستيعاب.. تنفست الصعداء ان الامر لا علاقة له بعدوي.. ثم شعرت بالرضا لانها عينيها وقعت علي يوسف بعد ان اشتاقت اليه بشدة.. والان عليها مواجهة عاصفة من الغضب.. اجلت التفكير في خطة الهرب منه .. لم ترد ان تهرب في التو..
صاح بها في غضب عندما لم ترد:" هربتي عشان ترجعي لكارك الوسخ؟!! مش مستحملة تعيشي في نضافة؟"
لم ترد..
فعاد ليقول بعصبية:" متنطقي.. هربتي ليه؟؟ ها؟؟.. مخروسة ليه؟!!"
كان يلكمها في كتفها بغيظ لتتكلم عدة مرات متتالية و بغل وقوة
امسكت كتفها و قالت بصوت اوشك علي البكاء:" كفاية ضرب بأة.. ارحموني! "
نظر اليها ولاحظ ان الالوان علي وجهها اثار العلقة.. عقد حاجبيه في قلق ثم اوقف السيارة جانبا..
استدار اليها وقال منفعلا مشيرا الي وجهها:" طبعا ده واحد جيتي تقلبيه قام معلمك الادب.. اكيد! منا مش فاهم الجبروت ده جايباه منين؟؟!! بتنطي علي عربيا لوحدك كده؟؟! ..بطولك؟! ده في عصبات بحالها من خمس ست انفار دي شغلتها!!.. اتفضلي.. قال وانا باعتلك اتنين يدوكي درس عشان تشوفي ممكن يحصلك ايه؟ اتاري في واحد قبلي اداكي الدرس و علم عليكي! ومع ذلك ايه؟ مفيش مخ.. مبتحرميش!!"
لم يجد منها سوي الصمت..
مد يده ليخبطها علي رأسها و لكنه تراجع و قام بخبط يده علي عجلة القيادة بعنف.. وصاح:" فهميني هربتي ليه ورحتي عند زوزو؟... عشان ترجعي للسرقة؟؟! فهميني!!"
شهد بانفعال:" كفاية زعيق بقي.. مالك عايش دور الشريف العفيف كده؟! بتمثل علي مين؟ علي نفسك؟؟ وطول الوقت محسسني انك احسن مني.. عشان انا حرامية و انت (يا صلاة النبي) جارد.. بس عشان تبقي عارف بقي.. انا اللي احسن منك! علي الاقل انا مبضحكش علي حد و مبخبيش حقيقتي.. انما انت طلعت واطي وكداب.."
امسك يده عن صفعها صفعة قوية.. واكتفي بصفع عجلة القيادة..
قال مستنكرا:" كدبت عليكي في ايه ان شاء الله؟!!"
شهد:" إسأل نفسك! افتكر حركاتك معايا!.إسأل زوزو.. إسأل البنات اصحابك عند عطا.. اقولك؟ إسأل سمر!"
جو بنفاذ صبر وانفعال :" سمر مين؟؟ و بنات ايه؟؟ متفهميني انت.. كلميني كده زي ما بكلمك و بلاش فوازير"
شهد:" طبعا هتنكر.. ايه الجديد مانت مقضيها كدب عليا من الاول.."
جو يرجوها بانفعال:" في ايه؟؟؟ كدبت عليكي في ايه؟؟"
شهد وقد تراجعت وعقدت ذراعيها امام صدرها و رسمت علي وجهها تعبير مليء بالتحدي:"نجيب من الاول.. الريس عبود فين يا جو؟؟؟"
قال جو باستهتار:" يا سلام؟! دي الكدبة اللي خليتك تهربي؟؟! ايوة يا ستي كدبت عليكي .. غلطان انا عشان خفت عليكي وقتها؟.. برغم اني كانت ساعتها بقالي نص ساعة بس اعرفك.. ابن كلب عشان عارف انك لو كنتي هوبتي هناك كنتي هتتمرمطي؟.. و كانوا هيرجعوكي لمعلمك زي الدبيحة مسحولة في شوال.. انت فاهمة انهم هناك مبيرحموش؟؟ مش هايعاملوكي بالراحة اكمنك بنت.. معندهمش تفاهم! انا خفت عليكي ساعتها.. استاهل تسبيني و تهربي عشان كنت خايف عليكي؟!!"
كانت تتحسس وجهها و اصابتها اثناء حديثه.. كانت تدرك صحة كل ما يقوله.. وعن تجربة!
قالت و مازلت هجومية:" طب لو قلنا انك فعلا كان قلبك رهيف و خفت عليا.. فهمني بقي اشترتني ليه.. ليه مدتنيش حريتي بعدها لما انت جدع كده؟؟"
جو باقتضاب:"عشان كنت عايزك تبقي جنبي! خايف عليكي من عدوي.. و خايف من كل الكلاب اللي بتجري وراكي!"
شهد باستهزاء:" هو كل اما اقولك حاجة تقولي كنت خايف عليكي! عموما يا سيدي انا عرفت انت كنت شاريني ليه.. زيك زي عدوي.. فعلا تربية و احدة.. وعارفة انت بتقول عليا ايه للبنات المعجبات.. وعارفة اتفاقك مع زوزو.. عموما انت و زوزو عينة و احدة وتستاهلوا بعض!"
جو وقد عاد اليه الانفعال:" بقولك ايه يا شهد.. زي منا ماسك ايدي عنك.. امسكي انت لسانك! "

نفث في غضب ليهديء من نفسه ثم اكمل:
" انا معرفش اتفاق ايه اللي مع زوزو ، و كلام ايه اللي بقوله للبنات.. بس اللي انا عارفه يا شهد اني مش زي عدوي.. وانا لو كنت عايز منك اي حاجة كان زماني خدتها.. وعشان تبقي عارفة كان هيبقي برضاكي! افتكري.. افتكري كويس.. افتكري لما كنا في البحر.. افتكري فرص كتيرتانية كان ممكن استغلها.. بس انا مش واطي زي ما بتقولي.. و كان اهم حاجة عندي اني احافظ عليكي! اسألي بقي انتي حمادة.. كان بيعد يقولي انك ملكي و من حقي.. وبيسألني بحافظ عليكي لمين مانت مسيرك تتباعي.. إسأليه ردي عليه كان ايه.. بلاش.. إسألي حنان.. اسأليها كنت بروحلها عشان تعالجني نفسيا من الخوف اللي كنت بخافه عليكي من كل الناس و مش مخليني عارف انام.. طب إسأليهم .. الكام اليوم اللي مكنتش عارف طريقك كانت حالتي عاملة ازاي؟؟؟ كنت بموت كل يوم من الرعب عليكي!! لحد ما راقبت بيت زوزو و عرفت انك رجعتي عندها و من ساعتها مغبتيش عن عيني.. انا بقيت اسيب شغلي و ادور وراكي اخلي عيني عليكي.. كل ده و برضه شايفاني زي عدوي؟!!"

دمعت عينا شهد اثناء حديثه.. كم تمنت ان يكون صادقا.. هل حقا يهتم بها كل هذا الاهتمام.. كم تحبه.. ليتها لا تحبه كل هذا الحب حتي لا يخيب املها فيه.. تذكرت جملة زوزو:" يا ريت الواحد كن يقدر يختار اللي بيحبه.. كنت اخترت و احد عينه مليانه مش زايغة زيه ..مايملاهاش غير التراب! " .. عندها الف حق!
قالت بخفوت:" امال ليه قلت لزوزو انها تسامحك و تصبر عليك لحد ما ... يعني... تاخد اللي انت عايزه و بعدين تبيعني.. و ترجعلها"
ضحك جو وقال:" طب انا راضي ذمتك ده اتفاق؟؟ في حاجة اسمها كده؟!! في اتنين بينهم علاقة المفروض انها حب يطلب منها انه يروح لواحدة تانية شوية.. وهي توافق؟؟!! يعني اذا الي بيكلم مجنون يبقي المستمع عاقل!!"
شهد:" بس الناس سمعتك و انت بتقولها كده.."
جو حانقا:" عمري ماقلتلها كده!! مين دول اللي سمعوني؟؟.."
شهد:" ايوة ! سمر قالتلي انك قلت كده قدام عبير و سماح.."
جو:" سمر تاني ؟؟ سمر مين اساسا؟؟!"
شهد بغضب:" زميلتي بتاعة المطبخ!! و عبير و سماح اللي بيرقصوا اصحاب زوزو... اظن دول عارفهم!"
جو:" هي طبعا سمر دي بت كويسة و ليها حركات جدعنة معايا ، بس اولا سمر دي انا مشفتهاش من زمن.. وعبير و سماح كل كلامي معاهم علي قد كلمتين الهزار.. يعني هي سمر سمعتني بودانها بقول كده؟!!"
شهد :"لأ.. شافتك بتكلهمم.. و بعدين جم جنبها و قالوا انك قلت كده.."
صمت جو لبرهة وهي ينظر لشهد منتظرا منها ان تستنتج شيئا.. ولكنها لم تفعل
فقال محاولا ان يوصل لها الصورة:" انت مش بنفسك قلتي عبير و سماح اصحاب زوزو؟؟ يعني متكنش زوزو مثلا سلطتهم يقولوا كده قدام سمر اللي عارفين انها صاحبتك وهتروح تقولك؟؟! واهي عملت كده بالحرف"
شهد مستنكرة:" يا سلاااام... كل الفيلم ده عشان يوصلولي.. ده قصة طولية جدا..."
وحكت شهد بالتفصيل الممل عن ما قالته سمر و عن حديثها مع زوزو في نفس اليوم.. و عن ما فعله هو و جعلها تهدده بالسكين..
انهت حديثها بـ:" اقنعني بأه ان كل ده فيلم من تأليف زوزو.. هي اه مش سهلة بس مش للدرجادي!"

ابتسم جو وقال:" انا مش هدافع عن عن نفسي انا هسيبك تحكمي قلبك... المرة دي إسأليه هو.. وشوفي هو مصدق مين.. وانا راضي بحكمه"
شهد وكأنها لم تسمع تلك الكلمات التي اثرت فيها بشدة.. وحركت كل مشاعرها:" طب وحركاتك معايا اللي مش ولابد اللي زادت في الاخر اوي؟؟"
جو ومازال مبتسما ينظر اليها في اعجاب و حب:"اعتبريني كنت بنفذ نصيحة واحد غشيم قالي ان نتيجتها مضمونة هتخليكي متفكريش غير فيا.. وانا بصراحة بموت لما اي حاجة تشغلك عني.. ومن يأسي بحاول اي محاولة.. "
شهد وقد صارت اكثر ليناً:"يعني انت مكلمتش مع البنات عليا؟؟"
جو:" بكلم عليكي علطول.. انا بقيت بقضي وقتي كله عند عطا في سيرتك.. عشان كده همة غيرانين منك وعايزين يفرقوا بنا"
شهد:" وسمر اللي شافتكوا؟"
جو:" اديكي قلتي.. شافت! مسمعتش.. انا وقفت فعلا من كام يوم مع الثلاثة دول زوزو و سماح و عبير وكنا بنهزر في كلام عادي.. اكيد همة اللي وصلوها انه كان عليكي.."

شهد بقليل من الرقة و الدلال:" يعني انت مش ناوي تبعني؟؟"
جو:" حد يبيع روحه؟؟ انا اليومين اللي فاتو كنت ميت.. و دلوقتي بس روحي رجعت "

خفضت نظرها في خجل فتأمل هو وجهها..كم هي رقيقة حين تخجل.. كم هي حـ....
يالهول! ما هذا الكم من الاصابات في وجهها؟؟!!
امسك بذقنها بين كفه و قرب و جهها منه وتفحصه عن قرب.. تراجعت شهد و قبل ان تستفهم منه عن ما فعل للتو..قال بقلق:" هو ده حصل ازاي؟!!
اطرقت شهد برأسها و وقالت بصوت خفبض:" اترنيت علقة!"
جو منفعلا:" واضح انها علقة.. مين اللي ضربك؟ طبعا زبون؟"
شهد:" لأ رجالة الريس عبود.."
اتسعت عينا جو ذهولا و قد زاد غضبه وقال :" انت برضه روحتي؟!"
اومائت برأسها..
فقال منفعلا:" احسن! تستاهلي! " ثم خبط بيده علي عجلة القيادة المسكينة.. و قال ضاغطا علي اسنانه وهو ينظر امامه متجنبا النظر اليها حتي لا يفقد اعصابه :" انهي حيوان فيهم؟!
شهد ساخرة:" نسيت اتعرف عليهم و انا بَنضرِب.."
لم يعر جو لمزحتها اهتماما وقال و مازال ضاغطا علي اسنانه:" شكل امه ايه؟؟!"
شهد:" اللي ضرب؟.. ولا اللي كتف؟ ولا اللي قالهم ربوها؟"
نظر اليها جو وكانه يقول "انطقي!" دون ان يتحدث..
فقالت شهد:" همة مجموعة حرس مع واحد رفيع كده و لابس بدلة باين عليه رئيس الحرس"
جو:" مممم.. طيب!"
شهد:" متشغلش بالك.. بصراحة انا لو منهم كنت موتني.. دنا سبيتلهم و شتمتهم وضربت الراجل المسلوع ابو بدلة ده بالشلوت.."
ابتسم جو و هو يتخيل شهد الضئيلة تركل عصام رئيس الحرس الانيق بقدمها..
ولكن نظرة اخري الي وجهها المصاب محت الابتسامة في لحظة و استبدلتها بوجه غاضب.. لك حساب عسير معي يا عصام! هكذا قال في رأسه..
سأل جو بهدوء و رقة:" هنرجع نجيب حاجتك؟!"
اعتدلت شهد في جلستها ونظرت اليه .. ارادت ان تصدقه.. تمنت ان تتفند كل شكوكها و تنساها تماما..
حتي وانت لم يحدث ..فلا حيلة لديها.. كل ذرة فيها ترغب في البقاء بقربه ايا كانت العواقب..
قالت وقد ظهرت مشاعرها المضطربة في نبرتها:" انا ماعدش ليا اي حاجة في الدنيا.. أنا هثق فيك يا جو.. متخيبش ظني!"
جو:" انا بأة بقي ليا حاجة مهمة اوي في الدنيا .. وهي دي اللي انا عايش عشانها.. يارب يوم ما تحسي اني خيبت ظنك اموت!"
ثم ابتسم ابتسامة جميلة و قال:" نروح بقي نجيب الحاجة؟"
شهد:" بس بلاش تيجي معايا انا هروج اجيبها من ورا زوزو وخلاص.. بلاش مشاكل..انا زهقت من الحوارات"
جو:"لأ إزاااي دانا رايح لزوزو مخصوص.. في كلمتين ليها في قلبي عايز اقولهم!"


***

فتحت زوزو الباب لتجد جو واقفا واضعا ذراعه حول كتف شهد وهي مستندة اليه تلوك علكتها في استهتار..
وقفت مذهولة في محاولة لتخيل الاحداث التي ادت لهذا المشهد الذي تراه امامها..
قال جو:" زوزو يا حبيبتي .. انا جاي استسمحك في شوية وقت كمان اقضيه مع شهد.. انا عارف انك قلبك كبير و هتوافقي.. اللي صبرك كل ده ..يصبرك شوية كمان... مش ده اتفاقنا برضه؟!!"
ادركت زوزو ان خطتها الحقيرة وصلت الي علم جو وقد جاء غاضبا..
ارتبكت و لم ترفع عينها الي شهد..
قالت:" شهد دي ملكك يا جو .. تستسمحني ده ايه؟؟"
جو:" لأ ازاي مش انتي حبيبتي اللي برجعلها في الاخر.."
اطرقت برأسها و قالت شبه غاضبة:" انت جاي تتمألس عليا.. هو عشان انت عارف غلاوتك عندي ؛ عايز تبيع وتشتري فيا"
فجاة تحول جو من النبرة الباردة الساخرة الي انفعال و حنق :" انتي لسة شفتي حاجة؟! وكمان ليكي عين تزعلي؟!! انا و النعمة لولا اني مبمدش ايدي علي حريم كنت مخلتش فيكي حتة سليمة! اسمعي يا زوزو.. من هنا و رايح ملكيش دعوة بشهد.. وأسمها ميجيش علي لسانك! لأ.. ميعديش في راسك من أساسه.. فسما بالله لو حصل من ناحيتك اي حاجة .. لهتشوفي مني رد مش هتتصوريه!! وابعدي عني انا كمان.. انسيني خالص!! الحب مش بالعافية!!"
كانت شهد صامتة تنظر ارضا .. برغم كل غيظها من زوزو الا انها وجدتها الان في موقف لا تحسد عليه.. بل اشفقت عليها من غضب يوسف.. كم كان غليظا جافا معها.. ليت الامر ينتهي عند هذا الحد و يتراكها لحالها ويرحلا..

ولكن زوزو في ثانية غيرت فكر شهد ثماما ..
صاحت زوزو بنبرة تسمي (ردحا):" كل الهلمة دي عشانها!! اشحال اذا ما كانت مملوكة من واحد لواحد.. حز فيك اوي اني ببعدها عنك ؟؟؟!! عاجبك فيها ايه؟؟ أنا اللي أولي بيك.. ياما دلعتك وهننتك.. واستحملت قرفك ومعاملتك الباردة.. تقوم تيجي بنت امبارح دي الي منعرفش عنها غير اصلها الوسخ .. وتقلبك عليا؟؟!! دي لا عاشت و لا كانت!"



ثم انقضت علي شهد وغرست اصابعها بغل في عمق شعرها و جذبتها منه..
لنكن واضحين في رسم الصورة .. فلو ان شهد تساوي غزالاً رشيقا ً؛ فزوزو تساوي فرساً ممشوقاً و(متربي علـ الغالي).. المعركة محسومة لصالح زوزو لمن ينظر عن بعد..
ولكن الغزال هنا اذكي.. ولديه خبرة في العراك بالايدي اكثر بكثير من الفرس..
لذلك كان (تكنيك) زوزو في العراك هو النسائي المعتاد من تمزيع الشعر و تمزيق الوجه بالاظافر و الجلوس علي العدو (لتبطيطه) .. اما شهد فكات تتعارك كالصبية الصغار.. ركلات و لكمات ..إلخ..
وقف يوسف مبهوتا.. وهو يري زوزو تسحل شهد من شعرها و تجلس فوقها ثم تنحني عليها لتعضها في ذرعها.. اقترب و قد وجد ان اسلم حل هوأ ن يحمل زوزو و يلقيها بعيدا.. إلا انه و جد شهد بعد ان صرخت ألما جراء العضة .. في لمح البصر ، كالت لزوزو لكمة قوية في انفها.. جعلتها تترنح و تسقط من فوقها.. فاعتدلت شهد واستدارت لها و ونشبت بينهما معركة اخري من التشابك بالايدي ، كانت لكمات شهد فيها لها الصوت الاعلي.. وقف جو مرتبكا لا يدري كيف ينهي عراك القطط هذا..
انقض عليهما و نجح في حمل شهد بذراع واحد من خصرها ؛ بينما دفع بذراعه الاخري زوزو الي الناحية المعاكسة.. و هو يصيح:" بس!! بس!!"
نال بضع ركلات طائشة من شهد علي بعض الخربشات من زوزو..
كانت شهد عنيفة بحق! و قد وجد صعوبة في السيطرة عليها ، بينما تراجعت زوزو لاهثة و قد اصابها الدوار من كثرة ما لاقت من ضربات في وجهها..
صاح في شهد التي مازلت تحاول تسديد ضربات لزوزو و هي مرفوعة عن الارض في ذراعه:"اهمدي بأة!!".. وجد نفسه مضطرا لاستخدام كلتا يديه بقوة ليسيطرعلي عصبيتها و عنفها، و هو يصيح بها ان تهدأ..
اخيرا هدأت .. و قفت تلهث و قد ظهرت اثار جروحا و خربشات علي وجهها و عنقها و ذراعيها ، و كأنها كانت تتعارك مع نمرا.. اما زوزو فقد جلست علي الارض ممسكة برأسها ..وقد بان فيه اثار الضرب..

قال جو لزوزو:" تصدقي بقي.. ان شهد اللي خدتلي حقي منك!! لو معجبتنيش في اي حاجة بعد كده هبعتهاك!!"
ثم احتضن رأس شهد و ربت عليه و قال:" جدعة يا بت.. لمي حاجتك يالا.. خلينا نمشي من هنا.."
قالت زوزو وهي مازلت ممسكة برأسها:" في ستين الف داهية.. اشبعوا ببعض!"
لم يرد اي منهما عليها .. وفي سرعة كانت شهد تحمل حقيبة اغراضها .. فأخذها منها جو و لف ذراعه علي كتفها و خرجا.. معا تاركين زوزو تسب و تلعن في غل..

سارا في الطريق يحتضن كتفها و ينظر اليها في اعجاب مبتسما..
قالت و هي تتحس و جهها:" بتبص علي ايه؟؟ بنت الجزمة دي شوهتني.. ده و شي ملحققش يروح منه ضرب العلقة اللي فاتت.."
ابتسم جو وقال:" هي برضه اللي شوهتك؟؟ امال اللي حصل في وشها هي يبقي ايه؟؟ دانت شلفطيها.. بس ماكنش اعرف انك جامدة كدة.."
قالت شهد مازحة بفخر:" اديك عرفت! حرص علي نفسك بأة.."
ضمها اليه اكثر و ضحك واستمرا في السير..
***
في البيت مساءا اتت حنان و حمادة لرؤية شهد.. و قد انباها و عاتبها بشدة علي فعلتها.. و علي الذعر الذي سببته لهم جميعا.. ولكن في النهاية كان الجميع سعيدا بعودتها.. امضت معهم امسية رائعة .. ضجوا بالضحك عندما حكت عن عراكها مع زوزو ، و مغامرتها مع حراس الريس عبود.. كان جو يضحك معهم و لكن كسا و جهه الغضب حين حكت علي رئيس الحراس الذي جعل رجاله (يعدموها العافية)
قطع حديثها و قال:" خلاص يا شهد.."
نظرت اليه غير فاهمة..
فقال:" متضحكش خالص ..علي فكرة.. قصة دمها تقيل"
فقالت حنان:" لأ الصراحة يا جو .. شهد غباوتها متتوصفش.. وقال فاكرة ان الراجل هينبهر بيها" و ضحكت بشدة ..
اما حمادة فقد تفهم مشاعر جو، فقال:" عنده حق.. حكاية تحرق الدم.. و مفيهاش اي طرافة"
قلبت الفاتاين شفاتهما في عدم فهم وانهتا الحوار امتثالا لطلب جو..
وهكذا انتهت الليلة الظريفة..
****
في المساء التالي دلف جو الي تلك الحانة الراقية.. سلم علي الحارس فهو يعرفه شخصيا..
هنا يسهر عصام كبير حرس الريس عبود.. فعلا وجده جو يجلس علي كرسي البار امام الساقي و يحدث صديقا يجلس قربه..
وضع جو يده علي كتف عصام.. فاستدار له ..
"جو؟؟! اهلا.. فينك يا عم؟؟"
اقترب جو من البار و طلب من الساقي زجاجة كبيرة من البيرة ، و تجاهل تماما قول عصام.. فناولها له الساقي..
فامسك بها و استدار لعصام الذي قال متعجبا:" ايه يا عم انت قافش مني و لا ايه؟؟ انا بكلمك!"
فجأة رفع جو الزجاجة عاليا و هوي بها في قوة علي وجه عصام.. الذي سقط ارضا من علي الكرسي العالي وسط قطع الزجاج المهشم .. وقد سال الدم من رأسه مكان ارتطام الزجاجة و تهشمها..

قام عصام مندهشا وغاضبا و هو يتحسس رأسه و يري الدماء علي اصابعه.. قال بغضب:" انت اتهبلت؟"
وانقض علي جو ليأخذ حقه..
وبالفعل كانت معركة حامية لم يتحدث فيها جو بكلمة..
انتهت بعصام في حالة اغماء..
بصق جو علي جسد عصام المدد ارضا و خرج بهدوء وسط ذهول الحاضرين..
***
"مال وشك؟؟ انت اترنيت علقة انت كمان؟"
كانت هذه شهد تتأمل و جه جو عندما دخل عليها فجرا..
قال جو :" مين ده يا بت.. محدش يقدر"
قالت في شماته:" لا و النبي شكل في حد قدر.. اما ايه اللي في وشك ده؟"
جو:" مانت اصلك مشفتيش و شه هو.."
شهد:" هو مين؟"
جو:" واحد نرفزني!"
شهد متصنعة الخوف: " اللهم احفظنا من نرفزتك.. و عصبيتك و قلبة وشك!!"
ابتسم في حب..
كان ليفعل من اجلها اي شيء.. قد يقتل لأجلها..
شعر بارتياح شديد بعد ان قام (بتكويم) عصام.. برغم انه لم يحدثه حتي بكلمة.. ولم يعرفه سبب الضرب الذي تعرض له ، و علي اي شيء يتم تلقينه الدرس ..وذلك حتي لا يجلب المزيد من المشاكل و الضغوط علي رأسه ورأس شهد.. و لكنه كان مرتاحا لأنه (فش ) غله.. لم يكن ليتركه بدون عقاب بعد ان تجرأ وسبب لشهد الاذي..
***
كان جو الفترة الماضية يتغيب كثيرا عن عمله مما زاد من سوء العلاقة بينه و بين الخواجة.. و صار يشعر ان ايامه معه علي وشك الانتهاء.. و لكنه اراد ان يجعلها خاتمة سلسة .. بدون مشاكل او ذيولا..فالخواجة ليس طيب القلب او متسامح.. وهو لا يأمن شره في حالة أن إنقلب عليه..
كما انه كان يريد ان يضمن و ظيفة اخري إحتياطيا.. في حالة ان قام الخواجة بالاستغناء عنه فجاة.. صار مشغولا بتدبير حاله .. و ترتيب حياته.. و خصوصا بعد ان ادرك ان رغبة الخواجة صارت ان تكون شهد بعيدة عن المنطقة بعد ان زادت المشاكل حولها.. و كان ياخذ خطوات سريعة في هذا الشأن..

***
في المساء قبل ان يخرج خو للعمل..طرق الباب ففتح ليجد و جها مالوفا و لكنه لا يتذكره تحديدا.. و لأن البيت صغيرا كانت شهد تري القادم من مكانها بالداخل ..
صاحت بدهشة و ذعر:" صلاح؟؟؟!!!"
استشعر جو خوفها فقال للقادم بسخافة:" أؤمر؟؟!"
صلاح:" انت مش عارفني يا جو؟ انا من رجالة عدوي.."
دفع الجو الباب ليغلقه في وجهه و قال ببرود:" معرفش حد بالاسم ده.. و قوله لو هوب هنا المرة دي هيموت!"
قال صلاح مستعطفا:" هو فعلا بيموت يا جو.. اسمعني بس! انا جاي اوصل رسالة..طب فتشني براحتك.. بس دخلني اكلم شهد.."
كانت شهد تسمع الحديث من داخل البيت و قد اصابها التوتر..
قال جو:" قول اللي انت عايزه ليا و انا هوصلها.."
صلاح:" عدوي خلاص بيموت.. و عايز يشوف شهد .."
جو:"ليه دي حياله رصاصة في كتفه.؟؟. ملقتوش فيلم اذكي من كده شوية؟؟ هبل احنا بقي و هنصدق.. والبت هتجري ملهوفة عليه.. قوله انه حتي لو بيموت.. مش فارقة معنا.. في ستين داية.. هنبقي ندعي ربنا يسامحه"
صلاح:"افهم بس يا جو.. مش فيلم و الله.. عدوي طلع عنده سرطان.. لما دخل المستشفي عشان الرصاصة.. بعد فترة شكوا انه عيان.. وبعدين عرفوا انه عنده بقاله مدة و منتشر .. دلوقتي هو بيموت.. "
لسبب ما اثر كلام صلاح في جو.. و لكنه لم يصدقه بعد..
فقط ادخله ليسمع تفاصيل اكثر و يتمكن من تحديد صدق القصة..
قال صلاح بتأثر:" تفتكر يعني قعاده في المستشفي راقد كل ده ليه؟؟؟ دي لو كنت الرصاصة كان خرج من زمان.."
تذكر جو انه قبل بضعة ايام حين سأل بالفعل عن عدوي اثناء بحثه عن شهد.. علم ان حالته الصحية سيئة، و لكنه لم يعط الامر اهتماما وقتها..
استطرد صلاح:" لو تشوفه دلوقتي حالته تصعب علي الكافر.. انا بعد جنبه دموعي بتنزل.. ماعادش عدوي الجبار الي قلبه ميت.. وكل اللي علي باله دلوقتي انه يشوف شهد قبل ما يموت"
قال جو وقد بدا مصدقا الي درجة ما:" واشمعني شهد؟!"
صلاح:" يا جو دي اللي قضي حياته بيجري و راها.. بيحبها يا جدع.. طلع عند قلب وبيحبها"
سرت كهرباء عصبية في جسد جو و هو يستمع لهذا الكلام..
ولكنه لم يعلق.. كانت مشاعره متضاربة الان.. فبرغم كرهه لعدوي.. و لكن اخر ما كان يتوقعه ان يراه علي فراش الموت في عنفوان شبابه.. ان يموت ضعيفا مسكينا.. لربما توقع موته علي يد احد اعداءه الكُثر و الذي صار هو احدا منهم.. و لكن هكذا؟؟!.. يموت مريضا!! لا حو ولا قوة إلا بالله!
ثم ما قصة رغبته في رؤيته شهد؟؟؟ لا يروقة هذا الامر بتانا..
قال صلاح محدثا شهد:" هتروحي يا شهد؟؟ مش هيكلفك غير خمس دقايق.. اكسبي فيه ثواب.. ده حالته بقت صعبة اوي.. ومفيش غير سيرتك علي لسانه.. متخفيش منه.. ده خلاص ..مش قادرحتي يرفع ايده.."
كانت نفس المشاعر المتضاربة تمر بها هي الاخري.. المها ما وصفه صلاح عن حاله عدوي.. هي تكرهه علي حالته الطبيعة .. عنيفا قويا ساديا و يحب الاذي.. و لكن مريضا ضعيفا؟؟!! اشفقت عليه بشدة.. سبحانك يا رب!
لم ترد.. بل نظرت الي جو علي امل ان ينقذها من حيرتها و لكنها و جدته في نفس الحيرة..
قال صلاح في قولا نهائيا:" واضح انكم برضه مش مصدقين.. ادي عنوان المستشفي واسمها.. ممكن بسهولة تتأكدي من كلامي قبل ما تروحي .. لو في قلبك شوية رحمة.. ارحمي واحد بيموت و كل وكل امله انه يشوفك"

قال كلمته الاخيرة و انصرف و قد بدا عليه الحزن الشديد..

لم يكذب جو خبرا قام بعدة اتصالات ليتاكد من صحة كلام صلاح..
وقف مبهوتا يحدث شهد في حزن واضح :"طلع كلامه صح .. عدوي بيموت فعلا يا شهد في المستشفي!"
وجلس يحاول تقبل الخبر.. مر في مخيلته صورا عديدة .. فيها عدوي طفلا.. ثم صبيا.. ثم شابا قويا.. تذكر معاناتهما معا.. اللقيمات التي تشاركاها احيانا.. الحقيقة أنه كان لا يطيق و جوده.. و لكن لم يكن يتمني رحيله بهذه الطريقة..
قالت شهد بحزن وحيرة:" تفتكر اروحله؟"
رفع بصره اليها بسرعة.. و لكنه لم يكن لديه اجابة .. كان محتارا مثلها.. كيف يقبل ان تذهب لرجل اخر يهيم بها حبا ويرغب في رؤياها و النظر اليها و والتمتع بقربها؟؟ولكن هل يرفض طلب انسان مسكين علي فراش الموت؟؟ لمجرد ان الموضوع يثير غيرته؟؟ ومما يغار اصلا؟؟ من شخص علي وشك الرحيل عن عالمهم لملاقاة ربه؟؟!
***
فتح جو باب حجرة المستشفى ببطء و كأنه يؤجل الدخول.. مد رأسه ونظر الي الدخل ورآه.. بدا مختلفا.. نقص وزنه بشدة و تلك الهالات السوداء حول عينيه.. ضايقه المنظر..
بداية غير موفقة..
التفت اليه عدوي و قال بوهن مندهشا:" جو؟؟!! "
اومأ جو برأسه دون أن يدخل وكأنه يخشي الدخول..
قال عدوي:" كتر خيرك انك جيت تشوفني.. انا بموت يا جو.."
تنهد جو كان عاجزا الكلام.. الموقف صعب و مشاعره مختلطة..
سأل عدوي بلهفة:" شهد مش هتيجي؟"
بالفعل تذكر جو ان شهد تقف خلفه و انه دخل قلبها ليطمئن اولا ان المكان بالفعل امن.. دلف الي الحجرة ساحبا شهد من يدها.. و التي بدا عليها التوتر و الحزن..
عندما وقع نظر عدوي عليها.. تصاعدت انفاسه و قال منفعلا علي قدر ما سمحت قوته:" شهد؟!! شهد.. اخيرا جيتي.. قربي.. قربي .. انا محتاج اقولك حاجات كتير.. "
نظرت شهد لجو تطلب الدعم.. ولكنها و جدته حالته حال..
اقتربت ببطء و توجس.. مد عدوي يده و لم يستطع ان يرفعها فقال بوهن:" هاتي ايدك.. نفسي امسكها"
ابتلع يوسف ريقه بصوت عالي و كانه يحاول ابتلاع ما سمع للتو..
مدت شهد يدها و تركتها في يد عدوي.. تجمعت الدموع في عينيها عندما نظرت في وجهه الباهت المريض وعينيه التي تنظران اليها بهيام ..

قال عدوي:" انا عايزك تسامحيني!.. سامحيني يا شهد علي كل اللي عملته فيكي.. برغم كل اللي عملته كنت بحبك.. و كان كل اللي بتمناه انك تبقي معايا طول عمري.. "
تأثرت شهد بكلماته و نزلت دموعها و هي تقول:"مسامحاك .. اطمن.."
اكمل عدوي:" انا مبسوط اوي انك جيتي.. دلوقتي انا مستعد لأي حاجة.. كنت خايف اموت قبل ما اشوفك.. او المس ايديك.. او احط ايدي علي شعرك .. " و رفع يده في ضعف فترددت لوهلة ثم احنت رأسها له ليملس علي شعرها..
فاكمل :" واشم ريحته.. ريحته اللي كانت بتجنني لما بفتكرها وانا لوحدي.. و اقوم في ساعتها ادور عليكي عند المعلم مرعي عشان اجُر شَكَلك.."
قرب رأسها اليه .. الي ان صارت مسنودة علي صدره تماما و دس انفه في شعرها و اخذ نفسا عميقا..
لم تحرك شهد ساكنا فقد كانت متألمة بشدة من حديثه و الموقف الصعب جدا الذي هم فيه تلاثتهم.. تركت دموعها تنهمر تأثرا و تركت راسها علي صدره..
شعر جو بالدماء تصعد الي رأسه.. اشاح بوجهه بعيدا حتي يتمكن من الهدوء.. عقد ساعديه علي صدره في عصبية .. و قضم اضافره..
اهدأ يا يوسف! اهدأ.. ليس هناك مجالا للغيرة الطاحنة الان.. ليس هناك اي مجال!!
قال عدوي في راحة:" ياااه يا شهد.. ياااه .. يا رتني عييت من زمان.. لو كنت اعرف ان موتي هيخليني في يوم اضمك لقلبي كده ..كنت موت نفسي الف مرة.. "
ثم وجه حديثه الي جو وقال:" متضايقش مني يا جو.. انا مش عايز حد يضايق مني.. بس انا خلاص دي فرصتي الاخيرة معاها.. انت قدامك العمر كله.. خلي بالك منها.. انا عارف كويس انك هتحميها.. انا جربت بنفسي.. " قالها و ابتسم في ضعف
اقبل عليه جو و قد لام نفسه علي غضبه قبل لحظات.. قال:" انا اللي اسف يا عدوي.. اسف عشان ضربتك بالنار.. و .."
قاطعه عدوي قائلا:" كان حقك.. كنت بتحميها.. وكويس انك عملت كده.. انا مش عارف لو رصاصتي كانت جت فيها ، كنت هعمل ايه.. كنت هحرق نفسي!.. خلي بالك منها.. حرص من مرعي.. هو لسة عايز يرجعها وبيدور عليها.."
وقف جو واعصابه من نار.. هاهو يقف يودع في مشهد مؤلم رفيق درب المعاناة و الكفاح .. في نفس ذات اللحظة يشاهد حبيبته في احضان رجلا.. يلامس شعرها و يتحسس ظهرها.. و يستمع لحديثا مؤثرا جدا عن عشقه لها .. لشهد.. شهد حبيبته هو!! ادرك انه سيخرج من هذه الغرفة و هو بحاجة ماسة لعلاج نفسي مكثف..
قال عدوي و هو يضم شهد اليه بقوة:" سلام يا شهد.. ابقي اقريلي الفاتحة لو خطرت علي بالك.. اكيد هحتاجها.. متسينيش.. افتكري ان كان في واحد بيحبك اوي.. و كان كل امله انك تحبيه.. سامحيني يا شهد.. "

وفجأة ارتخت يده التي كانت تضمها و بدا و كأنه يفقد الوعي.. فجري جو مسرعا للخارج و نادي الطبيب.. الذي اتي مسرعا و بعد ان تفقد عدوي قال لهما ان تلك هي لحظات غياب عن الوعي تتكرر بكثرة و قد تنتهي بغيبوبة او الوفاة.. وطلب منم الدعاء له فحالته متاخرة جدا و تلك قد تكون لحظات النهاية..
بكت شهد بحرقة وهما يسيران للخارج بينما سار جو سارحا وكأنه مصدوم..
كان من اصعب المواقف التي مرت في حياة كل منهما.. بل هو اصعب موقف علي الاطلاق!
قبل ان يخرجا من بوابة المستشفي الرئيسية استوقفها جو و طلب منها ان تنتظره بينما يدخل سريعا لدورة المياة..
بالفعل اسنتندت علي الحائط بجاور باب دورة المياة .. وقفت تبكي بمفردها.. اثر بها بشدة كلام عدوي.. تمنت لو انها لم تعامله بكل ذلك الجفاء، برغم انه كان يستحقه..
في نفس اللحظة التي رأت فيها جو يخرج من دورة المياة.. و جدت يدا تضربها علي كتفها و صوت رجلا يقول: بت يا شهد!"
كان جو قد و صل اليها وقد عقد حاجبيه محاولا ان يفهم كنه ذلك الشخص الذي وضع يده علي شهد للتو..الهم طولك يا روح..
استدارت شهد للشخص الذي تعرفته علي الفور و لكن وترتها رؤيته..
قال الشاب:" فين اراضيكي يا حلوة.. ده المعلم قالب عليكي الدنيا.. ومالك معيطة كدة.. حد مزعلك؟؟!" ثم رمق جو بنظرة نارية..
قال جو:" مين انت اساسا؟؟"
اجابه الشاب بامتعاض :" انا اللي مربي البت دي .. بس متمرش فيها و هربت.. خليها هي تقولك انا مين؟"
تحدثت شهد بصوت مبحوح:" ده سليم يا جو.. من رجالة المعلم مرعي.. "
جو لسليم :" مربيها ده ايه؟ دانت شكلك اعيل منها.."
وضعت شهد كفها علي صدر جو كنوع من التهدئة و قالت:" قصده معلمني حاجات كتير.. سليم كان زي كده المدرب بتاعي.."
لم ترد شد استفزاز سليم بأي صورة حتي لا يغضب و يحاول إذائها بإخبار المعلم عن مكانها او اثارة اي مشاكل حولها.. لقد تعبت من كثرة المواضيع و المشاكل..
جو باستهزاء:" حرامي يعني؟؟ تشرفنا .."
فقال سليم ببرود مشيرا الي جو باحتقار:" مين ده يا شهد؟!"
جو غاضبا:" انا اللي بملكها! ومش مسموح لك تكلمها .. وايدك لو اتمدت عليها تاني هقطعهالك" كان يشير الي كتفها حيث ضربها سليم قبل قليل..
وضعت شهد كفيها علي وجهها في يأس.. وكأنها تلطم.. عراك جديد!
سليم بحدة:" لا دانت عايز تتربي بقي!!"
جو:" وريني اخرك يا (لفظ بذيء)"
وفجأة امسك شهد برأسها وسقطت ارضا بينهما حيث يقفان..
انحني جو بسرعة ليتفقدها ..بينما جري سليم ليأتي بكوب ماء..
حملها جو و دخل بها من باب قسم الطواريء .. بينما بحث عنهما سليم فلم يجدهما ..
فحصها الطبيب و قال بدهشة:" مفيهاش حاجة!"
جو:" امال مالها؟؟!"
الطبيب :" مش فاهم.. مفيهاش جنس حاجة.. ضغطها و اطي سنة بس مش لدرجة فقدان الوعي"
جو:" طب فوقها.."
الطبيب:" هي فايقة.. عينها مقفولة بس!"
جو في عدم فهم:" بتمثل يعني؟؟!!"
رفع الطبيب كتفيه في حيرة :" ممكن!"
اقترب منها جو وتفحص وجهها.. لطمها لطمة خفيفة علي وجهها لم يجد رد فعل.. فلطمها اخري لقوي.. مازالت بلا رد فعل فكر لثانية ثم همس في اذنها بأمرا ما..ليجد عينيها تفتح بسرعة و تقول:" والله لكون ضارباك قدام الناس!"
فقال الطبيب حانقا:" انتو بتلعبوا؟؟!.. بتضيعوا وقتي؟!!"
قال جو معتذرا:" اسفين يا بشمهندس.."
واخذ شهد و خرجا.. وسط سباب الطبيب ..
قال جو:" مش فاهمك! نشفتي دمي"
قالت شهد و هي تتلفت حولها و تسحبه من يده في سرعة ليصلا الي خارج المستشفي:" كنت عايزة افكس الخناقة.. مكنتش عايزاك تتخانق مع سليم.. ده نابه ازرق.. وممكن يعملنا مشاكل"
جو:" يا حبيبتي الخناقة حصلت خلاص من ساعة ما حط ايده علي كتفك.. وهو كده يعني مش هيعملنا مشاكل؟ اه يا رب.. انا هلاقيها منين و لا منين.."
شهد:" و حد قلك تتغابي عليه؟ "
جو:" لأ اسيبه يقولك يا حلوة و يحط ايده عليكي عادي! انتي اول مرة تتعرفي عليا؟"
صمتت شهد و ابتسمت في دلال.. كم تعشق غيرته عليها..
سارا مبتعدين عن المستشفي.. ولم تبعد صورة عدوي المريض عن رأسيهما طوال الطريق.. دعا له بالرحمة والغفران..


بيبه الجميله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-13, 08:54 AM   #20

غاليه 1

? العضوٌ??? » 252243
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 301
?  نُقآطِيْ » غاليه 1 is on a distinguished road
افتراضي

تسلمي يا بيبه الجميله روعه الروايه احب مصر واللهجة المصريه وخفه دم اهل مصر حبايبي�� يا رب تنصلح أحوالهم

غاليه 1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للرائعه, اللصه, فوزى

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:47 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.