آخر 10 مشاركات
أهدتنى قلباً *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : سامراء النيل - )           »          92 - حنين -روايات أحلام قديمة (كاملة) (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          على فكرة (مميزة) (الكاتـب : Kingi - )           »          [تحميل] كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة " (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          زوجة اليوناني المشتراه (7) للكاتبة: Helen Bianchin..*كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          سيكولوجية المرأة (الكاتـب : Habiba Banani - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          2- مرارة الإنتقام - روايات رومانس** (الكاتـب : Just Faith - )           »          دموع تبتسم (38) للكاتبة: شارلوت ... كاملة ... (الكاتـب : najima - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree16Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-10-13, 09:09 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


(20)


أترجل من سيارتي لأدخل الشَركة مُسرعاً ..
أتلفت حولي و أنا أعقد زر الجاكيت الأسود ..
يصيح بي موظف الاستقبال بدهشة :
" حيآآ الله أبو عمّار !
كيف حالك؟
طالت رحلتك هذه المرة ..
أوه ! ما هذا أنت مُصاب؟
سلامتك ! "

أبتسم بصعوبة و أنا أعود لأجرّ ساقي الجريحة ناحية مكتبي ..
أبادل الموظفين ابتسامات كاذبة و أجيب سؤالاتهم عني بأجوبة مُلفقة ..
" الاكوادور هذه المرة كانت رائعة ! و تسلق الجبال صَعب .. لذلك كما ترون أنا مُصاب"
و أشير لساقي العرجاء و العِكّاز الذي أتكأ عليه .. و ابتسم بلطف ..
تباغتني موظفة بسؤال صاعق :
"أي الجِبال زرتَ يا دكتور؟ "
أبتسم و أنا أرمش بعيناي أحاول تذكر تلك الأسماء الطويلة المتشابهة لأسماء الجبال في الاكوادور..
فتستسلم قوى التذكر لدي .. فاستحضار معلومات كهذه أمرٌ صعبٌ للغاية !
لم أزر الاكوادور مُسبقاً أصلاً ! صُرت أفكر و أفكر لأكمل الكِذبة .. فيكملها عني حُسين مُساعدي:
"أظن أن اسم الجبال جبال الألب ! "
تنفتح عيونهم بصدمة ! يا لها من كذبة مدّوية حقاً ! لأول مرة أعلم أن جبال الألب في الاكوادور لذلك ضحكت لأخفف التكهرب الحاصل و التفتت لحسين أعانقه أهرب من نظرات الجميع ..
"حُسين!!!! اشتقت إليك يا رجل ! للأسف افتقدتك في الاكوادور ! الجبال يا عزيزي تحتاج أجسام صلبة كجسدك ! أما أنا فقد تكسرت عظامي "
يهمس حسين و هو يجرني من كفي :" يا سيدي لدينا جبل قابع في مكتبك ! لا أظننا نستطيع تسلقه! "
عقدت حاجبيّ و أنا أخطو معه ناحية مكتبي ثم الفتت ناحيته هامساً :" مَن؟"
يهمس :" من طرف الحُكومة! "
أتصلب و أنا أشعر بأحشائي تثور
لتلفظ حمم الدم المتجلطة بداخلي
إثر عمليات الضرب المبرح و الرض و التعذيب المستمر ..

أنظر لحسين مُضيقاً عيناي بمرارة !
إلى أين المفر؟ !






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:10 PM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


(21)


احتفظ بأشياؤك الثمينة في جيوب خفية !
قطّاع الطرق سيسلبون منك أي شيء تفاخر به !

أعود لبيتي .. مُنهك القوى ! مَسلوب الملامح و أنا أفكر بالكلمات التي زُجّت في ذهني ..
و توصياتهم بشأن علاقات شركتي بالشركات الأخرى التابعة للمعارضة..
تتصادم الأفكار في ذهني و أنا أمشي بغير هُدى ! أشعر بالضياع حقاً ! خرجتُ من سجنٍ لأدخل في سجنٍ آخر.. السائق خلفي يحمل حقيبتي ..
أبـــــــــي !!!!
أنتبه لعمّار الذي ترك ألعابه المتناثرة في رمل الحديقة و ركض إلي يصرخ :
" أبي عم عبد الرحمن سيأخذنا في نزهة! أنا و فاضل ! سنذهب للملاهي ! ستأتي أبي؟ "
انحنيت لأحمله بذراعيّ الاثنتين ..و تركت عكّازي ملقى ..
ضممته لصدري و أنا أمسح بكفي على ملابسه المتسخة !
انتابتني رعشة و أنا أتذكر تهديدات الشُرطي !
بأن أُعدم و تتعرض زوجتي و ابني للسلب و الاغتصاب ثم القتل ..
إن خنتهم أو خرجت عن إمرهم !
نظرت مُطولاً لعيني عمار البريئتين .. هل سيأذونك أنت أيضاً يا عمّار !
هل ستتحمل إثم والدك ..
مضيت لداخل المنزل و أنا أخاطبه بذهن شارد :" ماذا قُلت عمار؟"
قال بحماس و هو يحرك كفيه المتسختين بالرمل فيربت بهما على رأسي و كتفاي في محاولة عجيبة لإيصال الفكرة :
".... سنذهب مع عم عبد الرحمن في نزهة !!!! "
هُنا تستفيق الخلايا الخاملة في ذهني و أراني أهمس :" هذا العبد الرحمن يريد أن يثير جنوني "
" أبي !! ستأتي معنا ؟ "
أنظر لعيني عمّار الواسعتين اللتين تراقباني برجاء طفولي .. ثم أهمس :" لن تذهب يا عمّار! "
يراقبني بصدمة .. بالفعل هو طفل و لا يعي حجم العداء بيني و بين عبد الرحمن و لا يعي أن عبد الرحمن هذا يريد أن يسلبني حتى طفلي ..
همست بضيق :" عمّار سأصحبك للملاهي غداً "
صاح :" أبي أنت لا تفعل هذا ! سأذهب اليوم برفقة عم عبد الرحمن "
رمشت بعيناي لبرهة و أنا أرى باب المنزل الدّاخلي يُفتح لتطل رباب بخمارها الطويل تبحث عن عمار ثم تنتبه لي ..
تُخاطب عمار بحدة :" كُنت أناديك لتغير ملابسك "
تقدمت ناحيتي بصرامة و انتزعت مني عمار و استدارت لتعود للمنزل من دون حتى أن تُسلم عليّ .. اعتبرتني حائطاً كما قالت ..
التقطت عكّازي من عند السائق و فتحت الباب لأنظر لرباب و هي تجر عمّار للدرج :" لا تزعج عم عبد الرحمن فهمت ؟ ! "
اسم عبد الرحمن لا يزال يتردد في بيتي كما لو كان فرداً من أسرتي و لا يحق لي أن أعترض فأنا لا أعد فرداً من هذه الأسرة .. أنا حائط فقط !
أتنفس بعمق لأهيئ نفسي لأسألها بحزم :" رباب!.... " و ابتلعت بقية الكلمات حينما رأيتها تصعد الدرج دونما أن تكترث بحديثي ..
ناديتها بقوة عاقداً حاجباي :" رباب !! رباب لن يذهب عمار فهمتِ ؟ "
واصلت سيرها دون أن تستدير حتى ! و تجاهلت نداءتي بشكل مستفز ..
أحوّل أنظاري لفاضل الذي يكتم ضحكته و هو يجلس في الصالة ..
رمقني بتشفي و شماتة واضحة ..اقتربت منه مقطباً حاجباي ثم همست بحنق و أنا أفك ربطة عنقي :" ألم أطردك من بيتي !!! ؟؟؟ "
ابتسم و هو يسترخي في جلسته على الأريكة ثم يصوب ناحيتي أنظار كرهٌ ممزوج بتشفي :
" و هل ظننت أن لك كلمة بعد اليوم ! سأظل مع والدتي أينما ذهبت ! و إذ كنتَ تكره وجودي يا يوسف؟ فالافضل أن تُطلق أمي فتتخلص حينها مني"
لم أكن في مزاج جيد لأصطدم مع هذا الشخص ! صعدت الدرجات متجهاً لغُرفتي بمساعدة السائق.. فصاح فاضل ليثيرني :" ياه تأخر أبي ! منذ زمنٍ لم نخرج في نزهة أسرية ! تباً لأولئك الناس الذين فرّقواً بيننا"
نفضت بأصابعي غرتي في رغبة لكبح غضبي.. و صعدت على الدرج و أنا أفك زر قميصي ..
لازلتُ أتلوث بعاري الأول !
و يبدو أنني سأحمل عاراً آخراً !
العمالة المعلنة للحكومة ! ذلك ما سيقضي على حياتي الزوجية حقاً !
وقفت أمام غُرفتي مُطولاً ! تُرى لماذا لا أصارح زوجتي بكل شيء ؟ سأخبرها عمّا فعلوه بي لأغدو عبداً لهم ! هل ستتعاطف معي ؟
ابتسمت بألم و شفقة على نفسي و فتحت باب غرفتي متنهداً ..
لازلت أنتظر شيئاً من قلب رباب؟ لكنه فارغ ! فقد أهدت كل المشاعر مُسبقاً لعبد الرحمن ..
و لم يتبقى لي إلا الكُره و النبذ ..

أستبدل ملابسي و أخرج من غُرفتي لأقف أراقب رباب و هي تخرج من غرفتها ممسكة بيد عمار ..
لم تستمع لي و فضلت العناد ..
و أراها تمسح بكفها على رأس عمّار توصيه بأن يكون عاقلاً و مؤدباً ..
زفرت ثم اقتربت بهدوء و أنا أخاطبها :" رباب ! طفلي لن يذهب فهمتِ "
رأيتها تحث عمار على النزول دون أن تكترث بي !
صرخت بقوة من فرط غضبي :" رباب ! "
استدارت لي هاتفة باشمئزاز :" اخرس ! و لا تعلي صوتك أمثالك يصمتون و يدسون أنوفهم في التراب ! طفلي أحميه منك يا نجس .. عبد الرحمن الذي تكره لم يسبق و إن ... "
و توقفت عن الحديث و هي تراقب ملامحي في توتر ... تراقب ملامح الغضب الجنوني الذي طفت على صفحة وجهي ..
رغم خوف عمار سحبته من معصمه بكل قوتي و لم أبالي بأصابعي التي كانت تعصر معصمه عصراً !
دخلت في حالة غضب شديدة .. رفعت رأسي المتعرق ناحيتها و وجدت صدري يعلو و يهبط ..
الاحمرار يطغى على وجهي بشكل رهيب .. \همست و أنا ألهث :" أنا نجس و لكن عبد الرحمن لن يدخل بيتي ؟ تريدينه؟؟ اذهبي إليه .. "
الصداع جاء كعمود فولاذي يقسم رأسي لقسمين و أنا أراها تنظر لي باشمئزاز ..


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:10 PM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



(22)

هَبطت على الدَرج لأجلس في المطبخ أغرف لنفسي كالعادة ما تبقى من الطعام !
أنظر لطبقي مُطولاً ثم أرفع عيني للخادمة بحرج :" هل هذا كل شيء؟"
تقترب الخادمة باهتمام لترى القِدر فارغ تماماً والأرز لم يكن يغطي نصف الصحن .. فقالت بتوتر :
" اسأل مدام رباب ! "
نظرت لها عميقاً ثم همست :" شُكراً "
شمرت أكمام القميص بلونه الباذنجاني القاتم ..
الذي يعكس التورد الطاغي على وجهي و جسدي ..
لم أعد في حال طبيعية بعد اليوم !
جَسدي و بعد كل لقاء محموم مع رباب و غيرها فأنه يسخن و تبدأ شعيرات الدم فيه بالتمدد ..
تناولت طعامي و أنا أحاول أن أقتصد في قطعة اللحم الصغيرة جداً ..مططت شفتاي و فهمت أني ! حائط حقاً !
أنا هُنا الشخص الذي يتناول ما تبقى في القدّور ! أتناول فضلتهم ! و أنا من يعيلهم و يصرف عليهم !
أي جُحود هذا؟
انتبهت لرباب التي دخلت المطبخ..
كانت تخطو إلى الداخل بقوة و كأنها مستعدة لحرب ضارية ..
شعرها الطويل تجمعه بعنف فتتضح أكثر ملامحها المتوترة و الحاقدة ..
قالت بحدة و هي تأمر الخادمة :" نظفي المطبخ الآن! الآن صوفي ألم أقل لك ذلك"
بعيني كُنت أراقبها قبل أن أرمش بضيق و أنا أنظر للخادمة التي همست و هي تنظر لي بتوتر:
" سيد يوسف يأكل هُنا "
حدّقت رباب بالخادمة لتتحاشى النظر لي ثم همست بصرامة :" الآن نظفي ! فهمتِ؟ "
و غادرت المَطبخ ..
نظرت للخادمة المسكينة التي تنظر لي بحيرة فابتسمت و أنا أترك الملعقة و نهضت حاملاً عكّازي ..






-
أجلس في غرفة الجلوس أتصفح البريد الالكتروني في حاسوبي المحمول ..
أنهمك في العمل أو أحاول الانهماك في العمل ..!
فلم أعد أستطيع التركيز في شيء ..
أرفع رأسي لألقيه بعجز على مسند الكرسي ..
أضع كفي أمام عيناي و أنا أراقب المسافات بين أصابعي ..
الحياة مع رباب أصبحت فظيعة ! الغرف في بيتي تبدو كلها كسجن انفرادي ..
في كل مكان في بيتي لا يمكنني إلا أن أنفرد بذاتي أو ...
أجتمع مع جلاد يتفنن بتعذيب قلبي أشنع تعذيب ..
بيتي يشبه المعتقلات التي مكثت فيها أربعة شهور ! لا شيء سوى التعذيب ..
أنام ! و جروحي تنزف و لا أحد يكترث!
مشاعري تستصرخ من شدة الوجع و لا مغيث أبداً ! كُلهم جلاّدون !

أنتبه لرنين يعلو فجاة .. هاتف رباب كان على المنضدة ..
تأملته مُطولاً قَبل أن أمد أصابعي له بجهد ..
أنصعق ! عندما أرى اسمه يتراقص عل شاشة الهاتف ..
عبد الرحمن البغيض !!
اهتزت أصابعي قبل أن أرفع رأسي لرباب و هي تقف أمامي مشتعلة !
تنزع مني الهاتف بعنف ثم ترد على الهاتف و هي تشيح ببصرها عني :" أهلا عبد الرحمن ! "
صوتها صار أنعم و قد هدأت ملامحها بشكل رهيب ..
تعود لتقول :"نعم ! عبد الرحمن أجّل الرحلة ! ( نظرت لي بكره ) هناك عارض حدث...
بعد غد؟ لا أعلم سنتفق فيما بعد "

أراقبها و النيران تشتعل في جوفي بجنون ..
تقول بمرح :"انتبه لنفسك.. "
و تضحك بعد أن تودعه و هي تتمنى سلامته!!
كانت معدتي تعتصر ألماً و قد احتقن وجهي
و أنا أشتت بصري بحنق فتهمس هي بغضب مكتوم ممزوج باشمئزاز :
" إياك أن تمس حاجاتي !! لم أعد شيئاً يخصك ! اشعر ببعض الخَجل من فعلتك "

كانت ستغادر لولا صرختي :" رباب ! "
كان حاجبايّ يهتزان غضباَ لا يمكن كبحه !
اقتربت نحوي و اتكئت بكفيها على المنضدة واجهتني بملامحها الشرسة و همست باشمئزاز :
" نعم أحدّث عبد الرحمن عبر الهاتف و منذ زمن طويل هل لديك اعتراض ؟ "
كُنت أنظر لها بحنق و أنا أكز على أسناني ..
و في داخلي أشتمها بأقذر الشتائم ..

فتهمس هي بسخرية :" لا تقنعني أنك لك ذرة رجولة و غيرة ! أمثالك تعودوا على العُهر و الفسوق "

دون إرادة مني رفعت كفي لتضج الغرفة بدوي صفعة !
كانت ترمقني بصدمة شديدة مع الاحمرار الذي طفح على خدها الأيمن ..
حوّلت أنظاري لعمار الذي كان يراقبنا منذ مُدة دون أن أنتبه ..
كان خائفاً ! متوتراً ! لعبته سقطت على الأرضية بذهول ..
استجمعت رباب قواها لتبصق باشمئزاز علي قبل أن تستدير بغضب ..
هُنا تقلصت ملامح عمّار منذرة ببكاء عاتي ..

اقتربت هي نحوه بغضب و هي تصرخ :
" نعم أبوك فاسق و فاجر و (... ) و (... ) بل هو (... ) و هو ابن زنا و تزوجني ليجد له أصلاً ! و منذ متى كان لأبناء الزنا أصل و فصل .. جميعهم قذرين و (... ) .. أبوك انتشله الزبال من حاويات القمامة ! لأتزوج أنا بكومة القذارة هذه "

كل تلك الكلمات صرخت بها بوجه طفلي قبل أن تغادر غاضبة ..
لازلت مَصدوماً تجتاحني مشاعر كثيرة ! أشعر بالاهانة و الغضب .. بدأت أكرهها حقاً !
فتحت ذراعاي بحنان لعمّار الذي ركض نحوي يستجدي الأمان ..
تسلق جسدي المُتعب و طوق بذراعيه رقبتي و دفن وجهه في صدري ..
بَكى بخوف و لم يتمكن من ترجمة مشاعره ..
لكني أعلم أي شعور يشعر به طفل في مثل عمره يرى أسرته على وشك التفكك !
ذلك ما كُنت أعانيه في طفولتي ! لا عائلة ! لا أسرة
لم يعد يجدي مع رباب أي شيء! الطرق كلها مسدودة !

صُرت تعايريني بالحقيقة التي صارحتك بها في غرفة مغلقة
و كُنت أظن أن قلبك صندوق مقفل يحتوي الماضي الشنيع الذي عُشته ..
أدور بطفلي بعرج أنحاء الغرفة أحاول أن أهدئه و أنا أفكر ساهماً ..

هل نفترق يا رباب !
الطلاق! هل تريدينه؟


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:15 PM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


(23)

أيامي تكون طويلة دائماً و سوداء ّ!
فلا أحد أتحدث معه و أشاركه ما يجول بخاطريّ و أجد نفسي أهرب للشركة أجد المتنفس هُناك عندما أغرق في لُجة العمل ..
و أظل أشعر بالتوتر كلما حان الوقت لتُعرض الحلقة الخاصة بي !
لأظهر بوجهٍ قبيح جداً..
كُنت شخصاً لا أحب السياسة و لا الغوص في تفاصيليها
و كنت أحرك القنوات الاخبارية بملل كلما تحدثوا عن السياسة و الصراعات القائمة و لا أراني أميل لطرفٍ دون عن طرف ..
كُنت أتابع ما يجري في بلدي لأطمئن على تجارتي ليس إلا !
و الآن حان دوري لأظهر على الشاشات التي أكرهها !



كالعادة كُنت أجلس مع عمّار نستخرج دفاتره من حقيبته و نبحث عن دفتر التلوين و دفتر الرسم ..
يبدأ هو برسمي بخطوط عشوائية غير مفهومة المعالم و يرفع رأسه لي بسعادة ..
أتأمله بحنان و أنا أطل على رسمته لأراه قد رسمني شيئاً مضحكاً منكوش الشعر .. أنهى رسمته بخط من عنقي إلى قدماي ..
قلت بدهشة :" ما هذا الخط عمار ؟ "
ضحك طويلاً ثم قال :" ربطة العنق ! أنها طويلة لأن أبي يعمل مديراً !
و المدير ربطة عنقه طويلة جداً مثل مدير مدرستنا .. "

ضحكت على بساطته و هو يلون الرسمة .. كان متحمساً ..رأيته يحرك رأسه بطفولية و هو يقبض على اللون الشمعي بكفه الصغيرة .. يُطرق برأسه ليلون ..
" أبي أنا سألون ربطة العنق "
ألون أنا معه بشكل عشوائي جداً و أنا أفكر عميقاً !
ثم أترك قلم اللون لأحول أنظاري لفاضل و هو ينظر لي ثم يهمس في أذن والدته ببعض كلمات ..
كانا يقفان منذ فترة في الصالة الأخرى .. يتهامسان بشكل مريب ..

أعود أنظر لعمار المبتهج الذي نهض ليضع أقلامه على رأسي ثم يضحك بهستيريا على شكلي ..
أعود أنظر لرباب التي تنظر لي مُطولاً ثم تشيح بوجهها ..
أحاول أن أبتسم لتصرفات عمار و أنا أفكر في العيون التي تراقبني بعمق !
تتقدم رباب ناحيتي فترتعش أصابعي ! أهو صِلح ؟
تقف بثوبها الطويل القرنفلي ...
خمارها الطويل الذي ينسل بهدوء عن شعرها بلونه البني ..
ملامحها حادة و هي تهمس لعمار :
"عمار ! اذهب لغرفتك "

أرفع عيناي ببطء لها .. كانت تشدد على قبضتي يديها بعنف ! تتحاشى النظر لي و هي تهمس :" عمار ألا تسمع "
ينهض عمّار بغضب ثم يتكئ بكفيه على ساقي المجروحة بغير قصد .. أمسكت بذراعيه بسرعة :" آه عمار ! أنت توجعني "
" آسف أبي "
يغادر فأرفع رأسي لرباب التي تراقبه بنظرات حادة و هو يصعد الدرج ..
تتحاشى النظر إلي لتومأ لفاضل أن يقترب .. هي مؤامرة و ليست صِلح ..

تتراجع رباب عاقدة ذراعيها أمام صدرها و تشيح بوجهها ناحية الدرج ليقترب فاضل و هو يرمقني بنظرات حادة ..
يجلس أمامي قائلاً :" اسمع .. أمي تطلب منك طلباً "
رفعت عيناي لرباب فقال فاضل بحدة :" انظر إلي ! أمي ..
أمي تطلب منك أن تبقى في غرفتك و كل الطعام سيصلك !
و حتى عمار سنرسله لك في الوقت المناسب !
و لكن أمي لا تستطيع رؤيتك على الدوام هكذا "


نَظرت له باستنكار شديد !!
لم أستطع التحكم بملامحي ..
رغبة بالضحك و غضب و قهر ..
ضحكت و أنا أنظر له باستغراب :" ستحبسوني في غرفة في بيتي ! أي تبجح هذا ؟
(قلت بحدة و أنا أطرق بالقلم الشمعي على المنضدة ) أنتم الضُيوف في بيتي ! و أنا مالك البيت ! هل نسيتما ذلك أم ماذا؟
( رفعت أنظاري لرباب التي تشيح بوجهها ) و قلت في ابتسامة :
أم أنكما امتلكتما المنزل طيلة الأربعة الأشهر و ظننتما أنه ملك لكما !

هُنا انفلتت ضحكة ساخرة من رباب و هي تحاول أن تصمد أكثر و ألا تتفوه بشيء ..
همست و هي تستدير لتقابلني بظهرها و قالت :" لو كُنت اقترفت مثل ذلك الجُرم لاختبئت عن أعين الناس من الحرج !
و لكن البعض حتى لا يشعر بالحرج "

أراقبها و هي تتجه للمطبخ تقبض بشدة بكفيها تكاد تجرح باطنهما بأظافرها ..
و أعود أنظر لوجه فاضل بملامحه الحادة .. قربت وجهي له و أنا أحدق بعيناي في عينيه الضيقتين.. و همست :" و أنت متى ستحس ؟ هل انعدم شعورك حقاً ؟
( رفعت صوتي ) طردتك من بيتي.. أخرج ! أخرج ليس لك مكان هنا !!! "
تراجع بوجهه و هو ينظر لي بمقت شديد لكنه بدا و كأنه يفكر عميقاً ! بماذا ؟

لا أعلم .. لكن على الأرجح هو لا ينوي أن يغرب عن حياتي !




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:15 PM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



(24)

تمر الأيام ! على نفس الوتيرة المزرية !
أعود من العمل لأصعد الدرج بمساعدة السائق و أمكث في غرفتي إلى صباح اليوم التالي !
أي جُرمٍ الذي أقترفه بحق نفسي !
لأرضيها ؟
لا ! أني أختبئ هروبا من نظرات الكره تلك !
اكتشفت أن الانزواء في غرفتي أفضل لي قبل أن يكون أفضل لرباب !
أفضل لقلبي الذي يتعذب طيلة الأيام التي قضيتها بعد رجوعي من السجن !

ينزلق عكازي على أرضية غرفتي لأراني أقع بقوة على ساقي المجروحة ..
أنتبه لبقعة دم تتوسع بسرعة رهيبة على البلاط ..
أنظر لساقي و للدم التي يملأ بنطالي ..
" آخ !!! "
تألمت كثيراً و أنا أحاول استيعاب ما حصل بالضبط ..
أشعر بالألم يتفاقم بشكل مرعب ..
و أمد أصابعي بحذر لأرفع البنطال عن الجرح و صُرت أنادي الخادمة بلا جدوى ..
أبدأ في فك الضماد لأرى جرحي قد انشق كلياً لينهمر الدمّ بجنون ..
أمد يدي لألتقط أقرب علبة مناديل و بتوتر أبقى أجفف ساقي عن الدم ثم أعود أنادي الخادمة بحنق و صوت مبحوح ..
أتلفت حولي .. و أنا أضغط بكومة المناديل على الجُرح كي يتوقف ..
أبحث عن هاتفي الذي نسيته في الحمام .. أضغط على شفتي بألم ..

أحاول أن أنادي الخدم و أعدد أساميهم واحداً واحداً !
أصرخ .. فيبح صوتي و أظل أجفف دمائي في حيرة .. لا أستطيع التحرك أبداً ..
مرت دقائق و دقائق.. تعرقت و قد التصق شعري بجبيني و أذناي..
أشعر بارتجافاتي و قد نزفت الكثير من الدم ..
أرفع رأسي فأرى ثوب رباب يرفرف قرب الباب ..
كانت كما العادة تمر من أمام غرفتي دون أن تطل علي..
في ذلك الحين خرجت من صمتي و نسيت الخصام الذي نحن فيه و ألقيت بكبريائي الزائف جانباً لأهتف في رجاء :
" رباب ! "


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:16 PM   #26

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


(25)

تمر الأيام ! على نفس الوتيرة المزرية !
أعود من العمل لأصعد الدرج بمساعدة السائق و أمكث في غرفتي إلى صباح اليوم التالي !
أي جُرمٍ الذي أقترفه بحق نفسي ! لأرضيها ؟
لا ! أني أختبئ هروبا من نظرات الكره تلك !
اكتشفت أن الانزواء في غرفتي أفضل لي قبل أن يكون أفضل لرباب !
أفضل لقلبي الذي يتعذب طيلة الأيام التي قضيتها بعد رجوعي من السجن !

ينزلق عكازي على أرضية غرفتي لأراني أقع بقوة على ساقي المجروحة ..
أنتبه لبقعة دم تتوسع بسرعة رهيبة على البلاط ..
أنظر لساقي و للدم التي يملأ بنطالي ..
" آخ !!! "
تألمت كثيراً و أنا أحاول استيعاب ما حصل بالضبط ..
أشعر بالألم يتفاقم بشكل مرعب ..
و أمد أصابعي بحذر لأرفع البنطال عن الجرح و صُرت أنادي الخادمة بلا جدوى ..
أبدأ في فك الضماد لأرى جرحي قد انشق كلياً لينهمر الدمّ بجنون ..
أمد يدي لألتقط أقرب علبة مناديل و بتوتر أبقى أجفف ساقي عن الدم ثم أعود أنادي الخادمة بحنق و صوت مبحوح ..
أتلفت حولي ..
و أنا أضغط بكومة المناديل على الجُرح كي يتوقف الدم ..
أبحث عن هاتفي الذي نسيته في الحمام ..
أضغط على شفتي بألم ..
أحاول أن أنادي الخدم و أعدد أساميهم واحداً واحداً !
أصرخ ..
فيبح صوتي و أظل أجفف دمائي في حيرة ..
لا أستطيع التحرك أبداً ..
مرت دقائق و دقائق..
تعرقت و قد التصق شعري بجبيني و أذناي..
أشعر بارتجافاتي و قد نزفت الكثير من الدم ..
أرفع رأسي فأرى ثوب رباب يرفرف قرب الباب ..
كانت كما العادة تمر من أمام غرفتي دون أن تطل علي..
في ذلك الحين خرجت من صمتي و نسيت الخصام الذي نحن فيه
و ألقيت بكبريائي الزائف جانباً لأهتف في رجاء :
" رباب ! "
مرت ثوانٍ .. لم تقرر فيها رباب أن ترد علي ..
لكنها في النهاية خطت إلى داخل الغرفة لترمقني بحدة و كأنها لا ترى جرحي و الدم المنتشر في الأرضية ..
همست :" ماذا تريد "
لهثت و أنا أضغط بكفاي على ساقي ثم همست :
" هل يمكنك أن تنادي السائق و الخادمة ؟ ( بحشرجة ) أحتاج الاسعاف و المشفى .. رجاءاً "
تأملتني مُطولاً و لم أكن أعرف ما يدور في خلدها سوى أنني همست برجاء أكثر و أنا أبعد كومة المناديل الملطخة بالدم عن جرحي و أهمس :
" أنا أنزف "
أطالت النظر إلي ثم همست :" جزائك و أقل من جزائك "
و خرجت !!
و وجدتني تائه و أنا أعود لأجفف دمائي الغزيرة ..
عضضت على شفتاي .. يا لقسوتك يا رباب !


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:17 PM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


(26)


عآد حانقاً !
نعم عاد مُختلفاً ..
عاد كما لو كان لم يرتكب أية فاحشة !
عاد يرمقني بنظرات مُختلفة ! لم يعد مستعداً لتقبيل أقدامي ! ..
و على غير العادة واجه عبد الرحمن بقوة ليطرده بعنف من المنزل ..
لم يفعلها مسبقا لطالما كان يكبت في صدره كرهه العميق لعبد الرحمن ..
تَغير !تغير ..
رأيته يقابلني بعينين عسليتين تهتزان غضباً ..
شفتين حمرواتين يضغط عليهما بقسوة و أنا أهمس له بسُخرية :
:" لا تقنعني أنك لك ذرة رجولة و غيرة ! أمثالك تعودوا على العُهر و الفسوق "
فجأة اخترق الألم خدي بعنف ..
لم أستوعب أنه صفعني ! لم يفعلها طول فترة زواجنا !
كُنت مصدومة منه !.. صار أقسى ..
تعرضت مُسبقا للضرب من قبل عبد الرحمن و لكن مع يوسف كان ذلك مستحيلاً ..
حتى لم يكن يوسف يرفع صوته و يجادلني كما يفعل الآن ! ما الذي غيّره؟
تَمنيت لو أن أعاقبه طيلة وجوده معي على فعلته ! و أذكره في كل لحظة بما صنع!
أريده أن يُذل أكثر و يطلب العفو من الجميع !
و يتذكر أنه أخطأ خطئاً فادحاً بل خطئاً لا يمكن لزوجة أن تغفره له !
و أظل أعامله كشيء مقزز منبوذ فلا أكلمه أبداً و لا أجهز له أي شيء !
لا طعام و لا شراب و ملبس و لا أرتب له غرفته و كل شيء يمكنه أن يطلبه من الخادمة ..
بل أتجاهله بتحقير عندما يهم بصعود الدرج بصعوبة بالغة حاملاً عكازه فأشيح ببصري عنه ..
حتى يأتي السائق و يساعده في الصعود !
و أقنع نفسي ! أنه لا يعني لي شيئاً ! و حياتي هي أبنائي و فقط !
و عبد الرحمن هو وعد السماء لي و نتيجة أدعيتي بأن أفرح أخيراً في نهاية عمري هذا بالعودة له ..
قررت أن أقسو أكثر فأكثر ليستسلم يُوسف و يُطلقني ..
و هو الذي لم يقتنع بعد أنّي أكرهه ..
لكنه بدأ حقاً باستيعاب الفكرة ..
تصادمنا مراراً ! و لم أكن أتوقع منه أن يصل لمراحل الغضب تلك لأنه لم يسبق و إن غضب أو اعتلى صوته ..
صدّمني بتصديه لي بكل قوة !
لم يعد يركع ! لم يعد يسجد ..
لم يعد يعترف بذنبه ! لم يعد يلاحقني معتذراً ..
صار يتحدث بثقة و لم يعد يهمه إذ كُنت سأغضب أو سأتشاجر معه ..
نعم كنت أراقبه بدهشة و هو يجلس على الأريكة و يُقابل فاضل بملامح غريبة على وجهه المُسالم ..
ترتسم ابتسامة ساخرة على شفتيه و هو يرفع حاجبيه الشقراوين :
" ستحبسوني في غرفة في بيتي ! أي تبجح هذا ؟ "
يطرق باللون الشمعي على المنضدة و هو يعقد حاجبيه و هو يقول بحدة :
أنتم الضُيوف في بيتي !
و أنا مالك البيت !
هل نسيتما ذلك أم ماذا؟
ينظر لي فأشيح بوجهي بسرعة و أنا أسمعه يقول في سُخرية :
أم أنكما امتلكتما المنزل طيلة الأربعة الأشهر و ظننتما أنه ملك لكما !

كان مُختلفاً حقاً
لم يكن يوسف الذي أعرف
يوسف الانهزامي الذي لا يقوى على مجادلتي أو مجادلة فاضل و عبد الرحمن ..

مرت أيام طوال لم نكلم فيها بعضنا البعض و نسيت وجوده في المنزل تماماً !
كان يجلس في غرفته و لم أعد أراه أبداً !
الطلاق الأمنية التي أسعى إليها و أنا أدرك عواقبها في وجه والدي !
فأراني متخبطة مترددة ! هل أنا أريد الطلاق فعلاً ؟
يوسف لم يعد يدخل المطبخ لأنه يعلم أن لا طعام مُجهز له و عليه شراء طعامه بنفسه ..
و الصالة لم يعد يجلس فيها بحاسوبه المحمول فأحاديثي مع فاضل تخنقه ..
بيته يلفظه !
فأراه ينزوي في غرفته دائماً ..كما كنت أريد ..
شعر يوسف بكرهي العميق له لذلك تجنبني قدر الإمكان كما أتجنبه ..
و لكن في ذلك اليوم ..
كُنت قد توقفت متعمدة قرب غرفته حين سمعته يأن و ينادي الخادمة و يعود يتألم ..
أطل بحذر و أراه يفترش الأرضية و هو يراقب الدماء المريعة التي تسيل من ساقه المَجروحة ..
و لم أكن أعلم سر جروحه هذه فلم يخبرني بشيء ..
توترت و أنا أراه يحاول أن يسعف نفسه فيعجز عن ذلك فيعود لينادي الخادمة و الأمل مخنوق في صوته ..
شعرت بالأسى ناحيته و آلمني قلبي ..
و ظللت أستمع للهاثه و أناته ..
و لم أكن جريئة لأسعفه بنفسي ..
و نفضت هذه الفكرة الغبية عني فأنا و هو على مشارف الطلاق ..
" رباب!!! "
تصلبت! كان قد كشفني ..
قررت أن أستجمع قواي وأدخل الغرفة و كُنت أحاول ألا أنظر لجرحه كي لا يظنني متعاطفة معه ..
لكني منذ أن أبصرت عينيه خارت كل قواي ..
في عينيه حاجات كثيرة ملحة ! و كثير من الألم و الحزن ..
و لا أحد منا يرى هذه المطالب في عينيه ..
في عينيه العسليتين و رموشه الشقراء رجاءات كثيرة كتمها طويلاً لم يجد أحد يخبره بها ..
أكنت أظلمك يا يوسف ؟ رغم فعلتك الشنعاء ؟
وجهه كان محمراً كثيراً .. كان يتألم !
افتعلت القسوة قائلة :" ماذا تُريد "
أوجعني بلهاثه و هو يحاول معالجة ساقة ثم رفع عينيه مجدداً لي و برقته المعتادة همس :
" هل يمكنك أن تنادي السائق و الخادمة ؟
( بحشرجة ) أحتاج الاسعاف و المشفى .. رجاءاً "
قال هذه المرة أنه بحاجة للخدم و ليس بحاجة إلي !
لقد كف عن إخباري أنه بحاجة إلي ربما ليحتفظ بقطرات بسيطة من كبرياؤه ..
أتمم حينما رأى برودي :" أني أنزف ! "
أنا من ينزف يا يُوسف ! رغم الجراحات الغائرة في صدري فأني أحياناً أراك بريئاً رغم كل معاصيك ..
تُرى لماذا أتعاطف معك هكذا؟
قُلت بحنق :" جزائك و أقل من جزائك "
و رأيت في عينيه ألما مُبرحاً و هو يعود ليجفف دماءه فأغادر غُرفته لأرتمي على الأرض أنحب بعمق ..
أكتم صوت بكائي و أنا أستمع لأنينه و هو يعود ينادي الخادمة في وجع ..
كفاك يا يُوسف ! أوجعت قلبي الذي لن يحبك أبداً ! لماذا تعذبني الآن ؟
أمسح دموعي و أنهض مسرعة لأهبط على الدرجات !
كبريائي لن يجعلني أرسل الخَدم له .. حينها سيعرف أني تعاطفت معه ..قررت أن أدفع إليه فاضل ..
لقد نزف كثيراً !
أجلس أمام فاضل و أنا أنتظر دقائق ..
دقيقتان ثلاثة أربعة خمسة .. مرت سبع دقائق و أنا متوترة جداً ..
فلم أستطع الصمت أكثر قلت بسرعة له :
" فاضل اذهب للمخزن أشم رائحة حريق ! "
أعلم أن المخزن هي الغرفة الملاصقة لغرفة يوسف المفتوحة الآن!
عقد فاضل حاجبيه : لا أشم شيئاً !
- بلى ! أنا أشم يا فاضل ! أسرع أرجوك
أنا أشم رائحة حرائقه التي لا يعلم بها أحد !
نهض متخطياً الدرج برشاقة .. تنفست الصعداء قبل أن أهب أنا بدوري لأصعد الدرج ..
لا أدري لماذا لحقته !
لكن يوسف هناك ينزف و لا أحد يعلم! و وحدي من يعلم ..و لا أستطيع البوح بمشاعري الهائجة..
يمشي فاضل في الممر ليتوقف عند غرفة يوسف .. أناته تذيب الحديد الصُلب و وجدتني أرتعش ..
يطرق فاضل الباب المفتوح و أتوارى أنا عن الانظار لأستمع لنداءات يوسف : أدخل .. أني أنزف "
يُسرع فاضل ليدخل الغرفة و هو يهتف بعصبية :" ما بك! ما كل هذا؟"
تأتي همساته الهادئة :" الجُرح انفجر يا فاضل ( بألم ) و لا يمكنني تحريك ساقي أبداً "
بانفعال :" منذ متى تنزف؟ "
بصوت مخنوق:" لا أدري ! ربما منذ ربع ساعة ربما !"
صاح فاضل :" ربع ساعة؟ و لا أحد انتبه لك؟"
أشعر بالألم يغزوني أكثر..
" انهض لأقلك للمشفى"
" لا أستطيع تحريك ساقي أبداً "
" سأنادي السائق لنحملك سوية للسيارة .. انتظر .. "
و ينطلق فاضل ركضاً ليهبط على الدرج .. حتى فاضل بقسوته و كرهه ليوسف فإن قلبه ذاب شفقة .. فما له قلبي متحجر هكذا؟
أهبط على الدرجات و أجلس في الصالة في توتر قبل أن أرى فاضل و السائق يدخلان المنزل بسرعة ..
نظر لي فاضل و قال بقلق :" أمي زوجك ينزف بشدة!!!( بتوتر يمازجه الندم ) لقد كان ينادينا و لكن لا أحد سمعه! "
قُلت بابتسامة مُفتعلة :" أحقاً ! ذلك جزاؤه يا فاضل "
تأملني مشتتاً ثم همس :" أمي سنسعفه ! "
قُلت متنهدة :" أنت حُر"
و قلبي يصرخ :" أسرعوا إليه ماذا تنتظرون؟!"
هرع فاضل مسرعاً مع السائق على الدَرج و رأيتني أجلس بتوتر ..
و أنا أتذكر كيف كان يوسف يتوسط بقعة واسعة من الدّم فيلهث باعياء و هو يحاول الضغط على ساقه ..
أرتعش حينما أسمع صوته الهادئ و هو يخاطب فاضل بتوجع :" لا ! لا تضغط أنك تؤلمني "
أرفع بصري و أهتز لمرآه في منتهى الضعف يتكئ بذراعيه على فاضل و السائق ..
يهبطون على الدرج و يرفع يُوسف عينيه المتوجعتين لي فأهرب بأنظاري للتلفاز !
اكرهني يا يُوسف !
اكرهني !
و لا تهيج ضميري أكثر !
ابتعد بسلام و دعني أعود لعبد الرحمن ..
لا أريد أن أظلم أحداً في حياتي !
يُغلق الباب الرئيسي و يسكن قلبي لبرهة!
أينك يا عبد الرحمن كعادتك تعيد جمع شمل مشاعري ناحيتك ؟


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:17 PM   #28

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


(27)



أصرخ و أنا أشيح ببصري قابضاً على أغطية السرير بعنف ..
أتعرق بجنون بينما تقوم الطبيبة بخياطة الجُرح من جديد ..
أغمض عيناي و الصداع بدأ يضرب ضرباً مدوياً في جمجمتي ..
السائق بدوره يحاول تهدئتي بألفاظه الغير مفهومة.. يمسك بجسدي بقوة .. الذي ينتفض بغير شُعور ..
قبل أن تبتعد الطبيبة قائلة :" انتهينا .. ارتح قليلاً .. ثم اخلع قميصك لنعالج بقية الجروح و الحروق "

رغم ألمي انتبهت لها لبرهة !
و كيف علمت أني أخفي جروحاً لا تطرأ على بال بشر ..؟
غادرت الطبيبة و السائق يساعدني على الاستلقاء في حذر ثم هم بالخروج من الغُرفة ..
دُرت ببصري في السقف لبرهة ثم نظرت لكيس الدم المعلق و الانبوب الممدود إلى كفي .. انتبهت لفاضل الذي وقف قرب الباب يتأملني ..

هَمست له بكثير من الامتنان :" فاضل ! .."
و هممت لأستوي جالساً لكنه أسرع لي يربت عليَّ قائلاً :" ارتح الطبيبة ستأتي بعد قليل لتعالج بقية الرضوض و الحروق "
نَظرت له باستفهام فهمس :" لا داعي لتخفيها من دون معالجتها ..يجب أن تتعالج حتى لو لم نعلم ما سببها"
تأملته بعمق ثم همست :" أشكرك فاضل "
نهض مسرعاً ليقول بحدة :" أنا يا يوسف لم أفعل هذا لأجلك !! علمتني أمي أن أتصرف تبعاً لديني و انسانيتي .."
رُغم هذا ابتسمت و قلت :" و نعم التربية يا فاضل"
ظلّ يتأملني بعمق ثم هَمس :" فقط غيّر نفسك يا يُوسف و غير أخلاقك و أفكارك
و كُل شيء يجعلنا ننفر منك .. و حينها سنحبك بصدق ! "
تأملته طَويلاً .. لازلتُ أغير و أغير في نفسي يا فاضل فلا أرى إلا الصدود..
أنا في نظركم المذنب الوحيد و أنتم منزهون عن الخطأ !
أمك لم تهتز يا فاضل لها شعرة و هي تراني أستجدي عطفها اليوم لتغادر بعد أن تتركني أتلوى بنيران كرهها !
فهذا جزائي كما ترى هي ..
لقد تعذبت كثيراً في سعير جهنمها ! و لن تعفو عني ..أبداً!
أنا تغذية لكبريائها الذي أطاح به عبد الرحمن بطلاقه منها !
هي لازالت تُحب ممارسة هذا الدَور و أنا المسرح الذي تقف فوقه !

رأيت التردد بادٍ على فاضل و هو يعود ليجلس بالقرب مني ثم يرفع أنظاره لي قائلاً :" اسمع "
هززت رأسي اشارة إلى أني أسمعه فقال و هو يخفض عينيه بتوتر :" لا تعتقد أننا كنا نريد أذيتك ! ربما هو خطئنا أننا طلبنا منك الانزواء في غرفتك و أنت بهذه الحالة التي تحتاج للرعاية و الاهتمام .. من ناحيتي أنا أعتذر "
و نهض مسرعاً و خرج من الغرفة حتى من دون أن ينظر لي.. نظرت له بدهشة! لأول مرة فاضل " يتعاطف " أو يكون انسانياً معي ..


najla1982 likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:18 PM   #29

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

( 28 )

المَنزل أظلم فجأة !
و رأيت أشباح الذنب تشيع نعش إنسانيتي !
رأيت كل شيء هدأ مع خروجه !
إلا قلبي نبض ليعلن ثورة على كبريائي الناسف تماماً لأي حق من حقوق مشاعري ..
خنقتها بيدي !
خنقت أي ذرة حُب أكنها لهذا الشخص لأن كبريائي لا يعترف بها !
و مَضيت أشحذ القوة من قسوة عبد الرحمن فغدوت أشبهه !
لأعلق مشنقة يوسف في منزله و أتمتع بعملية الخنق البطيء لمشاعره حتى يلفظ حُبي من أحشائه !
أقف في وسط المنزل جسد جامد .. مَسلوبة الملامح ..
و أمامي أرى عمّار يجلس في الصالة يشاهد التلفاز بسعادة غامرة !
بتشتت أحاول شغل نفسي بالعمل في المنزل و لكني لا إرادياً أتجه لغرفته ..
أتأمل الخادمة و هي تنظف البلاط و أنظر للدلو الذي يحوي قطع المناشف المملوءة بالدم ..
أعض على شفتاي و أتأمل أحاديث الخادمتين عنه و عن الحالة الصحية المتأزمة التي كان يعانيها ..
كانت الخادمتين تعلمان عنه ما لا أعرف !
قررت أن أُبعد هذه الأفكار و فكرت بشكل فعلي أن أصارح يوسف برغبتي بالهروب لمنزل أبي منعاً لمزيد من الأذى لي و له ..
فقد أذاني بما فيه الكفاية و لا أريد مقابلته بالمُثل !
فلن أرد له الاساءة ..
ابتسمت بُسخرية من طريقة تغطيتي لفعلتي حتى أمام نفسي ..
سأظل في منزل أبي ريثما يستوعب أبي أني أريد الطلاق حقاً !
و حينها سيخضع كما خضع لطلاقي الأول..
ظللت أنتظر عودتهما و أنا أتأمل عمّار و هو يفتح لعبته الجديدة ... تُرى من فينا المُخطئ يا يوسف؟
هُنا انتفضت كُلياً حينما فُتح الباب الرئيسي و دَخل فاضل و هو يلّوح بمفتاح السيارة ..
صُرت أترقب دخول يوسف قبل أن أنظر لفاضل و أنا أحكم لف خماري حول وجهي :" أين هو ؟ "
اقترب فاضل ببرود و جلس على الأريكة متنهداً و هو لا يشعر بنيراني .. ثم أجابني :" مع السائق .. "
أتمم :" لقد ضمدوا له كل جروحه .. كانت لديه حروق بليغة و نصحته الطبيبة أن يرقد في المشفى و لكنه رفض "
ثم همس :" زوجك غريب فعلاً ! أشعر أن وراءه مصائب كبيرة .. أخبرتني الطبيبة أن لديه آثار تعذيب في كل نواحي جسده ..
( حك حاجبه قائلاً بجدية ) حتى أن لديه جروحاً لم يرغب بمعالجتها و الكشف عنها لأسباب أجهلها .. "
ازدردت ريقي و أنا أشعر بالتوتر فهذا الجانب أنا أجهله تماماً !
و يوسف لم يخبرني بشيء أبداً!
نظرت لفاضل الذي همس مخفضاً عينيه بتوتر :" عذبوه في السجن ! هذا ما أنا متأكد منه ! "
كُنت سأسأل فاضل إن كانت ساق يوسف جيدة أم لا و لكني لزمت الصمت لألا يكتشف فاضل تعاطفي ..
فُتح الباب و تسمرت كلياً أمنع نفسي من الالتفات إليه ..
فنهض عمّار بلعبته صائحاً بسذاجة طفولية :" أبي ! "
و كُنت أنظر لملامح فاضل الذي يراقب يوسف بامعان قبل أن يقول :" تحتاج مساعدة ؟ "
بصوته الهادئ :" لا ! شكراً فاضل "
" أبي هل أنت مريض؟"
" لا عمار "
"إذا لماذا تمشي هكذا ؟ "
" بابا أريدك أن تركب لي اللعبة .. "
" بابا "
تنهد فاضل و هو ينادي عمار :" هيه ! دع أبوك الآن و تعال "
كُنت أخطط لمواجهة قوية مع يُوسف لأخبره أني أريد العودة لمنزل أبي !
لن أسمح له بالرفض أبداً ..
تأملته و هو يصعد على الدرج ممسكاً بعكّاز و هو مستند بجسده على جسد السائق ..
و كبحت مشاعر الشفقة بعنف ..
يجب أن أجد حل فعلي لحياتي الحالية !
فالحياة التي أعيشها ليست حياة يمكن عيشها ..
أريد عبد الرحمن !
سأنتهز أي فرصة تمكنني من السفر لعبد الرحمن !
بمجرد أن دخل غرفته نهضت بتصميم ..
فالتفت لي فاضل باستغراب :" إلى أين أمي ؟"
قُلت بحدة :" يجب أن أترك منزله هذا بأي شكل من الأشكال و سأخبره بذلك الآن "
همس فاضل :" ليس الآن أمي "
صُحت بحدة :" لماذا ؟ إلى متى سأظل أسايره في كل شيء ! لقد فقدت رغبتي بالعيش معه حقاً "
قال فاضل :" أنا أوافقك أمي و لكن دعيه يرتاح الآن قليلاً
( بضيق ) أظنه متحامل علينا كثيراً الآن !
أرجوك أمي دعيه و شأنه و لا تجرحيه أنه مسكين حقاُ"
تأملته بابتسامة ساخرة :" منذ متى تشفق عليه يا فاضل؟"
و أسرعت لأصعد الدرج ..


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-13, 09:19 PM   #30

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


( 29 )


أصعد الدرج و أنا أرفع ثوبي الفضفاض ..
أقف لبرهة أفكر بعمق في خطوتي الجريئة هذه !
و ماذا بعد الهروب لمنزل أبي؟ هل سيخضع ليُطلقني منه ..
هل سأرتاح حقاً !؟

وقفت أقلّب أفكاري و أنا انظر للسائق الذي خرج من غرفته و هبط على الدرج ..
فتنهدت بعمق و أنا أتجه لغرفته مُحكمة خماري جيداً على رأسي ..
فتحت الباب في حذر و وقفت أراقبه و هو يجلس على سريره و يحاول رغم إرهاقه أن يُركّب لعبة عمّار ..
و عمّار أمامه يخاطبه بازعاج :" أبي صديقي لديه نفس اللعبة و لكن بشخصيات أخرى هل تشتري لي إياها كلها؟ "
أظل أتأمل وجهه المحمر و هو يحاول بصعوبة أن يركب قطع اللعبة ..
شعره الأشقر كان مبعثراً بعشوائية و لم يكن يبدو في حال جيدة أبداً ..
بيجامة رمادية تكسو جسده الهزيل ..
في عينيه حُزن عميق ..
مع كل حركة من رموشه الشقراء فأنه يبث من عينيه وجعاً لم يسائله أحد عن سببه !
قال بتنهيدة و هو يترك اللعبة :
" سأشتري لك كل شيء عمار .. خذ لعبتك الآن لفاضل أنا لا أعرف كيف أركبها حقاً "
" أبي ... فاضل لن يركبها ! أرجوك أبي أرجوك أنها سهلة كثيراً "
خطوت بخطواتي للداخل لأصوب أنظاري لعمار و قلبي يقرع كقرع الطبول ..
أحاول تجاهل نظرات يوسف لي لأزجر عمار :" عمار خذ لعبتك و أخرج حالاً"
لملم عمّار لعبته بضجر و مشى مغادراً ..
قبل أن يرفع يوسف أنظاره لي ..
هذه المرة من المرات النادرة التي أدخل غرفته بعد عودته من السجن ..
و لذا شعرت باضطراب كبير و أنا أتذكر همساته القديمة لي
" رباب تعالي اجلسي ! "
" رباب اقتربي "
" رباب كنت أنتظرك "
و كُنت في كل مرة أخيب ظنه !
هذه المرة جَلست أنا أمامه من دون دعوة منه ..
و رفعت بصري له بقوة.. أو كُنت أمثل القوة ..
رأيت في عينيه الكثير !
حاجة ماسة! حاجة ماسة للعناق! حاجته الماسة هي الحُب !
و رأيت خَيبة ! و حُزن ..
و نُفور .. نعم نفور ربما مني ..
تفحصت بعيناي وجهه الشديد البياض و حدقتا عينيه العسليتين اللتين تجولان بعيداً عني ..
قُلت بهمس و أنا أشيح ببصري :" لا أحبك لذا لا تلمني ! "
كان يحدق في أصابعي المرتعشة طويلاً قبل أن تنفرج إحدى زوايا شفتيه بابتسامة متهكمة ..
رفع بصره لي .. فهزتني مقلتيه اللامعتين ! أكل هذا الحُب تكنه لي رغم ما فعلته بك ..
أخفضت بصري لأبصر الضماد على صدره و زنده الأيمن .. البيجامة الرمادية لم تتمكن من إخفاء كل تلك الجروح ..
فاجأني بهمسة :" و لكني أحبك "
شتت بصره على أنحاء السرير و هو يمسك بعبث بقطعة من لعبة عمار ..
ثم أطرق برأسه لتسقط غُرته لتغطي الوهن الذي ينبثق من عينيه ..

يهمس بصوته الهادئ :" لن يحبك عبد الرحمن مثلي ! لن يضحي عبد الرحمن مثلي ! لقد ... لقد .. "
صمت مُطولاً و هو يضغط بأصابعه على قطعة اللعبة بقوة ..
كأنه يناضل لاستخراج حقيقة مُرة ..
ضج وجهه بالتورد و هو يضغط على شفتيه الرطبتين ..
من دون أن يرفع عينيه همس و قد تحشرج صوته :" كانوا يهددوني باغتصابك يا رباب ! "
تصلبت أضلاعي لفترة و أنا أراه يشتت أنظاره ثم يهمس :" خضعت لهم لأجلك فقط ! "
كُنت أراقبه متسمرة ..
أزدرد ريقي بتوتر و أنا أسمعه يقول :" سمحت لهم أن يعتدوا على شرفي ! و لكن كُنت مستعداً لان أموت و ألا يلمسونك يا رباب ! "
صرخت بحدة و أنا أضيق عيناي دون أن أستطيع كبح انفعالي :" ماذا تقول؟ !! "
صرت أنا أتلفت حولي أتأكد من عدم وجود عمّار ..
ثم قربت وجهي ناحية وجهه الذي يشيحه عني بتوتر ..
حدقت بالنار المتقدة في خده ..
عينيه الحمرواتين و هو يخفضهما فترتعش رموشه الشقراء بحنق ..
جذبته من قميصه بأصابعي هامسة و أنا أدير عيناي في عيناه أنتظره أن ينظر لي ..
همست بغضب حاولت كبته بكل قوة :" عمّا تتحدث؟ هل حدث هذا واقعاً؟ لماذا فعلوا بك هذا و لماذا سكتت ؟ "
رفع عينيه العسليتين لتلألأ حدقتيه بحيرة ..
عاد يخفضهما بانكسار فتركت قميصه لأخفض رأسي أبحث عن إجابة في ملامحه التي يحاول إخفائها ..
همس بضيق :" نعم حدث ! أنك تعرفينهم أكثر مني "
و رفع عينيه لي بحب عميق .. بتردد لمس اصبعي الخنصر .. همس :" لا يهم ذلك أبداً ! ما دُمت لازلت أمامي بخير "
اهتزت مقلتي و أنا أراقبه بصدمة ..
تأملت جبينه الذي ترطب بحبات العرق لترمقني عيناه المتلألأتين بمشاعر كثيرة ! حُب ملوث بالدم ..
حانت مني ابتسامة و أنا أتراجع لأطلق ضحكة ساخرة ..
عُدت أرمقه بنظرة احتقار :" يا لك من مسكين ! هل تناضل من أجل امرأة لا تطيقك ؟ "
تأملني بابتسامة انكسار عَميقة قبل أن يهمس :" أنتِ موطني يا رباب ! سأحارب من أجلك ما حييت ! "
أغوص بعيناي في بحر الحُب في عينيه !
وددت لو أحتضن جسده الجريح .. و أخبره أني ! أحبه صِدقاً !
و لكن شيئاً متغطرسا يحوم في داخلي يحثني أن أصرخ في وجهه :
" طلقني !!!"




آسفة يا يُوسف !
أنت بحثت في هذه الدنيا عن امرأة تحتويك !
و رأيتني أهلاً لهذه المُهمة !
و أسكنتني في قصرك و سلمتني مفاتيح خزائنك و أعطيتني كل ما تملك
و أهديتني كل ما في قلبك ..
و لكني ! لم أحبك قط !
أو !
أني أحببتك
لكني لن أتخلى عن عبد الرحمن !




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الهوى, الكاتبة, kareemy, sameera, عزرائيلي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.