آخر 10 مشاركات
موريس لبلان ، آرسين لوبين .. أسنان النمر (الكاتـب : فرح - )           »          النسيان (الكاتـب : jourouh - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          الطاغية - ساره كرافن - روايات ديانا ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          الى اين الطريق.. (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          لاادري مااكتب (الكاتـب : مريامي - )           »          القلب والروح والنفس تطلبها *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          انا طير .. (الكاتـب : المســــافررر - )           »          311 - لن ينتهي الرحيل - الكسندرا سكوت (الكاتـب : سيرينا - )           »          إن كرهتكـــــــ فلا تلوميني ... (الكاتـب : المســــافررر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-11-13, 09:31 AM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25


الفصل العاشر




بعد العاشرة والنصف مساء رن هاتف (حنان) ..كانت (شيماء) هي المتصلة..فور أن ردت (حنان) وقبل أن تلقي التحية سمعت (شيماء) تلهث وتتحدث بانفعال،لكنها لم تفهم منها حرفا واحدا..
- ما الأمر يا (شيماء) ؟ هل أنت بخير؟

كان صوت (شيماء) منخفضا ومرتجفا..

" (حنان) ..إنها نفس الفيلا التي رأيتها "
- عن أي شيء تتحدثين؟
" الفيلا التي رأيتها في ذلك الحلم "
اعتدلت (حنان) في مقعدها وقد استبد بها القلق وهي تقول:
- ما بها؟


* * *

ذهبت (شيماء) إلى الغردقة دون صديقتها ربما لأول مرة..لكنها فور أن وصلت إلى هناك نسيت كل شيء وراحت تمرح وتلعب مع أصدقائها..


وبعد الظهيرة ذهبوا لتناول الغداء في أحد المطاعم،واتخذ (سامح) و (شيماء) طاولة منفردة..لكن قبل عودة النادل بالطعام ذهب (سامح) إلى دورة المياه،وفور أن ذهب رن هاتفه وقد نسيه على الطاولة، فأمسكته (شيماء) لترى من المتصل لتفاجأ باسم لم تره من قبل..


داليا..


أصابتها صدمة وظلت تنظر للشاشة وقد توقف عقلها عن التفكير،لكن فور أن انتهى الاتصال وجدت نفسها لا إراديا تفتح صندوق الرسائل وتبحث بعينيها عن هذا الاسم..ووجدته..


قرأت إحدى الرسائل لتتغير ملامح وجهها للاشمئزاز..وراحت تتنقل بسرعة بين الرسائل فلم تجد إلا أقذر الكلمات المتبادلة بين (سامح) والمدعوة (داليا) ..


تحجرت الدموع في عينيها..


لا يا (شيماء) ..لا تبكي..يجب أن تكوني قوية..


أعادت (شيماء) الهاتف إلى مكانه وكأن شيئا لم يكن وقد أضمرت في نفسها أمرا..فأمسكت بهاتفها ووضعته على أذنها وكأنها تتحدث حتى عاد (سامح) ..


كانت ترسم على وجهها ابتسامة مصطنعة وهي تتظاهر بإنهاء المكالمة مع إحدى صديقاتها ثم قالت لـ (سامح) ببراءة:

- لقد رن هاتفك وأنت في دورة المياة
- من كان المتصل؟
- لا أدري فقد كنت مشغولة بمكالمة أخرى

أمسك هاتفه ورأى اسم المتصل ثم وضعه جانبا..وكانت هي تراقب تعبيرات وجهه،وللحظة رأت الارتباك يرتسم عليه لكنه عاد لطبيعته بسرعة..


بعد أن أنهوا طعامهم طلبت منه (شيماء) أن يذهبا إلى أحد المراكز التجارية القريبة لشراء هدية لـ (حنان) التي لم تأت معهم..

- بالمناسبة..لمَ لمْ تأت (حنان) معنا؟
- لديها أسباب خاصة تمنعها

ودخلا إلى المركز وراحت تتفقد البضاعة المعروضة في أحد المحال لكنها أمسكت بطنها فجأة وهي تتأوه..

- ما بك؟
تظاهرت بالألم وقالت:
- بطني آلمتني فجأة..يبدوا أن معدتي ليست على ما يرام ولم تتحمل السمك الذي أكلته
- لنعد إلى الفندق حتى تتحسني،ونشتري هدية (حنان) فيما بعد

أطاعته فورا وذهبت معه إلى الفندق..وفي المساء اعتذرت عن الذهاب معهم إلى النادي الليلي لأن بطنها لم تزل تؤلمها..


وفور أن نزلوا بدلت ثيابها بسرعة وذهبت خلفهم حتى وصلت إلى النادي والذي كان قريبا من البحر..ووقفت في مكان بعيد تراقب المدخل وهي تدعوا الله أن يخيب ظنها..لكن ما توقعته حدث بالفعل..فقد خرج (سامح) وحده وذهب إلى مكان ما..فتبعته (شيماء) من بعيد كي لا يلاحظها،وحمدت ربها أنه لم يركب سيارة أجرة لأنها لن تستطيع ملاحقته في تلك الحالة..


وجدته يمسك بهاتفه ويرد على شخص ما،وبالطبع لم تسمع حرفا مما قال،وظلت خلفه حتى اقتربا من من منطقة سكنية وبدأ المكان يخلوا من المارة..وارتفعت دقات قلبها خوفا من أن يلاحظها هو..


وفجأة..وجدت فتاة تقف بعيدا وتلوح له..فتوقفت (شيماء) عن السير كي لا تلاحظها تلك الفتاة، وانتظرت لترى ما سيحدث..فرأت (سامح) يسلم عليها ويسير معها لمكان ما..فعاودت السير وراءهما وهي تشعر أنهما سيسمعان دقات قلبها العالية..


ظلت وراءهما حتى وصلا إلى بناية من طابق واحد ودخلا إليها..

انتظرت (شيماء) قليلا ثم اقتربت من المكان لتصاب بالصدمة؛فقد كانت تلك البناية هي الفيلا ذاتها التي رأتها في حلمها قبل بضعة أشهر..

تساقطت دموعها رغما عنها وهي لا تصدق ما ترى..وللحظة شل عقلها وجسدها،لكنها مسحت دموعها بيد مرتجفة وأمسكت بهاتفها واتصلت بـ (حنان) ،وفور أن ردت الفتاة راحت (شيماء) تتكلم ودموعها تتساقط دون توقف..كانت تتكلم بانفعال وهي تلهث وتحاول خفض صوتها..

" ما الأمر يا (شيماء) ؟ هل أنت بخير؟ "
كان صوت (شيماء) منخفضا ومرتجفا،تماما كما يرتجف جسدها بقوة..
- (حنان) ..إنها نفس الفيلا التي رأيتها
" عن أي شيء تتحدثين؟ "
- الفيلا التي رأيتها في ذلك الحلم
اعتدلت (حنان) في مقعدها وقد استبد بها القلق وهي تقول:
- ما بها؟
- رأيت (سامح) يدخل إليها بصحبة فتاة ما،وأظن أنها (داليا)
راح قلب (حنان) يخفق بعنف وهي تقول محاولة السيطرة على صوتها:
- من تكون (داليا) تلك؟

شرحت (شيماء) الأمر لـ (حنان) منذ أن كانت مع (سامح) في المطعم وحتى وصلت إلى هذا المكان،و (حنان) تستمع وقد انتقل ارتجاف صوت صديقتها إليها هي الأخرى ولم تجد ما تقول وقد اضطرب عقلها..

- سأطرق الباب وأعرف بنفسي ما يحدث
- لا يا مجنونة،لا تتهوري..

لكن (شيماء) لم تترك لها الفرصة لتكمل كلامها وأنهت المكالمة ثم أغلقت الهاتف نهائيا..


اقتربت من البوابة ودفعتها وقد كانت مفتوحة،ودخلت إلى حديقة صغيرة ثم صعدت بعض الدرجات ووقفت أمام الباب وقلبها يكاد ينخلع من مكانه..

مدت يدها التي لم تتوقف عن الارتجاف وكادت أن تضغط على الجرس ثم ترددت للحظات،لكنها قررت في النهاية وضغطت الزر..

انتظرت لدقيقة أو اثنتين لكنها كانت كالدهر بالنسبة لها،وفتح الباب لترى وجه (سامح) والذي امتقع عندما رآها..

- ماذا تفعلين هنا؟
وقفت كالتمثال أمامه وسمعت صوت باب يفتح ثم يغلق وصوت فتاة تقول:
- هل وصل عامل المطعم يا (سامح) ؟
تجمد (سامح) هو الآخر وبدا أن الزمن قد توقف وهما ينظران إلى بعضهما البعض..نظرات صدمة وذهول..
ظهرت فتاة من خلف (سامح) وكادت أن تتكلم،لكنها عندما رأت (شيماء) توقفت الكلمات في حلقها..

وزاد ذهول (شيماء) عندما رأت (داليا) ..كيف لم تفكر أنها هي؟ ..كيف لم تفكر في تلك الفتاة التي كانت تعمل معهم قبل عام ثم تركت الشركة لسفرها مع والديها إلى إحدى الدول العربية؟ ..كيف لم تتذكر الفتاة التي كانت تتعطل سيارتها عدة مرات فتطلب من (سامح) أن يوصلها إلى بيتها لأنها تسكن قريبا منه؟ ..وكيف أن (شيماء) لم تكن تمانع خاصة وأن (داليا) كانت مخطوبة في ذلك الوقت؟ ..


وتذكرت الرسائل التي قرأتها ظهر اليوم في هاتف (سامح) لتشعر بالاشمئزاز..فأدارت ظهرها إليهم وغادرت المكان..كانت تمشي بخطوات سريعة ثم راحت تركض عندما سمعت (سامح) وهو يناديها..


اقترب منها وأمسك بذراعها فدفعته بقوة وهي تصيح فيه:

- ابتعد عني أيها الخائن الكذاب..
كاد يقول شيئا لكنها قاطعته:
- ولا تحاول تبرير أي شيء..فمهما قلت لن أصدقك مرة أخرى فقد أفقت من غيبوبتي أخيرا
صاح فيها بدوره وقال:
- هل كنت تراقبينني يا (شيماء) ؟
قالت متهكمة:
- بدلا من أن تخجل من نفسك تحاول إلقاء اللوم عليّ
- لا أحاول إلقاء اللوم على أحد..لكنك لتكشفي خطئي ارتكبت خطئا بدورك
- خطأ؟ أنا لم أرتكب خطئا لأنني رأيت اسم تلك الحقيرة على هاتفك اليوم عندما اتصلت بك،ولم أكن أتجسس عليك
- وماذا ستفعلين الآن؟ زواجنا بعد أسابيع وإن تراجعت فسيتكلم الناس في حقك وأنت تعلمين ذلك..

نظرت له بذهول..لم تكن تتخيل أنه بتلك الوقاحة..


- من الأفضل أن تسكتي لأن بإمكاني أن أجعل الجميع يصدقونني ويكذبونك


تسمرت للحظات وهي تحاول استيعاب ما قال..ثم أدارت له ظهرها وتركته..عادت إلى الفندق ووضعت ثيابها في الحقيبة كيفما اتفق ثم خرجت وأوقفت سيارة أجرة وطلبت من سائقها أن يذهب بها إلى المطار..


كان الوقت قد قارب على منتصف الليل عندما وصلت..ولم تجد أمامها سوى طائرة السادسة والنصف صباحا،ولحسن حظها كان هناك مكانين فقط،فحجزت أحدهما وذهبت إلى أحد المقاهي في المطار..أخرجت هاتفها وفتحته ثم اتصلت بـ (حنان) ..


" أين أنت يا (شيماء) ؟.. لقد كدت أموت من الخوف عليك "


لم تجبها (شيماء) سوى بجملة واحدة:

- (حنان) ..انتظريني في المطار في الثامنة صباحا


* * *

مرت الساعات الست على (شيماء) بطيئة ثقيلة وكأنها ست سنوات،وكانت قد أغلقت هاتفها بعد مكالمة (حنان) ..


في السابعة والنصف كانت الطائرة قد هبطت في مطار القاهرة..وخرجت (شيماء) لتجد (حنان) في انتظارها والخوف باد على وجهها..

- (شيماء) ..كيف حالك؟ ..
قاطعتها (شيماء) قائلة:
- سنتحدث في السيارة

وفي طريق العودة أخبرتها (شيماء) بكل ما حدث،وحنان تستمع وهي تكاد لا تصدق أذنيها..


- لا يمكن أن يكون بهذه الوقاحة..لكن ماذا ستفعلين؟ هل ستوافقين على إتمام الزواج؟

ردت (شيماء) بانفعال:
- بالطبع لن أوافق،وعندما يعود إلى القاهرة سينتهي كل شيء
قالت (حنان) :
- اسمعي يا (شيماء) ..يجب أن تخبري والدتك وعمك بما حدث؛فعمك شديد بعض الشيء وهو الوحيد الذي يستطيع إيقافه عند حده

ساد الصمت بينهما حتى وصلتا إلى بيت (شيماء) ..وحكت لأمها كل ما حدث،وبعد أن انتهت أعادت (حنان) اقتراحها بإخبار الدكتور (محمود) بالأمر كي ينتهي كل شيء دون مشاكل..

واقتنعت الأم بهذا الاقتراح وبالفعل اتصلت به وشرحت له الأمر،واتفقا على أن يزورهما بعد عودة (سامح) من الغردقة..
وقد كان..

طلب (محمود) حضور والدي (سامح) أيضا،وكان حاسما في كلامه معهم..ولم يستطع (سامح) إقناع (محمود) ببراءته الزائفة والتي صدقها والداه..


كانت (شيماء) تجلس معهم ترى وتسمع ما يحدث دون أن تنطق بحرف إلا إذا طلب منها ذلك.. وكانت تحتقر (سامح) لقدرته البارعة في التمثيل،لكن عمها كان يصدقها لأنه حذرها قبلا من (سامح) ولم تستمع له..

وانتهى الأمر أخيرا..

وبعد أن غادر الجميع جاءت (حنان) بعد اتصال من (شيماء) لتجدها تبكي بمرارة..

- علام تبكين يا حمقاء؟
نهرتها (حنان) بعنف فقالت (شيماء) :
- أنا لا أبكيه..بل أبكي حالي..أبكي غفلتي..وأحتقر نفسي لأنني أحببته وصدقته رغم كل ما فعله.. أبكي لأنني تنازلت عن كرامتي مرات ومرات لأنني كنت أحبه..كنت أظن أن تساهلي معه وتسامحي سيجعلانه يخجل من نفسه ومن تصرفاته لكني كنت مخطئة..

وانخرطت في البكاء مرة أخرى فضمتها (حنان) إليها وراحت تمسح على شعرها وتطيب خاطرها ببعض الكلمات..

وبعد ساعة طلبت (حنان) من (شيماء) أن تنام علها تهدأ،وليتحدثا مرة أخرى في الغد بعد موعد العمل..

ركبت (حنان) سيارتها وهي تشعر أنها مثقلة بالهموم..صديقتها من جهة ووالديها من جهة أخرى..لم يملا من تلك الحرب التي اشتعلت ضدها منذ بضعة أشهر اعتراضا على التغيير الذي طرأ عليها..


غيرت (حنان) وجهتها فجأة واتجهت إلى جاردن سيتي..كانت تريد مكانا هادئا بعض الشيء..وهناك جلست على أحد المقاعد المطلة على النيل..


لم تكن تعرف كيف ترضي أهلها..لماذا احترموا رغباتها في كل قرار اتخذته في حياتها ولا يرضخون لهذا القرار؟ ..


" من سيتزوجك وأنت بهذا الشكل.. "


" تبدين كامرأة في الخمسينيات ولست شابة صغيرة.. "


كانت كلماتهم اللاذعة تتردد في ذهنها،فمالت للأمام ودفنت وجهها بين كفيها وهي تشعر بضيق في صدرها..


- هل أنت بخير يا آنسة؟


انتفضت على ذلك الصوت واعتدلت في جلستها لتجد شابا جالسا بجوارها،فأخذت حقيبتها وقامت من مكانها لكنه أوقفها قائلا:

- انتظري من فضلك..
فتوقفت وهي تزفر في ضيق والتفتت إليه فقال:
- أتمنى أن تأخذي كلامي على محمل الجد..
واستطرد وهي تنظر إليه وقد انعقد حاجباها:
- هل أنت مرتبطة؟

لم تتحمل سماجته فتركته وركبت سيارتها وعادت للبيت..لكنها لم تكن تعرف أنه يتبعها من بعيد..



يتبع ...........


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 09:33 AM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الحادي عشر


- علام تضحكين الآن؟
كانت (حنان) تصيح بغضب بينما (شيماء) تضحك بشدة على موقف صديقتها الذي لا تحسد عليه.. فضربتها (حنان) في كتفها وقالت:
- من يراك الآن لا يمكن أن يصدق أنك فسخت خطبتك بالأمس..
ثم تابعت:
- لقد أخطأت عندما أخبرتك بهذا الأمر
وأمسكت حجابها لتلبسه كي تذهب فأمسكت (شيماء) بيدها وهي تقول بعد أن توقفت عن الضحك بصعوبة:
- انتظري يا مجنونة..أريد أن أعرف ماذا ستفعلين؟
نظرت لها (حنان) بملل وقالت:
- وماذا سأفعل؟ لقد أخذ رقم هاتف أبي وهو من سيفعل ولست أنا
قالت (شيماء) بخبث:
- هل هو وسيم؟
نظرت لها (حنان) بغيظ وقالت:
- إن أعجبك فسأعطيك إياه على طبق من ذهب
ضحكت (شيماء) مرة أخرى وقالت:
- كنت أسمع عن هذه القصص من قبل ولكني لم أتخيل أن تحدث معك..
ثم تابعت:
- يبدوا أن الحجاب قد آتى ثماره معك

رفعت (حنان) أحد حاجبيها وقالت:
- ألم يكن الحجاب سيئا من قبل؟ ..ألم يكن هذا رأيك؟
هزت (شيماء) رأسها وقالت:
- لقد غيرت رأيي..فيبدوا أنه ليس سيئا بالكلية
- إذن..قد تغيرين رأيك أيضا وترتدينه
- أبدا..
واستطردت:
- ليس معنى أنه جيد أنني سأرتديه

تنهدت (حنان) وقبل أن تكمل كلامها رن هاتفها وقد كان والدها..نظرت الفتاتان لبعضهما البعض وقد اتسعت أعينهما على آخرهما،وأشارت (شيماء) إلى صديقتها كي ترد فردت وهي مرتبكة:
- السلام عليكم..نعم يا أبي أنا عند (شيماء) ..اتصل؟ ..
ونظرت لصديقتها التي ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة وقالت:
- حسنا..حسنا يا أبي سآتي..لا تقلق سأنزل حالا
وأنهت المكالمة..

صرخت (شيماء) فرحا واحتضنت صديقتها التي كانت تشعر بالدوار بعض الشيء..
- ما بك؟ ألست سعيدة؟
ازدردت (حنان) لعابها وقالت:
- لم أتخيل أنه سيتصل؟ ..لقد ظننته يمزح..لكن يبدوا أن الأمر جدي
أمسكت (شيماء) الحجاب وأعطته لـ (حنان) وهي تقول:
- لا تتحدثي كثيرا،البسي واذهبي حالا ولا تنسي أن تخبريني بالتطورات
خرجت (حنان) من الغرفة لتجد والدة (شيماء) عائدة من الخارج..

- إلى أين يا (حنان) ؟ انتظري لتناول العشاء معنا
قالت (شيماء) والابتسامة لم تفارق وجهها:
- أي عشاء يا أمي.. (حنان) لديها ما هو أهم من العشاء..
التفتت إليها (حنان) ونظرت لها محذرة لكن (شيماء) تابعت:
- يبدوا أننا سنحضر حفل خطبة قريبا
تمالكت (حنان) نفسها كي لا تضرب الفتاة،فقالت (فريدة) :
- ألف مبروك يا (حنان) ..متى حدث ذلك؟
قبل أن تتكلم (حنان) قالت (شيماء) وهي تدفع صديقتها للخارج:
- سأخبرك أنا يا أمي لكن دعيها تذهب كي تستعد لملاقاة ذلك المحظوظ


* * *

فتحت (شيماء) حاسوبها لتمضي الوقت حتى تتصل صديقتها،فقد كانت على أحر من الجمر لمعرفة ما سيحدث..

فتحت بريدها الإلكتروني لتجد رسالة قلقة من (إيفان) ..كان يسألها فيها عن حالها لأنها لم تظهر لمدة طويلة..ابتسمت وأرسلت له أنها بخير..فوجدت منه ردا بعد دقائق يطلب منها أن يحادثها..ففتحت برنامج المحادثة ووضعت سماعات الرأس وأرسلت له الطلب..

" كيف حالك؟ "
ابتسمت لمرآه وقالت:
- بخير وأنت؟
" أنا..كنت قلقا عليكِ "

عدلت (شيماء) نظاراتها الطبية على قصبة أنفها،فلاحظ (إيفان) أنها لا ترتدي خاتم الخطبة فقال بحذر:
" يبدوا أنك كنت مشغولة في تجهيزات العرس "
اختفت الابتسامة من على شفتيها وقالت:
- لن يكون هناك أي عرس
" لماذا؟ "
- لقد انفصلت عن (سامح) "
انفرجت ملامح وجهه لكنه أخفى ذلك بسرعة وقال:
" وما السبب؟ "

ترددت في إخباره بما حدث،لكنها وجدت نفسها تقول:
- اكتشفت أنه كان يخونني مع فتاة أخرى..ولا أدري هل هناك أخريات أم لا
" منذ أن ضربك في ذلك اليوم،وأنا أشعر أنه ليس شخصا سويا.. "
ثم استطرد:
" وعندما أخبرتني أنك ستتزوجين تعجبت كيف سامحته بعدما ضربك بتلك الوحشية..لا بد أنك كنت تحبيه بشدة "
- كنتُ
قال متسائلا:
" كنتِ؟ "
قالت:
- أجل كنت..
وتابعت بمرارة:
- كنت حمقاء ولم أعمل حسابا لكرامتي عندما جرحني عدة مرات من قبل..لكن جرحه هذه المرة كان أكبر من حبي له

سكتت قليلا وخفضت رأسها كي لا يرى الدموع التي تجمعت في عينيها..فأشاح ببصره عنها وقال مغيرا مجرى الحديث:
" أتعرفين أنني نويت زيارة مصر قريبا؟ "
مسحت عينيها بسرعة ورفعت رأسها وقال وقد تهللت أساريرها:
- حقا؟ متى؟
" ربما في الصيف.. "
وتابع مبتسما:
" وقد أطلب منك أن تكوني مرشدة لي في تلك الزيارة "
ابتسمت بدورها وقالت:
- بكل سرور


* * *

انتهت (شيماء) من تناول طعام العشاء وهي تنظر في هاتفها كل دقيقة،فضحكت أمها وقالت:
- تبدين وكأنك أنت من ستقابل الرجل
قالت (شيماء) :
- أنت تعرفين مكانة (حنان) لدي،ولديك أنت أيضا،وحدث كهذا لا يمكن أن يمر بـ..
قطع كلامها رنين الهاتف فقفزت وردت بلهفة عندما رأت اسم (حنان) :
- أخبريني ماذا حدث؟
ضحكت (حنان) وقالت:
" أنا لم أسمع رنين هاتفك "
- دعك من هذا الكلام وأخبريني..هل أعجبك؟ ..ماذا قال والداك؟
" سأخبرك غدا عندما نلتقي "

صاحت فيها (شيماء) :
- لا تكوني سخيفة..إن لم تخبريني الآن فستجدينني أطرق بابك بعد لحظات
ضحكت (حنان) مرة أخرى وقالت:
" لن تصدقي ما حدث..لم يأت وحده بل جاء مع والديه..ولن تصدقي هذا أيضا.. "
قالت (شيماء) بلهفة:
- (حنان) ..لا تتلاعبي بأعصابي وأخبريني ما لديك دفعة واحدة
" لقد جاء ومعه الشبكة.. "
أصيبت (شيماء) بالذهول ثم انفجرت في الضحك..
" علام تضحكين يا حمقاء؟ "
- لقد سحرت الرجل يا (حنان) ..
ثم تابعت:
- وماذا بعد؟
" بالطبع تعجب والداي كما تعجبت أنا ولكنه قال له أن يمهلنا وقتا كي نفكر،فأخبره (فارس) أنـ .. "
قاطعتها (شيماء) :
- اسمه (فارس) ؟

" أجل.. (فارس) ،ولأني أعرف أنك ثرثارة فهو يعمل في مكتب هندسي وعمره تسعة وعشرون عاما..على كل فقد قال لأبي إنه سينتظر مكالمة منا لتحديد موعد الخطبة!! "
- ماذا فعلت للرجل يا (حنان) ؟ ..
ثم تابعت:
- لا بد أنك رأيت شكله جيدا هذه المرة..هل هو وسيم؟
ضحكت (حنان) وقالت:
" سترينه بنفسك "
- إذن أنت موافقة؟
قالت (حنان) وقد بدا الخجل في صوتها:
" لا أدري..لقد شعرت براحة نوعا ما..لكني سأصلي صلاة الاستخارة وأقرر بعدها "


* * *

كانت (شيماء) مع (حنان) في منزلها وهي تساعدها على ارتداء فستانها وتلح عليها أن تضع بعض المساحيق لكن الأخيرة كانت ترفض بشدة..
- لا تكوني سخيفة يا (حنان) ..هذا حفل خطبتك
- وهل هذا مبرر لأن أضع المساحيق أمام كل هؤلاء البشر؟ ..
واستطردت بضيق:
- وما هذا الذي ترتدينه..أقصد الذي لا ترتدينه؟
- لقد أصبحتِ معقدة أكثر من اللازم..
ثم تابعت وهي تتجه إلى باب الغرفة:
- سأخبر والدتك لعلها تقنعك

أمسكت (حنان) بذراعها وقالت تستجديها:
- أستحلفك بالله لا تفعلي ذلك..أنت لا تعرفين الشجار الذي كان بيننا بالأمس لأنها عرفت أنني لن أخلع الحجاب في الحفل..لا أريد أن نتشاجر مرة أخرى..
وتابعت وقد ارتسم الحزن على وجهها:
- ومن قبل تشاجرنا لأنني رفضت الذهاب إلى صالون التجميل وأخبرتها أنني سأتدبر أمري هنا

كانت (شيماء) في حيرة من أمرها..هل تخبر والدة (حنان) وتفسد على صديقتها يومها،أم تتركها تفعل ما تريد؟ ..وفي النهاية قررت أن تتركها وشأنها رغم شعورها بالضيق من تصرفات صديقتها..

" (حنان) ..لقد وصل خطيبك "

تسارعت دقات قلب (حنان) عندما سمعت ما قالته أمها وارتبكت بشدة،وراحت (شيماء) تضحك على مظهرها فدخلت الأم إلى الغرفة وقالت:
- هيا يا ابنتي..الرجل ينتظرك في الخارج كي تذهبي معه إلى النـ ..
بترت عبارتها وهي تنظر إلى وجه ابنتها ثم قالت:
- ألم تنتهي بعد؟
- بل انتهيت
- لكني أرى وجهك خاليا من المساحيق

قالت (شيماء) محاولة إطفاء فتيل القنبلة قبل أن ينفجر:
- لا بأس يا خالة (سهام) ..سنتدبر أمرنا فيما بعد..
والتفتت إلى صديقتها وقالت:
- هيا يا (حنان) كي لا نتأخر

وأمسكت الفتاة من يدها وخرجت بها من الغرفة وهي تستأذن من (سهام) ..وفور أن رآها (فارس) تهللت أساريره وقال:
- هل نزل القمر على الأرض أم ماذا؟
ابتسمت (حنان) في حياء وخفضت وجهها الذي تورد،فضحك (فارس) وقال وهو يمد ذراعه إليها:
- هيا كي لا نتأخر
نظرت (حنان) إلى ذراعه في تردد لكن (شيماء) لكزتها في ذراعها كي تتقدم،فتأبطت (حنان) ذراعه وهي تشعر ببعض الضيق،ونزلت لتركب معه إلى السيارة بينما ركبت (شيماء) في المقعد الأمامي بجوار السائق..

- أهلا بك..
نظرت (شيماء) إلى السائق الذي قال وهو يمد يده إليها:
- أنا (مصطفى) صديق (فارس)
مدت يدها لتصافحه مبتسمة وهي تقول:
- وأنا (شيماء) صديقة (حنان)
وانطلقت السيارة إلى النادي..

دخل (فارس) و (حنان) إلى النادي وسط أوراق الزهور التي تساقطت عليهم كالمطر ثم جلسا بجوار بعضهما البعض ليلبسها الشبكة..حاولت (حنان) في البداية أن ترفض لكنها لم تستطع لأن الأنظار كانت موجهة إليهما فتركته يلبسها الشبكة على مضض وألبسته خاتم الخطبة بطرف أصابعها مما جعله ينظر لها بدهشة لكنه لم يعلق..

وتعالت الزغاريد وبدأ الحفل الصاخب الذي لم تسمع فيه (حنان) ما كان يدور بين النسوة..

" ما هذا الذي ترتديه؟ .. "

" لم أر في حياتي عروسا لا تضع المساحيق.. "

" تبدوا فتاة سمجة،هل رأيتِ كيف كانت تلبسه الخاتم.. "

" هل هذا حجاب يناسب مناسبة كهذه؟ ..أهي في حفل أم عزاء.. "

كانت معظم الفتيات إن لم يكن جميعهن ينتقدن (حنان) بين بعضهن البعض،حتى رفيقات عملها..
وانتهى الحفل في وقت متأخر وعادت (حنان) إلى البيت لتتلقى التوبيخ من والديها عن شكلها وطريقة لبسها..لكنها أخبرتهما أنها لن تتغير وعليهما أن يتقبلاها كما هي..
ودخلت إلى غرفتها لتبدل ثيابها وتستلقي على فراشها وهي تنظر إلى خاتم خطبتها الذي يلمع في بنصرها وتبتسم..

في اليوم التالي جاء (فارس) ليصطحبها إلى أحد المطاعم لتناول العشاء،ولم تجد بدا من الموافقة لأنه اتفق مع والديها من قبل على هذا..
ركبت السيارة بجواره فأمسك بيدها لكنها سحبتها بسرعة..
- ألا زلت تخجلين مني؟ ..أنا خطيبك
قالت وهي تحاول مداراة ارتباكها:
- أعرف..لكن..
تنهد وقال:
- (حنان) ..أنا لم أعلق بالأمس على ثيابك ومظهرك والطريقة التي تعاملتِ بها معي وأنا ألبسك الشبكة،كل هذا كي لا أكسر فرحتك بذلك اليوم..لكن أرجوا منك ألا يتكرر هذا في أية مناسبة نحضرها معا

كانت (حنان) تنظر له في دهشة وقد عرفت أنها ستمر بأيام عصيبة ولا شك..


يتبع ...........


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 11:54 AM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

الفصل الثاني عشر




بعد أيام عرفت (شيماء) أن (سامح) قد خطب (داليا) ..وراحت (نهى) تواسيها:
- أعرف أنه فعل ذلك ليغيظك لا أكثر..لكن دعك منه
فقالت (شيماء) :
- ومن قال لك أنه تمكن من ذلك؟ .. (سامح) كان تجربة فاشلة في حياتي وذهبت لحال سبيلها بعد أن تركت في قلبي جرحا غائرا قضى على كل شعور نحو (سامح) ..
ربتت (نهى) على كتف (شيماء) ثم تركتها لانشغالها بمجموعة السياح التي معها..

وفي المساء كانت (حنان) تجلس مع (فارس) في بيت والديها وتقول بانفعال:
- لا أصدق أنك أنت من تقول لي هذا الكلام..بدلا من أن تطلب مني أن أزداد في الحشمة تريد مني أن أخلع حجابي في يوم عرسنا؟
زفر (فارس) وقال:
- يا حبيبتي إنه يوم واحد لن يضر،وأنا لم ولن أطلب منك خلعه على الدوام..
ثم أردف معاتبا:
- ولعل ذلك يكون تعويضا عما حدث في يوم خطبتنا

كانت (حنان) تحاول كظم غيظها كي لا تنفجر في وجهه..فأشاحت بوجهها وأمسكت بفنجان الشاي الذي أمامها لترشف منه،ثم غيرت مجرى الحديث كي لا يزداد الأمر سوءا..وبعد أن غادر دخلت إلى غرفتها وهي تضرب كفا بكف..
تذكرت كلماته في أول يوم خرجا فيه معا وهو يقول أنه معجب بحجابها وهذا يكفيه..ولكنها فوجئت أنه لا يمانع من التخلي عنه في ذلك اليوم..يوم واحد فقط..

تأوهت بألم عندما مشطت شعرها بقوة بسبب العصبية التي استولت عليها..

لن أتنازل ولن أرضخ له..وليفعل ما يشاء..

في اليوم التالي كانت تقف مع (شيماء) في المتحف المصري في انتظار السياح،وكانت تتكلم بعصبية شديدة..
- اهدئي يا (حنان) ..من وجهة نظري أرى أنه لم يخطئ..
رمتها (حنان) بنظرة نارية فأكملت (شيماء) بسرعة:
- لكني أتفق معك في التمسك بمبدئك وعدم الرضوخ أو التنازل مهما حدث..لقد تنازلتُ من قبلك وكانت النتيجة كما رأيتِ
وضعت (حنان) نظاراتها الشمسية على قصبة أنفها وهي تقول:
- سأخبره بقراري عندما أتصل به


* * *


انفعل (فارس) عندما أخبرته (حنان) بما قررته سابقا..
" إذن أنت تصرين على وضعي في موقف محرج مرة أخرى "
رفعت (حنان) أحد حاجبيها استنكارا وهي تقول:
- مرة أخرى؟!
صاح بنفس اللهجة:
" أجل مرة أخرى..أنا لم أكن أريد إخبارك بما سمعته من أقربائي وأصدقائي تعليقا عما حدث في ذلك اليوم "

جلست (حنان) على سور الحديقة التي تتوسط مدخل المتحف وراحت تهز ساقها بعصبية وهي تقول:
- وماذا قالوا؟
" وهل يهمك أن تعرفي؟ ..أنت لا تفكرين إلا بنفسك فقط ولا تهتمين لوضعي أمام الناس "
- (فارس) ..أنا أهتم لوضعك جيدا،لكني لن أتنازل عن قراري
وبعد بضع كلمات انتهت المكالمة..

كانت (حنان) تشعر بالضيق الشديد لكنها انتظرت حتى عادت إلى بيتها لتفكر بهدوء..وبينما هي تستحم أحست بشيء ما في صدرها..تجمدت في مكانها وراح قلبها يدق بعنف ثم تحسست المكان مرة أخرى لتشعر بكتلة صغيرة جدا تحت أناملها..

خانتها قدماها فجلست على طرف حوض الاستحمام وضربات قلبها تتسارع..ماذا عساه يكون ذلك الشيء..وراحت كل الأفكار السوداء تموج في رأسها،فأنهت حمامها بسرعة وخرجت وجسدها يرتجف واتصلت بـ (شيماء) ..

كان صوتها مرتجفا وخائفا وقد اختلط بالدموع وهي تخبرها بما وجدت..وطلبت منها أن تذهب معها في الغد إلى الطبيبة للكشف..
حاولت (شيماء) أن تهدئ من روع صديقتها وهي تطمئنها أنها بخير وأن هذه أوهام وليس أكثر.. وذهبت الفتاتين في اليوم التالي إلى الطبيبة التي حولتها لعمل أشعة وفحص بالموجات فوق الصوتية..
وبعد انتهاء الفحص انتظرت حتى تأخذ التقرير..وفور أن نادت الممرضة على اسمها انتفضت لكن (شيماء) قامت وتسلمت الملف بدلا منها..

ترددت (حنان) في فتح الملف فانتظرت حتى ركبتا السيارة معا وقامت بفتحه وقراءة التقرير ثم انفجرت في البكاء..

أخذت (شيماء) منها الورقة بيد مرتجفة وقلبها يدق كالطبل..كانت النتيجة إيجابية بوجود ورم سرطاني..

حاولت تهدئتها واتفقت معها على الذهاب غدا إلى أخصائي أورام لمعرفة ما يجب فعله،فربما كان هناك خطئا ما..وأكدت عليها ألا تخبر والديها مؤقتا..ثم عادت إلى البيت وهي تشعر بثقل في صدرها.. منعت دموعها بالقوة كي لا يفتضح أمرها أمام والدتها،ودخلت غرفتها على الفور..

حاولت النوم لكنها لم تستطع فراحت تتقلب على فراشها وهي تفكر في حال صديقتها..كيف حدث هذا لها؟ إنها لا تزال صغيرة..

أما (حنان) فلم تتوقف عن البكاء منذ أن أوت إلى فراشها وهي تفكر..هل ستموت أم أن هناك إمكانية للعلاج والعيش حياة طبيعية؟ ..
وفجأة جاءها خاطر ما..هل هذا عقاب من الله لأنها اختارت شخصا مثل (فارس) ؟..بالفعل (فارس) لا يتفق معها في طريقة تفكيرها،كما أنه يريدها متحررة أكثر من هذا..يريدها كما كانت قبل شهور..يريد منها التنازل عن أبسط مبادئ دينها..

هبت جالسة على الفراش وقد قررت أمرا،فخرجت إلى والديها اللذين كانا يشاهدان التلفاز معا..
- أبي..أنا لن أتزوج من (فارس) !!


* * *


دخلت فتاة زرقاء العينين إلى البيت بصحبة إحدى صديقاتها..
- أمي..ستبيت عندنا (إيكاترينا) هذه الليلة
جاء صوت الأم من المطبخ وهي تقول:
- مرحبا (إيكاترينا)
- مرحبا يا خالة

خرج (إيفان) من الحمام وهو يجفف شعره بالمنشفة وقال فور أن رأى الفتاتين:
- أهلا (فاليريا) .. أهلا (إيكاترينا) ..كيف حال (أليكسي) ؟
- بخير..
وأردفت وهي لا ترفع عينيها عنه:
- وأنت كيف حالك؟
ابتسم وقال:
- بخير يا صغيرتي
بدا الضيق على وجهها وقالت:
- لا تقل صغيرتي
قال (إيفان) ضاحكا:
- لقد كنت أوصلك أنت و (فاليريا) إلى المدرسة وأنت صغيرة..ومن حينها وأنا لا أراك إلا كذلك
قبل أن تتكلم دفعتها (فاليريا) إلى الغرفة وهي تقول:
- كفي عن الثرثرة..لا نريد أن نضيع الوقت فلدينا الكثير من الدروس

دخلت الفتاتان إلى الغرفة لتقول (إيكاترينا) في هيام:
- ألن يلتفت إليّ (إيفان) أبدا؟ ..آه لو تعلم يا ..
قاطعتها (فاليريا) ضاحكة:
- اتركيه وشأنه فقد أخبرك صراحة أنه يراك طفلة..
وأردفت بمكر:
- ألا يعجبك (فلاديمير) ؟
رفعت (إيكاترينا) أحد حاجبيها باستنكار وقالت:
- (فلاديمير) إنسان معقد
ضربتها (فاليريا) بكتاب وهي تقول:
- انتبهي لما تقولين ولا تنسي أنه أخي

في الخارج فتح (إيفان) التلفاز وراح يتنقل بين قنواته،لكن عقله لم يكن معه..كان مع تلك الفتاة الشرقية ذات العينين السوداوين..كيف انجذب إليها ولماذا؟ ..لا يدري..منذ أن رآها أول مرة أحس كم هي رقيقة،وعندما أعطاها زجاجة المياه وجدها فتاة تلقائية لا تعرف المكر..

كان يحيره أنها تحب ذلك الشاب المدعو (سامح) ..كان يرى في عينيه خبثا ودهاء لا تراه (شيماء) لكونها غارقة في حبه الذي لم يكن يبادلها إياه،والدليل أنه صفعها أمام المارة دون ذرة خجل أو حياء..كيف يتصرف الإنسان مع من يحب بهذه الطريقة؟ هو لم يكن يحبها وإنما كان يحب أن يملكها لا أكثر..

كان يتذكرها وهم ذاهبون لعرض الصوت والضوء وهي ترتدي ذلك الثوب الصيفي البسيط..لا يزال يشعر بعبير عطرها حتى الآن،وكانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها عينيها المليئتين بالحيوية واللتين أسرتاه فور أن التقتا بعينيه..لكن عندما وجدها في حديقة الفندق لم ير البريق الذي كان يملأ عينيها من قبل..

تبا لك يا (سامح) ..


* * *


نشب شجار بين (حنان) ووالديها لقرارها الذي اتخذته فجأة..
- ماذا سيقول الناس الآن؟ خطبتك لم يمر عليها أكثر من أسبوعين
نظرت (حنان) إلى أمها بضيق وقالت:
- أهذا كل ما يهمك؟ كلام الناس؟ ..
وأردفت بعصبية:
- يا أمي الناس تتكلم في كل الأحوال،ولن ينفعني الناس إذا عشت حياة تعيسة مع شخص لا تتفق أفكاره مع أفكاري
قال أبوها وهو يمسك بذراعها بقوة آلمتها:
- أخبريني من الذي يحرضك على هذه التصرفات؟ ..منذ أن وضعت تلك الخرقة على رأسك فقدت عقلك..
وهزها بقوة وهو يواصل صياحه:
- أخبريني من الذي أدخل في رأسك هذه الأفكار؟
جذبت (حنان) ذراعها من قبضة أبيها بالقوة وقالت بإصرار:
- أنت تعرفني يا أبي،وتعرف أنه ليس هناك شخص قادر على إقناعي بما لا أريد..حجابي لم يؤثر على عقلي كما تظن،وقراري هذا لن أتراجع فيه..

ودخلت إلى غرفتها ثم ارتمت على فراشها تبكي بمرارة..لقد ازدادت إصرارا على ترك (فارس) .. فهي خائفة من أن تضعف بسبب تأثير المحيطين بها..والديها ومعارفها،و (فارس) أيضا..

في اليوم التالي ذهبت مع (شيماء) إلى الطبيبة وقلبها يدق كالطبل..كانت تحمل في يدها ملف الأشعة والتقرير وهي تشعر أنها تحمل طاعونا سيفتك بها في أية لحظة..
انحدرت دمعة على وجهها لكنها مسحتها بسرعة قبل أن تسمع اسمها لتدخل إلى حجرة الكشف..

- أهلا آنسة (حنان)
كانت طبيبة في الخمسينيات تقريبا..طلبت من الفتاتين أن تجلسا وسألت (حنان) عن سبب قدومها، فشرحت لها الأمر بشفتين مرتجفتين،وأعطتها الملف..
هدأتها الطبيبة وهي تنظر في التقرير،ثم عقدت حاجبيها وقالت:
- آنسة (حنان) ..كم عمرك؟!
- ستة وعشرون

ثم نظرت إلى صديقتها في قلق..
- التقرير مكتوب فيه أن عمرك ثمانية وأربعون عاما!

اختطفت (حنان) الورقة من يدها لترى بيعينيها..فعلا كان العمر ثمانية وأربعون،كما أن الاسم المكتوب لم يكن اسمها..
- هذا ليس اسمي أيضا..الاسم الثالث مختلف
ابتسمت الطبيبة وقالت:
- لقد أخذت الملف الخاطئ وعليه فقد بنيت مخاوف لا أساس لها

خرت (حنان) ساجدة على الأرض وهي تبكي فرحا..أخذت تحمد الله وتشكره ودموعها تبلل أرضية الحجرة،فأمسكتها (شيماء) من يدها ورفعتها من على الأرض واحتضنتها وهي تبكي بدورها..فقالت الطبيبة:
- لكني سأطلب منك فحصا آخر للتأكد،وأنا أتوقع أنه سيكون سلبيا

ابتعدت (حنان) عن صديقتها وأومأت برأسها وهي تمسح دموعها..وبالفعل ذهبت لعمل الفحص لتجد النتيجة سلبية كما توقعت الطبيبة..
ركبت الفتاتان سيارة (شيماء) ولسان (حنان) لا يتوقف عن قول الحمد لله..

- سنحتفل اليوم بهذه المناسبة
قالت (شيماء) هذه العبارة وهي تمسح دموعها وتنعطف في الاتجاه العكسي للذهاب إلى أحد المطاعم..وعندما عادت (حنان) إلى البيت احتضنت أمها وأباها بشدة وهي تكاد تطير فرحا،ثم أخبرتهما بما حدث..
- لماذا لم تخبرينا بهذا الأمر؟
كانت (سهام) تمسح دموعها وهي تقول هذه العبارة وهي لا تتخيل أنها كانت ستفقد ابنتها..
- لم أرد أن تقلقا قبل أن أتأكد من الأمر..وسأذهب غدا إلى الطبيبة لإعطائها التقرير ومعرفة إن كانت هناك خطوة أخرى
لكن الطبيبة طمأنتها وأكدت لها أن هذه الكتلة الصغيرة هي نسيج ليفي عادي لا خوف منه،ولكن بإمكانها أن تجري الفحص مرة كل عامين للاطمئنان لا أكثر..


* * *


لم يجد والدي (حنان) بدا من تنفيذ رغبتها في الانفصال عن (فارس) ،والذي كان يشعر بالإهانة بسبب رفض (حنان) له..
بعد يومين كان يكلم صديقه (مصطفى) في الهاتف وهو يصيح بعصبية:
- لقد خسرت تلك الفتاة الحمقاء كثيرا..فهي لن تجد من يقبل بها وبأفكارها المتخلفة إلا إن كان مثلها
ضحك مصطفى وقال:
" يكفي يا (فارس) ..أنت لم تتوقف عن الحديث عنها لمدة نصف ساعة كاملة "
ثم أردف بمكر:
" يبدوا أنك وقعت في غرامها في تلك المدة القصيرة "
صاح فيه (فارس) :
- كف عن هذه الحماقة..لقد خطبتها لأنني توقعت أن لها عقلية متفتحة،فإذا بي أجد ..
قاطعه (مصطفى) :
" حسنا يا (فارس) هذا يكفي..لقد شوهت صورة الفتاة تماما..ستنساها وتخطب من هي خير منها.. "

وتابع بحذر:
" لقد كان لها صديقة أظن أن اسمها (شيماء) أليس كذلك؟ "
- أظن ذلك..لكن لم تسأل؟
" لا تخف..لن أقترح عليك أن تخطبها،لكني أريد أن أتعرف عليها "
- لماذا؟
" وما شأنك أنت؟ إن كنت تعرف طريقها أخبرني،وإن لم تعرف فسأبحث بنفسي ولا حاجة لي بمساعدتك"
قال (فارس) بسخرية:
- هل أغرمت أنت أيضا بها
" لا تكن أحمقا..أنا لست من هذا النوع وأنت تعرف..أريد فقط أن أقضي وقتا مرحا مع تلك الفتاة "
- حسنا..هي تعمل في نفس الشركة التي تعمل بها (حنان) ،لكن لا تطلب مني شيئا آخر


يتبع ...........




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 11:56 AM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

الفصل الرابع عشر


خرجت (شيماء) من الماء وراحت تجفف جسدها بالمنشفة ثم جلست تحت إحدى المظلات ووضعت نظاراتها الشمسية وهي تنتظر عودة (إيفان) الذي كان يسبح مع ابن خالها..

عاد (إيفان) أخيرا وقد بدا عليه التوتر..
- ما بك؟ هل أنت بخير؟
أومأ (إيفان) برأسه فقالت:
- سنقيم مباراة للكرة الطائرة..وأريدك أن تسحق الفريق الآخر
ضحك وقال:
- وفي أي الفريقين ستكونين أنت كي أعد الخطة
ابتسمت وهي تقول:
- في فريقك بالطبع،فأنا لن أحتمل الخسارة أمامك

بدأت المباراة وكان لعب (إيفان) جيدا،لكنه فجأة شعر بثقل في صدره،واختلال في ضربات قلبه والذي كان صوت دقاته يصم أذنيه..ثم اهتزت الرؤية أمامه وسقط على الأرض..
هرعت إليه (شيماء) وقد أصابها الذعر،لتجد شفتيه قد بدأتا تصطبغان باللون الأزرق..اتسعت عيناها ذعرا وصاحت لطلب النجدة من المتجمعين حولها..
وفي المستشفى أفاق (إيفان) ليجد (شيماء) تجلس بجواره..وفور أن رأته يفتح عينيه مسحت دموعها بسرعة وقالت:

- الحمد لله أنك بخير..لقد كدت أموت من القلق عليك
ابتسم بوهن وقال:
- لا تقلقي..أنا السبب فيما حدث
تعجبت لقوله فقال مفسرا:
- أنا أعاني من مشكلة في القلب ونسيت أن أتناول أدويتي بالأمس،كما أنني نسيتها اليوم أيضا
- كيف تنسى شيئا مهما كهذا؟
- لقد تذكرت ذلك بعدما خرجت من الماء،وكنت قد نسيت الأدوية في الفندق
تنفست الصعداء وقالت:
- المهم أنك بخير الآن

راحت تنظر إلى وجهه الشاحب وهي تتذكر تلون شفتيه على الشاطئ..لقد كاد الرعب يقتلها من ذلك المشهد..
نقلت بصرها إلى كفه وبعد تردد مدت يدها لتربت على يده،فأدار رأسه إليها لتسحب يدها بسرعة وقد علت وجهها حمرة الخجل..
لم تفارقه حتى خرج من المستشفى في المساء،وكان معها (كريم) ابن خالها،وذهبوا جميعا إلى الفندق استجابة لرغبة (إيفان) ..

بعد أن عادت (شيماء) إلى الفيلا لم يغمض لها جفن..ترددت عدة مرات في الاتصال به خوفا من أن يكون قد نام فتوقظه..فأرسلت له رسالة تطمئن عليه وانتظرت..مرت ربع ساعة فأيقنت أنه قد نام،فاستعدت للنوم هي الأخرى..ونظرت إلى (نهال) لتجدها تغط في النوم،فتدثرت بغطائها وأغمضت عينيها لتسمع أزيز الهاتف..

قفزت من مكانها وأمسكت بالهاتف لتجد رسالة منه يخبرها أنه بخير،وأنه لا يزال مستيقظا..

نهضت من فراشها وخرجت إلى الشرفة وأغلقت الباب وراءها،لتجده يتصل بها..
" مساء الخير "
ردت بصوت أقرب للهمس:
- مساء الخير
" لم أستطع النوم..فقد أحسست باضطراب في قلبي مرة أخرى "
قالت بخوف:
- ألم تتناول دواءك؟

سكت قليلا فهي لم تفهم ما يرمي إليه..تنهد وقال:
" بلى ولكنه يحتاج بعض الوقت ليظهر تأثيره "

ظلا يتحدثان لدقائق أخرى ثم أوى كل منهما إلى فراشه..
اجتاح (إيفان) شعور بالراحة..لقد رأى القلق في عينيها وهو في المستشفى،وها هو يجد القلق في صوتها أيضا..لم تتركه كما فعلت (صوفيا) من قبل عندما عرفت بمرضه.. (شيماء) تحمل قلبا ذهبيا..هكذا قال لنفسه..


* * *


آخر يوم في إجازتها أمضته مع (إيفان) منذ الصباح الباكر..وبعد الغداء ذهبا معا إلى أحد البازارات..وتذكرت العقد الذي ابتاعه لها من قبل في الأقصر،وتذكرت أيضا تناثر أحجاره على الأرض بيد قاسية..
وعادوا بسرعة لأن موعد طيارتها قد اقترب..ودعت أهلها وذهبت مع (كريم) و (إيفان) إلى المطار..
- كنت أتمنى أن تطول إجازتي أكثر من هذا
كانت تحاول التماسك وهي تقول تلك الجملة..فعانقها وهو يقول:
- قد نلتقي قريبا

للوهلة الأولى ارتجف جسدها لكنها استسلمت في النهاية،وهي تقنع نفسها أن هذه طريقته في السلام مع أصدقائه فلا بأس..وعانقها (كريم) أيضا ثم ذهبت..ذهبت وهي تشعر بضيق شديد..
واستقبلتها (حنان) في المطار وعانقتها في شوق..
- لقد شعرت أنك غبت سنة كاملة وليس أسبوعا
ضحكت (شيماء) وركبت معها السيارة..فقالت (حنان) في مرح:
- هل جاء ذلك الروسي؟
- أجل
- قصي علي ما حدث إذن

كانتا قد وصلتا إلى بيت (حنان) فأوقفت الأخيرة السيارة والتفتت إلى (شيماء) وقالت:
- (شيماء) ..تصرفاتك تلك لم تكن محسوبة..انتبهي أكثر من ذلك
ارتبكت (شيماء) وقالت:
- لا تحملي الأمور أكثر مما تحتمل..إنه أجنبي ومعتاد على ذلك،كما أنني لم أفعل شيئا في الخفاء كي أخجل منه،لقد كان أهلي هناك يعرفون ما يجري..
نظرت لها (حنان) مليا وقالت:
- ليس كل ما يوافق عليه الأهل يكون صحيحا يا (شيماء)

لأول مرة تشعر (شيماء) بالتوتر وهي تتحدث مع صديقتها..فصمتت ولم تنبس ببنت شفة،ولم تقل (حنان) شيئا آخر..وصعدتا معا إلى بيت (حنان) لتسلم (شيماء) على (سهام) وتذهب لأخذ حمام دافئ..
فتحت المرش ووقفت تحته لينساب الماء مهدئا حدة توترها..لأول مرة تشعر أنها لم تحسن التصرف..لأول مرة تلوم نفسها على تصرفاتها العفوية..هل يمكن أن تكون (حنان) على حق؟ ..لكنها عادت وأقنعت نفسها أنها لم تفعل شيئا مريبا لأن أهلها لم ينتقدوا تصرفها..
خرجت من الحمام وقد قررت أنها لن تفتح الموضوع مرة أخرى..

وفي المساء خرجت إلى الشرفة واتصلت بـ (إيفان) ..
" كنت سأتصل بكِ حالا.. "
ابتسمت وقد علت وجهها حمرة خفيفة..
" لقد حزمت حقيبتي وسأذهب بعد ربع ساعة إلى المطار.. "
ظلت صامتة فقال:
" (شيماء) "
- نعم

خرج صوتها مختنقا ضعيفا،وسمع (إيفان) على الجانب الآخر صوت تنفسها غير المنتظم،فتزامنت دقات قلبه مع صوت أنفاسها وقد تأكد أنه لن يعاني مرارة الفراق وحده..
تكلم الصمت بينهما وقال الكثير مما لم يقو أحدهما على البوح به..وتسلل الدمع إلى عيني (شيماء) لكنها لم تسمح له بتجاوزهما..
" سأكلمك فور أن أصل إلى روسيا "
أخذت نفسا عميقا وقالت:
- سأنتظر مكالمتك..
ثم أردفت:
- انتبه لنفسك

لم تنم (شيماء) جيدا في تلك الليلة؛فقد استيقظت عدة مرات من نومها..
جلست على الفراش لتجد (حنان) قد نامت بجوارها،فقامت من الفراش بهدوء وخرجت إلى الشرفة ليداعب نسيم الصيف خصلات شعرها لتشعر بالهدوء بعض الشيء.. (إيفان) أخذ حيزا من حياتها بشكل أو بآخر،وازداد قربها منه في هذه الزيارة،خاصة عندما اقترب من حياتها العائلية..

قطع تفكيرها صوت رنين هاتفها،فدخلت إلى الغرفة بسرعة لتجد (حنان) قد أفاقت من نومها وقالت بخمول:
- من الذي يتصل في هذه الساعة؟
أخذت (شيماء) هاتفها بسرعة وخرجت إلى الشرفة وهي تقول:
- عودي إلى نومك يا (حنان)
نظرت إلى الشاشة لتجد رقما دوليا..
- آلو!
" صباح الخير..أرجو ألا أكون قد أيقظتك من نومك "

خفق قلبها بشدة وقالت:
- أنا لم أستطع النوم..كيف حالك؟
" لقد وصلت إلى موسكو قبل قليل،ولم أستطع الانتظار حتى أصل إلى سان بطرسبرغ "
- حمدا لله على السلامة..
ثم أردفت وعلى شفتيها ابتسامة:
- لم أتوقع أن تتصل بي
ضحك ضحكة اختلج لها قلبها وقال:
" مفاجأة أليس كذلك؟ "
- بالتأكيد..
سمعته يكلم أحدهم ثم يقول لها:
" سأركب الآن الحافلة المتجهة لسان بطرسبرغ،وسأعلمك حال وصولي للبيت"

بعد أن انتهت المكالمة ظلت في الشرفة تنظر إلى لا شيء وقد شردت بذهنها بعيدا..لم يكن (إيفان) وحده من أخذ حيزا في حياته،بل هي أيضا..أصبحت تمثل له شخصا مهما،صار يعاملها كـ...

اتسعت عيناها..

لا يمكن أن يكون ما تفكر به صحيحا..لقد كانت تقنع نفسها طيلة الوقت أنه يعاملها كصديقة مثل بقية أصدقائه،لكن الحقيقة ليست كذلك..
انتزعها من شرودها صوت جرس المنبه،ثم صوت أذان الفجر من المسجد القريب..
- (شيماء) ..ألا زلت مستيقظة؟
دخلت (شيماء) إلى الغرفة وقالت:
- استيقظت منذ نصف ساعة تقريبا
قالت (حنان) وهي تنهض من الفراش:
- هيا إذن كي نصلي الفجر

وذهبت إلى الحمام كي تتوضأ،ثم تبعتها (شيماء) وهي تشعر بالخجل لعدم انتظامها في صلاتها..
خرجت من الحمام لتجد (حنان) ترفع من سجودها،فظنت أنها تصلي الفجر فراحت تبحث في الغرفة عن حجاب لتلبسه،لتسمع صوت (حنان) بعد أن انتهت من الصلاة:
- أنا آسفة نسيت أن أخرج لك ثوب الصلاة

واتجهت إلى خزانتها لتخرج ثوب صلاة إضافي وأعطته لـ (شيماء) والتي كانت مرتبكة وهي تلبسه،فساعدتها صديقتها ووقفتا بجوار بعضهما البعض..
- ألم تصلي الفجر قبل قليل؟
- نعم..بل كنت أصلي سنة الفجر
وبدأت الفتاتان الصلاة..

اقشعر جسد (شيماء) عندما سمعت صوت (حنان) وهي تقرأ فاتحة الكتاب،وترقرقت الدموع في عينيها،لكنها سارعت بمسحها وهي تشعر بغصة في حلقها وثقل في صدرها وضيق وخجل..لكنها رغم ذلك لم تستطع التركيز جيدا في صلاتها..
وبعد انتهاء الصلاة قالت (شيماء) :
- هل تصلين الفجر يوميا في هذا الوقت؟
التفتت (حنان) إليها وقالت وهي تزن كلماتها:
- هذا هو موعد الفجر،وهو يمتد حتى قبيل الشروق..
صمتت (شيماء) وقد أحست (حنان) بحيرتها فقالت:
- حاولي أن تصلي الفجر في هذا الوقت ولا تأخريه يا (شيماء)

هزت (شيماء) رأسها ودخلت إلى فراشها لتنام بعد أن أنهكها السهر..

وبعد ساعتين أيقظتها (حنان) للذهاب إلى العمل،فقامت (شيماء) وهي تشعر بالنعاس..وعندما نظرت في الهاتف وجدت رسالة من (إيفان) ..

" لقد وصلت إلى سان بطرسبرغ..ويبدوا أن الشتاء قد حل في غير موعده؛فأنا لم أعد أشعر بالدفء الذي كنت أشعر به قبل أيام "

طار النعاس من عينيها وراح قلبها يخفق بعنف..تأكدت شكوكها..إنه لا يعاملها كصديقة..لكنها حاولت إقناع نفسها أنها مخطئة لمدة شهر كامل بعد سفره..حتى وصلتها رسالة جديدة..


يتبع ...........


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 11:57 AM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس عشر

- ما بك؟ لماذا لا تتركين هاتفك ولو للحظات؟
وضعت (شيماء) الهاتف في حقيبتها وقالت:
- كنت أمسح بعض الرسائل لامتلاء صندوق البريد
لم تكن هذه هي الحقيقة كاملة..فقد كانت تقرأ رسالته بين الحين والآخر،حتى حفظتها عن ظهر قلب..

قبل بدء الجولة في المتحف سألت (حنان) صديقتها إن كانت تريد بعض المرطبات..
- لا بأس،ولا تنسي شراء زجاجات المياه
خرجت (حنان) وذهبت لأقرب محل لتشتري ما تريد عندما سمعت صوتا ليس غريبا على أذنيها..
- (حنان) ؟ لا أصدق؟
التفتت (حنان) لتجد فتاة نحيلة تنظر لها بدهشة وفرح معا..
- (عبير) ..كيف حالك؟
وتعانقت الفتاتان في شوق ثم قالت (عبير) :
- مبروك..لبست الحجاب أخيرا
- هل تصدقين ذلك؟ أنا نفسي لا أصدق

ضحكت (عبير) ثم ابتاعت بعض المياه الغازية والكعك،وهي تتبادل حديث الذكريات مع (حنان) ..
- هل تذكرين الدرس الأسبوعي الذي أخبرتك عنه قبل ثلاث سنوات؟
ضيقت (حنان) عينيها في محاولة للتذكر ثم قالت:
- ليس تماما..
واستدركت:
- ما به؟
- لم لا تحضرين معنا؟ ..
وقبل أن تتكلم (حنان) أخبرتها (عبير) بالعنوان ثم أعطتها رقم هاتفها وقالت:
- سأنتظرك يوم الخميس بعد صلاة العصر

وودعتها لأنها كانت على عجلة من أمرها..وعادت (حنان) إلى عملها وهي شاردة الذهن..هل تذهب؟ أم تنسى الأمر؟ ..
لكنها حزمت أمرها وقررت الذهاب..وتأهبت يوم الخميس بعد أن عادت من عملها،لكنها لم تخبر أحدا حتى (شيماء) ..
ذهبت (حنان) وهي تقدم قدما وتؤخر أخرى..حتى وصلت إلى مصلى السيدات..أخذت نفسا عميقا ثم دخلت..


* * *

بعد شهر كانت (حنان) قد تعلقت بالدرس بشدة رغم أنها لم تحضر سوى أربع مرات فقط،لكنها كانت تشعر أنها تشحن نفسها بطاقة تكفيها بقية الأسبوع..لكنها لم تخبر أحدا بذلك..لقد فضلت عدم الحديث عن الأمر تجنبا للمشاكل..
وفي غرفتها كانت تفكر في كل كلمة كانت تسمعها في الدرس..الدنيا حقا لا تساوي شيئا..وليست هي الوحيدة المضطهدة بسبب حجابها،أو بمعنى آخر بسبب طريقة لبسها للحجاب..

لكن لماذا تقف عند هذا الحد فقط؟ ..لماذا لا تأخذ خطوة بعد الحجاب؟ ..قد تخسر أناسا كثيرين وقد تخسر عملها أيضا؛فهو قرار صعب ويجب التريث فيه..
احتدم الصراع في عقلها وقررت أنها ستؤجل التفكير فيه مؤقتا..حتى جاء ذلك اليوم..

كانت خارجة من المسجد عندما لحقت بها إحدى الفتيات والتي كانت ترتدي خمارا واسعا..
- (حنان) ..هل لي بكلمة معك؟
ابتسمت لها (حنان) وقالت:
- بالطبع
- أنت لست مخطوبة أليس كذلك؟
رفعت (حنان) أحد حاجبيها وقالت:
- لست مخطوبة..لم تسألين؟
- لأن هناك من يريد أن يتقدم لخطبتك

تسمرت (حنان) في مكانها للحظات ثم قالت ببطء:
- يخطبني؟ ..تقصدين يريد أن يراني أولا
هزت الفتاة رأسها وقالت:
- أبدا..هو يريد خطبتك بالفعل
- ومن هو هذا الشخص؟ وكيف عرفني؟
- إنه أخي..كان ينتظرني الأسبوع الماضي كي نذهب سويا لشراء مستلزمات عرسي،وعندما رآك سألني عنك
احمر وجه (حنان) وقالت وهي تخفض رأسها حياء:
- أظن أنه علي إخبار والدي قبلا يا (علا)
تهللت أسارير الفتاة وقالت:
- لا بأس..لكن أعطني رقم والدك،وعندما تخبريهم اتصلي بي كي أخبر أخي

عادت (حنان) إلى بيتها وهي تشعر بسعادة مشوبة بالحذر..هل سيكون مثل (فارس) ؟ ..
دخلت إلى البيت وأخبرت والدها بما حدث..

- أي مسجد هذا الذي تتكلمين عنه؟
كانت (حنان) مستعدة للمعركة التي كانت تتوقعها فقالت:
- بدأت أحضر دروسا في أحد المساجد قبل شهر يا أبي
تبادل والداها نظرات قلقة ثم قال أبوها:
- ولماذا لم تخبرينا؟
- أنتم لم تسألوني عن سبب تأخري لا من قبل ولا الآن..ولم تسألوني من قبل أين أذهب ولمن أذهب..فما الذي يضير هذه المرة؟
قال أبوها:
- لكن الأمر هذه المرة..
وسكت ليبحث عن كلمة معبرة لكن (حنان) قالت:
- أبي..أنا لا أناقش قضية ذهابي للمسجد من عدمه،لكني أخبرك أن هناك من يريد التقدم إلي..بم أرد على الفتاة

قالت (سهام) بضيق:
- وكيف سيكون هذا الشخص؟ لا بد أنه إنسان معقد و..
قاطعتها (حنان) منهية الحديث تقريبا:
- لم أتعرض لهذا الاستجواب عندما تقدم إلي (فارس) وأنتم تعلمون أنه رآني في الشارع أيضا..
ثم وجهت كلامها لأبيها:
- بم أرد عليها؟

(حنان) كانت ولا تزال الابنة المدللة،خاصة بعد وفاة أخيها الأكبر وهي لم تكمل العامين من عمرها، ولم يرفض والداها أي طلب لها مهما كان،مما جعلها شخصية عنيدة،عندما تريد شيئا تستخدم كل وسائلها وأسلحتها للحصول عليه مهما كلف الأمر..

اتصلت (حنان) بصديقتها تخبرها بما حدث..وبعد جدال عن أمر المسجد كما كانت تتوقع (حنان) قالت (شيماء) في النهاية:
" رآك في الشارع أيضا؟ ..هل تسحرين الرجال يا (حنان) ؟ "
ضحكت (حنان) وقالت:
- كفي عن المزاح..
ثم استطردت:
- (شيماء) ..أنا أشعر بالخوف هذه المرة؛لا أريد أن تكون تجربة فاشلة كسابقتها
" لا تقلقي ولا تستدعي مخاوفك الآن..ولا تتعجلي أيضا "

في اليوم التالي جاء ذلك الرجل..لم تكن (حنان) قد رأته قبلا وقد أضاف لها هذا الأمر مزيدا من التوتر فوق توترها المضاعف بسبب جدالها مع والدتها لوضع بعض المساحيق في وجهها..لكنها سمت الله ودخلت إلى حجرة الضيوف..
كان وحده..لكنها لم ترفع عينيها إليه حتى جلست..رحب به والداها ثم تركاها معه وحدهما تماما كما فعلا مع (فارس) من قبل مما ضايقها كثيرا..

أخيرا رفعت عينيها إليه..كان يرتدي زيا رسميا،ويضع النظارات..لكن ليس هذا ما لفت نظرها وإنما تلك اللحية التي كانت تزين وجهه..
شعرت بالقلق..هل يمكن أن يكون معقدا كما قالت أمها؟! ..

- كيف حالك يا آنسة (حنان) ؟
كان ينظر لها مبتسما،فخفضت عينيها وتمتمت أنها بخير..
- أنا أدعى (عمر) ..
هزت رأسها ولم تقل شيئا..
- لماذا تشعرين بالتوتر؟ ..نحن لسنا في محكمة
ابتسمت رغما عنها ثم قررت التحلي بالشجاعة..فرفعت عينيها إليه وقالت:
- لماذا أنا؟
أصيب بالدهشة لجرأتها،لكنه عاد ليبتسم قائلا:
- لأنني شعرت بالراحة عندما رأيتك أول مرة
- فقط؟
- بالطبع لا..لكنني سألت (علا) عنك فقالت فيك شعرا
احمر وجهها وخفضته مرة أخرى..كان (عمر) خفيف الظل وهو يتجاذب معها أطراف الحديث، ولاحظ نظرات والديها إليه،والتي لم تكن مبشرة أبدا..

- أنا لست موافقا على هذا الشخص
أصيبت (حنان) بالدهشة وقالت:
- لماذا؟ ..أنت لم تسأل عنه بعد
- ألم تري كيف كان؟ يبدوا أنه سيكمل إفساد عقلك كليا
اندفعت الكلمات من بين شفتي (حنان) بسرعة ودون أن تشعر:
- لكني موافقة عليه
اندهشت من نفسها قبل اندهاش والديها..لقد اندفعت دون تفكير..
- موافقة؟
- أجل يا أمي..موافقة

في هذه اللحظة ندم الأبوان على تدليلهما لابنتهما..ندما على إجابة كل مطالبها من قبل حتى صارت بهذا الشكل..فهاهي تلقي بنفسها في طريق مظلم على حد قول (سهام) ..

- سأسأل عنه أولا ثم نرى ماذا ستفعل ابنتك
شدت (سهام) غطاءها عليها وهي تقول:
- افعل ما شئت..لكن تذكر أنني لست راضية عن هذا الأمر من البداية

كانت (حنان) في ذلك الوقت تثرثر مع (شيماء) في الهاتف وتخبرها بكل ما جرى..
" ووافقت عليه بهذه السرعة؟ "
- لقد شعرت بالراحة له يا (شيماء)
" لكنك شعرت بذلك أيضا عندما تقدم إليك (فارس) "
- (فارس) كنت أشعر نحوه بالراحة في البداية،لكن بعد خطبتنا عرفت أننا لن نتفق أبدا
سكتت (شيماء) قليلا ثم قالت:
" وماذا يعمل؟ "
- إنه أستاذ في كلية العلوم

كانت (حنان) تشعر بالقلق والتوتر الشديدين..لقد وافقت قبل أن تفكر،ولا يمكنها التراجع الآن..
ماذا فعلت بنفسك يا (حنان) ؟ ..قد يكون شخصا معقدا بالفعل ويريك العذاب ألوانا..لكن لا يبدوا عليه ذلك،فهو شخص مرح جدا،كما أن أخته فتاة محبوبة من الكل في المسجد..ربما تكونين واهمة يا (حنان) ..
أخذت نفسا عميقا وقامت للوضوء كي تستخير ربها لتحسم الصراع الداخلي بها..


* * *

أخرجت (شيماء) هاتفها من جيبها وهي في استراحة الغداء بالعمل لتجد رسالة قد وصلتها منذ ربع ساعة..فتحتها وراحت تقرأ وعينيها تتسعان مع كل حرف تقرؤه..

" أعرف أن رسالتي هذه ستشعرك بالارتباك..لكني متأكد أن شعور السعادة سيكون أكبر..
لقد بدأت في إجراءات طلب زيارة لك،وسأخبرك فيما بعد بالأوراق المطلوبة منك كي تتمكني من المجيء إلى روسيا.. "

كانت (شيماء) تحملق في الهاتف وقد انفصلت عن العالم..
وكأنما برودة الجو هناك قد وصلتها عبر الهاتف فقد بدأت أطرافها بالارتجاف..
ثم وضعت يدها على قلبها لتوقفه عن الخفقان بهذه السرعة الشديدة التي تكاد تفقدها وعيها..

أعادت قراءة الرسالة عدة مرات كي تستوعب ما فيها..إنها دعوة للزيارة بالفعل..ما قرأته ليس وهما..اختلطت الفرحة بالصدمة داخلها، وكما قال فقد طغت الفرحة على كل شيء..

فور أن جاءت (حنان) لم تنتظر (شيماء) حتى تطلب شيئا لها وأخبرتها عن الرسالة..
- بأية صفة ستذهبين إليه؟ هل أنت قريبته أو زوجته؟ ..لقد كان ظني في محله،فقد فهم تصرفاتك بشكل مختلف
اختفت الابتسامة من على شفتي (شيماء) وقالت كاذبة:
- لم يفهم تصرفاتي بشكل مختلف؛إنه يعاملني كصديقة لا أكثر
نظرت لها (حنان) بحدة،فأشاحت (شيماء) بوجهها بعيدا وقالت بضيق:
- لقد بدأ في إجراءات الزيارة بالفعل
- طبعا..كي يضعك أمام الأمر الواقع

صاحت (شيماء) بحدة:
- ما بك يا (حنان) ؟ ألم تسافري معي أنا وأصدقائنا من قبل إلى تركيا؟ ..ألم تكوني تذهبين إلى البحر معنا وتتصرفين بطبيعتك؟ ..ما الذي دهاك؟
حاولت (حنان) امتصاص غضب صديقتها وقالت:
- أنا لا أنكر أنني كنت أفعل ذلك..لكن ذلك كان خطئا..وقد ابتعدت عن الخطأ عندما عرفت ذلك
- أين الخطأ فيما نفعل؟ ..نحن لا نفعل شيئا خفية،وكل ما يحدث بعلم أهلنا لأننا نقدرهم ولا نجرؤ على فعل شيء يغضبهم
- وقد قلت لك من قبل أنه ليس كل ما يوافق عليه الأهل يكون صحيحا بالضرورة
نظرت (شيماء) إليها بضيق ثم أسندت ظهرها إلى مقعدها وقالت:
- لقد وضعني أمام الأمر الواقع كما قلت أنت،وانتهى الأمر

ساد صمت ثقيل بينهما حتى انتهى موعد الغداء،ولم تتبادلا كلمة واحدة وهما عائدتان من العمل.. أوصلت (شيماء) صديقتها أولا ثم عادت هي إلى بيتها..
وبينما هي تتناول غداءها مع والدتها..لم تتوقف عن التفكير في كلام صديقتها..لقد كان هناك شيء ما يحاول أن يجعلها تتوقف عما تقول..شيء ما يشعرها بالارتباك عندما تسمع كلمات (حنان) ..
أخرجها صوت (فريدة) من شرودها وهي تسألها عما بها..فرسمت على وجهها ابتسامة وهي تحاول نسيان ما حدث ثم أخبرتها بأمر الزيارة،لتجد أن والدتها مرحبة بالأمر كما توقعت تماما..فأقنعت نفسها أنها على حق..
وحاولت السيطرة على انفعالاتها وهي تكلم (إيفان) ليلا ليخبرها بالمطلوب منها..


* * *

كانت (حنان) تشعر بالضيق لما يحدث مع صديقتها،وتشعر أن الفجوة تزداد بينهما يوما بعد يوم.. وستزداد أكثر عندما تعرف بالخطوة التي ستتخذها ابتداءا من الأسبوع القادم..
وفي اليوم التالي اتصل (عمر) بوالد (حنان) للاتفاق على موعد لزيارة تعارف مع أهله لتصاب (حنان) بالصدمة..فقد كان والدي (عمر) لا يختلفان كثيرا عن والديها من حيث التحرر والانفتاح الشديد..
لكن هذا أزال الكثير من المخاوف داخلها لأن أهلها لن يصطدموا مع أهله،وبالتالي فرفضهم النفسي له سيتلاشى..كما أنه يتفهم وضعها مع أهلها لأنه متواجد في الوضع نفسه..
أحست (حنان) أن قرارها الذي أضمرته في نفسها قرار صحيح،وأنها لن تؤجله إلى نهاية الأسبوع..

وفي الصباح كان هاتف (شيماء) يرن بلا انقطاع..وكانت تنهي الاتصال كل مرة وهي تكمل ارتداء ثيابها وتتعجب من استعجال (حنان) ..
نزلت على الدرج مسرعة وركبت السيارة بجوار صديقتها وهي تقول:
- ما كل هذه العجلة؟ ..لقد كنـ ..

بترت عبارتها عندما نظرت إلى الفتاة الجالسة بجوارها..الفتاة التي يغطي وجهها غطاء بني فاتح.. ورغم ذلك فقد كانت تعرف هاتين العينين..
- ما بك يا (شيماء) ؟ وكأنك رأيت شبحا
أشارت (شيماء) إلى وجهها وهي تقول:
- ما هذا؟
أمسكت (حنان) بطرف نقابها وهي تقول:
- أليست مفاجأة؟

لم تتكلم (شيماء) ونظرت أمامها لتقود (حنان) السيارة وهي صامتة أيضا،وقد تأكدت أن الفجوة ستزداد بالفعل..لكن هذا لم يكن ليثنيها عن قرارها والذي كان رد فعل والديها عليه كرد فعل (شيماء) تماما..
توقفت السيارة لتقول (حنان) :
- لقد تقدمت بطلب استقالة من العمل
انفجرت فيها (شيماء) قائلة:
- أنت مجنونة..تتركين عملك وتدمرين مستقبلك المهني دون مبرر..أنا لن أناقشك فيما فعلته بنفسك فأنت حرة،لكن..
قاطعتها (حنان) قائلة بهدوء:
- (شيماء) ..أنا لم أدمر مستقبلي المهني،يمكنني العمل في مجالات أخرى تتناسب مع وضعي الحالي..
ثم واصلت:
- بعيدا عن هذا لقد أردت إخبارك أن خطبتي ستتم يوم الخميس..وأعرف أنه مهما كان الخلاف بيننا أنك ستحضرين

وكانت مظهر (حنان) مفاجأة صادمة لـ (عمر) نفسه..لكن الصدمة تبعها سرور بالغ ورغبة في تقريب موعد زواجهما..
ذهبت (شيماء) إلى خطبة صديقتها كأحد المدعوين..ولم تحضر مع صديقتها منذ الصباح كما فعلت في المرة السابقة،وكانت (حنان) تتوقع هذا..كان حفل الخطبة مريحا،وكانت (حنان) قد أصرت أن يكون في البيت تجنبا لأية مشكلات..
وفي المساء اتصلت (شيماء) بـ (حنان) ..

" لقد عرفت الآن من الذي أجبرك على هذا..لذا فأنا أنصحك بالتفكير في الأمر مجددا يا (حنان) "
رفعت (حنان) حاجبيها دهشة وقالت:
- من الذي أجبرني؟
" خطيبك..فبالتأكيد هو يريد فتاة تتناسب مع مظهره "
ضحكت (حنان) وقالت:
- هل ستصدقين إن قلت لك أنه صدم عندما رآني؟ ..
وأخذت نفسا عميقا ثم تابعت:
- لقد كنت أفكر في هذا الأمر منذ مدة،وعندما تقدم (عمر) لخطبتي وأحسست بالراحة له رأيت أن أفضل وسيلة أشكر بها الله عليه أن عوضني بشخص مثل (عمر) أن أرتدي النقاب مرضاة لله
لم تعقب (شيماء) ..وانتهت المكالمة وهي تتمنى لصديقتها حظا طيبا..


* * *

كان موعد زيارة (شيماء) إلى روسيا في آخر أكتوبر،واستطاعت أن تحصل على إجازة من العمل بشق الأنفس..
وبعد شهر كانت (شيماء) في الطائرة المتجهة إلى موسكو حيث ينتظرها (إيفان) الذي وصل إلى صالة الانتظار قبل ساعتين من وصول الطائرة..
كان ينظر إلى الساعة كل خمس دقائق تقريبا وهو يشعر أن الوقت يمر بطيئا ولزجا،مما زاد من توتره..

لكن أخيرا..هبطت الطائرة في موسكو..


يتبع ...........


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 12:02 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

من هنا سينطلق
... (الجزء الثاني) ...
وسيبدأ بالفصل السادس عشر


التقت عيناه بعينيها دون أن يبحث كثيرا بين المسافرين..وكان قلبه يخفق احتفالا بقدومها..
عانقها لتشعر بنفس الرجفة التي شعرت بها من قبل..

- حمدا لله على سلامتك..ومرحبا بك في روسيا
- شكرا
كانت تشعر بسخونة في وجنتيها من الخجل،وفوجئت به يأخذ حقيبتها من يدها ويدفعها أمامه وهو يشير لها لتتحرك..
- كيف كانت رحلتك؟ لا بد أنك شعرت بالضيق لطول الوقت
- بعض الشيء..لكني حاولت قتل الوقت بالنوم

كان قلبها لا يكف عن الاضطراب منذ أن رأته..رأت عينيه مرة أخرى..هذا ليس حلما..
استقلا سيارة أجرة إلى محطة القطارات،وقد كانت السيارة دافئا نوعا ما بالمقارنة بالجو خارجها والذي لم يزد على أربع درجات مئوية..
- الطريق ليس طويلا..ساعة واحدة وسنكون في محطة القطار
أحست برجفة خفيفة عندما مال على أذنها في تلك اللحظة..كانت تعجب من حالها؛فقد كانت تتصرف بحرية مع (سامح) أو أي صديق لها،لكن (إيفان) كان مختلفا..كانت بقربه تشعر بشيء غريب،لكنه محبب إلى نفسها..

لم يتحدثا كثيرا في الطريق،ثم وصلا أخيرا إلى محطة القطارات..وبعد أن أنهيا إجراءات الدخول جلسا ينتظران..
- أمامنا أقل من ساعة على موعد القطار..
ثم أردف:
- أعرف أنك متعبة من الرحلة..لكن روسيا مساحتها كبيرة كما تعرفين
ابتسمت وقالت:
- أعرف..لكن من قال أنني متعبة؟
نظر لها بود ثم استأذن منها ليعود بعد قليل بكوبين يتصاعد منهما البخار،وقال وهو يقدم لها أحدهما:
- أنت لم تعتادي على جونا البارد بعد
وجلس بجوارها فقالت وهي تمسك الكوب بكلتا يديها طلبا للدفء:
- شكرا لك..
ثم واصلت:
- لا تقلق فقد أعددت العدة لذلك

كانت الساعة تقترب من السابعة مساء،والجو يزداد برودة..ومضى الوقت في الحديث حتى جاء الموعد وركبا القطار..
- الرحلة ستكون طويلة بعض الشيء
قال (إيفان) هذه العبارة وهو يشعر بالسعادة لأنه سيقضي أكبر وقت ممكن بجوارها..ولم يكن يعلم أنها تبادله ذات الشعور..
- أشعر أنني في حلم..فأنا لم أكن أتخيل أنني سأتمكن من زيارة روسيا في يوم من الأيام
التفت إليها (إيفان) وقال متسائلا:
- لماذا؟
- عندما كنت طالبة كنت أتعلم الروسية في المركز الثقافي الروسي،وكانت هناك مسابقة جائزتها رحلة إلى روسيا لمدة أسبوع..
وسكتت قليلا ثم تابعت:
- لكنني لم أتقدم للمسابقة بسبب وفاة والدي في ذلك الوقت
شردت قليلا في ذكرياتها فقال (إيفان) بنبرة حاول إضفاء بعض المرح عليها:
- ولماذا اخترت الروسية بالذات؟
انتبهت (شيماء) من شرودها وقالت:
- كنت أريد لغة غير تقليدية،فالإنجليزية والفرنسية والإسبانية أو اللغات اللاتينية عموما صارت منتشرة..فكرت في تعلم الصينية لكني عدلت عن ذلك..وبعد بحث استقر اختياري على الروسية
- جيد أنك اخترتها..

بدأ القطار بالتحرك..ونظرت له (شيماء) مستفهمة فقال:
- لأنك لو لم تختاريها لما التقيتك..
تزايدت ضربات قلبها واحمر وجهها فخفضته وقد أصيبت بالارتباك..لكنه لم يهتم لارتباكها وواصل وهو يقترب منها أكثر:
- أنت لا تعرفين ماذا فعلتِ بحياتي منذ أن رأيتك..
تعالى صوت دقات قلبها ليصم أذنيها عن كل ما حولها إلا من صوته..
- لم أعد أرى الدنيا إلا من خلال عينيك

كانت تحملق فيه وقد أصابها الذهول..لقد صح توقعها الذي حاولت تجنب التفكير فيه من قبل.. نظراته التي أطل منها الشوق واللهفة عندما رآها فضحت ما بقلبه قبل أن يتكلم..
اعتدل في مقعده وهو يحاول السيطرة على مشاعره التي أعلنت العصيان لتفصح عن نفسها..لكن إلى متى سيظل صامتا؟ ..إلى متى؟ ..

ظلا صامتين لدقائق ثم قال (إيفان) محاولا تغيير الجو العام:
- ألا تريدين معرفة مسار جولتك السياحية؟
التفتت إليه وقد رسمت ابتسامة على شفتيها ثم قالت:
- بلى
أخرج دفترا صغيرا من جيبه ثم فتحه وراح يخبرها عن أهم المعالم التي سيذهبان إليها..
- كنت أتمنى لو أنكِ جئتِ في الصيف لتشاهدي الليالي البيضاء والاستمتاع بنزهة في النهر..
ثم نظر في عينيها مباشرة وتابع:
- لكني لم أستطع انتظار عام كامل دون أن أراك

مرة أخرى لم يستطع كبح جماح مشاعره..فواصل الحديث محاولا أن يبدوا هادئا..

مرت الساعات الأربع بسرعة بالنسبة له،لكن عزاءه أنه سيقضي أسبوعا كاملا معها تحت سقف واحد..
وصلا إلى المنزل بعد منتصف الليل وقد نام كل من بالمنزل لانشغالهم في الصباح..عدا (فاليريا) وأمها..كانتا مستيقظتين في انتظار ضيفتهم..

دخل (إيفان) إلى البيت وبعده (شيماء) ..ثم وضع الحقيبة بجوار الباب وسلم على أمه وأخته ثم قال مشيرا إلى (شيماء) :
- (شيماء) ..صديقتي المصرية..
ثم وجه كلامه لـ (شيماء) قائلا:
- هذه أمي..وهذه أختي (فاليريا) والتي ستشاركينها غرفتها طيلة إقامتك معنا

رحبت بها الأم ودعتها لتناول عشاء خفيف أعدته لهما،ثم استأذنت منهم للنوم لأن لديها عملا في الصباح..
خلعت (شيماء) معطفها لتأخذه منها (فاليريا) وتعلقه على المشجب المجاور للباب ثم تجلس معهما على الطاولة..
- حمدا لله على سلامتك
نظرت (شيماء) إلى (فاليريا) وشكرتها..كانت عينيها كأخيها تماما..اختلط فيهما الرمادي بلون السماء،وقد بدا فيهما السرور لوجودها معهم..

- ألن تذهبي للكلية في الصباح؟ ..ادخلي لتنامي
ابتسمت بخبث وقالت:
- أريد أن أريها مكان نومها في الغرفة،لذا فسأنتظر معكما
قطب (إيفان) جبينه وقال بضيق:
- أريها الغرفة الآن ثم اتركيها تأكل
ضحكت (شيماء) رغما عنها،ثم ذهبت مع (فاليريا) إلى الغرفة..
- سأنام أنا على هذا الفراش وأنت على الآخر
كانت غرفة فتاة بالفعل،فطلاء جدرانها كان ورديا،وأثاث الغرفة رقيق وبسيط..
- شكرا لك يا (فاليريا) ..أرجو أن أكون ضيفة خفيفة
- لا تقولي هذا..لقد كنت أنتظرك على أحر من الجمر؛فـ (إيفان) كان يتكلم عنك كثيرا في الآونة الأخيرة
احمر وجه (شيماء) وقالت بحذر:
- ماذا كان يقول؟

- هل انتهيت يا (فاليريا) ؟

التفتت الفتاتان لتجدا (إيفان) يقف أمام الباب،فقالت (فاليريا) بخبث:
- سأحضر حقيبتها إلى الغرفة
ودفعته بيدها دفعا خفيفا وهي خارجة من الغرفة،فهز (إيفان) رأسه وقال:
- هيا فالطعام سيبرد
خرجت معه ثم عادت (فاليريا) لغرفتها..وجلست (شيماء) إلى المائدة وبجوارها (إيفان) ..وقد كان الطعام دافئا ولذيذا..
- أعجبك؟
أومأت (شيماء) برأسها ثم قالت:
- بيتكم جميل
ابتسم ورشف من حسائه ثم قال:
- هذا هو بيتنا منذ أن ولدت
- لقد جعلتك تسهر ولن تستطيع الذهاب لعملك غدا
هز رأسه وقال وهو ينظر إليها مباشرة:
- لن أذهب للعمل فقد أخذت إجازة لمدة أسبوع

رغم الإضاءة الخافتة إلا أنها رأت في عينيه ذلك الشوق الذي رأته من قبل..فخفضت وجهها نحو صحنها وقالت وهي تعبث فيه بالملعقة:
- أنت تحصل على الكثير من الإجازات
- لا تنسي أنني صاحب العمل
ابتسمت ثم واصلت الأكل..وبعد أن انتهت شكرته على الطعام ثم قالت بعد تردد:
- ستنام؟
- هل ستنامين أنتِ؟
ابتسمت وقالت:
- لا أشعر بالنعاس
- ولا أنا
قالها وقام من على كرسيه فقالت بحرج:
- لا بد أنك متعب
- لا تقلقي علي..لقد نلت قسطا كافيا من النوم قبل أن ألقاك

كان يكذب فهو لم يغمض له جفن طيلة الليلة الماضية،وراح يتقلب في فراشه وهو يشعر بالتوتر لاقتراب موعد وصولها إلى روسيا..
- ما رأيك أن نخرج إلى الحديقة؟
- لا بأس
كادت أن تخرج خلفه لكنها فوجئت به يعترض سبيلها وهو يقول:
- ستخرجين هكذا؟ ..
لم تفهم مقصده إلا عندما وجدته يحضر معطفها ليلبسها إياه..
- لا تنسي أن ترتدي معطفك دوما قبل خروجك من البيت،فدرجة الحرارة منخفضة جدا..نحن لسنا في مصر
أزاحت يده بلطف لتكمل ارتداء معطفها وقد أصابها الارتباك..ثم خرجت من الباب ليلفح وجهها تيار من الهواء المثلج ارتجفت على إثره وهي تتبع (إيفان) إلى الحديقة..كان البيت مكونا من طابق واحد وكانت الحديقة خلف المنزل..

جلس (إيفان) على إحدى الأرائك ثم أشار لها لتجلس بجواره..جلست وهي تنقل بصرها بين أرجاء المكان وتقول:
- مكان جميل
- عندما ترينه في النهار سيعجبك أكثر..
ثم مال على أذنها وقال هامسا:
- هل تريدين معرفة ماذا كنت أقول؟
التفتت إليه وعلى وجهها علامات الدهشة وقالت:
- تقول ماذا؟!
قال بنفس الصوت الهامس:
- عندما كنت أتحدث إلى (فاليريا) عنك..

اندفع الدم إلى وجهها وشعرت بسخونة وجنتيها رغم برودة الجو،لكنه لم يلحظ ذلك بسبب الإضاءة الضعيفة،ورغم ذلك فقد أشاحت بوجهها حياء..لكنها فوجئت بيده تدير وجهها إليه وهو يقول:
- لماذا تبعدين عينيك عني؟ ..لماذا لا تريدينني أن أقرأ ما أخفيته بهما؟ ..أنا لم أنم منذ البارحة وأنا أفكر في اللحظة التي سأرى فيها عينيك

رغم سخونة وجنتيها إلا أن أطرافها كادت تتجمد..لكن ليس بسبب برودة الجو..فخفضت وجهها قليلا وقالت محاولة تغيير دفة الحديث:
- ألم تقل أنك نمت جيدا؟

خرجت الكلمات مرتجفة من بين شفتيها،وأدركت أن جسدها يرتجف هو الآخر..وقبل أن تضيف كلمة أخرى أحاط جسدها بذراعه وضمها إليه..
ازداد ارتجاف جسدها فضمها إليه أكثر،لتشعر بقلبه المضطرب كقلبها..وبدأت نبضات قلبه تبث لها الدفء فأراحت رأسها على صدره وقد انهارت مقاومتها واعترفت لنفسها أخيرا بما رفضته قبلا..
إنها تحبه..تحبه بجنون..لا تعرف متى بدأت الشرارة،لكن هذا لا يهمها فهي تشعر أنها تحبه منذ زمن طويل،ربما قبل أن تلتقيه..كانت فكرة مجنونة لكنها تصدقها..ولم تكن تدري أنه كان يشاركها الشعور ذاته..أنه أحبها منذ زمن..وقد أحس في هذه اللحظة بما تكنه نحوه من مشاعر..

مد يده الأخرى وأمسك بكفها ليدفئها،ليصبح إحساسه يقينا..إنها تحبه كما يحبها هو..لقد تسللت إلى قلبه بهدوء لتقلب حياته رأسا على عقب،فكان يفتقدها في كل مكان يذهب إليه،وفي كل عمل يقوم به.. أصبحت جزءا من حياته دون أن تشعر هي بذلك،وبعدها عنه كان يترك فراغا مؤلما لديه..
- لقد كنت أتمنى هذه اللحظة منذ زمن..أن تكوني بقربي لا يفصل بيننا شيء..لكن لو كنت تعرفين كم أحبك لما ابتعدت عني أبدا

خفض رأسه و نظر إليها ليفاجأ بأنها قد نامت..ابتسم ثم راح يمسح على شعرها وقد بدأت دقات قلبه تهدأ..تمنى لو أنها ظلت بقربه للأبد،لكنه كان مضطرا لإيقاظها كي تنام في الداخل حيث الدفء..
- (شيماء) ..
كان يربت على كتفها بلطف ففتحت عينيها لتنتبه أنها نامت على صدره..ابتعدت عنه قليلا وهي تشعر بالخجل فقال يمازحها:
- ألم تقولي أنك لا تشعرين بالنعاس؟
ابتسمت بخمول وقامت من مكانها،ودخلا معا إلى المنزل..ثم تركته ودخلت إلى غرفة (فاليريا) بهدوء..بدلت ثيابها ثم ارتمت على الفراش لتغط في نوم عميق..



يتبع ...........





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 12:04 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

الفصل السابع عشر والأخير


فتحت (شيماء) عينيها لتصاب بالهلع..

- ما هذا المكان؟!..
لكنها تذكرت فتنهدت في راحة..كانت الساعة تقترب من العاشرة صباحا..فنهضت من فراشها وخرجت من الغرفة..وقفت في مكانها لا تدري أين الحمام..ومن المؤكد أن أهل البيت ليسوا فيه،وربما كان (إيفان) نائما حتى الآن..فقررت أن تبحث بنفسها..
لكن قبل أن تتحرك ظهر أمامها (إيفان) وعلى وجهه ابتسامة عريضة..
- صباح الخير
ابتسمت وردت التحية ثم سألته عن مكان الحمام..وبعد أن خرجت وجدته يضع بعض الصحون على المائدة..
- انتظر سآتي لمساعدتك

ودخلت خلفه للمطبخ لتجده يصنع بعض الشطائر وبجواره بعض حبات الطماطم،فأحضرت صحنا آخر وراحت تقطع الطماطم وهي تقف بجواره..
- لم أكن أعلم أنك تنامين بهذه السرعة..
توقفت يدها عن العمل واتسعت عيناها وقد تذكرت ما حدث بالأمس..
شعرت برجفة تسري في جسدها،لكنها عاودت العمل لتخفي ارتباكها فقال:
- استعدي لأول جولة اليوم..سنذهب إلى متحف الإرميتاج
- جيد..وسنتبادل الأدوار..أنت ستكون المرشد وأنا السائح

بعد الإفطار اتصلت بأمها لتطمئنها أنها وصلت..ثم تجهزا للذهاب إلى المتحف..
مرا بجوار نهر (نيڤا) الذي يطل عليه المتحف لتشهق (شيماء) من الانبهار وتقول:
- لقد رأيت المتحف في الصور من قبل لكني لم أتخيل أن يكون بهذه الروعة
ضحك (إيفان) وقال:
- أجلي انبهارك حتى تدخلي إليه

دخلا إلى المتحف وراحا يتنقلان بين القاعات،ولم تشعر (شيماء) بمرور الوقت فقد كان المتحف مبهرا بحق..ومن أكثر ما أعجبها الجزء الفرعوني الموجود فيه؛فقد أحست أن تاريخ بلدها له أهمية كبرى في العالم..
خرجا بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة،ثم راحا يمشيان على جانب النهر..

- هذا المكان مريح للـ..
بترت عبارتها عندما أحست بيده تمسك بكفها..التفتت إليه وتلاقت أعينهما لتقولا الكثير..فنظرت (شيماء) أمامها ثم شبكت أصابعها بأصابعه..
غزت ابتسامة شفتي (إيفان) وضغط برفق على كفها ثم واصلا طريقهما على ضفة النهر وهما يتحدثان..ثم عادا إلى البيت عند الثالثة والنصف تقريبا..

كان الجميع في البيت وقد اجتمعوا على مائدة الغداء،فقام (إيفان) بتعريفها إلى أبيه وأخيه..سلمت عليهما ثم انضمت مع (إيفان) إليهم على المائدة..

قضت (شيماء) وقتا ممتعا في ذلك اليوم،وشعرت بالدفء في هذا البيت..

أمضت الأيام التالية في زيارة معالم المدينة الساحرة..فذهبت مع (إيفان) إلى قصر بيترهوف،والذي زاد انبهارها أضعافا مضاعفة..وزارا كنيسة القديس (إسحاق) ،وصعدا معا إلى قمتها لتشاهد (شيماء) المدينة من الأعلى..كان المنظر يحبس الأنفاس..كما زارت أيضا قصر (إيكاترينا) العظيمة..

وذهبت إلى شارع نيفسكي..أكبر شارع في سان بطرسبرغ كلها،بأنهاره الثلاثة التي تجمدت بسبب برودة الجو..ومن هناك اشترت بعض التذكارات..

التقطت العديد من الصور في كل مكان..صور منفردة لها أو لـ (إيفان) ،وصور لهما معا،وصور للأماكن نفسها..وانقضى الوقت سريعا ولم يتبق إلا يومين فقط للعودة إلى القاهرة..

عادت (فاليريا) من الخارج ومعها (إيكاترينا) ،والتي كانت تشعر بالغيرة من (شيماء) قبل أن تراها، فـ (فاليريا) لم تتوقف عن الحديث عنها طيلة الأيام الماضية..مما جعل (إيكاترينا) تصر على رؤية تلك الفتاة التي سلبت قلب (إيفان) ..وعندما رأتها اشتعلت الغيرة في قلبها أكثر..ما الذي جذب (إيفان) لتلك الفتاة التي لا يساوي جمالها ربع جمال (إيكاترينا) ..
اقتربت من (شيماء) و(إيفان) اللذين كانا يجلسان معا في الحديقة الخلفية يتحدثان..
- أهلا (إيفان) ..
التفت (إيفان) لتعانقه الفتاة على غير عادتها..رفع حاجبيه في دهشة ونظر إلى (فاليريا) فرفعت كتفيها بأنها لا تفهم شيئا..ودهشت (شيماء) أيضا والتي قالت (إيكاترينا) وهي تنظر إليها:
- ألم تكن (صوفيا) أجمل منها يا (إيفان) ؟

حل الصمت على الجميع وكأنما قد تجمد المشهد،لكن (شيماء) قالت في تساؤل:
- من هي (صوفيا) ؟
نظرت لها (إيكاترينا) بذهول..ثم التفتت إلى (فاليريا) التي سحبتها من ذراعها بعيدا وهي تعنفها..
- ما هذا الذي قلتِه يا غبية؟
ارتبكت (إيكاترينا) وقالت:
- لم تقولي لي أنها تعرف الروسية
- هذا ليس مبررا لما قلت..ويكفي أن (إيفان) يعرفها كي يفهم مقصدك من تلك الكلمات
وسحبتها إلى داخل البيت وهي تتمتم بكلمات غاضبة..

شعر (إيفان) بالغيظ من تلك الفتاة الحمقاء..لكنه قال محاولا تلطيف الجو:
- هل نسيت موعدنا اليوم؟ ..بدلي ثيابك كي نذهب
كانت (شيماء) تشعر ببعض الضيق والقلق مما قالته تلك الفتاة..من (صوفيا) هذه التي تقارنها بها؟ .. لكنها قررت أن تتحدث معه فيما بعد..

الجو يزداد برودة،والثلوج تتساقط كنُدَف القطن لتستقر على كتفيها وغطاء رأسها..وبحركة لا إرداية تعلقت في ذراعه وكأنها تطلب الدفء..التفت إليها فخفق قلبها وكادت أن تسحب ذراعها،غير أنه أطبق عليه ولم يفلته..

- (إيفان) ..
التفت إليها لتقول:
- من هي (صوفيا) التي ذكرتها صديقة (فاليريا) ؟

نظر إليها مليا ليجدها تبادله نظرات ملئى بالإصرار..فتنهد وجلسا على أقرب مقعد ثم قال:
- (صوفيا) كانت تجربة سابقة في حياتي
كانت (شيماء) تنظر إليه في عدم اقتناع ثم قالت:
- تحبها؟

كان المساء قد حل،وقل عدد المتنزهين حتى بدت الحديقة خالية إلا منهما..
استدار لها بكل جسده ونظر في عينيها لبعض الوقت ثم قال مستجمعا كل شجاعته:
- أنا لا أحب أحدا غيرك أنتِ..

تسارعت ضربات قلبها واضطربت،فوضعت يدها على صدرها وكأنما تحاول تهدئته..وتلاحقت أنفاسها وهي تشعر بتزايد برودة أطرافها..
- أنا لا أحب أحدا سواك يا (شيماء) ..لم أعد أرى امرأة غيرك..لقد ملكت قلبي وروحي وحياتي كلها..
نظر إلى عينيها المذهولتين ثم أردف:
- وددت لو أخبرتك بما يعتمل في صدري من قبل،لكني لم أستطع قبل أن أتأكد من مشاعرك..وقد تأكدت..لكن لساني ظل عاجزا عن البوح بحبي لك..وها أنا أخبرك الآن..أنا أحبك يا (شيماء) ..أحبك كما لم أحب أحدا من قبل..

أخذ نفسا عميقا وواصل وقد شعر أنه يركض في سباق طويل:
- أريدك أن تبقي بجاني دائما..لا أريد أن يفترق أحد منا عن الآخر..هل يمكنك أن تعديني بذلك؟ ..

حاولت (شيماء) استيعاب كل ما قال..كان الأمر صعبا..إنها تعرف أنه يحبها،لكن لحظة المصارحة كانت أقوى مما تخيلت..
- عديني يا (شيماء)
انتبهت وقالت بصوت مبحوح:
- بمَ؟
- بأن تبقي معي للأبد..
ثم تابع وهو يمسك بكفها:
- وأن تتزوجيني!

وقعت الكلمة على مسامعها كالصاعقة،لتفيق من غيبوبتها التي مكثت بها طويلا..
ما الذي فعلته بنفسك يا (شيماء) ؟ ..لماذا تشبثت بحبل مهترئ ظنا منك بأنه حبل النجاة؟ ..بالتأكيد كان سيطلب منك هذا الطلب عاجلا أم أجلا..وأنت لم تعدي العدة له من قبل..لهذا غصت في بحر الوهم طويلا حتى شارفت على الغرق..

التمعت الدموع في عينيها وسحبت كفها من يده وقامت من مكانها،ثم أولته ظهرها وجسدها يرتجف بشدة..
- هل أنت بخير؟ ..
قام (إيفان) من مكانه وأمسك بذراعها ليديرها إليه ويقول:
- (شيماء) ..
قاطعته قائلة:
- لا يمكنني
عقد حاجبيه دهشة وقال:
- لا يمكنك ماذا؟
- لا يمكنني أن أتزوجك
- لماذا؟
- لأن..لأن..

كان موقفا صعبا وبدأت الدموع تسيل من عينيها وهي تقول:
- لأنك غير مسلم
نظر إليها في غير فهم وقال:
- وما المشكلة في ذلك؟
- لا يمكنني أن أتزوج أحدا على غير ديني

شعر (إيفان) بانقباضة في قلبه..هل يمكن أن يخسرها؟ ..لا يمكن..
أمسك وجهها بكلتا يديه وقربه من وجهه وهو يقول:
- أنا أحبك..ولا يهمني أي قانون في هذا العالم..وأنت أيضا تحبينني..
هزت رأسها يمنة ويسرة فضغط بيديه على جانبي وجهها بقوة وألصق جبهته بجبهتها وهو يقول في إصرار:
- بل تحبينني..ويجب أن تعترفي بهذا
ابتعدت عنه وصاحت:
- أجل أحبك..وبجنون..لكن لا يمكنني تخطي هذا الحاجز

شهقت من البكاء وأغمضت عينيها لتتساقط دموعها فوق الثلوج..دموع تملؤها المرارة..

صاح فيها وهو يكاد يجن:
- لماذا؟
- قلت لك لأنك لست مسلما..أنا مسلمة ولا يمكنني الزواج من أحد يخالف ديني
- وهل دينك هو الذي يحثك على هذا؟ أم هو قانون البلد؟
- بل ديني الذي يقول هذا
- لكنك لست متدينة،فماذا سيضيرك إذن؟ ..أنا أعرف أن الحجاب أمر ديني لكنك لا ترتدينه،فلماذا تصعبين الأمر عليك وعليّ؟

كانت كلماته كالصفعة..
أنا لست متدينة..ما الذي سيضيرني؟ ..
أحست بغصة في حلقها وراح شريط حياتها يمر سريعا أمام عينيها لتدرك أنها كما قال..

- هذا الأمر ليس هينا..إنه مختلف
كان صوتها مختنقا..وقلبها يتمزق وهي تشعر أنها السبب فيما حدث لها..
أما (إيفان) فلم يكن يريد تصديق أذنيه..لقد طعنته بقسوة حتى كادت تزهق روحه..لم يكن يريد أن يصدق أنه لن يراها ثانية..لكن الحقيقة دائما صعبة..ومؤلمة..


* * *

ودعت (شيماء) أسرة (إيفان) ثم خرجت من البيت معه ليذهبا إلى محطة القطار..طيلة الطريق لم يتبادلا حرفا واحدا..ومرت ساعات القطار الأربع ثقيلة على عكس المرة الماضية..
كانت تسند رأسها إلى زجاج النافذة تحبس دمعها مرة وتطلق سراحه مرات..وهكذا حتى وصلا إلى المطار..

لم تجرؤ على النظر إليه،ولم يعانقها هذه المرة..لكنه أمسك بيدها قبل أن تغادر..فالتفتت إليه وقد احمرت عيناها من كثرة البكاء..
كان يريد أن يقول لها أن قلبه لن يتوقف عن حبها لكنه لم يجرؤ..لم يكن يريد أن يزيد الجرح ألما..
سحبت يدها من يده وغادرت وهي تشعر أن روحها خرجت منها بغير رجعة..

وعادت إلى مصر لتصاب بصدمة أخرى..
فقد أصاب الذعر أمها من منظرها..وسألتها عما بها لتخبرها (شيماء) بطلب (إيفان) ..
- وما المشكلة في ذلك؟
ظهر الذهول على وجه (شيماء) وقالت:
- ألم تعي المشكلة يا أمي؟ ..إنه غير مسلم
- لقد عرفت أباك في فرنسا،وعندما صرح لي بحبه وطلب مني الزواج لم أفكر في دينه..
وواصلت والصدمة بادية على وجه ابنتها:
- نحن في القرن الحادي والعشرين وهذه القوانين يجب أن يتغير
أصيبت (شيماء) بالدوار..فما سمعته لا يمكن أن يكون صحيحا..وهي لا تحتمل صدمة جديدة..

دخلت إلى غرفتها وراحت تفكر في كلام أمها..بالتأكيد هي أكثر شخص تخاف عليه في هذا العالم.. ولن تقول لها شيئا يضرها..لكن..
هبت (شيماء) معتدلة على فراشها وقد تذكرت شيئا..

" ليس كل ما يوافق عليه الأهل يكون صحيحا يا (شيماء) .. "

(حنان) كانت محقة..كانت محقة في كل كلمة قالتها..وها هو كلامها يتمثل أمامها واقعا ملموسا..
قفزت من فراشها واتصلت بـ (حنان) وهي تشعر بالندم لأنها صمت أذنيها عنها مرات ومرات من قبل..
" السلام عليكم..حمدا لله على سلامـ.. "
قاطعتها (شيماء) بسرعة قائلة:
- (حنان) ..سآتي إلى منزلك حالا
وأنهت المكالمة قبل أن تتلقى منها ردا..ثم ذهبت إليها..

كان الوقت قد قارب على منتصف الليل،لكنها لم تهتم..ولم تهتم لأسئلة أمها التي فزعت عندما وجدتها تندفع إلى الخارج..
فتحت (حنان) الباب ثم أدخلت (شيماء) إلى غرفتها..
- ما بك؟ لقد أفزعتني؟ هل حدث مكروه لك أو لوالدتك؟

هزت (شيماء) رأسها ولم تتمالك نفسها فانفجرت في بكاء مرير وارتمت في حضن صديقتها لتخبرها بكل ما حدث..راحت تتكلم وتتكلم دون أن تلتقط أنفاسها..كانت تريد أن تخرج ما يعتمل في صدرها قبل أن تصاب بالاختناق..
ربتت (حنان) على رأسها وهي تشعر بالألم لما حدث مع صديقتها..لكن (شيماء) اعتدلت فجأة ومسحت دموعها ثم قالت:

- (حنان) ..سأرتدي الحجاب!


* * *

مر عام كامل دون أن تعرف (شيماء) عن (إيفان) شيئا؛فهي لم تفتح بريدها الإلكتروني منذ عادت إلى مصر،كي لا تضعف وترسل أي شيء له فتتعذب أكثر،لأنها مهما فعلت لا يمكنها تغيير الواقع..
حاولت التعايش مع حياتها الجديدة..وكما حدث مع (حنان) لاقت (شيماء) من أمها تقريعا بسبب التغيير الذي طرأ عليها..وأحست بما كانت تحس به (حنان) عندما كانت توجه لها (شيماء) كلماتها اللاذعة..

تزوجت (حنان) من (عمر) وبعد زواجها بشهر أخبرت (شيماء) أن هناك من يريد التقدم إليها.. رفضت (شيماء) في البداية لكن (حنان) ألحت عليها كي تراه فقط..فوافقت على مضض..
وفور أن رأته قفزت إلى ذهنها صورة (إيفان) ..

كفي عن التفكير فيه يا (شيماء) ..حاولي أن تنسيه كما نسيك هو الآخر..
وغادر الرجل لتخبر (حنان) برفضها..

رغم كل شيء لم تزل تحبه..ولم تكن قادرة على رؤية رجل غيره..

أخبرتها (حنان) عن شخص آخر لكن (شيماء) رفضت بشدة هذه المرة..
وفي آخر الشهر كما هي عادة عمها الدكتور (محمود) ..جاء لزيارتها هي ووالدتها مع أسرته..
- سأذهب في رمضان القادم إلى العمرة إن شاء الله
كان وجه (محمود) ينطق بالبشر والسرور وهو يقول هذه العبارة..
قالت (شيماء) :
- مبروك يا عمي..
ثم أردفت بمرح:
- أتمنى أن أذهب أنا أيضا في يوم ما
- فكرة جيدة..

التفتت (شيماء) وأمها إلى (محمود) الذي قال:
- تعالي معنا..نحن لا نزال في البداية ولم نكمل بقية أوراقنا بعد
تبادلت (شيماء) وأمها النظرات ثم قالت:
- هل أنت محق فيما تقول؟
- ومنذ متى وأنا أمزح يا فتاة؟ ..
ثم وجه كلامه لأمها قائلا:
- وأنت أيضا يا (فريدة) ..سأخبرك بالأوراق المطلوبة لكي تأتي معنا

كادت (شيماء) أن تطير من السعادة..وبدأت بتجهيز أوراقها هي ووالدتها..وأخبرت (حنان) لتبارك لها وتقول:
- لو يسمح لنا الدكتور (محمود) بالذهاب معه لفعلنا
ضحكت (شيماء) وهي تشعر أن رحلة كهذه ستعيد لها الهدوء النفسي الذي افتقدته منذ مدة..وراحت تعد الأيام على موعد الذهاب..وفي منتصف رمضان كانت (شيماء) ووالدتها بصحبة عمها وأسرته في طريقهم إلى الأرض الحرام..

أحست بمشاعر غريبة عندما وطئت قدماها أرض الحرم..وعانقت الكعبة بعينيها لتذرف دمعا لا تدري أهو دمع فرح أم شوق أم ندم..لكنها كانت متأكدة أنها ستخرج من هذا المكان وقد تغيرت..
كانت العمرة مرهقة بعض الشيء بسبب الزحام الشديد في هذا الوقت من السنة..فعادت إلى الفندق ونامت على الفور..وفي اليوم التالي وبعد صلاة العشاء ذهبت مع ابنة عمها إلى السوق لشراء بعض التذكارات قبل موعد القيام..

كانت تتفقد بعض زجاجات المسك عندما سمعت أحدهم يتحدث بعربية مكسرة مختلطة بالإنجليزية إلى أحد البائعين..
سقطت الزجاجة من يدها..ولثوان لم تر أمامها،وراح قلبها ينبض بأضعاف قوته ليصل صوته إلى أذنيها وعقلها يصمهما عن كل شيء..

التفتت إلى مصدر الصوت لتلتقي عيناها بآخر شيء كانت تتوقعه..اللون الرمادي المختلط بلون السماء..فسقطت على الأرض مغشيا عليها..


* * *

كانت تخشى أن يكون هذا حلما قد يوقظها أحدهم منه في أية لحظة..لكنها لم تكن تحلم..ها هو (إيفان) يجلس مع عمها ليرتب أمر زواجه منها..
وبعد أن عادت إلى مصر جاء إليها ليعقدا قرانهما ويرتبطا للأبد..
عرفت منه بعد ذلك أنه ظل يرسل لها على بريدها الإلكتروني ولم يتلق منها أي رد..لكنه لم يفقد الأمل..

- رفضك للزواج مني رغم حبكِ لي،جعلني أفكر..كنت أعرف أنك تحبينني كما أحبك تماما،لذا فما أبعدك عني هو شيء كبير..ورغم أنك لم تكوني متمسكة بدينك كثيرا إلا أنك رفضت كسر الحاجز الأخير
كانت تجلس بجواره في حجرة الجلوس ببيت والدتها،فقالت تستحثه على المواصلة:
- وبعد؟
- كنت غاضبا في البداية..لكن بعد أن هدأت بدأت رحلة بحثي عن السبب الذي تركتني من أجله

مدت يدها وراحت تعبث بلحيته الشقراء،ثم أمسكت بكفه وطبعت قبلة عليها وأراحت رأسها على صدره لتسمع دقات قلبه تخبرها في كل نبضة أنه يحبها..
وبعد أن أنهى أوراقها أرسل إليها لتعيش معه في روسيا..

بين الثلوج..



تمت بحمد الله



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-14, 02:36 AM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف حالكم إن شاء الله دائما بخير ؟

باقة من الورود
بقدوم السنة الجديدة
معطرة بالعود
لك يا صاحب الجود
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-14, 08:20 PM   #19

درة الاحساء

نجم روايتي ومشرفة سابقةومصممه

 
الصورة الرمزية درة الاحساء

? العضوٌ??? » 213582
?  التسِجيلٌ » Dec 2011
? مشَارَ?اتْي » 6,499
?  نُقآطِيْ » درة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond repute
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

درة الاحساء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-14, 09:59 PM   #20

yamr

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية yamr

? العضوٌ??? » 152736
?  التسِجيلٌ » Jan 2011
? مشَارَ?اتْي » 682
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » yamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond reputeyamr has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
نكتشف گمْ كُنّا حمقَى حينَ تَسقُط الأقنعة عن أشخاصٍ ،،كُنّا نَظنّهُمْ أصدقاء واحبه، فتحنا قلوبنا لهم يومًا !..وبگينا لأجلهم , وتقرّبنا منهم , وأعطيناهم أوقاتنا !!طيبَتنَا تَقْتُلْ ...! وأنتهت الحكاية .
افتراضي

تسلم ايدك.... روايه رائعه

yamr غير متواجد حالياً  
التوقيع
<a href=https://im66.gulfup.com/lwHLZZ.jpeg target=_blank>https://im66.gulfup.com/lwHLZZ.jpeg</a>
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أميرة, للكاتبة, أندلسية, مكتملة, الثلوج, دموع, جزئين, فصحى, ،رواية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:26 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.