عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب

[bambolina]

<b>

كانت طبول الحرب تقرع في قلبها على قدم وساق وتزداد إرتفاعاً مع كلّ درجة تصعدها وتقربها لشقتها، صدق من قال إنّ حبل الكذب قصير فها قد كشف أمرها وبسرعة وهاهي أفكارها تعمل بجدّ تحاول أن تحزر ما العقاب الذي سيفرضه أحمد عليها الآن... هل كان الأمر يستحق... إنها حتى لم تستمتع بخروجها فما فتئت في كلّ لحظة وأختها تنظر للساعة وتؤنّب نفسها على فعلتها الحمقاء، ما فتأ قلبها يخبرها أنّ عاقبة خطأها ستكون وخيمة!
ترى الى أي درجة هو غاضب الآن... "اتّق شرّ الحليم"... هذا ما حّذرها هو منه قبل عدّة أيام و "إسكتي ولا تقعدي تناقشي فيه... غلطانة والغلط راكبك من ساسك لراسك فما في داعي تقعدي تجادلي... شو ما بيحكيلك بتسكتي لحتى يهدا وساعتها بتقوليله وبتبرري شو ما بدك"... هذا ما نصحتها به زوجة خالها... لم تره يوماً حقاً غاضباً جداً... ترى ما الذي سيقوله... ما الذي سيفعله... سترك يا رب!!
فتحت باب الشقة لتجدها تغرق ببعض الظلمة وكأنها تعلن عن مزاج صاحبها المسودّ، هدير أنفاسها المضطربة غطّا على صوت خطواتها بينما تلفّ أرجاء الشقة تبحث عنه لتجده أخيرا ممدداً على كنبة مزدوجة في غرفة مكتبه المظلم، دخلت الغرفة بعد أن فتحت الإنارة وإقتربت منه تجلس على كرسي أمامه كما المتهم تنتظر حكمه بإدانتها أو... إدانتها
تنحنحت بإعلان آخر عن حضورها وقد رأت عدم إنتباهه أو ربما... عدم إهتمامه... لم يغير من وضعيته وقد عرف بوجودها... مستلقياً على تلك الكنبة بإسترخاء خادع يغطي وجهه بإحدى ذراعيه فيما يمدّ الأخرى بطولها تستريح بجانبه... أغاظها صمته وتجاهله لها فتنحنحت مرة أخرى هامسة: أحمد!
عندما لم يبدي أيّ ردة فعل أكملت: كنت حابة أعملك مفاجأة اليوم بالمستشفى بس ما إلي نصيب... إنت روّحت بكير!
إنتظرت منه أن يقول شيئا.. أيّ شئ لكنه لم يفعل حتى كان من الممكن أن تظنّ أنّه نائم لو لم تكن تعرفه جيداً... فهو لن يستطيع النوم وذلك الغضب يسيطر عليه... أكملت بصوت مهزوز: قلت بطريقي بروح بعايد على صاحبيتي بعيد ميلادها... كانو مجتمعين بكافيه " جلا جلا"... ففففـ... قلت يعني... لازم أوديلها هدية... يعني هيي من كم شهر بعيد ميلادي إجت زارتني بالبيت وهنتني وجابتلي عطر حلو... مو حلوة لازم أردلها إيّاها صح؟!!
أكملت متغاضية عن صمته المستمر: بس والله ما إنبسطت... كنت مستعجلة مشتاقيتلك وحابة أشوفك مكان ما بتشتغل...... هو... أنت ليش روحت بكير؟
بالطبع لم تلق جواباً أيضا فنادته بصوت باكٍ مرة أخرى دون فائدة وقالت: أنت ليش ما عم تحكي معي؟
ثمّ إنهارت ببكاءٍ ناعم أخرجت به كلّ ما كان بها من خوف وضيق، بكاء إستمرّت فيه لوقت قصير حتى لاحظت أنّها لم تهزّ به شعرة، فخفت بكائها تدريجياً تحاول أن تفهم الحالة التي تعتريه عندما سمعته يقول بصوت بارد كما الصقيع: خلصت؟!
بهتت سراب من كلمته اليتيمة الباردة وكانت تحاول فهم أبعادها عندما أكمل: إذا خلصتي إطلعي وسكري الباب وراكي!
أظلمت الدنيا من حولها ووقفت بإرتعاش وقالت: أحمد حبيبي إفهمني أنت إضطريتني أروح من وراك... أحمد....
صمتت عاجزة عن التبرير والدفاع وهزت رأسها بعجز قبل أن تتحرك ولكنها قبل أن تصل الباب سمعته يقول: سراب...
إبتسمت باهتزاز ظانّة أنّه قد أشفق عليها من تجاهله وقد تفهّم أسبابها ولكنّ إبتسامتها سرعان ما تحولت لصدمة عندما أكمل: ما في داعي تنامي اليوم بالصالة... الغرفة بحالها إلك خدي راحتك فيها!!!
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................

</b>

يتبع

[bambolina]

<b>

اليوم التالي
للمرة الأولى كانت هي من تتمسك بذراعه، نظرة رفض وتوتر وترقب كانت تطلّ من عينيها، فيما كانت نظرة تعاطف وعزم تطلّ من عيناه، إقتربت منه تهمس بصوت تخللته بعض الرعشة: شو كان صار يعني لو أجلنا الموضوع للسبت؟ اليوم الخميس يعني ما كانت كتير راح تفرق
نظر لها وإبتسم يطمئنها قائلاً: اليوم ما في جلسة بس هيك تعارف
تأففت من تبريره المتكرر، كيف سمحت له أن يجرها جراً إلى هنا، قال لها إن إمتحاناتها قد إنتهت وآن أوان تنفيذ الوعد... ولكن يا إلهي هي لم تنته إلا البارحة، ألم يكن عليه أن يعطيها متنفساً لعدة أيام تستعد فيه للمرحلة القادمة؟!!!
أشار لها بالجلوس على كنبة قريبة وإتجه إلى الإستقبال، جلست بعدم إرتياح وأخذت تتأمل المكان من حولها، كان المكان هادئاً تنضح منه معالم الفخامة والرقيّ، أكثر رقيّاً من العيادة حيث إعتادت الذهاب قبل سنوات وبالتأكيد أبهظ ثمناً رغم أنّهما يقبعان في نفس المنطقة حيث أغلب عيادات الطب النفسي، لكنّ هنا كما كانت تلاحظ ليست مجرد عيادة عادية إنما هو تجمع لعدّة أطباء ومختصين يعملون كلّهم تحت إرشادات وإشراف ذات الطبيب... الطبيب الذي سيتولّى حالتها في الواقع... وهنا كانت نقطة الخلاف الثانية بينها وبين كرم حيث رفضت هي اللجوء لطبيب ذكر، لكنّه أصرّ عليه معلماً إيّاها أنه ليس حقاً بأسعد منها في هذا ولكنّه قد سمع أنّ هذا الطبيب هو الأفضل وأنّه لديه أساليب مختلفة ومتطورة في العلاج خاصة بالحالات الخاصة بقضايا إنتهاكات المرأة كحالتها وأنّ هناك العديد من الأطباء غيره يعملون تحت إمرته وسيحولها لغيره من الطبيبات من أن يجد حاجة لذلك!
بعد دقائق عاد كرم وجلس بجانبها ممسكاً يدها ومبتسماً لوجهها برقة ودعم وتقهم، ردّت غزل له إبتسامة شاحبة وسمعته يقول: الدكتور هلأ دقايق وبيوصل، هو بالمسجد بجنب العيادة راح يصلّي العصر، بس تشوفيه صدقيني راح ترتاحيلو كتير، هو رجال كبير ومتدين وفاهم كتير بشغلتو لأنه بقضّيها دورات ودراسات بدول الغرب بّرة وحسب ما فهمت انه طموحه يأسس جمعية لاعادة تأهيل سلوك النساء اللي بيعانوا من أي نوع من انواع العنف الجسدي
هزّت له برأسها متمتمة بـ"إن شاء الله" وبعدها سمعت همهة عند باب العيادة الرئيسي وولوج رجل طويل مهيب أشيب الشعر بملامح دافئة وهيئة وقورة يحمل في يده سبحة تطوف في يده بحركة متزامنة مع التمتمة على شفتاه، وفجأة توقفت تلك الشفتان مجمدة السبحة معها عندما لاحظ كرم الذي سرعان ما وقف بإحترام ما إن لاحظ توجهه نحوهم بإبتسامته اللطيفة الدافئة
سلّم الطبيب على كرم بترحاب بعد أن أدخل السبحة الى جيبه ليلتفت على غزل غزل بعدها فيقوم كرم بمهمة التعريف عنها قائلاً باختصار: غزل دكتور
إبتسم لها الطبيب بوقار أبويّ وقال: أهلاً وسهلاً بغزل... تفضلوا شرفوا عالمكتب ولا بدنا نبقى واقفين هون اليوم؟!
بعد دقائق كانت غزل تجلس ملاصقة لكرم على أريكة مزدوجة مريحة بطاولة صغيرة أماها خالية من أية اضافيات عليها، أخذت غزل تتلاهى بتأمل محيط الغرفة حولها... غرفة حميمية بطريقة مألوفة، بأنوار هادئة، وألوان دافئة مريحة ، بواجهة زجاجية لها باب تغطي واجهة كاملة وتكشف عن حديقة داخلية بسيطة تصدح منها أصوات تغريد العصافير الشجي ويتوسطها جلسة بكرسيّان هزازان من الخيزران يحيطان بطاولة صغيرة، كانت الغرفة كلها بهجة للنظر ومنعشة للنفس وخاصة برائحة الخزامى التي كانت تصدر من مبخرة ضخمة في زاوية الغرفة وصورة تقبع أمامه على زاوية المكتب عرفت لاحقا انها لبنات ثلاث هنّ بناته في الحقيقة
بعد بعض من كلمات الترحاب التي تبادلها كرم والطبيب، إلتفت لها الأخير متأملاً يديها المتشنجتان في حضنها، وعينيها اللتين لم تهدآ في الدوران حول تفاصيل الغرفة تبحث فيها عن سبباً للإعتراض والرحيل خاطبها قائلاً: كيفك غزل؟
همست بينما تقترب بتلقائية من كرم: الحمـ... احم... الحمد لله دكتور
سألها رغم علمه بالإجابة فهذا ليس أول لقاء له مع كرم: أي سنة بالجامعة صرتي؟
عدّلت من حجابها من دون حاجة وقالت: أنا تخرجت... تقريباً
أمال برأسه لها وقال: كيف يعني تخرجت تقريباً؟!!
كانت غزل تتسائل في نفسها وتوترها يكاد يبلغ أوجه، ما الداعي لكل هذه الأسئلة، فليدخل بالموضوع وينتهي من الأمر! ومع ذلك وبلا حيلة أجابته: يعني خلصت الإمتحانات الفصل الأخير ومنتظرة النتائج والشهادة
إستمرّ هو: شو بتدرسي؟
أجابت من جديد بإضطراب وتلعثم: تغذية
ضحك بإنشراح وأشار لبطنه قائلاً: ممتااااز هيييك إتفقنا
سألته بإستغراب: على شو؟
هزّ رأسه بعجب وقال: على تبادل المساعدة... إنت بتساعديني إقيم هالكرش وأنا بساعدك بـ.... هو إنتي ليش جاية لهون أصلاً؟!!
إبتلعت غزل ريقها وأدارت رأسها وأشارت به بعد صمت نحو كرم قائلة: هو جابني!
بخفة سألها: مين هو؟
أجابته بخفوت: كرم!
ليسأل بإلحاح وبطريقة مستفزة: مين كرم؟
فهتفت به بحنق: زوجي!!!
تنهيدة عميقة خارجة من القلب أخرجها هو براحة وإنتشاء، لم تقل ابن عمي... لم تقل قريبي... لم تتردد وإنما قالتها بثقة وبملئ فاها..." زوجي" ... أما غزل فقد أصابها الخجل وقد أعلنته زوجاً لها وهي التي تحاول إخراجه دوماً من رأسها من هذا القالب فكرم أولاً وآخراً ما تزوجها إلا مغصوباً وليستر عليها... ولكن... وكأنه بكلمات عشقه الكثيرة لها وبإحتوائه الدائم والداعم لضعفها... أقنعها أجبرها على الرضوخ... ودون حتى أن تشعر!
سمعت الطبيب يسألها: كيف يعني زوجك كرم جابك؟ جابك بالغصب يعني ولا أقنعك ولا يمكن بس جيتي تسايري لحتى ترضيه؟!!
صمتت غزل طويلاً وقالت بشجن: بدي أرضيه وبدي... أعيش... أنا... أنا تعبانة!!
قالتها وغصة تخنقها فتخنقه معها فأمسك يدها وشدّ عليها بدعم وتعزيز لتنظر إليه وخيال إبتسامة يرسم على شفاهها تواسيه بها، سمعت الطبيب يقول: إتفقنا... هاد الإعتراف بحد ذاتو بداية العلاج يا بنتي وإن شاء الله فترة وبتعدّي وبتلاقي حالك غزل تانية... غزل قوية وسعيدة... كلّ إللي بيلزمك هلأ شوية شجاعة وأوعي يا بنتي تستقلي بحالك ولا تخجلي من نفسك لأنك جاية بتتعالجي عند دكتور نفسي... لو تعرفي الكم الهائل من الناس اللي بيلجؤوا لأطباء نفسانيين هالأيام أكيد راح تنصدمي بس هاد علامة وعي... إنت هون يا بنتي لأنك مبتلى... مصابة... إلجأي لرب العالمين إطلبي منو العون وتوكلي عليه وبإذن رب العالمين أكون أنا سبب من أسباب شفاكي... أنا وكرم زوجك طبعاً...
وأكمل ممازحاً كي يكسر جوّ الجمود الذي كان يحيط بهم: وهلأ من متى بدنا نبدأ نخفف هالكرش؟ راح نبدأ معك بجلستين إسبوعياً كلّ جلسة مدتها ساعة قد تقلّ وقد تنقص حسب الوضع... طبعاً الأساليب عنّا مختلفة وإن شاء الله إنها راح تناسبك وشوي شوي يمكن تتحمسيلها كمان متل ما صار مع غيرك كتير...راح أكون أنا طبيبك المشرف لكنك ما راح تبقي بس عندي... أحيانا راح نلجأ لطبيبة مساعدة... وأهم شي تكوني واثقة ومتأكدة إنّه السرية التامة مضمونة ألف بالمية مو مية بالمية بس وكوني متأكدة إنّو حتى زوجك ما راح يعرف حرف واحد من اللي بينقال هون ما لم إنت تطلبي منّا هالشي!!
ومن ثمّ نظر لكرم الممتعظ بعض الشئ وأكمل: أما أنت يا كرم فأعتقد هلأ صار نص ساعة إسبوعياً كافية بالنسبة إلك... وقول للسكرتيرة تخليك بنفس اليوم مع غزل لحتى ما تقضيها رايح جاي.. إتفقنا؟!!
نظرت له غزل بمفاجأة بينما يقف ويحيي الطبيب ويأخذ بيدها مغادراً... كرم.. وجلسة علاج!! ولكن لماذا؟! ما به وما حاجته للعلاج؟!!
ما إن دخلا إلى المصعد مغادرين حتى إرتكز كرم بظهره عليه وأمسك بيدها مشددا من ضغطه عليها أكثر مقرباً إيّاها منه وقال ناظراً لعينيها بعشق أراده مقروءًا بل ومفضوحاً لها أيضاً: كلّ إشي راح تمرّي فيه راح أسبقك إله ما راح أخليكي تخوضي بشي لوحدك من دون ما أكون مجربه من قبلك... إذا إنت بديتي علاجك اليوم فأنا بديت من تلات أسابيع!
نظرت له بإستغراب وسألته: طيب ليش؟
قال لها بينما يسحبها خارجاً من المصعد إلى الشارع الهادئ: ليش إيش بالضبط؟ ليش بدي أخوض كلّ تجاربك معك ولّا ليش محتاج لدكتور نفساني؟!
ما إن أغلق باب سيّارته الكائنة في أحد المصفات الهادئة وجلس على المقعد حتى أمسك بيدها وقال بصوت أجش: بدي أخوض تجاربك معك لأني بحبك... بحبك وبدّي أكون شريك حياتك... شريك يشاركك بكلّ تفاصيل حياتك... أما ليش باخد جلسات عند دكتور فلأني عاشق أناني... أناني بحبّك... متملك بمشاعري... وهاد التملك بحرّك فيي مشاعر وأفكار بتدبحني... بتعذبني... تملّكي إلك بيدبحني... ذكرياتي بتدبحني يا غزل!
نظرت له بتشوش تحاول اللحاق بفيض كلماته ولكنّه قطع عليها الطريق عندما أمسك يدها مقبلاً إياها بشغف ويقول: في يوم... في الوقت المناسب... راح أوضحلك شو معنى كلامي، وبتمنى إنّو بوقتها ألاقي عندك توضيحات إنت كمان!
وتركها ببساطة محركاً السيّارة، تركها... مرتجفة الجسد والقلب... والأفكار!
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..................................

</b>

يتبع الجزء الخامس والأخير

[bambolina]

<b>

بعد أسبوع يوم الجمعة
إستيقظت سراب على صوت صفقته لباب الحمّام ففتحت عينيها على ذات الخواء الذي يمزق قلبها منذ أيّام، لم تتخيل يوما أنّ أحمد يحمل بداخله هذا القلب القاسي، أسبوع قد مرّ الآن مذ خرجت دون إذنه في عيد ميلاد صديقتها وهاهو لا زال يخاصمها ولا يكلمها ولا ينام حتى معها في ذات الغرفة حتى اليوم، تعلم أنّها قد أخطأت ولكنّها إعتذرت وإعتذرت وإعتذرت حتى باتت تشعر بكرامتها تنازع في داخلها بألم، لكنها لا تبالي فقلبها يتألم أكثر، وهي تستحق السعادة تستحقها، وسعادتها معه ومعه فقط لذلك فهي لن تيأس... أبداً!!!
بكلّ حماس ركضت سراب نحو الحمّام الآخر نفضت عنها آثار النوم ولبست أحد تلك البلاطين المطاطة والتي تلتصق على الجسم كجلد ثانٍ وإختارته لحميّ اللون وإرتدت فوقه بلوزة دون أكمام ولا ظهر زهرية اللون وبعد أن صبغت شفتيها وخديها ببعض من الزهر الفاتح ركضت نحو المطبخ وقد سمعت إستمرار إنهمار الماء في حوض الإستحمام
بعد أن قاربت على الإنتهاء من تحضير الفطور سمعته يخرج من باب الغرفة تسبقه رائحته الشهية التي إشتاقتها وبشدّة، وسمعت خطواته المتجهة نحو باب الشقة تمشي على إستعجال فتركت كلّ ما بيدها وخرجت تركض ورائه لتقف أمامه وتقطع عليه الطريق
أخذت وقتها تتملّى في تفاصيل وجهه الذي إشتاقته، وقتاً كان هو أكثر من سعيد به إذ إستغله بثوانيه دون أن يفلت منه لحظة في إشباع شوقه إليها إستنشاق وجودها إستنشاقاً... لقد أدمنها دون أن يشعر ولكنّ ما فعلته كبير... كبير جداً
إستيقظ من نشوة قربها وقال ببرود: شو موقفتيني لحتى تسكتي
أجفلت من بروده الذي تناقض وتلك النار المتوهجة التي كانت تشتعل قبل لحظات داخل عينيه، إبتسمت تتجاهل تلك الإنقباضة القاسية التي إعتصرت قلبها: وين رايح حبيبي اليوم الجمعة يعني ما في مستشفى
إبتسم لها بسخرية وقال: أعتقد واضح من لبسي وين رايح!
إبتلعت ريقها بينما تنظر لملابسه الرياضية التي لم تلاحظها حتى اللحظة فهمست بخيبة: النادي!!
ذلك النادي اللعين! ألا ليته يحترق على رؤوس أصحابه... ولكن بعد أن يغادره أحمد!! لقد كرهته وقد باتت تشعره ضرة لها فهو يذهب إليه يومياً ما إن يعود من المستشفى منذ تخاصما وكلّما تخاصما! قالت بروحها المقاتلة: ما أنت كل يوم بتروح عالنادي يعني ما فيها شي لو ما رحت اليوم!
أزاحها من طريقه وقال: صعب ما بقدر لازم كلّ يوم ألعب رياضة والا بتعب!
تخصرت سراب وقالت: يا سلام من إيمتى
أجابها بإستخفاف: من زمان
رفعت حاجبيها وقالت: يعني من وقت ما تجوزنا ما شفتك يوم بتلعب رياضة
نظر لها يمسح جسدها بتأمل بطئ من رأسها وحتى أخمص قدميها متماهلاً في أماكن محددة من جسدها وقال بصوت أجش: الرياضة أنواع ست سراب
إحمرّت سراب وبشدة وقد فهمت معانيه المخفية في طيات كلماته وقالت تقاوم ضربات قلبها الهادرة... إشتاقته... إشتاقته:
طيب لشو هالأواعي حاملها معك؟
قال بينما يفتح باب الشقة بالمفتاح: عندي مناوبة العصر
مناوبة! المزيد من المناوبات؟! لقد ناوب مرتين هذا الإسبوع وستكون هذه الثالثة بعد أن كان يناوب مرة كلّ أسبوع، همست بإحباط: طيب إفطر معي على الأقل
قال: شبعان!
سمعها تقول: طيب معلش أروح عند أهلي اليوم؟
قال ببرود بينما يخطو خارج الباب وكأنه قد ملّ من هذا الحوار الذي إستطال: سراب حكيتلك أكتر من مرة إعملي شو ما بدك ووقت ما بدك
تضعضعت معنويات سراب حتى الصفر وقالت بإنهيار بصوت تغشاه الدموع: أنت قاسي يا أحمد... قاسي وحقود
كاد أن يعود وقد عزّ عليه إنهيارها... أحرقته دموعها... كاد... لولا أن سمعها تقول بحقد غاضب... مخنوق: أنا هلأ عرفت ليش دلال تركتك!!!
قالتها وصفعت الباب بحدّة رجّت البناية بصوتها لكنّها زلزلت أعماقه بدويّ!!
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..................................
تركها كرم تنظف الطاولة حيث تناولا فطورهما... فطوراً هادئاً... صامتاً... صاخب المشاعر فكلّ لمسة عرضية بينهما تهزّه... تحرقه... تنهكه... يكاد لهاث الشوق يهشّ على نيران قلبه المتوقدة لشدّته فتحرقه
أما هي فغافلة عنه... تدور بفلك لوحدها... لا تدري بأنّ فلكها محوره هو... فتدور أيضاً من حوله دون أن تشعر
لقد ذهبت لجلستين حتى الآن، جلستان تركاها صامتة نهاراً تثير الفوضى من حولها بحمّى تنظيف شاملة للبيت... بيتها وبيت أهلهما... بحجة أنّها أهملتهما كثيراً أيام الإمتحانات... لكنّها صاخبة ليلاً وبشدة... تكاد لا تنام... بل يكاد هو لا ينام وصوت أنينها وهذرها يصمّ قلبه... تنام عيناها لكنّ الذاكرة أبداً لا تنام!
أنهى كرم تجهيز نفسه مرتدياً ملابس رياضية زادها جسده فخامة، لقد إتفق هو وإخوته أن يذهبوا كلّهم إلى النادي اليوم فيتريضوا قليلاً ويسبحوا، وهو جداً سعيد لهذا لعلّه يفرّغ قليلاً من كبته ويساعده الإجهاد على التخدير... لقد بحث بالأمس على الإنترنت على وسائل تساعده على تبريد عواطفه فماذا وجد؟ الدوشات الباردة... لم تنفع، الصوم... سيصوم نهاراً فماذا عن الليل... الطويييل، الزواج... يا إلهي إنه متزوج أصلاً!!! يا إلهي ماذا بقي له؟ لا شئ... لاشئ سوى عيناها تناشدانه الدعم و.. الصبر... فيا الله ألهمني من الصبر قناطيرا!
زفر كرم بحدة وأمسك زجاجة العطر ليرشّ منها قليلاً على جسده ولكنّه ما إن فعل حتّى سمع صوت صراخ... صراخ غزل يصمّ أذنيه... صراخ عال ومدوّ ومرتعب!
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..................................

</b>


انتهى الفصل وقراءة ممتعة
الفصل القادم ان شاء الله سيكون يوم الاثنين القادم الساعة الثانية والنصف ظهرا بتوقيت السعودية
وبما أنّ موضوع العزومة الاسبوع الماضي عجبكم فأرجو ان تعطوني رأيكم بوجبة اليوم ولو عجبتكم لا تنسوا اللايك
بانتظار آراءكم بشوق فلا تهملوها
ما هي توقعاتكم للفصل القادم والتي تعطيني توقع صحيح اعدها أن ارسل لها الفصل كااااملا على الخاص

[انثى الهوى]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ana sara

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر

---

---

:ts_011::ts_011::ts_011::ts_011::ts_011::ts_011::t s_011::ts_011::ts_011::ts_011::ts_011:

اعتذر حبيبتي لحذف الرد لانه يفصل بين فقرات الفصل

[bambolina]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 92 ( الأعضاء 76 والزوار 16)
‏bambolina, ‏ام معتوق, ‏سناء هلسة, ‏ام علي اياد+, ‏do3a, ‏سراج النور, ‏غفرانك اللهم, ‏maiswesam, ‏amelia ahmed, ‏طوطه, ‏littlebee, ‏سودوكو, ‏صمت الهجير, ‏nada alaa, ‏زهرة الكاميليا4+, ‏jello, ‏دلال الدلال, ‏shada l+, ‏نهى حسام, ‏نداء الحق+, ‏ام غيث, ‏HEND_SHERIF+, ‏luz del sol, ‏عراقيــه, ‏khma44+, ‏دودي عزام+, ‏أم أحلام, ‏رانو قنديل+, ‏AyOyaT, ‏انت عشقي, ‏غيدائي, ‏celinenodahend, ‏أم الأبطال, ‏sloomi, ‏*ماريان*, ‏ana sara+, ‏sosomaya, ‏Abeer roro, ‏liveflower, ‏kokisemsem, ‏za.zaza, ‏zenab_sorour, ‏حووووووور, ‏روح طرياك, ‏نوف بنت ابوها, ‏maryema, ‏rontii, ‏somar, ‏تشاندريكا, ‏نوت2009, ‏roro.rona, ‏سارة امينة+, ‏smile as you can, ‏dekaelanteka, ‏الماسة زوجي+, ‏ام لينووو@, ‏eiman hashem, ‏أم لين, ‏woow, ‏sihamo, ‏catacetocat, ‏غمزة نظر, ‏خمسية, ‏حنان الرزقي, ‏زالاتان, ‏بسمه أمل, ‏ريمين, ‏nabooll, ‏شيزكيك, ‏theredrose, ‏riane, ‏Nor sy, ‏ebtoto

قراءة ممتعة وشكرا لحضوركم

[نوف بنت ابوها]

مسااااء الهناااااء و راحة البال على الجميييييع .،.،. متى يرتاااح بال كروووم وغزله ،.، سراب ياااويلك من الحليم إذا غضب 😉😜😁😡

[amelia ahmed]

حراااااام عليكى , لسه هستنى الاسبوع الجاى , ايه النهاية دى ههههههههه
فصل مشوق كالعادة و كمان بحب اوى اسلوبك العامى ممتع . بجد تسلمى

[bambolina]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الكاميليا4

طاغية الحضور انتي ،، كل ما فيك يسبي ،، ترانيم صوتك ،، بيان صمتك ،، هدوئك وصخبك ،، جنونك واتزانك ،، إني غارق في أجزاء أجزائك ،، دعيني أغرق في عوالم سحرك ،،،،، الحياة كلمة لم أدرك معناها إلا بقربك ...
كرم.......

روعة روعة توتة جداااا حبيتها
ويا رب زينوبة ترضى تصممها
هيك بنحرج فيها بالعقل هههههههههههههههه

[amelia ahmed]

كرم ده هيقتلنى باللى بيعمله مع غزل , انا من الفريق بتاااااااااااااااعه
اما احمد وسراب بقى باين كده ان مستقبلهم مع بعض هيبقى وردى على الاخر ههههههههههه

[نداء الحق]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفصل رااائع يانيفين
بكرة ان شاء الله راح اعلق على الفصل
هسة راح اطلع