شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه "مكتملة" (https://www.rewity.com/forum/t293102.html)

مثير الجدل 24-11-13 06:04 AM

فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه "مكتملة"
 

كيف حال الجميع في هذا المنتدى الرائع والكبير أن شاء الله تكونوا بخير وصحة وسلامة ,
طبعا هذي أول مشاركة لي , والمشاركة عبارة عن كتاب ألفته قبل فترة بسيطة ,

بالنسبة لـ(فرانك المعتوه) هو كتاب لتو أنهيته يتكلم عن شخصية وهمية أجتمعت فيها صفات متناقضة للغاية , يملك لسان حاد يصهر الحديد , يفوق قوته البدنية الجبارة , الكتاب بشكل عام كالسيرة الذاتيه لتلك الشخصية حياته وكيف عاش ألخ , ولكن لب الكتاب وأساسه (خطاباته وأحاديثه وقصصه) , أشير بأن بعض الكتاب والمثقفين نصحوني بأن أحول الكتاب إلى رواية لكن تناقضات الشخصية وحياته والهدف الذي يريده جعل من الصعوبة أن أكتبه كرواية لأن اللغة الخطابية هنا أعلى من الروائية , ففضلته أن يبقى هكذا .

راح أنزل في البداية مقدمة ونبذة بسيطة ثم فكرة الشخصية ومن أين أتت والتعريف بها وسأكتفي بأول خطاباته أما البقية ستكون على فترات , لذا أتمنى من الأخوة المشرفين تثبيت الموضوع كي أعتمده بشكل مستمر , أرجوا أن يكون الكتاب عند حسن ظن الجميع .


مثير الجدل 24-11-13 06:05 AM

(فرانك المعتوه : خطاباه وأحاديثه)



مقدمة :

هل قرأت رواية أو كتاب أو سمعت حكاية أسطورية غريبة أو حتى شاهدت فيلما من قبل وأعجبت بشخصية ما في خيالك أو أنجذبت لها ، وأقصد هنا طبعا (شخصية خيالية) أو وهمية وروائية التي يعشقها الكثيرون ويحبونها لأسباب عدة , بعضهم لأنها تبعده عن واقعه , وبعضهم لمجرد الترفيه فقط , وبعضهم لغرابتها ربما أو لأعجابه بتصرفات تلك الشخصية ومبرراتها وتناقضاتها وماتملكه من كاريزما عالية من حيث الشكل أو الملبس أو القوة أو قدرات هائلة أو حتى طيبتها , وبعضهم لأنها تروح عن ذاته وتفعل ما لايستطيع فعله أو مايتمنى فعله على أرض الواقع ولايقدر , أو لما تملك من فلسفة وحكمة ورؤيا مختلفة عن غيرها على أي حال , كل ولديه أسبابه .

تعريف بسيط بالشخصية الخيالية هي شخصية من فكر وأختراع مؤلف ما تظهر في عمل وعالم من نسج الخيال , ولا تشمل البشر فحسب ، وإنما تضم أيضا الحيوانات ، المخلوقات الفضائية ، الآلهة ، آليين ، وأي مخلوقات وشخصيات ميثولوجية أخرى , تكون الشخصيات غالباً محور النصوص المكتوبة , نشاهدها كثيرآ و بأشكال مختلفة ومتنوعة بعشرات الكتب والقصص والروايات والمسرحيات والأفلام والموروثات الشعبية والأساطير خاصة منها الأغريقية , حيث تكون في أغلب الأحوال شخصية وهمية لا تمت للواقع بصلة تمتاز عن غيرها من سائر البشر أو مايمثله , تمتلك قدرات هائلة لا يملكها أحد , صنعها الأنسان وألفها وآلفها , وجدت مكانها في قلوبهم , بعضها أكتسبت أهمية تاريخية كبرى رغم أن وجودها لم يتخطى حدود القصص الأدبية والفلكلورية أو حتى أنها كتبت في حقبة ما وثارت على كل التقاليد والقيم , ولتلك النوعية من الشخصيات محبيها ومريديها ومتابعيها والمتلهفين لرؤيتها والمهووسين بها وقرآءت كل مايخصها والغوص في أعماقها وحتى محاولة تقليدهم في تصرفاتهم , رغم أن الجميع على يقين بأنها مجرد أوهام وخيال من أبتكار كاتب مــا .

الغريب بأن الشهرة التي يحلم بها الجميع تقريبا تملكها بعض هذه الشخصيات دون أن تستفيد منها ، ربما لأنها ليست موجودة أو ماتمثله وتفعله , حتى أن شهرتها تجاوزت كل الحدود والأرقام والعقود والسنين , الطريف في الأمر بأن من أخترعها لم ينشهر أو يعرفه أحد ألا بسبب هذه الشخصيات الوهمية .

زوربا , راسكولنيكيف , الأمير ميشكين , فاوست , هاملت , دراكولا , شارلوك هولمز , جيمس بوند , الدكتور جيكل ومستر هايد , سيزيف , جان فالجان , أبولو , آرتيميس , زيوس , أفروديت , هيرا , آريز , آخيل , أوديسيوس , بوسيدون , فينوس , أثينا , ديميتر , صوفي تيفيو , هرقل بوارو , سكارليت أوهارا , باركر بين , أرسين روبين , روبرت لانغدون , آرثر هستنغز , الآنسة ماربل , هيثكليف , فلورنتينو اريثا , كوازيمودو , فيكتور فرانكنشتاين , روزي العاملة , روبن هود , دون خوان , أنظر كم شخصية وهمية روائية وأسطورية لدينا هنا كثيرة وكثيرة جدا يعرفها الجميع كبير كان أو صغير , بل يعرف الناس أيضا صفات تلك الشخصيات ومايمثلونه ومدى التأثير الذي أحدثوه في العالم وتاريخ الشعوب والأدب .

هنا رحت أسرح بخيالي بعيد جدا أبني شخصيات وربما أوهام هل تبقى شيئا آخر لم يقدم أو يذكر , أبقت حروب ومعارك يقاتل فيها الأبطال الخارقون أعداءهم , هل سيتقبل الناس بطلا جديد , يكرر مافعله غيره وسبقه , بالطبع لا , أو ربما يتقبلونه بتململ , لكن مادام هناك خير فالشر باق , مدام هناك أمان فالفوضى منتشرة , مدام هناك حسن فالقبيح يظهر .

هي حرب واحدة أبدية متبقية لم يستطع أحد أن يتغلب عليها عدى فئة قليلة من لديه عزم وصبرا وقوة أرادة , هي هي لاغيرها (حرب النفس) أقسى المعارك وأشدها فتكا وأكثرها ضراوة بكل ماتمثله من فكرا ولؤم وحقد وحسد وكراهية وغيبة ونميمة وسوء وظن وخوف وجنون العظمة وغرور الذات , أضافة إلى التسلط والجشع والنفاق وحب المال والشهرة والغضب , معركة كبيرة جنودها كثر تستخدم أخبث الأساليب وأقذرها , جهاد النفس , خبث النفس , قذارة النفس , خيانة النفس , تأنيب النفس , تتعدد الأسماء وتتعدد طرق مقاومتها .

البعض كان غنيا والنفس أفقرته , البعض كان متدينا والنفس ضيعته , البعض كان كريما والنفس أبخلته , البعض كان شهما والنفس أضلته , البعض كان ذو نية صادقة والنفس أحسدته , البعض كان متماسكا والنفس فككته , البعض كان على خلق والنفس أغرته , البعض كان صرح خيالا والنفس أهوته .

هنا بنت شخصية بداخلي حاولت أن أخفيها لكنني تأخرت كثيرا فقد كبرت وتشعبت ولم يعد في أستطاعتي إلا التعايش معها , فقمت أصوغها وأكتبها على الورق , فربما يتقبلها الناس مني , ويشاركوني هذا الشخص الوهمي أو البطل الجديد والمحارب الصلب في حروبه ويقاومون معه تلك المعارك اللئيمة , فحرب من هذا النوع ومعه وضده أزلية أبدية لاتنتهي .


فكرة الشخصية :

قد تبدو غريبة من أسمها (فرانك المعتوه) فلم يسمع به أحدا من قبل , فكيف بخطاباته أو أحاديثه , بعيدا عن التعقيدات والشوائب , هي شخصية وهمية ليس لها وجود ألا في عالمي الصغير , تربت في داخلي وكبرت حتى أستطعت أن أعيشها وأعرف كل تفاصيلها صغيرة كانت أو كبيرة , بحثت عنها في كل مكان لأعرف حقيقتها وأغوص في أعماقها .

أخترت تلك الشخصية بذاتها وتناقضاتها لتطابقها وطبيعة ما أريد , لم أحب أن أكتب رواية أو شيئا آخر كي لاأخدع نفسي لأنها ستظهر خلاف ماأبغيه , بعد أن كتبت أشياء كثيرة تشتت بعضها والآخر ضاع وسط الورق وزحمته أنتابتني مخاوف أن أفقد كل شيء , أحترت بشدة ماذا أفعل وكيف أرتب ذلك فكرت وفكرت حتى ظهر الحل جليا أمامي بعد عدة محاولات فاشلة مني للملمة ماكتبت وأحببت وتأصل داخلي .

إذ كنت جالسا ذات ليلة أمام شاشة التلفزيون بعيدا عن الهوس الذي أصابني أتنقل بين محطة وأخرى , فشاهدت قناة ما تعرض برنامج (المصارعة الحرة) أظن الجميع يعرفها , دون النقاش فيها كثيرا هو (برنامج تلفزيوني ترفيهي أسبوعي , يتصارع الرياضيون الأستعراضيون خلالها فيما بينهم , بسيناريو محكم ومعد مسبق , متفق عليه بين كل أطرافه , يتكلمون في الميكرفون بين فقراته أما في قاعة الحلبة أو خلف الكواليس) , هنا مالفت نظري وجعلني أفكر , أثار تساؤلات كثيرة في عقلي كأنها ترشدني إلى ماتمنيته .

ماذا لو ؟ أول سؤالا جال في خلدي , ماذا لو ؟ تلك الكلمة التي يقولها حالم أو غاضب أو شخص فقد من الحياة مافقد , ماذا لو كان هناك مصارع بين هؤلاء يتميز عنهم بصفات نادرة هيا , متوحش ذو قسوة مفرطة يمتلك (لسان حاد) يذيب الصخر بخطاباته الرنانة المجنونة يسمعه آلاف المتواجدين في القاعة ويدخل على الملايين منازلهم خلف الشاشات , شيئا فشيئا كبرت تلك الفكرة داخل رأسي.

هي ماأريده , هي ماكنت أبحث عنه , لكن هناك عدة ثغرات قد تواجهني فمن أمتهن ذلك العالم وأقصد هنا (المصارعة طبعا) عرف عنهم عدم أكتارثهم بشيء , بعيدين كل البعد عن الثقافة والأدب فقط يحضرون ويقاتلون بعضهم ويخرجون , يتكلمون بأشياء بعيدة عن المجتمع عدى فئة قليلة منهم , فربما لن يصدق أحدا بهم أو تبدو الفكرة سخيفة في نظر الكثيرين , لاأخفيكم بأن هذا السبب شجعني أكثر وحفزني بل ثبت بداخلي تلك الشخصية , كما أنه تحداني كي أقنع الناس به وبما أريد , شخصية تناقض نفسها بشدة لم تتوفر في أحدا تلك الصفات ألا بالمصادفة أو الطفرة , حيث تجمع بين قسوة تخلو من الرحمة وثقافة عالية جدا تصارع بأدبياتها كبار الفلاسفة والحكماء كما تصارع بجسدها .


نبذه عن الكتاب :

كما ذكرت مسبقا هي سيرة ذاتية لتلك الشخصية الوهمية (فرانك المعتوه) بصفاته ومايمثله ويقول , أشير طبعا بأنني سأبتعد في الكتابة عن المصارعة ومابداخلها فلن أتكلم عن مايجري في الحلبة من قتال أو عنف فذاك ليس موضوعي الرئيس ولا يمت له بصلة , سأكتفي بذكر خطاباته وبعض أحاديثه بعيدا كل البعد عن الحلبة وجنونها وفنون القتال الأخرى , نقرأ عقلية (فرانك) ومادار بخلده وماذا يريد أن يخبرنا , ستكون خطبه أو ماسيقوله هي المحور الأساسي ولب الموضوع بشكل تدريجي ومرتب ومفصل بكلماته التي صهرت حديدا من قوتها , هزت مشارق الأرض ومغاربها , وأعجزت الكثيرين وألهمت آخرين من خلال الميكرفون الذي أعتبره المنقذ والصديق وحلقة الوصل بينه وبين كل من سمعه وعرفه ورآه .

ستكون أحاديثه وخطاباته موجه بشكل مباشر كأنه أما يخاطب الجمهور بها أو أحدا يقف أمامه (كمصارع آخر) مثلا أو شخصا ما متواجد في القاعة أو من يشاهدونه عبر الشاشات الفضية , يتسلسل خلالها بكلماته منذ أول مانطق به على العالم وأبهرهم وحرك قلوبهم وفؤادهم ولفت الأنظار إليه حتى آخر وداعه .

لكن قبل كل ذلك فلنتعرف عليه من هو وكيف نشأ وتربى وما الذي جعله يثور على الجميع ويشتم الآخرين ويعنفهم ويخالف مبادئهم وقيمهم ويتحدى أباطرة العلم وفلاسفة التاريخ .

مثير الجدل 24-11-13 06:05 AM

فرانك المعتوه من هو :

شخصية شهيرة جدا , تخطت شهرته كل أحد لاعبون وفنانون وممثلون وحتى رؤساء دول , وصف بأنه أشهر رجل يمشي على الأرض , حليق الرأس (أقرع) , أبيض البشرة , ذو شارب وذقن كثيف نوع ما , طويل القامة مفتول العضلات رشيق للغاية , أوشام كثيرة حفرت على جسده يعبر كل وشم فيها عن فترة ما أو مصيبة أو صدمة هزته ذات يوم في حياته , قاس القلب لاترمش له عين , ناقض نفسه إذ يتمتع بخفة ظل رهيبة وطيبة خلق يحب مساعدة الآخرين من محتاجين وفقراء ومشردين , غني يملك مالا لايعد لشهرته والعقود الضخمة التي وقعها مع كبرى شركات الأعلام والمصارعة , كريم جدا لايبخل على أحد , كاريزما مجنونة في تصرفاته تبهر الفؤاد لكل من رآه أو سمعه , ذكي ذو حدس عالي يعرف مايريد الناس وكيف يحركهم ويصيبهم في مقتل , أنيق الملبس والمظهر , قيل بأنه يتمتع بذكاء حاد يتخطى به عقول البشر بمراحل كثيرة , يكره بشدة من ينظر إلى عينيه لفترة طويلة من الوقت بل يتشاجر معه يهينه ويذله .


نشأته وعائلته :

ولد في أمريكا لايعرف أي ولاية بالتحديد , فعائلته توفيت جميعها في سنة واحدة كأن لعنة ما أصابتها حينما كان يبلغ من العمر 13 عاما , أنتحر والده لشدة فقره وعدم قدرته على مساعدتهم بعد تناوله كمية كبيرة من الأدوية , هرب (فرانك) بعد شهرين مع والدته وشقيقه المعاق من مكان إلى آخر بحثا عن لقمة عيش ضورتهم جوعا , دون أستطاعتهم أن يجدوها , توفيت حينها والدته مصابة بمرض السرطان الخبيث لازمها معظم فترات حياتها إلى آخر أيامها قابعة على رصيف أحد المستشفيات التي رفضت أدخالها للعلاج لمدة تجاوزت الثلاثة أيام لعدم توفر المال لديهم , أربع شهور لم تتم كان شقيقه المعاق يلومه على ماحدث لأسرته لأنه لم يساعدهم وقت محنتهم , فكان للقدر جواب آخر أقسى وأمر فأصابته ضربة شمس حارقة توفي على أثرها , عاش مشردا يتيما فقيرا بعدها سنوات طويلة والحزن والهم لايفارقه أبدا , تركته عائلته وحيدا يذود في هذا العالم الموحش , يواجه الموج وشدته دون أن يعلموه حتى أن يسبح .


أسمه ولقبه :

أسمه (بول جاك) , لقب نفسه بفرانك المعتوه لأسباب عدة أما فرانك فكانت والدته تخبره دائما بأنها أرادت أن تسميه بذلك حين أنجبته ألا أن والده رفض ولم يريد , فسمى نفسه فرانك ليحقق أمنية والدته ومنها يخفي حقيقته شيئا ما , أما المعتوه فهي صفة ألتصقت به مذ كان صغيرا حيث عاش مشردا ينتقل من مكان تلو الآخر يتصرف بغرابة أطوار لا متناهية , يكلم الناس بأشياء لايصدقها عقل فأطلقوا عليه معتوه , فأحب ذلك اللقب وضمه إلى أسمه لتكتمل تحفته المجنونة ويعيش طوال أيام شهرته بأسمه ولقبه الغريب الذي عرف به (فرانك المعتوه) .


حياته :

تلك الصدمات والصفعات التي تلقاها في صغره وماحدث لعائلته بمرآى من عينيه دون أن يقدر على فعل شيئا لهم هي من جعلته بتلك العبقرية والجنون , عاش أيام صعبة ثقيلة لاتمر , شيبته قبل سن الثلاثين كل عين يرآها يشاهد فيها تأنيب ضميره ويلوم نفسه على ماحدث , ينام ويجلس لايتذكر فيها عدى كلمات والدته الأخيرة قبل موتها عندما كانت تقول له : (أصرخ يابني أصرخ , لعل صوتك يسمع) , ليال أرقت جفونه يحلم جالس حينها كيف يخبر العالم ماجرى لأسرته كيف عاشوا وماتوا , دون أن يعرفهم أحد أو يشعر بهم , منبوذون نكرة , كأن القدر كتب لهم أن يموتوا ليحيا هو وينفجر في وجه العالم بمن فيه وعليه يلومهم ويعاقبهم عن كل ماحدث , أحترقوا لينيروا له الطريق , طريق المجد الذي حلم به الجميع , كان التكلفة غالية جدا ولاتعوض لكنها أستحقت كل تلك التضحية في النهاية .

نظر إلى نفسه في المرآة ذات يوم فلم يعجبه ماشاهد , عرف حينها بأن جلوسه هكذا معاتب نفسه لن يفيده بشيء أو أسرته , خرج إلى الحياة بعدها محارب على جبهات عدة , معارك وجيوش تكالبت عليه ووقفت ضده فكان مستعدا لها ولقتالها بأبسط الأسلحة البدائية .

أشترك في ألعاب الفنون القتالية يتعلم ويتدرب بين أقفاصها وحلباتها يعذب ذاته المهمومة في صالة الأوزان الثقيلة , ليذيب لحمه ويبني بدلا منها عضلات صلبه تعينه على مواجهة نفسه قبل أحد , أتقنها وأصبح كالوحش أو المسخ المخيف يطيح من يحاول الوقوف بوجهه , قسوة تخيف حتى من أمتلك قلب يخشاه أسد الغاب بهيبته .

بعيدا عن ذلك كان يشتري الكثير من الكتب وماتواجد في المكتبات , يعود كل ليلة إلى مسكنه أو ما أعتبره مخبأ له , يقرأ آلالاف الفلسفات والأدبيات والحضارات والكتب السماويه ومانزل على أقوام خلت , كرس حياته لذلك مما جعله ذو ثقافة عالية جدا وحكمة قل نظيرها في أحد .

بعد أن عانى ماعانه وتدرب وقسى على نفسه وقرأ كل تلك الكتب كأنه يجهز ذاته لحياة جديدة سيدخلها ويعيشها ويقلب كيانها عالي سافلا , بعد أن تنقل بين الحلبات يصارع نفسه قبل غيره يقسو ويعنف من يقف بطريقه وصل إلى مبتغاه أخيرا ودخل أقوى شركات المصارعة في العالم بأعلامها القوي الممتد صيته إلى طوبى الأرض , هنا بدأ يدخل قلب كل شخص في أية قاعة يتواجد فيها يخطف أنفاس المشاهدين خلف الشاشات يسكن منازلهم معهم , خطاباته أحاديثه لسانه كلمات تخرج منه كزلزالا يهز زوايا الحلبة الأربع يصل بمداها إلى الجمهور وجدران القاعة التي ترج معها كاميرات النقل المباشر ليشاهده الجميع ويشعر به , لفت الأنظار منذ أول خطبة أو كلمة ألقها أمام الملأ فلم يخشى أحدا أو يجامله , صريح صادحا بالحق حتى على نفسه , يذم المجتمع وسلبياته بلا خوف أو حدود توقفه بل تخطاها كلها.

بالأضافة إلى قوته الجسدية الرهبية وأسالبيه القتالية الغريبة وضرباته العنيفة فلم يهزم يوما أو يتأثر يستمتع بالألم ويتذوقه عسلا كأنه عاش وولد لأجل حياة كهذه فقط , وتربى ليفعل بالناس وأمامهم ذلك الجنون كله , يذيقهم بعض ماذقه في سنينه يجرعهم الأوجاع كما تجرعها , رعونة يتصرف خلالها كأنه يتقصد للناس أن يروا مرارة الأيام التي عاناها .

ثورة أحاطت به بدع وأشاعات أطلقها الجميع على شخصيته , فمنهم من قال بأنه خرج من العدم والبعض بالغ كثيرا وقال بأنه أتى من المجهول , وآخرين وصفوه بأنه ولد على الحلبة متعلم يحمل بيده ميكروفونا تشبع به علما مختزن بداخله كل الفنون , آخرين ذهبوا أبعد وقالوا بأن نظرة من عينيه يستطيع أن يشب بها نارا أو سيجارة يشعلها , تيمم الناس به وأفتتنوا صدقوا كل مايقوله ويفعله .

جمعته علاقة عشق وطيدة بين ذاك الميكرفون ومايخرج من داخله يخبر قصص وأحاديث , يقول خطابات عاشها وأحس بها تناقض العالم أجمع , يناقش الفلسفة وعمقها وماورأها , (ليصل صوته الذي ماكاد يسمع حينما صرخ صغيرا مستجديا أحد كي يساعد والدته) فوصل صوته إلى الجميع محطما كل القيود والحواجز التي سدت طريقه ويحقق حلم تلك الأم التي ماتت ملقاة على الشارع .


صديقته :

وسط كل ذلك الجنون الذي يعيشه والشهرة الخارقة التي وصلها , لم تخلو حياته من نصفه الآخر ومن أعتبرها في بداية الأمر غير قابلة للمس أو حتى المس , تدعى (كاترينا) أو كما كان يحب أن يلقبها (الفتاة الأيطالية) , ولدت في مقاطعة جنوى شمالي أيطاليا من أسرة محافظة للغاية ألتقى بها في ليلة تشع نورا من القمر ونجوم تضيئها حينما كان ينتقل من دولة لأخرى مع عمله .

سمراء البشرة , شعرها قصيرا شديد السواد , عيناها سوداء حالكة تضع الكثير من الكحل , دقت صورته وشما على عنقها لتعبر عن مدى حبها له , هربت من أهلها كي تعيش معه , أحبت عالمه بكل مافيه , هي الفتاة أو الشخص الوحيد الذي تغلغل إلى داخل حياته المظلمة ومن يعرف أدق تفاصيلها وأسرارها , أغرم بها وتيمم كان يهيم بها عشقا وجنونا .


ملاحظة أخيرة :

ربما يتفاجأ القارىء بأن الشخصية المعنية تذكر بعض الآيات القرآنية في أحاديثها وخطاباتها لذلك لم أتطرق لديانته وإلى ماذا ينتمي من بعيد أو قريب تركتها مجهولة , فكما سبق أن ذكرت بأنه قرأ الكتب السماوية جميعها , مما يعني أنه يتكلم ويقول بما يحبه وحفظه ويرآه مناسب لحديثه ويتلائم مع توجهاته .

بعد أن عرفنا من هو (فرانك المعتوه) وقرأنا نبذة عن حياته ونشأته , سنفرد خلال الأسطر القادمة خطاباته فقط وبعض من أحاديثه , بشكل متسلسل بعيد عن مابينهم ومايحدث من تفاصيل , بداية بأول خطبة ألقاها حتى آخرها , لنغوص ونتعمق داخل عقله الصغير الذي يختزن بداخله كنوزا وحكم لاتقدر بثمن ... فلنتابع


مثير الجدل 24-11-13 06:06 AM

خطابه الأول :

قد لاتعرفوني , أو لاتريدون ذلك , وليكن , فأنتم في عالمي لاأحد , مجرد حثالة تعيشون عالة على المجتمع , تحبون من شئتم , أكان غبي قبيحا مثلكم , يخافكم فتظنون أنفسكم شجعان , أو متسلط خبيث تخافونه , فتعتقدون أنفسكم مسالمون , في كلتا الحالتين أنتم حمقى , لقد جعلتم من القتلة والسفاحين أبطالا وشهداء , صدقوني أنت مجبرون على ذلك , ليس ذكاء منكم أو طيبة بل مرغمون وبائسون , عندما تنظرون إلي فأنتم تشاهدون أنفسكم في المرآة بقبحها وقذارتها , أنانيتكم الوقحة دمرتكم ودمرت جميلكم إذ وجد , أخطاءكم تنسبونها لبعضكم , أحقادكم تنسبونها لحسد بعضكم , مخاوفكم تنسبونها لطيبة بعضكم , غروركم تنسبونه لجهل بعضكم , أنانيتكم تنسبونها لطمع بعضكم , لاأدري , ربما حتى أبناءكم تنسبون طيشهم لغيركم , الجميع يحاول أن يكون حلوا حتى لو دمر أقرب مالديه , أهذا ماتعيشون من أجله , أرجوكم , فليخبرني أحدكم عكس ذلك .

من يبكي تظنونه مسكين , ومن يضحك تظنونه لعين , تلك السخافات ترسخت في عقولكم , يصارحكم أحدا بالحقيقة تجيبونه بشيطان مريد , كاره أو عقله صغير , اللعنة , ألا تستحون أو تخجلون , مجتمعا يعيش على تقاليد عتيقة بالية , تلبسون الجديد بصرعات الموضة وصيحاتها , تختبؤن خلف رداءكم فأصبحتم أرخص منه ثمنا , ليته ذاك فحسب تقتنون ذهب وفضة ومجوهرات وأجهزة حديثة , لأجل ماذا , أخبروني , كي تقنعون أنفسكم بعكس ما أنتم عليه , تتباهون بذلك أمام أصدقاءكم فقط , هذا ماتعيشون لأجله .

كلن يظن نفسه طاهر مبجل , لا صدقة ولا تزكية ولا مساعدة , أنظروا بداخلكم وستعرفون خطأكم , من يسرقكم تبررون له , من يتلاعب بكم تتحججون له , من يغشكم تتبسمون له , ويحكم , حتى من أرتكب جرما تفتحون أبواب له , ثم تسألون وتتسائلون , لما يحدث كل ذلك , ألم تعرفوا بعد , القبيح بداخلكم ألم يجبكم , أنفسكم لم تسلم شرا منكم , لم تلومكم أو توبخكم أو تأنب , تقلبون الحقائق وتؤلبونها , مايهم أن تبعدون الذنب عنكم , كملائكة وصفتم أنفسكم بصفاتها , هي بعيدة عنكم بل أبعد وأبعد , ستقولونها يوما ما وستقولون , كان هناك معتوها أسمه فرانك , قالها وقالها مرارا ولم نصدق , كل مايحصل لنا ويحدث , أنفسنا جنت عليه قبل أيدينا .

مثير الجدل 24-11-13 06:06 AM

خطابه في العمر والكبر :

اللعنة يارجل , لاأريد أن أقولها , أثقلت لساني , لقد طعنت في السن وبلغت من العمر عتيا , هكذا تبادر لي عندما رأيتك , تلك التجاعيد خربتك وأذابت ملامحك , أين قوتك التي ملكتها , أين شبابك الذي أضعته , أين أحباءك قد فارقوك , أنه قطار العمر الذي لم يوقفه أحد رغم أنهم حاولوا , لم يجدوا دواء لذلك , يريدون شيئا وقانون آخر ضد الطبيعة , وصفة يقدرون بها أن يغيروا معادلة الحياة الصعبة , خابت ظنونهم السيئة , فكل من عليها فان , الجميع سيمر عليه يوما ما ويدخل دون أن يستأذن منه , سيضعفهم ويهدهم حتى يبيدهم , قبلها يمرمرهم خرفا وأوبة لايدرون كيف أصابتهم , أنها لعنة الكبر التي يهرب منها الجميع يارجل , تجبرك على الخنوع والتذلل بعدما تبلى بالعجز والمرض .

ترى كل من أحببته يرحل من عالمك بمرآ عينيك , يفارقك دون أن يشعر بك وحزنك وعليه , يجعلك تتسأل في ذاتك : كأن الموت نسيني , تذكر كل من في عالمي ونسيني , تركني وحيدا بدونهم , يشغلون حيزا بداخلك لاتملؤه كنوز الأرض , هل تصدق ماذا أصبحت , بعد أن كنت ماذا أنت , جلدا تهلهل وصدر كح وبصر ضعف وشعر أبيض , قل لي ماذا تبقى لك , عدى أبن بار ربما , أو بنت فضلت بعلها عليك , أو حتى زوجة سبقتك شيخوخة أن بقت حية , أو تركتك تعاني الأمرين , خوف من موت قريب محتمل , أو بكاء على موتها قديم .

ليال سهرتها والآن تسدد دينك نائما , طعاما أكلته والآن تسدد دينك صائما , رحلات خرجتها والآن تسدد دينك جالسا , تشع نشاط سابقا والآن تسدد دينك بلا حركة , تقول للبعض قد كبرت , إذ به يستشيط غضب يصرخ ويهذي كأنك شتمت عزيز عليه , يهرب من واقع كذبه , صدقه فيما بعد حينما رفضه الجميع وأولهم عمله , قضى عمره متفاني كأنه مخلد , مشاكل عاشها مع زوحته أو والده حبا لوظيفته , خسرهما معا بصفعتين تلقاهما على وجهه وبدنه وشيبته .

أنظر لنفسك الآن وقل لي ماترى , هل أستفدت من سنينك وصحتك ومالك وعالمك , أم ضاع كل شيئا منك بلحظات طيش متفرقة , الأيام توالت والأعوام قضت والقرون مرت فكيف تعود ومن يرجعها إذ يقدر , فليت الشباب يعود يوما , فالأسف على العمر ولاأسف على سواه , أنتهى كل مايخصك , أفسح مجالا لجديد , شباب ودماء وأرواح , لاتأخذ زمن لك وزمن لغيرك , فلن تبقى , فلو دامت لغيرك ماوصلتك .

مثير الجدل 24-11-13 06:07 AM

يتحدث عن الغضب :

الغضب , وما أدراك ما الغضب , تلك الحالة التي تصيب الأنسان وتظهر قبيح سريرته , تعمي بصيرته قبل بصره لاينظر شيئا حينها عدى غيمة سوداء أمتزجت في البياض خبث , موهمتا صاحبها بأن الحق يرى ولايرى سواه , تجره إلى نارا شاسعة تفوق البحر عمق وعرض , تسيره فوق أشواك حادة ظنها ورودا ناعمة , كل ذلك في لحظة قصيرة قد لاتتعدى ثوان , يندم حسرة بعدها لما قال وفعل .

صفة ذميمة لم يمتدحها أحدا قط , من يلومهم على ذلك , فمن تلبسته تلك الآفة أنتهى به الحال أم قاتل أو ظالم أو حاقد أو نادم , أو أشياء كثيرة تسلك طريق حالك الظلمة ينقطع جحيم آخره , تعدد الغضب وتعددت أنواعه وأسبابه .

هناك وجهة نظرا نادرة , أعجبها ذاك الغضب ومايخلفه , ربما لسوء خلق عايشه , أو ظلم تعرض له , أو حق سلب منه , أو شيئا داخله لايعرفه غيره , فكل قاعدة ولها مايشوبها كما نعرف , قد يغضب البعض لأشياء لاتمت للواقع بصلة , هم كثيرون , كمن تجمد دمه بعروقه لضياع هجمة فريق يشجعه منذ الطفولة ويعشقه , تجده مستفز غاضب تكاد قرون تخرم رأسه كي تخرج , لشيء لن يغنيه أو يسمن جوعه , وآخر تصيبه حالة جنون تخيف من سكن الأرض وتحتها حين سمع بشخص يكرهه ترقى في وظيفته .


غضب من نوع آخر لا أعرف أين تلبد بداخلي , حسبته جميل وأظنه كذلك , قد يبرر لصاحبه بل تجبره أن يستشيط غيضا , فكل فعلا وله رد فعل , كمن يغضب على شاب يتراقص بين الناس في الشارع أو السوق أو مكان غيره بلا حياء أو خجل , أو رجلا أستولى على أموال أيتام صغار يقربونه لحما ودما متناسي (أما اليتيم فلا تقهر), هنا تكون مرغما على الغضب حتى لو كرهته وذممته , وإذ لم تفعل تكون كمن قست قلوبهم حتى أنتزع منهم أيمان ورحمة .

دعوني أذكر لكم نماذج وأحداث وأفعال وصفات ترآءت لي بأنها تستحق كل ذلك , بعضها أختبىء في عالمنا , والبعض الآخر ليس كذلك , قد توافقوني وربما لا , على أية حال , كلها ووجهات نظر وما أكثرها بيننا .

ذاك الغضب من عالمنا أسمعوه بضمائركم :
- أغضب على من يتبجح في شاشة التلفزيون متباهي بشياطينه اللعينة قائلا بأنه يعالج المرضى بالسحر ويشفي الناس والميئوس منهم بالشعوذة .
- أغضب على من يمتلك مطاعم كثيرة وفنادق ضخمة وأطفالا صغار بلا رغيف خبز يعيشون ولا مأوى .
- أغضب على رجلا قتل الناس ونكل بهم رافع راية الدين لترفرف فوق ضحية لاتدري (بأي ذنب قتلت) .
- أغضب على فتاة لاتستحي تذهب بلدا آخر تعرض نفسها للجميع بأبتسامة وقحة بلا حياء أو خجل من دينها الذي نجسته ومجتمعها الذي باعته ولباسها الذي بدلته .
- أغضب على قوم أغتصبوا أرض وشعب قتلوا أطفالهم ونساءهم وشيوخهم ومثلوا بجثثهم وجرجروها , ليته ذاك فحسب بل حرقوا الحرث والنسل والحجر والمجر .
- أغضب على طبيب أو شبه طبيب يحمل شهادة كبيرة أنقذ بها أرواح وأزهق أخرى من أرقى الجامعات ختمها مايعيبها فقط أنها شهادة مزورة .
- أغضب على ممثلا أو مسرحي يناقش قضايا الناس والمجتمع , يحل مشاكلهم , يبرأ بوالديه , يساعد الفقراء والمظلومين , بينما واقعه الذي يعيشه وحقيقته , عكس ذلك تمام , بل هو أسوء الناس خلقا وطباعا .
- أغضب على أب قاس أو مسخ قبيح يضرب أبنه الصغير بلا سبب يصفعه ويركله .
- أغضب على مجتمع ملئه الحقد والكراهية والحسد , عداوة بين الناس وتعصب تعدى خطوطه الحمراء , عقيدة فرقتهم مذاهب وجهل سبب حرب قذرة .

أنتظروا لحظة كي تعرفوا غضبي ذاك وماقلت عنه من عالم آخر :
- أغضب على رواية قرأتها وعايشتها , غصت في أعماقها وأحداثها تعاطفت مع شخصياتها أحببتهم ببساطتهم ونيتهم , ضحكة وأبتسامات مافارقتهم حتى النهاية السعيدة التي توقعتها بلا صدفة أو دمعة أو حتى كلمة آه بقسوة .
- أغضب على فيلم أختطف صغيره عذب وأغتصب أحتجز أعوام في مكان ما بلا نورا أو شيئا يؤنس , هرب كبيرا ينتقم , قتله المخرج الأحمق بالصدفة , حيث أصابته طلقة رصاص طائشة .
- أغضب على بيت من الشعر سمعته مرة لاوزن فيه ولا أدب أمتدح الرجال وبطولاتهم , أختزل الحياة خلف ظهورهم , يذم ويستهزء بنصف مجتمعه الآخر ناسي من حملته وأرضعته ووضعت قدمها فوق جنته وناره .
- أغضب على كتاب كرهته ورميته لم أعرف ما بداخله فلسفة كالفيزياء لايفهمها أحد أو هكذا ظنها المؤلف على الأقل , كتب في آخره : أنظروا إلى فلسفتي وشدة تعقيدها .
- أغضب على رياضي لاعب كرة ضيع ركلة جزاء في دقائق أخيرة بخر حلم ملايين يشاهدونه , يدعون لأجله ويصلون , أرتسمت على محياه أبتسامة ما أظنها ألا خبيثة .

فرغت غضبي الآن وألجمته , قولوا لي ماذا أستفدت , لاأعلم , عدى صوت بداخلي صم آذاني وأزعجني يصرخ فيا ويصرخ لايريد أن يسكت , أستمعت بصمت لما يقول , تفاجأت إذ به يسألني : حسنا تكلمت عن الغضب , بما أحسست , أسعيد الآن , هل شعر بك أحد , لقد دققت مسامير بقسوة داخلي , سوف أنزعها لكن تذكر , بأنها ستترك أثرا لن ينمحي , قلت لها : أعذريني يانفس , قد أخطأت ولن أكررها , فلن أغضب بعد اليوم من أحد , ألا ذاك اللعين الذي يتكلم عن الغضب .


مثير الجدل 24-11-13 06:08 AM

خطابه في الشهرة :

ماذا تريد من ذلك , أتصنع أسما لنفسك , أو مكانة في المجتمع , أم مال وفير في حسابك , أخبرني , لأنني لم أفهم حتى الآن , أتحب السير في الشوارع والجميع يلتفون حولك ويلتقطون صورك , أنه الغرور الزائف يارجل , تتخلى عن مبادءك وقيمك التي تربيت عليها وعشتها مذ كنت صغيرا تحكمك قناعاتك , لاتهان أو تصفع , تحط من قدرك وكرامتك من أجل ماذا , كي تطل على الشاشة بكل زيفك وتخبر الناس أكاذيب يعرفونها لكنهم يجاملونك , مجرد التفكير في ذلك يجعلني أضحك ساخرا , فالجميع يعاملك بعقليتك الصغيرة , يصفقون لك زورا وبهتانا , وكأن البهرجة جمعتكم والخداع تغلغل وسطكم والسطحية أصبحت موضوعكم الرئيس .

أتظن نفسك مثلا يحتذى به , حقيقة الأمر بأن الأهل في بيوتهم يخبرون أولادهم ألا يكونوا مثلك قدوة , فأنت بالنسبة لهم مجرد مرفه قذر , يعيش عالة على نفسه وأدبه وأخلاقه إن كنت تملكها , تقول أشياء وأكاذيب كتبها أناس غيرك , خجلوا من عارهم فباعوه لكم وأحتفظوا بكرامتهم في منازلهم , المجتمع تدمر بسببكم ليس لشيء , فقط لأنكم تريدون أن تجمعون مالا لاتشبعون منه ولاتملون , فالمال فوق الجميع وتحته وداخل جيوبه , لو أضطركم ذلك أن تضحوا بأغلى مالديكم أبنا أو فتاة أو حتى زوجة .

أخترعتم بدعا وأنتجتم خرافات حجتكم الأنفتاح والتطور , أفلام في أحلام , موضة في فوضة , مسلسل في تململ , طرب في كرب , أهذا مابشرتمونا به , أم حفنة حمقى يجلسون خلف طاولة يقيمون صوت ذاك وذاك , جمهورا غبي صدقكم , أحدهم ينبح وآخر يعوي وثالثهم بأنكر الأصوات ينهق , الجميع يطارد أحلاما تشبه سراب ماء وسط صحراء , يخطط حين يصل ماذا سيفعل , كيف سيغط رأسه , وكم سيروي عطشه , يصدم بعدها ليصحى في عالما غير حلمه , كذاك السراب , إذ لا شهرة دخلها ولا حظ تبسم , يلعن حظه ويسب الآخرين , يلقي اللوم على حقدهم وحسدهم , يظن الكذب والضحك على الذقون لعبة سهلة , لم يدري هذا المسكين ماستكلفه , تحتاج شخصا لايستحي يفعل مايشاء ويشتهي .

حتى الأطفال والعواجيز أبتلوا بذلك , الجميع يريد العبور من تلك البوابة , الجميع يبحث عن الخلود المزيف , الجميع يبحث عن المجد الضائع , الجميع يخبرنا بأن لديه شيئا مميز ليقدمه للعالم , أنها اللعنة التي أصابت الجميع , أنها الشهرة يارجل .


مثير الجدل 24-11-13 06:09 AM

خطابه في النقاش والصراخ :

مابك تصرخ ياهذا , أتظن بصراخك تخيف , جاهلا لن تقنعه , ثق بي , فكل صراخك لايفيد , أما تناقش بأدب أو دعك من قلة الأدب , حوار تصرخ , نقاش تصرخ , ويحك , حتى سؤالا تصرخ , ألا تتعب أو تزهق , يكفيك تزعق .

دمرت كل جميل وكل أدب , حتى أحترام معك لاينفع , أخرس يارجل أخرس , صراخك يذكرني بسخافة الكلاب صدقني , ينبح ينبح حتى يفيخ , يعلم نباحه لايفيد , أما معك أكون أو تصرخ , قانونا غبي تطبقه , ليته ينفع أو يقنع أو يرفع , يسقطك ويذمك , ألا تعرف كيف تحدث وتكلم , وجهة نظرا لديك , قلها حللها أثبتها , لكن لاتصرخ .

تجلس على طاولة تصرخ , من خلف الباب تصرخ , حتى مع الأطفال تصرخ , خلق وأخلاق ألم تتعلمها , أما درست كيف تحاور , لسانك لايتعب , قلبك لايضعف , أوتظن صراخك بطولة , ويحك , ملئت قلبي قيحا , أي قيح , أنت أسوء يارجل , قولهم الذي قالوه , اللبيب بالأشارة يفهم , والحر يفهم والعبد غير ذلك .

ثرثرة لاتنفع , أنت أنت أنت , ثم ماذا , أخبرني , أتريدنا نصدق , لن نصدق , لو فعلت مافعلت , أحترم تحترم , تأدب مع من يجلس أمامك أو من يشاهدك , دعك من هذا , فلتستحي ممن يسمعك , لكن لاذنب لك , مجرد سفيه أحمق , من يكلمك ويناقشك يلام , فلا تستحق , وضيعا غبي من ظنك أهلا لذلك , لم يستمع بضميرا أو يتعمق حين قرأ , خاطبت عالما فغلبته , وخاطبت جاهلا فغلبني .

مثير الجدل 24-11-13 06:09 AM

يحكي قصة (فتاة مجنونة) :

دعوني أخبركم هذه القصة التي عايشتها حين كنت في ال 16 من العمر ,

في عصر يوما ما بينما كنت أنتقل من مكانا إلى آخر دخلت بلدة صغيرة منعزلة رحت أتجول فيها أنظر هنا وهناك حينها لفت نظري فتاة مراهقة بدى عليها الجنون ظاهرا , كان الجميع يضحكون منها ويرمونها بما في أيديهم ويضربونها , في الحقيقة لم يهمني ذلك كثيرا فلقد رأيت من هم أسوء حالا منها .

في ذات الليله كنت نائما على أحد الأرصفة في تلك البلدة أستيقظت من نومي في منتصف الليل أخذت أنظر في المكان حولي ما أثار غرابتي كأنني رأيت شخصا من بعيد متوقف وينظر إلى الأعلى , ذهبت إليه لأعرف مالخبر ؟ حينما أقتربت منه تبين لي أنها الفتاة المجنونة كانت في حالة غريبة تنظر إلى السماء أو القمر أو النجوم لا أعرف وتتمتم بكلمات غريبة غير مفهومة , أنتابتني قشعريرة من الموقف , سألتها : مابك ؟ لكنها لم تقل شيئا وكأنني لست متوقفا بجانبها فلم تنظر إلي , لحظات تركتها والحيرة غلبتي من كل ماحدث أنتظرت الصبح القريب أن يأتي كي أعرف حكايتها .

بزغ صبح اليوم التالي ضجت المدينة بأهلها , سألتهم : ماقصة هذه الفتاة ؟ قالوا لي : بأنها عندما كانت في التاسعة من عمرها ذهبت عائلتها لزيارة أحد أصدقائهم ماكان يفترض أن تذهب معهم هذه الفتاة لكنها كانت نائمة فتركوها لوحدها في المنزل لأنهم سيعودون سريعا , بالصدفة والحظ العاثر تلك الليلة دخل لصا ليسرق منزلهم فوجد هذه الفتاة نائمة لوحدها فقام بأغتصابها , شيئا فشيئا تدهورت حالتها النفسية بشدة حتى فقدت عقلها وخرجت من منزلهم وأصبحت كما ترى الآن , مما حذى بأسرتها أن تتركها وتنتقل إلى مكانا بعيد .

رغم قصة الفتاة المؤلمة لكن شغلني شيئا آخر عما كانت تفعله في الليل , أنتظرت حتى منتصف الليل أن يأتي وبالفعل حضرت الفتاة وتوقفت في ذات المكان ظلت على حالتها كما الأمس تنظر إلى الأعلى , أقتربت منها سألتها مرة أخرى : مابك ؟ أيضا لم تجبني كأنها لم تسمعني , سألتها مرتين أو ثلاث ولكنها لم تتكلم , ذهبت عنها مبتعدا خطوات قليلة وإذ بي أسمع صوت بكاءها توقفت ونظرت إليها , مافاجأني بأنها كانت تنظر إلي أيضا شعرت ببرائتها تلك اللحظة فقالت لي بصوت هادئ : ليتني لم أنم ذاك الليل , ليتني مت قبل هذا .


تركتها وجلست وحيدا بعيدا أفكر فيما حدث عرفت بأنها تنظر إلى السماء والنجوم والقمر وتجدها تشبه الليلة التي أغتصبت فيها كأنها تقول ماأشبه اليوم بالبارحة , وبرغم أنها فقدت عقلها وكل شيئا في حياتها لكنها ظلت تتذكر ماحدث لها تلك الليلة ولم ينمحي من ذاكرتها .

غططت في سباتي على لحن صوت الفتاة الحزين , أستيقظت من نومي صباح اليوم التالي وكأن شيئا أفزعني , رحت أنظر إلى البلدة شعرت بأن هناك شيئا ما يحدث , سألت : مالخبر ؟ قالوا لي : بأن الفتاة المجنونة أنتحرت قبل قليل (حيث رمت نفسها من على جرف مرتفع).

لم أنطق بكلمة حينها لم أعرف ماذا أقول , خرجت من البلدة متأثرا رحت أسير وأسير ولم ألتفت ورائي أو أتوقف , لم تكن لدي الشجاعة لأرى الخزي والعار الذي حصل خلفي في تلك البلدة , لكن في الحقيقة لم أكن متأثرا لأنها أنتحرت أو أغتصبت بل لأن الجميع كان يضربها ويصفعها ويستهزئون بها , فلم يرحمها أحد كلهم تكالبوا عليها حتى أقرب المقربين منها .

هناك أشياء تحدث في هذه الحياة تقف أمامها متحيرا , لاتعرف ماذا تفعل أو كيف تتصرف , كأنها حدثت بالصدفة أو هي مجرد فوضى أو طيف مر أمامك أو ربما خيالا لم تره جيدا , أنت هنا ليس أمامك عدى أن تتجاهلها وتجعلها تمر هكذا لأنك لاتستطيع أن تفعل شيء أو ستظل تعيشها إلى الأبد , كقصة هذه الفتاة التي ربما كانت تعيش طفولتها كالأميرة السعيدة في بيتها , لكن فجأة حدث لها كل ذلك وتدمرت حياتها , فأنت لاتعرف من تعاقب ومن الذي تسبب في ذلك , هل المغتصب ؟ أم عائلتها التي تركتها ؟ أم المجتمع الذي حطمها ؟ فالجميع أخطأ في حقها والجميع تسبب في موتها .



(يتبع لاحقا) ...

مثير الجدل 29-11-13 06:04 AM

أضيف خطاب آخر له ,
يتحدث فيه عن كلمة (لا أعرف)




يتبع ..

مثير الجدل 29-11-13 06:05 AM

يتحدث عن كلمة لاأعرف :

أن سألتني فلا أعرف , أن ناقشتني فلا أعرف , حتى لو لم أجيبك فذلك لأنني لا أعرف , هل أنت تعرف أو لاتعرف , فلا تلام يارجل , فمن قال لا أعرف يستريح ويريح ولايهتم , لكن دعني أسألك لما لاتعرف , أعرف ستقول لا أعرف , فأنت مثلي تفضل ألا تعرف على أن تعرف , فلنسأل مالاتعرف .

- لما كل هذا القتل ومايحدث اليوم ؟
- لا أعرف

- تعتقد نفسك جميلا حين تنظر للمرآة , أليس كذلك ؟
- لا أعرف

- أظنك حسدت أو حقدت يوما أو ربما أغتبت ؟
- لا أعرف

- لماذا نكره بعضنا بعض , ألسنا أخوة ؟
- لا أعرف

- كل يظن نفسه شجاعا وشهما وكريم , لما ؟
- لا أعرف

- نحن نقرأ لكننا لا نقرأ , كيف ذلك ؟
- لا أعرف

- هل جزيرة الواق واق حقيقة أم أسطورة ؟
- لا أعرف

- يرمون الطعام في القمامة , أليس هذا ماكانوا يتقاتلون من أجله ؟
- لا أعرف

- هل تعاتب نفسك إن جلست وحيدا ؟
- لا أعرف

- الكثير دخلوا حروبا وخسروها , لكنهم كتبوا في تاريخهم منتصرون , لماذا ؟
- لا أعرف

كل الأسئلة لا أعرف , أو أنتظروا دقيقة , ربما أعرف ولا أريد قولها , فلا أعرف لما قلت لا أعرف , أحقا هناك مصاصوا دماء , لا أعرف , دائما نحب الأوغاد أصحيح , لا أعرف , أتخشى من الشيب و الكبر , لا أعرف , أتفكر أم تحلم , لا أعرف , أتريدونني أن أتقي شر الحليم إذا غضب , أيضا لا أعرف , أتدرون لما , لأنني لا أعرف متى يغضب .

أفضل أجابة نقولها لا أعرف , نقولها كي نغلق باب لانريده أن يفتح , دعوني أسألكم شيئا لكن لاتجيبوني بأنكم لاتعرفون , نحن دائما نقول لا نعرف , غريب , حين يجيبكم أحد بأنه لايعرف لما تغضبون إذا , ياهذا أن كنت لاتعرف فأنا مثلك لا أعرف ولاأريد أن أعرف , لا أعرف (كلمة جميلة يجب ألا نستحي منها أن كنا لانعرف) .



(يتبع لاحقا) ...

مثير الجدل 06-12-13 09:12 AM

أضيف عدد من الخطابات له :
- الأول : يتكلم عن الأشخاص الجبناء جدا
- الثاني : خطاب له عن الأعجاب في الآخرين
- الثالث : يحكي قصة عن رجل غريب ألتقى به على البحر
- الرابع : يتحدث عن الأنسان الذي يعيش في خياله وفي واقعه
- الخامس : يتحدث عن محبة الأنسان للألم والجروح بداخله

طبعا بعتذر عن كثر الخطابات وذلك لأن الجزء القادم سيكون الأخير لعدة أسباب ,
- بأن هذا الكتاب هو المختصر وليس النسخة الأصلية الطويلة
- صعوبة متابعتي للعمل
- كي يبتعد القارىء عن الملل بسبب الأطالة
- لأنني كل فترة أضيف شيء آخر للكتاب مما عمل لي بعض التشتت

مثير الجدل 06-12-13 09:13 AM

خطابه في الجبناء :

تقولون بأن الشخص القاسي سيئ , ربما هو سيئ , لايختبىء خلف قناعا كالجبناء , لكن هذا السيء الذي تقولون عنه لم يتنمر عليه أحد أو يتجرأ , ألم تتسائلون لما , شرا يخافه الناس منه , يعرفون بأن الجبن لم يدخل قلبه مرة , كيف تعيش خائفا , لما لاتواجه , فما تخافه أذهب إليه لو مجبرا , أتظن الحياة ستمسح رأسك رفقا , أتريد أن تكون نعجة بين ذئاب , أهذا ماتحبه , ألم تفكر لحظتها بعيني والدك وكيف يشعر , إذ يرى أبنه ومن سيخلفه من بعده خائفا منكسرا بلا حول أو قوة , الجميع يضربه ويستهزء به , ماذا سيقول حينها , أنجبت فتاة ترتدي عباءة الرجال , سيخجل من نفسه وسلالته الضعيفة , أهذا من سيتولى الأمور بعدي , ويحي , فهو لايقدر على مواجهة أحد .

من جعلهم أقوياء , الجبناء أنفسهم , من جعلهم وحوش , الضعاف أنفسهم , من جعلهم متنمرون , الراضون أنفسهم , من جعلهم يضربون , المتلقون أنفسهم , تعيش في الغابة إذ لاقانونا يطبق ولاعدالة تسود ولاأحتراما وجد , كيف تظنك ستقوى , تسامح , تنسى , تغفر , تبكي , تناقش , ماذا بقي لك يارجل , الجميع ينكل بك ويتسلط عليك , كيف ستحفظ أبنك وعرضك وشرفك , أستعطيه لهم أيضا , أتظنك طيبا حين تسامح , أتظنك حليما حين تنسى , أتظنك شهما حين تغفر , أتظنك مظلوما حين تبكي , أتظنك ذكيا حين تناقش , اللعنة , هذا ماكان ينقصني , بليدا يفزع خوفا من ظلا خلفه بنفسه .

العالم يحكمه الشجعان , لا مكان للأغبياء والجبناء , أكنت غنيا أو متفوقا أو فيلسوف , ذاك كله لايفيد , فالشجاعة وحدها تغلب هؤلاء , صدقني , رأيت الكثيرين مثلك , تقول له أذهب تشجع , لايفعلها ولايريد , يوهم نفسه طيبا , مادرى علم الجميع بجبنه , يخدعك من يقول عكس ذلك , يرضيك فقط , كي لايجرح مشاعرك , أرأيت حالتك التي وصلت إليها , ثق بي , لا مكان لك هنا , لن يرحمك أحد , حتى المقربون , سيستولون على مالديك , حجتهم نيتك صافية , بلا شوائب أو قواعد .

التاريخ , هل تعرفه , هل قرأته , هل أحببته , قل لي , من كتبه , الشجعان والمنتصرون , الجبناء والفاشلون يتجرعون ألما وحسرة دون صوت , ذهبوا إلى مزابل التاريخ ولم يذكرهم أحد , فخلد أبطالا بسيوفا على خواصرهم , قطعوا بها أوصال الخاسرين ومن وقف بطريقهم , بطولاتهم على صفحات التاريخ خطت فوق دماء الجبناء , اللعنة يارجل , حاجز الخوف ذاك يجب أن يكسر , بأي طريقة وأي وسيلة , لو كلفتك حياتك وماتملك , فالنهاية ستموت شجاعا أو كنت تحاول .

مثير الجدل 06-12-13 09:14 AM

خطابه في الأعجاب (مختصرة):

تعجبني أشياء كثيرة كما تعجبك , تلك المرأة بجمالها تعجبني , منزلا هندسته رائعة يعجبني كذلك , مباراة وتنافس , حماسا يقطع الأنفس لما لايعجبني , أشياء كثيرة تعجبني , نعم , لكن أتعرف , لا أدري , لما لايعجبنا ألا السيء , ربما لأنه ليس فينا , أو قد يكون فينا متلبد , لذا يعجبنا .

ترى وقحا نذل يصرخ ويصرخ , حتى يأخذ مايريد , فلما لايعجبنا , ترى طائشا يدخن , ينفث دخانه غير مبالا يبتسم , فلما لايعجبنا , ترى نمرا في الغابة يمشي , يقتل بكل رعونة ويفتك , فلما لايعجبنا , أتريد المزيد , ترى دكتاتورا ذو شارب , بمجازره متباه , الجميع يرتجف منه ويرتعب , فلما لا يعجبنا .

بدأنا نعجب بالحثالة والأوغاد وسفاكي الدماء يارجل , حتى أشهر لصوص القرن العشرين ومابعده , شرورهم تعجبنا , خدعهم , أساليبهم , هيبتهم , كل ذلك فيهم يعجبنا , الخارجين عن القانون أعجبونا , نتمنى لو نعرفهم ويختبأون لدينا , ولكنك تتحير وتحذر , تخشى أن يكونوا عكس ماظننت , فتقل درجتهم لديك , تخاطب نفسك , أتعرف كيف , دعني بعيدا عنهم أفضل , أتقي شرهم , هكذا هم بتصرفاتهم يعجبوني , مايهم ألا يضروني .

البعض راح يدافع عنهم ويقاتل , يضع حججا واهية لما يفعلوه , يقول لك , أما هكذا ستعيش وتحترم , أو سيأكلونك حيا , البعض الآخر راح يرمي شرورهم على المجتمع ومافيه , مايهم , أن يلمع صورة من أعجبه , ليته يستطيع .

حتى القروش والتماسيح وآكلي لحوم البشر , تفننا بوصفهم وصفاتهم , أنفسنا لقبناها أعجابا بهم , لطالما أعجبني مصاصوا الدماء حين يشربون دما , لطالما أعجبني المسوخ حين ينتقمون في تعذيب البشر , لطالما أعجبني قاتلا مأجور حين يطلق رصاصة بكل هدوء .

أتعجب من ذلك , هم النصف المكمل وليسوا غيرهم , فالخير نصف , والشر نصفه الآخر , الأمين نصف , واللص نصفه الآخر , المنقذ نصف , والقاتل نصفه الآخر , كلها أنصافا لاتكتمل ألا ببعض , مايلفت النظر والأنتباه , الأعجاب بالأوغاد أكثر , فلا قوانين تمنعهم , ولاأحكام بحقهم , فالسجون لايخافها المجرمون , درسوا في زنازينها وبين عنابرها يتفسحون , ذلك مايعجبنا فيهم , لايكترثون لشيء ولايهتمون , خرجوا عن التقاليد والأعراف والشروط .

مجانين أعجبونا , مجانين أبهرونا , حتى يقولون , مجنونا يتحدث , وعاقلا يسمع , عجب عجاب , بل أعجب العجب , الطيب لايعجبنا , والمسكين كذلك , مؤدبا يتعجب , وشريفا وحليما جالسا معه , فلم يتعجبوا , لأنهم يعرفون فيما نعجب , من نخدع ومن يخدعون , حتى هم مثلنا يعجبون , لكن ليس بما نعجب , بل تعجبوا من نظرتنا الدونية للأمور , تعجبوا أكثر يوم ماعرفوا أعجابنا بأنصافنا تزيد .

كل شيئا فيه العجب , المجتمع والناس والعمل والمنزل والحي والنفس كذلك , حتى العجب ذاته عجب , يعجبك ويعجبنا , يعجبهم ويعجبني , فما يعجبني , دعني أخبرك , يعجبني ويعجبني ويعجبني , لو قلت لك ما يعجبني فلن أكتفي , هل أكتفيت , أو أظنني من سيكتفي .

مثير الجدل 06-12-13 09:16 AM

حكي قصة (رجل ألتقى به على البحر) :

هناك أشخاص أو ربما الكثير يوهم نفسه بأنه مهما للغاية أما في عمله أو منزله أو عند أصدقاءه أو في أي مكان , ويقول لك بأن الجميع لايستطيع أن يفعل ماأفعله ويظن بأن العالم سيتوقف حين يتخلون عنه ,

دعوني أخبركم هذه القصة لتفهمون ما أعني , حيث ذهبت ذات صباح إلى البحر الذي بدى خاليا من أي أحد عدى من رجلا كبيرا في السن متوقف وحيدا وكان يتكلم مع البحر بطريقة غريبة , ظننته في بادىء الأمر فاقدا عقله أو ربما هو حزينا ويشكي همومه للبحر , لكن ما أثار غرابتي بأن الرجل راح يبكي تارة ويضحك أخرى ويصرخ , مما حذى بي أن أذهب إلي وأساله ,
قلت له : من تكلم ياهذا ؟
قال : أكلم البحر ؟
قلت له : ولما تفعل ذلك ؟
قال : كنت أخبره بأن زوجتي حامل , وستنجب لي طفلا ؟

لاأخفيكم أصبت بدهشة رحت أكلم نفسي وأقول : إذا كانت زوجته حاملا , فماذا يفعل هنا ؟ أليس الأحرى به أن يذهب ليجلس معها ؟
فسألته : لماذا لاتذهب لزوجتك وتخبرها عن سعادتك كما كنت تفعل مع البحر ؟
إذ بالرجل يفاجأني ويجلس على الأرض ويضع رأسه بين رجليه ويجهش بالبكاء!
في الحقيقة حين رأيت ذلك المنظر تعاطفت معه قليلا , فقلت له : يارجل , أنا لا أعلم ماذا بك ؟ ولكن لما لاتذهب إلى زوجتك وعائلتك وتجلس معهم وتدع عنك كل هذا ؟
ظل على حالته قليلا وقال : مذ كنت صغيرا والكتابة هي حياتي وكل ما أعيشه , أتفنن على الورق قصصا وحكايا , مواعظ وحكم , لم يهمني شيئا وقتها , عزلت نفسي عما حولي , عائلتي أصدقائي , سجنت ذاتي في غرفتي لا أغادرها أطلاقا , أصبحت زنزانة لي جدرانها من الورق وقضبانها من الأقلام وضحاياها شخصيات في قصصي وأنا المدعي والمحامي ومن يقضي , كنت أحلم يوما بنشر ماكتبت ليقرأها الناس ويعرفون ما أعيش , لم أكن أعلم حينها بأنني أطارد سراب طيرا فوق قمة جبل , تدمرت حياتي لذلك , بلغت سن ال 53 ولم يحدث شيئا مما تصورت وتخيلت , لاأذهب إلى أي مكان لأزور أحد لأفعل شيء مما يفعله الأناس العاديين , حتى ظن الجميع بأنني مجنون وفقدت عقلي , ماأثار غضبي بأنني كنت أرى الأغبياء ومن لايفقهون شيئا في الكتابة تنشر كتبهم وتوزع وأنا جالسا أندب حظي , أنا لاأحسدهم فربما هو التوفيق والحظ تبسم لهم دونا عني وربما لديهم محسوبيات ومعارف ومال يستطيعون أن ينشروا كتبهم , لكنني لاأخفيك طوال هذه السنين عرفت بأن الكتابة خدعتني وأخذت كل جميلا في حياتي ولم تعطيني شيئا في المقابل , تركت قلمي وماكتبت كل هذه السنين ورميته في القمامة بعد أن بلغت هذا العمر وقلت في نفسي فلأذهب لأتزوج , لكن اللعنة حلت بي مرة أخرى فلاتوجد فتاة تريدني لأنهم يظنوني مجنون ؟

لاأخفيكم رحت أسأل نفسي : ألم يقل بأنه متزوج وأمرأته حاملا ؟ كيف يقول الآن لاتوجد فتاة تريده ؟
قلت له بسرعة : لكنك تقول بأن لديك زوجة ؟
تبسم الرجل وقال : زوجتي التي أخبرتك عنها , أنها مجرد (فتاة خيالية) كتبتها في أحدى قصصي أو بالأصح قصتي التي لم أكتبها , لقد رسمتها وخططتها في كل أرواقي , أنها سمراء , شعرها أسود , عيناها جميلة , لم يرها بشرا قط أنا الأول وأنا الأخير ؟ هي حاملا الآن وستنجب لي طفلا جميلا جدا وذكي وسيصبح كاتبا مشهورا ذات يوم ؟ لن يكون كوالده غبيا مغمور خدع نفسه , والجميع يستهزئون به , ولن يستصغره أحد , أو يضحكون عليه , ويصفونه بالمجنون ؟

لم أقل له شيئا في الحقيقة بل خجلت منه , جلست بجانبه وأخذت بعض الأوراق التي كتبها طوال سنينه رحت أقرأ وأقرأ متجنبا النظر إلى عينيه , قال لي : أتعرف أسوء مافي الأمر , بأن العالم لم يتوقف ظل الجميع يذهب إلى عمله ويتزوجون ويمارسون حياتهم بشكلا طبيعي وكأن شيئا لم يكن , ولم يشعر بي أحد .

لحظات غادر الرجل بعدها مبتعدا عني خطوات قليلة ثم توقف وقال لي : لاتخجل ياهذا , فلست المذنب , فأنا ضحية مجتمع جاهل .

لم أره بعدها ولم أعرف ماحل به كان الرجل يتوهم بأن الجميع سيشعر به وأن العالم سيتوقف لأجله , اللعنة ألا يعلم بأن الحياة لاتتوقف على أحد فلو كنت ماكنت فأن الحياة تسير ولن يشعر بك أحد , عش بقدر ماتستطيع وحاول أن تترك أثرا جميلا لدى الجميع ففالنهاية كلنا في المقابر من التراب كنا وإلى التراب عدنا .

ولكن في المقابل لاأخفيكم حين قرأت كتاباته بدى لي عبقريا وكاتبا بكل ماللكلمة من معنى لاأعرف كيف لم ينشر له شيئا , منذ قديم الأزل كان الناس يعتقدون بأن هناك علاقة بين العبقرية والجنون , فالعبقري هو شخص غريب الأطوار معقد الشخصية يختلف عن جميع البشر , ومعظم الكتاب الكبار إذ لم يكن أغلبهم يتميزون بتركيبة نفسية خاصة وغير طبيعية , بل إن بعضهم دخل في مرحلة الجنون الكامل , فلولا أنهم أصبحوا كتاب لكانوا عصابين فالعصاب هو الذي يصنع الفنان ، والفن هو الذي يشفيه , هذه هي الدائرة المغلقة التي تجمع بين الابداع والمرض أو بين العبقرية والجنون.

ولكن ذلك الجنون لدى المبدعين الكبار يتوقف عند حدا معين لأن الابداع يلجمها أو يوقفها عند حدها , هناك علاقة بين التوتر النفسي والإبداع ، ولكن ليس كل عبقري مجنوناً، وليس كل مجنون عبقرياً , فالعلاقة بينهما أكثر تعقيداً , حتى أن بعض كبار الكتاب يعترفون بأنهم ليسوا هم الذين يكتبون أفكارهم ، وانما أفكارهم هي التي تكتب نفسها من تلقاء ذاتها , وهناك خاصية أخرى يتميز بها العباقرة هي حب الوحدة والعزلة والاستقلالية الشخصية وبعضهم يولد ويموت وحيداً , فهم يحبون العزلة من أجل التفرغ لإبداعهم وإنتاجهم فلا تستطيع أن تبدع وأنت في زحمة البشر أو في وسط الشارع ومن المعروف أن العلاقات العامة والاستقبالات والحفلات تأخذ وقتاً كثيراً ولا تسمح للمفكر بأن يتفرغ لنفسه وأفكاره وتأملاته ولذلك اشتهر المفكرون بحب الوحدة والحرصة عليها .

وهذه الطريقة المتناقضة في الحياة تعتبر جنوناً بالنسبة للإنسان العادي فالطبيعي مثلا أن تنام في الليل وتعمل في النهار ولكن العبقري ليس أنساناً طبيعياً ولا يحرص أن يكون , أنه مهووس بمشروعه إلى درجة المرض ومستعد لأن يضحي بكل شيء من أجله , فالعباقرة ياسيدي معظمهم لا ينجبون الأطفال ولا يكرِّسون وقتهم لتربية عائلة فمؤلفاتهم هي أطفالهم ، وهم حريصون عليها مثل حرص الرجل العادي على طفله , وبعضهم يهملون حتى الأكل والشرب , وكل ذلك بسبب العصاب الهوسي للمبدع الذي يلاحقه والذي أدى الى تفتح عبقريته على الرغم من كل شيء , وهنا نلمس التواصل بين العصاب النفسي والعبقرية , يضاف إلى ذلك أن العباقرة متطرفون في عاداتهم على عكس الناس العاديين أو المتوازنين , فهذا الرجل بالفعل ضحية مجتمع جاهل .

مثير الجدل 06-12-13 09:17 AM

خطابه في الواقع والخيال :

هل واقعا تعيش , أم خيالا تحلم , أخبرني , أوتدري دعني أخبرك , لأن فرقا ليس بينهما , الأكاذيب نفسها , والخداع نفسه , أحلاما لن تعيشها , وواقعا لن تتخيله , كم حلمت صغيرا وكم حلمت , فهل تحقق شيء , لا أظن , أو ربما تحقق وعشته , لكن ماذا , بلاء ومصائب وذنوب , حتى هذه لم تحلم بها , بل تفاجأت وصدمت , لم تكن مستعدا لذلك , وكم واقعا وكم واقعا تخيلت , فهل تغير شيء , لا أعتقد , أو ربما تغير وعشته , لكن ماذا , ديونا وأمراضا ومشاكل , حتى هذه لم تكن تتخيلها , بل دهشت وسهرت , لم تكن جاهزا لهكذا واقع .

هل ظننت يوما بأن حلمك الذي تعيشه , وتتخيل فيه أناس لايخطئون ولايحقدون ولاينظرون إليك بسوء يساعدون بعضهم بعضا والمحبة تملأ قلوبهم , أظننته واقعا ستعيشه , أم واقعك الذي تخيلته , ويعيش فيه أناس كريهيي الخلق صفاتهم ذميمة البغضاء طغت عليهم يغدرون بعضهم بعضا ويظلمون القريب , أظننته حلما تتخيله .

واقعك يكذب , لكنك تعرف , خيالك يكذب , لكنك لاتعرف , واقعك قاسي , لكنك تتحمل , خيالك لطيف , لكنك تتألم , واقعك بئيس , لكنك تعيش , خيالك جميل , لكنك حزين , واقعك مر , لكنك شربته , خيالك يروي , لكنك عطش , واقعك مظلم , لكنك أنرته , خيالك مضيئ , لكنك لاترى , واقعك خائن , لكنك آمنته , خيالك وعد , لكنك خالفته , واقعك مريض , لكنك عالجته , خيالك سليم , لكنك تحتضر , واقعك حقيقه , لكنك تقبلته , خيالك خصب , لكنك رفضته .

دعك من الخيال يارجل , فلن يفيدك , لاتتخيل كثيرا , فستتحطم , يخدعك ويوهمك , يجعلك أميرا وملكا وملاك , لكن ذلك لن ينفع , مجرد خيالا وطيف , يجب أن تصحى وتفوق , فهذا عالمك ينتظرك , زوجتك وأبناءك وعائلتك يحبوك , أجبني , ماذا تريد أكثر من ذلك , واجه الحياة , حارب وقاتل فهذه روعتها , فالنهاية واقعا تعيشه , أفضل من حلما تتخيله .

مثير الجدل 06-12-13 09:18 AM

خطابه في الألم :

أتشعر بالوجع , أو بالألم , أريد آه بحسرة , أنه الألم الذي نحبه جميعا يارفيق , الكل يشتكي منه ومع ذلك يتلذذونه , بل يتذوقنه ويتجرعونه بكل حلاوة , دائما ماتجذبنا الأشياء القاسية , ربما لأنها تشعرنا بالضعف , ربما لأنها تعلمنا الدروس , لاأدري , الدواء نشربه مرا ليشفينا , جروحا نتجرعها سما ونحس بها عسلا , أحبابنا خدعونا كي نشربها , ومع ذاك تعلقنا بهم أكثر , هل تجد أقسى من ذلك , البعض يتألم كذبا لكننا نصدقه , ِالبعض يتألم حقا لكننا نكذبه , البعض يتألم خداعا لكننا نعطيه , أوجه كثيرة تتشابه تبقى حقيقتها واحده , هي الألم .

حزن , هم , غم , جرح , قسوة , ألم , وجع , بكاء , عذاب و ذكريات , كلمات وشمت على جلود الكثيرين وحفرت في قلوبهم وسكنت بين أظلاعهم , نتعلق دائما بمن يقسو علينا ويبكينا ويجرحنا , حتى أن ماتوا تجدنا نحن لهم ولأوجاعاهم , حتى الصور ألتقطنا بها آلامنا وجروحنا , الجميع يعتبرها رمزا وجمالا يفتخر به أمام الآخرين , يريهم كيف عاش وكيف تعذب , اللعنة , تلك الأيام كانت جميلة وقاسية , عانينا فيها الكثير , ليتها تعود مرة .

نعلم بالجرح ونعيشه , يتغلغل داخلنا محدثا هزات كبيرة تخبرنا بأن من سبب ذلك عزيزا حبيب , أحيانا الألم يزول والجرح يبقى , وأحيانا الجرح يشفى والندبة تبقى , فكل قصة حزينة نقرأها تخلد في عقولنا وتعلق في أذهاننا أكثر من الحكايات السعيدة , نبكي أناسا ماتوا ورحلوا عنا مخلفين ورآءهم أوجاعا ودموعا أحببناها , نتمنى لو يعودوا لحظة , كي يروا ماتركوا بداخلنا .

حسرتي , على من لم يحسه أو يشعر به أو تألم مرة , تجده حزينا مهموما لأن أحدا لم يقسو عليه أو يجرعه الهموم , يتمنى لحظة أن يعيشه حتى مجرد خيال , يبكي دموعا كتلك , التي يبكيها تمساح النهر حين يأكل ضحيته .

ليال سهرناها وأشتكينا لها الفراق والهجر والجراح , فراق من , هجر من , جراح من , لاأعلم , ربما أبا , أو أما , أو أخا, أو قريب , أو حتى حبيبا صدى عنا , أو صديقا يطعننا خلف الظهور , نحب من يشكي إلينا همومه ومصائبه وماتوالت عليه , نحترمه ونقدره خلاف الذي يضحكنا .

أننا مساكين يارجل , مثيرين للشفقة , أهلنا يضربوننا بقسوة ويفطرونا قلوبنا ولكننا نحبهم , الحياة تصفعنا بيمينها وشمالها ولانريد فراقها , أنه الألم , الألم الذي يغذينا , الألم الذي يروينا , الألم صار أمل , الألم صار صفة فينا , الألم صار حياتنا وكل مانعيشه , أنه الألم , آه من ألم .


(يتبع لاحقا) ...

مثير الجدل 11-12-13 07:17 PM

أضيف آخر الخطابات له :
- الأول : يتحدث عن فلسفة الأسئلة والأجوبة والأشخاص الذين يسألون دائما .
- الثاني : يتكلم عن المنبوذون الذين لايحبهم أويعرفهم أحد .
- الثالث : يخاطب التاريخ .
- الرابع : هي ليست خطبة أنما شرح للأحداث التي رافقته في القاعة قبل خطابه الوداعي .
- الخامس : خطابه الأخير وماحدث بعده .

عدة ملاحظات :
- أعتذر لطول العمل والكتاب وأيضا أعتمادي خطب كثيرة في كل مرة وذلك لأنني أردت أن أنهيه سريعا بسبب سفري بعد أيام لمدة أسبوعين لذا بدأت بتنزيل العمل الآخر (حكايات بين الرفوف) .
- أيضا هذا الكتاب (فرانك المعتوه) هو النسخة الثالثة لدي الذي لاتتعدى صفحاته 70 ورقة , ومراعاة لتململ القارىء من طول العمل لم أعتمد النسخة الأصلية التي تتعدى 250 ورقة (ولاتزال مفتوحة حتى الآن أضيف عدة خطب وأحاديث إليه بين فترة وأخرى) .
- كذلك النسخة الأصلية تختلف في أشياء كثيرة عن هذه النسخة فهي مليئة بأمور أخرى غير الخطب والأحاديث والقصص , كمثلا ألغاز معقده , جرائم لم تحل , معادلات أدبية , فلسفات غريبة , وشروحات مفصلة له عن الجنس والشذوذ والمتحولون جنسيا , وكذلك أقوال لصديقته (كاترينا) وأحاديث بينه وبينها .
- نقطة أخيرة حين أقول (كتابي) لاأعني هنا (بأنني طبعته ونشرته في المكتبات) هي فقط مجلدات كبيرة أنسقها وأطبعها لدي من الجلد إلى الجلد , لذا أسميه كتاب .

مثير الجدل 11-12-13 07:18 PM

يتحدث عن أسئلة بلا أجوبة :

من , وكيف , ومتى , وكم , وأين , ولما , وعلاما , وهل , وماذا , ولماذا , فما , وكيفما , أسئلة كثيرة بلا أجوبة , لاأحد يريد أن يجيب , أو ربما ملوا كثر الأسئلة , أو ربما غضبوا قلة الأجوبة , لكن هناك أسئلة بلا أجوبة , علامات أستفهام وتعجب بدون شرطة أو نقطة , كيف , يجب أن تحل , لماذا , هل عيب , ماذا تخشى , فما يمنع , من تخاف , هي معادلة أم مجرد أدب .

الجميع يختبئ خلف الأجوبة , الجميع يحرج أمام الأسئلة , لكن السؤال , دعوني أصوغها بشكل مختلف , لكن المشكلة ليس بقلة الأجوبة , بل صدقها , عندما تجيب أحدا بدون كذب , فلن يعود ويسأل , ستخجله , كن ذكيا , أجبه قبل أن يسأل , ألجمه , كي لايؤذيك ويسأل , عرف بنفسك للجميع دون هرب أو تخبط , لأن الحقيقة تريح , يارجل , هذا أنت , مايمنع لو قلت ذلك , أتستحي من نفسك , أسمي هكذا , عمري هكذا , فما , أهناك مايخجل , أجب لاتترك فراغ أو حتى ثغرة , حسنا , أسألني أن كنت تحب .

- سأل : من أنت ؟
- أجبت : من تظن ! أنا من التراب وإلى التراب أعود .
- سأل : كم عمرك ؟
- أجبت : 30 سنة يارجل , أحسها قرنا ودهرا , وهن العظم وأشتعل الرأس شيبا .
- سأل : ماعملك ؟
- أجبت : مثل عملك , خزيا وعار (أراقب الناس) .
- سأل : في أي يوم نحن ؟
- أجبت : لا أعرف , كلها تتشابه في نظري .
- سأل : كم ساعة الآن ؟
- أجبت : لم ألحق وأعرف .
- سأل : علاما تتأمل ؟
- أجبت : حظي وماسيكتب , هل تراه يخفي جيدا .
- سأل : لما صمتك ؟
- أجبت : تعبت مخاطبة السفهاء والحمقى يارجل .
- سأل : فيما تفكر ؟
- أجبت : أشياء كثيرة , لكن مايشغلني فعلا , سؤالك التالي .
- سأل : مايبكيك ؟
- أجبت : الذي لايبكيك , ذنوبي وهمومي وأحزاني .
- سأل : ماذا تكتب ؟
- أجبت : مثلك تماما , أكتب ديوني .
- سأل : ماذا تكره ؟
- أجبت : أهناك غيره , الماضي , فلن يعود أو ينمحي .
- سأل : علاما تبتسم ؟
- أجبت : أنظر إلى الطفل المسكين هناك , يضحك ويلعب مع الجميع , لكنه لايعلم بأنه سيبكي وحيدا عندما يكبر .
- سأل : كيف عشت ؟
- أجبت : لاأدري , صدمت أعيش الواقع .
- سأل : هل خسرت ؟
- أجبت : الكثير والكثير , لكثرها نسيتها .
- سأل : أربحت شيئا ؟
- أجبت : بالطبع , لكن ماأريده لم أربحه .
- سأل : أين جرحت ؟
- أجبت : في الصميم , جرحا غزير , بلا أسلحة .
- سأل : كيفما تلبس ؟
- أجبت : كما أريد , لا كما تريد , أعرف مقاسي وحجمي جيدا .
- سأل : فما جنونك ؟
- أجبت : الأدب والحكمة والفلسفة , أوتدري , أنتظر , الهدوء والأحترام وحسن الخلق .

أجبتك , فما الآن , ماذا حدث يارجل , أنا ربحت وأنت خسرت , أنا نجحت وأنت رسبت , فلم أترك سؤال ولم أحذف جواب , كورقة الأمتحان , كن جاهزا كن مستعد , أشبعت غرورك , نعم , أشبعت فضولك , نعم , أجبتك على الأستفهام والتعجب , ووضعت شرطة ونقطة .

الكل رضى والكل فرح , لكن هناك شيئا لم تعرفه , دعني أقولها على السياق , هناك سؤالا لم أجبه , وأنت لم تسأله , ربما نسيت أو فضولك قتلك , أردت أن تسمع جوابا بمستواك يليق , غبي , لم تسألني , لما قلت لك أسألني , أتريد أن تعرف لما ولماذا وعلاما , كي أحس أني عظيم ذو شأن , أعلمك الحياة بالأجوبة , تسألني جاهلا , أثقفك وأجيب , سؤالي الأخير وأجابتي , أن سألت سؤالا بلا أستفهام , سأجيبك جوابا بلا تعجب .

مثير الجدل 11-12-13 07:19 PM

خطابه في المنبوذين :

دعني أسالك شيئا , هل كنت تسير في السوق يوما ما , أو مكان مزدحم , تتبختر بمشيك تظن الجميع سينظر إليك , لكنك تصدم بواقعك المرير فلم يلتفت إليك أحد أو يتنزل , أعرف شعورك تلك اللحظة , تتمنى أن تمسك سلاحا بيديك وتفرغ ذخيرته عليهم , منبوذا مسكين , تريد أن تلفت أنتباههم وأعجابهم , لكن لأحد يهتم يارجل , ليتهم وحدهم نبذوك , بل أهلك وأقربائك وعملك وأبناء حيك , يجبرونك أن تعيش كالمجنون أو تظن نفسك كذلك .

تتسأل لما , هل هيئتي مريبة , أو كلامي أحمق , تنظر لذاتك في المرآة ترى كل شيئا فيك جميل , لكنهم هم الخبثاء , وأنفسهم الدنيئة , لايريدونك , فلا شهرة لديك أو منصبا مرموق أو مالا تعطيهم , صدقني , أنت أكبر من ذلك , تحدثهم لايجيبون , تبتسم يحقرون , بل أسوء , ينظرون إليك تلك النظرة المريضة , يعتقدونك كريها أو غثيثا أو لصا مراوغ , بعضهم أوقح , يظنك مغتصبا مختطف , أو سفاحا أو قاتلا متسلسل تتربص بهم .

تصاب بالحسرة إذ ترى شخصا سيء خلقا وذميم , تتفاجأ بأنهم يذهبون إليه كالأغبياء , يذلون أنفسهم إليه ويهينونها دون جدوى , يرضون بذلك بل يستمتعون , فمن يفهمك , الكل مصابا بالصم لايسمع .

تذود في غرفتك وحيدا , والحيرة قد غلبتك , ماذا فعلت لهم , لما لايحسون أو يشعرون , ربما هم على حق , فأنا سيء الخلق , بعيدا عن الأناقة وصرعات الأزياء , أو ربما مواضيعي سخيفة ولاتعجبهم , يجبرونك أن تزيف نفسك , وتخلع ردائك وتلبس غيره , لكن حتى ذاك لمن ينفع , بل كرهوك أكثر , جعلوك تتوجع وهم لايدرون .

فلما تفعل بنفسك هذا , هل تثق بي , حين أقول , بأن كل ذلك في مصلحتك , عندما يبيعونك بسعر التراب بعهم بأرخص من ذلك , هم صدوا وأنت أهجر , قد تقول لا أقدر , فأنا أعيش معهم وبينهم ووسطهم , أقول لك , كذبت , كيف ذلك وهم لايرونك أو يسمعوك , فلاتلم نفسك أو ترهقها , أمشي على المكتوب , عش حياتك كما تحب , لا كما يحبها غيرك , أن جاءوك فرحب وأن رحلوا فودع , لاتهتم , فما لاينفعك لن يضرك .

أنت منبوذ , لأنك أردت ذلك , لاتحاول أن ترضي أحدا وتجامله على نفسك , ستتعب , لأنك ضحية مجتمع فاشل , حتى هم كذلك , فلا تلمهم , الحياة أجبرتهم أن يعكسوا مبادئهم , كلن يبحث عن مصلحته , نفسي نفسي , لاترحم أحد , هذه هي القواعد , الجميع منشغل بنفسه , كل ذلك من الظروف , أي ظروف , لاأدري , كل وأسبابه , لن تفيدهم وعالمهم لذلك لم يروك , فلا تكون عالة عليهم وقبلها على نفسك , لاتقحم ذاتك في دنياهم , لاتحاول أن ترضيهم أو تجبرهم ليسمعوك , يكفيهم مافيهم , حتى لو فعلت مصلحتهم تراهم ينتقدوك وينبذوك .

أبتعد وأبتعد حتى يأتي من يريدك ويشتريك , يعرف قدرك ويغليك , ينسيك البشر ومن نبذوك وهجروك , ستخجل حينها لأنك حاولت وحاولت لتجر الآخرين لعالمك وهم يكرهوك , أدخلتهم حياتك وهم لايريدوك , لبست لهم وذوقهم , أرتديت ثيابا ليست بحجمك , فبدى الفرق واضاحا , زيفت نفسك لأجلهم , فلم تستفد , خذها مني يارجل , كن على سجيتك ولا تتصنع , فأرضاء الناس غاية لاتدرك .

مثير الجدل 11-12-13 07:21 PM

خطابه في التاريخ :

التاريخ , كم التاريخ , أي تاريخ , للتاريخ , دخل التاريخ , سجل التاريخ , فتحت أبواب التاريخ , غير وجه التاريخ , سيذكر التاريخ , صلح التاريخ , أكتشاف التاريخ , كتب التاريخ , دراسة التاريخ , حقيقة التاريخ , تاريخ وتاريخ , كل شيئا لأجل التاريخ , كل شيئا يخلد في التاريخ , كل شيئا يكتب في التاريخ , كل شيئا تاريخ في تاريخ .

من منا لم يحبه , من منا لايتمنى دخوله , من منا لايريد أن يذكر فيه أسمه , من منا سيخترع المعاجز والبدع ليخلد شيئا فيه , أقله أنظر لتاريخنا الحديث , أرتكبوا فضائع وأهوالا لأجله , حروبا عالمية دمرت الأرض والبر والبحر , حولت المكان إلى لاشيء , مقابر جماعية , ثورات وأنقلابات , مؤامرات وجواسيس , حروبا باردة وأخرى ملتهبة , فقط من أجلك ياتاريخ , فعلوا كل جنون وهوس , أنتقاما ومقاومة , تحالفات ومصالح , هيروشيما ونجازاكي , أختراعات وأكتشافات , ملايين وملايين قتلوا ودفنوا تحت دفاترك ياتاريخ , لم ترحمهم أو تذرف دمعا عليهم أو تستر قبيحهم , خنتهم وفضحتهم , فما أرتكبوه لأجلك ياتاريخ , رحلوا جميعهم فماذا تبقى , عداك ياتاريخ , خدعتهم وغررت بهم وتلاعبت , من أجل ماذا , كي تكتب في صفحاتك تاريخهم ومافعلوه .

لينين وثورته , غاندي وحكمته , ستالين وقبضته , هتلر وجنونه , تشرشل وحنكته , لوثر كينق وحلمه , صدام وديكتاتوريته , ماسوليني وفاشيته , مانديلا وسجنه , كندي ومقتله , القذافي وغرابته , من تبقى , قل لي من , ليت القائمة تنتهي قبل أن ننتهي .

في هذا التاريخ حدث , في هذا التاريخ ولدت , في هذا التاريخ عشت , في هذا التاريخ مت , كل شيئا يتعلق بك ياتاريخ , أنت الرابح دائما ومن يضحك , جرائما أرتكبت بأسمك , أختراعات سجلت بأسمك , بطولات تحققت بأسمك , أوراقا طوت بأسمك , صفحات جديدة فتحت بأسمك , لاأعلم , أن كنت سأدخلها فائزا ومن معي أو خاسرا تخرجني من دفاترك , فالتاريخ يتلاعب به المنتصرون ويحرفون بداخله .

سجلني معك ياتاريخ , فقد طمعت , كما طمع قبلي أقواما خلت , خدعت بعضهم وأسعدت آخرين , الحقيقة تبقى , بأنك لن تنتهي , ستظل مفتوحا وتكتب , ونحن راحلون لامحالة , كما خطى السابقين , تحدوك وخسروا , ماتوا فلم يعودوا ليقرأوا ماذا كتبت عنهم وخلدت , أنها القسوة بكل معانيها , ويحك ياتاريخ , من أجلك قضى على الجميع فمن يقضي عليك .

مثير الجدل 11-12-13 07:22 PM

قبل خطابه الأخير بلحظات :

كانت القاعة مكتظة , ضجيجها يسمع من أميال , جموعا غفيرة , جماهير لاتعد , تنتظر (فرانك) لتلقي نظرتها الأخيرة عليه , البعض يهتف والبعض يصيح والبعض يصفق , وفئة ترفع لافتات ترتجيه عدم الرحيل , ملايين وملايين خلف الشاشات تشاهد وتسمع وتنتظر , ماذا سيقول رجلهم ومن أحبوه , فذاك آخر خطابا يلقيه , بعدها لن يسمعوا صوتا له ولا فلسفة ولا تناقض , قد قال مايجول بخلدهم وماتمنوه وأقشعر بدنهم .

الجميع يظنه سيودعهم بخطبة نارية يشكرهم فيها لأنهم أحبوه وشجعوه ودعموه , البعض خانته تعابيره أعتقد بأنه سيعتذر للمجتمع ومن أخطأ بحقهم .

أخذ يجول ويدور في القاعة وحولها بكل هدوء , ماأثار غرابة الجميع بملامحه التي لم يعهدوها عليه من قبل , خيم لحظتها صمتا رهيب على الجميع كأنهم يريدونه أن يتكلم ويقول ليعرفوا مابه , فعلى غير عادته بدى منكسر الظهر لايقوى على الحراك .

جلس في وسط القاعة والحلبة , ممسكا ميكرفونه الذي تفنن به وتغزل , عزف عليه ألحان خطاباته , وسمفوانيات أدبية قالها , هزت وجدان من سمعها .

بعد سكوت أخاف كل الحاضرين والمشاهدين , راح يودعهم بطريقته , فبدل أن يغادر سعيدا تغلبه دموع الفرح والوداع كان له رأيا آخر كالعادة , أرادها نهاية حزينة كما كان يحب ويقول دائما ومايؤمن به (أن النهايات الحزينة أفضل من السعيدة لأنها تخلد في القلوب وتعلق في الأذهان ولاتنسى , فواقعنا نهايته تعيسه ,لأننا سنموت كلنا يوم ما ونغادر الحياة) هذه كانت مبادئه .

قام يسرد لهم قصة حياته البئيسة منذ طفولته حتى لحظته , ولما فعل وقال وحارب العالم بأسره , ربما الجميع يعرف حكايته وماجرى له , ولكن أحدا لم يسمعها من قبل بصوته هو , فماذا ولماذا وماالسبب وما الهدف .. فلنتابع


مثير الجدل 11-12-13 07:24 PM

خطابه الأخير :

أنها لعبة القدر , مذ كنت في 13 من العمر وأنا أنتظر يوما كهذا , أيها الحشد , ومن يشاهدني ويسمع , أريدكم أن تمعنوا النظر فيا جيدا , وتستمعون بضميرا لما سأقول .

أنا الشخص الوحيد في هذا العالم الذي تخطيت الجدار , لم يستطع أحد أن يفعل ذلك , ليس قبلي وليس بعدي , أخبروا عني قصصا تعدت الخرافة حدا , قالوا بأني خرجت من ألا مكان وأتيت من العدم , أحدثت صخبا سمع ضجيجه قعر المحيط , حتى أنني أصبحت مثلا يحتذى به , لكني لست مهتما بذلك .

دعوني أخبركم حكاية الرجل (يشير إلى نفسه) الذي خرج من حلمه غاضبا وراح يشمل الجميع في شتائمه , ضاربا عرض الحائط كل الخطوط الحمراء , حيث كان يعود كل ليله إلى مخبأه الذي لم يعرف مكانا آخر غيره , يتقوقع على نفسه هناك , هارب من كل شيء , حتى الأموات في مقابرهم تلبد خشيت منهم , منزوي في تلك الظلمة الحالكة التي خلت من بصيص نورا عدى ذاك الخافت فوق رأسه , يتحاشى نظرات الناس الموجعة بنفس تلومه وضميرا يأنبه , يفكر في الأختفاء تارة , وتارة أخرى تراوده فكرة الهروب من هذا العالم الموحش , لكنه لم يفعل .

ظل يعيش في ماضيه المؤلم التعيس بعد أن تركه الأحبة وحيدا , أنتحر أحدهم يلعن فقره , والباقين هربوا معه ينتقلون من مكان لغيره , يفرون بمشاعرهم التي ماسكنتها الطمأنينة مرة من واقعا لم يرحمهم , يمرون على الجميع والآخرون ينظرون إليهم بنظرات مختلطة فأناس باعوهم بسعر التراب وآخرون بكوا عليهم , والدته هي الأخرى توفيت تندب حظها النحس ومرارة الأيام التي عذبتها بمرض خبث أصابها وأوجعها وأرق جفونها , تركت ملقاة على الأرض دون شفقة من أحد أو حتى نظره , تصرخ وتصرخ عل صوتها يسمع دون جدوى أو فائدة , حتى الهواء توقف عنها رحمة بحالها , شقيقه الآخر تذكره القدر في ظهرا وقتئذ كانت الشمس تحرق بلهيبها كل من تجرأ عليها , فأصابته بحراراتها أنتقاما وقتلته في مكانه , ولم ترحم جلوسه على كرسي مافارقه لحظة ولادته .

عاش يشتكي ضيم الفراق ليال وليال , يخفي كل أوجاعه بداخله كي لايراه أحدا أو ينظر في عينيه , ويكتشف شيئا أو أشياء وآلام تلبدت وأجبرته على العيش محاربا يخوض معارك عدة , يتما وتشرد , فقرا وتسول , ضياعا وقهر , ألما تآكله من الداخل , ومصائب توالت عليه.

نظر في المرآة إلى نفسه فلم يعجبه ما رأى , ترك كل ذلك خلفه راغما , فلم يعد يتذمر أو ينتحب كلمة واحدة حفظها ويقولها دائما : إليا إلي ! يرددها لحظة غدرا أو مشكلة تختبره الحياة التي لم ينجح فيها أحد , الجميع خرج خاسرا يجر أذيال الخيبة معه عدى فئة قليلة وقليلة جدا .

عرف بأنه سيكون على القمة وأعلى الهرم يوم ما سيأتي لامحالة , مكتوب قدر له أن يعيشه , كقصة حزينة خلدت بين أوراقها أرواحا عزيزة عليه تعذبت وعانت وفتكت بها الحياة مآس وأوجاع , دفنوا تحت ترابا سقوه بدموعهم وآلامهم , ليخرج منه أحدا يخبر العالم بما جرى , كيف عاشوا وماتوا , نكرة , لاذكرى لهم عدى الهموم والأحزان , بلا ضحكة أوحب أو عاطفة , قلوبهم ماشعرت بالراحة مرة , يلملمون جراحهم بأياديهم الجافة التي ما لامست النعيم قط .

أجلس اليوم أمامكم والعالم بأسره يشاهدني , تجول بي الذاكرة إلى وقتا بعيدا مضى , وعدا قد قطعته على نفسي , بعد أن قضى مضجعي وأرق جفوني , أن ماحدث لهم لن يذهب أدراج الرياح أو يضيع وسط الزحام , لو كلفني ذلك حياتي وما أملك , أطحت كل من حاول الوقوف بطريقي , أزحت كل حجرة عثرتني , شققت الأرض شقا وخرجت منها .

أنا (بول جاك) , أبن ذلك الأب , وصغير تلك الأم , ورفيق ذاك الأخ , كل مافعلته في حياتي لأجلهم هم , هم عائلتي , التي رحلت دون أن يعرفها أحد .

هنا تنتهي حكايتي , بعد أن نفذت وعدي وما أثقل كاهلي سنين طويلة , وأيام ما كادت تمر لظلمتها .

لكن قصتي لم تمت , بل ولدت لتبقى , ستخلدها أوراق الحياة القاسية وصفحات العمر التي أنطوت على ذاتها بعد أن كتبت فيها الشقاء والدموع والألم .

كنت هنا معكم وبينكم وداخلكم ضيفا ثقيل أو خفيف لا أدري , لكم الحرية كيفما أردتم , فلا يهمني ذلك , على أية حال , أني راحلا الآن , قد أعود بعدها وقد لاأعود , وداعا للجميع , تذكروا فقط بأن (فرانك) مر من هنا .


مثير الجدل 11-12-13 07:26 PM

كانت تلك آخر خطاباته , أختفى بعدها ولم يسمع عنه شيئا أطلاقا , ولا أحد يعرف أين أستقرت به الأرض , كأنه رجع إلى سن ال13 ليبحث عن نفسه وذاته التي قتلت في تلك السنة الكئية , كسرابا ظهر فجأة وأختفى فجأة , بعد أن حقق حلمه , ونفذ وعده وأخبر العالم عن أسرته وأي بلاء ذاقته .

حتى صديقته (كاترينا) لم يسمع عنها , وكأنهم خرجوا من العدم بالفعل , أخذ الناس يطلقون عليه أشاعات مرة أخرى بعضهم قال بأنه راح يجوب الجزر الخلابة ويستمتع بها ويهنأ بما تبقى من حياته رغم صغر سنه , آخرون بالغوا وقالوا بأنه أشتاق لحياة التشرد والضياع فتبرع بأمواله وكل مايملك كي يعيش كما كانت أسرته .

النهاية :

كل لديه أحلام كل لديه آلام , كل لديه حكمة وفلسفة وأدب , كل لديه مبادئ وقيم يسير عليها , كل لديه شجاعة وثورة وصوت داخله , كل لديه وكل لديه , لكن من يستطيع أن يوصل صوته ليسمع .


(أصرخ يابني أصرخ , لعل صوتك يسمع)
هذه كل القصة يافرانك

متمردة 10-07-14 01:47 PM

لا أعلم كيف اصفها
كانت غريبة شعوري بقراءتهاكانت اغرب

شكرا عليها

sam2001 28-04-20 10:18 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

funy19 30-04-20 09:00 AM

Thaaaaaaaaaaaanks


الساعة الآن 08:44 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.