آخر 10 مشاركات
[تحميل] لمحت سهيل في عرض الجنوب للكاتبه : ؛¤ّ,¸مــشـآعلـ¸,ّ¤؛ (جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          468 - لهيب الظل - ريبيكا وينترز ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          سيمفونية الجليد والنار(117)-ج3 أسرار خلف أسوار القصور - noor1984*الفصل17ج1* *مميزة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          [ تحميل ] لا صد قلبي صد من دون رجعه ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : اسطورة ! - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          1017-درب الفردوس شيرلي كمب - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          [تحميل] لجل الوعد للكاتبة/ المحظوظه (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مشاعر من نار (65) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الثانى من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-08-13, 12:45 AM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 فيلاس ستعود حرة / للكاتبة أعقل مجنونة ، فصحى مكتملة






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية باللغة العربية الفصحى وهي بعنوان
فيلاس ستعود حرة
للكاتبة / أعقل مجنونة



كلمة الكاتبة

اخواتي الحبيبات هذي رواية بقلمي حبيت اني اطرحها بين ايديكم لأسمع اراءكم و تقييماتكم
و قد وضعتها فيما سبق في منتدى آخر و اسمي فيه ( مستحيل انساك )
و ها انا اضعها هنا الآن
أرجو أن تستمتعوا بها ، و أن أرى تشجيعكم و نقدكم . .



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 14-10-13 الساعة 10:39 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 12:53 AM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

في زمن بعيد .. حيث كانت الحروب منتشرة في أنحاء العالم,
في ذلك الوقت القوي فقط هو الذي يبقى .. وإن كنت ضعيفا فلا مكان لك في هذا العالم .
تحكي الرواية عن دولة ضعيفة وصغيرة حيث الناس يموتون من المرض و الجوع , في هذه الدولة هناك حاكم طيب القلب وذو نوايا حسنة
ولكن من حوله من أتباعه يختلفون عنه فهم ذو نوايا سيئة , وقد خدوعوا الحاكم بأقوالهم و أفعالهم المزيفة .
دعونا نعرف ما الذي سيحدث وكيف سيكون وضع العالم في المستقبل ..
( فيلاس ستعود حرة )





الفصل الأول : أتسمي نفسك حاكما !

دخلت سارة غرفة والدتها , فوجدتها تخيط الثياب بكل جهد , فاقتربت منها و قالت بقلق
- أمي تبدين متعبة جدا فلترتاح سأقوم أنا بهذا العمل .
- آه يا ابنتي لقد بدأ التعب يدركني فعلا .
- أمي لقد أخبرك الطبيب بأن لا تجهدي نفسك كثيرا فأنت مريضة
- وماذا سأفعل يا ابنتي .. هذه هي حال الدنيا .
سارة تلك الفتاة النقية لا تزال في الثانية و العشري من عمرها , تعاني من مرارة هذه الحياة , و تبذل جهدها للبقاء , لم يتبقى من عائلتها سوا والدتها العجوز , لذلك هي تحاول جاهدة الحفاظ على هذه العائلة الصغيرة . .
و في ليلة من الليالي استيقظت سارة على صوت والدتها وهي تسعل بشدة , عندها أدركت بأن هذا السعال ليس طبيعيا , إنها ليست على مايرام! فأسرعت تنادي جارها الطبيب كي يراها , و عند وصوله قال بخيبة أمل كبيرة :
- إن لم نعالجها قد تفارق الحياة
تفاجأت سارة من كلام الطبيب و بلا شعور قالت : ماذا تقول ؟! لا يمكن ذلك
الطبيب : سارة اهدئي لا فائدة في انفعالك هذا .
أخذت سارة تتوسله : أيها الطبيب أرجوك عالجها سأبذل جهدي لاحقا كي أجلب لك باقي المال.
الطبيب : سارة لا فائدة من ذلك , أرجوك لا تترجيني أكثر .
سارة : أرجوك , لا تتركها تذهب هكذا , حاول مرة أخرى
الطبيب : فعلا أود مساعدتك , ولكن أنا أيضا لا أستطيع علاجها , حالة الطب لدينا متدنية جدا ووالدتك تحتاج إلى أن تعالج في الخارج أنا آسف يا سارة , عليك جمع المال بطريقة ما و معالجتها .
أخذت الدموع تسيل من عينيها و الحزن قد ملأها و هي تقول له : ألست طبيبا !
كان الطبيب حزينا جدا لحالة والدتها وكم تمنى مساعدتها ولكنه كان صادقا في كلامه , فهم دولة متخلفة قليلا وليست متحضرة أبدا .
بعد أن هدأت قليلا , تركها الطبيب و عاد لمنزله , و بقيت سارة وحدها تفكر في حل لهذه المشكلة و هي تقول لنفسها :
لا أستطيع ترك والدتي تموت أمام عيني هكذا , علي أن أجد حلا بأسرع ما يمكن , لكن كيييف ؟! الديون تغطيني تماما و لا أحد غني في هذه المدينة يا الله ماذا سأفعل ؟
بعد يومين وقفت سارة أمام البوابة الكبيرة التي يحرسها الرجلان الواقفان
قالت لنفسها : سأضطر لأن أترك الكبرياء بعيدا مرة أخرى , كل هذا لأجلك يا عزيزتي يا أمي , لقد فكرت و لا يوجد حل آخر سوا سؤال الحاكم بعضا من ماله , ولكن من سيخلصني من هؤلاء الحرس !
سارة : مرحبا أيها الرجل , هل لي بالدخول أود محادثة الحاكم لأمر عاجل .
الحارس : آسف يا سيدتي , ولكن من أنت ؟ و هل لديك إذن بالدخول
- أنا سارة ... و لا يوجد لدي إذن و لكني مضطرة لأن أتحدث معه .. أرجوك
- آسف اذهبي من هنا , نحن لا ندخل أمثالك لهنا
- ما الذي تقوله ؟
عندما بدأ يشتد الحديث تدخل الحارس الثاني وهدأ الوضع
سارة : سأذهب الآن و لكنني سأعود .
وبعد ذهابها قال محمد ( الحارس الذي تحدث مع سارة ) : ما الذي تريده هذه المرأة يا ترى ؟
الحارس الثاني ( جاسم ) : لا أعلم حقا ولكن لا أظن بأنها ستأتي لاحقا .
وفي اليوم التالي لم تتردد سارة و أتت مجددا و لكن دون فائدة لم تستطع الدخول
فعلت الأمر ذاته في اليوم الثالث , ولكن لا فائدة .
مضى أسبوع كامل وهي تأتي ولكنها تقابل بالرفض , وبعد ذلك اختفت ولم تعد مرة أخرى .
فتعجب محمد للأمر : هذا أمر غريب لم تأتي سارة إلى هنا مرة أخرى !
جاسم : ربما ملت من الأمر فلم تأتي .
- ولكن لماذا كانت تريد مقابلة الحاكم ؟ هذا هو السؤال الحقيقي .
جاسم بقلق : ربما كانت تخطط لأمر سيء , علينا إخبار الحاكم حالا .
- : كلا إياك أن تتهور .
- هذا ليس تهورا بل هو حذر . سأخبر الحاكم بنفسي , وبمكر قال : ربما يكافئني على هذا الأمر .
هذه هي الحقيقة ,, هناك أناس يحملون الهموم الكثيرة , وهم مضطرون لأن يبيعوا أغلى ما يملكه الإنسان ( الكرامة ) وذلك من أجل حماية شيء آخر
بينما هناك آخرون لا يهمهم سوا المال , و لاشيء غير ذلك , هم أناس جشعون جدا لا يستطيعون إلا أن يفكروا بأنفسهم .
صحيح أن جاسم كان يؤدي واجبه ولكن نيته لم تكن حسنة , لم يكن يفكر في حماية الحاكم ولكن كل ما فكر فيه هو استغلال امرأة ضعيفة من أجل المال .
لذلك وبدون تردد , و بدون أن يفكر في العواقب , ذهب و بكل جرأة أخبر الحاكم بالأمر .
لم يسكت الحاكم عن الأمر , و لم يكن ليدع الأمر يمر هكذا , عليه أن يعرف سر هذه المرأة , لذلك أرسل جنوده لإحضارها .
وفي وضح النهار كانت سارة جالسة في المنزل وحدها تجمع الأشياء القديمة كي تبيعها و تحصل على بعض النقود , دخل عليها جند مسلحون , فتقدمهم رئيسهم ذلك الرجل الضخم الجثة و قوية البنية , عريض المنكبين و يبدوا بأن مصيبة جديدة ستقع عليها , تحدث بصوت أجش قائلا :
- هل أنت سارة ...
- أجل ما الأمر ؟
- أنت مقبوض عليك .
- ولماذا ؟ لم أفعل شيئا !
- لقد أزعجت الملك بوقوفك عند باب قصره , ونحن نشك في كونك إرهابية
- ما هذا الكلام ؟ الملك لم يدري أنني أقف عند الباب , وهل الوقوف يسبب إزعاجا لهذه الدرجة
تقدم الرجل وأمسك يدها بكل وقاحة وقيدها وهو يقول : لا تقولي شيئا و تعالي معنا .
لم تتحمل سارة الأمر فصرخت به : فك وثاقي بسرعة أيها الوغد الحقير ...
هو أيضا لم يكن ليتحمل اهانتها له امام الجميع , وبكل قوة و جرأة , مد يده ليضرب وجهها , تلك الضربة جعلتها تصمت و تنظر إليه بكل حقد وكره , كم تمنت في تلك اللحظة بأن تكسر يده هذه .
فعلا هناك أناس يظنون أن القوة هي أهم شيء , وأنهم بضربهم لمن هم أضعف منهم سيكون دليلا على قوتهم ورجولتهم , ولم يعلموا أن هذه ليست قوة أبدا وليست رجولة أبدا , فالقوة هي أن تمسك بأعصابك حال غضبك , و القوة هي أن تكون حليما مع الآخرين - ومع الأسف قليل من يدرك هذا الأمر .
حبست سارة في السجن الصغير القذر , و لم يكن هناك أحد يسأل عنها , أو يتفقد غيابها حتى , إلى أن أرسل الملك بإحضارها , فأًخذت إليه .
كان جالسا ينظر إليها , و الحراس حوله , و مستشاره بجابنه , و عندما رأها منكسرة هكذا أمر بخلع الأصفاد من يديها :
إلياس : أيها الحارس اخلع الأصفاد من يديها ؛ فهي لا تملك شيئا بحوزتها الآن .
الحارس : ولكن سيدي ..
إلياس : افعل كما أمرتك .
الحارس : حاضر سيدي .
فك الأصفاد من يديها فحركتها بحرية , و بعد ذلك سألها إلياس قائلا :



إلياس : و الآن أخبريني يا سارة ما الذي تريديه مني الآن؟
سارة : الآن لا أريد شيئا , كنت في السابق أحتاجك ولكنني لم أجدك .
- انسي الماضي و أخبريني سألبي لك ما تريديه فأنا من واجبي علي كملك أن ألبي رغباتك .
ابتسمت سارة ابتسامة ساخرة وقالت : لم أعد أريد منك شيئا .
- إذا أخبريني بما كنت تريدين في السابق .
وبتردد و انكسار ردت عليه : كنت . . أريد بعضا من المال .
تدخل المستشار وصرخ في وجهها : ومن أنت حتى تطلبي طلبا مستحيلا كهذا ؟ هل جننت ؟
إلياس : اهدأ يا حسام لنستمتع إليها .
سارة : ولماذا لا يحق لي ذلك ؟ أولا يدعو نفسه حاكما أما ماذا ؟
إلياس : سارة اهدئي سأعطيك ما تريدينه .
سارة بسخرية : شكرا لك سيدي الحاكم , ثم نظرت إليه بحدة وقالت : لا أريد , لقد فات الأوان
إلياس : لم أفهمك ألم تأتي لمدة أسبوع لقصري حتى تأخذ مبلغ المال ؟ لماذا تتخلين عنه الآن ؟ ولماذا كنت تريدينه ؟
سارة : كنت بحاجة إليه لأن والدتي كانت مريضة ولكنها الآن . . قد .. قد .. ماتت
عم الصمت المكان و الجميع في دهشة أما سارة فقد دمعت عيناها
إلياس : أنا آسف جدا يا سارة .
سارة : لا يا سيدي الحاكم , لا يجب عليك الاعتذار أبدا , فوالدتي ليست أول امرأة تموت هكذا .
حسام : لقد زاد الأمر عن حده , أنت لا تدركين مع من تتحدثين إنه الحاكم .
ضحكت بسخرية و بجفاء قالت : لقد أضحكتني يا هذا .. إنه حاكم بالاسم فقط لا بالفعل , لو كان حاكما حقيقيا كما تقول لما عانى الناس هكذا , ولما مات الناس من الجوع و المرض مثل ما ماتت والدتي , أنتم ظالمون حقا .. ليت والدك كان موجودا , لكم كانت البلاد هانئة غنية في ذلك الوقت .
وقفت سارة و أعطت الحاكم ظهرها متجهة نحو الباب , عندها اعترض الحراس طريقها محاولين منعها عن الخروج , ولكن الحاكم أشار لهم بأن يدعوها, تلك كانت بالنسبة تصرفات خالية من أي احترام لمكانته و منزلته و لكن بالنسبة لها فلم يهمها الأمر , سواء أمسكوا بها و سجونها أو قتلوها فلم يعد يهمها , فقد تساءلت مئات المرات ماذا أريد من الحياة بعد وفاة أمي ؟ الموت أرحم لي من أن أعيش دون كرامة ودون أن آخذ حقا من حقوقي , الموت أرحم من أن أرى الأطفال المشردين في كل مكان , في أي عالم أعيش يا ترى !


كلماتها القوية , التي كانت نتيجة حقد مدفون , أثرت في إلياس , فأخذ يفكر و هو حائر , هل هي مخادعة يا ترى ! أم أنها تقول الحق ! و أخيرا توصل إلى قرار جازم , فنادى مستشاره القى اوامره
إلياس : حسام
حسام : أمرك سيدي .
- هل ما تقوله الفتاة صحيحا ؟
- كلا سيدي , الناس سعداء إنها تقول هذا الكلام لأنها تريد أن تسبب لك القلق فقط يا سيدي .
- لا أدري لماذا ولكنني أشعر بأنها صادقة .
- أبدا يا سيدي , إنها ليست كذلك .
- اسمعني يا حسام .. سأرى ذلك بنفسي , بعد عودتي من رحلتي
ارتبك حسام وقال : هذا يعني أنك تريد الخروج بنفسك ؟
إلياس : بالطبع , أولا يحق لي ذلك ؟
حسام : بلى , سيسعد الجميع بذلك , و ستكون سعيدا وراضيا .
عاد إلياس من رحلته من إحدى البلدان بعد أسبوع تقريبا , و لم يتنازل عن قراره , فتخفى و خرج من حسام و أربعة من الحراس , و جعل الأمر يبدو عاديا كي يرى الحقيقة بنفسه .
كان يمشي وينظر للناس حوله , كانت حياتهم عادية جدا , كل شيء يسير على مايرام , و لم يعرف أحد بأنه الحاكم .
حسام : هل رأيت يا سيدي , الناس جميعهم سعداء , إنها امرأة كاذبة .
إلياس : يبدو ذلك و الآن لنعد .
وفي أثناء عودته لقصره وجد طفلا جالسا وحده و حالته يرثى لها فتوجه نحوه
أوقفه حسام : سيدي ماذا تفعل ؟
إلياس : انتظر يا حسام و دعني أتحدث مع هذا الطفل , أيها الطفل
أجابه بكل براءة : ماذا تريد ؟
إلياس : لا أريد شيئا , و لكن أخبرني لماذا تجلس هنا وحدك , ألن تعود للمنزل ؟ لا تدع عائلتك تقلق عليك .
الطفل : لن يقلق علي أحد , فأنا لا عائلة لي
- ألا يوجد أحد يعتني بك ! ألا تملك منزلا ؟!
- كلا , أنظر هناك يا عم , هناك أنام كل يوم
نظر إلياس إلى المكان فوجد بعض القش
- وكيف تأكل ؟
- لم آكل اليوم أي شيء , ولكن غدا ربما يطعمني أحدهم .
اجتاحته العديد من المشاعر , حزن كثيرا لذلك الطفل , و غضب أيضا لعيشة طفل كهذه العيشة .
فأمسك بيده و قال : ما رأيك بأن تأتي معي
- إلى أين ؟
- سأجد لك مكانا أجمل من هذا لتنام فيه , و أكل لذيذا كل يوم ما رأيك ؟
- حقا ؟ شكرا لك أيها العم
وقف إلياس و الطفل معا
إلياس : لم تخبرني بسمك بعد !
قال بابتسامة بريئة وصادقة :
- أدعى سامي .
- سامي اسمك جميل .
أخذ الطفل و لم يعد للقصر , فقلق حسام و أشار بيده
حسام : سيدي القصر من هذا الطريق !
إلياس : لن أذهب إلى قصري الآن , تعال معي .
عاد الحاكم إلياس إلى السوق حيث كان قبل قليل و توجه نحو امرأة تبيع الخضروات و تحدث إليها :
إلياس : أنت أيتها البائعة
البائعة : أجل سيدي !
إلياس : أنا هو الحاكم إلياس . .
ارتبكت البائعة كثيرة ولم تدري ما تقول
إلياس : لا تقلق أريدك أن تخبرينني إن كنت تعرفين هذا الرجل .
وأشار إلى حسام
نظرت البائعة إلى الأرض وقالت بصوت منخفض : لا يا سيدي .
إلياس : أيتها البائعة أتجرئين على الكذب على الحاكم ؟ إنه من الواضح عليك أنك كاذبة وأنك فقيرة جدا .
انسابت دموع البائعة وقالت : أرجوك اغفر لي أيها الحاكم .. لقد رشانا هذا الرجل و أنا لم أره سوا بالأمس فقط ., اغفر لي أيها الحاكم و لا تقتلني .
مسح الحاكم دموع المرأة وقال : هذا يكفي لن أفعل لك شيئا . _ ثم نظر لحسام وقال :
- قد تستطيع أن ترشو جميع و تخدعهم الناس , ولكن لن ترشو طفلا صغير لقد ظهر كل شيء يا حسام , لقد كنت تخدعني دائما بكلامك وقد وثقت بك.
- سيدي إنها تكذب .
صرخ إلياس وقال : اصمت أيها الغبي , أنا الحاكم ولن أسامحك على فعلتك , سأحكم عليك هنا أمام كل الناس .. أنت منفي من هذه البلاد
- ماذا سيدي !
- اسمع يا حسام سأنفيك من بلادي و لا أريد أن أراك هنا مرة أخرى , وأقسم بالله أني لو رأيتك هنا مرة أخرى فلن أتراجع عن قتلك , هل تفهم ؟
نظرات الحقد تملأ عينيه : ولكن
نظر إلياس إلى الناس و قد تجمعوا لمعرفة ما يجري , فقال لهم :
إلياس : أسمعوني جميعا أيها الناس , أنا متأسف جدا لجميع السنين التي عانيتم فيها , وأعدكم بأنني سوف أغير الأحوال بقدرة الله و عونه , و في المرة القادمة عندما آتي لزيارتكم
لا أريد أن أرى أطفالا متشردين , أو أناس جائعين . لذلك إن تعاونا جميعا فسنعيش بسعادة , وهذا ما سوف أصل إليه .
تعالت أصوات الناس وهم فرحون بما قاله الحاكم و صفق الجميع له وهم سعداء
نظر الحاكم إلى البائعة وقال : أيتها الآنسة أود أن أتحدث معك قليلا
قالت بابتسامة : بالطبع أيها الحاكم ما الذي تريده سأخبرك بكل ما تريده .
- هل تعرفين امرأة تدعى سارة ...
- سارة ! أجل بالطبع أعرفها , إنها إنسانة رائعة و عظيمة , لا تكاد الابتسامة تغادر وجهها ,إنها لطيفة و طيبة رغم كل المشاكل و الهموم التي أصابتها إلا أنها تختلف عنا , فهي تبعث فينا التفاؤل و الأمل , ولكن مع الأسف تغيرت في الآونة الأخيرة , بعد وفاة والدتها ؛ فقد كانت متعلقة بها كثيرا
ثم انتبهت لكلماتها الكثيرة وقالت معتذرة: أوه آسفة لقد أطلت الكلام , ما الذي تريده منها يا سيدي ؟
- هذا هو ما أردت أن أسمعه , هل تعرفين مكان منزلها .
- بالطبع أعرف , ولكن أرجوك لا تؤذها هي لم تفعل شيئا .
- أعرف هذا كله أرجوك دليني على الطريق الصحيح وأعدك بأنني لن أؤذيها أبدا.
توجه الحاكم مع البائعة الثرثارة إلى منزل سارة , وعندما وصلوا أمر الحاكم أحد الحراس بأن يدخل أولا , فدخل الحارس الذي قبض عليها في وقت سابق ؛ لذلك عندما رأته ارتعبت وخافت منه وقالت
- ماذا الآن ؟ لم أذهب للقصر أبدا و لم أزعج الحاكم , لذلك لا حاجة لضربي أبدا
- لست هنا للقبض عليك أو ضربك , الحاكم في الخارج ويود أن يراك .
- ماذا تقول ؟؟
دخل الحاكم فجأة وقال : أيها الحارس هل قمت حقا بضربها في ما مضى ؟
ارتبك الحارس : سيدي إنها آآ
إلياس : ضربك لإمرأة مثلها لا يثبت شيئا , إن كنت تعتقد أنك قوي , فلا تنسى أن هناك من هو أقوى منك
الحارس : أرجوك اعذرني يا سيدي , لقد كانت
الحاكم : لا أود سماع الأعذار , سأتصرف معك فيما بعد و الآن أخرجوا جميعا .
خرج الحراس و بقي الحاكم وحده مع سارة التي فوجئت بهذا الأمر .
الحاكم : ربما تكونين متفاجئة من زيارتي هذه الغير متوقعة و لكن في الحقيقة أنا أود الاعتذار منك , فعلا لم أكن حاكما جيدا في هذه الفترة , لقد كان الخونة حولي في كل مكان وذلك جعلني لا أؤدي واجبي بشكل جيد , ولكن أعدك يا سارة بأنني منذ اليوم سوف أغير الأوضاع , ولن أجعل أي أحد يشعر بالتعاسة أو الألم , أعدك بذلك
سارة : ولكن سيدي الحاكم , لم يكن عليك أن تأتي إلي , فأنا لست سوا امرأة ضعيفة , لا أحتاج إلى كل هذا
إلياس : ماهذا الذي تقولينه , لا يتعلق الأمر بكونك امرأة أو كونك ضعيفة إنها مسألة تجعلني أشعر بالخجل من نفسي , لذلك أردت الاعتذار لك بنفسي
- شكرا لك سيدي الحاكم و أعتذر لوقاحتي معك , أرجوك سامحني
- عديني بشيء أخير
- لقد بايعت على تقديم الولاء لك , و كل ما تطلبني سأنفذه
ابتسم الحاكم و قال : كلا , إن هذه مسألة شخصية بعض الشيء , عديني إن قمت بواجبي , و أصلحت الخلل الذي حصل بأنك ستكونين زوجة لي
تفاجأت و لم تصدق ما تسمعه و بكل غباء سألت : من أنا ؟
- أجل جرأتك و شجاعتك كانت عظيمة , ولتعلمي أنك ستكونين السبب في عيش الناس بسعادة بعد اليوم , لذلك هل تقبلي بي ؟
لم تعرف سارة ما تقول , هي لا تصدق ما يقال حتى , الحاكم يريد الزواج من فتاة مثلها !
- أعلم بأنني قد فاجأتك ولكن هذا ما أريده , و لن يحدث هذا الآن , عندما ترين أني أوفيت بوعدي عندها سأسمع جوابك .
- لك ذلك .
مرت الأيام سريعا , حاولت سارة أن تعتطي سببا ودافعا لبقائها قوية كما كانت , و بذلت جهدها لتعيش وحدها , أما إلياس فلم يكن ماقاله مجرد كلمات , لقد أثبت للعالم بأنه لا يتراجع عما يقوله فقد أصلح الأمور كلها .
وفي ذلك اليوم و عندما خرجت سارة للتسوق ورأت عالما مختلفا عما كان سابقا , لا أطفال جوعا , ولا أناس متشردين , الناس يعيشون بسعادة , كل من لديه منزل خاص به , فرحت بذلك وعلمت أن الحاكم أوفى بوعده حقا .
فجأة جاءت أحصنة كثيرة , تفاجأ جميع الشعب بذلك و أوقفوا أعمالهم لرؤية ما يحدث , ثم وبشكل مفاجئ ترجل الحاكم ووقف وبجواره حارسين , و أخذ ينظر إلى سارة , و يقول أمام الجميع :
لقد أوفيت بوعدي يا سارة.. وأريد أن أسمع جوابك الآن , هل ستكونين زوجة لي و أما صالحة لأطفالي ؟
ابتسمت بخجل ولم تتحدث فعلم أنها قد وافقت
صفق الناس جميعا وهم فرحون بذلك , وما هي إلا أيام و حدث الزواج , عاشت سارة بسعادة مع الحاكم, عرفت حينها بأن هذا هو حال الدنيا , و أن الأمور لا تبقى كما هي , فبعد سنين من التعب و الشقاء ها هي أحوالها قد تحسنت أخيرا .
أنجبت سارة بنت واحدة , وتوأم من الأبناء , و قد أسمت الفتاة أميرة و عمرها الآن ثلاث سنوات , أما التوأم فقد أسمتهما : وائل و لؤي , عمرهما لم يتجاوز السنة بعد .
فرحت سارة لأن حياتهم لن تكون مماثلة لحياتها السابقة , لن يعانوا مثلها , ستكرس حياتها كلها من أجلهم
وفي ليلة ممطرة كان الحاكم جالسا يداعب التوأم وهو سعيد و فجأة دخل عليه أحد الضباط وقال
- سيدي , حدث أمر مهم يا سيدي !
- ما الذي حدث أخبرني ؟
- هناك هجوم من جيش كبير , لم نعرف هدفهم بعد , لقد دخلوا المناطق الشرقية والشمالية , قواتهم تزحف بسرعة كبيرة نحو العاصمة
- ماذا تقول ؟ أين هم جنودنا , أين هم حرس الحدود ؟
- إنهم يبذلون جهدهم بصدهم لكن لا فائدة إنهم أقوى بكثير
- سأقود هذه الحرب بنفسي الآن , ساارة خذي الطفلين و أدخلي الغرفة هناك أمر مهم يحدث .
أخذت سارة الطفلين ثم نظرت لإلياس وقالت بخوف : عزيزي كن حذرا .
إلياس : لا تقلق سيكون كل أمر على ما يراام . .
سارة : أرجو ذلك ..
ذهب إلياس و امتطى خيله و انطلق إلى أرض المعركة لكي يقود المعركة بنفسه ولم يدري أنها المرة الأخيرة التي سيتحدث فيها إلي سارة و يحمل فيها طفليه ..!



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 12:57 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





الفصل الثاني : سقوط فيلاس =(

كانت تلك ليلة ممطرة مخيفة , فمصير فيلاس لم يعرف بعد
الناس في المدينة أخذوا يودعوا ابناءهم أو أزواجهم أو حتى إخوانهم الذين سيشاركون في هذه المعركة الطاحنة , متأملين بأن يعودو لهم سالمين و منتصرين . ترى هل سيكون النصر حليفهم اليوم !
في خارج حدود العاصمة تقابل الجيشان و كان على رأس الجيش الآخر القائد عامر من جيش الدولة المعادية لدولة فيلاس ,
تقدم إلياس وقال : أنا قائد دولة إلياس , ولن أسمح لكم بخطو خطوة أخرى للداخل , سأعطيكم فرصة للتراجع الآن و إلا فستعودون مهزومين .
تقدم عامر ..
عامر : أيها الحاكم إلياس نحن لسنا هنا للتراجع و الاستسلام , إن سلمتنا فيلاس فسنستولي عليها دون قتال , ولن نؤذي أهلها أبدا .
إلياس : هذا مستحيل أيها القائدة , هذه أرضي و بلادي ولن أتخلى عنها .. فلنقاتل يا رجال .
هتف جميع الرجال مؤدين له والحماس يملؤهم للدفاع عن وطنهم الغالي ..
وفي ذلك الوقت قرر إلياس بأن ينفذوا خطتهم التي تدعى بالافعى , فأخبر القائد سيف , و هو بدوره قاد الجيش منفذا هذه الخطة .


و ها قد بدأت الحرب الطاعنة بين دولة فيلاس ضد دولة لاهي .
خطة الأفعى هي خطة يقوم فيها مؤخرة الجيش و الجناح الأيمن و الأيسر بالالتفاف نحو العدو تماما كالأفعى , ثم القضاء عليهم وهم في غفلة منهم .
نفذ الجند هذه الخطة على أكمل وجه ولكن المفاجأة كانت ردة فعل الجيش الآخر .
فقد علموا بالخطة واستعد المؤخرة و الجناح الأيمن و الأيسر للقائهم و التصدي لهم على أكمل وجه .
تفاجأ إلياس كثيرا بذلك
سيف : سيدي , لقد علموا بالخطة كيف حدث ذلك يا ترى ؟
إلياس : لا أعلم, ولكن لنستمر في القتال فلا يمكننا التراجع الآن .
اشتبكت الجنود وكانت معركة قوية طاحنة , لم يكن ينقص جنودنا شيء , و لكن الطقس كان عاصفا جدا و لا يساعد على القتال بحرية , فالأمطار قوية جدا مما جعلت الكثير من الأحصنة تقع من الأرض الرطبة تلك .
ليست هذه حال جندنا فقط بل جنود العدو كذلك فقتال في جو ممطر أعاق حركة الكثير ..
سيف : سيدي علينا أن نتراجع الآن .
إلياس : مستحيل , لن نتراجع .
- ولكن سيدي جنودنا يقاتلون بصعوبة ولن ننجح في الفوز إذا استمرينا هكذا
- ولكن لن نترك جثث موتانا هنا ..
- لا تقلق سننتصر في النهاية و سنأخذ جثثنا معنا , ولا تنسى بأنهم قد علموا بأمر الخطة .
تردد إلياس ولكنه قال في النهاية : ليتراجع الجميع .
فرفعت راية تأمر الجنود بالتراجع
و بحركة سريعة تراجع الجيش شيئا فشيئا أما عن الطرف الثاني فقد انسحب أيضا لأنهم يعلمون أنه لا فائدة من القتال في جو كهذا ..
هدأت الأوضاع قليلا وقد مكث العدو بعيدا و استقروا في مكان ما إلى أن تهدأ العاصفة .
حتى جيش الحاكم إلياس لم يعد للمدينة , ولكنهم مكثوا في الخيام ينتظرون العدو .
بعد منتصف الليل خرج إلياس من خيمته و جلس على عشب أرضه ينظر ناحية مدينته وقصره ..
- سيدي الحاكم ماذا بك ؟
نظر إلياس إلى من يحدثه وقال : سيف ! اجلس قليلا معي .
- أمرك سيدي .
- انظر إنها الدولة التي بذل أجدادي كل جهودهم لكي تبقى سالمة آمنة , و ليبقى الناس بخير , أريد أن أحمي هذه الدولة بدمائي وبكل ما أملك , إنها أغلى ما أملكه في حياتي .
- بالطبع سيدي كلنا نؤيدك و سيكون النصر لك بالتأكيد .
- لكن ماذا إن مت ؟ لن أجد شخصا عادلا يحكم بلادي , أنا واثق بأن حسام
قاطعة سيف : حسام ! وما دخل حسام ؟ الناس لا تحبه و لا تريده و أنت تعلم ذلك
- أجل أنا أعلم , وهو كذلك يعلم ولكنه جشع و سيأخذ ما يريده بالقوة
- أتقصد أن وراء هذا الهجوم حسام
- سيف فكر بعقلانية , من سيقنع دولة لاهي غير حسام , إنه ماكر جدا ويريد أن يستولي على دولتنا ويحكمها بالقوة , إن أمثال هؤلاء لا يجب أن يحكموا منزلا واحدا لا دولة كبيرة كهذه .
وبينما هما يتحدثان جاء أحد الجند وهو يجري و نظراته مليئة بالرعب و الخوف و التي بدت وكأنه رأى شيئا مفزعا
أخذ يصرخ: سيدي الحاكم !!!
الحاكم : ماذا بك ما الذي حدث ؟
فجأة سقط الجندي على الأرض فوقف الحاكم و سيف معا ورأى سبب سقوطه
وقد كان سهما أصاب ظهره , نظرا إلى السهم فوجدا رسالة مربوطة به
فأخذها سيف وقرأها على الحاكم
سيف : أيها الحاكم إلياس سيكون هذا آخر يوم لك في حياتك , ومصيرك سيكون مثل مصير هذا الجندي .. انظر حولك , سترى بأن فوزك مستحيل
أطيب التحيات : حسام ..
نظر إلياس و سيف حولهما فوجدوا قوة كبيرة وجيشا ضخما لم يتوقعوا وجوده.
وفي لحظات خاطفة انطلق الجيش كاملا متجهين نحوهم بأسلحتهم المختلفة
إلياس :سيف أين هم الحرس ؟
سيف : لابد بأنهم قد ماتوا كما مات هذا الجندي
إلياس : لا وقت للتحدث الآن , فلنستعد لهجوم مضاد .
انطلق سيف مطلقا جهاز الإنذار الذي أيقظ الجند و جعلهم متفاجئين مما حدث ولكنهم تجهزوا بسرعة كبيرة و استعدوا للهجوم .
و أخيرا تشابك الجيشان معا , رجل يسقط ورجل يقتل, الدماء هنا وهناك , و إلياس يراقب المعركة ويحاول وضع خطط مختلفة ولكن لا فائدة , فعدوهم هو حسام , مستشارهم ومخططهم الحربي الذي وضع كل هذه الخطط ..
في القصر الملكي :
كانت سارة تجلس في غرفتها ومعها أبناؤها الثلاثة
تساءلت أميرة بعدما توقف المطر وقالت : ماما هل المطر يجلب السعادة لنا ؟
ابتسمت سارة وقالت : كلا يا ابنتي لا دخل للمطر في هذا الأمر , ولكن أنت من سيكون السبب في سعادتك , بمصادقتك لأناس رائعين سيجعلونك سعيدة ..
وعندما انتهت من كلامها ضحكت من تعابير وجه ابنتها أميرة التي لم تفهم شيئا .
سارة : ستفهمين كلامي هذا يوما ما .
قفزت أميرة من جحر سارة وتوجهت للنافذة وقالت : ماما متى يعود أبي ؟
سارة : سيعود قريبا , فلندعي الله أن يعود سليما
حاولت سارة أن تلهي ابنتها بأمر ما وتنسيها غياب والدها الذي طال
سارة : أميرة أحضري ورقة و قلما ودعينا نرسم منظر رائعا .
فرحت أميرة وجرت لتحضر الورق و القلم , وهاهي ترسم لوحة مع والدتها .. كانت لوحة بسيطة ولكن بالنسبة لها فهي رائعة ^_^
وبعد مرور الوقت كانتا قد انهمكا في الرسم ونسيا المطر و المعركة التي تجري بالخارج .
أميرة : لقد انتهينا : )
سارة : هذا رائع و الآن دعينا نكتب اسمك و اسمي معا .
أمسكت سارة بيدي أميرة و أخذت تكتب الاسمين معا .
أميرة : إنها رائعة
سارة : بالطبع , ما دمت أنت من قام برسمها .
أخذت سارة الرسمة وقالت : مارأيك سأضعها في حقيبتي وعندما يعود والدك نريه أياها ؟
في ساحة المعركة ..
كان حسام يقف بعيدا يراقب المعركة , فهو لا يملك قوة بدنية , و لكنه ذكي و ماكر جدا .
مضى وقت و جنودنا يسقطون واحدا تلو الآخر , وما زاد المعركة صعوبة هم فرقة الرماة الذين وضعهم حسام في منطقة حساسة وخطيرة , كيف لا وهو قد عاش حياته كلها هنا في هذه الدولة .
الآن لم يبقى سوا إلياس و سيف و عدد قليل من الجنود ( لا يزيد عددهم عن عشرة جنود )
سيف : سيدي ما العمل الآن؟
إلياس : لن نستسلم , لن نستطيع الإستلام الآن .
سيف : لكن
قال أحد الجنود : أيها الحاكم نحل سنظل تحت أمرتك دائما وأبدا , نحن مستعدون لأن نضحي بحياتنا من أجلك أرجوك سيدي دعنا نقاتل للنهاية ولا نستسلم أبدا .
فالتف الجميع حول إلياس لحمايته , و فجأة سمعو صوت رجل يضحك ! ترى ما المضحك في موقف كهذا
حسام : يالكم من رجال أغبياء , لتعلموا أن شجاعتكم هذه ما هي إلا تهورا
سيف : حسام , ما تقوله خاطئ نحن سندافع عن بلدنا لآخر لحظة في حياتنا ولن نستسلم أبدا . .
لم ينهي سيف كلامه إلا وقد أشار حسام بيده إشارة جعلت الرماة يطلقون سهامهم على الجند , ولكن المفاجئة أن إلياس لم يصب بسهم واحد , وذلك لم يكن مصادفة .
سقط سيف على الأرض و الدماء حوله في كل مكان
إلياس : سسسيف
سيف : سيدي أرجوك أعذرني لم أستطيع حمايتك ..
وهاهو ذا آخر جندي شجاع قد سقط أرضا , لقد مات جميع المدافعين الشجعان , الذين كانوا مستعدين للتضحية بحياتهم من أجل وطنهم , هذه هي الحرب إنها لا تخلف سوا الدمار , ولا شيء غير الدمار .
وقف إلياس عاجزا عن فعل أي شيء , نظر حوله و لا يرى سوا أرض تملؤها الدماء في كل مكان وأخذ يتذكر كل جندي بما قدمه من شجاعة إقدام ولكن لم يدم ذلك طويلا , فقد أخرج حسام قوسه وسهمه ووجهه نحو إلياس وقال :
حسام : لقد انتهى زمنك يا إلياس , زمن الحب و الوفاء قد انتهى , سأسيطر على دولة فيلاس وسأجعل أهلها يندمون على تخليهم عني
صرخ إلياس : لن أسمح لك بذلك .. آآآآه
وهاهو القائد الطيب الحنون الذي بذل جهده من أجل حماية شعبه ومن أجل راحتهم – قد سقط .! وسقطت معه دولته
حسام : احملوا إلياس وتعالوا معي إلى القصر ..
لقد تعمد حسام عدم قتل الحاكم فبداخله نوايا وأعمال سيئة يريد القيام بها .
مشى حسام و جيشه خلفه وقد دخلوا المدينة و الناس ينظرون إليه , والأطفال يبكون , و قد إزداد حزنهم عند رؤيتهم الحاكم إلياس مصاب و على وشك الموت ..
توجه حسام للقصر حيث سارة وأطفالها هناك ينتظرون خائفين في غرفة إلياس , وكلهم أمل على أن يعود إلياس منتصرا في المعركة .
فتح باب الغرفة فوقفت سارة و توجهت صوب الباب وهي سعيدة وقالت:
- إلياس هل عدت ؟
- إلياس !
ضحك بسخرية و أكمل : لا وجود لهذا الاسم بعد اليوم
- من أنت ؟ وماذا تقصد ؟
دخل إلياس الغرفة و ابتسم فتذكرته سارة على الفور وقالت :
سارة : أنت !
حسام : أجل إنه أنا , الحاكم الجديد لدولة فيلاس
سارة : لكن ,, لكن ماذا عن إلياس ؟
حسام : أدخلوه
دخل رجلان وهما يحملان إلياس ووضعوه على الأرض , فصرخت سارة عندما رأته , وبكت ابنتها أميرة كما بكى التوأمان
حسام : اصمتي الآن , سارة أنت السبب في هذا كله , أجل أنت لو أنك بقيتي صامتة ولم تخبري الحاكم بحالة البلاد لما حدث كل هذا .
سارة : ولكنه كان سيعلم عاجلا أم آجلا
- كلا لم يكن ليعلم مع وجودي , صدقيني ستندمين كثيرا , سأجعلك تكرهين حياتك , وتكرهين اليوم الذي قدمت فيه إلى هنا
ثم اقترب منها أكثر وقال بمكر : إنني أعدك بذلك .. و الآن خذوها .
تقدم الجنديان وسحباها من يدها بقوة وهي تصرخ
ولدي
ما هي إلا لحظات حتى أختفى صوتها .. تقدم حسام وحمل أميرة وقال
- لا بد بأنك أميرة صحيح
كانت أميرة تبكي و لا تعلم ما الذي حدث قبل قليل
- أميرة , ستكونين ابنتي بعد هذا اليوم
ثم نظر للتوأم وقال : وأنتما كذلك ستكونان أبناي لا تقلقا .
ترى ما الذي سيحصل لدولة فيلاس ؟ وماذا سيحدث بسارة زوجة الحاكم ؟ وهل سيصبح الأطفال أبناء حسام يا ترى ؟



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 01:05 AM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





الفصل الثالث : تساؤلات لا تنتهي ..

لن تستطيعوا تخيل مدى سوء حالة شعب فيلاس , ودولة فيلاس بحد ذاتها .
لقد عادت مظلمة كئيبة و حزينة بعد أن تولى الحكم فيها عامر !
أجل عامر تولى الحكم فيها ؛ لأن حسام لم تكن في نيته منذ البداية أن يحكم هذه الدولة , ولكن كان هدفه ونيته هو أن يقهر إلياس و يقضي عليه , ويعيد فيلاس كما كانت عليه ..
و الآن عادت الأمور كما كانت قبل ظهور سارة ..
أما عن حسام فقد أصبح مستشار حاكم دولة لاهي ( رؤوف )
إنه ذلك الحاكم الصلب القوي , الذي لا يسكن قلبه ذرة من الرحمة أو الشفقة
الجميع يخافه ويخشونه و يحسبون له ألف حساب , لذلك عندما يقوم بزيارة منطقة أو مدينة احتلها يظهر أهالي المدينة الاحترام و الحب له
؛ خوفا منه فقط .
و بعد مرور اثنان وعشرون سنة :
دخلت أميرة إلى المنزل وتبدو متعبة من هم الدراسة , فالدراسة في ذلك الوقت كانت صعبة بعض الشيء ..
صعدت الدرجات وهناك نظرت إلى الخادمة التي كانت تنظف الدرجة
فوقفت الخادمة على الفور وقالت : أهلا بعودتك يا سيدتي .
أميرة ابتسمت ابتسامة خفيفة لا تكاد تظهر وأكملت طريقها ..
و ما هي إلا دقائق حتى دخل التوأمان و وصعدا الدرج كذلك للذهاب لغرفهم ودار بينهم الحوار التالي :
لؤي : وائل كيف هي علامتك هذه المرة ؟
نظر إليه وائل نظرة جعلت لؤي يقول : ههههه سؤال سخيف أليس كذلك ؟ أعلم أنك حصلت على درجة كاملة
وائل : إذا كنت تعلم فلا تسألني مجددا ..
رفع لؤي يديه ووضعها خلف رقبته وقال : ألن تسألني عن علاماتي في الاختبار ؟
وائل : كيف هي ؟
لؤي : كالعادة لقد أخطأت قليلا ..
نظر إليه وائل بشك وقال : قليلا فقط !
ضحك لؤي بخجل و اكمل : لا عليك ودعنا نصعد للغرفة
صعد وائل ولم يتحدث بينما ألقى لؤي السلام على الخادمة وقال و الابتسامة على محياه
لؤي : سارة اعملي بجد ..
أجل تلك الخادمة هي سارة نفسها , سارة زوجة الحاكم إلياس ..
و الحقيقة هي أنه بعد ما احتلت قوات رؤوف فيلاس حقق حسام انتقامه منها , وجلبها لكي تعمل خادمة في منزله الكبير ..
لكم جعلها تتألم كثيرا و تبكي من الألم , رؤية أبنائها يقبلون الرجل الذي قتل زوجها وفرقهم من بعض , لهو أمر صعب جدا
ورؤيتهم يحبونه و يعاملونها وكأنها خادمة لا قيمة لها لهو أمر أصعب بكثير .
ولم تستطع أن تخبرهم الحقيقة بسبب تهديدات حسام الكثيرة لها .
أما عن الأبناء فقد كبروا و عاشوا ليرو حقيقة واحدة أمامهم وهي :
حسام والدهم الحنون , ووالدتهم قد توفت بعد إنجاب التوأم ..
كبرت أميرة وتغيرت صفاتها وشكلها
أميرة فتاة في الخامسة و العشرين من عمرها شعرها طويل بني اللون تشبه والدتها في عينيها العسلية , قسمات وجهها نااعمة و جميلة و تدل على شخصيتها الهادئة و هي باردة قليلا , حادة الذكاء وحسام دائما ما يفتخر بها , لا أصدقاء لها وقد تتساءلون لماذا , و ذلك لأنها لا تعيش إلا من أجل الدراسة و بلوغ أعلى الدرجات , تشعر بوحدة دائما لا تعلم سببها ولكنها طيبة القلب وحنونة ولكم أخفت ذلك ببرودها الشديد .

وائل : في 22 من عمره صفاته قريبة قليلا من أميرة ولكنه اجتماعي قليلا , ذكي و دائما ما تتحداه أميرة , ولكنه لم يبلغ مستواها بعد , يحب أخته حبا جنونيا و لا يرضى لأحد أن يتعرض لها بأي شكل من الأشكال ..

لؤي : في 22 من عمره مختلف تماما عن توأمه وائل , وذلك لأنه مرح دائما و متهور قليلا كما أنه غير مهتم بدراسته , يحب أن يساعد الآخرين و يضحكهم .
يعيش الإخوة جميعا مع حسام تحت سقف منزل واحد , وجميع طلباتهم مجابة , فحسام كما تعلمون هو مستشار رؤوف الحربي ؛ لذلك يتمتع بهذا النعيم كله . ..
على سفرة الطعام الخشبية جلس الجميع في أماكنهم وحسام بينهم , الذ و اشهى الأطباق قد وضعت وعدت على تلك المائدة , رغم ان هذه لم تكن رغبات الأولاد و لكن حسام كان يحب أن يظهر مالديه من عز و غنى في كل وقت و في كل مكان .. وما هي إلا لحظات وقدمت الخادمة سارة وهي تحمل بيديها أكواب العصير , وبدون قصد سقط منها , فتوترت و نزلت تحاول أن تجمع الأكواب التي كسرت .
نظر إليها حسام بغضب وصرخ فورا : هل أنت عمياء أم ماذا ؟ توقفي عن تصرفاتك الخرقاء يا غبية .
و استمر يصرخ في وجهها ويهزئها وهي المسكينة لا تستطيع فتح فمها بكلمة, لم تكن تستطيع حتى أن تنظر إليه , كانت نظراتها كشخصيتها الجديدة ,, ذليلة ضعيفة لا تقدر على فعل شيء .
وعندما صمت حسام أخيرا نظرت أميرة إليها بنظرة تملأها الشفقة
و بعد تردد وقفت وتوجهت نحوها وساعدتها .
سارة : آنستي .. آآه
أميرة : هيـا بسرعة أنا جائعة .
ونظرت إليها وابتسمت ابتسامة خفيفة .
لم تستطع عندها سارة احتمال الموقف فدمعت عيناها , فالبرغم من قسوة حسام و سيطرته إلا أن اطفالها لا تزال الرأفة و المحبة في قلوبهم , نظرت إليها أميرة متعجبة وقالت :
- لا أفهم لماذا تبكين الآن , فعلت ذلك لأساعدك فقط !
- آسفة سيدتي , لم أقصد أن ..
- لا عليك
وقفت أميرة وجلست في مكانها , وبعد ذلك أكملوا طعامهم وذهب كل منهم إلى غرفته .
في مساء ذلك اليوم توجهت سارة إلى غرفة لؤي , ودخلت بهدوء فرأته جالسا على مكتبه يقرأ بهدوء ورقة في يده ,
أضاءت الغرفة كانت خافتة , ورائحة الغرفة زكية , تماما كرائحة الياسمين .
تقدمت سارة ببطء ووضعت كوب العصير الذي طلبه , وعندما أدارت ظهرها متوجهة صوب الباب سمعته يتكلم أخيرا ويقول :
- لطالما سألت نفسي هذا السؤال , ولكن لم أجد له إجابة , وكلما أردت أن أسالك تتهربين مني ! لماذا ؟
لم تستطع سارة أن تتحرك بعدما سمعت ما قاله وظنت بأنه قد كشف سرها المخفي ,, شعور مختلط بالفرحة و الحزن , لا تدري ماذا تفعل , هل تخبره الحقيقة فورا أم تنتظر لتسمع بقية كلامه !
وقف لؤي وتقدم نحوها وكلما خطا خطوة ازدادت دقات قلبها أكثر و أكثر
حتى وقف أمامها مباشرة ونظر في عينيها وأكمل حديثه قائلا :
- ربما ترينني مرحا أحيانا , ولا أهتم بدراستي مثلما يفعل أخوي ولكنني لست غبيا وجاهلا ,, فأنا أراقبك وأراقب تصرفاتك الغريبة معنا ,
- لؤي ما لذي تقوله ؟ لا أفهم
- أرجوك دعيني أكمل كلامي أولا , ولا تتدعي بعدم معرفتك للأمر , أكثر شيئا جعلني أتساءل هو تصرفات والدي معك , هل يا ترى هناك ماض قديم بينكما , هل قام بفعل شيئا سابق لك
ثم صرخ فجأة وقال : تكلمي .
ازداد قلق سارة و ارتباكها وتشتت كلماتها فلم تجد ما تعبر بع عنه صدمتها هذه .
سارة : آآه مم في الحقييـ ــقة
لؤي : لقد سئمت كذبك وخداعك لن أسامحك أبدا .
ثم أدار ظهره لها بحركة تدل على غضبه الشديد
هنا لم تستطع سارة الاحتمال أكثر وأخذت تبكي وتقول
سارة : لؤي أرجوك سامحني , لم أكن أقصد ذلك , لقد أرغمني والدك على كتم الحقيقة ..
وفجأة أخذ لؤي يضحك بأعلى صوته , بل وصل به الأمر إلى القهقهة
ياللمفاجئة لماذا تضحك يا لؤي ؟ ما لذي سيجعلك تضحك إلى هذا الحد , هل بكائي مضحك , أم كلامي هذا مضحك !!
لؤي بعدما هدأ قليلا جلس يلتقط أنفاسه من كثرة الضحك
وعندما نظر إلى سارة و إلى وجهها المليء بعلامات الاستفهام
التي تأكد على عدم فهمها للموضوع . رؤيتها بهذا الشكل أعادته إلى ضحكه مرة أخرى ولم يتوقف حتى صرخت سارة
سارة : لؤي لماااذا تضحك ؟؟
لؤي : آآآآسف حقا , في الحقيقة كنت أحتاج إلى متطوع يساعدني على تقديم المسرحية بالغد , ولحظة دخولك فكرت بك على الفور , ولكنني لم أتوقع أبدا بأنك ستنفعلين لدرجة البكاء , آسف لأنني أقلقتك هكذا .
بدأت سارة تمسح دموعها التي سقطت على وجنتيها الناعمة
- لا بأس أتمنى لك التوفيق .
وخرجت مسرعة من غرفته , و أحست براحة كبيرة عند خروجها
فقد كانت تشعر بضغط كبير عندما كانت بالداخل , ولكنها تمنت أن يكون ما حدث حقيقيا , لقد سئمت هذه الحياة التي تعيشها و سئمت تصرفات حسام معها , ليتها تستطيع التخلص منه بطريقة ما , ولكنها تعيش على أمل بأن الحقيقة ستظهر يوما ما . . .
اجتمعت العائلة من جديد على سفرة الطعام في اليوم التالي , ولكن حسام لم يكن موجودا , فهو مشغول هذه الأيام بأعمال مختلفة .
أحضرت سارة الطعام الذي أعدته ماريا – صانعة الطعام – و انتهزت فرصة عدم وجود حسام لتتحدث قليلا مع أبنائها فابتدأت الحديث قائلة :
سارة : مالي أراكم سعيدين هكذا ؟! هل حدث شيء جميل اليوم ؟
وائل : بالطبع , فقد شاهدنا اليوم تمثيلا رائعا ودورا جميلا قام به لؤي في مسرحية المدرسة .
تذكرت سارة ما حدث ليلة الأمس فلم تضف شيئا على كلام وائل .
أميرة : هناك أمر يحيرني يا لؤي ..
لؤي : ما هو ؟
أميرة : لقد ابتسمت في نهاية حوارك وفي مكان خاطئ , ربما لم يلحظ ذلك الكثير , ولكنني لاحظت ذلك , هل حصل ما يضحك ؟ أو هل تذكرت شيئا أضحكك ؟
لؤي : ههههههههه
استمر لؤي في قهقهته حتى ضربه وائل ضربة خفيفة على ظهره وقال
وائل : لؤوووي كفى ضحكا و أخبرنا لماذا كل هذا الضحك .!
حاول لؤي أن يهدأ , ثم حكى لهما ما حصل مع الليلة الماضية , وكيف أن سارة قد صدقت تمثيله البسيط هذا , دون إدراك منه أنه من الممكن أن يكون حقيقة لا تمثيلا .
ضحك الجميع عند سماعهم القصة وضحكت سارة معهم .
لؤي : لكن هذا لم يكن كل شيء , لقد ظهرت نتائج سارة اليوم , وقد حصلت على المركز الأول من جديد .
سارة : هذااا رااائع ,, ولكن المركز الأول على ماذا ؟
لؤي : وللمرة الثالثة حصلت على المركز الأول على مستوى المنطقة بأكملها
سارة : هذا فعلا رائع .
ابتسمت أميرة لسماع هذا الكلام الرائع من إخوتها .
وائل : ولكننا لم نر هديتك بعد !
أميرة : لقد وضعتها في غرفتي , اذهبي يا سارة من فضلك و أحضريها .
سارة : حسنا .
توجهت سارة إلى غرفة أميرة المسماة بغرفة العاشقة , لكن لا تفهموني خطأ رجاءً, فهي عاشقة ولكن من نوع آخر وفريد ..
فلم تكن غرفتها مليئة بقلوب العاشقين , ولم تكن مليئة بألوان الحب كالأحمر , ولم تكن كذلك مظلمة و مخيفة
كانت مليئة برفوف عديدة تملأ الغرفة , رفوف قد احتوت على أنواع مختلفة وكثيرة من الكتب !
أجل فهي عاشقة للكتب , فغرفتها قد نسميها مكتبة إن رأيناها , فهي تهوى الكتب و تعشق كل أنواعها , من روايات وقصص وكتب تاريخية و كتب إسلامية ...الخ
وصدقوني لن تجدوا في العالم غرفة أنظف وأرتب منها , كل الأشياء في أماكنها لا يمكن أن يضيع شيء , بعكس لؤي الذي هو فوضوي بعض الشيء , قد تظنوا بأنني أبالغ في الوصف , لكنها الحقيقة .
دخلت سارة الغرفة و أضاءت الأنوار و اتجهت مباشرة نحو المكان الذي تضع الهدايا الخاصة بها , ومن ثم أحضرت ما قد نالته اليوم و أغلقت الأنوار و خرجت .
وأخيرا أحضرتها ووضعتها على طاولة الطعام .
أميرة : شكرا لك
وائل : إنها مدهشة حقا , أنت تستحقين ذلك
لؤي : بالفعل , ثم قال بصوت منخفض : آه لو كنت أملك ذرة من ذكائك
فضحك الجميع على ما قاله
سارة : عليك ببذل القليل من الجهد و ستصبح مميزا كأميرة,
لؤي : أرجوك لست مستعدا لسماع محاضرة جديدة
وائل : هل تعلمون , يجب علينا القيام بنزهة في إجازة هذا الأسبوع احتفالا بسارة و بتمثيل لؤي .
وافق الجميع على الفكرة و كانت السعادة تغمرهم ولكن قطعت أميرة بهجتهم بتذكرها موعدها المهم
أميرة : آسفة لا أستطيع الذهاب معكم .
وائل : ولماذا ؟
أميرة : هل نسيت موعدي مع والدي لزيارة العاصمة , ومقابلة الحاكم رؤوف !
لؤي : أووه كيف بنا أن ننسى ذلك !
اكتست ملامح وجه سارة المبتهج إلى ملامح غاضبة , ولكنها حاولت جهدها أن تخفي تلك المشاعر الدفينة , وأن لا تدعها تخرج للعلن و تكشف أمرها , فهي في الآخر مجرد خادمة لديهم , ربما لا تكون لها أي قيمة .
في نهاية الأسبوع وفي يوم الإجازة تغيرت خططهم , و ذهبت أميرة مع والدها إلى العاصمة
أما البقية فلم يذهبوا للنزهة , فهم يريدون أن تكون سارة بينهم .
كان طريقا طويلا وشاقا , قد أرهق الجميع و زاد أميرة إرهاقا لأنها لم تكن تود الذهاب منذ البداية
ولكن محاولات حسام جعلتها تذهب , فهو يريد لرؤوف أن يقابل ابنته أميرة , فهو دائما ما يكون فخورا بها وبجمالها وذكائها الذي امتازت به عن غيرها من الفتيات .
رأى حسام حال ابنته المزرية فاقترح عليها أن يكملوا الطريق إلى قصر رؤوف مشيا على أقدامهم ؛ فلم تبقى سوا مسافة قصيرة ولله الحمد .
أعجب اقتراح حسام ابنته وقد طلبت منه التوقف عند بعض الأسواق لمشاهدة البضائع و الملابس ...
كانت المدينة تعج بالناس و الأصوات المرتفعة , و الأماكن المزدحمة فهذا يعلن عن أقمشة ممتازة و آخر عن أطعمة لذيذة .
كانت أميرة تتجول في الأماكن من واحد لأخر وتستمع برؤية المناظر , وكان الجميع يعاملونها بطريقة مختلفة , فهم يعلمون بأنها ابنة حسام الذي كان يسير معها في كل مكان
كانوا يبتسمون لها و يقدموها عن غيرها من الزبائن
وقد كانت سعيدة بمعاملتهم هذه , ولكنها في الوقت ذاته أحست بشعور غريب , ووحدة غريبة
أحست بأن هؤلاء الناس رغم الابتسامات التي يظهرونها إلا أنهم أكثر الناس تعاسة في هذا العالم
ولكن لماذا ؟ لماذا كل هذه المشاعر تظهر الآن ؟ ما لخطأ في كل هذا ؟
حسام : أميرة ماذا بك لماذا توقفت ؟!
أميرة : آسفة , أبي دعنا نكمل طريقنا للقصر
حسام : كما تشائين .
وطيلة الوقت الذي مضته للوصول إلى القصر وهي تفكر في ما رأته اليوم , وفيما تشعر به , وهي إلى الآن لم تعرف ما لذي حصل لها .
...........
دخل حسام وحده إلى الغرفة التي كان رؤوف جالسا بها , وبعد ذلك خرج الخادم مخبرا أميرة بأن تدخل ,
وعند دخولها رأته جالسا خلف مكتبه ورافعا قدماه فوقه بصورة توحي على ثقته الشديدة بنفسه , وواضعا سيجارته الفاخرة في فمه , إن شكله يدل على شخصية قوية جبارة واثقة من نفسه , ومن يراه يخاف منه و يحسب له ألف حساب قبل التحدث معه .
وقف رؤوف عند رؤيته لأميرة و اقترب نحوها , فبدأت نبضات قلبها بالازدياد شيئا فشيئا
قال بصوت لا يحمل في طياتها أي معنى للرحمة :
رؤوف : أميرة لم أرك منذ وقت طوويل جدا , لقد أصبحت أجمل بكثير منذ أن رأيتك آخر مرة
أميرة : شكرا لك سيدي
رؤوف : تفضلي بالجلوس و لا تقلق .
نظرت أميرة لوالدها فطمأنها بنظراته و أخبرها بأن تجلس , فجلست بكل هدوء مقابل أبيها
و أخذت تنظر في الغرفة و تتفحصها , هناك خلف مكتبه نافذة كبيرة , مكتبه مليء بالأوراق و الكتب , وبالطبع علبة السجائر , وأكثر ما شد انتباهها مكتبه صغيرة تحوي العديد من الكتب التي تبدو قيمة بالنسبة لها .
رؤوف : هل انتهيت من فحص غرفتي ؟
عادت أميرة لوعيها – فهي قد نسيت وجود والدها و رؤوف معها –
أميرة : آسفة حقا لم أكن أقصد .
رؤوف : لا عليك يا صغيرتي , أخبريني كيف هي أمور دراستك ؟
أميرة : إنها رائعة , شكرا لك
رؤوف : أعتذر لك ولكن هل لك بأن تتركيننا وحدنا قليلا
أميرة : بالطبع حسنا .
رؤوف : ما رأيك بأن تقضي الوقت في حديقة المنزل ستجدين ما يسرك
أميرة : حسنا , أنا في انتظارك يا أبي .
حسام : وداعا .
منظر الحديقة كان رائعا , الأزهار و الورود تملأ المكان , و أصوات الطيور المغردة , إنه منظر أجمل بكثير من غرفة رؤوف , وهو يعطي شعورا بالراحة اكثر
لم يمض وقت طويل على وجودها في الحديقة حتى نزل والدها و ركبا العربة عائدين إلى المنزل .
حسام : اعتذر لتركك وحيدة .
أميرة : لا عليك يا أبي فقد كان منظر الحديقة جميلا و لا ينسى .
حسام : لقد أرحتني الآن , دعينا نعود للمنزل .
شعرت أميرة بالنعاس من طول الطريق فنامت في منتصفه , وعند وصولهما أيقظها والدها فدخلت المنزل قاصدة غرفتها و استلقت على سريرها لتنام براحة ..
لم تستيقظ إلا على صوت الباب المزعج فوقفت بتكاسل وفتحته , فوجدت الجميع خلف الباب
لؤي : آآه و أخيرا استيقظت .
أميرة : ما الأمر ما الذي حصل ؟
وائل : أميرة ارتدي ثيابك بسرعة سنذهب للتنزه
أميرة : ماذا !؟
وائل : لا وقت لدينا , عندي لك مفاجأة جميلة أسرعي
أميرة : حسنا انتظروني قليلا .
أغلقت الباب و تجهزت وبينما هي ترتدي ثيابها صرخ وائل من خلف الباب وقال
وائل : أرجوووك لا ترتدي فستانا فهذا سيعيق تحركك
تعجبت أميرة مما قاله : يعيق حركتي في ماذا !؟
ارتدت تنورة واسعة مريحة و قميصا واسعا و ربطت شعرها الطويل البني بحركة سريعة و أنهت الأمر بارتداء حذائها وخروجها من الغرفة .
ولكنها عندما خرجت لم تر أحدا غير سارة
أميرة : سارة ما الذي يحدث هنا ؟
سارة : الجميع ينتظرك بالخارج , سنذهب للتنزه عوضا عن يوم الأمس .
أميرة : حقا !
سارة : أجل أسرعي الجميع بانتظارك .
صعدت العربة معهم و انتابها الفضول لعدم وجود والدها
أميرة : وأين هو أبي ؟
أشار لؤي بيده بحركة استخفافية : كالعادة لديه أعمال مهمة يقوم بها , لذلك أخذنا سارة عوضا عنه
نظرت أميرة إلى سارة فابتسمت لها
أميرة : أخبرني يا وائل ما هي المفاجأة التي أخبرتني عنها ؟
وائل : ستعرفينها عندما نصل : )
عند وصولهم ترجل الجميع من العربة و عندما وقفت أميرة على الأرض الخضراء استنشقت نفسا عميقا صافيا و أغلقت عينيها ثم أزفرته
أميرة : إن الجو رائع جدا وصافٍ .
الأرض خضراء واااسعة و الجو عليل , ما أجمل التمدد على هذه الأرض و النظر إلى السماء التي تجري عليها سحب مختلفة الشكل , أو قطف ورود جميلة وصنع طوق من الفل أو الياسمين , إن من يأتي إلى هذا المكان يشعر بأنه في عالم آخر , عالم خال من التعب و الهم , وخال من الحقد و الكره
عالم يعيش فيه سكانه بسلام و آمان وراحة بال .
يتعب الإنسان من وصف هذا الجمال ولكن في النهاية لا يسعنا سوا قول شيء واحد ( سبحان الله )
قطع حبل أفكار أميرة صوت صهيل حصان
فنظرت خلفها لتجد إبداع الخالق في هذا الحصان , فشعره يتطاير مع الهواء بطريقة جميلة و لونه يظهر بصورة بنية تعكس ضوء الشمس , وعيناه واسعتان سوداء تنظر إليها مباشرة .
أميرة : يا الهي , ما هذا ؟
نظرت إلى من كان يمسكه فوجدته وائل
أميرة : أخبرني ما
وائل : لقد استعرته من صديقي لبعض الوقت هيا اصعدي ودعينا نأخذ جولة سوية على ظهره
أميرة : أنا ؟
وائل : بالطبع ,سأركب أنا على ظهر حصان آخر و لؤي على ذلك الحصان هناك .
أميرة : يالها من مفاجئة جميلة , لم أكن أتوقع ذلك , كم تمنيت أن أركب على حصان و أجري في سهل وااااسع كهذا
لؤي : لست وحدك من تمنى هذا الأمر , لقد تدربنا على ركوب الخيل منذ أن كنا صغارا ولكننا لم نخرج في نزهة سوية هكذا
جرت أميرة نحو وائل و طبعت قبله على خديه وهي مبتهجة
بقيت سارة جالسة تجهز لهم طعام الإفطار بينما ذهب البقية يجرون ويمرحون و فجأة اختفوا من ناظري سارة .
مر الوقت ببطء شديد على سارة و بدأت تقلق أكثر فأكثر .
إلى أن رأت لؤي يجري نحوها وهو هلع وخائف
لؤي : آآه لقد .. لقـ ـ د ســ ــ قطت أمييييرة
وقفت سارة مصدومة وهي تسأله : ماذا تقوول ؟!
لؤي : اذهبي إليهم سأطلب المساعدة على الفور
و انطلق بحصانه بسرعة محضرا المساعدة و ما هي إلا دقائق حتى عاد و عندها حملوا أميرة و ذهبوا بها إلى المصحة .
بقي الجميع في المصحة قلقون و لم تتوقف سارة عن الحركة ذهابا و أيابا وهي خائفة على أميرة
تبكي قليلا ثم تصمت و تدعي ثم تعود للبكاء من جديد ,واستمرت على هذا الحال ؛ إلى أن خرج الطبيب وقال
الطبيب : إنها بخير , لقد أصيبت برضوض وكدمات بسيطة تستطيعون رؤيتها إنها ترتاح بالداخل ,ولكن بهدوء من فضلكم إنها نائمة .
دخل الجميع وقد ارتاحت سارة كثيرا عندما رأتها وهي نائمة بسلام .
في اليوم التالي سمح الطبيب بخروج أميرة فالأمر لا يستدعي البقاء فحالتها الجسمية جيدة ولكن حالتها النفسية كانت صعبة , فهي لا تزال تحت تأثير صدمة سقوطها .
وعند وصولهم للمنزل دخل الجميع فوجدوا حسام جالسا ينتظرهم وهو قلق
وعندما دخلوا توجه نحو أميرة و قام بضمها بقوة , وبعد أن انتهى المشهد الدرامي هذا نظر حسام في غضب إلى سارة وقال بصوت مرتفع مخيف غاضب
حسام : أنت السبب يا سارة , أنت غبية و بلهاء ما كان يجب علي أن أرسلك معهم , لقد اقترحت عليهم هذه الفكرة , سارة لا أريد أن أراك هنا أنت تستغلين أبنائي , و تستغلين طيبتهم بإظهار طيبتك و محبتك لهم أخرجي الآن ولا أريد أن أراك بعد اليوم هنا .
أخذت دموع سارة تنساب بسرعة كبيرة : كلا لست كذلك لست كذلك .
وخرجت من المنزل هاربة من المكان إلى ألا مكان , تاركة جميع اغراضها الشخصية , فهي لم تكن قادرة على تحمل البقاء أكثر , و الشعور بالذل و الاهانة اكثر من ذلك , لذلك خرجت و تمنت ألا تعود مجددا و حسام موجود.
أما عن بقية الأبناء فهم لا يزالون في صدمة مما حدث لقد اختفت في دقاائق قليلة , و قد ازدادت حالة سارة سوا منذ ذلك اليوم , وحسام دخل غرفته و انشغل بأعماله هاربا مما حدث قبل قليل .
بعد مرور يومين وفي منتصف الليل خرجت أميرة من غرفتها وهي ترتعب و ترتجف , لم تعتد غياب سارة عنها بعد فذهبت لغرفتها ودخلتها بهدوء
وكم تمنت لو تراها تقف أمامها وتبتسم لها بشكل مريح , و تخفف عنها ألمها , ولكنها لم تجدها أمامها فبدأت تبكي , لقد صدقت الأمر الآن , لقد ذهبت سارة ولن تعوود .
بعد أن هدأت فتحت خزنة ملابس سارة و أخذت تتفقد أشياءها لعلها تجد شيئا يدل على وجودها , كمكان سكن أقرباءها أو عنوان لها ولكن دون جدوى
إلا أنها رأت كتابا غريبا مكتوب عليه بالخط العريض ( ذكريات مدفونة )
فتحته و أخذت تقلبه ثم سقطت منه ورقة فالتقطتها ونظرت إليها
إنها رسمه طفلة لم تتجاوز الخامسة ,.. فتحت عيناها ومسحت دموعها وهي في حالة صدمة
لم تصدق الأمر حتى قرأت ما في الكتاب ,, حينها ظهرت الحقيقة بأكملها منذ البداااية .




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 01:08 AM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل الرابع : الحقيقة ..


بعد أن فتحت أميرة الكتاب وقرأت ما بداخله , وعندها بدأ شريط حياتها مذ كانت صغيرة يدور في عقلها , لقد تذكرت ذلك اليوم الممطر , وتذكرت كلمات والدتها التي لم تفهمها ,إنها ذكريات محتها من عقلها ولم ترد استرجاعها في لحظة من اللحظات , إنها ذكريات أرادت أن تمحوها لأنها تجدد الألم المدفون في داخلها , و تجعله يحيا من جديد .. فرؤية والدها المقتول و صرخات والدتها الحارة , و ... و. . ضحكة حسام البغيضة
حسـااام .. حساام
أصبحت أميرة تردد اسم حسام وهي تبكي بحرقة وتقول : لقد كذب , لقد ادعى أنه أبي .. لقد ..لقد حرمني حنان والدتي , وطيبة والدي .
لم تستطع أميرة تقبل الحقيقة حتى الآن ولم تستطع تحمل الأمر أكثر , يداها تمسك الورقة بقوة و ترجف في الوقت ذاته , لم تستطع قدماها أن تحملانها أكثر فسقطت على الأرض , و كم تمنت ان تسقط على رأسها لتمحو ذاكرتها , و تظل غير متذكرة ما حدث في هذه الليلة المريبة .
ولكن قبل وصول جسدها إلى الأرض , كانت هناك يدان حانيتان قد أمسكتا بها
نظرت أميرة خلفها إلى وجه من أمسك بها , و قد كانت الغشاوة تملأ عيناها , و بعد تركيز قالت : وائل
أجلسها وائل بهدوء على الأرض و أمسك بيدها و القلق باد على وجهه .. وهو يقول
وائل : أختي أميرة , ماذا بك يا عزيزتي ما لذي حصل ؟ لماذا تبكين هكذا ؟
نظرت إليه أميرة بعينان تملؤها الدموع ..
أميرة : آآ واائل
وائل : اهدي أرجوك و اخبريني ماذا رأيت . ؟
بدأت تبكي من جديد فمسح وائل على رأسها بحنان لعلها تهدأ قليلا ولعله يفهم ما يجري هنا , أخذ يتفقد المكان , لا شيء جديد ! ربما افتقدت وجود سارة معها ! ربما اشتاقت إليها ! ربما شعرت بالذنب تجاهها !
و أخيرا نظر إلى ما تحمله في يدها و أخذه منها .. نظر إلى الصورة وبدأت نبضات قلبه تتزايد
وائل : ماهذه الرسمة ؟ وماذا تفعلين هنا ؟
قالت بصوت مرتجف متقطع
أميرة : وائل .. اقرأ هذا
أخذ وائل الكتاب من الأرض وقام يقلب في الصفحات ويقرأ ما بداخله , ولقد تفاجأ لقراءة ما كتب , إنها قصتها كاملة منذ أن التقت إلياس إلى أن أصبحت خادمة مذلله.
وائل : يا الهي ..
ثم نظر إلى أميرة محاولا جعل الأمر خيالا لا حقيقة : أميــرة , لا أصدق .. هل ما كتب صحيح ؟ أخبريني
نظر إلى أميرة فإذا بها سارحة وكأنها في عالم آخر مختلف عن عالمه
أخذ يناديها ويحركها دون فائدة , و فجأة نظرت إلى عينيه مباشرة
لم يستطع أن يفهم ما تحويه نظراتها , وما يدور في عقلها , فتلك نظرات مبهمة ,, غريبة لم يرها من قبل , وسرعان ما وقفت وخرجت من الغرفة فتعجب وائل ولم يعرف أين ستذهب وماذا ستفعل , فلم يكن بيده شيء سوا أن يتبعها .
أخذت أميرة تعدو بسرعة متوجهة صوب غرفة والدها و وائل يناديها بصوته ولكنها لا تستجيب .
ومن بعيد كان لؤي واقفا يراقب أميرة وهي متجهة لغرفة والده وخلفها وائل فلم يفهم الموضوع ولكن فضوله جعله يتبعهما هو الآخر .
و أخيرا وصلت عند بابه ووضعت يدها على مقبض الباب , كانت تلتقط انفاسها , وسرعان ما وصل وائل عندها و هو يقول لها : أميرة هل ستخبرينه الآن الن تنتظري !
لم تستجب له , و لم تكن تسمعه أصلا , كان الأمر شاغلا تفكيرها , و كل حواسها .. و أخيرا فتحت الباب بقوة ..
استيقظ حسام وهو ذعر لصوت الباب الذي فتح , وعندما رأى أميرة بهذه الحالة , تلتقط أنفاسها بسرعة و عيناها مليئتان بالدموع - ذعر لما رآه فقام وركض حتى وصل عندها
حسام : أميرة ابنتي , ماذا بك ؟ تبدين وكأنك شاهدتي كابوسا .
اقترب منها أكثر و أراد أن يحتضنها ولكنها قالت بصوت آمر , غاضب , حزين ..
أميرة : لا تلمسني
تعجب حسام و لم يصدق ما قالته
حسام : أميرة ماذا بك ؟ لقد أقلقتني عليك .
نظرت إليه أميرة وحاولت أن تتحدث وبصعوبة قالت :
أميرة : حسـ ا ا م .. لسـ ت والدي ..
صدم حسام لما سمعه ترى هل عرفت الحقيقة !
لم تستطع أميرة أن تكمل كلامها فجلست على الأرض و بدأت دموعها تنساب من جديد, دون أن تستطيع إيقافها , إنها لحظة ضعف , لحظة لا تستطيع عمل أي شيء بها , لحظة الحقيقة .. كم هي مؤلمة .
لؤي : أميرة اهدئي قليلا أرجوك .
كان صوت لؤي من خلفها يهديها دون أن يفهم شيئا , و لكنه يرى اخته في حالة مزرية .. لذا لابد من عمل شيء .
حسام لا يزال في حال صدمة و عندما رأى لؤي يمسكها و وائل واقف على الباب علم أنهم قد عرفوا الحقيقة أخيرا , وقد اكتشفوا كذبته .
تقدم وائل نحوه بخطوات هادئة وحزينة وجلس أمامه مباشرة وقال
وائل : سأسألك سؤالا , أرجوك أجبني وأخبرني الحقيقة .
نظر إليه حسام : سل ما تشاء , وقال بصوت منخفض : لقد انتهى كل شيء .
وائل : هل . . هل ما تقوله أميرة صحيح ؟ أنت لست والدي , هل والدتي هي ...هي سـا ا رة !
توقفت أميرة عن البكاء ورفعت رأسها لتنظر إلى حسام ولتستمع لإجابته
أطلق حسام تنهيدة قائلا : أجل , أنا لست والدكم .
نطق لؤي أخيرا وقال بصوت يملأه الحزن : لماذا ؟!
بدأ حسام يحكي لهم القصة من وجه نظره : قبل سنين عديدة كنت مستشارا لحاكم دولة تدعى فيلاس , لقد كان طيبا جدا , وقد كان يظن بأن الناس سعداء في دولته , ولم يكن يعلم ما يدور حوله , ولم يكن يعلم نوايا أتباعه و أطماعه
ثم ظهرت فتاة غيرت مجرى حياتي كلها , وهي سارة ,, لقد أظهرت الحقيقة بأكملها لإلياس حاكم فيلاس وعندها فقط علم بنوايا من حوله , و قد قام بطردي ونفيي عن دولته , ومنذ ذلك اليوم و أنا أفكر بالانتقام ولا شيء غير الانتقام .. لذلك ذهبت لرؤوف وفي ذلك الوقت لم يصل إلى هذه القوة و العظمة , فأخبرته و حاولت إقناعه بضرورة سيطرته على فيلاس و الدول المجاورة لها كي يكون قويا و جبارا , يهابه كل الناس , وقد اقتنع أخيرا فجمع جيوشه كلها ولأنني كنت مستشارا حربيا لإلياس ؛ فأنا أعرف كل تحركاته وخططه فاستغللتها ضده وتمكنت من الفوز عليه و قتله , ولكن بقي أمر واحد لم أنهه وهي سارة .
فتوجهنا للقصر و اقتحمناه و أصبحنا المسيطرين , وبقي مصير سارة و أبنائها بين يدي , عندها قررت أن آخذكم لنفسي , و أن أقوم بسجن سارة , مضت سنة كاملة و أنتم معي ,لقد أخذتكم فقط كي أجعل سارة تشعر بالضعف و الذل و ذلك كان في بادئ الأمر , وبعد أن مرت سنة بدأت تربيتكم بالنسبة لي تبدو صعبة قليلا ؛ لذلك قررت أن أخرج سارة من السجن ولكنها لن تصبح حرة , ستصبح كالعبد بين يدي , وهذا سيجعلني أقوى منها و سأشعرها بالذل أكثر
و أكثر .
ولكـــــــــــن بعد وقت كنت قد اعتدت على وجودكم في حياتي
و قد مرت علي بعض الأوقات التي لم أشعر فيها بأنكم أبناء شخص قد كرهته , لقد شعرت بأنكم أبنائي , لقد كانت أجمل لحظات حياتي عندما كنتم حولي , ولم أندم يوما على فعلتي هذه .
- بل ستندم يا حسام
حسام : أميرة !
وقفت أميرة ومسحت دموعها وقد كانت المرة الأخيرة التي تذرف دموعها أمام حسام
أميرة : لا أصدق بأنني قد عشت بين أحضانك , وقد أطعمتني بيدك يوما ما , وبأنك قد أمسكت بيدي يوما ما لنسير على طريق واحد , تلك اليد التي لطختها دماء أبي تمسك بيدي ! لا أصدق , لقد أحببناك ووثقنا بك ولكنك في النهاية لست سوى قاتل
أجل قاتل , لقد قتلت والدي و عذبت والدتي و سببت لها الألم , لقد شردت أطفالا ويتمتهم من أجل شعورك هذا , لن أستطيع مسامحتك يا والدي ,, أقصد يا حسام .
حاول حسام أن يبرر أفعاله و أن يدافع عن نفسه ولكن لا مجال لذلك لقد اتضح كل شيء , و الكلام لن يفيد شيئا الآن , و لن يغير شيئا , فما حصل قد حصل .
لؤي : آسف لا أستطيع البقاء هنا أكثر
وائل : نحن سنبحث عن والدتنا
أميرة : وسنعود لننتقم
وقف الأخوة الثلاثة و أداور ظهرهم لحسام وهم يهمون بالخروج
حسام : انتظروا
نظر الجميع إلى حسام ترى ماذا ينوي أن يقول ؟ هل سيعتذر ؟
حسام : عليكم أن تنسوا ما حدث الليلة و تعيشوا بقية أيامكم كما كنتم في السابق .
عم الغرفة لحظات صمت إلى أن قال لؤي
لؤي : لا أعتقد أننا سننسى بسهو. .
قاطعه حسام : إذا خرجتم من هذه الغرفة فلا تعودوا مجددا للمنزل .
وائل : ولكن
حسام : سأمهلكم يوما واحدا فقط , وبعد ذلك ستصبحون متمردين على (لاهي ) و ستصبحون مطلوبون للعدالة هنا , و إن رآكم أحد جنودنا فسيقبضون عليكم وستحاكمون , هل هذا مفهوم ؟
أميرة بتردد حاولت إخفاءه : نعلم ذلك .
ثم أكملوا طريقهم خارج الغرفة , فقال حسام بصوت منخفض وكأنه يحدث نفسه
- ألن تتراجعوا عن قراركم : (
اخفض حسام رأسه وهو يشعر بأن جزءاً منه قد اختفى ولن يعود مجددا , وبدأ يبكي نادما على ما فعله , إنها دمعة غالية , لم يذرف مثلها منذ وقت طويل .
كانت أميرة و التوأم يسمعان صوت بكاء حسام وكأنه يخبرهم بأن لا يتركوه وحيدا من جديد ولكنهم لم يستطيعوا أن يعودوا إليه , ليس بعد اليوم .
وائل : أميرة أخرجي ما تحتاجين معك لن نعود إلى هذا المنزل .
لم تنطق أميرة ببنت شفة و ذهبت لغرفتها وضعت ما تحتاجه وما هو ضروري لها في حقيبتها وخرجت , وما هي إلا دقائق حتى وصل الجميع عند باب المنزل , ثم ألقوا بنظرة أخيرة إلى منزلهم , الذي عاشوا فيه أجمل و أسوأ لحظات حياتهم , هنا حيث لعبوا , مرحوا , درسوا , أكلوا , وأفعال كثيرة لا تنتهي
إنها سنوات طوال قد عاشوا هاهنا , لقد مرت أمام أعينهم في لحظات قليلة وهم يودعون منزلهم الغالي .
كان الطقس باردا وممطرا في الخارج , إنها إحدى الليالي الباردة على لاهي , ورغم ذلك فقد غادروا المنزل باحثين عن والدتهم , التي خرجت ولم تعد منذ يومين .
وائل : ليبحث كل منا في طريق مختلف .
لؤي : حسنا موافق .
أميرة : نلتقي عند الحديقة العامة .
انطلق كل منهم في طريق مختلف حاملين مظلاتهم , سائلين الله التوفيق في بحثهم.
في إحدى ضواحي المدينة , كانت جالسة على الكرسي ؛ تنتظر توقف المطر فهي , لم تكن تعلم بسقوط المطر الغزير هذا إلا بعدما خرجت من المنزل ذاهبة للتسوق .
سارة : متى سيتوقف المطر يا ترى !؟
اجتمع الإخوة عند المكان المحدد ليروا نتائج بحثهم , ومع الأسف فقد مرت الساعة الأولى دون أي جدوى , فهم لم يتمكنوا من إيجاد أي أثر لها .
أميرة : لا فائدة لم نستطع إيجادها , أو إيجاد أي شيء يدلنا على وجودها .
وائل : اهدئي يا أميرة , ودعونا نفكر سوية , لقد تعجلنا عندما ذهبنا للبحث بطريقة عشوائية دون أن نضع خطة مناسبة للبحث . .
لؤي : لا وقت للخطط الآن يا وائل َ!
أميرة : بلى ما يقوله وائل صحيح .
وائل : دعونا نفكر , لقد عاشت طيلة حياتها في المنزل معنا وهذا يعني أنه ليس لديها مكان تقصده
لؤي : ربما لديها أصدقاء
أميرة : أجل هذا صحيح , لقد كانت سارة ,, أأه أقصد والدتي صديقة لجميع الخدم في المنزل ولقد كانوا يحبونها ويحترموها , لا بد بأن هناك خادمة قد طلبت منها والدتي المكوث معها .
لؤي : هذا صحيح
وائل: ولا تنسوا بأنهم خدم , أي أنهم ليسوا من الطبقة العالية ربما الوسطى أو أقل , لذلك
لؤي : لذلك ؟!
وائل : لذلك لن يسكنوا في المدينة ربما في إحدى القرى المجاورة .
أميرة : أنت عبقري
ابتسم وائل بارتياح : و الآن دعونا نبحث عن أقرب قرية هنا .
لؤي: احم لقد أتى دوري الآن , فأنا أعرف قرية قريبة من هنا كنت دائما ما أذهب إليها .
أميرة : ولماذا ؟!
لؤي : لدي صديق هناك , دعونا نذهب الآن .
توجهوا للمدينة بالعربة و قد استغرق الوقت نصف ساعة تقريبا , وحتى الآن لم يتوقف المطر بعد . . !
وعند أطراف القرية
قال وائل : دعونا نفترق من جديد ونبحث بشكل جدي , فهذا أملنا الوحيد .
لؤي : سنعود بعد نصف ساعة ما رأيكم .
أميرة : هذا جيد لنذهب . .
وبدأت رحلة البحث من جديد , ولكن سقوط المطر كان قويا في هذه القرية وصوت الرعد لا يكاد يفارقهم .
وهذا ما كان يخشاه وائل دائما ومنذ صغره ( صوت الرعد )
وائل : صوت الرعد , كم أخاف هذا الصوت . . لا أستطيع أن أكمل طريقي .. أنا خائف
رأى كرسي قريبا منه فالتجأ إليه بسرعة وجلس خافضا رأسه وهو يرتجف من الخوف .
رأت سارة فتى يجلس بجوارها وهو ينتفض فابتسمت بحنان وتذكرت , تذكرت وائل وخوفه من صوت الرعد وتساءلت في نفسها : ترى ماذا يفعل الآن ؟ هل هو خائف يرتجف في غرفته , أم أن المدينة لا يهطل بها المطر في هذا الوقت , آآه كم اشتقت إليكم يا أحبتي ..
ثم وقفت فجأة وقالت : لقد تأخر الوقت كثيرا
نظرت إلى السماء التي لا تزال تمطر
وقالت في نفسها : لا يهم يجب أن أعود للمنزل الآن , أخشى بأن يطول سقوط المطر أكثر من ذلك , سأتبلل قليلا و اعتقد أنه لا بأس بذلك .
رفعت يدها فوق رأسها مغطية شعرها و مشت بسرعة حتى تصل إلى المنزل
وفجأة توقف المطر , تعجبت ونظرت أمامها وهي تقول : المطر لا يزال يسقط ! لماذا توقف عن السقوط فوق رأسي ! ؟
نظرت للأعلى وعندها أدركت أن هناك شخص ما قد حماها بمظلته فنظرت إليه
سارة : يا سيدي شكرا لك لا أحتاج لها . .
وائل : لا بأس ...
تلاقت نظراتهما ونسو سقوط المطر فوقهما
سارة : واائل !!!
نظر إليها ولم يصدق بأنه يراها أمامه , مسح عينيه بيده ربما يتخيلها , كلا إنها حقيقة إنها ليست خيالا .
وائل : أ مـ ـ ـ ـي
سارة : أمي ! هل أنا أحلم ؟
وائل : كلا , أنت لا تحلمين أبدا, أنا وائل ابنك يا أمي
قالت في نفسها : هل جننت يا ترى ! إنه يناديني بأمي , يبدو بأنه قد جن جنونه , صدقوني إني أحلم مستحيل أن يكون .
قطع وائل حبل أفكاها برمي نفسه في أحضانها , و البكاء كالطفل الصغير تماما
وائل : أمي لقد اشتقت إليك .
سارة لا تزال تحت تأثير الصدمة ولكنها حاولت أن تتغلب عليها
وبتردد مدت يدها و احتضنته بقوة , وبقي هما الاثنان يبكيان تحت ماء المطر , والمظلة ساقطة على الأرض , يتبللون تحت قطرات الماء ولكن لا أحد يشعر بذلك ففرحة اللقاء أكبر من ذلك بكثير ..
بعد نصف ساعة
كانت أميرة واقفة وهي حزينة و بجانبها لؤي يحاول قدر استطاعته أن يذهب الحزن عنها – مع أنه حزين مثلها –
لؤي : أميرة هناك قرى أخرى كثيرة سنذهب للبحث فيها
سمعت أميرة ماقاله ولكنها لم تجبه
لؤي : أختي أرجوك كوني متفائلة قليلا ,ربما وجدها وائل
ابتسمت أميرة بسخرية فعلم لؤي أنه لا فائدة من كلامه هذا
لؤي : انظري لقد عاد .
نظرت إليه وكان قادم من بعيد وبجانبه شخص آخر , وكأنها ترى وهما
كلا ليس وهما إنه وائل ومعه سارة
ابتسم لؤي بسعادة عندما رآه
لؤي : إنه هو انظرري يا أميرة أمي معه ..
ركض الأخوان نحوى سارة و السعادة تغمرهما , ورميا نفسهما عليها وهم سعداء , نظرت إليه سارة في سعادة و أشبعت ناظرها بهما , وكأنها لم ترهما منذ وقت طويل , يا له من شعور رائع , إنها تستطيع النوم براحة أكبر بعد اليوم , فقد ظهرت الحقيقة التي حاول حسام إخفاءها , يال سعادتها إنها تسمعهم ينادونها أمي , لم تسمع ذلك اللقب منذ سنوات طوووويلة .
وهكذا قضى الجميع اليوم في منزل صديقة سارة , وهما يحاولون نسيان ما حدث مع حسام , مع أنهم يشعرون بالحزن و الكآبة لما حصل في السابق ولمعرفتهم هذه الحقيقة المرة .
ترى هل سينتهي الأمر هكذا , لا أظن ذلك فالحق لا بد أن يأخذ مجراه و سيهزم حسام و رؤوف يوما ما ..
لابد بعودتهم و الانتقام من جديد .. و لكن كيف و هم لا حول لهم و لا قوة !
توقعاتكم للبارت القادم !




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 01:17 AM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





الفصل الخامس :

في صباح اليوم التالي , استيقظ الجميع في وقت مبكر و فهم قد اعتادوا على ذلك ..
جلس جميع أفراد الأسرة على طاولة الطعام البسيطة , و التي احتوت على أكلات شعبية , و أخرى مصنوعة يدويا ..
شعرت سارة بالحرج لبقائها في منزل ماريا وقت طويل , لذلك ارادت شكرها بكل ما استطاعت : ماريا لا أعلم كيف سأشكرك و أرد لك جميلك هذا .
ماريا : لا عليك فأنت غالية على قلوبنا .
سارة : شكرا لك , أعدك بأنني سأحاول تعويضك و رد جميلك يوما ما .
ابتسمت ماريا بعفوية و صفاء قلب وقالت :
- لست بحاجة إلى ذلك , فنحن كالإخوة .
وقد كانت تلك الوجبة من أجمل وجباتهم ؛ وذلك لتجمع الجميع وجلوسهم سويا ووجود سارة بينهم ليست بصفة خادمة بل كوالدة لهم – ويا له من شعور عندما يجتمع الجميع و يتحدثون ويضحكون سويا , عندها سيشعرون براحة بال وسعادة , دون خوف من ماض أو مستقبل .
و بعد الانتهاء وقد حان موعد مغادرة هذه القرية
قال لؤي وهو يحمل حقيبته خلف ظهره
- و الآن أين سنذهب ؟
قالت أميرة بنبرة ملؤها الحماس : إلى فيلاس
ابتسم لؤي وهو لا يصدق ما تقوله
لؤي : ههه يبدو بأنك تمزحين !
عارضتها والدتها قائلة : كلا هذا مستحيل . . .
***
وصل أخيرا , فنزل من العربة ووقف أمام البوابة الكبيرة , تنهد بطريقة تدل على همه وتعبه , ثم استأذن ودخل .
قال للحارس : هل السيد رؤوف موجود ؟
الحارس : أجل سيدي , إنه بالداخل ينتظر قدومك , تفضل أرجوك .
دخل حسام إلى غرفة رؤوف , والذي كان جالسا على الكرسي يدخن من سيجارته , و عندما رآه نفث آخر نفثة ثم تخلص منها ..
رؤوف : اجلس يا حسام .
جلس حسام على الكرسي ولم ينطق بكلمة , وكذلك رؤوف ؛ فحل الصمت و الهدوء المكان .
وأخيرا تحدث رؤوف :
إذا أنت تخبرني بأنهم قد علموا الحقيقة ؟
- أجل ..
- ثم تركتهم يذهبون ؟
- نعم .
أخذ رؤوف يفكر بصمت فيما سيقوله , فتح حسام فاه ليتكلم ولكنه سرعان ما أغلقه ولم يستطع قول شيء
رؤوف : هل وجدوا والدتهم ؟
حسام : في الحقيقة لا أعرف .
رؤوف : حسنا , هل أنت واثق مما قلته من قبل ؟
حسام : أجل , إن انقضت 24 ساعة فسآمر الجنود بسجنهم ومنعهم من مغادرة حدود الدولة .
رؤوف : ولكن ألن تخشى من
قال حسام بنفاذ صبر محاولا إخفاءه بابتسامته التي بالكاد تظهر
حسام : أخشى ماذا ؟
فهم رؤوف حالته تلك فحاول إنهاء الموضوع معه
رؤوف : ألن تخشى بأن يقوموا بفضحك أو نشر قصص عنك !؟
- لا أعتقد بأنهم يستطيعون .
- حقا !
- أجل , إنهم ثلاثة يا سيدي , لن يصدقهم الناس , وإن صدقوهم فما الذي سيحدث إذا ! لا شيء , لم يعد يهمني الأمر
قاطعه رؤوف ؛ وذلك لأنه بدا في حالة عصبية هسترية
رؤوف : حسنا , دعك منهم الآن ..
ومن ثم أكملا النقاش عن أمور مختلفة ..
***
عارضت سارة قول أميرة ولم تدع لها مجالا للموافقة
سارة : كلا هذا مستحيل .
أميرة : ولماذا هو مستحيل يا أمي , ألا تريدين أن تنتقــ
وقبل أن تكمل كلمتها تلك قاطعتها سارة و بإصرار أكبر
سارة : كلا لا أريد , ولا أحد منا يريد , لن نعود إلى فيلاس أبدا , سنكمل حياتنا معا ولن ندع أمور كهذه تبعدنا عن بعضنا من جديد هل فهمتي يا بنتي .
لؤي : أمي أرجوك !
سارة : انتهى النقاش يا فتيان , لن نذهب يعني لن نذهب , ولا تحاولوا التحدث عن هذا الأمر من جديد هل هذا مفهوم ؟
- نععم .
قالوها رغما عنهم , وفي داخلهم تكمن طموحات و آمال أكبر بكثير .
انطلقوا جميعا من القرية التي كانوا فيها , و التي تقع في جنوب دوله لاهي إلى مدينة خارج حدود الدولة , فقرروا التوجه إلى سالا مدينة تقع شمال الدولة المجاورة ( لافي ) وذلك عن طريق البر , ثم الذهاب إلى الميناء و إكمال طريقهم بحرا .
وفي الطريق لم تيأس أميرة من محاولة إقناع والدتها , وقد كانت تحاول إقناعها بشتى الطرق ولكن لا حياة لمن تنادي , فالأم مصرة على أن لا تجعل شيئا يشتتهم ويفرقهم من جديد .
لم تكن أميرة الوحيدة التي تحاول إقناع سارة , بل حتى وائل ولؤي قد حاولا , وفي اليوم الثالث , عند اقترابهم من اليابسة , جاء الأبناء الثلاثة إليها
لؤي : لقد اقتربنا يا والدتي .
قالت سارة و الابتسامة تملأ محياها :
- أعلم ذلك , كم أنا متشوقة لهذا الأمر .
- هل أنت مقتنعة يا والدتي ؟! ألن تغيري رأيك ؟ .
- كلا , سنعيش معا , ولن تفكروا في الإنتقام أو أي شيء آخر
ثم نظرت إليهم بنظرة حانية , تحاول ان تجعلهم يشعروا بقليلا مما تشعر به , ولكن هذا صعب فهي بالرغم من كل ذلك أم , و هم لم يشعروا بالأمومة من قبل ليشعروا بما تشعر به ..
سارة : أنتم أبنائي , و أنا أخاف عليكم أكثر من نفسي , و أعرف مصلحتكم أين تكون , لذلك اعذروني فلن أسمح لكم ... إنه شيء كالحلم يا أعزائي , إن فيلاس مجرد حلم منذ وقت طويل , حلم لن يتحقق مهما فعلنا . ومع انتهاء أخر كلماتها كانت الابتسامة قد اختفت عن وجهها و عاد وجهها العابس من جديد .
فهمت أميرة الآن الأمر , ولماذا منعتهم منذ البداية , فالأمر بالنسبة لوالدتها هو الذهاب للموت بأرجلنا . ومنذ ذلك الوقت لم تتحدث سارة عن أمر فيلاس أبدا , ولكن هدفها لم يغب عن محياها لحظة واحدة .
و أخيرا ها قد وصلوا , لقد مضت أربعة أيام , لقد كانت رحلة طويلة وشاقة ومليئة بالذكريات الحزينة , وفي الوقت نفسه ممتعة بعض الشيء , و عند وصولهم كانت سارة قد استأجرت منزلا صغيرا , منزلا ! لا أعتقد أنه يمكنني تسميته منزلا , إنه صغير جدا بالنسبة لأشخاص مثلهم , لقد عاشوا طيلة حياتهم في قصر كبير , حيث الخدم و ما تشتهيه الأنفس , و الآن إنه تحول كبير لهم !.
سارة : لقد وصلنا ولله الحمد .
كانت تلك هي جملتهم الأولى في هذا المنزل , وبعدها لم يتحدثوا طيلة اليوم
فقد دخل الجميع و بدأ كل شخص منهم بوضع ما يحمله في مكانه المناسب .
ودون أي تعليق خلدوا لنوم .
كان نوما هنيئا و هادئا لسارة ؛ فلن تستيقظ صباحا لتعمل , ولن ترى أبناءها بين أحضان حسام من جديد , ولن تعاني بعد يومها هذا .
أما الأولاد فقد كان نوما متعبا لهم ؛ وذلك لأنهم كانوا قد اعتادوا النوم على سرر مريحة و أغطية ناعمة , فالآن لا شيء من كل هذا متوفر لديهم , سوا النوم على الأرض القاسية ^_^ .~
في صباح اليوم التالي ..
استيقظت بتكاسل ورأت الشمس قد اشرقت منذ وقت
- أوه لقد تأخر الوقت , سأتأخر عن المدرسة .
ثم وقفت ونظرت حولها , فتذكرت أن أيام الدراسة و التعب قد انتهت , فلا مجال للذهاب لأي مدرسة أو جامعة الآن .
دخلت سارة عليها بعدما طرقت الباب
سارة : هل استيقظتِ يا صغيرتي أميرة !
قبلت أميرة جبين سارة ثم أردفت : نعم , للتو فقط .
سارة : هذا جيد , نحن ننتظرك بغرفة الجلوس .
قالت أميرة بابتسامة بالكاد ظهرت على وجهها :
أميرة : سأوافيك بعد قليل ^_^
خرجت سارة من غرفتها وبقيت أميرة وحدها .
ما هي إلا دقائق حتى خرجت من غرفتها و توجهت إلى مكان التوأم ووالدتها
دخلت عليهم و ألقت السلام , فوجدت لؤي مبتسما ابتسامة عريضة تدل على سعادته !
أميرة : ما سر هذه الابتسامة يا لؤي ؟!
لؤي : يا الهي , لماذا تبدين كئيبة , لا مدرسة لدينا , إنه لأمر راااااائع حقا , ماذا ألست سعيدة ؟
كانت أميرة تريد الاعتراض على قوله , وتهزيئه ولكنها لم تستطع ؛ خشية أن تجرح مشاعر والدتها الرقيقة
فقالت :
- بلى , كيف لي ألا أكون سعيدة , فعلا إن الدراسة أصبحت مرهقة جدا , و أعتقد بأننا قد درسنا بما فيه الكفاية في هذه السنين الطوال .
جل ما قالته كان كذبا ولكنها تصنعت الأمر , و أنهته بضحكة تدل على صدق كلامها .
ولكن سارة كانت قد فهمت الأمر , فهي تعلم مدى تعلقها بالدراسة وحبها لها .
وائل : لم لا تجلسين يا أميرة .
قام وائل بقطع حوارهما , وكلامهما الممل عن المدرسة بقوله هذا .
جلس الجميع وتناولوا طعام الإفطار سوية وعند الانتهاء تعاون الجميع بترتيب المنزل الجديد , لم يكن الأمر متعبا جدا , فالمنزل صغير , وما يحملوه من الحقائب شيء قليل , ولكن مسح الأثاث من الغبرة التي تغطيه هو الذي أرهقهم بعض الشيء < فهم غير معتادون على العمل > .
وائل : وأخيرا , لقد انتهينا .
لؤي : آآآه لقد كان أمرا مرهقا بعض الشيء .
سارة : أنتم رائعون حقا , شكرا لكم جميعا على مساعدتكم .
أميرة : لم يكن من المفترض أن تعملِ معنا يا والدتي فأنت مرهقة بما فيه الكفاية .
سارة : لا داعي لأن تقلقي يا عزيزتي , فقد اعتد على الأمر .
عم الصمت المكان بعد قولها هذا , وتذكروا أيامهم السابقة و بدأ الحزن يتسلل إلى وجوههم دون إذن منهم حتى , فحاول لؤي ذو الشخصية المرحة بأن يقطع صمتهم ويعيدهم لحيويتهم فقال :
لؤي : ماذا ! لماذا صمت الجميع , أمي هل لك أن تخبرينا كيف سنتناول طعامنا غدا ؟
تذكرت سارة أمر المال الذي لم تعرف حتى الآن كيف ستوفره , لقد كان أمرا يشغل بالها وتفكيرها كل دقيقة , بل كل ساعة , بل كل يوم , ولكنها حاولت ألا تشغل أبناءها معها بهذا الأمر
سارة : ماذا تقصد ؟
لؤي : أقصد كيف سنتناول طعامنا و طاولة الطعام هذه قد كسرت .
نظر الجميع إلى طاولة الطعام الصغيرة المكسورة و ضحكوا .
في الحقيقة لم يكن هناك شيء يدعوا للضحك ولكن لا بد من الضحك في بعض الأحيان و تجاهل الحقيقة المرة ..
بعد جلوس الجميع بدأو بالتخطيط في حياتهم المستقبلية , فبدأ وائل الأمر قائلاً
وائل : أمي أعلم بأنك كنت تفكرين كثيرا فيما ستفعلينه بعد قدومنا لهنا , ولكنني أرجو منك ألا تقلق فنحن لم نعد أطفالا , وسنهتم بكل شيء يا عزيزتي أميرة : أجل يا أمي , أرجوك لا ترهق نفسك بعد اليوم .
لؤي : هل تعلمين يا أمي أنني أستطيع القيام بأي عمل يطلب مني , أعرف عن التجارة القليل , وعن الخياطة قليل ... الخ فكل هذا قد تعلمته منك يا أجمل أم رأيتها في حياتي ..
وائل : ولكن بقي شيء واحد لم تتعلمه ( الصمت , وحسن الإنصات )
لؤي : هههههههه ليست أمور مهمة جدا بالنسبة لي .
أميرة : لكنني لا أستطيع العيش بدونها يا فالح .
لؤي : هل تعلمين شيئا يا أميرة , أنت إنسانة فريدة من نوعك , لا يوجد مثلك اثنان في هذا العالم .
قالت بفخر : بالطبع أعلم ذلك .
وائل : دعونا من كل هذا الكلام , ولنخرج لننفذ ما قلناه , لؤي هيا بنا لنذهب للبحث عن عمل ما .
أميرة : وماذا عني أنا ؟
لؤي : ماذا تقصدين ؟
قالت بتعجب , وقد ارتفع حاجباها :
أميرة : ألن أذهب معكم ؟!
وائل : ولماذا تذهبين , لا تخبريني بأنك تنوين الذهاب معنا للعمل !
وبحماس ردت على الفور :
- بالطبع !
- كلا هذا مستحيل , أنت ستبقين في المنزل ؛ تعتنين بوالدتنا ولن تذهبِ للعمل الشاق , دعي العمل لنا وحدنا .
- لماذا ؟ أريد الذهاب ؟
- أمي أرجوك أخبريها بأن تبقى معك .
نظرت سارة إليها بنظرات حائرة , كانت خائفة من أن تقيد حريتها و تبقيها في المنزل , وفي الوقت ذاته لم تكن تريد لها أن تتعب
فقالت باستسلام لوائل
- أجل يا طفلتي يجب عليك البقاء ..
- أميييييي أرجووووك
وائل : لا تحزني يا أميرتي فهذا من أجلك , أرجوك لا أريد أن أرى الحزن يعلو وجهك .
أميرة : ولكن . . .
لؤي : ألا نكفي نحن ؟ لماذا تريدين الذهاب ؟ ألا تريدين البقاء مع أمي و الإعتناء بها , حقا يال النساء !
وقفت أميرة و الحزن قد ملأ وجهها : افعلوا ما تشاءون, اعذروني .
وذهبت لغرفتها و أغلقت الباب .
لم تستطع سارة أن تتركها حزينة هكذا فأرادت أن تتحدث مع وائل و تقنعه ولكنه أصر على ذلك , ولؤي كان له نفس الرأي .
و عندما أصبحت أشعة الشمس باردة قليلا , و تمكن الإنسان من السير بسلام دون ضرر , خرج التوأمان للبحث عن العمل المناسب لهما , وقررا عند ذلك أن يفترقا للبحث و الالتقاء بعد 3 ساعات .
مضى وائل في طريقه و كانت هذه هي المرة الأولى التي يأتي بها إلى هذا المكان ؛ لذلك كان خائفا من أن يضل الطريق , ولكنه حاول قد المستطاع أن لا يكون بعيدا عن زحمة الطرق .
كان السوق مزدحما بالفعل , و الناس في كل مكان يشترون , و آخرون يبيعون ما لديهم من حوائج تفيد الناس , وكان كلما اقترب من شخص و سأله عن فرصة عمل له قابله بالرفض , مضى الوقت و حتى الآن لم يوافق أحد على عمله وكان السبب وبكل بساطة ؛ أنه جديد عن هذه المدينة .
لقد فقد الأمل بأن يجد عملا له و أخذ يقول لنفسه : لماذا لا أستطيع العمل معهم , لقد سئمت من نظرات الناس إلي , كلهم ينظرون إلي بنظرة مختلفة وجميعهم يرفضون عملي معهم , يبدوا بأنني سأواجه مشكلة في البقاء هنا , ولكن هل وجد لؤي عمل يا ترى ! لا أعتقد ذلك , ولكن ربما وجد عملا فشخصيته و شكله أفضل مني , يالني من غبي , نحن توأم لا فرق كبير بيننا , ما عدا النظارات الطبية التي أضعها , آه لو أستطيع نزعها و البقاء دونها هل سأرى الطريق جيدا حينها ؟!
الطريق !! تذكر فجأة بأنه يسير دون هدف محدد , وبأن أصوات الناس حوله قد اختفت كليا , يا الهي لقد ابتعد عن السوق , ولا أحد حوله هنا
نظر خلفه لعله يتذكر طريقه ولكن لا فائدة لقد تاه !
هتف بصوت عال : أين أنا الآن ؟
من بعيد كانت نظراتها نحوه مباشرة تترقبه , ومن ثم ارتسمت ابتسامة على وجهها وقالت : غنيمة جديدة .
اقتربت نحوه و ارتطمت به عن قصد , فاختل توازنه وكاد أن يسقط ولكنه تدارك نفسه .
ثم نظر إليها مؤنبا لكنها قالت قبل أن ينطق بحرف واحد
سوزان : آسفة .. آسفة حقا لم أكن أقصد , أرجوك اعذرني
تلك الكلمات أسكتت وائل ولم يستطع قول شيء سوا :
وائل : لا بأس , أنا بخير .
سوزان : الحمد لله .
ثم مدت يدها فارتبك ولكنه قام بمصافحتها
سوزان : أدعى سوزان ^^
وائل : و أنا وائل .
تنهد وائل فباشرت سوزان قائلة
- لم أرك من قبل , هل أنت جديد في هذه المدينة ؟
- أجل , لقد انتقلت بالأمس فقط
من دون أن يشعر وائل بشيء , ابتسمت ابتسامة توحي بنوايا خبيثة .
ترى ماذا تنوي أن تفعل !؟ و ما علاقتها في مستقبل وائل و إخوته و فيلااس كذلك ؟



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 01:22 AM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


ملاحظة من الكاتبة

اتشرف بحضوركم ومروركم يا عزيزاتي
ان شاء الله تكونوا من متابعيني ^^

بالنسبة للرواية طبعا وقتها كان في دراسة لكن غير متطورة زي حاليا و لكن ربما اخطأت في كلمة جامعة -_-
لكن بالنسبة للنظارات فقد بدأت منذ قرون عديدة
وكانت بهذا الشكل





طبعا بعدين في القرن 18 اطورت كثيرا
و دحين شكلها مختلف تماما ^^

شكرا لملاحظتك





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 01:30 AM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





الفصل السادس : أنا لست أنا ..
عادت سوزان تتحدث إليه ؛ كي لا يشك في أمرها فقالت :
- هل تعيش وحدك ؟
- كلا , لي أخ توأم , وأخت كبرى إضافة إلى والدتي و وماذا عنك ؟
- أنا ! اعيش مع أخي الصغير ذو الخمس سنوات , وأختي وهي أصغر مني بسنتين فقط .
صمتا قليلا , فأخذ وائل ينظر إليها ويحاول نقش شكلها في مخيلتها , شعرها قصير الذي لم يكد يصل لرقبتها , و عيناها البنيتان , إضافة إلى جسدها الرائع وقوامها الرشيقة , و أنفها الجميل .. سنها يوحي بأنها لا زالت في بداية حياتها و تبدو أصغر من أميرة بقليل , أو ربما في مثل سنها .
قاطعته سوزان و جعلت قشعريرة سريعة تمر في جسده
- هل انتهيت من فحصي ؟ يا سيد وائل
ارتبك وائل و كانت ردت فعله بكل بساطة الابتسامة قائلا
- لا داعي لذكر كلمة سيد فاسمي وائل فقط , و لا داعي بمناداتك سوزان وحسب صحيح ؟
تجاهل وائل سؤالها بطريقة رائعة جعلتها تضحك :
- هههه
- لماذا تضحكين ؟
- تبدو ذكيا , لقد تجاهلت سؤالي الأول , بطريقة لبقة رائعة
- شكرا لك , يشرفني قولك هذا , اخبريني هل تعلمين جميع ضواحي المدينة و مناطقها !؟
- بالطبع .
- بجوار منزلنا توجد نافورة ماء شكلها جميل , و قد اتفقت مع أخي على أن نتقابل هناك , فهل تعرفينها ؟
- أجل بالطبع , إنها النافورة الكبيرة الوحيدة في هذه المدينة و هي تدعى نافورة الأمل .
- الأمل !
تفاعلت سوزان ووقفت أمامه و أخذت تمشي بهذه الطريقة ( دون أن ترى الطريق خلفها )
أردفت قائلة
- إنها أسطورة قيل : قبل زمن طويل كانت دولتنا تعيش في حالة فوضى , حالة دمار وحرب , و قد دمرت المنازل , و أريقت الدماء , وشرد الأطفال ويتموا , وعندها فقد الناس الأمل في العيش , وخصوصا عندما أصابهم القحط ؛ فقد جفت الأنهار , ومات الزرع , و توقف سقوط المطر , لقد كان الأمر مخيفا , حينها لم يعد هناك طريق للابتسامة على وجوه الناس , أمضوا أياما بمياه محدودة قليلة , وعندما نفذت أخذ الناس يتقاتلون من أجل قطرة ماء واحدة , دام هذا الحال طويلا
قاطعها وائل و قسمات وجهه قد تغيرت , كان قد تأثر بكل كلمة قالتها
- وكم استمرت ؟
- أظن بأنها كانت 3 أشهر , وقيل أكثر من ذلك
- إنه لأمر خطير . .
- بالطبع , دعني أكمل رجاءً , ذات يوم كان هناك شاب قد قدم للمدينة و قد دخلها بصعوبة ؛ وذلك لسوء الأحوال هنا , و عندما رأى الحال هكذا قرر أن يحفر الأرض , فبدأ وحده وهو موقن بوجود ماء هنا , بقي على هذه الحال يومان , في خلالها كان الناس يمرون بجانبه و ينظرون إليه في تعجب , وبعد ذلك بدأ الجميع يساعده و يحفر معه , إلى أن
أشارت بيدها للأعلى و قالت بابتسامة : ظهر الماء أمامهم ..
وائل : هذا راائع
سوزان : بالطبع هذا رائع , لقد أنقذ الكثير من الناس هنا , و أعاد إليهم الأمل من جديد , وشيئا فشيئا بدأنا نعيد بناء مدينتنا وهدأت أحوال الحرب قليلا النهاية
ابتسم وائل للنهاية السعيدة هذه , و عندما التفت حوله وجد نفسه في شارع ضيق خالي من الناس فبدأ الشك يتسلل إلى قلبه
وائل : سوزان , هل .. أنت متأكدة من صحة الطريق ؟
سوزان : لماذا هل بدأت تشك بصحة الطريق ؟
قال وائل : حسنا , آآه ربم
قاطعته سوزان و عيناها مليئتان بنظرات المكر و الخداع : إذا أنت تشك بي صحيح ؟
وقف وائل و بات يشك في تصرفاتها و نظراتها الغريبة
سوزان : لماذا وقفت ؟ ألن تتبعني بعد الآن ؟
ارتسمت تلك الابتسامة من جديد على وجهها وأمسكت بمعصمه و سحبته معها
وائل : انتظري ماذا بك !
ظلت تمشي ولم ترد عليه إلى أن خرجا من الشارع الضيق و إذا بهما أمام النافورة تماما .
علم وائل وقتها أن ظنه بها كان خاطئا , و أنها لم تخدعه
ضحكت سوزان وقالت : لقد كنت أمازحك فقط , ولكنك أخذت الموضوع بشكل جدي ههههههه لقد وصلنا الآن .
وائل : آسف على ما بدر مني , وشكرا لك على إيصالك لي .
ثم أشار بإصبعه السبابة إلى الشاب الواقف من بعيد وقال : ذلك هو أخي
سوزان : حقا ! إنه يشبهك كثيرا , حسنا لتذهب إليه , سأغادر أنا فقد بدأت الشمس بالغياب
وائل: حسنا نلتقي مرة أخرى , و شكرا لك من جديد على ما فعلته .
سوزان : لا شكر على واجب إلى اللقاء .
أدارت وجهها و تركته يتوجه إلى أخيه , آملا بأن يكون وجد عملا يعيل أهله به
وائل : لؤي مرحباااا
التفت لؤي خلفه فنظر إليه بغضب : أين كنت كل هذا الوقت !
ابتسم وائل : اعذرني يا أخي , لقد تهت في الطريق و قد ساعدتني تلك الفتاة هناك على عودتي , و الآن أخبرني هل وجدت عملا ما ؟
لؤي : كلا مع الأسف . .
وائل : دعنا نعد للمنزل الآن .
- قبل عودتنا دعنا نشتري لهم بعض الطعام فهم قد يحتاجوه
- حسنا معي بعض المال
أدخل يده في جيبه لكي يخرج نقوده ولكن .. لقد فقدت
لؤي : ماذا بك ؟
وائل : لا أرى حقيبة نقودي أين اختفت يا ترى !
لؤي : ربما سرقت منك , أو سقطت منك و أنت لا تدري
وائل : لا أدري يا الهي كم هو أمر مؤسف
لؤي : لا تقلق معي بعض من النقود لنذهب الآن .
وبعد شرائهم الطعام
عادا إلى المنزل و الحزن يملأهما , و عندما أخبروا والدتهم بذلك قالت لهم مطمئنة , بابتسامتها المعتادة و رقة صوتها وحنيته :
- لا تقلقوا يا أبنائي ستجدون عملا , ربما غدا أو بعد غد أو بعد ذلك و لكن أنا واثقة بأنكم ستجدون عملا يليق بكم .
- شكرا لك يا أمي , لا نحتاج سوا دعواتك الآن .
جلبت أميرة العشاء و وضعته على المنضدة و جلست و لكن تعابير وجهها تدل على ضيقها و حزنها الشديدين , فهم وائل سبب ضيقها ولكنه لم يتحدث عن موضوع العمل من جديد , و أكملوا عشاءهم و خلدوا إلى النوم .
مضت الأيام بشكل بطيء وممل جدا , ومذ كل صباح يخرج الأخوان باحثين عن عمل , أيا كان العمل فليس مهما , المهم هو أن يجنوا المال الذي سيوفر لهم العيش و لعائلتهم و لا يعرضهم لذل السؤال من الناس .
كل يوم يحدث الأمر ذاته دون تغيير يخرجان منذ الصباح و يجدهم الناس غرباء حتى الآن و يرفضوا عملهم معهم بكل برود يقولون : لا يوجد عمل
و ماهي إلا دقائق حتى يأتي رجل يعرفوه وبكل سهولة يرحبوا به ويفتحوا له أبواب العمل في كل مكان !
وفي يوم من الأيام اختلف الوضع فقد غادر الأخوان منذ الصباح من جديد , و في أعماق قلب وائل كان يتمنى رؤية سوزان من جديد , ولكنه لم يظهر ذلك لأي أحد , بل حتى لم يكن يريد لنفسه أن يفهم سبب أمنيته هذه , فتجاهل الأمر و أخذ يكمل بحثه .
وقفا التوأمان عند صانع الأحذية و قال له وائل بكل أدب و لباقة :
- صباح الخير يا سيدي .
نظر إليه الرجل و قد بدا على وجهه العجب , لم يجبه و تجاهله و أكمل عمله
فبادر لؤي وقال
- عمي هل لنا أن نعمل معك , نحن سريعو التعلم جربنا
نظر إليه وائل في صمت و أخذ يتأمل شكله و يحاول تفسيره ؛ فهو حاف القدمين ( رغم كونه صانع أحذية ) و يجلس متربعا وممسكا بأداة دباغة في يده ويصلح حذاء أحد الأشخاص .
في تلك اللحظات القليلة بدأ وائل بالتحدث مع نفسه متخيلا نفسه صانع أحذية و كأن هناك شخص يكلمه قائلا :
- هل ترضى أن تعمل صانع أحذية , و تمسك الأحذية و تصلحها و تنظفها؟
- طبعا , لم لا !
- لكن الناس سيقولون
- لا يهمني ما سيقوله الناس الأهم أن أجد عملا شريفا و أكسب منه مالا
- لن يوافق الرجل فأنت غريب
- يكفيني أنني حاولت .
بدأ لؤي يشعر بالملل فقال :
- عمي هل أنت موافق تحدث معنا رجاء .
وقف الرجل و ترك ما بيده وقال بلكنة قد فهماها بصعوبة :
- لا تنادني عمي , و ليس لدي عمل لكما
غضب وائل لأنه سئم من هذه العبارة
وائل : ولماذا ؟ أخبرني أنت حتى لم تجربنا بعد !
الرجل : ولا أريد أن أجربكما أنتما غريبان عنا , و نحن لا نقبلكما بيننا لماذا لا تتفهما الأمر لقد مضت عدة أيام دون فائدة عودوا من حيث أتيتم .
لؤي : هذا لا يعقل , إنه الجنون بحد ذاته لماذا لا نستطيع البقاء معكم ؟ إنها ليست أرضكم وحدكم يحق لنا البقاء هنا و العيش كما نشاء و أيضا العمل .
لقد حدث انفجار في المكان , انفجار الكلمات و الأعصاب في الوقت ذاته و لا ننسى تجمع الناس ووقوفهم مع الرجل العجوز
وائل : و الآن أخبرنا هل
قاطعه العجوز بتهجمه عليه : أنت صديق لتلك الفتاة
وائل : أي فتاة تقصد ؟
- لا تتظاهر بالنسيان و الغباء تلك الفتاة المجرمة السارقة , لقد كنت تمشي معها ذات يوم , هل تريدنا أن نأتمنك على أموالنا و أعمالنا و أنت قد سرت معها ذات يوم
- لكنني لا أعرفها , لقد دلتني
- هذا عذر كل صديق لها إنها ليست سوا سارقة , سارقة تدعي طيبتها خلف وجهها هذا
بقي وائل صامت للحظات يحاول تفهم ما يتفوه به هذا العجوز و فجأة تذكر سبب اختفاء النقود التي كانت معه , لقد أخذتها عندما قامت بالاصطدام به
لؤي : عمن يتحدث يا وائل ؟ لا أفهم شيئا
وائل : لؤي , إنها تلك الفتاة التي أوصلتني إليك في أول يوم لنا هنا .
العجوز : و الآن اذهبا عن طريقي لا أريد رؤيتكما أمام محلي و إلا فإنني سأخبر الشرطة هل تفهم .
لؤي :ماذا ! الشرطة ! لا داعي لهذا
قال وائل في حزم : سأجد تلك الفتاة و سأعيدها إلى هنا و أدعها تعيد لكم أموالكم , و سأثبت لكما أنني لست صديقا لها و لا أعرفها حتى , انتظرني فقط أيها الرجل العجوز الخرف .
أدار ظهره للعجوز ولكل شخص قد نظر إليه نظرة شك و غربة .
مشي بخطوات سريعة غاضبة ولؤي يحاول اللحاق به
لؤي : وائل انتظرني .
لم يدر وائل وجهه ولم يتحدث معه بل تابع السير , بدأ لؤي يسرع في خطواته حتى يستطيع اللحاق به إلى أن وصل إليه و أمسك يده وفي ذلك الوقت كانا قد غادرا منطقة السوق تلك
لؤي : وائل هل أنت جاد في كلامك ,ستذهب في هذا الطريق ! أنت لا تعرف إلى أين ستذهب حتى
وائل : لا يهم , سأبحث عن سوزان و سأجدها و سأثبت أننا يا أخي ليس لنا علاقة بها , نحن بحاجة إلى عمل
أمسك كتفاه بقوة وهزهما قائلا : هل تفهم يا لؤي ,أخبرني هل تفهمني ؟
- أفهمك يا وائل أفهمك , سأذهب معك فلا تقلق .
- شكرا لك .
أكملا طريقهما معا باحثين عن سوزان , وقد كان يشعر وائل في داخله بغضب شديد , لم يشعر به من قبل , ولم يكن يدري إن رآها ماذا سيفعل بها ! لقد خدعته , ولم يخدعه أحد قبل ذلك .
وبعد سير دام ثلاثون دقيقة
سوزان : واااااااااائل
نظر وائل خلفه فوجدها تجري نحوه و هي سعيدة
سوزان : مرحبا يا وائل , هل تهت من جديد
وائل : أهلا سوزان
مدت سوزان يدها للؤي وصافحته ثم لوائل فأمسك بيدها بقوه ولم يتركها , عندها شعرت بأمر غريب
سوزان : وائل ماذا بك ؟ لا تبدو أنك بخير ما الذي جرى ؟
وائل : سوزان آسف يجب علي أن أصطحبك معي
سوزان : إلى أين ؟! لا أفهم شيئا
وائل : سأسلمك إلى الشرطة بنفسي و أثبت بأنني لست صديق لك ولست شريكك
سوزان بغضب :
- وائل اترك يدي وافهمني ما الذي تقوله ؟
لؤي : ها قد بدأنا , توقفي عن الكذب يا فتاة الكل يبحث عنك في المدينة
هتفت سوزان : كلا ما يقوله الناس ليس صحيحا , أترك يدي يا وائل .
حاولت جهدها بأن يترك يده ولكن دون فائدة
نظرت إلى عينيه بقوة و اصطدمت نظراتهما وقالت
- أنت حقير يا وائل , اترك يدي فلازلت فتاة
صفعته على وجهه بأقوى ما لديها ..
و هربت منه . .
و أخذت تجري . .
بينما بقي وائل واقف من هول ما أصابه , لم تكن الصفعة بتلك القوة بالنسبة له و لكنه كان متفاجئا جدا مما حدث . .
لؤي : وائل إنها تهرب , لنلحق بها
حاول التوأم اللحاق بها ولكن بحذر شديد و محاولة تتبع أثرها ؛ كي لا يضيعا في هذه المنطقة الغريبة .
رشاقة سوزان و سرعتها , وخبرتها في ساحة المعركة هذه مكنتها من الهرب , ومكنتها كذلك من الاختباء في إحدى المنازل المحطمة , وأخذت تراقب وائل وهو قد تاه وتذكرت ذلك اليوم إنها النظرات نفسها ×
صرخت سوزان تحدث وائل
- واااائل أرجوك عد ولا تلحق بي فلن تستطيع الإمساك بي .
أخذ وائل يدور حوله باحثا عن مصدر هذا الصوت و في الوقت ذاته تحدث معها كي يشعرها بأن لها الأولوية
وائل : لن أعود قبل أن أمسك بك و أثبت عكس ما يقوله أهل المدينة
سوزان : أرجوك يا وائل اتركني وشأني
لمح وائل شعاعا قادما من خلف إحدى الجدران المحطمة , فعلم أنها قلادتها التي أنارت مع انعكاس ضوء الشمس , فأشار بيده للؤي على المكان كي يحاصراها
وائل : أنت سارقة و يجب أن تعاقبي
سوزان بصوت يدل على ألمها الذي لم تستطع التخلص منه :
- وهل تظن أن هذا يسعدني , هل تعتقد أنني سعيدة وراضية بما أفعل ! إنني . .
ودون إدراك منها نزلت دموعها
وائل : لا يهمني
أتاها صوته ولكن هذه المرة ليس من الخلف بل أمامها مباشرة , فمسحت دموعها و أخذت نبضات قلبها بالتزايد , وظنت أن هذه النهاية
فوقفت و هي تحاول الهرب من جديد وعندما استدارت وجدت لؤي واقف أمامها , فعادت تنظر إلى وائل بنظرات محزنة تطلب منه الإشفاق على حالها
بينما لم يأبه لها وائل و أخذ يتقدم نحوها
فجلست على ركبتيها وهي ترجوه بأن يتركها وحدها
سوزان : وائل أرجوك اتركني , أعدك بأنني لن أعود للسرقة مجددا أرجوك
وائل : آسف
سوزان : أقسم لك أنني لا أفعل ذلك عمدا , إنني مضطرة لفعل ذلك أرجوك صدقني
لؤي : إنها كذبة كل شخص في هذا الزمن .
نظرت إلى لؤي وهي ترجوه بأن يسكت و ألا يزيد الموقف تأزما
وائل : أرجوك يا سوزان لا تجبريني على أخذك بالقوة
سوزان : لا أستطيع الذهاب معك , لا أستطيع أن أسلم نفسي , أنت لا تعلم ماذا يحدث لو سلمت نفسي ستتسبب بمقتل اثنين غيري .
وائل : لا يمكنني تصديق أكاذيبك بعد اليوم
ثم صرخ فيها قائلا : اتبعيني .
ما كان باليد حيلة , فهي لم تستطع عمل شيء سوا أن تتبعه , هي في الحقيقة لا تأبه بنفسها ولا يهمها أمرها ولكن هناك من يهمها أمره . لم يرد وائل عمل ذلك مع فتاة مثلها , تبدو بريئة و طيبة القلب , وكم تساءل في نفسه طيلة الطريق , لماذا تفعل ذلك ! ولكنه لم يرد أن يسألها , فهو لا يعلم إن كان ما ستقوله صحيح أم لا , لذلك استمر في المشي دون أن ينظر خلفه , وتاركا الحديث الجانبي , ولؤي خلفها يتبعهما و يشعر بالسوء لما يفعله ولكنه مضطر لذلك .
استمرت في المشي خافضة رأسها ولكنها رفعته لوهلة , لتتحقق مما يدور في رأسها , وكان صحيحا , فالسماء مبددة بالغيوم و ستمطر عما قريب .
سوزان :لؤي وائل توقفا ستمطر السماء بعد قليل .
نظرا للأعلى ورأى السماء وهي أبعد ما يكون عن الصفاء
لؤي : يبدو الأمر كذلك ,انظر
مد يده إليهم و أشار نحو قطرة الماء التي سقطت , وفجأة هطل المطر بقوة كبيرة
لؤي : ما العمل الآن؟
وائل : لنستمر في سيرنا لم يبقى الكثير .
سوزان : بل بقي الكثير لا يمكننا السير هكذا ,فالمطر يهطل بغزارة جدا , وليس لدينا أي شيء يحمينا ,سنصاب بال..
وائل : كفى حديثا ولنسرع ,هيا
همست سوزان : غبي . .
انطلقوا بسرعة أكبر من ذي قبل , وكانوا يرون الناس مثلهم , جميعهم مشغولون بأمر هذا المطر , و جميعهم لا يملكون مظلة تحميهم , و الآن لقد بدأ الأمر يزداد صعوبة و خطرا , فقطرات المطر تنهمر بشكل أسرع و أكثر .
- آآآه
توقف التوأم عن الحراك و التفتا نحو صوت الآهات ؛ لقد كان الطين المتشكل على الأرض يعيق حركتها , مما أدى إلى سقوطها المتوقع
لؤي : سوزان ماذا بك ؟
سوزان : لقد التوى كاحلي .
مد لؤي يده لها ليساعدها على الوقوف , بينما بقي وائل واقف ينظر لها , تماما كالحجر المتصلب , دون أن يتكلم
حاولت سوزان الوقوف من جديد و استعادت قوتها , ولكن لا فائدة فهي عندما وقفت شعرت بألم يعيق حركتها , ومع برودة الطقس , إنه لأمر صعب جدا على فتاة في مثل عمرها .
وائل : لنتابع سيرنا بقي أمامنا القليل
سوزان : أنت غبي , ومتحجر القلب , ولا تفهم معنى الألم , كم أكرهك أكرهك
لم يلق أي بال لما قالته بل تابع سيره و هو ممسك بيدها كي لا تهرب منه
ولؤي متصنم في مكانه يتساءل في داخله : لماذا يفعل وائل كل هذا ؟ لم أره بهذا الشكل من قبل , ألا يرى بأنها بحاجة للمساعدة , ماذا به أخي لم أعد أفهمك يا وائل أتمنى أن تشرح لي , أتمنى أن تقول لي كلمة واحدة فقط تفسر لي سبب أفعالك المتناقضة هذه , لم أهعدك هكذا أنت توأمي و أقرب الناس إلي ومع هذا لا أفهمك , أين ذهبت تلك الرحمة التي كانت في قلبك , و أين ذهبت طيبتك ,هل ستتخلى عنها بعد اليوم ! آآآآه منك كفاك عنادا , أنت لا تضر أحدا سواك يا أخي
- لؤي لماذا وقفت ؟
كان هذا صوت وائل يصرخ في وجهه و الغضب يملأه
- أني قااادم .
استمروا في السير من جديد ولكن سوزان كانت تمشي بطريقة غريبة و بشكل منعرج وكأنها معاقة , إلى أن وصل مرحلة لم تستطع فيها أن تصمد أكثر فصرخت في وائل :
- اتركني لم أعد أستطيع السير
نظر وائل إلى قدمها خلف ذلك الحذاء المتمزق و رأى قدمها قد ازرقت من الألم ,فأصيب بالدهشة
سحب لؤي يد سوزان و مشى معها إلى كرسي قريب منهم وأجلسها ثم عاد ليصرخ في وجه أخيه :
- ماذا بك ؟ أخبرني لقد أرهقتنا معك يا وائل , لا أدري ما الذي أصابك لا تبدوا على طبيعتك , أرجو أن تجلس وتهدأ قليلا وتفكر و تخبرني ماذا بك
لن نتحرك قبل أن يتوقف هطول المطر هل تفهم .
ثم تركه خلفه وجلس بالقرب من سوزان محاولان الاحتماء من المطر بتلك المظلة الصغيرة أعلى الكرسي .
بينما لا يزال وائل في مكانه لم يتحرك , وقطرات المطر التي تبلل وجهه قد امتزجت بدموع عينيه التي سقطت دون أن يشعر
أخذ يتحدث مع نفسه كالجاهل الذي يريد تفسيرا لما يحدث , وكالطفل الذي يحتاج إلى من يقف معه ويحن عليه , ويبين له صحة أو خطأ ما يفعله
( أنا لست أنا , تجتاحني مشاعر عديدة , لا أدري من أين أتت !و لا أريد الإعتراف بها , الهذا السبب أقسو عليها ! لا أدري أشعر بشعور غريب نحوها , لم ألتقي بها سوى مرة واحدة , ولم أمض معها سوى وقت قصير ومع ذلك أشعر وكأنني أعرفها من قبل , ترى هل أنا ظالم وقاسي ؟ هل ما أفعله صحيح , لم أعد أفهم , أريد تفسيرا , أنا ضائع و تائه أنا بحاجة إلى من يساندني , أشعر بأن قواي تنهار , وجسدي سيسقط ومشاعري قد تجمدت )
سرت قشعريرة في جسده و أخذ ينتفض من البرد و يعض شفتاه من البرد فقد تحول لونها إلى أزرق من البرد , وصوت الرعد الذي لطالما خاف منه قد عاد , وكأن الجميع قد اتفقوا على أن يقفوا ضده هذا اليوم , أخاه و سوزان التي قد ساعدته ذات يوم يشعر بأنها عدوته , لقد اختلط الأمر عليه و هو يشعر بضغط شديد , ضغط لم يعهده من قبل , ولم يتحمل مثله
وفجأة انهارت قواه أخيرا وسقط , ولم يحس بما حدث بعد ذلك , وكان آخر ما رأته عيناه و شعر به , شخص يركض نحوه ويناديه باسمه , وفتاة بدت على وجهها قسمات الخوف و القلق
ثم أغلق عيناه .





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 01:47 AM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





الفصل السابع : بداية جديدة

حاول فتح عينيه ؛ ليرى في أي عالم هو ! وكم من الوقت مضى على سقوطه, وقبل أن يفتح جفنيه وضع ذراعه على عينيه ؛ وذلك ليمنع اختراق أشعة الشمس القاسية المتسلسلة عبر الفتحة إلى عينيه .
شعر بألم في جميع أجزاء جسمه وبحركة هادئة جلس يراقب المكان حوله بعقله اللاواعي إلى أن فُتح الباب ليسمع صوت فتاة خلفه تقول بصوت مرح
- يا هدى جهزي الحساء و احذري من ألا يبرد , سأتفقد أنا درجة حرارته .
ثم دخلت و أغلقت الباب و تفاجأت عندما رأته قد استيقظ , عندها اخفضت رأسها و لم تستطع عيناها أن تواجهه .
جلست بالكرسي المقابل للسرير و أمسكت رأسه و قالت : مازالت درجة حرارتك مرتفعة , أرجو أن ترتاح و لا تحاول الوقوف أو الجلوس حتى .
نظر إليها ولم يعرف ما يقوله , فعم الصمت المكان دون كلام يقال فقطع صمتهم دخول فتاة نحيلة ذات شعر طويل و جميل , البراءة تملأ وجهها , و ضحكتها لا تختلف عن سوزان الكثير .
وعندما دخلت قالت و هي تضحك ويبدو بأنها كانت تجري ؛ فهي تتنفس بصعوبة
هدى : هل أحضر الحساء
ظل وائل ينظر إليها و يحاول تذكر وجهها ولكن لا فائدة فهو لم يرها من قبل , ولكنها تشبه سوزان كثيرا , لا بد بأنها أختها
هدى : هل استيقظ !
نظرت إليها سوزان و قالت : ماذا بك ؟ كأنك كنت تلعبين !
قالت بابتسامة خجلة
هدى : في الحقيقة أجل , ولكن لا تقلقي لقد أعددت الطعام .
سوزان : يمكنك إحضاره فكما ترين لقد استيقظ .
خرجت هدى وعادت بعد ثواني و في يدها إناء به حساء حار , قدمته إليه وقالت تفضل .
نظر إليها و قال : أين ذهب أخي ؟
سوزان : لقد عاد لمنزله ليطمئن أهلك و سيعود أو ستعود أختك .
هدى : لا تقلق لن نؤذيه , لسنا كما يفعل بعض الناس .
ثم نظرت إليه بعينين غاضبتين , مما جعل وائل يخفض رأسه .
غادرت الغرفة و تركته مع أختها سوزان , و أكملت هي لعبها مع أخيها الصغير
سوزان : تفضل كله , سيخفف عنك الألم .
حاول الوقوف و قال : شكرا جزيلا , لا أريد .
قالت سوزان بعدما ارتفع صوتها و بأسلوب آمر : اجلس و كله , لا داعي لكل ما تفعله , لن تستفيد شيئا لو خرجت الآن , عندما يعود أخاك فلتغادر كما تريد و لتفعل ما تشاء .
رفع حاجباه متعجبا مما قالته و لكنه رضخ للأمر و بدأ بتناول الحساء , و كم كانت رائحته زكية و رائعة , ترد للمرء صحته بعد أمر الله .
ابتلع آخر لقمة من ذلك الحساء و مسح فمه وقال بسعادة : شكرا جزيلا لقد كان شهيا .
تجاهلت ما قاله و أمسكت الطبق ووقفت تريد الخروج من الغرفة و عند اقترابها من الباب , و أخيرا نطق بها وائل قائلا
- أنا آسف .
نظرت إليه نظرة احتقار و عادت إلى مكانها و جلست أمامها وقالت
- أعد ما قلته . .
قال بصوت خافت : آسف .
***
نظرت أميرة إلى هذا المنزل المهدم , و الذي يبدو و كأنه سيسقط يوما ما , ( إنه واقف وكأنه يتحدى الزمن , و يتحدى ظروف الحياة الصعبة ) ضربت جبينها بكفها و قالت
أميرة : كم أنا غبية , ماهذا التشبيه الغريب ! , لابد بأن هذا هو المنزل فهو كما وصفه لؤي تماما .
تقدمت نحو الباب و أرادت فتحه و لكن يداها توقفتا عندما سمعت ذلك الصراخ القادم من هذا المنزل الصغير .
صرخ سوزان : أنت آسف ! يالك من شخص جرئ و وقح و غبي كذلك , ألم تدرك ما حجم الألم الذي سببته لي , و سببته لأخيك يا هذا , أنت لا تبدو طبيعيا , أنت مجنون .
وائل : اهدئي أرجوك يا سوزان و دعينا نتفاهم أرجوك
- ليس هناك شيء يمكننا مناقشته
- أرجوك , إنني أشعر بالتعب و الألم , و الصداع الشديد , أشعر بأنني معذب يا سوزان , دعينا نتحدث أرجوك .
ابتسمت بسخرية و قالت و قد انخفض صوتها : أنت المتعب ها , حسنا لنتحدث و لنسمع ما تريد , في ذلك الوقت طرقت أميرة باب المنزل , ففتحت لها هدى الباب , عندها ابتسمت أميرة و أرادت التحدث و لكن هدى لم تعطها فرصة لقول أي شيء
هدى : إنه في داخل هذه الغرفة , لا أنصحك بالدخول الآن , يبدو بأن الوضع سيء قليلا .
أميرة : لا بأس سأنتظره خارجا .
جلست بالكرسي قرب الباب ولكنها حاولت سماع محادثتهما قدر الإمكان .
عم الصمت المكان من جديد و شعر وائل أنه إن لم يتحدث الآن , فلن يجد فرصة آخرى للحديث , و ستخرج دون سماعه , فحاول قول أي شيء
وائل : ممم في الحقيقة
نظرت إليه : ماذا ؟!
فرك فروة شعره محاولا قول أي شيء , و أخيرا علت وجهه نظرة جادة و قال
وائل : حسنا , أعرف أنني قد أخطأت في حقك كثيرا , لم يكن علي أن أكون شديدا مع فتاة مثلك
سوزان : ماذا تقصد بفتاة مثلك ها ؟
- لا تقاطعيني و دعيني أكمل كلامي , أعتذر إليك يا سوزان , أنا مخطئ ,
لم أدري ما الذي جرى لي البارحة , شعرت بأنني إنسان غريب و مختلف , حتى لؤي شعر بهذا الأمر , لا أعلم السبب ولكن ربما لأنني كنت غاضبا جدا لاتهام الناس لي , فأنا لم أفعل أي أمر سيء قط , و لكن كان هذا جزائي ,
كم أنا غبي , كيف لي أن أجعل سيدة مثلك تتبلل في المطر , و تتألم و تمشي بصعوبة , لم أفعلها قط في حياتي أقسم لك , أرجوك سامحيني يا سوزان , أنت إنسانة لطيفة و طيبة القلب , و لا أعلم لماذا اتجهت لطريق مثل هذا , كان بإمكانك اكتساب رزقك , و إطعام إخوتك ولكن دون السرقة , أعرف أن كل من يسرق لديه مبرر كهذا , و لكنه لا يتعبر مبررا أبدا .
ثم صمت للحظات عندها نطقت سوزان أخيرا بعد سماع هذه المحاضرة الطويلة قائلة
- هل انتهيت يا سيدي القاضي ؟ حكمت علي دون سماع رأيي حتى
ههه لتعلم أن هذا ليس مبرري , من قال إنني أفعل هذا من أجل إخوتي فقط ! صحيح بأنني أبحث عن رزقي ولكنني أيضا أريد أن أصبح مشهورة , أجل أريد أن يسمع بي رؤوف الحاكم , أريد أن يسمع الجميع باسمي , سوزان السارقة , ليست هذه المدينة و حسب بل في كل مكان في هذه الدولة .
- ماذا أٍسمع يا ترى ؟ وكأنك تريدين القضاء على نفسك بنفسك
- كلا أريد القضاء عليه وحسب
- ما قصتك مع هذا الرجل رؤوف ! هل لي أن أسمع أم أنك لا زلت غاضبة و لا تريدينني أن أسمع ؟
- بالطبع لم أعد غاضبة منك , فلقد اعتذرت , و أنا أفكر في قبول اعتذارك , ولكنك لن تحاول تسليمي صحيح
- ممم أجل , لقد فكرت , ووجدت أن أعطيك فرصة جديدة و إن سمعت أو رأيت سرقتك فلن أتردد في ذلك الوقت , و إن وجدت عملا لي فهل ستقبلين العمل معي ؟
- بالطبع هذا مؤكد , ولكن لا تنسى بأنك مدين لي بتصليح حذائي فقد تمزق و لم يعد صالح لارتدائه
- آآه لقد ذكرتني بذلك الرجل العجوز , كم أود أن ألقنه درسا
- ؟؟؟؟
- فلتنسي الأمر و الآن أكملي ما قصة رؤوف هذا و ما دخله بك ! هل له دخل بهذه الدولة ؟
- أجل , ألم تعلم بأنه . . .
خلف الباب :
منذ سمعت أميرة اسم رؤوف تذكرت لقاؤها به و كيف يبدو واثقا من نفسه ثم ابتسمت عندما تذكرت قوله لها
( يوما ما يا أميرة سأحكم العالم , و سيرضخ الجميع لما أقوله , لقد استطعت السيطرة على الخمس الدولة المجاورة لدولتي , وكما أنني قد استوليت على شرق هذه القارة و سأشق طريقي وسأسيطر على جميع هذا العالم )
قالت في نفسها : لا بد بأنه مختل عقليا , إنه مجنون , لا يمكن لشخص مهما بلغت قواته بأن يحكم العالم كله , ولكن هل هذا يعني بأن هذه المدينة و و هذه الدولة تابعة له , لا يمكن , لا بد بأنه القدر ههه .
عادت تسترق السمع عندما أدركت بأن سوزان ستحكي قصتها أخيرا .
سوزان : منذ زمن بعيد , كانت هناك خادمة تعمل في قصر من قصور الحاكم في دولة فيلاس , و لقد ولدت هناك
صرخ وائل : فيلاس !!!
و ضاقت بؤبؤة العين لدى أميرة و هي تسمع اسم فيلاس
سوزان : نعم فيلاس ! دعني أكمل , لقد انجبتني والدتي هناك و كانت تعيش عيشة متوسطة بسيطة و تنعم بحياة هادئة , وكم كانت سعيدة بالعمل عند ذلك الحاكم وزوجته , فقد أخبرتني أمي كثيرا عن مدا طيبتها وحنيتها ( تقصد سارة ) و لكن بعد فترة قتل الحاكم و اختفت الأميرة و اطفالها , عندها عاشت أمي كابوسا لم تعشه قط , فقد كان ذلك الحاكم الجديد متسلط وقاس
لقد كرهت والدتي حياتها حتى بعد انجاب اخوتي , ولكنها رضخت للأمر فهذا مصدر رزقها الوحيد , و بعد زمن لم يدم طويلا طردت والدتي من المنزل بسبب كبر سنها , حينها كان قد حان دوري للخدمة , و قد كان عمري آن ذاك ستة عشر سنة فقط , همم يال الظلم كنت صغيرة و كنت أحلم بأشياء عديدة , أردت أن أكمل حياة هانئة مع والدتي و اخوتي , ولكن والدتي قد توفت , ووالدي تركنا قبل موتها , المهم رضخت للأمر الواقع و خدمت في قصره , و لكن لسوء حظي كان عامر القائد في ذلك الوقت قد نقل إلى منطقة أخرى , و جاء عوضا عنه رؤوف لقضاء وقت و ليرى حال دولته كما كان يدعي .
لقد عشت في قلق دائم و خوف غير طبيعي
وائل : لماذا ؟ هل كان يضربك أم ماذا ؟
سوزان : ليته فعل , ليته عذبني و ضربني , ولكنه لم يفعل ذلك , لقد رقت له وقد رآني صغيرة وبريئة و أراد تحطيم ذلك الأمر , فكان ينتظر سدول الليل و نيام الجميع , ليتسلل إلى غرفتي بهدوء و يتسلى معي
لم تستطع الإكمال و أخذت تبكي بحرقة وتقول : لماذا أنا ؟ ألم يجد غيري , لست سوى خادمة وحسب لمااذاا , حياتي دمرت منذ ذلك الحين و براءتي قد اختفت فلم أعد فتاة , أصبحت امرأة منذ ذلك الوقت .
أخذت سوزان تضرب نفسها و كأن انهيار عصبي قد أصابها , فتذكر تلك الأيام جعلتها تشعر بالجنون , أما عن وائل فقد شعر بالغضب يجتاحه و كم أراد أن يقتله , لماذا يفعل هذا بها هذا لا يجوز
رؤية سوزان بهذا المنظر جعلت دقات قلب وائل تزداد و قلقه يزداد , فحاول تهدئتها ولكن لا فائدة
عندها اقترب منها و حضنها وقال لها : هذا يكفي اهدئي , لم يكن الذنب ذنبك
لم تجبه و أخذت تبكي و تبكي إلى أن ظن أن دموعها ستجف من كثرة البكاء وكم تمنى ألف مرة أنه لم يسألها عن قصتها .
أما عن أميرة فقد دمعت عيناها ووقفت من الكرسي و توجهت نحو الباب وقبل خروجها قالت لهدى
- فلتخبري وائل بأن يعود وحده , أخبريه بأنني قد انشغلت بأمر طارئ , أو أي عذر آخر , وداعا .
وخرجت دون أن تدري أين تذهب و قلبها يكاد يتفطر من حزنها الشديد , فأخذت تمشي وحسب بلا هدف , إلى أن وصلت إلى أرض واسعة خضراء , لم تكن تظن أن هناك منطقة كهذه في هذه المدينة , فهي تعج بالضوضاء أما هذا المكان فهو هادئ جدا و لا يوجد أحد به .
فرمت بجسدها على ذلك الزرع و أخذت تتأمل السماء , و الأفكار في عقلها تتجمع كما تتجمع السحب مع بعضها و تنسجم , و أخذت تقول في نفسها :
( يا الهي كم هو مؤلم سماع قصص كهذه , إنه أمر مؤلم أكثر من قراءتها في الكتب , لكم قرأت من روايات و قصص ولم أتأثر كثيرا , لأنني كنت أعلم أنها مجرد نسج خيال , و ما كنت لأعلم بأن قصص كهذه يمكن أن تحدث , ذلك الرؤوف الغبي ما الذي يريده من فتاة صغيرة في سنها لم تنضج و لم تعرف قسوة الحياة , كم أكرهك الآن , و كم أود أن أمزقك )
تنهدت و شعرت بالضيق الشديد , و إذا بوردة بيضاء تقدم إليها , فالتفتت لتنظر إلى صاحبها , فوجدته رجلا مسنا قد تقدم به الدهر , جلس بجوارها و هي لم تتعرف عليه حد الآن .
العجوز : يا صغيرتي اتركي الحزن و لتسعدي , أنت لا تزالين في مقتبل عمرك .
أميرة : أشكرك يا جدي على اهتمامك و لكنني
العجوز بغضب : لست جدك يا فتاة , إياك أن تغتري بهذه اللحية البيضاء و شعري الأبيض لا أزال قويا .
ابتسمت أميرة لكلامه : أجل هذا واضح , إنك قوي .
العجوز : و الآن اقبلي هذه الوردة و ابتسمي للحياة , و إن كنت تحتاجين لأحد يتحدث معك و يشاركك أحزانك فلن تجدي شخصا أفضل من عجوز مثلي .
ابتسمت و قبلت الوردة و هي تقول لنفسها : ( من أين أتى هذا العجوز ! لم أره من قبل ياله من شخص غريب )
العجوز : و الآن أخبريني ما مشكلتك ؟
أميرة : ليست مشكلتي أنا بل شخصا أعرفه .
- ولماذا تبدين منزعجة ؟!
- ممم لأنني و منذ سنين طويلة لم أرى أحدا يبكي و يتألم , لقد كنت أظن بأنني أعيش في هذه العالم و أشعر بما يشعر به الناس , و لكن الأمر مختلف جدا , فليس جميع الناس سعداء كما أظن , يبدو بأنني كنت جاهلة و غبية , كل ما فعلته في حياتي السابقة الاختباء خلف الكتب و كل ما اتقنته هو الدراسة .
- لا تقلق فالعمر أمامك طويل , لا تيأسِ و لتخبري من لديه المشكلة ألا ييأس
- المشكلة أكبر مما تتصور , أعتقد بأنها ستعيش حياة تعيسة
- ههههه هذا مستحيل , مهما كان حجم المشكلة فيوما ما ستنسين و ستعيشين بسعادة ولكنها تحتاج إلى صبر
- ممم لقد فهمت

وقف العجوز بعدما استجمع قوته و بعدما حصل على القليل من المساعدة من أميرة
ثم قال و هو ممسك بظهره : آآه يا ظهري
ضحكت أميرة و قالت : ألا زلت مصرا بأنك لست عجوزا !
العجوز : ربما كبرت قليلا . . و الآن وداعا يا ذات القلب الأبيض
قالت : شكرا جزيلا
غادر المكان و تركها وحدها مع وردة بيضاء جميلة و نقية كقلبها تماما .
عادت إلى المنزل بعدما شعرت بأنها قد هدأت و استكنت , فوجدت وائل قد عاد و قد سألها عن سبب خروجها فجأة , فوجدت له عذرا و حاولت عدم الدخول في التفاصيل , و بالطبع لم يسلم من دراما قد عملتها له والدته , و من كلمات طيبة جعلت نفسه تعود كما كانت , و كذلك أخاه اعتذر منه على ما بدر منه في السابق و هكذا عادوا كما كانوا سابقا , و لكن دون عمل بالطبع .
في اليوم التالي خرج وائل مبكرا قبل الجميع , و توجه فورا لمنزل سوزان ؛ و ذلك ليطمئن عليها , و عندما وجدها كانت كعادتها بشوشة و سعيدة و كأن شيئا لم يحدث بالأمس , فتعجب لأمرها , فهو لم ينم طيلة الليل يفكر بها و بالحادثة المؤلمة , و لكن يبدو بأنها قد عانت من قبل و أصبح لديها تبلد حسي
(ربما)
سوزان : أهلا بك يا وائل . .
في الحقيقة لم يكن لديها تبلد حسي , كل ما في الأمر أنها لم ترد أن تظهر بمظهر الضعيفة يوما ما , فهذه الحياة علمتها ذلك , ألا تجعل مشاعرها تحركها
و كم خجلت من نفسها عندما ذرفت دموعها أمام وائل , فهي تشعر بأنها غبية ضعيفة عندما تبكي , وخاصة أمام رجل . . لذلك تحاول أن تنسيه الأمر , و أن تجعله شاكا في نفسه حتى . .
وائل : مرحبا , كيف حالك اليوم ؟
سوزان : بخير و لكن السؤال كيف حالك انت ؟ أنت المريض و لست أنا
- هذا صحيح , أنا بخير اليوم شكرا لك
- اسمع هناك أمر مهم يجب أن أناقشه معك
- أمر مهم ! كلي آذان صاغية
أدخلته لمنزلها و جلسا سوية ثم أخرجت من الدرج خريطة و قالت و هي تشير إلى عدة أماكن :
- انظر , إني أخطط للسفر
قال بانفعال : السفر ؟ ولكن لماذا ؟
- اهدأ , سأسافر و سأبدأ بداية جديدة , سأبحث عن عمل , و سأطوي صفحة الذكريات الحزينة السابقة , و سأتغير
- لقد فهمت الآن , تبدو فكرة جيدة
- لم أسألك عن رأيك يا وائل .
- إذا لماذا تخبرينني ؟
- أريدك أن تسافر معي ؟
- أنا !
- كلا , أنت و جميع أفراد أسرتك , سنسافر جميعا و سنبحث عن عمل سويا , و ستبقى هدى و أخي الصغير مع والدتك و أختك في نفس المنزل , و هكذا سنعيش بدون
- انتظري انتظري , من أين جئت بكل هذه الأفكار , مابالك ؟
- هذا أمر أخطط لفعله منذ زمن , و لكنني لم أملك الشجاعة لفعله , و لكن الآن تغير الحال و أريد السفر هل أنت موافق
نظر إليها و عيناه تبرقان حماسا و قال : بالطبع .
كانت فكرة معقولة و جيدة , و ستزيد الثقة في نفسه و نفس أخيه , و لذلك لم يكن إقناع أسرته أمر صعب , فهم لم ترقهم هذه المدينة أبدا , و لم يتقبلوها بسهولة , و لذلك قرر الجميع و اتفقوا على يوم محدد للسفر برا باتجاه الجنوب و التوجه إلى عاصمة دولة لافي .
كان أول لقاء بين عائلة سوزان و عائلة وائل في اليوم المحدد للسفر , عندها قبلت سوزان جبين سارة و يدها و سعدت بلقائها كما فعلت أختها
تنبيه : سوزان لم تعرف حقيقة وائل حتى الآن , و لم تدري بأن سارة هذه هي زوجة إلياس , باختصار لم تعرف أي شيء عن حياته السابقة .
أما أميرة فكانت تنظر إليها و تتأملها و تذكرت على الفور قصتها مع الظالم رؤوف فعبست في وجهها و تفطر قلبها
سوزان : بدون شك أنت أميرة صحيح ؟
انتبهت أميرة و عادت إلى رشدها و حاولت الابتسام
أميرة : أجل , و لابد بأنك سوزان صاحبة هذه الفكرة ^_^
سوزان : صحيح , لقد سعدت بلقائك
أميرة : شكرا جزيلا .
هذه هي أميرة تبدو واثقة من نفسها , و مغرورة بعض الشيء و لكن عند لقائها بنفسها يتضح بأنها إنسانة بسيطة جدا , و لا يمكنك معرفة شخصيتها الحقيقة إلا بعد معاشرتها لوقت طويل , فسوزان عندما رأتها أول مرة لم تستطع أن تحكم عليها , هل هي هادئة أم فوضوية , ذكية أم غبية , بشوشة أم عبوسة ...الخ
بدأت الرحلة و كم كانت مسلية في بداية الأمر و ممتعة و لكن سرعان ما أصبحت مملة و مزعجة و متعبة , استغرقت منهم 3 أيام بلياليهن , لم يتعرضوا خلالها و لله الحمد بقطاع طرق و مجرمين .
و أخيرا هاقد و صلوا و استأجروا منزلا صغيرا يحويهم و يحميهم , استخدموا فيه كل مدخراتهم , و في اليوم التالي ومنذ الصباح انطلق كل منهم في طريقه ليبحثوا عن عمل و كم كان سهلا إيجاد عمل في هذه المدينة الصغيرة الهادئة و الجميلة , الناس فيها لطفاء و تبدو على وجوههم الراحة , و يتعاملون فيما بينهم بالصدق و الأمانة و الإخلاص , لكم كانت تفتقر المدينة السابقة عن هذه القيم و المبادئ المهمة , ولكم كانت بحاجة إلى أناس مثل هؤلاء .
لقد أصبح وائل بشخصيته الجادة و ذكائه الحاد تلميذ لأحد التجار المشهوريين و لكم أفاده ذكاءه في عمل الصفقات و قد أعجب به التاجر لحد كبير و قد ائتمنه على كل شيء و جعله يده اليمنى .
أما عن لؤي فبشخصيته المرحة و الاجتماعية و اللا مبالية أصبح و بكل فخر قائد عربة ( سائق ) و لكنه كان مستمتعا جدا بعمله , و ظن بأن عملا كهذا يناسبه فهو يلتقي بأشخاص جدد كل يوم , يحكي معهم و يسامرهم و في الوقت ذاته يكسب نقوده

أما أميرة فقد اقتنعت كليا بأنها لا تريد العمل , فلا بأس بعمل ثلاثة أشخاص منهم و بقائها في المنزل , ولقد كانت تنزل للسوق من حين لآخر لتشتري احتياجات المنزل , من أدوات تنظيف , و أطعمة ...
وكم كانت تعاني في داخلها كل مرة عندما تسمع الأولاد يخرجون من المدرسة وهم في قمة الملل و الحزن و كأن مصيبة قد حلت بهم , وكان دائما ما تتساءل ( هل الدراسة مملة إلى هذا الحد لكم أجدها ممتعة )
لقد كان ذلك في الماضي أما الآن تغير كل شيء . . . ولكن لم يكن مقدر لهم العيش بسعادة , و نسيان الماضي , فقدرهم هذا لن يتغير إنهم الورثة الشرعيين للحكم , ولذلك ستحصل مشاكل لهم لن يتوقعوا حدوثها .. ترى ماذا سيحدث ؟
مضى شهران على هذا الحال , دون أن يحدث ما هو جديد , وفي إحدى الأيام بعدما انتهت أميرة من التسوق و في يدها سلة مليئة بثمار تسوقها و تجولها , التقت بحراس , كل حارس يبدو أضخم و أقوى من زميله , فتعجبت كونهم واقفون معترضين طريقها و كأنهم كانوا ينتظرونها
أميرة : عفوا هل لي أن أمر !
تقدم أحدهم و قال وهو نافخ نفسه ( كالدجاجة )
- لا يمكنك , نحن هنا للقبض عليك أرجو أن تتبعينا دون إحداث ضجة
قالت مستنكرة
- و لأي تهمة !
- تعالي و سنخبرك فيما بعد
- اتركني و شأني فأنا لم أفعل شيئا
أمسك بيدها وسحبها معها كالمجرمة , وهي لم تتمالك نفسها فسقطت سلتها و تناثر الطعام في كل مكان , و أخذت تصرخ , و الناس ينظرون إليها , و علامات التعجب تملأ وجههم , فهم يعرفون أميرة جيدا , و لا يمكن أن تقوم بأمر يجعلهم غاضبون هكذا . اختفت أميرة عن أنظارهم و لم يستطع أحدهم اللحاق بهم , و لكن أحد الباعة أغلق دكانه , و ذهب يبحث عن سوزان أو عن اخوانها التوأم , وفي طريقه و جد سوزان و هي تقوم بتصوير إحدى المناظر فصرخ بوجهها
- سووووزاان عليك أن تساعديها اذهبي و ابحثي عنها
- !! لم أفهم
- يا غبية , أميرة لقد اعتقلوها
- أميرة ! ؟ ولكن لماذا ؟! أين هي
- لو كنت أعلم لما جئتك كفاك مضيعة للوقت و لنبحث عن وائل أو لؤي
- أعرف مكانه تعال معي
- لماذا أنا ؟
صرخت بتوتر : تعال أحتاج إلى من يرشدني . فتبعها دون أن يتحدث .
توجهت فورا لمكان وائل , و أخبرته بالأمر فشعر بأن قلبه قد سقط
و لم يعرف ما سيفعله و أخذ يتفاعل و يصرخ
سوزان : واائل اهدأ لا وقت لكل هذه الدراما الآن لنذهب إلى مركز الشرطة و نسألهم
وائل : آسف , هيا بنا .
دلهم البائع ( عبد الله ) إلى قسم الشرطة و عندما ذهبوا إلى هناك و أخبروهم بما حدث , قال لهم رئيس المركز
- لم يأتنا أي أمر بالقبض على فتاة كهذه , لا بد بأن هناك اختلاط
صرخ به وائل : ما الذي تقوله , لقد رأى الناس جنودك و هم يقبضون عليها أين أخفيتموها
أجابه الملك بهدوء أعصاب : لا ندري , و الآن أخرج و لا تصرخ في مكتبي قبل أن أعتقلك أنت الآخر .
كان سيصرخ به من جديد و يهزئه ولكن سوزان هدأته و أخرجته من المركز قبل أن يزيد الطين بله .
وائل : ماذا نفعل الآن ؟أين يمكن أن تكون
عبد الله : ربما يكون كلام الملك صحيحا .
سوزان : كيف ! هذا مستحيل
عبد الله : كلا , ليس مستحيلا , ربما لم يكونوا من الشرطة و قد كذبوا و أخذوها لمكان آخر
وائل : ولكن لماذا ؟ ماذا يريدون ؟
- لا أدري
وبينما كان الوضع متوترا مرت عربة بجوارهم وقائل سائقها : هل تحتاجون إلى توصيلة ؟ أوه وائل ماذا تفعل هنا ؟
وائل : لؤي حمدا لله أنك جئت , و التفت إليهم آمرا : لنصعد
صعد الجميع إلى العربة و حكوا للؤي ما حدث و كانت ردة فعله رهيبة و قال لهم
( ربما خبؤها في إحدى الأماكن المهجورة و التي لا يزورها الكثير من الناس و ظنوا بأنهم
قاطعه وائل : ماذا تنتظر هل تعرف أماكن كهذه
لؤي : بالطبع أعرف لنذهب .
******
في مكان مجهول و بعيد دخل مجموعة من الرجال الأشداء و معهم تلك الفتاة –أميرة-
جلست بهدوء و حاولت أن تظهر لهم قوتها و عدم خوفها فقالت و البرود واضح في صوتها : و الآن ماذا ؟ أين أنا و ما الذي تريدونه ؟
كانت تعلم بأنها إن صرخت و بكت و أظهرت الخوف فسيودون أن ينهوا أمرها و ربما يسكتوها بأي طريقة و هي لم ترد لهذا أن يحدث
- كفاك طرحا للأسئلة , فأنت لست محققة و نحن لسنى مجرمين .
أتاها صوته من خلفها , جعلت قشعريرة تسري في جميع جسدها و تشعرها بالخوف , فأصبحت ترتجف و تذكرت على الفور هذا الصوت إنه . . .


****


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-13, 02:28 AM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





الفصل الثامن : ورقة العودة .

أتاها صوته من خلفها , جعلت قشعريرة تسري في جميع جسدها و تشعرها بالخوف , فأصبحت ترتجف و تذكرت على الفور هذا الصوت إنه . . .
إنه نفس الصوت الذي هدأها يوما ما , و جعلها تضحك و تشعر بالسعادة , و أنساها بعضا من همومها و ساعدها في حل مشكلاتها .
و هو نفسه الذي صرخ في وجهها عندما تخطئ , و عاتبها عندما تكذب , و بين لها طريق الصواب و طريق الخطأ .
إنه نفس الصوت الذي قال : إذا خرجتم من هذه الغرفة فلا تعودوا مجددا للمنزل.
نعم إنه صوت والدها المزيف ( حسام ) !
وقف حسام أمامها و بجانبه ذلك الرجل الظالم الجبار ( رؤوف ) , و عندما رأته حاولت أن تتمالك أعصابها و أن لا تنفجر صارخة في وجههما , حاولت أن تهدأ و تهدِأ قلبها الذي لم ينفك عن النبض بقوة و بسرعة غير معتادة .
رؤوف : مرحبا مجددا .
قالها و نظر إليها و ابتسامة السخرية ترتسم على وجهه , عندما لم تتذكر شيئا سوا شيء واحد , قصة سوزان معه , و الأحداث التي لم تتخيلها أبدا .
أميرة : لا مرحبا و لا سهلا , ماذا تريدان ؟
جرأة انطلقت جراء غضب يسكنها .
رؤوف : لقد اشتاق لك والدك لذلك أتينا .
أميرة : لا أصدق , أخبراني بالسبب , و لا تضيعا وقتي .
نظر حسام إلى رؤوف مشيرا إلى أمر لا يبشر بالخير .
رؤوف : أمسكاها . قالها و نظر إلى الجنديان , فاقتربا من أميرة و أمسكا يدها بقوة , عندها لم تصدر أي انفعال , و لكن عندما اقترب منها رؤوف , و أخرج من جيبه أنبوبا ممتلئا بسائل أزرق اللون , ثم أرغمها على شربه .
حاولت مقاومته , و عدم شربه و لكنها لم تستطع أن تفعل شيئا , فهي بعد كل ذلك امرأة وسط عالم لا يرحم .
صرخت في وجهه : ما هذا ؟
رؤوف : لا تقلقي يا صغيري , ليس سوا سم يجعلك تغادرين هذا العالم خلال ساعة واحدة .
عقدت حواجبها و امتلأ قلبها خوفا : ماذا سم !
رؤوف : أجل , و لدي العلاج إن أردته .
- و ماهو المطلوب ؟
- شيء بسيط , التوقيع على هذه الورقة .
أخرج ورقة و رماها إليها , فأخذتها لتقرأها , وبعد ثواني
أميرة : مستحيل , لن أوقع مهما حدث .
رؤوف : تمهلي رجاء و فكري جيدا , أمامك ساعة كاملة , و إن غيرتي رأيك يمكنك إخبار أحد الرجال هنا ليبلغني .
أميرة : لن أغير رأيي أبدا , خذ رجالك معك .
ابتسم و خرج من الغرفة و معه حسام .
لم ينطق حسام بحرف واحد , و لكن نظراته كانت أكثر من كافية , فأميرة لم تكتفي من النظر إليه , بعتاب , باشتياق , بكره , بمحبة
اختلطت جميعها معا , مشاعر عجزت عن تفسير معانيها , و عن فهم مضمونها.
أغلق رؤوف الباب خلفه و خرج , عندها نظرت أميرة إلى الورقة من جديد وقالت لنفسها : مستحيل , لقد جن جنونهم , كيف لي أن أوقع على ورقة كهذه .
بدأ الخوف و القلق و التوتر يسيطران عليها ..
( لا أريد الموت الآن , و لا أريد التخلي عن حلمي , لدي أمور كثيرة أفعلها , و لدي أحباء كثيرون ينتظرونني , لا أريد الموت يا الهي , لازلت شابة لدي طموحات و أهداف )
كان اليأس يتسلل إليها شيئا فشيئا و ولكنها ابتسمت بذكاء و تذكرت ما سينجينها من مصيبتها هذه بعد الله تعالى وهو . . .
****
في مكان أبعد ما يكون عن مكان احتجاز أميرة , كانت هناك عربة تسير بسرعة , يقودها أشخاص بلغ بهم الخوف مبلغهم .
سوزان : لقد فتشنا هذه المنطقة , لقد عدنا حيث كنا .
لؤي : سحقا , لو كان لدينا خريطة , أخي لا يمكننا السير هكذا
وائل : هذا صحيح , و لكن لا وقت لدينا للعودة إلى المدينة .
سوزان : ولكننا لا ندري حتى أين نحن يا وائل , كيف سنعود بالله عليك .
احتاروا أي طريق يسلكون للعودة إلى مدينتهم , فخوفهم على أميرة قد أعمامهم و جعلهم تائهون.
بعد مرور ساعة , و بالتحديد خلف كوخ مهجور , كان الرجلان يقفان في حيرة
حسام : لقد انتهى الوقت , هل يمكن أن تكون قد ماتت حقا !
رؤوف : من يدري ! ربما , دعنا نذهب و نرى .
دخلا إلى الكوخ من بابه الأمامي , فوجدا أميرة في مكانها , ساكنة لم تتحرك , عيناها مغلقتان , فتفاجأ و قدما نحوها
حسام : أميرة , أفيقي يا أميرة
فتحت عيناها و ابتسمت بذكاء و قالت بعدما وقفت :
- هل انتهت الساعة ؟ لقد مضى الوقت بشكل بطئ جدا وممل
ثم نظرت إلى رؤوف و قالت بسخرية : مرحبا مجددا .
اجتاح رؤوف لهيب غضب , لم يستطع تفسيره سوا بعض شفتاه , بينما لم يتعجب حسام , فقد كان متوقعا تلك النتيجة .
أميرة : لا تغضبا رجاء , رؤوف , ربما تملك نفوذا و قوة , و جيشا و بلدانا تحكمها , و أسلحة لا تقاوم , و لكنني أملك سلاحا لا يمكن أن يهزمه , إنه العلم , خدعتك لم تنطلي علي أبدا , أو أقول خدعتك المستعارة لم تنطلي علي , لقد استخدمت هذه الخدعة كأسلوب تعذيب أيام الحرب , , حيث أراد أن يعاقب ثلاثة من رجاله ويعذبهم عذابا نفسيها , لذلك أخبرهم بأنه وضع السم في أجسادهم , و أنه سيفقدهم حياتهم بعد ثلاث ساعات ترك كل منهم في زنزانة وحده , و جعل قطرات الماء تتدفق قطرة قطرة مما زاد قلقهم, و في النهاية
مات اثنان منهم , وواحد نجى , و لكنه على ما أظن فقد عقله , و أخذ يتعالج في مصح فصحته كانت سيئة جدا .
حمدا لله لأنني مثقفة و قرأت أمورة كهذه كثيرا و إلا لكان مصيري مثلهم .
نظر رؤوف إلى الورقة فوجدها كما هي منذ أن تركها
ضحكت أميرة : هذا مستحيل , إياك أن تأمل بأنني سأوقعها.
غضب رؤوف
- أيتها الغبية الحمقاء , سأجعلك توقعين بطريقتي الخاصة
أخرج سيفه ووضعه أمام جبهتها تماما و قال
- أقسم بالله بأنني سأقتلك بعد العد إلى ثلاث
نظرت إليه بتحدي , وقد كانت نظراتها تغني عن أي كلمة
أخذ يعد ببطأ : واحد . . اثنان . . ثلا
قاطع عده صوت الباب يفتح بالقوة , فدخل رجلان يمتطيان الحصان فقال الأول
- لقد أخبرتك كم هو رائع الدخول من الباب الرئيسي
- كلا لا أظن ذلك .
دخلا دون إذن و اقتحما المكان , خلفهما عدد لا يقل عن الخمسة من الرجال الذين يملكون أسلحة و يمتطون الخيول
أخرج أحدهم قوسه و سهمه , و قام بإطلاقه بسرعة على رؤوف , و لكنه تجنبها فانتهز الفرصة و وقف عند أميرة و قال
الرجل : اصعدي بسرعة
فصعدت دون تفكير بعدما التقطت الورقة من على الأرض , فحاول حمايتها والهرب معها , تاركا الجنود خلفه في قبضة أصدقائه , و كله أمل على أن يتمكنوا من النجاة
ركضا بسرعة , و حتى أصبحا غير مرئيان , عندها فقط خفف من سرعته
أميرة : من أنتم ؟ و ماذا تريدون مني .
الرجل : نريدك أنت , اسمعي يا أميرة
- كيف لك أن تعرف اسمي
- أنت وحدك من تستطيعين الاختيار , فإما أن تعيشي حياتك حياة عادية و تتركينا , أو أن تقاتلي , و تحرري أرضك , و تنقذي شعبك , الخيار لك .
أوقف حصانه و نزل منه وقال :
- آسف , يمكنك الذهاب وحدك الآن , فالطريق إلى المدينة قصير جدا , و ليس هناك خطر بعد الآن , علي الذهاب و مساعدة أصدقائي
رضخت للأمر و نزلت من الحصان و لكن قبل ذهابه سألته مستفهمة :
- ولكنك لم تخبرني حتى من أنت؟
- ستعرفين قريبا , صدقيني , وداعا يا ذات القلب الأبيض .
و انطلق بسرعة دون أن يتركها تقول شيئا .
مشت بخطوات بطيئة و متعبة وهي تفكر ذات القلب الأبيض ! أين سمعتها من قبل ؟
وفجاة صرخت : لا أصدق إنه . . لقد قالها لي ذاك العجوز , لا يمكن أن يكونا شخصا واحدا , إنه يبدو شابا قويا , و بصحة جيدة , و لكنه كان يرتدي قبعة كبيرة غطت عيناه و ملامح من وجهه , مما جعلني لا أميز من هو , ولكنني لم أفكر حتى بأن يكون هو ! أكاد أجن .
في مكان آخر كانت العربة تعود أدراجها إلى المدينة بعدما عرفوا طريقهم أخيرا من امرأة وجدوها فسألوها عن الطريق
سوزان : ماذا سنفعل الآن , و ماذا سنقول لوالدتكم
وائل : لا أعرف , أين اختفت , سيحل الظلام بعد وقت قصير
توقفت العربة فجأة فتساءل وائل : لؤي ما الأمر ؟
لم يجبه لؤي , فنزل بنفسه ليرى , وحينها لم يصدق ما رأته عيناه .
سوزان : مالأمر يا وائل ؟
وائل : تعالي بسرعة .
ترجلت من العربة , و عندما رأت أميرة واقفة أمامها : أوه يا الهي , أميرة هل انت بخير ؟

لقد قدر الله بأن يلتقوا أخيرا فهم يسيرون في نفس الطريق , ومتوجهون نحو المدينة
أميرة : الحمد لله أنا بخير
وائل : لقد قلقنا عليك أكثر مما تظنين
لؤي : ما الذي حدث , أخبرينا , و كيف وصل بك الأمر إلى هنا ؟
أميرة : إني متعبة جدا , و لن أتحمل الوقوف أكثر دعونا نعود لمنزلنا بسرعة و عندها سأخبركم
صعدوا للعربة معا و الفرحة تملأهم بعد تجمعهم الجميل هذا , وفي الطريق نامت أميرة من تعبها , و الصدمة التي شعرت بها .
في منزل صغير و سط تلك المدينة , جلست الأسرة السعيدة معا , و كان ضيف الشرف فيها أميرة ؛ لما حدث لها من مغامرة اليوم
و أخذت تحكي لهم ما حدث لها , ومن قابلتهم , و ما طلبوه منها , و من أنقذها كذلك , بأدق الأمور و أدق التفاصيل .
و قد كانت سوزان متفاجئة مما تسمع و لم تصدق ما يقال , فهي لم تفكر يوما بأن تصادق أمراء ! و لكنهم قد شرحوا لها الأمر منذ بدايته , و اعتذروا لها على عدم إخبارها , و في النهاية قالت بكل ثقة :
- هذا يعني شيء واحد فقط , إنهم خائفون
سوزان : ومما يخافو؟ من عائلة مثلنا , نحن لا قوة لنا يا أميرة
أميرة : لم تفهمي الأمر بعد يا سوزان , لو لم يكونو خائفين لما اجبروني على توقيع ورقة مثلها , يريدون أن أبتعد عن أرض فيلاس و التنازل عن حكمها في أي يوم ,لا يمكن لآمالهم تلك أن تتحقق يوما , اسمعوني يا أحبتي , لقد اثبتوا لي اليوم , أن أحلامي ستصبح حقيقة يوما ما , فلا يزال هناك أناس يودون عودة الأمن و الهدوء إلى فيلاس و لا يؤيدون حكم رؤوف لها , ومن واجبنا نحن
ثم نظرت إلى الجميع وقالت : أن نحقق أمنياتهم .
سارة : الأمر صعب يا صغيرتي , و قد يقضي على حياتكم .
وائل : صعب ولكنه ليس مستحيل
ابتسمت و سعدت أميرة عندما علمت أن هناك من يؤيد كلامها أخيرا
لؤي : أمي , هذا أمر قدره الله لنا , و لن نستطيع الهرب منه , و إن هربنا من هذه المنطقة سيجدونا يوما ما , و سيتكرر ما حدث لنا اليوم .
سارة : دعونا نفكر بعقل و منطق
أميرة : أمي يا عزيزتي , لا وقت لتفكيرنا هذا , علينا أن نخاطر , إن رؤوف رغم قوته تلك , إلا أنه ليس أذكى منا , سنجد الكثير ممن يناصرونا , و سنعيد أرض فيلاس حرة إلينا , و عندها قد نستطيع فقط أن نموت و نحن في راحة , لأننا لن نسأل عن مسؤوليتنا هذه , فقد حاولنا .
كلماتهم كانت كالسهم يدخل إلى قلب والدتها , ليقتل كل الأفكار السلبية , و بعد وقت من الإقناع و المحاولة . . وافقت أخيرا .
سوزان بحماس : فليحترقوا هم وورقتهم الزائفة هذه , فلنذهب و نحرر فيلاس.

في تلك الليلة لم تذق أميرة طعم النوم , فالتفكير في ما سينتظرها أصابها بالأرق و القلق , فهي لا تزال تفكر في أمور عديدة , فغدا لن يكون يوما عاديا , و هذه الليلة ستكون ليلتها الأخيرة في هذه المدينة , و ستودع والدتها منذ الغد , و قد لا تراها مرة أخرى , فالموت أمر يصعب استبعاده , فكل المشيرات تدل على عدم نجاحهم , إنهم أقل عددا بكثير , بل لا يمكن مقارنته , و ليس لديهم من الأسلحة الكثير , و كذلك هم لا يملكون الخبرة و التي تكون من أهم عوامل النجاح , و لكنهم يريدون المحاولة , فهم إن لم يحاولوا لن يرتاح ضميرهم طيلة حياتهم .
لا تنسو بأن لديهم ورقة رابحة ستمكنهم ربما من الفوز بعد إرادة الله و هي سوزان , فكما تعلمون أنها تعرف القصر جيدا , فكم من السنين عاشت و خدمت فيه , و كونها طفلة زادها فضولا , و حبا لاكتشاف المكان , فكما قالت لهم هي تعرف القصر جيدا و كأنه منزلها .
و لكن رغم كل هذا , كانت واثقة كل الثقة بأن الله تعالى لن يخذلها , و سيكون معهم , و هي مؤمنة بهدفها هذا , و تسعى لتحقيقها , حتى لو كلفها ذلك حياتها !
أرسلت الشمس أشعتها منذرة بقدوم يوم جديد ( طال انتظاره) فاستيقظ الجميع في وقت مبكر , بعد نوم عميق مريح , وهم على علم بأن تلك الليلة ربما تكون الليلة المريحة الأخيرة لهم .
تجهز الجميع و أخذوا ما سيحتاجونه من الحمولة الخفيفة , و بعض الأطعمة و المشروبات للقيام بهذه الرحلة الطويلة .
كانت سارة تخفي خلف تلك الابتسامة حزنا لا يوصف , و خلف تلك العيون المطمئنة الهادئة دموعا لن تجف , كانت حزينة لفراقهم من جديد , و لكنها أرادت الظهور قوية لتشجيعهم فهم بحاجة إلى هذا الشعور الجيد .
وها قد حانت لحظة الوداع , أخذت سارة تنظر إليهم و كأنها تودعهم و تعلم أنها قد لا تراهم مجددا في هذه الحياة , فلم تتمالك نفسها و أخذت تبكي بشدة ؛ فحزنت أميرة لمنظرها هذا , وشعرت بالتردد للحظات
و لكن سارة حاولت التوقف , و رغم دموعها المتساقطة تلك إلا أنها أهدتهم ابتسامة صادقة و متفائلة وقالت
- لا تقلقوا يا أحبتي , سأدعو الله لكم كل يوم , لا تنسوا أن ترسلوا لي البرقيات و الرسائل و
قاطعتها أميرة و عيناها مغرقتان بالدموع : بالطبع لن ننسى يا أمي , لن ننسى , و سنأخذك قريبا لتدخلي إلى أرضك ووطنك و رأسك مرفوع , و أنت فخورة بنا
وائل : أنا و اثق بأن هذا اليوم سيأتي .
وأخيرا قبلوها و غادروا المكان , و لم ترد أميرة الالتفات لترى دموعها الساقطة من جديد , فقررت عدم النظر للوراء , و لكن سارة كانت تراقبهم و هم يختفون أمام ناظرها , و إلى طريق الموت متجهون .
صعدوا إلى العربة عند أطراف المدينة و انطلقوا في رحلتهم , كانت العربة مخيمة بالصمت و الهدوء , إلى و أخيرا غادروا حدود المدينة , فأخذو ينظرو إلى الوراء , و كأنهم يدعوها بصمت , لم تكن مدة طويلة , و لكنها كانت من أروع مراحل حياتهم , و أيامهم .
بدأ الوقت يمضي ببطأ و بدأ الشعور بالملل يصيبهم , فأخذ كل منهم ينشغل بأمر ما قد يلهو أنفسهم .
و فجأة توقفت العربة بشكل مفاجئ , فقلقوا و ظنوا بأن هناك شيء سيئ قد حدث فخرجوا بسرعة
وائل : من أنتم ؟
لقد كان هناك مجموعة من الرجال , عددهم يقارب المئة , قد وقفوا صفا و أسلحتهم بأيديهم , و نظراتهم لا تبشر بالخير , فهم يبدو أشداء و أقوياء لا يرحمون , وبعد لحظة توتر و قلق و خوف قد مرت ؛ وذلك لظنهم بأنهم قطاع طرق ابتسمت سوزان و قالت : و أخيرا هاقد وصلتم , أعرفكم على أعز أصدقائي .
قالو بوقت واحد : أصدقاؤك !
سوزان : بالطبع , سيساعدوننا في تحرير فيلاس , لن ترو رجال أشجع منهم .
ثم أشارت إلى قائدهم وقالت : هذا خالد , أنا واثقة بأنه سيكون عونا كبيرا لنا هو و أتباعه
لؤي : لحظة لحظة , من أين لك بالتعرف على رجال مثلهم !
سوزان : في الحقيقة عندما كنت في فيلاس كان لدى خالد أخ أصغر , و قد وقع في مأزق يوما ما فقمت بمساعدته , و منذ ذلك الوقت وهو مدين لي بخدمة ,
وقد قمت بإرسال برقية عاجلة لهم مرفقة بخطتكم , فوافقوا على الفور , ليساعدونا فهم يعتبرون فيلاس أرض لهم كذلك .
وائل : هذا رائع , نحن بحاجة ماسة إلى مساعدة كهذه , شكرا لكم , و شكرا لك يا سوزان
ثم نظر إلى إخوته وقال مازحا : و تسألونني لماذا تروق لي سوزان .
فضحك الجميع و ظنوها مزحة بعيدة كل البعد عن الحقيقة .
أكملوا مسيرتهم و ظنت أميرة بأن الحال قد بدأ بالتحسن شيئا فشيئا ربما عددهم قليل و لكنهم أعطوها دافعا من جديد .

بعد خمسة أيام من السير المتعب , و الوقت الممل و الذي قد تخلله ساعة تناول طعام وراحة و ضحك , و ساعة تعب و إرهاق و سهر , وقد تسابقوا و حاولوا امتاع انفسهم و نسيان متاعبهم , وكانو كلما اقتربوا أكثر كلما زاد قلقهم أكثر , فهم سيواجهون مصير لا مفر منه .
وهاقد اقتربوا لدرجة أنهم بدأو يرون مدينة من بعيد , فعرفوا و تيقنوا بأنهم و أخيرا قد اقتربوا على حدود فيلاس .
نصبوا خيامهم للراحة و النوم , فاجتمعو جميعا و تناولو عشاءهم , ثم فكروا في النوم و بالطبع لا بد من حراسة المكان لذلك تناوبو على الحراسة .
أميرة : سأحرس أنا اليوم
خالد : لا يمكن نحن الرجال هنا و سنحرس هذا المكان عليكِ بالراحة و النوم
أميرة : كلا , كل ما فعلته في هذه الأيام الراحة و الأكل أريد أن أقدم خدمة و أحرس اليوم , لا تقلقوا علي سأنبئكم إن حدث أي شيء
وائل : أميرة أرجوك ؟
أميرة , لكنكم بحاجة للراحة
ثم قالت ملطفة الجو : عندما يكون حكم فيلاس بين يدي سأكون كالحارسة لجميع الشعب
لؤي بتعجب : تحكمين فيلاس !
قضب التوأم حاجباهم مستنكرين , فقلقت سوزان و تمنت أن لا يحدث مافي بالها ( أن لا يتشاجروا على الحكم )
أميرة : ماذا بكم ؟ لم أقل شيئا غريبا !
وائل : هل تقولين بأن حكم فيلاس سيكون لك
أميرة : أولست أكبركم ماذا بكم يا إخوتي
لؤي : و لكنك فتاة !
هنا بدأ لهيب الغضب يظهر على وجهها فقالت بانفعال
- ماذا تقصد بقولك فتاة؟ هل تعني بأن الفتاة لا تستطيع عمل شيء كهذا
- كلا و لكن
- ولكن ماذا ؟ أسمعاني لن يكون الحكم لغيري , ما الذي أصابكم , ما كنت لأتصور يوما بأن تفكيركم كهذا إن أمركم غريب .
صمتت و حاولت السيطرة على غضبها , فودعتهم ودخلت خيمتها و تركتهم في توتر و حيرة .
أخذت تحدث نفسها : لا أصدق ما أسمعه , إنني أكبرهم ثم لا أكون حاكمة , أنا لا أقصد الجشع و لا الطمع و لا السيطرة , ولكنني الأحق بالحكم , سأثبت لهم بأن المرأة تستطيع عمل الكثير .
- معك حق , فالمرأة قد تفعل أمورا لا يستطيع فعلها الرجال .
أتاها الصوت من خلفها ففزعت و التفت وقالت :من أنت ؟ و ماذا تريد ؟
- إهدأي , لن أوذيك
- هل أرسلك والدي حسام , أم رؤوف , سأعد حتى ثلاثة و إن لم تذهب فسأصرخ و أجعلهم يأتون و يقتلونك و يـ
- لا تقلقي لست مرسلا من والدك , ثم أخبريني ألم يمت والدك منذ زمن بعيد
انصدمت و شعرت بالشك فيه
- ماذا تقول ؟
- والدك ( إلياس ) لقد قتل منذ زمن بعيد , كيف لك بمناداة حسام قاتله بوالدك
- من أنت يا هذا ؟
- لا تخافي فأنا لست عدوا أنا صديق
- لا يمكنك أن تكون صديقا مالم تخبرني عن هويتك
اقترب منها أكثر لعلها تتذكره , فحاولت ولكن دون فائدة
ثم ارتدى قبعة و نظارة سوداء وقال : وكذلك سائق عربتك
تفاجأت وقالت : هذا صحيح !
خلع القبعة و النظارة , و رفع شعره للأعلى وقال : و كذلك منقذك قبل عدة أيام , يا ذات القلب الأبيض
صرخت بتوتر : من أنت ؟ ولماذا تتنكر بكل هذه الشخصيات ؟



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
فيلاس

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.