آخر 10 مشاركات
8-لا يا قلب- راشيل ليندساى -كنوز أحلام (حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          ندبات الشيطان- قلوب شرقية(102)-للكاتبة::سارة عاصم*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : *سارة عاصم* - )           »          602 - عودة الحب الى قلبي - كارول مورتيمر - ق.ع.د.ن *** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          [تحميل]من قريت الشعر وانتي اعذابه من كتبت الشعر وانتي مستحيلة لـ /فاطمه صالح (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-02-14, 08:15 PM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



تابع

إياس : لدي لكِ مفاجأة حصلت لي اليوم في دوامي !
أم إياس : كل شيء لديّ مقبول وسيكون رائعاً إلا أن تكون قد جئت لتبشّرني بخيبة جديدة وأنهم طردوك كما أوشكت جامعتك أن تفعل
إياس : ههههه ، لا .. ليس الأمر كذلك ، اليوم استدعاني المدير العام في المؤسسة وأثبتني موظفاً رسمياً ورفع راتبي ليصل إلى حدود الخمسة آلاف ريال ، ووعدني بالزيادة إن استمر عطائي على نفس هذا المنوال ، بل وبالاستمرار في الكتابة حتى بعد تركي للمؤسسة لإكمال دراستي .
أم إياس : ما شاء الله .. إي وربي .. هذه هي الأخبار المفرحة التي تجعلني أفخر بك .
إياس : بالمناسبة .. ألم يستجدّ جديد في موضوع بحثك لي عن زوجة يا أمي ؟ الآن أنا طالب في كلية الطب ولديّ مرتّب شهري ، والحمد لله حالتنا ميسورة بل وفوق الميسورة بكثير - اللهم لك الحمد - ، وفوق ذلك لدي أمّ كالشهد على قلب من ستكون زوجة لابنها .
أم إياس : أنتَ تعلم يا ولدي أني ما قصرتُ في البحث ، بل وطرقتُ لك باب أكثر من ثمانِ فتياتٍ من قبل ولكن لم يُقدّر الله لك معهنّ نصيباً ، صدقني عندما يدق الجرس سنجد الفتاة التي كتبها الله لك تقف أمام باب بيتنا إن نحن لم نجدها ، وإن كنتُ أشك أن يقبل بك أحد إن علم بما جرى في الجامعة .
إياس : ولمَ يا أمي .. والله ما فعلتُه لم يكن خاطئاً ولا سلوكاً سيئاً ، لكنه بطش من بيدهم الأمور وتشويه الصورة فحسب ، أنتِ تعرفينني أي أمّه أكثر منهم وأكثر من أيّ أحدٍ ، تعرفين ديني وأخلاقي وطيبة قلبي ، ألا يشفع هذا لي بأن أكون زوجاً صالحاً ؟
أم إياس : بلي يشفع لك ، ولو تقدّم إلى أختك من هو بمثل صفاتك لما ترددنا بالموافقة عليه ، لكن الناس الآن أصبحوا كالدجاج يريدون السلامة والدعة .. عملٌ وطعامٌ ونوم .. عملٌ وطعامٌ ونوم ؛ وهكذا دواليك ، لا أظن أحداً سيقبل بك زوجاً إلا حبيبك الدكتور خالد .
إياس : الدكتور خالد وهل للدكتور خالد بنات ؟ ربما هذا رزقي الذي أبحث عنه منذ زمن ، ياااااه .. هل أنا في حلمٍ يا أمي ؟ أنتِ تعلمين أن الدكتور خالد هو قدوتي فلمَ لم تذكري لي بناته من قبل ؟ أرجوك يا أمي لا تضيعي وقتاً واسألي عنهم من الآن !

أم إياس : ما بالك هكذا انتشيت ؟ سأسأل .. سأسأل .. ابذل جُهدك وادعُ ربك .. وأنا أهتم بالباقي .
إياس : وهكذا انتهى الحوار بيني وبين أمي وكلي نشوة .. كلي حُلم .. كلي أمل .. كلي فرحة وبهجة وسرور ، وكأني وجدتُ كنزاً كنتُ أبحث عنه منذ زمن ، لم أصدّق حقاً أنه يمكنني فعلاً الزواج من إحدى بنات دكتوري خالد !
ريّان : ومن يكون هذا الدكتور خالد ؟
إياس : تريدها من النهاية ؟ هو والد رُؤى بشحمه ولحمه ..!!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-14, 08:46 PM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الثامن

ريّان : هكذا إذاً ! أهو دكتور لك في الجامعة ؟
إياس : دكتور في الجامعة ؟ ههههه آخر عهده بالجامعة والجامعات قبل حوالي خمس عشرة سنة ، قبل أن يتم إعفاؤه من التدريس في الجامعة وإخراجه وطرده حتى من السكن الجامعي بطريقة بشعة وساخرة ووقحة ، وأوذي في الله كثيراً لا لشيء إلا أنه صادق مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع الآخرين !
ريّان : إذاً كيف تعرفت عليه ؟
إياس : التقيته أوّل مرة يوم أن كان عمري أربعة عشر عاماً ، لم أكن أسمع باسمه قبل ذلك حتى ، ولكن حصل أن حضرتُ مجلساً خاصاً مع والدي وأنا في تلك السنّ ، كان المجلس مليئاً بكبار الرجال ولم يحضره سوى ثلاثة فتية كنتُ رابعهم ، أذكر ذلك المجلس جيداً .. رجلٌ مهيب لا أذكر ملامحه جيداً يجلس في رأس المجلس ، والرجال جلوس حوله يتحدثون سوياً ، وبعد ربع ساعة التفت أحد الحضور وطلب منّا - نحن الفتية - الخروج للعب الكرة ، خرج الثلاثة وبقيتُ متعللاً أني لا أرغب اللعب في الوقت الذي أشار والدي بيده لصاحبنا أن دعه يبقى .
بدأ الدكتور يتحدّث عن حياته ومواقف حصلت له وعن سبب طرده من الجامعة و .. و .. ؛ أشياء كثيرة كنت أستمع إليه يتحدّث عنها بثقة وكأنه جبل ، أذهلني شموخه وحديثه وشدّني صوته الحازم الغير متردد ، كنت أستمع إلى حديثه كأنه بطل شريف لم يقبل السكوت لأن يأكل البسكوت .. كان كُلما سئل عن شيء أجاب بأن عليه أن يقول الحق الذي يعتقده مهما كان ومهما كان ما ينتظره محتسباً على الله كل أذىً يصيبه ممن آذاه ، وهبته أذنيّ كليهما وأنا أسمع حديثه ؛ ولخشيتي أن يفوتني شيء أتبعتهما عينيّ اللتين لم يكن لهما شُغل إلا النظر إلى شفتيه وهو يتحدّث !
خرجتُ من ذلك المجلس صامتاً أفكّر في كل ما قاله ، عُدت إلى البيت وأنا أسأل والدي من يكون وهل تعرفه شخصياً وهل يمكنك أن تعرفني عليه أريد فقط أن أقبّل رأسه واسلّم عليه ، انبهرتُ به تماماً وأسر فكره فكري وشد وثاقه ، ربما لأني في تلك المرحلة العمرية كنتُ أبحث عن قدوة لي ، وهذه مزيّة لي أن جعل الله في طريقي قدوة كهذا الرجل ، إن كثيراً من أبناء المتوسطة والثانوية يبحثون عن تلك القدوة التي تبهرهم وتسترعي انتباههم وتلفتهم إليها ليكونوا شخصيّاتهم ، ولمّا كان الإعلام مسلّطاً على مجموعة مشاهير تافهين كان كثير من أبناء أمتنا تافهاً بسيط الاهتمامات .
المهم .. ظللت منذ ذلك الوقت وأن أبحث في نتاج هذا الرجل وأتتبع كتاباته وخطاباته وتصريحاته باستمرار حتى يومي هذا بل وأتمنى الاقتراب منه أكثر وأكثر فله في قلبي مكانة لا يعلمها إلا الله ، والحق أني مدين له بالشكر لأن أحرفه وكلماته صنعت شخصيتي وأفكاري .. كوّنت لي قالباً قوياً أضع فيه معتقداتي ومن ثم أدافع عنها دون ألتفت ولا مجرد التفاتة عين إلى أولئك الساخرين أو حتى الكائدين حولي .
ريّان : يبدو أنك معجب به حد الجنون يا إياس ! ألا تظنّ أنك تغلو فيه ؟
إياس : أتصدّق ؟ سألت نفسي هذا السؤال كثيراً خصوصاً عندما أجدني مندفعاً دوماً نحو خندقه مدافعاً عنه وعن أقواله وأفعاله هنا وهناك ، ولم أجد بعدُ إجابة .. لا أدري .. لكنني راضٍ عن نفسي حتى الآن !
ريّان : شوقتني للتعرف عليه أكثر .. نعود الآن لأمك ، أسألت عن بناته ؟
إياس : غفر الله لأمي .. من ساعتها وهي تسألُ عنهنّ من هو قريب من الدكتور ومن أهله ، حتى أتتني بعد خمسة أيام تخبرني أنها سألت عن عائلة الدكتور وأهله فإذا هم أناس في قمة التدين الخلق وعلى مستوى رفيع جداً من الذوق والأدب ، وأنهم نالوا إعجابها كثيراً ولم تكن تتوقعهم حسني السيرة لهذه الدرجة ، فسألتها :
إياس : طيب .. أسألتِ عن بنات الدكتور ؟
أم إياس : لا تستعجل يا بني ؛ نعم نعم سألت فإذا الدكتور لديه الكثير من الفتيات ممن هنّ في سنّ الزواج !
إياس : صدقاً !؟
أم إياس : نعم .. ولكن شدتني ابنته الكبرى" رؤى " ، أثنى عليها كثيراً من سألته عنهم ، وأشار عليّ بها فهي أيضاً تناسبك وتناسب تفكيرك وديانتك ، لكن أمهلني قليلاً حتى أسأل عنها أكثر لنكون على بيّنة من أمرنا ، فالزواج والزوجة لا يجب التعامل معهما كألعاب اليانصيب وإن كانا في النتيجة متماثلين .. إمّا رابح أو خاسر .. ولا وسط .

إياس : لكِ ذلك يا أمي .. ولكن أرجوكِ سريعاً سريعاً فأنا أخشى أن تذهب .
إياس : وبقيتُ أنتظر ردّ أمي على أحرّ من الجمر ...!


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-14, 08:48 PM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل التاسع

طال الانتظار على إياس كثيراً وسلب منه ما تبقى من تركيزه وعقله الذي لم يكن يستوعب تماماً كيف وصل به الأمر لأن يقترب من الزواج من ابنة الدكتور خالد .. بالرغم أن ذلك الانتظار لم يتجاوز الأسبوع الواحد ، كان كلّما عاد من مركز عمله استقبل غرفة أمّه واقتحمها عليها يسأل عن آخر المستجدات وأمّه لا تجيبه بشيء سوى ( انتظر بني .. لا تستعجل ) ، يقول د. إياس :
إياس : بالرغم أني لا أعرف عنها شيئاً إلا أني بدأت أفكّر بها في كل وقت .. في كل دقيقة .. في كل مكان .. في كل زاوية من زوايا بيتنا وفي كل زقاق من أزقة العمل ، بدأتُ أرسم صفاتها كما أحب وكأنها ورقة بيضاء أمامي تنتظر ريشتي لأتخيّلها وأرسم فيها ما أريده وأتمنّاه في شريكة المستقبل .
كنتُ كلّما عُدت من عملي .. من المسجد .. من الزملاء .. من أي مكان خارج البيت ؛ أول مكان أستقبله بعد دخولي هو غرفة أمي إذ أطرق الباب مستأذناً الدخول ليكون أول سؤال أسأله : ( ما الذي حدث ؟ أسألتِ عنهم ؟ ) ، فتبستم والدتي وتصمت ، وأحياناً تقتل صمتها بأمري بالصبر وعدم العجلة .
كان أسبوعاً مملاً وطويلاً من ناحية الوقت والانتظار ، ولكنه في المقابل كان حالماً ومترعاً بالخيالات التي كنت أعيشها كأنها حقيقة لا جدال فيها ، كنت كثيراً ما أستلقي على أريكة صالة البيت أو على فراشي بل وصل الأمر أيضاً إلى أن يكون لسرير أمي نصيب من استلقائي ، كنت أتمدد واضعاً يدي خلف رأسي سارحاً وغارقاً في التفكير والتأمّل والعيش في الأحلام ، ولا تسأل عن ملامح وجهي التي كانت تعيش ما أتخيّله من أحداث .. مرة أبتسم .. ومرة أكفهرّ .. ومرة أتعجّب .. ومرات كثيرة تدمع عيني بدون أي سبب !
دخولاً خروجاً على غرفة أمي إلى أن بشّرتني بأنها سألت عن رؤى كثيراً فإذا هي دُرّة .. جوهرة .. لؤلؤة مكنونة ، أغرقتها والدتي مديحاً ، كانت تتحدّث عنها وكأنها رأت تلك التي رسمتها على صفحة أحلامي ، دين وخلق وجمال ونسب نقيّ وحسب شريف وفكرٌ مبهر وعقلٌ واعٍ وأعمال لها في كل مكان تُشير إلى التميّز ؛ أي شيء في فتاة ينقصها !؟
كان حديث أمّي عنها يُطربني ويشدني ، وكنت أستمع إليها بكل جوارحي إذ لا يكفي أن أشرّف سمعي وحده بالاستماع إلى الحديث عن رؤى ، حدّثتني أمّي عنها كثيراً في تلك الجلسة الدافئة بعد أن أقفلت الباب علينا لكنني لم أكن أشعر بالوقت يمضي وهي تحدّثني عنها ، انتهت والدتي من الحديث وأنا باقٍ على هيئتي أنتظرها أن تواصل كلامها عنها ، تبسّمت لمّا رأتني وضربتني بيدها مداعبةً لي على جبهتي معلنة نهاية تقرير اليوم الأول .
أتظّن أني اكتفيتُ بذلك ؟


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-14, 10:00 PM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk

لا ، بل طلبتُ من أمّي أن تواصل السؤال عنها لاكتشافها أكثر والتعرّف على صفاتها بشكل أوسع ، كان ظاهر السؤال الرغبة في التأكد من الصلاحيّة ، ولكن الغرض منه في حقيقة الأمر كان الاستمتاع بالاستماع إلى خلالها التي لولا ثبوت قطعيتها في متون كثيرة جاءت بأسانيد مختلفة كلها ترقى إلى درجة الصحيح لقلت أن في المتن علّة أو شذوذاً .
ريّان : أظنّ أننا نتحدّث عن رؤاك لا مصطلح الحديث !
إياس : وهذا إشكال بحد ذاته .. أتصدق أننا نحتاج في أمور حياتنا المصيرية منها وحتى غير المصيرية إلى استخدام بعض آليّات علم المصطلح خصوصاً في تلقي الأخبار والوقائع وبالأخص تلك التي تمس أخلاقيّات الناس وأعراضهم وصفاتهم ، كثيرٌ من الناس لا يبالون أقالوا في غيرهم خيراً أوشراً مستبسطين الأمر لأنه - في رأيهم - لا يعدو أن يكون سوى حديث مجالس ، ونسوا أن ديننا رتب أحكاماً وحدوداً على تلك الكلمات الجائرة .. سواءاً أكان جورها على المتلقّي حين يسمع ثناءاً على من لا يستحق .. أم كان جورها على المتحدَّث عنه حين يوصف بما ليس فيه من سوء .
ريّان : صدقت .. وما الذي حدث بعد ذلك ؟
إياس : كانت " رؤى " في عيني سابقاً أشبه ما تكون بقطعة اكسسوارة عادية سأقتنيها من بائع ذهب متخصص ، فهي وإن لم تكن ذهباً فستلقى عناية أرباب الذهب وستكتسب من الذهب بعض البريق ؛ يكفي أنني اقتنيتها من بين قطع ذهبية ، ولكن بعد تقارير أمي التي كانت تخبرني بها عنها بين فترة وأخرى أصبحت " رؤى " في عيني كألماسة مصقولة ذات بريق وشعاع آسر .. يسلب اللب ويسرق العين حتى من تلك القطع الذهبية التي اتكأت عليها بثقة .
صرتُ أراها في كل مكان وأتخيّلها أمامي أينما سرتُ واتجهتُ ، وكلّما رأيتُ امرأة محتشمة قد أحسنت الاستتار بعباءتها ظننتها هي ، صحيح أني أصرف عيني عنها مباشرة لكني أحس بشعور غريب بداخلي يؤزني إلى أنها هي ، حتى تلك الفتاة التي التقيتها فجأة ولمرة واحدة عند باب المؤسسة التي أعمل بها لم تسلم من ظنّي هذا !
وهكذا بقيتُ طول تلك الإجازة أعمل في الصباح وحتى الظهيرة ، ثم إذا عُدتُ إلى بيتنا بدأت أسألُ أمي وأفكّر في تلك الـ " رؤى " ، في تلك الثلاثة الأشهر فعلتُ مع " رؤى " - في خيالي طبعاً - كل شيء ، زُرنا كل مطاعم المدينة الراقية ، وتضاحكنا على مائدة الطعام ، وسافرنا إلى تلك الدول البعيدة هناك ، حتى تلك التفاصيل الصغيرة الدقيقة التي يعيشها اثنان متحابان .. كالوقوف عند محل لبيع العصيرات الطازجة لنزهة على الطريق أو شراء قالب من الأيسكريم لتبريد الأجواء الساخنة أو ارتشاف كوب قهوة أمام شاطيء البحر .. كل تلك التفاصيل الهامشية لم أنسها ، عشتها كل في خيالي .
وبعد العودة إلى الدراسة بأسبوع .. أخبرتني والدتي أنها ستخطب لي " رؤى " عن قناعة منها وأنها معجبة بها ، سعدتُ بموقف أمي .. فقد كنتُ أستحيي أن أطلب منها ذلك .. لكني طلبتُ منها أن تتمهّل قليلاً ولا تعجل في الخطبة ، كنتُ أخشى بعد تلك الأحلام أن أرد كما ردني من هم قبلها ، لم أكن متأثراً كثيراً بما مضى بقدر خشيتي من التأثر هذه المرة ، ففي المرّات السابقة كنت لا أعلم عن الفتاة إلا اسمها فقط وأترك لوالدتي البحث عمّا يناسبني مع بعض الشروط ، أمّا " رؤى " فقد عشتها وتشّربها قلبي ، لذا استسمحتُ والدتي أن تنتظر حتى يأتي رمضان - وكان قد بقي عليه شهران - فأنا أودّ أن أسأل ربي وأطلبه أن لا يصرفني عنها ولا يحرمني منها في عمرة في العشر الأواخر !
ريّان : كل الأمور تسير في صالحك حتى الآن قبلت بها والدتك عن قناعة .. وها أنت تنتظر رمضان لتسأل الله الإعانة والتوفيق .. وقبل ذلك وبعده أنك اكتشفتها جيداً وعلمتَ أنها قريبة منك ومن قلبك كثيراً .
إياس : بل وأكثر من ذلك .. لن تصدق لو قلت لك أن " رؤى " كانت قريبـة مني كثيراً وأنا لا أشعر ، بل كانت أقرب إلي حتى من والدتي التي ألقاها في بيتنا كل يوم في الغداء والعشاء.


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-14, 11:17 AM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العاشر




ريّان : بِت أعتقد أنك تُزيّن قصتك يا إياس .. إسمح لي أظن أنك تبالغ كثيراً في وصف الأحداث وتزيد في بعضها لتجعلها أكثر تشويقاً وأكثر إثارة ، لستُ من طلاب الإثارة ولكني أريد أن أعرف حقيقة ما جرى لك !

إياس : وأنا أقسم لك أني أحكي الواقع .

ريّان : كيف تكون حبيبتك المزعومة هذه قريبة منك دون أن تشعر ؟

إياس : سأخبرك .. لمّا ابتدأنا الدراسة أصبح لزاماً عليّ أن أحوّل موعد دوامي إلى الفترة المسائية ، إذ لدي في بعض الأيام صباحاً محاضرات يجب عليّ أن أحضرها ، وهكذا ذهبتُ إلى مدير القسم الذي أعمل به لأستأذن منه ليحوّل دوامي مساءاً كما كنّا قد اتفاقنا سابقاً ، ولمّا وصلتُ مكتب المدير وجدتُ بابه مغلقاً على غير العادة ، طرقته ثم فتحته فإذا بي أشاهد منظراً هزّني كثيراً ، وهكذا لا شعورياً أقفلتُ الباب وخرجتُ ، ثم استندتُ على الجدار في وقد غشتني حيرة وتعجب وازداد نبضي وتصبب العرق منّي بشكل غزير !

ريّان : وما الذي رأيت !!؟

إياس : كان معنا فتاة أشاهدها أحياناً في الدوام وهي في غاية الأدب والخلق والاحتشام ، لا تمشي إلا لصيقة الجدار ولا نرى منها شيئاً حتى إننا لا ندري أهي بيضاء أو سوداء ، تلك الفتاة المحتشمة رأيتها كاشفة لوجهها تضحك مع المدير وتمازحها وقد قام من كرسيّ مكتبه وجلس أمامهاا على أريكة في مكتبه ، لم أتبيّن وجه الفتاة ولم أره حتّى لكني لأول ما دخلتُ كانت قد ابتدرت نقابها وغطّت به وجهها .

ريّان : أف ! وماذا فعلت ؟

إياس : وقفتُ عند الباب مرتبكاً لا أدري ماذا أفعل ، أأدخل عليهما مرة أخرى منكراً وناصحاً أم أن في الأمر سراً ، لم يمهلاني أتخذ قراراً حتى خرجت تلك الفتاة سريعاً من مكتب المدير ، تبعتها من بعيد فوجدتها تدخل المكتب الذي بجوار مكتبي مباشرة ، عدتُ إلى مديري فإذا بابه قد صار مفتوحاً كالعادة ، سلمتُ ودخلتُ عليه ووجهي ليس بالوجه الباسم الذي اعتاد عليه وتفكيري غارق كيف أفاتحه بالموضوع ؛ فلم يمهلني حتى ضحك ضحكة مدويّة وطلب مني أن أغلق الباب ، وقال ...
المدير : أعلم سبب استنكارك وتغيّر ملامح وجهك ، لا عليك .. تلك الفتاة التي كانت هنا لم تكن سوى ابنة أختي ، لا أراها كثيراً في اجتماعاتنا العائلية فأستغل قدومها إلي وطلباتها منّي لأحدّثها وأقترب منها أكثر وأكثر ، أقول ذلك من باب سد الذريعة وكشف الشبهة وإغلاقاً لباب سوء الظن .
إياس : جزاك الله خيراً ؛ بالفعل كنتُ قد أسأتُ الظن بكما معاً ، على أي حالٍ أتيتك هذه المرة لأغيّر موعد دوامي إلى الفترة المسائية كما كنت طلبت منكم سابقاً في المؤسسة ، وذلك لكوني ما زلتُ طالباً جامعياً .
المدير : لا بأس ، بالمناسبة .. حتى هي طلبت تغيير فترة عملها للفترة المسائية .
إياس : أعانها ، شكراً لك لتفهّمك لطلبي واستجابتك له .

إياس : أتُصدّق يا ريّان ؟ أعجبني موقف المدير في كشف الأمر وإغلاق باب الشك وسوء الظن .. أعجبني تصرفه .. وأعجبتني أيضاً نفسيّته الواثقة والمطمئنة الغير غاضبة ، كثيراً ما نكون في مواقع مريبة فإذا ما سألنا أحد عن ذلك استشطنا غضباً واتهمناه بإساءة الظن بنا ، بينما الواجب أن ندرأ الشبه عن أنفسنا بأنفسنا لا أن نترك الأمر لضمائر الناس ولا لوساوس أنفسهم التي يجري فيها الشيطان بمجاري الدم ، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة يوم أن ابتدر الأنصاريين بقوله : ( على رسلكما إنها صفيّة بنت حيي ) .

ريّان : ما زلتُ أنتظر أن تبيّن لي كيف كانت " رؤى " قريبة منك !

إياس : بعد أسبوعين من الدوام المسائي دخلتُ إلى المؤسسة وكنت متلف الأعصاب منهكاً قابلاً للغضب ، فإذا من قد تم تغيير طريقة وضع الأثاث في مكتبي بطريقة لا أرضاها ، فخرجتُ غاضباً وأنا أصرخ أبحث عن المسؤول عن ذلك ، وفي المقابل كان مديري غاضباً - وأنا لا أعلم - وكنت متجهاً إليه لأوبّخه ، فإذا بتلك الفتاة المتدينة المحتشمة التي بجانب مكتبي تقف في طريقي على غير عادتها وتطلب مني العودة إلى مكتب بصوت مؤدب واضعة المسؤولية كلها عليها ، حمدتُ ربي لاحقاً أن جعلها في طريقي حتى لا تحدث مشكلة بيني وبين الإدارة وإن كنت أتعجب كيف امتصّت غضبي !

وبعد أيام .. أصدرت المؤسسة منشوراً يذكر المتميّزين فيها والناشطين لتكريمهم ، لمّا دخلتُ المؤسسة في ذلك اليوم كان يقف أمام الباب مديري مع مدير قسم آخر ، كانا يتحادثان ويتضاحكان ومعهما تلك المجلّة المصغّرة ، سلمتُ عليهما فأعطاني المدير المجلة لأطّلع عليها مخبراً إياي أنه لولا غضبتي ذلك اليوم لكنت متميزاً مع المتميزين ، وقد كانت الصفحة مفتوحة على أسماء الموظفين المتميّزين ، بدأت أقرأ الأسماء بسرعة ثم توقفت فجأة عند الاسم السابع ! كان الاسم : ( رؤى بنت خالد .... ) ، وبلا شعور ولا تمييز وبلا تركيز وكردّ فعل أشبه إلى الجنون التفت إليهما وقلت ...
إياس : ما شاء الله .. ابنة الدكتور خالد معنا في المؤسسة ؟
التفتَ إلي المدير الآخر وقال :
المدير الآخر : ألا تعلم أن مديرك هو خال ابنة الدكتور خالد ؟
إياس : ما شاء الله !

إياس : كنتُ كمن أصيب بحادث سيّارة أو ضرب على هامة رأسه بمطرقة ، إذاً تلك الفتاة التي كانت بمكتب مديري والتي تعمل بجانب مكتبي مدة ثلاثة أشهر هي " رؤى " ، تلك الفتاة التي استطاعت تهدئة غضبي هي " رؤى " ، ما كنت لأصدق ذلك أوّل مرّة وبقيتُ أفكّر في ذلك وأنا في طريقي إلى مكتبي .

ارتميتُ على كرسيي وقد أسندتُ ظهره إلى الجدار وألصقته به ، ما كنتُ أتخيّل يوماً أن لا يفصلني عن تلك أحببتها من كل قلبي والتي سأخطبها قريباً سوى هذا الجدار الخشبي ، بدأت أسترجع الأحداث التي جمعتني بها في العمل وأنا أجهل من تكون ولا أعرف عنها سوى أنها فتاة تقيّة صالحة عفيفة لا تحب الاحتكاك بالرجال الغرباء قدر استطاعتها ، حتى عينيها لم أكن لأراهما يوماً ، كانت لي كملكة جمال الدنيا !


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-14, 11:18 AM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

إن جمال المرأة يكمن في عفتها وحيائها وسترها وتدينها وحسن خُلقها ، لا في تقاطيع وجهها ولا تعرجات جسدها ولا في مساحيق تنشرها على مفاتنها ، إن المرأة تجمل في عين الرجل بصوتها الخافت ومشيتها الخجولة وعبائتها الفضفاضة ونقابها الذي لا يبين أي جزء من وجهها ، بل إنها تجمل أيضاً بقفازاتها التي تحكم عليها قبضة الستر .

إن الرجل - ولو كان غير متدين - فإنه يميل إلى المرأة المستورة النقيّة التي يرى فيها مملكته الخاصة التي لا يمكن أن يطّلع عليها أحد ، تلك التي يرى فيها نبعاً للطهارة يغسل كل ما بدا من بعض عيوب مظهرها ، الغريب أن النساء يغفلن كثيراً عن هذا وينشغلن بأشياء أخرى هي أقرب ما تكون فاتنة للرجل الذي يرغب التمتع بها وبجسدها فقط ؛ فإذا قضى وطره منها رماها غير آسف على ما سيحلّ بها ، ولو أنهنّ التفنَ إلى ما ذكرته من وصفات الجمال لجاءهنّ الرجل ممن يرغبون أن يستوطنوهن ويسكنوا إليهنّ .

لا أرى في " رؤى " إلا تلك المرأة التي يرغب الرجل أن يسكن إليها ، فقد رأيت منها وسمعتُ وعشتُ مواقفَ لا يمكن أن تُفسّر إلا بذلك ، بل بقيتُ بعد أن عرفتها أرقبها .. أرقب تصرفاتها .. أرقب ما تكتبه في تلك المجلات التي نصدرها ، فإذا هي امرأة تخاف الله وتخشاه وتعظّمه ، وإذا هي امرأة عاقلة رزينة ليست جانحة ولا ثقيلة ، لقد رأيت فيها ما كانت أمي تذكره عنها .. بل وزيادة !

ريّان : وماذا بعد ذلك ؟

إياس : كنت أودّ أن أخبر أمي بما قد رأيتُ من أمر " رُؤى " ، وأنها معي في دوامي وفي نفس مؤسستي بل وبجانب مكتبي ، لكني خشيتُ .. خشيتُ ماذا ؟ لا أدري ! ولكني كنتُ أخشى أن أخبر أمي بذلك ، بقيتُ هكذا أتابع " رؤى " وأستقصي أخبارها .. أزداد لها حباً وبها إعجاباً حتى جاء رمضان ، وفي الليلة الأولى منه وبينا أنا ووالدتي عائدين من صلاة التراويح ، أمسكتُ بيد والدتي وقلتُ لها ...
إياس : أظن يا أمي أنه حان الوقت لنستخير ربنا في موضوع زواجي من رؤى ، وإني لأسأل الله أن يكون الخير وما يختاره فيما أتمنّاه وآمله وأرجو ، وهو أن يُيسر لي الزواج منها ويسعدني بها .
أم إياس : والله يا ولدي ما صليت وتراً منذ أن علمت أنك ترغبها بعد سؤالنا عنها .. إلا ودعوت الله لك بأن يُهيّء لك من أمرك الرشد ، وأن يرزقك من حيث لا تحتسب ، وأن يُسعدك برؤى إن كان في سابق علمه - سبحانه - أن سعادتك معها .
إياس : جزاك الله خيراً يا أمي .. أعلم أنك لم ولن تُقصّري يوماً في توفير ما يسعدني ويُقر عيني ، أسأل الله أن لا يحرمك جنته ، وأن لا يحرمني منك في جنته ، فإن كان في الجنة نعيم بعد لقاء الله ورسوله فهو لقياك أنتِ يا غالية .
أم إياس : رفع الله قدرك يا ولدي .. غداً تأتي حبيبة القلب فتأكلك لقمة واحدة لا تبقي لنا منك ولا حتى الفتات ، لكني أحسن الظن بربي وأسأله أن لا يحرمنا منك وأن يجعلك لي ولوالدك قرّة عين ومصدر أنسٍ وسعادة .
إياس : حفظك الله لي ولا أبقى من يصرفني عنكِ ، على أي حالٍ .. من الآن سأنقطع إلى عبادة ربي ودعاءه مُخلياً بالي من أي شيء ، فإن أتى شوّال فاتّصلي بأهل رؤى واخطبيها لي منهم دون أن تخبريني بذلك ، واجعلي موافقتـهم لي مفاجأة ، فإني أحسن الظن بربي وهو - سبحانه - لا يرد داعيه وطرق بابه .

إياس : ومنذ دخل رمضان وأنا أدعو ربّي في كل وقت .. في كل وقت دون استثناء وأتحرّى أوقات الإجابة ، أرفع يديّ إلى السماء في آخر الليل .. وفي السّحر .. وعند الفطور .. في سجود التراويح والقيام ، بل ووالله العظيم أني كنت أحياناً أتذكّرها فأرفع يديّ وأنا عند إشارة المرور ، وكم مرة دمعت عيني رافعاً سبابتي أثني على الله وأنا أسير في سيارتي وأسأله بأسمائه أن يجيب دعائي .

حتى جاءت العشر الأواخر من رمضان .. كان صدري مليئاً بالحاجات والمطالب التي لا طاقة لبشرٍ بها ، و لا ينبغي لمخلوقٍ أن يسمعها ، ليس غير الله يقـدر على استقبال بوحي وتلك الشكوى ، فقصدتُ مكة مع رفقة أريد أداء العمرة وكأني لأوّل مرة أعتمر ، هي الحاجة إلى الله إذا عصفت بالقلب جعلت منه مستكيناً خاضعاً يستشعر كل خطوة يخطوها إلى الله !

عشتُ عمرة طويلة لا أظن أن يتكرر وقتها أو ما عشت فيها إذ استغرقت مني ست ساعات ، طفتُ كُليَ بالبيت سبع أشواط ، وقلبي لا يعرف سوى العظيم الذي لا ترد عند بابه حاجاتنا ، كنتُ أهتف باسمه دون شعوري ، ورغم الزحام الشديد إلا أني كنت أشعر بأني كنت وحيداً معه ، كأنه ينظر إليّ وأنا ألبي دعوتـه ؛ وقد خلعت كل الألبسة والأسمال ورميت الخلق ورائي ظِهرياً ،وانتزعت كبرياء نفسي .. وعفنها ،يكفيني للقائه ما يسترني من إزار ورداء سألف بهما إن مُت ،وتكفيني معيّته التي تغشاني ، وأبيتُ - بعد الشوط السابع - إلا أن أستلم الحجر الأسود ، فزاحمتُ وزاحمتُ حتى بلغته ، قبلته تعبـداً لله واقتداء برسوله وأداءاُ لسنة نبوية محمديّـة وطيفُ " عُمر " ماثلٌ أمامي .

وفي مكانٍ لا ترُد في الدعـوات ، حيث " مُلتزم الكعبة " - وهو ما بين الحجر الأسـود والباب - ؛ كان اللقاء بالذي وسعت كل شيء رحمته وقهرت كل شيء قدرته وأحاط بكل شيء علمه ، من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يُجـار عليه ، طرقتُ بابـه .. سألتُه .. دعوتُه .. استغثتُه .. شكوتُ إليه .. نثرت كل ما في قلبي بين يديه .. حتى أحسست ببرد السكينة تغمرني وبالرضـا يغسل فؤادي ..

لكني كلّما تذكرتُ ذلك الموقف .. تعجبتُ .. عجباً لأقدامي إذ استطاعت حملي في حضرة الحي القيوم ، عجباً لقلبي إذ لم يتوقف مهابةً وإجلالاً وتعظيمـاً وتقديسـاً .. وهو يناجي ملك الملوك ، عجباً لدموع عيني لم تجفّ إذ هي بباب القريب المجيب ..

وفي غمرة حديثنا انفجرَ إياس يبكي وهو يحدّثني ويردد ( سبحانه .. سبحانه .. سبحانه ) !


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-14, 11:19 AM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الحادي عشر



أخذتُ أطبطب على كتف إياس وظهره وهو يبكي بحرقة كأنما لامس في حديثه جرحاً غائراً ، لا أفشي سراً إن قلتُ أنه أبكاني بحديثه ووصفه فكيف ألومه وقد عايش تلك الأحداث بنفسه وذاق لذتها وحلاوتها بكامل شعوره وإحساسه ، كنت أحاول تسليته والتخفيف عنه ، والحقيقة أنه غشاني بذلك الموقف المهول الذي لا أملك أمامه إلا أن أسكت وأشاركه بكاءه ، ولكني كنت أخشى على صاحبي لكثرة ما بكى ، كنت أردد على مسمعه ( هوّن عليك .. هوّن عليك ) فيهز رأسه ويخفض صوته إلى أن هدأ قليلاً وبدأ يسكت عن بكائه وإن كنت أعلم أن دمعه ما يزال منهمراً وأنا أراه ينسكب على خدّه مبللاً لحيته الخفيفة .

رفع إياس رأسه بعد أن سكت عنه بكاؤه وقام عجِلاً نحو حامل المصاحف وجاء بواحد يحمله في يده ، قبّله ثم اعتنقه في لحظة هدوء وسكون وأنا أرقبه لا أتحدّث ولا أسأل وإنما تركته ليفعل ما يشاء إن أراد أن يكمل حديثه أو أن يقف ، وفي هذه الأثناء التفت نحوي وقال ...

إياس : ربنا عظيم يا ريّان .. عظيم عظمة لا يمكن أن نتخيلها ، عظيم عظمة تأخذ قلبك ولبّك لمجرّد أن تمشي خطواتك الأولى وأنت تدخل بيته المحرّم ، فتبدأ الكعبة تتراءى لك من بعيد وتظهر لك هيبتها رويداً رويداً ، حتى تصل إلى أولى عتبات صحن الكعبة ؛ حيث الجلال والرهبة والتعظيم والحب والخوف والرجاء .. كلها تحيا في قلبك وتهتز فيه وأنت تشاهد الكعبة بكاملها أمامك والناس حولها يطوفون في سكينة ، إننا حينما نذهب إلى مكة لأداء العمرة لا نستشعر هذه المعاني ولا نلتفت إليها ، مشغولون بما معنا من نساء وأطفـال أن لا يضيعوا في فوج الزحام ، مستعجلون نريد الانتهاء من عمرتنا في أسرع وقت ونتباهى في ذلك إذا جلسنا مع رفاقنا سوياً ، ليت شعري ما لهذا شُرعت زيارة البيت !

ريّان : إيــــه .. صدقت يا أخي .. صدقت .

إياس : بعد أن انتهيت من عمرتي عُدت إلى مقرّ سكني ، انشغلتُ في تلك الرحلة - لأول مرة في حياتي - بالعبادة تماماً ، انقطعتُ عن كل شيء من ملاذّ الطعام والشراب ، حتى القيل والقال ما كنت ألتفتُ إليه ولا أبغيه ، إلتزمتُ كلام ربي صباح مساء في ثلاثة أيام قضيتها هناك ، ليس لي من عملٍ فيها إلا الصلاة والقرآن والذكر والدعاء ، كنتُ أدعو في كل حينٍ متى ما تذكرتُ طلبي من ربّي ، كنتُ ألح عليه إلحاحاً وأعيد طلبي عليه وأكرره مرات كثيرة .

ريّان : أشعر أن بعض المطالب أحياناً تزيدنا قرباً من ربنا .. دون أن نشعر !

إياس : ثم بعد أيامٍ ثلاثٍ قضيتها في رحاب بيت الله ؛ عُدتُ وكلي أمل بالله وثقة به أنه لن يُخيبني ولن يردني صفراً ، عُدتُ من هناك وكأني ضمنتُ رؤى من فرط يقيني ، بدأت أخطط ماذا سأفعل وأين سنذهب وما نوع الأثاث الذي سنختاره وما الطعام الذي تُحبّه ، جاء العيد فصارت بهجته بهجتين .. بهجة العيد وبهجة ثقتي بأني سأفوز بـ " رؤى " ، وبعد العيد كنتُ أسأل أمي كل يوم - وكأن المسألة مسألة وقت لا أكثر - هل اتصلت بهم أم لم تفعل ، وكنت حينها لم أترك الدعاء ولا سؤال ربي طلبي ، كانت أمي تعجب من ثقتي بموافقتهم بل كانت تظن أنهم لن يوافقوا بسهولة كوني طالب لم أنهي دراستي الجامعية بعد .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-14, 11:19 AM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

بقيتُ أنتظر وأنتظر وطال الانتظار حتى ظننت أن في الأمر خلاف ما توقعت وتمنّيت ،فطلبتُ من والدتي أن تأتي لغرفتي وقاسمتها أن تخبرني الحقيقة وأن تبصرني بما يجري ولا تخفي عني شيئاً ، تغيّر وجه أمي الباسم الذي اعتدته مشرقاً متفائلاً يمنحني الحياة عندما أراه كل صباح ، أخذت بيدي .. والدموع تتزاحم في عينيها ولأول مرة أراها تبكي لأمر لا يكون لله كالدعاء أو تلاوة قرآن .. ضغطت على يدي قليلاً وقالت لي ...

أم إياس : أنا أمّك يا ولدي .. أتعرف ما هي الأم ؟! أنا أعرفك أكثر من أي مخلوق يمشي على هذه الأرض ، أعرف خلقك وطيبة قلبك .. أعرف كرمك وسمو سجاياك .. أعرف تديّنك وحبّك لربك .. أعرف حتى تقاسيم جسدك ، أنت رفيق لي أكثر من عشرين سنة ، حملتك على يديّ هاتين وأرضعتك من صدري ، أزلت القذارات منك واستمتعتُ ببولك علي لباسي وقيئك في حجري ، رتبت لك دروسك ورسمتَ أول حروفك ويدي على يدك ، بقيتَ تكبر أمامي وأنا أشاهدك وأتأمل النبتة التي غرستها فيك حتى حفظت القرآن صغيراً وأنت طفل ، أعرف ماذا تحب .. وماذا تكره .. ما الذي يسعدك .. ومالذي يحزنك ويغضبك ، لذا .. عندما أقول أنهم همُ الذين لم يفوزوا بك ولم يربحوك لابنتهم فأنا صادقة غير كاذبة ولا خائنة !

إياس : أتعرف يا ريّان !؟ برغم قساوة وقع الخبر عليّ إلا أن رؤيتي لعيني أمي وهما غارقتين بالدموع من أجلي كان أقسى على قلبي ، قمتُ من فراشي لأتي لأمي بمنديل أمسح به دمعها بيدي ، أخبرتها أن لا تحزن فالأمر لا يستحق الحزن ، كنتُ أريد أن لا تعيش ألمي وحرارة ما أجده في صدري ، فابتسمت وقالت ...
أم إياس : سأجد لك امرأة تستحقك فعلاً !

إياس : ابتسمت لها شفتاي لتطمئنها أني بخير ، ولكن قلبي كان يرعف دماً ويجثم عليه ألم رهيب ، جُننت يا ريّان حينها .. جُننت ، صِرتُ أهذي بعد خروج أمي من غرفتي بكلامٍ لا معنى له ، حتى إني تسخطت على ربّي - عز وجل وتبارك وتقدّس - إذ لم يستجب دعائي ، ولكن التربية التي ربتني عليه أمي وأنعشها في صدري والدي كانت حاضرة في تلك الأحداث ؛ فبرغم ما أنا فيه من سكرة إلا أني لا شعورياً تناولتُ المصحف وشرعتُ أقرأ فيه ، أقرأ وأبكي .. أقرأ وأبكي .. أشعر بإقبال على القراءة .. ثم أشعور بشيء كالغضب تسخطاً يدفعني للتوقف فألزم نفسي بالقراءة إلزاماً ، كنت أقرأ في سورة غافر حتى وصلت قول الله : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ... الآية ) ، فسجـدتُ وأنا أبكي مناديـاً ربي ( يا ربِ دعوتك فلم تجبني .. يا ربِ دعوتك فلم تجبني ) ، وبقيت أكررها وأنا أشعر بمرارة في صدري ، أسأل الله أن يعفو عني .. كلّما تذكرتها الآن استحييت من ربي وتصدقتُ واستغفرتُه من حمقي وجهلي وعدم احترامي لجنابه المقدّس !

لم أذهب للدوام ذلك اليوم .. بل صليتُ المغرب ثم العشاء فنمتُ بعدهما سريعاً وقد هدّ البكاء المتواصل في دعائي لربي طاقتي وأخذ مني كل جهد ، قمت في آخر الليل قبيل الفجر وصليت ركعتين أطلت فيها القراءة ومن ثم خرجت إلى المسجد قبل الأذان بدقائق ، فتحتُ أضواءه وصليت الوتر خفيفة واستندتُ إلى سارية متأملاً مفكراً في أحداث اليوم السابق وما جرى فيه ، أذّن الفجر وصلينا ثم بقيتُ في المسجد أنظر إلى المستقبل وأن كل حلمٍ قطعته صار أشبه ما يكون بمفرقعة انفجرت وانتهت .

وبعد تأملٍ وتفكيرٍ وأخذ ورد مع نفسي عزمتُ أن أمضي في حياتي قُدماً وأن أترك ما حدث خلف ظهري ولا ألتفت إليه ، وهكذا عُدتُ إلى البيت والابتسامة تملأ وجهي وتناولتُ الإفطار مع والديّ ثم خرجتُ إلى جامعتي ، وعُدت من جديد إلى نظامي حياتي السابق .

بعد أسبوع تقريباً .. بدأت " رؤى " تعود إلى ذهني من جديد ، صرتُ أفكّر فيها كثيراً ولا أحدّث بما في نفسي أحداً ممن هم حولي ، فالأمر انقضى ولا مجال للعودة إليه ، تطوّر الأمر إلى أن صرتُ أحلم بها في نومي ، حيث رأيت أكثر من ست مرات رجلاً يأتيني في منامي وهو يشير إلى بيت الدكتور ويقول لي ( مرة ثانية .. مرة ثانية .. مرة ثانية ) ثم ينصرف !


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-14, 11:20 AM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني عشر



ريّان : وما الذي أعادها إلى ذهنك هكذا ؟

إياس : كنتُ أتناساها قدر استطاعتي وأصرف عن ذهني كل شيء يستعيد ذكراها فيه ، كنت تماماً كمن يقف خلف باب محاولاً إغلاقه بكل قوته بينما في الجهة الأخرى يدفعه مفتـول العضلات ؛ فهو يدفعه مرة ويُغلب مرة ، إلى أن قدّر الله علي بعد أسبوع فقط أن أُكلّف بالبحث عن طريقة عملية جراحية مميزة قام بها طبيبان سعوديان - لم أكن أعرف مَن هما - ، توجّهت نحو مكتبة الكليّة وبدأت أبحث وأبحث لكني لم أجد ما أريده ، فكل المصادر العالمية التي توردُ العملية بشكل غير متخصص لا تذكر إلا أنهما طبيبان سعوديان دون أن تشير إلى اسميهما ، كان لزاماً عليّ أن أتوجّه صوب مكتبة المستشفى لأواصل بحثي ، قصدتُ فهرس الإنجازات الطبيّة المتعلقة بالمستشفى الجامعي وشرعتُ بالبحث من جديد عن العمليّة ، فإذا ثمّة مفاجأة تنتظرني !

ريّان : خير إن شاء الله .. وما هي ؟!

إياس : سُجل في دليل الأوليات المسجلة للمستشفى أن أول من قام بتلك العملية الجراحية في العالم دكتوران من رموز العمل الطبي الراقي في المملكة ، د. خالد ... و د. مؤيّد ...

ريّان : لا تقل لي أن د. خالد هذا هو والد رؤى .
إياس : بلى هوَ !
ريّان : أنتَ مُمتحن بالدكتور خالد .. ومن هو هذا د. مؤيّد ؟
إياس : المرشد الأكاديمي ليّ وأحب دكتور بالنسبة لي في الجامعة .
ريّان : أشعر وكأني أمام مؤلّف قصص خياليّة يصنع المفاجآت عند كل خطوة من خطوات قصته لتبقى على نفس الوتيرة من الإثارة والجذب ، يبدو لي فيما يبدو أن ما يبدو لي الآن سيبدو على كل من ستبدأ برواية قصتك له !

إياس : صدقني هذه حقيقة ، وهذا تماماً ما أعاد رؤى إلى دائرة اهتمامي ، إذ شعرتها قريبة مني جداً ، فبعد قربها لأشهرٍ من مكتبي ومكان عملي هاهي الآن تبدو قريبة مني من جهة أخرى .

ريّان : وماذا فعلت ؟

إياس : رميتُ كل الأوراق والكتب التي بحوزتي وذهبتُ أجري نحو حبيبي د. مؤيّد ، لا داعي لأن أبحث وأرهق نفسي وأكبّدها عناء البحث ما دام المرشد الأكاديمي لي هو من أجرى تلك العملية ، سأذهب إليه وآخذ منه كل التفاصيل وهو كذلك لن يبخل عليّ بمصادر تفيدني .

ريّان : أكل هذا الجموح نحو د. مؤيّد لأجله هو .. أم لأجل .. احم احم


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-14, 11:21 AM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

إياس : كليهما .. سيّان .. سواء احم احم أو د. مؤيّد .. المهم أني سأحصل على ما أريده في النهاية ، صعدتُ إلى الدور الثالث في المستشفى حيث مكاتب الدكاترة ، وبخطوات مُقدمة .. ومترددة في نفس الوقت ، طرقتُ الباب على مكتب د. مؤيد ، استأذنتُ منه فأذن لي بالدخول وتلقّاني كما يتلقى الأب ابنه ، بحق .. ذلك الدكتور من أروع من لا قيت في حياتي ، رحّب بي كثيراً وسألني عن أحوالي وعن أهلي وعن مستجدات حياتي وأخباري بعد القرار التأديبي من الجامعة وكيف هي نفسيتي ، والحقيقة أنه ما لقيني إلا سألني نفس الأسئلة ، لكن طبيعته الأبويّة تجعله يسأل دائماً هكذا ، وكذا كلّ معلّم ومربٍ يريد كسب طالبه وغرس ما يريد أن يغرس فيه ، لا بد أن يشعر الطالب أن من أمامه يحبّه ويكترث لحاله حتى يفتح له قلبه ليقرأه وليضع فيه ما يشاء .. ابتدأني :
د. مؤيّد : آمرني يا ولدي .. ما الذي أتى بك الآن ؟ ما الذي تريد ؟
إياس : كُلفت ببحثٍ صغير حول العملية التي أجريتها أنت و د. خالد قبل سنوات ، كنتُ أبحث في المكتبة الجامعية ومكتبة المستشفى ، فلمّا علمت أنها لك أتيتك أنت لأسمع منك كيف أجريتها أنت ود. خالد .

إياس : بدأ الدكتور يشرح لي بحماس وروح الشباب السالفة أراها في عينيه المندفعتين ولسانه المنطلق الذي يغرف مما في قلبه من فخر لأداء تلك العملية الرائدة - وحُق له - ، تحدّث وتحدّث وتحدّث حتى ملّ هو من الحديث وأنا مُنصت مستمع مستمتع ، لم أكن أتوقع أن نمتلك قامة علمية كـ د. مؤيّد .

لمّا انتهى الدكتور من حديثه شكرته ثم طأطأتُ رأسي إلى الأرض وبدأت أحرك قدمي باضطراب ، ولم أخرج كما هي العادة عند نهاية الحاجة من القدوم على مكتبه ، فبادرني ..

د. مؤيّد : أهناك شيء تريد قوله يا ابني إياس ؟ ألديك مشكلة ما ؟ أتريد شيئاً ؟
إياس : نعم يا دكتور .. أود أن أسألك عن د. خالد ، أين هو الآن ؟ ولماذا ترك المستشفى الجامعي ؟ أعتذر إن كانت أسئلتي محرجة أو فضولية ، لكني معجب يا دكتور بشخصيته كثيراً ولا أجد أحداً أسأله عنه سوى رفيق قديم له .. كأنت !
د. مؤيّد : إيــه ! .. د. خالد ..

ثم التفت د. مؤيّد نحو نافذته .. رفع الستارة وأشار إلى مسجد كبير وسط المستشفى وقال :
د. مؤيّد : أترى ذلك المسجد ؟ لو لا د. خالد لما كان موجوداً هنا !
إياس : كيف يا دكتور ؟

د. مؤيّد : قصة طويلة جداً .. كان د. خالد صريحاً جريئاً لا يخاف في الله لومة لائم ، تم تكليفه من قبلنا نحن الأطباء بالعمل على رفع مشروع إلى إدارة الجامعة لبناء مسجد في المستشفى ، وبالفعل تحرّك د. خالد وخاطب المسؤولين بأسمائنا ، لكن طلبه رُفض بحجة عدم وجود مبالغ مالية كافية في ميزانية الجامعة ، لم يقف د. خالد هنا .. بل رفع الأمر إلى الوزارة ودخل على الوزير بنفسه ثم رفع الأمر إلى المقام السامي وتم له ولنا ما أردنا ، وبقينا ننتظر تفعيل الأمر ونزول المبلغ في ميزانية الجامعة .. وهذا ما حصل ، لكن إدارة الجامعة استغفلتنا واقتطعت نصف المبلغ تقريباً لتفعيل مشاريع أخرى على أساس بناء مسجد صغير ليس كما تم التخطيط له !
عندها ثارت ثائرة د. خالد .. واتهم إدارة الجامعة بالعبث واستغلال أموال الدولة في غير مكانها المخصصة له ، وزاد التراشق هنا وهناك وكبرت المسألة حتى انتهت بفصل د. خالد عن العمل في أي جامعة سعودية وإقالة مدير الجامعة من منصبه .
صحيح أن ما حدث للدكتور خالد يُعد إهانة لأكاديمي ، وصحيح أن فصله كان مؤلماً ، لكن بعد كل هذه السنوات التي مرّت عندما أرى حال د. خالد بعد أن افتتح عيادته الخاصة وصار يعمل بها ورزقه الله ما يكفيه وزيادة .. أعتقد جازماً أن الخيرة فيما اختاره الله !
إياس : عجيب ! هل للدكتور خالد عيادة خاصّة ؟
د. مؤيّد : نعم ..

إياس : معلومة جديدة يا دكتور ما كنت أعرفها ، كنت أظن أنه ترك المجال الطبي تماماً ، أتصدق يا د. مؤيّد أني أحـب هذا الدكتور بشكل لا يمكن أن تتصوره ، له في قلبي مكانة لا أدري كيف استحقّها !
د. مؤيّد : ههههه .. سبحان الله .. قبل أيام كان بيني وبين د. خالد اتصال هاتفي ، كان جُل ذلك الاتصال عنك أنت وعن سلوكك في الجامعة وعن رأيي فيك وفي طبيعة دراستك وأخلاقيّاتك .

إياس : عني ؟ أنا ؟
د. مؤيّد : نعم .. نعم .. أنت ، ولمّا أخبرته عن كوني المرشد الأكاديمي لك صار يسألني بتوسّع كبير عنك ، بصراحة ما زلت أستغرب من طريقة اتصاله وسؤاله وكأنه سيزوّجك أحد بناته ، أخبرته كل ما أعرفه عنك يا بني ، وأثنيت عليك كثيراً عنده ، هل ظنّي في مكانه ؟
إياس : هاه .. ل ل لا يا دكتور ، عموماً شكراً لك على إعطائي هذا الوقت الثمين يا دكتور .. شكراً !

ريّان : إذن أثنى عليك صديق والد خطيبتك .. عنده .. أعتقد أن هذه المحاورة هي التي فتحت لك باباً جديداً .. وذكرتك بها !

إياس : الحقيقة أنه بعد لقائي هذا بـ د. مؤيّد كان كل شيء حولي يذكّرني برؤى ، مكان جلوسي في غرفتي وأنا أفكّر فيها سابقاً .. كتبي الدراسية التي كثيراً ما سرحتُ أفكر بها وأنا أقرؤها .. مكان عملي الذي لا يفصلني فيه عنها سوى حاجز خشبي ، أتُصدق ؟ حتى الكافتيريا التي أحياناً أفطر فيها في وقت استراحة الكلية غيرت اسمها لتصبح (استراحة رؤى) .. والله العظيم !


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتب, مكتملة, السليم, حياة, جديد, حُبّ, سامي, فصحى, وراء

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:18 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.