آخر 10 مشاركات
فرصة أخيرة -ج 2حكايا القلوب-بقلم:سُلافه الشرقاوي[زائرة]كاملة &الروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          نبض فيض القلوب (الكاتـب : شروق منصور - )           »          لا اجيد العتاب (الكاتـب : الاسود المغرمه - )           »          من أجل أمي (28) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          إفتقادّ *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          فقط.......دعيني احبك (الكاتـب : المســــافررر - )           »          من تكوني ...؟ (الكاتـب : المســــافررر - )           »          نيكو (175) للكاتبة: Sarah Castille (الجزء الأول من سلسلة دمار وانتقام) كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          لماذا الجفاء - آن ميثر ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-03-14, 08:02 AM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 الأمومة ، مجموعة قصصية عن الأم ، فصحى


[/TABLE1]

[TABLE1="width:95%;background-image:url('https://www.rewity.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/7.gif');border:10px double purple;"]



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم مجموعة قصصية بعنوان
الأمومة
لكتاب مختلفين



ما الحقيقة التي تتوارى خلف كلمة أم ؟.. وما معنى ان تكون المرأة أماً ؟.. وما أهمية الأمومة للأم وللطفل ؟.. وهل الأم هي المرأة التي تلد فقط وتأتي اخرى لترعى طفلها وتربيه ، ام ان الأم هي التي ترعى الطفل وتربيه حتى لو لم تكن قد انجبته ، ام انها هي الاثنتان معاً ؟

هذا ما سنراه من خلال القصص التالية قراءة مفيدة لكم جميعاً...



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 01:06 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 08:12 AM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk



1 - هدية أمي....




لا زلْت أذكر ذلك اليوم البعيد، الذي استصحبتني أمِّي فيه إلى المدينة، كانت تحمل فوق رأسِها قفصًا مملوءًا بالدَّجاج، وكنت أنا أمسك في يدي سَلة مَليئة بالبيض، نَظَرَت نحوي ونحن نعبر الطَّريق الأسفلتي المؤدي إلى سوق المدينة، وهي تقول عندما نبيع ما معنا: سأشتري لك هدية ثَمينة، أتَمنى أن تُحافظ عليها، وعندما بعنا ما معنا، شكرت ربَّها على هذا الرِّزق الوفير، ثُمَّ أمسكت بيدي، عبرت بي شارعًا مُمتدًّا.

توقفت أمام بائع للكتب، جالت بعينها فيما أمامه من كتب كثيرة ذات أغلفة سميكة، ثم قالت بصوت خفيض، وهى تخبئ وجهها وراءَ حجابِها: أريد مصحفًا كبيرًا، تناول البائع مُصحفًا من المصاحف المصفوفة أمامَه، أمسكته أمي برفقٍ، وهي تقول: بكم؟ رد البائعُ وهو يُشير بيده: عشرة جنيهات، أخرجت النقود من حافظتها، ناولتها للبائع.
احتضنتني تحت إبطيها، ناولتني المصحف، ابتسمت وهي تقول: ها هي الهدية الثَّمينة، التي وعدتك بها، أتمنى أنْ تُحافظ عليها، احتضنتُ المصحفَ في شَغَفٍ شديد، قَبَّلتُه في رفقٍ، وأنا أمرِّر يديَّ على غلافه المُذهَّب، وابتسامة عريضة ارتسمت على صفحة وجهي الأسمر، وعندما عدت إلى قريتنا، كان قَلبي يرقُص فرحًا بهدية أمي الثمينة.
اقتربت مني أختي الصُّغرى، أرادت أن تفتحَ مُصحفي، وتعبثَ بصفحاته، كعادتها في العبث بأشيائي الخاصَّة، منعتُ يدها العابثة أنْ تلوثَ جمالَ صفحاته الناصعة، انزَوتْ في ركنٍ قَصِيٍّ، ثم أجهشت بالبُكاء، اقتربت أمِّي منها، أخذت تداعب في رفق خصلات شعرها الفَاحِم الطويل، ثم احتضنتها وهي تقول: عندما تكبرين سأحضر لك مصحفًا مثله، في صباح اليوم التالي استيقظتُ من نومي مبكرًا، ذهبت إلى كُتَّاب القرية وأنا أحملُ مُصحفي الجميل، تحلق حولي أترابي من الصبيان، وهم يحدقون في غلافِه المذَهَّب، وأنا أحتضنه في قوة، كنت التلميذ الوحيد من تلاميذ الكتاب الذي يَحمل مصحفًا معه.
أجلسني الشيخ بجواره على المقعد الأمامي، رَبتَ على ظهري وهو يقول: حافظ على هذا المصحف جيدًا، ولا تعبث به، أومأت برأسي، ثم أخذ يتلو بعضًا من آيات القرآن الكريم، ونحن نُردِّد خلفه في خشوع، وعندما عدت إلى البيت وبعد تناوُل طعام الغداء، جلست في ساعات العصر على الأريكة الخشبية، التي تتوسط صحن دارنا، وأنا أفتح مصحفي برفق؛ كي أقرأ على نفسي ما حفظته على يد الشيخ من آيات القرآن الكريم، كانت أمي تنظر إلَيَّ وهي تبتسم، ثم تربت على كتفي، وهي تقول: أتمنى أن أراك مثل هؤلاء المشايخ، الذين أسمعهم في المذياع، وهم يرتلون آيات القرآن الكريم، كانت أمي حريصة على فتح المذياع في الصباح الباكر بعد أن تصلي الفجر؛ لتستمع لآيات القرآن الكريم، وهي تصك حبات مسبحتها الخضراء، التي ورثتها عن أبي، ثم تذهب لممارسة عملها البيتيِّ المعتاد.
ومرَّت السنون، وزحف الشعر الأبيض إلى رأسي، وعرفت التجاعيد طريقَها لصفحة وجهي، إلاَّ أن مصحفي ظل رفيقي في هذه الحياة كلما بقيت، أو ذهبت إلى مكان ما، كنت أول شيء أفعله أضعه في حقيبة سفري، وكنت كلما نزلت بمكان ما، أول شيء أفعله أنْ أخرجَ مصحفي من الحقيبة، ثم أحدق في غلافه المُذَهَّب، الذي لا زال متألقًا بنقوشه الذهبية الجميلة، وكنت كلما فتحت إحدى صفحاته على سورة من سُور القرآن الكريم، ارتسمت أمامي صورة أمي، وهي تقول بصوتها، الذي ما زال يطنُّ في سمعي حتى الآن: ها هي الهدية الثمينة التي أتمنى أن تحافظ عليها.

بقلم
خلف أحمد محمود



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 01:08 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 08:14 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk


2 - أمومة
من المجموعة القصصية "صياد الهوى"



سامحها الله، ألا يكفيها حرماني وألم السعي وأوجاعه، حتى تحرِّضه عليَّ، ولم يبقَ لي من الدنيا سواه؟!

• أرضُك بور يا بُنَي، بذرتَها ورَوَيتَها ولم تثمر، احرث أرضًا غيرها ويعوض عليك ربنا.

• ولكنني أحبها يا أمي، ولا أستطيع الاستغناء عنها، و...

• كثيرون قالوا ذلك قبلك يا بني، واستغنوا وأغناهم الله، الأبناء عزوة، اتعب اليوم يُرِيحُوك غدًا، وقد رزقني الله بك على كبر، ولم آتِ لك بأخٍ يسندك، فلا تحرمني رؤية أبنائك يا بْني.

• الحمد لله أنكِ قلتِها بنفسك يا أمي؛ فالأبناء رزق من الله.

• أتعيِّرني يا ولد؟! أم تعصيني؟!
بالأمس كنتُ مقهورة لا حيلة لي، واليوم تستطيع أنت تحقيق حُلمي وحلمك بالأبناء.

• وحنان يا أمي، أليست مقهورة لا حيلة لها؟!

رأيت صورتها منعكسة في زجاج الشباك، وهي تشيح بوجهها بانزعاج باكيةً رافضةً مجرد النظر لابنها، ومهددة له بعدم رضاها عنه، وهو يتوسل إليها ويحاول أن يخفض صوته، ويقبِّل يديها، وهى تتأبَّى عليه حتى خرَّ على ركبتيه واضعًا وجهه في حجرها وهو يبكي، ولم تهدأ، وتربّت على كتفيه، وتمسح على شعره، إلا بعد أن قال لها: إنه سيفكر بجدية في الأمر، أما هي فستعود إلى البلدة بعد بضعة أيام فقط، ولن تقضي معنا شهر رمضان؛ لتتمكن من البحث برويّة عن الزوجة الوَلُود الودود التي تسعد أيامه بالعيال، وتقر عينها إن شاء الله بسعادته.

قبل أن تنهي كلامها كنت قد مسحت دموعي بسرعة، وأسرعت إلى حجرتي على أطراف أصابعي؛ لأكمل زينتي وأخفي أثر دموعي بمزيد من الزينة، تعمدت أن أرتدي أجمل ثياب يحب زوجي أن يراني فيها، لم أنسَ العطر المفضَّل لديه، أعددت كل شيء وكأن شيئًا لم يكن، رفعت صوت المسجِّل بنشيد جميل كم جمع بيننا، تأكدت من إغلاق باب حجرتنا، أما زوجي الحبيب وطفلي الكبير فقد خرج من عند أمه بعد أن نامت مستقرة، ودخل الحمام مباشرة واغتسل جيدًا، وأطال مكوثه في الماء؛ علَّني أكون قد نِمت ثم جاءني متعللاً بأثر السهر، ورفض تناول سحوره؛ لأنه قد تناول شيئًا خفيفًا، وسينام فلديه عمل في الصباح الباكر، قبل أن ينهي كلامه التقت عينانا رغمًا عني وعنه، وجد كل منا نفسه محتويًا الآخر لائذًا به، اختلطت دموعنا ونحن نؤمن في قرارة أنفسنا أننا روح واحدة وجسد واحد.

جاء الصباح سريعًا وذهب زوجي لعمله، وآثار السهاد والإرهاق والهم تغرقه في بحورها، وتعثرت الكلمات بين شفتيه وهو يودعني، فلم يدرِ أأذهب إلى عملي؛ فلربما شغلني عما أنا فيه، أم أظل في البيت لأريح أعصابي؟ ولكن كيف وأمه تلازمني؟!

فاكتفى بأن ربت على يدي وقبَّلها، وهو يرجوني أن أنسى أي شيء، وأهتم بنفسي، فلن تستطيع أي قوة أن تفرق بيننا إلا الموت، ثم يبتسم، ولا حتى الموت! فبعده سنكون زوجًا وزوجة في الجنة إن شاء الله، ويغلق الباب خلفه، وأنا أدعو الله من كل قلبي أن يحفظه لي، ولكن دعاء أي قلب سيجيبه الله؟!

دخلت حجرة حماتي فوجدتها نائمة في هدوء، وشبح ابتسامة على شفتيها، وكأنها تحلم بابنها مع زوجته التي انتقتها له، الولود الودود وأطفالهما من حولهما يتقافزون ويملؤون عليهما الدنيا فرحًا ومرحًا، وأنا! أين مكاني بعد هذه العشرة الطويلة؟

أتراها نسيتني ونسيتها كما أُنسيت سنوات حرمانها الأولى من الإنجاب وألم السعي وأوجاعه؟!
لست أدري، تتابعت الأسئلة والأفكار كمطارق تطحن رأسي وتعتصرني، تركت الغرفة وحمدت الله على أنها ما تزال نائمة، فلن أتحمل مواجهتها بعلمي بما حدث ولا بجهلي به، ارتديت ملابسي على عجل، واخترت ثيابًا لا تبدي رشاقتي الملحوظة التي أحافظ عليها من أجل زوجي، وطفلي الكبير فقط والذي تحسدني عليها الكثيرات، ولكني أحب أن أبدو كسيدة متزوجة وأم أنجبت كثيرًا، في ملابس لا تظهر هذه الرشاقة؛ حتى لا أسمع عبارات الإطراء الممزوجة بالغيرة من الأخريات؛ مثل (كأنها ما ذاقت الزواج ومتاعبه)، (طبعًا، ولماذا لا تكون رشيقة مدورة البطن في رقة، ناعمة النهدين وهي لم ترَ حملاً ولا ولادة ولا رضاعة، عيني علينا نحن من نكابد آلام لا نهاية لها..)، تحسست جسدي من خلال ملابسي ونظرت في المرآة، فاطمأننت على الشكل المطلوب.

نزلت الشارع، وجدت عربتي أمام باب العمارة، فلم أشأ أن أركبها اليوم، وفضلت السير، فسمعت غناءً عالي الصوت في خلاعة وضجيج صادر من مسجل أصرَّ صاحبه على إزعاج الناس، دون حرمة لهذا الصباح المبكر من شهر رمضان الكريم، اصطدمت عيني بالمسجل اللعين، الذي يصك صوته الآذان بسماعاته الكبيرة متدليًا من يد قوية، يتجاوب صوته مع صوت طرقات قدم ضخمة مفلطحة في (شبشب) خفيف على أرض الطريق، لم ينسَ صاحبها أن يشمر ساقيه الغليظتين المتسختين كباقي جسد صاحبها وملابسه في ألفة جعلتني أرفع رأسي لأرى من يكون هذا الشخص؟!

عرفته، إنه هو نفس الصبي الصغير ضخم الجثة الذي كان ينام مع زملائه على سور شاطئ ترعة الزمر صيفًا وشتاءً، ويضرب الأولاد من حوله بشدة ويغتصب طعام (الفواعلية) الذين يشاركون هؤلاء الصغار مقرَّهم، فينتظرون فيه إلى أن يأتيهم من يطلب بعضهم للعمل باليومية، حمدت الله أنه لم يلتفت إليَّ، ومشيت مضطربة، لقد تجرأ هؤلاء الصغار على حَيِّنا الهادئ، وانتشروا في شوارعه ونواصيه، حتى صار أصحاب المحلات وسكان الأدوار السفلى من العمارات المجاورة يخشونهم، فعرفت الآن فقط سبب هدوء الشارع في ليالي الخميس التي كان يزينها الأطفال بألعابهم وضحكاتهم، وأنا أتابعهم من الشباك بعد أن كنت ألعب مثلهم وأنا صغيرة.

عبرت شريط القطار لأستقل "تاكسي" لمقر عملي، ولكني وجدت في نفسي عدم رغبة في الذهاب للعمل اليوم؛ فأعصابي لن تحتمل المزيد، ففضَّلت أن أتسوق، ثم أذهب لزيارة أمي، وأعود في موعد انتهاء العمل، ولكن لا مفر من المرور على سور حديقة المحطة، فتعمدت أن أسير بجوار المحلات إلا أن عربات التاكسي كانت تنتظر المسافرين، وتسد الطريق، ويقوم سائقوها بتلميعها، أو شرب الشاي وهم يتضاحكون، ويلقون بتعليقاتهم ونظراتهم على الغاديات والرائحات، فسِرْتُ في منتصف الطريق ثم انحزت يسارًا لأتفادَى عربة يقودها أمين شرطة صغير السن بحركة استعراضية في مَرَح، قبل أن يأتيه قائده ليعطيه التمام، لمحت عيني طفلاً صغيرًا يزحف ويتكئ بيديه الصغيرتين ليصعد الرصيف وهو يبكي، حتى صَعِده بمشقة فشعرت بغصَّة في قلبي لهذا الملاك الصغير في لون التراب، والذباب مستكين على وجهه، وكأنه وجد الأمان لدى من لا يستطيع هشَّه، تحسست صدري في حركة لا شعورية أخفيتها بتسوية غطاء الرأس على صدري وكتفيَّ، وأنا أرى الصغير يحاول الوقوف متساندًا على فتاة لا يزيد عمرها عن أربعة عشر عامًا، ويبحث بأنامله الرقيقة وفمه عن ثَدْيها من خلال فتحة صدرها الكبيرة، وظل يمص دون أدنى محاولة منها لتغيير جلستها، وهي فاتحة ما بين ساقيها، ثانيةً ركبتيها، وبيدها سيجارة مشتعلة، وهي غائبة عما حولها، فاشتعل قلبي وصممت أن يكون هذا الطفل طفلي مهما كان الأمر، وأن تكون أمه - الطفلة - في رعايتي!

دخلت السوق في نشاط واشتريت كل ما أستطيع حمله من فاكهة وحلوى لهذه الطفلة وزملائها، ولمَّا عدت وجدت زحمة وضوضاء، اقتربت.. وجدتها تصرخ وتهذي ولسانها ثقيل، تقول كلامًا مكسرًا، وعيناها زائغتان يسكنهما الألم والحيرة تخمش وجهها وصدرها ولا تدري ماذا تفعل؟ ثم تنظر للصغير المسجَّى أمامها في رعب ثم تسحبه من أسماله البالية، وتحاول جرَّه بعيدًا، تاركةً الناس وهي تشيح لهم بأن يتركوهما لحالهما وتسبهم سبابًا مقزعًا، لا تكاد حروفه تَبين، فهجم عليها أحدهم وانتزعه من بين يديها وهو يهزها بعنف: لقد مات.. أفيقي.. أفيقي.. لقد وجد علبة الهباب (الكُلَّة) هذه مفتوحة قليلاً على الرصيف، فظل يشمُّها حتى مات، صعقت وألقيت كل ما في يدي على الأرض وأنا أبكي: ضناي.. بحرقة.. ابني ضاع، حتى هذا الابن يا ربي ضاع؟! فهجم ماسحو الأحذية وماسحاتها من أولاد الشوارع، يتخاطفون الأكياس ويأكلون ما بها.. اقتربت مني فتاة منهم خمرية اللون، عيناها ساحرتان قائلة:
• شحرورة العبيطة تبكي على ابنها، وأنت ما دخلك؟! إذا كنتِ تريدين البكاء فابكي علينا نحن، وتمصمصت في سخرية، ثم برقت عيناها وهي تتفرسني من أسفل لأعلى وتطرقع (بلبانة) في فمها، وهي تحرّك حاجبيها مع كل حركة أو كلمة، أأنت يا سيدة كنتِ تريدين هذا الابن لك؟ أليس لك أبناء؟

صمتُّ وأنا أنظر إليها باستغراب، فابتسمت بخبث وتثنّت في خلاعة:
• إذًا انتظري أقل من تسعة أشهر فقط وأنا سآتيك بأحلى منه، ولكن كم ستعطينني؟!
ألجمت المفاجأة لساني، وشعرت أن الأمومة شيء آخر غير الإنجاب!!






التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 01:10 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 08:23 AM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk


3 - غريزة الامومة....... قصة مؤثرة.......



كانت صدمتها عند سماع نتيجة تشخيص طبيب العيون لحالتها شديدة ; لدرجة انها لم تستطع تصديقها.
حاولت ان تقول لنفسها ب انه مجرد كابوس وستصحو منه في اية لحظة ; لكنها للاسف حقيقة مرة و عليها تصديقها في النهاية ;
كانت بداية الحكاية; مشاكل تراكمت...... وتراكمت لدرجة انها لم تعد تستطيع حملها كلها
كان الزمن لا يعطيها نتيجة طيبتها; سوى قسوة.... ومحنا.... وتجارب صعبة.... لازالت المسكينة صغيرة لتستطيع حتى فهمها فكيف بمواجهتها.
لم يكن بمقدورها سوى البكاء; فهو الوسيلة الوحيدة التي تخفف بها عن الالم; ونزف لجروح قلبها; الذي مرت عليه جرارات الزمن القاسي بدل المرة الف.
لم يكن يعينها على الصبر والتحمل; غير انتظار صغيرتها القادمة. وهي لم تبلغ في بطنها سوى الثمانية اشهر; مع ان مرور تلك الثمانية اشهر لم يكن بالامر السهلو لانه وببساطة قد عانت فيه بدل الامرِّ امرّين
قالها الطبيب لها مباشرة وبدون سابق انذار:
للاسف هناك تمزق في شبكة عينك اليمنى; ويجب عليك اجراء عملية جراحية في اقل من اربع وعشرين ساعة القادمة; والا ستفقدين النظر كليا في تلك العين; وان لم نسرع في علاجها سوف ينتقل ذلك التمزق بسرعة للعين الاخرى; وفي النهاية قد تصابين بفقدان كلي للبصر.
قبل ان تستطيع المسكينة استيعاب ما قاله الطبيب; حتى سمعته يقول مرة اخرى:
هذا ليس المشكل بالنسبة لك فالعملية سهلة; ونسبة نجاحها كبير جدا; لكن المشكل هو في انك حامل وعند دخولك في عملية التخدير قد يتسبب ذلك في موت جنينك; لانه قد لا يستطيع ان يستيقظ بعد انتهاء العملية. مدتها طويلة ونحن نحتاج الى نسبة كبيرة من المخدر كي لا تستيقظي وسط العملية.
لهذا عليك الاختيار:

اما اجراء العملية باستخدام المخدر وهذا سيريحك ولن تحسي ب اي الم لكنك ستغامرين بحياة جنينك
او اجري لك العملية دون استخدام اي نوع من المخدر لكنك ستحسين بكل شيء وستكونين مستيقظة طوال فترة العملية الجراحية
لم تفكر طويلا; ووجدت نفسها تقول له ساجري العملية دون اي تخدير; هذا هو قراري دون رجعة فيه
اثناء ذلك لمحت نظرة شفقة رمقها بها الطبيب ; فلم تستطع وقف دموعها التي تسارعت في النزول على خديها الشاحبتين.

فوقف و اعطاها منديلا ;وقال لها بكل لطف: الان ساطلب ان يعطوك غرفة لترتاحي وغدا صباحا تخبريني بقرارك النهائي
نهضت عن الكرسي رفقة الممرضة ورجليها لا تستطيعان حملها; احست ان الدنيا تدور بها; وبان الايام لن تعطيها يوما جميلا مرة ثانية ف ما ان تخرج من مصيبة حتى تقع في اشد منها; اما هذه فلم تكن ابدا في الحسبان
اخذتها الممرضة الى غرفتها وساعدتها في الاستلقاء على السرير
كانت ليلة ماطرة تصاعدت فيها اصوات الرعد; وضوء البرق ينير غرفتها المظلمة
ظلت طوال الليل تنظر للنافذة ودموعها لم تجف ولو لثانية. ظلت تتذكر قسوة الايام عليها; حاولت ان تعرف السبب وراء ما يحدث لها.

هل هو خطا اقترفته? وهي الان تجني نتائجه;
ام ان ربها يعاقبها نتيجة ذنب صنعته بيديها?وهي لا تدري ما هو;
لكنها في النهاية لم تجد الاجابة.....
حاولت النوم لكنه ابى الا ان يهرب من بين ايدي جفونها; وكانت اطول ليلة مرت عليها في حياتها.
طلع الصباح.... ولم يغمض لها جفن; سمعت دقا خفيفا على باب غرفتها; فدق قلبها الفا مضاعفة
دخلت الممرضة وقالت: صباح الخير; يظهر انك لم تنامي الليل بطوله;

لم تستطع اجابتها ولو بنصف كلمة لانها كانت تحس ب ان لسانها قد شل ويصعب جدا تحريكه
ساعدتها الممرضة في نزع ملابسها; والبستها لباسا خاصا لغرفة العمليات;اجلستها على كرسي متحرك وهي شبه غائبة عن وعيها
تحركت بها نحو المصعد الكهربائي; ونزلت به نحو الاسفل
كان ذلك سريعا جدا; حتى وجدت نفسها وسط غرفة باردة جدا; تملاها الكثير من المعدات; والتي بعثت في نفسها خوفا اشد من الخوف الذي يعتريها
كان هناك اكثر من شخص; لكنها لم تفرق بين الطبيب; و المساعد; و الممرض; فجميعهم كانو يرتدون وزرة بيضاء
كانوا يتحدثون اليها; ويحاولون تهدئتها بكلام مضحك; لكن خوفها وحزنها غالب على ملامحها
استغرب الجميع من صغر سنها وحملها; لكنها لم تكن تبالي بما يقولون
سالها احدهم عن جنس طفلها فاخبرتهم بانها فتاة
حضر الطبيب المسؤول; وبابتسامة سالها: ماذا قررتي يا جميلتي الصغيرة?
فاجابته: بكل تلقائية وبدون تردد ساقوم بها دون تخديري;;;

حاول الطبيب ان يظل مبتسما; لكنها لاحظت صدمته وصدمت جميع من حولها
لم يكن قرارها سهلا; لكنها قررت انها لن تفقد فرحة وسط الحزن الاسود الذي تعيشه
قيدونها مع السرير كما كانت تشاهد في افلام الرعب; لكنها لم تتخيل مرة انها ستكون بطلة في احد هذه الافلام; والفرق الوحيد انه الان في الواقع.
سمعت شخصا يقول: بان نبض قلبها قد انخفض كثيرا; وعرفت ان ذلك سيكون نتيجة خوفها الشديد
انتهو من تقييدها الى السرير وكانهم سيعذبونها; لكنه كان لمجرد انها ستقوم بعملية جراحية في عينها دون اي تخدير والاكيد انها لن تتحمل الالم; وسيكون من الصعب انجاز عملهم بسهولة
ثبتو عينها باداة جعلتها تصبح شبه بارزة الى الخارج;
لم يكن بمقدورها سوى تحريك بؤبؤ عينها; مع ان الطبيب كان يطلب منها محاولة تثبيته
كان من الصعب عليها تحمل رؤية الابرة تنزل باتجاه عينها; والاحساس بها وهي تمر عبر الشبكة جارةً خلفها خيطا ما اقساه
توسلت الى الطبيب ان يمنحها دقيقة يتوقف فيها عن ذلك كي ترتاح; لكنه اخبرها في كل مرة بان هاته المرة ستكون الاخيرة لكنها كانت تعلم ب انه يكذب فقط ليريحها
واثناء العملية ومن شدة خوفها; كانت تحس بصغيرتها تصعد باتجاه قلبها; وتتخبط في بطنها; وكانها تحاول تمزيقها والخروج منها كان ذلك مؤلما لها اكثر من ابرة الطبيب; لكنها رجت احد المساعدين ان يفك يديها لثوان قليلة فوضعتها على المكان الذي كانت فيه وهمست لها بصوت داخلي وقالت:
لا تخافي يا طفلتي; امك فقط تحاول ان تحميك; سيمر كل هذا وستكونين قيبا بين احضاني لتنسيني جميع ما مررت به اليوم; فامك تحبك وهذا ما دفعها للقيام بكل ذلك
عادت الطفلة لمكانها وهدأت; وكأنها سمعت كل ماقالته امها لها; واحست به
مرت العملية في ساعة ونصف; لكن كانت بالنسبة لها قرنا ونصف;لم تشعر المسكينة بالم مثل ذلك وظنت بانها لن تشعر بمثله مرة اخرى
انتهت العملية الجراحية بنجاح; و حملوها مرة اخرى الى غرفتها; وهي شبه ميتة من شدة ما مرت به
لكنها في قرارة نفسها كانت فرحة جدا; وتملأها سعادة غامرة لا توصف; لأنها حمت ابنتها من الموت; وحافظت على فرحة سياتي يوم قريب; وتراها بعينها; لتنسى بذلك كل هذا الالم الذي مرت به.


النهاية

منقولة



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 01:12 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 10:02 AM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk

4 - " أمومة أم أحمد"
قصة بقلم: جمال بنورة



..تجلس على الأرض في ظل احدى شجرات الصنوبر الملاصقة لسور المدرسة..تستند بظهرها الى السور..ركبتاها مرفوعتان أمامها، يغطيهما ثوبها الفلاحي الطويل الأسود، الذي يصل الى قدميها. أحياناً تتحسس كيس نايلون بجانبها، يحتوي بعض الطعام، كأنما تتأكد من وجوده.. أو كأنما تخشى ان تكون قد نسيته. تمر الساعات وهي في جلستها لا تريم.. تسند خدها بكفها، وأحياناً تشبك يديها حول ركبتيها. تجلس..وتنتظر.. لا يقلقها مرور الوقت.. بل ولا تكاد تحس به.. أحاسيسها كلها منصبة في اتجاه واحد..أحمد.. ليس هناك ما يشغل بالها.. ما دامت قريبة منه.. سعادتها ان تكون دائماً قريبة منه.. تحس بوجودها الى جانبه.. وتحس بوجوده الى جانبها. قلبها لا يحتمل ان تكون بعيدة عن وحيدها.. ولا تشعر بالاطمئنان الا وهي قريبة منه..انها لا تستطيع الا ان تظل بقربه.. وهي هنا لا تبعد عنه سوى خطوات، ولا شيء يشغل افكارها غير انتظاره. ولا قوة في العالم تستطيع أن تزحزحها من مكانها.." ما حدا بقدر يمنعني عن ابني.." ولا محاولات المدير أفلحت في إقناعها بالعودة الى بيتها..
- ياخيّي..شو إلك معي.."هالميدة اللي حاطها قدامي..ارفعها!"
- ياخالتي..مابصير.. القانون بمنع. اذهبي بعيداً عن المدرسة!
نظرت اليه في بلاهة:
- ياخويا..ابني مابعرفش الطريق لحاله.. دارنا بعيدة. يعني أسيبه يروّح لوحده..؟ أنا ماقدرش ابعد عنّه..
رضخ المدير أخيراً.. وسلّم بوجود المرأة..صار منظرها مألوفاً عند سور المدرسة، حيث بضع شجرات صنوبر يستظل بفيئها التلاميذ في فترات الترويح.. وإذا ما أحست بالشوق لرؤية ولدها، قامت الى أحد الصفوف..وأخذت تراقب ابنها من النافذة. وترتد الى مكانها عندما ينهرها أحد المعلمين.. وأحياناً لا تلبث ان تعود.. تتعلق أبصارها بولدها فلا تطيق ان ترفع نظرها عنه.. يتلفت الأولاد نحوها مبتسمين.. يصرخ بها المعلم:
- أنت تلهين الأولاد عن دروسهم.. إذهبي من هنا..مالناش شغل غيرك؟
- خليني أشوفه.وحياتك.. الله يخلّي عمرك..
وتبتسم في سذاجة، وتسأل:
- بعرف يقرأ مثل الأولاد؟
وترفع يدها مثل طالب يستأذن معلمه وهي بموقفها وراء النافذة تمسك حديدها بيدها:
- ياخويا.. بحب أسمع صوته..
يضحك المعلم، ويقول في تسليم:
-اقرأ يا أحمد..خلي أمك تسمعك.
وتغمرها الفرحة، وتدعو للمعلم:
- الله يسعدك.. الله يهنيك شبابك، ويرزقك بنت الحلال..
قال مبتسماً:- ياخالتي.. أنا متجوز.
- الله يخليلك مرتك.. ويخليك الها.. إن شاء الله بتظل منور بيتها..الله يهنيكو في بعض.
ثم تسأل بعد قليل، وقد استطاعت ان تجذب اهتمامه الى حديثها المعسول، وكأنما تتقرب منه ليتغاضى عن وقوفها وراء النافذة:
- معاك أولاد ياخويا؟
- أيوه.
- الله يخليلك اياهم..يجعلهم يعيشوا في عزك.. ويرفعوا راسك..
لو لم يكن احمد..أكانت تحتمل الحياة..؟ من لها في العالم غيره؟ زوجها راح في طريقه.. زرع الجنين في أحشائها ورحل.. تركها للعالم الآخر.. أو بالأحرى أُخذ الى العالم الآخر.. انتزعت منه الحياة عنوة.. كان يحب الحياة.. ويحبها.. و.. شعرت ان حياتها انتهت بموته، او بالأحرى بمقتله
ولكنه كان قد منحها حياة جديدة.. وأملاً جديداَ.. حسناً فعل أنه منحها..
بذرة أحمد..أحمد هو.. أخذ اسمه.. ليعيش عمره..كانت منذ صغرها لا ترى في الدنيا غيره.. تفتحت عيناها على حبه.. واستلبوه منها..إنها ترى في ابنها احمد شخصه، وتسرح أفكارها.. تكاد تخترق الغيب لترى المستقبل، وقد أصبح احمد رجلاً، يملأُ حياتها بالسعادة، ويملأ قلبها بالأمل، وتتخيله وقد تزوج، وأنجب اولاداً كثيرين.. بل انها تفكر ان تختار له عروساً منذ اليوم.. ان تضع عينها على إحدى البنات (لتسميها باسمه) لكي تتفتح على حبه، لقد أحبت فتاة معينة تود لو تفاتح اهلها في الموضوع.. ولكنها تخشى ذلك.. لا تدري اذا كانوا سيوافقون..ولكن ما المانع.. لقد تزوجت هي بنفس الطريقة؟ لقد ملأ حياتها منذ الصغر.. ولا يزال يعيش في حياتها حتى الآن..تكاد لا تصدق انه مات..انها لم تشعر كيف مات.. حدث ذلك دون سبب معقول..فاجأها برحيله الأبدي.. لم تكن مستعدة لاستيعاب الفاجعة.. ولم توفه حقه من الحزن والدموع.. لم تستطع ان تحزن عليه كما يجب.. لم تُتح لها الفرصة لذلك.. منعوها حتى من رؤيته..لم يكن لديها وقت للحزن، وقد حالوا بينها وبينه. لم تره ولم تودعه فما ان بلغها النعي حتى بدأت تحس بآلام الوضع.. وكانت صرخات الطلق تمتزج بصراخ هستيري:" لماذا قتلوه.. لماذا؟ ألأنه خرج في وقت منع التجول.. وهل كان يعلم انهم سيلاقونه؟..انهم يتربصون به.. قالوا إن منع التجول من المغيب حتى الشروق.. وكان يخرج دائماً مع الفجر ليزرع ارضه..لم يفعل ضدهم اي شيء.. إنهم يعلمون ذلك. لقد رأوه يفلح الأرض فلماذا أرادوا قتله؟ لماذا يحبون قتل الناس؟ لماذا ييتمون طفلاً قبل ان يولد؟.. ويعزيها الناس به: " الله أعطى.. والله أخذ"
وترفض ان تصدق انه مات.. لا يمكن ان يتركها وحدها في هذا العالم..
ماذا لها في العالم غيره..؟ ولكنهم يصرون على انه مات.. يريدونها ان تتعزى عنه من أجل المولود الجديد.. ويطيبون خاطرها: " حتى لا يجف حليبك.. إنه ذكر.. سيحمل اسم والده.. ليكون عوضاً عنه.."
وتفيق من أحلامها على قرع الجرس..تمتلىء ساحة المدرسة صياحاً وضجيجاً.. يبدأ الصغار باللعب والتدافع بالمناكب، وضرب بعضهم بعضاً، ويزغرد قلبها فرحاً لمنظرهم..تود لو تضمهم جميعاً الى صدرها.
ان تكون لهم أماً، فهي كانت تتمنى لو أنجبت عدداً كبيراً منهم ولكن حظها قصّر. إنها تعاملهم كأبناء لها.. وتراقبهم وهم يتسابقون الى حيث يقف بائع الكعك.. بعض الأولاد يشترون الكعك، وآخرون يخرجون قطع الخبز المحشوة بالجبن او الزيت واالزعتر، ويلتهمون عصرونتهم في بضع لقيمات..حتى لا تفوتهم فرصة اللعب..اوهم يبدأون اللعب وأفواههم
محشوة بالطعام.
ينسل أحمد في هدوء الى حيث تجلس أمه..أحمد مستجد في المدرسة. لا يعرف المشاغبة، يمشي في رزانة الكبار. لا يتحدث كثيرا، ولا يشاكس غيره من التلاميذ. كان يرعى الغنم مع أمه.. إنه يعرف كيف يحلب النعاج.. وهو يحبها أيضاً فقد تربى على حليبها. لقد حرم الرضاعة من أمه، وهي تسقيه كل يوم حليبا طازجاً. لقد اشترت النعاج من أجله.. لتسقيه من حليبها..وعندما كبر صار يرعاها بنفسه.. ولكنه لم يكن يبتعد عن مرمى أنظار أمه.. ويجلس في الخلاء وحيدا مستوحشاً، ونصحها حموها الضرير ان ترسل حفيده الى المدرسة.
- أريد حفيدي ان يكون متعلماً..هذا العصر لا يعيش فيه إنسان أمي.
خشيت ان تبعث به الى المدرسة. بيتهم يبعد عن القرية مسافة ساعة مشي.
- أنا لا أستطيع ان أتركه يذهب الى المدرسة وحده.
- ليس هذا خوفاً عليه. أنت لا تحتملين الابتعاد عنه. أنا أخاف ان يفسده التدليل.. اريده ان يطلع رجلاً.
- اذا أردت..انا آخذه الى المدرسة..انت تبقى وحدك في البيت.
- سأتدبر أمري..
يتجمع حولها بعض الأولاد. تمدّ يدها الى الزوادة بجانبها.. تتناول الخبز وأقراص الجبن الذي تصنعه بنفسها. تقسم الخبز وتحشوه بالجبن وتبدأ بإطعامه لقمة، لقمة. لم يكن يتضايق، فهو متعوّد على ذلك منها.. وعندما يقترب منها احد الصبية تمد يدها بالطعام اليه. بعض الأولاد يأخذون وبعضهم يرفضون.. كان هذا يزعلها، تحس ان الولد يريد ان يأخذ..ولكن شيئاً يمنعه.. ربما انّ أهله يوصونه الاّ يأخذ شيئاً من احد.. أنا لست احداً.. أنا أم احمد.. أنا أحبهم مثل ابني..وتنظر الى احمد.. يلوك الطعام في فمه دون تسرع، وأنظاره تتابع الأولاد في لعبهم وصياحهم.
ويقرع الجرس ثانية، فيصطف الأولاد في ساحة المدرسة.. ويسير ابنها بين الأولاد.. فتودعه بنظراتها حتى يغيب في داخل الصف، وتظل في جلستها حتى يقرع آخر جرس، فيخرج الأولاد عائدين الى بيوتهم ..تمسك بيده، وتسير به عبر الطريق الطويل الوعر الى الطرف القصي من القرية حيث بيتهم هناك.
لماذا أحبها الأولاد..؟ ألأنها كانت تطعمهم مما تحضره من طعام؟ ألأنها كانت تسليهم بأحاديثها عندما يتحلقون بها، فتحدثهم عن حياتها، وعن احمد وما يفعله، إنها تحب ان تتحدث عن ابنها لجميع الناس، وتريد ان تقول لمن لا يعلم..انّ احمد ابنها..أم لأنها كانت تنقذهم أحياناً من العقاب؟ حتى أصبحت مصدر ضيق بالنسبة للمعلمين.. فهي ما إن تسمع صراخاً حتى تركض الى مصدر الصوت، وتبدأ تترجى المعلم ان يعفو عن الطالب.. حتى اخذ الأولاد يصرخون بصوت مرتفع لكي تسمعهم، فهي لا بد قادمة لنجدتهم.
- أعفُ عنه.. الله يعفي عنك..
- هذا ليس شغلك.. لا تتدخلي!
وهي تضع يدها على ذقنها:- ياخويا..من شاني..
- لا.. كم مرة أعفيت عنهم من شانك..؟
بذكاء فطري:- طيب.. من شان الله.. هذه المرة فقط..
- انت.. شو بخصك..؟
بلهجة حزينة:- حرام..
وقد يتجاهلها المعلم في بعض الأحيان، ويستمر في ضرب الولد حتى تصرخ به:
- يا معلم..يا معلم..
فلا يرد.. حتى تصرخ بصوت أعلى:
- انت ما بتخاف ربك..؟ انت مالكش اولاد..؟
يرفع رأسه اليها بغضب:- يعني.. شوبدك؟
تعود الى لهجتها الحزينة المستعطفة:
- ولا..شيء ياخويا.
ثم مشيرة الى الولد المعاقب:
- حرام..لو أمه تشوفك ما بتتحمل.
ثم مستدركة:- بتحب ابنك ينضرب؟
يصيح بها، وهو يفلت الولد من يديه.
- انت طمعت الأولاد علينا.. بطلوا يدرسوا.
تبتسم وهي تحس بالإنتصار:
- بكبروا..وبتعلموا..
- مبسوطة هيك؟
- الله يرفع الأذى عنك..الله يحميك من اولاد الحرام.
***
لم تكن المرأة تفارق احمد.. بالأحرى لم تكن تستطيع ان تفارقه لحظة واحدة..هل كان ذلك كله حباً..؟ خوفاً..؟ هل كانت تظل معه خوفاً من المجهول..؟ تريد ان تحميه مما يخبئه له القدر؟ هل كانت تعرف ماذا يخبىء له المستقبل.؟ هل كانت تعتقد انها قادرة على ان تحميه مما يخبئه له المستقبل؟ هل كانت تظن ان قربها منه يمنع عنه الأذى؟.. الموت.. يمنع الموت..؟ وهذا اليوم.. لماذا تمور المدرسة بضجيج صاخب؟ ماذا جرى؟ هتاف..؟صراخ..؟ صياح..؟ الأولاد يتجمعون.. تنظر مذهولة.. وهم يخرجون الى الشارع.. ماذا ترى؟ جنود..عصي..حجارة..تراشق.. ضرب..؟ تبحث عن ولدها.. ما الذي يجري هنا؟ ولدي..أين ولدي؟ احمد.. اين أنت يا احمد؟..أحمد تتدافعه الأيدي..لا يعرف طريقه بين الأولاد الكبار..يغذّ الخطى..يجد نفسه يسير بينهم.. معهم.. تحاول الوصول اليه.. لا تستطيع..يناوله احد الأولاد حجراً.. ارم..هناك..افعل مثلنا.. هؤلاء قتلوا أباك.. اضربهم.. اضرب..لا تخف! يحمل الولد حجراً.. لا يهاب.. يسير مع الأولاد..يسير.. يضرب..يضرب..الصغار يحملون الحجارة.. يرشقونها في اتجاه الشارع.. المعلمون لا يستطيعون التدخل.. الموقف انفجر.. لا سيطرة لأحد عليه.. رصاصة.. رصاصة طائشة.. احمد.. لماذا احمد؟ ألم تجد غير ابنها؟ أعجبك هذا؟.. من؟ ماذا؟ لا أستطيع شيئاً.. المدير متهم.. كيف تسمح بإخلال النظام؟ أنت المسؤول.. مسؤول..؟ عمن؟ أمام من؟ لماذا أنا؟ لماذا أكون مسؤولاً..؟ والولد.. ما ذنبه؟ ماذا فعل؟ إنه يتخبط في دمه..الأم تصرخ.. تصرخ..تقترب من الولد..تقدّ الثوب.. تقطع شعرها.. ابني.. ولدي.. وحيدي..حياتي..لا تمت!..من لي غيرك؟.. يفتح الولد عينيه.. ينظر الى أمه.. وهي تحتضنه..تتخضب ثيابها بدمه. ثم يغمض عينيه ثانية.. لا تأخذوه مني!.. ليس لي غيره.. ولكن الإسعاف..لا فائدة..أخذوه رغماً عنها.. طار صوابها.. لحقتهم الى المستشفى..لم تره..لم يسمحوا بذلك.. عودي غداً.. التشريح..سبب الوفاة..لماذا؟ هل مات؟..حقاً.. لايمكن.. مستحيل ان يموت..لماذا يموت..؟ لماذا هو؟ لا ..لا أصدق..لا يمكن ان يموت!.. وهل أبقى وحدي في هذا العالم؟..
في الغد..القرية كلها تسير في الجنازة..حتى الرجل الضرير يتوكأبعصاه..يتحسس النعش..يسير خلف النعش..عيناه في اتجاه مستقيم.. كأنما تنظران الى أمام. الى الفراغ.. الى الظلام الذي يلفهما..عيناه مفتوحتان على الظلام.. وكأنه يرى حفيده..الدموع تتساقط من عينيه.. الرجل الأعمى يبكي أيضاً.. رغم كبره..رغم جلده..لم يحتمل..القرية كلها بكت.. ولكن بعض النساء تزغرد أيضاً.. والأم غير مصدقة ما يجري أمامها.. حبيبي احمد..لا تبعدوه عني..تمد يديها كأنما تحتضنه..وهي تمزق ثيابها.. خذوني اليه..ادفنوني معه..لا أريد حياة من دونه..إنها مثل إنسان فقد وعيه تماما. هل صحيح ان جميع هؤلاء الناس يسيرون في جنازة ابنها..؟ وجنود..أيضاً.. ماذا يفعلون هنا؟ الطلاب يهتفون ثانية.. يتدخل الجنود ليمنعوا ذلك..بعض الناس يتدخلون أيضا..يهدئون الموقف.. تسير الجنازة في صمت.. ينظرون الى الأم.. لا يجدونها..راحت تبحث عن احمد.. احمد موجود في مكان ما.. ستذهب اليه.. تريد ان تراه.. هذا الميت ليس احمد.. احمد لا يموت.. انا اموت بدلاً منه..لماذا لااموت انا ويبقى احمد؟
ظلت تائهة في الخلاء لعدة ايام..تبحث عن احمد..ثم عادت الى المدرسة.. لا بد ان يكون هنا.. ترى أترابه..تسألهم عن أحمد.. أحمد مات يا خالة.. لا .. لا تقل هذا.. لا تكذب علي..! نعم يا أمي.. لقد.. مات.. متى ستقتنعين بذلك؟.. أمي..إنه يقول.. أمي.. أنت.. ابني.. أنت أحمد.. نعم يا أمي.. قلها.. أريد سماعها. .أنت أحمد..هو أحمد.. كلكم أحمد.. أنتم أبنائي.. أحمد يحبكم.. أنا أحبكم.. صدرها يتسع لمحبة جميع الأولاد رغم أن البعض يقول أنها مجنونة. كانت تحب.. بكل ما منحها الله من قدرة على الحب.. وأخذت ترى في كل واحد منهم أحمد.. أوشيئا من أحمد.. بعض سماته.. شعره.. لون عينيه.. ضحكته..براءته..
وقال لها احد المعلمين:
- يا خالة.. لماذا لا تذهبين الى البيت؟
- أنا أنتظر أحمد.. كيف يعود أحمد وحده؟
- ولكن احمد لم يعد يأتي الى المدرسة..
- أحمد.. إنه يلعب مع الأولاد.. إنه يكتب دروسه.. يقرأ أيضاً.. ويرسم أشياء جميلة.. ليتك تراها.. رسم مرة صاروخا يسقط طائرة.. كان يتعلم.. كيف يكون الرجال..
***
- ماذا تحملين يا أمي؟
- طعام أحمد.. إنه طعامكم.. أنا أصنعه خصيصاً لكم.
وتبدأ تقسم الخبز والجبن.. وتوزعه عليهم.. وهم يتحلقون بها.. والأولاد يأخذون منها الطعام.. حزناً عليها.. بدون ان يعوا ذلك، كأنما يجبرون خاطرها.. وأخذ الأولاد يتحببون اليها.. ويجلسون حولها في فرح.. ومن لا يحمل طعاما، يذهب الى الخالة.. الأم.. وتجلسه في حضنها وهي تقسم الخبز والجبن وتضعه في فمه.. هذا لك.. وهذا لك.. وهذا لكم.
وضاق المدير ذرعا بها.. قال له احد المعلمين:
- دعها في حالها..إنها بلا وعي.. لا تدري ما تفعل.. كان الله في عونها..
لم يرد المدير.. صرخ بها:
- يا خالة.. أحمد مات.. متى تصدقين ذلك.. وتعودين الى رشدك؟
وقالت وهي تبكي.. وقد غاب عنها الصواب:
- لا .. لا أصدق.. مش معقول احمد يموت.. وأنا لمن أعيش..؟ أين هو ..لا بد ان أراه..!
ولم يستطع احد ان يقنع المرأة بأن احمد مات.. وتظل تصر على موقفها:
- أحمد لم يمت..أحمد موجود.. إنه في مكان ما.. لا بد ان يعود.. قد يكون بينكم.. بل إنه بينكم.. إنه واحد منكم.. أنتم هو.. هو أنتم..

***



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 01:16 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 10:06 AM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk


5 - الأمومة وحرقة الفقد



تقلّبت طفلة الأعوام التسعة على فراشها، ولم تستطع النوم..فلمّا سألتها جدّتها عن سبب تململها أجابتها باكية: أحسّ يا جدّتي بحرقة شديدة في صدري..شوقاً لأمي.
كان للأم نصيب كبير في الأدب منذ القدم..إبتداء بالشعر ومروراً بالقصّة وإنتهاء بالخاطرة..وغيرها من الفنون الأدبيّة المختلفة..
غير أنّ هذا الأدب قد أغفل ذلك الجانب العاطفيّ الذي يتّصل بفقد الأمّ في مرحلة الطفولة المبكرة وأثر ذلك على سلوكيّات الإنسان ومشاعره..
لا أدري حقيقة متى بدأ إهتمام الأدباء بهذا الجانب..ولكن ما أعرفه أنّ الكاتب الروسي فيدور دستوفسكي قد تحدّث عنه وبشراسة..لما له من أثر على ما بعد مرحلة الطفولة..فكان ينثر مشاعر المرارة في مواضع مختلفة من روايته -المراهق-.
وفي روايته -رسائل من أعماق الأرضأو في قبوي أو الرجل الصرصار- يتحدّث على لسان بطل الرواية قائلا:
إسمعي يا ليزا، سأضرب لك بنفسي مثالاً..لو قد كان لي أسرة أثناء طفولتي، لما كنت اليوم على ما أنا عليه، إنّني كثيراً ما أفكر في هذا الأمر، مهما تكن حياتك في أسرتك شقيّة، فإنّ أباك وأمك ليسا عدوين لك على كلّ حال...ما هما عنك بغريبين، لابدّ أن يعبّرا لك عن حبهما مرّة في السنة على الأقل، أنت هناك تشعرين بأنّك في منزلك، أمّا أنا فلم تكن لي أسرة، ولعلّ هذا هو السبب في أنّني بلغت هذا المبلغ من...إنعدام الإحساس.
ويتحدّث بلزاك في روايته -امرأة في الثلاثين- عن امرأة تزوّجت من ضابط كبير رغم تحذيرات والدها المتكرّرة..وكيف أصبح هذا الزواج مصدراً رئيساً لتعاستها..وأنّها السيدة ديغليمان أنجبت من هذا الزوج طفلة أسمتها هيلين وبعد سنوات طويلة من الألم والشقاء والحزن الذي كبرت ونمت وترعرعت فيه، هربت هيلين للتزوّج من قرصان تاركة والديها، تلتقي الأمّ مع إبنتها هيلين مصادفة في إحدى الفنادق والابنة في حالة يرثى لها، صاحت السيدة ديغليمان:إبنتي!ماذا يلزمك؟
أجابت هيلين بصوت ضعيف: لم أعد في حاجة إلى شيء..كنت أتمنى رؤية أبي، ولكن حدادك ينبئني....
لم تكمل! وضمّت طفلها إلى صدرها كيما تدفّئه، وقبّلته فوق جبهته، ونظرت إلى أمّها نظرة يقرأ فيها العتاب مخفّفا بالعفو، ولم تشأ المركيزة أن تفهم هذا العتاب، ونسيت أنّ هيلين كانت فيما مضى طفلة محوطة بالدموع واليأس...طفلة الواجب..طفلة كانت سبباً في كلّ ما نزل بها من الشقاء الكبير، وتقدّمت برقّة منها، وهي تتذكّر فقط أنّ هيلين كانت أوّل من عرّفها بمتع الأمومة، وكانت عينا الأم مليئتين بالدموع..وعندما قبّلت إبنتها صاحت: هيلين!ابنتي..
وإحتفظت هيلين بالصمت، وإستنشقت آخر تنهّد صدر عن طفلها الأخير.
وأمسكت المركيزة بين يديها بيد إبنتها الباردة كالثلج، وتأمّلتها في يأس مروّع، لقد أنقذ الشقاء أرملة القرصان التي إستطاعت أن تنجو من الغرق دون أن تنقذ من كلّ أسرتها الجميلة سوى طفل واحد، قالت لأمّها بصوت حزين: كلّ هذا بسببك! لواستطعت أن تكوني لي أما...
وماتت هيلين وهي تميل برأسها نحو رأس طفلها الذي ضمّته بشدّة..
وفي رواية -عيون قذرة- للكاتبة السعودية قماشة العليان تتحدّث على لسان البطلة -سارة- والتي طُلّقت أمّها وهي مازالت صغيرة، وبالرغم من أنّها كانت تراها بين فترة وأخرى وفي كثير من الأحيان تبيت عندها..إلا أنّها كانت تشعر بمرارة فقدان الأمّ لأنّها أمّ بلا مشاعر..فتقول: أيّاً كان السبب فإنّ حنانها الآن يدخل عندي في بند المنتهي صلاحيته، فقد متّ عطشاً على أبواب أمومتها بحثاً عن قطرة حنان، ولمّا جفّت خلاياي وماتت عطشاً جاءت تعرض بضاعتها البائتة..لكن هيهات..لا حياة لمن تنادي..
لم أعد طفلاً يتحرّق لأحضانها في ليالي الشتاء الباردة، أو صبيّاً يبحث عن صدر حنون يحتضنه في الأيّام العصيبة، أو مراهقاً في خضم العاصفة يرنو إلى عصا يتوكّأ عليها من تقلّبات الأنواء..لقد حملت حرماني وإحتياجي عقداً وجروحاً أخل نفسي، لكني لن أعطي المجال لأحد بعد اليوم أن يبتزّني ولو بدافع الأمومة!!"
وفي موضع آخر تتذكّر سارة سيرة حياتها مع أمّها متسائلة:
دارت بي الدنيا ودرت بها..إتقد الجرح وإحتدم الألم وطفح الصديد..أمي..أماه..يمه..أين كنت في طفولتي الجرداء وأنا أنتحب ليلة عرسك أبحث عنك في كل مكان؟ أسأل حجارة الطريق عن حضنك الدافئ..
أين كنت في دوامة مرضي العاصف القاسي المدمّر؟ طفقت ألهث بحثاً عن سكن أهجع في كنفه هرباً من نوبات المرض الكاسحة، فلم أجد من ألوذ به سوى وسادة أغرقتها بدموعي ونفس ضائعة..تائهة في لجج النسيان..
أين كنت أمي حينما أنشد منك المعونة بعد أن تلاطمت بي أمواج الحياة فلا تدري أي شاطئ تقذف بي إليه، حينما أنتقل من بيت ينبذنا إلى بيت يكرهنا إلى بيت يمقتنا ويستثقل وجودنا..حينما يأتي وقت المغادرة كان يتمي يصرخ بأمومتك..وعيناي تستنجدان بفائض حنانك، وجفافي يتمسح بمحيطات عطفك..أن تستبقينا لديك مزيداً من الوقت لأنّه من الثوابت ألا حبّ يعلو على حبّ الأمّ، ولا حنان يفوق حنان الأمّ، لكنّك كنت أقسى من الغريب..فلفظتني كما تلفظ التمرة النواة، وأرغمتني بجفائك على الإحتماء بحقيبة ألتصق بها..أنتسب إليها..أنضوي تحت لوائها وتكون لي كلّ شيء، أمّاً ومسكناً ودنيا صغيرة.

الكاتب: هناء الحمراني.



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 02:01 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 10:30 AM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk

6 - يكفي انها أمي قصة عن الام
A story about a mother





في صباح اليوم أشعر بتأنيب الضمير..

فها أنا أسير عائدة من المدرسة وورقة الدعوة لمجلس الأمهات ممزقة في يدي..

لا داعي لأن أريها أمي.. فهي أصلاً لا تقرأ.. ولا داعي لحضورها حتى..
قطعتها إرباً أصغر ورميتها في الشارع والألم يغتالني..




منذ أن دخلت المرحلة المتوسطة وأنا أحاول بكل استطاعتي أن لا ترى إحدى من صديقاتي أو معلماتي أمي..

لكني اليوم أشعر بتأنيب ضمير بشكل أشد..
فقد فزت بمركز الطالبة المثالية على مستوى المدرسة..
وهذه أول مرة يتم تكريمي فيها في حفل الأمهات.. لكن أمي لن تحضر..
أو بالأحرى.. لا أريدها أن تحضر..




حين دخلت البيت كان التوتر والحزن بادياً عليّ..



سألتني أمي بعطف..



- ما بك يا بنيتي..؟ هل أزعجك شيء؟




شعرت برغبة في البكاء لكني تماسكت..



- لا شيء يا أمي.. فقط متعبة قليلاً من الدراسة..




- الحمد لله.. إذاً ارتاحي في غرفتك وأنا سأحضر لك الغداء هناك..




- شكراً يا أمي لا أريد.. نفسي "مسدودة"!




أسرعت لغرفتي غيرت ملابسي وتوضأت وصليت..

ثم استلقيت على سريري.. يا الله.. ما أجمل الراحة! الحمد لله..




نظرت لغرفتي.. إنها مرتبة.. كل شيء نظيف..



مسكينة أمي.. حبيبتي.. إنها تتعب كثيراً من أجلي..

فرغم كبر سنها وعدم وجود خادمة تعينها إلا أنها تحاول قدر الإمكان ألا تتعبني
معها في عمل البيت رغم إصرار أخواتي المتزوجات عليها بأن ترغمني على العمل..




أخذت أفكر في حالي.. كم أنا مغرورة ومتعجرفة..

إنها تفعل كل ذلك من أجلي.. وأنا.. أنا.. أستحي منها وأخجل من أن تراها معلماتي وصديقاتي..
يا ربي.. أشعر بصراع داخلي رهيب.. صوت يقول.. حرام! مسكينة أمك..
لماذا تتنكرين لها هكذا وهي الأم الحنون التي تحبك؟.. وصوت يقول لي.. كلا!! أنت على حق..
لا يمكن أن تراها صديقاتك!! أمك إنسانة متخلفة!.. مسكينة تثير الشفقة والسخرية في نفس الوقت..
انظري لطريقة لباسها وكلامها.. ومفرق شعرها اللامع وكحل الإثمد الذي تضعه حول عينيها..
كيف سترينها صديقاتك اللاتي معظمهن أمهاتهن على قدر من العلم والثقافة والأناقة والمركز الاجتماعي؟!..
بالتأكيد سيسخرن منها.. وأنت لا تريدين ذلك؟!




في إحدى المرات حين كنت في الصف السادس..

أذكر أنها حين أتت للمدرسة سألت إحدى المراقبات الإداريات المسؤولات عن الحضور والغياب عني!..
واعتقدت أنها معلمة فأخذت توصيها بي وتسألها أن ترحمني لأني أدرس طوال الوقت في البيت!!
وكدت أموت من شدة الحرج يومها حين رأيت الإدارية تمسك زمام ضحكتها على أمي المسكينة..



وحين توجهت للتسجيل في المرحلة المتوسطة..

أخذت تسأل المديرة عما إذا كان من الواجب أن نلتزم بلبس "الياقة" البيضاء حول الرقبة – مثل المرحلة الابتدائية..
وهنا كدت أموت أيضاً من شدة الحرج..



آآه.. يا أمي.. ليتك تعلمين كم أحبك وأحرج في نفس الوقت من تصرفاتك..

لأني أتمنى أن تكوني دائماً أفضل الأمهات ولا أريد لأحد أن يسخر منك..




أحياناً حين أنظر لأمي.. أشعر أنها مسكينة.. فهي لم تشعر بالحب مرة واحدة في حياتها..

فقد ولدت في بيئة قاسية.. ثم ترعرعت يتيمة وحيدة..



وتزوجت وهي طفلة لرجل مسن حاد الطباع هو أبي..

أنجبت منه أحد عشر ابناً وابنة ورثوا عن أبيهم حدة طباعه وعصبيته – أنا أصغرهم..
وأنهك المرض والخرف جسم زوجها- أبي فلم يعد يعي شيئاً منذ دخلت أبواب المدرسة وفتحت نوافذ الحياة..
وها هي تعتني به حتى الآن رغم كبر سنها..



فمن أين يمكن أن تكون ذاقت طعم الحب؟



مسكينة..



ذات يوم قلت لها وهي جالسة على أرض المطبخ تقوم بتنقية التمر وغسله استعداداً لكنزه..



- يمه..




- هلا..




شعرت أني سأسألها سؤالاً قاسياً لكنه كان يدور في ذهني منذ مدة طويلة..



- لقد عشت طفولة معذبة.. هل كان هناك من يحبك ويعطف عليك..؟




سكتت وأخذت تفكر كمن صدمت بالسؤال..



سقطت حبتين من التمر من يدها.. ثم مسحت رأسها بجانب ذراعها..



وقالت..



- إيه.. كانت هناك ابنة صغيرة من بنات عمي الذي رباني..

كانت تحبني وتعطف علي..
وحين يضربني عمي أو زوجته أو يحرماني من العشاء كانت تخفف من ألمي وبكائي وتعطيني بعض عشائها..
الله يرحمها.. كانت تحبني أكثر من أخوتها..




- سبحان الله توفت؟!




- نعم.. توفت.. أصيبت بحمى شديدة بعد موسم المطر..

ثلاث ليالٍ ثم توفت الله يشفع فيها.. كان عمرها تسع سنين وأنا عشر..




- وبعدين..؟




- ماذا؟




- من أصبح يحبك ويعطف عليك بعدها؟




- لا أحد..




- لا أحد؟!




وقفت تفكر بصمت وبوجوم.. ثم تداركت بسرعة..



- طبعاً الله يخلي لي "عيالي" وأبوهم إن شاء الله.. وحاولت أن تستمر في عملها منشغلة عن هذا الحديث..




في تلك الليلة.. أخذت أفكر.. أي معاناة عانتها أمي المسكينة في طفولتها..

وأي حرمان من الحب عاشته في حياتها.. ورغم كل ذلك الألم الذي تجرعته..
فإنها قادرة وبكل سخاء على منح الحب والعطف للآخرين مهما قسوا عليها.. كم هي حقاً إنسانة عظيمة تستحق التقدير..
وكم أنا غبية لأني لا أفتخر بأم مثلها..




وفي الصباح حاولت أن أخبرها أن حفل الأمهات بعد يومين..

لكني وجدت نفسي أتوقف.. وأفكر في مسألة الإحراج مرة أخرى.. وفي مفرق الشعر..
ورائحة الحناء.. والحديث البسيط.. فأحجم عن مفاتحتها بالأمر..




* * *




وفي المدرسة.. وكأن الله أرادني أن أشعر بعظمة أمي..

جاءتني صديقتي نورة في الفسحة وجلست بقربي مع الشلة دون أن تتحدث..
شعرت أنها تريد أن تقول شيئاً لا تستطيع قوله أمام البنات..



- نورة.. تقومين نتمشى؟



قفزت بسرعة وكأنها كانت تنتظر هذه الدعوة بفارغ الصبر..

وما أن بدأنا نبتعد عن البنات حتى بدأت تفضفض لي ما بصدرها المثقل..



- إنني متعبة.. متعبة جداً يا مريم.. أكاد أنهار من شدة الألم الذي في قلبي..




- ماذا هناك.. خيراً إن شاء الله..؟!




- أمي.. أمي.. إنها قاسية.. قاسية جداً علينا..

تخيلي يا مريم أننا لا نراها ولا نكلمها إلا نادراً ومع هذا فهي لا تواجهنا إلا بوجه متضايق غاضب دائماً..



- لا ترونها؟.. كيف؟




- أنت تعلمين أنها تعمل..

وهي تقضي بقية اليوم في النوم أو حضور المناسبات الاجتماعية أو الذهاب للنادي..
لذا فإننا لا نراها إلا قليلاً وتكون متعبة ومتوترة ولا تريد أن تستمع لنا..




تركت نورة تكمل مشكلتها وأنا منبهرة فقالت وهي تخنق عبراتها..



- بالأمس تناقشنا في موضوع بسيط..

فاحتد النقاش بسبب غضبها وتوترها.. هل تعرفين ماذا قالت لي؟..
قالت أنها لا تحبني ولا تطيقني.. بل تكرهني وتتمنى لو تراني أنا وأخوتي موتى أمامها لترتاح من همنا..
تخيلي!!




صمت وأنا لا أزال مستغربة تماماً ولا أعرف ماذا أقول فأكملت وصوتها يرتجف بنبرة البكاء..



- مريم!.. تخيلي.. تقول أنها تريد أن تراني ميتة أمامها..

لقد بكيت بالأمس.. بكيت ودعوت الله من كل قلبي أن أموت لأريحها بالفعل مني..
وأتخلص من معاملتها القاسية..




- لا حول ولا قوة إلا بالله..

استعيذي بالله من الشيطان الرجيم يا نورة..
بالتأكيد هي لا تقصد ذلك..



وأخذت أهدئها وأنا أرى خيال أمي الحبيبة البسيطة الحنونة..

وأقارنها بوالدة نورة.. الدكتورة في الكلية.. المثقفة.. الأنيقة..
ولكن الغير قادرة على منح أبسط وأغلى شيء.. وهو الحب..




وفي يوم مجلس الأمهات..

قبضت على يد أمي في ساحة المدرسة وأخذت أعرفها على صديقاتي ومعلماتي بكل فخر
.. كنت أعلم أنها امرأة بسيطة وغير متمدنة وقد تقول عبارات مضحكة..
لكنها في نظري أعظم وأسمى وأشرف أم.. يكفي أنها أمي.. وكفى...




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 02:13 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 10:33 AM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


7 - يدا أمي



أراد أحد المتفوقين
أكاديمياً من
الشباب أن يتقدم لمنصب إداري في شركة كبرى.



وقد نجح في أول
مقابلة شخصية له ،
حيث قام مدير الشركة الذي يجري المقابلات بالانتهاء من آخر مقابلة

واتخاذ آخر قرار .

وجد مدير الشركة من
خلال الاطلاع
على السيرة الذاتية للشاب أنه متفوق أكاديمياً بشكل كامل

منذ أن كان في
الثانوية العامة
وحتى التخرج من الجامعة ، لم يخفق أبداً


سأل المدير هذا الشاب
المتفوق :
" هل حصلت على أية منحة دراسية أثناء تعليمك ؟


أجاب
الشاب "أبدا "


فسأله المدير "هل كان
أبوك هو
الذي يدفع كل رسوم دراستك ؟

فأجاب
الشاب : أبي توفي عندما كنت بالسنة الأولى من عمري ، إنها أمي التي تكفلت
بكل
مصاريف دراستي ".


فسأله المدير : "
وأين عملت
أمك ؟ "


فأجاب الشاب : " أمي
كانت
تغسل الثياب للناس "


حينها طلب منه المدير
أن يريه كفيه
، فأراه إياهما فإذا هما كفين ناعمتين ورقيقتين .صور



فسأله المدير : " هل
ساعدت
والدتك في غسيل الملابس قط ؟


أجاب الشاب :" أبداً ،
أمي
كانت دائماً تريدني أن أذاكر وأقرأ المزيد من الكتب ، بالإضافة إلى أنها
تغسل أسرع
مني بكثير على أية حال !"


فقال له المدير : "
لي عندك
طلب صغير ..


وهو أن تغسل يدي
والدتك حالما تذهب
إليها ، ثم عد للقائي غداً صباحا "


حينها شعر الشاب أن
فرصته لنيل
الوظيفة أصبحت وشيكه


وبالفعل عندما ذهب
للمنزل طلب من
والدته أن تدعه يغسل يديها وأظهر لها تفاؤله بنيل الوظيفة


الأم شعرت بالسعادة
لهذا الخبر ،
لكنها أحست بالغرابة والمشاعر المختلطه لطلبه ، ومع ذلك سلمته يديها .


بدأ الشاب بغسل يدي
والدته ببطء ،
وكانت دموعه تتساقط لمنظرهما .


كانت المرة الأولى
التي يلاحظ فيها
كم كانت يديها مجعدتين ، كما أنه لاحظ فيهما بعض الكدمات التي كانت تجعل
الأم تنتفض حين يلامسها الماء !


كانت هذه المرة
الأولى التي يدرك
فيها الشاب أن هاتين الكفين هما اللتان كانتا تغسلان الثياب كل يوم


ليتمكن هو
من دفع رسوم دراسته .


وأن الكدمات في يديها
هي الثمن
الذي دفعته لتخرجه وتفوقه العلمي ومستقبله .


بعد انتهائه من غسل
يدي والدته ،
قام الشاب بهدوء بغسل كل ما تبقى من ملابس عنها .


تلك الليلة قضاها
الشاب مع أمه في
حديث طويل .


وفي الصباح التالي
توجه الشاب
لمكتب مدير الشركة والدموع تملأ عينيه



فسأله المدير :


" هل لك أن
تخبرني ماذا فعلت وماذا تعلمت البارحه في المنزل ؟"


فأجاب الشاب : " لقد
غسلت يدي
والدتي وقمت أيضا بغسيل كل الثياب المتبقية عنها "




فسأله المدير عن
شعوره بصدق وأمانة
،



فأجاب الشاب :


" أولاً :
أدركت معنى العرفان بالجميل ، فلولا أمي وتضحيتها لم أكن ما أنا عليه الآن
من
التفوق.



ثانياً : بالقيام
بنفس العمل الذي
كانت تقوم به ، أدركت كم هو شاق ومجهد القيام ببعض الأعمال .


ثالثاً : أدركت أهمية
وقيمة
العائلة ."


عندها قال المدير :


" هذا ما
كنت أبحث عنه في المدير الذي سأمنحه هذه الوظيفه ، أن يكون شخصاً يقدر
مساعدة
الآخرين


والذي لا يجعل المال
هدفه الوحيد
من عمله... لقد تم توظيفك يا بني "



فيما بعد ، قام هذا
الشاب بالعمل
بجد ونشاط وحظي باحترام جميع مساعديه .



كل الموظفين عملوا
بتفان كفريق ،
وحققت الشركة نجاحاً باهرا .






التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 02:12 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 10:47 AM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Elk



8 - عين امي



====================

كان لأمي عين واحدة...وقد كرهتها لأنها كانت تسبب لي الاحراج......
وكانت تعمل طاهية في المدرسة التي أتعلم فيها لتعيل العائلة......
ذات يوم في المدرسة الابتدائية جاءت لتطمئن علي .......
أحسست بالحراج فعلا..... كيف فعلت هذا بي؟!!!
تجاهلتها ورميتها بنظرة مليئة بالكره.....
وفي اليوم التالي قال أحد التلامذة أمك بعين واحدة.....وبدأو يستهزئون مني .....
وحينها تمنيت أن أدفن نفسي وأن تختفي أمي من حياتي ....
وفي اليوم التالي واجهتها :لقد جعلت مني أضحوكة , لم لا تموتين ؟!!!
ولكنها لم تجب ....
لم أكن مترددا فيما قلت ولم أفكر في كلامي لأني كنت غاضبا جدا...
ولم أبالي لمشاعرها ... وأردت مغادرة المكان....
درست بجد وحصلت على منحة دراسية في سنغافورة ..
وفعلا ..ذهبت..ودرست..ثم تزوجت واشتريت بيتا...
وأنجبت أولادا وكنت سعيدا ومرتاحا في حياتي .
وفي يوم من الأيام ...أتت أمي لزيارتي ولم تكن قد رأتني منذ سنوات
ولم ترى أحفادها أبدا....
وقفت على الباب وأخذ أولادي يضحكون...
صرخت:كيف تجرأت وأتيت لتخيفي أطفالي ؟ أخرجي حالا!!!
أجابت بهدوء:"اسفة أخطأت العنوان على ما يبدو" واختفت...
وذات يوم وصلتني رسالة من المدرسة تدعوني لجمع الشمل العائلي...
فكذبت على زوجتي وأخبرتها أنني سأذهب في رحلة عمل ...
بعد الاجتماع ذهبت الى البيت القديم الذي كنا نعيش فيه ,للفضول فقط!!
أخبرني الجيران أن أمي ...قد توفيت....
لم أذرف ولو دمعة واحدة!!
قاموا بتسليمي رسالة من أمي ...
"ابني الحبيب لطالما فكرت بك..اسفة لمجيئي الى سنغافورة واخافة أولادك...
كنت سعيدة جدا عندما سمعت أنك سوف تأتي للاجتماع...
ولكني قد لا أستطيع مغادرة السرير لرؤيتك...اسفة لأنني سببت لك الاحراج
مرات ومرات في حياتك.
أتعلم ... لقد تعرضت لحادث عندما كنت صغيرا.... وقد فقدت عينك....
وكأي أم , لم أستطع أن أتركك تكبر بعين واحدة ....ولذا....
أعطيتك عيني ... وكنت سعيدة وفخورة جدا لأن ابني يستطيع رؤية العالم بعيني
....مع حبي ...
................أمك...............


منقولة........



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 02:15 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-14, 11:02 AM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


9 - دعوة للعشاء مع أمي



--------------------------------------------------------------------------------
بعد 21 سنة من زواجي، وجدت بريقاً جديداً من الحب. قبل فترة بدأت

أخرج مع امرأة غير زوجتي، وكانت فكرة زوجتي حيث بادرتني بقولها: "أعلم

جيداً كم تحبها"... المرأة التي أرادت زوجتي أن أخرج معها وأقضي وقتاً

معها كانت أمي التي ترملت منذ 19 سنة، ولكن مشاغل العمل وحياتي

اليومية 3 أطفال ومسؤوليات جعلتني لا أزورها إلا نادراً.

في يوم اتصلت بها ودعوتها إلى العشاء سألتني: "هل أنت بخير ؟ "

لأنها غير معتادة على مكالمات متأخرة نوعاً ما وتقلق. فقلت لها:

نعم أنا ممتاز ولكني أريد أن أقضي وقت معك يا أمي ". قالت: "نحن فقط
؟! " فكرت قليلاً ثم قالت: "أحب ذلك كثيراً".

في يوم الخميس وبعد العمل ، مررت عليها وأخذتها، كنت مضطرب قليلاً،

وعندما وصلت وجدتها هي أيضاً قلقة. كانت تنتظر عند الباب مرتدية

ملابس جميلة ويبدو أنه آخر فستان قد اشتراه أبي قبل وفاته. ابتسمت

أمي كملاك وقالت: " قلت للجميع أنني سأخرج اليوم مع ابني، والجميع

فرح، ولا يستطيعون انتظار الأخبار التي سأقصها عليهم بعد عودتي"

ذهبنا إلى مطعم غير عادي ولكنه جميل وهادئ تمسكت أمي بذراعي وكأنها

السيدة الأولى، بعد أن جلسنا بدأت أقرأ قائمة الطعام حيث أنها لا

تستطيع قراءة الأحرف الكبيرة. وبينما كنت أقرأ كانت تنظر إلي

بابتسامة عريضة على شفتاها المجعدتان وقاطعتني قائلة: "كنت أنا من

أقرأ لك وأنت صغير".

أجبتها: "حان الآن موعد تسديد شيء من ديني بهذا الشيء .. ارتاحي

أنت". يا أماه

تحدثنا كثيراً أثناء العشاء لم يكن هناك أي شيء غير عادي، ولكن قصص

قديمة على قصص جديدة لدرجة أننا نسينا الوقت إلى ما بعد منتصف الليل

وعندما وصلنا إلى باب بيتها قالت: "أوافق أن نخرج سوياً مرة أخرى،

ولكن على حسابي". فقبلت يدها وودعتها ".

بعد أيام قليلة توفيت أمي بنوبة قلبية. حدث ذلك بسرعة كبيرة لم

أستطع عمل أي شيء لها. وبعد عدة أيام وصلني عبر البريد ورقة من المطعم

الذي تعشينا به أنا وهي مع ملاحظة مكتوبة بخطها: "دفعت الفاتورة

مقدماً كنت أعلم أنني لن أكون موجوده، المهم دفعت العشاء لشخصين لك

ولزوجتك. لأنك لن تقدر ما معنى تلك الليلة بالنسبة لي أحبك". ياولدي

في هذه اللحظة فهمت وقدرت معنى كلمة "حب" أو "أحبك" وما معنى جعلنا

الطرف الآخر يشعر بحبنا ومحبتنا هذه.


لا شيء أهم من الوالدين وبخاصة الأم .

إمنحهم الوقت الذي يستحقونه .. فهو حق الله وحقهم وهذه

الأمور لا تؤجل.


بعد قراءة القصة تذكرت قصة من سأل عبد الله بن عمر وهو يقول:

أمي عجوز لا تقوى على الحراك وأصبحت أحملها إلى كل مكان حتى لتقضي
حاجتها


وأحياناً لا تملك نفسها وتقضيها علي وأنا أحملها .. أتراني قد أديت

حقها ؟ ... فأجابه ابن عمر: ولا بطلقة واحدة حين ولادتك ... تفعل هذا

وتتمنى لها الموت حتى ترتاح أنت وكنت تفعلها وأنت صغير وكانت تتمنى

لك الحياة"


منقول



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 15-03-14 الساعة 02:16 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مجموعة, الأم, الأمومة, فصحى, قصصية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:31 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.