آخر 10 مشاركات
تحميل رواية بعد الغياب لـ أنفاس قطر بصيغة pdf_ txt _ Word (الكاتـب : جرح الذات - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )           »          أسيرتي في قفص من ذهب (2) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          قلبك منفاي *مكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          جايكوب وايلد (118) للكاتبة: Sandra Marton {الجزء 1من الأخوة وايلد} *كاملة* (الكاتـب : Andalus - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > القسم الاجتماعي > الـمـجـلـة الـشـبـابـيـة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-14, 12:33 AM   #41

الاميرة الحائرة

نجم روايتي وفراشة متالقة في عالم الازياء والاناقة وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية الاميرة الحائرة

? العضوٌ??? » 295856
?  التسِجيلٌ » Apr 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,194
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond reputeالاميرة الحائرة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك action
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


رويدا جزاكى الله خيرا
ربنا يجعل كل معلومة بنستفيدها فى ميزان حسناتك




الاميرة الحائرة غير متواجد حالياً  
التوقيع

[

اغلى رواية على قلبى لمبدعتى الدائمة بطتتتتتى (fatma nour )
الحــــــــــــــــــب الازرق

ثانك يو ميوى :* يام يوميات شقية
رد مع اقتباس
قديم 02-07-14, 02:05 AM   #42

bisooo

نجم روايتي ولؤلؤة اقتباسات مضيئة ومركز ثالث بمسابقة ملخصات

alkap ~
 
الصورة الرمزية bisooo

? العضوٌ??? » 153999
?  التسِجيلٌ » Jan 2011
? مشَارَ?اتْي » 7,483
?  مُ?إني » بلاد الله الواسعة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » bisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond reputebisooo has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
صلُۅآ علَى مَنْ علَمنَــآ آلحُبَّ ♥~ !وآخَى آلقَلبَ بِـ آلقَلبْ (♥) ..!وَفَتحَ لِلخَيرَآتِ كُلَّ دَربْ ..~صلُوآ عَلَى مَنْ يُنـآدِي يَوُمَ آلقيآمَـة ( أُمَتِي أُمَتِي )~♥
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسورة البقرة

من القصص يلي شدت انتباهي وكتير بحبها قصة داوود عليه السلام وجالوت

جميع الأنبياء والرسل كانوا مسلمين ما جابوا دين جديد
عند رب العالمين ما في دين غير الاسلام

الانسان يلي بحمل الناس جميلة على الصدقة يلي بقدمها
لا منه ولا من صدقته
مشان هيك ربنا طلب انا نتصدق بالسر ....الانسان ضعيف
ممكن يشوف حاله بيلي عمله ...وبدل ما تكون لوجه الله بتقلب رياء!!

يلي بيعتدي علينا المفروض نعتدي عليه بالمثل
سكوتنا وتركنا للدين سبب ذلنا

الدنيا دار ابتلاء واختبار...ما حد راح يدخل الجنة بكل سهولة
حياتنا قصيرة بس بدها صبر....الراحة بالآخرة



bisooo غير متواجد حالياً  
التوقيع
وليتَ الذي بيني وبينكَ عامرٌ *** وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ...
رد مع اقتباس
قديم 02-07-14, 03:10 PM   #43

Fatma nour

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وفراشة متالقة في عالم الازياء والاناقةوسفيرة النوايا الحسنة

alkap ~
 
الصورة الرمزية Fatma nour

? العضوٌ??? » 260406
?  التسِجيلٌ » Aug 2012
? مشَارَ?اتْي » 4,394
?  مُ?إني » بيتنا ..يعني هعيش فين ؟!
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » Fatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
?? ??? ~
ثُورىِ! . أحبكِ أن تثُورى ثُورىِ على شرق السبايا . و التكايا ..و البخُورثُورى على التاريخ ،و انتصري على الوهم الكبير لا ترهبي أحداً .فإن الشمس مقبرةُ النسورثُورىِ على شرقٍ يراكِ وليمةٌ فوق السرير
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bisooo مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسورة البقرة

من القصص يلي شدت انتباهي وكتير بحبها قصة داوود عليه السلام وجالوت

جميع الأنبياء والرسل كانوا مسلمين ما جابوا دين جديد
عند رب العالمين ما في دين غير الاسلام

الانسان يلي بحمل الناس جميلة على الصدقة يلي بقدمها
لا منه ولا من صدقته
مشان هيك ربنا طلب انا نتصدق بالسر ....الانسان ضعيف
ممكن يشوف حاله بيلي عمله ...وبدل ما تكون لوجه الله بتقلب رياء!!

يلي بيعتدي علينا المفروض نعتدي عليه بالمثل
سكوتنا وتركنا للدين سبب ذلنا

الدنيا دار ابتلاء واختبار...ما حد راح يدخل الجنة بكل سهولة
حياتنا قصيرة بس بدها صبر....الراحة بالآخرة


جميل جداً جداً
مشاركتك بيسو فعلا اصعب شيء لما تحمل الناس جميل على افعالك
عاوز خير يبقى بلاش تحمل جمايل
ربنا يرحمنا و اياكم من شرور النفس
و جزاكي الله كل الخير


Fatma nour غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-07-14, 04:53 PM   #44

rewaida
عضو موقوف
alkap ~
? العضوٌ??? » 177949
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 5,575
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » rewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
افتراضي

5- تفسير سورة المائدة عدد آياتها 120 ( آية 1-26 )
وهي مدنية

{ 1 ْ} { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ْ}

هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود، أي: بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها. وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه، من التزام عبوديته، والقيام بها أتم قيام، وعدم الانتقاص من حقوقها شيئا، والتي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب، ببرهم وصلتهم، وعدم قطيعتهم.

والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغنى والفقر، واليسر والعسر، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات، كالبيع والإجارة، ونحوهما، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها، بل والقيام بحقوق المسلمين التي عقدها الله بينهم في قوله: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ْ} بالتناصر على الحق، والتعاون عليه والتآلف بين المسلمين وعدم التقاطع.

فهذا الأمر شامل لأصول الدين وفروعه، فكلها داخلة في العقود التي أمر الله بالقيام بها

ثم قال ممتنا على عباده: { أُحِلَّتْ لَكُمْ ْ} أي: لأجلكم، رحمة بكم { بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ْ} من الإبل والبقر والغنم، بل ربما دخل في ذلك الوحشي منها، والظباء وحمر الوحش، ونحوها من الصيود.

واستدل بعض الصحابة بهذه الآية على إباحة الجنين الذي يموت في بطن أمه بعدما تذبح.

{ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ْ} تحريمه منها في قوله: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ ْ} إلى آخر الآية. فإن هذه المذكورات وإن كانت من بهيمة الأنعام فإنها محرمة.

ولما كانت إباحة بهيمة الأنعام عامة في جميع الأحوال والأوقات، استثنى منها الصيد في حال الإحرام فقال: { غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ْ} أي: أحلت لكم بهيمة الأنعام في كل حال، إلا حيث كنتم متصفين بأنكم غير محلي الصيد وأنتم حرم، أي: متجرئون على قتله في حال الإحرام، وفي الحرم، فإن ذلك لا يحل لكم إذا كان صيدا، كالظباء ونحوه.

والصيد هو الحيوان المأكول المتوحش.

{ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ْ} أي: فمهما أراده تعالى حكم به حكما موافقا لحكمته، كما أمركم بالوفاء بالعقود لحصول مصالحكم ودفع المضار عنكم.

وأحل لكم بهيمة الأنعام رحمة بكم، وحرم عليكم ما استثنى منها من ذوات العوارض، من الميتة ونحوها، صونا لكم واحتراما، ومن صيد الإحرام احتراما للإحرام وإعظاما.


{ 2 ْ} { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ْ}

يقول تعالى { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ْ} أي: محرماته التي أمركم بتعظيمها، وعدم فعلها، والنهي يشمل النهي عن فعلها، والنهي عن اعتقاد حلها؛ فهو يشمل النهي، عن فعل القبيح، وعن اعتقاده.

ويدخل في ذلك النهي عن محرمات الإحرام، ومحرمات الحرم. ويدخل في ذلك ما نص عليه بقوله: { وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ْ} أي: لا تنتهكوه بالقتال فيه وغيره من أنواع الظلم كما قال تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ْ}

والجمهور من العلماء على أن القتال في الأشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى: { فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ْ} وغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتال الكفار مطلقا، والوعيد في التخلف عن قتالهم مطلقا.

وبأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة، وهو من الأشهر الحرم.

وقال آخرون: إن النهي عن القتال في الأشهر الحرم غير منسوخ لهذه الآية وغيرها، مما فيه النهي عن ذلك بخصوصه، وحملوا النصوص المطلقة الواردة على ذلك، وقالوا: المطلق يحمل على المقيد.

وفصل بعضهم فقال: لا يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم، وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها، فإنه يجوز.

وحملوا قتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك، لأن أول قتالهم في "حنين" في "شوال". وكل هذا في القتال الذي ليس المقصود منه الدفع.

فأما قتال الدفع إذا ابتدأ الكفار المسلمين بالقتال، فإنه يجوز للمسلمين القتال، دفعا عن أنفسهم في الشهر الحرام وغيره بإجماع العلماء.

وقوله: { وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ ْ} أي: ولا تحلوا الهدي الذي يهدى إلى بيت الله في حج أو عمرة، أو غيرهما، من نعم وغيرها، فلا تصدوه عن الوصول إلى محله، ولا تأخذوه بسرقة أو غيرها، ولا تقصروا به، أو تحملوه ما لا يطيق، خوفا من تلفه قبل وصوله إلى محله، بل عظموه وعظموا من جاء به. { وَلَا الْقَلَائِدَ ْ} هذا نوع خاص من أنواع الهدي، وهو الهدي الذي يفتل له قلائد أو عرى، فيجعل في أعناقه إظهارا لشعائر الله، وحملا للناس على الاقتداء، وتعليما لهم للسنة، وليعرف أنه هدي فيحترم، ولهذا كان تقليد الهدي من السنن والشعائر المسنونة.

{ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ْ} أي: قاصدين له { يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ْ} أي: من قصد هذا البيت الحرام، وقصده فضل الله بالتجارة والمكاسب المباحة، أو قصده رضوان الله بحجه وعمرته والطواف به، والصلاة، وغيرها من أنواع العبادات، فلا تتعرضوا له بسوء، ولا تهينوه، بل أكرموه، وعظموا الوافدين الزائرين لبيت ربكم.

ودخل في هذا الأمرُ الأمر بتأمين الطرق الموصلة إلى بيت الله وجعل القاصدين له مطمئنين مستريحين، غير خائفين على أنفسهم من القتل فما دونه، ولا على أموالهم من المكس والنهب ونحو ذلك.

وهذه الآية الكريمة مخصوصة بقوله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ْ} فالمشرك لا يُمَكَّن من الدخول إلى الحرم.

والتخصيص في هذه الآية بالنهي عن التعرض لمن قصد البيت ابتغاء فضل الله أو رضوانه -يدل على أن من قصده ليلحد فيه بالمعاصي، فإن من تمام احترام الحرم صد من هذه حاله عن الإفساد ببيت الله، كما قال تعالى: { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ْ}

ولما نهاهم عن الصيد في حال الإحرام قال: { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ْ} أي: إذا حللتم من الإحرام بالحج والعمرة، وخرجتم من الحرم حل لكم الاصطياد، وزال ذلك التحريم. والأمر بعد التحريم يرد الأشياء إلى ما كانت عليه من قبل.

{ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ْ} أي: لا يحملنكم بغض قوم وعداوتهم واعتداؤهم عليكم، حيث صدوكم عن المسجد، على الاعتداء عليهم، طلبا للاشتفاء منهم، فإن العبد عليه أن يلتزم أمر الله، ويسلك طريق العدل، ولو جُنِي عليه أو ظلم واعتدي عليه، فلا يحل له أن يكذب على من كذب عليه، أو يخون من خانه.

{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ْ} أي: ليعن بعضكم بعضا على البر. وهو: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله وحقوق الآدميين.

والتقوى في هذا الموضع: اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة. وكلُّ خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليها وينشط لها، وبكل فعل كذلك.

{ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ ْ} وهو التجرؤ على المعاصي التي يأثم صاحبها، ويحرج. { وَالْعُدْوَانِ ْ} وهو التعدي على الخَلْق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه.

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ْ} على من عصاه وتجرأ على محارمه، فاحذروا المحارم لئلا يحل بكم عقابه العاجل والآجل.

{ 3 ْ} { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ْ}

هذا الذي حولنا الله عليه في قوله: { إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ْ} واعلم أن الله تبارك وتعالى لا يحرّم ما يحرّم إلا صيانة لعباده، وحماية لهم من الضرر الموجود في المحرمات، وقد يبين للعباد ذلك وقد لا يبين.

فأخبر أنه حرم { الْمَيْتَة ْ} والمراد بالميتة: ما فُقِدَت حياتُهُ بغير ذكاة شرعية، فإنها تحرم لضررها، وهو احتقان الدم في جوفها ولحمها المضر بآكلها. وكثيرا ما تموت بعلة تكون سببا لهلاكها، فتضر بالآكل.

ويستثنى من ذلك ميتة الجراد والسمك، فإنه حلال.

{ وَالدَّمَ ْ} أي: المسفوح، كما قيد في الآية الأخرى. { وَلَحْم الْخِنْزِيرِ ْ} وذلك شامل لجميع أجزائه، وإنما نص الله عليه من بين سائر الخبائث من السباع، لأن طائفة من أهل الكتاب من النصارى يزعمون أن الله أحله لهم. أي: فلا تغتروا بهم، بل هو محرم من جملة الخبائث.

{ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ْ} أي: ذُكر عليه اسم غير الله تعالى، من الأصنام والأولياء والكواكب وغير ذلك من المخلوقين. فكما أن ذكر الله تعالى يطيب الذبيحة، فذكر اسم غيره عليها، يفيدها خبثا معنويا، لأنه شرك بالله تعالى.

{ وَالْمُنْخَنِقَةُ ْ} أي: الميتة بخنق، بيد أو حبل، أو إدخالها رأسها بشيء ضيق، فتعجز عن إخراجه حتى تموت.

{ وَالْمَوْقُوذَةُ ْ} أي: الميتة بسبب الضرب بعصا أو حصى أو خشبة، أو هدم شيء عليها، بقصد أو بغير قصد.

{ وَالْمُتَرَدِّيَةُ ْ} أي: الساقطة من علو، كجبل أو جدار أو سطح ونحوه، فتموت بذلك.

{ وَالنَّطِيحَةُ ْ} وهي التي تنطحها غيرها فتموت.

{ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ْ} من ذئب أو أسد أو نمر، أو من الطيور التي تفترس الصيود، فإنها إذا ماتت بسبب أكل السبع، فإنها لا تحل.

وقوله: { إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ْ} راجع لهذه المسائل، من منخنقة، وموقوذة، ومتردية، ونطيحة، وأكيلة سبع، إذا ذكيت وفيها حياة مستقرة لتتحقق الذكاة فيها، ولهذا قال الفقهاء: { لو أبان السبع أو غيره حشوتها، أو قطع حلقومها، كان وجود حياتها كعدمه، لعدم فائدة الذكاة فيها ْ} [وبعضهم لم يعتبر فيها إلا وجود الحياة فإذا ذكاها وفيها حياة حلت ولو كانت مبانة الحشوة وهو ظاهر الآية الكريمة]

{ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ْ} أي: وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام. ومعنى الاستقسام: طلب ما يقسم لكم ويقدر بها، وهي قداح ثلاثة كانت تستعمل في الجاهلية، مكتوب على أحدها "افعل" وعلى الثاني "لا تفعل" والثالث غفل لا كتابة فيه.

فإذا هَمَّ أحدهم بسفر أو عرس أو نحوهما، أجال تلك القداح المتساوية في الجرم، ثم أخرج واحدا منها، فإن خرج المكتوب عليه "افعل" مضى في أمره، وإن ظهر المكتوب عليه "لا تفعل" لم يفعل ولم يمض في شأنه، وإن ظهر الآخر الذي لا شيء عليه، أعادها حتى يخرج أحد القدحين فيعمل به. فحرمه الله عليهم، الذي في هذه الصورة وما يشبهه, وعوضهم عنه بالاستخارة لربهم في جميع أمورهم.

{ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ْ} الإشارة لكل ما تقدم من المحرمات، التي حرمها الله صيانة لعباده، وأنها فسق، أي: خروج عن طاعته إلى طاعة الشيطان.

ثم امتن على عباده بقوله:

{ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَة غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ْ}

واليوم المشار إليه يوم عرفة، إذ أتم الله دينه، ونصر عبده ورسوله، وانخذل أهل الشرك انخذالا بليغا، بعد ما كانوا حريصين على رد المؤمنين عن دينهم، طامعين في ذلك.

فلما رأوا عز الإسلام وانتصاره وظهوره، يئسوا كل اليأس من المؤمنين، أن يرجعوا إلى دينهم، وصاروا يخافون منهم ويخشون، ولهذا في هذه السنة التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر حجة الوداع - لم يحج فيها مشرك، ولم يطف بالبيت عريان.

ولهذا قال: { فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ْ} أي: فلا تخشوا المشركين، واخشوا الله الذي نصركم عليهم وخذلهم، ورد كيدهم في نحورهم.

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ْ} بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه.

فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم إلى علوم غير علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله.

{ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ْ} الظاهرة والباطنة { وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ْ} أي: اخترته واصطفيته لكم دينا، كما ارتضيتكم له، فقوموا به شكرا لربكم، واحمدوا الذي مَنَّ عليكم بأفضل الأديان وأشرفها وأكملها.

{ فَمَنِ اضْطُرَّ ْ} أي: ألجأته الضرورة إلى أكل شيء من المحرمات السابقة، في قوله: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ْ} { فِي مَخْمَصَةٍ ْ} أي: مجاعة { غَيْرَ مُتَجَانِفٍ ْ} أي: مائل { لِإِثْمٍ ْ} بأن لا يأكل حتى يضطر، ولا يزيد في الأكل على كفايته { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ْ} حيث أباح له الأكل في هذه الحال، ورحمه بما يقيم به بنيته من غير نقص يلحقه في دينه.


{ 4 ْ} { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ْ}

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ْ} من الأطعمة؟ { قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ْ} وهي كل ما فيه نفع أو لذة, من غير ضرر بالبدن ولا بالعقل، فدخل في ذلك جميع الحبوب والثمار التي في القرى والبراري، ودخل في ذلك جميع حيوانات البحر وجميع حيوانات البر، إلا ما استثناه الشارع، كالسباع والخبائث منها.

ولهذا دلت الآية بمفهومها على تحريم الخبائث، كما صرح به في قوله تعالى: { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ْ}

{ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ ْ} أي: أحل لكم ما علمتم من الجوارح إلى آخر الآية. دلت هذه الآية على أمور:

أحدها: لطف الله بعباده ورحمته لهم، حيث وسع عليهم طرق الحلال، وأباح لهم ما لم يذكوه مما صادته الجوارح، والمراد بالجوارح: الكلاب، والفهود، والصقر، ونحو ذلك، مما يصيد بنابه أو بمخلبه.

الثاني: أنه يشترط أن تكون معلمة، بما يعد في العرف تعليما، بأن يسترسل إذا أرسل، وينزجر إذا زجر، وإذا أمسك لم يأكل، ولهذا قال: { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ْ} أي: أمسكن من الصيد لأجلكم.

وما أكل منه الجارح فإنه لا يعلم أنه أمسكه على صاحبه، ولعله أن يكون أمسكه على نفسه.

الثالث: اشتراط أن يجرحه الكلب أو الطير ونحوهما، لقوله: { مِنَ الْجَوَارِحِ ْ} مع ما تقدم من تحريم المنخنقة. فلو خنقه الكلب أو غيره، أو قتله بثقله لم يبح [هذا بناء على أن الجوارح اللاتي يجرحن الصيد بأنيابها أو مخالبها، والمشهور أن الجوارح بمعنى الكواسب أي: المحصلات للصيد والمدركات لها فلا يكون فيها على هذا دلالة - والله أعلم-]

الرابع: جواز اقتناء كلب الصيد، كما ورد في الحديث الصحيح، مع أن اقتناء الكلب محرم، لأن من لازم إباحة صيده وتعليمه جواز اقتنائه.

الخامس: طهارة ما أصابه فم الكلب من الصيد، لأن الله أباحه ولم يذكر له غسلا، فدل على طهارته.

السادس: فيه فضيلة العلم، وأن الجارح المعلم -بسبب العلم- يباح صيده، والجاهل بالتعليم لا يباح صيده.

السابع: أن الاشتغال بتعليم الكلب أو الطير أو نحوهما، ليس مذموما، وليس من العبث والباطل. بل هو أمر مقصود، لأنه وسيلة لحل صيده والانتفاع به.

الثامن: فيه حجة لمن أباح بيع كلب الصيد، قال: لأنه قد لا يحصل له إلا بذلك.

التاسع: فيه اشتراط التسمية عند إرسال الجارح، وأنه إن لم يسم الله متعمدا، لم يبح ما قتل الجارح.

العاشر: أنه يجوز أكل ما صاده الجارح، سواء قتله الجارح أم لا. وأنه إن أدركه صاحبه، وفيه حياة مستقرة فإنه لا يباح إلا بها.

ثم حث تعالى على تقواه، وحذر من إتيان الحساب في يوم القيامة، وأن ذلك أمر قد دنا واقترب، فقال: { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ْ}


{ 5 ْ} { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ْ}

كرر تعالى إحلال الطيبات لبيان الامتنان، ودعوة للعباد إلى شكره والإكثار من ذكره، حيث أباح لهم ما تدعوهم الحاجة إليه، ويحصل لهم الانتفاع به من الطيبات.

{ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ْ} أي: ذبائح اليهود والنصارى حلال لكم -يا معشر المسلمين- دون باقي الكفار، فإن ذبائحهم لا تحل للمسلمين، وذلك لأن أهل الكتاب ينتسبون إلى الأنبياء والكتب.

وقد اتفق الرسل كلهم على تحريم الذبح لغير الله، لأنه شرك، فاليهود والنصارى يتدينون بتحريم الذبح لغير الله، فلذلك أبيحت ذبائحهم دون غيرهم.

والدليل على أن المراد بطعامهم ذبائحهم، أن الطعام الذي ليس من الذبائح كالحبوب والثمار ليس لأهل الكتاب فيه خصوصية، بل يباح ذلك ولو كان من طعام غيرهم. وأيضا فإنه أضاف الطعام إليهم.

فدل ذلك، على أنه كان طعاما، بسبب ذبحهم. ولا يقال: إن ذلك للتمليك، وأن المراد: الطعام الذي يملكون. لأن هذا، لا يباح على وجه الغصب، ولا من المسلمين.

{ وَطَعَامُكُمْ ْ} أيها المسلمون { حِلٌّ لَّهُمْ ْ} أي: يحل لكم أن تطعموهم إياه { وَ ْ} أحل لكم { الْمُحْصَنَاتِ ْ} أي: الحرائر العفيفات { مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ ْ} والحرائر العفيفات { مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ْ} أي: من اليهود والنصارى.

وهذا مخصص لقوله تعالى { وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ْ} ومفهوم الآية، أن الأرقاء من المؤمنات لا يباح نكاحهن للأحرار, وهو كذلك.

وأما الكتابيات فعلى كل حال لا يبحن، ولا يجوز نكاحهن للأحرار مطلقا، لقوله تعالى: { مِن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ْ} وأما المسلمات إذا كن رقيقات فإنه لا يجوز للأحرار نكاحهن إلا بشرطين، عدم الطول وخوف العنت.

وأما الفاجرات غير العفيفات عن الزنا فلا يباح نكاحهن، سواء كن مسلمات أو كتابيات، حتى يتبن لقوله تعالى: { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ْ} الآية.

وقوله: { إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ْ} أي: أبحنا لكم نكاحهن، إذا أعطيتموهن مهورهن، فمن عزم على أن لا يؤتيها مهرها فإنها لا تحل له.

وأمر بإيتائها إذا كانت رشيدة تصلح للإيتاء، وإلا أعطاه الزوج لوليها.

وإضافة الأجور إليهن دليل على أن المرأة تملك جميع مهرها، وليس لأحد منه شيء، إلا ما سمحت به لزوجها أو وليها أو غيرهما. { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ْ} أي: حالة كونكم -أيها الأزواج- محصنين لنسائكم، بسبب حفظكم لفروجكم عن غيرهن.

{ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ْ} أي: زانين مع كل أحد { وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ْ}

وهو: الزنا مع العشيقات، لأن الزناة في الجاهلية، منهم من يزني مع من كان، فهذا المسافح. ومنهم من يزني مع خدنه ومحبه. فأخبر الله تعالى أن ذلك كله ينافي العفة، وأن شرط التزوج أن يكون الرجل عفيفا عن الزنا.

وقوله تعالى: { وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ْ} أي: ومن كفر بالله تعالى، وما يجب الإيمان به من كتبه ورسله أو شيء من الشرائع، فقد حبط عمله، بشرط أن يموت على كفره، كما قال تعالى: { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ْ} { وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ْ} أي: الذين خسروا أنفسهم وأموالهم وأهليهم يوم القيامة، وحصلوا على الشقاوة الأبدية.

{ 6 ْ} { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ْ}

هذه آية عظيمة قد اشتملت على أحكام كثيرة، نذكر منها ما يسره الله وسهله.

أحدها: أن هذه المذكورات فيها امتثالها والعمل بها من لوازم الإيمان الذي لا يتم إلا به، لأنه صدرها بقوله { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ْ} إلى آخرها. أي: يا أيها الذين آمنوا، اعملوا بمقتضى إيمانكم بما شرعناه لكم.

الثاني: الأمر بالقيام بالصلاة لقوله: { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ْ}

الثالث: الأمر بالنية للصلاة، لقوله: { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ْ} أي: بقصدها ونيتها.

الرابع: اشتراط الطهارة لصحة الصلاة، لأن الله أمر بها عند القيام إليها، والأصل في الأمر الوجوب.

الخامس: أن الطهارة لا تجب بدخول الوقت، وإنما تجب عند إرادة الصلاة.

السادس: أن كل ما يطلق عليه اسم الصلاة، من الفرض والنفل، وفرض الكفاية، وصلاة الجنازة، تشترط له الطهارة، حتى السجود المجرد عند كثير من العلماء، كسجود التلاوة والشكر.

السابع: الأمر بغسل الوجه، وهو: ما تحصل به المواجهة من منابت شعر الرأس المعتاد، إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولا. ومن الأذن إلى الأذن عرضا.

ويدخل فيه المضمضة والاستنشاق، بالسنة، ويدخل فيه الشعور التي فيه. لكن إن كانت خفيفة فلا بد من إيصال الماء إلى البشرة، وإن كانت كثيفة اكتفي بظاهرها.

الثامن: الأمر بغسل اليدين، وأن حدهما إلى المرفقين و "إلى" كما قال جمهور المفسرين بمعنى "مع" كقوله تعالى: { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ْ} ولأن الواجب لا يتم إلا بغسل جميع المرفق.

التاسع: الأمر بمسح الرأس.

العاشر: أنه يجب مسح جميعه، لأن الباء ليست للتبعيض، وإنما هي للملاصقة، وأنه يعم المسح بجميع الرأس.

الحادي عشر: أنه يكفي المسح كيفما كان، بيديه أو إحداهما، أو خرقة أو خشبة أو نحوهما، لأن الله أطلق المسح ولم يقيده بصفة، فدل ذلك على إطلاقه.

الثاني عشر: أن الواجب المسح. فلو غسل رأسه ولم يمر يده عليه لم يكف، لأنه لم يأت بما أمر الله به.

الثالث عشر: الأمر بغسل الرجلين إلى الكعبين، ويقال فيهما ما يقال في اليدين.

الرابع عشر: فيها الرد على الرافضة، على قراءة الجمهور بالنصب، وأنه لا يجوز مسحهما ما دامتا مكشوفتين.

الخامس عشر: فيه الإشارة إلى مسح الخفين، على قراءة الجر في { وأرجلكم ْ}

وتكون كل من القراءتين، محمولة على معنى، فعلى قراءة النصب فيها، غسلهما إن كانتا مكشوفتين، وعلى قراءة الجر فيها، مسحهما إذا كانتا مستورتين بالخف.

السادس عشر: الأمر بالترتيب في الوضوء، لأن الله تعالى ذكرها مرتبة.

ولأنه أدخل ممسوحا -وهو الرأس- بين مغسولين، ولا يعلم لذلك فائدة غير الترتيب.

السابع عشر: أن الترتيب مخصوص بالأعضاء الأربعة المسميات في هذه الآية.

وأما الترتيب بين المضمضة والاستنشاق والوجه، أو بين اليمنى واليسرى من اليدين والرجلين، فإن ذلك غير واجب، بل يستحب تقديم المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه، وتقديم اليمنى على اليسرى من اليدين والرجلين، وتقديم مسح الرأس على مسح الأذنين.

الثامن عشر: الأمر بتجديد الوضوء عند كل صلاة، لتوجد صورة المأمور به.

التاسع عشر: الأمر بالغسل من الجنابة.

العشرون: أنه يجب تعميم الغسل للبدن، لأن الله أضاف التطهر للبدن، ولم يخصصه بشيء دون شيء.

الحادي والعشرون: الأمر بغسل ظاهر الشعر وباطنه في الجنابة.

الثاني والعشرون: أنه يندرج الحدث الأصغر في الحدث الأكبر، ويكفي من هما عليه أن ينوي، ثم يعمم بدنه، لأن الله لم يذكر إلا التطهر، ولم يذكر أنه يعيد الوضوء.

الثالث والعشرون: أن الجنب يصدق على من أنزل المني يقظة أو مناما، أو جامع ولو لم ينزل.

الرابع والعشرون: أن من ذكر أنه احتلم ولم يجد بللا، فإنه لا غسل عليه، لأنه لم تتحقق منه الجنابة.

الخامس والعشرون: ذكر مِنَّة الله تعالى على العباد، بمشروعية التيمم.

السادس والعشرون: أن من أسباب جواز التيمم وجود المرض الذي يضره غسله بالماء، فيجوز له التيمم.

السابع والعشرون: أن من جملة أسباب جوازه، السفر والإتيان من البول والغائط إذا عدم الماء، فالمرض يجوز التيمم مع وجود الماء لحصول التضرر به، وباقيها يجوزه العدم للماء ولو كان في الحضر.

الثامن والعشرون: أن الخارج من السبيلين من بول وغائط، ينقض الوضوء.

التاسع والعشرون: استدل بها من قال: لا ينقض الوضوء إلا هذان الأمران، فلا ينتقض بلمس الفرج ولا بغيره.

الثلاثون: استحباب التكنية عما يستقذر التلفظ به لقوله تعالى: { أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنكُم مِّنَ الْغَائِطِ ْ}

الحادي والثلاثون: أن لمس المرأة بلذة وشهوة ناقض للوضوء.

الثاني والثلاثون: اشتراط عدم الماء لصحة التيمم.

الثالث والثلاثون: أن مع وجود الماء ولو في الصلاة، يبطل التيمم لأن الله إنما أباحه مع عدم الماء.

الرابع والثلاثون: أنه إذا دخل الوقت وليس معه ماء، فإنه يلزمه طلبه في رحله وفيما قرب منه، لأنه لا يقال "لم يجد" لمن لم يطلب.

الخامس والثلاثون: أن من وجد ماء لا يكفي بعض طهارته، فإنه يلزمه استعماله، ثم يتيمم بعد ذلك.

السادس والثلاثون: أن الماء المتغير بالطاهرات، مقدم على التيمم، أي: يكون طهورا، لأن الماء المتغير ماء، فيدخل في قوله: { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ْ}

السابع والثلاثون: أنه لا بد من نية التيمم لقوله: { فَتَيَمَّمُوا ْ} أي: اقصدوا.

الثامن والثلاثون: أنه يكفي التيمم بكل ما تصاعد على وجه الأرض من تراب وغيره. فيكون على هذا، قوله: { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ْ} إما من باب التغليب، وأن الغالب أن يكون له غبار يمسح منه ويعلق بالوجه واليدين، وإما أن يكون إرشادا للأفضل، وأنه إذا أمكن التراب الذي فيه غبار فهو أولى.

التاسع والثلاثون: أنه لا يصح التيمم بالتراب النجس، لأنه لا يكون طيبا بل خبيثا.

الأربعون: أنه يمسح في التيمم الوجه واليدان فقط، دون بقية الأعضاء.

الحادي والأربعون: أن قوله: { بِوُجُوهِكُمْ ْ} شامل لجميع الوجه وأنه يعممه بالمسح، إلا أنه معفو عن إدخال التراب في الفم والأنف، وفيما تحت الشعور، ولو خفيفة.

الثاني والأربعون: أن اليدين تمسحان إلى الكوعين فقط، لأن اليدين عند الإطلاق كذلك.

فلو كان يشترط إيصال المسح إلى الذراعين لقيده الله بذلك، كما قيده في الوضوء.

الثالث والأربعون: أن الآية عامة في جواز التيمم، لجميع الأحداث كلها، الحدث الأكبر والأصغر، بل ولنجاسة البدن، لأن الله جعلها بدلا عن طهارة الماء، وأطلق في الآية فلم يقيد [وقد يقال أن نجاسة البدن لا تدخل في حكم التيمم لأن السياق في الأحداث وهو قول جمهور العلماء]

الرابع والأربعون: أن محل التيمم في الحدث الأصغر والأكبر واحد، وهو الوجه واليدان.

الخامس والأربعون: أنه لو نوى مَنْ عليه حدثان التيمم عنهما، فإنه يجزئ أخذا من عموم الآية وإطلاقها.

السادس والأربعون: أنه يكفي المسح بأي شيء كان، بيده أو غيرها، لأن الله قال { فامسحوا ْ} ولم يذكر الممسوح به، فدل على جوازه بكل شيء.

السابع والأربعون: اشتراط الترتيب في طهارة التيمم، كما يشترط ذلك في الوضوء، ولأن الله بدأ بمسح الوجه قبل مسح اليدين.

الثامن والأربعون: أن الله تعالى -فيما شرعه لنا من الأحكام- لم يجعل علينا في ذلك من حرج ولا مشقة ولا عسر، وإنما هو رحمة منه بعباده ليطهرهم، وليتم نعمته عليهم.

وهذا هو التاسع والأربعون: أن طهارة الظاهر بالماء والتراب، تكميل لطهارة الباطن بالتوحيد، والتوبة النصوح.

الخمسون: أن طهارة التيمم، وإن لم يكن فيها نظافة وطهارة تدرك بالحس والمشاهدة، فإن فيها طهارة معنوية ناشئة عن امتثال أمر الله تعالى.

الحادي والخمسون: أنه ينبغي للعبد أن يتدبر الحِكَم والأسرار في شرائع الله، في الطهارة وغيرها ليزداد معرفة وعلما، ويزداد شكرا لله ومحبة له، على ما شرع من الأحكام التي توصل العبد إلى المنازل العالية الرفيعة.


{ 7 ْ} { وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ْ}

يأمر تعالى عباده بذكر نعمه الدينية والدنيوية، بقلوبهم وألسنتهم. فإن في استدامة ذكرها داعيا لشكر الله تعالى ومحبته، وامتلاء القلب من إحسانه. وفيه زوال للعجب من النفس بالنعم الدينية، وزيادة لفضل الله وإحسانه. و { مِيثَاقهِ ْ} أي: واذكروا ميثاقه { الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ ْ} أي: عهده الذي أخذه عليكم.

وليس المراد بذلك أنهم لفظوا ونطقوا بالعهد والميثاق، وإنما المراد بذلك أنهم بإيمانهم بالله ورسوله قد التزموا طاعتهما، ولهذا قال: { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ْ} أي: سمعنا ما دعوتنا به من آياتك القرآنية والكونية، سمع فهم وإذعان وانقياد. وأطعنا ما أمرتنا به بالامتثال، وما نهيتنا عنه بالاجتناب. وهذا شامل لجميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة.

وأن المؤمنين يذكرون في ذلك عهد الله وميثاقه عليهم، وتكون منهم على بال، ويحرصون على أداء ما أُمِرُوا به كاملا غير ناقص.

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ ْ} في جميع أحوالكم { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ْ} أي: بما تنطوي عليه من الأفكار والأسرار والخواطر. فاحذروا أن يطلع من قلوبكم على أمر لا يرضاه، أو يصدر منكم ما يكرهه، واعمروا قلوبكم بمعرفته ومحبته والنصح لعباده. فإنكم -إن كنتم كذلك- غفر لكم السيئات، وضاعف لكم الحسنات، لعلمه بصلاح قلوبكم.


{ 8 ْ} { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ْ}

أي { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ْ} بما أُمِرُوا بالإيمان به، قوموا بلازم إيمانكم، بأن تكونوا { قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ْ} بأن تنشط للقيام بالقسط حركاتكم الظاهرة والباطنة.

وأن يكون ذلك القيام لله وحده، لا لغرض من الأغراض الدنيوية، وأن تكونوا قاصدين للقسط، الذي هو العدل، لا الإفراط ولا التفريط، في أقوالكم ولا أفعالكم، وقوموا بذلك على القريب والبعيد، والصديق والعدو.

{ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ ْ} أي: لا يحملنكم بغض { قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ْ} كما يفعله من لا عدل عنده ولا قسط، بل كما تشهدون لوليكم، فاشهدوا عليه، وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له، ولو كان كافرا أو مبتدعا، فإنه يجب العدل فيه، وقبول ما يأتي به من الحق، لأنه حق لا لأنه قاله، ولا يرد الحق لأجل قوله، فإن هذا ظلم للحق.

{ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ْ} أي: كلما حرصتم على العدل واجتهدتم في العمل به، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم، فإن تم العدل كملت التقوى.

{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ْ} فمجازيكم بأعمالكم، خيرها وشرها، صغيرها وكبيرها، جزاء عاجلا، وآجلا.


{ 9 ، 10 ْ} { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ْ}

أي { وَعَدَ اللَّهُ ْ} الذي لا يخلف الميعاد وهو أصدق القائلين -المؤمنين به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ْ} من واجبات ومستحبات- بالمغفرة لذنوبهم، بالعفو عنها وعن عواقبها، وبالأجر العظيم الذي لا يعلم عظمه إلا الله تعالى.

{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ْ}

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ْ} الدالة على الحق المبين، فكذبوا بها بعد ما أبانت الحقائق. { أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ْ} الملازمون لها ملازمة الصاحب لصاحبه.


{ 11 ْ} { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ْ}

يُذَكِّر تعالى عباده المؤمنين بنعمه العظيمة، ويحثهم على تذكرها بالقلب واللسان، وأنهم -كما أنهم يعدون قتلهم لأعدائهم، وأخذ أموالهم وبلادهم وسبيهم نعمةً - فليعدوا أيضا إنعامه عليهم بكف أيديهم عنهم، ورد كيدهم في نحورهم نعمة. فإنهم الأعداء، قد هموا بأمر، وظنوا أنهم قادرون عليه.

فإذا لم يدركوا بالمؤمنين مقصودهم، فهو نصر من الله لعباده المؤمنين ينبغي لهم أن يشكروا الله على ذلك، ويعبدوه ويذكروه، وهذا يشمل كل من هَمَّ بالمؤمنين بشر، من كافر ومنافق وباغ، كف الله شره عن المسلمين، فإنه داخل في هذه الآية.

ثم أمرهم بما يستعينون به على الانتصار على عدوهم، وعلى جميع أمورهم، فقال: { وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ْ} أي: يعتمدوا عليه في جلب مصالحهم الدينية والدنيوية، وتبرؤوا من حولهم وقوتهم، ويثقوا بالله تعالى في حصول ما يحبون. وعلى حسب إيمان العبد يكون توكله، وهو من واجبات القلب المتفق عليها.


{ 12 ، 13 ْ} { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ْ}

يخبر تعالى أنه أخذ على بني إسرائيل الميثاق الثقيل المؤكد، وذكر صفة الميثاق وأجرهم إن قاموا به، وإثمهم إن لم يقوموا به، ثم ذكر أنهم ما قاموا به، وذكر ما عاقبهم به، فقال: { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ْ} أي: عهدهم المؤكد الغليظ، { وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ْ} أي: رئيسا وعريفا على من تحته، ليكون ناظرا عليهم، حاثا لهم على القيام بما أُمِرُوا به، مطالبا يدعوهم.

{ وَقَالَ اللَّهُ ْ} للنقباء الذين تحملوا من الأعباء ما تحملوا: { إِنِّي مَعَكُمْ ْ} أي: بالعون والنصر، فإن المعونة بقدر المؤنة.

ثم ذكر ما واثقهم عليه فقال: { لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ ْ} ظاهرا وباطنا، بالإتيان بما يلزم وينبغي فيها، والمداومة على ذلك { وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ ْ} لمستحقيها { وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي ْ} جميعهم، الذين أفضلهم وأكملهم محمد صلى الله عليه وسلم، { وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ْ} أي: عظمتموهم، وأديتم ما يجب لهم من الاحترام والطاعة { وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ْ} وهو الصدقة والإحسان، الصادر عن الصدق والإخلاص وطيب المكسب، فإذا قمتم بذلك { لَأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ْ} فجمع لهم بين حصول المحبوب بالجنة وما فيها من النعيم، واندفاع المكروه بتكفير السيئات، ودفع ما يترتب عليها من العقوبات.


rewaida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-14, 04:57 PM   #45

rewaida
عضو موقوف
alkap ~
? العضوٌ??? » 177949
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 5,575
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » rewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
افتراضي

{ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ْ} العهد والميثاق المؤكد بالأيمان والالتزامات، المقرون بالترغيب بذكر ثوابه.

{ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ْ} أي: عن عمد وعلم، فيستحق ما يستحقه الضالون من حرمان الثواب، وحصول العقاب. فكأنه قيل: ليت شعري ماذا فعلوا؟ وهل وفوا بما عاهدوا الله عليه أم نكثوا؟

فبين أنهم نقضوا ذلك فقال: { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ ْ}

أي: بسببه عاقبناهم بعدة عقوبات: الأولى: أنا { لَعَنَّاهُمْ ْ} أي: طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا، حيث أغلقوا على أنفسهم أبواب الرحمة، ولم يقوموا بالعهد الذي أخذ عليهم، الذي هو سببها الأعظم.

الثانية: قوله: { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ْ} أي: غليظة لا تجدي فيها المواعظ، ولا تنفعها الآيات والنذر، فلا يرغبهم تشويق، ولا يزعجهم تخويف، وهذا من أعظم العقوبات على العبد، أن يكون قلبه بهذه الصفة التي لا يفيده الهدى, والخير إلا شرا.

الثالثة: أنهم { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ ْ} أي: ابتلوا بالتغيير والتبديل، فيجعلون للكلم الذي أراد الله معنى غير ما أراده الله ولا رسوله.

الرابعة: أنهم { نسوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ْ} فإنهم ذكروا بالتوراة، وبما أنزل الله على موسى، فنسوا حظا منه، وهذا شامل لنسيان علمه، وأنهم نسوه وضاع عنهم، ولم يوجد كثير مما أنساهم الله إياه عقوبة منه لهم.

وشامل لنسيان العمل الذي هو الترك، فلم يوفقوا للقيام بما أمروا به، ويستدل بهذا على أهل الكتاب بإنكارهم بعض الذي قد ذكر في كتابهم، أو وقع في زمانهم، أنه مما نسوه.

الخامسة: الخيانة المستمرة التي { لا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ ْ} أي: خيانة لله ولعباده المؤمنين.

ومن أعظم الخيانة منهم، كتمهم [عن] من يعظهم ويحسن فيهم الظن الحق، وإبقاؤهم على كفرهم، فهذه خيانة عظيمة. وهذه الخصال الذميمة، حاصلة لكل من اتصف بصفاتهم.

فكل من لم يقم بما أمر الله به، وأخذ به عليه الالتزام، كان له نصيب من اللعنة وقسوة القلب، والابتلاء بتحريف الكلم، وأنه لا يوفق للصواب، ونسيان حظ مما ذُكِّر به، وأنه لا بد أن يبتلى بالخيانة، نسأل الله العافية.

وسمى الله تعالى ما ذكروا به حظا، لأنه هو أعظم الحظوظ، وما عداه فإنما هي حظوظ دنيوية، كما قال تعالى: { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ْ} وقال في الحظ النافع: { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ْ}

وقوله: { إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ْ} أي: فإنهم وفوا بما عاهدوا الله عليه فوفقهم وهداهم للصراط المستقيم.

{ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ْ} أي: لا تؤاخذهم بما يصدر منهم من الأذى، الذي يقتضي أن يعفى عنهم، واصفح، فإن ذلك من الإحسان { إن اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ْ} والإحسان: هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه، فإنه يراك. وفي حق المخلوقين: بذل النفع الديني والدنيوي لهم.


rewaida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-14, 05:01 PM   #46

rewaida
عضو موقوف
alkap ~
? العضوٌ??? » 177949
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 5,575
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » rewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
افتراضي

{ 14 ْ} { وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ْ}

أي: وكما أخذنا على اليهود العهد والميثاق، فكذلك أخذنا على { الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ْ} لعيسى ابن مريم، وزكوا أنفسهم بالإيمان بالله ورسله وما جاءوا به، فنقضوا العهد، { فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ْ} نسيانا علميا، ونسيانا عمليا. { فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ْ} أي: سلطنا بعضهم على بعض، وصار بينهم من الشرور والإحن ما يقتضي بغض بعضهم بعضا ومعاداة بعضهم بعضا إلى يوم القيامة، وهذا أمر مشاهد، فإن النصارى لم يزالوا ولا يزالون في بغض وعداوة وشقاق. { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ْ} فيعاقبهم عليه.


{ 15 ، 16 ْ} { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ْ}

لما ذكر تعالى ما أخذه الله على أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وأنهم نقضوا ذلك إلا قليلا منهم، أمرهم جميعا أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، واحتج عليهم بآية قاطعة دالة على صحة نبوته، وهي: أنه بين لهم كثيرا مما يُخْفُون عن الناس، حتى عن العوام من أهل ملتهم، فإذا كانوا هم المشار إليهم في العلم ولا علم عند أحد في ذلك الوقت إلا ما عندهم، فالحريص على العلم لا سبيل له إلى إدراكه إلا منهم، فإتيان الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن العظيم الذي بيَّن به ما كانوا يتكاتمونه بينهم، وهو أُمِّيّ لا يقرأ ولا يكتب - من أدل الدلائل على القطع برسالته، وذلك مثل صفة محمد في كتبهم، ووجود البشائر به في كتبهم، وبيان آية الرجم ونحو ذلك.

{ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ْ} أي: يترك بيان ما لا تقتضيه الحكمة.

{ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ ْ} وهو القرآن، يستضاء به في ظلمات الجهالة وعماية الضلالة.

{ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ْ} لكل ما يحتاج الخلق إليه من أمور دينهم ودنياهم. من العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن العلم بأحكامه الشرعية وأحكامه الجزائية.

ثم ذكر مَنْ الذي يهتدي بهذا القرآن، وما هو السبب الذي من العبد لحصول ذلك، فقال: { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ْ} أي: يهدي به من اجتهد وحرص على بلوغ مرضاة الله، وصار قصده حسنا -سبل السلام التي تسلم صاحبها من العذاب، وتوصله إلى دار السلام، وهو العلم بالحق والعمل به، إجمالا وتفصيلا.

{ وَيُخْرِجُهُم مِّن ْ} ظلمات الكفر والبدعة والمعصية، والجهل والغفلة، إلى نور الإيمان والسنة والطاعة والعلم، والذكر. وكل هذه الهداية بإذن الله، الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. { وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ْ}


{ 17 ، 18 ْ} { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ }

لما ذكر تعالى أخذ الميثاق على أهل الكتابين، وأنهم لم يقوموا به بل نقضوه، ذكر أقوالهم الشنيعة.

فذكر قول النصارى، القول الذي ما قاله أحد غيرهم، بأن الله هو المسيح ابن مريم، ووجه شبهتهم أنه ولد من غير أب، فاعتقدوا فيه هذا الاعتقاد الباطل مع أن حواء نظيره، خُلِقَت بلا أم، وآدم أولى منه، خلق بلا أب ولا أم، فهلا ادعوا فيهما الإلهية كما ادعوها في المسيح؟

فدل على أن قولهم اتباع هوى من غير برهان ولا شبهة. فرد الله عليهم بأدلة عقلية واضحة فقال: { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا }

فإذا كان المذكورون لا امتناع عندهم يمنعهم لو أراد الله أن يهلكهم، ولا قدرة لهم على ذلك - دل على بطلان إلهية من لا يمتنع من الإهلاك، ولا في قوته شيء من الفكاك.

ومن الأدلة أن { لِلَّهِ } وحده { مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } يتصرف فيهم بحكمه الكوني والشرعي والجزائي، وهم مملوكون مدبرون، فهل يليق أن يكون المملوك العبد الفقير، إلها معبودا غنيا من كل وجه؟ هذا من أعظم المحال.

ولا وجه لاستغرابهم لخلق المسيح عيسى ابن مريم من غير أب، فإن الله { يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } إن شاء من أب وأم، كسائر بني آدم، وإن شاء من أب بلا أم، كحواء. وإن شاء من أم بلا أب، كعيسى. وإن شاء من غير أب ولا أم [كآدم]

فنوع خليقته تعالى بمشيئته النافذة، التي لا يستعصي عليها شيء، ولهذا قال: { وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

ومن مقالات اليهود والنصارى أن كلا منهما ادعى دعوى باطلة، يزكون بها أنفسهم، بأن قال كل منهما: { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ }

والابن في لغتهم هو الحبيب، ولم يريدوا البنوة الحقيقية، فإن هذا ليس من مذهبهم إلا مذهب النصارى في المسيح.

قال الله ردا عليهم حيث ادعوا بلا برهان: { قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ } ؟

فلو كنتم أحبابه ما عذبكم [لكون الله لا يحب إلا من قام بمراضيه]

{ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ } تجري عليكم أحكام العدل والفضل { يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ } إذا أتوا بأسباب المغفرة أو أسباب العذاب، { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } أي: فأي شيء خصكم بهذه الفضيلة، وأنتم من جملة المماليك ومن جملة من يرجع إلى الله في الدار الآخرة، فيجازيكم بأعمالكم.


{ 19 } { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

يدعو تبارك وتعالى أهل الكتاب -بسبب ما من عليهم من كتابه- أن يؤمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويشكروا الله تعالى الذي أرسله إليهم على حين { فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ } وشدة حاجة إليه.

وهذا مما يدعو إلى الإيمان به، وأنه يبين لهم جميع المطالب الإلهية والأحكام الشرعية.

وقد قطع الله بذلك حجتهم، لئلا يقولوا: { مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } يبشر بالثواب العاجل والآجل، وبالأعمال الموجبة لذلك، وصفة العاملين بها. وينذر بالعقاب العاجل والآجل، وبالأعمال الموجبة لذلك، وصفة العاملين بها.

{ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } انقادت الأشياء طوعا وإذعانا لقدرته، فلا يستعصي عليه شيء منها، ومن قدرته أن أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وأنه يثيب من أطاعهم ويعاقب من عصاهم.


{ 20 - 26 } { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ * يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ }


إلى آخر القصة

لما امتن الله على موسى وقومه بنجاتهم من فرعون وقومه وأسرهم واستبعادهم، ذهبوا قاصدين لأوطانهم ومساكنهم، وهي بيت المقدس وما حواليه، وقاربوا وصول بيت المقدس، وكان الله قد فرض عليهم جهاد عدوهم ليخرجوه من ديارهم. فوعظهم موسى عليه السلام؛ وذكرهم ليقدموا على الجهاد فقال لهم: { اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } بقلوبكم وألسنتكم. فإن ذكرها داع إلى محبته تعالى ومنشط على العبادة، { إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ } يدعونكم إلى الهدى، ويحذرونكم من الردى، ويحثونكم على سعادتكم الأبدية، ويعلمونكم ما لم تكونوا تعلمون { وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا } تملكون أمركم، بحيث إنه زال عنكم استعباد عدوكم لكم، فكنتم تملكون أمركم، وتتمكنون من إقامة دينكم.

{ وَآتَاكُمْ } من النعم الدينية والدنيوية { مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ } فإنهم في ذلك الزمان خيرة الخلق، وأكرمهم على الله تعالى. وقد أنعم عليهم بنعم ما كانت لغيرهم.

فذكرهم بالنعم الدينية والدنيوية، الداعي ذلك لإيمانهم وثباته، وثباتهم على الجهاد، وإقدامهم عليه، ولهذا قال: { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ }

أي: المطهرة { الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } فأخبرهم خبرا تطمئن به أنفسهم، إن كانوا مؤمنين مصدقين بخبر الله، وأنه قد كتب الله لهم دخولها، وانتصارهم على عدوهم. { وَلَا تَرْتَدُّوا } أي: ترجعوا { عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ } قد خسرتم دنياكم بما فاتكم من النصر على الأعداء وفتح بلادكم. وآخرتكم بما فاتكم من الثواب، وما استحققتم -بمعصيتكم- من العقاب، فقالوا قولا يدل على ضعف قلوبهم، وخور نفوسهم، وعدم اهتمامهم بأمر الله ورسوله.

{ يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ } شديدي القوة والشجاعة، أي: فهذا من الموانع لنا من دخولها.

{ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } وهذا من الجبن وقلة اليقين، وإلا فلو كان معهم رشدهم، لعلموا أنهم كلهم من بني آدم، وأن القوي من أعانه الله بقوة من عنده، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، ولعلموا أنهم سينصرون عليهم، إذ وعدهم الله بذلك، وعدا خاصا.

{ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ } الله تعالى، مشجعين لقومهم، منهضين لهم على قتال عدوهم واحتلال بلادهم. { أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا } بالتوفيق، وكلمة الحق في هذا الموطن المحتاج إلى مثل كلامهم، وأنعم عليهم بالصبر واليقين.

{ ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ } أي: ليس بينكم وبين نصركم عليهم إلا أن تجزموا عليهم، وتدخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه عليهم فإنهم سينهزمون، ثم أمَرَاهم بعدة هي أقوى العدد، فقالا: { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } فإن في التوكل على الله -وخصوصا في هذا الموطن- تيسيرا للأمر، ونصرا على الأعداء. ودل هذا على وجوب التوكل، وعلى أنه بحسب إيمان العبد يكون توكله، فلم ينجع فيهم هذا الكلام، ولا نفع فيهم الملام، فقالوا قول الأذلين: { يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }

فما أشنع هذا الكلام منهم، ومواجهتهم لنبيهم في هذا المقام الحرج الضيق، الذي قد دعت الحاجة والضرورة إلى نصرة نبيهم، وإعزاز أنفسهم.

وبهذا وأمثاله يظهر التفاوت بين سائر الأمم، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم -حين شاورهم في القتال يوم "بدر" مع أنه لم يحتم عليهم: يا رسول الله، لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ولو بلغت بنا برك الغماد ما تخلف عنك أحد. ولا نقول كما قال قوم موسى لموسى: { اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، من بين يديك ومن خلفك، وعن يمينك وعن يسارك.

فلما رأى موسى عليه السلام عتوهم عليه { قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي } أي: فلا يدان لنا بقتالهم، ولست بجبار على هؤلاء. { فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } أي: احكم بيننا وبينهم، بأن تنزل فيهم من العقوبة ما اقتضته حكمتك، ودل ذلك على أن قولهم وفعلهم من الكبائر العظيمة الموجبة للفسق.

{ قَالَ } الله مجيبا لدعوة موسى: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ } أي: إن من عقوبتهم أن نحرم عليهم دخول هذه القرية التي كتبها الله لهم، مدة أربعين سنة، وتلك المدة أيضا يتيهون في الأرض، لا يهتدون إلى طريق ولا يبقون مطمئنين، وهذه عقوبة دنيوية، لعل الله تعالى كفر بها عنهم، ودفع عنهم عقوبة أعظم منها، وفي هذا دليل على أن العقوبة على الذنب قد تكون بزوال نعمة موجودة، أو دفع نقمة قد انعقد سبب وجودها أو تأخرها إلى وقت آخر.

ولعل الحكمة في هذه المدة أن يموت أكثر هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، الصادرة عن قلوب لا صبر فيها ولا ثبات، بل قد ألفت الاستعباد لعدوها، ولم تكن لها همم ترقيها إلى ما فيه ارتقاؤها وعلوها، ولتظهر ناشئة جديدة تتربى عقولهم على طلب قهر الأعداء، وعدم الاستعباد، والذل المانع من السعادة.

ولما علم الله تعالى أن عبده موسى في غاية الرحمة على الخلق، خصوصا قومه، وأنه ربما رق لهم، واحتملته الشفقة على الحزن عليهم في هذه العقوبة، أو الدعاء لهم بزوالها، مع أن الله قد حتمها، قال: { فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } أي: لا تأسف عليهم ولا تحزن، فإنهم قد فسقوا، وفسقهم اقتضى وقوع ما نزل بهم لا ظلما منا.


rewaida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-14, 05:05 PM   #47

rewaida
عضو موقوف
alkap ~
? العضوٌ??? » 177949
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 5,575
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » rewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
افتراضي

( آية 1-26 )-( آية 27-50 )-( آية 51-75 )-( آية 76-100 )-( آية 101-120 )

5- تفسير سورة المائدة عدد آياتها 120 ( آية 27-50 )
وهي مدنية

{ 27 - 31 } { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ }

إلى آخر القصة أي: قص على الناس وأخبرهم بالقضية التي جرت على ابني آدم بالحق، تلاوة يعتبر بها المعتبرون، صدقا لا كذبا، وجدا لا لعبا، والظاهر أن ابني آدم هما ابناه لصلبه، كما يدل عليه ظاهر الآية والسياق، وهو قول جمهور المفسرين.

أي: اتل عليهم نبأهما في حال تقريبهما للقربان، الذي أداهما إلى الحال المذكورة.

{ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا } أي: أخرج كل منهما شيئا من ماله لقصد التقرب إلى الله، { فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ } بأن علم ذلك بخبر من السماء، أو بالعادة السابقة في الأمم، أن علامة تقبل الله لقربان، أن تنزل نار من السماء فتحرقه.

{ قَالَ } الابن، الذي لم يتقبل منه للآخر حسدا وبغيا { لَأَقْتُلَنَّكَ } فقال له الآخر -مترفقا له في ذلك- { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } فأي ذنب لي وجناية توجب لك أن تقتلني؟ إلا أني اتقيت الله تعالى، الذي تقواه واجبة عليّ وعليك، وعلى كل أحد، وأصح الأقوال في تفسير المتقين هنا، أي: المتقين لله في ذلك العمل، بأن يكون عملهم خالصا لوجه الله، متبعين فيه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال له مخبرا أنه لا يريد أن يتعرض لقتله، لا ابتداء ولا مدافعة فقال:

{ لَئِن بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ } وليس ذلك جبنا مني ولا عجزا. وإنما ذلك لأني { أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } والخائف لله لا يقدم على الذنوب، خصوصا الذنوب الكبار. وفي هذا تخويف لمن يريد القتل، وأنه ينبغي لك أن تتقي الله وتخافه.

{ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ } أي: ترجع { بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ } أي: إنه إذا دار الأمر بين أن أكون قاتلا أو تقتلني فإني أوثر أن تقتلني، فتبوء بالوزرين { فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ } دل هذا على أن القتل من كبائر الذنوب، وأنه موجب لدخول النار.

فلم يرتدع ذلك الجاني ولم ينزجر، ولم يزل يعزم نفسه ويجزمها، حتى طوعت له قتل أخيه الذي يقتضي الشرع والطبع احترامه.

{ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ } دنياهم وآخرتهم، وأصبح قد سن هذه السنة لكل قاتل.

"ومن سن سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة". ولهذا ورد في الحديث الصحيح أنه "ما من نفس تقتل إلا كان على ابن آدم الأول شطر من دمها، لأنه أول من سن القتل".

فلما قتل أخاه لم يدر كيف يصنع به؛ لأنه أول ميت مات من بني آدم { فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ } أي: يثيرها ليدفن غرابا آخر ميتا. { لِيُرِيَهُ } بذلك { كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ } أي: بدنه، لأن بدن الميت يكون عورة { فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ } وهكذا عاقبة المعاصي الندامة والخسارة.

{ 32 } { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }

يقول تعالى { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ } الذي ذكرناه في قصة ابني آدم، وقتل أحدهما أخاه، وسنه القتل لمن بعده، وأن القتل عاقبته وخيمة وخسارة في الدنيا والآخرة. { كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ } أهل الكتب السماوية { أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ } أي: بغير حق { فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا } ؛ لأنه ليس معه داع يدعوه إلى التبيين، وأنه لا يقدم على القتل إلا بحق، فلما تجرأ على قتل النفس التي لم تستحق القتل علم أنه لا فرق عنده بين هذا المقتول وبين غيره، وإنما ذلك بحسب ما تدعوه إليه نفسه الأمارة بالسوء. فتجرؤه على قتله، كأنه قتل الناس جميعا.

وكذلك من أحيا نفسا أي: استبقى أحدا، فلم يقتله مع دعاء نفسه له إلى قتله، فمنعه خوف الله تعالى من قتله، فهذا كأنه أحيا الناس جميعا، لأن ما معه من الخوف يمنعه من قتل من لا يستحق القتل.

ودلت الآية على أن القتل يجوز بأحد أمرين:

إما أن يقتل نفسا بغير حق متعمدا في ذلك، فإنه يحل قتله، إن كان مكلفا مكافئا، ليس بوالد للمقتول.

وإما أن يكون مفسدا في الأرض، بإفساده لأديان الناس أو أبدانهم أو أموالهم، كالكفار المرتدين والمحاربين، والدعاة إلى البدع الذين لا ينكف شرهم إلا بالقتل.

وكذلك قطاع الطريق ونحوهم، ممن يصول على الناس لقتلهم، أو أخذ أموالهم.

{ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ } التي لا يبقى معها حجة لأحد. { ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ } أي: من الناس { بَعْدِ ذَلِكَ } البيان القاطع للحجة، الموجب للاستقامة في الأرض { لَمُسْرِفُونَ } في العمل بالمعاصي، ومخالفة الرسل الذين جاءوا بالبينات والحجج.


{ 33 ، 34 } { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }

المحاربون لله ولرسوله، هم الذين بارزوه بالعداوة، وأفسدوا في الأرض بالكفر والقتل، وأخذ الأموال، وإخافة السبل.

والمشهور أن هذه الآية الكريمة في أحكام قطاع الطريق، الذين يعرضون للناس في القرى والبوادي، فيغصبونهم أموالهم، ويقتلونهم، ويخيفونهم، فيمتنع الناس من سلوك الطريق التي هم بها، فتنقطع بذلك.

فأخبر الله أن جزاءهم ونكالهم -عند إقامة الحد عليهم- أن يفعل بهم واحد من هذه الأمور.

واختلف المفسرون: هل ذلك على التخيير، وأن كل قاطع طريق يفعل به الإمام أو نائبه ما رآه المصلحة من هذه الأمور المذكورة؟ وهذا ظاهر اللفظ، أو أن عقوبتهم تكون بحسب جرائمهم، فكل جريمة لها قسط يقابلها، كما تدل عليه الآية بحكمتها وموافقتها لحكمة الله تعالى. وأنهم إن قتلوا وأخذوا مالًا تحتم قتلُهم وصلبهم، حتى يشتهروا ويختزوا ويرتدع غيرهم.

وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا تحتم قتلهم فقط. وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا تحتم أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، اليد اليمنى والرجل اليسرى. وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا، ولا أخذوا مالا، نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون في بلد حتى تظهر توبتهم. وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه وكثير من الأئمة، على اختلاف في بعض التفاصيل.

{ ذَلِكَ } النكال { لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا } أي: فضيحة وعار { وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فدل هذا أن قطع الطريق من أعظم الذنوب، موجب لفضيحة الدنيا وعذاب الآخرة، وأن فاعله محارب لله ولرسوله.

وإذا كان هذا شأن عظم هذه الجريمة، علم أن تطهير الأرض من المفسدين، وتأمين السبل والطرق، عن القتل، وأخذ الأموال، وإخافة الناس، من أعظم الحسنات وأجل الطاعات، وأنه إصلاح في الأرض، كما أن ضده إفساد في الأرض.

{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ } أي: من هؤلاء المحاربين، { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي: فيسقط عنه ما كان لله، من تحتم القتل والصلب والقطع والنفي، ومن حق الآدمي أيضا، إن كان المحارب كافرا ثم أسلم، فإن كان المحارب مسلما فإن حق الآدمي، لا يسقط عنه من القتل وأخذ المال. ودل مفهوم الآية على أن توبة المحارب -بعد القدرة عليه- أنها لا تسقط عنه شيئا، والحكمة في ذلك ظاهرة.

وإذا كانت التوبة قبل القدرة عليه، تمنع من إقامة الحد في الحرابة، فغيرها من الحدود -إذا تاب من فعلها، قبل القدرة عليه- من باب أولى.

{ 35 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

هذا أمر من الله لعباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان من تقوى الله والحذر من سخطه وغضبه، وذلك بأن يجتهد العبد، ويبذل غاية ما يمكنه من المقدور في اجتناب ما يَسخطه الله، من معاصي القلب واللسان والجوارح، الظاهرة والباطنة. ويستعين بالله على تركها، لينجو بذلك من سخط الله وعذابه. { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } أي: القرب منه، والحظوة لديه، والحب له، وذلك بأداء فرائضه القلبية، كالحب له وفيه، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل. والبدنية: كالزكاة والحج. والمركبة من ذلك كالصلاة ونحوها، من أنواع القراءة والذكر، ومن أنواع الإحسان إلى الخلق بالمال والعلم والجاه، والبدن، والنصح لعباد الله، فكل هذه الأعمال تقرب إلى الله. ولا يزال العبد يتقرب بها إلى الله حتى يحبه الله، فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي [بها] ويستجيب الله له الدعاء.

ثم خص تبارك وتعالى من العبادات المقربة إليه، الجهاد في سبيله، وهو: بذل الجهد في قتال الكافرين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي في نصر دين الله بكل ما يقدر عليه العبد، لأن هذا النوع من أجل الطاعات وأفضل القربات.

ولأن من قام به، فهو على القيام بغيره أحرى وأولى { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } إذا اتقيتم الله بترك المعاصي، وابتغيتم الوسيلة إلى الله، بفعل الطاعات، وجاهدتم في سبيله ابتغاء مرضاته.

والفلاح هو الفوز والظفر بكل مطلوب مرغوب، والنجاة من كل مرهوب، فحقيقته السعادة الأبدية والنعيم المقيم.


{ 36 ، 37 } { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ }

يخبر تعالى عن شناعة حال الكافرين بالله يوم القيامة ومآلهم الفظيع، وأنهم لو افتدوا من عذاب الله بملء الأرض ذهبا ومثله معه ما تقبل منهم، ولا أفاد، لأن محل الافتداء قد فات، ولم يبق إلا العذاب الأليم، الموجع الدائم الذي لا يخرجون منه أبدا، بل هم ماكثون فيه سرمدا.

{ 38 - 40 } { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم خفية، بغير رضاه. وهو من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة الشنيعة، وهو قطع اليد اليمنى، كما هو في قراءة بعض الصحابة.

وحد اليد عند الإطلاق من الكوع، فإذا سرق قطعت يده من الكوع، وحسمت في زيت لتنسد العروق فيقف الدم، ولكن السنة قيدت عموم هذه الآية من عدة أوجه:

منها: الحرز، فإنه لابد أن تكون السرقة من حرز، وحرز كل مال: ما يحفظ به عادة. فلو سرق من غير حرز فلا قطع عليه.

ومنها: أنه لابد أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي أحدهما، فلو سرق دون ذلك فلا قطع عليه.

ولعل هذا يؤخذ من لفظ السرقة ومعناها، فإن لفظ "السرقة" أخذ الشيء على وجه لا يمكن الاحتراز منه، وذلك أن يكون المال محرزا، فلو كان غير محرز لم يكن ذلك سرقة شرعية.

ومن الحكمة أيضا أن لا تقطع اليد في الشيء النزر التافه، فلما كان لابد من التقدير، كان التقدير الشرعي مخصصا للكتاب.

والحكمة في قطع اليد في السرقة، أن ذلك حفظ للأموال، واحتياط لها، وليقطع العضو الذي صدرت منه الجناية، فإن عاد السارق قطعت رجله اليسرى، فإن عاد، فقيل: تقطع يده اليسرى، ثم رجله اليمنى، وقيل: يحبس حتى يموت. وقوله: { جَزَاءً بِمَا كَسَبَا } أي: ذلك القطع جزاء للسارق بما سرقه من أموال الناس.

{ نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ } أي: تنكيلا وترهيبا للسارق ولغيره، ليرتدع السراق -إذا علموا- أنهم سيقطعون إذا سرقوا.

{ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي: عَزَّ وحكم فقطع السارق.

{ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } فيغفر لمن تاب فترك الذنوب، وأصلح الأعمال والعيوب.

وذلك أن لله ملك السماوات والأرض، يتصرف فيهما بما شاء من التصاريف القدرية والشرعية، والمغفرة والعقوبة، بحسب ما اقتضته حكمته ورحمته الواسعة ومغفرته.


{ 41 - 44 } { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }

كان الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة حرصه على الخلق يشتد حزنه لمن يظهر الإيمان، ثم يرجع إلى الكفر، فأرشده الله تعالى، إلى أنه لا يأسى ولا يحزن على أمثال هؤلاء. فإن هؤلاء لا في العير ولا في النفير. إن حضروا لم ينفعوا، وإن غابوا لم يفقدوا، ولهذا قال مبينا للسبب الموجب لعدم الحزن عليهم - فقال: { مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ } فإن الذين يؤسى ويحزن عليهم، من كان معدودا من المؤمنين، وهم المؤمنون ظاهرا وباطنا, وحاشا لله أن يرجع هؤلاء عن دينهم ويرتدوا، فإن الإيمان -إذا خالطت بشاشته القلوب- لم يعدل به صاحبه غيره، ولم يبغ به بدلا.

{ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا } أي: اليهود { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ } أي: مستجيبون ومقلدون لرؤسائهم، المبني أمرهم على الكذب والضلال والغي. وهؤلاء الرؤساء المتبعون { لَمْ يَأْتُوكَ } بل أعرضوا عنك، وفرحوا بما عندهم من الباطل وهو تحريف الكلم عن مواضعه، أي: جلب معان للألفاظ ما أرادها الله ولا قصدها، لإضلال الخلق ولدفع الحق، فهؤلاء المنقادون للدعاة إلى الضلال، المتبعين للمحال، الذين يأتون بكل كذب، لا عقول لهم ولا همم. فلا تبال أيضا إذا لم يتبعوك، لأنهم في غاية النقص، والناقص لا يؤبه له ولا يبالى به.

{ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا } أي: هذا قولهم عند محاكمتهم إليك، لا قصد لهم إلا اتباع الهوى.

يقول بعضهم لبعض: إن حكم لكم محمد بهذا الحكم الذي يوافق أهواءكم، فاقبلوا حكمه، وإن لم يحكم لكم به، فاحذروا أن تتابعوه على ذلك، وهذا فتنة واتباع ما تهوى الأنفس.

{ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } كقوله تعالى: { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } أي: فلذلك صدر منهم ما صدر. فدل ذلك على أن من كان مقصوده بالتحاكم إلى الحكم الشرعي اتباع هواه، وأنه إن حكم له رضي، وإن لم يحكم له سخط، فإن ذلك من عدم طهارة قلبه، كما أن من حاكم وتحاكم إلى الشرع ورضي به، وافق هواه أو خالفه، فإنه من طهارة القلب، ودل على أن طهارة القلب، سبب لكل خير، وهو أكبر داع إلى كل قول رشيد وعمل سديد.

{ لَهُم فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } أي: فضيحة وعار { وَلَهُم فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } هو: النار وسخط الجبار.

{ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ } والسمع هاهنا سمع استجابة، أي: من قلة دينهم وعقلهم، أن استجابوا لمن دعاهم إلى القول الكذب.

{ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ } أي: المال الحرام، بما يأخذونه على سفلتهم وعوامهم من المعلومات والرواتب، التي بغير الحق، فجمعوا بين اتباع الكذب وأكل الحرام.

{ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } فأنت مخير في ذلك. وليست هذه منسوخة، فإنه-عند تحاكم هذا الصنف إليه- يخير بين أن يحكم بينهم، أو يعرض عن الحكم بينهم، بسبب أنه لا قصد لهم في الحكم الشرعي إلا أن يكون موافقا لأهوائهم، وعلى هذا فكل مستفت ومتحاكم إلى عالم، يعلم من حاله أنه إن حكم عليه لم يرض، لم يجب الحكم ولا الإفتاء لهم، فإن حكم بينهم وجب أن يحكم بالقسط، ولهذا قال: { وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } حتى ولو كانوا ظلمة وأعداء، فلا يمنعك ذلك من العدل في الحكم بينهم.

وفي هذا بيان فضيلة العدل والقسط في الحكم بين الناس، وأن الله تعالى يحبه.

ثم قال متعجبا لهم { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ } فإنهم -لو كانوا مؤمنين عاملين بما يقتضيه الإيمان ويوجبه- لم يصدفوا عن حكم الله الذي في التوراة التي بين أيديهم، لعلهم أن يجدوا عندك ما يوافق أهواءهم.

وحين حكمت بينهم بحكم الله الموافق لما عندهم أيضا، لم يرضوا بذلك بل أعرضوا عنه، فلم يرتضوه أيضا.

قال تعالى: { وَمَا أُولَئِكَ } الذين هذا صنيعهم { بِالْمُؤْمِنِينَ } أي: ليس هذا دأب المؤمنين، وليسوا حريين بالإيمان. لأنهم جعلوا آلهتهم أهواءهم، وجعلوا أحكام الإيمان تابعة لأهوائهم.

{ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ } على موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام. { فِيهَا هُدًى } يهدي إلى الإيمان والحق، ويعصم من الضلالة { وَنُورٌ } يستضاء به في ظلم الجهل والحيرة والشكوك، والشبهات والشهوات، كما قال تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ } { يَحْكُمُ بِهَا } بيـن الذيـن هـادوا، أي: اليـهود فـي القضايـا والفتـاوى { النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا } لله وانقادوا لأوامره، الذين إسلامهم أعظم من إسلام غيرهم، وهم صفوة الله من العباد. فإذا كان هؤلاء النبيون الكرام والسادة للأنام قد اقتدوا بها وائتموا ومشوا خلفها، فما الذي منع هؤلاء الأراذل من اليهود من الاقتداء بها؟ وما الذي أوجب لهم أن ينبذوا أشرف ما فيها من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي لا يقبل عمل ظاهر وباطن، إلا بتلك العقيدة؟ هل لهم إمام في ذلك؟ نعم لهم أئمة دأبهم التحريف، وإقامة رياستهم ومناصبهم بين الناس، والتأكل بكتمان الحق، وإظهار الباطل، أولئك أئمة الضلال الذين يدعون إلى النار.

وقوله: { وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ } أي: وكذلك يحكم بالتوراة للذين هادواأئمة الدين من الربانيين، أي: العلماء العاملين المعلمين الذين يربون الناس بأحسن تربية، ويسلكون معهم مسلك الأنبياء المشفقين.

والأحبار أي: العلماء الكبار الذين يقتدى بأقوالهم، وترمق آثارهم، ولهم لسان الصدق بين أممهم.

وذلك الحكم الصادر منهم الموافق للحق { بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ } أي: بسبب أن الله استحفظهم على كتابه، وجعلهم أمناء عليه، وهو أمانة عندهم، أوجب عليهم حفظه من الزيادة والنقصان والكتمان، وتعليمه لمن لا يعلمه.

وهم شهداء عليه، بحيث أنهم المرجوع إليهم فيه، وفيما اشتبه على الناس منه، فالله تعالى قد حمل أهل العلم، ما لم يحمله الجهال، فيجب عليهم القيام بأعباء ما حملوا.

وأن لا يقتدوا بالجهال، بالإخلاد إلى البطالة والكسل، وأن لا يقتصروا على مجرد العبادات القاصرة، من أنواع الذكر، والصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، ونحو ذلك من الأمور، التي إذا قام بها غير أهل العلم سلموا ونجوا.

وأما أهل العلم فكما أنهم مطالبون بالقيام بما عليهم أنفسهم، فإنهم مطالبون أن يعلموا الناس وينبهوهم على ما يحتاجون إليه من أمور دينهم، خصوصا الأمور الأصولية والتي يكثر وقوعها وأن لا يخشوا الناس بل يخشون ربهم، ولهذا قال: { فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا } فتكتمون الحق، وتظهرون الباطل، لأجل متاع الدنيا القليل، وهذه الآفات إذا سلم منها العالم فهو من توفيقه وسعادته، بأن يكون همه الاجتهاد في العلم والتعليم، ويعلم أن الله قد استحفظه ما أودعه من العلم واستشهده عليه، وأن يكون خائفا من ربه، ولا يمنعه خوف الناس وخشيتهم من القيام بما هو لازم له، وأن لا يؤثر الدنيا على الدين.

كما أن علامة شقاوة العالم أن يكون مخلدا للبطالة، غير قائم بما أمر به، ولا مبال بما استحفظ عليه، قد أهمله وأضاعه، قد باع الدين بالدنيا، قد ارتشى في أحكامه، وأخذ المال على فتاويه، ولم يعلم عباد الله إلا بأجرة وجعالة.

فهذا قد من الله عليه بمنة عظيمة، كفرها ودفع حظا جسيما، محروما منه غيره، فنسألك اللهم علما نافعا، وعملا متقبلا، وأن ترزقنا العفو والعافية من كل بلاء يا كريم.

{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } من الحق المبين، وحكم بالباطل الذي يعلمه، لغرض من أغراضه الفاسدة { فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفرا ينقل عن الملة، وذلك إذا اعتقد حله وجوازه. وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر قد استحق من فعله العذاب الشديد.


{ 45 } { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }

هذه الأحكام من جملة الأحكام التي في التوراة، يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار. إن الله أوجب عليهم فيها أن النفس -إذا قتلت- تقتل بالنفس بشرط العمد والمكافأة، والعين تقلع بالعين، والأذن تؤخذ بالأذن، والسن ينزع بالسن.

ومثل هذه ما أشبهها من الأطراف التي يمكن الاقتصاص منها بدون حيف. { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } والاقتصاص: أن يفعل به كما فعل. فمن جرح غيره عمدا اقتص من الجارح جرحا مثل جرحه للمجروح، حدا، وموضعا، وطولا، وعرضا وعمقا، وليعلم أن شرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يرد شرعنا بخلافه.

{ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ } أي: بالقصاص في النفس، وما دونها من الأطراف والجروح، بأن عفا عمن جنى، وثبت له الحق قبله.

{ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } أي: كفارة للجاني، لأن الآدمي عفا عن حقه. والله تعالى أحق وأولى بالعفو عن حقه، وكفارة أيضا عن العافي، فإنه كما عفا عمن جنى عليه، أو على من يتعلق به، فإن الله يعفو عن زلاته وجناياته.

{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } قال ابن عباس: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، فهو ظلم أكبر، عند استحلاله، وعظيمة كبيرة عند فعله غير مستحل له.

{ 46 ، 47 } { وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }

أي: وأتبعنا هؤلاء الأنبياءَ والمرسلين، الذين يحكمون بالتوراة، بعبدنا ورسولنا عيسى ابن مريم، روحِ الله وكلمتِه التي ألقاها إلى مريم.

بعثه الله مصدقا لما بين يديه من التوراة، فهو شاهد لموسى ولما جاء به من التوراة بالحق والصدق، ومؤيد لدعوته، وحاكم بشريعته، وموافق له في أكثر الأمور الشرعية.

وقد يكون عيسى عليه السلام أخف في بعض الأحكام، كما قال تعالى عنه أنه قال لبني إسرائيل: { وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ْ}

{ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ ْ} الكتاب العظيم المتمم للتوراة. { فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ْ} يهدي إلى الصراط المستقيم، ويبين الحق من الباطل. { وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ْ} بتثبيتها والشهادة لها والموافقة. { وَهُدًى وَمَوْعِظَة لِّلْمُتَّقِينَ ْ} فإنهم الذين ينتفعون بالهدى، ويتعظون بالمواعظ، ويرتدعون عما لا يليق.

{ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ْ} أي: يلزمهم التقيد بكتابهم، ولا يجوز لهم العدول عنه. { وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ْ}


{ 48 - 50 } { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

يقول تعالى: { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ ْ} الذي هو القرآن العظيم، أفضل الكتب وأجلها.

{ بِالْحَقِّ ْ} أي: إنزالا بالحق، ومشتملا على الحق في أخباره وأوامره ونواهيه. { مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ْ} لأنه شهد لها ووافقها، وطابقت أخباره أخبارها، وشرائعه الكبار شرائعها، وأخبرت به، فصار وجوده مصداقا لخبرها.

{ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ْ} أي: مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة، وزيادة في المطالب الإلهية والأخلاق النفسية. فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، وحث عليه، وأكثر من الطرق الموصلة إليه.

وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين، وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة، والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول، وما شهد له بالرد فهو مردود، قد دخله التحريف والتبديل، وإلا فلو كان من عند الله، لم يخالفه.

{ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ْ} من الحكم الشرعي الذي أنزله الله عليك. { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ْ} أي: لا تجعل اتباع أهوائهم الفاسدة المعارضة للحق بدلا عما جاءك من الحق فتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.

{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ ْ} أيها الأمم جعلنا { شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ْ} أي: سبيلا وسنة، وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال، وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعتها، وأما الأصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان، فإنها لا تختلف، فتشرع في جميع الشرائع. { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ْ} تبعا لشريعة واحدة، لا يختلف متأخرها و[لا] متقدمها.

{ وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ْ} فيختبركم وينظر كيف تعملون، ويبتلي كل أمة بحسب ما تقتضيه حكمته، ويؤتي كل أحد ما يليق به، وليحصل التنافس بين الأمم فكل أمة تحرص على سبق غيرها، ولهذا قال: { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ْ} أي: بادروا إليها وأكملوها، فإن الخيرات الشاملة لكل فرض ومستحب، من حقوق الله وحقوق عباده، لا يصير فاعلها سابقا لغيره مستوليا على الأمر، إلا بأمرين:

المبادرة إليها، وانتهاز الفرصة حين يجيء وقتها ويعرض عارضها، والاجتهاد في أدائها كاملة على الوجه المأمور به. ويستدل بهذه الآية، على المبادرة لأداء الصلاة وغيرها في أول وقتها، وعلى أنه ينبغي أن لا يقتصر العبد على مجرد ما يجزئ في الصلاة وغيرها من العبادات من الأمور الواجبة، بل ينبغي أن يأتي بالمستحبات، التي يقدر عليها لتتم وتكمل، ويحصل بها السبق.

{ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ْ} الأمم السابقة واللاحقة، كلهم سيجمعهم الله ليوم لا ريب فيه. { فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ْ} من الشرائع والأعمال، فيثيب أهل الحق والعمل الصالح، ويعاقب أهل الباطل والعمل السيئ.

{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ْ} هذه الآية هي التي قيل: إنها ناسخة لقوله: { فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ْ}

والصحيح: أنها ليست بناسخة، وأن تلك الآية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم مخير بين الحكم بينهم وبين عدمه، وذلك لعدم قصدهم بالتحاكم للحق. وهذه الآية تدل على أنه إذا حكم، فإنه يحكم بينهم بما أنزل الله من الكتاب والسنة، وهو القسط الذي تقدم أن الله قال: { وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ْ} ودل هذا على بيان القسط، وأن مادته هو ما شرعه الله من الأحكام، فإنها المشتملة على غاية العدل والقسط، وما خالف ذلك فهو جور وظلم.

{ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ْ} كرر النهي عن اتباع أهوائهم لشدة التحذير منها. ولأن ذلك في مقام الحكم والفتوى، وهو أوسع، وهذا في مقام الحكم وحده، وكلاهما يلزم فيه أن لا يتبع أهواءهم المخالفة للحق، ولهذا قال: { وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ْ} أي: إياك والاغترار بهم، وأن يفتنوك فيصدوك عن بعض ما أنزل [الله] إليك، فصار اتباع أهوائهم سببا موصلا إلى ترك الحق الواجب، والفرض اتباعه.

{ فَإِن تَوَلَّوْا ْ} عن اتباعك واتباع الحق { فَاعْلَمْ ْ} أن ذلك عقوبة عليهم وأن الله يريد { أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ْ} فإن للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه.

{ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ْ} أي: طبيعتهم الفسق والخروج عن طاعة الله واتباع رسوله.

{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ْ} أي: أفيطلبون بتوليهم وإعراضهم عنك حكم الجاهلية، وهو كل حكم خالف ما أنزل الله على رسوله. فلا ثم إلا حكم الله ورسوله أو حكم الجاهلية. فمن أعرض عن الأول ابتلي بالثاني المبني على الجهل والظلم والغي، ولهذا أضافه الله للجاهلية، وأما حكم الله تعالى فمبني على العلم، والعدل والقسط، والنور والهدى.

{ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ْ} فالموقن هو الذي يعرف الفرق بين الحكمين ويميز -بإيقانه- ما في حكم الله من الحسن والبهاء، وأنه يتعين -عقلا وشرعا- اتباعه. واليقين، هو العلم التام الموجب


rewaida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-07-14, 04:05 PM   #48

Fatma nour

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وفراشة متالقة في عالم الازياء والاناقةوسفيرة النوايا الحسنة

alkap ~
 
الصورة الرمزية Fatma nour

? العضوٌ??? » 260406
?  التسِجيلٌ » Aug 2012
? مشَارَ?اتْي » 4,394
?  مُ?إني » بيتنا ..يعني هعيش فين ؟!
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » Fatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
?? ??? ~
ثُورىِ! . أحبكِ أن تثُورى ثُورىِ على شرق السبايا . و التكايا ..و البخُورثُورى على التاريخ ،و انتصري على الوهم الكبير لا ترهبي أحداً .فإن الشمس مقبرةُ النسورثُورىِ على شرقٍ يراكِ وليمةٌ فوق السرير
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شكرا حبيبتى روايدا ع المجهود
ربنا يجعله فى ميزان حسناتك يا رب


Fatma nour غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-14, 04:15 PM   #49

Fatma nour

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وفراشة متالقة في عالم الازياء والاناقةوسفيرة النوايا الحسنة

alkap ~
 
الصورة الرمزية Fatma nour

? العضوٌ??? » 260406
?  التسِجيلٌ » Aug 2012
? مشَارَ?اتْي » 4,394
?  مُ?إني » بيتنا ..يعني هعيش فين ؟!
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » Fatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond reputeFatma nour has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
?? ??? ~
ثُورىِ! . أحبكِ أن تثُورى ثُورىِ على شرق السبايا . و التكايا ..و البخُورثُورى على التاريخ ،و انتصري على الوهم الكبير لا ترهبي أحداً .فإن الشمس مقبرةُ النسورثُورىِ على شرقٍ يراكِ وليمةٌ فوق السرير
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
امبارح كنت بقرأ فى سورة المائدة فى الآية ( 5 )


بالْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)

بجد الاسلام مفيش احسن منه
و دا تفسيرها من ابن كثير


قوله : ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ) فكما شرط الإحصان في النساء ، وهي العفة عن الزنا ، كذلك شرطها في الرجال وهو أن يكون الرجل أيضا محصنا عفيفا ; ولهذا قال : ( غير مسافحين ) وهم : الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ، ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم ، ( ولا متخذي أخدان ) أي : ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلا معهن ، كما تقدم في سورة النساء سواء ; ولهذا ذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - إلى أنه لا يصح نكاح المرأة البغي حتى تتوب ، وما دامت كذلك لا يصح تزويجها من رجل عفيف ، وكذلك لا يصح عنده عقد الرجل الفاجر على عفيفة حتى يتوب ويقلع عما هو فيه من الزنا ; لهذه الآية وللحديث الآخر : " لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله . "
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن الحسن قال : قال عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] لقد هممت ألا أدع أحدا أصاب فاحشة في الإسلام أن يتزوج محصنة . فقال له أبي بن كعب : يا أمير المؤمنين ، الشرك أعظم من ذلك ، وقد يقبل منه إذا تاب .
وسيأتي الكلام على هذه المسألة مستقصى [ إن شاء الله تعالى ] عند قوله : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) [ النور : 3 ] ; ولهذا قال تعالى هاهنا : ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين )




Fatma nour غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-07-14, 10:09 PM   #50

rewaida
عضو موقوف
alkap ~
? العضوٌ??? » 177949
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 5,575
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » rewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond reputerewaida has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
افتراضي

7- تفسير سورة الأعراف عدد آياتها 206 ( آية 1-26 )
مكية

{ 11 - 15 } { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ }

يقول تعالى مخاطبا لبني آدم: { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } بخلق أصلكم ومادتكم التي منها خرجتم: أبيكم آدم عليه السلام { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } في أحسن صورة، وأحسن تقويم، وعلمه الله تعالى ما به تكمل صورته الباطنة، أسماء كل شيء.

ثم أمر الملائكة الكرام أن يسجدوا لآدم، إكراما واحتراما، وإظهارا لفضله، فامتثلوا أمر ربهم، { فَسَجَدُوا } كلهم أجمعون { إِلَّا إِبْلِيسَ } أبى أن يسجد له، تكبرا عليه وإعجابا بنفسه.

فوبخه اللّه على ذلك وقال: { مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ } لما خلقت بيديَّ، أي: شرفته وفضلته بهذه الفضيلة، التي لم تكن لغيره، فعصيت أمري وتهاونت بي؟

{ قَالَ } إبليس معارضا لربه: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } ثم برهن على هذه الدعوى الباطلة بقوله: { خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }

وموجب هذا أن المخلوق من نار أفضل من المخلوق من طين لعلو النار على الطين وصعودها، وهذا القياس من أفسد الأقيسة، فإنه باطل من عدة أوجه:

منها: أنه في مقابلة أمر اللّه له بالسجود، والقياس إذا عارض النص، فإنه قياس باطل، لأن المقصود بالقياس، أن يكون الحكم الذي لم يأت فيه نص، يقارب الأمور المنصوص عليها، ويكون تابعا لها.

فأما قياس يعارضها، ويلزم من اعتباره إلغاءُ النصوص، فهذا القياس من أشنع الأقيسة.

ومنها: أن قوله: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } بمجردها كافية لنقص إبليس الخبيث. فإنه برهن على نقصه بإعجابه بنفسه وتكبره، والقول على اللّه بلا علم. وأي نقص أعظم من هذا؟"

ومنها: أنه كذب في تفضيل مادة النار على مادة الطين والتراب، فإن مادة الطين فيها الخشوع والسكون والرزانة، ومنها تظهر بركات الأرض من الأشجار وأنواع النبات، على اختلاف أجناسه وأنواعه، وأما النار ففيها الخفة والطيش والإحراق.

ولهذا لما جرى من إبليس ما جرى، انحط من مرتبته العالية إلى أسفل السافلين.

فقال اللّه له: { فَاهْبِطْ مِنْهَا } أي: من الجنة { فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا } لأنها دار الطيبين الطاهرين، فلا تليق بأخبث خلق اللّه وأشرهم.

{ فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ } أي: المهانين الأذلين، جزاء على كبره وعجبه بالإهانة والذل.

فلما أعلن عدو اللّه بعداوة اللّه، وعداوة آدم وذريته، سأل اللّهَ النَّظِرَةَ والإمهال إلى يوم البعث، ليتمكن من إغواء ما يقدر عليه من بني آدم.

ولما كانت حكمة اللّه مقتضية لابتلاء العباد واختبارهم، ليتبين الصادق من الكاذب، ومن يطيعه ومن يطيع عدوه، أجابه لما سأل، فقال: { إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ }

{ 16 - 17 } { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }

أي: قال إبليس - لما أبلس وأيس من رحمة اللّه - { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ } أي: للخلق { صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي: لألزمن الصراط ولأسعى غاية جهدي على صد الناس عنه وعدم سلوكهم إياه.

{ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ } أي: من جميع الجهات والجوانب، ومن كل طريق يتمكن فيه من إدراك بعض مقصوده فيهم.

ولما علم الخبيث أنهم ضعفاء قد تغلب الغفلة على كثير منهم، وكان جازما ببذل مجهوده على إغوائهم، ظن وصدق ظنه فقال: { وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } فإن القيام بالشكر من سلوك الصراط المستقيم، وهو يريد صدهم عنه، وعدم قيامهم به، قال تعالى: { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }

وإنما نبهنا اللّه على ما قال وعزم على فعله، لنأخذ منه حذرنا ونستعد لعدونا، ونحترز منه بعلمنا، بالطريق التي يأتي منها، ومداخله التي ينفذ منها، فله تعالى علينا بذلك، أكمل نعمة.

{ 18 } { قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ }

أي: قال اللّه لإبليس لما قال ما قال: { اخْرُجْ مِنْهَا } خروج صغار واحتقار، لا خروج إكرام بل { مَذْءُومًا } أي: مذموما { مَدْحُورًا } مبعدا عن اللّه وعن رحمته وعن كل خير.

{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ } منك وممن تبعك منهم { أَجْمَعِينَ } وهذا قسم منه تعالى، أن النار دار العصاة، لا بد أن يملأها من إبليس وأتباعه من الجن والإنس.

ثم حذر آدم شره وفتنته فقال:
{ 19 - 23 } { وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

أي: أمر اللّه تعالى آدم وزوجته حواء، التي أنعم اللّه بها عليه ليسكن إليها، أن يأكلا من الجنة حيث شاءا ويتمتعا فيها بما أرادا، إلا أنه عين لهما شجرة، ونهاهما عن أكلها، واللّه أعلم ما هي، وليس في تعيينها فائدة لنا. وحرم عليهما أكلها، بدليل قوله: { فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ }

فلم يزالا ممتثلين لأمر اللّه، حتى تغلغل إليهما عدوهما إبليس بمكره، فوسوس لهما وسوسة خدعهما بها، وموه عليهما وقال: { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ } أي: من جنس الملائكة { أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ } كما قال في الآية الأخرى: { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى }

ومع قوله هذا أقسم لهما باللّه { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } أي: من جملة الناصحين حيث قلت لكما ما قلت، فاغترا بذلك، وغلبت الشهوة في تلك الحال على العقل.

{ فَدَلَّاهُمَا } أي: نزَّلهما عن رتبتهما العالية، التي هي البعد عن الذنوب والمعاصي إلى التلوث بأوضارها، فأقدما على أكلها.

{ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا } أي: ظهرت عورة كل منهما بعد ما كانت مستورة، فصار للعري الباطن من التقوى في هذه الحال أثر في اللباس الظاهر، حتى انخلع فظهرت عوراتهما، ولما ظهرت عوراتهما خَجِلا وجَعَلا يخصفان على عوراتهما من أوراق شجر الجنة، ليستترا بذلك.

{ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا } وهما بتلك الحال موبخا ومعاتبا: { أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ } فلم اقترفتما المنهي، وأطعتما عدوَّكُما؟

فحينئذ، من اللّه عليهما بالتوبة وقبولها، فاعترفا بالذنب، وسألا من اللّه مغفرته فقالا: { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } أي: قد فعلنا الذنب، الذي نهيتنا عنه، وضربنا بأنفسنا باقتراف الذنب، وقد فعلنا سبب الخسار إن لم تغفر لنا، بمحو أثر الذنب وعقوبته، وترحمنا بقبول التوبة والمعافاة من أمثال هذه الخطايا.

فغفر اللّه لهما ذلك { وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى }

هذا وإبليس مستمر على طغيانه، غير مقلع عن عصيانه، فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع - إذا صدرت منه الذنوب - اجتباه ربه وهداه.

ومن أشبه إبليس - إذا صدر منه الذنب، لا يزال يزداد من المعاصي - فإنه لا يزداد من اللّه إلا بعدا.

{ 25 - 26 } { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ * يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }

أي: لما أهبط اللّه آدم وزوجته وذريتهما إلى الأرض، أخبرهما بحال إقامتهم فيها، وأنه جعل لهم فيها حياة يتلوها الموت، مشحونة بالامتحان والابتلاء، وأنهم لا يزالون فيها، يرسل إليهم رسله، وينزل عليهم كتبه، حتى يأتيهم الموت، فيدفنون فيها، ثم إذا استكملوا بعثهم اللّه وأخرجهم منها إلى الدار التي هي الدار حقيقة، التي هي دار المقامة.

ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري، واللباس الذي المقصود منه الجمال، وهكذا سائر الأشياء، كالطعام والشراب والمراكب، والمناكح ونحوها، قد يسر اللّه للعباد ضروريها، ومكمل ذلك، و[بين لهم] أن هذا ليس مقصودا بالذات، وإنما أنزله اللّه ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته، ولهذا قال: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح.

وأما اللباس الظاهري، فغايته أن يستر العورة الظاهرة، في وقت من الأوقات، أو يكون جمالا للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع.

وأيضا، فبتقدير عدم هذا اللباس، تنكشف عورته الظاهرة، التي لا يضره كشفها، مع الضرورة، وأما بتقدير عدم لباس التقوى، فإنها تنكشف عورته الباطنة، وينال الخزي والفضيحة.

وقوله: { ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } أي: ذلك المذكور لكم من اللباس، مما تذكرون به ما ينفعكم ويضركم وتشبهون باللباس الظاهر على الباطن.


rewaida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:56 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.